الحامد: الفكر الإسلامي المعاصر استند لأحاديث موضوعة في تقديس الحاكم
قال الأكاديمي السعودي عبد الله الحامد إن صياغة الفكر الإسلامي المعاصر تمت في العصر العباسي، ونظر لها فيما بعد على أنها حقيقة الإسلام، مشددا على أن هذا الأمر يحتاج إلى تدقيق.
وأشار المفكر الإسلامي الذي توفي الأسبوع الماضي في المعتقلات السعودية، إلى أنه عند متابعة ما كتبه مشايخ الدين قديما من مدونات، يتبين أنهم ركزوا على الفكرة المركزية للدين الإسلامي، واقترحوا حلولا لمشكلات حدثت في عصرهم.
وأضاف في تصريحات لبرنامج "الشريعة والحياة" بثت بتاريخ (2002/5/26)، أن المفكرين والفقهاء في العصر العباسي تأثروا بمحيطهم، وأول ما تأثروا به هو تقديمهم حلولا لمشكلات حدثت في مجتمعاتهم، وأن من صاغوا العقيدة فيما بعد انشغلوا بالقضايا الغيبية أكثر من انشغالهم بقضايا عالم الشهادة.
ومضى المفكر الذي يعتبر من قادة المفكرين الإسلاميين الإصلاحيين في العصر الحالي، يؤكد أن النقاش بين علماء الدين تحول فيما بعد إلى عالم السماء ولم ينزل لمناقشة مشاكل الناس على الأرض، وشدد على أن جميع إنتاج الفرق الإسلامية خلال العصر العباسي بحاجة إلى مراجعة، معللا ذلك بأن هذه الفرق تعرضت لمؤثرات خارجية، بالإضافة إلى أن مشايخ هذه الفرق لم يكن لديهم الخلفيات السياسية والاجتماعية والإدارية، ولم يكن لديهم العلوم الطبيعية والتطبيقية والبحتة بالقدر الموجود اليوم.
وأوضح أن فهم علماء العصر العباسي للقرآن الكريم كان من خلال خلفيتهم المعرفية، مشيرا إلى أنهم عند حديثهم عن الشورى اختلفوا حولها، وكانت مخرجاتهم تدل على ضيق أفق فهمهم للقرآن، "لكن علم السياسية هو علم بشري والله وضع لنا مبدأ العدالة، وخلافهم حول هذه النقطة يدل على أن العيب منهجي في كل الفرق".
وأكد أن وجود خلاف حول مسألة الوضوء من لحم الجزور قد يكون أمر مقبولا، لكن وجود خلل حول مبدأ الشوى فهذا يعني وجود خلل فكري، وأرجع ذلك إلى أن الكثير من الفقهاء في العصر العباسي كتبوا في ظل الحصار السياسي، لذا لا نجد لهم أي كتب في الفقه السياسي.
وأضاف أن الفكر الإسلامي تأثر بالروح الصحراوية التي حملها العرب وظهرت في الفكر الديني على شكل مقولات عديدة، ركزت على أن صلاح السلطان يصلح العالم، لكن الحقائق التي جاء بها علم الاجتماع تقول إن صلاح السلطة من صلاح المجتمع والعلاقة تبادلية، كما نبه إلى أن مقولة "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن" ليس حقيقة علمية في علم الاجتماع السياسي.
وبحسب الحامد، فإن الفكر الإسلامي تأثر بالفكر الكسروي من حيث منح الحاكم سلطات لا حدود لها، وأصبح الحاكم أدرى بمصلحة العامة، منبها إلى أن العلماء الذين أخذوا بهذا الرأي استندوا إلى أحاديث فيها الضعيف والموضوع والمحرف فهمه، وقد أعطوا الحاكم السلطة المطلقة حتى وصلت إلى تعيين إمام لمسجد في قرية نائية، وهو إخلال بمفهوم العدل.
وأكد أن هذا الفكر كان سببا في إشاعة اللامبالاة عند الحاكم، وقال إن الفكر العباسي لم ينضج كما أنضج الغرب فكره من فصل للسلطات وحقوق الإنسان والمجتمع المدني، مع أن الإسلام قدَّم القيم المدنية.
كما انتقد الحامد عدم ترسيخ الفكر الديني الذي تم ترسيخه في العصر العباسي، كمبدأ العدالة الاجتماعية في الخطاب الديني على الرغم من أن القرآن مليء بها، وقد ربط الإسلام العدل بالصلاة. كما أن بعض الإسلاميين يرون في الديمقراطية كفرا، وهو كلام غير صحيح لأن الديمقراطية وسيلة يمكن للإسلاميين استخدامها لنشر الإسلام بصورته الصحيحة.
وتابع حديثه بأن الأمم تسقط أو ترتفع بالقيم وهي أركان حضارتها، والإسلام لا يمنع القيم الحضارية بل إنه دعا للحضارة والعمل، ومسابقة الدول المتقدمة بالتكنولوجيا وغيرها، وأضاف أن ما وصل له الغرب من تقدم يأتي بسبب أن المسلمين فكوا الارتباط بين إقامة الصلاة وإقامة الحضارة.
واختتم حديثه بأن للدين أركانا عامة لا يقوم المجتمع ولا تقوم الدولة والحضارة إلا بها، وتشجيع العلوم والاختراعات فريضة إسلامية، والقيم المدنية من فرائض الدين وهي واجبة وليست تبعية، لأن الأمة القوية تستند إلى القيم المدنية، وقيام الدول يأتي بالعدل الاجتماعي، وأي دولة تفرط بالعدل الاجتماعي ستسقط.