الشريعة والحياة

عصمة الدماء في الإسلام

قال تعالى (مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا)، حفظ النفوس أحد مقاصد الشريعة، فلماذا يستسهل البعض استباحة الدماء تحت ذرائع مختلفة؟ وما الموقف من السياسات التي تؤدي لإشاعة القتل؟

– تعظيم حرمة الدماء
– العلاقة بين استباحة الدماء والكفر

– حكم القصاص في الإسلام

– الأسباب المبيحة للقتل

– الجاسوسية وفتوى إهدار الدم

‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪عثمان عثمان‬ عثمان عثمان
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي
‪يوسف القرضاوي‬ يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا ومرحباً بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة:32] حفظ النفوس أحد المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية وحرمة الدماء والقصاص من مستبيحيها بغير حق مسألتان تتعلقان بوجود الجماعات وحياتها وليستا من مسائل الأفراد، وإذا كان الفقه الإسلامي اهتم بعقوبة القتل بما هي سلوك فردي فنحن نطرح تساؤلاً هنا عن الموقف الشرعي من السياسات التي تؤدي إلى إشاعة القتل، وهل يجوز الحكم بالقتل بالعموم على فئات لمجرد أنها تتبنى أفكاراً غير إسلامية مثلاً أو لمجرد أنها تعارض الحكم أو بتهمة العمالة أو غيرها من التهم؟ عصمة الدماء في الإسلام موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي مرحباً بكم سيدي.

يوسف القرضاوي: مرحباً بك أخ عثمان.

تعظيم حرمة الدماء

عثمان عثمان: أول ما يُقضى بين العباد يوم القيامة من حقوق العباد الدماء، والنبي عليه الصلاة والسلام أكد في حجة الوداع على حرمة الدماء لماذا هذا الاهتمام بالدماء والتركيز عليها تحديداً؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه {رَبَّنَا ءاتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف: 10] {رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران: 8] قبل أن أجيبك عن هذا السؤال لا بد أن نحدث الأمة ببعض ما يجري في بعض البلدان الإسلامية الكبرى التي تسفك فيها الدماء بغير حق، في موضوعنا هذا نفسه سنتكلم عن عصمة الدماء، الدماء لها حرمة عظيمة في هذا الدين، الإسلام، لكن وجدنا بعض البلاد تستخف بحرمة هذه الدماء وتسفك دماء الناس بغير حق يعني بتخاطبهم على إنكم ارتكبتم جرائم منذ أكثر من 40 سنة وجرائم لا يعرف فيها من القاتل ومن المقتول فعملت محاكم صورية تحاكم الناس بأحكام غير واقعية وغير حقيقية لا تقوم على البينات، المسألة لا بد أن يكون فيها براهين من رأى هذا قتل هذا يعني والقوانين الوضعية يعني بعض البلاد أصبحت تمنع القتل النهائي، ولكن نحنا نقول القتل لمن قتل، هذا في بنغلادش حاكمت كثيراً من الزعماء وخصوصاً من زعماء الجماعات الإسلامية من العلماء والدعاة والقادة الكبار أمير الجماعة الإسلامية ونائب أمير الجماعة الإسلامية وناس من كبار هؤلاء الناس يحاكمون على جرائم غير حقيقية لا يمكن أن تثبت، ونحن كنا جميعاً مع الذين يقولون بعدم جواز انفصال باكستان الغربية عن باكستان الشرقية كلنا كنا نقول هذا لأننا كنا نريد أن المسلمين يكونوا أمة واحدة انفصلوا من الهند كانوا كلهم بلد واحد وانفصلوا وولد بلد اسمه باكستان الشرقية وباكستان الغربية، وبعدين وبعد مدة من الزمن باكستان الشرقية أحبت تنفصل وممكن بعض الناس تقول: لا؛ الله تقتلهم الآن! هذا شيء عجيب جداً يعني لا بد للعالم الإسلامي أن يقف ضد هذا الأمر، منظمة التعاون الإسلامي أخونا أكمل الدين إحسان أوغلو وإخوانه وكل البلاد العربية وكل البلاد الإسلامية وقد رأينا من المملكة العربية السعودية ومن جمهورية مصر وجمهورية تركيا وعدد من البلدان ودولة قطر يقفون ضد هذا، ونحن يجب أن نقف ضد هذا لأن الدماء خصوصاً دماء العلماء والناس القضاة والناس الكبار تأتي سياسيات ظالمة تحكم على هؤلاء الناس بأنه يجب أن يقتلوا وتألف محاكم شكلية تحكم على هؤلاء الناس هذا ظلم، فأنا أقف وأنادي إخواننا في بلاد بنغلاديش أنادي أن يتقوا الله ويرحموا المسلمين، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء، حرام عليكم، الإسلام يعني لا يكتفي بتحريم دماء البشر حتى دماء الحيوانات، لا يجوز أن تقتل قطة، دخلت امرأة النار في هرة حبستها حتى ماتت فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض، لا بد أن نحترم الأنفس البشرية ولذلك أدعو العرب وأدعو المسلمين وأدعو الهيئات العالمية وأدعو كل الشرفاء في العالم أن يقفوا ضد بنغلادش فيما تحكم به على أبنائها الذين يخالفون سياساتها.

عثمان عثمان: إذن الدماء الآن أصبحت ربما تسيل بغزارة في كثير من البلدان الإسلامية كيف تتجلى حرمة الدماء في الإسلام؟

يوسف القرضاوي: نعم، الإسلام يحرم الدماء تحريماً باتاً وهذا جاء من الأول حينما أمر الله سبحانه تعالى، استشار الله تعالى الملائكة {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء} [البقرة:30] ستخلق ناس يفسدوا بالأرض ويقتلوا بعضهم بعضاً؟ {قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ}[البقرة:30] وفعلاً كانت أول جريمة سفكت في الأرض حينما كان الناس من أسرة واحدة من أب وأم واحد، أولاد أدم وحواء، قتل الأخ أخاه قدم كلاهما قرباناً لله فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر، قال: لأقتلنّك، إزاي يقبل قربانك وأنا لا يقبل قرباني؟ {قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}[المائدة: 27-28] {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[المائدة:30] كانت أول جريمة ترتكب في الأرض، وذلك ابن أدم هذا كل ما ارتكبت جريمة قتل يناله نصيب منها، لأنه هو أول من سن القتل للبشر، ومن أجل ذلك حرم في الأديان السماوية كلها القتل وآخرها الإسلام حرم القتل وجاء في القرآن تعقيباً على هذا {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ} [المائدة: 32] القرآن وكتب السماء كلها تقرر هذه القاعدة {أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا}[المائدة:32] ما دام استحللت أن تقتل نفساً واحدة كأنك تقتل البشرية كلها أصبحت تعبث في نفوس البشر، تترك للناس أن يقتل بعضهم بعضا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، والعجيب إن الإسلام الذي شدد في هذا وقال {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: 179] ، العرب كانوا يقولون القتل أنفى للقتل، لكي تردع الناس وتزجرهم أن يقتلوا بعضهم البعض لازم تقتل من قتل والقرآن قال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: 179] وقال الله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى}[ البقرة: 178] القصاص في القتلى يعني كتب مكتوب يعني فرض يعني القصاص مش نافلة، لا يعني هذا فرض زي ما كتب الصيام كتب عليكم الصيام كتب عليكم القصاص، فلذلك لا يجوز لأحد أن يقول تعالوا نشيل العقوبات الحسية والبدنية القتل وقطع اليد والأشياء دي لا، هذه عقوبات من الله تبارك وتعالى وحتى عقوبات النفس وعقوبات فيما دون النفس؛ ((العين بالعين والسن بالسن والروح قصاص)) وكما قال هذا في النفوس البشرية وهي لها يعني اعتبارها وحرمتها لأن الإنسان هو الذي استخلفه الله تعالى في الأرض جعله في الأرض خليفة جعل هذا لكل الحيوانات ولكل الطيور ولكل.. النبي صلى الله عليه وسلم قال طلبوا منه إنه يعني يقتل الكلاب كلها ما يبقي ولا كلب قال: ((لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها))  لو كانت الكلاب يعني إنما الكلاب أمة من الأمم، والقرآن يقول بهذه القاعدة العظيمةَ {ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم}[ الأنعام: 38] أمة مثل أمتك أمة القطط أمة الكلاب أمة الصراصير أمة النمل أمة النحل أمة العنكبوت، أمم لا يجوز أن تقتل أمة بحالها، فما كلف الله الإنسان هذا، وهذه أمم لا تعرف ماذا لعل هذه الأمم لها أهمية، بلد قضوا على دابة عندهم يعني حشرة بسيطة فكانت النتيجة إن انتشرت في الأرض الحاجات النجيل والحشائش وبقت وكادت تأكل البلاد كلها حتى وجدوا هذه الحشرة فسلطوها على هذه الأشياء أكلتها، في أشياء لها مهمة، ضوابط وموازين في هذا الكون، خلق الله كل شيء فقدره تقديراً، فلا بد أن نعرف أن الله سبحانه وتعالى حينما خلق هذا الخلق بضوابط وموازين كل واحد منها له أهمية، وقرر إن القتل ده قصاص، فريضة، يجب على الناس أن يقيموه ودعا كل فرد أن يقتص من قاتله ولكن مش هو يقوم بهذا الذي يقوم بهذا ليس الأفراد يعني لأنه إذا ترك هذا لأفراد تكون المسألة فوضى إنما يقوم بها ولي الأمر، يقول له تعال خذ حقك {مَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا}  [الإسراء: 33].

العلاقة بين استباحة الدماء والكفر

عثمان عثمان: لعله في سياق الحلقة سنتطرق إلى بعض التفاصيل في هذا الموضوع لكن أعود إلى حديث النبي عليه الصلاة والسلام في خطبة الوداع عندما قال: ((لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكمْ رِقَابَ بَعْضٍ)) كيف يمكن للمسلمين أن يرجعوا كفاراً هل هناك من علاقة مباشرة بين استباحة الدماء والكفر؟

يوسف القرضاوي: طبعاً المشركون حينما جاء إليهم الإسلام كان يستبيح بعضهم دماء بعض وكان هذا أمراً طبيعياً من أجل أي شيء تقوم حروب، يقتل بعضهم بعضا من أجل فرس، يعني كما في داحس والغبراء من أجل ناقة حرب البسوس استمرت 40 سنة، حروب تستمر عشرات السنين من أجل بهيمة من الأنعام أو من أجل فرس من الأفراس، ومن أجل شيء من هذا، ويظل الناس يقتلوا بعضهم بعضا، الإسلام جاء وقال هذا لا يجوز لا بد الأمور يكون فيها ناس يحتكم بعضها إلى بعض، نحكّم نشوف من المخطئ ومن المصيب وماذا عليه من أموال وماذا عليه من دماء، العالم كان واحد يقتل واحد من قبيلة بقلك لازم نقتل من بداله 10 لازم نقتل سيد القبيلة مش نقتل القاتل، الإسلام قال لك اقتل القاتل من قتل يُقتل، مش يقتل أخوه أو أبوه أو رئيسه، فالإسلام وضع نظام للقصاص بحيث يقتص من القاتل ولا يعفى ما فيش واحد أفضل من واحد إنما هلك من كان من قبلكم إنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد لا ما عندناش إحنا كده، ((وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا)) بنت محمد فلا بد أن يسري القانون على الجميع.

عثمان عثمان: مولانا في موضوع الحديث ((لاَ تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكمْ رِقَابَ بَعْضٍ)) بعض المنتسبين لأهل العلم انتقدوا موقفكم في قتال القذافي وبشار الأسد الآن واعتبروا يعني أن هذه دماء إسلامية..

يوسف القرضاوي: أنا متى أبحت قتال هؤلاء، أنا طلبت من أن هؤلاء الناس حكموا بلادهم بالظلم والعدوان يعني لم يحكمهم الشعب، الشعب هم قاموا بانقلابات، القذافي وبشار الأسد وأمثالهم كل هؤلاء لم تأتِ بهم الشعوب إنما قاموا بانقلابات وبعدين إذا الشعب بعد 10 سنين 20 سنة هو.. مين قال إن الجمهوريات تحكم أبد الدهر؟ النظام الجمهوري كيف يحكم الناس في العالم؟ النظام الجمهوري يحكم 5 سنين وبعدين 5 أخرى 10 لو حتى واحد إنه ما فيش مثله نعطي له 5 كمان إنما الأصل ما يزدش عن 10 سنين أو 12 سنة لو جعلنا كل واحد 6 سنين أما أن يأتي الواحد ويظل 10، و20 و30 زي حسني مبارك و40 مثل القذافي وأكثر من 40 مثل حافظ الأسد وبعدين جاب ابنه طبيب ييجي يحكم بالبلد ما فيش في البلد حد ثاني إلا هم؟ لا لازم تظل أسرة تحكم الناس من قال هذا؟ إذا قام الناس أهلها هذه البلاد من أنفسهم يطلبون الحرية والكرامة ينادون الحرية والكرامة تقتل هؤلاء الناس؟ أنا وقفت ضد هذا وقفت ضد أن يقتل هؤلاء الذين ينادون بالحرية والكرامة لبلادهم ولشعوبهم، هؤلاء الناس تعاملوا بالرصاص وبالمدافع وبالأسلحة ضد هؤلاء الناس الذين ليس معهم لا يحملون سلاحاً لا يحملون حجراً لا يحملون حصوة ما يحملش أي شيء في يده يقاتلون هذا هو الذي وقفت ضده، فهؤلاء أرادوا القرضاوي لازم يسمح لهم يقتلوا الناس ويظل يحكمون الناس رغم إرادتهم بالعنف وبالسيف هذا ما لا يقبله الدين ولا الشرع ولا القانون ولا العرف ولا الأخلاق ولا أي أحد، حكموا عشرات السنين انتهى أمرهم ويجب أن يتركوا ألأمر لغيرهم.

عثمان عثمان: مولانا، لكن البعض يرى أنه يجب الصبر في مواجهة هؤلاء الحكام الظلمة لاعتبارات الخوف من الاقتتال بين المسلمين صيانة الدماء، يعني يرون الصبر أمام هذا الظلم الذي تتحدثون عنه لأسباب الخوف من الاقتتال بين المسلمين، صيانة الدماء، الحيلولة دون تدخل أجنبي في مثل هذه الصراعات، التقليل من شأن الحرية وأن الجهاد يكون فقط مع الكفار ولأجل معتقد الإيمان والكفر كيف يمكن توضيح المسألة هنا؟

يوسف القرضاوي: هذه الأفكار انتهت هذا أقره بعض الناس، الناس صبروا على هذا عشرات السنين عايز الناس يصبروا على القذافي أكثر من 42 سنة؟ يصبروا قد إيه وأكثر من خمسين سنة يصبروا على الأسد يصبروا على هذه، أسر تحكم البلاد ويصبح الناس تحت أيديهم والأسلحة تجمع لهم، الآن ماذا يفعل السوريون؟ يُقتلون، الشعب الذي جمع يعني هذه الأسلحة من قوت أولاده ومن عصارة أرزاقه الشعب يقتل بهذه الأسلحة يضرب بطيارات الميغ بالصواريخ، الشعب، هل هذا الشعب عمل.. من قال أن ليس من حق الشعوب أن تقول لا؟ الشعوب كلها لما قامت قالت لأ هؤلاء يقولون لا ما تقولوش لا ويقتلونهم نقول لهم: لأ اقتلوهم، أي عاقل في الدنيا، أي دين، أي شرع، أي قانون، أي عرف، أي  أخلاق تقول للناس اصبروا على هذا الظلم، اصبروا على أن تقتلوا أنفسكم، اصبروا على أن تضيع أرزاقكم، اصبروا على أن يقتل أبناءكم اصبروا اصبروا، الصبر له حدود هذا ليس صبراً ولكن هو إرغام الناس على الذل ليس هذا صبراً هو ذل يرفضه الإسلام إنما في صبر ومصابرة الله تعالى يقول: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} [ آل عمران: 200] المصابرة يعني إيه؟  يعني عدوك يصبر لازم أنت تصبر أكثر من صبره، المشركون كانوا يصبرون كما قال القرآن {امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: 6] كانوا يصبروا على الآلهة المزعومة المناة واللات والعزى وهُبل والأشياء دي اصبروا على آلهتكم وكانوا يقولون عن الرسول عليه وسلم {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا}[الفرقان:42] كانوا يصبروا على هذا الشرك وهذا الباطل، فنحن مأمورون أن نصبر على حقنا أكثر من صبرهم على باطلهم هذا معنى اصبروا وصابروا، فلا بد أن يكون عندنا صبر أكثر من صبرهم، مصابرة نصابر ونرابط معنى المرابطة انك يعني اربط خيولك وخيولنا في هذا العصر كل عصر له خيوله، خيولنا ما عادت بس الأفراس والأشياء ده لأ أصبحت خيولنا في هذا العصر الدبابات والمجنزرات والأشياء الحديدية، هذه خيولنا نرابط بها حتى لا يقتلنا هؤلاء ويحجر علينا هؤلاء.

عثمان عثمان: في بلدان الثورات العربية مولانا حصلت حروب كانت أشبه إلى حد ما بالحروب الأهلية وفي مثل هذه الظروف تحصل تجاوزات عديدة سفك للدماء..

يوسف القرضاوي: من الذي فعل هذا؟

عثمان عثمان: نعم، كيف يعالج الإسلام..

يوسف القرضاوي: من الذي أقام هذه الحروب؟

عثمان عثمان: نعم.

يوسف القرضاوي: الذين قاوموا هؤلاء الحكام لم يصنعوا هذه الحروب، الذين أقاموا هذه الحروب هم الحكام، الأنظمة الحاكمة هؤلاء الأبالسة، الشياطين هم الذين وقفوا أمام هذه الشعوب، الشعوب قامت، الشعب السوري قام عن بكرة أبيه رجاله ونسائه وشيوخه وشبابه وأطفاله وعربه وعجمه ومسلموه ومسيحيوه وكل الديانات وكل القوميات وكل الأعمار وكل الأجناس كلها قامت لتقاوم هذا الطغيان الظالم، فهؤلاء ما كانوا منهم إلا وقفوا يقتلون هذا الشعب، عندهم جيش، جيش الشام هو ملكهم أسلحة هذا الجيش فوقفوا يقتلون هذا الجيش يومياً نرى ماذا يقتل من السوريين في كل يوم نرى أعداداً بالمئات يقتل من هؤلاء هذه مش حروب أهلية..

عثمان عثمان: هؤلاء الذين قتلوا.

يوسف القرضاوي: هذه حروب بين جيوش مقاتلة

عثمان عثمان: نعم

يوسف القرضاوي: جيوش متمرسة في قتل الشعوب، جيوش لا تخشى خالقاً ولا ترحم مخلوقاً، جيوش قلوبها من حديد ليسوا من هذا الشعب لو كانوا من هذا الشعب ما جرؤا أبداً أن يقتلوه، إنهم يشعرون أنهم ضد هذا الشعب ليسوا منه أبداً ولذلك وقفوا يقتلون هذه الشعوب بهذه الوحشية، والله الوحوش مظلومين ما فيش وحش مرأيناش وحش يقتل الإنسان كده، هو لو رأيت سبعاً  أو أسداً يقتل إنسانا بيقتلوش إلا إذا كان جائع ومش لاقي حاجة غيرة يقتل إنما لا يقتل الإنسان وهو شبعان.

عثمان عثمان: هؤلاء الذين قتلوا في الناس كما ذكرتم مولانا قتلوا في الناس، سفكوا الدماء، انتهكوا الأعراض قد يصل في مرحلة من المراحل إلى انتهاء هذه الحرب كما حصل في ليبيا مثلاً كيف يعالج الإسلام مشكلة هؤلاء الأفراد الذين انتهكت حقوقهم هل العفو العام، الصلح العام يسقط الحق الفردي لسائر الناس، أسمع الإجابة لكن بعد أن نذهب إلى فاصل قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

حكم القصاص في الإسلام

عثمان عثمان: أهلا وسهلاً بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة الحياة والتي هي بعنوان عصمة الدماء في الإسلام مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مولانا قد تضع الحرب أوزارها ويكون هناك صلح عام وعفو عام، ما مصير الجرائم التي ترتكب بحق الناس الذين قتل أخوه إخوتهم، أبناؤهم، أخواتهم كيف يعالج الإسلام مثل هذه المسألة ومن المسؤول عن متابعة مثل هذه الجرائم؟

يوسف القرضاوي: في مثل هذه الأوضاع لا بد أن تكون هناك لجان مختصة مسؤولة عن هذه الأشياء ليست كل الحوادث بعضها مثل بعض، في أشياء ناس قتلوا في حرب عامة لا يعرف من القاتل ومن المقتول وفي ناس قتلهم أناس معروفون قتلوهم في بيوتهم فش كان في معركة بينهم وبين بعض راح قتلوهم قتلاً، نساء قتلوا، أطفال في حرب سوريا مئات الأطفال ربما بلغوا آلاف الأطفال، آلاف الأطفال قتلوا، الشيوخ قتلوا لم يحاربوهم حتى إذا قل قتلوا في الحرب، شيوخ ونساء وأطفال لماذا؟ لا بد لهؤلاء أن يأخذوا حقوقهم الناس اللي قتلوا في بيوتهم، الناس الذين جروا جراً وقتلوا قتلاً، هذا ليس قتل حرب، القتل في الحرب له ظروفه ولكن القتل بحكم القتل  إن هو يقتله مخصوص كده يعني يأخذه ويقتله ويعذب فيه ويقطعه قطعا هذه لا يمكن يكون نعاملها كلها بطريقة واحدة، ولكن لا بد أن تكون هناك محاكم تحكم في هذه القضايا وتصنف القتلة، هناك ناس قتلوا في المعارك وناس قتلوا في البيوت وناس قتلوا في الطريق وناس قتلوا قتلاً عادياً وناس قتلوا قتلاً مع تعذيب، هذه كلها لا بد أن ينظر فيها بالعدل، فيه أحكام شرعية لا بد نرجع للحكم الشرعي في هذه الأمور وفي قوانين وضعية بتحكم في هذه الأمور، في قضاة وفي علماء يرجع إليهم لا يترك هذا الأمر لأناس لا يعرفون في هذه الأمور ونحكمهم لأ، هذا لا بد أن يحكم فيه أهل القضاء الذين يقيمون القسط بين الناس ليقوم الناس بالقسط {لقدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]  كل رسالات السماء جاءت لتقيم القسط بين الناس، تقيم بالعدل بين الناس الحق بين الناس ولا بد أن نعرف لماذا قتل هذا الرجل؟ إذا كان قتله شخص ظالماً متعدياً منتقماً منه، إذا قتله بطريقة يعني فيها وحشية لا بد أن يأخذ حقه، هذه الأمور النبي عليه الصلاة والسلام حينما جاء فتح مكة، فتح مكة ما كانش فيه قتال كبير، جاء النبي صلى الله عليه بجيش كبير من عشرة آلاف ودخل مكة وقاتل بعض المكيين وبعدين استسلموا بسرعة لم يكن هناك قتالٌ كبير، فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: ((من دخل في بيته فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن)) وأمن الناس بعضهم على بعض، وبعدين حينما اجتمعوا قال لهم ((لا تثريب عليكم ماذا أنا فاعل، ما تظنون أنني فاعل بكم يا  معشر قريش؟ قالوا خيراً أخو كريم وابن أخو كريم، قال لهم لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)) ما قال يوسف حينما تمكن من أخوته الذين أذوه وظلموه وسببوا له في هذه المشاكل عفا عنهم وقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولكن قال في فلان وفلان وفلان وفلان من جماعة دول لا ولو تعلقوا بأستار الكعبة أبداً هؤلاء لا يعفى عنهم، ناس لهم جرائم خاصة لا يستحقون العفو، فهناك هناك في سوريا وفي ليبيا وفي هذه البلاد أناس ارتكبوا الجرائم على طول السنين، ما كنش زي يوم فتح مكة لا مش يوم عادي ساعات، بل ظلوا شهوراً وظلوا يرتكبون الجرائم وأم الجرائم وأم الجرائم وجرائم وبعدها جرائم وجرائم فظيعة يقشعر منها الأبدان وتشيب من هولها الولدان وتبكي لها العينان، فلا بد أن يأخذ كل إنسان بجرمه، ويبقى في تحقيق ما يبقاش يعني  مجرد كلام قيل عن واحد نأخذه لا لازم يرى هذا، هل هذا رأى بعينه؟ هل سمع بأذنه؟ هل أحس بحواسه؟ يعني بحيث يكون الحكم قائما على العدل.

عثمان عثمان: هل يقوم الحكم أيضاً على الحاكم الذي يتولى مناصب سياسية في الدولة ويدير هؤلاء القتلة هل حكمه كحكم القاتل؟

يوسف القرضاوي: نعم.

عثمان عثمان: هل حكم القائد أو المسؤول الذي يمارس عملاً سياسياً حكمه نفس..

يوسف القرضاوي: هو اللي كيف القذافي الذي جر على الناس آلاف القتلى كان يمكن أنه يسلم وتعال يا جماعة نقعد مع بعض ونعمل كذا ويرحم الناس من آلاف القتلى لا رفض، بشار الأسد يقتل الناس مجرم فيستغل السلاح اللي في يده واللي تدفع له إيران ثمنه إلى الآن وروسيا التي تشارك في قتل الناس وحزب الله الذي يأتي برجاله والمالكي يأتي من.. كل هؤلاء الناس لا يخافون الله لا يرحمون الناس يقتلون الناس بغير حق يقتلون الرجال ويقتلون النساء ويقتلون الشيوخ ويقتلون الأطفال لا يراعون حرمة أحد، هؤلاء أول من يجب أن يقتلوا وهؤلاء أول من يجب أن يحاسبوه نريد أن يحاكموا محاكمة عادلة، تأتي محكمة وتحاكم وتجيب بشار الأسد وتقول له: لماذا وقفت ضد هؤلاء شهور والناس ليس معها أي سلاح، كان السوريون يخرجون وأيديهم فارغة ليس فيها سلاح لا سلاح ناري ولا سلاح حديدي ولا عصا ولا سكين ولا حجرة ولا طوبة ولا أي شيء، الناس تهتف، قتل هؤلاء، يجب أن يحاكم هؤلاء أول من يحاكموا هم، مش هم اللي يعفون، يعفون ليه؟ بالعكس هم الذين جروا هذا على البلاد، يجب أن يعلم هؤلاء أنهم كانوا يحكمون هذه الشعوب رغم أنوفها من حق الشعب أنه يحكم كل خمس سنين يأتي بحاكم على ما يشاء بانتخاب حر هؤلاء حكموا الناس رغم أنوفهم واستمروا فلا بد أن تأخذ الشعوب حقها من هؤلاء الظلمة القتلة الوحشيين المجرمين الذي لم يحترموا شعوبهم أبداً ولم يكن عندهم أي حس إنساني، نعوذ بالله تعالى من شرورهم ونسأل الله أن يأخذهم بذنوبهم.

عثمان عثمان: إذن تحدثت مولانا عن القصاص في الإسلام وقد يكون القصاص القاتل يقتل هناك أسباب مبيحة للقتل في الإسلام ما هي هذه الأسباب؟

يوسف القرضاوي: الله تعالى يقول: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الأنعام:151] الأصل في النفس أنها محرمة، نفس المسلم وحتى غير المسلم الذي عاهدوا المسلمين ومن قتل لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها لا يوجد من مسيرة 500 عام، من قتل قتيل من أهل الذمة يهود أو نصارى الذين عاهدوا المسلمين أن يعيشوا في.. لا يجوز قتل واحداً من هؤلاء.

عثمان عثمان: حتى ولو كانت دولهم يعني لديها سياسات معادية للإسلام والمسلمين؟

يوسف القرضاوي: حتى لو كانت السياسة، السياسة يعني كنا نحاول نتفاهم معهم إذا ما كنش إلا الحرب نقاتلهم والحرب في الإسلام والقتال في الإسلام له شروطه وله موجباته مش يعني حرب تقتل من تشاء لا تقاتل لماذا تقاتل واللي أنت عايز لماذا تقاتله وهل يستحق القتل أو لا، وهل أنت معك القدرة على القتل أو لا وهل أنت مستعد للشروط السلم أو لا؟ {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال:61] لا لابد كل شيء له يعني موجبات وله يعني شروط يجب أن تتبع فهؤلاء الذين تحدثنا عنهم.

عثمان عثمان: نتحدث عن أناس آمنين يعشون بين المسلمين وليس لهم علاقة بسياسات دولهم الجائرة والظالمة تجاه المسلمين أنه لا يجوز قتلهم هذا ما ذكرتموه.

يوسف القرضاوي: إن كان يعيشون مع المسلمين فلهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين مثلما يسميهم الفقهاء أهل الذمة النصارى مثلاً في مصر الأقباط في مصر، هم يعاملون كالمسلمين لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة:42] {فَإِن جَاؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة:42] إذا قبلوا حكمك إذا قالوا سنحكم الأحكام الشرعية في الميراث كما يحكم المسلمين أهلاً وسهلاً، إذا مش عايزين احكموا بما عندكم يعني لا نجبرهم على الأحوال الشخصية وهذه الأشياء.

الأسباب المبيحة للقتل

عثمان عثمان: مولانا نتحدث عن الأسباب المبيحة للقتل في الإسلام نتحدث الآن ربما عن حديثين نرجو أن يتم يعني تفصيل المسألة فيهما ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمد رسول الله وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله)) الحديث الآخر: ((لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة كيف نفسر هذين الحديثين؟

يوسف القرضاوي: بقولك هو القرآن قال يعني لا يحق قتل نفس إلا بما يعني {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} [الإسراء:33] ما هو هذا الحق؟ النبي عليه الصلاة والسلام قرر هذا الحق في هذه المسائل الثلاثة: وجاءت أحاديث أخرى أضافت إلى هذه الثلاثة أشياء أخرى، النفس بالنفس القاتل يقتل {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة:179] والثيب الزاني اللي هو القاتل الزاني المحصن الذي يعني يرتكب الزنا جهاراً لا يبالي بأحد بحيث يراه أربعة من الناس عياناً يشوفه وهذا لا يحدث، لم يحدث في الإسلام أنه جاء واحد أربعة شفوه، في عهد سيدنا عمر ثلاثة شهدوا، قال أنا رأيت جماعة واحد ووحدة متغطين ما شفتش اللي تحت فهما..

عثمان عثمان: نعم، الآن هناك كاميرات ترصد الفعل.

يوسف القرضاوي: لا يجوز.

عثمان عثمان: من غير تصوير.

يوسف القرضاوي: تصور، مرفوض..

عثمان عثمان: هل يعتبر نوع من الشهادة؟

يوسف القرضاوي: تصور أنسانا يرتكب شيئاً في خفية تصور أنت مرفوض هذه تماماً، أي كاميرا تصور إنساناً لا يجوز إطلاقا، لا يجوز أنك تصور على إنسان يرتكب شيئاً في يعني سراً بالناس تفضحه وأنت هذا ممنوع.

عثمان عثمان: هل تعتبر دليلاً على؟

يوسف القرضاوي: هذه جريمة يعني يحاسب من فعلها ولذلك لا يتهيأ لإنسان أنه يعني يشهد عليه حد أنه ارتكب معصية الزنا، الزنا لم يعرف إلا بالإقرار ولازم يقر أربعة مرات  لأن الإسلام لم يبيح الدماء بسهولة فهذا الثيب الزاني والتارك لدينه المفارق للجماعة، الردة ومفارقة الجماعة، ولذلك أنا بقولك التارك لدينه المفارق له لو واحد تارك لدينه وعايش لوحده ما له دعوة ماذا سنفعل له، إنما المفارقة للجماعة أنه جاي يقول أنا عندي أدعوكم إلى أن تكفروا بهذا الدين وتخرجوا عن هذه الملة ويحدث فتنة من أجل هذا نستتيبه وهناك من العلماء من قالوا كل من ارتد يجب أن يستتاب إلى آخر العمر، يستتاب كل مرتد وهذا عن سيدنا عمر وعن النخع وعن بعض العلماء، وجاءت أحاديث فيمن قاتل الناس يعني في الصائل من يصول عليك ويعتدي عليك تقاتله ولا تتركه يعتدي عليك إذا قتلته فهو في جهنم الحقيقة وإذا قتلك فأنت شهيد،  فهذه أمور جاءت بها الأحاديث، سيدنا علي حينما قتل رضي الله عنه قال لهم: والله (إذا أنا عشت فسآخذ بحقي وإن مت فضربة بضربة، وإن تعفو اقرب للتقوى) انتم وأنا هي قتلة بقتلة ما تقتلوش إلا من قتلني، فكان الإسلام حريص على أن يكون القتل في أضيق حدوده ما نوسع في أن نقتل مع القاتل الآخرين لأن هذا يؤدي إلى فساد في الأرض.

عثمان عثمان: الذي يحكم في ذلك هو ولي الأمر.

يوسف القرضاوي: ولي الأمر طبعا والقضاء مش ولي الأمر يعني هو يحكم بنفسه لا، القضاء ولي الأمر يحيل هذا إلى القضاة، المحاكم التي تحكم شرع الله وتحكم القوانين الإسلامية  التي تحكم بين الناس فهو لا يحكم بنفسه وإنما يحيل الأمر إلى أهله هذا هو المطلوب.

الجاسوسية وفتوى إهدار الدم

عثمان عثمان: نأخذ سؤال الأخ رضوان عندما يثبت على أحد ما تهمه الجاسوسية لصالح أعداء الأمة هل يجوز قتله مباشرة يصبح دمه مهدورا، الآن نتحدث مثلا في فلسطين أحد أبرز استباحة الدماء ما يسمى بالعمالة في فلسطين المحتلة العواينية في سوريا الذين يكونون أعين للنظام القائم، الإرهاب في العراق، حكومة المالكي، ما الضوابط التي تحكم مثل هذه المسائل في موضوع الدماء؟

يوسف القرضاوي: إحنا عندنا في الشرع كل شيء لازم يضبط هذه الألفاظ يستعملها الناس نعرف ماذا من يقصد بها بالضبط، لابد أن نعرف هل هذا العميل، هذا الذي يوصف بالعمالة أو العوايني الذي يوصف بأنه عين على الأمة أو الأشياء الأخرى هذه لابد أن نعرف ماذا جني صاحبها هل جني جناية تستحق القتل أم جناية دون القتل، لأن في جناية لم يصل إلى درجة القتل عمل للآخرين ممكن هذه في بعض التعذيرات تصل جريمتها إلى القتل وإن لم يقتل ممكن، يعني فهذه ترجع إلى القاضي الشرعي أو القضاة الشرعيين الآن بقى في القضاة، المحكمة ليس فيها قاض واحد وهذا أنا أنادي به خصوصا محاكم الجنايات لابد أن يكون فيها عدة قضاة، هؤلاء القضاة العدول الذين يحكمون الشرع  ويحكمون الواقع فلا يثبتون جريمة إلا بعد أن يتثبتوا من أنها قائمة بالحق على أصحابها، ولابد أن يعرفوا أن الجناية تستحق القتل ولابد أن يعرفوا أن هذا الشخص لم يتب من هذه الجريمة  بحيث إذا تم هذا الأمر تماما قضوا بالواجب الذي يطمأنون أنه حق الله وحق العباد ولا حرج فيه، والله سبحانه وتعالى يجزيهم عما قضوا خيرا.

عثمان عثمان: معتز علي يقول: هل يجوز الإقصاء والقتل لمجرد الاختلاف في الرأي أو الفكر أو المعتقد؟

يوسف القرضاوي: لا الخلاف لا يجيز القتل الناس من حقهم أن يختلفوا وكثيرا ما يكون الذي يظن نفسه هو المحق يكون هو المخطئ ويكون الآخر معه الحق، هذه أمور ليست يعني سهلة لابد أن يكون هناك محاكم وهو القضاء الآن على درجات يعني في القضاء العادي بعدين في قضاء الاستئناف بعد أن يحكم يأتي استئناف بعدين القضاء النقض أو التمييز هو الدرجة العليا بعد ذلك تحكم في هذه القضية ربما يكون حدث فيها خطأ في الحكم فتبينه هذه المحكمة فلابد أن تراعى هذه الأمور كلها خصوصا في قضايا الدماء، لأن الدماء هذه هي نهاية الجريمة أعظم جريمة هي جريمة الدماء وأعظم عقوبة هي عقوبة الدماء ولذلك أول ما يقضي الله بين الناس يوم القيامة يقضي في الدماء هذه، فلا بد من أن نراعي فيها هذا لابد أن يكون فيها استئناف ولابد أن يكون فيها نقض أو تمييز حتى تتبين لنا الأمور تماما ولا يكون فيها أي لغز أو أي شيء غامض.

عثمان عثمان: ادرءوا الحدود بالشبهات.

يوسف القرضاوي: آه الحدود تدرأ بالشبهات، ((ادْرَءُوا الْحُدُودَ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَا اسْتَطَعْتُمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ لِمُسْلِمٍ مَخْرَجًا فَخَلُّوا سَبِيلَهُ فَإِنَّ الْإِمَامَ أَنْ يُخْطِئَ فِي الْعَفْوِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يُخْطِئَ بِالْعُقُوبَةِ)) العقوبة ما فيش فيها إنما لو اخطأ في العفو ربنا يعفو عنه إنما اخطأ في العقوبة يُقتل إنسان بغير حق أو يُتهم بغير حق ويظل هذا في أسرته وفي عائلته ويستمر دهورا وشهورا وزمانا وسنين وهذا ما لا يجوز.

عثمان عثمان: في الختام أشكركم مولانا سماحة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي على هذه الإفاضة الطيبة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل، وهذا عثمان عثمان يترككم في أمان الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.