صورة عامة الشريعة والحياة 13/2/2011
الشريعة والحياة

وظائف المسجد المعاصرة

قال تعالى (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) هل تنحصر وظيفةُ المسجد بأداء الأركان والشعائر فقط؟ ما الموقف من استخدام المنابر للتعبير عن الأفكار والتوجهات السياسية؟

– تأسيس المسجد وشروطه
– الدور التعليمي والتثقيفي للمسجد
– هيمنة الدولة وتقزيم دور المسجد
– المظاهرات وخروجها من المساجد
– قصف المساجد والدعاء للحكام

عثمان عثمان
عثمان عثمان
يوسف القرضاوي
يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة، يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[الجن:18] فما وظيفة المسجد، وكيف تم حصرها بمفهوم العبادة بمعناها الضيق، وهل تصلح المساجد لقيادة التظاهرات والاحتجاجات المناهضة للظلم، وما الموقف من ﺇستخدام المسجد للتعبير عن الأفكار والتوجهات السياسية والحزبية، وظائف المسجد المعاصرة موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مرحبا بكم سيدي.


يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.


عثمان عثمان: قبل الدخول ﺇلى الحلقة لديكم تعليق على الحدث الليبي تفضلوا.


يوسف القرضاوي: نعم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وﺇمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} [الكهف:18]، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ} [آل عمران:8] {رَبَّنَا لاَ تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} [يونس:85-86] وبعد، فقبل أن أجيب عن سؤالك لا بد لي من كلمة أو كلمتين، كلمة ﻹخوتنا في ليبيا وكلمة أخرى ﻹخوتنا في تونس، أما ليبيا فلأنهم اليوم يحتفلون بيوم التحرير، التحرير الكامل للتراب الليبي، لقد تطهر التراب الليبي من رجس القذافي وأعوانه وأتباعه وكتائبه وكل ما ينسب ﺇليه، انتهى هذا وأعلن الأخ الحبيب الجليل أخونا الدكتور مصطفى ﺇنه خلاص انتهت هذه المرحلة وأصبحت ليبيا حرة حرية حقيقية، حرية ودخلت في المرحلة اﻹسلامية المدنية الديمقراطية، ولا خلاف بين هذه الأشياء بعض الناس يفهم ﺇن اﻹسلامية ضد الديمقراطية ضد، لا لا ليس هناك تناقض بين اﻹسلام ولا بين الديمقراطية ولا بين المدنية، اﻹسلامية ليست يعنى كالإسلامية كالدينية الحكم الديني فيه لا ليس هذا هو المقصود أبدا لأن الإسلامية تعنى الشورى والشورى هي الديمقراطية الحقيقية غير المزيفة، فنحن نريد أن نحكم الأمة ونحتكم إلى الأصول القطعية التي لا بد منها التي جاء بها القرآن والسنة وأجمعت عليها الأمة، ليس هناك خلاف على هذا، فأعلن الأستاذ مصطفى حفظه الله عن هذه القضايا وأننا أصبحنا الآن في مرحلة جديدة نبنى فيها ليبيا، ليبيا الحديثة نبنيها على الديمقراطية وعلى التقدم وعلى الاقتباس من العالم أفضل ما في العالم وأكد ذلك الإخوان الأستاذ بوقا وأستاذ عبد الحكيم رئيس المجلس العسكري وكل الإخوة هناك متفقون على هذا الأمر وأصبحت يعنى ليبيا والحمد لله كلها تزغرد وكلها مبتهجة وكلها في فرحة عارمة بانتهاء هذا العهد الظالم الغاشم، وقدموا ما قدموا حوالي خمسين ألف أو الله أعلم لم تحدد الأرقام تماما، ولكن كل من بذل نفسه لله لن يضيع ما قدمه عند الله عز وجل هؤلاء كلهم عند ربهم يرزقون وقد قدموا أنفسهم لليبيا وليبيا تستحق كل ما يقدم لها وآن لنا أن نأخذ الصفحة ونكتب من جديد ونشيد من جديد نبنى على تقوى من الله ورضوان، هذا ما نريده لليبيا في مرحلتها الجديدة سنبدأ حكومة جديدة ونبدأ دستور جديد، ونبدأ حياة جديدة في كل شيء من المرحلة القادمة، أهنئ أخواني في ليبيا وأبشرهم بكل خير وهم يستحقون كل خير وأرجو أن يظلوا على ذلك في البذل والإخاء والإيثار، ولا يستأثر بعضهم على بعض ولا يعنى يحاول بعضهم أن يسد الطريق على أخيه، كلهم عاملون ﺇن شاء الله ونسأل الله أن يتقبل، أما الآخرون فنسأل الله أن يجزيهم بما عملوا وأن يغفر للجميع ﺇنه نعم المولى ونعم النصير، أما ﺇخواننا في تونس فهم اليوم يقومون بالانتخاب أول ﺇنتخاب حر حقيقي في تونس، تونس الآن تكتشف ذاتها وتعرف نفسها، تعرف أنها بلد عربي مسلم حقيقي وحوالي 70% ذهبوا ﺇلى حتى قالوا أن لعل بعض الأماكن لا تستطيع أن تستوعب كل الناس، لأن لا تزال الناس قبل الساعة السابعة والناس موجودون، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعل يوم تونس خيرا من أمسها وأن يجعل غدها خير من يومها وأن يحسن عاقبتها في الأمور كلها وأن يجيرها من خزي الدنيا وعذاب الآخرة وأن يجمع كلمتهم على الهدى وقلوبهم على التقى ونفوسهم على المحبة وأن يعاونهم على عمل الخير وخير العمل، ونتمنى ﻹخواننا في النهضة النجاح والتفوق والعمل الجاد ﺇن شاء الله، اللهم آمين ونبدأ بالإجابة عن سؤالك.

تأسيس المسجد وشروطه


عثمان عثمان: نعم، المسجد تلك المؤسسة الجامعة الشاملة، ما قصة تأسيس المسجد في اﻹسلام كيف بدأت ولماذا؟


يوسف القرضاوي: المسجد مؤسسة ﺇسلامية خالصة، ﺇسلامية علمية عملية تعليمية تربوية اجتماعية جهادية سياسية، مؤسسة ﺇسلامية شاملة شمول اﻹسلام وبذلك النبي عليه الصلاة والسلام حينما ذهب ﺇلى المدينة أول شيء عمله المسجد وهو في الطريق قبل أن يصل ﺇلى المقر النهائي في المدينة قبل مدينة قباء كانت في الطرف أصبحت الآن جزء من المدينة فبني مسجد قباء، ونزل فيه قوله تعالى {مَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}[التوبة:108] وحينما ذهب ﺇلى المدينة كان أول مشروع للنبي صلى الله عليه وسلم لهذه الدولة الجديدة هو بناء المسجد، فبنا المسجد اختاره واختاروه كلهم وهو وأصحابه من الهاجرين والأنصار أصبحوا يبنون هذا المسجد، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول ((اللهم اغفر للأنصار والمهاجرة)) في بناء هذا المسجد والصحابة يبنون مع الرسول، ويقول لا يستوي من يعمر المساجد عيشوا فيها راكعا وساجدا ومن يرى عن الغبار حائدا، بدأوا يبنون هذا المسجد العظيم، وبني في أول الأمر مسجد بسيط جدا من الطوب الني مش حتى الحجارة ويسقف من جذوع النخيل والأشياء المتوفرة لديهم لم يكن فيه أشياء من القوية والصخور وبتاع، ومفروش بالحصباء، حتى كانت أبوابه لا تغلق، ولذلك كانت الكلاب تغدو فيه وتروح، ومن هنا بعض الصحابة لما جاء عند النبي صلى الله عليه وسلم وحصره البول بال في المسجد لأنه لا مبني فيه، لا حصر ولا سجاجيد، فهذا المسجد، ولكن بعد ذلك بني في عهد سيدنا أبي بكر وبناه سيدنا عثمان في عهده، فطور البناء الدنيا تغيرت، سيدنا عمر كان يقول للباني عنده أكن الناس من المطر ولا تحمر ولا تصفر، ما تعملش حاجات حمرا وحاجات صفرا وزخارف، إنما سيدنا عثمان وقد اتسعت الدنيا في عهده وبدأت ريح الحضارة تهب فبدأ يعمل المسجد ويعمل فيه نقوش ويعمل فيه أشياء فضية، ثم بعد ذلك تطور المسجد في عهد بعد عهد إلى أن جاء العثمانيون وعملوا فيه ما عملوا، وباقي مع عهد العثمانيين أخذه السعوديون وأكملوه كما نرى الآن وأصبح المسجد هذا الشيء الضخم العظيم من البناء والعمارة والهندسة، دنيا لوحدها وفي كل يوم يزداد في عهد الملك عبد الله يريد أن يكمل عمارة المسجدين، الحرمين الشريفين في مكة والمدينة حتى يتسع لأكبر عدد من المسلمين، يبني مسجدا كبيرا في مكة.


عثمان عثمان : حتى يستوعب الملايين في الحج وغيره، الفقهاء مولانا فرقوا بين المصلى والمسجد، والمسجد الجامع ما هذه التفرقة كيف نوضحها للمشاهدين وهل لها أهمية اليوم؟


يوسف القرضاوي: هو طبعاً لأن فيه الناس لها حاجات للصلاة، مثلاً في مصر فيه مساجد على الترع، الترعة والقنوات الصغيرة، الناس تيجي على الترعة الصغيرة كده وتبني فيها كده شيء قليل كده، بناء من الحجارة والبتاع بيعملوا أشياء كده يعني يصلي فيها الناس، وهم في غيطانهم وحقولهم يصلون الظهر مع بعض يصلون العصر، يصلون المغرب.


عثمان عثمان : هذا المصلى.


يوسف القرضاوي: هذا المصلى، ليس فيه صلاة جمعة وليس فيه، إنما يصلى فيه المسجد، في حاجة اسمها الزاوية يعني مساجد صغيرة تعمل على أساس الناس تصلي فيها الصلوات الخمس وليس من الضرورة أن تصلى فيها الجمعة، الجمعة تروح المسجد الكبير، في المذهب الحنبلي فيه صلاة الجماعة فرض عين واجبة على كل مسلم إلا من عنده عذر، ولذلك عندهم مسجد الجماعة هو مسجد الجمعة، كما نرى هنا في قطر، المذهب السائد في قطر هو المذهب الحنبلي، وهو السائد في مكة والمدينة والحجاز ونجد وهذه المنطقة كلها والمملكة السعودية كلها يسود فيها المذهب الحنبلي، فنجد مسجد للجماعة، ومسجد إلى إيه جامع لصلاة الجمعة، كل واحد له أهمية ومع هذا المسلمين يستوعبون هذه المساجد كلها وتضيق بهم.


عثمان عثمان : مولانا كما ذكرتم في بداية الحلقة أن النبي عليه الصلاة والسلام أول ما قام به في المدينة هو بناء المسجد، وهذا يدل على أهميته بطبيعة الحال، كيف تعامل النبي عليه الصلاة والسلام وصحابته الكرام مع المسجد مع دوره ووظائفه.


يوسف القرضاوي: تعامل معه بما ينبغي لهذا المسجد من عناية ورعاية واهتمام، جمع الصحابة في المسجد، المسجد كان الإسلام يعتبروه مصانع التوحيد، المصانع التي تصنع الموحدون لله من المسلمين المؤمنين الذين لا يرضون بغير الله رباً، ولا يتخذون غير الله ولياً، ولا يبتغون غير الله حكماَ، التوحيد بحقائقه الثلاثة، ربى النبي هؤلاء في المسجد اجتمع فيه الرجال والنساء والشباب والشيوخ والأغنياء والفقراء والرجل والمرأة، يعني كل هؤلاء اجتمعوا في المسجد تحت تربية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلمهم القرآن ويعلمهم السنة ويعلمهم الكتاب والحكمة، كما قال الله تعالى : {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ}[الجمعة:2] هذه التربية النبوية، بدأت المسجد، المسجد هو الذي وسع هذه التربية بكل شمولها وبكل خصائصها وبكل مقوماتها، هي تربية علمية وتربية عملية وتربية لغوية وتربية أدبية وتربية مهنية وتربية اجتماعية وتربية عسكرية، كل أنواع التربية الحقيقية بدأ النبي صلى الله عليه وسلم يغرسها في نفوس المسلمين في المسجد الشريف.


عثمان عثمان: إذا كان المسجد مؤسسة جامعة لماذا اليوم نرى تراجعاَ لدور المسجد يقتصر فقط على العبادة بمفهومها القريب والمباشر، أسمع الإجابة إن شاء الله بعد أن نذهب إلى فاصل قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

الدور التعليمي والتثقيفي للمسجد

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان وظائف المسجد المعاصرة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، سيدي ذكرتم في كتابكم العبادة في الإسلام إن المسجد كان جامعة ثقافية شعبية للأمة، كان برلماناً، مؤتمراً، معهداً دائماً بالتربية العملية على غرس الحرية والإخاء والمساواة، لماذا نرى اليوم دور المسجد قد انحصر فقط في العبادة بمعناها القريب جداً والشامل يعني الصلاة والأذكار فقط؟


يوسف القرضاوي: للأسف هذا انحدار بوظيفة المسجد، ومهمة المسجد لم يعرفه التاريخ الإسلامي قط، لأنه رأينا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد الصحابة المسجد كان هو الذي يحرك الأمة، المسجد له وظيفة عسكرية وتربوية وتوجيهية، الصحابة يبدأون خطبة العرش في المسجد، أبو بكر أول خطبة خطبها كان فين كان في المسجد (( أيها الناس إني قد وُلِّيتُ عليكم ولستُ بخيركم فإن رأيتُموني على حق فأَعينوني وإن رأيتُموني على باطل فسدِّدوني، أَطيعوني ما أطعتُ الله فيكم فإذا عصيتُه لا طاعة لي عليكم))، عمر بن الخطاب ((من رأى فيكم فيّ اعوجاجاً فليقومني))، عثمان بن عفان يأمر بإطاعته في طاعة الله، وعدم طاعته إذا عصاه، وعلي بن أبي طالب، كلهم يقولون هكذا، كان المسجد هو صرة الحياة الإسلامية، وفي عهود الأمويين والعثمانيين والعباسيين أيضاً ارتقى المسجد ارتقاءً عظيماً وأصبحت المساجد مش مسجد بس للعبادة بالمعنى الحرفي، العبادة لها معنى كبير، العبادة كل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال والنيات والمناهج التشريعية والتثقيفية والأخلاقية، والجهادية والتربوية، كل هذا يدخل في المساجد، في هذه العصور كان المسجد هكذا، في عهد العثمانيين، المسجد عندهم لما تروح تشوف الآن السلمانية ولا مسجد السلطان أحمد أو المساجد الكبرى هناك، المسجد له أماكن، فيه مكتبة للمسجد كبيرة تبقى تبع المسجد، فيه أماكن للطلاب يدرسون، فيه سعة في المناطق، حدائق حول المسجد وهكذا ولما تشوف أيضا السلطان حسن في مصر الأزهر أحمد ابن طولون لأن كان المسجد يبنى بناءا كبيرا أول ما تعمر البلد يبنى فيها مسجدا يسع الناس بحيث يصلي الناس فيه الجمعة جميعا عمرو بن العاص بنا مسجد الفسطاط ليسع الناس ولما جه أحمد ابن طولون بنا مسجد القطائع مسجد أحمد بن طولون في القاهرة إلى الآن جامع كبير يعني كان قطع لي بلد لوحدها، الظاهر بيبرس بنا الأزهر وهكذا، ولكن لما جاء العصر الحديث الناس للأسف يعني الدور العلماني الذي سار فيه كثير من المسلمين عزل الدين عن الحياة عن الدنيا عن الدولة عن السياسة عن المجتمع، عزل الدين أراد من هذا أن يقبروا المسجد يجعله مقبرة للناس فلا يتسع لما كان يتسع من قبل فحرموه من أشياء كثيرة كان المفروض أن يقوم بها .

هيمنة الدولة وتقزيم دور المسجد


عثمان عثمان: هل ترون أن لوضع الدولة يدها على المسجد على الأوقاف أليس لذلك أيضا دور في تقزيم دور المسجد؟


يوسف القرضاوي: هو المقصود من وضع يدها أنها تمنع الخطباء الأقوياء الذين يقولون ما يعتقدون و لا يخافون إلا الله وحده كما قال تعالى {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ} [الأحزاب:39]، هذه الآية التي جعلناها شعارا لاتحاد العلماء.


عثمان عثمان: المسلمين.


يوسف القرضاوي: يعني الذين يبلغون رسالات الله و يخشونه لا يريدون هؤلاء العلماء يريدون علماء يأتون يمشوا حسب المطلوب منهم.


عثمان عثمان: هناك ورقة تعطى للخطيب في بعض الدول.


يوسف القرضاوي: آه، ورقة أو يعني حتى ما فيش ورقة لازم يلتزم بهذا الأمر وسيطروا على المساجد حتى كان في مساجد أهلية كثيرة استولوا عليها وسلطوا عليها خطبائهم موتوا المسجد، كان المسجد يحيي الحياة الإسلامية يحيي الروح الإسلامية ينفخ في الأمة ويعيدها رجالا، أصبحت المساجد تموت الناس والعياذ بالله هذا ما لا نريده للمسجد نريد المسجد أن يعود كما كان في عهد النبوة وفي عهد الصحابة وفي عهد حياة الأمة يستمسك من جديد ويعيد أمة جديدة هذا ما نريده للمسجد في حياتنا.


عثمان عثمان: تاريخيا أيضا المسجد أدى دور الجامعة نتحدث عن جامع الزيتون وجامعة الزيتونة عن الأزهر في مصر عن مسجد القرويين في المغرب يعني كان له دور أن تحول إلى جامعة أين أصبح هذا الدور اليوم؟


يوسف القرضاوي: الجامعات يعني في بلادنا الإسلامية تطورت من الجوامع، كانت هذه الجوامع الكبرى القديمة الأزهر والزيتونة والقرويين الأزهر في مصر الزيتونة في تونس القرويين في المغرب وجامع قرطبة في الأندلس وجوامع كثيرة في الهند كانت تقوم بالدور الذي تقوم به الجامعات الكبرى تعلم العلم، الصحابة بدأوا منذ عهد ابن عباس وغيره يعني يدرسون التفسير والحديث والسيرة النبوية واللغة العربية والأدب والحاجات دي في المسجد والصحابة كانوا واستمر هذا، ثم بعد ذلك استقلت الجامعات وأصبح لها مبان خاصة لأنها أصبحت كبرى، فهذا دور المسجد، المسجد انقلب إلى جامعة علمية وجمعية خيرية وجامعة ثقافية هكذا كان المسجد مش مجرد بس المسجد كان جامعة ثقافية الناس يأتون إليها من كل مكان يتعلمون فيها، وكان برلمان للناس يلتقون فيه يوميا ويلتقون فيه بالولاة والأمراء ويناقشونهم، وكان يعرض الحرية والإخاء والمساواة، هذه أشياء معهد تربوي عملي يلقن الأمة هذه الأمور باستمرار هكذا كان المسجد وينبغي أن يكون هذا المسجد، وإذا كان هناك وزارات للأوقاف وللتعليم الديني والدعوة وهذه الأشياء، يجب أن تقوم بذلك أن تعيد هذه الروح إلى المسجد لا تترك المسجد يهمل ويصبح من يعني تاريخ قديم ما عاد له لا، لا هذا المسجد له أهمية كبرى في الحياة الإسلامية.

المظاهرات وخروجها من المساجد


عثمان عثمان: نلاحظ أيضا المسجد ربما اليوم استعاد شيئا من دوره في موضوع المظاهرات التي تخرج إلى المساجد، الاحتجاجات التي تخرج لمقارعة الظلم وخاصة في سوريا وغيرها كيف ترون الأمر؟


يوسف القرضاوي: هذا مطلوب من المسجد، المسجد يقود الحياة الإسلامية كل ما هو إسلامي ينبغي أن يكون في رسالة المسجد يؤيد كل ما هو إسلامي ويدافع عن كل ما هو إسلامي وينصر كل ما هو إسلامي، وهذا هو الواجب في كل الثورات التي قامت في تونس وفي مصر وفي سوريا وفي اليمن وفي ليبيا، المساجد كان لها دورها وخصوصا في سوريا، الناس يخرجون من المساجد إلى المظاهرات، كل ما هو إسلامي وليس كل ما هو حزبي يعني فرق بين ما هو حزبي الحزب يبقى شيئا مختلفا فيه يخص جماعة دون أخرى بينما ما هو إسلامي هذا معناه أنه هو مع القرآن ومع السنة ومع إجماع الأمة فما هو إسلامي، الإسلام يريد أن يكون الناس أقرب إلى الصلاح منهم إلى الفساد والى الخير منهم إلى الشر والى البر منهم إلى الفجور، كل ما يمكن الناس من هذا فهو سياسة إسلامية الإسلام مع هذا والمسجد يؤيد هذا ولذلك أنا في هذه الثورات وقفت مع هذه الثورات وكان مسجدي هو أحد يعني..


عثمان عثمان: المنابر الرئيسية..


يوسف القرضاوي: المحطات الرئيسية والأساسية في توجيه هذه الثورات والدفاع عنها، رددت على كل من يحاولون أن يثبطوا الناس وأن يقعدوا الناس واللي يقولوا لهم يعني ضرب ظهرك وأخذ مالك وأحاديث ضعيفة وأحاديث ضعاف بغير موضوعها وأحاديث موضوعة وأشياء، بعض الناس وبعض الكبار حتى للأسف أرادوا أن يضللوا الأمة أتباعا لهؤلاء الظلمة الذين بثوا هذه الأفكار في حياة الناس وطبلوا لها وزمروا، نحن وقفنا لها ووقف كل علماء الأمة الأخيار الأقوياء المستبدون من الله عز وجل وقفوا ضد هذه الترهات وانتصرت الأمة في النهاية، والأمة ستنتصر إن شاء الله أنا أقول لإخواننا في اليمن وإخواننا في سوريا اثبتوا على ما أنتم عليه ستنتصرون في النهاية، أقول لإخواننا كونوا على ثقة تمام الثقة من الله والاطمئنان إلى أن الله تعالى معكم ولن يثركم أعمالكم ولن يضيع جهودكم أبدا، كونوا مع الله انصروا إخوانكم الذين يدعون إلى الله ولا يشركون به أحدا وأن من سجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وقلت أنا للأخوة يعني الضباط والجنود في الجيش السوري أن ينضموا لإخوانهم في الجيش الحر ولا يسيروا مع الظالمين ويقتلوا إخوانهم أبناء بلدهم لا يجوز لك أن تقتل ابن بلدك انضم إليه ولا تكن مع الظلمة هذا ما أريده، وأقول سيعلمون غدا وبعد غد وبعد بعد ستريهم الأيام أن ما قلناه هو الحق، وأن ما يؤمن به الآخرون هو الباطل ليس من سنة الله أن ينصر الظالم أبدا {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}[غافر: 52] {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم:47] والنبي عليه الصلاة والسلام يقول ((إن الله لا يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)) ثم تلا قول الله تعالى{وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}[هود:102] القرآن يقول {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 44] إملاء من الله لهم.


عثمان عثمان: مولانا..


يوسف القرضاوي: {حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام:45] قطع الله دابر الظالمين والحمد لله على ربوبيتنا ليطمئن إخوانا إلى ربوبية الله للعالمين إلى إخوانا في سوريا وإخوانا في اليمن اطمئنوا أنتم منصورون إن شاء الله و الله معكم وثقوا أن اليوم قبل الغد سيكون لكم بإذن الله.


عثمان عثمان: في موضوع المسجد والمظاهرات بعض المشايخ يدعون إلى تنزيه المساجد عما يسمونه عبثا بالدين ولهوا ولعبا أو عمن ينتعون المساجد لأغراضهم على حد وصف بعض المشايخ؟


يوسف القرضاوي: هذا كلام ليس له أصل هذا كلام المشايخ الذين يموتون الدين الذين يجعلون الدين أفيوناً للشعوب كما يقول الشيوعيون، هذا الدين هو أفيون الشعوب يخدر الشعوب ويمسكها عن أن تقول للظالم يا ظالم والحديث يقول ((إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منهم لا خير فيهم)) انتهوا الأمة التي لا تقول للظالم يا ظالم تودع منها لم يعد فيها خير نحن نريد أمتنا أن تقول للظالم يا ظالم وأمتنا الآن قالت للظالم يا ظالم والحمد لله وانتصرت الأمة في ثلاث دول آخرها اليوم نصرة ليبيا بقوة والحمد لله نقول لإخوتنا وهم منصورون إن شاء الله في اليمن ومنصورون إن شاء الله في سوريا استمروا واثبتوا وأنتم معكم الحق، والحق لا يضيع أبدا دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة إن شاء الله.

قصف المساجد والدعاء للحكام


عثمان عثمان: مولانا، رأينا بعض الصور التي تنقل من بعض البلدان كيف تقصف المساجد، كيف يدخلون بأحذيتهم إلى المسجد، كيف يستهزئون بشعائر الدين، أيضا بعض المشايخ يدعون إلى عدم استخدام المساجد انطلاقا من المظاهرات سدا للذرائع وحتى يقع ما يقع؟


يوسف القرضاوي: لأ خليهم يعملوا هذا سينزل بهم عقاب الله وتنزل بهم نقمة الله عز وجل الذين لا يراعون للمساجد حرمة ولا يهتمون ببيوت الله عز وجل فعل الفرنسيون، الفرنسيون دخلوا بخيولهم الأزهر دخلت الخيول الجامع الأزهر ثم خسف الله بهم وأزالهم رجع يعني بونابرت إلى سوريا و قتل اسمه إيه ده كليبر وله اللي بعده وانتهت الحملة الفرنسية ليدخل هؤلاء المساجد لتنزل بهم عقوبة الله عز وجل، المساجد لا يمكن أن تلوث الله يطهرها من رجس الظالمين.


عثمان عثمان : الآية التي افتتحنا بها هذه الحلقة {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا}[الجن:18] ما المراد بها؟


يوسف القرضاوي: المراد بها أن المسجد إلهي رباني كلما فيه لله عز وجل حتى لو بني على باسم فلان أو مسجد فلان أو مسجد بني فلان هذا كله لا قيمة له، المسجد لله لأنه يقام لعبادة الله وحده لا يذكر فيه اسم شخص إنما لا يذكر فيه إلا اسم الله تعالى يقول {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ رِجَالٌ لّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ}[التوبة: 36،37] والقرآن يقول {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا}[البقرة:114] هؤلاء يسعون في خراب المساجد يخربونها لأنهم لا يؤمنون بالله وبجبروت الله وبهيمنة الله على هذا الكون، ولذلك ستأتي نقمة الله عليهم، المساجد لابد منها وبعض العلماء كانوا يقولون أن المسجد لابد أن يراعى فيه أنه أيضا للجهاد، الأستاذ محمود شيت خطاب عمل كتاب لعمارة المساجد للجهاد، الكتاب نسيت عنوانه إنما يقول هذا الوسيط في اتخاذ المسجد للجهاد وذكر على ذلك آيات وأحاديث وتواريخ مساجد قامت للجهاد في سبيل الله فهذا هو دور المسجد في الحياة الإسلامية.


عثمان عثمان : ما الموقف من الدعاء للرئيس أو الزعيم من على المنبر هل يتعارض ذلك مع الآية التي ذكرناها؟


يوسف القرضاوي: لا يجوز الدعوة لشخص يكره العلماء ذلك أن تدعو لشخص يعتبر هذا من المكروهات، الأولى أن ينزه المسجد عن ذكر الأشخاص ادعُ قول اللهم ولي أمورنا خيارنا ولا تولي أمورنا شرارنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا وانصرهم على من عاداهم ولا تذكر أسماء إنما إذا ذكر ليس محرما ولكن يعتبرونه من المكروهات.


عثمان عثمان: البعض يتحدث عن التوظيف السياسي للمنبر وللمسجد، وربما يتناسون استخدام المنابر للدعاء لبعض الأنظمة والرؤساء الظالمين، طبعا الحديث الآن عن تونس وذكرتم موضوع تونس في بداية الحلقة هل يمكن للمنبر أن يمارس دورا سياسيا كيف نفرق هنا بين ما هو شأن عام وما بين هو حزبي ضيق.


يوسف القرضاوي: في الأشياء الحزبية للأشياء المختلف فيها لا أدخلها في المسجد من أجل مجموعة من الناس وإنما هناك أشياء عامة إنكار المنكر والأمر بالمعروف والدعوة إلى الخير وتحريم المحرمات وتأصيل الأصول وتركين الأركان وهذه الأشياء هذه لابد أن أتحدث عنها وأريد أن أخرج الناس، في ناس كأن المنكر هو فقط الزنا وشرب الخمر لماذا لا تقول أن تزوير الانتخابات من المنكر ومن الكبائر، وعدم ذهاب الناس من الذهاب إلى الانتخابات من المنكر وأن إعلاء أهل الكفر على أهل الإيمان وأهل الفجور على أهل البر والتقوى، أليس أن توعي، هذا كله مطلوب من الإنسان المسلم.


عثمان عثمان : ذكرتم في كتابكم العبادة في الإسلام ضوابط شرعية لبناء المساجد ما أبرز هذه الضوابط؟


يوسف القرضاوي: ذكرناها في كتاب رسالة صغيرة اسمها كده الضوابط الشرعية لبناء المساجد ذكرنا فيها تصحيح النية وتصحيح الجهة وتصحيح القبلة وأشياء كثيرة ومنها ترك الزخرفات، الآن النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يحب أن ينشغل المسلمون بالزخرفات عن حقيقة المسجد وعن الخشوع ربنا سبحانه وتعالى قال {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}[المؤمنون:23] فالخشوع في الصلاة هو أول صفة مطلوبة من الإنسان المسلم فلا يجوز إن إحنا نعمله أشياء تشغله عن الصلاة، إنما ليس معناها أن نترك المسجد كما كان في عهد سيدنا أبو بكر أو سيدنا عمر لأ، الدنيا تتغير فلا بد أن يكون المسجد صورة قريبة من الحياة التي يعيشها الناس إذا كان الناس بيوتها أصبحت كبيرة فهل يظل المسجد متخلفا عن بيوت الناس الآن لا بد أن تعمل المسجد بشيء فخم كما رأينا في بناء المسجد الحرام والمسجد النبوي شيء هائل فخامة وجمال وأبهة وسعة هذا هو المطلوب، وممكن تعمل بعض الكتابات والخطوط الإسلامية ممكن أن يكون هذا، إنما لا تعمل أشياء خصوصا قريب من الناس ما يشغل الناس ويتابع الزخرفات وينشغل عن الصلاة، النبي عليه الصلاة والسلام قال (( لا تزخرفن المساجد كما زخرفت اليهود والنصارى معابدهم)) وقال ((أنهم يزخرفونها ولا يعمرونها إلا قليلا)) وقال في بعض الأحاديث ما أمرت بتشييد المساجد تشييدها إلى حد الزخرفة المشيدة، لا نريد من المسجد أن يكون بهذه الزخرفة وخصوصا المساجد التي تبنى لعامة الناس في كل مكان ممكن تعمل مسجدا مثلما عمل الوليد بن عبد الملك بنى المسجد الأقصى أو مسجد الصخرة عمله تحفة من التحف ممكن أن يكون كدلالة على ارتقاء المسلمين في عمارتهم، فهذا ممكن إنما الأصل العام أن نجمل المساجد تكون جميلة وتكون واسعة وتكون في غاية الأبهة وفي غاية المتانة والقوة لتعيش ما شاء الله من السنين، نحن الآن ننتفع بما بناه العثمانيون من المساجد مثل مسجد السليمانية ومسجد السلطان أحمد، هذه المساجد صار لها مئات السنين وهي الآن ينتفع الناس بها نريد المسجد أن يعيش قرونا وهذا مطلوب من الذي يبني المسجد.


عثمان عثمان : بناء المسجد هل يخضع لحاجة الناس هل يخضع لفقه الأولويات أم يبنى بشكل عفوي دون أي دراسة؟


يوسف القرضاوي: لا العفو لازم دراسة قوية ودراسة الحاجات وأنا أقول إن المسلمين حتى الآن يحتاجون إلى مساجد كثيرة جدا للأسف أنا أقول أن النصارى حاجتهم للكنيسة قليلة لأن الناس في الكنيسة يحتاجونها مرة في الأسبوع ومش على سبيل الركنية أو الفرضية إنما على سبيل الاستحباب، المسجد فرض في حياة المسلمين، المسلم لا بد أن يذهب إلى المسجد أكثر من مرة كل يوم، فيه خمس صلوات لابد أن تصلى في المسجد خمس صلوات تصلي في كل مسجد عدد من الناس يوميا، وبعدين في صلاة الجمعة وصلاة الأعياد وصلوات أخرى هذه مطلوبة في المسجد، أنا لا أريد أن في مصر ابني ساكن في منطقة جديدة في القاهرة الجديدة الكبرى اسمها التجمع الخامس، التجمع الخامس ده أمشي فيه كيلوات في شوارع ضخمة يمين وشمال لا أجد مسجدا أين وزارة الأوقاف، وزارات الأوقاف أين تعمل، المفروض أن وزارة الأوقاف مع كل مدينة تبنى مع كل حي جديد يبنى تعرف ما فيه من المساحات ويحجز فيه قدر للصلاة لازم أن يكون فيه حساب، إن إذا كان فيه مبان عالية 10 أدوار يبقى العشرة أدوار وكل دور في خمسة يبقى فيه 50 أسرة يبقى كم عمارة محتاجين إلى ذلك، إذا كان 3 أدوار فقط أو أربعة محتاجين أقل إنما تمشي كيلوات وليس هناك مسجدا كيف، أين، أقول أين وزارة الأوقاف، وزارة الأوقاف التي تشرف على المساجد، مدينة نصر في القاهرة وأنا أسكن فيها ليس فيها إلا مسجد واحد وفيها ملايين من الناس، توسعت وأصبح فيها العشرين دور وأكثر وفيها مسجد رابعة العدوية، واحد قال لي ده في مسجد كمان سألت الناس تعرفون هذا المسجد؟ قالوا لا نعرفه إذن كيف يكون مسجد لا يعرفه الناس ويعتبر مسجد حكومة..


عثمان عثمان: بدنا همتكم مولانا..


يوسف القرضاوي: هذا لا يكفي، وزارات الأوقاف لابد أن تثبت وجودها وتعرف حاجات المسلمين إلى المساجد وتبنيها هي من مال المسلمين العام.


عثمان عثمان : مولانا بناء المسجد هل يقتصر فقط على الحجر على الباطون أم يلزمه أيضا الخطيب والإمام والخادم والمؤذن؟


يوسف القرضاوي: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ}[التوبة:18] العمارة مش البناء فقط إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فالعمارة تكون بالناس والناس لابد لهم من إمام وإمام مؤهل ولابد أن نؤهل الأئمة نعطيهم من الدراسات باستمرار نعطيهم دراسات جديدة مش بس لعلوم الدينية وإنما علوم النفس وعلوم الاجتماع وعلوم الحياة ونؤهل المسجد وعلمه باستمرار لابد فيه من عالم ومن مؤذن ومن خدم ومن كذا حتى تقوم بالدور المطلوب له في توجيه الحياة الإسلامية والهداية للتي هي أقوم، {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ}[الإسراء:9] كيف نهدي للتي هي أقوم؟ بالإمام المثقف بالثقافة الإسلامية الراسخة التي تؤهله للدعوة إلى الله والدعوة إلى الإسلام بخصائصه ومقوماته شاملا متكاملا عقيدة وشريعة ودعوة وجهاد هذا ما نريده للمسلمين في هذا العصر.


عثمان عثمان : إلى هنا تنتهي حلقتنا شكرا شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفادة الطيبة، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل، وهذا عثمان عثمان يترككم في أمان الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.