صورة عامة - الشريعة والحياة - حلقة خاصة مفتوحة - 15/8/2010
الشريعة والحياة

المسلمون والمسيحيون

(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ) ما القواعد التي يأسس عليها العيش المشترك تاريخيًّا؟ وكيف تنشأ الانحرافات عن ذلك العيش المشترك؟

– تاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين وأسباب تبدلها
– حول التصريحات الغربية ومسؤولية الشحن الطائفي

– جوانب العيش المشترك وأسباب هجرة المسيحيين

عثمان عثمان
عثمان عثمان
يوسف القرضاوي
يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أهلا ومرحبا بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ..}[آل عمران:64] فما القواعد التي تأسس عليها العيش المشترك تاريخيا؟ وكيف تنشأ الانحرافات عن ذلك العيش المشترك؟ وما السبيل للخروج من دائرة الغلو والتوتر الديني؟ المسلمون والمسيحيون ومسؤوليات العيش المشترك موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مرحبا بكم سيدي.

تاريخ العلاقة بين المسلمين والمسيحيين وأسباب تبدلها


يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور هناك احتقان شديد في مصر اليوم بين المسيحيين والمسلمين عقب تصريحات جاءت بعد تفجيرات الإسكندرية، ما الموقف المطلوب في ظل هذه الأجواء؟


يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى إخوانه جميعا من أنبياء الله وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد فقد جاء الإسلام دعوة للناس جميعا منذ أول يوم في القرآن المكي أعلن القرآن {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107]، {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}[الفرقان:1]، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً..}[الأعراف:158] وجاء يدعو الجميع بمنهج الحسنى، الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن للموافقين، الدعوة للموافقين بالحكمة والموعظة الحسنة وللمخالفين الجدال أو الحوار بالتي هي أحسن {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ..}[النحل:125] وظل الإسلام يدعو الناس بالحسنى ويتقبل الأذى من أجل هذه الدعوة يعني ظل 13 عاما في مكة يصب عليه الأذى من كل جانب وعلى أصحابه خصوصا المستضعفين منهم حتى اضطر عليه الصلاة والسلام أن يأمر أصحابه بالهجرة إلى الحبشة مرتين وكانت الحبشة نصرانية فرأى النبي أنها بيئة مناسبة خصوصا أن مالكها اشتهر بالعدل فقال لهم هاجروا إلى الحبشة وكان هذا الملك عند حسن ظن النبي به، ظل الإسلام 13 عاما يؤذى ويقاطع ويفتن أبناؤه عن دينهم إلى أن أمر بالهجرة وكانت أول آية نزلت في الإذن بالقتال في طريق النبي صلى الله عليه وسلم إلى الهجرة وهي قوله تعالى {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً..}[الحج39، 40] فجاء في هذه الآيات الأولى التي شرع فيها الإذن بالقتال للمسلمين دفاعا عن أنفسهم وكانوا قبل ذلك يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما بين مجروح ومشجوج ومكسور ومضروب يقولون ائذن لنا أن ندافع، يقول لم يؤذن لي، كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة، هنا أمروا بأن يدافعوا أو أذن لهم بأن يدافعوا عن أنفسهم وعن مقدساتهم وعن كل المقدسات الدينية {..لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً..} ولما ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأقام مجتمعه المثالي ودولته دولة العدل والإحسان كان أول ما فعله بعد أن بنى مسجده للصلاة هو آخى بين المهاجرين والأنصار أن عقد اتفاقية تضم كل أهل المدينة ومنهم اليهود الذين يعيشون في ضواحي المدينة بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة ونشأ ما يعرف بأول دستور يمكن في العالم مكتوب يسمى الصحيفة، فلم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يسعى إلى إيذاء أحد ولكن هو أوذي فاضطر أن يدافع عن نفسه، وبعد ذلك جاءت مرحلة القتال وكانت هذه المرحلة مفروضة على المسلمين {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ..}[البقرة:216] اضطر أن يقاتل وقاتل جبهات عدة الجبهة الوثنية والجبهة اليهودية والجبهة النصرانية المتمثلة في الدولة البيزنطية والجبهة المجوسية جبهات مختلفة بدأت في حياة الرسول واستمرت بعد ذلك، فكان هناك من يدخلون يعني بالقتال ومن يدخلون بالمسالمة في الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا، الأول جزيرة العرب ثم بعد ذلك دخل العراق ودخل الفرس ودخلت الشام ودخلت مصر بلاد كثيرة دخلت في دين الله وكان أصحاب البلاد يرحبون يعني بالمسلمين الفاتحين وهذا مما ساعد الفتح الإسلامي من أهل البلاد نفسهم يعني خلاص سئموا من حكم الرومان ومن ظلم الرومان رغم أنهم كانوا يعني نصارى مثلهم.


عثمان عثمان: رحبوا بعدالة الإسلام.


يوسف القرضاوي: بعدالة الإسلام فعلا وسماحة الإسلام ومساواة الإسلام وتكريم الإنسان من حيث أنه إنسان وتكريمه لأهل الكتاب خاصة لأن الإسلام عامل أهل الكتاب معاملة غير عادية حتى أنه أجاز مؤاكلتهم وأجاز مصاهرتهم {..وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ..}[المائدة:5] أجاز أن يصاهر المسلم الكتابيين من اليهود والنصارى أن يتزوج من نسائهم وهذه قمة بالتسامح لم يسمح بها دين آخر، الأديان الأخرى لا تسمح أن يتزوج الرجل من غير دينه ولكن أباح الإسلام للمسلم أن تكون امرأته وشريكة حياته وربة بيته وأم أولاده وموضع سره تكون يهودية أو نصرانية فهذا قمة في التسامح كذلك حتكون.. يجعل أصهاره من النصارى أو اليهود وأخوال أولاده وخالات أولاده وأولو الأرحام فصهر يعني هذه العلاقات أصبحت.. ذابت الفوارق ولذلك عاش المسلمون والنصارى إخوة متعاونين على البر والتقوى وظل هذا مددا طويلة، والإسلام لم يجبر أحدا على الدخول فيه يعني دخل الإسلام مصر هل أجبر أهل مصر أن يدخلوا في الإسلام؟ أبدا، كيف فتح عمرو بن العاص مصر؟ الأول ذهب بجيش يعني عدده أربعة آلاف وبعد مدة طلب مددا من سيدنا عمر بعث له أربعة آلاف أخرى يقاوم الدولة البيزنطية الرومانية التي كانت تعتبر في ذلك الوقت مثل الأميركان في عصرنا أكبر قوة في العالم يقاوم هذه الدولة وجيوشها بثمانية آلاف لولا أن المصريين مرحبون لأنهم طالما لقوا الظلم ولقوا الأذى رغم أن الرومان كانا مسيحيين مثلهم ولكن مخالفون لهم في المذهب الاعتقادي.


عثمان عثمان: هذا التاريخ المثالي فضيلة الدكتور وهذه النصوص التاريخية والواقع التاريخي الآن ربما تبدل، ما الذي حدث لماذا هذا التبدل؟


يوسف القرضاوي: الذي حدث أن هناك يعني مؤثرات أجنبية في الواقع يعني التعاليم الإسلامية كلها تدعو إلى المحبة وإلى الأخوة وإلى التعاون على البر والتقوى ليس فيها ما يؤذي أحدا، كل ما يطلبه الإسلام من غير المسلم أن يخضع للقانون الإسلامي للشريعة الإسلامية والشريعة الإسلامية ليس فيها شيء يرفضه.. حتى في الأشياء يعني ليس من الضروري أن يقبلها غير المسلم، يعني الأحوال الشخصية الزواج والطلاق يعني من شاء في بعض المسيحيين بيحتكموا إلى القانون الميراثي الإسلامي والبعض مش عايز، أنت حر، وكان في طوال التاريخ الإسلامي في محاكم خاصة لغير المسلمين، هناك أشياء يحكم عليها على المسلم من سرق مسلما أو غير مسلم تقطع يده، مال المسلم ومال المسيحي أو الكتابي سواء في الحرمة، غير أنه في الإسلام اعتبر النصارى أقرب إلى المسلمين من اليهود يعني أهل الكتاب أقرب من غيرهم إلى المسلمين والنصارى أقرب {..وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى..}[المائدة:82] والأقباط في مصر لهم وصايا خاصة، يعني النبي عليه الصلاة والسلام عند موته كما قالت أم سلمة أوصى النبي صلى الله عليه وسلم فقال "الله الله في قبط مصر، إنكم ستظهرون عليهم وسيكونون لكم عدة وأعوانا في سبيل الله" وجاء أكثر من حديث بالوصية في أقباط مصر عن عدد من الصحابة منه عن أبي ذر "أنكم ستفتحون بلدا يذكر فيه القيراط" وفيه "ستفتحون مصر وهي بلد يذكر فيها -مصر كل حاجة فيها 24 قيراطا يعني- فاستوصوا بهم خيرا فإن لكم فيهم ذمة ورحما" في ذمة وفي رحم أن أم إسماعيل عليه السلام هاجر مصرية وفي ذمة وصهرا لأن ماريا القبطية أم إبراهيم بن رسول الله كانت مصرية فهؤلاء لهم وصية خاصة من رسول الله ليس هناك.. أنت سألت طيب إيه السبب؟ هناك مؤثرات أجنبية، تأتي مؤثرات أجنبية تفسد العلاقة ما بين المسيحيين والمسلمين مثل الحروب الصليبية، الحروب الصليبية مؤرخو المسلمين سموها حروب الفرنجة يعني الإفرنج جايين يستعمروا بلاد المسلمين يعني اللي سماها الصليبية الغربيون هم اللي سموها الحروب الصليبية، هذه الحروب أثارت.. حاولت تغري غير المسلمين بالتألب والغدر بالمسلمين وللأسف حدث وكان بلاد الشام أكثر من مصر في هذا أنهم شمتوا بالمسلمين لما انتصر عليهم الصليبيون وأحيانا كانوا يرشون المساجد بالخمر وأشياء يعني حدثت أشياء.. وكلما تجدد مثلا هذا، يعني في أيام نابليون حينما جاء لغزو مصر ثم الشام بعد ذلك قال وهو في طريقه من مرسيليا إلى مصر وأعلن علشان يبلغ رسالته إني سأتخذ من أبناء المسيحيين في مصر والشام جيشا من عشرين ألفا يقاتلون مع الجيش الفرنسي فهذا أغرى بعض الناس الذين يستهويهم مثل هذا وللأسف في مصر استجاب واحد اسمه يعقوب حنا وجميع ألفين من أبناء الأقباط في مصر وقاتل مع الفرنسيين كان يسمى الحنرال يعقوب ومعظم الأقباط رفضوا دعوته ولكن هناك وجد من الخونة من استجاب لدعوته، في عهد الاستعمار دائما يغري الأقلية.

حول التصريحات الغربية ومسؤولية الشحن الطائفي


عثمان عثمان: مولانا الآن بعد هذه التفجيرات صدرت تصريحات من بابا روما يدعو فيها إلى حماية المسيحيين في الشرق، ما موقفكم من مثل هذه التصريحات في أي سياق تأتي؟


يوسف القرضاوي: أنا أقول له لن تحمي المسيحيين في بلاد الشرق الأوسط وإنما المسلمون هم الذين يحمونهم، المسلمون فرض عليهم أن يحموا هذه الأقلية التي تعيش في حمى الأكثرية وتدخل هؤلاء هو الذي يفسد الأقليات وهم الذين يفسدون أقباط المهجر، من الأشياء التي تدعو إلى إثارة الفتن في مصر أقباط المهجر، أنا أول ما ذهبت إلى أميركا في أوائل السبعينيات وجدت أقباط المهجر يعني يصدرون نشرة سرية، هذه النشرة السرية كلها إثارة للأقباط في مصر ولكم في إسرائيل أسوة حسنة فهذا كلام الحقيقة كلام مجانين، لا يمكن أن الأقباط ينفصلوا عن مصر أو يعني الأقليات هي جزء من النسيج الوطني العام لا يمكن يعني زي ما بيقولوا تفصل الظفر عن اللحم، إذاً هذه أجزاء كالبنيان المرصوص يشد بعضه كالجسد الواحد، فهؤلاء في الحقيقة يصدرون أشياء ولا زالوا إلى اليوم بتأثير هذه المؤثرات الأجنبية. نحن نقول للبابا اكفنا شرك أنت ودعنا نعش بعضنا مع بعض نحل مشاكلنا مع بعض، المهم أنه إحنا للأسف نترك أمورنا للغلاة سواء كان غلاة من المسلمين أو غلاة من المسيحيين وهؤلاء الغلاة مجانين يفكرون في أشياء غير معقولة وليس وراءها خير لأي من الفريقين وإذا ترك الناس أمورهم لهؤلاء الغلاة المتطرفين الذين يفكرون بغير عقل ولا يستخدمون الحكمة ولا ينظرون إلى ما وراء أنوفهم إذا ترك العقلاء هؤلاء يعني ليس وراءهم إلا الدمار وإلا الهلاك هلاك الحرث والنسل والزرع والضرع وكل شيء، فترك الأمور لهؤلاء الغلاة سواء كان من الأقباط أو من المسلمين هو الذي يضر بهذه القضية أبلغ الضرر، لازم أهل الحكمة وأهل الرأي هم الذين يتصدرون هذه القضايا ويجلسون مع بعضهم البعض، المشكلة أن الناس لا يجلس بعضهم مع بعض ولا يناقشون هذه الأمور بحرية وبشفافية وبصراحة يعني لأنه في أمور يكفي عليها.. تعالوا بلاش إثارة هذه الأشياء، لا، لا بد من إثارة هذه الأشياء ومعرفة ما فيها ويناقش بعضنا بعضا ويرد بعضنا على بعض، وأنا أعتقد إذا عولجت هذه الأمور بهذه الصراحة وكان الذين يحاكموها هم أهل الحكمة مش أهل الحماقة، الحمق لا يمكن

"لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها"

فإذا ترك أمرنا للحمقى لا يمكن أن يصير إلى خير.


عثمان عثمان: اسمح لنا مولانا أن نأخذ الأستاذ جمال أسعد عبد الملاك مفكر قبطي وعضو مجلس الشعب من القاهرة، مرحبا بكم سيدي.


جمال أسعد عبد الملاك/ كاتب وعضو مجلس الشعب-القاهرة: أهلا وسهلا يا افندم أهلا وسهلا، السلام عليكم يا فضيلة الشيخ.


يوسف القرضاوي: مرحبا.


عثمان عثمان: وعليكم السلام. هناك من يرى أن العلاقات بين المسلمين والمسيحيين الآن ليست كما كانت في السابق، السؤال من الذي يتحمل مسؤولية الشحن الطائفي الآن في مصر؟


جمال أسعد عبد الملاك: أكثر من جهة وأكثر من شخص وأكثر من عامل يتحملون المناخ الطائفي الآن الذي أحدث فرزا طائفيا بمعنى التعامل الآن على أرضية مسلم ومسيحي وليس على أرضية مصري ومصري، لا شك أن هناك مناخا طائفيا ساد منذ السبعينيات جعل الأقباط يهاجرون إلى الكنيسة فأصبحت الكنيسة تأخذ دورا سياسيا غير دورها الروحي وللأسف الشديد الدولة والنظام المصري استكان لذلك واستملح ذلك فتنازل عن مواطنيه الأقباط لمؤسسة دينية مما جعل مشاكل الأقباط تتحول من مشاكل مواطنين مصريين سياسية إلى مشاكل طائفية فبالتالي أصبحت الأغلبية المسلمة في عداد لا يعنيه هذه المشاكل لأنها ليست سياسية في المقام الأول، وهنا أريد أن أذكر ليس هذا المناخ وليس هذه العوامل فقط ولكن هناك ما يسمى بالتدخل الأجنبي وهنا طبعا أؤكد كلام فضيلة الشيخ القرضاوي أن منذ الحملة الفرنسية وهناك حجة ما يسمى بحماية الأقليات الدينية، الاستعمار الإنجليزي وتصريح 28 فبراير 1922 والذي كان يحدد ويحتم ما يسمى بحماية الأقلية الدينية، ولكن لا الفرنسيين ولا الإنجليز استطاعوا أن يحموا الأقباط طوال التاريخ، ناهيك عن المخطط الاستعماري الجديد الذي بدأ بمخطط صهيوني أعلن سنة 1979 والذي أراد أن يعيد تخطيط المنطقة وتقسيمها على أسس طائفية، ليس مصر فقط وهنا نذكر منذ شهرين بأقوال رئيس المخابرات الإسرائيلية العسكرية الذي تباهى بأن إسرائيل استطاعت أن تنفذ هذا المخطط، هنا كان دور أميركا ولا  بد أن نذكر هنا أن أميركا أخذت هذا الخيط والمندوب الدائم في الأمم المتحدة أصدر قانونا أو قرارا من الأمم المتحدة سنة 1993 يقول إن الأقلية الدينية المضطهدة اضطهادا منظما.. الحكومة يدعو إلى التدخل الخارجي، ثم الكونغرس الأميركي أصدر قانون الحماية الدينية سنة 1998 الذي فيه 16 عقوبة للدول التي يزعمون أنها تضطهد الأقليات الدينية، ولذلك نرى أن أقباط المهجر والذين يتعاملون مع الأجندات الأميركية يتحدثون عن الأقباط أقلية رغم أن الأقباط ليسوا أقلية بالمعنى الجنسي أو العرقي، ثم إن هناك مشاكل وليس اضطهادا، هناك فرق بين المشاكل والاضطهاد، ثم نقول إن هذه المشاكل لا ولن تحل إلا على أرضية مصرية وطنية ولكل المصريين، إذا لم تقتنع الأغلبية المسلمة بأن هناك مشاكل ولا بد أن تحل جميعها كمصريين وعلى أرضية مصرية لن يحل التدخل الأجنبي هذا. وهنا أذكر..


عثمان عثمان (مقاطعا): نعم. شكرا جمال أسعد عبد الملاك مفكر قبطي وعضو مجلس الشعب المصري كنت معنا من القاهرة. سيدي تحدثتم عن المؤامرة الأجنبية، الأستاذ جمال الآن تحدث نفس الموضوع، هناك الدكتور عماد أبو الروب يقول أيضا من الأسباب الخطاب الديني المتوتر، ما رأيكم بهذا الطرح؟ أسمع الإجابة إن شاء الله بعد أن نذهب إلى فاصل قصير فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان المسلمون والمسيحيون ومسؤوليات العيش المشترك مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. سيدي هناك من يحمل الخطاب الديني المتوتر مسؤولية ما يجري من فتن وتوترات دينية في المنطقة، ماذا تقولون؟


يوسف القرضاوي: أنا قلت إنه احنا لو أخذنا الخطاب المتوتر والمتطرف وخطاب الغلاة لن نصل إلى خير لا للمسلمين ولا للمسيحيين، الخطاب المتطرف الإسلامي لا يمثل جماعة المسلمين والخطاب المتطرف القبطي لا يمثل جماعة الأقباط إنما نحن نعتمد على أهل الوسط، الخطاب المعتدل الذي يمثل الوسطية الإسلامية. أنا أقدم البرنامج من سنين هل وجد أحد فيه دعوة ضد المسيحيين أو ضد كذا؟ لا يمكن، لأن من يتكلم هذا يتكلم بغير الإسلام، الإسلام الصحيح هو دين التسامح، القواعد التي وضعها الإسلام للتسامح لا يوجد مثلها، أول شيء كرامة بني آدم كل بني آدم {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..}[الإسراء:70] حتى روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مروا عليه بجنازة ميت فقام لها واقفا احتراما للميت، فقالوا يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال أليست نفسا؟! شوف ما أروع الموقف وما أروع التعليل! أروع من الموقف التعليل للموقف، أليست نفسا؟! مش نفس إنسانية تستحق الاحترام! ثم من ناحية الأخرى الإسلام يقرر أن اختلال الناس في الأديان هو بمشيئة الله يعني ربنا لو أراد أن يجعل الناس كلهم مؤمنين كان يخلقهم زي الملائكة مفطورين على طاعة الله إنما الله أراد هذا {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ}[هود:118] فهذه إرادة الله فمن يقف ضد الإرادة الإلهية ليجعل الناس كلهم مسلمين أو مسيحيين، هذا لا يريده الله. من ناحية ثالثة ضلال الناس أو كفرهم أنت مش مسؤول عنه وليس أنت المسؤول عن حسابهم، الله هو الذي سيحاسب الجميع وليس في هذه الدنيا إنما يوم القيامة {وَإِن جَادَلُوكَ فَقُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ، اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ}[الحج: 68، 69] هذه هي قواعد التسامح التي تشيع التسامح بين الناس، فيجيء واحد مخبول على منبر وكذا ويقول جملتين المسلمون يتحملون هذا؟! شوف ماذا يقول شيخ الأزهر ماذا يقول العلماء الكبار ماذا.. هناك كتب مؤلفة وهناك رصيد من التراث الإسلامي يقرر هذا التسامح فلماذا نترك هذا كله ونعتمد على واحد مخبول؟!


عثمان عثمان: لماذا برأيكم مولانا نجد صدى لهذا الخطاب المتوتر الديني في الشارع؟ وهذا لا نستطيع أن ننكره.


يوسف القرضاوي: ليس في كل الشارع وممكن أيضا يؤثر على بعض المتشددين أو المتطرفين إنما الرأي العام المسلم متوسط يميل إلى النهج الوسطي وإلى النهج المعتدل إنما أحيانا يرد على هذا برد يثير المسلمين، وبعدين هناك أشياء في الحقيقة لا تناقش مناقشة بين المسلمين والمسيحيين بحيث يعرضون للأمور مثل مثلا واحدة تسلم وبعدين يحال بينها وبين الاستمرار في الإسلام أو تؤخذ وتوضع في شبه منفى أو كذا عند.. هذا يثير، لا بد من أن نجلس مع بعض ولماذا هذا؟ {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ..}[البقرة:256] إذا كانت أسلمت راضية وعن طوع نفسها وعن طيب نفسها لماذا نرغمها على أن ترجع إلى دينها؟ هذه أشياء تثير المسلمين، يقول لك الكنيسة أصبحت دولة داخل الدولة كذا، أنا أرى أن مناقشة هذه الأمور تحل كثيرا من المشاكل وتطفئ نار الفتنة قبل أن تندلع وتصبح جحيما يأكل الأخضر واليابس.

جوانب العيش المشترك وأسباب هجرة المسيحيين


عثمان عثمان: عنوان حلقتنا مولانا مسؤوليات العيش المشترك، هذا العيش المشترك مسؤولية من عمليا؟


يوسف القرضاوي: مسؤولية الجميع، مسؤولية المسلمين ومسؤولية المسيحيين، وأنا أعتبر أن مسؤولية المسلمين أكثر لأنهم الأكثرية والأكثرية يجب أن تحتضن الأقلية ويجب أن تحتمل منها الأذى ويجب أن تتسامح معها، المسؤولية مسؤولية الجميع ومسؤولية بالذات كما قلت أهل الرأي والحكمة، ليست مسؤولية الدهماء، لا تترك الأمر للعوام كما قال القرآن الكريم {..وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ..}[النساء:83]، {..فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً}[الفرقان:59]، {..وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}[فاطر:14]، {..فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ}[النحل:43] أهل الذكر والخبرة والعلم والفضل هم الذين يرجع إليهم، فالمسؤولية مسؤولية الطرفين ومسؤولية المسلمين أكثر ومسؤولية أهل الرأي والحكمة أكثر من غيرهم، يجلس بعضهم إلى بعض ويستمع بعضهم إلى بعض لأن البعد يجعلك لا تفهم صاحبك وماذا عنده إنما إذا جلس بعضنا إلى بعض واستمع بعضنا من بعض وناقش بعضنا بعضا، أخذ بعض الكلام ورد بعض الكلام وهذا رد على هذا وهذا.. نقترب، نصل إلى.. يعني مش ضروري نتفق 100% إنما يمكن يعني نحل بعض الأشياء نقف في منتصف الطريق أنا أقترب شيئا وأنت تقترب شيئا نكاد نحل المشكلة.


عثمان عثمان: عندما نتحدث عن الشراكة مولانا فيم تكون هذه الشراكة؟


يوسف القرضاوي: الشراكة في كل شيء، ناس مشتركون في وطن واحد هم مواطنون فهم يشتركون في بناء هذا الوطن وفي الاستمتاع بخيره وفي إبعاد الشر عنه في الدفاع عنه إذا أصابه شر، كلنا نقف ما دمنا في وطن واحد كلنا مسؤولون عن هذا الوطن عن البيئة وكيف نساعد على البيئة الصالحة كيف نحارب الفقر كيف نحارب الأمية، للأسف لا يزال في بلادنا أميون من الرجال والنساء، كيف نحارب الأمراض كيف نحارب البطالة يعني كيف الشباب يخرج من الجامعات ولا يجد عملا، هذه كلها مشاكل تحتاج إلى عقول الجميع تشتغل فيها، لماذا لا نشغل أنفسنا بمشكلات الشعب مسلم ومسيحي نشتغل معا؟ العيش المشترك يتطلب منا.. لا يتطلب العيش المشترك أن تكون متفقين في كل شيء، لا، ليس لهذا، أنتم لكم دينكم وأنا لي ديني كما علمنا القرآن من أوائل ما نزل في القرآن المكي {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون:1- 6] شوف هذه السورة تمثل أقصى الاعتزاز، لا يمكن أن أتنازل عن ديني ولا أعبد غير ربي وتمثل أقصى التسامح أيضا {..لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ..} ولكن المشكل حينما يقول أنا لي ديني وأنت ليس لك دينك كما كان المشركين يفعلون مع المسلمين، لا، إحنا لنا ديننا الشرك وأنتم ليس لك من حق، فإذا كان لك دينك وأنا لي ديني تعالوا يجتمع بعضنا إلى بعض. العيش المشترك هنا في مئات القضايا تتطلب منا الجهد المشترك والتفكير المشترك والعمل المشترك، وفي قاعدة وضعها العلامة الشيخ رشيد رضا للناس المختلفين اسمها قاعدة المنار الذهبية وهي التي يقول فيها "نتعاون في ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا في ما اختلفنا فيه".


عثمان عثمان: هذه قاعدة المنار الذهبية.


يوسف القرضاوي: نكون مختلفين في الدين مختلفين في المذهب مختلفين في السياسة نتعاون في ما اتفقنا، في أشياء كثيرة جدا نتفق عليها وفي أشياء قليلة نختلف فيها يعني المتفق عليه نشتغل معا، تعال في فقر يجب أن يقاوم كلنا نشتغل، في يجب أن نستقل بأنفسنا في الزراعة تكون لنا زراعتنا المستقلة ما نظل محتاجين إلى القمح من غيرنا تعالوا نتعاون في هذا، في الصناعة يجب أن نتعاون في الصناعة، يقول أمة سورة الحديد لم تتقن صناعة الحديد، القرآن يقول {..وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ..}[الحديد:25] بأس شديد إشارة إلى الصناعات الحربية، ومنافع للناس إشارة إلى الصناعات المدينة، نحن لا أتقنا الصناعات الحربية ولا الصناعات المدنية، عايزين نشتغل مع بعض ففي مجال للعيش المشترك والعمل المشترك.


عثمان عثمان: اسمح لنا مولانا أن نأخذ الأب جورج مسوح أستاذ علوم الأديان في جامعة البلمند ينضم إلينا من بيروت، مرحبا بك حضرة الأب.


جورج مسوح/ أستاذ علوم الأديان بجامعة البلمند-بيروت: أهلا مساء الخير.


عثمان عثمان: حضرة الأب يعني بدا من خطاب بابا الفاتيكان وتصريحات متعددة أن المسيحيين يواجهون مشكلات مع المسلمين، هل فعلا أن المسيحيين يواجهون مشكلات مع المسلمين؟


جورج مسوح: في الحقيقة.. أولا السلام عليكم جميعا.


يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.


جورج مسوح: وأحيي يوسف القرضاوي فضيلة الشيخ.


يوسف القرضاوي: يا مرحبا.


جورج مسوح: الأول أريد أن أقول إن هناك مشكلات على الأرض يعني نشأت في القرن العشرين مع نشوء الكيان الصهيوني بعدين مع الاحتلال الأميركي والتدخلات الأجنبية وهناك يعني تصاعد تنامي للخطاب المتطرف في كل الكيانات -يعني كما تفضل فضيلة الشيخ- وهذا أدى إلى التوترات على الأرض وإلى حروب أهلية هنا وهناك وإلى مشكلات طائفية في بعض البلدان. هلق ما قاله البابا بالنسبة لحماية المسيحيين طبعا نحن نقول لا يحمينا إلا الدولة التي هي مسؤولة عن حماية المسلمين والمسيحيين معا وحماية كل شخص موجود على أرض الوطن يعني لا المسلمون هم الذين يحمون المسيحيين ولا المسيحيون بالتعاون بمطالبات غربية هم يعني يكونون في حماية، الحماية تؤمنها الدولة العادلة التي تساوي بين جميع مواطنيها. والحقيقة في بعض البلدان الدولة غائبة كليا عن هذه المسؤولية بل ربما أحيانا تساعد التطرف من أجل تخويف وترهيب الناس للجوء إليها أو للقول إنها السلطة الوحيدة القادرة على أن تلعب دورا أو تؤدي دور الجامع للجميع أو أن تستقطب الأقليات من خلال ترهيبها وإلى آخره.


عثمان عثمان: اسمح لي حضرة الأب هناك الرئيس الفرنسي ساركوزي وصف ما جرى بأنه تطهير ديني شرير ضد المسيحيين في الشرق وأن ما يجري ليس عملا فرديا، هل تضع فعلا ما يجري في هذا الإطار؟


جورج مسوح: طبعا لا، وإذا في هناك أسباب حقيقية اليوم لهجرة المسيحيين من الشرق هم يعني الأصابع الأميركية والصهيونية وراءها وليس المسلمين او ليس المؤسسات الإسلامية التي.. الرسمية يعني أو المرجعيات الكبرى في الإسلام، السبب هو الاحتلال الأميركي في العراق أدى إلى تفريغ العراق أو سيؤدي إلى تفريع العراق من المسيحيين، نشوء الكيان الصهيوني أفرغ فلسطين من المسيحيين، نحن ندرك تماما أن الأسباب الكامنة وراء هذا الهجوم على المسيحيين هو من وراء التدخلات الغربية لذلك نحن نرفض كليا هذا الأمر ونقول إن ساركوزي يهتم ببلاده ويعني لا يتدخل في شؤوننا أبدا وفرنسا منذ القرن الـ 19 تسيء إلى المسيحيين عندما تقول إنها تحمي المسيحيين، في لبنان لعبت الدور نفسه مع الموارنة وها نحن الآن نرى الموارنة بلا أي دور سياسي في لبنان، إذاً المسألة هناك تكمن ولكن كل هذا لا يعفي المسلمين أو المؤسسات الإسلامية من أن تسعى جهدها أيضا مع الدول التي تعمل في إطارها من أن تقدم اجتهادات جديدة من أجل تحسين أوضاع المسيحيين مع المسلمين، مثلا إذا أخذنا موضوع بناء الكنائس أو موضوع إراحة المسيحيين في مجتمعاتهم نرغب إلى المرجعيات الكبرى ومنها الدكتور القرضاوي الذين نقدر كثيرا ونقدر جرأته في كثير من الفتاوى التي أعطاها خصوصا في العلاقات مع المسيحيين أن يسعى إلى تغيير بعض القوانين التي هي متوارثة من الدولة العثمانية بشأن بناء الكنائس أو غير الأمور يعني أعطي هذا مثلا من أجل أن.. لأنه نحن اليوم الدولة الإسلامية خلال قرون عديدة حافظت على الوجود المسيحي أو وجود أهل الكتاب من المسيحيين واليهود ولكن اليوم نحن في إطار الدولة القومية أو الدولة الوطنية أو الدولة القطرية وبالتالي هناك قوانين يجب أن تأخذ بعين الاعتبار المواطنة والمساواة التامة بين المواطنين وإعطاء المسيحيين هذه الفسحة أو المجال من أجل أن يجدوا أنفسهم يعني البلاد بلادهم أيضا وأنهم والمسلمين في شركة حقيقية على الأرض.


عثمان عثمان: نعم شكرا الأب الدكتور جورج مسوح أستاذ علوم الأديان في جامعة البلمند كنت معنا من بيروت. سيدي تطرق إلى موضوع هجرة المسيحيين من الشرق، ما آثار هذه الهجرة على المسلمين وعلى صورتهم؟


يوسف القرضاوي: أولا أحب أن أعلق على بعض الأشياء، أنا يعني أوافق الأب في أن هناك قوانين يعني يجب أن يعاد النظر فيها ليس كل ما في الكتب القديمة يجب الأخذ به، هناك يعني آراء فقهية تعبر عن وقتها زمانها ومكانها والآن تجاوزها الزمن وفقهاؤنا قالوا من قديم إن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والعرف والحال وإلى آخره ومن ذلك مثلا ما قاله بعض الفقهاء من تضييقات في بناء الكنائس، فهذا النصارى كغيرهم من الناس يتزايدون ويتكاثرون فليس معقولا أن تظل الكنائس القديمة هي.. لا، هذا يعني أشياء موجودة في الكتب لا تعبر إلا عن أصحابها، ليس فيها قرآن ولا سنة، حتى سيدنا عمر يعني بعض الأشياء التي جاء بها القرآن زي الجزية، جاء جماعة من نصارى بني تغلب وقالوا يا أمير المؤمنين نحن قوم عرب ونأنف من كلمة جزية فنحن نريد أنك تأخذ ما تأخذ منا باسم الزكاة، في الأول رفض وبعدين ناقش الموضوع وقال والله هذا أمر معقول سموه ما شئتم، يعني لا بد أن تساهموا في نفقات الدولة، المسلم يسميها زكاة وأنتم سموها زي ما تسموها، عايزين نسميها زكاة نسميها زكاة، نظر إلى المقصد، العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني، فليس كل ما في الكتب يجب أن.. فهناك أشياء كثيرة تحتاج إلى نظر. أما ما ذكرته..


عثمان عثمان: هجرة المسيحيين من الشرق.


يوسف القرضاوي: هناك الهجرة من المسيحيين ومن المسلمين، هناك للأسف يعني في بلادنا الكثير من الشكوى ومن الاحتقانات ومش في احتقان ديني فقط، في احتقان ديني في احتقان سياسي في احتقان اقتصادي، ألا ترى الإضرابات والصدامات في أكثر من بلد عربي وأكثر من بلد إسلامي ومنها من أجل شؤون الحياة الاقتصادية والأسعار والأشياء دي، في الكثير منها، فبعض الناس يريد أن يفر من البلاد مسلمين ومسيحيين وهذا أحيانا أيضا يكون فيه من تأثيرات أجنبية، يعني نحن.. أنا رئيس مجلس أمناء مؤسسة القدس الدولية ومما نشكو منه الهجرة من القدس، ومن اللي بيغري بالهجرة؟ اليهود يغرون أهل القدس بالهجرة يضايقونهم مسلمين ومسيحيين ونحن نعمل على تثبيت المسيحيين أكثر من المسلمين، فهناك إغراءات بالهجرة، مش يعني المسيحيين.. لا، المسيحيون وغير المسيحيين ولكن ينبغي أن نبحث عن لماذا يهاجر الناس؟ ليس من أجل الاضطهاد الديني لا ليس هذا هو السبب، يعني أنا أقول لك بصراحة يعني الأقباط بمصر ليسوا مضطهدين دينيا وكما قال الدكتور أسعد إنها مشاكل وليست اضطهادا، المسيحيون أكثر الناس حظا في مصر أكثر من المسلمين يعني هم أقلية بسيطة ولكن ثلث الثروة بيديهم معظم الأشياء الكبيرة في أيديهم، أغنى واحد في مصر هو ليس مسلما ولكن يعني قبطي، ليس هناك اضطهاد، هذا في الحقيقة تضخيم للأمور أكثر من اللازم فلكي نعالج الأمور لازم نصفها بما هي لا نبالغ يعني تضيع الحقيقة بين التهويل والتهوين، نهول نجعل من الحبة قبة كما يقولون ومن القط جملا أو نهون نعتبر ما فيش أي مشكلة، لا، لازم نعترف بالمشاكل حتى نفكر في حلها وإذا فكرنا أمكننا أن نصل إلى حلول لأنه لا توجد مشكلة في الدنيا إلا ولها حل، الناس في الأمثال يقولون لك "كل عقدة ولها حلال"  والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله" فهذا في الأدواء الاجتماعية وفي الأدواء السياسية وفي الأدواء الاقتصادية كما هو في الأدواء الجسمية والأدواء الفردية.


عثمان عثمان: في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نشكركم مولانا فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي على هذه الإفاضة الطيبة، والوقت مر سريعا. كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة، أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.