الشريعة و الحياة / صورة عامة
الشريعة والحياة

دور عالم الدين في لبنان

مفتي طرابلس وشمال لبنان مالك الشعار يتحدث عن الدور الذي يمارسه عالم الدين في لبنان اليوم، وكيف يرسم علاقته بالسياسة والطائفة وحساباتهما؟ وما حلّ بالموعظة الدينية في لبنان؟

– حجم وأسباب هيمنة التسييس على الخطاب الديني
– سبل التخلص من التحزب والهيمنة الطائفية

– جدوى العلمنة وحدود تدخل عالم الدين في السياسة

– الدور المطلوب من رجال الدين وآلية إعدادهم له

عثمان عثمان
عثمان عثمان
مالك الشعار
مالك الشعار

عثمان عثمان: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهلا ومرحبا بكم إلى حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة. يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز {..فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }[التوبة:122] فالتبشير والإنذار والموعظة والإفتاء والتفقيه في الدين كلها مهمات جسيمة من المفترض أن يقوم بها علماء الدين والدعاة على اختلاف ألوانهم كل بحسبه ليمارسوا أدوارهم ووظائفهم التي اختصوا بها، لكن للبنان طبيعة خاصة تتعلق بطبيعة التركيبة السياسية والدينية فيه، مارس العلماء هناك على إثرها أدوارا أخرى ذات صلة وثيقة بالسياسة اليومية حتى ربما امتزجت المواقف الدينية بالمواقف السياسية، عالم الدين ودوره في لبنان موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع سماحة الدكتور مالك الشعار مفتي طرابلس وشمال لبنان، مرحبا بكم سماحة الدكتور.


مالك شعار: أهلا وسهلا ومرحبا.

حجم وأسباب هيمنة التسييس على الخطاب الديني


عثمان عثمان: قبل الدخول إلى محاور الحلقة دعنا نتابع هذا التقرير الذي أعده مراسلنا في لبنان بسام القادري.

[تقرير مسجل]


محمد رشيد قباني/ مفتي الجمهورية اللبنانية: مما يرفع الفتن من بين أيدينا أن نرفع الغطاء عن أي مرتكب..


عبد الأمير قبلان/ نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى: نقول للقضاء احزم أمرك..


مار نصر الله بطرس صفير/ بطريرك الطائفة المارونية: نحن لا نريد أن نؤذي أحدا..


حسن نصر الله/ الأمين العام لحزب الله: يا أشرف الناس وأصدق الناس..


بسام القادري: إنهم رؤساء طوائف ورجال دين في بلد اسمه لبنان يضم قرابة العشرين طائفة وعشرات المذاهب وانطلاقا من ذلك فكان لا بد أن يكون للعنصر الديني شأن في إدارة هذا البلد على مبدأ نظامه الديمقراطي ومرجعية الكثير من شرائحه للقيادات الروحية.


لكن الحلول السلمية المطلوبة تبدو صعبة المنال وكأن احتمالات المواجهة بالقوة..


بسام القادري: فهل أبناء الطوائف هم من استدرجوا قياداتهم الدينية لذلك أم العكس هو الصحيح؟


موسى إبراهيم/ كاتب وصحفي لبناني: لبنان ربما يكتسب خصوصية أكثر من أي بلد آخر نظرا للتعددية الطوائفية الموجودة بهالبلد بحيث أن كل طائفة كما تحتمي بالرجل السياسي أو القائد السياسي هذا القائد السياسي أيضا يبحث عن غطاء ديني أيضا رجل معمم لما يحظى به من احترام ومن مصداقية أمام الجمهور.


بسام القادري: في كل الأحوال فإن الأمر حصل ومنذ عشرات السنين أو ربما أكثر في لبنان ولكن ما رأي الشارع في ذلك؟


مشارك1: يمكن ببعض الأحيان بيكون إيجابي إذا بالقضايا الوطنية الكبيرة اللي بتهم كل الشعب.


مشارك2: عم يتدخلوا كثير يعني كل الطوائف كلهم عم يتدخلوا بالسياسة بس هذا شيء سلبي.


مشارك3: في أشياء غلط ما إنه ما في أشياء غلط في تدخلات أكثر من اللازم وفي أوقات عم تصفي النبرة بتؤدي لطائفية.


بسام القادري: ملاحظات كثيرة وعلامات استفهام أكثر إذاً حول دور رجل الدين وتحديدا في لبنان فهل هو من ظلم أم أنه كان أكثر المظلومين في بلد اسمه لبنان؟ وما أدراك ما هو لبنان. بسام القادري الجزيرة بيروت.

[نهاية التقرير المسجل]

عثمان عثمان: مرحبا بكم سماحة المفتي من جديد.


مالك شعار: أهلا وسهلا ومرحبا.


عثمان عثمان: المشهد السياسي اللغة السياسية هي المهيمنة في لبنان، أين أضحى الدين في ظل هيمنة التسييس؟


مالك شعار: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد، أحييك ابتداء وأحيي سائر الأخوة المشاهدين. قبل الولوج في هذا الموضوع الهام جدا والذي ربما يبدو في لبنان له من الخصوصيات أكثر من أي بلد عربي أو إسلامي آخر لا بد لنا من مقدمات لتتضح الصورة أكثر وليكون الموقف أكثر وضوحا وأقرب إلى الصواب، لبنان بلد مميز منذ التاريخ توالت عليه معظم حضارات العالم من أيام الفينيقيين إلى الآشوريين إلى الفتح الإسلامي إلى الدولة الأموية والعباسية إلى الدولة العثمانية إلى الانتداب الفرنسي كل حضارة من هذه الحضارات تركت في لبنان معلما وأثرا وجزءا من تاريخ هذا البلد إذاً لبنان محضن الحضارات عبر تاريخ مئات السنين ولبنان كذلك بلد مميز في تركيبته وجبلته فلبنان لا تسوده طائفة أو دين أو مذهب وإنما لبنان يسوده ما لا يقل عن 18 مذهبا كل مذهب وطائفة لها من الحضور والخصوصيات ما يجعل لبنان لا يقوم إلا بها.


عثمان عثمان: وهل هذا هو السبب في غلبة التسييس الخطاب السياسي في لبنان على حساب الديني؟


مالك شعار: هذه المقدمة هي التي تجعلني ألج وأدخل في الموضوع لأقول إذا كان لبنان وجوده قائما على أساس هذه الطوائف إذاً مرجعية كل طائفة ينبغي أن يكون لها الدور الذي لا يجوز أن يخرج عن إطاره وهذا الذي أحب أن أوضحه الآن، أن يكون لبنان فيه هذا المزيج الفكري والديني أنا أعتقد بأن هذا يعتبر من الامتيازات التي تكسب لبنان ثروة فكرية لأنها أعطته نوافذ عدة ومنافذ متعددة لأن ينظر إلى العالم من خلالها، هذه الطوائف أنا أعتقد أنها نعمة في لبنان وليست نقمة.


عثمان عثمان: ولكن سماحة المفتي يعني هناك طوائف هناك اصطفافات سياسية وطائفية بامتياز في لبنان، هنا السؤال الكبير الذي يجب أن يطرح أين عالم الدين المستقل؟ هل ترون أنه اختفى؟


مالك شعار: لا، أبدا، عالم الدين المستقل لا زال موجودا ولا زال يمثل نقطة الارتكاز الأولى ولكن الانخراط في العمل السياسي العام ربما يستهوي كثيرا من الناشئة أو ممن لا دور ديني ومؤسساتي له ربما يبرز أكثر من غيره، لكن الذي أريد أن أقوله بأن مرجعية كل طائفة ينبغي أن تدرك أن دورها ليس دورا سياسيا وإنما هو دور وطني كبير من أجل الحفاظ على تركيبة الوطن من خلال المحافظة على خصوصيات كل طائفة وكل مذهب.


عثمان عثمان: تتحدث هنا عن المرجعية السياسية أم المرجعية الدينية؟


مالك شعار: لا، المرجعية الدينية.


عثمان عثمان: المرجعية الدينية.


مالك شعار: أنا كمفتي لطرابلس والشمال لا أسمح لنفسي أن أدخل في القضايا السياسية الجزئية مع مطلق حزب أو مع مطلق جماعة أو مع مطلق قيادي لأن وجودي في سدة الإفتاء ينبغي أن يكون محضنا للجميع، أنا دوري أن أحافظ على تركيبة لبنان بألا أعتدي على حق الآخرين وألا أسمح لأحد أن يعتدي على حقي أو على حق مطلق آخر سواء كان مسلما أو مسيحيا أم كان درزيا أم كان يعني بمطلق انتماء ديني أو مذهبي، الإشكال أن بعض رجالات الدين خرجوا عن هذه الدائرة الأساسية الوطنية التي أعطاها تكوين لبنان أعطاهم هذا الدور للحفاظ على تركيبته السياسية وتركيبته الحضارية والفكرية.


عثمان عثمان: ولكن هناك  سماحة المفتي من يقول بأن رجل الدين المستقل ربما يجوع في لبنان لأن هناك تبادل مصالح ومنافع بين رجال الدين وعلماء الدين في لبنان وبين رجال السياسة، ماذا تقولون في ذلك؟


مالك شعار: لا شك أنه يتبادر إلى الأذهان أن الاقتراب من السياسيين ومن أرباب المال هذا من شأنه أن يكسبه مالا وثروة وغير ذلك ورجل الدين عندما يدرك أن رسالته أعظم من المال، رسالة رجل الدين العالم هو أن يكون صمّام أمان مجتمعه وأن يكون نقطة الارتكاز الأولى وأن يكون محضنا للجميع وأن يجتمع الكل عليه وأن يجتمعوا عنده، إذا أدرك العالم هذه المسؤولية هان عليه أن ينظر إلى زيادة ثروته أو إلى مزيد من الربح المالي، الذين يلجؤون إلى مثل هذه الأمور هم الذين لم يدركوا ولم يتحسسوا مسؤوليتهم الدينية والوطنية معا، أنا عندما أدرك أن مسؤوليتي الوطنية هي الحفاظ على هيكلية الوطن حتى لا يصيبه خلل عند ذلك سأترفع حتما وسأرتقي وسأتعالى عن كل ما في أيدي السياسيين من مال أو جاه أو غير ذلك لأني أعتبر بأن رجل الدين والمرجعية الدينية هو مصدر الجاه للآخرين وهكذا ينبغي أن يكون ينبغي أن يأخذ السياسيون جاههم وقوتهم منه لكن هذا إذا أدرك حضوره ومسؤوليته وارتقى إلى درجة المسؤولية الدينية..


عثمان عثمان (مقاطعا): ولكن سماحة المفتي أيضا في لبنان علماء الدين المسيسون ربما يتبارون ويتنافسون في ارتقاء المنابر والمواقع لاكتساب مزيد من النفوذ السياسي والنفوذ الديني وربما الأموال، هنا الحديث بشكل خاص ربما يكون عن المال السياسي.


مالك شعار: أريد أن أفرق بين مطلق خطيب أو شيخ يضع عمامة على رأسه أو مطلق رجل دين أيا كان انتماؤه الديني وبين العالم، نحن موضوعنا العالم، العالم درجة أعلى من أن يكون قاصرا حضوره على هذا المظهر الذي هو اللباس القاصر على العمة والجبة، العالم هو الذي عرف أن ما عند الله تعالى خير وأبقى والعالم كما يقول العلماء هو الذي إذا رأيته ذكرت الله أي هو الذي يشدك إليه، انقلب علمه إلى عمل علمه ترجم إلى عمل وإلى تطبيق فأصبح قدوة وأصبح أسوة، هؤلاء العلماء أنا أعتقد أن مثلهم لا يمكن أن يجر أو أن تستهويه متعة المال والثراء والزيادة في المال وغير ذلك، ثم العالم عندنا في لبنان وخاصة المسؤولون عندهم من الامتيازات والمخصصات ما تكفيهم لحياتهم وما يكفيهم يعني لعملهم ونحن طلاب علم وطلاب آخرة ولسنا طلاب مال ولا طلاب دنيا.


عثمان عثمان: سماحة المفتي ربما هنا البعض يقول إن الوضع المالي للعلماء في لبنان للدعاة للخطباء ربما فعلا لا يقوم بمؤونة يومهم وإعالة أسرهم.


مالك شعار: نعم هذه قضية واقعية وصحيحة جدا نحن عندنا مثلا أنا أريد أن أتحدث عن طرابلس وشمال لبنان لأني كلفت بمسؤولية الإفتاء منذ حوالي سنة ونصف، صحيح أن دوائرنا الوقفية إلى حد كبير تمتلك عقارات ولكنها عقارات قديمة وبالتالي فإن ريعها وإيجاراتها محدودة جدا، وحامل الشهادة الشرعية عندنا الإمام أو الخطيب أو المدرس للأسف الشديد أقول لا يتقاضى راتبا كبقية موظفي الدولة أبدا هذا صحيح لذلك أنا جعلت من أولى اهتماماتي في سدة المسؤولية أن أنمي الموارد الوقفية وذلك بإيجاد عقارات جديدة يعود ريعها إلى المؤسسة الوقفية حتى نتمكن من أن نرفع الرواتب والأجور لأخواننا الخطباء والأئمة والمؤذنين والعاملين في الحقل الديني.

سبل التخلص من التحزب والهيمنة الطائفية


عثمان عثمان: ولعل هذا ربما ينسحب لاحقا على مجمل الدوائر الوقفية في لبنان، فضيلة الدكتور هناك من قال غلبة التسييس والتحزبات الطائفية في لبنان عطلت البلد لأنها تمسك بتلابيب التوظيف والعمل الاجتماعي والجامعات والتدريس والقضاء وغيرها، كيف يمكن تخليص الحياة الطبيعية في لبنان من هيمنة السياسة والتحزب والهيمنة الطائفية؟


مالك شعار: لا نستطيع أن نفصل لبنان عن الوجود الحزبي والوجود السياسي بالمطلق ولكن نحن نستطيع أن نقوي وجود الدولة وكيانها وأن نقوي المؤسسات ودورها وبالتالي تعود للدولة هيبتها ويتراجع التأثير والضغط السياسي والحزبي على المؤسسات. أنا مارست القضاء 17 عاما لا يوجد قاض في لبنان لم يمارس عليه ضغط لكن ألقى ربي على ما أقول بأني لم أخضع لأي ضغط على الإطلاق، لا أعتقد أن القضاء في لبنان بصورة عامة وأكثر من 80% أو 85% أعتقد أنه ليس خاضعا للتأثير السياسي والحزبي أو المالي ولكن ربما هناك هنات، هذا ينبغي أن نضع له حدا بشيء واحد أن تعود للدولة هيبتها وكيانها وهيمنتها وأن يتراجع الوجود الحزبي وأن يتراجع الوجود الطائفي وأن يعود كل شيء إلى حجمه وأن تكون الدولة هي الأم والراعية الصالحة والمؤتمنة على هذه المؤسسات عند ذلك سننعم جميعا بسلامة القضاء وأمن المجتمع وسيعيش كل واحد منا أمينا على حياته وعلى مستقبل أبنائه.


عثمان عثمان: غلبة التسييس ربما انسحب أيضا على خطاب الخطباء في لبنان، نستمع إلى بعض النماذج من الخطب في المساجد اللبنانية سماحة المفتي.

[شريط مسجل]


محمد رشيد قباني/ مفتي الجمهورية اللبنانية: أحزان اللبنانيين على رجالاتهم الذين اغتالتهم الأيدي التي تريد شرا بلبنان وآلام اللبنانيين من الحال التي وصلوا إليها جراء الخروج على مؤسساتهم الدستورية.


محمد حسين فضل الله/ مرجع شيعي- لبنان: وإننا نرحب بالاتفاق الذي وصل إليه الفريقان حول حكومة الوحدة الوطنية التي ربما تكون حلا للكثير من المشاكل المستعصية بينهما.


فتحي يكن/ رئيس جبهة العمل الإسلامي- لبنان: أقول إياكم والانجراف في هذه المهاوي، إن شاء الله نحن لن ننجرف، المعارضة لن تنجرف.


نعيم قاسم/ نائب الأمين العام لحزب الله- لبنان: فمن أراد أن يحاور على أساس صد العدوان وتحرير الأرض ليبحث عن مشروع آخر بديل مقنع فأهلا وسهلا به للحوار المفتوح من دون شروط.

[نهاية الشريط المسجل]

عثمان عثمان: سماحة المفتي ألا ترون أن الخطاب الديني في لبنان ربما تورط في أبلسة الآخر وتقديس الذات في ظل هذا التحزب والانقسام الطائفي والحزبي؟


مالك شعار: لا شك أن الخطاب السياسي بدأ وللأسف يغلب على خطب ومواقف المسؤولين الدينيين في كل لبنان وأنا أعتقد بأن هذا الأمر استثنائي وغير صحيح وأنا آمل أن يعود الجميع إلى أن يكونوا القدوة والأسوة والإمام والمصباح الذي يستضاء به وألا يدافع أي مسؤول ديني عن جماعته وكفى، أنا أعتقد بأن هذا الأمر فيه خطورة لأن هذا الأمر من شأنه أن يقسم البلاد، أنا شخصيا لا أريد أن أتحدث عن السنة فقط في لبنان أنا ينبغي أن أتحدث عن الانتظام العام الذي يجعل لكل الطوائف حقوقها محفوظة ويجعل للدولة هيبتها ومكانتها أما أن يعود كل رجل دين أو كل مسؤول ليتحدث فقط عن إطار مذهبه وطائفته فهذا انقسام مخيف من شأنه أن يهز مستقبل لبنان، لذلك أنا أعلنت عندما توليت مسؤولية الإفتاء قلت بالفم الملآن لن أدخل في زواريب السياسة وإنما سأتحدث في الإطار السياسي عما له علاقة بالانتظام العام السياسي يعني نحن ينبغي أن نتحدث عن كل ما من شأنه أن يحفظ هيبة الدولة ووجودها ومكانتها وأن يحفظ للجميع حقوقهم لكن أن أكون داعية للسنة أو لطرابلس والشمال وبعد ذلك لا يهمني الآخر أنا أعتقد بأن هذا جنوح وليس بصحيح، وآمل أن يعود الجميع إلى الأساس الذي يحفظ لهذا البلد كيانه وهيبته.


عثمان عثمان: سماحة المفتي اسمح لنا أن نأخذ مداخلة من السيد محمد حسن الأمين من بيروت، مرحبا بكم سماحة السيد، السلام عليكم.


محمد حسن الأمين/ المستشار الأول في المحكمة الجعفرية: أهلا، وعليكم السلام ورحمة الله.


عثمان عثمان: سماحة السيد السياسة في لبنان ميعت الحدود بين السياسي والديني والاجتماعي والثقافي، كيف يمكن أن نستعيد الديني من قبضة السياسي؟


محمد حسن الأمين: بسم الله الرحمن الرحيم. كما تعلمون ونعلم جميعا أن في لبنان نظاما طائفيا وليس دينيا وبالتالي فإن نظامنا من الجانب السياسي ومن الجانب الحقوقي هو نظام علماني ويا للمفارقة! لكنه يعني -وهنا المفارقة- إنه نظام طائفي، وبالتالي من الطبيعي جدا أن تتكئ السياسة في لبنان على الدين وتتكئ على الغرائز الطائفية بصورة يقوم فيها هذا التداخل والتعارض أحيانا والتدني لما هو غير ديني بوصفه أمرا دينيا يعني إضفاء القداسة على غير ما هو مقدس ومن ثم استخدام الغرائز الطائفية لإضفاء بعض المصداقية على.. أو بعض الألوان المتوهجة على ما هو سياسي ذو نزعة انتهازية في كثير من الأحيان، من وجهة..


عثمان عثمان (مقاطعا): سماحة السيد هل يمكن رسم حدود لتدخل عالم الدين في الشأن العام وفي الشأن السياسي؟


محمد حسن الأمين: هذا ما أردت أن أصل إليه فعلا هو أن وجهة نظري التي طرحتها في العديد من المنابر وفي المؤتمرات أن رجل الدين المسلم وغير المسلم من حقه أن يكون عالما دينيا أو رجل دين -سمه ما شئت- ومن حقه أن ينطق باسم من يمثل يعني فكريا وعقائديا ولكنه بالنسبة للمجتمع السياسي هو فرد هو عضو في المجتمع السياسي هو كأي فرد من أفراد هذا المجتمع السياسي، أي أن رجل الدين لا يجوز له أن يدخل إلى المجتمع السياسي مزودا بحصانته الدينية على الإطلاق، ويجب أن يكون في نظامنا السياسي وفي نظامنا القانوني ما لا يجيز لرجل الدين أن يعمل في الشأن السياسي بوصفه رجل دين، نعم يعمل في الشأن السياسي بوصفه مواطنا أي أن رأيه في السياسة لا يمكن أن يضفى عليه أي شيء من الحصانة الدينية وهنا يعني ضرورة الفصل بين الدين والسياسة بهذا المعنى. أنا من دعاة أن يكون نظامنا السياسي في لبنان علمانيا كما هو فعلا ولكن أن ينزع منه هذه الثغرة الطائفية ألا يكون نظاما طائفيا وفي هذه الحالة فإن إشكالية العلاقة بين الدين والسياسة سوف تكون أسهل وسيكون حلها أسهل بكثير مما لو استمر هذا التدخل والتداخل بين الدين والسياسة، الدين دين وبالدين لا يمكن أن نكون زمنيين أي أعني أننا ننطق في الجدل السياسي الذي يتضمن الاختلاف ويتضمن التناقض أن ننطق باسم الدين لأن ذلك يضفي علينا صفة مقدسة بينما المجال السياسي هو مجال غير مقدس مجال يمكن..


عثمان عثمان (مقاطعا): شكرا نعم سماحة السيد محمد حسن الأمين شكرا لك كنت معنا من بيروت. فضيلة الدكتور سمعتم ما قال حول موضوع العلمنة في السياسة وربما هذا يدفعني أيضا بكلام قاله أمين عام الجماعة الإسلامية فضيلة الشيخ فيصل المولوي في إحدى حلقات الشريعة والحياة عندما تحدث عن ممارسة السياسة في لبنان أن يكون النظام السياسي نظاما علمانيا لا مانع من ذلك، أسمع تعليقكم حول هذا الموضوع بعد أن نأخذ وقفة قصيرة، فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود وإياكم إلى متابعة هذه الحلقة فابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

جدوى العلمنة وحدود تدخل عالم الدين في السياسة


عثمان عثمان: مرحبا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان عالم الدين ودوره في لبنان مع سماحة الدكتور مالك الشعار مفتي طرابلس وشمال لبنان. سماحة المفتي سمعتم ما تفضل به السيد محمد حسن الأمين وكلام الشيخ فيصل المولوي بأن العلمانية ربما تكون حلا للمعضلة الطائفية في لبنان طبعا على مستوى الحكم على مستوى الممارسة السياسية، ماذا تقولون؟


مالك شعار: بصورة عامة ليس هناك فرق كبير بين ما قاله سماحة المستشار الشيخ فيصل المولوي وبين ما قاله سماحة السيد محمد حسن الأمين بالنسبة أن لبنان لا يجوز أن يكون بلدا دينيا ولا بلدا طائفيا وإنما ينبغي أن يكون بلدا علمانيا، ربما أخالفهما في الشكل أنا لا أعتقد أن العلمانية تصلح للبنان كطرح علمي له مضمونه وتعريفاته لأن العلمنة وهي مصطلح غربي تعني فصل الدين عن الدولة أي أن نظام الحكم لا علاقة للدين من قريب أو بعيد به على الإطلاق، أنا أعتقد أننا لو استخدما تعبيرا آخر وهو أن بلدنا ينبغي أن يكون مجتمعا مدنيا أو أن يكون الحكم مدنيا للحفاظ على ما يصر عليه سماحة السيد وسماحة المستشار الشيخ فيصل المولوي من استمرار خصوصياتنا الدينية لجهة الأحوال الشخصية ولجهة الميراث ولجهة كل ما له علاقة بهذا الجانب الذي هو الأحوال الشخصية، العلمنة تعريف غربي عندما أفرغه من مضمونه للحفاظ على وجود الأحوال الشخصية عند المسلمين وعند المسيحيين عند ذلك لا يكون النظام علمانيا وإنما يكون النظام مدنيا.


عثمان عثمان: لا مشاحة في الاصطلاح سماحة المفتي.


مالك شعار: لا مشاحة في الاصطلاح لكن أنا لا..


عثمان عثمان (مقاطعا): يعني اليوم أخذنا الجانب العلماني في ممارسة السياسة في لبنان لأنه هناك مشكلة كما هو يعني هو ظاهر بتداخل وتمازج الطائفي مع السياسي مع المذهبي.


مالك شعار: صحيح ولكن لأن العلمانية لها مفهوم ولها مضمون هو فصل الدين البتة بكل ما فيه عن الدولة ونظام الحكم، أنا شخصيا أفضل أن أستخدم النظام المدني أكثر حتى أبقي للخصوصيات الدينية لكل طائفة ولكل مذهب حتى أبقي لها وجودها واستمرارها وهيبتها.


عثمان عثمان: نعود إلى السؤال الذي طرحته على سماحة السيد يعني نريد أن نرسم حدودا فعلية لتدخل عالم الدين أو رجل الدين في قضايا الشأن العام وقضايا السياسة.


مالك شعار: أنا أعتقد بأن رجل الدين إذا كان مرجعا لا يحق له أن يمثل فريقا سياسيا على الإطلاق وألا يمارس قناعته الفردية كواحد من أبناء المجتمع لا يحق له لأن هذه الممارسة ستعكس آثارا إيجابية أو سلبية على الآخرين لمجرد أنه كان مرجعا أو مسؤولا سواء في الإطار المسيحي أو في الإطار الإسلامي أنا أعتقد ينبغي أن يحافظ على أن يكون محضنا للجميع وألا يمارس مطلق عمل يجعله فريقا أو يمثل جانبا معينا، ينبغي أن يكون المرجع الديني حكما ومحضنا للجميع يؤوي..


عثمان عثمان: على مستوى الطائفة وعلى مستوى الوطن بشكل عام.


مالك شعار: بأمر يعني فيه تلازم كامل، يعني المرجع الديني له دوره الديني وله دوره الوطني وبكلا الأمرين لا يجوز أن يكون له تصرف فردي فيه تغليب لفريق على فريق في الإطار السياسي أو الاجتماعي في الوطن.


عثمان عثمان: بالعودة سماحة المفتي إلى بعض نماذج الخطب التي سمعناها منذ قليل يلاحظ أن الموعظة ربما غابت عن مجمل الخطب في لبنان وحل محلها الخطاب السياسي، لماذا غابت الموعظة في لبنان؟


مالك شعار: لا أنكر وجود هذا الأمر بصورة عامة يؤسفني أن أقول بأن المنطق السياسي أصبح هو الغالب على معظم الخطب الدينية حتى في صلاة الجمعة وهذا أعتقد بأنه جانب من جوانب الضعف لذلك أنا عندما استلمت المسؤولية اجتمعت مع أخواني أصحاب الفضيلة من الخطباء والمدرسين والأئمة وطلبت إليهم مباشرة التقيد بالإطار الديني أن نعلم الناس أن نعظهم أن نأمرهم بالموعظة الحسنة أن نعيدهم إلى الأصول الدينية صحيح نحن ليس عندنا فصل بين السياسة وبين الدين ولكن لا يجوز لخطيب جمعة أن يمارس دورا على أنه فريق على الإطلاق، وأعتقد أننا خلال هذه السنة وبضعة أشهر قد توصلنا إلى أكثر من 80% من جودة خطب الجمعة في منابر طرابلس والشمال.


عثمان عثمان: اسمح لنا فضيلة الدكتور أن نأخذ مداخلة أيضا من الأب الدكتور جورج مسوح من لبنان أيضا، أهلا بك سيادة الأب.


جورج مسوح/ مدير مركز الدراسات الإسلامية المسيحية- لبنان: أهلا مساء الخير.


عثمان عثمان: مساء النور حضرة الأب يعني شهدنا نحن أو شهد التاريخ جدالات وانقسامات طائفية جدالات لاهوتية معرفية دينية، الفرق إذاً والانقسامات ليست جديدة وليست حديثة ولكن السؤال الآن الذي يطرح أين أضحى السؤال اللاهوتي المعرفي اليوم؟


جورج مسوح: بالحقيقة يعني موضوع الانشقاقات بين الكنائس وبين المسيحيين قديم وله أبعاد ليست لاهوتية فقط وإنما لعب يعني العامل الثقافي والعامل السياسي والعامل اللغوي يعني أدوارا كبرى خلال التاريخ لسوء التفاهم الذي تم وأدى إلى الانشقاقات، يعني لا نستطيع أن نغفل مثلا أن دور بيزنطة التي كانت مستعمرة للأرمن والأقباط لعب دورا في أن يكون هناك انشقاقات بين الكنائس ومحاولات الغرب يعني السيطرة على الشرق والحملات الصليبية وغيره يعني كانت أطماع اقتصادية وسياسية وأسواق وإلى آخره فأدى إلى أيضا شن حملات ليس فقط ضد المسلمين إنما أيضا ضد المسيحيين المشرقيين الأرثوذكس يعني الغرب والشرق معا يعني المسيحيان لعبت السياسة ولعبت يعني الحضارة والثقافة كل هذا لعب دورا كبيرا في إنشاء الانشقاقات أو في جعل الكنائس تتباعد بعضها عن بعض.


عثمان عثمان: سيادة الأب يعني الآن في لبنان السائد في لبنان الآن هو حالة طائفية سطحية مصلحية؟ يعني هنا السؤال عن السؤال اللاهوتي المعرفي.


جورج مسوح: يعني الحقيقة اليوم يعني يقال إنه على الكنيسة ألا تلعب دورا في السياسة فالمسيحية دعوة روحية ولا تدخل في السياسة أو في الشأن العام، هذا الكلام غير صحيح يعني الكنيسة دائما كان لها أدوار وطنية توجيهية إنسانية مع الفقراء إلى آخره لن أطيل بهذه المسألة ولكن اليوم للأسف نشهد انحطاطا في الخطاب الديني لدى المسيحيين أيضا في لبنان لأنه في هناك اصطفاف مسيحي مع هذا الفريق أو ذاك وهذا الاصطفاف يؤدي إلى أنه في بعض الأحيان نستعيد ذكريات أهل الذمة التي سادت منذ قرون بعيدة ولكن الواقع السياسي اليوم للمسيحيين وهذا من وراء أيضا سلوك المسيحيين وكأنهم يتوقون إلى تلك الأيام من حيث الاصطفافات، ورجال الدين عندنا وخصوصا المرجعيات للأسف لا تلعب دورا جامعا بين..

الدور المطلوب من رجال الدين وآلية إعدادهم له


عثمان عثمان (مقاطعا): ما هو الدور الذي ترونه مطلوبا في هذه المرحلة من رجل الدين؟


جورج مسوح: في هذه المرحلة يعني أولا مطلوب عدم الانحياز إلى أي طرف من الأطراف المسيحيين وعدم الانحياز إلى أي محور من المحاور الإقليمية والدولية الموجودة والعاملة الأساسية على الساحة اللبنانية، وثانيا الوعي وجمع المسيحيين ولكن أنا أكره هذه اللغة أيضا، يجب على اللبنانيين جميعا أن يجتمعوا وعلى رجال الدين أن يسعوا مسلمين ومسيحيين إلى جمع كل اللبنانيين، كفانا القول يجب جمع المسلمين ويجب جمع المسيحيين وإلى آخره هذا لا يفيد الوطن، هناك يجب إيجاد مساحة مشتركة مجالا حياديا وأنا أرى هذا حتى لا أزعج آذان المسلمين عن الدولة العلمانية نقول بالدولة المدنية التي تفصل ما بين الانتماء الطائفي..


عثمان عثمان (مقاطعا): كما طرح سماحة المفتي ضيفنا في هذه الحلقة أيضا، حضرة الأب الدكتور جورج مسوح شكرا جزيلا لك كنت معنا من لبنان، فضيلة الدكتور يعني هل لكم من تعليق معين؟


مالك شعار: والله أنا أشكر سيادة الأب على هذه المداخلة وأريد لا أقول أن أتمم ولكن أن أوضح بأن رجال الدين المسلمين والمسيحيين ينبغي أن يكون هناك إطار يجمعهم جميعا من أجل التعاون والعمل من أجل أن نحافظ على الوحدة الوطنية في لبنان وأن نعيد الناس جميعا إلى الأحجام التي تجعلهم تحت سقف الدولة وأن تكون الدولة هي الحاضنة الأم الكبرى لكل الوجود الحزبي والسياسي وأعتقد أن المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية إذا قامت بمثل هذا العمل فيما بينها سيضطر الكثير من العاملين في الحقل السياسي أن يدرك أن الدولة هي الأهم وأن الدولة هي الأكبر وأنه ينبغي أن نكون جميعا تحت سقف الدولة والقانون.


عثمان عثمان: لو أردنا أن نلخص الدور المنشود من علماء الدين في لبنان الآن بنقاط محددة.


مالك شعار: ينبغي أن يكون واضحا أن عالم الدين في لبنان له دور أساسي في إطاره الديني يعني نحن ينبغي أن نعيد الناس إلى الأصول الشرعية أولا وقبل كل شيء، صحيح نحن نعيش في لبنان في بلد طائفي لكن أنا لا أستطيع أن أخرج عن الإطار الديني على الإطلاق أنا ينبغي أن أعيد الناس إلى دينهم وإلى مساجدهم وأن أعيد طلبة العلم الشرعي إلى تراثهم الفقهي والديني وأن أنشئ أجيالا وعلماء للمستقبل نهلوا وحفظوا وفهموا هذه الثروة العلمية الشرعية العظيمة.


عثمان عثمان: ربما هنا السؤال أي جيل يخرج علماء الدين اليوم في لبنان؟


مالك شعار: نحن ينبغي أن نعمل لإيجاد علماء ليسوا طرفا حتى ليسوا طرفا في الإطار الفقهي يعني لا يجوز أن يكون العالم متحزبا لمذهب أو لفريق لأن هذا الأمر بحد ذاته يقسم الطائفة الدينية أو الجسم الديني إلى مجموعات متعددة، نحن ينبغي أن نوجد طالب العلم الذي يعتبر أن الحق هو الهدف وأن الحق هو أكبر من الجميع وأننا إلى الله تعالى راجعون ولذلك ينبغي أن ننمي عندهم هذا الحرص على الدين وعلى الخوف من الله تعالى حتى يكونوا صمام أمان في مستقبل البلاد والعباد.


عثمان عثمان: ما هي الآلية المقترحة سماحة المفتي؟


مالك شعار: أنا شخصيا قد بدأت في طرابلس والشمال بدأت أعمل لاختيار نخبة من طلبة العلم الشرعي من أجل أن ننمي علومهم الشرعية وأن نعمقها وأن نكمل معهم مسيرة طلب العلم الشرعي حتى.. لأن العلم بحر لا ساحل له، لا يجوز أن يشعر طالب العلم أنه أصبح عالما لمجرد أنه نال شهادة الليسانس أو الماجستير أو الدكتوراه، نحن في طرابلس والشمال قد أوجدنا فعلا محضنا لا بأس به وجيد جدا من أجل استيعاب هؤلاء جميعا من أجل أن ننمي عندهم معرفتهم الدينية والفقهية وفي علم الأصول وحتى ثقافتهم الثقافة الإسلامية وثقافة الحياة وثقافة العصر الذي نعيش فيه وبدأت إن شاء الله تعالى لعلي يعني لعل الله تعالى يوفقنا بأن نبدأ باستيعاب طلابنا بما يسمى المعهد الديني الإعدادي والثانوي وكلية الشريعة.


عثمان عثمان: هذا في طرابلس يعني ولكن هذه مشكلة ربما تكون على مستوى مساحة الوطن لبنان، فضيلة الدكتور هل من حل لمشكلات عالم الدين في لبنان أو مخرج معين؟


مالك شعار: عالم الدين في لبنان يعني ربما عنده أزمتان أساسيتان، الأزمة الأولى هي الأزمة المالية التي تحدثنا عنها لأن..


عثمان عثمان (مقاطعا): وربما هذه تقوده إلى الولاء السياسي.


مالك شعار (متابعا): لأن مجموع أخواننا الخطباء والأئمة لا يتقاضون إلا يعني الأجور للأسف الشديد يعني البسيطة جدا جدا وأخجل أن أقول كم أجور الإمام أو الخطيب أو المؤذن أو العامل بالحقل الديني، والأمر الثاني في أزمة أخرى أن نعيد طالب العلم إلى مكتبته وإلى تراثه الفقهي والديني وإلى ثقافته وإلى أن يكون هذا الدين همه وأن تكون الدعوة إلى الله عز وجل همه الأساسي وأن يكون التعامل بينه وبين الناس قائما من أجل إيصال الهداية إليهم ومن أجل احتضانهم في مسيرة العلم الشرعي والتربية الدينية، هذا الأمر يحتاج إلى جهد، وبداية إذا استطعنا ووفقنا لإقامة هذا المعهد الديني وإلى إقامة كلية الشريعة أو الدراسات الإسلامية أنا أعتقد أننا بعد فترة وجيزة من الزمن سنتحف شمالنا الحبيب وطرابلسنا الفيحاء بمجموعة ونخبة من طلبة العلم الذين سيكون كل واحد منهم عالما مستقلا بإذن الله.


عثمان عثمان: سماحة المفتي طبعا نحن نريد أن نخرج من إطار طرابلس والشمال إلى مساحة لبنان لأن المشكلة ربما تكون عامة على مستوى البلد، هناك من يرى أن عالم الدين يجب أن يقود مسيرة حماية الطائفة ومصالحها، كيف ترسمون العلاقة بين العالم والطائفة؟


مالك شعار: أنا لست مع الانجرار مع النفس الطائفي على الإطلاق من مطلق عالم أو طالب عالم بل من مطلق مسلم أو من مطلق مواطن يعيش في لبنان لأن المنطق الطائفي لا يأتي بخير لأن المنطق الطائفي من شأنه أن يمزق وحدة البلد ومن شأنه أن يفرق أبناء المجتمع الواحد، ونحن في لبنان قبل حروبنا الأهلية يعني قبل سنة 1975 كنا نعيش مع بعضنا جميعا، المسلمون والمسيحيون يعيشون عيشا مشتركا ويعيشون في جوار وهناك زيارات فيما بيننا وكل منا يدعو الآخرين في مناسباته وفي أفراحه كان هناك عيش مشترك بكل معنى الكلمة، المنطق الطائفي يحمل نار الخطر على المسلمين وعلى المسيحيين على حد سواء لذلك…


عثمان عثمان (مقاطعا): دعنا نحدد سماحة المفتي معيار الطائفية ما هو معيار الطائفية؟ كيف نحدد أن هذا طائفي أو غير طائفي؟


مالك شعار: أن تهتم بوجودك المذهبي وأن تعتبر أن النفس والوسيلة التي نريد أن نخاطب بها الناس هي الوسيلة المذهبية ولا علاقة لي مع الآخرين وأنظر إلى الآخرين نظرة ازدراء وعلى أنهم أعداء أو أنهم سينقضون علي، هذا منطق طائفي مرفوض بكل ما في الكلمة من معنى الرفض، أنا أدعو إلى المنطق الوطني والمنطق الإسلامي لأن الإسلام يسع العالم كله، ربنا تعالى عندما قال {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107] العالمين ليسوا هم المسلمين وليسوا هم المسلمين والمسيحيين وإنما العالمين هم كل الذين خلقهم الله عز وجل.


عثمان عثمان: سماحة المفتي لم يتبق معي الكثير من الوقت، كيف يمكن أن نوسع مساحة أهل العافية من علماء الدين في لبنان الذين لم ينخرطوا في الولاءات السياسية والطائفية والحزبية؟


مالك شعار: لا أريد أن يفهم المشاهد من هذا الكلام على أن المنغمسين في الإطار السياسي والارتزاق للمال السياسي بعضهم موجود صحيح ولكن أنا أعتقد بأن الغالبية ما لا يقل عن 70% من أهل العافية المستقلين وولاؤهم لدار الفتوى هم الغالبية العظمى ومهمتنا أن نحفظ شوكة هؤلاء وأن..


عثمان عثمان (مقاطعا): أشكركم سماحة المفتي على هذه الإفاضة الطيبة وأعتذر للمقاطعة لانتهاء الوقت فقد أشار المخرج إلى ذلك، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسنم المتابعة أنقل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وسائر فريق العمل وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.