الشريعة والحياة - صورة عامة
الشريعة والحياة

معركة الرموز الإسلامية في أوروبا

تتناول الحلقة المعركة التي بدأت في أوروبا والتي انتقلت من محاربة ما يسمى بالإرهاب إلى محاربة الإسلام نفسه عبر بوابة ساحة الرموز الإسلامية بدءا بالحجاب والقرآن الكريم وصولا إلى المآذن.

– رمزية المئذنة في الإسلام ودوافع الموقف الغربي
– حكم المآذن ومصير الحريات الدينية في أوروبا

– ردود الفعل الإسلامية والخطوات المطلوبة من المسلمين

– مستقبل الوجود والحوار الإسلامي الأوروبي

عثمان عثمان
عثمان عثمان
يوسف القرضاوي
يوسف القرضاوي

عثمان عثمان: السلام عليكم مشاهدينا الكرام وأهلا ومرحبا بكم على الهواء مباشرة في هذه الحلقة الجديدة من برنامج الشريعة والحياة. يبدو أن المعركة في أوروبا قد انتقلت من محاربة ما يسمى بالإرهاب إلى محاربة الإسلام نفسه كما يرى مراقبون عبر بوابة ساحة الرموز الإسلامية بدءا بالحجاب والنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم وصولا إلى المآذن، فكيف حدث ذلك التحول؟ وهل تعكس المآذن في أوروبا أسلمة سياسية؟ وهل تهدد معركة الرموز تلك مستقبل الوجود الإسلامي في القارة القديمة؟ معركة الرموز الإسلامية في أوروبا موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، مرحبا بكم سيدي.


يوسف القرضاوي: مرحبا بك يا أخ عثمان.


عثمان عثمان: قبل أن ندخل إلى محاور الحلقة نتابع التقرير التالي الذي يسلط الضوء على هذه القضية التي تدور رحاها اليوم.

[تقرير مسجل]

نبيل الريحاني: صوامع الكنائس هذه لا تزعج أحدا في سويسرا أما مآذن المساجد فأغلبية الشعب السويسري لا ترغب في رؤية المزيد منها، ذاك ما قالته نتائج استفتاء طالب فيه أكثر من 57% من السويسريين بحظر بناء منارات المساجد في استجابة فاجأت البعض لحملة قادها اليمين المتطرف، توج الاستفتاء نقاش واسع داخل البلاد المعروفة برسوخ ثقافة احترام حقوق الإنسان فيها، نقاش تباينت فيه الرؤى حول النظر إلى طبيعة هجرة المسلمين إلى سويسرا إذ اعتبرها اليمين تهديدا لهوية البلاد ونظر إلى منارات المساجد بوصفها الخلاصة المعمارية والرمز الصامد لذلك المد الديني، يشار إلى أن عدد المسلمين في سويسرا ازداد من 16ألف وثلاثمائة نسمة سنة 1970 إلى 56 ألف نسمة 1980 ثم قفز إلى 152 ألف مسلم في سنة 1990 ليبلغ 310 آلاف سنة 2000 وسط توقعات بأن يبلغ عديدهم في 2010 أربعمائة ألف شخص. عاش المسلمون حياة هادئة في بلاد الحياد غير أن أحداث 11 سبتمبر جاءت لتنفخ الروح في اليمين في سويسرا وفي سائر الغرب عموما، فظهرت مشكلة الحجاب ثم النقاب لاحقا في فرنسا وانتشرت قلاقل الرسوم المسيئة للنبي الكريم في البلدان الأوروبية انطلاقا من الدنمارك ووصل الاحتقان إلى حد إراقة الدم بدوافع عنصرية كما في مقتل مروى الشربيني على يد متطرف ألماني ليتجدد الحديث من خلال ذلك عن تصاعد ظاهرة الإسلاموفوبيا باعتبارها رفضا للمكون الإسلامي داخل الفضاء الأوروبي. وإذا كان الاتحاد الأوروبي والفاتيكان والخارجية الفرنسية قد انتقدوا الاستفتاء فإن مواقف الدول الإسلامية بدت مشتتة خافتة ما جعل البعض يعتبر حظر المآذن ضارة قد تنفعها في تعديل ساعتها على إيقاع الشارع السويسري، شارع أثبت الحدث أن قوى اليمين عرفت من أين يؤكل تسامحه الديني.

[نهاية التقرير المسجل]

رمزية المئذنة في الإسلام ودوافع الموقف الغربي


عثمان عثمان: سيدي يبدو كما يرى مراقبون أن المعركة في أوروبا انتقلت من محاربة ما يسمى بالإرهاب والتطرف والمتطرفين إلى محاربة الإسلام نفسه ورموزه، كيف حدث هذا التحول ولماذا؟


يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى آله وصبحه ومن اتبع هداه وبعد، فلا يسعني قبل الدخول في هذا الموضوع إلا أن أقول كلمة عما يجري في بلاد المسلمين من أحداث دامية تقشعر منها الأبدان وتشيب لها الولدان كما حدث في الصومال من تفجيرات وما يحدث في العراق باستمرار من قتل وسفك دماء تأخذ البريء بالمسيء وتأخذ من لا ناقة له ولا جمل لا في السياسة ولا في الاقتصاد ولا في الأمور العامة إنما تأخذ الإنسان والمرأة والشيخ والطفل وهكذا، فأنا يعني أبرأ إلى الله من هذه الدماء ومن هذه الأحداث وأنادي إخواني المسلمين وأناشدهم الله وأناشدهم الرحم وأناشدهم كل قيمة إنسانية وكل قيمة ربانية وكل قيمة أخلاقية أن يتقوا الله في أنفسهم وفي أقوامهم ولا يشمتوا بنا الأعداء، كيف نتحدث عن هذه البلوى التي أصابت المسلمين في أوروبا ونحن نشكو من بلاوي بيننا بين بعضنا وبعض؟ أنا يعني لا زلت أدعو الله سبحانه وتعالى أن يلهم هؤلاء الشباب المفتونين والمتحمسين والذين فقدوا الصواب وأصبحوا لا يدرون ماذا يفعلون، أسأل الله أن يعيدهم إلى رشدهم وأن يجمع كلمة الأمة على الهدى وقلوبها على التقى. أعود إلى ما قلته يا أخ عثمان، في الحقيقة إن الغرب بصفة عامة وأوروبا بصفة خاصة تتعامل مع المسلمين من خلال عقدة يعني موروثة من قديم، منذ اصطدم الإسلام بالنصرانية أي منذ أرسل محمد صلى الله عليه وسلم رسالته إلى هرقل إمبراطور الروم يدعوه فيها إلى الإسلام وأرسل إلى المقوقس وأرسل إلى النجاشي وأرسل إلى أمراء الروم فما كان من بعضهم إلا أن قتلوا الدعاة الذين وصلوهم وقامت من أجل ذلك معركة مؤتة وغزوة تبوك في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ثم استمر الأمر بعد ذلك في حياة الخلفاء الراشدين ومن بعدهم فكانت معركة اليرموك وكان فتح بلاد الشام وفتح فلسطين وفتح مصر وهذه كلها كانت بلادا نصرانية فدخلت في الإسلام، والكثير من المؤرخين أو المؤرخون عادة الغربيون يقولون إن الإسلام لم يدخل بل هو خرج منها، فدخل هذه البلاد ولم يخرج منها وأصبحت هذه البلاد التي كانت نصرانية كلها بلادا إسلامية من صلب البلاد الإسلامية، وفي ما يسمى العصور الوسطى أو يعني قامت الحروب الصليبية المعروفة، نحن سميناها حروب الفرنجة هم سموها الحروب الصليبية لأنها رفعت الصليب شعارا، وجاءت واقتحمت ديار الإسلام في غفلة وتفرق من المسلمين وأقاموا لهم ممالك وإمارات إلى آخره وظلوا أكثر من قرنين حتى هيأ الله رجالا تركوهم وذهبت الحروب الصليبية ولكن بقيت آثارها في الأنفس لم تذهب تماما، حتى قال يعني القائد الإنجليزي الذي دخل إلى القدس واحتلها سنة 1917 قال كلمته الشهيرة "اليوم انتهت الحروب الصليبية" الحروب الصليبة القديمة لم تؤد إلى نتيجة ونحن استعدنا القدس مرة أخرى، وقال زميله الفرنسي الذي ذهب إلى قبر صلاح الدين وقال "ها قد عدنا يا صلاح الدين" هذه الكلمات التي تظهر من بعض العسكريين وتظهر أحيانا من بعض السياسيين لا تزال تعمل عملها في كثير من نفوس الغربيين، فهم كما قال غوستاف لوبون وجاء رواة وغيرهم إن الرجل الغربي إذا تحدث عن أي دين آخر عن البوذية عن الهندوسية عن أي شيء يتحدث بحرية شخصية وبشخصية مستقلة حتى إذا جاء الإسلام أو حضارة الإسلام أو نبي الإسلام أو عقيدة الإسلام أو شريعة الإسلام أو أي شيء عن الإسلام يتقمص شخصية أخرى.


عثمان عثمان: كيف تفسرون ذلك؟


يوسف القرضاوي: بأقول لك عقدة، عقدة موروثة من قديم من انتصار الإسلام عليهم، هذه عقدة محتاجة إلى محليين نفسيين، فلذلك هم يخترعون كل مرحلة شيئا ما في مرحلة قانون التطرف للإسلام ووقفوا ضد التطرف الإسلامي وبعدين بعد ذلك الغلاة منهم يقولون بعد أن كانوا يقولون احذروا الإسلام المتطرف يقولون احذروا الإسلام المعتدل، الإسلام المتطرف قصير العمر لا يستمر طويلا إنما الذي يستمر ويبقى ويؤثر هو الإسلام المعتدل، فكانوا يحذرون من هذا الإسلام المعتدل ويرونه أشد خطرا وأعمق أثرا، ثم بدأ الإسلام الأصولي أو الإسلام السياسي وبعدين جاءت مسألة الإرهاب بعد حوادث سبتمبر 2001 والإرهاب والحقيقة يعني من يقرأ تصريحاتهم ويجمع بعضها إلى بعض وينظر السطور وما وراء السطور وما بين السطور يجد أن المقصود بذلك ليس هو الإرهاب ولكن هو الإسلام، هو قالها يعني بوش في بعض تصريحاته إن المسلمين فاشيون ويحتاجون إلى حملة صليبية جديدة، ولما نبهه مستشاروه إلى خطورة هذه الكلمة على المسلمين عامة اعتذروا عنها إلى آخره، فهذا موقف القوم من الإسلام.


عثمان عثمان: المشكلة اليوم فضيلة الدكتور حول قانون حظر بناء المساجد في سويسرا، يعني الآن المئذنة في الإسلام ما رمزيتها؟ يعني عن ماذا تعبر؟


يوسف القرضاوي: المئذنة في الأصل أنها مكان عالي يعني يرجى فيه تبليغ صوت المسلمين إلى أقصى مساحة، نحن نعلم أن الإسلام يعني يقوم على الجماعة والجمعة يعني لا يكفي المسلم أن يصلي وحده ولكن صلاة الجماعة مطلوبة، هي فرض كفاية أو فرض عين كما يقول مذهب أحمد وكما يقول ابن حزم، أو سنة مؤكدة أو سمها ما تسمها، الجماعة مطلوبة أفضل من صلاة الفرض بـ 27 ضعفا، 27 مرة، فلأجل هذا نريد أن نسمع الناس حتى يحضروا إلى الجماعة وفي أذان يعني بيدعوا الناس إلى الجماعة حي على الصلاة حي على الفلاح فلما اتسع المسلمون في المدينة كان يعني يقوم المؤذن إلى مكان اسمها الزوراء مكان عال، مثل النبي صلى الله عليه وسلم كان في أول الأمر يخطب على جذع نخلة، ولما اتسع الناس قالوا له يا رسول الله ألا نصنع لك منبرا، يعني بدل أن تقف على جذع النخلة منبر يكون أعلى شوية فعملوا له منبر واحد نجار رومي صنع له منبرا من ثلاث درجات وبعدين بعد كده تطور المنبر وأصبح يعني منابر عالية وفخمة وتفنن فيها، دخل فيها الفن الإسلامي، كذلك المئذنة، أول الأمر يعني على أي مكان عال وبعدين بدؤوا يتفننون فيها وأصبحت جزءا من العمارة الإسلامية ومن فنون الحضارة الإسلامية وتجد تتفاوت من بلد إلى بلد هنا في بلاد السعودية وبلاد الخليج لهم مئذنة معينة ضخمة مستديرة..


عثمان عثمان: طراز عمراني خاص.


يوسف القرضاوي: بينما مثلا في بلاد المغرب يعني مربعة وكذا، بينما في مصر وفي تركيا مئذنة عالية ورفيعة وكل هذه مناظر، مشاهد جميلة، يعني الغربيون اللي هم بيقولوا عن الفنون وعن العمارة وعن الحضارة المفروض يعني يأخذوا هذا الأمر على هذا الأمر، ليس فيه أي دلالة سياسية، طوال التاريخ لم يكن في المئذنة.. أنا بالنسبة لي حينما أذهب إلى أوروبا وأرى مئذنة ما الذي تدل عليه المئذنة؟ أفهم أن هناك مسجدا في هذا البلد وأنه إذا أردت أن أصلي الجمعة أو أصلي الجماعة أذهب إلى هذا المسجد وهذا يطمئن كثيرا من المسلمين يذهبون إلى سويسرا وإلى جنيف لأن جنيف فيها مركزان إسلاميان وفيها مساجد تقام فيها الجمع والجماعات فيجعل الناس اللي من أهل الخليج ومن أهل.. يذهبون بالآلاف مطمئنين فمن مصلحتهم إذا كانت السياحة عندهم أمرا مهما هذا من.. ليس فيها أي دلالة يعني سياسية، ولكن العقد هي التي تدفع الناس إلى أن يقول آه المئذنة اليوم وتطبيق الشريعة غدا، أي تطبيق الشريعة! إذا كنا في بلادنا الإسلامية الخالصة لم نستطع في.. يتبع منظمة المؤتمر الإسلامي يعني بضع وخمسين دولة، كم دولة فيه تطبق الشريعة؟ إذا كان ديار الإسلام الأصلية لا تطبق، هلق نروح نطبق الشريعة في سويسرا! هذا كلام يعني إذا كان القائل مجنونا يكون المستمع عاقلا، فهم يصعدون هذه الأمور بغير مبرر حقيقة.


عثمان عثمان: يعني فعلا وجهة نظر من قالوا بحظر المآذن يقولون إن المآذن رمز سياسي إسلامي يهدد جوهر الاتحاد الفيدرالي السويسري، فضيلة الدكتور أيضا يعني السفير السويسري..


يوسف القرضاوي: (مقاطعا): بالعكس الاتحاد الفيدرالي السويسري ده هو علام يدل؟ أنا عندي يدل على التنوع لأن سويسرا نفسها قائمة على التعدد وعلى التنوع، سويسرا قائمة على اتحاد فيدرالي أو كونفيدرالي يقوم على العنصر الألماني والعنصر الفرنسي والعنصر الإيطالي وفي ثلاث لغات في هذه البلاد فهي قائمة على تنوع وكان المفروض تقبل التنوع، التنوع الديني والتنوع الثقافي والتنوع الحضاري هذا هو الأساس، كيف ترفض التنوع وربنا خلق الناس هكذا متنوعين؟ لماذا تريدون رفض الإسلام؟ يعني هذا..

حكم المآذن ومصير الحريات الدينية في أوروبا


عثمان عثمان: السفير السويسري في القاهرة يقول إن سبب التصويت لصالح حظر بناء مآذن جديدة هو الخوف من تزايد أعداد المسلمين في سويسرا وظهور مجتمعات موازية تطالب بتطبيق تعاليم دينها أو تفرضه في نظم التعليم، قد علقتم على هذا الأمر. ولكن من الناحية الشرعية دكتور ما حكم المآذن بالنسبة للمسجد يعني هل لا يصح بناء المسجد إلا بمئذنة؟


يوسف القرضاوي: لا، أنا أقول لك شيئا، المئذنة ليست شرطا لإقامة الصلاة ومعظم المساجد في سويسرا من غير مآذن، يعني هم كم مئذنة معدودة في..


عثمان عثمان: أربع مآذن.


يوسف القرضاوي: وهناك عشرات المساجد ويمكن مئات المساجد أو المصليات، فليس من الضروري، المسلم مطلوب منه.. حتى أنا أقول لك إن المساجد نفسها ليست لازمة لصلاة المسلم، النبي عليه الصلاة والسلام جعل من خصائصه قال "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل" الإسلام من مزاياه أنه حرر العبادة من رق الكهنوت، الكهنوت المكاني والكهنوت الشخصي، الإنسان يصلي لوحده مش محتاج إلى كاهن يصلي معه، ويصلي في أي مكان في الصحراء يصلي في الشارع يصلي في السفينة يصلي في الطائرة يصلي {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ..}[البقرة:115] فلو حتى منعوا المساجد كما حدث في استفتاء فرنسا أن 41% مش بس يعني قالوا هم.. في 47% قالوا لا نريد مآذن، و41% قالوا لا نريد مساجد حتى المساجد، لماذا تكرهون المساجد؟ إذا كنتم مسيحيين أو نصارى حقا فلماذا تكرهون أن يذكر اسم الله عز وجل؟ المساجد دي مكان لذكر الله {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ، رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}[النور: 36، 37]، {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن مَّنَعَ مَسَاجِدَ اللّهِ أَن يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا..}[البقرة:114]، لماذا تكرهون أن يذكر اسم الله؟ ده الإسلام شرع القتال من أجل حماية البيع والكنائس ومعابد اليهود والنصارى، أول آية يعني شرعت للمسلمين القتال للدفاع عن أنفسهم {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ، الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيراً..}[الحج: 39، 40] فربنا دفع بالمسلمين عن اليهود والنصارى أن تهدم صوامعهم وبيعهم ومعابدهم.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور يعني هذا القرار، القرار السويسري جاء بعد استفتاء نال أكثرية أصوات الناخبين في سويسرا، هل مسألة الحريات الدينية أو مسألة الرموز الدينية تخضع لمثل هكذا استفتاء أم أنها محمية بحماية القانون؟ أسمع منكم الإجابة إن شاء الله بعد وقفة قصيرة فابقوا معنا مشاهدينا الكرام نعود إليكم بإذن الله تعالى.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: أهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة هذا الأسبوع من برنامج الشريعة والحياة والتي هي بعنوان معركة الرموز الإسلامية في أوروبا مع فضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. سيدي يعني مسألة الحريات الدينية هل تخضع لاستفتاء أم أنها محمية بالقانون؟


يوسف القرضاوي: هو الدستور السويسري يحمي الحرية الدينية والمادة 72 أو كذا من الدستور هي تجيز للمسلمين أن يبنوا المساجد وأن تكون هذه المساجد بها المآذن ولكن كيف تغلبوا على الدستور؟ أيضا في الدستور السويسري أنه إذا استطاع مجموعة من الناس أن تجمع يعني مائة ألف توقيع في خلال 18 شهرا تستطيع بمائة ألف توقيع تطلب شيئا معينا أنها تعمل عليه استفتاء عاما، ولذلك السويسريون يشكون كل كم شهر اعملوا.. ويطلع في دماغ أي مجموعة استفتوا على كذا، اعمل استفتاء عاما وكم يتكلف هذا وكم؟ فهذه المجموعة اليمينية المتطرفة ومعروف أن أوروبا الآن فيها أحزاب يمينية وجماعات يمينية متطرفة تكره الأجانب بصفة عامة تكره كل لون غير اللون الأبيض تكره أي دين غير الدين المسيحي واليهودية أصبحت مؤثرة عليهم رغم العداء التاريخي بين النصرانية واليهودية ولكن استطاع اليهود بتأثيراتهم الخاصة أن يستخرجوا من الفاتيكان الوثيقة المعروفة بتبرئة اليهود من دم المسيح فأصبح الإسلام هو الدين الذي يرونه خطرا عليهم، وهذا يعني في أوروبا وفي أميركا وحتى في أميركا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي قالوا لا بد من خطر يعني بديل عن الخطر الشيوعي الخطر الأحمر الذي سماه ريغن دولة الشر لازم من عدو بديل تجمع القوى وتعبأ المشاعر ضده فاختاروا الإسلام أن يكون هو البديل وسموه الخطر الأخضر، بعد سقوط الخطر الأحمر وبعد تقاربه مع الخطر الأصفر اللي هو الخطر الصيني، وأصبح في أوروبا وفي أميركا هذه النزعات وهذه المشاعر الغاضبة على الإسلام والمسلمين وهناك من يحركونها، وهذا الحقيقة ضد اتجاه التاريخ، اتجاه التاريخ الآن الناس تتقارب ولا تتباعد الآن الإنسانية أصبحت في شبه قرية، العالم أصبح قرية صغرى كما يقول بعضهم أو قرية كبرى وأنا أقول هو صغرى وليست كبرى، فهؤلاء هم الذين يعبئون المشاعر، اللي بيقوله السفير السويسري في القاهرة ده، الخوف من تزايد المسلمين، هل المسلمون حيفرضوا أنفسهم عليهم ولا المسلمون الذين يدخلون؟ يدخلون في إطار قانوني لا بد أن تسمح لهم السلطات والسلطات لا تقبل هجرة أي واحد إليها إلا بشروط وتنتقي العناصر القوية والعناصر الذكية والعناصر النابغة وأصبح في أوروبا ما يسمى الطيور المهاجرة أو العقول الكبيرة المهاجرة للمسلمين في أوروبا وأميركا، فلن يفرض المسلمون أنفسهم على سويسرا إنما سويسرا هي اللي بتختار من هؤلاء ولولا أن لها مصلحة في هذا لما قبلتهم، الأربعمائة ألف الموجودون الآن دخلوا سويسرا وهم ينفعون سويسرا وأنا لي معرفة بكثير من المسلمين في سويسرا يعني من أنفع الشخصيات وأنبغ الشخصيات في مجالات مختلفة ولم يعرفوا بعنف ولم يعرفوا بانحراف في سلوك بل بالعكس أثبتوا وجودهم وأثبتوا ولاءهم للوطن الذي يعيشون فيها وهذا ما نوصي به، عملنا مؤسسة اسمها المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، هذا المجلس الأوروبي كلما اجتمع في سنة أو نصف سنة يصدر بيانات ختامية فهذه البيانات نطلب من المسلمين أن يندمجوا في الأوطان التي يعيشون فيها، لا يعيشوا منعزلين عنها ولا منكمشين عنها بل يدلوا بدلوهم في ارتقائها وفي رفعتها وفي النهوض بها بإخلاص، هذا ما يوجبه الإسلام عليهم.


عثمان عثمان: سيدي اسمح لنا أن نأخذ الدكتور باتريك هاني باحث سويسري في مرصد الأديان، مرحبا بكم دكتور.


باتريك هاني/ باحث سويسري في مرصد الأديان: يا أهلا بكم.


عثمان عثمان: دكتور يعني القضية أصبحت معروفة هناك ضجيح إعلامي كبير حولها كيف تعلقون على هذا الأمر؟ بعض المراقبين يرون أن المعركة في أوروبا تحولت من محاربة ما يسمى بالتطرف والإرهاب إلى محاربة الإسلام نفسه، هل تشاطرون هذه الرؤية؟


باتريك هاني: والله الحقيقة الأمر بالفعل غريب، ماحدث في سويسرا أكد أن.. ماذا حدث؟ اللي حدث استفتاء تم في إطار العلاقات الجيدة ما بين المسلمين والسويسريين منذ زمن طويل أربعين سنة والصعود ملحوظ من المسلمين في سويسرا من عدة آلافات في الستينيات حتى أربعمائة ألف تقريبا الآن دون أن نشهد أي نوع من التوتر والعلاقة الجدلية ولا مشكلة أساسية ليس لدينا في سويسرا ولا إرهاب ولا أيضا عقيدة سياسية مبنية على العلمانية مثلما هو الوضع في فرنسا، إذاً ماذا حدث؟ التصويت الذي تم في سويسرا ليس مبنيا على موقف من المسلمين في أوروبا ولا على تصاعد المسلمين في سويسرا، هو مبني على مخاوف شديدة حول الإسلام، الإسلام مبني كعقيدة، الإسلام مبني كخوف كما تفضل سماحة الشيخ من قبل، وهذه الحركات في سويسرا من قبل صنعت المخاوف التي ما كانتش موجودة سابقا في بلداننا والآن لدى الناس أسئلة، الناس يتساءلون في سويسرا موقف الإسلام من المرأة موقف الإسلام من العنف موقف الإسلام من التعددية على سبيل المثال، وأنا أعتقد أنه نحن الآن يعني في زمن جديد والمسلمون لديهم الفرصة أن يؤكدوا وأن يجاوبوا على هذه الأسئلة بلغة الحوار أو الموعظة الحسنة وبالتأكيد الخط الشهير والخط الغالب هو خط الوسطية بينما لو يلجؤوا إلى التصعيد وإلى استعمال أساليب التصعيد فيؤكدوا كل ما قيل أثناء الحملة السياسية التي سبقت الاستفتاء في سويسرا وهذا الخطاب التصعيدي أيضا الموجود في الغرب الآن في أوساط اليمين المتشدد وغير أوساط اليمين المتشدد وطبعا أنا أخشى أن أول ضحية لهذا التصعيد المتبادل ستكون جالية المسلمين الموجودين في الغرب وفي سويسرا بشكل خاص.

ردود الفعل الإسلامية والخطوات المطلوبة من المسلمين


عثمان عثمان: نعم. شكرا الدكتور باتريك هاني كنت معنا من أندونيسيا على ما أعتقد. نأخذ أيضا الدكتور هاني رمضان مدير المركز الإسلامي في جنيف في سويسرا. يبدو أن الدكتور لم يكن جاهزا على الخط معنا. دكتورنا يعني هو يرى أن ردة الفعل الكبيرة تجاه ما حصل في سويسرا قد تؤذي المسلمين أيضا في ذلك البلد.


يوسف القرضاوي: ردة فعل ممن؟


عثمان عثمان: يعني هناك من دعا إلى مقاطعة سويسرا، هناك من دعا إلى سحب الاستثمارات والأموال العربية والإسلامية من سويسرا يعني تنديدا بما حصل واحتجاجا عليه.


يوسف القرضاوي: يعني ترى أن المسلمين يعني يؤذون في دينهم ويهانون ويتقبلون هذا بكل بساطة! هذا ليس طبيعيا، أنا لا أدعو، يعني أصدرت بيانا باسم الاتحاد العالم لعلماء المسلمين ودعونا الإخوة المسلمين في سويسرا ألا يغيروا سلوكهم مع مواطنيهم وأن يستمروا في الولاء لهذا الوطن وفي العمل لرفعته وفي الدعوة للإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة وأن يناضلوا النضال السلمي، يعني القانونيون يستخدمون ما يمكنهم لمحاولة تغيير هذا القرار، قالوا لا يزال هناك المحكمة الفيدرالية، لا تزال هناك المحكمة الدستورية لحقوق الإنسان في أوروبا يحاولون استخدام هذا فإذا لم يمكن، نعم من حق المسلمين يعني يروح العملية مجانا، اضربني واعمل متشكر! يعني الإمام الشافعي يقول من استغضب ولم يغضب فهو حمار، ويقول الشاعر يعني

إذا أنت لم تعرف لنفسك حقها

هوانا بها كانت على الناس أهون

وأبو الطيب المتنبي يقول

من يهن يسهل الهوان عليه

ما لجرح بميت إيلام

من حق المسلمين أن.. العقيد القذافي اليوم قال إذا كان الوضع كذلك فلا بد أن نعيد النظر في مسألة بناء الكنائس والعلاقة مع المسيحية، طبعا كل شيء كل فعل لا بد له من رد فعل وكما قال الشاعر العربي قديما

وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم

فهل أنا في ذا يا لهمدان ظالم؟

متى تحمل القلب الذكي وصارما

وأنفا حنيا تجتنبك المراغم

إنما أن تضرب يعني وتستكين، لا بد للمظلوم أن يتنفس ولا بد للمضروب أن يصرخ، فإذا لم تستجب يعني سويسرا من واجب المسلمين -مش من حقهم- من واجبهم أن يسحبوا أموالهم من سويسرا، في مليارات موجودة يعني إذا في سويسرا وكانت سويسرا معروفة أنها بلد الأمان وبلد الحياد وبلد الحريات الآن ما عادتش هكذا، إذا لم تكن هكذا يبقى نعاملها على ما تريد أن تكون، إنما يأتي هؤلاء المتنطعون، إحنا حاربنا المتطرفين من المسلمين كيف نستكين للمتطرفين من الأوروبيين؟ لا بد أن يعلموا أنه إحنا عندنا القدرة، لنا حركة، السياحة الآلاف وعشرات الآلاف إلى سويسرا يجب يعني في هذه السنة يعرف الناس أنه لا، أن هذا له أثر، البضائع السويسرية أنا لا أقول هذا الآن، لا، ولكن أقول بعد أن نيئس من هذه الأمور من حقنا أن نستخدم، هذه أسلحة كلها في أيدينا ولكن لا نستعملها الآن، الآن نحاول نستخدم الأسلحة الإعلامية والقانونية ومحاولة التأثير في الآخرين ومحاولة تغيير الصورة النمطية المنغرسة في أذهان الأوروبيين عن الإسلام، هذه العملية كلها أساسها الجهل بالإسلام، لا يعرفون حقائق الإسلام انتشرت عندهم أباطيل عن هذا الدين وبعد هذه الأباطيل مأخوذة من المسلمين من أقوال بعض المسلمين ومن تصرفات بعض المسلمين ومن سلوكيات بعض الحكام المسلمين والأفراد المسلمين كونوا من هذا صورة سيئة عن الإسلام والواجب علينا أن نحاول محو هذه الصورة السيئة نستبدل بها صورة مش صورة مزيفة، صورة حقيقية عن الإسلام من كتاب الله ومن سنة رسوله ومن سيرة المسلمين الأوائل ومن الحضارة الإسلامية الشامخة التي ظلت سائدة في العالم أكثر من ثمانية قرون، لا بد أن نبذل جهودنا لتصحيح صورة الإسلام في نفوس هؤلاء فهذا كله مطلوب منا أمام هذا الغزو الزاحف.


عثمان عثمان: نعم. في خضم هذه الأزمة فضيلة الدكتور هل ترون من المفيد إعادة النظر في فكرة فقه الأقليات لصالح المسلمين الغربيين؟ بمعنى المشاركة والمواطنة وليس الانعزال والتفرد والتمايز ربما هذا يخيف بعض الغربيين من ذلك، يعني فكرة الأقليات بالذات البعض يراها أنها غير مفيدة.


يوسف القرضاوي: الأقليات حقيقة يعني إحنا المجلس الأوروبي قام بتفقيه الأقليات، بعض الناس قالوا ما فيش حاجة اسمها فقه أقليات، في فقه للجميع، ولكن في ناس لها ظروف خاصة الذين يعيشون خارج دار الإسلام في مجتمعات غير إسلامية لهم مشاكلهم الخاصة ولهم رؤاهم الخاصة ومن حقنا أن نعينهم على أن يعيشوا بالإسلام في هذه المجتمعات فنحن يعني نريد أن يعيشوا أوروبيين حتى إحنا بعض الإخوة كان يريد نسميه المجلس الفقهي للأقليات، لا، سميناه المجلس الأوروبي لأنه مؤسسة أوروبية والذي سعى إلى إنشائه المنظمات الإسلامية في أوروبا، هذه الاتحاد يحاول أن يكون مع المسلمين بحيث يثقفهم ويفقههم ثقافة تجعلهم يندمجون في مجتمعنا، نحن كنا نرفع شعار محافظة بلا انغلاق واندماج بلا ذوبان، يعني لازم نحافظ على شخصيتنا الدينية على استقامتنا الأخلاقية على روابطنا الأسرية لا نتساهل في هذه الأشياء ونقع فيما تشكو منه المجتمعات الأوروبية، فهي محافظة ولكن بلا انغلاق واندماج في هذا المجتمع نعيش فيه ونؤثر فيه ونتأثر به ولكن لا نذوب فيه بحيث لا نفرط في عقيدتنا، فهذه هي المعادلة الصعبة فنحن في هذا نعين هذه الأقليات على أن تعيش في أوروبا ويعيشوا أوروبيين ولكن أوروبيين مسلمين، حتى رفضنا أنه هي تسمى الجاليات الإسلامية لأن كلمة جالية معناها من الجلاء يعني معناها راحلة، لا هي مش راحلة هي مستوطنة ومقيمة ولكن ينبغي أن تتفقه في دينها وتعلم أنه ليس هناك أي حائل ديني، الدين لا يمنعها قط أن تعمل في مجتمعها وتنفع هذا المجتمع ووقفنا ضد الغلوات التي يرتكبها بعض المسلمين يستحل أموال الناس بالباطل يأخذ الخدمة ولا يدفعش الأجرة يأخذ السلعة ولا يدفعش الثمن، هذا حرام ومنكر وكبيرة فوقفنا ضد هذا.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور أحد الإخوة المشاهدين الأخ عبد العظيم يقول هل يجوز لنا شرعا أن نعامل غير المسلمين ببلادنا بالمثل ونقوم بعمل استفتاء على وجود رموز غير إسلامية ببلادنا ويكون بذلك العين بالعين والسن بالسن؟


يوسف القرضاوي: لا، نحن ننطلق من قيم إسلامية ومن أحكام شرعية وهذه الأحكام لا تخضع لتزول بالاستفتاء لو أجمع الناس لا يمكن أن يحرموا حلالا أو يحلوا حراما أو يجعلوا المعروف منكرا والمنكر معروفا، في أشياء لا تقبل الاستفتاء، فحق الأقليات الإسلامية في داخل بلادنا هذا حق مقرر حماية دمائهم وأموالهم وأعراضهم وحرماتهم وحريات تدينهم هذا لا ينبغي أن يمس حتى البلاد العربية حتى لمن ليسوا من أهل البلاد يعني قطر أنشأت عدة كنائس لغير أهل.. يعني ما فيش حد، ما فيش قطري نصراني ولا يهودي، كل أهل قطر مسلمون إنما في ناس بيجوا بيعملوا في قطر فأتاحت لهم بناء عدة كنائس لعدة مذاهب مسيحية، أرأيت يعني تسامحا أكثر من هذا! ومع هذا نحن لا نريد أن نعاملهم بالمثل ونغلق هذه الكنائس.


عثمان عثمان: ولكن البعض أيضا فضيلة الدكتور يعني يتهم بعض المجتمعات في غير قطر بأنها ربما تمارس تمييزا ضد بعض الطوائف أو بعض المذاهب؟


يوسف القرضاوي: هذا كذب، مصر تتهم بهذا وهذا ليس صحيحا، الأقباط في مصر يعني يعيشون على أعظم ما يكون من الحرية والسيادة ولهم أملاكهم ولهم مناصبهم ولهم يعني ممثلوهم في البرلمانات ولهم وزراء في كل الحكومة ويعني ما يستطيع أحد أن يقول هذا أبدا.

مستقبل الوجود والحوار الإسلامي الأوروبي


عثمان عثمان: هناك فضيلة الدكتور أكثر من مرحلة، هناك مرحلة الرسوم المسيئة للنبي عليه الصلاة والسلام، موضوع القرآن، موضوع الحجاب، الآن موضوع المآذن، أمام كل هذه التحديات التي تواجه المسلمين الغربيين -لنقل بهذا المصطلح- كيف ترون مستقبل الوجود الإسلامي في أوروبا؟


يوسف القرضاوي: شوف أنا أقول إن التاريخ لن يعود إلى الوراء، الإسلام أصبح حقيقة في أوروبا وهناك مسلمون من أصل البلاد الأوروبية خصوصا في أوروبا الشرقية في بلغاريا في البوسنة والهرسك كوسوفو وألبانيا يعني وجزء من تركيا هذه بلاد مسلمون أصليون مش مهاجرين ولا شيء من هذا، وأنا أقول للمسلمين لن يمنعنا شيء من أداء صلواتنا، عملوا المآذن لو لم نستطع أن ننتصر على هذا القرار، أنا أنصح المسلمين يعملوا قبابا في المساجد، قبابا في وسط المسجد قبة عالية ولها هلال وكذا، في كثير من.. القبة النبوية وكما في القباب في تركيا وغيرها في المساجد استعملوا هذا بدل.. إذا لم يستطيعوا أن يتغلبوا على قرار منع المآذن يعملوا هذه القباب في وسط المساجد التي يبنوها والقبة يعني خاصة إذا علت بعض الشيء بتغني إلى حد ما عن المئذنة ولكن أنا أقول لن يعود التاريخ إلى الوراء، سيظل الإسلام في أوروبا وسينتشر في أوروبا والإحصاءات تقول إن أكثر الأديان انتشارا رغم أنه ليس له هيئات تبشيرية منظمة كما المسيحيين، المسيحية عندها أربعة ملايين و 750 ألف مبشر حسب إحصاءات من عدة سنوات، الإسلام مالوش هذا ولكن ينتشر لأنه ملائم للفطرة وملائم للطبيعة الإنسانية وهو دين السماحة ودين التوحيد ودين الرحمة، وكما قال الله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}[الأنبياء:107]، وأنا متأكد أن المستقبل لهذا الدين {يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ، هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[التوبة: 33، 34] سيظهر الإسلام على كل الأديان بالدعوة وبالحكمة وبالموعظة الحسنة، بالفتح السلمي، فتح، هناك فتح سلمي {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً}[الفتح:1] بعد صلح الحديبية سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أفتح هو يا رسول الله؟ قال "نعم هو فتح"، لم يتصوروا أن يكون هناك فتح من غير حرب من غير قتال، فتح! نعم فتح، وفتح مبين، وسيفتح الإسلام العالم إن شاء الله ويلتقي الجميع على كلمة الله وعلى محبة الله وعلى نور الله {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}[فصلت:53] وصدق الله العظيم.


عثمان عثمان: فضيلة الدكتور هناك حوارات إسلامية أوروبية ربما امتدت عمقا في التاريخ، أمام ما يحدث الآن كيف ترون مستقبل الحوار الإسلامي الأوروبي؟ في دقيقتين لو تفضلتم.


يوسف القرضاوي: والله أنا أقول لك يعني أنا شاركت في الحوار الإسلامي المسيحي في روما وشاركت قبل ذلك في فرنسا وفي ألمانيا وشاركت في روما بدعوة من جمعية سانت أجيديو القريبة من الفاتيكان وحضرنا مؤتمرين سموهم مؤتمر القمة الإسلامية المسيحية وكنا نحضر لقمة ثالثة، ولكن جاء خطاب البابا الذي فاجأ به العالم الإسلامي وهاجم نبي الإسلام وهاجم عقيدة الإسلام وهاجم يعني شريعة الإسلام واعتبر أن الإسلام لم يأت بجديد إلا أنه جاء بنشر الإسلام بالسيف، لم يأت بأي جديد لا في العقيدة ولا في الشريعة ولا.. رددت على البابا بكتاب سميته البابا والإسلام ورد عليه الكثيرون وطلبنا منه أن يعتذر اعتذارا بوجه ما يرضي المسلمين فلم يفعل ولذلك قرر الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إيقاف الحوار مع الفاتيكان حتى يصدر منه ما يدل على تغير موقفه ولم يصدر حتى الآن. أنا شاركت في مؤتمر في القاهرة مع مسيحيي الشرق وللأسف حينما جئنا لنصدر البيان الختامي رفضوا أن نقول الأديان السماوية، يعتبرون أن الإسلام ليس دينا سماويا، دينا مختلقا، قلنا القيم الربانية، قالوا لا، ما نقولش، نقول القيم الدينية لأن الإسلام لا ينتسب إلى الرب، الإسلام دين قام به رجل كذاب اختلق كتابا سماه القرآن، فمن أجل هذا نحن نعترف بهم وهم لا يعترفون بنا وهذه هي المشكلة الأولى في العلاقات بين الإسلام والنصرانية.


عثمان عثمان: أشكركم مولانا فضيلة الشيخ العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة وأعتذر إلى السادة المشاهدين الذين راسلونا عبر البريد الإلكتروني وعلى صفحة البرنامج في الـ face book، أعتذر لعدم الاستطاعة على الإجابة عن أسئلتهم، لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب، إلى اللقاء في الأسبوع القادم بإذن الله، دمتم بأمان الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.