مشروعية الدستور وحكم الاستفتاء علية
الشريعة والحياة

الصحوة الإسلامية ومآلاتها

تتناول الحلقة هزيمة حزيران سنة 1967 التي انكسرت عليها آمال وتحطمت بعدها آراء ونظريات، فما أسباب البحث في المسلمات السياسية والفكرية والاجتماعية لدى كثيرين؟ وكيف تبنى المفكرون المرجعية الإسلامية؟

تغيرات المجتمع العربي بعد نكسة حزيران
خطاب الحل الإسلامي
التداعيات الاجتماعية والسياسية للصحوة الإسلامية

 


undefinedعبد الصمد ناصر
: السلام عليكم ورحمة الله وأهلا بكم إلى برنامج الشريعة والحياة، هزيمة الحزيران سنة 1967 انكسرت عليها آمال وسدت بها آفاق وتحطمت بعدها آراء ونظريات وانطرح بسببها البحث في المسلمات السياسية والفكرية والاجتماعية لدى كثيرين مما أدى إلى تحول المفكرين إلى تبني المرجعية الإسلامية، تلك الهزيمة أو النكسة أو النكبة على اختلاف التسميات أعقبها مد إسلامي سمي بالصحوة الإسلامية فما تفسيرها؟ وما هي مآلاته بعد نحو أربعين عاما؟ وإلى أين انتهى خطاب حتمية الحل الإسلامي؟ وإذا كانت الهزيمة عمقت الخلاف بين القوميين والإسلاميين فكيف هي العلاقة بين التيارين الآن؟ الصحوة الإسلامية ومآلاتها موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، أهلا بك فضيلة الشيخ.

يوسف القرضاوي: أهلا بك يا أخ عبد الصمد.

تغيرات المجتمع العربي بعد نكسة حزيران

عبد الصمد ناصر: مرحبا بك فضيلة الشيخ، فضيلة الشيخ بالتأكيد أنه في كل في تاريخ كل الأمم هناك أحداث فاصلة هناك مراحل تؤدي إلى تغيرات جذرية في هذه الأمم بالنسبة للأمة الإسلامية ماذا تمثل هذه الهزيمة أو هذه النكبة إذا شئنا أن نقول؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وأذكى صلوات الله وتسليماته على رحمة الله للعالمين سيدنا وإمامنا محمد وعلى آله وصحبه ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين أما بعد فلا شك أن هناك أحداثا في تاريخنا تعتبر أحداثا يعني فاصلة من هذه الأحداث سقوط بغداد على يد التتار سنة 656 يعني هجرية من هذه الأحداث في عصرنا سقوط الخلافة الإسلامية بعد أن استمرت ثلاثة عشر قرنا أو تزيد الخلافة الراشدية والخلافة الأموية الخلافة العباسية والخلافة العثمانية ثم هدمت هذه القلعة وهتكت هذه المظلة هذا حدث كبير في تاريخ الأمة يعني سقوط القدس أخيرا يعني في سنة 1967 في يد الصهيونية العالمية وأصبح المسجد الأقصى أسيرا في يد اليهود لمدة أربعين سنة إلى اليوم هذا أيضا من الأحداث التاريخية وينبغي للأمم أن تقف عند هذه الأحداث وتعتبر بها ولا تعتبر أنها مجرد أشياء مرت لابد من وقفة مع الذات ومع النفس لتصحيح المسيرة ومراجعة الماضي ومعرفة ماذا للإنسان وماذا عليه.

عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ لكم كتاب عنوانه درس النكبة الثانية لماذا انهزمنا وكيف ننتصر ماذا دعاكم إلى تأليف هذا الكتاب وما الذي ناقشتم فيه؟

يوسف القرضاوي: الذي دعاني إلى تأليف هذا الكتاب هو وقوع هذه النكبة نكبة سنة 1967 الخامس من حزيران أو من يونيو الذي استطاعت به يعني إسرائيل في ست ساعات هم بيسموها حرب الأيام الستة إنما هي الحقيقة حرب الساعات الست لأن الأمر انكشف بعد عدة ساعات خلاص ضُرب الطيران المصري قبل أن يطير وتعطلت الحياة العسكرية وانكشف الجيش في الصحراء فلم تستطع مصر أن تفعل شيئا أخذوا من القمطرة إلى القنيطرة سقط الجولان وسيناء في يد.. وبعض الأردن وبعض لبنان وطبعا الضفة الغربية راحت بما فيها القدس وقطاع غزة وإلى اليوم وكان من جراء هذا تغير السياسة العربية رأسا على عقب لأن كان السياسة العربية يعني أنا سميت هذه.. هم سموها النكسة يعني هزيمة 1967 التي قال فيها عبد الناصر إن الطريق إلى القاهرة ودمشق كان مفتوحا أمام إسرائيل يعني إسرائيل كان ممكن تصل إلى القاهرة وممكن تصل إلى دمشق ولم ترد ذلك لأن كانت هيعكر عليها النتائج إنما إلى هذا الحد سموها النكسة ودي تسمية في الحقيقة غير صحيحة لأن معناها إنهم كانوا منتصرين قبل ذلك..

عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: قبل ذلك نعم.

يوسف القرضاوي [متابعاً]: وهذه نكسة فلم يحدث انتصار حقيقي على إسرائيل في أي من سنة 1948 لـ1956 لـ1967..

عبد الصمد ناصر: وخمسين..

يوسف القرضاوي: الشيء الوحيد اللي كسبنا به بعض النصر هو 1993 العاشر رمضان 1993 أو السادس من أكتوبر 1973 سموها النكسة فأنا قلت لا هذه ليست نكسة إنها النكبة الثانية لأن النكبة الأولى سنة 1948..

عبد الصمد ناصر: 1948..

يوسف القرضاوي: ولا يعادلها ولا يدانيها إلا هذه..

عبد الصمد ناصر: النكبة..

يوسف القرضاوي: النكبة الثانية لأن أخذ كل ما بقي من فلسطين إحنا نكبة 1948 قامت على أساسها دولة يعني إسرائيل ولكن مع قيام دولة إسرائيل كان العرب جميعا يصرون على أنهم أصحاب حق وأن إسرائيل باطل قام على باطل وأنها دولة مغتصبة..

عبد الصمد ناصر: إزالتها فورا..

يوسف القرضاوي: وأن الحق يجب أن يعود إلى أصحابه وأن الفلسطينيين المشردين يجب أن يعودوا إلى ديارهم إلى آخره بعد هذه النكبة تغير الحال..

عبد الصمد ناصر: تغيرت الفلسفة والفكر نعم..

يوسف القرضاوي: أصبح كل هم السياسة العربية والفلسفة العربية..

عبد الصمد ناصر: نعود إلى..

يوسف القرضاوي: إزالة آثار العدوان أي عدوان إيه..

عبد الصمد ناصر: 1967..

يوسف القرضاوي: الخامس من حزيران 1967 كأن هذا العدوان الجديد أصبح مكرر للعدوان القديم أو أطفى الشرعية على العدوان القديم نُسي العدوان القديم وهذه..

عبد الصمد ناصر: لأنه محا النكبة الأولى.

يوسف القرضاوي: هذه العملية خطيرة جدا إن تغيرت السياسة إلى هذا الحد.

عبد الصمد ناصر: كأنه لم يعد هناك اعتراف بنكبة الأولى نعم؟

يوسف القرضاوي: كأنه آه كأن النكبة الأولى سكتنا عنها وأصبحنا كل همنا نزيل آثار العدوان..

عبد الصمد ناصر: وسقط الحق..

يوسف القرضاوي: وطبعا التنازل يجر إلى التنازل لما تنازلنا هكذا إسرائيل لم تقر لنا حتى بالحق إلى العودة إلى أربعة يونيو 1967 إلى الآن حتى إلى الآن لم تنسحب وبقيت..

عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ قلتم في مذكراتكم إن إخراج الدين من المعركة هو الذي أضر بهذه القضية أبلغ الضرر ماذا قصدتم بذلك؟

"
 نحن أخرجنا الدين من المعركة نهائيا وهم أدخلوه ومعهم التوراة ولم ندخل المعركة ومعنا القرآن، قالوا نعظم السبت ولم نعظم نحن الجمعة، هم تمتعوا بأعظم سلاح وجردنا أنفسنا من أقوى سلاح
"

يوسف القرضاوي: طبعا أنا قلت هذا أن اليهود تجمعوا على دين ما الذي جمع يهود المشرق مع يهود المغرب مع يهود اليمن مع يهود المغرب مع يهود الفلاشة مع يهود أوروبا مع يهود روسيا إيه اللي جمع هؤلاء؟ الدين، التوراة، التلمود، فالقضية قضية كان هرتزل عُرض عليه إن يعطوه يعني أرض في الكونغو أو في أميركا اللاتينية أو في كذا رفض وقال لا عايز أرض الميعاد الأرض اللي لها ارتباط بالنفسية اليهودية والعقلية اليهودية عايز يربطهم بهذا فلا فكانوا يعني يجتمعون على دين خصوصا كبارهم نحن أخرجنا الدين من المعركة نهائيا وأردنا فلذلك هم دخلوا يهودا ولم ندخلها مسلمين، دخلوا ومعهم التوراه ولم ندخل المعركة ومعنا القرآن، قالوا نعظم السبت ولم نعظم نحن الجمعة، قالوا الهيكل ولم نقل نحن الأقصى، جردنا أنفسنا من أقوى سلاح إذا كنت عايز تقاوم أقاوم اليهودية بالإسلام، أقاوم التوراه بالقرآن، أقاوم السبت بالجمعة، هكذا المعركة.

عبد الصمد ناصر: نعم طيب فضيلة الشيخ يعني هل معنى ذلك أن صراع العرب مع الصهيونيين أو الصهاينة هو صراح ديني وليس صراعا سياسيا أو ماديا أو غير ذلك؟

يوسف القرضاوي: لا هو صراع يعني مركب متشابك هو صراع ديني وصراع قومي وصراع وجود وصراع عقائد وأفكار وحضارة وصراع ولكن الدين هو المحرك الأول في هذه.. اليهود كيهود اجتمعوا من أجل أن يقيموا دولة لهم لأصحاب العقيدة اليهودية..

عبد الصمد ناصر: نعم هذا الكلام رد عليه بعض المتخصصين في اليهودية والصهيونية بأن يهود اليوم ليسوا كيهود اليوم كيهود الأمس وأن اليهود اليوم ليسوا هم الذين تحدث عنهم القرآن الكريم فدولتهم كما يقول هي دولة علمانية دولة لها أطماع استعمارية وليست دولة دينية؟

يوسف القرضاوي: هذا أنا أعرف هذا الكلام الدكتور المسيري يعني حفظه الله وعافاه ولكنني أخالفه في هذا اليهود هم اليهود يهود اليوم هم موصولون بيهود الأمس ما هو اليهود؟ يعني إذا حذفنا.. مَن اليهودي؟ مَن الشخصية اليهودية؟ اليهودي مَن يؤمن بالتوراة كتابا مقدسا ويؤمن بموسى نبيا ورسولا ويؤمن بالرجوع إلى التلمود ويؤمن بالثلاثية هذه ثلاثية الأرض والشعب والتوراة الأرض أرض الميعاد والشعب المختار شعب الله المختار والتوراة المرجع هذا هو اليوم..

عبد الصمد ناصر: طيب..

يوسف القرضاوي: هؤلاء هم موجودون يعني هو صحيح إن الدولة علمانية ولكن ليست علمانية مطلقة يعني حينما جاء بيغن إلى القاهرة في حضور جنازة السادات أبى أن يسكن ف فندق في مدينة نصر حتى لا يستعمل السيارة في يوم السبت يمشي على رجليه شاميل في مدريد قال يوم السبت قال لهم لا غدا السبت ما فيش اجتماعات الله طب ما إحنا كان عندنا أمس يوم الجمعة واجتمعنا قال أنتم أحرار يعني فلماذا سموا دولتهم إسرائيل؟ اختاروا اسم ديني إسرائيل هو يعني سيدنا يعقوب عليه.. اختاروا اسما دينيا يعني فمهما الذي جمع اليهود من أنحاء العالم هو الدين..

عبد الصمد ناصر: طبعا هذا ما..

يوسف القرضاوي: موشى ديان بعد هذه الهزيمة قال إن جيشنا يعني مهمته حماية المقدسات قبل حماية المؤسسات فالدين هو المحرك الأول..

عبد الصمد ناصر: طبعا.

يوسف القرضاوي: هم تعرف العلمانيين يعني ليفرشكول وبن غوريون وغولدا مائير وهؤلاء كل دول علمانيين ولكنهم يؤمنون بأهمية الدين وتوظيفه في المعركة إنه لا يمكن أن يستغنوا عن الدين في المعركة هذا هو..

عبد الصمد ناصر: وطبعا أنت تقصد فضيلة الشيخ حين تتحدث عن اليهود هنا اليهود الذين يستظلون بمظلة الدولة الإسرائيلية الصهيونية ولا تقصد اليهود في مختلف المناطق طبعا؟

يوسف القرضاوي: نعم؟

عبد الصمد ناصر: يعني أنت تقصد هنا اليهود في إسرائيل وليس اليهود خارج إسرائيل حينما تتحث عنهم؟

يوسف القرضاوي: لا اليهود في العالم كله اليهود في أنحاء العالم ما عدا..

عبد الصمد ناصر: هناك مَن يعارض إقامة دولة إسرائيل..

يوسف القرضاوي: ما عدا فئات معينة لا تؤمن بإسرائيل..

عبد الصمد ناصر: هناك مَن يعارض إقامة دولة إسرائيل..

يوسف القرضاوي: وهؤلاء قابلتهم في لندن وجاؤوا معي إلى المطار..

عبد الصمد ناصر: نعم سيدني هاندس..

يوسف القرضاوي: ويؤمنون بأن يعني قيام إسرائيل مصيبة ولعنة على اليهود في العالم إنما هؤلاء يمثلون قلة شريحة إنما يهود العالم كله مع إسرائيل إسرائيل لم تقم إلا بأن اليهود في العالم وقفوا معها دينيا ووقفوا معها آماليا ووقفوا معها سياسيا واللوبي اليهودي في أنحاء العالم هو الذي يشد أذر إسائيل في كل مكان..

خطاب الحل الإسلامي

عبد الصمد ناصر: صحيح نعم فضيلة الشيخ بعد الهزيمة الكثيرون دعوا الناس إلى التوبة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى ابتغاء نصرة الله مصداقا لقوله تعالى {إن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ويُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} كيف نصر الله سبحانه وتعالى؟

يوسف القرضاوي: بطبيعة الحال أي إنسان سوي حينما تنزل به مصيبة يقول يارب حتى ربنا ذكر المشركين يعني حتى إذا {حَتَّى إِذَا كُنتُمۡ فِي الۡفُلۡكِ وَجَرَيۡنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا۟ بِهَا جَاءتۡهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءهُمُ الۡمَوۡجُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَظَنُّوا۟ أَنَّهُمۡ أُحِيطَ بِهِمۡ دَعَوُا۟ اللّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنۡ أَنجَيۡتَنَا مِنۡ هَذِهِ لَنَكُونَنِّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} الوثنيين دعوا الله لأنه في الحالة دي ما بيقولش لا هبل ولا يا لات ولا يا عزة بيقول يا رب فهذه رجعة الإنسان في الشدائد الله رجعة طبيعية والشعب المصري بالذات حينما نزلت به هذه النكسة وكان سمع كلام كثير سنؤدب إسرائيل ومن وراء إسرائيل..

عبد الصمد ناصر: رميهم في البحر.

يوسف القرضاوي: سنرمي بالإسرائيليين في عرض البحر وبعدين عند وقت البتاع لم يحصل يعني شيء..

عبد الصمد ناصر: صدموا نعم.

يوسف القرضاوي: حتى إنه الجنود اللي كان المفروض الواحد يعني يولع في الدبابة اللي كان بيسوقها ولا المسؤول عنها يعني يشعل فيها عود كبريت يبقى عليَ وعلى أعدائي ما فما حدش فكر في هذا كل واحد بيقول النجاة النجاة وفلذلك يعني نحن نقول إنه الدين هنا أمر يعني..

عبد الصمد ناصر: العودة إلى الله سبحانه وتعالى والتوبة إليه التوبة نعم.

يوسف القرضاوي: العودة إلى الله هذا كان ولكن ليس هذا فقط هو يعني سبب الصحوة يعني مش الصحوة الأمة الإسلامية بطبيعتها لابد أن تصحى الإسلام هو الموقظ لها..

عبد الصمد ناصر: أوابة.

يوسف القرضاوي: والمحرك لها والموجه الأول لشعورها وفكرها وسلوكها هو بطبيعته يصحي الأمة يجدد الأمة ولذلك الأمة لا يمكن أن تجتمع على ضلالة فيه الطائفة المنصورة فيه الذين ينفون عن الدين تحريف الغاليين وتأويل الجاهلين فيه الأمة فيها عناصر القوة دائما ولكن فيه يعني وبعدين الصحوة الإسلامية دي مش مسألة رد فعل للهزيمة دي نتيجة تراكمية لناس مجددين ومصلحين ظل هذا الأثر يتراكم يتراكم إلى أن انفجر في هذه الصحوة ابتداء من ابن عبد الوهاب في الجزيرة العربية والسنوسي يعني في ليبيا والمهدي في السودان وابن باديس في الجزائر وحسن البنا في مصر والسباعي في سوريا والموجودي في الهند وباكستان وكل هؤلاء والشيخ الأفغاني والشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا وعلماء ومجددين وهذا كل واحد ساهم في.. إلى أن جاءت هذه مهمة النبكة دي عملت إيه؟ إنها أعطت الفرصة للإسلاميين لكي يتحركوا..

عبد الصمد ناصر: هل أُعطت الفرصة لهم؟

يوسف القرضاوي: ولكي يعبروا عن أنفسهم.

عبد الصمد ناصر: هل أُعطت الفرصة لهم أم أُعطوا الفرصة كما قال البعض من قبل السادات لكي يوجهها بموشي ديان؟

يوسف القرضاوي: آه هو المهم السادات بعضهم يقول إن السادات هو الذي صنع الصحوة وهذا يعني كذب في الحقيقة وتبسيط للأمور كأن صحوة الجماهير والشعوب كأنها أمر يعني بالأوامر اعمل صحوة تطلع صحوة، صحوة جماهير وإذا كان السادات عمل الصحوة في مصر مين عملها في الجزائر مين عملها في المغرب مين عملها في سوريا مين عملها في باكستان..

عبد الصمد ناصر: في ليبيا.

يوسف القرضاوي: مين عملها في الأقليات الإسلامية دي كانت صحوة في العالم كله صحوة في العالم العربي العالم الإسلامي خارج العالم الإسلامي هذا كيف يقول.

عبد الصمد ناصر: نعم ملاحظ..

يوسف القرضاوي: إنما كل اللي عمله السادات هو مشكلة الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية إيه؟ إنها لا تجد الفرصة لتعبر عن نفسها..

عبد الصمد ناصر: نعم مقموعة في الشعوب نعم.

يوسف القرضاوي: شعوبنا بحمد الله الإسلام فطرة فيها والإسلام أصيل في كيانها وعميق في سويدائها إنما لا تجد الحرية فحينما توجد الحرية تنتعش الدعوة وتنتعش الحركة وتقوم الصحوة هو في الحالة دي المهزومون ما استطاعوش المهزوم ما يقدرش المهزوم مكسور عينه مكسورة ولسانه مكسور ما يقدرش يقول.. فجاء السادات مشى هذا التيار تركه الناس تكلموا وترك..

عبد الصمد ناصر: مضطرا؟

يوسف القرضاوي: فالإسلام حينما توجد له حرية الكلمة وحرية الحركة يسود ويقود ويؤثر في الجماهير ويكسب الأمة في صفة.

عبد الصمد ناصر: نعم لو عدنا إلى موضوعنا فضيلة الشيخ يعني الملاحظ أنه بعد هزيمة 1967..

يوسف القرضاوي: حاضر.

عبد الصمد ناصر: مواقف الناس تباينت واختلفت بل إن بعضهم قد أبدى ارتياحه وفرحه بهذه الهزيمة لأنها أدت إلى هزيمة مَن سماهم الأنظمة الطاغية المتجبرة التي كانت تسرب أو التي أدت إلى قمع الكثير من القوى الإسلامية في المجتمع بل إن منهم أيضا من رأى بأن هذه النقمة في طياتها نعمة للعودة إلى الله سبحانه وتعالى وروي أن الشيخ محمد متولي الشعرواي سجد لله شكرا بعد هذه الهزيمة ما تعليقك فضيلة الشيخ؟

يوسف القرضاوي: هذا صحيح الناس اختلفوا في هذه النكبة ومنهم من اعتبرها يعني منحة من الله لأن الناس كانوا فتنوا بالطغاة وكادوا يعبدونهم ويقدسونهم فربنا أراد أن يريهم إن هؤلاء ليسوا شيئا بعض الناس مثل الشيخ شيخنا الشيخ الشعراوي رحمه الله إنه رأى في هذا إنه إن الأمة لكي يعني تعرف ربها وتعرف نفسها وترجع إلى دينها أفضل من انتصار يعني ممكن يعني هو انتصار مؤقت ممكن بعد ذلك يضيع حقيقة الأمة وروح الأمة هكذا يعني وهذه من المشاكل يعني حينما تصاب الأمة بحكم طاغٍ متجبر مستبد يضيع حقوق الأمة ويقهرها ويسكها بالحديد والنار ويقتل ويدمر ويخرب أحيانا الأمة تتمنى الخلاص منه ولو بعدو..

عبد الصمد ناصر: تتمنى الخلاص نعم.

يوسف القرضاوي: وهذا طبعا يعني أنا لا أقر هذا ولا أبرره ولكن هذا يحدث مثل ما حدث في العراق..

عبد الصمد ناصر: في العراق نعم.

يوسف القرضاوي: أيام صدام حسين بعض الناس رحبوا بالأميركان وهو خطأ لأنك تستبدل شرا بشر..

عبد الصمد ناصر: بشر أخطر منه.

يوسف القرضاوي: وبعضهم يقول إن أصل الشر القديم كان متمكنا وسيطول أمده إنما ده شر طارئ وسيزول لا أحيانا لا تحسب الحسبة بالطريقة دي..

عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ.

يوسف القرضاوي: قال يأتي الشر الجديد ده ويتمكن ويتوغل وهكذا.

عبد الصمد ناصر: يعني الآن تقول هذا الكلام فضيلة الشيخ وقد مر أربعون سنة على هذه الهزيمة وبدأت مشاعر ولربما الغضب تخف حيال تلك الأنظمة التي كانت تقمع الحركات الإسلامية والقوى الإسلامية أريد أن أسأل هنا فضيلة الشيخ قبل الحرب كيف كان شعور الناس عامة؟ هل كانوا يتمنون أن تنتصر هذه الأنظمة بما في ذلك من خطر على الأمة على دينها على معتقداتها وقيمها وبما في ذلك من خطر أم كانوا يريدون ربما هزيمة الوطن ولكن أن تزول هذه الأنظمة؟

يوسف القرضاوي: هو بعض الأنظمة العربية بعد هذه النكبة التي سموها نكسة كان بعضهم يقول لا إحنا لم نهزم لأن العدو كان يريد إسقاط الأنظمة الثورية والأنظمة الثورية لم تسقط سقطت الأرض ولم تسقط الأنظمة يعني كأن خسارة الأرض ده شيء هين مادام النظام الحاكم..

عبد الصمد ناصر: قائم.

يوسف القرضاوي: باقي..

عبد الصمد ناصر: باقي نعم.

يوسف القرضاوي: هذا يعني الخطأ من غير شك لأن القضية كلها قضية أرض المعركة بيننا وبين اليهود على الأرض هم يريدون الأرض ونحن نريد أن نحتفظ بأرضنا يريدون اغتصابها ونحن نريد استردادها واستبقائها فهذه القضية يعني..

عبد الصمد ناصر: سنعود فضيلة الشيخ لهذه النقطة وإلى مسألة الصحوة الإسلامية ولكن بعد الفاصل، مشاهيدنا الكرام نعود إليكم ابقوا معنا.

[فاصل إعلاني]

عبد الصمد ناصر: السلام عليكم وأهلا بكم من جديد في برنامج الشريعة والحياة حلقة اليوم حول الصحوة الإسلامية ومآلاتها فضيلة الشيخ أشرتم قبل قليل إلى أن هزيمة 1967 كانت في طياتها أو هي كانت نقمة في طياتها نعمة ووكيل الأزهر آنذاك الدكتور محمد عبد الله ماضي قال في مؤتمر عام بعد الهزيمة لو انتصرنا على ما كان بنا من عيوب وانجراف لازددنا جرأة على محارم الله هل يعكس هذا الإمالة بأن الهزيمة خير وكيف هي خير؟

يوسف القرضاوي: لا شوف هذا يعني كما يقول القرآن {وعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}..

عبد الصمد ناصر: وهو خير لكم.

يوسف القرضاوي: العرب في أمثالهم يقولون رب ضرة نافعة..

يوسف القرضاوي: الجماعة الصوفية يقول لك رب منحة في..

عبد الصمد ناصر: محنة نعم..

يوسف القرضاوي: رب منحة في طي محنة يعني قد تأتي المحن ببعض المنح كما أشار القرآن في قضية الإفك على السيدة عائشة {إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالۡإِفۡكِ عُصۡبَةٌ مِّنكُمۡ لَا تَحۡسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلۡ هُوَ خَيۡرٌ لَّكُمۡ لِكُلِّ امۡرِئٍ مِّنۡهُم مَّا اكۡتَسَبَ مِنَ الۡإِثۡمِ وَالَّذِي تَوَلَّي كِبۡرَهُ مِنۡهُمۡ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} يعني مش معنى إن الإفك خلف لا إنما شر يأتي بالخير هذا هو المعنى الذي أشار إليه شيخنا الدكتور ماضي رحمه الله..

عبد الصمد ناصر: وإن مع العسر يسرا نعم فالأديب المعروف ميخائيل نعيمة قال فضيلة الشيخ إن الدرس الأكبر الذي يجب أن يتعلمه العرب من هزيمتهم النكراء أن الدنيا لا تساس بالدين فالدين موطنه السماء الذي لا يعرفها أحد والدنيا موطنها الأرض التي لا يجهلها أحد هل لديكم أي تعليق على هذا الكلام؟

يوسف القرضاوي: نعم هذا رد عليه المفكر الكبير الأستاذ الدكتور محمد المبارك المفكر السوري المعروف وقال إن يعني ليس كل شاعر كبير مفكرا كبيرا وأنا رديت عليه في كتابي درس النكبة الثانية قلت إنه يظهر الشاعر المهجري عايش بعيد عن هذه البلاد وظن الناس إن الدين هو اللي بيحرك الحياة السياسية عندنا وإن الناس جالسين في المساجد يسبحون ولا يعرف إن الذين يعني قادوا هذه المعارك علمانيين يفصلون بين الدين والدولة ويستخدمون الأساليب العصرية والدين هو إحنا قلنا إنهم أخرجوا الدين من المعركة هو فاهم إن الدين هو اللي بيسير..

عبد الصمد ناصر: نعم هو الذي قال نعم.

يوسف القرضاوي: قضية يعني بعيدة جدا يعني فاهم خطأ يمكن اللي أقرب منه إلى الصواب نزار قباني، نزار قباني عمل قصيدته الشهيرة يعني اسمها هوامش على دفتر النكسة وقال فيها أشياء قاتلة أنصف الدين يقول جلودنا ميتة الإحساس أروحنا تشكو من الإفلاس نعيش بين الزهر والشطرنغ والنعاس هل نحن خير أمة قد أخرجت للناس ما إحنا ما كان الدين له وضع حتى يقول إن الدين هو السبب بالعكس لو حللنا القضية تماما لنقول إن البعد عن الدين ونحن نقصد بالدين الإسلام الصحيح..

عبد الصمد ناصر: نخسره.

يوسف القرضاوي: يعني بعض الناس بيقول أنتم بتقولوا انصروا الله ينصركم هل يعني إذا صلينا وسبحنا وذكرنا الله ننتصر؟ نصر الله مش مجرد التسبيح والصلاة نصر الله يكون بتحقيق الإسلام تحقيق الإيمان، الإيمان بضع وسبعون شعبة كنا نحقق الإيمان في حياتنا نحقق الإسلام الحقيقي نعد لأعدائنا ما استطعنا من قوة نجمع صفوفنا {واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً ولا تَفَرَّقُوا} حبوا لإخواننا ما نحب لأنفسنا..

عبد الصمد ناصر: لأنفسنا نعم.

يوسف القرضاوي: نقيم حكم الشورى والحرية وحقوق الإنسان إذا هذا هو نصر الله مش نصر الله إن أنا أمسك سبحة وأعمل هذا يعني خطأ.

التداعيات الاجتماعية والسياسية للصحوة الإسلامية

عبد الصمد ناصر: فضيلة الشيخ قلتم بأن بعد هزيمة 1967 بدا وأن وكأن هناك موجة عارمة إيمانية عارمة امتدت في العالم العربي والإسلامي سميت بالصحوة الإسلامية واحتملت هذه الموجة تفسيرات كثيرة كل فسرها حسب ما يرى أنتم ما تفسيركم لهذه الصحوة وأنتم أحد أبرز مناظريها ومفسريها؟

يوسف القرضاوي: أنا فسرتها وقلت لك إن دي يعني..

عبد الصمد ناصر: بغض النظر على أنها يعني حركة اجتماعية طبيعية على أعلى ما يخص الحدث نعم.

يوسف القرضاوي: هي اجتماعية سياسية فكرية لأنها كانت صحوة عقول وأفكار الكتاب الإسلامي أصبح الكتاب الأول في سوق التوزيع المكتبة الإسلامية دخل فيها آلاف الكتب آلاف مئات الأطروحات من رسائل الماجستير والدكتوراه قدمت..

عبد الصمد ناصر: ما دور الجامعة فضيلة الشيخ؟

يوسف القرضاوي: في الثقافة الإسلامية والدراسات الإسلامية الاقتصادية والسياسية والتربوية والاجتماعية إلى آخره..

عبد الصمد ناصر: ماذا كان دور الجامعة في هذه الصحوة؟

يوسف القرضاوي: نعم؟

عبد الصمد ناصر: دور الجامعة في هذه الصحوة؟

يوسف القرضاوي: الجامعة بمعنى الأكاديمية؟

عبد الصمد ناصر: نعم أكاديمية نعم.

يوسف القرضاوي: الجامعة تأثرت بالصحوة الجامعات كلها تأثرت وخصوصا مثل أول ما بادرت وما بدأت الجامعات بدأ بشباب الصحوة الإسلامية..

عبد الصمد ناصر: كلية الطب نعم.

يوسف القرضاوي: أول شيء بدأ في مصر وأنا أعتقد إن أول ما بدأت الصحوة بدأت في مصر لأن هي اللي حاسة بالنكبة أولا وفبدأ شباب الجامعات المصرية شباب الجامعات هم اللذين بدؤوا بالصحوة وقادوها وكان هذا انبثاق يعني تلقائي لم لا يدعي أحد إن هو اللي عمل الصحوة ولا جماعة يعني لا الإخوان ولا غيرهم الصحوة دي يعني انفجار كده يعني صنعه الله بدأت بشباب الجامعات وبدأت في الجامعات يعني في الكليات كليات القمة كما يقولون يعني الطب والهندسة والصيدلة حتى في الأزهر..

عبد الصمد ناصر: تأخر الأزهر في..

يوسف القرضاوي: الأزهر تأخر عن الجماعات المدنية وحينما بدأت في الأزهر بدأت بكليات الطب والهندسة والصيدلة والعلوم مش في كلية الشريعة وأصول الدين..

عبد الصمد ناصر: الشريعة نعم..

يوسف القرضاوي: يعني فكان الريادة لهؤلاء الشباب..

عبد الصمد ناصر: أربعة عقود فضيلة الشيخ الآن مرت الصحوة وقلت قبل قليل بأنها أنجزت الكثير على مستوى الشعائر وتوعية الناس بالدين وعلى مستوى الدراسات أيضا يعني بغض النظر عن ذلك ما الذي أنجزته على مستويات أخرى؟

يوسف القرضاوي: هي كما قلت صحوة عقول وأفكار صحوة قلوب ومشاعر حماسة للدين اهتمام بقضايا العالم الإسلامي بعد ما كان كل يحاورون القطرة المحلية إن كل شعب يعني يهتم بقضيته وينسى الآخرين لا هذه جعلت كل مسلم يهتم بما يحدث في البلاد الأخرى شهوة يعني أيضا صحوة إرادة وعزيمة صحوة عمل وسلوك الشباب أصبحوا يقبلون على المساجد الشابات يقبلن على الحجاب يعني هذا أمر كان واضحا مواسم الحج والعمرة تراها امتلأت بالشباب كان زمان الذي يذهب إلى الحج والعمرة الشيوخ الكبار زي ما قال الإمام الغزالي في إحياء علوم الدين الحاج هو تمام الأمر وختام العمر لا انظر ولا يزال إلى الآن الذين يملأوون مواسم الحج والعمرة الشباب والشابات..

عبد الصمد ناصر: نعم صحيح.

يوسف القرضاوي: فهذه الظاهرة وخصوصا الشباب المثقف شباب الجامعات والمعاهد وهذه الأشياء هم العمود الفقري للصحوة الإسلامية.

عبد الصمد ناصر: طيب إلى أين انتهت فضيلة الشيخ هذه الصحوة وعن ماذا..

يوسف القرضاوي: نعم؟

عبد الصمد ناصر: إلى أين انتهت هذه الصحوة هل مازال بإمكاننا الحديث الآن عن صحوة إسلامية مشروعة؟

يوسف القرضاوي: لا تزال أسرار الصحوة إلى اليوم لا تزال الملايين من الفتيات محجبات لا يزال الشباب يملؤون المساجد في كل مكان لا زال الكتاب الإسلامي هو الكتاب الأول صحيح إنه حدثت يعني أحداث عوقت الصحوة فيه أشياء كنا بنسميها الذين يهتمون بترشيد الصحوة يعني ولعلي أنا واحد يعني منهم أشياء كنا نقول عليها أمراض الصحوة إن دخل الصحوة ناس يهتمون بالفروع قبل الأصول بالجزئيات قبل الكليات بالمختلف فيه قبل المتفق عليه بالمظاهر قبل المظهر قبل الجوهر يقيم الدنيا ويقعدها من أجل اللحية..

عبد الصمد ناصر: اللحية..

يوسف القرضاوي: أو تقصير الثوب أو لبس النقاب للمرأة أو هذه الأشياء الغلو التشدد هذا كان من الأمراض الخطيرة وهذا كان له صار له آثاره فيما بعد حصل صدام بالحكومات حصل جماعات يعني حينما اشتدت وصلُبت عودها بدأت تصطدم بحكوماتها ودخل الناس في دماء وأشياء فهذا هو الذي عوق كثيرا..

عبد الصمد ناصر: نعم هل تعتبرون فضيلة الشيخ هل تعتبرون أو تتفقون مع من يقول بأن هذه الصحوة رغم كل إيجابياتها إلا أنها أنتجت أيضا جماعات إسلامية تتبنى العنف؟

يوسف القرضاوي: آه هذا صحيح يعني إنما أنا أنظر الأمر في مجموعه العنف ليس يعني ظاهرة إسلامية..

عبد الصمد ناصر: هل ربما هذا مرتبط..

يوسف القرضاوي: العنف ظاهرة عالمية فيه عنف عند المسيحيين رأيناه في أميركا رأيناه في بريطانيا وفيه عنف عند اليهود اللي قتلوا إسحاق رابين فيه عنف عند الهندوس قتلوا أنديرا غاندي وابنها راجيف غاندي فيه عنف عند اليابانيين بتوع الحقيقة السامية فيه عنف في أنحاء العالم لماذا ينسب العنف..

عبد الصمد ناصر: هل..

يوسف القرضاوي: ولكن الشريحة التي تتبنى العنف هي شريحة في الحقيقة قليلة العدد الإعلام هو الذي يضخم هذه الشريحة إنما هي ليست الأكثرية..

عبد الصمد ناصر: لكن أعمالها..

يوسف القرضاوي: تيار الوسطية والاعتدال في الصحوة الإسلامية هو التيار الأعرض جمهورا والأوسع قاعدة والأرسخ قدما..

عبد الصمد ناصر: نعم صحيح.

يوسف القرضاوي: والأطول عمرا..

عبد الصمد ناصر: ولكن هل يقيل القول فضيلة الشيخ إلى ظهور هؤلاء لربما هو نتيجة لعدم نضج الصحوة الإسلامية وأنتم لكم كتاب الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد يعني هل هذه الصحوة لم تنضج بعد لم تتجاوز مرحلة المراهقة إلى سن الرشد؟

يوسف القرضاوي: طبعا إحنا أنا كتبت الكتاب هذا وبينت إيه يعني مظاهر المراهقة ومظاهر الرشد إن لابد للصحوة الإسلامية لكي تكتمل وتبلغ رشدها ونضجها..

عبد الصمد ناصر: عشرة مبادئ..

يوسف القرضاوي: إن هي تنتقل من التعشير إلى التيسير..

عبد الصمد ناصر: الكلام.

يوسف القرضاوي: من التنفير إلى التبشير..

عبد الصمد ناصر: من العطف للغلو نعم.

يوسف القرضاوي: من الغلو إلى الاعتدال.

عبد الصمد ناصر: من العنف والنقمة.

يوسف القرضاوي: من النقمة إلى الرحمة من التشاحم إلى التعاون من الارتجال إلى التخطيط..

عبد الصمد ناصر: عنف..

يوسف القرضاوي: من العاطفية والغوغائية إلى العلمية إلى كذا ذكرت هذه الأشياء..

عبد الصمد ناصر: نعم عشر مبادئ نعم.

يوسف القرضاوي: دلائل على الصحوة على انتقال الصحوة من المراهقة إلى الرشد..

عبد الصمد ناصر: ما المطلوب فضيلة الشيخ؟

يوسف القرضاوي: ولكن أيضا إذا كنا منصفينحتى جماعات العنف هذه هناك أسباب أيضا لظهورها أسباب يعني معظمها..

عبد الصمد ناصر: ساعدت نعم..

يوسف القرضاوي: تتصل بالمغالب التي تقع على المسلمين بعضها داخلي وبعضها خارجي بعضها نتائج حكم الاستبداد الذي ابتلي به المسلمون في كثير من أوطانهم وبعضها داخل القوى المعادية للإسلام والتي تتحكم في مصاير المسلمين الخارج ومن آثارها المشروع الصهيوني في البلاد الإسلامية والذي تؤيده القوة الكبرى في العالم القوة الأميركية.

عبد الصمد ناصر: نعم طيب إذا انتقلنا فضيلة الشيخ لمحور ثالث لأنه بعد هزيمة 1967 ساد خطاب حتمية الحل الإسلامي إلى أين وصل هذا الحل الإسلامي فضيلة الشيخ؟

يوسف القرضاوي: هو خطاب الحل الإسلامي كان ردا على ما سمي بحتمية الحل الاشتراكي تعرف إنه قبل أن تظهر الاشتراكية الثورية في بلادنا العربية كان هناك الحكم اللبرالي..

عبد الصمد ناصر: اللبرالي نعم.

"
جاءت الاشتراكية الثورية فنادى الاشتراكيون الثوريون بحتمية الحل الاشتراكي وذكر عبد الناصر في ميثاقه الشهير حتمية الحل الاشتراكي، هذا الميثاق الذي سماه بعضهم قرآن الثورة واعتبروه كأنه نص مقدس
"

يوسف القرضاوي: وكان هناك من ينادون بحتمية اللبرالية الرأسمالية الديمقراطية ثم جاءت الاشتراكية الثورية فنادى الاشتراكيون الثوريون بحتمية الحل الاشتراكي وذكر عبد الناصر في ميثاقه الشهير حتمية الحل الاشتراكي هذا الميثاق الذي سماه بعضهم قرآن الثورة واعتبروه كأنه نص مقدس فأنا في ذلك الوقت حينما رأيت التنادي بحتمية الحل الاشتراكي ناديت بحتمية الحل الإسلامي..

عبد الصمد ناصر: الإسلامي.

يوسف القرضاوي: وكتبت ذلك ماقالات حتى قبل نكبة يعني 1967 ثم نشرت هذه السلسلة حتمية الحل الإسلامي بعد نكبة 1967 ذكرت أول كتاب فيها يعني الحلول المستوردة وكيف جنت على أمتنا هذا الجزء الأول من السلسلة ثم الحل الإسلامي فريضة وضرورة وأنا كلمة حتمية الحل الإسلامي كلمة الحتمية هذه من مفردات الماركسية كلشية من نكلشهات الماركسية الحتمية وأنا لا أؤمن بالحتمية الماركسية ولكن أنا استخدمت هذا يعني كما يقول علماء البلاغة العربية من باب المشاكلة تقول يعني {وَيَمۡكُرُونَ وَيَمۡكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيۡرُ الۡمَاكِرِينَ} إنما يستهزؤون الله يستهزئ بهم {وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثۡلُهَا فَمَنۡ عَفَا وَأَصۡلَحَ فَأَجۡرُهُ عَلَى اللَّهِ} هو الاستهزاء مقابل استهزاء المنافقين بالمسلمين يقول الله.. دي من باب المشاكلة ولكن لا أقصد بها الماركسيون.

عبد الصمد ناصر: نعم كيف ترون فضيلة الشيخ علاقة الحركة الإسلامية بالأنظمة القائمة خلال مرحلة ما بعد الهزيمة يعني أنتم تسمونها دولا إسلامية ما الذي تغير؟

يوسف القرضاوي: هو إحنا لسنا لا نصف لا نكفر الدول يعني التيار الوسطي الإسلامي لا يقوم على عقيدة التكفير بالعكس كان من الأشياء التي يعني ركزها وكررها وأكدها تيار الوسطية الإسلامية هو الابتعاد عن التكفير تكفير الأفراد أو تكفير المجتمع أو تكفير الدولة لأن الإنسان ما دام يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله وإن ارتكب المعاصي والكبائر فهو مسلم الدولة مادامت تقول إن دينها الإسلام ومصدر قوانينها الأساسي أو الرئيسي هو الشريعة فهي دولة مسلمة لا نكفر لا نقوم بقضية التكفير..

عبد الصمد ناصر: أين موقع..

يوسف القرضاوي: إنما ممكن نقول الدولة يعني فيها جاهلية كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لسيدنا أبي ذر إنك امرء فيك جاهلية نقول الدولة فيها من آثار الجاهلية تحل الحرام وتحرم الحلال ويعني تسقط الفرائض أو الواجبات أو غير ذلك..

عبد الصمد ناصر: ولكن..

يوسف القرضاوي: إنما لا نكفر.

عبد الصمد ناصر: نعم ولكن أين موقع الحل الإسلامي الذي تحدثت عنه فضيلة الشيخ حتمية الحل الإسلامي في إطار هذه الدولة أو في إطار مشاريع هذه الدولة؟ أين وصل هذا المشروع حتمية الحل الإسلامي؟

يوسف القرضاوي: الحل الإسلامي لو حللت الواقع تحليلا يعني حقيقيا دون مراوغة ولا مخادعة ولا تلبيس تجد الشعوب الإسلامية في جمهرتها في أغلبيتها تريد الحل الإسلامي وهذا ما ترفضه العلمانية في الداخل والقوى الإمبريالية في الخارج لو ترك كثير من الشعوب ليختاروا بأنفسهم يختاروا الحل الإسلامي وقد رأينا في كثير من البلاد رأينا في مصر الذين رفعوا شعار الإسلام هو الحل الناس ينتخبونهم كل ما تفعله السلطة الآن إنه تعويق إن هؤلاء يرشحون أنفسهم باعتقالهم أحيانا اعتقال أنصارهم أو وضع العراقيل في فلسطين حينما تقدم أبناء حماس الذين يتبنون الإسلام عقيدة وشريعة وعبادة ومعاملة ودعوة ودولة حين تقدم هؤلاء إلى الشعب الفلسطيني اختارهم الشعب الفلسطيني أغلبية الشعب الفلسطيني اختارتهم ديمقراطية يعني المسار الديمقراطي في صالح الإسلاميين في صالح دعاة الحل الإسلامي..

عبد الصمد ناصر: ولكن.

يوسف القرضاوي: ولكن لمتى يرفض الإسلاميون ومتى يبعدون ومتى يعزلون إذا استعملت معهم القوة إذا استعمل الحديد والنار هنا ينجح غير الإسلاميين.

عبد الصمد ناصر: ولكن هناك من يقول فضيلة الشيخ بأن الصحوة الإسلامية لم تخلق لها امتدادا أفقيا شعبيا بحيث تستقطب في تحت مظلتها كل القوى الشعبية الإسلامية؟

يوسف القرضاوي: لا الدعوة الإسلامية والصحوة الإسلامية استقطبت يعني أغلبية الشعوب هذا هو الواقع وأتيح ذلك مثلا في بعض البلاد مثل إيران وإيران أغلبيتها يعني شيعة وحينما وجدت قيادة يعني معينى مثل الإمام الخميني اختار الشعب الإسلام بعد ما رجع الإمام الخميني أول شيء عمله إيه استفتوا الناس تختاروا الإسلام أم غير الإسلام مش عارف 98% ولا مش عارف مين قالوا الإسلام هذا وأنا أرى إن لو مثل هذا استفتي في معظم الشعوب الإسلامية ستختار الأغلبية الساحقة الإسلام..

عبد الصمد ناصر: طيب حتى لا نهمل سؤالا طرحناه في مقدمة الحلقة كيف تبدو الآن فضيلة الشيخ العلاقة بين التيارين القومي والإسلامي بعد أن فرقتهم هزيمة 1967؟

يوسف القرضاوي: الواقع مش فرقتهم يعني نكبة 1967 لا..

عبد الصمد ناصر: قبل ذلك نعم.

يوسف القرضاوي: كانوا متفرقين قبل ذلك لأنه كان الإسلاميون مضيقين عليهم كانوا في السجون والمعتقلات كانوا لا يمكنون من أن يكون لهم كلمة والشيوعيون وغيرهم واليساريون وكانوا ممكنين من أجهزة الإعلام وثبوا على كل يعني مراكز التوجيه والثقافة كانت في أيديهم وبعدين هذا نتج عنه إنه التيار المتشدد غلب في وقت من الأوقات يعني التيار التكفيري وتيار البتاع غلب على بعض الأقطار الإسلامية فكان كثير من الإسلاميين يرفض القومية رفضا مطلقا وكثير من القوميين يرفض الإسلام رفضا مطلقا نريدها قومية علمانية لا صلة لها مع إنه القومية العربية بالذات لا يمكن أن تستغني عن الإسلام لأنه أبو القومية العربية ساطع الحصري كان يقول إن أساس القومية العربية اللغة والتاريخ طيب إذا فرغنا القومية العربية من اللغة إذا فرغنا اللغة العربية من الإسلام ماذا يبقى وإذا فرغنا التاريخ العربي من الإسلام ماذا يبقى لا يمكن العروبة والإسلام العربية لغة الإسلام العروبة وعاء الإسلام القرآن عربي محمد عربي الصحابة عرب مساجد الإسلام الكبرى في أرض العرب المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى..

عبد الصمد ناصر: فضيلة الشيخ المشكلة فضيلة الشيخ يعني مفهوم الأمة عند القوميين ليس هو مفهوم الأمة عند الإسلاميين يعني هذا الموضوع شائك طويل عريض لا يمكن يعني أن نطرحه هكذا قي الدقائق الأخيرة..

يوسف القرضاوي: في السنوات الأخيرة أجبرت الظروف السياسية أن تجمع بين القوميين والإسلاميين..

عبد الصمد ناصر: نعم صحيح.

يوسف القرضاوي: حينما وجد أناس يدعون إلى تطبيع العلاقة مع اليهود مع الإسرائيليين كان صوتهم عاليا ووجدوا القوميون والإسلاميون العقلاء منهم يعني المعتدلون لأن الغلاة من الفريقين لا يمكن أن يجتمعوا المتوسطون وهم الجمهرة الكبرى رأوا أن الخطر قادم يجب أن يقف التيار القومي والتيار الإسلامي معا ضد هذا الخطر القائم واجتمعت لجنة يعني نسقت بين الأمرين وقدمت اللجنة الإسلامية ورقة وقدمت اللجنة القومية ورقة واجتمعوا في بيروت وأنشئ المؤتمر القومي الإسلامي..

عبد الصمد ناصر: المؤتمر القومي الإسلامي نعم..

يوسف القرضاوي: الذي لا يزال قائما إلى اليوم واجتمع قريبا في قطر والذي أسس وأنشأ مؤسسة القدس الدولية لحماية القدس وتثبيت أهلها وإعانتهم على الصمود فكان هذا..

عبد الصمد ناصر: طيب فضيلة الشيخ بقيت دقيقة واحدة أريد أن أسأل عن موضوع علاقة الإسلاميين بالاشتراكيين الآن طبعا هزيمة 1967 اعتبرت هزيمة لحتمية الحل الاشتراكي كما اعتبرت هزيمة 1948 هزيمة الحتمية اللبرالية..

يوسف القرضاوي: الاشتراكية يا سيدي..

عبد الصمد ناصر: علاقتكم الآن بالاشتراكيين؟

يوسف القرضاوي: الاشتراكية هزمت في بلادها الأم الاشتراكية يعني سقطت في الاتحاد السوفييتي أبو الاشتراكية وحامي حمى الاشتراكية وناشر الاشتراكية في أنحاء العالم فكيف الاشتراكية في بلادنا لا انتهت هذه..

عبد الصمد ناصر: بسبب أفق العلاقة بين الإسلاميين والاشتراكيين.

يوسف القرضاوي: نعم؟

عبد الصمد ناصر: لا أفق لهذه العلاقة؟

يوسف القرضاوي: لا إذا كانت اشتراكية معتدلة واشتراكية تؤمن بالحريات وتؤمن بحق الشعوب وبحقوق الإنسان نحن نتعاون معها ونتعاون حتى مع العلمانية المعتدلة فيه علمانية معتدلة وعلمانية متطرفة فيه علمانية لا تريد أن يبقى للإسلام يعني أي كيان ولا تريد أن تعطي المسلمين أي درجة من درجات التحرك فهذا إنما أنا أقول حتى العلمانية المعتدلة ممكن نمد لها يدا إذا كنا أمام عدو مشترك كذلك الاشتراكية المعتدلة..

عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك.

يوسف القرضاوي: ممكن أن نعاملها كذلك.

عبد الصمد ناصر: شكرا لك فضيلة الشيخ بارك الله فيكم وشكرا لكم في الختام لكم تحيات منصور الطلافيح في الإخراج ومعتز الخطيب في الإعداد ومني عبد الصمد ناصر وأيضا من باقي طاقم الفنيين شكرا لكم وإلى اللقاء بحول الله.

المصدر: الجزيرة