صورة عامة
الشريعة والحياة

فتنة التكفير ج1

تتناول الحلقة المصطلحات التي نشطت بعد الحرب على العراق وشاعت في الإعلام ودرجت على ألسنة الكثير من الناس مثل تعبير التكفيريين الذي لا نعرف له مدلولا واضحا ومحددا.

– أصول الإيمان والكفر ومعناه وصفاته
– التكفير وضوابطه وأسباب الوقوع في فتنته

– تأويل النصوص وفتنة التكفير

– سبل الاعتصام من فتنة التكفير


undefinedعثمان عثمان
: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته وأهلا وسهلا بكم مشاهدينا الكرام إلى حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة والتي تأتيكم على الهواء مباشرة من الدوحة، جاء في كتاب العقيدة الطحوية ونسمي أهل قبلتنا مسلمين مؤمنين ماداموا بما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم معترفين وله بكل ما قاله وأخبر مصدقين ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله، بعد الحرب على العراق نشطت تعبيرات ومصطلحات عديدة شاعت في الإعلام ودرجت على ألسنة الكثير من الناس وبعض السياسيين من أهمها تعبير التكفيريين الذي لا نعرف له مدلولا واضحا ومحددا ومن المعني به فما هو الكفر وما ضابطه وما أسباب فتنة التكفير وكيف نحاصرها، فتنة التكفير موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي الذي نرحب به بعد طول غياب ونحمد الله تعالى على أن عافاه ونسأله سبحانه وتعالى أن يديم عليه وعلينا وعليكم مشاهدينا الكرام نعمة الصحة والعافية مرحبا بكم سيدي في برنامجكم بعد طول غياب.

يوسف القرضاوي- داعية ومفكر إسلامي: مرحبا بك يا أخ عثمان أهلا وسهلا.


أصول الإيمان والكفر ومعناه وصفاته

عثمان عثمان: بداية فضيلة الشيخ الإيمان أصوله التي يحكم بها على إيمان المرء سواء كان رجلا أو امرأة ما هي هذه الأصول؟

يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات الذي هدانا لهذا وما كنا أن نهتدي لولا أن هدانا الله وأزكى صلوات الله وتسليماته على رحمة الله للعلمين وحجته على الناس أجمعين سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، قبل أن أجيب عن هذا السؤال لابد لي أن أهنئ الأخوة المشاهدين والمشاهدات في كل مكان بهذا الموسم الكريم الذي أوشكنا على العشر الأواخر منه نسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل حظنا من هذا الشهر الكريم الرحمة والمغفرة والعتق من النار وأن يتمه على أمتنا الكبرى بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما يحب ويرضى ثم لا يسعني في بداية هذه الجلسة بعد هذا الغياب الطويل الذي ذكرته يا أخ عثمان إلا أن أتوجه إلى الله تبارك وتعالى قبل كل شيء بالحمد والشكر فهو مولى النعم وهو الذي منّ علينا بالعافية وأنعم علينا بالسلامة والصحة ونعمه علينا لا تعد ولا تحصى وإحسانه يغمرنا من (كلمة غير مفهومة) إلى أقدامنا فلله الحمد ولله الشكر كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، كما أشكر الأخوة من المسلمين والمسلمات الذين أقلقهم مرضي وأهمهم أمري في أنحاء العالم لا يسعني والله إلا أن أشكر للجميع ابتداء من الأخوة في الجزائر الذين أحاطوني بالعناية والرعاية والحب ابتداء من رئيس الجزائر نفسه السيد العزيز بوتفليقة والحكومة والشعب الجزائري عن بكرة أبيهم أسأل الله تعالى أن يجزيهم عني خيرا وأن يجزي الأخوة الذين اتصلوا من أنحاء العالم يعني من جميع القارات..

عثمان عثمان: وما أكثرهم من محبيك فضيلة الشيخ.

يوسف القرضاوي: نعم؟

عثمان عثمان: ما أكثر المحبين الذين اتصلوا.

يوسف القرضاوي: والله أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلني أهلا لهذا الحب يعني أنا أقل من أن أستحق هذا الحب من هذه الأمة المباركة والله تعالى يعلم بتقصيري وأسأله سبحانه أن يغفر لي ما لا يعلمون وأن أنال شفاعة الصالحين وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة، أذكر لهؤلاء الأخوة جميعا ولأمير دولة قطر الذي اتصل بي وأحاطني بالرعاية وأعلن أنه مستعد أن أذهب إلى أي مكان وإلى الآن يقول لي يعني إذا تريد أن تذهب إلى أي مكان للعلاج لاستكمال العلاج ولا أستطيع أن أقوم بالشكر النبي صلى الله عليه وسلم قال "من صنع إليكم معروفا فكافؤوه فإن لم تقدروا فقولوا جزاك الله خيرا" وأنا لا أقدر أن أكافئ هؤلاء الأخوة والأخوات في أنحاء العالم ولكني أقول لهم جزاكم الله خيرا جزاكم الله عني خيرا وجعل هذا الحب خالصا لوجهه وأسأله تعالى أن يضلنا ببركته في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

عثمان عثمان: فضيلة الشيخ يعني إن شاء الله بعلمكم الذي استفاد منه الكثيرون تستحقون ما تستحقون من محبة بإذن لله نعود إلى الأصول الإيمانية التي من خلالها نستطيع أن نحكم على إيمان المرء سواء كان هذا المرء رجلا أو امرأة؟

يوسف القرضاوي: الإيمان قضية من أخطر القضايا بل أقول هي أخطر القضايا على الإطلاق نسمع قضية مصيرية القضية المصيرية الأولى للإنسان هي قضية الإيمان إيمان وكفر يعني جنة ونار يعني نجاة أو هلاك وليس يعني نجاة الأبد أو هلاك الأبد ولذلك قضية الإيمان تعتبر أخطر قضية في الوجود ومن هنا بعث الله الرسل وأنزل الكتب ليهدي الناس إلى الإيمان، الإيمان بالله عز وجل إذا قلنا الإيمان فالإيمان الحقيقي هو الإيمان بالله فيه الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وحسابه وجزائه..

عثمان عثمان: إلى سائر أركانه.

يوسف القرضاوي: شوف كلها ترجع إلى الله ملائكته كتبه رسله لقائه وجزائه يعني فأصل الإيمان هو الإيمان بالله عز وجل ومن أجل هذا الإيمان حقت الحاقة ووقعت الواقعة وقامت سوق الجنة والنار وانقسم الناس إلى معسكر إيمان ومعسكر كفر {هُوَ الَذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ} ولهذا أعظم يعني انقسام للناس ليس انقسام الناس إلى أبيض وأسود وشرقي وغربي ولكن انقسام الناس إلى مؤمن وكافر فقضية الإيمان والكفر القضية يعني مهمية ومهمة وهي قضية لاإرادية اختيارية يعني الإنسان لا يجبر على الإيمان إنما يختار الإيمان يعني..

عثمان عثمان: {إنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إمَّا شَاكِراً وإمَّا كَفُوراً (3)}

يوسف القرضاوي: وإما كفورا الإنسان هو الذي يختار الإيمان بنفسه لو فيه أي شائبة إكراه لا يقبل الإيمان لما قال فرعون عند الغرق آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بني إسرائيل وأنا من.. قال {آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وكُنتَ مِنَ المُفْسِدِينَ (91)} يبقى ساعة الغرق..

عثمان عثمان: جاء إيمانه متأخرا إذا.

يوسف القرضاوي: { فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وحْدَهُ وكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ (84) فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا} لابد أن يكون الإيمان عن قناعة واختيار وإرادة حرة إنك تعرف أن.. فلابد أن تؤمن بالله عز وجل باعتباره الخالق المنعم بالنعم الكبرى الله يستحق الإيمان لأن من الذي خلقك؟ ومن الذي خلق الكون من حولك؟ ومن الذي أنعم عليك بالنعم الكبرى؟ نعمة العقل، نعمة الحواس، نعمة تسخير الكون لك صاحب النعم الكبرى هذه هو الله عز وجل فكان هو من حقه وحده أن يؤمن به الإنسان وأن يتجه إليه بالعبادة وحده لا شريك له {إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعِينُ} يعني لا نعبد أحدا غيرك ولا نستعين بأحد سواك فهذا هو الإيمان الذي أصله خمسة أركان ذكرها القرآن والسُنّة جعلتها ستة القرآن {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ والْمَلائِكَةِ والْكِتَابِ والنَّبِيِّينَ}..

عثمان عثمان: إذا لابد للإنسان أن يؤمن بهذه الأركان الستة حتى يكون مؤمنا؟

يوسف القرضاوي: القرآن جعلها خمسة السُنّة أضافت إليها القدر طب القرآن ليه ما ذكرش القدر؟ لأن هو جزء من الإيمان بالله يعني معنى القدر أن تؤمن بأن الله يعلم الأشياء قبل وقوعها ويقدرها قبل وقوعها وتقع كما قدرها الله فهي جزء من الإيمان بعلم الله وإرادته وقدرته وكماله.

عثمان عثمان: فضيلة الشيخ يعني هذا الإيمان الذي تحدثتم وأفضتم بالحديث عنه هل هو عمل قلبي أم لابد أن يظهر هذا الإيمان بعد الاعتقاد القلبي من خلال أداء الجوارح للطاعات والعبادات؟

يوسف القرضاوي: أصل إيمان هو الإيمان القلبي لا اعتبار للإيمان إذا كان مجرد كلمة باللسان فيه منافقين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِين (8) يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)} فليس العبرة بكلام اللسان الإيمان المنجي في الآخرة والمعتبر والمقبول عند الله هو الذي يكون أصله في القلب ولذلك القرآن يقول {أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وأَيَّدَهُم بِرُوحٍ} {ولَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا ولَمَّا يَدْخُلِ الإيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ} الإسلام علانية والإيمان في القلب فالإيمان ولكن لكي نحكم على الشخص بأنه مؤمن أو مسلم لابد أن يظهر شيء يدل على الإيمان ولذلك كان الإقرار باللسان بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدً رسول الله كان هذا الإقرار أمرا لابد منه حتى نحكم له بأنه مؤمن وأنه مسلم فكان ولذلك كان بعض السلف يقول الإسلام هو الكلمة يعني كلمة التوحيد كلمة الشهادة فلا يمكن أن نحكم على شخص بالإيمان ما لم ينطق بالشهادتين إذا نطق بالشهادتين ده مفتاح الدخول في الإسلام بعد كده ننتظر منه الالتزام بأركان الإسلام بالصلاة بالزكاة بهذه الأشياء إنما أصل الإيمان هو..

عثمان عثمان: مكانه القلب.

يوسف القرضاوي: القلب والمعبر عن هذا الذي في القلب هو الإقرار ثم تأتي الأعمال هي التي تعبر عن كمال الإيمان يعني لا يمكن أن نشهد للشخص بالإيمان..

عثمان عثمان: يعني كما قيل..

يوسف القرضاوي: الكامل إلا إذا رأينا أعماله نصدق هذا ولذلك قال بعض السلف ليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ ولا أَمَانِيِّ أَهْلِ الكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ ولا يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ ولِياً ولا نَصِيراً (123) ومَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ ولا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)} لابد من عمل ولكن عمل مؤسس على الإيمان وهو مؤمن والقرآن ذكر الإيمان العمل في عشرات الآيات {الَذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} ليدلنا على أن حقيقة الإيمان المؤثر فعلا أن ينشئ واقعا في الحياة لا تقول أنا مؤمن ولا نرى لإيمانك أثرا، لابد أن يظهر الإيمان في علاقتك بالله، في علاقتك بأسرتك، في علاقتك بجيرانك، في علاقتك بخصومك، في علاقتك في كل شيء هذا معنى الإيمان الحقيقي.

عثمان عثمان: إذاً سيدي لابد أن يتحرك الإيمان في حياة الناس على نقيض الإيمان هناك الكفر، الكفر يعني لو تتفضلون علينا بتعريف هذا الكفر ما هي أنواعه ما هي صفاته؟

يوسف القرضاوي: الكفر مقابل الإيمان والكفر مقابل الشكر فيه كفر إذا أخذنا النصوص القرآنية والنبوية نجد كفر يقابل الإيمان {هُوَ الَذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ} فمنهم من آمن ومنهم من كفر.

عثمان عثمان: من كفر.

يوسف القرضاوي: {اللَّهُ ولِيُّ الَذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ والَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إلَى الظُّلُمَاتِ} ففيه إيمان يقابل كفر، كفر يقابل إيمان وفيه كفر يقابل شكر هنا اللي يقابل الإيمان كفر بالمنعم هناك الكفر بالنعمة إذا كفر بالنعمة ولم يكفر..

عثمان عثمان: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ ولَئِن كَفَرْتُمْ إنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)}..

يوسف القرضاوي: شكرتم وكفرتم إما شاكرا وإما كفورا..

عثمان عثمان: كفورا.

"
الكفر أنواع مثل كفر الجحود والإلحاد والذي يرى صاحبه أنه ليس هناك إله لهذا الكون
"

يوسف القرضاوي: {ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إلاَّ الكَفُورَ} لأن الكفر بالنعمة فهناك الكفر أنواع هناك كفر الجحود والإلحاد والذي يعني يرى صاحبه أنه ليس هناك إله لهذا الكون هذا يقول لك ليس صوابا أن الله خلق الإنسان بل الصواب أن الإنسان هو الذي خلق الله بعض الفلاسفة الماديين يقول لك يقولوا الألوهية دي فكرة اخترعها الإنسان..

عثمان عثمان: الإنسان.

يوسف القرضاوي: ما فيش هذا الماديين الملاحدة من قديم وحديث إلى الآن..

عثمان عثمان: كفر الجحود والإلحاد.

يوسف القرضاوي: ده كفر الإلحاد والجحود لا إله والحياة مادة وهناك كفر الشرك يؤمن بالله ولكن يجعل معه آلة أخرى..

عثمان عثمان: كمشركي قريش؟

يوسف القرضاوي: زي كمشركي العرب {ولَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ والأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ومع هذا يقولون يعني هؤلاء الأصنام شفعاؤنا عند الله {مَا نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلَى اللَّهِ زُلْفَى}

عثمان عثمان: زلفى.

يوسف القرضاوي: فهذا الشرك وده معظم العالم مشرك يعني الإلحاد حقيقة يعني قلة طوال التاريخ الملحدون قلة لا وزن لها وبعضهم كما قال بعض المفكرين المسلمين يعني ليس إلحادا عقل وفكر ما هو إلحاد بطن وفرج يعني يريد أن يبرر انحرافه وانحلاله وكذا فينكر الألوهية وينكر كذا إنما اللي عم الوجود وعم العالم هو الشرك، الشرك هو الذي ملأ العالم من قديم وإلى اليوم الوثنيات..

عثمان عثمان: يعني هل هناك صور هذه الأيام كتلك الصورة عند مشركي العرب قديما؟

يوسف القرضاوي: موجودة عندنا الوثنيات الكبرى في العالم الهندوسية والبوذية والوثنيات اليابانية والأفريقية دي كلها الوثنيات في معظم يعني تحكم العالم فهذا كثر الشرك وهناك كفر الجحود بالنبوة فيه ناس يعني تقول وجود الألوهية وتنكر أن لله رسلا أرسلهم أو كتبا أنزلها.

عثمان عثمان: ربما سموا نفسهم أهل القرآن.

يوسف القرضاوي: لا دول لا ده غير أهل القرآن معناها يؤمنون بأن الله أنزل كتابا على محمد ده غير دون لا فيه ناس يعني من الهنود وغيرهم يؤمنون بالألوهية ولا يؤمنون بأن العالم في حاجة إلى النبوة ويقولون العقل كاف في هداية العالم وده اللي رد عليهم الإمام محمد عبده في كتابه رسالة التوحيد وبين في فصل رائع حاجة البشر إلى الرسالة إن العقل وحده لا يكفي في هداية البشر إلى الله وإلى معرفة ما يجب لله والطريق الذي يحقق رضا الله سبحانه وتعالى هذا يحتاج إلى شيء فوق العقل إلى النبوة وهناك كفر النفاق من أنواع الكفر، كفر النفاق يعني واحد يدعي الإيمان بلسانه ويظاهره وهو في باطنه غير مؤمن كما أودي في عصر النبوة المنافقون عبد الله بن أبي بن سلول وجماعته الذين كانوا يصلون مع المسلمين ويذهبون للجهاد مع المسلمين ومع هذا القرآن قال عنهم إنهم في الدرك الأسفل من النار {إنَّ المُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ}.. إذا كل..

عثمان عثمان: يعني هؤلاء نستطيع أن نقول منافقين يعني بمعنى آخر هم كفار بنفس الوقت؟

يوسف القرضاوي: آه فيه النفاق طبعا قسمان ويعني كما قسموا الكفر أيضا يعني فيه نفاق عقدي ونفاق عملي..

عثمان عثمان: كالكفر تمام الكفر الاعتقادي.

يوسف القرضاوي: الكفر فيه كفر عقدي أو اعتقادي وكفر عملي وفيه كفر أكبر وكفر أصغر.

عثمان عثمان: كفر دون كفر.

"
الكفر درجات والمحققون من العلماء يقولون إن الشرك فيه أكبر وأصغر والكفر والنفاق والظلم كذلك فيه أكبر وأصغر، ومن أخطر الأشياء الخلط بين هذه الأنواع
"

يوسف القرضاوي: كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس وغيره كفر دون كفر لما سألوا عن قوله تعالى {ومَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} فقال كفر دون كفر ليس كمن كفر بالله واليوم الآخر ولكن كفر دون كفر فالكفر درجات ولذلك المحققون من العلماء قالوا الشرك فيه أكبر وأصغر والكفر فيه أكبر وأصغر والنفاق فيه أكبر وأصغر والظلم فيه أكبر وأصغر فلذلك من أخطر الأشياء الخلط بين هذه الأنواع إن ما جاء في أشياء في الكفر الأصغر يجعلها هي من الكفر الأكبر المقروب للكفر الأكبر الذي يوجب لصاحبه الخلود في النار في الآخرة ويخرجه من ملة الإسلام في الدنيا يعني لا يجعله من المسلمين يخرجه من الملة هذا اللي نسميه الكفر الأكبر إنما فيه كثير من المعاصي أطلق عليها أنها كفر إن الإنسان يخالف أمرا يترك فريضة زي الصلاة جاء "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة من حلف بالله فقد كفر أو فقد أشرك أشياء كثيرة ذكر النبي عليه الصلاة والسلام إنها من أنواع الكفر "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض سباب المسلمين فسوق وقتاله كفر" هذا المقصود به كما قال المحققون من العلماء الإمام النووي والإمام ابن حذر الإمام ابن تيمية ابن القيم كل هؤلاء قالوا إن الكفر هنا ليس معناه الكفر المخرج من الملة ولكن يطلق عن المعاصي إنها كفر على سبيل المجاز وعلى سبيل التخويف لأن إذا وقعت في الكفر المعصية ممكن إن كفر المعصية يؤديك إلى كفر العقيدة..

عثمان عثمان: ولكن هناك من اعتبر مرتكب الكبيرة كافر وهو مخلد في النار؟

يوسف القرضاوي: آه هناك طبعا هذه أول قضية يعني ظهر فيه خلاف بين المسلمين في قضايا الخلاف في الفكر الإسلامي أول القضية ظهرت بين المسلمين الخلاف في مرتكبي الكبيرة هل هو مؤمن أم كافر..

عثمان عثمان: أم كافر.

يوسف القرضاوي: هل ارتكاب الكبيرة أخرجه من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر أم لا زال سؤل يعني هذا السؤال الإمام الحسن البصري في حلقته فقبل أن يجيب أجاب أحد تلاميذه المعروفين وهو واصل ابن عطاء وقال لا ده هو مؤمن ولا كافر بل هو في منزلة بين المنزلتين وانشق عن إمامه وشيخه الحسن البصري وهنا قال الحسن اعتزلنا واصل وكان هذا بداية طائفة المعتزلة..

عثمان عثمان: نشوء (كلمة غير مفهومة)..

يوسف القرضاوي: لأن كان المسلمون يعتبرون أن من ارتكب يعني معصية صغيرة أو كبيرة فهو في دائرة الإيمان لا يخرجه هذا يخرجه من دائرة الإيمان الكامل كما جاء في الحديث "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن"

عثمان عثمان: وهو مؤمن

يوسف القرضاوي: "ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربه وهو مؤمن" المقصود وهو مؤمن أي هو مؤمن إيمانا كاملا أن الكلمة عند الإطلاق إذا أطلقت تنصرف إلى الكامل..

عثمان عثمان: إذاً فضيلة الشيخ..

يوسف القرضاوي: يعني لغة العرب إذا أطلقوا الشيء ما تقول هذا رجل يعني كلمة رجل إذا أطلقت يعني رجل كامل الإيه هذا عالم يعني معناه.. إنما تقول مثلا العالم الذي لا يعمل هذا ليس بعالم ليس معناه إن ليس بعالم إن يعني العلم اللي تعلمه ذهب لا ولكنه ليس بعالم كامل لأن فعله يخالف قوله وعمله يضاد علمه فليس بالعالم لكامل ولذلك أنه يقول "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" أي وهو مؤمن إيمانا كاملا فبعض الناس للأسف تتمسك بظواهر هذا الحديث وتقول لك إن مرتكبي المعصية الزنا والسرقة وشرب الخمر أو نحو ذلك يكون كافرا لا.


التكفير وضوابطه وأسباب الوقوع في فتنته

عثمان عثمان: إذاً يا سيدي ما هي ضوابط التكفير هل يجوز للمسلم أن يكفر أحدا أو أن يتهم أحدا ما بالكفر؟

يوسف القرضاوي: هذه قضية في غاية الخطورة لأن الإسلام حريص كل الحرص على قضيتين كبيرتين كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة أو وحدة المعبود ووحدة العابدين توحيد الله عز وجل وتوحيد الأمة فكل ما يفرق الأمة الإسلام يقف في سبيله يضاده تماما يريد أن يجمع الأمة على كلمة سواء أمة ربها واحد ونبيها واحد وكتابها واحد وشعائرها واحدة وعقائدها واحدة وقبلتها واحدة يقول أهل القبلة هو الكلمة اللي بدأت بها الحديث عن الإمام الطحاوي يسمي أهل..

عثمان عثمان: قبلتنا.

يوسف القرضاوي: أهل قبلتنا..

عثمان عثمان: مسلمين مؤمنين.

يوسف القرضاوي: مسلمين ماداموا مقرين بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم معترفين بكل ما أخبر به سمهم مسلمين لا نكفرهم بذنب ما لم يستحلوه..

عثمان عثمان: إذاً فضيلة الشيخ إن شاء الله نكمل..

يوسف القرضاوي: ما معنى ما لم يستحلوه عايز هنا..

عثمان عثمان: نعم تفضل.

يوسف القرضاوي: بمعنى الإنسان قد يرتكب الذنب وهو يعتقد أنه حرام قد يزني الزاني تدفعه إليه الغريزة أو الشهوة أو الشيطان أو النفس الأمارة بالسوء ويقع في مثل هذا ولكنه موقن أنه ارتكب كبيرة وعصا الله عز وجل فهذا لا يخرجه من دائرة الإيمان متى يخرج من دائرة الإيمان؟ إن إيه يعني الزنا وفيها إيه ويريد أن يجعل هذا في دائرة الحلال يستحل ما حرم الله بالقطع لو فيه أشياء محرمة بالظنون يعني اختلفت فيها الآراء هذه لو أنكرها إنها لا تضر إنما الذي يضر الإيمان حقيقة ويخدشه وينقضه أن يستحل الحرام المقطوع به أو ينكر الفريضة المقطوع بفرضيتها ما يسميه العلماء المعلوم من الدين بالضرورة ما معنى معلوم من الدين بالضرورة يعني يعرفه الخواص والعوام لا يحتاج إلى إقامة أدلة يعني لا يحتاج أحد أن يقول الصلاة فرض من فروض الإسلام أو الزكاة فرض من فروض الإسلام أو الزنا حرام من محرمات الإسلام..

عثمان عثمان: هذا معلوم بالضرورة عند المسلم..

يوسف القرضاوي: لأن ده معلوم بالضرورة العام يعرفه والخاص يعرفه، الأمي يعرفه والمثقف يعرفه، الرجل يعرفه والمرأة تعرفه، هذا هو المعلوم من الدين ما لم ينكر معلوم من الدين بالضرورة يظل على أصل الإسلام.

عثمان عثمان: إذاً سيدي إن شاء الله نكمل بعد الفاصل هذا التكفير الذي أودى بالمسلمين إلى الفرقة والشقاق، إذاً فاصل قصير مشاهدينا الكرام ثم نعود وإياكم إلى متابعة حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة فتفضلوا بالبقاء معنا.

[فاصل إعلاني]

عثمان عثمان: مرحبا بكم مشاهدينا الكرام من جديد إلى حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة والتي تحمل عنوان فتنة التكفير مع فضيلة العلام الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، سيدي فتنة التكفير التي تحدثتم عنها يبدو أنها أخذت حيزا واسعا في حياة المسلمين وقد وقع في مستنقعها الكثير من المسلمين، هناك من الصوفية من يكفر السلفية ومن السلفيين من يكفر الصوفية هناك من السُنّة من يكفر الشيعة ومن الشيعة من يكفر السُنّة وطبعا وسائل الإعلام تأخذ دورها الكبير في إثارة هذه الفتن برأي فضيلتكم لماذا وقعت هذه الفتنة بين المسلمين؟

يوسف القرضاوي: أولا أحب أن أعلق على كلمة جاءت في المقدمة إن ظهرت فتنة التكفير بعد الحرب العراقية ففتنة التكفير..

عثمان عثمان: هي نشطت بعد الحرب العراقية.

يوسف القرضاوي: نشطت ولكنها طبعا بدأت من قبل هذا ومعروف أن فتنة التكفير بمعاصرة أول ما بدأت في الانتشار بدأت في مصر جماعة ما يسمى التكفير والهجرة هم لا يسمون أنفسهم جماعة التكفير والهجرة يسمون أنفسهم جماعة المسلمين ولكن أطلق عليهم جماعة التكفير والإيه..

عثمان عثمان: والهجرة.

يوسف القرضاوي: والهجرة وهي أول ما ظهرت ظهرت في السجن الحربي يعني نتيجة التعذيب والإيذاء والمحن القاسية يعني بدأ هؤلاء الشباب يظهرون وكانوا مع الإخوان وأنكر عليهم الإخوان وأنكر عليهم مرشد الإخوان الثاني الأستاذ حسن الهضيبي رحمه الله ورضي الله عنه ووقف وقفة صلبة قال إحنا مذهبنا مذهب أهل السُنّة والجماعة لا نكفر أحدا بذنب أو برأي وقال كلمته الشهيرة والتي أصبحت بعد ذلك عنوانا لكتاب قال نحن دعاة لا قضاة يعني ليس مهمتنا إننا نفتش عن الناس ونحكم عليهم وهم مؤمنين ولا كفار لا مش مهمتنا، مهمتنا ندعو الجميع مش مهمتنا مهمة القاضي فهذا ظهرت وكانت لها آثار يعني كبيرة وخطف الشيخ الذهبي وقتل الشيخ الذهبي وحدث ما حدث وانتقلت هذه من مصر إلى بلاد أخرى يعني ما يجري من عنف في كثير من البلاد الإسلامية بعضه سببه مسألة التكفير قضية التكفير إنه هل الحكام اللي موجودين دول مسلمين أم كفار كثير من جماعات العنف تكفر هؤلاء الحكام.

عثمان عثمان: ولكن ألا ترون سيدي أن هذا القمع وهذا التنكيل وهذا التعذيب وهذا التهميش الذي أصيب هؤلاء الناس هو سبب من أسباب هذه الفتنة؟

يوسف القرضاوي: ولذلك أنا قلت إيه؟ إنه أول ما ظهرت ظهرت في السجن الحربي التعذيب وهذه المحنة هي التي أطلقت هذا النوع من الفكر وأمدته بالوقود وبالغذاء واستمر وأقول إلى اليوم هذا الفكر لا يعالج بالمعالجات الأمنية لا يعالج بالعسرة وبالسوط لا يعالج بالسجون إنما يعالج بالحجة والبيان، الفكرة تحارب بالفكرة وهذا جرب في مصر جربت السلطات المصرية التعذيب والسجون ويعني ساقت الآلاف المؤلفة إلى السجون ما صنع ذلك يهم شيئا لما بدؤوا يناقشوهم ويبعثوا لهم العلماء الشباب في أول الأمر رفض هذه المناقشات بالكلية ثم بدأ يلين شيئا فشيئا فرأينا بعضهم الجماعة الإسلامية التي يتزعمها أخونا الأزهري المصري المعروف الشيخ عمر عبد الرحمن فك الله أسره..

عثمان عثمان: أسره.

يوسف القرضاوي: أصدرت اثني عشر كتابا سموها سلسلة المراجعات تصحح فيها مفاهيمها ومن هذه الكتب كتاب اسمه تسليط الأضواء على ما وقع في الجهاد من أخطاء وذكر عشرة أدلة شرعية على الأخطاء التي وقعت وتراجعوا عن آرائهم أعلنوا ذلك بصراحة يحمدون عليها ومن مظاهر ذلك أن كتبي كانت محرمة عليهم لا تقرأ عندهم تعليمات لا تقرؤوا كتب فلان أصبحوا ينقلون ساعات يمكن بالعشر صفحات يعني فتراجعوا وأنا علمت إن جماعة الجهاد في مصر تسير في نفس الخط وألفوا كتابا وعرض على الجهات المختصة في الأزهر وأقرته أيضا يرجعون عن هذا الخط المشكلة إنه كل جماعة لازم تجرب في نفسها لا تعتبر بتاريخ الجماعات الماضية وتستفيد منه لا لازم تجرب وتقع في نفس الأخطاء وفي نفس الحفرة ثم تعود بعد ذلك.

عثمان عثمان: والبعض يقول إنهم سينتهون حيث بدأ الآخرون ربما.

يوسف القرضاوي: فالذي يعني نريده إننا نريد الذي سبب هذا إيه؟ الذي سبب هذا هو للأسف قلة العلم الجهل ليس هو سبب هذا الجهل لا يؤدي إلى هذا والعلم لا يؤدي إلى هذا إنما نصف العلم، العلم غير المتعمق هو ما الذي جعل الخوارج يخرجون على الأمة ويستحلون دماء غيرهم وأموالهم؟ حتى استحلوا دم ابن الإسلام البكر فارس الإسلام وحكيم الأمة من هو سابقة في الإسلام وقرابة من رسول الله علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه استحلوا دمه ما الذي جعلهم يفعلون ذلك؟ كانوا عبادا صواما قواما ولكن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يقرؤون القرآن يجاوز حناجرهم" يعني قرؤوه فقط باللسان لم يتعمقوا في فهمه هذه هي المشكلة إنه عدم فهم النصوص كما وردت.


تأويل النصوص وفتنة التكفير

عثمان عثمان: ولكن سيدي ألا يمكن أن يكون يعني احتمال النصوص لأكثر من وجهين هو سبب كذلك في هذه المشكلة؟

يوسف القرضاوي: شوف يا أخي الله سبحانه وتعالى أنزل كتابه ليبين للناس ما نُزل إليهم أنزل كتابا وأرسل رسولا بالبينات {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} ما معنى البينات؟ يعني البينات التي توضح المحجة وتظهر الحجة وتقطع كل يعني عز وجل علاه على الآخرين القرآن يقول {هُوَ الَذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} أم الكتاب يعني معظم الكتاب محكمات يعني واضحات الدلالة على المراد وفيه متشابهات المفروض العالم أو الذي يريد أن يتعلم العلم حقيقة يرد المتشابهات إلى المحكمات، الراسخ في العلم يرد المتشابه إلى المحكم الظني إلى القطعي الجزئي إلى الكلي إنما اللي يمشي وراء المتشابهات ويترك البينات والمحكمات هذا هو أساس الضلال الزيغ {فَأَمَّا الَذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ}..

عثمان عثمان: ابتغاء الفتنة..

يوسف القرضاوي: فالنصوص المحتملة هي القليلة إنما النصوص البينة هي الكثير هي أم الكتاب فالذين يزعمون إن النصوص.. لا كأن الله أنزل النصوص ليضل العباد؟ لا أنزل النصوص ليهدي الناس {إنَّ هَذَا القُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} لأن بعضهم يقولوا لا ده قرآن حمال أوجه لا القرآن حمال أوجه في جزء منه في المتشابهات إنما الجزء الأكبر القرآن هو لماذا قال {فَإن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلَى اللَّهِ والرَّسُولِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}..

عثمان عثمان: والرسول.

يوسف القرضاوي: لأن في القرآن ما يقطع العذر أمام كل إنسان.

عثمان عثمان: يعني قد هناك من يأخذ الأمور أو الآيات أو النصوص بظاهرها برأيكم سيدي يعني أي دور يلعبه التأويل في اجتناب فتنة التكفير؟

يوسف القرضاوي: لابد أن نفهم ما معنى التأويل لأن هذه كلمة يعني مرنة ومطاطة فيه ناس يعني تدخل تحت قبة التأويل هذا وتخرج القرآن عن ظاهره تماما يعني شغل الباطنية الذين رد عليهم الإمام الغزالي وابن الجوزي وغيرهما من الأئمة الذين يعني أرادوا أن يفقدوا الثقة بدلالات الألفاظ كأن اللفظ ده عجينة لينة تفسره كما تشاء هذا معناها لا يقبل هذا تأويل مرفوض التأويل له ضوابطه لا يخرج عن ظاهر اللفظ إلا إذا كان إذا أخذنا بالظاهر يترتب عليه يعني شيء لا يقبل عقلا أو شرعا فنلجأ إلى التأويل ويكون هناك علاقة بين المؤول والمؤول إليه يعني لازم يكون فيه قرينة أو علاقة ولابد ألا نلجأ ذلك إلا لدليل فهناك التأويل ده تحدث عنه الأصوليون تحدث عنه المتكلمون وتحدث عنه الفقهاء وتحدث عنه المفسرون..

عثمان عثمان: يعني للتأويل ضوابط لابد من الالتزام بها نعم..

يوسف القرضاوي: لابد من الرجوع إلى الضوابط حتى لا نخرج تحت كلمة التأويل عن الحقيقة مطلقا ونضل سواء السبيل تحت اسم التأويل لأن أكثر الذين يكفرون أول القرآن وقال ابن عمر كان ابن عمر يرى هؤلاء شرار خلق الله إنهم أول الآيات التي نزلت في المشركين جعلوها في المسلمين فيعني أخرجوها..

عثمان عثمان: عن مقصودها نعم فضيلة الشيخ يعني هناك من يعزو فكر تكفير إلى مبدأ الحاكمية {ومَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ}، { فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} ما تعليق فضيلتكم على ذلك؟

يوسف القرضاوي: هو يعني مبدأ الحاكمية يعني ظلم يعني كثيرا في هذه القضية وبعض الناس يعتبرون كأن مبدأ الحاكمية مبدأ غير إسلامي وزعم بعضهم أن الذي يعني اخترع مبدأ الحاكمية هو الإمام المودودي والشهيد سيد قطب رحمهم الله والواقع غير ذلك، الحاكمية مبدأ إسلامي مبدأ أصولي الأصوليون جميعا يقرون أن الحاكمية لله عز وجل فيه في علم الأصول أشياء بيسموها مقدمات الأصول لأن الأصول بيتكلم عن الحكم، الحكم الحاكم والمحكوم به والمحكوم له والمحكوم عليه وكذا ولم يتكلموا عن الحاكم من هو الحاكم؟ الإمام الغزالي حينما تحدث في كتابه الشير الأصولي المستصفى في علم الأصول قال الحاكم هو الله الذي يحكم {إنِ الحُكْمُ إلاَّ لِلَّهِ}..

عثمان عثمان: إلا لله.

يوسف القرضاوي: فهو الحاكم، الحاكم من ناحية الكون هو الذي يتصرف في الكون ومن ناحية الأمر والنهي والتشريع فهو حكم كوني وحكم أمري {أَلا لَهُ الخَلْقُ والأَمْرُ} فالله هو الحاكم وهو من حقه وحده أن يحرم ويحلل ويأمر وينهى ويكلف ويعفي هذا من شأن الله وقال كل من عدا الله فهو يستمد الحاكم لأن حتى الرسول..

عثمان عثمان: صلى الله عليه وسلم.

يوسف القرضاوي: الرسول يقول له ليس حاكما بذاته إنما حاكم لأن الله قال {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} {ومَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ ومَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} وقال يعني شارح مسلم الثبوت قال هذه قضية متفق عليها بين أهل السُنّة والمعتزلة بعضهم يظن إن المعتزلة خارجون لا المعتزلة وإن كانوا يقولون العقل يعني له دخل في العملية ولكن يقولون صاحب الأمر والنهي هو الله سبحانه وتعالى أمر متفق عليه بين الجميع فليس سيد قطب وليس المودودي رحمه الله هم الذين اخترعوا هذه الأشياء ولكن كما قلت لك هو عدم التعمق في فهم النصوص عدم ربط النصوص بعضها مع بعض أخذ آية من ناحية أو حديث من ناحية ويركض به ويترك بقية الأشياء المفروض إن الذي يريد أن يتعلم ويتفقه أن يجمع النصوص في الموضوع الواحد بعضها مع بعض ويرد جزئيها إلى كليها وظواهرها إلى مقاصدها..

عثمان عثمان: فضيلة الشيخ يبدو..

يوسف القرضاوي: وبذلك فيلتئم الشمل ويفهم الإنسان المقصود مما شرع الله عز وجل ومما أمر به أو نهى عنه.


سبل الاعتصام من فتنة التكفير

عثمان عثمان: سيدي يعني يبدو أن هذا بحاجة إلى شرح كبير ولم يتبق أمامنا إلا دقيقة واحدة في هذه الدقيقة فضيلتكم أريد منكم أن يعني ما هو العاصم من فتنة التكفير؟هل هو الالتزام بمنهج السلف؟ هل هو الالتزام بأقوال العلماء؟ هل هو البعد عن الغلو والتطرف؟ أم ماذا؟ في دقيقة واحدة لو تكرمت.

يوسف القرضاوي: أول شيء هو البعد عن الغلو والتطرف لأن الغلو والتطرف هو الذي أهلك الأمة قديما ويهلكها حديثا ويهلكها في المستقبل والنبي عليه الصلاة والسلام قال "إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين" هكذا رواه ابن عباس، ابن مسعود يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم " هلك المتنطعون هلك المتنطعون هلك المتنطعون" المتنطعون هم المغالون والمتطرفون والمبالغون والمتعمقون في الدين الذين يتركون يسر الدين وسهولة الدين ويعرقلون على الناس وينظرون دائما إلى الجانب الأسود ما فيش عندهم إلا أبيض وأسود ولا ينظرون إلا الأسود لو علموا إن الأمة كما قال الله تعالى {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ ومِنْهُم مُّقْتَصِدٌ ومِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الفَضْلُ الكَبِيرُ (32)} الأمة فيها حتى الظالم النفسي أورثنا أمة مصطفاة من.. الأمة المصطفاة فيها حتى الظالم لنفسه الذي قد يترك بعض الواجبات ويرتكب بعض المحرمات هو جزء من الأمة والإنسان قد يكون فيه إيمان ونفاق سيدنا أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم قال له "إنك أمرؤ فيك جاهلية يا أبا ذر" لأنه قال لواحد من الصحابة يا ابن السوداء يعني الواحد قد يكون فيه إيمان وفيه جاهلية قد يكون فيه بعض الإيمان وبعض ويقول الله عن المنافقين {هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإيمَانِ} يعني الإنسان يتحرك..

عثمان عثمان: إذاً سيدي يبدو أن الوقت لم يسعفنا بالابتعاد عن الغلو والتطرف ربما نحل مشكلة كبيرة..

يوسف القرضاوي: المنهج الوسطي هو الأساس..

عثمان عثمان: المنهج الوسطي نعم..

يوسف القرضاوي: في حسن الفهم وحسن الالتزام وفي الوقوع في.. منع الوقوع في الخطأ..

عثمان عثمان: في ختام هذه الحلقة نعم في ختام هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نشكركم سيدي على هذه الإفاضة الطيبة كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن المتابعة لكم تحية من معد البرنامج معتز الخطيب ومن المخرج منصور الطلافيح ومن جميع فريق العمل وهذا عثمان عثمان يستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.