
الفقه الإسلامي والبصمة الوراثية
– البصمة الوراثية بين الصفات الطبية والنظرة الفقهية
– مدى إلزام التحليل الوراثي في إثبات النسب
– ضوابط الأخذ بالبصمة الوراثية
توفيق طه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، يقول الله تعالى في سورة الأحزاب بسم الله الرحمن الرحيم {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ} صدق الله العظيم، كان العرب يتّبعون ما يسمونه قيافة البشر في إثبات نسب الأبناء من خلال النظر إلى هيئة الولد الخارجية وتتبُّع الشبه بينه وبين أبيه واليوم تطور العلم فأنتج ما سمي بالبصمة الوراثية التي تتلخص في أن كل إنسان يتفرد بنمط خاص في ترتيب جيناته الوراثية ضمن كل خلية من خلايا جسده ولا يشاركه في ذلك أي إنسان آخر في العالم ويكون نصف الجينات من الأم والنصف الآخر من الأب وهو تطور عظيم في مجال القيافة الذي يعتد به جمهور المذاهب، فهل يعتبر الأخذ بالبصمة الوراثية الآن واجبا في قضايا إثبات النسب المتنازع فيه؟ وهل ثبوت النسب بيولوجيا يعني ثبوته شرعا ولو من غير زواج شرعي؟ وبالمقابل هل يمكن إثبات الزنا أو نفيه من خلال إجراء تحليل البصمة الوراثية وهل يمكن للبصمة الوراثية هنا أن تقوم مقام ما يسميه الفقهاء باللعان؟ وماذا عن إقامة الحد بناء على تحليل البصمة الوراثية وإثبات زنا الزوج أو الزوجة؟ وأخيرا هل يمكن للقضاء الإلزام بإجراء تحليل البصمة الوراثية في خلافات النسب؟ الفقه الإسلامي والبصمة الوراثية موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي فأهلا ومرحبا بكم مشاهدينا الكرام وأهلا بك فضيلة الدكتور.
يوسف القرضاوي: أهلا بك يا أخ توفيق.
البصمة الوراثية بين الصفات الطبية والنظرة الفقهية
توفيق طه:ولكن قبل أن ندخل في النقاش حول الموضوع سنحاول أن نعرف من خلال التقرير التالي ما هي الجينات الوراثية وما هي البصمة الوراثية وكيف تحدد هوية شخص ما أو نسبه؟ لنشاهد التقرير.
[تقرير مسجل]
عبد الحميد توفيق: ليس من السهولة حسم قضايا إثبات البنوة بمجرد عمل تحليل طبي، سلسلة من الفحوص والتحاليل المخبرية تشمل فصائل الدم الرئيسية والفرعية تخضع لها قضية تحديد نوع العلاقة بين الأب والابن المنسوب إليه فيما يعرف بإثبات النسب بالبصمة الوراثية وهي محاولة لإثبات صفات جينية مشتركة في الإنسان تنتقل من الأب إلى الابن بل وحتى الحفيد.
نزار قطرنجي- طبيب: سلاسل الـ(DNA) هي نوعية للإنسان وتسلسل الحموض الأمينية عم بيكون مرتب بشكل نوعي ودقيق لكل إنسان وينتقل هذا التسلسل من الأب إلى الابن فعند دراسة هذه السلاسل الـ(DNA) في المخبر يمكننا تحديد العلاقة الأكيدة بين الأب والابن أو رفض هذه العلاقة بأنه الطفل ليس ابن هذا الشخص.
عبد الحميد توفيق: بصمة الجينات هي اختلافات في التركيب الوراثي ينفرد بها كل شخص تماما مثل بصمة الإصبع لذلك أُطلق عليها بصمة الجينات وتُورث أي أن الطفل يحصل على نصف هذه الاختلافات من الأم وعلى النصف الآخر من الأب ليكون مزيجا وراثيا جديدا يجمع بين خصائص الوالدين. كل ما هو مطلوب لتعيين بصمة الجينات هو عينة صغيرة من الأنسجة التي يمكن استخلاص الحمض النووي الريبوزي المختزل (DNA) منها ونحتاج لذلك عينة من الدم في حال إثبات بنوة، عينة من الحيوان المنوي في حالة اغتصاب، قطعة جلد من تحت الأظافر أو شعيرات من الجسم بجذورها في حالة وفاة بعد مقاومة المعتدي، دم أو سائل منوي مجمد أو جاف موجود على مسرح الجريمة، عينة من اللعاب. نسبة النجاح التي تقدمها الجينات تصل إلى حوالي 96% مما شجع الدول المتقدمة على استخدامها دليلا جنائيا وقد تم الحسم في كثير من القضايا بناء على استخدام بصمة الجينات كدليل جنائي.
مهند عطفة- محام: النظريات العلمية التي تُبنى على التحليل وإمكانية إثبات أو مخالفة ذلك مستقبلا لدى ظهور نظريات علمية أخرى جديدة يجعل من الأحكام القضائية وخاصة في الناحية الشرعية المبنية على هذه الناحية العلمية عرضة للفسخ فيما بعد إذا أثبت العلم كما أثبت من قبل صحة أو عكس هذا الأمر.
عبد الحميد توفيق: فتحت البصمة الوراثية بابا جديدا للتنازع فاعتمادها دليلا قطعيا للفراش الحقيقي أوجد ما بات يُعرف بدعوى تصحيح النسب التي لم يكن لها ذيوع من قبل وإن كان أصلها في الكتاب والسُنة. عبد الحميد توفيق الجزيرة لبرنامج الشريعة والحياة-دمشق.
توفيق طه: بقي أن نقول إن هذه البصمة وبالآلية التي شاهدناها في التقرير يمكن أن تُثبت نسبة الولد إلى أمه أيضا في حال النزاع حول استبدال مولود في المستشفى مثلا بُعيْد ولادته وهو أمر يحصل أحيانا بطريقة مقصودة أو غير مقصودة، لكن ما يعنينا أكثر من غيره في هذه الحلقة هو نسب الولد إلى أبيه في الحالات الطبيعية، أي التي تكون فيها عادة أم الولد معروفة بما يعني تاليا نفي تهمة الزنا أو إثباتها على الزوجة، دكتور يوسف الآن السؤال وقد عرفنا ما هي البصمة الوراثية هل يمكن شرعا وفي حالات الزواج المُثبت بشهود أو بمواثيق أو نحوهما أن نلجأ إلى البصمة الوراثية لإثبات نسب الولد؟
يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد فإن من مقاصد الشريعة الكلية ومن الضروريات الأساسية الخمس التي اتفق عليها الأصوليون والفقهاء واعتبروها مما جاءت به الشريعة بل مما جاءت به الشرائع السماوية جميعا هو عملية حفظ النسب أو حفظ النسل، هناك ضروريات خمس حفظ الدين، حفظ النفس، الحياة، حفظ النسل أو النسب يعبر عنه أحيانا بالنسب أو النسل وكأن حفظ النسب هو حفظ للنسل وحفظ العقل وحفظ المال هذه الضروريات الخمس وبعضهم أضاف إليها سادسا هو العِرض، فالشرع هنا يهتم بهذا الأمر ويعتبره من ضروريات الحياة التي لا يمكن أن تقوم الحياة إلا بها ولذلك نجد في الشرع أنه كما يعبر الفقهاء يتشوف.. الفقهاء يقولون الشرع يتشوف إلى إثبات نسب الطفل، يعني يحرص عليه أشد الحرص فهذه قاعدة مهمة ومن ناحية أخرى للشرع أيضا اتجاه آخر وهو الستر، من الأشياء الأساسية التي يحرص عليها الشرع في إقامة الحياة الاجتماعية الستر على ما قد يقع يعني بين الناس من انحرافات في الخفاء لا يريد أن يكشف هذه الأشياء المستورة حتى لا تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام قال للرجل الذي دفع ماعز بن مالك إلى أن يأتي إلى النبي ويقر إنه زنا ويقيم عليه الحد قال له سترته بثوبك لكان خيرا لك، فهاتان قضيتان مهمتان قضية التشوف وقضية أخرى الستر ومن أجل هذا الستر كان الأصل في إثبات النسب هو فراش الزوجية، من وُلد على فراش الزوجية.. واحدة متزوجة وولدت خلاص هذا ابن زوجها يعني لا بحث.. في الأصل هو هذا، الولد للفراش الأمر الآخر تشدد الشارِع في عملية إثبات جريمة الزنا حتى لا نقيم الحد إلا بعد أشياء.. شوف القرآن يقول {يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} وأربعة شهداء يرون بعملية الزنا كاملة يعني كان يُعبر كالميل في المقحلة والقلم في الدواء وهذا كأن..
توفيق طه [مقاطعاً]: شيء نادر جدا وكأن يجعله..
يوسف القرضاوي [متابعاً]: وكأن هنا عملية مهمة، الشرع إذاً لا يعاقب على جريمة الزنا وإنما يعاقب على الاستهتار والمجاهرة بالزنا حتى يرى الشخص أربعة من الناس جهارا نهارا عيانا بيانا فهو كأنه العقوبة على هذا، إنما لو زنا في الستر خلاص إن الله حليم ستار ويأخذ عقوبته في الآخرة إلا إذا تاب إلى الله وأناب فهذا أمر يعني مهم ولذلك نقول متى نعمل بالبصمة الوراثية؟ نعمل بها في حالات ولكن ليس في حالة الحدود لأن الحدود الشرع له فيها اشتراطات شديدة ومعظم الفقهاء متفقون على أن الحدود تُدرأ بالشبهة، ما وجدنا فيه شبهة نوقف الحد، أدنى ملابسة تجعلنا نتوقف في إقامة الحد وكذلك في قضية اللعان..
توفيق طه: سنأتي إلى هذا الموضوع فضيلة الدكتور في وقت لاحق لكن هنا في مسألة إثبات النسب هل يجوز شرعا اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية؟ هذا هو السؤال.
يوسف القرضاوي: متى نلجأ إليها؟ لماذا نلجأ إلى البصمة الوراثية؟
توفيق طه: في حال إنكار الأب نسب الولد.
يوسف القرضاوي: آه هو في الحالة دي هي دي اللي تأتي فيها اللعان يعني إذا أنكر الولد نسبه من زوجته فهذا اللعان لأن اللعان يأتي في حالة من حالتين.. إما إن يجد الرجل مع امرأته رجلا غريبا أجنبيا في حالة تلبس بالزنا وهنا لا يمكن أن نقول له ائت بأربعة شهداء القرآن قال {والَّذِينَ يَرْمُونَ المُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ولا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ} يعني في عقوبات ثلاثة عقوبة حسية الجَلد وعقوبة اجتماعية رفض الشهادة، إسقاط اعتباره بحيث لا تقبل له شهادة وعقوبة دينية أولئك هم الفاسقون رميه بالفسق، طيب إذا واحد وجاء له واحد مع امرأته هيجيب شهود أربعة منين؟ فهنا الشرع جاء باللعان من أجل هذه القضية..
توفيق طه: لكن القضايا الموجود الآن..
يوسف القرضاوي: فإما أن يرمي امرأته بالزنا يقول وجدت معها رجل أجنبيا أو ينفي الولد ويقول هذا ليس ابني..
توفيق طه: هي الدعاوى التي تُقام عادة في المحاكم أن الأب ينفي صلة الولد أو نسبه إليه وتقام الدعوى في المحاكم ربما لا يكون لديه شهود على الزنا أو على غير ذلك، هنا تأتي مسألة تحليل البصمة الوراثية هل يأخذ بها الشرع؟
يوسف القرضاوي: هنا البصمة الوراثية يأخذ بها الشرع وخصوصا هناك من يقول إنها شبه قطعية، التقرير الذي تُلي علينا قبل دقائق يقول إنها 96% وهذا يعني معناها أنها ليست قطعية لأن يمكن الـ 4% يجيء الاحتمال هي المشكلة ولكن إذا افترضنا إنها حتى 99% متى نأخذ بها؟ نأخذ بها إذا طلبتها المرأة، الرجل جاء إلى زوجته وقال لها الولد ده ليس ابني لأنه مثلا هو أبيض والولد أسود فهي المشكلة كما حدث في عهد الرسول واحد قال له أنا امرأتي جاءت بولد أسود قال له هل لك من إبل؟ قال نعم قال ما ألوانها؟ قال له حُمر قال فيها من أورق ملون أو لون آخر؟ قال نعم قال كيف هذا؟ قال لعله نزعه عرق، فقال لعل ابنك هذا نزعه عرق إحنا عندنا مثل يقول إيه العرق يمد لسابع جد، يمكن كان أحد آبائه أسود فهو اخذ من جده الخامس ولا السادس فهذا ممكن، إذا المرأة قالت حينما اتهمها زوجها قالت له بيني وبينك التحليل هنا لا يجوز للرجل إلا أن يخضع للتحليل..
توفيق طه: هل يجوز للقاضي أن يلزمه بذلك؟
يوسف القرضاوي: يجب أن يلزمه بذلك هذا يجب أن يلزم القاضي الزوج باللجوء إلى التحليل لأن هذا أولا فيه عدة فوائد أولا سيبرئ المرأة، المرأة إذا كانت متأكدة من نفسها وأنها بريئة وأنها لم ترتكب جريمة وقالت أنا ألجأ إلى التحليل إلى البصمة الوراثية هنا هنبرئ المرأة المتهمة زورا، هنثبت نسب الطفل، ما ذنب هذا الطفل إننا هننسبه إلى أمه ولا يُنسب إلى أبيه وإلى أسرة أبيه؟ أيضا الرجل سيستريح من الشك. إذا كان عنده شك ستأتي هذه البصمة وتقول له لا الولد يعني الجينات أثبتت إنه جيناته من جيناتك وأنه من فصيلتك وأن كل شيء فهذا يريحه من عذاب الشك والريبة التي كانت تساوره، فمن هذه الفؤاد يجب على.. وفي هذه الحالة القاضي حينما يعني تلجأ إليه المرأة وتقول الرجل اتهمني وأنا أريد القاضي لا يأمر باللعان، لا يطلب اللعان منهما ولكن يفعل هذا قبل اللعان لا داعي إلى اللعان، اللعان هنا حينما..
توفيق طه: المرحلة الأخيرة.
يوسف القرضاوي: حينما تنسد علينا الطرق إنما هنا طريقة لإثبات براءة الزوجة وهي البصمة الوراثية.
توفيق طه: نعم في حال رفض الزوج أن يجري هذا التحليل هل يعتبر هذا الرفض دليلاًَ ضده؟
يوسف القرضاوي: آه يعتبر دليلا ضده ومن حق القاضي أن يفعل هذا رغم أنف الزوج، يقول لا الأمر ليس بهواك إما أن تعترف بأن هذا ابنك وإما لابد أن نلجأ إلى التحليل، المحكمة من حقها أن تلزمه بهذا إلزاماً.
مدى إلزام التحليل الوراثي في إثبات النسب
توفيق طه: نعم قلت إن يعني الشك دائماً يكون لمصلحة المشتَبه به أو المتهم، الآن هذا التحليل البصمة الوراثية يصل إلى نسبة 96% كما قال التقرير الذي استمعنا إليه يقترب من اليقين ولكنه ليس يقيناً كاملاً، يظل هناك نسبة خطأ، يعني هل يجوز أن يصبح هذا قانوناً ملزماً في الشرع لإثبات النسب وفيه هذه النسبة من الشك؟
يوسف القرضاوي: والله إذا كان في هذه النسبة وأنا يعني الأخوة أعتقد إنهم مختصون الذين قالوا هذا التقرير إذا كان في هذه النسبة يعني يكون هناك نوع من الاحتمال ووجود الاحتمال يعني ينفي ضرورة الإلزام ووجوب الإلزام. ولكن أعتقد أن التحليل إذا أثبت أن جينات الولد من جينات الأب هنا يعني لا يوجد شك في هذه الحالة، الاحتمالات تأتي من أشياء أخرى إن يكون هناك حدث خطأ في الطبيب في استعمال الآلة، في استعمال كذا يعني إنما إذا كان كل شيء كما يُرام أعتقد إن التحليل هو.. ليه سموها البصمة الوراثية؟ مأخوذة من عملية البصمة.
توفيق طه: البصمة التي يتفرد بها كل إنسان ويختلف عن الشخص الآخر.
يوسف القرضاوي: هذه اللي أصبح العالم يعترف بها ودليل على شخصية الإنسان ولم يحدث فيها خطأ إلى اليوم.
توفيق طه: خصوصاُ وأن الفقهاء كانوا يأخذون بقيافة البشر وفيها أكثر نسبة أكبر.
" كان زيد بن حارثة أبيض كالقطن وولده أسامة بن زيد أسود كالقار، وكان الناس في الجاهلية يشككون فيه لأنهم كانوا يجهلون أن أم أسامة هي أم أيمن الحبشية " |
يوسف القرضاوي: وهذا ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، صحيح الحنفية لم يأخذوا بالقيافة ولكن معظم المذاهب أخذت بالقيافة وثبت في هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه كان أسامة بن زيد كان.. وزيد بن حارثة كان أبيض قالوا أبيض كالقطن وخلّف أسامة وكان أسود كالقار، يعني فكان بعض الناس في الجاهلية بيشككوا يعني وأسامة يعني لا يمكن التشكيك فيه لأن أمه أم أيمن الحبشية حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقول عنها أمي هي أمي بعد أمي فكان فالنبي عليه الصلاة والسلام جاء رجل من بني مُجلد قائف مشهور وكان أسامة وأبوه زيد يعني نائماً ووجوههما مغطاة نظرا إلى أقدامهما وقال هذه الأقدام من تلك الأقدام بعضها من بعض فسُّر وجه النبي صلى الله عليه وسلم ودخل على عائشة تبرك أساريره قال لها الرجل المُجلدي قال كذا وكذا يعني فاعترف بأثر القيافة لأنه..
توفيق طه [مقاطعاً]: إذاً يعني ما دام العرب أخذوا بالقيافة وبعض الفقهاء أخذوا بالقيافة فمن الأولى أن يؤخذ بتحليل البصمة الوراثية وهي الأكثر دقة.
يوسف القرضاوي: هذه أولى بكثير يعني لا شك عن البصمة أكثر يقيناً يعني وأكثر دلالة على العلم من القيافة، القيافة يعني فيها أيضاً احتمال الأخطاء أكثر.
توفيق طه: هنا السؤال هل تحليل البصمة الوراثية لإثبات النسب يؤخذ به فقط أو يقتصر فقط على حالات الزواج الشرعي ولماذا؟
يوسف القرضاوي: نعم البصمة الوراثية يُعترف بها في حالة الزواج الشرعي وفي حالات التنازع المعينة وفي.. إنما في حالات الزنا الشرع لا يعتبر ماء الزنا له اعتبار وله قيمة. الفقهاء يقولوا ماء الزنا هَدَر، فالعلاقات غير الشرعية إذا واحد عاشر امرأة في الحرام ولا امرأة بغي ولا امرأة تبيع جسدها ولا كذا وبعدين جاءت في يوم من الأيام وقالت ده الحمل اللي أنا ده من فلان..
توفيق طه: الزواج العرفي يعني هناك الزواج العرفي الآن وهناك من يُنكره وتأتي الزوجة وتقول هذا تزوجني عرفياً وهو ينكر هل يمكن إثبات الزواج.
يوسف القرضاوي: ما هو الزواج العرفي؟ الزواج العرفي هو زواج شرعي غير موثق، يعني زواج مكتمل الأركان والشرائط فيه يعني ما لابد منه في العقد يعني فيه عقد وفيه هذا العقد بين رجل وامرأة وفيه شهود يعني طبعاً بعض الأئمة يشترط وجود الولي مالك والشافعي وبن حنبل يشترطون وجود الولي، أبو حنيفة لا يشترط وجود الولي إنما يشترط الشهود أو الإعلان، يعني عند المالكية يكفي أن يُعلن هذا على الناس يعني يبقى معروف إن الرجل تزوج من.. فإذا قالت الرجل تزوجني عرفاً يعني وطيب.. أين الدليل؟ يعني تقول لك الدليل كان أعطاني ورقة والورقة ضاعت.
توفيق طه: أخذها.
يوسف القرضاوي: أو أخذها خطفها مني، طيب الورقة دي ورقة كاتبها هو هذه لا قيمة لها لابد أن يكون على الورقة شهود يشهدون، شاهدان على الأقل يشهدان أن هذا الزواج الرجل تزوج من هذه حتى ولو بدون إذن الولي على مذهب.. لازم شاهدين فإذا ضاعت الورقة أين الشهود؟ وإلا لم يكن هذا زواجاً عرفياً يبقى واحد اتفق مع واحدة..
توفيق طه: هذا يدخلنا فيما يسمى العقد الفاسد يعني ما هو العقد الفاسد في الزواج؟
يوسف القرضاوي: العقد الفاسد إن يعني في بعض العلماء يشترطون أن يكون الشاهد عدلاً فيقول لك الشهود ما كانوش عدول يبقى الزواج ده فاسد أو زواج الشغار إن واحد يُزوج واحد بنته والثاني يزوجه بنته ولا مهر ولا شيء هذا مثلاً الزواج الفاسد، هذا الزواج الذي فقد بعض الشروط أو بعض الأشياء اللازمة شرعاً.
توفيق طه: سنكمل في هذه النقطة بالتحديد ولكن بعد فاصل قصير نعود إليكم مشاهدينا بعد فاصل قصير انتظرونا.
[فاصل إعلاني]
توفيق طه: أهلا بكم مرة أخرى مشاهدينا الكرام إلى هذه الحلقة من برنامج الشريعة والحياة وموضوعنا الفقه الإسلامي والبصمة الوراثية ووصلنا إلى أن العقد العرفي أو الزواج العرفي الذي لا تتوفر فيه أركان الزواج الشرعي كما قال فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي لا يعتد به وكذلك العقد الفاسد حيث لا يكون الشهود عدولا، سؤالي إليك فضيلة الدكتور هنا في هذه الحالة.. حالة عدم توفر أركان الزواج الشرعي في الزواج العرفي..
يوسف القرضاوي: أو شروط الزواج..
توفيق طه: الشروط نعم، تأتي الزوجة وتدعي أن ابنها هو ابن هذا الرجل أو ذاك، هل يجوز اللجوء إلى البصمة الوراثية لإثبات النسب إلى من ينكره؟
يوسف القرضاوي: لا يجوز هذا، إذا لم يوجد عقد شرعي فلا يثبت النسب، الفقهاء يقولون ماء الزنا هدر، إذا لم يثبت أن هناك عقد.. أول شيء على المرأة التي تريد هذا أن تثبت أن هناك عقد، إذا ضيعت هي هذه المسألة.. لم تهتم بأن يكون هناك شهود، لم تهتم.. يعني افرض إنها قصرت بإثبات التوثيق الشرعي ولهذا لماذا أصبح التوثيق الشرعي ضرورة في مجتمعاتنا الحديثة؟ وحتى لا يتناكر الناس، حتى لا يأتي أحد ويقول لا أنا دي مش زوجتي، أو واحدة تجئ على واحد رجل غني وتقول ده الرجل ده زوجي، لا حتى لا يدعي أحد ما ليس له بحق أو ينكر ما هو ما أحق كانت ضرورة التوثيق.. كان التوثيق في الأنساب وكان التوثيق في الأملاك التوثيق العقاري والتسجيل العقاري حتى..
توفيق طه: لا تضيع الحقوق..
يوسف القرضاوي: لا تضيع الحقوق، فمن قصرت وضيعت هي المسؤولة، فيه كلمة مشهورة يقول لك القانون لا يحمي المغفلين، الشرع أيضا لا يحمي المغفلين، لا يحمي الإنسان الذي يضيع حقه بنفسه بذاته.. لازم يحرص على حقه وحتى يوثق كل شيء حتى يستطيع عند اللزوم أن يحامي به ويحاج به.
توفيق طه: نعم لكن فضيلة الدكتور هناك من أفتى بجواز اللجوء إلى تحليل البصمة الوراثية في إثبات نسب ابن الزنا لامرأة غير متزوجة، هو الأساس كما قلت في الشرع الستر.. البحث عن الستر، هو قال لامرأة غير متزوجة لأن في ذلك إنقاذ للابن من العار.. الابن ما ذنبه في هذه الحالة؟
يوسف القرضاوي: لا هو الابن لا ذنب له، ابن الزنا لا ذنب عليه إنما الذنب ذنب أبويه، هما اللذان جنيا عليه.. يعني فالولد.. إنما ليس من أجل هذا إننا نغير الحقائق ونضيع رسوم الشرع.
توفيق طه: لنستمع إلى هذه الفتوى من الدكتور محمد رأفت عثمان.
[شريط مسجل]
محمد رأفت عثمان- عضو مجمع البحوث الإسلامية- مصر: في غير حالة الزوجة إذا كان واحدة ادعت على رجل أنه عاشرها معاشرة الأزواج وكان يعني بينها وبينه عقد زواج عرفي ولم تستطع أن تثبت ذلك.. يبقى هنا يمكن أن نلجأ إلى البصمة الوراثية، يعني العلماء يقولون إن الشارع متشوف إلى إثبات النسب، يعني لألا نضيع الأطفال الذين جاؤوا يعني نتيجة خطأ أب وأم، لماذا نضيعهم؟ وخصوصا أن العلماء في نفس الوقت الذين يمنعون نسبة الولد إلى الزاني من امرأة غير متزوجة يجيزون أنه يجوز استلحاق الولد بالزاني إذا لم يفصح ويقول إنه من زنا، يعني بينه وبين ربنا كده هو زاني ويجئ على ولد ويقول ده ابني ولم يظهر هذا للناس ولم يقل إنه من زنا.. قالوا يجوز استلحاقه، يبقى هل يجوز أن.. يجوز أمر من الأمور إذا الإنسان خلاه بينه وبين ربنا يبقى جائز وإذا أفصح عنه أمام الناس لا يجوز، هذا شيء يعني يحتاج إلى تفكير.
عبد المعطي بيومي- عميد كلية أصول الدين سابقا- مصر: المرأة إذا كانت غير متزوجة زواجا معروفا ومشتهرا عندئذ أرى أنه يجب أن نعرف أب الطفل لأن الله تعالى يقول {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} ومقتضى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} أن نعرف الأب وأن نبذل في ذلك جهدا في هذه المعرفة لكي يأتي نسبة الولد إلى أبيه حقا سواء كان أبا شرعيا أو غير شرعيا، سواء كان من زنا أو من زواج ضاعت وثائقه لأن الأمر الإلهي صريح في {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ}.
توفيق طه: إذاً كما استمعنا فضيلة الدكتور هناك من يجيز إجراء البصمة الوراثية ربما من أجل إثبات نسب ولد إلى أبيه إذا كانت المرأة غير متزوجة؟
يوسف القرضاوي: في الحقيقة هذا أنا أخالف هذا تماما، أنا ممن يقولون بإثبات نسب الولد من الزنا إذا أقر به الأب، جمهور الفقهاء والمذاهب الأربعة لا تقر النسب من الزنا وهذا كان يحدث أحيانا واحد يخطأ مع فتاة ويأتي بعض الناس أهلها يقولوا عليك تصحح الخطأ.. يعني تتزوجها، كان بعض القضاة هنا ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن حدر يرفض هذا ويقول أنا الزاني أكافئه وأزوجه المرأة اللي زنا بها وأنا ناقشته وقلت له يا فضيلة الشيخ هذا مش مكافأة له، هذا اسمه ستر على المرأة وإثبات لنسب الولد وهذا أمرا.. يقول إزاي هذا؟ فهناك من يرفض هذا، المذاهب الأربعة، جمهور الفقهاء، أنا مع ابن تيمية وابن القيم الذين يجيزون إثبات النسب من زنا إذا أقر الأب.. شرط إن الأب يقر، إذا لم يقر كيف.. ولذلك إذا أقر.. إحنا لو قال هذا ابني حتى ولو واحد جاء في الملجأ كده وجاء على ولد وقال ده ابني، ولد مش معروف النسب يجوز هذا أن يستلحق إذا كان لا يكذبه الحس، مش يجيء واحد في سني ويقول ده ابني أو أقل منه خمس سنين أو كذا.. لازم يولد مثله لمثله وأن يكون هذا من حق الأب لا من حق أحد آخر..
توفيق طه: لماذا حق الأب في أن يدعي أو يثبت نسب الابن ولا يوجد حق للزوجة في هذا.. حق للأم سواء كانت زوجة أو غير زوجة؟
يوسف القرضاوي: بعض العلماء ابن فرحون المالكي أجاز للمرأة.. أصل المشكل المرأة ما فيش فيها إشكال لأن المرأة ولدته، إزاي يعني.. الإشكال بيكون من الرجل، إنما قضية المرأة.. المرأة بتحمل وحملها ظاهر وبعدين تلد والولادة حتى بيكفي إن بتشهد امرأة واحدة إن أنا شفت هذه المرأة ولدت هذا الولد، إنما ليس هناك إشكال في إثبات نسب الولد من أمه إنما الإشكال في إثبات نسبه من أبيه فلذلك قالوا إذا أقر الأب بنسب ولد وكان يولد مثله لمثله.. سنه مقبولة ولم يكذبه المقر له إن كان من أهل الإقرار فنقبل هذا وقالوا حتى بالنسبة لو واحد أقر بأن ده أخوه مش الأب، افرض الأب ميت وجاء واحد قال ده أخويا.. يعني والله إذا أقر بقية الورثة عن كل إخوانه وأخواته وقالوا أخونا يصبح، إذا لم يقروا يبقى هو أخ له وبس.. يعني يقاسمه في الميراث، ميراثه حق يقاسمه فيه، أحياناً واحد ينسب إلى قبيلة.. يعني يقولوا ده من قبيلتنا وجماعة ينازعوا، هنا في هذه الحالة يجوز نلجأ إلى البصمة الوراثية، حتى لو أخ وقال ده أخي ممكن نلجأ إلى البصمة في هذه الحالة.
توفيق طه: نثبت أنه أخوه فعلاً.
يوسف القرضاوي: لنبين هل إنه أخوه والجينات واحدة وكذا يعني ممكن في هذه الأشياء.
توفيق طه: في هذه الحالة عندما يعني يأخذ الشرع أحياناً بالبصمة الوراثية هل هناك ضوابط محددة للأخذ بهذه البصمة ونتائجها ومفاعلها الشرعية؟
يوسف القرضاوي: في الشرع يأخذ بالبصمة في أشياء كثيرة يعني جداً.. أولاً في المسائل الجنائية لأنه في المسائل الجنائية في حاجة بيسموها اللوث وأشياء من القرائن وابن القيم عمل كتاب يعني في الطرق القضائية والطرق الحكمية وجعل يعني بضعة عشر طريقاً فهذه من القرائن التي تقارب القطع أو تشبه القطع فممكن نأخذ بها في الجنايات ويدخل في التحقيق الجنائي في هذه الأشياء ويمكن أيضاً.. وكما إنه يعني شهادة الشهود لو جمعوا وقالوا هذا الرجل قتل، يعني شهادة الشهود دي مش قطعية يقينية، ممكن الشهود دول يكونوا كاذبين، ممكن لهم هوى، يمكن حد شاريهم، يمكن توهموا، ما شافوش الراجل القاتل كويس ولكن الأحكام الشرعية تقوم على أغلب الظن.. ممكن نأخذ بها في حالات المستشفيات، يعني ممكن أحياناً يتنازع الناس واحدة تقول لا ده مش ابني وبيحصل أحياناً خطأ ويحصل أحياناً تلاعب، واحدة عايزة ذكر تقول لها لما تولد واحدة هاتي لي الذكر وخذي البنت وهأديكي عشرة آلاف ريال ولا مش عارف إيه، ممكن يحدث هذا.. في هذه الحالة نلجأ إلى البصمة وبالاتفاق في حالات الحروب يعني والكوارث، يعني في أيام البوسنة والهرسك كان يوجد أولاد مات آبائهم وأمهاتهم، أولاد صغار ولا يعرفون من أهلهم.. هنا بنلجأ..
توفيق طه: ينطبق هذا على اللقطاء مثلاً؟
يوسف القرضاوي: أه ويمكن اللقطاء في هذه الحالة، بس هتجيب آبائهم منين يعني؟
فهؤلاء يعني في هذه الحالات نلجأ إلى البصمة نقول هذا من الأسرة الفلانية أو ابن فلان في الكوارث في الزلازل، الباخرة المصرية اللي غرقت وبقى الناس جثثهم يعني تعفنت وما عادش ينفع.. ما فيش إلا اللجوء إلى البصمة الوراثية لأنها بتحل كثيرا من الإشكالات، لا ليس هناك يعني حرج في هذه القضية.. الحرج في قضية اللعان وفي قضية الحدود..
توفيق طه: سنأتي إلى مسألة اللعان والحدود ولكن قبل ذلك لنستمع إلى رأي علمي آخر من الدكتور عبد الهادي مصباح استشاري المناعة والمايكروبولوجي من القاهرة، دكتور عبد الهادي ما مدى الدقة واليقين في مسألة إثبات النسب أو الهوية من خلال تحليل البصمة الوراثية أو الـ(DNA)؟
عبد الهادي مصباح- استشاري المناعة والمايكروبولوجي- مصر: السلام عليكم ورحمة الله.
توفيق طه: وعليكم السلام.
عبد الهادي مصباح: أحيي طبعا أستاذنا الدكتور القرضاوي والحقيقة مدى دقة التحليل وأنا سمعت أنه بيقال 96%.. النسبة دي ضئيلة جدا لأن دقة التحليل تصل إلى 99 وكسر في المائة والحقيقة التحليل اللي كل من.. عشان برضوه يعني نوضح الصورة إزاي بيحصل؟ أنه أي إنسان مننا نتاج نص جيناته من الأب والنص الآخر من الأم وبالتالي أنا من خلال هذا التفرد في البصمة الجينية لا يمكن أن تتكرر إلا في التوأم السيامي اللي جاي من بويضة واحدة وحيوان منوي واحد وبالتالي هذا التفرد يعطيني ميزة إثبات ونفي النسب بشكل عام طبعا بغض النظر زي ما تفضل أستاذنا الدكتور القرضاوي وقال في الجرائم والأشياء الأخرى اللي يمكن أنا أستفيد منها فيها.
توفيق طه: دكتور أريد أن أسألك هنا عن نسبة الخطأ سواء كانت يعني نصف بالمائة أو 4% كما قلنا يعني ما هو مصدر نسبة الخطأ هذه؟
عبد الهادي مصباح: مصدر نسبة الخطأ قد يكون من العامل البشري، قد يكون من استخدام المواد الأولية ولذلك في دلوقتي اتجاه عالمي لأنه يحصل نوع من الـ(Standardization) أو الثبات أو ثبات مستوى التحليل على مستوى العالم، لكن حتى مع اختلاف المعامل والتحاليل فالنسبة دي ما هياش بتزيد أبدا عن أو بتقل عن 99% وهي نسبة لما..
توفيق طه: إلا في حالات الطفرة دكتور، أليس كذلك؟
عبد الهادي مصباح: نعم..
توفيق طه: إلا في حالات الطفرة..
عبد الهادي مصباح: إلا؟
توفيق طه: في حالات الطفرة مثلا.. الطفرة الوراثية وهي التغير في تركيب أو ترتيب الجينات..
عبد الهادي مصباح: شوف حضرتك هي حالات الطفرة الوراثية بتقلل لكن إحنا بنقيس في الطفرة.. إحنا بنقيس أو بنشوف اللي في نواة الخلية وليس مجرد الدم، لأن الطفرة دي ارتفاع في نسبة الدم.. ده ما بيغيرش شيء، قد تؤثر فيه وتقلل شوية من النسبة لكن أنا باشوف البصمة الجينية دي في نواة الخلية البشرية نفسها لأنه أنا بأستطيع أن أنا أخذ ده من أي خلية من الجسم سواء كانت من الجلد أو من الدم أو من السائل المنوي أو غيره.
توفيق طه: نعم قبل أن أختم معك دكتور عبد الهادي أريد أن أسألك في حال عدم حضور صلة النسب المباشرة من الأب والأم هل يمكن إثبات صلة النسب من خلال تحليل البصمة الوراثية للعم مثلا أو أي فرد من أفراد العائلة؟
عبد الهادي مصباح: هو بيبقي في نسبة بالضبط كده 25%، يعني إذا كان الأب والأم عندهم 50% و50%.. فبأقيس على هذه النسبة،اسمح لي بس قبل ما أختم إن أنا أسأل فضيلة الأستاذ الدكتور القرضاوي عن أنه المحاكم لا تأخذ بتحليل البصمة الجينية لإثبات النسب، طيب تعالى نعكسها ونشوف ماذا عن دراسة حصلت في الولايات المتحدة وأثبتت بالفعل أن في 20% من الأبناء اللي هما مكتوب آبائهم الرسميين في شهادة الميلاد ليسوا هم آبائهم الرسميين والقاعدة الشرعية بتقول أن الولد للفراش فإذا إحنا.. يعني هل يجوز استخدام الحامض النووي البصمة الجينية في هذا؟ يعني أنا شايف الحقيقة أن إحنا بنتأخر كثيرا في استخدام العلم لأن ده حصل برضوه في حكاية البصمة بتاعة الأصابع أنها اكتشفت في نهاية القرن التاسع عشر ولم تعمم إلا في 1930.
توفيق طه: أصبحت نقاطك واضحة دكتور عبد الهادي مصباح من القاهرة شكرا جزيلا لك، استمعت إلى هذا السؤال تفضل.
يوسف القرضاوي: أنا أريد أن أقول يعني بالنسبة يعني يجوز في المجتمع الأميركي أن تصل نسبة الأبناء الذين ينسبون إلى آبائهم وليسوا من آبائهم إلى هذه النسبة العالية، هذا لن يكون إن شاء في المجتمع الإسلامي لأن هذا المجتمع الآخر القيم عنده ليست كالقيم عندنا، عملية الحفاظ على الأعراض وهذه الأشياء لا توجد، الإباحية هي الأساس في هذا المجتمع فلن توجد هذه النسبة المخيفة حتى نلجأ إلى البصمة الوراثية لإثبات نسب الأبناء.
توفيق طه: قبل أن يدركنا الوقت فضيلة الدكتور نريد أن نتحدث عن هذا الكلام الذي ذكرته كثيرا في.. منذ بداية هذه الحلقة.. اللعان والحد، هل يمكن أن يكون التحليل الوراثي بدلا من اللعان في الشرع أو يعتمد بدل اللعان؟
يوسف القرضاوي: اللعان هناك طرفان، هناك الرجل وهو المدعى والمرأة هي المدعى عليها، الرجل إذا قال اللعان.. أنا أطلب اللعان والمرأة قالت أنا عندي دليل يبرئني، هنا نأخذ بقول المرأة إنما إذا لم تقل المرأة ذلك يجرى اللعان يعني..
توفيق طه: يعني حتى نوضح للمشاهدين كيف يجرى اللعان؟ باختصار شديد.
يوسف القرضاوي: اللعان القرآن ذكر هذا {والَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ولَمْ يَكُن لَّهُمْ شُهَدَاءُ إلاَّ أَنفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) والْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إن كَانَ مِنَ الكَاذِبِينَ} يعني الرجل حينما يقول امرأته زنت.. كانت مع رجل أو أن ابنها ده ليس ابني وأصر على ذلك في هذه الحالة نعمل هذا اللعان، أنه يقول يشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والشهادة الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين وهي يدرأ عنها العذاب.. يدفع عنها الحد أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، إذا تم هذا اللعان أمام القاضي خلاص يفرق القاضي بينهما ولا يجتمعان أبدا.. أبداً، لا يجوز.. يعني المطلقة ثلاثا يجوز لها أن ترجع إلى زوجها إذا نكحت زوجا غيره، هنا لا يجوز وينسب الولد إلى أمه.. ينسب الولد إلى أمه فالمرأة حينما تصر على التحليل نقبل إنما لو الرجل بالعكس لو الرجل قال أنا ألجأ إلى التحليل والمرأة قالت لا من حقها..
توفيق طه: لماذا يعني؟ ألا يؤدى الغرض المقصود منه؟
يوسف القرضاوي: لا الشرع هنا يعني يحافظ على الأعراض.. على الستر، يقوم على الستر..
توفيق طه: إذا ليس الأساس فقط هو إثبات النسب وإنما الستر أيضا..
يوسف القرضاوي: يعني المرأة.. آه الستر، المرأة إذا قالت ذلك لن يتضرر الرجل بالعكس سيستريح من الشك، هي تستفيد وطفلها يستفيد والرجل يستفيد، إنما هو إذا قال أن ألجأ إلى البصمة سيفضحها.. الشرع جعل اللعان للستر حتى المرأة في عصر الرسول لما قام اللعان وبعدين جاءت بابنها شبيه بالرجل اللي كان اتهمه زوجها بها الرسول عليه الصلاة والسلام قال يعني لولا الأيمان لكان لي ولها شأن.. الأيمان اللي حذفتها دي.
توفيق طه: لكن الآن يعني هناك بعض الفقهاء مثل الدكتور عبد المعطي بيومي يقول إنه في هذا الزمن الذي فسدت فيه الذمم.. يعني قد لا يكون اللعان مسألة حاسمة لأن الوازع الديني ضعف عند كثير من الناس؟
يوسف القرضاوي: هذا لا يقبل يا أخي، هذا أمر جاء في القرآن.. لا يمكن واحد يقول إن هذه الآيات ألغيت الآن وما عادش لها لازمة.. لا لها لازمة، إذا الزوج أصر على اللعان ورفضت المرأة البصمة نعمل اللعان في هذه الحالة.
توفيق طه: طب في حالة الزنا هل يمكن إقامة الحد على الزاني أو الزانية على أساس تحليل البصمة الوراثية؟
يوسف القرضاوي: لا، ما أنا قلت من أول الأمر إن الشرع لا يقيم العقوبة ولا يقيم هذا الحد الشديد على أساس مجرد الزنا.. لا ده الشرع إذا.. يقول لك إما أربعة شهداء يروا العملية الجنسية تماما بوضوح، لو واحد منهم.. يعني في عهد سيدنا عمر شهد ثلاثة وواحد الرابع قال لا والله يا أمير المؤمنين أنا لم أر يعني تماما، أنا رأيت اثنين تحت لحاف واحد ورأيت أنفاسا وجسدا يضطرب وكذا.. يعني ما شافش، طب ما يمكن بيلعبوا يعني، فقال له لا قف وجلد الثلاثة التانيين، يعني فعملية خطيرة فإثبات الزنا لا يكون بالبصمة الوراثية، إما بالإقرار أربع مرات في مجلس القضاء والقاضي يحاول يرد عنه كما فعل النبي يقول له لعلك لامست، يقول له أنا زنيت، يقول له يمكن يا أخي لامست، يمكن قبلت، يمكن فاخذتها، يمكن كذا، لعلك.. يريد أن يدرأ عنه الحد، إما بالإقرار أربع مرات وإما بشهادة الشهود الأربعة الذين رأوا العملية رأي العين.
توفيق طه: نعم، مع كل المآخذ التي يعني تحدثت عنها في مسألة البصمة الوراثية يعني مع نسبة الخطأ الموجودة هل تؤيد فضيلة الدكتور يعني مسألة أخذ البصمة الوراثية للأزواج قبل الزواج بحيث تسجل في الدوائر الحكومية ويجرى تحليل بصمة الولد بعد ذلك لإثبات نسبه في حال التنازع؟
يوسف القرضاوي: أرى أن يتم ذلك اختيارا، لا ألزم الناس يعني بذلك.. يعني إنما إذا أراد الزوجان أن يعني يفعلا هذا فلهما الحق في ذلك، إنما ألزم الناس وبعدين لا أثبت النسب إلا إذا جاء كشفنا على الولد ساعة الولادة وشوفنا إنه من الزوجين، هذا.. ما أنا بأقول لك هذا يتعارض مع قضية الستر الذي يحرص عليها الشرع، لا يريد الشرع أن يفضح الناس، لا يريد.. أن افرض واحدة يعني وقعت في مرة في كذا يعني لا يريد أن يفضحها إنما.. فهذا يعني إذا تعارض مع هذا أخذنا بقضية الستر وأعرضنا عن تلك الدعوة الأخرى.
توفيق طه: نعم فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي شكرا جزيلا لك في ختام هذه الحلقة وشكرا لكم مشاهدينا الكرام وبإمكانكم أن تتواصلوا معنا في هذا البرنامج حول هذه القضية وغيرها على الموقع الإلكتروني لقناة الجزيرة www.aljazeera.net وحتى نلتقي في الأسبوع المقبل لكم تحيات معد البرنامج معتز الخطيب والمخرج منصور الطلافيح وهذا توفيق طه يستودعكم الله إلى اللقاء.