
الاحتفال بالمولد النبوي
– خصوصية الاحتفال وشعائره الشعبية
– الموقف الشرعي من الاحتفال
– واجب الأمة تجاه نبيها في الظروف الراهنة
عبد الصمد ناصر: السلام عليكم ورحمة الله وأهلا بكم في حلقة أخرى من برنامج الشريعة والحياة، يقول الله سبحانه وتعالى {قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ واللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} صدق الله العظيم، شهر ربيع الأول شهر المولد، فيه يذَّكر المسلمون بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله، شهر المولد شهر تهيج فيه عواطف المحبة نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكثر فيه الحديث عن شريعته صلى الله عليه وسلم وفي هذا الشهر يحتفل كثير من المسلمين ويستمر الجدل أيضا حول مشروعية الاحتفال وما يحدث فيه من طقوس وشعائر شعبية، فما الموقف الشرعي من الاحتفال؟ وكيف يكون واجب الأمة تجاه نبيها في هذه المرحلة؟ وهل يشغل ذلك الواجب تعريف العالم به صلى الله عليه وسلم وبسيرته العطرة؟ وكيف نتجاوز ردود الأفعال إلى حالة من المبادرات البناءة التي تثمر جيلا مؤمنا يقارب مثله الأعلى المتشخصة في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم؟ إذاً المولد النبوي والاحتفال به هو موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة مع الداعية الإسلامي حازم أبو الشيخ.. حازم أبو إسماعيل رئيس لجنة تطبيق الشريعة في نقابة المحاميين بمصر، شيخ حازم أهلا بك.
حازم صلاح أبو إسماعيل- رئيس لجنة تطبيق الشريعة في نقابة المحامين – القاهرة: مرحبا، أهلا وسهلا، حيَّاكم الله.
عبد الصمد ناصر: مرحبا فضيلة الشيخ، طبعا نحن في شهر ربيع الأول وبعد أيام قلائل تحل ذكرى المولد النبوي، هل لهذا الشهر خصوصية بسبب ذلك؟
خصوصية الاحتفال وشعائره الشعبية
حازم صلاح أبو إسماعيل: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وعلى أهله وصحبه ومَن والاه، الحقيقة أننا إذا مارسنا عملية الاستقراء سنجد أن معظم الأحداث الكبيرة التي وقعت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قد وقعت في شهر ربيع الأول فعلا وأن هذا الشهر لم يختصه الله عز وجل بعبادة أخرى فليس شهر الصيام، ليس شهر الصلاة، ليس شهرا للحج وليس من الأشهر الحُرم وهو ليس من الأشهر الحُرم ولا الحج ولا الصيام ولكنه شهر وُلد فيه النبي عليه الصلاة والسلام وبُعث فيه النبي صلى الله عليه وسلم وتُوفي فيه النبي صلى الله عليه وسلم وهاجر فيه النبي صلى الله عليه وسلم وعند كثير من المحققين وقعت فيه رحلة الإسراء والمعراج بالنبي صلى الله عليه وسلم، إذاً ميلاد وبعثة وهجرة ووفاة وإسراء ومعراج فشهر ارتباطه بالنبي عليه الصلاة والسلام من الناحية الزمنية واضحة جدا وهذا الكلام الحقيقة يثير الالتفات ويثير الانتباه ولكن برغم هذا الله تعالى لم يجعل له أي عبادة خاصة به فلم يشرع له صوم خاص به، لم يشرع له إنفاق أو صلاة أو عمرة خاصة به وإنما هو من حيث العبادات شأنه شأن سائر أيام العام وكأن بهذا كأنه شهر بهذه الصورة دوره أنه يلفت نظر المسلمين إلى شخص النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يكون هناك أي نوع من أنواع العبادات مختص بها هذا الشهر على..
عبد الصمد ناصر [مقاطعاً]: إذاً يمكن أن أقول إنه شهر الرسول صلى الله عليه وسلم؟
حازم صلاح أبو إسماعيل [متابعاً]: ويمكن أن نطلق عليه أنه شهر النبي صلى الله عليه وسلم.
عبد الصمد ناصر: صلى الله عليه وسلم، طيب دعاة الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم يستدلون مما يستدلون به على وجوب الاحتفال بهذا اليوم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين ولما سُئل عن ذلك قال، هذا يوم وُلدت فيه فهل لسُنة صيام يوم الاثنين علاقة بالمولد النبوي؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: نحن لابد أن نقف أمام مثل هذا الكلام، مش موقف الدعاة وإنما موقف الفقهاء موقف العلماء الذي يدقق في الدليل ويقيمه أو ويقوِّمه ويصل من خلاله إلى الحكم الشرعي، الحقيقة أنني أقدر كثيرا جدا مسألة الحذر من دخول الأمر في مجال البِدع، يعني أُقدر مَن يقول مثلا أن الحديث يقول "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه" فهو رد يعني مردود عليه وأُقدر من يقول إن أجيال الصحابة والتابعين وتابعي التابعين لم يحتفلوا بمولد النبي وإنما هذه بدعة استحدثتها عصور ضعف فيها النبي صلى الله عليه وسلم وأدرك تماما أن الفاطميين بما عندهم كان من انحرافات في العقيدة هم الذين بدؤوا مسألة الاحتفال وأدرك ما يكون موجودا من يعني من مثلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح عيسى بن مريم وإنما قولوا عبد الله" وأدرك أنه قال لا تعظموني كما تعظم الأعاجم ملوكها، يعني هذه الاعتبارات اعتبارات الخوف من دخول ما ليس من الإسلام على الإسلام والابتداع وما إلى ذلك أمور لابد أن نقدرها ولكن نحن عندما نُخضع القضية للتقييم الفقهي الصحيح نجد أنه فين.. أين صُلب المسألة؟ صُلب المسألة أنك تسأل نفسك هو أنا بأسأل عن إيه؟ ما هو موضوع السؤال؟ ما هو مدلول السؤال؟ أنت تسأل عن حكم الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام فما هي؟ ما فيش سؤال كده وإنما لابد أن أحدد ما مدلول كلمة الاحتفال، أنا لا أقصد..
عبد الصمد ناصر: كيف نحتفل، هذا المقصد؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: أي نعم، مدلوله لكي أنزل الحكم الفقهي على مسألة لازم أحدد موضع السؤال، ما معنى احتفال؟
عبد الصمد ناصر: وما الذي يوجب الاحتفال أصلا؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: يعني بمعنى أنه هل الاحتفال مقصود به مثلا المواكب التي تسير في الطرقات والدفوف والرق والشخاليل والبيارق وما إلى ذلك؟ هل المقصود به الذكر القريب من أعمال الجنون والشعوذة وما إلى ذلك؟ أم أن المقصود به في السؤال كسؤال قبل إنزال الجواب شيء آخر وهو التدارس والتفكر والتدبر؟ يبقى عندما نسأل ما حكم الاحتفال بمولد النبي عليه الصلاة والسلام أنا أسأل ما حكم تخصيص وقت محدد من العام لتدارس نبأ النبي أو سيرة النبي عليه الصلاة والسلام؟ يا أخي الكريم فكرة تخصيص وقت لعبادة فكرة ليست محرمة بالعكس دي فكرة قد تجدها في النصوص ما يشير.. قد تجد في النصوص ما يشير إلى أنها من السُنة فمثلا على سبيل المثال هناك حديث للنبي عليه الصلاة والسلام يقول فيه صراحة "ينبغي للعاقل أن تكون له ساعة ثم يكون يحاسِب فيها نفسه وساعة يناجي فيها ربه"، هذا الحديث عندما تنظر فيه تجد أن معناه تخصيص ساعة يخصصها العبد من عند نفسه لعبادة شرعها الله عز وجل وتجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يذهب مثلا إلى مسجد قباء ويحث على الذهاب إليه ولكنه يخصص يوم السبت من كل أسبوع ليذهب قبل صلاة الظهر إلى مسجد قباء ليصلي فيه وأنه في يوم الاثنين يصوم يوم الاثنين ولما يُسأل لم يقل هكذا أُوحي إليّ وإنما يقول هذا يوم وُلدت فيه وكذلك صوم شعبان، لما سُئل عن صوم شعبان لم يقل الله أوحى إليّ أن أصوم شعبان أو أُمرت أو سُنَّ لي وإنما قال ذلك، شهر تُرفع فيه الأعمال إلى الله عز وجل فأحب أن يُرفَع عملي إلى الله وأنا صائم، هذه الشواهد قد تشير إلى أن تخصيص..
عبد الصمد ناصر: ذلك اليوم تقصد..
حازم صلاح أبو إسماعيل: ذلك يوم الاثنين تُرفع فيه الأعمال إلى الله ووُلدت فيه إنما كذلك شهر شعبان كشهر.. شهر شعبان تُرفع فيه الأعمال إلى الله فالرسول عليه الصلاة والسلام اختار أن يصومه لأنه يحب أن تُرفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان وهو صائم، الشاهد من هذه الشواهد أنه كان يختار وقتا لعمل ووقتا يختاره لعمل يختاره المهم أن يكون عملا مشروعا وأن لا يكون الوقت مخصوصا، يعني هو ما يقُلش لا تزوروا مسجد قباء إلا يوم السبت لأنه بقية الأيام غير مشروعة، إذاً المبدأ اللي هو "أحب الأعمال إلى الله أدوَمه وإن قل" قد يقتضي أن تختار وقتا معينا لعبادة معينة توظف هذه العبادة أو توظف هذا الوقت لهذه العبادة ومن هنا مادامت هذه الفكرة أصلا موجودة في السُنة بهذا الوضوح ومشهود لها ببعض الشواهد بهذا الوضوح فإننا نقول لو أن أجيال المسلمين كانت رائعة في عهد الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ثم انحطت وتواضعت وضعفت وبدأت لا تتذاكر شأن النبي عليه الصلاة والسلام فجاء مَن يقول ما المانع أن نخصص هذه العشرة أيام لتذاكر شأن النبي وهذه العشرة أيام لتذاكر القرآن وهذه العشرة أيام لتذاكر أمر الآخرة ووزعناها كما يوزَّع المنهج الدراسي.. المنهج الدراسي يوزَّع على أشهر السنة هذا في الواقع يؤدي إلى نجاح المسلمين في فهم مناهجهم الدراسية، لهذا الحقيقة من حيث المبدأ إذا اقتصر أمر المولد على هذا التدارس وتخصيص وقت كأنه وقت منهجي لدراسة هذا فلا بأس به..
عبد الصمد ناصر: فيبقى عملا مشروعا..
حازم صلاح أبو إسماعيل: إلا أنني أحذر من بعض الأمور، إحنا لا نخصص الوقت لعبادة محرمة يعني مثلا عيد الميلاد، لا أحتفل بعيد الميلاد لأن احتفال الإنسان بنفسه غير احتفاله بالنبي عليه الصلاة والسلام إنما أن أخصص مثلا يوما للاحتفال بالعمال ممكن..
عبد الصمد ناصر: عيد الأم؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: أخصص للأم لا بأس بس بلاش كلمة عيد لأن عيد في الإسلام عبادة فأنا لا أريد أن أنشئ عبادة العيد وإنما أقول يوم الأم ويوم العمال، يوم المحاربين القدماء، يوم المصابين فأخصص يوما للاحتفال بمعنى أخاف أن يخفت دون أن أسميه عيدا ودون أن أخصه إنما مثلا وقد يرد عليّ مَن يرد والحقيقة لهم الحق، يقول لي بس يعني الرسول عليه الصلاة والسلام قال لا تخص مثلا يوم الجمعة بالصيام ولا تخص قيام.. ليلة بقيام، أقول له نعم، لأن المقصود هنا أن تخص هذا اليوم بالذات بهذه العبادة إنما إحنا في ربيع الأول نقول نحن استحسنا أن نختاره لتدارس السيرة إنما لا نقول إنه بذاته هو الذي تتدارس فيه السيرة كميقات لها وإلا لا يجوز..
عبد الصمد ناصر: لكن بالنسبة لطائفة.. يعني لفريق آخر هذا الاحتفال ارتبط بطقوس وعادات، على كل حال حول معتقدات الصوفية في الاحتفال بالمولد النبوي حتى لا نعمم الصوفية كلهم، البعض من الصوفية وماذا.. يعني بالنسبة لهؤلاء وكذلك حول أصل تلك العادة الشعبية في الاحتفال والطقوس التي يمارسها أهل مصر على سبيل المثال وأنت من مصر وأدرى بما يدور في المولد، نتابع اللقاءات التالية.
[شريط مسجل]
علاء ماضي أبو العزايم: الاحتفال يعتبر هو مصطلح، فإحنا بنفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكراه ولما نتكلم عن ذكرى سيدنا رسول الله فهو نفسه فرح بميلاده فكان يصوم يوم الاثنين عشان كده قال، أصوم يوم وُلدت فيه، فإذا كان سيدنا رسول الله فرح في هذا الميلاد إحنا كمان نفرح في هذا الميلاد، المشكلة إن ربنا سبحانه وتعالى قال{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} فالجماعة اللي مش عاوزين يحتفلوا مش عاوزينا نتذكر حاجة عن سيدنا رسول الله مش عاوزين نتكلم عن رسول الله، الاحتفالات الصوفية واحتفالات الموالد هي ذكريات عن سيدنا رسول الله بيطالبوا بأن إحنا ما نحتفلش وما نعملش ومش عارف إيه وده كله مهاجمة للدين الإسلامي، إذا كان سيدنا رسول الله هو الأسوة لكل مسلم من باب أولى كل مسلم لازم يحتفل في ميلاده ويتذكر كيف كان صلى الله عليه وسلم أسوة لكل المسلمين.
إبراهيم عبد الحافظ: كان السلاطين والولاة بيجمعوا قراء القرآن والمؤذنين والمسحرين وجماعات الطرق الصوفية وتبدأ المواكب من مكان الحكم القلعة مثلا أو قبل كده كانت القلعة لسه مش هي مكان الحكم إلا في عهد الأيوبيين، المهم أنها كانت تخرج هذه الجماعات بصحبة السلاطين والأمراء ويُقرأ فيها القرآن تُقرأ آيات القرآن وتُمارَس فيها بعض الأنشطة والحلوى وتقديم الحلوى وهكذا وتشارك بعض جموع الشعب مع السلاطين والحكام وتمد فيها الأسمطة للطعام وتُنشد فيها المدائح النبوية، استمرت هذه العادة إلى أن أخذت اتجاهين، الاتجاه الأول الاتجاه الشعبي اللي بتحتفل فيه كل قرية أو في كل مدينة بالمولد النبوي الشريف بالنواحي الدنيوية والنواحي الدينية، النواحي الدنيوية تتمثل في حلوى المولد وطبعا كان من عادات المصريين إنهم بيعملوا قوالب حلوى على شكل الحصان وعلى شكل العروسة ولذلك ارتبطت هذه المناسبة بعروسة المولد من الحلوى.
عبد الصمد ناصر: شيخ حازم هل لديك أي تعليق؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: لا شك يعني أولاً لابد إخلاصاً لله عز وجل أن أقول إننا لابد أن ننظر إلى أي احتفال صوفي بالموالد بدءً من مولد النبي عليه الصلاة والسلام إلى أي مولد آخر بحذر شديد وحذر دية كلمة بسيطة بل إنه هذه الاحتفالات تمتلئ بالبدع والخرافات والأمر الثاني أن هذه الموالد مولد النبي عليه الصلاة والسلام والموالد الأخرى لما بدأت.. بدأت فعلاً كبدعة محرمة مؤثمة يعني مسألة إنه يعمل موكب والموكب يختلط فيه الرجال بالنساء وقد يغني للعشق والهيام ويرفع رايات وبيارق يمشي بها في الطرقات وتجد إن المولد فرصة للتجارة حتى الأطفال والحلوى وحتى الآن الموالد في مصر تعتبر عورة كبيرة الحقيقة..
عبد الصمد ناصر: اختلاط بالنساء.
حازم صلاح أبو إسماعيل: اختلاط بالنساء وغير كدة ويعني حتى في بيع الأشياء وقد تلتقي الفتيات بالفتيان كأنها نزهة وفسحة وقد يغني فيها المطرب والمطربة الشعبية أغاني ما أنزل الله بها من سلطان ولا علاقة لها بالشرع، لذلك والله إذا ما تكلمت عن الموالد التي تنشئها الصوفية أقول قطعاً وكلمة واحدة وقولاً واحداً ولو من باب سد الذرائع ودرء الفتن وإغلاق الباب، أما ما يمكن أن يحدث من مفاسد ودرء وإيقاف هذه المفاسد كل هذا غير جائز على الإطلاق.
عبد الصمد ناصر: الشيخ إبراهيم الذي كان قبل قليل في التقرير قال مَن لا يحتفل لا يريد مذاكرة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يتذكر كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: والله يعني يا أخي صدق ولكن أنا قلت في بداية الكلام مين قال إن إحنا لا نحتفل، أنا قلت إن الاحتفال.. ولكن بمفهومه بمدلوله..
عبد الصمد ناصر: هناك رأي للدكتور عمر سليمان الأشقر من الأردن وهو معنا على الهاتف الآن وهو أستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعة الأردنية، دكتور عمر ما قولك في الاحتفال بالمولد النبوي؟
عمر سليمان الأشقر– أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأردن: يا أخي أنا استمعت لكلام الأخ حازم اللي هو ما هناك فرق أخي بين الواقعة كواقعة كحدث الذي هو الاحتفال بمفهومه في واقع الحياة وبين محبة الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه وطاعته..
عبد الصمد ناصر: لو ترفع قليلاً.. عفواً دكتور لا نكاد نسمع صوتك لو ترفع قليلاً بعض الشيء.
عمر سليمان الأشقر: نعم، أقول إن هناك فرق بين محبة الرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته واتباع أمره وبين المولد.. المولد كما هو.. كما يقع بين الناس كما يحدث بين الناس بهذه التفاصيل، هذا أمر لم يحدث، حدث في أول ما حدث في القرن السابع الهجري، أول القرن السابع الهجري في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم في عهد الصحابة في عهد التابعين، القرن الأول الثاني الثالث الرابع الخامس السادس لم تكن هناك موالد، الموالد إنما حدثت متأخرة ومتأخرة جداً بهذا المفهوم الذين عرفوه سواء كان فيه معاصي وذنوب قد تصل إلى درجة أن تُستباح فيه الخمر وقد يُستباح فيه الرقص وقد يكون فيه الغناء وقد يكون فيه الموسيقى وقد يكون مجرد كلمات واحتفالات وتعطيل، الدولة تعطل في يوم معين هذا شيء وهذا شيء، ما حكم المولد بهذه الصورة التي تقع بين الناس والتي تحدث بين الناس؟ هذا أمر مبتَدع لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، لو كان مستحبا لفعله الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، لأمر به الصحابة، لأمر به أبو بكر، لأمر به عمر، لأمر به عثمان، لأمر به التابعين، لم يحدث شيئا من ذلك.
عبد الصمد ناصر: نعم، هناك بعض الطرق الصوفية البعض منهم يعتقد في احتفالاتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضر المولد فيقومون له محيين ومرحبين حتى أن البعض منهم يخصص مكاناً فارغاً بجانب شيخ الطريقة بل ويتركون أكواباً أو كوباً فارغاً يخصَّص للرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك الكثير من الأمور التي هي أبعد ما تكون عن الدين.
عمر سليمان الأشقر: هذا صحيح يعني يحدث فيه أمور عادية ذكر صفات الرسول صلى الله عليه وسلم أخلاقه قيمه موازينه وقد تحدث أمور الشريعة الإسلامية تأباها وتنكرها، من المنكرات هذا المولد بشقيه سواء كان من المباحات أو المستحبات أو غيره فعله في يوم معين في وقت محدد بطريقة معينة جرى عليها الناس منذ مئات السنين هذا أمر..
عبد الصمد ناصر: طيب دكتور عمر كما قال الشيخ حازم يعني نحن لا نريد أن نمنع الاحتفال، أن نكون من المانعين أو الداعين إلى البدع في الاحتفال، كيف.. ما هو الوجه الأمثل للاحتفال يعني كيف يمكن أن يقضي المسلم يوم الاحتفال بالمولد النبوي؟ هل بالقيام؟ هل بالصلاة؟ بالصلاة على النبي؟ هل بقراءة السيرة أم كيف؟
عمر سليمان الأشقر: أخي الكريم أنا لا أوافق الأخ حازم على ما ذكره، نحن في كل يوم نحتفل بالرسول صلى الله عليه وسلم، أحد الصحابة يقول للرسول صلى الله عليه وسلم، رسول الله كم أجعل لك من صلاتي عشرها، قال إن زدت فهو خير لك ثمنها سبعها أجعل لك صلاتي كلها، قال إذاً تكفي همك وغمك تصور ما يدعو لأي شيء.
عبد الصمد ناصر: يعني أنت دكتور ترفض بشكل قاطع فكرة الاحتفال؟
عمر سليمان الأشقر: نعم.
عبد الصمد ناصر: بارك الله فيك فضيلة الدكتور عمر سليمان الأشقر أستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعة الأردنية من عمَّان، على كل حال سأترك لك مجالا للتعليق فقط هناك فاصل، فاصل ونعود إليكم مشاهدينا الكرام فابقوا معنا.
[فاصل إعلاني]
عبد الصمد ناصر: السلام عليكم وأهلا بكم من جديد في الشريعة والحياة، حلقة اليوم حول المولد النبوي والاحتفال به، قبل الفاصل كان معنا الدكتور عمر سليمان الأشقر هو أستاذ الشريعة الإسلامية بالجامعة الأردنية، يرى الدكتور حازم بأن الاحتفال بالمولد النبوي لا يجوز وبالتالي ليس هناك موقف وسط بين أن نعتبره بدعة أو نعتبره بدعة حسنة كما يقول البعض، ما قولك؟
" باحتفالات الطرق الصوفية بالمولد يتهيأ لهم أن النبي صلى الله عليه وسلم يحضر ويتركون له مكانا خاليا وبهذا ينتقلون من بدعة العمل إلى بدعة الاعتقاد " |
حازم صلاح أبو إسماعيل: نعم، سيدي الفاضل أنا أقدِّر تماما كما بدأت حديثي مَن يقف موقف الحذر البالغ من غلق باب الفتنة، أنا فقط أريد أن أولا أن أعلق على نقطة رائعة وردت في كلام حضرتك، أنت قلت إن في بعض احتفالات الطرق الصوفية يتهيأ لهم أو يقولون إن النبي يأتي في وقت صلى الله عليه وسلم يحضر ويتركون له مكانا خاليا، تعرف بهذا كل ما يقال عن الموالد أسهل وأيسر من هذا لأنهم بهذا ينتقلون من بدعة العمل إلى بدعة الاعتقاد يعني تكون مسألة خاصة بعقيدتهم وبعضهم يصل بالأمور لدرجة من العربدة العقائدية، بعضهم يقول إن بعض الناس إذا أراد أن يحج ذهب إلى الكعبة وبعضهم إذا أراد أن يحج جاءت الكعبة إليه فلا يذهب هو إلى الكعبة..
عبد الصمد ناصر: نعم، هذا من بعض أفكارهم.
حازم صلاح أبو إسماعيل: وبعضهم يقول حضر النبي عليه الصلاة والسلام وأخذ عليه العهد، إذاً نحن في مجال الطرق الصوفية لابد أن نستشعر عداوة شديدة تجاه طريقتها في أي احتفال لأنها لا تتقي لا بدعة اعتقاد ولا بدعة عمل..
عبد الصمد ناصر: طبعا ليس الكل حتى لا نعمم.
حازم صلاح أبو إسماعيل: يعني على كل حال فيما أعرفه وهي الفئة الغالبة وقد يوجد على كل حال..
عبد الصمد ناصر: الرأي هذا قد يزعل الكثير من الإخوان الصوفيين، يعتقدون بأننا نهاجمهم أو ربما نذم أفكارهم.
حازم صلاح أبو إسماعيل: نحن أيضا.. أنا لا أهاجم مبدأ التصوف كعلم تربوي..
عبد الصمد ناصر: كفكرة.
حازم صلاح أبو إسماعيل: نعم كفكرة وكعلم، التصوف.. علم التصوف علم من علوم الإسلام وأنا لا أهاجم المبدأ لكن التطبيق، أما ما تفضل به فضيلة الشيخ من قوله أنا فقط أقول إذا كنا نقف موقف العداء من كل هذه العربدة عقائدية وعملية وما إلى ذلك إلا أنه يبقى شيء قليل، نحن نلاحظ أيضا وهو الحقيقة علمنا شيئا جميلا قال، أنتم ترون أنا أريد أن أتكلم عن حكم الموالد كما تقع فعلا فأنا أيضا أقول طيب حكم التدارس كما يقع فعلا صحيح أنه الأفضل أن أجعل لي كل صلاة للنبي عليه الصلاة والسلام لا عشرها ولا ربعها ولا نصفها لكن العمل الناس لا تفعل هذا لذلك أنا أريد أن أنزل الأمر على الواقع فعلا، الواقع أن التدارس ضعيف جدا فأنا لو كنت ناظر مدرسة أو مدرس أو ما إلى ذلك قد أرى أن أخصص أسبوعا للطلاب لكي أعلمهم التدارس اللي ما بيعملهوش أبدا إنما لو أني وجدت مسلمين في الواقع يعطون رسول الله صلى الله عليه وسلم عُشر صلاتهم اليوم ممكن أتنازل لكن لذلك أنا.. فكرة فقط التخصيص أنت تعرف مثلا وهذه أمر عجيب يعني الناس تتصور أن الهجرة حدثت في شهر محرم، الهجرة حدثت في شهر ربيع الأول وتتصور أن الإسراء والمعراج حدث في شهر رجب وهذا فعلا قول بعض المحققين لكن بعض المحققين يرون أنها حدثت في ربيع الأول وأن البعثة نفسها وإن كان جبريل نزل في رمضان إنما بدأت البعثة بالرؤية الصالحة في ربيع الأول فأنا ما المانع أن..
عبد الصمد ناصر: والإسراء والمعراج..
حازم صلاح أبو إسماعيل: والإسراء والمعراج لأن أنا قدمت بهذا الإسراء والمعراج حدثت في شهر ربيع الأول عند بعض المحققين فالخلاصة إن أنا لو انتهزت.. إذا أنا عندي واقع فيه ضعف شديد في تدارس السُنة والسيرة وده الواقع العملي أنا بأتكلم عن واقع هو أنا هأعيش حياة خيالية، الواقع وفي المقابل فرصة ذهبية أني أقول للناس سوف أتكلم عن النبي عليه الصلاة والسلام في هذه الفترة زي الـ(Course) المدرسي في الجامعة مش في الجامعة يقولوا في شهر أكتوبر ها ندرس كذا وفي شهر نوفمبر كذا فكأني أقول أنا في شهر ربيع الأول سأدرس سيرة النبي عليه الصلاة والسلام وأنا بهذا لا أخص شهر ربيع بالذات ولا أخص شيئا محددا وإنما أنتهر الفرصة وإذا كنت في هذا المجال الواقعي لا بأس إنقاذ للأمة وللشباب على الأقل.
عبد الصمد ناصر: لو انتقلنا إلى واجبات المسلمين أو واجب النبي صلى الله عليه وسلم على أمته ربما أن النبي صلى الله عليه وسلم بيَّن ما يجب على الأمة نحوه، ربما أتم البيان حينما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده ومن الناس أجمعين" وهذا ربما شرط الإيمان محبته أكثر من النفس كما في حديث عمر، كيف نحقق ذلك.. يعني هل من ارتقاء إلى هذه الدرجة العليا الكاملة من الإيمان؟
واجب الأمة تجاه نبيها في الظروف الراهنة
حازم صلاح أبو إسماعيل: سيدي الفاضل لو أنني أحببت شخصين ووقع عدوان على أول شخص بالضرب فأنا من شدة حبي له بكيت فقط هذا أنا أحبه وبكيت لأنه ضُرب فإذا ضُرب الثاني فبلغت شدة حبي له أنني قمت لأدافع عنه برغم الخطر، أي إنسان يرى هذا يقول أنا أحب من أكثر؟ أحب الثاني ولا يختلف اثنان على هذا، فكرة حب النبي عليه الصلاة والسلام تدور حول هذا أن الأثر الذي يظهر عليك أيها المسلم كأثر للحب يدل على ترمومتر الحب يدل على درجة الحب إلى أين وصلت؟ فإذا ما وجدته صلى الله عليه وسلم يؤذَى فبكيت وأدمى قلبك وشعرت بحرقة وضيق شديد لكنك لم تحرك ساكنا غير الشخص الذي يحرك الساكن من أجل هذا الحب عشان كده لازم نعرف أن حبي النبي عليه الصلاة والسلام.. شوف يا أخي الكريم لا يوجد على وجه الأرض محب يدَّعي أنه يحب وتعبيره عن الحب أنه لا يفعل شيئا، لو واحد بيحب فتاة بيحبها لا يتركها بدون فعل ولا مَن يحب ماله لا يحاول أن يحميه ولا مَن يحب أباه وأمه ولا مَن يحب أبناءه، الدعوة الوحيدة بالحب اللي عاوزين يفصلوها عن الترجمة العملية هي دعوة حب الدين، أنا بأحب الدين بس أعمل إيه، أنا أحب الرسول لكن ماذا أفعل؟ هذا الكلام طيب ما تقول أنا أحب مالي ولكن اللص معه سلاح لذلك تركت له مالي وأحب بيتي ولكن الذي جاء ليقتحم البيت تركت له البيت لأني لا أستطيع أن أدافع عنه، تعرض نفسك للخطورة لحب أي شيء إلا الدين لذلك دورنا تجاه النبي عليه الصلاة والسلام ولذلك أنا أرجع لنقطة الاحتفال هو النهاردة لما أسيء إلى النبي عليه الصلاة والسلام بل أسيء إلينا جميعا لهذه الرسوم مش الناس بدؤوا يفكرون ويقولون طيب ما تعملوا موقع على الإنترنت ما تنزلوا كتب ما تروحوا رحلات ومؤتمرات تعرَّفوا الغرب عن النبي عليه الصلاة والسلام، سبحان الله طيب إذا كنت أنا أقول سوف نجعل (Course) سنجعل موسم اسمه مثلا مرتين في السنة مؤتمر عن النبي عليه الصلاة والسلام، إحنا عندنا في بعض الأحيان مؤتمرات كبيرة عن السُنة النبوية ولا تخدم شيئا، إذاً واجبي تجاه النبي عليه الصلاة والسلام الحقيقة هو عمل لكن يا أخي الكريم أنا أعمل.. كيف أعمل إذا كنت لا أعلم عنه شيئا؟ تعالى النهاردة على الشباب وأسألهم ماذا تعرف عن الرسول عليه الصلاة والسلام فعلا واسمع يعني خذ وقت لتسمع تجد حصيلة ضحلة جدا لا يعرف إلا قشور أُمال عاوز تطبق إزاي؟ كيف تريد أن تؤمن بأنه {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} إذا كنت أنت مش عارف تتأسى بإيه بماذا تتأسى إذا كنت لا تعلم؟
عبد الصمد ناصر: مسؤولية مَن هذه؟
" اسأل الشباب هذه الأيام ماذا تعرف عن الرسول عليه الصلاة والسلام فعلا واسمع لتجد حصيلة ضحلة جدا، لا يعرف إلا قشورا فكيف سيطبق السنة النبوية؟ " |
حازم صلاح أبو إسماعيل: آه أنا لا أريد أن أجيب عن سؤال مسؤولية مَن هذه بالكلام عن المسؤولين، أنا أتكلم عن المتلقي مباشرة، أنت شخصيا يا مَن تقصِّر في هذا إذا نزلت إلى السوق أو فتحت جهاز الحاسب الآلي وإذا دخلت على شبكة المعلومات الدولية أو ذهبت إلى شيخ في المسجد أو.. ستصل لمجموعة من السُنة لذلك الرسول عليه الصلاة والسلام يقول "من أحيا سنتي عند فساد أمتي كان له أجر أربعين شهيدا أو أجر سبعين شهيدا"، إحياء السُنة يعني إيه؟ يعني سُنة كان معمولاً بها ثم نسيها الناس فلم يعد معمولاً بها، إذا أنا عملت بها أخذت أجر سبعين شهيداً أو أجر أربعين شهيداً، طيب ما ده أنا اللي أعمله آتي ألوم وأقول أين العلماء؟ لماذا لا يعلِّمونا سنة النبي عليه الصلاة والسلام طيب ما تروح تتعلم أنت..
عبد الصمد ناصر: أليست هذه مسؤولية على عاتق الآباء أيضاً بالدرجة الأولى، البيئة؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: لا شك أنها على عاتق الأباء وعلى عاتق الإعلام وعلى عاتق الحكومات في مدارس التربية والتعليم وعلى عاتق الجامعات وعلى عاتق السينما التي لا تقوم بأفلام تعرض هذا الكلام لكن أنا فقط اختصاراً وكما يقول المصريون الناس عايزة واحد يجيب من الآخر، أقول لو قصَّر هؤلاء جميعاً المسلم المتلقي ليس هذا بعذر له وإنما عليه أن يأخذ..
عبد الصمد ناصر: اسمح لي بمداخلة للدكتور صلاح سلطان عضو المجلس الأوروبي للإفتاء، دكتور صلاح سلطان موضوعنا الليلة هو الاحتفال بالمولد النبوي صلى الله عليه وسلم، ما قولك في الموضوع؟
صلاح سلطان – عضو المجلس الأوروبي للإفتاء: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عبد الصمد ناصر: عليكم السلام.
صلاح سلطان: أنا شاكر أخ عبد الناصر وسعيد أن أسمع الأخ حازم، شيَّبتك الانتخابات وأخواتها يا شيخ حازم أسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا على الخير، الحقيقة هناك واجبات ثلاثة نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم الأول هو الحب وهذا يحتاج إلى علم ومعرفة..
عبد الصمد ناصر: دكتور صلاح عفواً أقاطعك من البداية حتى لا أقطع عنك أفكارك لو تخفض صوت الجهاز في الغرفة عندك صوت التلفزيون هناك صدى في الصوت، تفضل دكتور.
صلاح سلطان: أقول إن واجبنا نحو النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة، الأول هو حب النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون أحبُّ إلينا من أنفسنا وأهلنا وأولادنا وهذا يحتاج إلى علم ومعرفة، ثم الاتباع وهذا يحتاج إلى مجاهدة، ثم النصرة وهذا يحتاج إلى بذل وتضحية ولا يصلح واحد من هذه وحده فالبداية هو العلم وأنا أريد أن أسأل كثيرا من المسلمين المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم لو أقمنا اختباراً حول سيرة النبي ستجد أن الكثير يعرف المرحلة الأولى حتى غزوة بدر لكن المرحلة الأخيرة لا يعرفون عنها كثيراً وهذا من انقطاع النفس ولذلك نريد دراسة منهجية علمية من خلال الآباء والأمهات من خلال وزارات التعليم من خلال وزارات الإعلام أن تتبنى منهجية علمية لإيصال صورة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة النبي كاملة، الأمر الثاني نحن نحتاج إلى إعادة دراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم لإظهار الجانب الاجتماعي والجانب الاقتصادي والجانب الإنساني وليس فقط الجانب العسكري مما جعل بعض المستشرقين والمغرضين يصورون أن حياة النبي صلى الله عليه وسلم كلها غزوات فقط، الأمر الثالث هو الإتباع لقوله تعالى {قُلْ إن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ويَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} والحقيقة أننا نجد اتباعاً أحياناً في السنن وتضييعاً في الفرائض، شخص يحافظ على صلاة السنن في المسجد ويضيع العلاقة مع زوجته واحترام الحياة الزوجية، شخص لا يتأخر عن الصف الأول ويتأخر عن أداء الديون مع أن أول كتاب في صحيح البخاري في كتاب الكفالة يتحدث عن أداء الديون في أوقاتها بما يجب أن تنتظم معه جميع معاملتنا المالية، هناك حديث مستفيد عن حق الحاكم دون أن نذكر حق المحكوم، حق المحكوم دون حق الحاكم، حق المرأة دون حقوق الرجل، هذا التوازن والوسطية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لابد أن نعيده مرة أخرى إلى حياتنا العملية وهذا يحتاج إلى جهاد مع النفس والشجاع من انتصف من نفسه والحقيقة أن هنالك صوراً متميزة هناك شباب حصلوا على أحسن موظف في الشركات الأميركية لأنه مقتدٍ بالنبي صلى الله عليه وسلم وتسبب في إسلام صاحب الشركة نفسه لأنه رأى نموذجاً متبع لحياة النبي صلى الله عليه وسلم..
عبد الصمد ناصر: ونماذج كثيرة، على كل حال دكتور صلاح سلطان نماذج كثيرة، عضو المجلس الأوروبي للإفتاء شكراً جزيلاً لك، معي مداخلة من السادة المشاهدين عز الدين عمارنة من فلسطين، دقيقة واحدة أخ عز الدين من فضلك.
عز الدين عمارنة – فلسطين: سيدي أريد أن أسأل الشيخ حازم بارك الله فيه يبدو أنك متأثر جداً لما يحصل في الموالد في مصر وبعض الدول العربية وتحدثت بشكل يعني محذرا من الموالد التي يقيمها الصوفية، أخي الحبيب يعني ما رأيك في يعني.. عندما يتجمع.. أنا لست صوفيا ولكن يعني أرى عندنا في فلسطين يعني بعض الطرق الصوفية المعتدلة زي الطريقة القادرية مثلا عندما يتجمعون في يعني مكان ما ويقرؤون يعني قصة المولد النبوي الشريف في قالب شعري رائع يقتصر على ذكر الله والصلاة على رسول الله وبعض الطقوس المعتدلة التي ليس فيها من البدع، ما رأيك في ذلك هل هذا أيضا يعني يُنظر إليه بحذر شديد أيضا، هل هو حرام؟
عبد الصمد ناصر: نعم، سيجيبك الشيخ أخ عز الدين، شكرا لك عز الدين عمارنة من فلسطين، عمر السفرجي من السعودية، تفضل أخ عمر.
عمر السفرجي – السعودية: السلام عليكم.
عبد الصمد ناصر: وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته.
عمر السفرجي: هو في أصل المولد هذا بدعة ما هو سنة بالرغم أن هناك في المولد الذي شاهدته فيه بعض المحاسن كمدح الرسول عليه الصلاة والسلام ولكن أكثر الناس الذين يفعلون هذه الموالد ويحضرونها هم ناس غير أسوياء أكثرهم فيأتي يوم المولد يصير وليا من أولياء الله الصالحين..
عبد الصمد ناصر: طيب عمر هل لديك سؤال محدد لفضيلة الشيخ؟
عمر السفرجي: نعم، عندي سؤال أبغي أسأله، هل قرأت نهج البردة التي تتلى في المولد النبوي؟
عبد الصمد ناصر: نعم، شكرا لك أخ عمر، لو نجيب أولا على الأخ عز الدين عمارنة من فلسطين، رأيك في أولئك الذين يتجمعون من الصوفية والقادرية وإلى آخره؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: نعم، رأيي في الاحتفال.. الأخ الفلسطيني المبارك ربنا يبارك فيه، يا أخي الكريم الأصل هو الفكرة لتعلم يعني الإجابة هو ما هو المقصود بالاحتفال؟ هل المقصود بالاحتفال أني أحوِّل الاحتفال إلى حالة فنية أقرأ الشعر وأغنى وأطرب وما إلى ذلك أم المقصود بالاحتفال هو تأثر بتدارس وتفهُّم سيرة وبالتالي السؤال الثاني وأنا أدخل السؤالين سويا السؤال حول هل قرأت نهج البردة، نعم قرأته ورائع وسعيد به كل السعادة لكن أن يقرأ وأن يحتفل الأخ الفلسطيني بيقول في سياق تدارس للتأسي يعني ولذلك أنا عايز أقول لكم حاجة، بعض الناس يرى أن عليّ أن أعرض شخصية النبي عليه الصلاة والسلام مثلا للعالمين ويقع في أن يعرض شخصية الرسول عليه الصلاة والسلام للعالمين لكن يعرضه كمصلح اجتماعي أو كشخصية فذة على المستوى الشخصي، ما ينفعش أنا أعرض النبي عليه الصلاة والسلام..
عبد الصمد ناصر: بشكل شامل..
حازم صلاح أبو إسماعيل: في سياق العقيدة، أنه عنصر الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله فأنا أتكلم عن العقيدة كرجل عقيدة ومن ضمن هذا كماله الاجتماعي وكماله الثقافي وكماله السياسي إنما أن أركز عليه أني أثير الإعجاب به كقضية سياسية أو قضية اجتماعية وأنا أفصل هذا عن العمل العقائدي هو ده اللي ضيع المسلمين، المسلم صاحب دعوة يعرض رسوله صلى الله عليه وسلم في سياق الدعوة فكذلك الاحتفال أنت عايز تجتمع لتقيم حالة فنية يقال فيها ما أجمل صوت المطربة فلانة وهي تغنى القصيدة الفلانية لا وإنما إذا قرأت نهج البردة وإذا قرأها داعية من الدعاة أو عالم من العلماء وهو يشرح ما فيها فيؤثر في الناس تأثيرا يجعلهم يتأسون ويقتدون يبقى ده داخل في باب التدارس، كلٌ ما عدا التدارس بما فيه هذه الحالة الفنية، أنا أحذر منه ليه بقى؟ أنا يا أخي الكريم مش متأثر بالموالد الشعبية في مصر وبس ده متأثر بالفرق الشعبية، عندنا في مصر حاجة اسمها فرق الرقص الشعبي بقى أنت ها تجيب عشرين راقصة في الرقص الشعبي تقف في مولد تحتفل بالليلة المحمدية وتتمايل وهي تقول صلى الله عليك يا رسول الله وعايزني أنا أتبسط لأن هناك قصيدة تقال؟
عبد الصمد ناصر: ليه لا؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: ليه لا أيوه على رأيك، فعايزني أتبسط لأنها تقال لذلك أقول يا أخي الكريم الفلسطيني والأخ الثاني الذي سأل عن نهج البردة إذا كان الكلام في سياق العقيدة الإسلامية الصحيحة وفي سياق التدارس الذي يصل إلى التأسي سنسمح به في هذه الحدود الضيقة في حدود ما نفهمه من دين الله عز وجل لأنه يخص التدارس والتأسي، أكثر من كده سندخل في باب البدعة والحذر..
عبد الصمد ناصر: دكتور صلاح سلطان الذي كان معنا قبل قليل تحدث عن المحبة وما تقتضيه من اتباع ما هو ما يقتضيه من المجاهدة والنصرة وما يقتضيه من بذل والنصيحة، ماذا نعني بالنصرة كيف نحقق هذه النصرة؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: نعم، يعني أولا أنا شاكر لك جدا هذا السؤال لأنه في الحقيقة أن النصرة في خلال الشهرين ثلاثة اللي فاتوا أنا شخصيا خشيت خشية بالغة من انزلاقها كما قلت في باب إظهار النبي عليه الصلاة والسلام كشخصية ظهرت في مجتمع من المجتمعات أنت عارف اللي بيحتفلوا وسعداء بكتاب مثلا العظماء مائة وأعظمهم محمد صلى الله عليه وسلم تلاقيه يتكلم عن إنسان عظيم في مجتمع بوذي وإنسان عظيم في مجتمع كونفوشيوس وإنسان عظيم في مجتمع نصراني..
عبد الصمد ناصر: بينما محمد للعالمين صلى الله عليه وسلم..
حازم صلاح أبو إسماعيل: وإنسان عظيم.. نعم، لا أنا أقصد أنه الفكرة أنني لا أقدم مُصلحا اجتماعيا أنا مش شُغلتي كعقائدي، أنا أسوق ذلك من ضمن شخصية النبي عليه الصلاة والسلام ولذلك الله سبحانه وتعالى.. وأنا بتعجبني جدا هذا في الآية حينما يتكلم في عدة آيات عن النبي عليه الصلاة والسلام يبدأ الآية بلفظ استدراك إحنا نسميه اللي هي مثلا {ولَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} طب إيه كلمة ولكن؟ ولكن لأنه يستدرك على مَن يستخدم الأمر على أنه يعني مجرد الإنسان الأمين الصدوق ابن رئيس مكة عبد المطلب اللي.. اللي وإنما يتكلم عن أنه رسول الله وخاتم النبيين فنصرة النبي صلى الله عليه وسلم فعلا أنا معك أنه مثلا البلاد التي هاجمت الرسول عليه الصلاة والسلام ورسمت فوق رأسه مجمع للمسدسات والقنابل هي لا تعرفه فمن النصرة أن أعرفهم به لكن مش أن أعرفهم به أنه كان أبيض وطويل وعريض، ده هذا أعلِّمه للمسلمين ربما ولمن استجاب إنما هؤلاء أعلمهم عقيدته أقول لهم لقد بعث زي يا أخي سبحان الله سيدنا جعفر لما وقف أمام النجاشي قال له، إحنا كنا بنشرب الخمر ونكذب الحديث ونقطع الرحم ونسيء الجوار وكانت حالتنا كرب فجاءنا نبي منا نعرف نَسَبَه ونعرفه ونعرف.. فجاء فعلمنا كذا وأرشدنا إلى كذا وأخرجنا.. فنصرة النبي في هذا الشأن صلى الله عليه وسلم تكون بالكلام عنه كرجل عقيدة كرجل دين وأن من اتبعه هو مَن يتبعه لهذا الشأن أفاجئك يا أخي الكريم بشيء، هل تعرف أن قريش كانت مستعدة ولو كلام ولو لفظ ولو ادعاء كاذب كانت مستعدة تتبع النبي عليه الصلاة والسلام وتظهر عظمته كشخص بغير عقيدة مش راح له رسول الكفار وقال له إن أردت الملك ملَّكناك علينا، ها تبقى أنت الملك وإحنا تحت أمرك يا أفندم، فرفض النبي عليه الصلاة والسلام أن يظهر كملك أن يُعظَّم في قومه كملك حتى لو كان له يعني سلطة الأمر والنهي وبعدها يستطيع أن يباشرها في إصلاح المجتمع، لا هو يريد أن يظهر كنبي رسول صاحب عقيدة تُساس الدولة التي يرأسها بصفته نبيا رسولا، لذلك نصرة النبي صلى الله عليه وسلم لا تكون بأن نقبل أن نجليه كشخصية اجتماعية ولا سياسية ولا غيره منفصلة عن العقيدة وإنما أن نبرز عقيدة الإسلام..
عبد الصمد ناصر: هنا نفتح القوس للحديث عن الغلو في الدين حيث صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "إياكم والغلو في الدين" وهناك مَن يرى بأن بعض المسلمين حقيقةً بالغ في محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والمبالغة بين قوسين والنبي نهى عن ذلك كما جئت على ذكر الحديث قبل قليل "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم إنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله"، ما مظاهر المبالغة برأيك شيخ حازم يعني هل من المبالغة مثلا تغليب الجوانب البشرية على الجوانب التشريعية في شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: هذه من القضايا في الحقيقة..
عبد الصمد ناصر: أو بالعكس..
حازم صلاح أبو إسماعيل: التي تدل على ضحالة الثقافة الإسلامية عند المسلمين لأنه فعلا إحنا بين قوم يحبون النبي عليه الصلاة والسلام أو يعبرون عن الحب بطريقة فيها غلو ومجاوزة وبين قوم يسرفون بالعكس في أنه كلما ذكرت شيئا من العاطفة أو دمعت عينك حبا للرسول عليه الصلاة والسلام يعتبروا هذا نوع من.. لا هؤلاء مسرفون على أنفسهم وهؤلاء مسرفون إحنا رأينا مَن كان يبكي حبا وشوقا للرسول عليه الصلاة والسلام ومَن جاءه الموت وهو يقول غدا ألقى الأحبة محمد وصحبه ومنهم مَن بكى حنينا إلى النبي عليه الصلاة والسلام فالبكاء حنينا ورأينا مَن يتتبع مواضع أقدام النبي عليه الصلاة والسلام وهو يسير ورأينا مَن كان يصلي في المكان الذي يصلي فيه، كلهم من الراشدين مَن فعل هذا، فإذا الحب موجود والتعبير عن العاطفة والحنين موجود ودموع العين شوقا موجود والكلام عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو بالشِعر الحسن الذي يهيج العواطف إليه موجود لكن أنه يبلغ الأمر لدرجة تخرجه.. أنت عارف أن الرسول عليه الصلاة والسلام رفض أن يقوموا له داخل فيقوموا فيقول، لا تقوموا كما تقوم الأعاجم لملوكها فأصبح يدخل وهم جلوس كم هم لا يقومون له لأنه يرفض مبدأ التعظيم مبدأ قبره قال "لا تتخذوا قبري من بعدي عيدا" أي يكون له ميقات محدد يزار في كل سنة..
عبد الصمد ناصر: حتى أن الغريب كان يدخل على المسلمين وهم متجمعون حول الرسول ويقول أيُّكم محمد؟
حازم صلاح أبو إسماعيل: لا يعرفه ممن معه لأنهم جميعا سواء فإذا هذا الغلو.. الغلو أن يتكلم عن البشرية وحدها والله أتكلم عن البشرية ولكن كما قلت في سياق العقيدة لا بأس بمعنى أنه من شروط الرسل أنهم عندهم كمال في الجسم ليس هناك مثلا أذن مقطوعة أنف مجدوعة عين مفقوعة ما فيش الكلام ده عندهم فطنة، من شروط المرسلين أن عندهم ذكاء موفور فممكن أتكلم عن الصفات البشرية للرسول عليه الصلاة والسلام عن جماله عن لحيته عن رأسه عن مشيته عن.. في باب وصفه صلى الله عليه وسلم تقريبا للحب من أشخاص المسلمين لكن لا أتكلم عن الصفات البشرية منفصلة عن أنه كان يقول {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنِّي رَسُولُ اللَّهِ إلَيْكُمْ جَمِيعاً}..
عبد الصمد ناصر: شيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الداعية الإسلامي بارك الله فيكم وشكرا لك وفي الختام نلفت عناية السادة المشاهدين بأن بإمكانكم أن تراسلونا وأن تكتبوا لنا عبر البريد الإلكتروني للبرنامج sharia@aljazeera.net لإرسال مقترحاتكم واستفساراتكم وفي الختام لكم تحيات الطاقم الساهر على هذا البرنامج وعلى رأسهم المخرج منصور طلافيح والمنتج معتز الخطيب ونلتقي في الأسبوع القادم بحول الله.