اختلاف الفتاوى وتضاربها
– أهمية الفتوى ومواصفات المفتي
– حقيقة دور المفتي في الدول العربية
– علاقة المفتي بالحاكم
– الفتوى ما بين التيسيير والتعسير
خديجة بن قنة: مشاهدينا الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إذا كان المُفتي موقعا عن رب العالمين فلماذا يختلف المفتون وتتناقض أو تختلف الفتاوى وما أسباب هذا الاختلاف؟ ومن هو المؤهل للفتوى؟ وهل كل فقيه مؤهل لأن يفتي في شؤون المسلمين العامة؟ وهل ثمة اختلاف بين فتاوى الأفراد وفتاوى الأمة؟ وهل يلتزم المفتي بحدود الدولة القطرية؟ اختلاف الفتاوى وتضاربها موضوع حلقة اليوم من برنامج الشريعة والحياة ونستضيف فيها من الدوحة فضيلة الدكتور حسن عيسى عبد الظاهر أستاذ بكلية الشريعة جامعة قطر، أهلا وسهلا بكم.
حسن عيسى عبد الظاهر: حياكم الله وبارك فيكم.
خديجة بن قنة: ونرحب أيضا بالأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية في جامعة القاهرة، أهلا بك أستاذ سيف الدين عبد الفتاح من القاهرة.
سيف الدين عبد الفتاح: أهلا وسهلا.
خديجة بن قنة: نبدأ من الأستوديو مع فضيلة الدكتور حسن عيسى عبد الظاهر في موضوع الفتوى أول سؤال يتبادر إلى الذهن ماذا يُعنى بالفتوى وما أهمية الفتوى في حياة المسلم وهل يجب فعلا على المسلم أن لا يخطو أي خطوة في حياته إلا بعد أن يستفتي المُفتي؟
حسن عيسى عبد الظاهر: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى إخوانه من الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أيها الأخوة المشاهدون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته للإجابة عن هذا السؤال لابد من عدة مقدمات صغيرة، المقدمة الأولى حالة أن خطى الإنسان أول خطوة له على هذه الأرض أهبط من الجنة أهبط ومعه مؤثران المؤثر الأول قول الله عز وجل {فَإمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقَى} يعني الحق لم يتركنا هباء وإنما سبحانه وتعالى تولى برسم منهاج الحياة لنا خطوة بخطوة ثم قال لنا {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقَى} لا ضلال ولا شقاء المؤثر الثاني {إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُواً} {اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً} إذاً أصبح حياتنا على هذه الأرض حياة شقاء حياة معاناة لسنا في جنة ولسنا في نعيم لابد من ضلال ولابد من شقاء ولابد.. الحق تبارك وتعالى أنعم علينا بفطرة سليمة كل مولود يولد على الفطرة وصحيح يولد {واللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ والأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فأعطانا الحواس للإدراك إدراك الحياة وأعطانا العقل للإدراك ثم أرسل الرسل وأنزل الكتب، إذاً أصبح الإنسان مضبوط بضوابط وحواجز ترسم له حياته خطوة بخطوة حتى يعيش على هذه الأرض يحقق معنى إنسانيته خليفة عن الله في الأرض يحقق عمارة الأرض {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ واسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} يستفيد من نِعم الله عز وجل يعيش إنسانا كرمه الله على كل المخلوقات وسخر لهم من الملائكة ومن الجن ومن الإنس ومن الطير ومن الوحوش وجعله سيدا في هذه الحياة لكن الإنسان ليس ملاك من الملائكة وليس شيطان من الشياطين ويخلط عملا صالحا وآخر سيئ، هنا تلقاه الوحي وتلقته الفطرة وتلقاه جهاز الحواس وتلقاه جهاز العقل يصحح له لكن أحيانا يقفز على هذه الحواجز كلها ومن هنا يأتي دور الفتوى، الفتوى يعني الإشكالات التي تقابله في الحياة كيف يحلها؟ وحل هذه الإشكالات يكون بالفتوى وهذا معنى يفرق بين السؤال والفتوى فالفتوى عبارة عن حل مشكلات في الحياة، السؤال إجابة عن مجهول أو عن حاجه الإنسان متردد فيها فالإنسان حين يخطو في الحياة أيا كانت خطواته في شرق أو في غرب لا تسلم خطواته من العثرات من الإشكالات تواجهه لأن إحنا في حياة ابتلاء {خَلَقَ المَوْتَ والْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} {ونَبْلُوكُم بِالشَّرِّ والْخَيْرِ فِتْنَةً} وبعد ذلك {إنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُواً لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ} {إنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُواً} {النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي} إلى آخره فهذه الإشكالات في الحياة كيف نحلها كيف نواجهها بالفتاوى؟
خديجة بن قنة: نعم، إذاً هناك فرق بين الفتوى والسؤال؟
حسن عيسى عبد الظاهر: أه طبعا لا شك السؤال بيكون عن شيء مجهول أو..
خديجة بن قنة [مقاطعة]: يدخل ضمن الإرشاد؟
حسن عيسى عبد الظاهر [متابعاً]: أه طبعا أو عن شيء الإنسان متردد فيه فيريد أن يعرف وجه الحق فلا يضل ولا يشقى ومن هنا تجدي حضرتك أن القرآن غاير بين التعبيرين يعني جاب حوالي ستة عشر سؤال في القرآن الكريم وجاب استفتاءات أخرى، جاب أسلوب الاستفتاء مرتين في سورة النساء وجاب كلمة الفتوى في كذا آية من القرآن الكريم أخذتِ بال حضرتك ففرق بين المصطلحين مصطلح الفتوى ومصطلح السؤال.
خديجة بن قنة: ابن القيم سمي كتابه إعلام الموقعين عن رب العالمين ويقصد بالموقعين عن رب العالمين طبعا أهل الفتوى وأنهم يقعون عن الله في أحكامهم، هل كل فتوى تصدر عن المُفتى عن الفقيه عن العالِم تعتبر توقيعا عن الله؟
حسن عيسى عبد الظاهر: إذا كانت صحيحة عن الله يعني مأخوذة من كتاب الله ومن سُنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ومن مقاصد هذا الدين يبقى في هذه الحالة تكون عن الله عز وجل، إنما حين تكون عن هوى النفس عن أغراض عن شهوات لا يكون موقعا عن الله رب العالمين.
خديجة بن قنة: هل ترى في هذه التسمية إسرافا أو مبالغة ما؟
حسن عبد الظاهر: أي تسمية؟
خديجة بن قنة: التوقيع عن الله.
حسن عبد الظاهر: لا أبدا لأن {إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} فهذه الخلافة للإنسان في الأرض ما قيمتها إلا أنه كما قال الله عز وجل {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ ولا يَشْقَى}.
خديجة بن قنة: فضيلة الشيخ نجد في كتب الفقه بعض الشروط التي على المستفتي أن يتخيرها في المُفتي حتى يستفتي لكن يطرح هنا سؤال هل على أو هل كل مسلم مؤهل لأن يفتي؟ وهل على كل مسلم يعني له الحق أن يحكم على هذا المُفتى؟
" |
حسن عبد الظاهر: أولا بالنسبة للمُفتي له ضوابط وكما قال الله عز وجل.. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ولِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إذَا رَجَعُوا إلَيْهِمْ} تفقه في الدين، إنذار القوم، طائفة من الطوائف يعني ليس الكل وليس الجميع، هذه الطائفة لها ضوابط.. ضوابط أُخذت من سُنة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فمن ذلك في القرآن الكريم {وإذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَذِينَ أُوتُوا الكِتَاب لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ} فإذاً أخذ الله العهد على من أوتي الكتاب، طبعا الكتاب مَن سبقنا من أهل التوراة وأهل الإنجيل وكذلك إحنا أهل كتاب وهو القرآن الكريم فأُخذ على العلماء {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ} ثم حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ما معناه أنه من سؤل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار يوم القيامة، يبقي إذاً أصبح المفتون ناس مختارون لهم ضوابط {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} {الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فأصبح المُفتون لهم ضوابط ولهم قواعد نص عليها الفقهاء في علم أصول الفقه وفي علم الفروع وفي التفسير وفي الحديث كذلك المستفتي، المستفتي ماذا يريد بفتواه؟ هل يريد إحراج المفتي؟ هل يريد اختباره؟ هل يريد التعنت معه؟ هل يريد العبث؟ هل يريد الاستفادة؟ كل هذه أنواع وكل هذه الصور عُرضت على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وتصرف معها وبين لنا كيف تصرف معها.
خديجة بن قنة: طيب كيف يجب على المُفتي في عصرنا هذا أن يتعامل مع كل هذه الأنواع من الأسئلة ومن الاستفتاءات؟
حسن عبد الظاهر: أولا لابد المُفتي لا ينطلق في فتواه، يعني وجدنا الإمام مالك رضوان الله عليه أحيانا يُسأل خمسين سؤال ويقول لا أدري ثم يضع قاعدة ويقول على المُفتي قبل أن يجيب على أي سؤال يضع أمام بصريه الجنة والنار ويسأل نفسه كيف سيتصرف ويخرج من النار ثم يُجيب بعد ذلك، فإذاً المُفتي أولا طبيعة السؤال الموجه إليه وطبيعة المستفتي الذي يستفتيه وطبيعة منزلته هو في العلم يستطيع أنه يهيأ السؤال الذي يأتيه هل يستحق الإجابة أو يستحق الإجابة بغير صيغة السؤال؟ يعني عندنا في القرآن الكريم {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ} وسؤالهم عن الأهلة ليه بيكون هلال وليه بيكون تربيع أول وليه بيكون بدر وليه بيكون محاق وطبعا عشان الرسول صلى الله عليه وسلم مهوش مهمته أنه يدي درس في الجغرافيا ويدي درس في الفضاء ويدي درس.. لا مهمته {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} فجاء الجواب على خلاف السؤال {قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ والْحَجِّ} هذه فائدتها إنما عشان يعرف لماذا بدأ هلالا؟ لماذا بيحدث له الخسوف؟ لماذا يحدث له الكسوف؟ الحاجات دي مش مهمة الرسول صلوات الله وسلامه عليه أنتم أعلم بشؤون دنياكم ولكن جاء بشيرا نذيرا {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإذْنِ رَبِّهِمْ إلَى صِرَاطِ العَزِيزِ الحَمِيدِ}.
خديجة بن قنة: إذاً هناك نوع من الأسئلة يريد منها المستفتي فقط إحراج والتعنت لنقل؟
حسن عبد الظاهر: وقد يكون منها العبث.
خديجة بن قنة: أو العبث.
خديجة بن قنة: يعني مثلا اللي جاء للرسول صلى الله عليه وسلم ويقول له أين أبي قال له هو في النار، واحد ثاني يقول له من أبي وهو يعرف أن هو مش.. ليس ابن أبيه فنسبه إلى غير أبيه، واحد ثالث يقول له أين ناقتي الله هو الرسول صلى الله عليه وسلم جاي عشان خاطر يعني يشتغل دلال فين الناقة وفين فلان، واحد يخبئ له شيء وراء ظهره ويقول له ما هو إن كنت نبيا قال له لست بكاهن ولا الكهانة مني.
خديجة بن قنة: نعم قبل أن نتحول إلى القاهرة والأستاذ الدكتور سيف الدين عبد الفتاح نأخذ فاصل قصير ثم نعود إليكم.
[فاصل إعلاني]
حقيقة دور المفتي في الدول العربية
خديجة بن قنة: أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة موضوعنا اليوم اختلاف الفتاوى ونتحول الآن إلى القاهرة والدكتور سيف الدين، دكتور يبدو واضحا أن هناك اضطرابا في العلاقة بين الدين والدولة في عالمنا العربي فيعني من جهة سياسات الدول العربية لا تنسجم مع الدين أو ربما لا تضع له اعتبارا كبيرا لكن بالمقابل نرى أن كل دولة إسلامية وكل دولة عربية إسلامية أنشأت هيئة للفتوى ومنصبا للمفتي، كيف ترى هذه المفارقة؟
الدكتور سيف الدين عبد الفتاح: نعم أظن والله أعلم في هذا الموضوع، أعتقد أن الدولة حينما همشت من الدين في واقعها وفي سياساتها أن هذه الأمور ارتبطت بمجموعة من الأسباب فهي تحاول أن تتنازع الناس والبشر في محاولة أن تؤكد أنهم تحت سيطرتها ومن هنا يبدو أن المسألة ليست بعيدا عن المواقف التي تتعلق باستبداد الدولة وفي هذا الإطار نجد أن الدين على سبيل المثال.. حين نتعامل مع قضايا حالة تتعلق بالأمة وتتعلق بالدولة القومية فإننا أمام تدخل من الدولة سافر في محاولة لأنها تستجد الفتوى بعد حدوث الحدث وبعد اتخاذ القرار، هذه المسائل تتعلق بدور الدولة وعلاقتها بمؤسسة الإفتاء، مؤسسة الإفتاء حين.. المُفتي في البداية كان مُفتيا عاما للأمة ويقوم بأداء واجب الفتوى حيال من يسأله ولكن في واقع الأمر أن الدولة أرادت أن تجعل إطارا رسميا تحدد فيه هذه المؤسسة وتحاول أن تُحدث نوعا من السيطرة من جملة ما سيطرت عليها من تأميم الدين في الدولة القومية.
خديجة بن قنة: لكن أستاذ سيف الدين يعني فقدان الدولة للشرعية السياسية يفقد بالتالي المُفتي يعني شرعيته في كثير من الأحوال مما مهد لقيام أو انتشار أو ظهور مُفتين آخرين أكثر مصداقية لدى العامة وتعددت مصادر الفتوى بذلك وربما انحرفت أيضا، كيف نتعامل مع هذا الواقع؟
" |
سيف الدين عبد الفتاح: نعم أنا أظن أن هذا الواقع الذي أحدث انفصاما بين دور ووظيفة الإفتاء والعملية الإفتائية التي يقوم بها حيال أمته وحيال هؤلاء الأشخاص الذين يسألونه عن قضايا تتعلق بهذه الأمة، أنا أظن أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال إلا أن نعبر عن أن الدولة القومية بقسمتها التي تتعلق بحدودها أصبحت تجعل من الفتوى داخل حدودها لا تتعلق إطلاقا بالقضايا التي تمتد إلى خارج هذه الأمة، حتى المُفتين يقولون أننا نفتي لبلدنا ولا أحدا يفتي لنا هذه مسألة كلها أنا أظن أنها من الخطورة بما جهل، الإفتاء مؤسسة أمة ومن ثم وجب على هذه المؤسسة أن تتجه إلى الأمة خاصة في القضايا ذات الطابع السياسي إلا أن السياسة جعلته الدولة.. السياسة جعلتها الدولة يعني حياض تدافع عنه ولا يستطيع أن يقترب منه إنسان هذه هي لب القضية التي تتعلق بأن من يسيس الفتوى هو الدولة وليس المواطن الذي يحاول أن يتساءل عن قضايا أمته في هذا المقام إنما..
خديجة بن قنة: معنى هذا أنه لا يجب على المُفتي أن يحصر فتواه في حدود الدولة القطرية بين قوسين؟
سيف الدين عبد الفتاح: نعم يجب ألا يحصر هكذا كان سُئِل الإمام محمد عبده عن فتاوى والترانسفارية وفتاوى عديدة وفتاوى من الهند وهكذا ولكنه كان يقوم بتقصي عناصر الفتوى وعناصر الواقعة التي يستفتي فيها.. يُستفتى فيها، العناصر أيضا كانت هناك أسئلة عن ارتداء القبعة مثلا على سبيل المثال أثناء الاستعمار أو مساعدة المستعمرين في بلاد المغرب العربي وكانت هذه.. تتجه هذه الفتاوى إلى مُفتين من مصر هكذا يتأكد أن الفتوى ومؤسسة الإفتاء هي مؤسسة أمة لا يمكن بأي حال من الأحوال..
خديجة بن قنة: وربما هذا يحيلنا إلى مثال آخر أستاذ سيف الدين أيضا مُفتي الأزهر الشيخ طنطاوي عندما سؤل عن المقاومة في العراق قال إن فتاواه تتعلق فقط أو محصورة فقط لا يتعدى حدود مصر لكن لما طلبت منه الفتوى في موضوع الحجاب بفرنسا أفتى بذلك بمنع الحجاب.
سيف الدين عبد الفتاح: هذا صحيح هذا تحليل وربط رائع يعبر عن كيف أنه يريد فقط إنه في موضوعات يجب عليه أن يتصدر لها يتأخر عنها وموضوعات يمكن أن يسكت ولكنه يتصدر فيها هذه مسألة تتعلق بالإطار العام الذي تحدده سياسة الدولة، الدولة تطلب الفتوى بعد صدور القرار وليس قبل صدور القرار وهذه هي المعضلة التي تؤكد هذا ولكن فاتركوا اتركوا مؤسسة الفتوة في حالها واتركوا مسألة الإفتاء في حالها، يقولون أنها دول علمانية فتظل تلك الدول علمانية لماذا تدخل الدين وتحاول أن تسيس المسألة وتحاول أن تكتسب شرعية من خلال إضفاء شرعية دينية على مثل هذه الأمور التي تتخذها الدولة.
خديجة بن قنة: نعم هل للسياسة سلطان على المُفتي؟ سنواصل النقاش في هذه النقطة لكن بعد موجز لأهم الأنباء من غرفة الأخبار.
[موجز الأنباء]
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة موضوعنا اليوم اختلاف الفتاوى ونبدأ الآن في هذا الجزء الثاني من البرنامج مع فضيلة الدكتور حسن، لماذا يعني كنا طرحنا السؤال هل للسياسة سلطان على المُفتي لماذا ينصح دائما بابتعاد المُفتي عن الحاكم وعن السلطان هل هو خوف من أن يفتتن المفتي بزينة الدنيا وربما إغراءات قد يعرضها عليه الحاكم؟
حسن عيسى عبد الظاهر: بسم الله الرحمن الرحيم أولا الفتوى في حياة المسلمين من عهد سيدنا رسول الله صلوات الله وسلام عليه إلى يوم الناس هذا إلى أن تقوم الساعة لأنها جزء من البيان لهذا الدين {وأَنزَلْنَا إلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ} جزء من البلاغ {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ} كون بيعتريها بعض العثرات في بعض الأزمنة، خلاف بين كذا وكذا لكن الأصل التعاون الكامل بين الزعامة الدينية والزعامة السياسية وإن الله لا يزعم بالسلطان ما لا يُزعم بالقرآن وكذلك العلماء وكان رسول الله صلوات الله وسلام عليه يفتي سألته امرأة عن الحيض فقال لها استغفري فقالت له كيف استغفر قال تتبعي أثر الدم قالت كيف قال يا عائشة فهميها فأخذتها السيدة عائشة.. السيدة عائشة هنا في هذه الحالة ابتدأت تفتي المرأة وتعلمها كيف يكون وهكذا.
خديجة بن قنة: إذاً الإفتاء هنا نقطة جانبية الإفتاء ليس حكرا على الرجال لا تشترط الذكورة في الإفتاء؟
حسن عيسى عبد الظاهر: لا طبيعة أم المؤمنين السيدة عائشة كان يُرجع إليها في كل صغيرة وكبيرة وكذلك عدوا من شيوخ الإمام السيوطي إحدى عشر امرأة وكذلك كثير من الصحابيات الجليلات كن يحفظن القرآن عن ظهر قلب زي أم ورقة وكن يفتين في كل في كثير من الأمور ولما تتبعي تدوين السُنة المطهرة كم من حديث سجل عن أم المؤمنين السيدة عائشة، كم من مرة جلس أبو هريرة من وراء الشباك ويسألها.. يسألها وكثير من الصحابة سألوها كم من كذا، كم من حديث روي عن أم سلمة كم.. سُنة الرسول صلى الله عليه وسلم في داخل بيته كيف كان يأكل يشرب ينام يجيب عن الأسئلة كل هذا روته.
خديجة بن قنة: لكن كم امرأة مفتية الآن موجودة على ساحة الإفتاء يعني كلهم رجال الذين يفتون، أخاف أن لا نعود إلى النقطة الأساسية وهي علاقة المُفتي بالسلطة بالحاكم.
حسن عيسى عبد الظاهر: يعني هذه النقطة بالذات قبل أن نغادرها الحق تبارك الله وتعالى قال {واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ} يعني كُلفن بأنهم ينقلوا عن رسول الله صلوات الله وسلام عليه كل ما سمعوه وكل ما رأوه {واذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ} بعد ذلك جاءت وشفنا الخلفاء في الدول العباسية وغيرها.. وغيرها عبد المالك أبن مروان من يفتي الناس في الحج هذا أعطاه فلان، المذاهب الإسلامية مذهب الإمام مالك يغلب على شمال إفريقيا، مذهب الشافعي يغلب على مصر، مذهب الأحنفي يغلب على الجهة الشرق، مذهب الحنابلة يغلب على الجزيرة العربية وهكذا إلى يوم الناس هذا وستظل الفتوى مادامت لأن سمي أنه موقع عن الله عز وجل يعني خليفة عن الله عز وجل يبين كما قال الله عز وجل {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا} فالله تبارك وتعالى وقال في أصل الخلقة {إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} {ولَوْ رَدُّوهُ إلَى الرَّسُولِ وإلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فربنا سبحانه وتعالى جعل للإنسان دور في فهم هذا الكتاب وفي تبليغ هذا الكتاب وفي بيان هذا الكتاب، ليس هذا نوع من الشرك ولا نوع.. وكون الإمام أبن القيم سما كتابه إعلام الموقعين رجل عالم فاضل وإمام من أئمة المسلمين يدري ماذا يقول لأن هذا المُفتي الذي يقول قال الله عز وجل قال رسول الله صلوات الله عليه وسلم.
خديجة بن قنة: نعم لكن السؤال فضيلة الشيخ السؤال كان عن علاقة المُفتي أو العالِم أو الفقيه بالسلطة السياسية وهناك حكمة أو قول من أقوال السلف يقول مَن بدا جفا ومن أتبع الصيد غفل ومن أتى أبواب السلطان افتتن فهل على المفتي أن يبتعد عن الحكام وعن الساسة وعن مراكز صنع القرار ويستقل بنفسه لأن فتواه يعني ربما تستغل من طرف السلطة السياسية؟
حسن عيسى عبد الظاهر: لا المفتي لا يخاف في الله لوم لائم وعليه مَن كتم علما ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ولابد أن يظهر {لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إلَى النُّورِ بِإذْنِ رَبِّهِمْ} فهذا التفريق بين قولة الدولة والسياسة والأئمة والسياسة لم يُعرف إلا بعد احتكاكنا بالأجانب إنما ماذا كان يفعل عمر وكان حين يحتاج في القضاء يكلف سيدنا علي أبن أبي طالب يحكم بالقضاء وهو نفسه عمر كان يحكم بالقضاء فلم.. عمر أبن عبد العزيز الخلفاء من بعد ذلك علماء الأمة كلها فالارتباط الكامل في الحياة العضوية.. الحياة الإسلامية مرتبطة كل شؤون الحياة يعني لما بيقول {والسَّارِقُ والسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} يخاطب مَن؟ يخاطب الأمة كلها {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} {يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا إذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} كل هذه الأمور موجه للأمة كلها.
خديجة بن قنة: نأخذ الدكتور وهبة الزحيلي من القاهرة دكتور، وهبة الزحيلي هل يمكن أن تختلف برأيك الفتوى من دولة إلى أخرى لسبب منهجي من باب مراعاة أعراف الناس وأحوالهم وظروف معيشتهم؟
" |
وهبة الزحيلي: بسم الله الرحمن الرحيم في واقع الأمر أن الاختلافات في الآراء بين علماء الأمة الإسلامية ومجتهديها واقع قائم منذ بدأ الاجتهاد في عهد الصحابة الكرام ومَن بعدهم من أئمة المذاهب الذين اختلفوا لأسباب متعددة منها أن اللغة العربية قد تحتمل أكثر من معنى ومنها أنه قد يصح ويثبت نص الحديث عند إمام ولا يثبت عند آخر ومنها أن مراعاة بعض الأعراف والمصالح التي تتغير بتغير الزمان والمكان فهذا كلام صحيح أن الفتوى قد تتغير ولكن حدود التغيرات ضيقة ليس على النحو الذي يتصوره بعض الناس فعلى المُفتي أولا أن يتقيد بضوابط الفتوى الأساسية فهناك ثوابت في هذه الشريعة لا يجوز تجاوزها وهي كل ما عُلِم من الدين بالضرورة أي بالبداهة وهي النصوص القطعية التي تدل على الحكم دلالة واضحة المعنى لا تحتمل أي معنى آخر سمها دلالة يقينية، هذه الثوابت لا يحل لمُفتي ولا لحاكم أن يتجاوز هذه الثوابت بحال من الأحوال هذا أول قيد على المُفتي، القيد الثاني أن المفتي يجب عليه أن يفتي الناس بالدليل الراجح ويترك الأقوال الضعيفة أو الشاذة وهذا في واقع الأمر أصبح غير لا يتقيد به السادة المُفتون وخصوصا في القنوات الفضائية فبعض الناس يتتبعون مثل هذه الآراء الشاذة أو الضعيفة لبواعث أو دوافع معينة لا داعي لذكرها وهذا في الحقيقة ينافي ضوابط الفتوى وأصولها، هناك أيضا من ضوابط الفتوى وجوب اعتماد المُفتي على ما يحقق المصلحة العامة أما المصلحة الخاصة فلا يجوز أن تكون سببا لدوران الحكم الشرعي عليها وهناك سبب آخر وهو تغير الأحكام بتغير الأزمان، هذه الدائرة المعتمدة على الأحكام القياسية والمصلحية والأعراف هي في حدود 25% فقط زاوية في حدود 25 أو10% فهذه تكون مؤثراتها في الفتوى محدودة.
خديجة بن قنة: هل لك أن تعطينا أمثلة دكتور زحيلي؟
وهبة الزحيلي: من الأمثلة الواضحة في هذا الأمر أن الإمام الشافعي رحمه الله كان له مذهبان مذهب قديم ومذهب جديد، المذهب القديم قرره في مكة المكرمة وديار الحجاز وفي العراق حينما سافر إلى العراق مرتين أو ثلاث مرات ثم انتقل إلى مصر فوجد أن هناك أعرافا ووجد أن هناك رواة للأحاديث لم يكن قد أطلع عليها فهذا دليل واضح على هذا التغير وهناك أيضا مراعاة لوقائع بعض الأمور والحوادث فقد يكون الشأن في بلد غير الشأن في بلد آخر مثل اختلاف المكاييل والموازين ومثلا من الأمور التي اختلفت بتغير الأعراف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "المكيال مكيال أهل المدينة والوزن وزن أهل الحجاز" فهذا من أجل وضع ضابط لتحريم الربا وأنه ينبغي في عصرنا الحاضر إذا تغيرت الموازين والمكاييل فينبغي أن يُرجع إلى العُرف الثابت في كون مثلا الحبل كان يكال.. يباع بالكيل والآن أصبح يكال بالوزن فالواقع اختلفت المقاييس والموازين ومن هنا كان الإمام أبو يوسف رحمه الله قد أفتي بأن المعول عليه ما هو عليه عُرف الناس في المكاييل والموازين لضبط المساواة بين هذا.. بين الأموال الربوية وهي الذهب والفضة والتمر والملح والشعير والحنطة فإذا اختل هذا الميزان عند إذ بحيث يكون زيادة في أحد العوضين عن الآخر يكون حينئذ قد وقعنا في الربا فهل نعتبر المساواة على أساس المكيال القديم مكيال أهل المدينة والوزن القديم أم نعتبر الأعراف الحالية وهي كون المساواة هي في الوزن لا في المكيال القديم، هذا مثال عملي والواقع أن رأي الإمام أبي يوسف في مراعاة الأعراف لتحقيق المساواة بين الأموال الربوية حتى لا نوقع الناس في الربا إنما هو ما أن تنضبط بحسب أعراف أهل البلاد وتطورات الزمان، هناك أيضا أمور كثيرة كان من العُرف الماضي أن الرجل إذا خرج إلى الشارع حاسر الرأس يعد ساقط العدالة ولكن الآن اختلف هذا العُرف وأصبح كل من يكشف رأسه لا يصح أن يختل فيه ميزان العدالة وأن تقبل شهادته على الرغم من أنه كان في الماضي يكون مردود الشهادة والآن الأعراف والأوضاع اختلفت وبالتالي..
خديجة بن قنة: وبالتالي يجب مراعاة البعد الزماني والمكاني وتغير الأعراف والأحوال والظروف.
وهبة الزحيلي: لكن كما قلت لك في حدود عشرة أو 20% على الأكثر هذا التغير، فلا يصح أن نُعمل البعد المكاني والزماني في الثوابت والأحكام اليقينية القطعية فهذا ما لا يحل في شرع الله ودينه، هناك أمر آخر..
خديجة بن قنة: الأحكام القطعية مثلا لو أزيلت صفة الإسكار عن الخمرة طبعا الحكم القطعي هو الحرام يعني هناك أحكام قطعية لا يجوز الاجتهاد فيها وهناك أحكام تتغير بتغير أحوال الناس.
وهبة الزحيلي: هذه الأحكام القطعية لا يصح أن نتجاوزها ومثل القول الآن في إباحة الربا والقروض من أجل شراء المساكن في أوروبا وغيرها في البلاد الغربية، في واقع الأمر هذا لا يجوز أن نفتي الناس لآن شرع الله واحد لا يتغير بتغير الزمان والمكان وهذا ينافي الإجماع.
خديجة بن قنة: في هذا السياق دكتور وهبة الزحيلي يقول الدكتور البوطي رُب قائلا يرى هذا الكلام فيقول لقد تغير الزمن اليوم وأصبح كشف عورات النساء فيه أمام الأجانب أمرا معتادا عليه غير مستهجن خصوصا وقد أصبح لهن من ضرورات الخروج إلى الوظائف والمصانع ما يصعب عليهن معه التستر هذا مثال من هذه الأمثلة أيضا.
وهبة الزحيلي: لا هذا قضية بس فهم كلام الدكتور البوطي على غير النحو الذي تريدينه، المرأة يجب عليها ستر جميع جسدها ماعدا الوجه والكفين ولا يباح لها أن تظهر شيئا من عورتها ماعدا هذه الدائرة فالوجه والكفان ليس بعورة وحين إذاً تستطيع أن تخرج إلى الوظائف والشوارع وغير ذلك وهذا لا يخل بمبدأ الستر أما إذا قلنا أنه عليها أن تنزع حجابها عن رأسها غطاء الرأس فهذا لا يتغير بتغير الزمان ولا المكان ولا يقصد الدكتور البوطي أنه يبيح مثل هذه الأمور بسبب تغيرات الأوضاع الحالية فهو لا.. أنا أعرفه معرفة كاملة زميلنا منذ أربعين في كلية الشريعة فهم هذا المثال على هذا النحو غير سليم فإذاً يجب علينا أن نتقيد بهذه..
خديجة بن قنة: لا فقط للتصحيح هو يقول هذا مرفوض يعني بالعودة إلى هذا المثال الدكتور البوطي يقول هذا مرفوض.
وهبة الزحيلي: التذرع بقضايا العصر وتطورات الزمان فيما يمس الثوابت لا يصح أن نقبله بحال من الأحوال، هناك أمر آخر وهو أن بعض المُفتين قد يتشددوا في الفتوى عملا ببعض الآراء الاجتهادية السابقة وبعضهم قد يتسامح وييسر على الناس أمور الفتوى هذا الأمر..
خديجة بن قنة: نعم، سنتحدث عن موضوع التيسير والتعسير في الفتوى نشكرك جزيل الشكر الدكتور وهبة الزحيلي من دمشق، أعود إلى القاهرة والدكتور سيف الدين تحديدا في مسألة التيسير والتعسير يعني اليوم نرى أو نجد من المُفتين من هو متطرف في التشدد ونرى من المُفتين من هو متطرف أيضا في التيسير والتساهل، أين هي المنطقة الوسطى أو ما هو محبذ في الإسلام؟
سيف الدين عبد الفتاح: نعم طبعا الإسلام دين اليسر ودين السماحة لا شك في ذلك والنبي عليه الصلاة والسلام ما خُير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ولكن في حقيقة الأمر أن مسألة اليسر والعسر وهذه الأشياء أنا لدي تعليق على بعض ما قيل لأنه فقهائنا الإجلاء حينما يتحدثون عن قضية الفتوى يتحدثون عن فتاوى الأعيان والأفراد وأنا أريد وأدعي أن هناك فارق غاية في الأهمية بين فتاوى الأعيان والأفراد وفتاوى الأمة.
خديجة بن قنة: ما هو الفرق؟
سيف الدين عبد الفتاح: فتاوى الأمة.. فرق كبير لأنه هذه الفتاوى الأمة هي تهم الأمة كلها ومن ثم يجب أن يتعرض لها المُفتي من غير المستفتي لأن هذه القضايا تحتاج وتُحدِث حالة من حالات الحيرة وهو ما يمكن أن نعيشه الآن في ذلك الوقت من حيرة الفتاوى، هناك أناس يتحدثون عن الجهاد وهناك أناس آخرين يقولون أن ذلك إرهاب وهناك ناس يقولون أن هذه مقاومة وهذه عمليات انتحارية وهذه كذا، هذه الحيرة التي تتعلق بالفتوى وفتاوى الحيرة أنا أظن أننا يجب أن نخرج منها، تحييز قضية الفتوى ضمن فتاوى الأفراد هذا ما أقصده.. الأمر ليس على هذا، حضرتك لما تشوفي الفتاوى على الإنترنت يتحدثون عن كل شيء يتعلق بالقبر ويتعلق بما تحت الأرض وما فوق الأرض ولكن كل الأمور التي تحدث على الأرض والحياة هذه أمور مسكوت عنها، هذه المسائل غاية في الخطورة وأنا أؤكد أن هناك..
خديجة بن قنة: مسكوت عنها خوفا من جبروت الحاكم لأنه المُفتين أيضا والعلماء والفقهاء يتعرضون للسجن ويتعرضون للمضايقة ولاحظنا كيف أنه في حرب الخليج الثانية والثالثة أنشق العمائم إلى طائفتين والفتاوى إلى من يحلل الوجود الأجنبي على الأراضي الإسلامية وبين المعارض لها.
سيف الدين عبد الفتاح: يعني المفتى لا يخاف في الله لومة لائم.. نعم حضرتك تكلمتِ أن ذلك إعلام وتوقيع عن الله سبحانه وتعالى، مَن يوقع عن الله سبحانه وتعالى لابد وأن يكون من ورثة الأنبياء يتعلمون كفاحية العالِم ووظيفته، هذه المسائل هي الأساس في موضوع الفتوى الذي يتعلق بالأمة أكمني أنا بتاع علوم سياسية أنا بحب أنه أؤكد على هذه المعاني هناك حالات إفتائية هذه الحالات الإفتائية مسائل رأي عام لا يمكن إطلاقا أن يسكت المُفتي عنها، المُفتى يتحدث عن هل دم البراغيث نجس أم لا أو طاهر ويسكت عن دماء الإنسان، هذه مسألة خطيرة {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً} عليه أن يتعرض لكل هذه المسائل، المسائل التي تتعلق بحياد الأمة، المسائل التي تتعلق بالمقاومة، المسائل التي تتعلق بالممانعة كل هذه المسائل عملية مهمة، نجد أن هناك من أفتى بعدم حل المقاطعة، هناك من يفتي بتحريم المظاهرات ما هذا؟ هذه الأمور تعبر عن مجال وفاعلية سياسية ليس لأحد بأي حال.. هذه عمليات وتتعلق بحالات الإفتائية وتتعلق بالأمة والدولة لا يستطيع كائنا مَن كان أن يمنع الأفراد من أن يعبرون عن آرائهم أو يسألون أسئلة تتعلق بهذه الأمة أو حينما حتى لا يسألون على المُفتي أن يتعرض إلى مثل هذه الفتاوى من غير سائل، الإفتاء أصبح فاعلا دوليا حينما أصدر الخميني فتوى بإهدار دم سلمان رشدي صار الإفتاء فاعلا دوليا يعني أن المُفتي أصبح.. صار يلعب دورا سياسيا في العلاقات الدولية وهو أمر يتعلق بهذه الحدود التي تتعدى حدود الدولة القومية ويجب أن تتعامل مع مصالح الأمة وليس فقط ما يسمى بالمصالح العامة، الإمام مالك حينما حاولوا تسيس الأمر الخاص في الدولة العباسية وأخذوا البيعة للخليفة بالأيمان وأتاه رجل يستفتيه في ذلك قال له كلمة ذهبية وفتوى هي ليس لمستكره يمين أو طلاق، هذه مسألة مهمة الإمام مالك يفهم سياسة ويؤكد على الدور السياسي للعالِم والمُفتي ومن دون أن يقوم المفتي بذلك الدور السياسي سيظل هذا الأمر ليس سلطانا للفتوى ولكن فتاوى للسلطان، هذه مسائل غاية في الأهمية في هذا المقام أردت أن أؤكد عليها في هذا.. كما تفضلتِ الوجود الأميركي على سبيل المثال حينما تحدثتِ عن هذا الوجود الأميركي في حرب الخليج الأولى والثانية والثالثة ومع ذلك الناس.. الناس يستفتون في تأجير أرحام الأمهات ولا يتحدثون عن تأجير أرحام الأمم التي تتعلق بالقواعد العسكرية.
خديجة بن قنة: نعم طيب قبل أن نأخذ فاصل كيف ترى إذا السبيل للخروج من هذا المأزق؟ يعني على المُفتي أن..
سيف الدين عبد الفتاح: السبيل للخروج من هذا..
خديجة بن قنة: أن يسدي بالنصح للحاكم وللسلطة وألا يتزلف للسلطة، ما هي سبل الخروج من مأزق الفتوى للسياسة؟
سيف الدين عبد الفتاح: أه طبعا هناك، هناك سُبل كثيرة منها القضايا التي تتعلق بعملية الاجتهاد الجماعي، المشاكل والقضايا التي تتعلق بالأمة هي قضايا حضارية واستراتيجية وجب أن تكون هناك مؤسسة للفتوى تقوم هذه المؤسسة من تخصصات مختلفة هذه التخصصات المختلفة تصف الواقع للمُفتي على حقيقته خاصة الواقع الدولي وواقع الدولة القومية وكل هذه الأمور ثم يكون هناك اجتهاد، اجتهاد الأمة يجب أن يتواءم مع معنى الأمة فيكون اجتهادا جماعيا لا اجتهادا فرديا فيؤدي ذلك إلى عمليات حيرة للفتوى ويؤدي ذلك أيضا إلى استدراج المستفتي، أنا سمعت في بعض الأوقات أن هناك من سأل المُفتي عن هذه التي تذهب لعمل عمليات استشهادية فإذا به يتحدث عن هل تذهب وليس معها محرم؟ هل تذهب وهي لا تغطي رأسها؟ هذه تماحيك في الفتوى وهذه استدراكات لا تعبر بأي حال من الأحوال عن حقيقة الإفتاء والإفتاء هو مؤسسة أمة مازلت أؤكد على ذلك أما فتاوى الأعيان والأفراد يستطيع كائنا من كان أن يقرأها في الكتب ويتحدث عن مش عارف لبس البنطال للمرأة وكل هذه الأشياء، نحن نريد أن نحمي حياض الأمة هذه الأمة في حالة مواجهة لعدوان شديد وعلى المُفتين أن يتنادوا وأن يقوموا بعمل جماعي يستطيعون من خلاله أن يبدون الآراء من غير طلب للفتوى ومن غير استفتاء، عليهم أن يقوموا بهذا الدور المحوري هذه وظيفة العالِم التي تعلمناها وهذه الوظيفة التي تجعله ورثة للأنبياء.
خديجة بن قنة: نعم سنواصل النقاش في.. نعم سنواصل النقاش في موضوع الفتوى واختلافها واختلاف الفتاوى بعد فاصل قصير.
[فاصل إعلاني]
خديجة بن قنة: مشاهدينا أهلا بكم مرة أخرى إلى برنامج الشريعة والحياة موضوع حلقتنا اليوم اختلاف الفتاوى، فضيلة الدكتور حسن عبد الظاهر استمعنا إلى الدكتور سيف الدين يقول أن دور العلماء والمُفتين مُغيّب وأنه لا دور لكم وأنتم كعلماء وكمُفتين وأنكم لا تدركون أو المُفتون إجمالا لا يدركون خطورة الوضع ودورهم غائب، هل ترى فعلا أن دور المُفتي حاليا بالنظر إلى خطورة الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية مُغيّب؟
حسن عيسى عبد الظاهر: بسم الله الرحمن الرحيم، الثقة بالمسلم والثقة بالعلماء والثقة بالعاملين المخلصين متوفرة في كل زمان وفي كل مكان والله يبعث لهذه الأمة على رأس كل قرن من الزمان من يجدد لها دينها ولا يدرى أولها من آخرها {وتركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا أبدا} ولا شك في هذه الظروف التي نعيشها نجد الفتاوى قائمة والحمد لله يعني، نجد في هذه القناة فضيلة الأستاذ الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي على الصحف وفي الإذاعات وفي التلفزيون وفي عشرات الحلقات يبدي رأيه بكل جرأة وبكل أمانة وبكل علم وبكل فضل وتحمل هذه القناة للعالم الإسلامي كله فثقتنا بكثير من علمائنا لا يصح أن.. يعني ينال منها بعض المتصدرين للفتوى إلى آخره لكن أهل الخير في هذه الأمة لن ينقطعوا بأي حال من الأحوال.
الفتوى ما بين التيسيير والتعسير
خديجة بن قنة: أعود إلى نقطة التيسير والتعسير في الفتوى، ما هو المطلوب الآن بالنظر إلى تغير الزمان ويعني في هذا العصر الذي أصبحت فيه التكنولوجيا سيدة هذا العصر والعلم والتقدم والتطور هل يمكن أن تتغير الفتوى بتغير هذا العصر لتواكب هذا التحديث القائم يعني يجب التيسير الآن بدل التعسير؟
حسن عيسى عبد الظاهر: فتوى في ماذا؟ هناك ثوابت متعلقة بالعقيدة وبالعبادات هذه لا يمكن التغيير فيها ولكن قد يكون حسن الفهم لها هذا شيء أما في عملية الفروع وما يستجد للناس من أحداث طبيعي، آيات القرآن ستة آلاف ومائتين آية 6236 آية على الرأي الراجع لا يمكن إنها بالتفصيل تتناول ما يحدث كل يوم بهذه الصورة الأحداث تتجدد مع كل ساعة ومع كل وقت، إذاً هناك نظرية الاجتهاد والاجتهاد قائم على الإجماع وعلى القياس ثم هناك وجوه المصالح المرسلة وهناك العُرف وهناك الاستحسان هذه كل.. هذه الأمور أبواب مفتحة للاجتهاد لأهل الاجتهاد لمن يستطيعون أن يواكبوا هذا كله أه أستطيع إننا نواكب كل مشكلة في الحياة ممكن أن تواجه {وَلَقَدْ جِئْنَهُم بِكِتَبٍ فَصَّلْنَهُ عَلَى عِلْمٍ}.
خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ هناك مشاركات كثيرة على الإنترنت وعلى الفاكس، المهندس سعود بيوض التميمي من الأردن يقول ليس هناك توقيعا لله لأن الله لا يحتاج لمن يوقع عنه وهذا شرك بالله نرجو من الله أن يغفر لمن وضع هذه العبارة ونحن أسندناها طبعا العبارة لصاحبها لابن القيم، هناك مشاركة على الإنترنت يقول صاحبها عبد العظيم قدار المراغي من مصر هناك من يستغل اختلاف الفتاوى بين العلماء ليختار منها ما يناسبه أو يختار أقرب فتوى تخدمه فما الحكم في ذلك وحتى الآن لا نجد فتوى ثابتة ومتفق عليها بين العلماء بخصوص فوائد البنوك فمنهم من يحرم ومنهم من يحلل فهل الفوائد حرام أم حلال يقول؟
حسن عيسى عبد الظاهر: بسم الله الرحمن الرحيم أما بالنسبة لملاحظات الأخ بيوض فجزاه الله خيرا على غيرته لكن لابد أن يضع في الاعتبار أن الحق تبارك وتعالى وكل إلى الإنسان كثيرا في حدود المصالح وفي حدود مقاصد الشريعة الإسلامية، لما قال عز وجل {إنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً} هذا الخليفة ما دوره في الحياة حين يقول {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الكِتَابَ الَذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} فمعنى أنه موقع عن الله عز وجل حين يقول قال الله عز وجل.. قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وما من مُفتي يفتي ألا ويكون مستند على آية من كتاب الله عز وجل وعلى حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا معنى التوقيع عن الله عز وجل، الأمام أبن القيم ليس إنسان مشكوك في دينه حتى أنه يقول لنا إعلام الموقعين عن رب العالمين أنهم يبيّنون لنا..
خديجة بن قنة: الأحكام.
حسن عيسى عبد الظاهر: {وإذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ولا تَكْتُمُونَهُ}
خديجة بن قنة: نعم نأخذ.. أستأذنك..
حسن عيسى عبد الظاهر: بيان عدم الكتمان أما بالنسبة للأخ قدورة السؤال إيه؟
خديجة بن قنة: السؤال كان عن اختلاف الفتاوى واستغلالها من بعض الناس ليختار ما يناسبه من فتاوى.
حسن عيسى عبد الظاهر: "تركت فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي" لو تمسكنا بالآية الكريمة صريح آيات القرآن الكريم وصحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجد هذا، عملية الاختلاف هذه موجودة من قديم {ولَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً ولا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ} كيف نسلك الطريق الصحيح نشوف الدليل الصحيح الآية الصريحة والحديث الصحيح عن رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
خديجة بن قنة: عليه الصلاة والسلام، أستأذنك دكتور حسن في أخذ المكالمات معنا مداخلة من هاشم المصري من فلسطين تفضل.
هاشم المصري: سلام عليكم ورحمة الله.
خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هاشم المصري: حياكم الله وحيا شيخنا الحبيب.
حسن عيسى عبد الظاهر: حياكم الله.
هاشم المصري: ولكن فقط أنا أريد أن أميز بين أمرين لربما كان لبسا على أخانا في مصر فهناك تمييز ما بين الفتوى وهي الإخبار بالحكم الشرعي والفتوى قد تكون من المجتهد وقد تكون من المقلد على اعتبار أن المقلد قد قلد غيره وأما الاجتهاد هو استنباط الحكم الشرعي من الأدلة أي أنه يكون في البحث في المناط والدليل وإنزال الدليل على المناط تنزيلا تشريعيا وأحكام الله ليست قُطرية كما قال أخانا من مصر، أحكام الله هي عامة {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}
خديجة بن قنة: وهو لم يقل قُطرية هو قال عامة.
هاشم المصري: هو قال أنها تكون في كل قطر.
خديجة بن قنة: قال لا يجب أن تتحدد بحدود الدولة القُطرية.
هاشم المصري: وقال في قُطر تكون خاصة بأناس معينين ولكن الفتوى تكون عامة قد تتحقق في مكان معين فحيثما تحقق مناط الفتوى تنزل على مناطها، لا حصر في قُطر ولا في جماعة ولا في مكان ولا في زمان الفتوى حينما تكون، تكون أخبار بحكم الله سبحانه وتعالى حكم الله واحد ولا يتعدد فلا نقول كما قال أن الشيخ قال الجهاد في حدود مصر أو بعد حدود مصر، الجهاد قد يكون في حدود مصر وقد يتحقق وتتوفر شروطه وأسبابه وقد لا تتحقق يعني أنه لا يعني أننا حصرناه في قُطر.
خديجة بن قنة: نعم هل لديك سؤال محدد؟
هاشم المصري: نعم الأمر الثاني الذي أريد أن أوضحه ما قاله بأن الأحكام الشرعية كما قال الشافعي غيرها بين مدرستيه في مصر وفي بلاد الحرمين، الشافعي لم يغير اجتهاد بل تبين له الدليل الأقوى فصار على الدليل هذا الأمر والسؤال الذي أريد أن أعطيه للشيخ الفاضل يا عمنا لو يعطي الأمر تمييزا ما بين الفتوى والتي هي عامة للمسلمين وما بين الاجتهاد في المستحدثات حتى لا نقع في لبس كما كان الفعل من أخانا الذي في مصر؟
خديجة بن قنة: نعم سنحيل سؤالك لفضيلة الشيخ، خالد المصري من مصر تفضل.
خالد المصري: مساء الخير يا أخت خديجة.
خديجة بن قنة: مساء النور.
خالد المصري: تحية لحضرتك ولأستاذنا الدكتور الفاضل.
حسن عيسى عبد الظاهر: حياك الله.
خالد المصري: وأعتقد أن الناس القادرين على إصدار الفتوى لابد أن يكونوا على علم ودراية بأصول الفقه وما إذا كان المصدر الذي يريد أن يرتجع إليه فإذا كان القرآن السنة الإجماع القياس فلابد أن يكون على علم بالقياس وأركانه العلة والفرع والأصل حتى يستطيع أن يحكم على كيفية الحكم الشرعي التكليفي وتطبيقه على الواقعة المراد الإفتاء فيها ويكون على علم أيضا بالمصادر المختلف فيها، إذا كانت مصالح تحسينية ضرورية، قول الصحابي، الشرائع السماوية السابقة، العُرف، الاستفحاض أما إذا كان سوف يدلي بفتوى وهو على غير علم في هذه الأمور فلا يجوز أن يدلي بفتواه، الأمر الثاني الذي أريد أن أذكره سريعا فيما يتعلق حول التجاء بعض المؤمنين إلى السيدة عائشة فيما يتعلق حول سلوك الرسول عليه الصلاة والسلام فالفتوى في هذه الحالة كانت هي تدلي وتقول عما كان يقع من الرسول من أفعال وتحكي بها فهل اللجوء إلى السيدة عائشة على أنها أعلم وعلى دراية أكبر من المؤمنين في هذا الوقت أم أنها تحكي عما كان يقع من الرسول فهي كانت زوجته وعلى علم عما كان يقع من الفتوى؟ وأشكر حضرتك.
خديجة بن قنة: شكرا خالد المصري، محمد أبو العز من مصر تفضل وباختصار لو سمحت.
محمد أبو العز: السلام عليكم ورحمة الله.
خديجة بن قنة: وعليكم السلام ورحمة الله.
محمد أبو العز: تحياتي إليكِ يا أخت خديجة.
خديجة بن قنة: أهلا بك.
محمد أبو العز: وتحياتي إلى فضيلة الدكتور والضيوف الكرام، فضيلة الدكتور إذا كان الدكتور يوسف القرضاوي وغيره يفتون بجرأة فهناك على الدكتور يوسف القرضاوي أكرمه الله وغيره من العلماء الأفاضل حرب ضروس الله أعلم على ما تصل هذه الحرب، فضيلة الدكتور هنا سؤال ماذا تنظر من مستقبل الفتوى الخالصة في ظل تهميش دور العلماء المخلصين وإقصاءهم عن منابرهم ومكانتهم وفي ظل المخططات التي تحاط بالأمة سواء التشكيك في عقيدتها والتشكيك في دينها وبعد إعداد وفرض أجندة أميركا صهيونية على أمتنا والمحاولات المستميتة لإقصاء كتاب الله عن قلوب وعقول المسلمين واتهام علماء المسلمين الأفاضل والمعتدلين والمخلصين بالإرهاب تارة وبمعاداة السامية والصهيونية تارة أخرى؟ أما القضية الثانية والأخطر أيضا ماذا تنظر من مستقبل بعد وضع أناس عن عمد تصدروا الفتوى في بلاد المسلمين وتصدروا الخطابة والعظة هم بعيدين كل البعد عن فهم رسالة الإسلام والإخلاص للعمل لأسباب معروفة منها محاباة ومراضاة السلاطين والحكام أو ضعف علمهم وإخلاصهم أو ضعف إرادتهم وشخصيتهم؟ شكرا.
خديجة بن قنة: نعم وصلت الفكرة شكرا محمد أبو العز، نبدأ بسؤال هاشم المصري الفرق بين المُفتي والمجتهد؟
حسن عيسى عبد الظاهر: أولا المُفتي إما أن يكون مجتهد مطلق يفتي في كل أمور الدين وهذا الذي جمع بين الأصول التي ذكرها الأخ الكريم كتاب الله وسُنة الرسول والقياس والإجماع والمصالح المرسلة ودراسة علم أصول الفقه وهذه النماذج مثل الأمام مالك، مثل الأمام الشافعي، مثل الأمام أبي حنيفة، مثل الأمام أحمد بن حنبل، دون ذلك مجتهدين مقلدين في المذاهب يعني أقل طبقة من هؤلاء المجتهدين المطلق حتى نصل إلى مجتهد في الجزئيات فقط، إنسان متخصص في علم المواريث، إنسان متخصص في علم الربا في الاقتصاد، إنسان متخصص في أحكام الأسرة وهكذا فهذا الاجتهاد الجزئي جائز ويكون على.. لكن المهم أن يكون موافقا لكتاب الله وسُنة رسوله صلوات الله وسلامه عليه أما أننا نتطلب من كل العلماء أنهم يكونوا على مستوى الدراسة الوافية بهذه الصورة دراسة مالك ودراسة الشافعي ودراسة أحمد هذا ما لا يمكن أن يتأتى.
خديجة بن قنة: نعم فضيلة الشيخ باختصار قبل أن أنتقل إلى القاهرة سأل خالد المصري عن مستقبل أو محمد أبو العز عن مستقبل الفتوى في ظل تهميش دور العلماء وفي ظل الحروب التي تُشن على علماء الإسلام.
" |
حسن عيسى عبد الظاهر: هذه الحروب والفتن قائمة من عهد الرسل الكرام أين الرسل الذين ذبحوا وأين الرسل الذين قوتلوا وأين الرسل الذين استهزئ بهم؟ والحق تبارك وتعالى يقول لرسوله {ولَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ} فهذا البلاء الذي يتعرض له الدعاة إلى الله عز وجل والمجتهدون والمُفتون قائم إلى يوم القيامة وعليهم الصبر ولهم الثواب على كلمة الحق التي يقولونها.
خديجة بن قنة: أنتقل إلى الدكتور سيف الدين بالقاهرة، دكتور سيف الدين يعني تحدثنا كثيرا عن قضية تسييس الفتوى الآن نتحدث عن سيولة الفتوى عبر النت والتليفون والتليفزيون والمسجد والصحف والراديو وكل وسائل الإعلام، كيف تقرأها ما هي سلبياتها وما هي إيجابياتها باختصار لو سمحت؟
سيف الدين عبد الفتاح: نعم في الحقيقة أن موضوع سيولة الفتوى له جانبان الجانب الأول الذي يتعلق بالأدوات التي تستخدم في الفتوى زي الإنترنت وزي الفضائيات وكل هذه الأشياء وأنا أسميها كنوع من الفتاوى الفورية التي يصدرها المُفتي في هذا المقال، السيولة الثانية أن كل شيء حولناه لفتوى وهذه أيضا نوع من أنواع السيولة يجب أن نستدرك مثل ذلك الأمر، ليس كل أمر يمكن أن يتحول إلى فتوى من أقرب طريق الأمر هنا يتعلق بأمور.. وأنا حينما أتحدث، أتحدث بشكل خاص عن فتاوى الأمة أنا مازلت أؤكد على هذا المعنى الذي أريد أن أركز عليه في هذا المقام، هذه السيولة تعبر عن حالة من حالات الفتاوى الفورية تتطلب من هذه.. كل هذه الفتاوى الفورية تحدث بيئة من التجرؤ على الفتوى لأنه حينما يستفتى في قضية والقضية تحتاج إلى دراسة وتحتاج.. المُفتي وهو على الفضائية يستنكف أن يقول لا أدري هذه مشكلة خطيرة المسألة تتعلق هنا بأنه على المُفتي أنه يستمهل في قضايا خاصة قضايا الأمة، عليه أن يشاور، عليه أن يؤصل عناصر الواقعة التي أفتي فيها، عليه أن يسكن ويكيف هذه الواقعة، عليه أن يحدث حالة من حالات ما يسمى بتسند الأدلة التي يمكن أن تأتي حتى تُحدث نوعا من التواتر واليقين لدى..
خديجة بن قنة: نعم دكتور ضمن هذه السيولة هل يمكن أن ندرج تعدد مراكز الفتوى.. يعني الآن نشأت مرجعيات فقهية طبعا كثيرة لا نتحدث عن المرجعيات الفقهية الرسمية لكن كل جماعة إسلامية صار لديها مصدر فقهي للفتوى، كيف ترى ذلك؟
سيف الدين عبد الفتاح: نعم تعدد المرجعيات في الفتوى، إحنا لدينا المرجعية التي تحدث عنها فضيلة الشيخ وهذه المرجعية واحدة قبلة واحدة وأمة واحدة وكتاب واحد هذه مسائل تتعلق بالمرجعية التأسيسية، أي مرجعيات أخرى يرد من قولها ويلفظ مادام هؤلاء لا يستندون إلى قواعد صحيحة في عملية الإفتاء خاصة ما يتعلق بفتاوى الأمة، فتاوى الأمة لابد أن تكون اجتهادا جماعيا ومراكز بحوث تابعة لذلك المُفتي يقوم المُفتي..
خديجة بن قنة: هناك الآن يا دكتور سيف الدين هناك اليوم هيئة علمية كبيرة عالمية الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
سيف الدين عبد الفتاح: نعم.. نعم هذا على الطريق بس وجب عليه أن يتناجى لأن أحداثنا كمان بقيت في سيولة، أحداثنا كل يوم يحدث شيء جديد كل يوم تستهدف أمة المسلمين في مكان أو في زمان أو في إنسان، هذه المسائل كلها تحتاج يعني وسيلة ما لعملية ما أسميه بالتناجي بين العلماء في محاولة لأن يصدروا بيانات جائز، فتاوى جائز، كل هذه الأمور لأن الأمر يتعلق بالأمة والأخ اللي تحدث من فلسطين بيقول أنا بقول حكم الله قُطري أنا لم أقل ذلك لأ مايصحش يستمع جيدا وأنا قلت أن الأصل في هذه الأمور أننا نريد أن نجعل الأمة هي محط اهتمامنا، مصالح الأمة هي محط.. حساب الأضرار والمصالح وموازين الأضرار المصالح أيضا تتعلق بهذه الأمة إذاً..
خديجة بن قنة: نعم دكتور سيف الدين دعني فقط أحول السؤال لفضيلة الدكتور حسن عبد الظاهر، كيف يميز المسلم العادي وسط هذه السيولة وتعدد مصادر الفتوى وكثرتها كيف يمكن للمسلم العادي أن يميز بين الفتوى الباطلة وبين الحق والباطل في هذه الفتاوى، الفتاوى المختلفة والمتناقضة وكيف نحافظ أيضا على هيبة الفتوى في وسط هذه الفوضى؟
حسن عيسى عبد الظاهر: بسم الله الرحمن الرحيم من الناحية المنهجية العلمية سادتنا الفقهاء علماءنا الكبار العلماء لجؤوا إلى ما يمسى بكتب التخريج، كتب التخريج يعني آيه؟ تيجي موسوعة كبيرة من الكتب الفقه وببدؤوا يأخذوا الأحاديث اللي فيها، هذا الحديث ضعيف يبقى كل ما بني عليه من أحكام تلغى، هذا الحديث كذاب مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتخذوا أسلوب علمي كريم جدا إنهم صفوا عملية هذه الكتب بحيث أنكِ تستطيعي أن كثير من هذه الأحكام ألغيت الآن، الأمر الثاني أن الإنسان يعرف أزاي؟ يعرف لازم يكون على صلة يوميا بالقرآن وعلى صلة يوميا بسُنة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن طلب العلم فريضة أي علم فريضة، طلب العلم فريضة على كل مسلم والمسلم هنا يشمل الذكر والأنثى كون المسلم يستنى لما يأخذ العلم عبارة عن قصاصات وحاجات زي كده لأ فلازم المفروض يعيش مع القرآن يعيش مع السُنة ويستطيع أنه يعرف أن هذا حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يستطيع أن يعرف أن دي آية قرآنية ويفهم معناها ويرجع إلى كتب التفسير، هناك أمر آخر وهو تقوى الله عز وجل استفتي قلبك أي حس كده بأن هذا الكلام مثل روجيه جاروديه، روجيه جاردويه كان لما يقرأ أي تفسير من الكتب وقالها عندنا في الجامعة، قال عندنا في الجامعة قلنا له بنسأله كيف عرفت؟ قال يعني كنت زوجته وياه وقالت كان يقرأ يقول ترجمة القرآن يقول مستحيل أن الرب يقول كذا، مستحيل أن الرب يقول هذا الكلام قومي شوفي لي علماء المسلمين تقوم تجيب له بقى تفسير ابن كثير تفسير كذا وترى يقولها أيوه هذا كلام الرب، طيب أين عرف هذا لا له صلة بالقرآن ولا صلة له بالحديث ولكن العقل الصافي والفطرة السليمة، الفطرة السليمة ابتدأت تستيقظ عنده وبدأ يقول هذا صحيح كلام الرب.
خديجة بن قنة: انتهى وقت البرنامج لا يسعنا في نهاية هذه الحلقة ألا أن نشكر ضيفينا في الأستوديو فضيلة الدكتور حسن عيسى عبد الظاهر أستاذ بكلية الشريعة جامعة قطر ومن القاهرة نشكر أيضا الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية في جامعة القاهرة وأشكر أيضا الفريق العامل في هذا البرنامج وعلى رأسه المخرج منصور التلافيح، لكم منا أطيب المنى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.