واجب الأمة تجاه ما يجري في فلسطين
مقدم الحلقة: | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة: | الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: داعية إسلامي كبير |
تاريخ الحلقة: | 31/03/2002 |
– كيفية تعريب الصراع وأسلمته
– الأمة الإسلامية وموقفها مما يحدث في فلسطين
– موقف علماء المسلمين من الوضع في فلسطين
– أهمية دور الإعلام في هذه المرحلة
– الجهاد المطلوب من الأمة والمفروض عليها في هذه اللحظة التاريخية
– تبرير التنازلات الرسمية العربية وكيفية إيقافها
![]() |
![]() |
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً بكم ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
خلافاً لما ورد في الإعلان المبدئي الأولى عن هذه الحلقة سيكون موضوع هذه الحلقة هو واجب الأمة تجاه ما يجري في فلسطين وليس الزكاة، و التأخر في تغيير الإعلان وقع لأسباب فنية صرفة.
لا يخفى عليكم أن الأمة لم تمر بوضع أسوأ مما تمر به هذه الأيام، رئيس عربي يحاصر وعلى مدار أيام والقوات الإسرائيلية تدخل عليه مقره وتعتقل الناس وتعدم بعض الفلسطينيين دونما محكمة، إلا أن الأمة لم تتحرك لا على الصعيد الرسمي ولا على الصعيد الشعبي، نعم هناك الاحتجاج، نعم هناك الكثير من عبارات النقد اللاذع لإسرائيل، ولكن يبدو أن لا أحد يحرك ساكناً.
لمناقشة هذا الموضوع، اسمحوا لي أن أرحب باسمكم بفضيلة العلامة الدكتور القرضاوي سيدي، أهلاً وسهلاً بك مجدداً.
د. يوسف القرضاوي: أهلاً بك يا أخ ماهر.
ماهر عبد الله: أنا لا أدري من أين أبدأ معك هذا النقاش، لكن أنا على يقين بأنك تغلي مثلما يغلي الكثيرون للوضع الحالي، ما الذي يجري؟
د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد:
فأي عربي وأي مسلم لا يغلي مرجله ويفور في هذه الفترة الحالكة من تاريخ الأمة، فليس بعربي وليس بمسلم وليس بإنسان، ما يجري يحرك كل ساكن، وما يجري ينطق كل أخرس، وما يجري لابد أن يقاومه كل حر وكل شريف، أنا يعني أريد في الحقيقة أن أتكلم بصراحة في هذه الحلقة من حلقات هذا البرنامج، أريد أن أتحدث عن أخطاء أساسية في الموقف العربي والموقف الإسلامي، وأريد أن أعدد لك هذه الأخطاء لنتحدث عنها واحداً بعد الآخر.
الخطأ الأول: اعتقاد أن الصراع مع إسرائيل هو قضية الفلسطينيين وليس قضية العرب والمسلمين. هذا هو الخطأ الأول.
الخطأ الثاني: هو اعتقاد أن السلام هو الخيار الوحيد ولا خيار غيره ولا بديل له.. هذا هو الخطأ الثاني.
الخطأ الثالث: هو اعتقاد أن إسرائيل قوة لا تقهر وشوكة لا تكسر ويجب الاستسلام لها والانحناء أمامها.
الخطأ الرابع: هو اعتقاد أن أميركا راعية للسلام، وهي في الحقيقة ليست راعية للسلام إنما هي شريكة شراكة كاملة لإسرائيل، هي إسرائيل الأخرى.
الخطأ الخامس: هو سلسلة التنازلات أن العرب منذ بدؤوا يتنازلون صاروا يتنازلون ثم يتنازلون حتى كادوا يتنازلون عن كل شيء، فلقاء في منتصف الطريق ونتنازل عن شيء ونأخذ عن شيء هذا هو الخطأ الخامس.
الخطأ السادس: هو أننا نرد على الأفعال بالأقوال، ونرد على اللسان بالسنان، ونرد على السيف بالقلم، على العدوان بالاستنكار والاحتجاج، وهذا خطأ أساسي، وإنما يرد على الأفعال بالأفعال.
هذه هي الأخطاء الأساسية الستة التي يجب أن يكون حديثنا حولها وهي محور حلقتنا في هذه الليلة.
كيفية تعريب الصراع وأسلمته
ماهر عبد الله: فيما يتعلق بـ.. يعني تعريب الصراع أو إعادة أسلمة الصراع الأمة.. يعني ما.. ما الذي سيقنع الأمة بأن هذا الصراع عربي إسلامي؟ القيادات العربية تصر على أنه.. يعني ياسر عرفات عندما ذهب إلى أوسلو ذهب مضطراً، لأنه لم يجد عربياً يفتح له صدره، ذهب مجبراً وفي ظهره ألف خنجر.
د. يوسف القرضاوي: ما هو إذا كانت الأمة لا تعرف أن هذه الصراع هو صراع بين إسرائيل والعرب أو بين الصهيونية والعروبة والإسلام يبقى الأمة لا تستحق البقاء، يبقى الأمة بتتأخر وتنحدر، الأمة في سنة يعني 48 دخلت الجيوش العربية السبعة وكانت الأمة أقل حالاً مما هي عليه وكان الجامعة العربية سبعة دول، دخلت الجيوش العربية تحارب في فلسطين، وهناك مواقف يعني مشرفة لناس من العرب والمصريين وغيرهم والسوريين ومواقف.. هل تأخرت الأمة؟ الأمة كانت تعتقد في سنة 48 حتى إنه للأسف إنهم قالوا للفلسطينيين اتركوا أنتم وإحنا هندخل، وكان الأولى إنه العرب يسلحون الفلسطينيين، وكان هذا رأي الشيخ حسن البنا -رحمه الله- وكان رأي الملك عبد العزيز إن يسلح الفلسطينيين ويُمدون بالمتطوعين وأهل الخبرات ولا داعي.. الآن بقى بعد أن صارت إسرائيل عندها ترسانة نووية وأصبحت هذه القوة الكبرى يترك الفلسطينيون ويقال هذا.. هذا بالعكس.. كنا يعني في السنوات.. ظهرت كتب يعني تقول إسرائيل خطر على المنطقة كلها، خطر اقتصادي، وخطر عسكري، وخطر سياسي وخطر أمني، وخطر ثقافي، وخطر على.. وعلى. وبالإحصاء و الأرقام وهذا أمر واضح من.. من غير شك، وأحلام إسرائيل معروفة يقولون: ملك إسرائيل من الفرات إلى النيل ومن الأرز إلى النخيل، يعني لهم أطماع في السعودية ولهم أطماع في لبنان ولهم أطماع في مصر، صحيح إنه.. يمكن نقول دلوقتي مش معقول، طب ما إحنا كنا بنقول الأول: قيام إسرائيل نفسها مش معقول، وكان بعض الناس بيقول لك يعني مش.. مستحيل هيجي ناس من الخارج يقيموا دولة يعني، ولكن قامت الدولة وصار الحلم حقيقة، فخطورة إسرائيل والكيان الصهيوني على العرب والمسلمين خطورة حقيقية، وبعدين ألسنا أمة واحدة؟ الله، هو فلسطين دي مش جزء من العالم العربي والوطن العربي والوطن الإسلامي، وبعدين أليس الشعب الفلسطيني جزءً من الأمة العربية والأمة.. فيه أمة عربية وأمة إسلامية أم ما فيش؟ ما فيش أمة يبقى ما تستحقش الله! فيه أمة، المسجد الأقصى ده ملك الفلسطينيين أم ملك الأمة العربية والإسلامية؟
ماهر عبد الله: طيب، أنا هأسألك عن موضوع الأمة موجودة أم لا، ولكن بعد هذا الفاصل القصير لو سمحت لي، إذن لحظات ونعود إليكم لمواصلة هذا الحوار، نذكركم بأنه بإمكانكم المشاركة معنا على الموقع الرئيسي للجزيرة نت على العنوان التالي: www.aljazeera.net
حتى وإن كان العنوان المعلن هناك هو غير عنوان الحلقة.
[فاصل إعلاني]
الأمة الإسلامية وموقفها مما يحدث في فلسطين
ماهر عبد الله: نذكركم بأنه بإمكانكم المشاركة معنا في هذه الحلقة على أرقام الهواتف التالية على.. للهاتف مباشرة على الرقم: 4888873.
أو على الفاكس على الرقم التالي: 4885999.
والراغبين بالمشاركة عبر الشبكة الدولية بإمكانهم أن يفعلوا ذلك على العنوان التالي:
www.aljazeera.net
وهناك سيلاحظون أن عنوان الحلقة مازال هو الذي يتحدث عن الزكاة، لكن يمكن أن تشاركوا من خلال نفس ذلك الموضوع.
سيدي عندما يعني تقوم مقاطعتان من أصل ثلاثة في بلجيكا بقطع علاقتها مع إسرائيل، عندما يعتصم عشرات الأجانب مع الرئيس الفلسطيني ولا نجد مظاهرة تستحق الذكر، نعم هناك مظاهرات لكن لا تليق بالموقف، كيف يجوز لنا أن نكون واقعيين في حديثنا عن وجود أمة؟
د. يوسف القرضاوي: الأمة حقيقة موجودة في وجدان الشعوب، أنا في كل مكان ذهبت إليه وجدت الشباب يتحرقون شوقاً إلى الجهاد في سبيل الله ويقولون: افتحوا لنا الطريق افتحوا لنا الأبواب، الأمة عندما فتح الطريق للجهاد في أفغانستان وانظر أين قضية أفغانستان بالنسبة لقضية فلسطين، أفغانستان ليس فيها مسجد أقصى ولا.. ولا قدس شريف ولا.. ولا شيء من هذا، ذهب الآلاف من الشباب من أنحاء العالم العربي والإسلامي ليجاهدوا في.. في أفغانستان.. الله! الطريق.. لأ أنت انظر والله أنا طوال الأسبوع الماضي والشباب يتصلون بي من الجامعات المصرية من أسوان إلى الإسكندرية، في كل الجامعات تحرك الشباب وتحرك الشباب، فالقضية ليست..، القضية هي قضية الحكام حقيقة، إنما الشعوب كلها تغلي، الأمة موجودة، الناس حينما نحدثهم في صلاة الجمعة الناس.. يعني تجد الناس معاك تنتفض، فالأمة موجودة في وجدان الشعوب العربية والإسلامية..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: لكن اسمح لي..
د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]: المشكلة هي مشكلة الأنظمة الحاكمة، وهذا سنتحدث عنه يعني فيما بعد، يعني الأمة موجودة، وبعدين إذا ما كانش الأمة موجودة علينا إذن إننا نسعى لإيجاد الأمة، نبحث من جديد لتوعية الأمة حتى توجد أمة عربية وتوجد أمة إسلامية.
ماهر عبد الله: لكن.. يعني على الحكام والشعوب ورجال الأمة، هذه المأساة مع ياسر عرفات تتكرر للمرة الثانية، في عام 1982 وأيضاً كان الشارع العربي والإسلام في واد والحكام في واد، تكرر مرة أخرى في.. في احتلال بيروت بعد ذلك أكثر من.. في محاولة غزو لبنان أكثر من مرة وهُجِّر في ذات يوم 500 ألف لبناني من الجنوب إلى بيروت وضواحيها، قبل شهور كنا نعيش حالة مأساوية في أفغانستان، كان الشارع الإسلامي فيها محسوماً بلا نقاش لصالح، أو على الأقل ضد المصالح الأميركية وضد ما تفعله أميركا، والحكام كانوا غير ذلك، في هذه الانتفاضة نفس المأساة تتكرر، نحن نتحدث عن عشرات السنوات من الشرخ بين.. ما الذي يمكن أن تفعله الأمة لتجبر حكامها؟
د. يوسف القرضاوي: هي المشكلة الحقيقة ليست يعني غياب الأمة، المشكلة غياب الحرية أن الجماهير الشعبية لا تستطيع أن تتنفس في كثير من البلاد، محكومة بالقهر إذا سُمح لها تحركت، وإذا لم يُسمح لها لم تتحرك، لم تتحرك، وأحياناً تكسر الأسوار وتتحرك، يعني إنما المشكلة غياب الحريات، وهذه تحتاج إلى جهاد طويل يعني حتى تكسب الشعوب حريتها ليس بالأمر السهل، إنما أحياناً الغليان إذا.. إذا اشتد الغليان يعني في القدر لابد للقدر أن ينفجر يعني.. كما قال أبو القاسم الشابي.
إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر.
ولابد لليل أن ينجلي ولابد للقيد أن ينكسر.
فإرادات الشعوب إذا قويت لابد تنتصر في النهاية، فإحنا علنيا أن نقوي الشعوب نوعيها ونثقفها حتى تصل إلى حقوقها.
ماهر عبد الله: مظاهر الاحتجاج.. يعني في بداية الانتفاضة كان ثورة من الحماس غير عادية، كان فيه تعاطف شديد وقامت مظاهرات كبيرة، حتى هذه.. في الآونة الأخيرة اختفت، لماذا لا يلجأ الشارع العربي؟
د. يوسف القرضاوي: لأ.. الآن.. الآن بدأ يعني بدأ يعني بدأت.. يعني الشارع العربي بدأ يتحرك وبدأ يتجاوب وبدأ تظهر يعني المسيرات في بلاد شتى، إلا أن الوضع فرض نفسه ويجب أننا يعني نتجاوب مع.. مع هذا ونقوي هذا الاتجاه، وأعتقد أن الحكام أنفسهم سيجدون أنفسهم مرغمون على أن يتركوا لشعوبهم أن تعبر عن نفسها، وإلا كانت فضيحة، بلجيكا تقطع العلاقات والشعوب العربية منهم من يصافح السفير الإسرائيلي ويسمح له بالوجود يعني في بلده؟! هذا.. لابد أن يصل الأمر إلى حده.
ماهر عبد الله: لو سمحت لي هذا يذكرني في بجدلية كانت تدور في الستينات حتى أواخرها وبعض السبعينات، ما هو الأولى: العمل على مشروع تحرير فلسطين أم على تغيير الوضع العربي؟ مازالت الجدلية قائمة، هل يمكن تحرير فلسطين بهذا الوضع العربي القائم؟ وإذا لم يكن أليست هذه فرصة مناسبة لإعادة المطالبة بتغيير الأوضاع في العالم العربي؟
د. يوسف القرضاوي: لأ هذا يعني ما.. القضايا اللي من هذا النوع، يعني في الحقيقة قضايا جدلية وليس هناك تناقض بإنك تعمل لتحرير فلسطين وتعمل لتغيير الوضع في العلم العربي، والبعض يقولون لا يمكن أن يتم تحرير فلسطين إلا بوحدة العالم العربي ومتى يتحد العالم العربي؟ يعني أترك.. يعني الشعب الفلسطيني يضيع.. لحد ما يتحد العالم العربي! لابد أن نعمل لتحرير الشعب الفلسطيني وفي الوقت نفسه نعمل مع العاملين لتغيير الأوضاع العوج في العالم العربي حتى يستقيم أمرها، ولا تناقض بين الأمرين.
ماهر عبد الله: كيف تفسر بقاء السفراء الإسرائيليين في بعض العواصم العربية في هذا الظرف، خلال هذا الأسبوع الماضي؟
د. يوسف القرضاوي: هو هذا يعني.. هذا من عوامل الوهن في الأمة، إنه الأمة للأسف استسلمت للوضع وده الخطأ الثاني اللي قلنا إنه أصبح هناك اعتقاد إنه الجهاد غير ممكن والمقاومة مستحيلة فلابد لنا أن نختار السلام، ومشينا في عملية السلام، الآن كان في (الجزيرة) منذ ساعة أو ساعتين واحد بيتكلم في المغرب العربي بلسان المملكة المغربية إنه لا بديل عن الطريق الدبلوماسي، ما ليس.. هذا.. هذا هو الوهن يعني إنك تقول لعدوك: والله إذا ضربتني على قفاي فأنا مسالم! إذا ضربتني بالحذاء فأنا مسالم! إذا سفكت دمي فأنا مسالم! هتكت عرضي فأنا مسالم! دمرت مدرستي فأنا مسالم! خربت بيتي فأنا..، هذا كلام لا. يعني غير منطقي وغير معقول، فيه.. فيه لابد أن تكون هناك الخيارات مفتوحة نحن نريد السلام، طيب.. ولكن أي سلام؟ سلام كما تريده إسرائيل وكما تهواه وكما تريد أن تملي شروطه علينا، وكما تريد أن تفرض صورته علينا؟! هذا هو السلام المطلوب، أم السلام العادل الذي يعطي كل ذي حق حقه؟ نحن.. الأمة الإسلامية ترحب بالسلام، الله تعالى علَّق على غزوة الأحزاب فقال (وكفى الله المؤمنين القتال) يعني إذا انتهت المعركة أهلاً وسهلاً، إنما أحياناً (كتب عليكم القتال وهو كُره لكم) عندما يفرض علينا القتال لابد أن نتحمل القتال بمغارمه وبكل تبعاته هذا هو المفروض على الأمة، إنما إذا استسلمت الأمة، وقالت السلام هو خيارنا الاستراتيجي الوحيد، طب يبقى خيار إزاي؟! يعني أنا أتعجب كيف يسمونه خياراً وواحدة.. يعنى الخيار مأخوذ من التخيير، يعني أمامك بدائل تختار منها واحدة، إنما حينما يكون خياراً يبقى مافيش.. ما يبقاش اسمه خيار يبقى اسمه فريضة وضرورة عليك؟ فهو منطق معكوس.
ماهر عبد الله: طب هذا الخيار يبرره البعض بأن إسرائيل أقوى من مجموع الدول العربية ليس فقط من.. من دول الطوق، وبالتالي ليس ثمة حيلة للانتصار على إسرائيل بشكل عسكري.
د. يوسف القرضاوي: هذا يعني كلام الواهنين دائماً والعاجزين، منطق العجز يقول هذا، إنما المنطق القرآني والمنطق التاريخي والمنطق الواقعي يقول غير هذا، القرآن يقول: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم) (ما استطعتم)، لم يقل أعدوا لهم مثل ما أعدوا لكم، لأن هذا لا يكون في الوسع، أنت تعد ما تستطيع، ما تقدر عليه، وبعدين تدافع بكل قوتك، يعني فيه أحياناً.. في.. الفقهاء حتى بيقولوا الجهاد نوعان: فيه جهاد الطلب وفيه جهاد الطلب لمَّا يكون العدو في بلده وأنت.. أنت اللي بتطلبه، إنما جهاد الدفع حينما يدخل عليك العدو أرضك فأنت بتدفع، جهاد المقاومة. هذه.. أنت مضطر في هذا ومضطر إنك تدافع بكل ما تستطيعه، ما تقدر عليه يعني الناس حتى في الريف المصري عندنا بيقول لك: "حدف الطوب ولا الهروب"، يعني أمسك حجر.. وده اللي عملوه الفلسطينيين، مسكوا الحجر ورموا بالحجر، والحجر زلزل إسرائيل، الفرار.. "الموت خير من الفرار"، "النار ولا العار" يعني دافع بكل ما تستطيع، هذا..
والناس إن ظلموا البرهان واعتسفوا
فالحرب أجدى على الدنيا من السلم
إحنا رأينا شعوباً قاومت يعني.. يعني دولاً أقوى منها واستطاعت أن تنتصر، هي فيتنام كانت تملك ما تملك أميركا؟ أم الشعب الجزائري حينما قاوم الاحتلال الفرنسي كان يملك ما يملك الاحتلال الفرنسي؟ أم الأفغان حينما قاوموا الاتحاد السوفيتي قاوموا.. دا أول ما بدأ الأفغان بدؤوا ببعض الأسلحة.. البنادق القديمة جداً وكانوا يأخذون أسلحتهم من عدوهم ويحاربونهم بها بعد.. بعد ذلك. ما رأينا هذا المنطق الذي يبرر الهوان ويقنن الاستسلام إلا في هذا العصر للأسف الشديد.
[موجز الأخبار]
ماهر عبد الله: طب أخ.. أخ جمال، مشكور، معايا الأخ محمد جراح من الأردن، أخ محمد، تفضل.
محمد جراح: مساء الخير.
ماهر عبد الله: مساء النور.
محمد جراح: أخي الكريم، أنا بدي أتوجه إلى قناة (الجزيرة) طبعاً الطاقم وليد العمري، والإخوان اللي في فلسطين بالشكر الكبير اللي عملوه والمجهودات الجبارة اللي عم بتصير بفلسطين، أخي الكريم، أنا بدي أسأل فضيلة الشيخ، وأنا من الناس اللي بأحترمه وبأتابع برنامجه، أولاً هو فضيلة الشيخ طلع.. كان من الأوائل اللي طلعوا لأفغانستان مع علماء الإسلام، أين دور علماء الإسلام الآن من المرحلة الحالية؟ هذا السؤال الأول.
أما السؤال الثاني: سيدي العزيز ما حكم الرؤساء العرب الآن.. بالوقت الحالي؟ وما يجب أن يفعلوا في.. في المرحلة القادمة؟ وبأشكركم جزيل الشكر لقناة (الجزيرة) اللي فعلاً هي قناة كل العرب، وياريت كل القنوات الآن زي ما بنعرف إنه الحرب الإعلامية دائماً هي صعبة جداً، الإعلام الصهيوني من الصبح أبداً يعني عم بيكره.. بالإسلام، وبيشوه بصورة الإسلام وصورة العرب، القنوات الفضائية العربية افتحها فيها غناء ورقص، ما معاهم خبر، فبدنا فضيلة الشيخ يجاوبنا وبصراحة على..
ماهر عبد الله: طب مشكور.. مشكور جداً يا أخ محمد، معايا الأخ طالب نصر من لبنان، أخ طالب، اتفضل.
طالب نصر الله: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام.
طالب نصر الله: أحييكم أخ ماهر، السلام عليكم فضيلة الشيخ.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام يا أخي ورحمة الله.
طالب نصر الله: إني أحبكم فيما أحبكم الله، أرجو فتح المجال لطرح وجهة نظري باختصار إن شاء الله الذي يحصل في أرض الرباط يحز بالنفس، ويُدمي القلب منذ عام وأربع أشهر تقريباً، لقد أصبح جليَّاً إن المسلمين من إندونيسيا إلى الأندلس البلد الإسلامي الواحد الذي أصبح بعد هدم الإسلام وقمة هرمه أصبحت تحكمه كيانات كرتونية، وطُعم مختمرة ومتآمرة على شعوبها، ومع هذه المسرحية على وسائل الإعلام إلا جزء من هذه التآمرات التي أقرت في مؤتمر القمة العربية الأخير، بعد أن أصبحت القضية الفلسطينية فيما مضى بعد تحييد الإسلام قضية عربية، ومن بعدها قضية فلسطينية في مؤتمر القمة العربية في الخرطوم 67، الذي حمَّل القضية لمنظمة التحرير التي فرضت في أرض فلسطين في أوسلو واي ريفر، وهذه المسرحية هي لإرضاح الشعوب المتحركة للجهاد، ضد الكفر في أفغانستان، والشيشان، والبوسنة، والعراق، وفلسطين.
ربما وا معتصماه انطلقت ملء أفواه الصبايا اليُتَّم
لامست أسماعهم لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
الذي بلد أحاسيس الضباط الذين هم جزء من هذه الأمة المتحرقة لهذا الجهاد تحت راية الإسلام، راية العقاب، راية لا إله إلا الله، راية الخلافة الإسلامية، وشكراً.
ماهر عبد الله: مشكور جداً يا سيدي، معايا سيدي فاكس من الأخ مواطن مسلم أيضاً من نيويورك يقول: عن النبي -صلى الله عليه وسلم- "من مشي مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام"، ما أدري مدى صحة كلامه، ويقول.. -صحة الحديث- دعني أيضاً، وقال أيضاً أنه من أعان ظالماً سلطه الله عليه، والسؤال هو أين الملوك والرؤساء والمسلمين العرب؟ وأين علماء الدين مما يحدث في فلسطين؟ أين كلمة لا إله إلا الله؟ فالمسلمين بتعاونهم مع إسرائيل سواء بفتح السفارات لهم بإتاحة التعامل التجاري، وأخيراً بالسكوت عما يحدث في فلسطين، هل كان كل هذا وقوف مع الظالم، ألا تخافون الله أو عذابه يوم القيامة؟ إننا نوكل أمرنا.. أمركم إلى الله.
[فاصل إعلاني]
موقف علماء المسلمين من الوضع في فلسطين
ماهر عبد الله: سيدي، يعني عفواً على الأسئلة الإخوة يعاتبوننا على إهمال الإنترنت بعض الشيء، كان سؤال الأخ جراح عن أين العلماء؟ الأخ لم يذكر اسمه أيضاً على الإنترنت، يسأل: شيخي الفاضل، لماذا لا تدعو إلى اجتماع عاجل لعلماء المسلمين لتكوين مرجعية فكرية وعسكرية وتوجيه عدد من القرارات للأمة؟
د. يوسف القرضاوي: والله يعني أنا تحدثت عن هذا الموضوع يعني مراراً وتكراراً، صار لي أكثر من سنتين في الحقيقة وأنا أحاول أن أُنشئ رابطة، أو اتحاداً، أو جمعية -أو سمها ما.. ما تسميها- تضم علماء المسلمين في العالم ودعاته، وراسلت مئات من العلماء في أنحاء العالم، وجاءتني موافقات يعني من هؤلاء العلماء وتشجيع، وحث، وتحريض على إقامة هذه المنظمة أو هذه الرابطة أو هذا الاتحاد، ولكن في الواقع بقي يعني موضوع هو العائق أمامنا، هذا الموضوع هو المقر، أين نجد المقر؟ يعني للأسف حتى الآن لم نجد مقراً يعني مناسباً يتبنى هذه القضية، يعني يكون.. يكون فيه اتحاد العلماء، ويكون حُرَّاً، ولا سلطان لأحدٍ عليه، لأن لا نريد اتحاداً يكون تابعاً لحكومة معينة هي التي تنفق عليه، وهي التي تلزمه باتباع سياستها، لا، نريد اتحاداً حُرَّاً، مستقلاً، شعبياً، أهلياً، غير رسمي، فأنا يعني للأسف لم أجد هذا، وربما نُضطر إلى أن نسجله في بلد يعني أوروبي أو شيء من هذا حيث لم تتسع لنا بلاد المسلمين، ونقيم اجتماعاته فيما يتيسر لنا من بلاد الله، لعلَّ هذا هو أقرب يعني شيء نفعله إن شاء الله.
أهمية دور الإعلام في هذه المرحلة
ماهر عبد الله: الأخ علاء يسأل من هم الذين يزرعون الوهن في نفوس الأمة، إسرائيل، أم الحكام، أم الإعلام؟ يُرجى الإفادة، ورجاء..
د. يوسف القرضاوي: أم الأيه؟
ماهر عبد الله: أم الإعلام.. إسرائيل، أم الحكام، أم الإعلام، يُرجى الإفادة ورجاء أن يتكلم فضيلة الشيخ على المبشرات بانتصار الإسلام حتى لا يشعر المسلمون باليأس.
د. يوسف القرضاوي: جزى الله الأخ يعني خيراً، هو لاشك إسرائيل بتحاول إنها يعني توهمنا بأنها يعني القوة الهائلة، ويعني يوم ما أتكلم شارون وكذا يتكلم بعنجهية، وأننا كأننا شعب من الأغنام أو..، ولكن الانتفاضة (الإسرائيلية) لقنته درساً، هو قال إنه في 100 يوم هينهي الانتفاضة ويجهز عليها، ومرت مائة يوم، ثم مائة يوم، ثم مائة يوم، ثم مائة يوم ولم يستطع، بالعكس ازدادت الانتفاضة قوة وازدادت يعني معنوياتها وازداد الشعب، يعني حقيقة يجب أن نحيي الشعب الفلسطيني، يجب على كل الأمة أن تُحيي هذا الشعب، ولأنه شعب رجاله، ونساؤه، وشيوخه، وأطفاله أثبت يعني إنه شعب جدير بالحياة، وجدير بالحرية، وجدير بالعزة وبالكرامة، الأم تستقبل ابنها الشهيد بالزغاريد، والأب لا يتقبل التعازي، ولكن يتقبل التهنئة بشهادة الابن، هذا هو الشعب، وليس عن تكلُّف.. عن.. عن.. عن طبيعة، فيجب لنا أن يعني نأخذ كلام إسرائيل إنه هي فعلاً قوة كبرى، والإعلام للأسف الإعلام له الأثر يعني غير قليل في إيهان.. في توهين عزم الأمة، وأنا أنظر الآن إلى معظم أدوات وأجهزة الإعلام العربي كأن الأمة لا تعيش في أزمة، كأن الأمة لا تعيش في مصيبة، في كارثة، في حرب حقيقية، إعلان حرب هي.. ما يجري الآن هو إعلان حرب، حرب على شعب أعزل، والأمة لاهية بتعمل مهرجانات، وأعراس، وأشياء، وكأن الأمر لا.. لا.. لا يعنيها، أنا أرى إنه المفروض إن الأمة ترتفع إلى مستوى هذا الحدث، تعيش في مستوى الحدث، يعني تعيش.. يعني في.. في حالة حزن.. في حالة حداد، كما رأينا يعني كُليب بن ربيعة حين قُتل أخوه المهلهل يعني.. يعني طلَّق مُتع الحياة، وقال:
ولست بخالعٍ درعي وسيفي
إلى أن يخلع الليل النهار
نريد أن نعيش في.. في حالة ونشعر بذلك في أجهزة الإعلام، نقرأ القرآن، نقول أحاديث، نقول نشرات الأخبار، ونترك الأغاني ونترك..، الأمة في حاجة إلى أن تعيش هذا، لو كانت الأمة يعني تعي.. الإعلام عليه واجب، وهيهات أن يعي الإعلام هذا الواجب للأسف يعني.
ماهر عبد الله: الأخ أحمد المصري، موظف من السعودية: هل يستطيع حكام العرب أن يفتحوا باب الجهاد في فلسطين من غير أن يسمح أو يُسمح لهم من أميركا كما حصل في أفغانستان؟ واجب الأمة تجاه فلسطين أن يغيروا رؤساءهم أجمعين لأن ليس فيهم بركة.. أزالهم الله جميعاً هذا إذا أرادوا النصر.
الأخ محمد أحمد.. هذا كان من الأخ عبد الرحمن من اليمن، الأخ محمد أحمد يقول: إن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، نطالب الحكام العرب بالعودة إلى خيار الجهاد ضد من اغتصبوا الأرض والعرض ولا تنازل على أي شبر أو عن أي شبر من فلسطين، لو صغنا هذا بسؤال من الأخ محمد عبد الله من المملكة العربية السعودية يقول: نطلب من فضيلة الشيخ المطالبة بوقف المبادرة السعودية كونها حظيت بها الإجماع العربي وأصبحت هي الخيار الاستراتيجي، لماذا لا تطالب بوقف المبادرة السعودية فوراً ثم نسمع عن دولة تسحب سفيرها بسبب تصريح صحفي يُسمع في قناة (الجزيرة)، لماذا لا تسحب سفيرها عندما تقوم بما..؟
د. يوسف القرضاوي: هي المبادرة يعني أُجهضت، رد شارون على المبادرة أجهضها يعني، وأنا قلت إن من الأخطاء الأساسية في الموقف العربي للأسف هو التنازلات المستمرة، منذ تنازلنا كان في أول الأمر إن إسرائيل كيان عدواني قائم على الاغتصاب والظلم ويجب أن يزول، منذ سنة 67 والعدوان سنة 67 تغيرت فلسفة المقاومة العربية وأصبح بدل إزالة إسرائيل، إزالة إسرائيل، وحتى الآن لم نستطيع أن نزيل آثار العدوان، وإسرائيل يقول.. وشارون يقول العودة إلى حدود 67 مستحيلة، فحتى هذا الذي تنازل عنه العرب لم يقبله، والمبادرة هي نوع من التنازل ومع هذا إسرائيل رأى.. شارون رفض.. رفض هذا، فالعرب ليس أمامهم خيار إلا المقاومة والجهاد، وهذا ما أريد أن يعني أن أتحدث عنه بالتفصيل في نهاية هذه الحلقة، ما هو الجهاد المطلوب منا والمفروض علينا في هذه اللحظة التاريخية؟
ماهر عبد الله: طيب معي الأخ محمد من مصر، الأخ محمد أتفضل.
محمد الغوير: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله
محمد الغوير: اسمحوا لي مداخلة بسيطة مع فضيلة الشيخ أثابه الله وأطال في عمره.
د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيك يا أخي.
محمد الغوير: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد فكيف لأمة هانت على نفسها أن تطلب العزة من غير الله؟ فإن المرء إن هان على نفسه يكون على غيره أهون، سيدي، نحن لا نطلب من حكامنا أن يعلنوا حرباً فقط نريد منهم أن يفتحوا الحدود المتاخمة للعدو لكي يتدخل الشباب المسلم.. كل شاب مسلم الآن.. أنا على ثقة وعلى يقين أنا لست من المتطوعين أو.. عفواً فأنا لست من.. لا أدعي إنني من الشباب الملتزم ولكن إن شاء الله من الذين أرجو أن يكون عندي ولو ذرة من إيمان كما قال عليه الصلاة والسلام، "فالخير في أمتي معقود إلى يوم القيامة"، فقط أريد من رؤسائنا وحكامنا -أطال الله في أعمارهم وأعزهم- أن يفتحوا الحدود ويدعونا نسلح أنفسنا بأنفسنا، هذا.. هذه مداخلتي ووفقكم الله وجزاكم عن الإسلام والمسلمين خيراً.
ماهر عبد الله: شكراً أخي.. معي الأخ شدوان عبد الرحيم من سوريا.. الأخ شدوان عبد الرحيم: ألو
ماهر عبد الله: عفواً الأخت شدوان تفضلي.
شدوان عبد الرحيم: ألو
ماهر عبد الله: اتفضلي.
شدوان عبد الرحيم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماهر عبد الله: عليكم السلام
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
شدوان عبد الرحيم: معكم شدوان عبد الرحيم من حلب من سوريا.. يا.. يا.. أيها السيد الفضيل.. يا شيخي العزيز
د. يوسف القرضاوي: تفضلي
شدوان عبد الرحيم: أنا سيدة سورية عربية ربة منزل يعني أتوق.. أتوق للشهادة، أم لأربعة أطفال والله والله لو فتحوا باب الجهاد لأكون أول واحدة.
يا سيدي، نحن نرى ما نرى على الشاشة ونحترق ما بأيدينا، ما هو حكمنا؟ ماذا تنصحني.. ماذا تنصح ربات المنزل؟ ماذا تنصح الأمهات السيدات، الأمهات التي لا.. لا نعرف ماذا نفعل؟ نفعل ماذا تنصحنا وأنت سيد الشريعة ماذا تنصحنا أن نفعل وأن نقول في هذا الموقف؟ هل دعاؤنا يكفي؟ هل هذا الشعور يكفي؟ والله العظيم لا يسعنا إلا أن نقول بارك الله بك.. بهم وا إسلاماه وا إسلاماه وأعزي وأعزي في الضمير العربي، أعزي في الضمير العربي لأنه مات ولا ولا بوسعي.. كان الكلام في بالي كثير يا سيدي الشيخ، والآن كأنه هباءً منثوراً.
ماهر عبد الله: شكراً.. شكراً يا أخت شدوان.. معايا الدكتورة نورة السعد من السعودية.. دكتورة نورة تفضلي.
نورة السعد: السلام عليكم ورحمة الله
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
نورة السعد: منذ شهور عندما بدأت رحلة الذل والهوان للإنسان المسلم بدأتها الإدارة الأميركية في أفغانستان ودمرت الإنسان المسلم هناك، كنا نعتقد أن هذا أول أو آخر عهد لنا بتدمير الإنسان المسلم وإعلان الحرب السافرة عليه، الآن تتكرر المجزرة نفسها بطريقة همجية جداً ولا نجد من الحكومات العربية سوى الصمت، والإنسان المسلم الفلسطيني يواجه الدبابات والمجنزرات، مئات الدبابات تجوب المدن الفلسطينية والإدارة الأميركية تعلن الشجب والاستنكار للعمليات الاستشهادية التي يقدمها الشهداء الفلسطينيين في حربهم ضد هذا المحتل اليهودي الغاصب، اليوم كان هناك ما نشيت في إحدى صحفنا وكان جميلاً.. كان يقول: "بينما عرفات معزول عن العالم بوش يداعب كلابه"، أكرمكم الله، هذا هو الحقيقة الوضع الآن في العالم الإسلامي، وياسر عرفات الآن.. الآن وهو محاصر يُعتبر رمز للحكومات العربية، لا يوجد مع ياسر عرفات سوى بعض النشطاء الأجانب.. الأجانب الذين حضروا لدعمه ولوقف وللوقف بجانبه!! الآن مستشفى للنساء يحاصر الآن والبرنامج يقدم، أين منظمات حقوق الإنسان وزوجة بوش التي تريد أن تنقذ المرأة الأفغانية من سلطة طالبان؟ أين هم الآن والمستشفى يدمر للنساء؟
حقيقة أنا في وضع يعني قهر، أمثل جميع النساء المسلمات وأتمنى -وأنا إنسانة مقهورة حقيقي وأشعر بالذل والهوان.. إنه إحنا وصلنا لهذه المرحلة إنه الإنسان المسلم عاجز يتفرج على.. على المسلم الفلسطيني يقتل ويسحل وتدمر منازله والشجب فقط يأتي من بعض الحكومات والإدارات العربية وبصوت ضعيف!! القنوات الفضائية تمارس ضغط وبث الأفلام الأميركية الخليعة، بينما هناك مجزرة للإنسان الفلسطيني، من يا.. شيخ يوسف يعني خلونا الآن في مرحلة الحقيقة.. إحنا في مرحلة ذل وهوان، إذن يفتحوا الحكومات باب الجهاد.. أنا أؤيد كل إنسان طالب بفتح باب الجهاد للاستشهاد في فلسطين، وكما قال الأخ..
الجهاد المطلوب من الأمة والمفروض عليها في هذه اللحظة التاريخية
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: دكتورة نورة مشكورة.. مشكورة جداً على هذه المداخلة، ومعذرة للمقاطعة المشاركات -كما هو متوقع يعني- يعني كثيرة يعني كيف ترد يا سيدي على المشاعر الأخيرة للدكتورة نورة وعلى قبلها الأخت يعني شدوان التي كان واضح انفعالها واهتمامها؟ ماذا تفعل ربات البيوت في.. في حال؟
د. يوسف القرضاوي: والله يعني أنا يعني أنشد مع الشاعر العربي أبي البقاء الرندي الذي رثى غرناطة حينما سقطت بقصيدة شهيرة يعني بدأها بقوله:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
وختمها بقوله بعد أن تحدث عما جرى للمسلمين والمسلمات من انتهاكات ومن مصائب قال بيتاً:
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
ونحن سقطت مدن فلسطين كما سقطت غرناطة وقرطبة وغيره، سقطت أمام أعيننا وبكيناها لازلت أذكر كيف سقطت حيفا ويافا وعكا وكأن أخونا المهندس مصطفى مؤمن في ذلك الوقت كان زعيم الطلبة المصريين في الجامعة المصرية، كلما سقطت مدينة يبكيها في الإذاعة المصرية يا حيفا يا عروس البحر يا كذا، سقطت هذه فنقول:
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
أنا يعني أقول للأخوة اللي يقول ماذا نفعل؟
أولاً: أحب أن أعلق على بعض الأخوة الذين يعني حيوا الأخوة في قناة (الجزيرة) في فلسطين، أنا يعني أشاركهم الحقيقة التحية لهؤلاء الأخوة الذين يتعرضون للمخاوف والأخطار ويعيشون في قلب المعركة والنار من حولهم في الزلازل والرواجف وليد العمري وشيرين أبو عاقلة وهؤلاء يعني أعداد يعني لا أذكر أسماءهم جميعاً، إنما أحييهم جميعاً، يعني في الحقيقة.. فهم مجاهدون، هم في هذه المعركة وينقلون الصورة للعالم وكثيراً من الصور يعني كثير من الصور لا تنقلها إلا (الجزيرة) فشكر الله لهم وجزاهم خيراً.
أنا أقول: الأمة الآن مطالبة بالجهاد، وأنا كما قلت في الجمعة قبل الماضية إن الجهاد الآن لم يعد فرض كفاية هو فرض عين، ولكن الجهاد ليس كله بالمعنى العسكري، هناك جهاد بالمعنى العسكري وأنا مع الأخوة والأخوات الذين طالبوا بفتح الحدود أمام المتطوعين وهذا قاله الرئيس علي عبد الله صالح السنة الماضية في أوائل الانتفاضة، طلب أن تُفتح الحدود أن الدول المتاخمة للكيان الصهيوني تفتح الحدود لطلاب الشهادة وللمجاهدين وليكن ما يكون، خلينا نفتح.. نبعث مليون عربي ومسلم ممن يطلبون الجنة ويريدون الشهادة في سبيل الله، خليهم يقتلوا بدل ما نبقى 300 مليون عربي، خلينا يعني 299 بدل ما نبقى 1300 مليون مسلم خلينا، يعني الأمة مستعدة لتقديم الشهداء وراء الشهداء، ويكفي ما يقدمه الشعب الفلسطيني رجالاً ونساءً، آيات الأخرس وقبلها الأخوات.. هؤلاء هم الذين يثبتون وجود الأمة، الآن علينا الجهاد، الجهاد العسكري إذا استطعنا أن نصل إليه، وإخواننا في حماس والجهاد وكتائب الأقصى وفصائل المعارضة والمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني الآن كله ما عاد فيه سلطة ومعارضة، السلطة بتضرب كما تضرب المعارضة، ورجال الشرطة والأمن يقتلون كما يقتل الآخرون، فالجهاد العسكري مطلوب منا، كنا نريد في الحقيقة من الجيوش العربية أن تتحرك، لماذا تشتري الأمة الأسلحة بالمليارات من أقوات الشعوب ومن ميزانيات الشعوب، ثم تترك هذه الأسلحة يأكلها الصدأ ولا تستعمل.. متى تستعمل هذه الأسلحة؟
ماهر عبد الله: الأخ
د. يوسف القرضاوي: يعني عجب، طيب إذا لم نستعمل هذه الأسلحة نحاول أن نمد إخواننا في الانتفاضة بالأسلحة، يعني نستطيع بصورة أو بأخرى، إننا نسرب إليهم الأسلحة، لا يعجز من أراد شيئاً وصل إليه، وكما قال الشاعر:
لو صح منك الهوى
أرشدت للحيل
الإنسان إذا احتال يستطيع أن يوصل الأسلحة إلى.. إلى أخواتنا في.. في الانتفاضة، إذا كانوا ضبطوا سفينة ليضبطوا سفينة وسفينة تضبط وسفينة لا تضبط، لابد أن نحاول أن.. هذا الجهاد العسكري، هناك جهاد آخر، الجهاد السياسي، أنا أعجب كيف يقبل بلد عربي أو بلد يعني مسلم إنه يضع يده في يد سفير يمثل الكيان الصهيوني، لا يجوز أبداً أن تبقى علاقات يعني بيننا وبين هؤلاء، لابد من قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية، السفارات هذه يجب أن تغلق يعني في مصر وفي الأردن وفي موريتانيا، المكاتب الاقتصادية والتجارية كل هذه يجب أن.. أن.. أن تغلق، هناك الجهاد المالي.. القرآن يقول (وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله)، (هل أدلكم على تجارة تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم) إخواننا في حاجة إلى المال.. في حاجة إلى.. إلى المال من عدة نواحي، هم يكادون يموتون جوعاً، محاصرون يعني يحترقون، البطالة.. لابد أن نساعدهم بالمال، نساعدهم على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي، في أول انتفاضة قامت حملات يعني.. يعني كبيرة لتجميع التبرعات، وفي أيام حرب أفغانستان جمعنا هنا يعني وقامت حملة كبيرة تبنتها يعني التليفزيون القطري وبعض الجمعيات الخيرية فلماذا لا نفعل هذا من جديد؟ حملات للتبرعات تبدأ الحكومات يعني بهذا الأمر، نجمع تبرعات فالجهاد بالمال مطلوب منا، إذا لم نستطع، إخواننا بيجاهدوا بأنفسهم، بيقدموا الأرواح رخيصة.. نبخل نحن ببعض الدراهم والريالات عن.. عن إخواننا؟ هذا واجب.
هناك جهاد آخر وهو الجهاد الثقافي، الجهاد الثقافي.. أنا لا يجوز إنه نعمل أعراس والأمة في مأتم، لابد أن يُرى في الأجهزة الإعلامية، في التليفزيون والإذاعات والصحف، لابد أن يرى أثر هذه المحزنة الكبرى، هذا المأتم الكبير، هذه الكارثة العظمى، نرى آثارها في حياتنا الثقافية.
هناك الجهاد الاقتصادي جهاد المقاطعة، وأنا منذ سنوات أصدرت فتوى بتحريم شراء البضائع الإسرائيلية والأميركية ووافق على هذه الفتوى ووقع عليها عشرات من العلماء، ولازلت أؤكد وللأسف الشعب تجاوب معي في أول الأمر وكان الناس حتى في قطر هنا وفي بلاد الخليج حتى الأطفال يقولون: لآبائهم لا تشتروا بضاعة أميركية، دي بضاعة لا، حتى البيبسي وحتى الكوكاكولا وحتى البيتزا هت وحتى الهامبورجر وحتى هذه الأشياء، الناس تجاوبوا، لماذا يعني استرخى الناس؟ ما هذا الاسترخاء؟ نريد أن نحيي هذه المقاطعة يعني من.. من جديد.
نريد أيضاً الجهاد الشعبي، المسيرات، يمكن واحد يقول: طب يعني أيه المسيرات؟ المسيرات للتعبير، إحياء للأمة، إثارة للمشاعر، اشعار إخواننا بالتضامن، تقوية لهؤلاء الحكام المتخاذلين لما يعرفوا إن الشعوب واقفة يمكن تقوى عزائمهم ولعلنا نقوم يعني بعد أيام قليلة مسيرة في قطركما قمنا في أوائل الانتفاضة، وقد بدأت مسيرات في بلاد شتى.
وأخيراً هناك الجهاد الروحي، ما الجهاد الروحي؟ الجهاد الروحي إننا إخواننا يعيشون في ضمائرنا، ندعو لهم باستمرار، في خلواتنا وفي جلواتنا وفي صلواتنا وخصوصاً قنوت النوازل في المساجد، أدعو أئمة المساجد أن يدعو على الظلمة، يدعو على الصهاينة، ويدعو على الأميركان، ويدعو على كل من يعاون الصهاينة، بوش يقول على عرفات أن يوقف الإرهاب، ما يفعله الفلسطينيون إرهاب وما يفعله شارون دفاع عن النفس!! يدعو على هؤلاء الظلمة، القنوت أدعو الأئمة في كل بلاد الإسلام أن يدعو على هؤلاء الظالمين وأن يصلوا صلاة الغائب على الشهداء، فهذا كله نوع من التعبئة الشعورية للأمة لتقف الأمة في المعركة وتشعر بأنها في معركة، وبذلك نتضامن حقيقة مع إخواننا، ومعركتهم معركتنا في الحقيقة، ليست معركة الفلسطينيين إنها معركة الأمة الإسلامية في المشارق والمغارب.
ماهر عبد الله: الأخ زكي، على الجهاد العسكري وتسأل عن الدبابات التي تصدأ، يقترح أنه هناك أرتال من الدبابات والمصفحات والعتاد العسكري الذي لا يستفاد منه لدى الجيوش العربية واقترح صهر هذا العتاد والاستفادة منه في الصناعات المدنية بدلاً من أن يأكله الصدأ.
أما الأخ أبو السعود من المملكة العربية السعودية فيقول لقد أثبتت هذا الأحداث لنا جميعاً أن جميع المبادرات مرفوضة ما عدا مبادرات الشيخ أسامة بن لادن.
معايا الأخت نهى عبد الفتاح من مصر، أخت نهى تفضلي
نهى عبد الفتاح: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله
نهى عبد الفتاح: لو.. لو سمحت أنا عايزة أسأل الشيخ يوسف شوية أسئلة، هو ليه الحكام العرب بيهربوا من مسؤوليتهم؟ وليه فاكرين إن الحرب ديه بين الفلسطينيين والإسرائيليين مع إنها في الواقع حرب بين الإسلام واليهود؟
وبعدين ما هو المسجد الأقصى ده يعني يهم الفلسطينيين بس وما يهمش كمان بقية المسلمين اللي في الدول العربية؟ شكراً.
ماهر عبد الله: أخت.. مشكورة يا أخت نهى، يعني معذورة لم يبقى وقت، واعتذر للأخ زكريا الذي انتظر على الهاتف فترة.
د. يوسف القرضاوي: إحنا أجبنا عن أسئلة هذه.. يعني كلها أجيب عنها تماماً يعني.
تبرير التنازلات الرسمية العربية وكيفية إيقافها
ماهر عبد الله: خلينا نختم بموضوع التنازلات لا أدري كم بقى معنا تماماً من الوقت، تحدثت عن سلسلة التنازلات الرسمية العربية، باختصار شديد تبريرها وهل حان الوقت لتقف؟
د. يوسف القرضاوي: والله تبريرها هو الضعف، هو الوهن الذي قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما وصف الدنيا.. وصف الأمة في مرحلة اللي هي المرحلة الغثائية، "أنتم يومئذ كثير ولكنكم كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن يا رسول الله قال: حب الدنيا وكراهية الموت"، من أجل هذا هم يعني استخذلوا واستسلموا، ولكن هذا في الحقيقة لا يجوز أبداً أن يُبرر، ولا يجوز أن يكون هو منطق الأمة، الأمة مفروض عليها أن تقاتل وأن تجاهد بكل ما تستطيع من قوة وهي إذا كانت متفرقة تضعف، ولكن إذا تجمعت قويت، التجمع والاتحاد يقوي القلة والتفرق يضعف الكثرة، نحن قوة عددية وقوة روحية وقوة حضارية إذا تجمعت هذه القوى واعتصمت بحبل الله، وبالنسبة للأخ الذي قال يعني عن المبشرات، أنا أقول له يعني المبشرات عندنا كثيرة جداً، مبشرات من القرآن الكريم، ومبشرات من السنة، وعندنا من السنة إننا سننتصر على.. على اليهود وأن هناك معركة فاصلة بيننا وبينهم حتى يقول الحجر والشجر فيها يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله، نحن ننتظر هذه المعركة، والحديث يقول "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون، قالوا: أين هم يا رسول الله. قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس" فهؤلاء المرابطون الظاهرون سينتصرون إن شاء الله.
ماهر عبد الله: طيب، سيدي، شكر الله لك، لم يبق لي إلا أن أشكركم أنتم أيضاً، إلى أن ألقاكم في الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.