الشريعة والحياة

واجب الأمة الإسلامية تجاه الشعب الأفغاني

أكثر من عشرين عاما والشعب الأفغاني يتكبد ثمن الدفاع عن هويته ووجوده, ضد الروس سابقا, واليوم ضد الأميركان. وبين الحربين واجه حروب الفقر والجهل وحروبا أهلية، فما واجب المسلمين تجاه الشعب الأفغاني؟

مقدم الحلقة

ماهر عبد الله

ضيف الحلقة

محمد إبراهيم حسان/ داعية إسلامي

تاريخ الحلقة

21/10/2001

– سماحة الإسلام ومدى تأثيرها بعد أحداث نيويورك وواشنطن
– واجب المسلمين نحو إخوانهم في أفغانستان

– الأسباب الحقيقية وراء أعمال العنف التي يشهدها العالم

– الانتماء للإسلام والعمل على نصرة المظلوم

– قضية الإفتاء وأثرها على الوضع في أفغانستان

undefined
undefined

ماهر عبد الله: أعزائي المشاهدين، سلامٌ من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقةٍ جديدةٍ من برنامج (الشريعة والحياة).


موضوعنا لهذا اليوم هو "واجب المسلمين تجاه الشعب الأفغاني. الشعب الأفغاني" منذ ما يزيد على أسبوعين اليوم، أو هو تحديداً منذ أسبوعين، يدفع ثمناً غالياً لأخطاءٍ لم يرتكبها، حتى هذه اللحظة لم يبدُ وأي نور في نفق هذه الأزمة، عدد المهاجرين الأفغان أو عدد المحتاجين في أفغانستان –كما تقول الأمم المتحدة- يكاد يقترب من السبعة ملايين ونصف المليون مشرد ومحتاج، ليس كل المهاجرين هم من الذين تركوا أراضي أفغانستان إلى الأقطار والبلدان المجاورة، ثمة ما يسمى "بالهجرة الداخلية"، كثير من سكان المدن اضطروا للخروج من مدنهم إلى قرى أكثر أمناً، أو على الأقل أكثر بعداً عن مواطن القصف في أفغانستان.

لمناقشة واجب المسلمين تجاه ما يجري في أفغانستان، وتجاه الشعب الأفغاني تحديداً، يسعدني أن يكون ضيفي لهذه الأمسية ومن القاهرة الشيخ الداعية محمد إبراهيم حسان، والشيخ محمد إبراهيم حسان متفرغ للدعوة الإسلامية في جمهورية مصر العربية.

شيخ محمد، أهلاً وسهلاً بك في (الشريعة والحياة).

محمد إبراهيم حسان: أهلاً وسهلاً بكم يا أخ ماهر.



سماحة الإسلام ومدى تأثرها بعد أحداث نيويورك وواشنطن

ماهر عبد الله: سيدي، قبل أن ندخل في موضوع أفغانستان مباشرة –إذا.. إذا سمحت لي- بعدا لحادث على مركز التجارة الدولي في نيويورك الإسلام خسر الكثير من سمعته، وخصوصاً فيما يتعلق بسماحته، ثمة هجوم على أن هذا الدين ليس بالتسامح الذي تصفونه كمسلمين، فهذا الدين يولد أمثال هؤلاء الانتحاريين، إذا جاز التعبير. هل يعنينا هذا التصور على الإسلام؟ هل يعنينا أن نحسن من هذه الصورة؟ هل فعلاً سماحة الإسلام مخدوشة على اعتبار أن أغلب أعمال العنف الآن تحمل طابع إسلامي؟

إعلان


محمد إبراهيم حسان: الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. يعنينا كثيراً أن نبين بعد هذه الأزمة الخطيرة سماحة هذا الدين العظيم، ولا شك أن الصورة قد اهتزت كثيراً، وأود أن أقول بأنها كانت قبل ذلك مشوشةً عند الغرب وفي وسائل الإعلام الغربية، لكنها اهتزت وأصيبت إصابة كبيرة بعد هذه الأحداث التي وقعت في أميركا، والذي يعنيني وأود أن أبلغه الآن للعالم كله وللغرب بصفةٍ خاصة أن هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله –سبحانه وتعالى- للبشرية كلها، إذ أن الإسلام لم ينزله الله –سبحانه وتعالى- للمسلمين فحسب، ولا للعرب فحسب، ولكن الله –سبحانه وتعالى- قد ارتضى هذا الدين لأهل الأرض جميعاً، فالإسلام هو دين كل الأنبياء، نعم هذه حقيقة لابد أن نعيها جميعاً، الإسلام دين إبراهيم، الإسلام دين نوح، الإسلام دين موسى، الإسلام دين عيسى، الإسلام دين محمد، صلوات الله وسلامه عليه أجمعين. وقد أخبرنا القرآن الكريم في كثيرٍ من آياته بأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي ارتضاه الله –تبارك وتعالى- للبشرية كلها، قال جل وعلا: (إن الدين عند الله الإسلام)، وقال الله تبارك وتعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً)، أما الآيات التي تبين أن الإسلام كان دين الأنبياء جميعاً فتدبر معي وأرجو أن ينصت العالم كله لهذه الآيات، الله –سبحانه وتعالى- يبين أن دين نوحٍ كان الإسلام فيقول الله -عز وجل- حكايةً عنه (وأُمرت أن أكون من المسلمين). وكان دين إبراهيم هو الإسلام، قال الله تعالى (ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، ولقد اصطفيناه في الدنيا، وإنه في الآخرة لمن الصالحين، إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين، ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون) بل ودين عيسى –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- هو الإسلام، قال الله تعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله، قال الحواريون نحن أنصار الله، آمنا بالله واشهد بأنَّا مسلمون). ودين موسى –على نبينا وعليه الصلاة والسلام- أيضاً هو الإسلام، وقال الله تبارك وتعالى حكاية عنه: (يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين)، بل ودين الجن المؤمن هو الإسلام، قال الله تعالى حكايةً عنهم: (وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون، فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً)، هذه مقدمةٌ لابد من تأصيلها وتقريرها لنعلم أن الإسلام..


ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب تسمح لي. تسمح لي.. شيخ محمد.. شيخ محمد تسمح لي.. على هذه المقدمة تعليق، إذا كان هذا هو، الدين الوحيد الذي عرفته البشرية، وإن كان بصور مختلفة، كيف تفسر لنا هذا الذي يجري من الإصرار على سوء الفهم بالإسلام من طرف، وإصرار كثير من المسلمين على سوء الظن بالآخرين؟ لماذا الصراع هو الأساس إذا كنا –على الأقل أبناء الديانات الثلاث- أبناء إبراهيم، كما يقال في التعبير الشائع الآن؟ إذا كان منبع هذا الدين واحد، فكيف تفسر هذه الصراعات التي تكاد تكون محصورة اليوم للأسف الشديد في أبناء اتباع هذه الديانات الثلاثة؟

إعلان


محمد إبراهيم حسان: لقد.. نعم لقد شاء الله –تبارك وتعالى- وقدَّر، وهذه مشيئة قدرية وكونية، شاء الله –تبارك وتعالى- أن يجتال الشيطان كثيراً من العباد وكثيراً من الخلق، فأضل الشيطان كثيراً من الخلق وكثيراً من العباد عن دين الله –تبارك وتعالى- الحق، صحيح أن كل نبي قد جاء بشريعة، لكن الدين الذي أرسل به هذا النبي هو الإسلام، فلا ينبغي على الإطلاق أن نحمل الإسلام –أي الدين الذي ارتضاه الله تبارك وتعالى للبشرية كلها- أخطاء البشر في الأرض الذي انحرفوا عن حقيقة هذا الدين بأخلاقه وتعاليمه، هذه مسألة في غاية الأهمية.


أما الصورة المشرقة التي شوشت الآن فبسبب انحراف كثير من المسلمين عن الإسلام، وطالما قلت لإخواننا في الغرب وذكرت لهم بأن أكبر حجر عثرة يقف في طريق انتشار الإسلام هو أخلاق كثير من المسلمين الذين انحرفوا عن هذا الدين العظيم، إذ أننا لن نقدم الإسلام الآن للغرب ولا لأهل الأرض بالمحاضرات ولا بالخطب الرنانة فحسب، وإنما ينبغي أن نعلم أننا نريد أن نبين الإسلام بصورته المشرقة على أرض الواقع، يتألق في دنيا الناس سمواً وروعةً وعظمةً وجلالاً، وهذا ما أود أن أبينه الآن للغرب بصفةٍ خاصة وللمسلمين بصفةٍ عامة في أنحاء الدنيا، هذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله -عز وجل- للبشرية كلها دين لا يقر الإرهاب فوق أي أرض وتحت أي سماء، مهما كان لون الإرهاب، مهما كان وطن الإرهاب، مهما كان جنس الإرهاب، فهذا الدين العظيم الذي ارتضاه الله -سبحانه وتعالى- للبشرية كلها هو دين الرحمة، هو دين الوفاء، هو دين الخلق، هو دين التسامح، وأود أن يرجع الغربيون أنفسهم إلى التاريخ، فكتب التاريخ مازالت مفتوحة، فليراجعوا هذا التاريخ الطويل وما أروع ما قاله المفكر الشهير (غوستاف لوبون) لينصف الحق قبل أن ينصف الإسلام والمسلمين وهو يقول: "ما عرفت الأمم أمةً فاتحةً متسامحةً كالمسلمين، وما عرف التاريخ ديناً سمحاً فاتحاً كالإسلام". فأرجو أن أذكر الجميع بأن اليهود والنصارى ما ذاقوا طعم الأمن وحلاوة الاستقرار إلا في ظل الإسلام، لقد أعطى النبي –صلى الله عليه وسلم- العهود والمواثيق لليهود في المدينة، وما نقض النبي –صلى الله عليه وسلم- عهداً واحداً قضاه وأبرمه مع يهوديٍ أو مع مشرك. لك أن تتصور أخي الفاضل..

[فاصل إعلاني]

واجب المسلمين نحو إخوانهم في أفغانستان

ماهر عبد الله: شيخ محمد.

محمد إبراهيم حسان: نعم.

ماهر عبد الله: يا سيدي، يعني أنا أود أن أعود إلى موضوع الإرهاب وموضوع كتب التاريخ التي تحدثت عنها، ولكن حتى بس إنصافاً لموضوع أفغانستان، باعتقادك ما الذي يجب علينا تجاه الشعب الأفغاني؟ اليوم ثمة حديث عن ضرورة الجهاد مع الشعب الأفغاني، ثمة حملات لجمع التبرعات في أكثر من بلد مسلم. باعتقادك ما الذي يتوجب على المسلمون.. على المسلمين القيام به في هذه الأزمة مع ما يعانيه الشعب الأفغاني؟

محمد إبراهيم حسان: كنت أود أن تؤجل هذا السؤال الأخير، لآخر هذه الحلقة، لكنني أحترم طرحك وأجيب على سؤالك الآن، فلا حرج، وأقول بأن إخواننا في أفغانستان الذين يتعرضون الآن لنوعٍ آخر من الإرهاب، فلقد ذكرت أن الإسلام لا يقر الإرهاب في أي أرضٍ وتحت أي سماء، فإذا كنا لا نقر الإرهاب الذي حدث هنا أو هنالك، فنحن كذلك لا نقره في أي بلدٍ من بلاد المسلمين، لكن المسلمين يجب عليهم الآن أن يبينوا حقيقة الفرقان الإسلامي، وعليهم واجبٌ ثقيلٌ عظيم سيسألون عنه بين يدي الله تبارك وتعالى، فهذا الشعب الفقير الجائع الذي نرى بؤسه ونرى شقاوته طيلة السنوات الماضية التي تعرض فيها للتشريد والذبح والقتل، يجب على المسلمين الآن أن ينصروه لقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، قالوا: يا رسول الله، لقد عرفنا كيف ننصره مظلوماً، فكيف ننصره ظالماً؟ قال: بكفه عن الظلم". فأول واجبٍ على المسلمين أن يعي المسلمون حقيقة الأزمة، وأن يحملوا في قلوبهم همَّ هذا الشعب المسكين، لأنه لم لولا لم تحمل قلوبنا هماً فلن نتحرك على الإطلاق، لو أكلنا ملء بطوننا، وضحكنا ملء أفواهنا، ونمنا ملء عيوننا، ورأينا هذه المشاهد التي تخلع القلب على شاشات التلفاز ولم تحترق قلوبنا لهذا الواقع، فلا خير فينا على الإطلاق. فالدافع الأول يجب أن يحرك كل مسلمٍ همٌ في قلبه لهذا الدين ثم لإخوانه المستضعفين في أفغانستان وفي فلسطين وفي كل مكان.

إعلان


الأمر الثاني: إن لم يستطع المسلم الآن أن يجاهد بنفسه، وهذا يعني أتصور أنه يعني غير واقعي، وغير عملي، فأراه أنه لا يجوز له البتة أن يتخلف عن جهادٍ بماله وعن جهادٍ بقلبه فمن رحمة الله بنا أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود: "ما من نبيٍ بعثه الله في أمةٍ قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب، يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون –تدبر معي- فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن". فسمى النبي –صلى الله عليه وسلم- جهاد اللسان جهاداً. فإخواننا الآن يحتاجون إلى هذا الجهاد، يحتاجون إلى كل منصفٍ متكلمٍ يجيد الحديث في وسائل الإعلام، يجيد الحديث مع المسؤولين بأسلوبٍ رقيقٍ مؤدب مهذب، يجيد الحديث مع الناس لنزع هذه الهزيمة النفسية من القلوب، وإخراج هذا الإرجاف الذي يرجف به كثيرٌ من الإعلاميين عبر وسائل الإعلام ليزيدوا الأمة المهزومة هزيمةٍ على هزيمتها. فجهاد اللسان، جهاد الدعوة، جهاد الكلمة، جهاد المال، وهذا أمرٌ في غاية الأهمية الآن، لأنه من العجائب التي يعني تضحك كل مسلم ضحك كالبكا أن نرى القنابل والصواريخ والطائرات تتساقط على رؤوس هؤلاء المساكين، وفي الوقت ذاته نرى أجولة الطعام، وأجولة الدقيق!!! هذا أمرٌ يعني.. يعني يضحك الإنسان ضحكاً كالبكا فيجب على المسلمين الآن أن يقفوا لله –تبارك وتعالى- وقفة، وأن ينصروا إخوانهم بالمال، مَنْ.. مِنْ المسلمين الآن قام بالليل يتضرع إلى الله تبارك وتعالى؟ وأنا لا ينبغي أن اتهم بالدروشة حينما أقول يجب على المسلمين أن يتضرعوا إلى الله، إذ أن الدعاء هو سهام الليل، ولا ينبغي أن نحتقره وأن نستهين به، فلقد كان عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- يقول "إنني لا أحمل هم بالإجابة، وإنما أحمل هم الدعاء، فمن أُلهم الدعاء فإن الإجابة معه". فيجب على المسلم أن يقوم بالليل ويتضرع إلى الله –سبحانه وتعالى- ليحفظ هؤلاء المساكين الذي لا ذنب لهم ولا جريرة باتفاق. ثم جهاد المال. مَنْ.. مِنَ المسلمين قد اقتطع جزءاً من ماله من راتبه الشهري، ولو كان موظفاً بسيطا، وخصصه عبر الطرق الرسمية المتاحة لتوصيل الإمدادات لهذا الشعب المسكين الذي يدخل عليه شتاءٌ قارس، فضلاً عن جوعٍ قاتل؟ النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". أين هذا الجسد الواحد؟ أين هذا الجسد الواحد في هذه الأمة؟ الأمة المسكينة التي صارت الآن كغثاءٍ من النفايات البشرية، تعيش على ضفاف مجرى الحياة الإنسانية كدول أو كدويلات متناثرة، بل أحياناً متصارعة، وتفصل بينها حدودٌ جغرافية مصطنعة لا أصل لها في دين الله تبارك وتعالى، وتحكمها الدوامات السياسية، وتدور بها الدوائر حتى لا تعي الأمة مكانها الذي ينبغي لها أن تدور فيه أو أن تستقر فيه. فأين الجسد الواحد؟ أين حديث النبي –صلى الله عليه وسلم-: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك النبي –صلى الله عليه وسلم- بين أصابعه"، أين هذه الأمة؟ أين هذه الأمة الآن التي تزيد على مليار وربع؟! لو أن كل مسلم من هذا الكم الهائل عبر عن رأيه، لا أقول بعنف، بالإسلام دينٌ لا يُقر العنف أبداً، ولا يقر سوء الأدب، وإنما الإسلام دينٌ يؤصل الخلق والفضيلة، لو أن كل مسلم من المسلمين تخلى عن هزيمته النفسية، وعبر عن جرحه الغائر وعبر عن حقيقة شعوره لهذا الدين العظيم وتجاه إخوانه من المستضعفين في أفغانستان وفي فلسطين، لتغيرت الصورة تماماً. فيجب علينا أن نجاهد بالدعوة وأن نجاهد بالمال، وأن نجاهد بالكلمة، وأن نجاهد بإعداد أنفسنا إعداداً إسلامياً عظيماً يتوائم مع هذه المرحلة الخطيرة بكل ما تحمله من أزماتٍ ومشكلات، فالمشكلة..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب أستاذ محمد يعني فيه.. فيه سؤال، أنا يعني متردد بأن أسأله لأنه مش حاب أقطع عليك هذا الكلام الجميل..

محمد إبراهيم حسان: تفضل.

ماهر عبد الله: ذكرت أنت الإعداد والاستعداد، وفي معرض الكلام ورد الجهاد، يعني في.. في موضوع الجهاد هذا فيه صدرت يعني فتاوى باتجاهات متضادة، هناك علماء، وعلماء أفاضل يقولون بضرورة مساعدة الشعب الأفغاني، حتى وإن اقتضى الحال والأمر بالجهاد والوقوف معهم، ثمة علماء آخرون –وأنت تتحدث عن أمة الجسد الواحد- تقول: أنَّ -وقد نشر هذا في.. في بعض الصحف، وأيضاً لأمة كبار ومحترمون من علماء هذه الأمة- تقول: أن المسلم الأميركي إذا طلب منه أن يجاهد أن يقاتل في صفوف الجيش الأفغاني فعليه الالتزام بقوانين بلده" كيف تجمع لي بين هذا الفهم وبين الجسد الواحد؟

إعلان


محمد إبراهيم حسان: بلا شك أن الفتن تكاد تعصف أحياناً بالعقول، ويجد العالم النحرير الكبير المتأصل والمتعقد في العلم، يجد نفسه في حيرة، ولذلك أنا حينما يعني برزت هذه.. الأزمة ذكرت لإخواننا هنا وهنالك أن هذه المحنة وهذه الفتنة تقتضي أن يجتمع أهل الحل والعقد من العلماء ليصدروا فتوى في كل جزئية من هذه الجزئيات الشائكة، فقد تكون الفتاوى الفردية –كما ذكرت أستاذ ماهر- قد تكون الفتاوى الفردية متضاربة، لأن كل عالمٍ يرى القضية من منظوره الخاص، لكنني أرى أن هذه الأزمة يجب على علماء الأمة في كل بقاع الأمة أن يجتمعوا، وأن يقرروا، وأن يقفوا مع كل جزئية من هذه الجزئيات، لأن الفتوى في الفتن تختلف، فلابد أن تكون الفتوى منضبطة، إذ لا ينبغي على الإطلاق أن نظن أن الدليل الشرعي هو منتهى العلم، بل لابد من فهم الدليل ولابد من فهم مراتب الدليل، والأخطر من ذلك –يا أخي الحبيب- أن نفهم مناط الدليل، فالمشكل الذي ذكرت هنالك..


ماهر عبد الله: طيب سيدي.. سيدي، اسمح لي.. اسمح لي بتأجيل التفصيل في الإجابة.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله: أحب قبل أن أعود إلى الشيخ محمد حسان في القاهرة أن أذكركم بأرقام الهواتف التي يمكن لكم أن تشاركوا معنا من خلالها، ولعلكم ترونها على الشاشة الآن مفتاح الدوحة 974 ثم رقم الهاتف هو 4888873، للراغبين بالمشاركة عبر الفاكس فالرقم أيضاً ترونه على الشاشة وهو 4885999، أما الراغبين بالمشاركة عبر الإنترنت فيمكنهم ذلك من خلال موقع الجزيرة نت على الشبكة والذي تجدونه على الصفحة الرئيسية على العنوان التالي:



www.aljazeera.net


ولعلكم أيضاً تشاهدونه على الشاشة الآن.

شيخ محمد، قبل أن نواصل الحديث أنا أريد منك يعني ما يشفي الغليل في.. في السؤال السابق هناك من علمائنا وعلمائنا الأفاضل من أوجب على الأميركي المسلم أن يقاتل مع الجيش الأميركي، وهناك من علمائنا الأفاضل من قال بوجوب مشاركة الأفغان في جهادهم ضد ما يتعرضون له من حرب. هل ثمة تناقض بين هذين.. الرأيين فيما ترى؟ وهل هذا يتعارض –وخصوصاً فيما يتعلق بالجيش الأميركي والمسلمين فيه- مع ما تحدثت عنه من نظرية الجسد الواحد لهذه الأمة؟


محمد إبراهيم حسان: ذكرت أن هذه الفتنة الشديدة قد تجعل الحليم حيراناً، وتستدعي أن يجلس أهل العلم ليصدروا فتوى في هذه المحنة. لكن الذي أدين به ربي –تبارك وتعالى- إجابةٍ على هذا السؤال المهم أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه"، فلا ينبغي أبداً لمسلم على وجه الأرض أن يسلم أخاه المسلم لغير المسلمين على الإطلاق، وإنما يجب على المسلمين إن بغى مسلمٌ بينهم أن يكفوه عن ظلمه، كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- :"المسلم.. كما قال: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً". فإخواننا هناك الآن في أفغانستان لا يستطيع أحدٌ منصفٌ للحق والحقيقة أن ينكر بأنهم من المظلومين، لأنه لا ذنب لهم ولا جريرة على الإطلاق، فإن كانوا من الظالمين.. إن كانوا من الظالمين فلا ينبغي أيضاً لمسلمٍ أن يسلم أخاه المسلم الظالم، وإنما يجب عليه في ديننا وشرعنا أن يكفه عن ظلمه، وأن يكفه عن بغيه، وهذا ما يعني أرجع به لتأصيل قضية الجسد الواحد لو أن هذه الأمة يعني تعي قدرها وتعي وزنها وتعي مهمتها في الحياة، لأوجب ذلك أن يكون هناك من بينها حتى ولو من خلال الجامعة العربية مثلاً من يردع الظالم ومن ينتصر المظلوم، لكن أسأل الله –عز وجل- أن يكون ذلك قريباً.


ماهر عبد الله: طيب سيدي، تحدثنا عن أو تحدثت عن الجهاد بالمال واعتبرته لا يقل قيمة عن..، لكن يعني بقدر ما أكره أن أسألك هذا السؤال لأنه يبدو يفلسف الأمور في.. في حين أن هناك من يعاني بشكل يومي أو بشكل لحظي، لمن ستدفع مالاً في أفغانستان؟ لو جمعت تبرعات، وأنا أعتقد هذه الأمة فيها من الخير الكثير، هناك طالبان التي تقصف في كابول، هناك تحالف الشمال الذي يعتبر إلى حدٍ كبير دولة مستقلة لا علاقة له بطالبان، هناك لاجؤون في أفغانستان، هناك لاجؤون في إيران، أنت تعرف أن هذه يعني سهلة.. عملية جمع التبرعات قد تكون عملية سهلة، ولكن هل من ضمانة لأن تصل إلى المحتاجين في أفغانستان في هذا الجو؟


محمد إبراهيم حسان: على الأقل.. أنا أقول –كما تفضلت- بأن الأمة لا.. لم تصب بعد بأزمة البخل، لكنني دعني أؤصل لك وللحق أن الأمة الآن قد أصيبت بأزمة الثقة، هذا واقع وهذه حقيقة لابد أن نعلنها، لكن على أقل تقدير كما في قول النبي –صلى الله عليه وسلم- "وذلك أضعف الإيمان" أن نغيث على الأقل هؤلاء اللاجئين الذين نزحوا من أفغانستان إلى الحدود الباكستانية وإلى غيرها من الحدود المجاورة لدولة أفغانستان، فهؤلاء يستطيع المسلمون عبر جهات رسمية، وأظن أن الأمر الآن من اليسر والسهولة بمكان، أن نغيث على الأقل هؤلاء الذين لا يجدون مسكناً ولا طعاماً ولا شراباً ولا غذاءً.


ماهر عبد الله: طب ما.. ما.. هذا الكلام بلا شك كلام مهم، وبلا شك أنه جزء من.. من الواجب، لكن يعني لنكن صرحاء مع أنفسنا، الذي يستطيع الفرار إلى دولة مجاورة فهو المحظوظ من الأفغان، صاحب الحاجة الحقيقية هو من يعيش داخل أفغانستان، ويعيش تحت القصف، ولعلك شاهدت الصورة من منذ لحظات ومنذ دقائق وعلى مدار الأيام الماضية، الجوع الحقيقي والموت الحقيقي والمرض الحقيقي، هو الذي.. أنا أعتقد أن كل من في أفغانستان يحسدون من.. من خرج حتى لو عاش في مخيمات اللاجئين.

محمد إبراهيم حسان: الله تبارك وتعالى يقول (فاتقوا الله ما استطعتم)، ويقول ربنا جل وعلا: (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها)، فلاشك "أن الواجب يسقط بالعذر عنه"، هذه قاعدة من قواعد الأصول المتفق عليها، يعني إن تعذر على المسلمين المستضعفين ممن تحترق قلوبهم الآن شوقاً لمساعدة إخوانهم في.. في أفغانستان، أن يمدوا إليهم يد العون والمساعدة وهم بداخل أفغانستان فلا يعني أقل من أن يمدوا مَن نزح منهم إلى خارج أفغانستان، لكن لا يسقط الإثم عن الأمة إن لم تقدم شيئاً، فإن عجزت الأمة أن توصل المدد والمساعدة إلى قلب أفغانستان، فأرجو الله -عز وجل- أن تكون معذورة بهذه القاعدة الأصولية المتفق عليها، "يسقط الواجب بالعذر عنه".

ماهر عبد الله: طيب سيدي، تحدثت عن.. عن هذا الشعب المظلوم وما يتعرض له، باعتقادك، وأنت كنت حريص في بداية نقاشنا لهذا اليوم على أن تتمنى أن يسمع العالم الغربي ما تريد أن تقوله، باعتقادك ثمة قضايا إنسانية مسلمة أخرى منسية في.. في هذه الأيام لم يعد أحد يتحدث على الشيشان، لم يعد أحد يتحدث عن فلسطين كثيراً، لم يعد أحد يتحدث عن كوسوفو ومقدونيا. باعتقادك تبييت هذه القضايا أو إدخالها في بيات شتوي بهدف التركيز على أفغانستان، هل ثمة درس مما يجري في أفغانستان، نسيان العالم لأفغانستان هذه السنين أدى إلى هذا العنف، أدى إلى هذا التطرف، أدى إلى هذه الحرب الذي يدفع الجميع ثمنها؟ صحيح أن الأفغان هم اكثر الدافعين، إذا كنت أنت حريص على أن توصل هذه الرسالة إلى العالم الغربي فيما يتعلق بهذه القضايا الأخرى المبيتة لحظياً ومؤقتاً، ما الذي يمكن أن يستفيده العالم الغربي إذا كان فعلاً يستمع إلى ما تقوله؟

محمد إبراهيم حسان: دعني أقرر أيضاً للحقيقة أن الأمة –وبكل أسف- لكثرة مصائبها قد تقع بها مصيبة فتنشغل الأمة كلها بهذه المصيبة لفترةٍ من الفترات، وسرعان ما تقع مصيبةٌ أخرى هي أكبر من سابقتها فتنسى الأمة إلى حين –إلا من رحم ربك من أفراد- المصيبة الأولى لتنشغل بالمصيبة الثانية. إذا تصورت أن المصائب على الأمة تتوالى، في.. في فلسطين، في الشيشان، في كشمير، في الفلبين، في أفغانستان، في العراق، في كل مكان.

ففي كل بلدٍ على الإسلام دائرةٌ

ينهد من هولها رضوى وسهلانُ

فكل مصيبة تأتي فتنسى الأمة معها مصيبتها الأولى، وهذا خلل، فيجب على الأمة -كما ذكرت- أن تعي يعني واقعها، وأن تعي جراحها وآلامها، ودعني أذكر بهذه الأبيات المؤلمة أقول يعني:

آهٍ يا مسلمون متنا قروناً

والمحاق الأعمى يليه محاقُ

أي شيءٍ في عالم الغاب نحن

آدميون أم نعاجٌ نُساقُ؟!

نحن لحمٌ للوحش والطير

منا الجثث الحمر والدم الدفاقُ

وعلى المحصنات تبكي البواكي

يا لعرض الإسلام كيف يراقُ!

قد هوينا لما هوت "وأعدوا"

"وأعدوا" من الردى ترياقُ

واقتلعنا الإيمان فاسودت

الدنيا علينا واسودت الأعماقُ

وإذا الجذر مات في باطن الأرض

تموت الأغصان والأوراقُ

فنتصور أن السبب الرئيسي لهذا الخلل الموجود في الأمة أن الأمة قد ابتعدت كثيراً عن ربها -تبارك وتعالى- وعن حقيقة الإيمان، وعن حقيقة الثقة في الله عز وجل، وأصدقك القول لقد صارت الأمة في هذه السنوات تثق في بعض دول الأرض أكثر من ثقتها في رب السماء والأرض جل وعلا.

ماهر عبد الله: هذه.. هذه دول الأرض وأنا سؤالي لك عن.. عن دول الأرض هذه تحديداً، يعني إهمالهم لأفغانستان دفعنا أو يدفعون الآن ثمنه حرباً ويدفعون ثمنه خوفاً وإرهاباً من حوادث كالتي وقعت مما يشاع الآن عن بعض الجراثيم التي تنتشر، هل يمكن لهذه الدول أن تتحمس أكثر في حل هذه القضايا الأخرى التي هي في طور التأجيل الآن؟

محمد إبراهيم حسان: الذي يعني يتصوره العقلاء الآن أن الأزمة الأخيرة تحتم على كل الدول أن تعيد حساباتها مرةً أخرى، وأن تعلم أن التأصيل والتغذية لجانب من الجوانب أو لأغراضٍ شخصية أو لأغراضٍ سياسية قد تجني هذه الدول بعد ذلك ثمارها المرة، لاسيما إذا كانت النوايا ليست صادقة، وليست صافية. فمن المعلوم أن أميركا قد غذّت هذه.. هؤلاء الأفغانيين في مرحلة من المراحل، ويعني فوجئ الأميركيون بانتصار الأفغان على الروس، وقرأتها بنفسي حينما قالوا:" لقد فوجئنا بانتصار الأفغان على الروس"، فكانوا يمدونهم بالسلاح من أجل أن يضعفوا القوة الروسية من جانب، ومن أجل أن يقضوا على أكبر عدد من المجاهدين الأفغان من جانبٍ آخر، وها نحن نجني الثمار فلابد أن تعيد كل الدول، الدول الغربية والدول الإسلامية، حساباتها مرةً أخرى لتعلم يقيناً ما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء هذا الرعب وهذا الفزع وهذا الهلع الذي يسود العالم كله الآن، إذا أردنا..

ماهر عبد الله: طيب أستاذ.. شيخ محمد اسمح لي.. اسمح لي بالمقاطعة سأسألك عن هذه الأسباب الحقيقية -على الأقل- كما تراها أنت.

[فاصل إعلاني]


الأسباب الحقيقية وراء أعمال العنف التي يشهدها العالم

ماهر عبد الله: سيدي، شيخ محمد، كنت تقول: ثمة أسباب حقيقية تكمن خلف ما شهدناه من.. من عنف في أميركا، باختصار باعتقادك ما هي هذه الأسباب؟

محمد إبراهيم حسان: أخطر هذه الأسباب هو الظلم، فالشعور بالظلم يولد الانفجار يعني ما تفسير ما يجري الآن وإلى هذه اللحظة على أرض فلسطين، وتحت مظلة النظام العالمي الجديد، وتحت شعار السلام العالمي الجديد؟ أين السلام العالمي؟ لقد بدأ كذب السلام، وزاغت الأحداقُ.

ما تفسير ما يجري الآن على أرض الشيشان؟ ما تفسير ما يجري إلى الآن على أرض العراق؟ فأي مسلمٍ على وجه الأرض، يحمل شيئاً من الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين، يشعر أمام هذه الأحداث المؤلمة بالظلم، ومن المعلوم أن الإنسان إذا وصل إلى درجةٍ معينة من الظلم وشعر أنه لا يسمع إليه أحد، بل رأى أن القوة الكبرى أو القوى الكبرى تستخف به، ولا تحترم إلا الأقوياء، ولا تقدر إلا يعني أصحاب القوة، فحينئذ يشعر الإنسان بالظلم الذي قد يدفعه لعمل أي شيء هذه نقطة لابد أن توضع في الـ.. في الاعتبار ثم أيضاً.. ما يحدث.. ما حدث طيلة السنوات الماضية في البوسنة، يعني لقد رأينا ما تشيب له الرؤوس، وما تضع له كل ذات حملٍ حملها، أين كانت القوى الكبرى؟ وأين كانت القوى العالمية؟ وأين القوى العالمية الكبرى والأحلاف والهيئات والمنظمات لما يحدث إلى هذه اللحظة على أرض فلسطين؟ فلا شك أن أي مسلمٍ على وجه الأرض يرى هذا، ولاشك أن الفضائيات أيضاً قد ساهمت بقسطٍ وافرٍ كبير في إيجاد هذا الشعور داخل كل قلب مسلمٍ غيورٍ الآن، ثم هناك العولمة، هذا الوحش الكاسر الذي يريد أن يلتهم العالم الفقير بشراسة، فالفقر والضنك، يعني بنظرة سريعة إلى ما يعيش فيه العالم الغني والعالم الثري، نجد قلةً قليلة تعيش حياة الترف في العالم كله ونرى بقية سكان العالم يتضورون يعني.. يعني يشعرون بألم الجوع فهذا بلا شك أيضاً مما يولد هذا.. هذا الإرهاب وهذا العنف، فلابد أن يكون هناك دراسة من جديد للأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة التي ظهرت الآن في السنوات القليلة الماضية، لاسيما بعد انتشار الصورة المرئية، إذ أنني أعتقد أن الصورة المرئية الآن قد تزيد على 1000 كلمة وليس كما درسنا قبل ذلك في الإعلام، فالصورة المرئية تحرك، يعني هذه الصور التي نراها الآن في الموجز الإخباري عبر قناة (الجزيرة)، وأود أن أحيي قناة (الجزيرة) لما تقوم به، أسأل الله –عز وجل- أن يجزي القائمين عليها خيراً، ويرزقنا جميعاً الإخلاص والصدق، يعني هذه الصورة تحرك المشاعر، بل تحرك المشاعر الجامدة، فيجب على متخذي القرار في العالم من القوى العظمى أن يكونوا دعاة سلمٍ، وأن يكونوا دعاة عدل، وأن يكونوا دعاة حق، لينتزعوا الجذور الحقيقية للتطرف وللإرهاب وللعنف إن أرادوا فعلاً أن يصلوا إلى ما ينادون به الآن، لكن لا يمكن أبداً أن أفهم أن القضاء على الإرهاب يكون بإرهابٍ مثله، فما يحدث الآن في.. في أفغانستان هو الإرهاب بعينه، لأنه ظلمٌ لهؤلاء المستضعفين والفقراء ممن لا ذنب لهم ولا جرم، فكيف أعالج الظلم بظلم؟! وكيف أعالج الإرهاب بإرهاب؟! فالإسلام إن كان لا يقر الإرهاب الذي حدث في أميركا فهو لا يقر الإرهاب الذي يحدث في فلسطين، ولا يقر الإرهاب الذي يحدث في العراق، ولا يقر الإرهاب الذي يحدث في أفغانستان، ولا يقر الإرهاب الذي يحدث في الشيشان، ولا يقر الإرهاب الذي يجري في كشمير، فلابد أن تكون نظرتنا نظرةً عادلةً بشيء من الشمول.

ماهر عبد الله: طب يا سيدي، مازال أنت تبحث عن العدل، يعني ماذا تقول للأخ أبو ثائر الذي يسأل عبر الإنترنت "هل.. هل تعتقد يا فضيلة الشيخ أن السكوت والصبر والدعاء فقط هو الذي سينصر المسلمين في أفغانستان، أم هل تؤيد مقولة المسيح -عليه السلام- بأن ندير الخد الأيسر للمعتدي؟"

محمد إبراهيم حسان: لا أقول هذا على الإطلاق، ويعني أرجو أن يعاود الأخ الكريم وإخواننا جميعاً ما ذكرت، فذكرت أن هذه الأمة يجب عليها أن تنصر المظلوم، ولاشك أن هذا واجب الدول، فالأمة الإسلامية الآن عليها واجبٌ عظيم، ولو اجتمعت هذه الأمة لتغيرت الموازين، لكنني أخاطب الآن هذا الأخ وأمثاله من المستضعفين من أمثالنا، ما واجب المسلمين؟ إذ أننا لا نتخذ الآن قراراً، وإنما أنا أذكر بما يجب أن يفعله الفرد المسلم العادي في هذا الموقف حتى لا يكون مساءلاً بين يدي ربه تبارك وتعالى، أما ما ينبغي أن يكون فهذا طرحٌ آخر، وقد ذكرت هذا أيضاً، ذكرت أن الأمة الآن في مأزقٍ حرج، ويجب عليها أن تقف لله تبارك وتعالى وقفة، وورب الكعبة لو التأم شمل هذه الأمة، واتفقت كلمتها فقط عبر قرارٍ سياسي، أو عبر قرارٍ اقتصادي من خلال الجامعة العربية مثلاً أو غيرها، لتحولت الموازين تماماً، والتاريخ عندنا خير شاهدٍ أيضاً على هذا، لكن الأمة.. لكن الأمة الآن يعني تفرقت كلمتها، وتمزق شملها، وصارت الأمة كما ذكرت دولاً بل دويلات متناثرة بل وأحياناً متصارعة متحاربة، فأنا لا أتحدث عن هذه الجزئية، إنما أنا أخاطبك أنت أيها السائل، وأخاطب كل مسلمٍ ومسلمة على وجه الأرض، حينما طرح عليَّ السؤال: ما واجب المسلمين تِجاه أو تُجاه هذه الأزمة؟ فيجب عليك أنت أن تبذل ما استطعت، والتنظير سهل، يعني إذا أراد الأخ أن أنظِّر معه فأنا أستطيع أن أُنظِّر معه للصباح، فما أيسر التنظير، لكنني أود أن أضع يده وقدمه على طريقٍ عملي يستطيع أن يخدم من خلاله دين الله تبارك وتعالى، وأن نقدم شيئاً سيسأل عنه بين يدي الله عز وجل، الله لن يسألك أخي السائل لماذا لم ينتصر الأفغان في هذه الأزمة؟ لن يسألك عن هذا، وإنما سيسألك: ماذا قدمت أنت؟ ماذا بذلت أنت لإخوانك؟ من منطلق قوله تعالى: (فاتقوا الله ما استطعتم)، ومن خلال قوله تعالى: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، (لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها)، بل ومن أعظم الأبواب التي ترجمها الإمام البخاري في صحيحه في كتاب الجهاد باب بعنوان "باب من حبسه العذر عن الغزو" باب من حبسه العذر عن الغزو، وذكر فيه أو روى فيه حديث النبي –صلى الله عليه وسلم- من حديث أنس وغيره أنه قال لأصحابه وهم في طريق عودتهم من معركة قال: "إن بالمدينة أقواماً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا وكانوا معكم شاركوكم الأجر، قالوا: وهم بالمدينة يا رسول الله؟ قال: وهم بالمدينة حبسهم العذر". فأنا أود أن يفرق الأخ السائل وإخواننا جميعاً الآن بين ما يجب على المسلم العادي أن يفعله وما يجب على الأمة في مجمل دولها أن تفعله، فالأمر مختلفٌ تمام الإختلاف.

ماهر عبد الله: طيب على.. على ذكر ما يجب أن تفعله الأمة سيدي.. الأخ جميل محمد، رجل أعمال، من مصر، تحدثت عن ضرورة مخاطبة الغربي، وضرورة أن يسمعك هذا الغربي، تحدثت عن أن.. واجب فردي وواجب للأمة، الأخ جميل محمد يا أخي يقترح على الأمير طلال بصفته قد تبرع لنيويورك: لماذا لا يقع التبرع لإنشاء محطة تليفزيونية تنطق بالإنجليزية في أميركا لتوضيح المعنى الصحيح للإسلام؟" أنت تحاول أن تخاطب هذا الغربي، ولكن سيدي من خلال محطة عربية، والعربية قد تكون من أضعف اللغات في أميركا، هل ثمة جدوى لأن نتحدث إلى العالم الغربي باللغة التي يفهمها باللغة غير العربية، باللغة الإنجليزية تحديداً؟

محمد إبراهيم حسان: هذا أيضاً من الخلل الذي ذكرت، ولا أستحي من أن أذكره، فذكرت أن الأمة إلى الآن لا تملك وسيلةً إعلاميةً بكل لغات العالم، لتستطيع من خلال هذه الوسيلة أن تنقل الصورة المشرقة أو الحقيقية للإسلام، أنا كثير السفر، وطالما سافرت إلى أميركا، وسافرت إلى أوروبا، وذكرت لإخواني هنالك في أميركا منذ يعني فترةٍ قليلةٍ جداً، وقلت ينبغي أن تتكاثف وتتكاتف جهودكم لإنشاء محطةٍ إعلاميةٍ حتى ولو استأجرتم في أي قناة من القنوات الإذاعية المشهورة، وهي قنوات كثيرة جداً كما تعلم، لتستطيعوا أن تبلغوا صوتكم من خلال هذه الوسائل بلغة الأميركان، وبلغة الإنجليز، وبلغة الفرنسيين، فأنا أقرّ السائل على سؤاله بأن هذا من الخلل الذي أحمله للأمة لا للأفراد، لأنك كما تعلم –أخي الحبيب ماهر- أن الجهود التي تبذل للإسلام في أميركا إنما هي جهود فردية، إنما هي الجهود الفردية، ومع ذلك أود أن أقول أيضاً بأن هذه الجهود قد أثمرت في السنوات القليلة الماضية، لكن أسأل الله –عز وجل- أن لا يعني تموت هذه الثمرة بعد هذه الأحداث التي شهدناها ورأيناها.


ماهر عبد الله: الأخ وائل عادل أبو السعود صحفي من.. من مصر يسألك بعد السلام عليك ما هو حكم الشرع فيمن يرفضون الجهاد بالكلمة بحجة مصلحة نظم الحكم في البلاد العربية؟ وهذه ظاهرة، الكثير من الصحفيين العرب –للأسف الشديد- انقلبوا على الوضع في أفغانستان بحجة محاربة الإرهاب، فصاروا يخلطون بين من يدفع ثمن هذه الحملة وبين من هو مستهدف على فرض صحة استهدافه بهذه الحملة، هل هناك عذر في التوقف عن الجهاد بالكلمة –إذا.. إذا جاز التعبير- لمصلحة هذا البلد أو ذاك؟


محمد إبراهيم حسان: لا عذر لأي صاحب كلمةٍ منصفٍ أمين في أن يُظهر الحقيقة وأن يتكلم الآن، أنا لا أريد أن يعني يتكلم صاحب الكلمة بأسلوب غير حكيم أو بأسلوبٍ غير مهذب، فأنا أستطيع بفضل الله –تبارك وتعالى- من خلال شعوري بخطورة الكلمة وأمانة الكلمة، أن أظهر الحق والحقيقة بقيم الإسلام، وبأخلاق الإسلام، من خلال هذه الضوابط الكبيرة القرآنية والنبوية قال الله تبارك وتعالى: (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة). قال الله تبارك وتعالى (ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-: "ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع الرفق من شيءٍ إلا شانه"، لكن الذي سيحرك كل صحفي وكل أديب وكل صاحب قضية أن يظهر الحقيقة هو أن ينطلق من أن الكلمة أمانة سيسأل عنها بين يدي الله –تبارك وتعالى- يقول الله عز وجل (ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيبٌ عتيد). بل أنا أتصور الآن أخي ماهر، أتصور الآن أن الكلمة هي التي تحكم العالم، أتصور الآن أن الكلمة الإعلامية المرئية، والمقروءة، والمسموعة، بل والمرسومة، هي التي تحكم العالم، فلا ينبغي أبداً أن نحتقر الكلمة، أو أن نقلل من شأنها، أو أن نخلط بين إظهار الحقيقة وبين استعداء السلطات، أو استعداء الأنظمة، فهذا خلط، فأنا لا حرج على الإطلاق أن أظهر الحق بأسلوبٍ مهذبٍ، بأسلوبٍ منضبط، وهذا ما يمليه عليّ ديني، فالكلمة..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: طب سيدي، دعني أسمع من.. من الإخوة المشاهدين معي الأخ أبو عبد الله من فلسطين، أخ أبو عبد الله، اتفضل.

أبو عبد الله: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

أبو عبد الله: الله يمسيكم بالخير.

ماهر عبد الله: أهلاً بك.

أبو عبد الله: مما لاشك فيه بأن الأمة الإسلامية حالياً تعيش في عصرنا الحاضر في فسطاطين، فسطاط إيمانٍ لا نفاق فيه، وفسطاط كفر لا إيمان فيه، وذلك ليميز الله الخبيث من الطيب، وقد ذكر فضيلة الشيخ في بداية الحديث.. الحديث الشريف.. "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد"، الجسد معروف أيش؟ اللي هو جسد الأمة، ورأس الجسد هذا غير موجود اللي هو الخليفة، لماذا لا نعمل على إقامة حكم الله في الأرض وإيجاد الخليفة الذي يرفع عن المسلمين كل الظلم، وأينما وجدوا، سواء في أميركا، سواء في البوسنة، سواء في الأفغانستان، في فلسطين، في كشمير، هذا واجب الخليفة، وحكامنا معروف أيش دورهم.

ماهر عبد الله: طيب أخ أبو عبد الله، السؤال.. السؤال واضح وإن شاء الله تسمع من الشيخ محمد جواب عليه. معايا الأخ أحمد المرزوقي من السعودية، أخ أحمد، اتفضل.

أحمد المرزوقي: آلو السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

أحمد المرزوقي: مرحباً يا أخ ماهر.

ماهر عبد الله: أهلاً بك، اتفضل.

أحمد المرزوقي: مرحباً يا شيخ محمد.

محمد إبراهيم حسان: حياكم الله.

أحمد المرزوقي: يا طويل العمر أنا الأمر التبس عليَّ بخصوص الجهاد بالمال، يعني أبغى أستفسر هل الجهاد بالمال هو يعني إنك تجهز مجاهد وتشتري سلاح، أو إنه من باب الآن اللي يحصل، لإغاثة إخوانَّا المجاهدين وإخوانَّا الأفغان مثلاً؟ هل هو هذا يسمى من باب الجهاد أو هو من باب الإحسان إلى الأخ المسلم؟ فجزاكم الله خير يعني أبغي أستفسر، الأمر ملتبس عليَّ يعني، جزاكم الله خير.

ماهر عبد الله: مشكورة جداً.. مشكور.. شكراً.. شكراً يا سيدي، شيخ محمد، الأخ أبو عبد الله هل تتفق معه في أن العالم الآن مقسوم -باستخدام تعبير أسامة بن لادن- أو تسمح لي أخ محمد أن نعيد عليك طرح هذه الأسئلة.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: شيخ محمد، الأخ أبو عبد الله أولاً يعني خلينا نقسم سؤاله إلى سؤالين: سؤاله الأول: هل تتفق على أن العالم منقسم إلى فسطاطين واحد للإيمان وواحد للكفر؟

محمد إبراهيم حسان: هو ما.. يعني ما يرجوه هو، لكن يعني ما يتمناه أن يتمايز المسلمون وليس العالم –كما ذكر السائل- ما يرجوه أن يتمايز المسلمون الآن إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، يعني هو يريد أن يعني أن تكون هذه الفتنة وأن تكون هذه الأزمة محك تمييز، (ليميز الله الخبيث من الطيب) وهذه من رحمة الله –تبارك وتعالى- ثمرة حقيقية للمحن وللفتن، فقد ينظر المسلم إلى أي محنة وإلى أي فتنة على أنها شر، لكن الله –تبارك وتعالى- قد ذكر حكماً عديدة وراء هذه المحن والفتن، فقال عز وجل (ألم. أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون. ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمنّ الله الذين صدقوا وليعلمنّ الكاذبين). فالمحن تظهر المسلم الحق الذي يعتز بدينه ويوالي الله ورسوله والمؤمنين، وتظهر المسلم الذي كان يسير في الطريق يتاجر بدينه، كأنها صفقة تجارية، والله إن حقق ربحاً فهو مع السائرين على الدرب وإن تعرض لمحنة أو لفتنة تخلى عن الطريق، ونكص على عقبيه، كما قال الله جل وعلا (ومن الناس من يعبد اله على حرف، فإن أصابه خيرٌ اطمأن به، وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين) فأنا مع الأخ السائل أنه يجب الآن على الأمة أن تتمايز، لابد من إقامة الفرقان الإسلامي، لابد من تحقيق الولاء..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب سيدي، سيدي، يعني الجزء الثاني من.. من سؤاله له علاقة بشيء تفضلت به في بداية حديثك لهذه الليلة عندما تحدثت عن الجسد الواحد من ناحية أخرى، وتحدثت عن ما تمنيته من جامعة الدول العربية في اجتماعاتها، الجسد قد يتوحد يا سيدي، ولكن الأخ أبو عبد الله يقول لك: أنه بلا رأس، ويطلب ما قولك؟ لأن فعلاً الأمة تتحرك بلا رأس، بلا مرجعية تنظم لها ردة فعلها على مثل هذه الأزمات وربما أسوأ منها مما قد نرى.

محمد إبراهيم حسان: لم تتعرض الأمة لمثل هذا إلا بعد زوال ظل الخلافة الإسلامية، وأرجو أن يعلم الجميع أن الأمة الإسلامية من يوم أن تولى الخلافة أبو بكر –رضى الله عنه- لم تسقط عنها أبداً مظلة الخلافة إلا بعد معاهدة الذل والعار، معاهدة (لوزان)، والتي كان من أخطر بنودها أن تسقط الخلافة الإسلامية، وأن يستبدل النظام الإسلامي بنظام وضعي، وأن يطرح الخليفة العثماني السلطان عبد الحميد -رحمه الله تعالى- ولا شك أن تاريخ هذا الرجل قد شُوِّه أيضاً. لكنني أود أن أبشِّر، وأسأل الله –عز وجل- أن يكون ذلك قريباً، أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال كما في الحديث الصحيح: "تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عاضاً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون فيكم ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها الله إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة على منهاج البنوة". فأسأل الله. -جل وعلا- أن يعجل بها وأن يعجل ذلك قريباً، وأنا أصدِّق رسول الله، صلى الله عليه وسلم.


ماهر عبد الله: طيب سيدي، صلى الله عليه وسلم، قبل أن أعود لسؤال الأخ أبو أحد المرزوقي، دعني أطلب الأخ أحمد بن طاهر من موريتانيا أن يتفضل علينا بسؤاله، أخ أحمد، تفضل.

أحمد بن طاهر: السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

أحمد بن طاهر: والله اسمح لي أحييكم (الجزيرة) وأحيي من خلالكم مراسلكم في كابول تيسير علّوني صراحة اللي قائم بدور يعني يشكره فيه المسلمون كلهم، أسأل الشيخ: هل المسلمين الذين (يوصفون) الآن.. المسلمين في أفغانستان بأنهم إرهابيون، ما حكم الشريعة في هؤلاء المسلمين؟ هل لو كانت مثلاً، أميركا الآن تحارب الشمال وتساعد طالبان فهل كان لأحد في الدنيا كلها أن يصف طالبان بأنهم إرهابيون؟ ما.. ما ردكم على ذلك؟ وجزاكم الله خيراً.

ماهر عبد الله: طيب، مشكور يا أخ محمد، معايا الأخ شاكر عبد العزيز من فلسطين، أخ شاكر، تفضل.

شاكر عبد العزيز: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

شاكر عبد العزيز:

لا يلام الذئب في عدوانه

إن يكُ الراعي عدو الغنم

رأيت الناس خدّاعاً إلى جانب خداع

يعيشون مع الذئب ويبكون مع الراعي

يا أخ ماهر، ويا شيخنا الفاضل، من أولى القبلتين وثالث الحرمين أحييكم.. وثالث المسجدين أحييكم بتحية الإسلام، فالسلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

شاكر عبد العزيز: شعب يذبح وأمة تداس، وحكام العرب ينظرون، شعب يذبح وأمة تداس وجيوش الأمة الإسلامية قد صدأت، أليس فيهم رجل رشيد؟ أليس فيهم نخوة المعتصم؟ لقد بيَّن الشيخ الفاضل حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأنها خلافة على منهاج النبوة، أما آن الأوان لجميع علماء الأمة الإسلامية أن ينفضوا عن كاهلهم غبار الذل والهوان؟!

أما آن الأوان أن يوجه الشيخ الفاضل الآن ومن على هذا المنبر نداءً حاراً لجيوش الأمة الإسلامية أن دوسوا على الأنظمة العربية والإسلامية الخائنة والعميلة، واستبدلوهم بالخليفة المسلم يحكمنا بشرع الله؟

ماهر عبد الله: طيب أخ شاكر.

شاكر عبد العزيز: آن الأوان.. آن الأوان وحسبنا الله ونعم الوكيل على حكام العرب أجمعين.

ماهر عبد الله: أخ شاكر.. أخ شاكر، سيدي.. سيدي، أخ شاكر، النقطة واضحة يا سيدي، النقطة واضحة والشيخ سمعها، وستسمع منه بإذن الله إجابة وتعليق عليها، بس اسمح لي شيخ أنا بس أعود قبل هذين السؤالين إلى سؤال الأخ أبو أحمد المرزوقي، وقع عنده التباس –كما يقول- في المقصود بالجهاد بالمال، هل المقصود بالجهاد بالمال هو مجرد التبرع للفقراء؟ ألا يدخل هذا في باب الإحسان ومساعدة المساكين؟ لماذا لا يكون المقصود بالجهاد بالمال الاستعداد.. الإنفاق على الاستعداد الحربي فقط للمال، أما أن.. أن تدفع لعائلات قتلى وشهداء ولاجئين في مخيمات أفغانستان فهذا من.. من باب الإحسان للفقراء والذي يجوز فيه أو يتوجب على الإنسان في بعض الأحيان في حالات الحرب أو.. أو غيرها.


محمد إبراهيم حسان: نعم، من رحمة الله -تبارك وتعالى- يقول عز وجل: (يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون). ويقول النبي –صلى الله عليه وسلم- "من جهز غازياً فقد غزا". فلا شك أن هذه أعظم صور الجهاد بالمال، لكن لا ينبغي على الإطلاق أن نغفل أن الإنفاق على أسر المجاهدين وعلى أولاد المجاهدين ممن شردوا من أعظم صور الجهاد بالمال، حتى يكون هذا المجاهد في أي ميدان من ميادين الجهاد والقتال مطمئناً واثقاً في أن أسرته لن تضيع، ولن تشرد بين أمة تعرف قدر الجهاد وقدر المجاهدين.


ماهر عبد الله: الأخ أحمد بن طاهر من موريتانيا يريد أن يعرف رأيك في كيف تصف المسلمين الذين يصفون الأفغان والمجاهدين منهم تحديداً بالإرهابيين؟ شيخ محمد.

محمد إبراهيم حسان: يعني هذا..

ماهر عبد الله: تفضل.. تفضل.

محمد إبراهيم حسان: السؤال يا أخ ماهر مرة أخرى، ما سمعت نقاطاً كثيرة منه.

ماهر عبد الله: يريد أن يعرف الكثير من.. من المسلمين اليوم، بعض السياسيين، بعض الإعلاميين، عندما يتحدثون عن بعض فصائل الجهاد الأفغاني، عندما يتحدثون عن بعض المسلمين، يصفونهم بأنهم إرهابيون، هل يجوز لنا أن نصف؟ ومتى يجوز لنا؟

محمد إبراهيم حسان: كان.. كان الخطاب..

ماهر عبد الله: تفضل.


محمد إبراهيم حسان: نعم، كان الخطاب الإعلامي –أخي الحبيب- يصف.. كان الخطاب الإعلامي الغربي ذاته يصف هؤلاء بـ "المجاهدين" يوم كانوا يحاربون الروس، فبكل أسف يعني أرى أن كثيراً من العاملين في الإعلام العربي يرددون ما يمليه الإعلام الغربي، فأود أن أضع تأصيلاً أو أن يضع هؤلاء المنصفون للحق وللحقيقة –قبل أن ينصفوا المسلمين أود أن يضعوا تأصيلاً لمعنى الإرهاب، ما هو الإرهاب؟ ما حقيقة الإرهاب؟ ومن هم الإرهابيون الحقيقيون؟ إذا يعني أجاب كل مسلم صادق مع نفسه ابتداءً على هذه الأسئلة يستطيع أن يقف على وصف هؤلاء بالإرهاب أم بغير الإرهاب.

الانتماء للإسلام والعمل على نصرة المظلوم

ماهر عبد الله: طيب، ماذا تقول للأخ شاكر من فلسطين الذي يعني إذا سمح لي أن اختصر سؤاله بـ "أين نخوة المعتصم"؟

محمد إبراهيم حسان: هذه أشاطره بأنها قد ماتت، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالأمة يعني تحتاج فعلاً إلى.. إلى صحوة، تحتاج إلى يقظة، تحتاج إلى أن تستفيق بعد هذه الغفلة الطويلة والرقدة الخطيرة، فيعني الآن حينما تنادي علينا ابنتنا المسلمة في فلسطين، أو في البوسنة، أو في أفغانستان، أو في أي مكان وتقول:

أنا لا أريد طعامكم وشرابكم

فدمي هنا يا مسلمون يُراقُ

أين شيمتكم.. أين شيمتكم؟

أما فيكم أبيّ قلبه خفاقُ؟!

فهذه يعني مأساة بكل المقاييس، والقلب –والله- يحترق، لأن الأمة الآن تسمع وترى ما يحيي الموتى، ولكن أسأل الله –عز وجل- أن يحييها، وأيضاً يعني أود أن أخاطب –وأنا أشاطر الأخ الكريم- أود أن أخاطب العلماء من أهل العلم أن يبينوا للأمة في هذه الأزمة واجبها، وأن يحيوا عقيدة الولاء والبراء، وحقيقة الإيمان، وحقيقة اليقين، وحقيقة الثقة في الله –تبارك وتعالى- فإن أعظم درس يجب أن يركز عليه العلماء الآن من هذه الأحداث أن يعلموا الأمة هو أن يدبر أمر الكون هو الله –سبحانه وتعالى- ولا ينبغي أبداً أن تزداد الأمة هزيمة على هزيمتها، لأنني أرى سلبية خطيرة تخيم على سماء الأمة من منطلق هذه الهزيمة النفسية حينما ينظر الآن كثير من المسلمين إلى هذا الوقع ويهز كتفيه ويمضي وكأن الأمر لا يعنيه ما دام هو في بيته آمناً، ما دام يبيت كل ليلة مع أهله ويأكل ويشرب، فينظر إلى هذه المأساة ويهز كتفيه ويمضي وكأن الأمر لا يعنيه، يعني أرجو إن كان المسلم كذلك أن يفتش عن حقيقة انتسابه لهذا الدين، أن يفتش عن حقيقة انتمائه لهذا الدين، لأن المسلم..


ماهر عبد الله [مقاطعاً]: سيدي على.. سيدي على ذكر الانتماء للدين أولاً: يعني عايز أخلط أو أجمع سؤال الأخ شاكر الثاني، ثمة يعني دعوة تتكرر كثيراً. جيوش الأمة يجب أن تثور وتبدأ بحكام الأمة، والأخ فيصل عبد العزيز –صحفي- يسأل: المسلمين يرمون اللوم على الحكام وهم الذي رضوا ببقائهم في الحكم، فهم راضون بأفعالهم، فنحن بحاجة لفهم معنى الإسلام بعد أن أصبحت هذه الكلمة العظيمة تباع كسلعة سياسية". يعني أين.. أين الخلل؟ الحكام يرمونها لضعفهم، لضرورات، الشعوب ترميها على الحكام، المحصلة النهائية: لا أحد يفعل شيئاً، هذه الدعوات للتغيير من أعلى، تغيير الحكام وإلقاء باللوم عليهم، باعتقادك هل هي مفيدة، هل ممكن..، أم هي جزء من.. من حالات تنتابنا، من نوع من الحرص على التغيير، من.. من حماسة دون أن ندرك حقيقة ما نقول ولا ولا أكلافه [تكلفة] ولا الجهد الذي قد يتضمنه؟


محمد إبراهيم حسان: الجواب –أخي الحبيب- على هذا السؤال –وطالما سئلت عنه- في آية واحدة محكمة من كتاب الله تبارك وتعالى، قال جلّ وعلا (أولمَّا أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم). هذه آية فذة، جامعة، (قل هو من عند أنفسكم)، الذي أود أن أوصله –ويعنيني الآن، بغاية الصدق –أنه يجب الآن على كل مسلم أن يبذل ما عليه لدين ربه تبارك وتعالى، فبكل أسف كل واحد منا يحمل الخطأ على الآخر، ويتصور أنه بلا خطأ، وبلا ذنب، وبلا خطيئة، وبلا تقصير، فأنا أتصور أن هذه القمة لا تأتي إلا من القاعدة، لا تأتي إلا من القاعدة، ولا يمكن أبداً –أخي الحبيب- أنت زرع شجرة ليمون لتثمر في نهاية المطاف ثمرة مانجو أو ثمرة كمثرى مثلاً. فلابد أن تعي الأمة هذه الحقيقة، وأن يرجع كل مسلم إلى دينه.. إلى دين الله –تبارك وتعالى- وأن يفتش في تقصيره وفي عيبه، فلا شك أن المسؤولية على الجميع، وأسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يرد الأمة بحكامها إلى الحق رداً جميلاً، إنه ولي ذلك ومولاه.

ماهر عبد الله: شيخي، معي حازم الشامي من الدنمارك أخ حازم، تفضل.

حازم الشامي: السلام عليكم، تحية لك ولضيفك أخي الكريم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

محمد إبراهيم حسان: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

حازم الشامي: إن الإصرار الموجود في الغرب على وصم الإسلام بالإرهاب والتعامل معه ومع أبنائه كأعداء، يرجع إلى أن هذه الدول الاستعمارية، وعلى رأسها أميركا، تعتبر بأن الإسلام هو وحده العقبة أما هيمنتها وسيطرتها على العالم الإسلامي، فهي ترى فيه خطراً على نفوذها في بلاد المسلمين، وذلك لأن الإسلام، وإن كان متسامحاً، وأنزل رحمة من رب العالمين لجميع البشر، إلا أنه رغم ذلك يأبى ويرفض أن يحكم المسلمون بغير ما أنزل الله، ويأبى سيطرة الكفار على المسلمين بكل أنواعها، الثقافية، والاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، ويوجب على المسلمين أن يحرروا بلادهم وأن يحكموا أنفسهم بالإسلام، وأن يتوحدوا في دولة واحدة هي دولة الخلافة، فالإسلام هو التحدي الوحيد أمام الاستعمار الرأسمالي والقيادة الغربية للعالم التي أشقته ودمرته، والإسلام يريد أن تكون القيادة له وليس لأي فكر آخر، الإسلام ليس خطراً على البشرية بكل ألوانها وأجناسها، بل إنه هو أمل البشرية في الخلاص من الظلم والفساد الذي يعم العالم اليوم بعد قرن رأسمالي أسود ذاقت فيه البشرية المرار والدمار، المسلمون مطالبون اليوم بأن يتحركوا ويقوموا بالواجب المناط بهم، آن الأوان أن نستأنف مسيرتنا وننهض من جديد لنحمل الراية على خطى نبينا –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، حتى ننقذ أنفسنا والعالم كله، المطلوب هو أن تتركز الجهود اليوم نحو هدف محدد واضح وهو إقامة الخلافة التي تطبق الإسلام، وتحرر البلاد، وتوحد المسلمين، وتعيد للأمة عزتها وكرامتها المهدورة، الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول..


ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب، أخ.. أخ حازم.. أخ حازم، مشكور، النقطة –أعتقد- واضحة، وإن شاء الله تسمع من الشيخ تعليق عليها، معايا الأخ أبو سلطان من السعودية، أخ أبو سلطان، تفضل.

أبو سلطان: السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

أبو سلطان: كيف حالكم جميعاً إن شاء الله؟

ماهر عبد الله: أخ أبو سلطان ممكن بس صوت التليفزيون إما تسكره أو توطيه على الأخير.

أبو سلطان: رخينا الصوت.

ماهر عبد الله: تفضل.

أبو سلطان: مساكم الله بالخير جميعاً.

ماهر عبد الله: حياك الله.

أبو سلطان: أولاً جزاكم الله خير على ما تبثوه في هذه القناة من حقائق ووقائع نفخر بها كعرب ومسلمين، ونتمنى أن نرى المزيد والمزيد في الإعلام العربي، ويعني فعلاً لا نقول إلا أرحتم قلوبنا كثيراً والله، عموماً أنا عندي سؤالين، السؤال الأول هو للشيخ، يا شيخ، سلمك الله، نرى في هذه الأيام كل من هب ودب أصبح يفتي في موضوع الجهاد وبموضوع أفغانستان وأسامة بن لادن، قبل أيام كنت أشاهد إحدى القنوات بدون ذكر اسم، وكان هناك برنامج كانت الشريحة الموجودة فيه طبعاً من شريحة الفنانين أو رجال الأعمال، أو.. يعني الواضح سيماهم على وجوههم إنهم من طلاب الدنيا، فكانوا في موقف يعني عجبت له كثيراً يعني بصراحة، إنه هناك شريحة من البشر كثيرة تتلقى هذه المعلومات من أناس مثل.. مثل هؤلاء، ينسبون إلى المجاهدين في أفغانستان الذي حرروا.. حرروا أفغانستان من الاحتلال الروسي، وأكرمهم الله بكرامات كلنا نعلمها، وينسبون هذا.. وينسبون إليهم الإرهاب وينسبون إليهم يعني مسميات لا..، يترفع اللسان أن يقولها..

ماهر عبد الله: النقطة واضحة يا أبو سلطان..يا أخ أبو سلطان، السؤال؟

أبو سلطان: هذا السؤال الأول: هل هم.. هل لهم الحق في الفتوى؟ هل نقبل منهم فتوى؟ أم سؤالي الثاني هو: ما هو المطلوب منا كمسلمين في هذه.. في هذه الفتنة، ونحن لا نستطيع فعل شيء للجهاد والمجاهدين إلا الدعاء لهم؟

وأنتم تعلمون ما أعنيه، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله: طيب يا سيدي، شكراً يا أخ أبو سلطان. شيخ محمد، الأخ حازم يقول: أن الغرب يعاملنا –كإسلام وكمسلمين- كأعداء لسبب بسيط وهو أننا عقبة أمام مد نفوذه على العالم، فالإسلام لن يقبل بأن يسيطر عليه وعلى أتباعه غير المسلمين. هل هذا هو السبب الجوهري في.. في هذه الأزمة وفي حالة العداء التي يبدو أنها مستحكمة بين المسلمين وغيرهم؟


محمد حسان: لقد غذى هذه النظرة عند الغربيين كثير ممن لا يعرفون حقيقة هذا الدين، وعلى رأس هؤلاء اليهود الذين يتحكمون في دفة الإعلام الغربي، ويبثون ويغذون القادة والساسة الذين يتخذون القرارات طيلة السنوات الماضية يغذونهم بهذه الصورة المشوشة والمشوهة والمقلوبة للإسلام. فمن أول لحظة حدثت فيها الأزمة في أميركا وإذ بنا نرى وسائل الإعلام –التي يدير دفتها اليهود كما نعلم جميعاً- ينسبون هذه التهمة للمسلمين بدون أي أدلة وبدون مباشرة التحقيق ابتداءً، فهذه النظرة للإسلام غذاها كثير ممن لا يعي حقيقة الإسلام فالصورة المشرقة للإسلام والحقيقية للإسلام إذا وصلت لهؤلاء يعني ربما.. ربما تغيرت نظرتهم، فالإسلام –كما ذكر الأخ الكريم الفاضل- لا يفرض.. لا يفرض العقيدة فرضاً على أحدٍ بقوة السلاح إطلاقاً، وإنما..

ماهر عبد الله: شيخ.. شيخ محمد.. شيخ محمد، اسمح لي بس.

محمد إبراهيم حسان: معذرة. معذرة هذه نقطة مهمة.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله: شيخ محمد، معذرة على المقاطعة، كنت بصدد الإجابة على قضية الإكراه في الدين وأنه ليس في الإسلام ما يكره في الدين، عندي سؤال من أخ طالب في.. من.. من مصر، وأعتقد من شكل الاسم ومن شكل السؤال يبدو أنه من غير المسلمين، يشير إلى الآيات 111 و100، أو 29 من سورة التوبة التي تتحدث عن القتال وضرورة فرض القتال، ثمة آيات أخرى (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) فكيف نتحدث عن (لا إكراه في الدين)، ثم نقرأ هذه الآيات التي تحض على أن يفضل أن لا يكون أسرى، والأصل هو القتل؟ يعني ألا يتناقض هذه.. هذا مع الصورة المشرقة التي نحاول رسمها عن الإسلام؟


محمد إبراهيم حسان: (…) بين هذين الوجهين إذا علمنا الحقيقة، فينبغي أن نعلم أن الإسلام العظيم لا يكره أحداً على الدخول فيه، قال الله تبارك وتعالى: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، الآيات في هذا المعنى كثيرة، إذن كيف نربط بين هذا وبين تشريع القتال في الإسلام؟ الجواب بوضوح أن الإسلام ما شرع القتال إلا لمن يحول بين الناس وبين سماع دين الله تبارك وتعالى، فنحن لا نقاتل أحداً لنكرهه على الدخول في الإسلام، لكن نقاتل من يحول بيننا وبين دعوة الناس للإسلام بالحكمة البالغة، والموعظة الحسنة، والكلمة الرقيقة الرقراقة، فإن بلغنا هؤلاء الناس جميعاً دين الله، وأقمنا عليهم حُجة الله بالضوابط الشريعة الدعوية التي ذكرت، فإن أبى الناس أن يدخلوا في هذا الدين بعد أن أقمنا عليهم الحجة نقول لهم حينئذٍ: (لكم دينكم ولي دين) فلا تعارض البتة بين هذا وذاك، ولذلك كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يأمر الجيوش الإسلامية أن تدعو من.. أن تدعو الناس ابتداءً إلى الإسلام، فإن أبوا فالجزية، فإن أبوا فالقتال، ليبلغوا الناس دين الله تبارك وتعالى، وكان يأمرهم ألا يقتلوا شيخاً، وكان يأمرهم ألا يقتلوا امرأة، وكان يأمرهم ألا يقتلوا طفلاً، وكان يأمرهم ألا يقتلوا من تفرغوا للعبادة في الصوامع ولو كانوا على غير دين الإسلام، وأرجو أن أذكر بمشهد جليل يعني يذكره التاريخ بمنتهى الإجلال يوم فتح الجيش الإسلامي مدينة (سمرقند) في عهد عمر بن عبد العزيز -طيب الله ثراه- وكان المسلمون قد فتحوا المدينة عنوة قبل أن يدعوا أهلها إلى الإسلام ويطلبوا منهم الجزية كما هو معلوم، فما كان من أهل سمرقند إلا أن أرسلوا رسالة إلى عمر بن عبد العزيز –رضي الله عنه، وطيب الله ثراه- ليخبروه بأن الفتح الإسلامي لسمرقند فتح باطل، فما كان من عمر –رضي الله عنه- إلا أن يصدر الأوامر لقائد جيشه المنتصر الفاتح في سمرقند بالانسحاب فوراً، وانسحب الجيش بالفعل، وخرج الكثيرون من أهل هذه المدينة أمام هذه العظمة ليعلنوا إسلامهم لله تبارك وتعالى، فلابد من معرفة هذه القضية حتى لا نظن أن هناك تضارباً بين الآيات وبعضها البعض.


ماهر عبد الله: طيب سيدي، يعني الكثير من.. من الإخوة بالفاكس وعبر الإنترنت يحتجون على ما سمّاه البعض يعني نوع من التهرب عن قضية الجهاد وهو الواجب، هو يعني مثال للأخ خالد –موظف إداري من قطر- يسأل: لماذا لم تجب على السؤال حول وجوب الجهاد على المسلمين في أفغانستان؟ وهل هي حرب بين الكفر والإسلام؟

الأخ سالم المنصوري من الإمارات: لماذا يقول الشيخ محمد حسان أن الجهاد بالنفس غير ممكن؟ بل إنه ممكن وعليه أن يستنفر المسلمين للجهاد ولا يخاف من كلمة الحق، شيخ محمد.

محمد إبراهيم حسان: نعم.. أي نعم.

ماهر عبد الله: سمعت السؤال؟

محمد إبراهيم حسان: أي نعم سمعت السؤال.

ماهر عبد الله: طيب.. يعني تفضل.

محمد إبراهيم حسان: ذكرت في.. ذكرت في الجواب على سؤال السائل أن التنظير سهل وميسور، ما أيسر التنظير، ما أيسر أن أنظر الآن، لكنني أتكلم عن واقع معلوم للجميع، ولقد قرأت بنفسي أن إخواننا في أفغانستان، وأن إخواننا في فلسطين، وأن إخواننا في الشيشان، لا يريدون أحداً يذهب إليهم وقد أعلنوا أنه يشكل بالفعل عبئاً عليهم، هذه حقيقة، فأنا لا أود –والعياذ بالله- أن أتهرب من الجواب، كما ذكر الأخ، وجزاه الله خيراً، وأسأل الله –عز وجل- أن يرزقه حسن الظن.. حُسن الظن بي وبإخوانه من أهل العلم، فالتنظير…

ماهر عبد الله: معذرة يبدو أننا فقدنا الاتصال بالقاهرة.

محمد إبراهيم حسان: نعم أنا أسمعك.

ماهر عبد الله: نعم، تفضل يا سيدي، لقد عاد الاتصال.

محمد إبراهيم حسان: أقول يعني لو أحسن الظن بي أخونا السائل ما اتهمنا بهذا الاتهام، فأنا أقول: ما أيسر التنظير وما أسهله، لكنني أتحدث الآن عن واقع معلومٍ للجميع، وقد قرأت بنفسي –كما ذكرت- أن إخواننا في أفغانستان، وفي فلسطين، وفي الشيشان، لم يسألونا أن نذهب إليهم بأنفسنا، فقد ذكروا أن من يذهب إليهم يُشكِّل عبئاً عليهم فعلياً، لكنهم يحتاجون أن نمدهم بالمال، تحتاج.. يحتاجون أن تمدهم الأمة بالسلاح، وتحتاج.. ويحتاجون إلى أن تمدهم الأمة بالدعاء أيضاً، ومن قرأ عبر الإنترنت رسائل إخواننا في الشيشان، ورسائل إخواننا في أفغانستان، ورسائل إخواننا في فلسطين، يعلم هذه الحقيقة، فأنا لا أود أن أنظِّر -أخي السائل- إنما أود أن أضع نقاطاً عملية للمسلم الذي يريد أن يخدم دينه بصدق وإخلاص.

[فاصل إعلاني]

قضية الإفتاء وأثرها على الوضع في أفغانستان

ماهر عبد الله: الشيخ محمد.

محمد إبراهيم حسان: نعم.

ماهر عبد الله: الأخ أبو سلطان كان سألك عن الكل يَفتي أو يُفتي، وكان يعني احتجاجه إنه يبدو إن.. وهذا كثيراً ما نسمعه هذه الأيام، يعني حتى بعض الساسة الغربيين بأن يعلموننا ما هو الإسلام، وكيف تكون سماحة الإسلام، وبعضهم يستشهد بآيات من القرآن الكريم، فإذا جاز للسياسي الغربي أن يُفتي فلا غرو ولا عجب أن.. أن يُفتي فنان أو رجل أعمال، أضيف لي بس تعليقاً على سؤاله أيضاً الأخ سليم يسألك، سليم الدويك: ألا تعتقد يا شيخنا بأنه من المفيد القيام بجهود فردية لإصدار فتوى تجمع معظم علماء الأمة ذوي الشأن لإقامة الحجة على تحالف الشمال؟ دعني من تحالف الشمال قليلاً، يعني.. البحث عن مرجعية للفتيا طبعاً تظهر الحاجة إليها في العادة في أزمات مثل هذه، لكن هل تعتقد أنه أصبحت مستباحة عملية الفتوى هذه الأيام؟

محمد إبراهيم حسان: هذه أيضاً من الأزمات الطاحنة أن يتصدر للفتوى كثير ممن لا يفرق بين الآية والحديث، وممن لا يفرق بين الدليل ومراتبه ومناطاته، وهذه من أخطر الأمور.. هناك من المسائل التي تُعرض الآن، ويتصدى للجواب عليها كثير من الناس.. والله لو عرضت هذه المسألة بعينها على عمر بن الخطاب –رضي الله عنه- لجمع لها أهل بدر، فأود أن أحذِّر يعني كثيراً ممن يتجرؤون على الفتوى بأن الفتوى جمرة تضطرم.. جمرة تضطرم، ولابد أن يعلم كل من يتحدث في دين الله –تبارك وتعالى- أنه مسؤول عن كل كلمة بين يدي الله عز وجل، فكلنا يحترم التخصص في كل شيء إلا الدين، يعني لو عُرضت مسألة في الهندسة على رجل لا يجيد الهندسة، يقول: لا، أنا أحترم التخصص، فهذا ليس من مجالاتي، ولو قيل لمهندس تقدَّم لإجراء جراحة عاجلة يقول: لا، أنا مهندس ولا أجيد الطب، فكيف لكل أحد أن يتكلم في دين الله –تبارك وتعالى-، وربما يتحدث الآن في الدين من لا يُصلي، أنا لا أريد بذلك أن أتهم أحداً، لكن أود أن أُبين خطر الفتوى، فلقد كان الصحابة –رضوان الله عليهم- تُعرض المسألة على أحدهم فيردها إلى الآخر، ويردها الثاني.. إلى الثالث، حتى ترجع الفتوى إلى أولهم ودعني يعني أذكر هذا الموقف فقط، وإلا فإن الحديث طويل: "جاء سائل إلى عبد الله بن عمر -وأنتم تعلمون من هو عبد الله بن عمر- فقال له: يا عبد الله أترث العمة؟ فقال له عبد الله بن عمر –رضي الله عنهما- اذهب إلى العلماء فاسألهم، فقال السائل: أنت تقول: اذهب إلى العلماء فاسألهم؟!! قال: نعم، فوالله لا أحسن جواب مسألتك، فما انصرف السائل، قبل عبد الله بن عمر يد نفسه ثم قال لنفسه: نِعْم ما قال أبو عبد الرحمن، سُئل عما لا يدري فقال: لا أدري". ولو.. ولو أطلت النفس لذكرت الأدلة الكثيرة، فيجب على كل مسلم أن يتقي الله –تبارك وتعالى- وألا يتكلم في دين الله إلا بعلم.

ماهر عبد الله: طيب سيدي معايا الأخ أبو أحمد من السعودية، أخ أبو أحمد، اتفضل.

أبو أحمد: السلام عليكم أستاذ ماهر.

ماهر عبد الله: السلام والرحمة.

أبو أحمد: كيف حالك، طيب؟

ماهر عبد الله: أهلاً بك، تفضل.

أبو أحمد: أنا أبغى أسأل الشيخ الكريم، هنا المسألة تختلف في أفغانستان، يعني مسألة أفغانستان واضحة يعني جُل الوضوح، ما هناك التباس فيها، يعني معركة معروفة ما هي، يعني ممكن أن أقول لك أفغانستان.. أفغانستان أرى يعني معروف إنه بين مسلم وكافر، فأكثر الفتاوى أفتوا من المشايخ.. عندك الشيخ القرضاوي أفتى بالجهاد، واجب على كل مسلم، ولكن أنا أتحدى الشيخ أن ينطق بكلمة الجهاد، وبعدين أهل أفغانستان لم يمنعوا أحد من الدخول إلى أفغانستان للجهاد، بل طلبوا، وهذه (الجزيرة) تشهد على هذا الكلام يا أخي الكريم، لكن قول الحق يُخاف عند بعض العلماء مثل.. بهذه الطريقة يا أخي، وأشكرك جزيل الشكر.

ماهر عبد الله: طيب مشكور، الأخ خالد فاروق، أخ خالد، تفضل.

خالد فاروق: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

خالد فاروق: أنا سمعت الأخ اللي اتكلم دلوقتي على الجهاد، أنا بس كنت عايز كل واحد يعني.. يعني أنا شايف إن الكلام يعني زي ما يكون البرنامج للخاصة أكتر منه للناس العامة يعني، بس كنت عايز أعرف يعني الناس بتتكلم على الجهاد وكأن الموضوع يعني مفتوح كده هوة، بدون إعداد عُدة وبدون ما يكون المسلمين نفسهم جاهزين إن هم يروحوا للمعركة دي ومتربيّين على كده أصلاً يعني، أنا شايف إن هل من.. من الصالح –بأسأل شيخنا يعني- إن إحنا نربي أنفسنا ونربي أجيالنا الصغيرة، الأول نعدهم ليوم الجهاد الحقيقي اللي نقدر فيه فعلاً على الانتصار، الجهاد صح فعلاً، لكن الأصح إن إحنا نخش وإحنا قادرين على الانتصار، ده رأيي يعني، فأنا مش عارف رأي الشيخ في كده، وأيه الطريقة في المهادنة والتعامل معاهم في الوقت الحالي بحيث إن إحنا نوصل لهدفنا الصح؟ وشكراً.

ماهر عبد الله: طيب، مشكور جداً، يا سيدي أخ محمد، يعني قبل أن تجيب على ها دول.. على هذين السؤالين بس نعتذر للأخت حنان من.. من سوريا تعتقد أننا نمنع الرأي الآخر في.. في هذا البرنامج، ولا يذكر الآراء المخالفة، أنا أعتقد أننا نتيح للجميع الفرصة، حبذا لو كانت الأخت حنان ذكرت لنا يعني تحديداً ما هي الآراء التي منعناها، أنا أعتقد أن كل الآراء أخذت حظها من العرض في هذا البرنامج وفي غيره من برامج (الجزيرة).

سيدي، الأخ أبو أحمد من السعودية بداية، وأرجو أن.. أن تؤجل الجواب على سؤال الأخ فاروق لاحقاً، يعني أن.. أن تفصل لي بين الجوابين.

محمد إبراهيم حسان: نعم.. السؤال الأولاني.

ماهر عبد الله: المعركة.. المعركة واضحة ومعروفة في أفغانستان –كما يقول الأخ أبو أحمد من السعودية- بين مسلم وكافر، وأهل البلد من الأفغان ليس فقط أنهم لم يمنعوا أحد من دخول البلد، بل يطلبون من الناس أن يلتحقوا بالجهاد، ماذا تقول لهم؟


محمد إبراهيم حسان: نعم، كنت أود قبل أن أشرع في الجواب تأصيل جزئية مهمة، ألا وهي أنه لا ينبغي لأي مسلم على الإطلاق أن يدَّعي لنفسه الإخلاص والحماس لهذه القضية أكثر من غيره، لاسيما إن كان من أهل العلم، فهذه لابد منها، الأمر الآخر، الإخلاص وحده لا يكفي، والحماس وحده أيضاً لا يكفي، فلابد –يا أخي الحبيب- من النظر إلى الضوابط الشرعية، وإلى الواقع، يقول ابن القيم –رحمه الله تعالى-: "لا يجوز للعالم أو المفتي أن يُفتي في أي مسألة إلا بعلمين، العلم الأول: فهم الواقع. والعلم الثاني: فهم الواجب في الواقع"، أي فهم الدليل الشرعي الذي يجب على العالم أن يستنبطه من القرآن أو أن يستدل به من القرآن والسنة لواقع المسألة.

فبداية لا أحب لأي مسلم على الإطلاق أن يدَّعي لنفسه أو أن يزعم لنفسه أنه حريص على قضية الجهاد أكثر من غيره، وأنه حريص ويتألم على المسلمين في أفغانستان أكثر من غيره، لا سيما إن كان الاتهام موجهاً.. موجهاً لرجل من أهل العلم، هذه واحدة.

الأمر الثاني، في جوابنا على سؤال الأخ الحبيب في السعودية، وعلى سؤال الأخ الحبيب في مصر، أقول: يا إخواني الأفاضل، الجهاد نوعان، ولابد من هذا التأصيل، الجهاد نوعان، الأول: جهاد الطلب، والقسم الثاني: هو جهاد الدفع، جهاد الطلب هو ما يسأل عنه أخونا في مصر، الأخ خالد، جهاد الطلب يجب فيه على المسلمين أن يعدوا العدة، وأن.. وأن يهيؤوا أنفسهم بكل ما تستوعبه كلمة الإعداد، هذا هو جهاد الطلب، لأنه لا يجوز أبداً للأمة أن تطلب عدواً ما في أي بلدٍ من البلدان وهي تعلم يقيناً من أنها لا تملك شيئاً من القوة، لا من القوة الإيمانية، ولا من القوة العسكرية، ولا من القوة الاقتصادية، ولا من القوة النفسية، لا يمكن على الإطلاق أن تنطلق أمة بهذا لتطلب عدواً آخر، هذا هو جهاد الطلب، وجهاد الطلب كما هو مقرر عند علمائنا جميعاً فرض على الكفاية، فرض على الكفاية، إن قامت به الأمة أو إن قام به بعض أفراد الأمة سقط الإثم عن البقية الباقية منها.

أما القسم الثاني وهو الذي يحدث فيه اللبس، وربما هو الذي أثار حماس أخينا الحبيب في السعودية، ألا وهو جهاد الدفع، جهاد الدفع هو القسم الثاني من أقسام الجهاد، وأود أن أذكر للأخ الحبيب إجماعاً لأهل العلم يستطيع أن يرجع إليه في أي كتاب من كتب الفقه الليلة إن فتح أي كتاب من هذه الكتب، سيرى إجماعاً من أهل العلم على أن جهاد الدفع واجب على كل مسلم ومسلمة، كل بحسب قدرته واستطاعته، يأثم كل مسلم قادر على أن يقدم شيئاً إذا داهم العدو أرضه ولم يقدمه، هذا هو الخلط الذي يحدث بين إخواننا فيخلط الأخ بين جهاد الدفع وجهاد الطلب.

فجهاد الدفع –يا أخي الحبيب- واجب على كل مسلم ومسلمة، في أفغانستان الآن إذا.. أن يجاهد بكل ما يملك، بكل ما يستطيع، يجب على كل مسلم ومسلمة على أرض فلسطين أن يجاهد بكل ما يملك وبكل ما يستطيع، ويأثم كل مسلم هنالك في هذه الأرض التي داهمها العدو، يأثم إن تخلى عن الجهاد بقدر ما يملك.. بعد ذلك يأثم كل مسلم يلي أرض فلسطين، أو يلي أرض أفغانستان، وهكذا حتى يعم الإثم الأمة كلها إن تخلت عن البذل، كُلُّ على قدر استطاعته وبقدر ما يملك، لابد من هذا التأصيل حتى لا يخلط أحد من إخواننا بين جهاد الطلب وجهاد الدفع.


ماهر عبد الله: طيب، سيدي، ماذا نقول للأخ عبد الله سيد عزب –أستاذ جامعي- من مصر: ألسنا في مشكلة مع الله –تعالى- في مساعدة دولة كبيرة في قتل الأبرياء، وفي نفس الوقت نقوم بحملات إغاثة، أليس هذا تناقض مع الإسلام؟


محمد إبراهيم حسان: أي نعم، بلاشك وقد ذكرت هذا أيضاً، قلت من الأمور التي تُضحك ضحكاً كالبكا، أن نرى القنابل والصواريخ والطائرات تسّاقط كالمطر على رؤوس هؤلاء المساكين، ثم نسقط إليهم جوالاً من الدقيق، وأعجبتني كثيراً اللفظة الأولى : "مشكلة"، نعم نحن في إشكال كبير، يعني يجب أن نعود بصدق إلى الله تبارك وتعالى، يجب أن نرجع بيقين وبإخلاص إلى الله عز وجل، فأنا –يا أخي- أعي ما أقول جيداً، أقول: والله لو وعت الأمة قدر هذه المعية.. قدر معية الله –تبارك وتعالى- وعادت إليه لرأت العجب العجاب دعني أذكر في عجالة –معذرة- بحديث للنبي –صلى الله عليه وسلم- يملأ القلوب ثقة في الله ويقيناً فيه تبارك وتعالى، والحديث رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة واللفظ لمسلم: "أن حبراً من أحبار اليهود جاء يوماً إلى النبي –صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد، إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة أن الله تعالى يجعل السموات على إصبع –أرجو أن يتصور كل مسلم ومسلمة أن السموات بجلالها على إصبع من أصابع الرحمن- ويجعل الأراضين على إصبع، ويجعل الماء والثرى على إصبع، ويجعل الشجر على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك فضحك النبي حتى بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، وقرأ قول الله تعالى: (وما قدروا الله حق قدره"، نعم الأمة في إشكال كبير، لابد أن ترجع ابتداءً إلى الله -تبارك وتعالى- لأنه لا يجوز أبداً أن نعاون الأميركان في قتل الأفغان، وقد ذكرت هذا في أول محاضرة، ثم نجمع بعد ذلك لإطعام الجياع ولكسوة العراة.

ماهر عبد الله: طيب سيدي، أعتقد أن هذا هو الوقت الوحيد الكافي، أشكرك سيد.. أخ محمد على هذه المشاركة، وأشكر الإخوة المشاهدين أيضاً على مساهماتهم، وأعتذر -كالعادة- لكل الإخوة الذين لم نستطع أن نرد على فاكساتهم أو مشاركاتهم عبر الإنترنت.

إلى أن نلقاكم الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

المصدر: الجزيرة