الشريعة والحياة

مستقبل الأقليات المسلمة في الغرب

رغم كل ما يتمتع به الغرب من حريات، وما ينتشر من تسامح مع الذين يعيشون فيه، فإن الحرب على أفغانستان كشفت قابلية خطيرة لفقدان الكثير من هذه القيم، وهناك محاولات لسن تشريعات جديدة قد تؤثر سلبا في الجاليات المسلمة المقيمة هناك.

مقدم الحلقة

ماهر عبد الله

ضيوف الحلقة

عبد الله التركي/ رابطة العالم الإسلامي

تاريخ الحلقة

25/11/2001

– مستقبل الجالية المسلمة في الغرب في ظل الأحداث الحالية
– الهجمة على العمل الخيري الإسلامي واتهامه بدعم الإرهاب
– كيفية الانسجام والتواصل بين مسلمي الشرق والجاليات المسلمة في الغرب
– حقيقة التمييز في الإنفاق على الجمعيات الإسلامية في الغرب
– دور رابطة العالم الإسلامي في التوعية بالإسلام

undefined
undefined

ماهر عبد الله: أعزائي المشاهدين، سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة) موضوعنا لهذا اليوم هو الجاليات المسلمة التي تعيش في العالم الغربي.

أحداث الحادي عشر من سبتمبر قلبت كثير من الموازين وتركت آثارها السلبية على كثير من أطراف العالم الإسلامي، الجاليات المسلمة عانت من فيض من.. سواء في تغيير القوانين أو الاعتداءات العنصرية التي.. راح ضحيتها في بعض الأحيان أناس من غير المسلمين، لا لذنب إلا أنهم اشتبه بأن يكونوا مسلمين لكن وأيضاً للإنصاف يجب أن نذكر بأن العالم الغربي ليس كله عنصرياً وليس كله معادياً للعرب والمسلمين، هناك حوادث أخرى تبرع بها بعض الأميركان.. بعض العائلات الأميركية بمرافقة العائلات المسلمة إلى الأسواق وإلى التجمعات العامة، وذلك من أجل حمايتهم من أي اعتداء، إذاً هناك خليط من الآثار السلبية والآثار الإيجابية لهذه الأحداث المؤسفة التي دفعت الأمة ثمناً غالياً وغالياً جداً لها.

لمناقشة هذا الموضوع وللتعرف على الطريقة التي ينظر بها مفكرو الأمة إلى مستقبل الجالية يسعدني أن يكون ضيفي لهذه الأمسية فضيلة الدكتور عبد الله عبد المحسن التركي، والدكتور التركي غني عن التعريف، الآن نحن نستضيفه بصفته الأمين العام الرابطة العالم الإسلامي، لكن سبق له أن شغل منصب وزير الأوقاف في المملكة العربية السعودية، كما كان له دور مؤثر في تأسيس جامعة الإمام التي خرجت أجيالاً من الشباب المسلم من المملكة العربية السعودية.

دكتور عبد الله، أهلاً وسهلاً بك في (الشريعة والحياة).

د. عبد الله التركي: أهلاً وسهلاً..

مستقبل الجالية المسلمة في الغرب في ظل الأحداث الحالية

ماهر عبد الله: سيدي، نبدأ بالسؤال العام أولاً: كيف ترى مستقبل هذه الجالية –وأنت متابع للتطورات التي حدثت- كيف ترى مستقبل الجالية بعد هذه الأحداث المؤسفة؟

إعلان

د. عبد الله التركي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

فبداية نحن نؤمن بأن الإسلام هو رسالة الله للإنسانية كلها، (وما أرسلناك إلا كافة للناس). ونؤمن بأن هذا الدين محفوظ بحفظ الله سبحانه وتعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). ومن خلال استقرائنا للأحداث التاريخية ندرك ونعلم أن الإسلام واجه الكثير من المحن، والكثير من الفتن، والكثير من الكوارث، ومع ذلك بقي هذا الإسلام وبقي امتداده وبقي انتشاره، واستفاد كثيراً من النكبات أو المحن أو الكوارث التي مرت به، هذه الجاليات المسلمة هي امتداد الأمة الإسلامية في العالم الغربي، هذا الامتداد يتأثر بما يحدث في العالم، كما أن العالم الإسلامي والأمة الإسلامية جزء من هذا الكوكب، جزء من الإنسانية، تتأثر بما كان فيه حينما نزل الإسلام على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وبدأ يتعامل مع العالم من حوله، كانت هناك تأثرات، يعني الذي يدرس التاريخ الإسلامي بنشأته الأولى، يدرك أن هناك تأثرات فيما يحدث للعالم، كما حصل في الصراع أو الخلاف بين الفرس وبين الروم، وكما ذهب عدد من المسلمين إلى النجاشي وهو نصراني، وكانت هناك علاقات متبادلة.

إذاً الإسلام هو رسالة الله إلى الإنسانية كلها، وهو خاتمة الرسالات، والمسلمون يحملون هذه الرسالة ويتأثرون من حيث التقدم، من حيث التقهقر، من حيث المشكلات، مما يقع في هذا العالم.

الجاليات المسلمة لا شك أنها في بؤرة الصراع في الوقت الحاضر، لأنها أقليات تعيش في مجتمعات غير مسلمة، هذه المجتمعات تحمل تصوراً يختلف عن التصور الإسلامي، هذه الجاليات لها رؤيتها المنبثقة من الإسلام، وبالتالي فهل ستستفيد من هذه الأحداث؟ هل ستتأثر بها؟ الإنسان إذا أراد أن يقوم وضع الجاليات المسلمة في الوقت الحاضر يحتاج إلى دراسة متأنية على المستوى السياسي، على المستوى الاجتماعي، على المستوى التعليمي، على المستوى الاقتصادي، وأعتقد أن هناك جوانب إيجابية وهناك جوانب سلبية. من الجوانب الإيجابية الواضحة الآن، التي استفادت منها الجالية الإسلامية، أن العالم الغربي تنبه إلى شيء يسمى الإسلام حقيقي، وأنهم ينبغي أن يتعاملوا مع المسلمين، وأن يتعرفوا على الإسلام على حقيقته، ولذلك نجد أن المراكز الإسلامية، الجمعيات الإسلامية والكثير من قادة الرأي في البلاد الغربية، في دول أوروبا أو في أميركا، نجد أن أتيحت لهم فرصة في الوقت الحاضر للحديث عن الإسلام، للتعريف بالإسلام، للكلام عن الإسلام، هذه فرصة ينبغي أن تستغل..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب سيدي..

د. عبد الله التركي [مستأنفاً]: هناك جوانب، عفواً..

ماهر عبد الله: تفضل.

د. عبد الله التركي: أيضاً سلبية قد تتأثر، من حيث الجوانب الأمنية، من حيث حقوق المسلمين، من حيث التعامل معهم، من حيث الإنفاق الخيري، فكل حدث له جوانب إيجابية وجوانب سلبية، وفي تقديري إذا كان قادة الجمعيات أو المؤسسات أو الأقليات الإسلامية، بالإضافة إلى الهيئات والمؤسسات المعنية بهم، إذا استطاعوا أن يقوموا الحالة تقويماً صحيحاً فستكون الإيجابيات أكثر من السلبيات.

إعلان

ماهر عبد الله: لو.. لو تحدثنا يعني، وأنت زرت العالم الغربي ولك اهتمام شخصي بموضوع الجاليات، هل تعتقد أن الجالية بقياداتها الحالية، بتجمعاتها الموجودة، وهي قائمة منذ ما يزيد على الخمسين سنة، يعني الجاليات بحجمها الكبير هذا هل..

د. عبد الله التركي: لا، بل مائة سنة أو أكثر من مائة سنة إحنا.. نعم.

ماهر عبد الله: بدايات الإسلام قد تزيد على ذلك بكثير نعم، لكن في الخمسين سنة الماضية كان هناك وجود ملموس للجالية، هناك نشاطات، مساجد، مدارس فيه تجمعات سياسة أيضاً للجالية، من خلال معرفتك بقادة هذه الجالية، بهذه الجمعيات التي تشرف على بعض أنشطتها، هل أنت متفائل بأن الدراسة التي ستقوم بعد هذه الأحداث لمعالجة هذه السلبيات والاستفادة من الإيجابيات، هل أنت متفائل بأن الجالية قادرة على هضم التجربة والاستفادة منها؟

د. عبدا لله التركي: هي تختلف من دولة إلى دولة، ومن بيئة إلى بيئة، ومن منظمة إلى منظمة، لكن في الجملة أجد أن في أوروبا العدد.. العديد من المؤسسات والمراكز الإسلامية والهيئات الإسلامية، وكذلك في الولايات المتحدة الأميركية، وكذلك في كندا، وكذلك في أميركا الجنوبية، هناك العديد من هذه المنظمات والهيئات استفادت من التجربة التي عاشتها، وبالتالي بإمكانها أن تقوم بدراسة موضوعية، ليست عاطفية، ونحن في البلاد الإسلامية وأمة الإسلام ينبغي أن تكون لنا رؤيتنا الموضوعية، بمعنى أن أسس الدين وتميز المسلم في عبادته، في عقيدته في معاملته، في سلوكه، هذا لا مساومة عليه، لكن الجانب الآخر، التعامل مع الآخرين، الانفتاح على الآخرين، دراسة القضايا أو التعاون في القضايا المشتركة، هذه ديننا وإسلامنا يوجب علينا أن نتعاون مع هذه الأمم أو هذه الشعوب ولذلك كما قلت هذه المنظمات استفادت من التجربة، ونحن في الأمة الإسلامية، في البلاد الإسلامية، في الدول العربية علينا واجب كبير تجاه هذه الأقليات وتجاه الإنسانية..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: بلا شك سأعود.. سأعود لواجب الأمة والدول الإسلامية، ولكن..

د. عبد الله التركي [مقاطعاً]: إنما هناك بلا شك جمعيات ضعيفة، هناك بعض الأقليات لم تأخذ حقوقها بعد، هناك بعض الجاليات الإسلامية دخلتها عناصر تريد أن تسيء أيضاً إلى الإسلام والمسلمين، وهذا يوجد في كل مجتمع.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: سيدي، ذكرت عن تميز المسلم وذكرت عن واجب للدول الإسلامية تجاه الاستفادة من.. قبل أن نرى كيف سنستفيد دعنا نذكر بعض السلبيات التي رافقت مشاركة بعض الدول الإسلامية في شؤون هذه الجالية، وأنا على يقين أنك يعني تعرضت لبعض هذا من قبل، بحكم أنك زرت هذه الجاليات ومهتم -كما ذكرت سابقاً- بشكل شخصي.

أولاً: هناك بعض الدول الغربية، في بريطانيا تحديداً، الكثير من الصحف في أواخر أيام (جون ميجور) عندما كان رئيساً للوزراء شكك بنوايا الدول المسلمة التي تنفق على مساجد ومدارس لتعليم أبناء الجاليات المسلمة، كان يسأل: لماذا؟ فماذا تقول للذي يقول لماذا تنفق أو ينفق العالم الإسلامي على جاليات تعيش في الغرب؟

د. عبد الله التركي: يا أخي الكريم، أولاً: الإنفاق في الإسلام هو جزء من الدين، وهذا الإنفاق على المسلمين وحتى على المحتاجين من غير المسلمين، لكن باعتبار مسؤولية المسلمين عن هذا الدين، هذا الدين الحضاري الذي جاء رحمة للناس، هذه المسؤولية توجب على المسلمين أن يمتدوا، إلى أي نقطة في العالم، وبخاصة المسلمين لأن المسلمين أمة واحدة، وهذا لا يعني بحال من الأحوال أن يكون هناك تدخل في الشؤون الداخلية لهذه الدول، ولا يعني بحال من الأحوال أن يحدث صراع في هذه المجتمعات، نفس المبادئ والأسس التي قامت عليها الحضارة الغربية هي إتاحة الفرصة للإنسان ليعبد ربه حسب دينه وعقيدته، هؤلاء المسلمون يحتاجون إلى مسجد، يحتاجون إلى أن يعلموا أبنائهم، يحتاجون إلى أن يكونوا على صلة بالأمة الإسلامية، هم غير قادرين، لأن ليست لديهم الإمكانات، نحن ندعو ونتطلع إلى أن تكون لدى هذه الجاليات المسلمة إمكانيات بيئية خاصة بهم، لكن متى يكون هذا؟ أكثرهم جاء لفقره، لوضع اقتصادي، لوضع سياسي معين، لاعتبارات معينة، فمن أوجب الواجبات أن.. يكون المسلمون على صلة بهم. ودعني أذكر لك بعض النماذج. المملكة العربية السعودية في كثير من المراكز والمؤسسات الإسلامية يطلب إليها أن تسهم فيها من قبل قادة الدول الغربية؟ من قبل.. يعني أسبانيا مثلاً: أو في.. في إيطاليا، أو في النمسا أو في دول عددة، تجد.. تأتي طلبات فيها رغبة من الدول الأوروبية أن يهتم بهؤلاء المسلمين، ويتقبلون هذه المراكز. أعطني أي مركز من المراكز الإسلامية الشهيرة التي مهمتها خدمة الجالية المسلمة، دون أن تتدخل في القضايا السياسية والمشكلات العرقية، حصل فيها أي مشكلة في الغرب، ما حصل فيها مشاكل.

إعلان

ماهر عبد الله: ما هو.. حتى التدخل في السياسة هذا يعني، أحد المحاور اللي كنت ناوي أطرحها عليك، وهذه قد تكون مناسبتها الآن، أنه.. قد يكون من الخطأ أن لا نتدخل في السياسة، لأنه في العالم الغربي.. عالم قائم على الحريات، قائم على المشاركة السياسية، كثير من الدعاة الذين يأتون من.. من المشرق لا يحبون هذا التدخل في العمل السياسي، في حين أن هذا العمل السياسي قد يكون هو الضمانة الأكبر، بعد توفيق الله، لحفظ هذا العمل الإسلامي. الجاليات اليهودية، بصفتها جاليات سبقت علينا عانت من تمييز، عانت من عنصرية عانت من.. من اعتداءات، ولكن عندما حصنت نفسها بالقانون عن طريق المشاركة في النظام من ضمن النظام، سهل لماذا هذا التركيز على عدم المشاركة في السياسة في الجاليات المقيمة في الغرب؟

د. عبد الله التركي: أولاً أنا أقصد في موضوع عدم التدخل في السياسة ألا يكون هذا العمل الديني التعليمي، ألا يكون من أهدافه عمل سياسي لطائفة معينة أو لدولة معينة خارجية، لكن حقوق الجالية المسلمة من خلال القانون، من خلال الدستور، من خلال الأنظمة في مجتمعها، نحن نعتقد أن.. من الأهمية بمكان وأن هذه الجالية المسلمة ينبغي أن تشترك في المؤسسات الدستورية في الدول، وموجود الآن في بريطانيا وفي العديد من الدول، في المجالس النيابية، في مجالس البلديات، في مؤسسات كثيرة، يوجد مسلمون، للمسلمين تأثير في الانتخابات، في.. حتى في أميركا الولايات المتحدة الأميركية، ولذلك باعتبار أن هؤلاء المسلمين مواطنون لهم الحق أن يشتركوا في السياسة، السياسة الداخلية لتلك الدول، وفق القانون والدستور.

لكن هل هم على مستوى يؤهلهم لأن يقفوا موقف متكافئ مع الآخرين في الحصول على المزايا، في الحصول على ما تتيح لهم القوانين والأنظمة؟ نحن ندعو إلى رفع مستوى هذا الجاليات المسلمة وألا تتقوقع، وأن تكون كل جالية متحجرة على نفسها، نعتقد أن هذا فيه ضرر على الجالية المسلمة وعلى الإسلام والمسلمين، الإسلام دين منفتح ولذلك أسس الدين لابد منها، المساجد لابد منها، المراكز لابد منها، الإسلامية الدعوة لابد أن تستمر، وفي نفس الوقت يكون هناك انفتاح سياسي، انفتاح اجتماعي، انفتاح اقتصادي، تعامل مع الآخرين بروح واثقة ومطمئنة إلى أن الإسلام لا يعمل حواجز وفواصل بين الناس تؤدي إلى الصراعات والاحتقانات.

الهجمة على العمل الخيري الإسلامي واتهامه بدعم الإرهاب

ماهر عبد الله: طيب، لو عدنا.. تركنا السياسة قد نعود إليها لاحقاً، لو عدنا إلى ما تفضلت به قبل هذا عن أن الجالية بحاجة إلى دعم من الخارج، الجهات التي تدعم في العالم الإسلامي، و خصوصاً في المملكة، هي الجمعيات الخيرية، الجمعيات الخيرية بعد الأزمة الأخيرة وخصوصاً بعض الجمعيات في المملكة هنا، تدور حولها شبهات في العالم الغربي أنها تدعم الإرهاب، هي حقاً تدعم الجاليات المسلمة لأغراض سلمية، لفتح مدارس، ولكن أثير بعض علامات الاستفهام على قيامها أيضاً بدعم بعض الحركات الإرهابية. الرابطة في المحصلة النهائية رابطة العالم الإسلامي، هي جمعية خيرية جمعية أهلية، قطعاً هي ليست مؤسسة، هل تتوقعون ضغوط على الرابطة وأمثالها من الجمعيات الشعبية والأهلية عندما ستساهم في نشاطات الجالية في المستقبل مع وجود هذه العلامة من الاستفهام على النشاط الخيري موازاة مع الإرهاب؟

د. عبد الله التركي: أولاً هذا الموضوع كبير، مسألة العمل الخيري، أو العمل الإنساني، أو العمل الإغاثي، أو التعاون مع المحتاجين أياً كانوا، لكني يعني أقول في هذا المجال: ما مصلحة الهيئات الخيرية الإسلامية أن تكون لها صلة بالإرهاب أو بالمشكلات أو القلاقل؟ هي أهدافها تنحصر في عمل خيري إنساني ضد كارثة، ضد مشكلة ضد فقر، ضد مرض، ضد جهل، ضد إنسان في أمس الحاجة، سواء في مجاله الديني أو مجاله الاجتماعي. وكان لهذه الهيئات الخيرية العالمية، وبخاصة لدينا مثلاً هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية، لها صلات وثقى مع العديد من المؤسسات والمنظمات العالمية، في الولايات المتحدة، في دول أوروبا، في أفريقيا، في آسيا، في الأميركان العديدة.

لكني أقول إن هذه الدعوة أو هذه الدعاية التي تشوه صورة الهيئات الخيرية، أنا أعتقد أن وراءها أعداء للأمة الإسلامية بل أعداء للإنسانية، ولعلي أشير.. إلى نقط أو إلى أسباب مهمة وراء هذه الحملة التي تشن على هذه الهيئات، يعني ربما من أهم هذه الأسباب أن هذه الجمعيات الخيرية الإغاثية الإنسانية كسرت احتكار المؤسسات الأجنبية للعمل الخيري، المؤسسات الأجنبية كانت سابقاً منداحة في أفريقيا وفي آسيا وفي مناطق عديدة، وهي تسهم في تضليل المسلمين، سواء أكان هذا التضليل عن قصد أو جاء عن طبيعة الناس الذين يقومون بها العمل.

إعلان

ماهر عبد الله: طب تسمح لي أقاطعك، أعزائي، بإمكانكم المشاركة معنا في هذا الليلة على رقم فاكس في المملكة العربية السعودية 6749518 (009662).

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله: سيدي، كنا نتحدث عن الهجمة على العمل الخيري الإسلامي خصوصاً فيما يتصل بالجالية، وكنت في.. بسبب إيضاح الأسباب التي تعتقد أنها وراء هذه الهجمة على العمل الخيري الإسلامي. ذكرت كسر الاحتكار، أنا عايز بس شوية توضيح بالمقصود بكسر احتكار المؤسسات الغربية على العمل الخيري.

د. عبد الله التركي: هو هناك أسباب كثيرة لك أهمها.. من أهم هذه الأسباب في نظري أن العمل الخيري الإغاثي الإنساني كان مقتصراً لفترة طويلة على المؤسسات الغربية، المؤسسات الأجنبية، هذه المؤسسات تعمل في مناطق إسلامية وبكل تأكيد أنها تحمل تصوراتها وقيمها ومبادئها، وبالتالي تسهم في تضليل المسلمين، سواء أكان هذا الإسهام عن عمد أو عن أمر فطري لأن: "أحسن إلى الناس تستبعد قلوبهم". فالإنسان الذي يقدم إغاثة ويقدم علاج ويقدم عون للناس، تستعبد بهما يحمله من مبادئ وقيم. فهذه المؤسسات الغربية كانت محتكرة للعمل الخيري. حينما جاءت المؤسسات الإسلامية الإغاثية الخيرية لا شك أنها تنافس هذه المؤسسات.

من الأسباب المهمة في نظري أن هناك من يرى أن في وجود هذه المؤسسات الإغاثية الخيرية الإسلامية وجودها شاهد عيان في بعض مناطق أو على أحداث معينة لا ينبغي أن تطلع عليها، كما حصل مثلاً في البوسنة والهرسك، نحن نعرف أن هناك أطفال مؤسسات كانت تنقلهم إلى أماكن مجهولة ليعدوا للإساءة للسلم، للإساءة للأخلاق، للقيم، لأي شيء. أيضاً من الأسباب أن هذه المؤسسات الخيرية تدخل في بعض مناطق التوتر في مسائل الإصلاح، الإصلاح بين المتصارعين، بين المختلفين بين، وأي إنسان يدخل في مجال إصلاح بين الناس يتعرض لبعض المشكلات، إما أن يدخل في موضوع ليس في مقدرته أن يحله، أو لأن بعض الأطراف الدولية مع بعض الجهات ضد جهات أخرى، وبالتالي يشوه العمل الخيري الإنساني. دعني أقول –مثلاً- الإحصائيات تقول: إن في الولايات المتحدة الأميركية وحدها مليون ومائتي ألف منظمة خيرية لماذا لم تشوه هذه المنظمات وهذه.. ونحن نعرف أن كثيراً من المنظمات تخلط التبشير أو التنصير بالعمل الإغاثي الخيري؟ آخر إحصائية أنا اطلعت عليها في عام في.. في عام 2000 للميلاد، إن الذي أنفق على التنصير أكثر من 220 مليار دولار، وأن هناك أربعة آلاف محطة بث إذاعية أو تلفازية لهذا الغرض، وأن هناك ستة ملايين مُنَصِّر طيب الهيئات الإسلامية هي قليلة الآن، هي كلها يمكن أشهرها في حدود 15 هيئة، 16 هيئة، يمكن أبرزها هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية في المملكة، التي أنشئت في عام 1407 للهجرة، وبلغ ما أنفقته خلال الفترة الماضية أكثر من 2500 مليون ريال سعودي. كل هذه الإنفاقات إما على أناس أصيبوا بكوارث حروب، أو بنكبات طبيعية من سيول أو غيرها، أو لتنمية مجتمعات فقيرة، أو للاجئين في مناطق عديدة. إذاً هذا العمل الخيري الإغاثي الذي يسير وفق أسس منضبطة، يعني نحن في المملكة العربية السعودية، وبخاصة هيئة الإغاثة التابعة للرابطة، كل حساباتها مكشوفة، وتسير وفق أنظمة منضبطة، هناك جهات رقابية تشرف عليها، تحول عن طريق بنوك رسمية، لا تتدخل في قضايا مجهولة أو أناس قد يكون لهم علاقة بقضايا إرهابية أو تطرف أو غلو، وكما قلت أخذت هذه الهيئة العديد..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: لكن هي مشكلة التطرف..

د. عبد الله التركي [مستأنفاً]: من الجوائز العالمية في مجال عملها.

ماهر عبد الله: بس لو تسمح لي بمشكلة التطرف يعني الفرق بين ملايين الجمعيات الغربية والجمعيات الخيرية الإسلامية في حالة زي حالة أفغانستان، كل الجمعيات الخيرية الإسلامية كانت تدعم الشعب الأفغاني أثناء حكومة طالبان، الآن، لأن الغرب غضب على طالبان، أصبح الدعم لها كان يشكل ديمومة.. يعني نفس التهمة توجه إلى حماس في فلسطين؟

د. عبد الله التركي: لا اسمح لي يا أخ ماهر اختلف معك في هذا.. في هذا الطرح، هي الهيئات الخيرية لا تدعم طالبان لذات طالبان، لكنها تقدم عمل إغاثي للشعب الأفغاني الذي تراه يموت، يموت جوع، ولديه أوبئة وكوارث ومرض، لا يجوز المسلمين أن يتخلفوا. لكن الهيئات الخيرية، وحتى فيما أعرف الدول الإسلامية، وبالذات المملكة العربية السعودية، بمجرد أن خرج الشيوعيون من أفغانستان، ولم يتفق الأفغان على كلمة سواء، سحب الناس أيديهم من الفصائل الأفغانية ومن طالبان، نعم يقدمون النصح، يقدمون المشورة، لكن ليس هناك دعم موجه لطالبان أو إلى حزب من الأحزاب الموجودة في أفغانستان بعد هذا النزاع وهذا الخلاف، لكن الشعب الأفغاني لا يجوز أن يترك، لأنه مغلوب على أمره ما.. ما ذنب هذا الشعب؟

ماهر عبد الله: لكن هو.. التفسير.. التفسير الغربي للموضوع في حالة فلسطين –مثلاً- في حالة فلسطين يقولون أن الجمعيات الخيرية طابعها العام إسلامي، عندما تقدم –تحت شعار إسلامي- معونات، هذا يعني أنها تحدد خيارها السياسي إلى صالح حزب إسلامي مثل حماس أو الجهاد الإسلامي، وبالتالي هناك ضغط أميركي على السلطة الفلسطينية وعلى الدول العربية ألا تدعم حماس ولا تدعم العمل الخيري الذي يعتقدون أنه في المحصلة النهائية يصب في تيار.. في صالح هذا التيار الإسلامي أو ذاك.

د. عبد الله التركي: أبداً أنا أعتقد إن هذه الآراء مدفوعة من الصهيونية، مدفوعة من اليهود، لتؤثر على المسلمين في تماسكهم وتضامنهم وتعاونهم، أما العمل الخيري وبخاصة ما هو معروف من خلال مؤسسات، سواء في المملكة أو في دول الخليج أو الدول العربية الأخرى، حساباتها مكشوفة وأعمالها ظاهرة. حينما يبنى مسجد، هل هذا المسجد يبنى لحماس؟! يبنى للمسلمين. حينما تصرف الزكوات على المسلمين تصرف على من؟ على فقراء، حينما تبنى مدرسة، حينما تؤوي دولة إسلامية مرضى وجرحى، هذا ليس حماس، ولكن للشعب الفلسطيني بشكل عام، لكن الدوائر الصهيونية تريد أن تشوه هذه الأعمال الخيرية وأن تفتت الأمة العربية والأمة الإسلامي، وأن تشوه أي عمل خيري. هل نستسلم لهذا؟!

ماهر عبد الله: طيب، ذكرت من أسباب هذه الهجمة على العمل الخيري الإسلامي كسر احتكار المؤسسات الأجنبية، محاولة منع هذه الجمعيات من أن توجد في مناطق تستطيع الوصول إلى معلومات يجب ألا يعرفها المسلمون عندك أسباب أخرى تفسر بها هذه الهجمة أيضاً؟

د. عبد الله التركي: والله أنا أعتقد إن هذه هي طبعاً أهم الأسباب بالإضافة إلى أن نمو التضامن بين المسلمين وانتشار العمل الخيري الذي لا يرتبط بدولة أو بوضع سياسي، لا شك إن هذا يحيي ويوقظ في الأمة الإسلامية وروح التعاون وروح الأخوة، الدوائر المعادية، الصهيونية، القوى التي يمهمها أن يوجد صراع بين المسلمين وغيرهم، لا يرتاحون لهذا. نحن نعرف أن فيه تيار الآن في الغرب في أميركا وفي الدول الأوروبية ينمي مسألة صراع الحضارات، ويصور أن المسلمين هم الأمة الذين يريدون أن يدمروا الحضارة الغربية، يريدون أن يسؤوا للآخرين، بل وصل الأمر إلى الإساءة للإسلام نفسه والتجني على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الإسلام هو دين الحرب، بل وصل الأمر إلى الإساءة إلى مقدسات المسلمين، في مكة المكرمة، في الحرمين الشريفين، في.. في.. الناس يستهزئون بالمسلمين في دينهم، هل يقف المسلمون موقف التفرج؟ المسلمون أصحاب رسالة وأصحاب دين، ومن هنا أجزم أيضاً أن الهجوم الدعائي على المملكة العربية السعودية أو على الدول الإسلامية التي تقف موقف متوازن تجاه هذه الأحداث هو هجوم على الإسلام نفسه.

[فاصل إعلاني]

كيفية الانسجام والتواصل بين مسلمي الشرق، والجاليات المسلمة في الغرب

ماهر عبد الله: سيدي، نحن تحدثنا عن العمل الخيرين تحدثنا عن شبهت تثور حول.. وذكرت تحديداً في نهاية كلامك جزء من الهجوم على الإسلامي وعلى المملكة تحديداً.

يعني دعني أشارك أنا قليلاً في.. في هذا الهجوم على المملكة -إذا سمحت لي- من خلال عمل بعض المؤسسات الخيرية والرسمية في الملكة، أغلب المنتديات والمؤتمرات التي تعقد في الغرب للاعتناء بأمور الجالية طابعها العام أن الذين يحاضرون فيها يأتون من المشرق، قد لا يكونون من المملكة تحديداً، قد يأتي من ماليزيا، قد يأتي من الأردن، من.. من مصر، لابد أنك لمست في زيارتك المتعددة للغرب وجود فرق كبير في العقلية بين منهج تفكير المسلم الذي يعيش في عاصمة مثل لندن أو واشنطن أو باريس، وبين ذلك الذي يعيش في عاصمة مثل القاهرة أو الرياض أو عمان. لماذا تصرون في عملكم.. يعني كيف تتوقعون تجسير الهوة بين المشرق الإسلامي والمغرب الإسلامي -إذا جاز التعبير- إذا كان الذين يدرسون وضع الجالية ويخططون لها وينفقون على مشاريعها، ينتمون –دعنا نسميها- إلى ثقافة، إلى عادات إلى تقاليد، غير تلك الدارجة في أوساط مسلمي الغرب؟

د. عبد الله التركي: أولاً أخي الكريم، هذه الهوة بدأت تتلاشى أو تضعف. ربما يقال هذا من عشرين سنة أو ثلاثين سنة الآن عدد كبير من الذين يعملون في المجالات الإسلامية درسوا في الغرب، وعدد كبير من الذين يعملون في المراكز الإسلامية هناك درسوا في الجامعات الإسلامية. وأنا أتفق تماماً مع الرؤية التي تقول: ينبغي أن نتعرف على واقع الجاليات، على مجتمع الجاليات، على مشكلات الجاليات، على ما ينبغي أن.. أن يُبدأ به تجاه الجاليات هذا أمر ضروري، وفقه الواقع ومعرفة الواقع قبل تنزيل الحكم الشرعي هو الأساس. ولذلك نحن الآن في المنظمات والهيئات الإسلامية الذين يذهبون لديار الغرب يأخذون دورات متخصصة في معرفة المجتمعات التي سيذهبون إليها، وأيضاً تتاح الفرص للطلاب أبناء المسلمين ليدرسوا في الجامعات الإسلامية في العالم الإسلامي كله، وبالذات في المملكة.. المملكة العربية السعودية الجامعة الإسلامية في المدينة مخصصة 85% من طلابها لأبناء المسلمين، ونسبة كبيرة منهم من الجاليات في أوروبا وفي أميركا، وكذلك جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وأم القرى وبقية الجامعات، وأيضاً جامعة الأزهر والجامعات الإسلامية في الأردن، في سوريا، في مختلف الدول الإسلامية، فالآن الصلة قوية لكن ذهاب بعض المشايخ المتميّزين في علمهم وفي ورعهم وفي تقواهم، الجاليات المسلمة في أمسّ الحاجة إليها، ونجد أن تأثر المسلمين في تلك البلاد بهذه النوعية من المشايخ أكثر من تأثرهم بالناس الذين عاشوا معهم، أو بين أظهرهم. ويعني هذه المؤتمرات، أو هذه اللقاءات، أزالت هذه الهوة، الآن إذا عُقد أي مؤتمر إسلامي في أي دولة إسلامية نجد أن أكثر من يشترك فيه رؤساء المراكز ورؤساء الجمعيات وأبناء تلك الجاليات من الغرب. هذا الكلام يُقال قديماً، أما الآن العالم أصبح قرية واحدة. ومع ذلك ندعو إلى زيادة معرفة أوضاع هذه الجاليات، وألا يذهب إلى تلك الجاليات إلا من لديه تصور متكامل عن الإسلام، لا يتحدث في جزئية تُحدث إشكالات بين الناس، لا ينبغي أن.. أن يُسهم فيما يُفرق صفوفهم، أو فيما يُحدث لديهم نُفرة من التعامل مع الآخرين غير المسلمين. نعم نحتاج إلى عقلاء، نحتاج إلى.. إلى أُناس يحملون الإسلام، الإسلام رحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)، (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن)، (وقولوا للناس حسنا). نريد أُناس يتحدثون للآخرين –بمن فيهم غير المسلمين- بهذا الأسلوب، وأيضاً أن تتكامل لديهم الثقافات الأخرى، نعم الثقافة الإسلامية هي الأساس، لكن ينبغي أن يُضاف إليها ثقافة اجتماعية، ثقافة بيئية، الثقافة السياسية، ثقافة أحياناً علمية، تجعل الإنسان يؤثر من خلال هذه المعلومات وهذه الثقافات.

ماهر عبد الله: يعني استكمالاً للسؤال الأول، هناك تهمة تُكال للمملكة ولدعاة المملكة تحديداً في أوساط الجالية المسلمة، ويعني إلى حدٍ كبير أنا لمست شيء من هذا، الدعوة إلى وحدة الصف، عندما تحضر ندوة يكون ضيفها عالم سلفي، ثم يتحدث عن الشيعة بشكل سلبي، ويتحدث عن الإباضية بشكل سلبي، طبعاً البعض يصل حد التكفير، ولكن لن نتحدث عمن يكفرون، كيف تتوقع أن يكون هذا الانسجام قابل للاستمرار؟ يتحدث حتى عند "البرلوية"، البرلوية أكثر من 60% من الجالية المسلمة في إنجلترا من البرلوية، البعض يعتقد أنها طريقة صوفية مخلولة العقيدة، كيف تتوقع أن يحدث هذا الانسجام بين..؟

د. عبد الله التركي: أولاً يا أخي الكريم، نحن ينبغي أن يكون مرجعنا فيما.. عندما نختلف هو كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، ورسولنا –صلى الله عليه وسلم- قال: "لقد تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وسنتي". وربنا –سبحانه وتعالى- يقول (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول). فالرد إلى الله: إلى كتابه، وإلى الرسول: إليه –عليه الصلاة والسلام- في حياته، وبعد وفاته إلى سنته. فالعصمة في الكتاب والسنة وفي المنهج الذي سار عليه سلف الأمة الصالح أكثر من 14 قرناً، لا ندعي العصمة لكل هذه الطوائف أو هذه الفرق لديها انحرافات، ولديها أخطاء، لكن كيف تُعالج هذه الأخطاء؟ كيف يكون النقاش بين المسلمين؟ ينبغي أن يكون بأدب، ينبغي أن يكون بسعة رؤية، ينبغي بأن ننظر إلى هذه الأمة الإسلامية أنها تحت خيمة الإسلام، في غطاء الإسلام بشكل عام، لكن الانحراف والخطأ حتى إذا وقع الخطأ من السلفي، السلفي قد يخطيء، لكن يعني هذا الاتجاه الذي يُسمى بـ "السلفية" أو بالسلف.. متابعة السلف الصالح هو الذي يدعو إلى أن نأخذ من الكتاب والسنة مباشرة وأن نتابع السلف الصالح، قادة السلف الصالح من هم؟ الصحابة رضوان الله عليهم، الأئمة الكبار: مالك، أبو حنيفة، الشافعي، أحمد، هؤلاء هم قادة السلف وعلماء السلف، يختلفون فيما بينهم في قضايا جزئية، لكن أسس الدين ومنطلقات الدين واحدة..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: ما هو هذا.. هذا التخوف يعني الآن تكرَّست..

د. عبد الله التركي: دعني أكمل هذا.

ماهر عبد الله: تفضل.

د. عبد الله التركي: يعني حينما يحصل خطأ في الأسلوب من إنسان محسوب على الاتجاه السلفي ليس.. ليس علماء السلف معصومين، نحن ننبهه وأود أن أقول إن هناك أيضاً بعض العناصر قد تُسيء إلى الاتجاه السلفي، أو إلى الذين ينادون بالعودة إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- من خلال تصرفاتهم، السلف –رضوان الله عليهم- لم يكونوا يركزوا على الجزئيات، يركزوا على.. على الأسس، على العقيدة، على وحدة الصف، على تعاون المسلمين، على احترام الصحابة –رضوان الله عليهم- على أن يكون المسلمون سائرين على منهاج رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فإذا حصل من.. من الدعاة، أو من المشايخ، أو من طلاب العلم الذين ينتمون إلى التيار السلفي أو الاتجاه السلفي، إذا حصل منهم خطأ ينبَّهون على خطأهم، ونحن يعني ننظر للمملكة العربية السعودية، المملكة العربية السعودية في مشايخها، وفي مؤسساتها، وفي الحرمين الشريفين، لا تجد هذه النزاعات، ولا تجد هذه المشكلات.

انظر مثلاً إلى الجامعات في المملكة العربية السعودية، المملكة العربية السعودية في الجامعات تدرس المذاهب على اختلاف هذه المذاهب الإسلامية، وتدرس الفرق والطوائف على اختلافها، ولكن برحابة صدر، بمناقشة، ببحث عن الدليل من كتاب الله ومن سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم-، يتعاملون مع الآخرين، يعني هؤلاء الذين يفدون على المملكة بالملايين للحج وللعمرة وللزيارة يختلطون بالناس، المملكة مفتوحة، ولم يكن هناك عنف أو..

ماهر عبد الله: هو في.. في داخل المملكة ليس هناك خلاف.

د. عبد الله التركي: نعم.. نعم..

ماهر عبد الله: هو الخلاف على المراكز الإسلامية التي..

د. عبد الله التركي: المراكز الإسلامية قد تحصل بعض التصرفات ولكنها فردية، ونحن ضد هذه التصرفات السيئة، إذا حصل تصرف سيء ينبغي أن ينبَّه صاحبه، وينبغي أن يكون الهدف جمع كلمة المسلمين، وأن يكون بيننا نقاش، نحن الآن ندعو للحوار مع الحضارات ومع المجتمعات الأخرى، فأولى بنا نحن المسلمين أن يكون بيننا حوار، وبيننا بحث، لكن الأسس أسس الدين ينبغي أن تكون ثابتة، لا جدال في أن المرجع كتاب الله ومن بعده سنة الرسول –صلى الله عليه وسلم- لا جدال في أن الصحابة –رضوان الله عليهم- هم الجيل الذي رضي الله عنه، وتلقوا هذا الدين من الرسول –صلى الله عليه وسلم- وكانوا أمناء عليه ونقلوه لنا. التاريخ الإسلامي ينبغي أن نحترمه في الجملة، لا نطعن في أئمة الإسلام، لا نطعن في الدول الإسلامية العظمى التي جاهدت وحملت الرسالة الإسلامية، أما الأخطاء فهي تحصل من كبير، ومن صغير، ومن عالم، لا عصمة في الإسلام إلا لرسول الله، صلى الله عليه وسلم..

ماهر عبد الله: طيب أنا يعني نتابع هذا، ولكن بعد الاستماع للإخوة المشاهدين، عندي الأخ مبارك آل راكان من السعودية، أخ مبارك، تفضل.

مبارك آل راكان: السلام عليكم ورحمة الله يا شيخ، الله يمسيك بالخير يا شيخ.

ماهر عبد الله: أهلاً بك، تفضل.

مبارك آل راكان: ونشكر قناة (الجزيرة) والأخ ماهر على استضافته مشايخنا وبالذات الشيخ عبد الله بعد طول صدود، وأرجو أن تكون فاتحة خير. فضيلة الشيخ، كنت قبل سنوات في تركيا وبالتحديد عن الأخ أبو سعيد (رئيس تحرير مجلة أهل السنة والجماعة) في استنبول طال عمرك، وجدت عنده بعض الإخوة الأكراد في شمال العراق، وهم –طال عمرك- أثنوا عليكم خاصة، وعلى علمائنا بعد إنشاء كلية الشريعة في شمال العراق في كردستان طال عمرك، وأخبرونا وبلغونا التحيات، وكيف إنها صححت مفاهيم ومعتقدات ما كان موجود من خرافات ولله الحمد والمنَّة، طال عمرك وأيضاً كنتم.. لما كنتم وزير للشؤون الإسلامية ودعمكم كذلك المراكز الإسلامية وخاصة في ألمانيا، طبعاً هذا ما اطلعت عليه، فضيلة الشيخ –طال عمرك- العديد من الدول والانتشار الكبير للجماعات السلفية، وهذا الاكتساح مثلما قال أحد العلمانيين الكويتيين، علماني، لاحظ إنه علماني، وصف الاكتساح السلفي في جميع البلدان، طال عمرك كيف نوظف هذا.. هذا الحب الكبير اللي يواجهنا واللي بلغناه؟ طبعاً إحنا اللي بنصحح مفهوم العامة، عامة الناس ودهمائهم، اللي مع الأسف الآن أصبح لهم صوت في جميع القنوات، وتهجمهم على علمائنا، وتفطرت قلوبنا والله، ما ندري.. الأحداث اللي على المسلمين أو السب والشتم لعلمائنا والتشكيك فيهم، وبالذات في.. في بعض القنوات مع الأسف الشديد، فضيلة الشيخ، هذا الحب الكبير كيف نستثمره؟ وكيف نوصل.. أو نستثمر هذا الحب من خلال إنشاء قنوات فضائية منافسة سواء.. والتقصير طبعاً من جهة الرسمية والشعبية؟ السؤال واضح طال عمرك؟ متى..

ماهر عبد الله: طيب أخ مبارك، مشكور، معايا الأخ جمال الأحمد أيضاً من السعودية، أخ جمال، تفضل.

جمال الأحمدي: السلام عليكم، ومساكم الله بالخير، وكل عام وأنتم بخير إن شاء الله، معلش عندي، نعم الاسم جمال الأحمدي وليس الأحمد، السلام عليكم الدكتور عبد الله التركي، وكل عام وأنت بخير إن شاء الله. عندي.. عندي ملاحظتين، الله يسلمك.

الملاحظة الأولى: أنا من الملتزمين والمراجع دائماً لهيئة الإغاثة الإسلامية، وإن شاء الله من المشاركين مشاركة إيجابية، ولكن الذي لاحظته مع إني عندي معلومات كثيرة عن.. عن طريق الإنترنت، وعن طريق الكتب وبعض المحاضرات التي ألقيت عن حال المسلمين في.. في دولة بورما، وكنت دائماً أتساءل عندما أتبرع لهيئة الإغاثة: لماذا لا يوجد تبرعات لمسلمين البورما، فكنت دائماً أُصدم بالإجابة: إنه والله فعلاً مسلمين البورما في حالة يُرثى لها، ولكن لا يوجد تبرعات، أو الباب ليس مفتوحاً الآن لمسلمي البورما. ومن سوء الحظ إن كانت عندي معلومات استنتجتها عن طريق الإنترنت، ودي كان لو أقرأها عليك عن الحال المأساوي والمرثي للمسلمين في بورما، والاضطهاد الذي يعانونه من قِبَل الحكومة البوذية في بورما، فودي لو تكرمت..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: أخ جمال.. أخ جمال، أنت مرتبط بموضوع، الموضوع واضح، هذا ممكن أنت تراسل فيه الدكتور على.. على الرابطة، أنت قلت عندك نقطة أخرى.

جمال الأحمدي: النقطة الثانية: ودي لو يُفتح باب التطوع للشباب الذي يحب أن يعمل عمل خيري في.. في جميع الدول، وذلك في حالة.. عندما يكون عنده إجازة سنوية، يعمل لفترة شهر، أو يكون هو وإخوانه وأولاده إذا كانوا من الشباب يحب أن يعمل عمل تطوعي، دائماً يُصدم الشخص إنه لا يوجد ترتيب عند.. عند هيئة الإغاثة الإسلامية، كيف يستحوزون على هذا الشباب؟ وكيف يتم الاتصال عليه وترتيبه، وجدولته في.. في هذا العمل؟ وجزاكم الله خير.

ماهر عبد الله: طيب مشكور يا أخ جمال، مشكور جداً، يعني سؤال الأخ مبارك شوية خارج عن الموضوع، لكن كونه سمحنا له أن.. أن يسأله لابد أن نعطيه فرصة بالإجابة، كيف يوظف هذا الحب للتيار السلفي للاستفادة منه في المستقبل؟

د. عبد الله التركي: أولاً أنا أشكر الأخ مبارك على مشاعره وعلى حديثه واهتمامه بما يتعلق بالإسلام بشكل عام، نحن نعتبر أن الإسلام هو ما في كتاب الله وما في سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وما سار عليه سلف الأمة الصالح، هذا هو الإسلام وهذا نعم في المملكة، نشأت المملكة على هذا الاتجاه، ونشأ علماؤها على.. على هذا الاتجاه، وقامت الدولة على.. على هذا الاتجاه، لكنه موجود لدى المسلمين في.. في مختلف أنحاء العالم، قد تتفاوت الدرجة، لكن أصل هذا هو أصل الدين لدى كل المسلمين في.. أو غالب المسلمين في طوائفهم.

وبلا شك أن المصلح، أو المجدد، أو الذي يريد أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويدعو الناس إلى الرجوع إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- سيواجه بعقبات ومتاعب، وهذا ما حدث عبر العصور الإسلامية كلها. فإذا كنا أصحاب رسالة ينبغي أن نصبر، وأن نتحمل، وأن نُصلح من أخطائنا إذا وُجدت لدينا أخطاء في الأساليب، وأن نستوعب الناس بالحب وبالتعاون وبالرؤية المشتركة، وألا نفتعل أي مشكلة حتى لو كانت من الطرف الآخر، نحاول أن نصبر، رسولنا –صلى الله عليه وسلم- قدوة، وواجه التيارات المنافقين واليهود، وغيرهم والكثير، والمشركين، ومع ذلك صبر حتى أعلى الله كلمته وأظهر هذا الدين. فالاتجاه السلفي سيتعرض لمن ينتقده في.. في كل وقت، لكن الواقع هو الذي يفرض نفسه، ولذلك نجد الآن العالم الإسلامي ونجد المسلمين أينما كانوا يبحثون عن كلمة الحق..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: بس تسمح لي أنا بسؤال، يعني مشكلة أن.. أن نعتمد على الأسس والثوابت، الكتاب والسنة، هل.. هل تعرف جماعة إسلامية. فئة إسلامية لا تقول بغير هذا؟ هو.. هو الإشكال في كيف نفهم يعني..

د. عبد الله التركي: نعم.. نعم.. نعم يا أخي الكريم، فيه أُناس من المسلمين ضعفت صلتهم بكتاب الله وبسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- وأصبحوا يرتبطون بأشخاص بشر، ويقدسون أقوال الناس أكثر من تقديسهم لهذه النصوص، وأصبحوا يتوارثون تقاليد، هذه التقاليد بعيدة عن الدين، يعني حينما نرجع إلى الرسالات السابقة قبل محمدٍ –صلى الله عليه وسلم- حينما تضعف صلة الناس بدينهم يبعث الله –سبحانه وتعالى- رسول ليعيد الناس إلى الحق وإلى الرسالة الإلهية، خُتمت هذه الرسالات برسالة محمد –صلى الله عليه وسلم- ولا نبي بعده، وأصبح التجديد والإصلاح من مسؤولية العلماء، ورسولنا –صلى الله عليه وسلم- قال: "افترقت النصارى على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت اليهود على.. افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة". فإذن هناك طوائف وهناك فرق بعيدة عن منهاج النبوة، نحن نرى مظاهر في كثير من المجتمعات الإسلامية ليست صحيحة، ونجد إن العلماء في تلك البلاد ينكرونها، لكن ليس لديهم سلطان أو دولة تطبق الشريعة الإسلامية. ولأقول لك.. لأكون صريح هل هناك أهم من تطبيق الشريعة الإسلامية؟ أليس من مقتضى الإيمان أن يطبق المسلمون أحكام دينهم؟ (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم)، (وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم). نحن نرى أن الذي يطبق الشريعة الإسلامية هي المملكة العربية السعودية وبعض المجتمعات بشكل أيضاً جزئي، فهذا يعتبر انحراف، نعم العلماء لا يقرونه ويدعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وإن كان تطبيق الشريعة يحارب من.. من القوى المعادية للدين بشكل عام.

ماهر عبد الله: طيب ألا.. ألا تخشى في.. في حال الجاليات، طبعاً الدول الإسلامية المشكلة معها مشكلة أخرى.

د. عبد الله التركي: حتى الجاليات يا أخي الكريم.

ماهر عبد الله: ألا.. ألا يكون هذا مدخل لنوع من الوصاية على العمل الإسلامي في الغرب؟

د. عبد الله التركي: ليست قضية وصاية، قضية بيان حق، بيان حق، المؤمن حينما يرى أنه على حق يجب أن يدعو إلى هذا الحق ويبين هذا الحق، لكن بالأسلوب المناسب، لا يعني أن هذه الطوائف أو الفرق على مستوى واحد، فيه فرق وطوائف تنتسب للإسلام وهي خارجة عن الإسلام كما هو الحاصل بالنسبة للقديانية أو غيرها.. أو غيرها، هناك طوائف عندها ضلال في التصور، عندها ضلال في رؤية للتاريخ الإسلامي، عندها انحراف حتى في.. في منهجها الذي تسير عليه كطائفة أو فرقة، ربما يكون الانحراف في الجماعة ليس في أفرادها، وربما يكون هؤلاء الأفراد يتبعون شخصاً ويقلدونه ويعتبرون أقواله مقدسة، ولا داعي لأن نذكر أسماء، أو نذكر أشخاص، أو نذكر جماعات، لأن الكثير يعرفها، لكن يهمنا أن نبين الحق، وأن نستوعب هذه القضايا وهذه المشكلات، وأن يظهر الوجه الإنساني المشرق الرحيم للإنسانية كلها.

ماهر عبد الله: طيب اسمح لي نرجع، يعني أتوقع سؤال الأخ جمال هذا.

د. عبد الله التركي: نعم بقي ملاحظة –باختصار- ملاحظة الأخ جمال الأحمدي، أنا أشكره على اهتمامه فيما يتعلق ببورما، وهي من القضايا التي نالت اهتماماً خاصاً من رابطة العالم الإسلامي، وكل اجتماع للمجلس التأسيسي للرابطة يُركز على دراسة قضية المسلمين في بورما، وهيئة الإغاثة أنا -إن شاء الله- أعده بأني سأبحث معها ما يتعلق بكيفية إيصال العون للمسلمين هناك إن لم تكن لديها القنوات الكافية.

أما موضوع فتح الباب لاستيعاب القدرات التي تريد أن تُسهم في العمل الخيري فهو مفتوح في هيئة الإغاثة الإسلامية وفي غيرها من الهيئات، ولكن وفق ضوابط محددة، ووفق التأكد من أن هذا الرجل لديه القدرة أن يُسهم في.. في هذا البرنامج، أو في هذا المشروع، ونحن نرحب بأي إنسان عنده قدرة، أو عنده استعداد، بل نشكره، لأن هذا دافع.. دافع إيماني ويريد أن يقدم خير لأمته، نحن نرحب به، ونسأل الله له التوفيق.

ماهر عبد الله: طيب نسمع الأخ علاء الكعبي من ألمانيا، أخ علاء، تفضل.

علاء الكعبي: آلو، السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

علاء الكعبي: تحية للأخ ماهر في البداية ولفضيلة الشيخ، أتكلم باعتباري أحد المغتربين من المسلمين في بلدان الغرب في ألمانيا، أسئلة كثيرة تدور في ذهني لخصتها بثلاث أسئلة أتمنى إتاحة لي المجال في سؤالها.

السؤال الأول: ألا يا فضيلة الشيخ إنه قبل التحدث عن الجاليات الإسلامية في بلدان الغرب، أو محاولة ضمان حقوقها في.. في البلدان الأجنبية، إن من الأوجب التحدث عن ضمان ولو جزء من حقوق المسلمين في بلدانهم، طبعاً على اعتبار إنه البحث عن سبب تغرب الكثير من المسلمين وذهابهم البلدان الغربية، وتعرضهم لفقدان دينهم وعاداتهم وحضارتهم.

السؤال الثاني: ألا يرى إنه قبل حث المسلمين على الإنفاق في سبيل الإسلام باسم الإسلام إن من الأوجب البحث عن مصادر الترف الرهيب الذي يتنعم به الحكام من ملوك وأمراء ورؤساء، بل وحتى علماء الدين في الدول العربية؟

سؤال ثالث وأرجو إتاحة لي المجال لسؤاله، ربما ليس له علاقة بالموضوع المطروح، ولكني أرى أن فيه نقطة بداية لخلاص الجاليات الإسلامية في الغرب وفي الشرق حتى، أتمنى إجابتي عليه وبكل وضوح، ألا وهو: مدى شرعية الحكومات العربية اللي يعني الحكومات الموجودة في بلداننا يعني إحنا بنحاسب الغرب على اللي بيفعله بنا وهم لا.. ليس لنا صلة بهم…

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: بس يا أخ علاء، إذا أنك سامعني كويس، أيش علاقة هذا بموضوعنا، بس شرعية الحكومات العربية؟

علاء الكعبي: شرعية الحكومات العربية، لأنه سبب وجودي أنا هنا هو.. هو عدم وجود مكان إلي في بلدي، وبالتالي أتعرض لفقدان أجزاء من ديني وانغماسي في.. في هذا المجتمع هو إنه مكاني في.. في بلدي، مكاني الطبيعي، أفتقده يعني أنا كمثقف وكمسلم، أو كطالب، أو.. أو كسياسي، أفتقد هذا الشيء، أو أفتقد الحرية..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: ماشي أخ علاء، مشكور، أخ علاء مشكور، أخ علاء مشكور السؤال واضح، معايا الأخ هاني الرويلي من السعودية، أخ هاني تفضل، أخ هاني..

يبدو فقدنا الصلة بالأخ هاني، يعني أسئلة الأخ علاء مش في صميم الموضوع تماماً، لكن يعني ذات صلة، خلني أعيد لك إياها أنا بصيغة أخرى نختصر أسئلته الثلاث في سؤال واحد: عندما تتصلون بالجاليات المسلمة هل يُراعى أو تراعى الأسباب التي أدت بهم إلى الخروج من.. من أقطارهم؟ يعني ليس كلهم عمال غير مهرة وفقراء ومجموعات هاجرت خوفاً من الفقر أو بحثاً عن حياة أسعد، هناك كثير –وخصوصاً النخبة- هاجرت لأسباب سياسية صرفة، هل يتم التعامل معها تماماً كما يتم مع الغالبية العظمى من الجالية التي جاءت فقراً وبحثاً عن عمل وفرص أحسن في الحياة؟

د. عبد الله التركي: أولاً يا أخي الكريم هو نحن نتعامل مع فئة موجودة، هذه الفئة الموجودة لها مشكلاتها، أما لماذا جاءت، فهذا موضوع آخر، يعني حينما يُبنى المركز، أو يبنى المسجد، أو يقدم العون، أو يرسل الدعاة، أو يرسل العلماء، أو يؤخذ طلاب المنح، يتم التعامل مع أُناس موجودين، نحن باعتبارنا علماء، وباعتبار المنظمات الإسلامية مهتمة بأمر المسلمين، هي تدعو لأن يأخذ المواطنون والمسلمون حقهم في أي بلد إسلامي، ولا يعني إن.. إن الناس إذا وجهوا الدعوة للغرب وأن يأخذ.. تأخذ الجاليات حقها إن.. إن نحن لا نقول، أو نهمل وضع المسلمين في البلاد، في بلادهم، سواءً أكانت بلاد عربية، أو بلاد إسلامية، ثم أيضاً نقطة لا ينبغي أن نغفلها، يعني حينما توجه الدعوة والنصح للمسلمين هذا ليس قاصراً على الجاليات فقط، الحكام والأمراء والعلماء والكبار والصغار، إذا حصل منهم خطأ، أو حصل منهم إشكال، ينبغي أن.. أن يبادلوا النصح، رسولنا –صلى الله عليه وسلم- يقول: "الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قُلنا: لمن؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم". باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مفتوح، وباب النصيحة مفتوحة، لكن بالوسائل الإسلامية المشروعة المؤدبة، ولا ينبغي أن نزج بلادنا وأنظمتنا ومؤسساتنا في صراع، وأن ننساق وراء آراء فردية أو إشكالات محدودة في.. في جزء معين من أجزاء الوطن العربي، أو الوطن الإسلامي، هل يعني نقول لا نتعامل مع المسلمين إلا إذا كان وضعهم مماثلاً لوضع المسلمين في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- أو في عهد أبي بكر، أو عمر، أو عثمان؟ لا، أولئك أمة خير القرون وأفضل القرون، ونحن نتأسّى ونقتدي، لكن نقع في أخطاء، ولدينا مشكلاتنا، وأخطر ما يكون أن تكون الاختلافات مجال للصراعات ولتوليد المشكلات.

ماهر عبد الله: طيب عندي سؤال من.. من لندن باتجاه معاكس تماماً لمجرى حديثنا هذا اليوم، لا أدري من شكل الاسم هل كان الأخ يعني مسلم أو مسيحي، لكن الأسئلة برضو يعني لها.. لها منطق، يقول: نحن.. أو يتكلم المسلمون كثيراً عن الغرب، فهل يُسمح لمسيحي عربي أو غير عربي التمتع بممارسة طقوسه الدينية في المملكة؟ وهل يُسمح ببناء ولو كنيسة صغيرة؟ يعني لماذا لا نعامل المسيحيين بالمثل؟ هل تعتقد أن الأقليات المسيحية في العالم العربي، سواء كانت العربية، أم.. هل تعامل بالمثل عموماً، وخصوصاً في المملكة العربية السعودية؟

د. عبد الله التركي: المملكة العربية السعودية شعبها 100% مسلمون وليس فيها مواطن غير مسلم، فهذا نظامها، وهي طبعاً لها خصوصياتها، ولها مزاياها المتميزة في هذا المجال، أما أن يوجد فيها غير مسلمين للعمل، أو لأي مجال من مجالات التعاون، فطبعاً فيه نظام عام داخلي في الدولة، كل إنسان يأتي إليه يحترم هذا النظام، ويحترم هذا الدستور، ويحترم هذه الطريقة، يؤدي عبادته في.. في مكانه، في سكنه بطريقته، يعني لا.. لا يُكره على دين معين، لكن نظام الدولة ونظام المجتمع في كل أنحاء الدنيا له اعتباره وله نظره.

الفئات المواطنة في الدول العربية، أو الدول الإسلامية من غير المسلمين الذين لهم حق المواطنة ومن أبناء تلك الفئات الذي أعرفه أنهم يتمتعون بحقوقهم، وفي بعض الأحيان يأخذون حقوقاً أكثر مما يتمتع به المسلمون، والمسلمون حينما توسعت الدولة الإسلامية وشملت أقطار.. مصر والشام والعراق ومناطق عديدة كان فيها وجود غير إسلامي، وتم احترامهم واحترام أماكن عبادتهم، ولم يكن هذا الصراع وهذه الفتن بين المسلمين وبين غيرهم.

ماهر عبد الله: طيب الأخ سليمان له سؤال آخر أنه نحن نتحدث عن أقليات تقيم في الغرب، فضيلتكم تحدثتم عن نوع من كسر الاحتكار للجمعيات الغربية، قال: الجمعيات الغربية تساعد المسلمين عندما يتعرضون للظلم، حتى الجمعيات التبشيرية، هل سبق لجمعيات أو دول إسلامية –وخاصة المملكة- أن تدخلت لمناصرة مسيحيين حينما يكونون أقلية في دولة إسلامية ويُظلمون، أو يقتلون من قِبَل إخوانهم في الإسلام في تلك الدولة؟

د. عبد الله التركي: أولاً فيما يتعلق بالعمل الإغاثي كما قلت هذه الهيئات إذا جاءت لمنطقة كوارث لا تفرق بين إنسان وآخر.

ماهر عبد الله: هو فيه له سؤال آخر عن الجمعيات الخيرية، كويس، أجب عليه.

د. عبد الله التركي: لا.. لا تفرق إطلاقاً، هي ذهبت إلى الصومال، وذهبت إلى أفغانستان أيام الفتن والكوارث، وذهبت إلى البوسنة والهرسك، وإلى كوسوفا، وإلى مناطق عديدة، ولم تكن تبحث تقول: هل هذا مسلم أو هذا غير مسلم؟ والإغاثة التي تأتي على مستوى المملكة –كما أعرف- إذا وقع أي شعب أو كارثة فيه مشكلات، ترسل الإغاثة لهذا الشعب ولهذه الطائفة، ولهذه الفئة من الناس. فليس هناك تمييز أو تفرقة في هذا المجال إطلاقاً، لكن العناية الأساسية لهذه الجمعيات الخيرية هي للمجتمعات المنكوبة، وأكثرها –مع الأسف- مجتمعات مسلمة.

وأكثر حسب إحصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن أكثر اللاجئين في العالم من المسلمين.

ماهر عبد الله: طيب تسمح لي آخذ الهاتف من الأخ عبد الله حسين من السعودية، أخ عبد الله، تفضل.

عبد الله خشيم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الله يمسيك يا أخي ماهر بالخير، مساك الله بالخير يا دكتور عبد الله، وأرجو إن شاء الله أن يعيد.. يعيد الله علينا هذا الشهر وعلى العالم الإسلامي بالخير والسداد والسلام إن شاء الله. دكتور عبد الله، ألا ترى أن رابطة العالم الإسلامي عليها واجب في توعية جميع الشعوب في دول العالم لطرح الأهداف الأساسية التي يدعو لها الإسلام، ليس للمسلمين في تلك.. في تلك الدول فحسب، بل لجميع الأديان، وأقرب اتصال بهذه الشعوب هو مخاطبتهم بلغاتهم المختلفة عن طريق إنشاء محطات فضائية ذات برامج هادفة، خصوصاً ونحن نجد الآن من تلك الشعوب رغبة أكيدة للتعرف على الإسلام، هذا من جانب، وجانب آخر لدحض كل المؤامرات التي تعد على.. على الأمة الإسلامية، شكراً.

حقيقة التمييز في الإنفاق على الجمعيات الإسلامية في الغرب

ماهر عبد الله: مشكور يا أخ عبد الله، اسمح لي نؤجل بس الإجابة على سؤال الأخ إلى ما بعد الفاصل. على موضوع الإنفاق يعني ثمة شبهة أيضاً تسمع تسمع كثيراً أن المؤسسات مثل الرابطة في.. في العالم الغربي لا تنفق إلا على الجمعيات التي تلتزم بمنهج محدد، أو تحديداً بالخط الرسمي السياسي للمملكة العربية السعودية، وهذا يحرم كثير من مؤسسات.. من.. من دعم رغم أنها ليست بالضرورة على منهج مخالف، إنما لأنها تختلف سياسياً مع المملكة. أنتم كهيئة شعبية هل تقبلون هذه التهم؟

د.عبد الله التركي: أولاً هذا كلام غير واقعي يا أخي ماهر، انظر مثلاً للمراكز الإسلامية التي أقيمت في أسبانيا، أو في لندن، أو في روما، أو في النمسا، أو في ألمانيا، الأكاديميات التي أقيمت في مختلف هذه الدول، هل هي محصورة وموضوع إعلان لا يستفيد منها إلا فلان أو فلان أو الجمعية الفلانية؟ هي أقيمت للمسلمين أياً كانوا، فخذ مثلاً طباعة المصحف الشريف في مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، يرسل لكل المسلمين على اختلاف فئاتهم وكل من يطلب يقدم له، فالقول بأن هذا الإنفاق وهذا العمل يخص طائفة دون أخرى ليس.. ليس بصحيح، بل الهدف هو أن يصل هذا الخير لكل إنسان، سواء أكان مستقيماً استقامة كاملة كما تريد المملكة، أو كانت عليه ملاحظات، لأنه داخل في الدائرة الإسلامية.

المملكة العربية السعودية الآن تتعاون على المستوى العربي، وتتعاون على المستوى الإسلامي، الدول الإسلامية ليست على مستوى واحد، والدول العربية ليست على مستوى واحد، وكذلك المنظمات والهيئات الإسلامية.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله: سيدي، قاطعناك قبل هذا الموجز بالسؤال عن اتهام للملكة بأنها لا تنفق إلا على الذين.. أو على الجمعيات التي تلتزم خط المملكة السياسي، وأخ عامر البياتي في جزء من.. من رسالته فاكس هو يريد أن يصل إليك عنده تصور عن سلبيات وإيجابيات العمل في الجالية، يحب أن يتعاون حيث أنه يقيم في بريطانيا، أو في ألمانياً عفواً منذ 43 عاماً، فيحب أن.. أن يكون مجال للتعاون. يقول: أنه صحيح الحسابات الخيرية في المملكة مكشوفة ومعروفة، ولكن في العالم العربي تضعون مدراء لهذه المراكز والجمعيات، هي لعامة المسلمين صحيح ولفائدة الجالية، ولكن يعين مسؤوليها تعييناً وهنا قد يدخل يعني التوجه السياسي، في حين أن الجمعيات والمراكز الأخرى غالباً ما تكون اللجان المشرفة عليها منتخبة من أبناء الجاليات.

د. عبد الله التركي: هي تختلف الحال، أولاً أنا أشكرك وأرحب به لأي تعاون يعني يراه فيما يخدم الإسلام والمسلمين، أما فيما يتعلق بالمراكز أو المؤسسات فهي تختلف، إما أن يكون المركز يعني أنشئ من قبل المملكة يعني كإدارة وكإنفاق وكتشغيل، فهذا مسؤولية مباشرة تقوم بها المملكة، أو تقوم بها الجهة المختصة في المملكة، أو حتى إذا كان تابع لرابطة العالم الإسلامي فهي تتولى أمره. لكن التعاون مع المؤسسات الأخرى والجمعيات الأخرى الرابطة أو حتى المملكة فيما أعلم لا تتدخل في القضايا الداخلية، إذا كان المركز أقيم من قبل جمعية، من قبل مؤسسة لها نظامها، يحترم نظامها، ويحترم ما تسير عليه، فالمسألة فيها فوارق بين بعض المراكز وبعض المؤسسات، والذي أعرفه من خلال اطلاعي على البيانات التي تأتي لرابطة العالم الإسلامي أن 90% أو أكثر من الدعم الذي يوجه من المملكة العربية السعودية يوجه إلى مؤسسات وإلى جمعيات معترف بها في مؤسساتها ولها مجالس إدارة مستقلة، أما الذي يدار مباشرة من قبل الرابطة، أو من قبل المؤسسات السعودية، فهي أعداد قليلة بالنسبة لبقية المراكز الكبيرة.

ماهر عبد الله: طب تسمح لي آخذ المكالمتين الأخيرتين في.. في هذه الحلقة، الأخ ناصر عبيدات من الأردن، أخ ناصر، تفضل.

ناصر عبيدات: السلام عليكم.

د. عبد الله التركي: وعليكم السلام.

ناصر عبيدات: تحياتي للدكتور، إلى سؤال ربما خارج الموضوع، ولكن في الفلك نفسه، العرب الأفغان ها دولا أولادنا ولحمتنا منا ولو نتنة مثلما بيقولوا، فهادولا بيتعرضوا للإبادة في بلاد الأفغان اللي ناضلوا معاهم ضد روسيا وضد كل قوة طامعة في.. في المسلمين، يا أخي، كان على الشيوخ الكرام إنهم يبعتوا برقيات للشيوخ اللي هناك هادولا اللي حطوا أيديهم على السلطة تحت حراب الأميركان ويطلبوا لهم الشفاعة، لأنه إحنا إذا كان هادولا الجماعة بالشبهة بيتحاكموا وبيتحاربوا، كان المفروض إنه الشيوخ أنتو يا دكتور أنتو أول من يساهم، والسعودية لها جالية كبيرة منهم، ومصر والأردن وفلسطين.

ماهر عبد الله: يا أخ ناصر، مشكور جداً، أنا إن شاء الله تسمع من الدكتور تعليق على.. على الموضوع، لكن لضيق الوقت اعذرني، يعني نقطة مهمة، صحيح خارجة عن الموضوع، لكن إن شاء الله تسمع تعليق من الدكتور معايا الأخ سالم الشراري من السعودية، وأتمنى أن يكون هذه المكالمة الأخيرة، أخ سالم، تفضل.

سالم الشراري: السلام عليكم، السلام عليكم.

د. عبد الله التركي: عليكم السلام.

ماهر عبد الله: عليكم السلام، تفضل.

سالم الشراري: مساكم الله بالخير، بدءاً وهي مداخلتي الأولى يعني أرجو أن أعبر عن تقديري وأبارك لقناة (الجزيرة) بنجاحها الخامس، والحقيقة سعدت الليلة باستضافة هذا الرجل صاحب المصداقية العالية بين المواطن والمسؤول في السعودية منذ أن كان مديراً لجامعة الإمام محمد بن سعود، ومن ثم فإطلالته فإطلالته لها يعني معنىً كبير، وأول هذه المعاني هو أن.. أن قناة (الجزيرة) لها دور إيجابي في التوغل للحاجة الحقيقة للمجتمع الإسلامي، ما أريد أن أقوله يعني باختصار، وأنا أعرف أن الوقت ضيق: هو أننا نأمل في مثل هذه اللقاءات وعبر قناة (الجزيرة) من أصحاب الرؤية الذين نحسبهم أصحاب رؤية صائبة إن –شاء الله تعالى- لكي يعالجوا الأمور من منطلق وقائي وليس علاجي فقط، فنحن الحقيقة كشباب مسلم نواجه يعني ما تسمى "إدارة الأزمات" الآن، يعني هنا مشكلة ثم تطرح قضايا حول الجهاد ومفهوم الجهاد، نحن نريد أن نكون هناك تربية حقيقية بعيدة المدى، لكي لا يكون واقعنا واقع علاجي بحت، وليس أقدر من هذا الدكتور.. مثله، فشكراً لكم، ولا أريد أن أطيل، وأقدر لكم جميعاً هذا الجهد.

ماهر عبد الله: مشكور جداً يا سيدي.

[فاصل إعلاني]

دور رابطة العالم الإسلامي في التوعية بالإسلام

ماهر عبد الله: سيدي، عرفناك بالأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الأستاذ عبد الله حسين أو الخشيم عفواً من السعودية، أنا كتبته حسين بالخطأ، كان يسأل عن التوعية بالأهداف العامة، يعني لماذا لا تتبنى الرابطة طبع كتيبات منشورة تبين الأهداف العامة للإسلام، تعريف بالمؤامرات التي تحاك ضده، واسمح لي أن أضيف بلغات غير العربية.

د. عبد الله التركي: نعم، أنا أشكر الأخ عبد الله على.. على النقطة التي أشار إليها، وأؤكد له بأن رباطة العالم الإسلامي من أول أهدافها أن تسهم إسهاماً حقيقياً في توعية الشعوب الإسلامية والأقليات المسلمة، سواءٌ أكانت عربية أو غير عربية، هذا من أهم أهدافها التي قامت من أجلها، وهي يعني تتابع لبرامجها في تحقيق هذه الأهداف، لكنها –كما نعلم- هي رابطة، رابطة تجمع المنظمات، وتجمع المؤسسات وتجمع الجهات التي لها جهود تنسق بينها، وفي نفس الوقت تتابع. أشار إلى نقطة مهمة تتعلق بإيجاد محطة أو قناة فضائية..

ماهر عبد الله: فضائية نعم.

د. عبد الله التركي: وهذه نقطة من أهم ما ينبغي، وأطمئن الأخ عبد الله وأطمئن غيره من المهتمين بأن الرابطة مهمته بهذا الموضوع، وفي آخر اجتماع للمجلس التأسيسي للرابطة منذ عام أقر إنشاء هيئة عالمية للإعلام الإسلامي، هذه الهيئة قد لا تباشر مجالات تنفيذية، لكنها تدرس تضع إستراتيجية، تضع خطط، تنسق الجهود، تتعاون مع المعنيين في مختلف مناطق العالم، وفي آخر ندوة عقدتها رابطة العالم الإسلامي منذ.. منذ أسبوعين عن صورة الإسلام في الإعلام المعاصر، أكدت هذه الندوة على أهمية هذه القضايا التي أشار إليها الأخ عبد الله من إيجاد كتيبات بالعديد من اللغات، إيجاد دراسات وأبحاث، إيجاد قناة فضائية.

موضوع بحث المؤامرات التي تتعرض لها الأمة الإسلامية، نحن الآن في رابطة العالم الإسلامي في طور تأسيس مركز متخصص يدرس أوضاع الأمة الإسلامية والمشكلات التي تواجهها، أسباب هذه المشكلات، كيف تخرج الأمة من مشكلاتها، كيف تواجه التحديات، وتُقدّم هذه الدراسات للمسلمين من خلال حكوماتهم أو مؤسساتهم أينما كانوا ليعالجوا هذه المشكلات.

ماهر عبد الله: طيب، لو رحنا لسؤال الأخ ناصر، وأرجو الاختصار، لأن..

د. عبد الله التركي [مقاطعاً]: الأخ ناصر عبيدات أنا أتفق معاه بأنه ينبغي أن نهتم بالأفغان عموماً، وبالعربي منهم، واجب المسلمين أن يهتموا بالشعب الأفغاني بكل فصائله، وأن يهتموا بالعرب الذين ذهبوا إلى تلك البلاد، قد يكون غرِّر بهم، قد يكون أخطأوا، قد يكون حصل لهم ما حصل من أي مشكلة، لكن ينبغي أن يُهتم بهم، من خلال حكوماتهم، من خلال المؤسسات الإسلامية، من خلال الاتصال بالمنظمات الدولية، وحسب ما أعرف وأعلم أن هناك اهتمام على مستويات عديدة من أجل عن.. لا تُزاد المشكلات مشكلات أخرى، لأن التطرف والإرهاب والغلو والفتن إذا ووجهت مواجهات غير صحيحة قد تزيد وتُحدث آثار سيئة.

ماهر عبد الله: سؤال الأخ سالم الشراري بعد تعليقه كان سأل: أغلب ما يجري الآن من حديث هو علاجي لأزمة وقعت، لماذا لا يقع التركيز في المستقبل، بدلاً من إدارة الأزمات إلى المنطق الوقائي في محاولة.. يعني أنت تفضلت قبل قليل بالحديث عن الأفغان العرب، وحتى لا نسيء معاملتهم فتتفاقم..

د. عبد الله التركي: نعم.. نعم..

ماهر عبد الله: لماذا لا نتبنى هذا المنطق الوقائي كاستراتيجية لهذه الأمور؟

د. عبد الله التركي: أنا أتفق تماماً مع الأخ سالم الشراري فيما عرضه، وأعتقد إنه آن الأوان وحان الوقت للمسلمين أن يستفيدوا من الدروس، أن يأخذوا منها العبر، وألا تكون أعمالهم مجرد رد فعل، ينبغي أن توضع خطط إستراتيجية على مستويات تعليمية، على مستويات اقتصادية، على مستويات إعلامية، على مستويات سياسية، أن ينطلق الناس من خطط وبرامج ثابتة تتيح الفرصة لتربية الشباب المسلم والأمة الإسلامية التربية الصحيحة، حتى لا يقعوا في هذه الانحرافات، ولاشك إن الجانب الديني من أهم ما ينبغي، وأنا من خلال هذا المنبر، ومن خلال رابطة العالم الإسلامي، ومن خلال المؤتمرات التي تُعقد في مختلف أنحاء الدنيا، أنادي بأن نهتم بالتربية، أن نرجع إلى الأصل وإلى الأساس، لأن هؤلاء الشباب المسلم لو كان تربى تربية صحيحة لما حدثت هذه التناقضات، ولما حدث هذا النفور وهذه المشكلات في داخل كثير من المجتمعات الإسلامية، وإذا قلت تربية فإني أعني التربية الإسلامية التي تتفق مع عقيدة المسلمين. المسلمون لهم عقيدة، لهم دين، لا ينبغي أن يُربوا بعيداً عن هذه العقيدة وهذا الدين، حتى تستقيم أحوال المجتمعات، أما إذا كانت وسائل الإعلام أو وسائل الثقافة أو وسائل التربية تنحو منحى غير إسلامي وغير ديني، فسيصطدم مع عقيدة الناس، ومع البيئة التي يعيشون فيها، ومع حضارتهم وتاريخهم، وتحصل هذه التناقضات وهذه الفتن.

ماهر عبد الله: طب اسمح لي يعني بسؤال شوية خارج عن الموضوع، وأعتقد يجوز لي -كوني صاحب البيت- أن أسأل سؤال خارج عن الموضوع، أنت تعيش في المملكة وتقيم في نجد تحديداً، هناك شبهة تثار حول "الدين النجدي" إذا أحببت -إذا جاز التعبير- حول الوهابية –إذا كان هناك ما يسمى بـ "الوهابية"، التطرف العام.. الأخ منذ قليل تحدث عن الاكتساح السلفي، لكن ثمة أيضاً هجمة شديدة على هذا الاكتساح السلفي، تتهمه بالانغلاق، تتهمه بعدم الاستعداد للحوار مع الفرق الإسلامية الأخرى، فضلاً عن أن نتحاور مع الآخرين. الوهابية تقف الآن في الإعلام الغربي وكأنها مصدر الشرور، يعني إذا كان الإسلام شر كله فهو مختصر فيما هو أشر منه بالوهابية إذا كان هناك ما يسمى بالوهابية!! هل لك تعليق على هذا الموضوع؟

د. عبد الله التركي: أولاً يا أخي، هذا دائماً يُطرح في مناسبات عديدة، والإنسان يعجب، لماذا نحن في المملكة لا نشعر بهذا الشعور؟! نحن في المملكة نعتقد أننا مسلمون، ونسير على المنهاج النبوي، ونسير في الفقه على مذهب الإمام أحمد، ونتعاون مع المسلمين أينما كانوا، وليس عندنا دين متميز أو طريقة متميزة ونخرج إلى العالم، ويأتي العالم إلينا، لكن الخطورة تتأتى في أن أعداء الدين.. أعداء الإسلام الحقيقي يشوهون دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- أنا أذكر لما كنت في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، هيأنا لأسبوع لدراسة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهذه التهيئة استغرقت أكثر من أربع سنوات قبل انعقاد هذا الأسبوع، وقلنا لكل الذين دعوناهم من مختلف أنحاء الدنيا: انتظروا لنبعث إليكم مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والدراسات التي كُتبت عن هذه الدعوة حتى تقرؤوها، فإذا حضرتم تحضرون على بينة وعلى علم، وما لديكم من أي رأي أو.. أو مناقشة نحن على أتم الاستعداد به. أرسلنا إليهم هذه المؤلفات وهذه الأبحاث، كلهم قالوا: نحن لم نطلع سابقاً، على هذا الأمر، لكنهم يأخذون المصادر من جهات مشوِّهة، أقول إن الذين يريدون أن يفسدوا بين المسلمين ويحدثوا الفرقة بينهم يقولون: هذا وهابي، وهذا غير وهابي، وهذا سلفي، وهذا صوفي، وهذا تبع الطائفة الفلانية، يا أخي الكريم، الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد، والخضوع له في العبادة، وطاعة الله -سبحانه وتعالى- واتباع رسوله –صلى الله عليه وسلم- نحن لا نريد إلا أن نطبق ما في القرآن وما في السنة وسمه ما شئت، لكن الله –سبحانه وتعالى- سمانا "المسلمين"، (هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا). فدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب –رحمه الله- ليست جديدة، هي دعوة الإسلام سبقها الأئمة الأربعة وغير الأئمة الأربعة، كلهم يدعون الناس إلى العودة إلى الكتاب والسنة، هناك دعوات في مختلف أنحاء العالم الإسلامي تنادي بهذه الدعوة، لكن أعداء المسلمين لا يريدون الدين الصحيح، يريدون ديناً يتفق مع هواهم، ولذلك حتى كثير من الاتجاهات في الدول الغربية لا يعجبها أن يتمسك الإسلام.. المسلم بدينه، ولا يعجبها أن تطبق المملكة الشريعة الإسلامية، لماذا نجد الحملات الشعواء على حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية؟ السبب أنها تطبق شرع الله، هل هذا نقد للمملكة أو نقد للدين؟ إذا كان اعتراض على الدين فهذه مهمة المسلمين جميعاً، ويجب على المسلمين أن يقفوا مع المملكة، ويقولوا: إنها تطبق شرع الله، نعم إن كان هناك خطأ في التطبيق، أو هناك اجتهاد خاطئ نحن على أتم الاستعداد للبحث وللمحاورة ولتصحيح الخطأ، لكن هذه الحملة وهذا التصنيف وهذا الكلام عن الوهابية، لو بحثنا حتى عن أسبابه وخلفياته في الماضي نجد أنه أُختلق من قبل قوى سياسية لا تريد أن توجد الدعوة الصحيحة في الأمة الإسلامية وبخاصة في مركز الإسلام الحقيقي..

ماهر عبد الله: بس طب.. بس تسمح لي بس بإضافة يعني بسيطة: في زيارة سابقة لي للمملكة من شهور، يعني معي دقيقتين تجيبني على هذا السؤال، يعني لقيت بعض الشباب من.. من تلاميذ الشيخ محمد بن عبد الوهاب ممن يزعمون باتباعه، يقولون: أن هناك ثلاثة علماء: الشيخ بن باز عليه رحمة الله، الشيخ بن عثيمين، الشيخ ناصر الدين الألباني، أخذ العقيدة مما أجمعوا عليه فهو عقيدة أهل السنة والجماعة.. يعني أليس هذا..

د. عبد الله التركي: هذا كلام غير صحيح.. هذا كلام غير صحيح، وكل طائفة وكل جماعة وكل فئة يكون فيها من يشذ، ويكون فيها من يخطئ، لكن انظر إلى المؤلفات الدراسية في جامعات المملكة أو في مدارس المملكة. انظر إلى ما صدر من العلماء الأثبات حتى الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، أو بن عثيمين، أو الشيخ الألباني، ما قالوا هذا الكلام، ما قالوه إطلاقاً، ولذلك يأتي الخطأ في أنه يُنظر إلى شخص أو إلى أشخاص أو إلى تصرفات محدودة وتُعمم، هذا خطأ.

ماهر عبد الله: هل هناك خشية.. يعني ذكرتم منذ قليل أن بعض الفرق لجأت إلى عبادة الأشخاص، أليس هذا هو نفس المنحى إذا سنقدِّس بن عثيمين وبن باز؟

د. عبد الله التركي: ما قدسناه يا أخي ولا يجوز تقديسه.

ماهر عبد الله: البعض الذي يقول هذا..

د. عبد الله التركي: لا.. لا هذا خطأ.. هذا خطأ، ونحن نحارب.. نحارب أن.. أن ينظر الناس هذه النظرة للرجال، العلماء يخطؤون ويصيبون، لكن من خلال معرفة سيرهم وإنتاجهم وآثارهم يعرف الناس هل هم على الحق أو على غير الحق. أخي، التاريخ الإسلامي الطويل، لماذا الناس اتبعوا الإمام الشافعي أو الإمام أبي حنيفة أو الإمام مالك أو الإمام أحمد؟ اتبعوهم لأنهم أهل حق وأهل صدق، فالقضية لا تؤخذ من قول شاذ أو من عمل فردي أو من إنسان في نفسه هوى.

ماهر عبد الله: دكتور عبد الله التركي، (الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي)، شكراً جزيلاً لك، أعزائي لم يبق لي إلا أن أشكركم وأشكر باسمكم فضيلة الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي، إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم، تحية مني والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

المصدر: الجزيرة