كلمة التوحيد.. وتوحيد الكلمة
مقدم الحلقة | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة | عائض القرني، داعية إسلامي سعودي |
تاريخ الحلقة | 11/11/2001 |
– العلاقة بين التوحيد وحالة التشرذم التي تعيشها الأمة
– التشدد والتجديد في الإسلام وأثره على الواقع الحالي
– دور العلماء في توحيد صف المسلمين وكلمتهم
– قضية التكفير وأثرها على تشتت الأمة وفرقتها
– تأثير تشتت حكام المسلمين على وحدة الأمة
– الجماعات الإسلامية بين شرذمة الأمة وتوحيدها
– عالمية الإسلام وكيفية تقديمه للآخرين
![]() |
![]() |
ماهر عبد الله: أعزائي المشاهدين، سلام من الله عليكم وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
حلقتنا لهذا اليوم ذات علاقة –وإن كانت غير مباشرة تماماً- بالأزمة الحالية، على اعتبار أن هذه الأزمة مثل غيرها من الأزمات كشفت عن عورات في هذه الأمة عديدة، ولعل أبرز وأخطر هذه العورات هو هذه الحالة من التشتت والتشرذم التي تنتاب الأمة في كل أزمة. لم نعرف منذ زمن طويل موقفاً عربياً موحداً ولا موقفاً إسلامياً موحداً، حتى داخل البلد الواحد هنالك موقف في الشارع يختلف عن الموقف في وسائل الإعلام، وهذا بدوره يختلف عن مواقف صناع القرار، ومع ذلك نُصرُّ على أننا أمة التوحيد ونرفع التوحيد شعاراً، ليس فقط في باب عقيدتنا، ولكن نفترض أننا نصلي إلى قبلة واحدة، ونتبع رسولاً واحد.
لمناقشة هذا الموضوع والعلاقة بين كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة يسعدني أن أستضيف وأن أرحب باسمي وباسمكم بفضيلة الداعية المشهور الشيخ عائض القرني، والشيخ عائض أعتقد أنه معروف ومعروف كثيراً لديكم، ولكن من خلال الأشرطة الصوتية، على اعتبار أن أشرطته موجودة ومنذ فترة زمنية طويلة. الشيخ عائض القرني أيضاً مؤلف في مجال العقيدة وفي مجال السيرة والأحاديث النبوية، كما أنه أيضاً شاعر –وإن كان يعني ينتمي إلى مدرسة أكثر تقليدية مما هو سائد في الشارع العربي اليوم، لعل أهم كتبه أو ما يعتبره هو على الأقل –أهم كتبه كتاب "لا تحزن" وهو كتاب عن مفهوم السعادة، وأظن أن البشرية بحاجة إلى هذه المفاهيم، خصوصاً في هذه المرحلة المادية والحقبة المادية من تاريخ البشرية، له كتاب آخر أيضاً بعنوان "العظمة"، وله أكثر من 28 مؤلفاً، قد نذكر بعضها ونحن نتحدث أو خلال الحوار مع الشيخ عائض القرني.
شيخ عائض أهلاً وسهلاً بك في قناة (الجزيرة).
عائض القرني: حياكم الله وأهلاً وسهلاً.
العلاقة بين التوحيد وحالة التشرذم التي تعيشها الأمة
ماهر عبد الله: سيدي، أنت تنتمي إلى مدرسة في العقيدة والفقه تبرز وتركز كثيراً على مفهوم التوحيد، نحن نزعم أننا أمة التوحيد، ولكن كل ما فينا يقول –كأمة، كحركات، كشعوب- أننا خبراء في التشتت والتشرذم، كيف تجمع بين هذا الشعار الوحدوي التوحيدي وبين هذه الحالة من التشتت والتشرذم التي تعيشها الأمة؟
عائض القرني: إن الحمد لله، نحمد ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله –صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.
(رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل العقدة من لساني يفقهوا قولي) بطاقتي الشخصية أولاً أقول.
أنا الحجاز أنا نجد أنا يمن
أنا الجنوب بها دمعي وأشجاني
بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا
بالرقمتين وبالفسطاط جيراني
وفي ربا مكة تاريخ ملحمتي
على ثراها بنينا العالم الفاني
في طيبة المصطفى عمري وولهي
في روضة المصطفى عمري ورضواني
النيل مائي ومن عمان تذكرتي
وفي الجزائر إخواني وتطواني
فأينما ذكر اسم الله في بلد
عددت ذاك الحمى من صلب أوطاني
والوحي مدرستي الكبرى وغار حرا
تاريخ عهدي وميلادي وعرفاني
نعم.. بعث، -عليه الصلاة والسلام- بـ "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، بعث ليعبد الناس لربهم، فلا يشركون بالله شيئاً، بعث –صلى الله عليه وسلم- بـ "لا إله إلا الله"، فاجتمع هو محمد العربي وبلال الحبشي وسلمان الفارسي وصهيب الرومي تحت هذه المظلة، (وألف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم،ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم). هل اجتمعنا على نسب؟ لا، هل تآلفنا على حسب ؟ لا، هل جمع بيننا لون؟ لا، هل جمع بيننا عرق أو بلد أو مذهب أرضي؟ كلا. جمعت بيننا:لا إله إلا الله محمد رسول الله، فآخى –صلى الله عليه وسلم- بين العرب والعجم، بين البيض والسود والحمر، فانطلقوا كلهم سواء "لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى". (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم). وعند مسلم في الصحيح يقول –عليه الصلاة والسلام- إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد"
وكان –صلى الله عليه وسلم- يوصينا بهذه الإخوة الإيمانية، في كل درس له –صلى الله عليه وسلم-، وفي كل فتيا، وفي كل اجتماع، بل كتاب الله -عز وجل- نص على ذلك في أكثر من آية، (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا).
فهما مسألتان عظيمتان: توحيد الباري -جل في علاه- ووحدة الأمة واتحادها، (اعتصموا بحبل الله)، وحدوه وآمنوا به، ولا تتفرقوا وأنذرنا –سبحانه وتعالى- وحذرنا من سبيل الذين قبلنا من المغضوب عليهم والضالين.
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب.. اسمح لي.. اسمح لي هنا بالمقاطعة، يعني هذا.. هذا الكلام جميل وهذا ما أراده الله لنا، وهذا ما جاء به رسول الإسلام لنا، لكن أنا أريد في ضوء هذا أن تفسر لي حالة التشرذم، نحن لا نعيش هذا الذي تفضلت به، ليس فقط في هذه الأيام، نحن نعيش هذه الحالة -على الأقل- عبر القرنين الماضيين، منذ ما يزيد على القرنين والأمة لم.. لا يجوز أن نسمي أنفسنا أمة.
عائض القرني: لابد..
ماهر عبد الله: حدودنا الجغرافية مقسمة، قضايانا كلها خاسرة، في كل أزمة ثمة حالة من التشدد نحسد.. من التشتت نحسد عليها يعني!!
عائض القرني: لابد أن يفصل بين أمرين، بين الإسلام الذي بعث به –صلى الله عليه وسلم- وهذه المثاليات والنصوص التي يطالبنا الله ورسوله بها، وبين واقعنا كمسلمين مقصرين. فلا يحسب تقصيرنا على ديننا، إذا قصرنا واختلفنا وتفرقنا، فهذه من ذنوبنا ومن خطايانا، وإلا الواجب أن نمتثل أمر الله –عز وجل فالاتفاق.. يقول سبحانه: (إنما المؤمنون إخوة)..، فلماذا لا نمتثل هذا؟ ويقول سبحانه وتعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)، فالمقصود في هذا أننا لا نلقي بأخطائنا على الإسلام، لعدم امتثالنا بجدية الإسلام في الإخاء وفي الاجتماع حصل القصور فينا، فنحن الآن بمثل هذه الدروس والمجالس نريد أن نجمع شمل الأمة، وأن تؤلف بين الأمة، ولاة، ودعاة، ورعية، وخاصة وعامة، لتكن كلمتنا واحدة، وهذا المطلوب من كل عالم أن يسعى الآن إلى توحيد شمل الأمة في فتواها، في آرائها، في كتاباتها، في أدبها، لتكون أمة واحدة.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: نذكركم قبل مواصلة هذا الحوار أولاً أن ضيفي هو الداعية السعودي المشهور الشيخ عائض القرني، الذي يحضر رسالة الدكتوارة وهو على أبواب مناقشتها حول تحقيق كتاب حول صحيح..
عائض القرني: مسلم..
ماهر عبد الله: صحيح مسلم عند القرطبي أو العلاقة بين مسلم والقرطبي، للذين يرغبون بالمشاركة معنا عبر الهاتف أظن أنهم يرون الهاتف الآن يمكنهم الاتصال بنا على الرقم: 4888873
أما إذا أرادوا أن يشاركوا طبعاً مفتاح قطر والدوحة هو 974، أما قم الفاكس للراغبين بالمشاركة عبر الفاكس، فأيضاً يرونه على الشاشة الآن 4885999
أما الذين يرغبون بالمشاركة عبر الإنترنت فيمكنهم فعل ذلك على الصفحة الرئيسية للجزيرة نت على الموقع التالي: www.aljazeera.net
شيخ عائض، معذرة أولاً على المقاطعة، ولكن اسمح لي بأي وضع أن ألح بالسؤال، نحن لا نلقي قطعاً باللائمة على الإسلام، الإسلام دين الله، والتشكيك به تشكيك بعقيدتنا، ولكن ثمة فشل ذريع في نقل هذه المثالية الإسلامية التي يريدها الله لنا وما يجري على الواقع، المسؤولون أنتم معاشر العلماء والمشايخ.. الرجل العامي والرجل العادي ومن دون ذلك من سوقه ودهماء لا يمكن ولا يتوقع منهم أن يقودونا إلى التوحيد. اللائمة قطعاً ليست على الإسلام، اللائمة على مشايخ الإسلام الذين يصرون –ربما عبر فتاويهم بحسن نية- على تشتيت الأمة، يعني مازالت لم تقنعني بعد بـ.. لماذا هذا الجرف الهاري بين المثالية المطلوب من الوحدة وواقع التشتت الذي نعيش.
عائض القرني: لابد أول أن نعترف بالخطأ وتعترف بعيوبنا وأخطائنا لنعالجها، لأن جزء من الحل تصور المشكلة، فأنا أقول لك إن عندنا خلل، خلل في التفكير وخلل في التصور، وخلل أحياناً في مصدر الفتيا، فإنه ينبغي علينا أن نوحد اتجاهنا وفتيانا وآراءنا ولا نبقى حتى إذا أتت الأزمات لا نتصرف كما ينبغي أو كما أراد الله -سبحانه وتعالى- منا. صحيح أنا أتيت هنا وغيري ومن هو أفضل مني وأعلم، لنكون جزء من الحل أمام ما يعرض الآن في هذه الفتن والأزمات، كل يفتي وكل يصدر بياناً، وكل يتكلم، حتى إن بعض الناس يتكلم في غير تخصصه، في العقائد، ويتكلم في المذاهب، ويتكلم في الفرق، فالواجب أن نقول للناس: أيها الناس احترموا التخصص، والله -عز وجل- طلب منا أو نعيد كل شيء إلى أهله وإلى نصابه، قال: (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم). وقال: (فاسألوا أهل الذكر). وأهل الذكر هم أهل العلم وأهل الرأي، فأنا هنا أتيت لأقول: يجب علينا في هذه الأزمة أن نجتمع مسلمين ولاة ودعاة علماء، ويكون موقفنا واحد، ولا بأس أن تختلف وجهات نظرنا فيما بيننا، لكن أن نصدر برأي واحد فيه مصلحة للإسلام، ولا بأس أن يتنازل الأخ لأخيه والعالم للعالم الآخر، فإن الصحابة –رضوان الله عليهم- اختلفوا، لكنهم لم يفسق بعضهم بعضاً، ولم يكفر بعضهم بعضاً، ولم يبدِّع بعضهم بعضاً.
ماهر عبد الله: طي تسمح لي هنا بسؤال في صميم هذا الموضوع: أنت في المحصلة النهائية تأتينا خلي.. ما يمكن تسميته بـ "نجد"، باعتبارها مهد أحد أشهر الحركات التوحيدية، الحركة الوهابية إنما جاءت لإعادة التوحيد بعد ما انتشرت البدع. في الأزمة الحالية هنا هجمة شديدة، وخصوصاً في الإعلام الغربي، وبعض الناس يستغلونها للقول بأن الحركة الوهابية –رغم أنها انطلقت حركة توحيدية- إلا أنها بتشددها وبفهمها الحرفي.. متهمة بخلق عالم الانغلاق الفكري الذي يؤدي إلى التشدد الذي هو نقيض ما تفضلت به قبل قليل من أنه يجب مراعاة الفروق والاختلافات واحترامها. هل الحركة الوهابية مسؤولة بصيغة من الصيغ عن حالة التشدد التي تعني –بصيغة من الصيغ- ألا نقبل فتاوى الآخرين ولا آراءهم؟
عائض القرني: على كل حال الذي تعرضه أنت هذا كلام الأعداء، وأنا لعلمي بهذه الدعوة، دعوة الشيخ محمد، أقول: الإمام محمد بن عبد الوهاب إمام مجدد، مثله مثل مجدد الإسلام كمالك والشافعي وأحمد وابن تيمية، وهو لم يأتِ بشيء من عنده، أتى بما في الكتاب والسنة، ولم يدعُ أيضاً إلى مذهب عقدي أو مذهب فقهي يجمع الناس عليه باسم "الوهابية"، هو دعا إلى تجديد الدين وإلى إعادة الناس إلى توحيد رب العالمين ومحاربة الشرك والخرافات والخزعبلات التي كانت منتشرة في البلاد، فقامت دعوته على هذا الأساس، على الدليل، وهو لم يدع العصمة وليس نبياً، فهو عالم من العلماء، وإمام من الأئمة، يؤخذ من كلامه ويترك، ولكننا نعلم أن الله نفع بدعوته لأنها أخذت من النصوص وأخذت من الأدلة، وكان هو لا يرى التقليد، وكان يرى إعادة الناس إلى الدليل، فالذين يتهمون الدعوة –دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب- هم أحد رجلين: إما جاحد جامد، أو جاهل غافل، فالجاحد يعني بنى تصوراً مسبقاً، وفُتْيا مسبقة لا يمكن أن يتنازل معك، حتى يقول أحد العرب لأحد تصور عنه التصور قال:
إذا محاسني لا يدل بها كانت ذنوبي
فقل لي كيف اعتذر
وأما الجاهل فحقه أن يُعلَّم وقد جلسنا مع أناس من الطوائف الأخرى والمذاهب وناقشناهم فوجدنا أن منهم من هو حاقد أصلاً، لا يستطيع أن يقبل الحق، ومنهم من هو جاهل. فعلى كل حال ما دام أن الإسلام دين الله الذي أنزله في الأرض لم يسلم من معارضين وخصوم، فكيف بدعوة إصلاحية، ومحمد سيد الخلق المعصوم الذي عصم الله قلبه وفؤاده وزكاه، وقال: (لا ينطق عن الهوى)، ومدحه من فوق العرش وقال: (وإنك لعلى خلق عظيم)، ما دام أنه اتهم بأن شاعر وساحر وكاهن من أعدائه، فكيف بالإمام محمد بن عبد الوهاب؟
[موجز الأخبار]
التشدد والتجديد في الإسلام وأثره على الواقع الحالي
ماهر عبد الله: الشيخ عائض القرني مشهور للمغرمين بأشرطة الكاسيت الصوتية، حيث أنه وزع ما يزيد على 800 شريط انتشرت في مختلف أرجاء العالم العربي تحتوي على دروس في مجال تخصصه، حيث أنه مهتم بالحديث النبوي وأعتقد أن موضوع الماجستير كان حول الحديث النبوي.
سيدي، أهل الحديث في.. الأخير المدرسة الوهابية هي مدرسة حديث في المقام الأول، أهل الحديث على مدار التاريخ قبل الحركة الوهابية بقرون مشهورين بالضيق والانغلاق، المسألة ليست جديدة، الكل يدعي أنه مجدد، كيف تقنعني أن الحركة الوهابية والإمام محمد بن عبد الوهاب مجدداً حقيقياً، وليس فقط ركب موجة التجديد؟ ولعلك يعني لا يخفى عليك –في زمننا هذا- الكثير من دعوات التجديد، وبعضها من الناس لا يعرفون عن الإسلام شيئاً. ما الذي تميز به ابن عبد الوهاب حتى أقنعك بأنه مجدد حقيقي؟
عائض القرني: أولاً: كلمة الوهابية أو الجملة هذه واللفظ والتسمية ليس وارداً، فالشيخ لم يؤسس مذهباً عقدياً ولا فقهياً، إنما هو إما مجدد مستقل، يأخذ من الكتاب والسنة، ويستفيد من العلماء علماء والمسلمين ويحترمهم، فهذه التسمية ليست واردة.
الأمر الثاني أن الشيخ مجدد بالضوابط الشرعية، لأنه من تبع الكتاب والسنة، وجدد للأمة أمر دينها وأعادها إلى ربها، وردها إلى النص، وأخرجها من الشركيات والخرافة والبدع سمِّي مجدداً، ولا يشترط أن يعترف الآخر والعدو أنه مجدد أو غير ذلك، لأن الرسل –عليهم الصلاة والسلام- كما أسلفت لم يعترف خصومهم أنهم رسل، حتى يشهد الله لرسوله: إنك رسول،ومع ذلك يرفض أعداؤه، فكيف بمجدد أو عالم؟ فنحن لا ننتظر من أعداء الإمام أن يعترفوا أنه مجدداً أو غير ذلك، لكن عندنا والحمد لله ضوابط شرعية، وكلام لأهل العلم في صفات المجدد تنطبق على الشيخ محمد رحمه الله.
ماهر عبد الله: طيب أنت تقول: إن جزء من حملة عداء. أنا يعني سآخذ هذا الكلام ولكن أضيف عليه شيئاً آخر: ليست ما يسمى بـ "الوهابية"- أنا مضطر إجرائياً لتسميتها هكذا مع إقراري بأنه لم يدع إلى تأسيس مذهب –ليست التيار الإسلامي الوحيد الذي يواجه حملة هذه الأيام، في الأزمة الحالية هناك حملة شديدة على الوهابية وعلى الإسلام من حيث هو إسلام، سبق لنا أن دخلنا أزمات من هذه، وعندما خرجنا منها (منهزمين) –بين قوسين- الغالب اشترط علينا شروط، مثال في اتفاقية أوسلو واتفاقية وادي عربة، كان الاشتراط صريح وواضح ومنصوص بالحرف، تغيير المناهج باتجاه الحض على السلام ونشر ثقافة السلام، هل تعتقد أن بعض الدول الإسلامية، لا سيما تلك التي تتكئ كثيراً في شرعيتها على الإسلام، مثل المملكة العربية السعودية، هل يقع نوع من الضغط عليها لتعديل بعض المناهج الإسلامية للتخفيف من لهجة الجهاد مثلاً، للتخفيف من الحض والتذكير على آيات الجهات، بعد انتهاء هذه الأزمة بسنة أو سنتين أو سنوات؟
عائض القرني: أولاً: أقدم مقدمة أننا أمة مستقلة، عندنا رسالة خائمة ونبي معصوم وقرآن هو معجزة، ولنا شخصيتنا وهويتنا التي لا يتدخل فيها الآخر، فنحن أهل حق، لأن الله أنزل الوحي على رسولنا –صلى الله عليه وسلم- ونحن لا نستورد أفكاراً من أحد، ولسنا في حاجة أن نأخذ.. أن نطلب من أحد أن يقيمنا أو أن يهدينا نصائح، فالله –عز وجل- قد تولى إنزال الوحي على رسولنا –صلى الله عليه وسلم- وقال لرسوله: (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) فإذا عُلم هذا فلا أحد يهدي لنا من قاموسه ولا من نصائحه، فنقول: عندنا وحي لا يصله الماء..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: نعم ولكن سبق.. سبق سيدي معذرة على المقاطعة، يعني سبق أن وافقت الأمة العربية –إذا جاز التعبير- في اتفاقيات رسمية، في كامب ديفيد وافقنا على شيء من هذا، في أوسلو نصوص صريحة وواضحة "لابد من إخراج"، أنا أدرك أننا مستقلون، لكن نحن نطمح إلى الاستقلال أكثر منا مستقلين حقيقة، يعني سبق لهذه الأمة أن وقعَّت على موافقة على تعديل بعض هذه المطالب الثقافية، إذا جاز التعبير.
عائض القرني: أنا أتكلم عما ينبغي أن يكون، وأما ممارسات الناس، سواء حكومات أو أفراد أو شعوب، فهذه يجيب عنها أصحابها، لكني أرى أنا أن من المفروض أن نستقل بشخصيتنا، وكل له هوية وكل له دين حتى من الأديان الأخرى يمنعوهم على –أحياناً أدياناً باطلة أرضية- يمنعون أن يتدخل في أديانهم وخصوصياتهم ومعتقداتهم، فكيف ونحن أهل الدين الخاتم والرسول الخاتم؟ وأنا لا أتوقع أن يحصل شيء، أما الحملات المسعورة على الإسلام أو على المملكة فهذه ليست مستبعدة، لأنها مقصودة، فهي بلد الوحي ومهبط الرسالة، وأرض محمد –صلى الله عليه وسلم- وفيها العلماء والدعاة والقضاة، وقد خرجت أجيالاً من الدعاة وانتشر الخير من هذه البلاد إلى أصقاع الدنيا، وكل ذي نعمة محسود، فهي مقصودة وأنا أريد وأنوه بدعوة الأمير عبد الله بن عبد العزيز (ولي العهد) في طلبه من العلماء والمثقفين والمفكرين والكتبة ورجال الإعلام وحملة الأقلام أن يذبُّوا عن الدين وعن الإسلام، نحن مستهدفين جميعاً، حكاماً ومحكومين، فالواجب أن نبين محاسن الإسلام وأن نذُّبُ عنه وأن ننفي التهمة عن أنفسنا..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب اسمح هنا بالمقاطعة يعني كونك ذكرت الأمير عبد الله بصفته يعني أحد صناع القرار المهمين في المملكة.. يعني أرجو أنه أيضاً لا تصنفني في قائمة الأعداء ولا الحساد. قامت مظاهرات احتجاجية كبيرة على ما جرى في أفغانستان في أكثر من عاصمة عربية، في أكثر من عاصمة، لكن لا، يعني كان لافتاً أننا لم نرَ مثل هذا في المملكة، المملكة لم تشهد مظاهرات احتجاجية على الحرب القائمة، يعني كيف تفسر لي هذا؟
عائض القرني: المظاهرات في المملكة ليس أسلوباً معهوداً ولا معروفاً، لكننا فعلنا –والفضل لله والمنة- مع الشعب الأفغاني أحسن من المظاهرات، فقد تبرعت المملكة حكومة وشعباً بـ 150 مليون ريال، وأقول كما قال الشاعر:
إن تُبدر غاية يوماً لمكرمة
تلق السوابق منا والمصلينا
يوماً من الدهر لم تصنع أشعّته
شمس الضحى.. بل صنعناه بأيدينا
وأما المظاهرات في العالم الإسلامي أو العالم كله لأجل قضية الأفغان فأنا لا أقلل منها ولا أصادرها، وأقدر تلك الاحتجاجات، إنه غضب دفين على ما تفعله أميركا بالمسلمين، لأنها تذبحهم صباح مساء، وتنكل بهم، ويرون عبر الشاشات الشيخ يّذبح، والطفل يذبح والمرأة تذبح والمساجد تُهدم، والمصاحف تمزق، والدور تنسف، كيف لا يحتجون؟ وكيف لا يغضبون؟ وكيف لا يخرجون من شعورهم؟ مليون طفل عراقي يموتون عرْياً وجوعاً وحصاراً بسبب أميركا، والكيان الصهيوني يمارس ضد إخواننا في فلسطين التنكيل والتعذيب والتشريد، ثم لا يفور شعور هؤلاء، بل لو فقدوا عقولهم لكانوا معذورين، كيف لا يخرج هؤلاء ويصيحون على هذا الغضب الدفين وعلى هذا الظلم الصارخ، والإرهاب الذي تؤسّسه دولة الكيان الصهيوني، تحتل مقدساتنا وأرضنا وديارنا وتسلب هويتنا وتذبح أطفالنا ونساءنا؟ أتظن أن قتل محمد الدرة وإيمان حجو وآلاف الأطفال سوف يذهبوا هدراً؟ بل هذه الأمة المليار ومائتين مليون غاضبة، وسوف يأتي اليوم الأسود للكيان الصهيوني ليدفع الثمن غالياً، وما يحدث في أفغانستان نعتبره عدواناً صارخاً على المسلمين وعلى العلماء، وعلى كل من قال "لا إله إلا الله"، لأن كل من شاهد ما يدور في القنوات وما تبثه الشاشات من ذبح للشعب الأفغاني ومن نزيف دم ومن مآسي ومن مناظر يتفجر لها قلب المسلم يقول لا، فأنا أقول للحكام المسلمين وللعلماء وللدعاة: أوقفوا هذا العدوان الغاشم على شعب أفغانستان بلا ظلم ولا جرم، إن كان هناك شخص ينسب إليه عمل فلتقدم الأدلة والبيّنات والحجج ولينظر في الأمر.
وأنا بالمناسبة أنظر إلى مثل عربي أو بيت لمجنون ليلى ينطبق على أميركا، هي تريد أن تنفي.. تمنع الإرهاب فأتت بإرهاب أدهى وأمّر يقول مجنون ليلى:
تداويت من ليلى بليلٍ من الهوى
كما يتداوى شارب الخمر بالخمر
فلا، صحيح أنَّا لا نقر ما حصل في أميركا من قتل العزل ومن خطف للطائرات واستهداف المدنيين، لكن معنى.. لا يقصد ذلك أنَّا نسكت عن هذا الظلم الصارخ والإرهاب الذي يجري في فلسطين وفي أفغانستان.
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب، اسمح لي مرة أخرى بسؤال أيضاً يعني له علاقة بالمملكة. الإسلام ليس فيه بابوية، لكن المعروف أن الإسلام في المملكة العربية السعودية.. هناك جهة تسمى "هيئة كبار العلماء" هي.. تقريباً تكاد تكون المسؤولة عن تدبير الأمور الدينية فيما يتصل بالعلم والفتيا والعلاقات الإسلامية عموماً، البعض يلوم هيئة كبار العلماء على أنها دائماً وغالباً ما تتأخر في التعليق على الأزمات في تقديم موقف ديني، أنا لا أتحدث عن الموقف السياسي، الموقف السياسي له أولياء أمره، أنا أتحدث عن الموقف الديني، دائماً هناك حالة من التأخر، يعني كأنهم ينتظرون الموقف السياسي ليعلقوا عليه، بدل أن تكون هناك مبادرة، وخصوصاً ونحن نتحدث عن توحيد الأمة وعن كلمة التوحيد، يعني كان يُفترض أنه هيئات العلماء أن تكون هي السباقة، هل أولاً تتفق مع الذين يلومون هيئة كبار العلماء في إنها تتأخر؟ وإذا كان كذلك، لماذا تتأخر في إبداء رأيها؟
عائض القرني: أولاً أقدم بعض الضوابط منها أن العلماء ليسوا أنبياء وليسوا معصومين، ومنها أنهم يريدون الخير للأمة، وما عرفنا عنهم إلا الصلاح والاستقامة، ومنها أنهم قد يجتهدون فمن أصاب فله أجران –كما صح به الحديث عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ومن أخطأ فله أجر واحد، وهيئة كبار العلماء عندنا من أصلح العلماء، عرفناهم في استقامتهم وتديّنهم وتجردهم، وليسوا معصومين، يحصل منهم الخطأ، ولكن إذا نُبهوا -إن شاء الله- يعودون. وأما مواقفهم فنسأل الله عز وجل أن يعينهم على ما هم فيه، وكما قرأت في جريدة "الرياض" يوم الخميس المنصرم من وزير الشؤون الإسلامية أنه سوف يصدر بياناً مفصلاً من هيئة كبار العلماء عن الأحداث، ونحن بحاجة لهذا البيان لئلا يتكلم الغوغاء والعامة وأنصاف المثقفين في قضايا مصيرية للأمة، قضايا عقدية، قضايا جهادية، فنحن ننتظر، لأن الرد هو لأهل العلم (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) ولابد أن لا نترك.. يُترك العنان لمن يتكلم أو يتسلق على أكتاف وأعراض العلماء وينالهم، فإن هذا.. و(ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض). يعني ليس من حق إنسان أن يحكِّم رأيه يكون هو الصواب ورأي العالم الفلاني خطأ، فإن الصحابة اختلفوا وعذروا بعضهم بعضاً، ويُختلف في وجهات النظر، والله -عز وجل- عذر عباده بالجهل تارة وبمراعاة الظرف تارة أخرى، فلابد أن نلتمس لهم عذراً.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: مرحباً بكم مجدداً في هذه الحلقة من برنامج (الشريعة والحياة) والتي يسعدني أن يكون فيها ضيفي الداعية الإسلامي المشهور عائض القرني الذي يأتي من منطقة ما تسمى في..
عائض القرني: سبت العلا محافظة سبت العلاء..
ماهر عبد الله: في جنوب المملكة..
عائض القرني: في جنوب المملكة..
ماهر عبد الله: سيدي، ولكنك عشت وترعرعت..
عائض القرني: في الرياض.
ماهر عبد الله: وتعيش في الرياض كنا نتحدث قبل الفاصل عن العلماء وهيئة كبار العلماء.. والأخ عبد الرحمن من هولندا يسأل السؤال التالي : صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد المجتمع: الملوك والعلماء، فصلاح العالم يصلح هاتين الطائفتين وفساده بفسادهما، لأن الناس كلهم لهم تبعاً، ولا يقوم الإسلام إلا بهاتين الطائفتين، لأن طاعة العلماء تبعاً لطاعة الرسول، وطاعة الأمراء تبعاً لطاعة العلماء، حيث أن الأمراء إنما يطاعون.. إذا أمروا بمقتضى العلم.
نحن الآن نشعر بالخسارة على الصعيدين، يعني الأمة تكاد تُخذل من الطرفين، فيه حالة امتعاض، ليست هناك مرجعية، فيعني قد تكونوا محظوظون في المملكة بهيئة كبار العلماء، لكن.. قد يكون مصر محظوظة بالأزهر الشريف، لكن ما فوق ذلك وما دون ذلك ليس هناك مرجعية. ماذا تقول للأخ.. بماذا تنصح العلماء والحكام باعتبارهما صنفان من الناس؟ أولاً.. تتفق على أنهما صنفان خطيران على.. خطيران بمعنى أنه مهمين يعني.
عائض القرني: نعم.. نعم..
دور العلماء في توحيد المسلمين وكلمتهم
ماهر عبد الله: بماذا تنصح هؤلاء الناس، خصوصاً في مثل هذه الأزمة التي نمر بها والتي ندفع ثمنها غالياً؟
عائض القرني: هنا مسألة قبل أن أدخل في الإجابة، وهي أنني أطلب كطالب علم من علمائنا، سواء هيئة كبار العلماء أو علماء الأزهر الشريف، أو الشيخ القرضاوي، وقد فاتحت الدكتور القرضاوي في ذلك، وغيره من العلماء، ومن طلبة العلم والدعاة، في أن يوحدوا الفتيا، لئلا تبقى نهباً كما قلت، خاصة في الأزمات هذه، لا يخرج كل أحد فتيا فيتشتت الناس والشباب، ويتعارض الكلام، فأنا أنبّه على هذا، وحبذا أن تجد آذاناً صاغية من علمائنا وأهل الرأي فينا.. أما..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب اسمح لي إذا كونك يعني ذكرت هذا الموضوع تحديداً، عندي أنا مجموعة.. الأخ عبد الجليل –مثلاً- الجاسم، في هذا الموضوع تحديداً -ومعذرة على المقاطعة- يعني طبعاً الأخ يقول لك: إني أحبك في الله، وأتمنى وأنت هنا في الدوحة، قبل أن تغادرها أن تضع يدك في يد العلماء، من أمثال الشيخ القرضاوي، وتقوم بتأسيس مجلس للعلماء وتدعو علماء المسلمين الصادقين أمثالكم إلى المشاركة فيه، طبعاً يتمنى عليك أن تدعو لأفغانستان، ولكن سنعود إلى موضوع أفغانستان لاحقاً يعني ثمة مطالبة أيضاً من كثير من الناس بمجلس موحد للعلماء لتوحيد الفتيا..
عائض القرني: على كل حال أنا أشكر الأخ السائل وأشكر الدكتور القرضاوي لأنه نبه على ذلك، وكتب لي في هذا الشأن، وهناك من هو أعلم مني وأفضل يتولى هذه المهمة، لكن شيء ينفع ويجمع كلمة الناس لن أتأخر ولا يتأخر غيري من طلبة العلم، أما نعود لسؤال الأخ من هولندا، فأقول: نعم الصنفان هؤلاء هذان إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس: الحكام والعلماء فأما الحكام فنوصيهم بتقوى الله عز وجل، وأسأل الله أن يأخذ بنواصيهم إلى الحق، وأن يريهم الحق حقاً ويرزقهم اتباعه، ويريهم الباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه. وأنا أنبه على مسألة لأنه قد يُقبل النصيحة من عامة الناس.. من أي أحد من الناس، فإن الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان يقول: أشيروا علي أيها الناس.. فأقول للحكام: لنرفع جميعاً شعار: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظَّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعفُ عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر).
فالمطلوب أن يعفو بعضنا عن بعض، وأن يستغفر لذنوبنا من ربنا، وأن نتشاور. وكان صلى الله عليه وسلم يقول: "أشيروا عليَّ أيها الناس"، وأنا أطالب بمسألة واحدة عند ذكر الحكام وهي فتح باب الحوار، فإن الحوار مبارك، وقد نص الله عليه في كتابه ورسوله عليه الصلاة والسلام، حتى مع المشرك، بل بعض الكتبة من الإسلاميين وبعض العلماء سبقه يقول: حتى لو حاورك الشيطان حاوره، والله يقول: (وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله)، يعني اسمع منه وخذ حجته وفهّمه، بل النصارى أُمرنا نحاورهم وغيرهم من الأديان (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألاّ نعبد إلا الله). فالحوار كفيل بإذن الله في جمع الكلمة، سواء في البلد الواحد، الدولة الواحدة، في العالم الإسلامي، أنا أطالب بالحوار الحوار، فإنه مدخل مبارك لحل كل المشكلات، إذا عُلم هذا فليعلم أن الله –عز وجل- قد ذم من أغلق أو من أُعجب برأيه وألغى رأي غيره، قال عن فرعون أنه قال لقومه: (ما أُريكم إلا ما أرى).
ولننظر عبر التاريخ الدول التي انهارت يقول كثير من المؤرخين كـ (دانتي) الإيطالي أو غيره من الذين أرّخوا عن سقوط الحضارات أنها بسبب الاستبداد بالرأي الواحد وعدم.. ترك الحوار ونحن نأمل إن شاء الله، (…) خاصة من الحكماء والحكام المسلمين الذين يحملون العقيدة والشريعة، أن يفتحوا باب الحوار، ونطلب منهم الرفق برعاياهم، ونطلب من الرعايا –علماء ودعاة- اللّين مع الرعي، يقول –عليه الصلاة والسلام- للحكام: اللهم –في صحيح مسلم هذا- "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقق عليه"، "وما كان الرفق في شيء إلا زانه"، ونطلب أيضاً من العلماء والدعاة والرعية اللين مع الحاكم، ويعني أن نسلك أيسر السبل وألْينها وأحسنها، لأن الله أرسل فرعون [موسى] وهو نبي إلى.. إلى طاغية من طُغاة الأرض، بل أبو الطغاة إلى فرعون، فقال: (فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى)، وإني مستبشر بخير، سواءً في المملكة أو في غيرها، أن الناس على رأي واحد إن شاء وعلى تآلف وتآخي، وسوف يُسمع ما يسر، لأن إذا كان قصدنا رفع "لا إله إلا الله محمد رسول الله" وقصدنا التآخي والتراحم كما أمرنا الله –سبحانه وتعالى، فسوف نصل بإذن الله إلى النجاح، وأما هذه الأزمة العابرة فسوف تمر.
أما العلماء فأقول لهم وأنا من أقلهم علماً: ليتقوا الله في الأمة، منها أن يوضحوا للشباب فتوى مفصلة في الأحداث، وأن ينزلوا للناس يكون العلماء عامة كما فعل أئمة الإسلام وعلماء الصحابة، وأن يوسعوا صدورهم للخلاف، فإن الإنسان ليس معصوماً والإنسان يُصيب ويخطئ، فليُتّهم الرأي كما قال سهل بن حنيف في صحيح البخاري "يا أيها الناس اتهموا رأيكم فإن الرأي يخطيء ويصيب" وكان عمر –رضي الله عنه- يقبل من الناس من الناصحين ويقول: "رحم الله امرءاً أهدى إليَّ عيوبي" فعلماؤنا –وهم صلحاؤنا وفضلاؤنا- واجب عليهم قيادة الجيل في هذه الأزمات، وتوجيه المسيرة، وأسأل الله أن يجمع قلوبنا على التقوى والبر والإحسان.
ماهر عبد الله: طيب سيدي، اسمح لي، طبعاً بداية قبل أن أنتقل إلى الإخوة على الهاتف، الأخ محمد سعيد –لا يذكر من أين- يتفق معك في.. في جزئية أن جزء من.. من مشكلة الأمة عدم تنازل كثير من العلماء عن التشبث برأيهم دون إعطاء الفرصة لإخوانهم من علماء المسلمين في.. في إبداء الرأي، يعني دعنا ننتقل إلى.. إلى الإخوة المشاهدين على الهاتف، معي الأخ إبراهيم الدوسري من السعودية، أخ إبراهيم، تفضل.
إبراهيم الدوسري: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: بس الصوت يا أخ إبراهيم، تفضل.
إبراهيم الدوسري: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
إبراهيم الدوسري: كيف حالك يا شيخ عائض.
عائض القرني: سلمكم الله وأهلاً وسهلاً.
إبراهيم الدوسري: حياك الله يا أبا عبد الله.
عائض القرني: حياكم الله.
إبراهيم الدوسري: شيخ ذكرت –جزاكم الله خير- الذبَّ عن أعراض هيئة كبار العلماء، ولكن أنا أدعوهم أيضاً من خلال هذا البرنامج، ومن خلال اتصالك بهم، أن يحموا أعراضهم بإصدار بيان ينتظره يعني أتباع السلفية المذهب الحق من.. من.. في أنحاء العالم، نحن سمعناهم يا شيخ خلال يومين من أحداث نيويورك وواشنطن الشيخ الحدان والشيخ المفتي العام الشيخ عبد العزيز يعني أنكروا وبينوا حكم ما يرونه من..
ماهر عبد الله: أخ إبراهيم، بس انتظر علينا، بس خلي الإخوة يعلوا لنا الصوت في الأستوديو قليلاً، الصوت في الأستوديو.
إبراهيم الدوسري: أعيد.. أعيد سؤالي.
ماهر عبد الله: اتفضل، باختصار لأنه كان الصوت ضعيف في الأستوديو، اتفضل يا أخ إبراهيم ومعذرة.
إبراهيم الدوسري: يا شيخ أقول يعني هذا المذهب الذي ندين الله به رموزه يعني مثل الشيخ الحدان والشيخ عبد العزيز آل الشيخ المفتي العام ظهروا خلال يومين فقط من الأحداث على شاشات التليفزيون، وأنكروا وأبدوا رأيهم وما يدينون الله به، والآن بعد أكثر من شهر وأسبوع من القصف والتدمير لإخواننا المسلمين في أفغانستان المبتدئة من كل مكان أنكروا وتبرعوا وبينوا موقفهم، وعلماء المنهج السلفي الصحيح في المملكة العربية السعودية لم يبدوا.. لم يبدوا أي كلمة، ولم يظهر منهم أي بيان، نريد منهم يعني إدانة قتل إخواننا المسلمين كما أدانوا قتل النصارى في نيويورك، وأنتم من خلال اطلاعك أرجو أن.. أن يعني يحموا أعراضهم من ألسنة الناس، هذا حباً فيهم ونصيحة لهم، وجزاكم الله خير يا شيخ أبو عبد الله.
ماهر عبد الله: طيب أخ إبراهيم مشكور جداً يا سيدي، معايا الأخ صموئيل العتيبي من هولندا، أخ صموئيل تفضل.
صموئيل العتيبي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
صموئيل العتيبي: مداخلة صغيرة عن عشان توضيح لأني رأيت الأمة لجأت في ردة فعل الحدث، الأمة تعيش ردود فعل من برامج منفذة عليها ليس اليوم، من قرون.. من 3، 4 قرن، ثم نلاحظ بالرقم مثلاً عدد الحروب بعد الحرب الإسرائيلية، أفغانستان، لبنان، العراق، إيران، 7 سنوات، 3 مليون قتيل، العراق والكويت والصومال وهَلُمَّ جرّه، فالمطلوب إيقاف الحدث أو الجرح الذي ينزف من خلال (تفعيل) قول الله تعالى: (وإن طائفتين من المؤمنين اقتتلوا) هذا التشريع العظيم لماذا هجروا القرآن؟
وهو يقول في الكتاب: (اتخذوا هذا القرآن مهجوراً) لو فعّلت هذه الآية من خلال علماء يضغطون على الحكام: نريد تنفيذ هذه الآية ليُغلق باب تجارة الحروب، تجارة الحروب تنفذ تجارة الحروب وتسمى جهاد إسلامي، كيف يكون جهاد إسلامي وهو يحدث فيه موبقتين من أخطر الموبقات، الأول: الربا، يكون في تجارة الحروب قروض مع البنك الدولي، كيف يُسمى جهاد؟ ويكون فيه قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، قبل حدوث أميركا مشاركتي لا أقصد فيها ردة فعل أميركا على الحدث أو ما حدث من أميركا، قبل إتيان أميركا إلى أفغانستان، ما هي أفغانستان؟ أرض مستعرة يُقتل بها من.. من المسلمين كل يوم بالمئات واستمرأت الناس هذا الجُرم العظيم، الآن الأمة تعيش ردود فعل من برامج تنفذ مسبقة، فالواجب.. الواجب إيجاد مرجعية تغلق أو تقطع الطريق على تجارة الحروب، لنفرض مثلاً أن وجدت هذه المرجعية وفُعِّلت هذه الآية العظيمة، لم تتجرأ العراق على إيران، ولم تتجرأ إيران على العراق، وكل يُسمي.. يُسمي قتلاه شهداء، هؤلاء يقول قتلانا شهداء وهؤلاء يقول قتلانا شهداء..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: سيدي، أعتقد النقطة.. النقطة واضحة سيدي ومعذرة على المقاطعة، معايا الأخ عادل علي من السعودية، أخ عادل، تفضل.
عادل علي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
عادل علي: شيخ عائض.
عائض القرني: نعم.
عادل علي: هل يعتقد فضيلتكم أن مجرد المحاضرات والدروس من قِبَل العلماء كافية لإفهام الشباب دينهم وحكمة التطبيق والعمل به؟ هذا سؤالي الأول. السؤال الثاني: مفهوم أن الحكام في أميركا يمرون على الكنيسة قبل حصولهم على المنصب، وهناك معتقد للنصارى وهو قيام معركة " الهرمجدون" وهي معركة مشهورة أو في كتبهم على أنها تقوم بين العرب المسلمين واليهود حتى يفنوا بعضهم بعضاً، ثم نزول عيسى عليه السلام وحكمه العالم، وتشاركهم اليهود في نفس هذا المعتقد تقريباً، حيث يعتقدون أنه تقوم معركة (إيليا) وهي معركة الهرمجدون وهي معركة حارقة نووية من منطلق عقدي، ولديهم.. هذه المعركة تظهر، ثم يخرج رجل من نسل داوود عليه السلام فيحكم العالم، ثم ينزل عيسى. باعتقاداتنا نحن أن الخلافة تقوم في الشام بعد زوال الحضارة نتيجة لسنن كونية وقدرية، ثم ظهور المهدي، ثم باقي هذه العلامات المتبقية للساعة، فهل الحرب القائمة الآن هي فقط حرب عادية ليس لها متعلق بالعقيدة ومحاربتها؟ وشكراً لك.
ماهر عبد الله: شكراً يا أخ عادل، معايا الأخ عبد الهادي الخالدي من السعودية، أخ عبد الهادي، تفضل.
عبد الهادي الخالدي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام بس الصوت.
عبد الهادي الخالدي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام بس صوتك الله يخليك ولو سمحت توطي التليفزيون إذا كان مفتوح.
عبد الهادي الخالدي: ماشي، السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: صوتك يا أخ عبد الهادي غير مسموع تماماً، إما أن ترفع الصوت.
عبد الهادي الخالدي: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام، تفضل.
عبد الهادي الخالدي: يا أخي الكريم، عندي ثلاث نقاط أرى أنها هي سبب ما تمر به الأمة الآن من فرقة وتشرذم. النقطة الأولى –حسب رأيي- هي مسألة انتشار عملية التكفير بين الناس.
ماهر عبد الله: أخ..
عبد الهادي الخالدي [مستأنفاً]: وهذا للأسف يتم من أُناس ليس لديهم من العلم ما يشفع لهم بالقيام بهذا الأمر أو تكفير أهل القبلة، والتكفير كما يعلم من يتتبعون الكتب –وليس وسائل الإعلام- له شروط، ومسألة التكفير هناك فرق فيها بين التكفير المطلق والتكفير العيني، كما يعلم فضيلة الشيخ. فالنوع.. الأمر الذي نرجوه أن يتم.. أو تتم معالجة هذا الأمر من خلال برنامج خاص يُبين شروط التكفير والفرق بين التكفير المطلق والتكفير العيني حتى يُصبح الناس على بينة، فعملية التكفير فرقت الناس..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ.. النقطة الأولى واضحة يا أخ عبد الهادي، النقطة الثانية؟
عبد الهادي الخالدي: النقطة الثانية اللي هي مسألة السنة والشيعة، فنجد أنه هناك حملات مسعورة من خلال الإنترنت بين الفريقين، فلماذا أيضاً لا يتم لقاء لكبار علماء السنة وكبار علماء الشيعة، ومن خلال وسائل الإعلام حتى يكون ما يدور فيه حُجة على الجميع، فتبيّن نقاط الاختلاف والاتفاق لنعرف هل الاختلاف عقدي أم أنه في الفروع فقط؟
النقطة الثالثة اللي أرى أنها أيضاً من أسباب الفُرقة والتشرذم هي البُعد بين الشعوب والقادة، فالشعوب للأسف الشديد مهمشة إلى حد بعيد جداً، وليس لها –إن صح التعبير- أي قيمة، ونجد أن الحكومات أيضاً لا تثق بشعوبها، فلماذا لا يتم أو يكون هناك تكاتف بين هذه القيادات والشعوب من أجل المصلحة العامة ومن أجل الوقوف في وجه أعدائنا الذي يستغلون هذا..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طب أخ عبد الهادي مشكور، مشكور جداً النقطة واضحة، وإن شاء الله تسمع تعليق من الشيخ عائض القرني عليها.
الأخ إبراهيم، يعني استكمالاً لحديثنا عن هيئة كبار العلماء، هو يريدهم يعني أن.. أن يجبّوا الغيبة عن أنفسهم، هو يريد أن.. أن يحموا أنفسهم بأن يُبادروا، يعني هل.. هل تريد أن تضيف؟ أنت أجبت جواباً يعني بدا مقنعاً، إذا أردت أن تضيف على تعليق الأخ إبراهيم أنت بالخيار.
عائض القرني: لأ، على كل حال سماحة المفتي والشيخ الحيدان عالماً فاضلان جليلان، ولهم اجتهادهم في المسألة، والعالم كما قلت لك يعني لا يلزمه رأي آخر، الرأي لا يُتقض بالرأي، ونحن ننتظر منهم المزيد، لأن الناس يسمعون لهم، ننتظر المزيد والبيان المفصل حتى يكون الشباب على بصيرة ولا يبقى كل يتكلم في الباب، ولكن رجائي ألا تُنتهك أعراض هؤلاء الفضلاء، لأن لهم من الحسنات، ولهم من المواقف، ولهم من الجهود في نشر العلم، وفي الفتيا، وفي التأليف، وفي الإصلاح بين الناس، الكثير، "وإذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث"، فليعلم هذا.
ماهر عبد الله: طيب، الأخ العتيبي يقول أن هذه الحروب، هو ذكر مجموعة منها، العراق، الصومال وما نشهده الآن، كلها مبرمجة ويعني جزء من خطة ضد هذه الأمة، ويعتقد أن كثير مما يجري لا يقع تحت باب الجهاد الإسلامي، وإنما هو في خدمة تجار الحروب -كما قال- فلماذا لا يضغط العلماء على الحكام باتجاه أن.. إيقاف تجارة الحروب هذه؟
عائض القرني: مثل هذه الحلقة وأمثالها من دروس أهل العلم ومن توجيهاتهم ومن مؤلفاتهم ينبغي أن تصب في هذا المسار، مسار كلمة التوحيد، توحيد الكلمة، يجب علينا الآن جميعاً بعد هذه التحديات العالمية والأزمات التي تمر بها الأمة أن نتجه في الجمع بين الحكام وبين العلماء والعامة، أن نكون أمة واحدة، يعني نسعى إلى مبدأ التآلف والتآخي والتقارب، لأنه ما نشأت هذه الحروب إلا من الآراء الاستبدادية الفردية والمصالح الشخصية، فلو كان هناك علماء وأهل شورى وأهل حل وعقد ورأي، ما كان وقع الذي وقع من اعتداء مثلاً في الكويت، أو مثلاً الحروب أما الكيان الصهيوني فلنا معه كلام آخر، فقد أدمى قلوبنا هو من 50 سنة، وكلامنا معه ليس أفراداً، لا، بل مليار و200 مليون سوف يقفون معه موقفاً آخر، وعسى الله –عز وجل- أن يرينا النصر القريب، وعسى الله أن لا يُذهب دماء الإخوة في فلسطين هدراً، وأنا أشكرهم على هذه التضحيات وعلى هذه الأعمال البطولية، حتى يقول الأستاذ علي الطنطاوي ويحييهم في أول جهادهم يقول: يحق في الفلسطينيين قول الشاعر:
ثمن المجد دم جُدنا به
فاسألوا كيف دفعنا الثمنا
وأحييهم وأقول:
نساء فلسطين تكحّلن بالأسى
وفي بيت لحم قاصرات وقُصّرُ
وليمون يافا يابس في حقوله
وهل شجر في قبضة الظلم يثمرُ؟
فمزيداً من الجهاد، ومزيداً من التضحيات، والنصر معهم، وسوف يعود لنا الأقصى بإذن الواحد الأحد، لأنه لنا جميعاً كل مسلم يقول لا إله إلا الله، ليس لدولة واحدة، ولا لمنظمة، ولا لشخص، كل من يعبد الله فله حق في إعادة هذا المسجد.
ماهر عبد الله: طيب الأخ عادل كان سؤاله يعني نوع من.. يبدو من.. من الاحتجاج، هل المحاضرات من قِبَل العلماء، هل الدروس وحدها تكفي؟ يعني حال الأمة الآن يتقهقر منذ سنوات طويلة، عشرات السنين.
عائض القرني: نحن لابد نكون منظومة نتفق ونتعاون على البر والتقوى، الحاكم يحكم بما أنزل الله، العالم يُفتي ويدرس ويعلم، أستاذ.. الأستاذ في المدرسة، رجل الإعلام، الكاتب، الشاعر، الأديب، الرسول –صلى الله عليه وسلم- في حياته وفي إنشاء الدولة الإسلامية وظّف الطاقات عليه الصلاة والسلام، ولم يهمش أحداً، جاءه مثلاً أبو بكر فجعله بعده في الإدارة والدولة، عمر –رضي الله عنه- أيضاً في الحكم، معاذ بن جبل في علم الحلال والحرام، وقال: أقرأكم أُبي، أُبي بن كعب، حسان بن ثابت في القافية وفي الشعر وفي الأداء، خالد بن الوليد في الجهاد في سبيل الله، فلا نهمش أحداً، والواجب أن نجتمع، يعني نتكاتف حتى نخرج –إن شاء الله- خير أمة أخرجت للناس كما قال -سبحانه وتعالى- عنَّا، وأما قضية مصادرة جهود الآخرين فلا ينبغي لأني أرى بعض الناس في الساحة الإسلامية إذا رأى شاعراً مسلماً خفف أو قلل من شأنه، أو عالم قال: هو محبوس على فُتياه، أو خطيب قال: ماذا يفعل بخطبه، لا، كل الجميع وكل الطرق تؤدي إلى مكة، والإسلام يُنصر من أمة متعددة المواهب، وقد علم كل أُناس مشربهم، وحتى يقول سبحانه وتعالى وهذا من إعجاز القرآن، يقول: (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات) يعني: اقصدوا الخير، لكن تعالوا بمواهبكم وصبوها في نصرة الدين الحاكم يحكم بما أنزل الله، بيشاور أهل العلم، وأهل الرأي، والعالم أيضاً يُفتي ويربي ويوجه ويسعى في توحيد الشمل وجمع الكلمة وتوحيد الصف، والخطيب له شكر أيضاً، والأديب والشاعر، والإعلامي، والصحفي فلا يقلل أحد منا من شأن الآخر.
ماهر عبد الله: طيب أنا سأؤجل سؤال الأخ عبد الهادي قليلاً لأنه معي إخوة على الهاتف من فترة، معي الأخ إبراهيم العامر من السعودية، أخ إبراهيم، تفضل.
إبراهيم العامر: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
إبراهيم العامر: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام، تفضل.
عائض القرني: عليكم السلام ورحمة الله.
إبراهيم العامر: مساك الله بالخير يا شيخ عائض.
عائض القرني: مساكم الله بالرضا.
إبراهيم العامر: وتحية للأخ أحمد ماهر.
ماهر عبد الله: تفضل.
إبراهيم العامر: أقول لا يلوم أحد.. لا يلوم أحد.. لا يُلام أحد من المسلمين يفرح بضربة أميركا لعدة أسباب، مَنْ يرى الظُلم الأميركي الآن الموجود والميزان الخاطئ والمعيارين، أظنه إن كان فيه ذرة عاطفة من إيمان سيفرح بأن تلك الدولة التي قد نسميها إرهابية في كثير من الأمور التي ساعدتها، نتمنى من الله –عز وجل- أن يصيبها بالبراكين والقلاقل والزلازل، وكل دولة كذلك تسعى إلى هدم الإسلام، وتظلم المسلمين في كل مكان نتمنى من الله –عز وجل- أن يُسلط عليها من داخل نفسها ومن الخارج، ونتمنى كذلك أن يضرب الله بها الصين أو اليابان أو أي دولة كافرة ثانية.
الأمر الثاني: والسؤال للشيخ عائض -حفظه الله- بالنسبة لطالبان والاتهام الموجه لهم الآن، هل طالبان الآن عندما لم يثبت تهمته، ما أدري الصوت يتقطع واضح عندكم صوت؟
ماهر عبد الله: تفضل.. تفضل.
إبراهيم العامر: الأخ أحمد.
ماهر عبد الله: تفضل.. تفضل.
إبراهيم العامر: أقول طالبان الآن والاتهام، الطالبان والاتهام الآن الموجه لهم، لمَّا لم يثبت فهل يجوز تسليمهم إلى الكفَّار؟ ثم لو ثبت هل يجوز تسليم المسلم –وإن كان مجتهداً خاطئاً، قد أخطأ باجتهاده- هل يجوز تسليمه إلى كافرٍ ظالم غشوم قُد عرف الميزان عنده؟ وهل يجوز تسليمه إلى محكمة عدل وضعية تحكم بغير ما أنزل الله عز وجل؟
ثم الثالثة: هي مطالبة لجميع علمائنا في المملكة وغيرهم من علماء المسلمين –مع ثقتنا فيهم الكبيرة- نطالبهم أن يتكلموا عند وجود الحدث من أوله، لأن غالب الأحداث عندما تقع تكون الشوشرة والذبذبة، عندما يتكلم من لا علم له، فعندما يتكلم العلماء..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب سيد.. سيدي، أخ إبراهيم، أسئلتك واضحة، وأرجوك يعني أن.. أن تعذرني على المقاطعة، إن شاء الله تسمع تعليق، معايا الأخ همام النجار من الكويت، أخ همام تفضل.
همام نجار: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
همام نجار: تحياتي إلك ولضيفك يا أخ ماهر.
ماهر عبد الله: أهلاً بك.
همام نجار: إن الأمة الإسلامية كما أخبر المصطفى –صلى الله عليه وسلم- كثيرة، لكنها غُثاء كغُثاء السيل، وإني أطلب من القائمين على قناة (الجزيرة) عدم أو احترام برنامج (الشريعة والحياة) وعدم إظهار الدعايات فيه، وشكراً.
ماهر عبد الله: طيب، مشكور يا أخ همام، معايا الأخ خالد يوسف من الإمارات.
خالد يوسف: آلو.
ماهر عبد الله: تفضل.
خالد يوسف: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
خالد يوسف: يقول الله سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء) ويقول الله سبحانه وتعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم). هذه الحملات المسعورة على بلاد الحرمين الشريفين، على المملكة العربية السعودية، بما فيه هيئة كبار العلماء، وهي قلعة للعالم الإسلامي والدعوة السلفية المباركة، تلك الدعوة المعتدلة، والحمد لله رب العالمين يعني علماء التوحيد ما قصروا وتكلموا بالكفاية والمتمثلة في سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ –حفظه الله وجعله ذخراً للإسلام والمسلمين- هو يعني مش سؤال، يعني أصلاً.. يعني مع احترامي للأزهر والجامعات الإسلامية التانية لا.. لا تعملوا مقارنة بين الأزهر وهيئة كبار العلماء، لأن الأزهر فيه من التصوف والأشعرية وبعض المغالطات كحلق اللحى والإسبال وتحليل الغناء والفوائد الربوية، ولكن الحمد لله رب العالمين هيئة كبار العلماء فيهم النزاهة، وجزاه الله ألف خير خادم الحرمين الشريفين بما يولون الرعاية لهيئة كبار العلماء وجزاكم الله كل خير، والسلام عليكم.
ماهر عبد الله: طيب أخ خالد مشكور.. مشكور جداً على هذه المداخلة وعلى هذا التوضيح، ولكن يعني كما طلبت منا أن لا نحكم على هيئة كبار العلماء، كنا نتمنى عليك أن لا تقع في خطأ تقييم الأزهر بتصوفه وأشعريته، أنا أعتقد لو عملت بالجزء الأول من النصيحة أن تعامل الأزهر كما عاملت هيئة كبار العلماء، وأن تترك أمر الحكم عليهم أيضاً إلى العلماء.
قضية التكفير وأثرها على تشتت الأمة وفرقتها
سيدي، التكفير جزء من المشكلة، الأخ عبد الهادي في المجموعة الأولى من الاتصالات، تكفير أهل القبلة، والتمييز بين التكفير المطلق والتكفير العيني، وهناك مدرسة تكفيرية، هل هي أحد أسباب الفرقة بروز ظاهرة التكفير وخصوصاً عندما تأتي من علماء أفاضل وكبار ولهم مكانة؟
عائض القرني: عموماً أحكام التكفير لا تطرق إلا بشرطين اثنين، الشرط الأول: أن تكون من عالم راسخ في العلم الشرعي، عارف بالنقل الصحيح والقيم، متمرس، وأن يعلم بحال الشخص الذي يطلق عليه الكفر، فهذان شرطان اثنان. أما أن تبقى المسألة مفتوحة لمن أراد أن يكفّر ويُبدّع ويضلّل ويفسّق، فهذا ليس مقبول، لأن كثير من الناس علمهم قليل وإدراكهم ضحل، فإذا خالفهم أحد في اجتهاداتهم وفي آرائهم كفروه وأخرجوه من الملة، وتكفير المسلم كقتله، فالحكم على المعتقدات هو.. ومن حيث الكفر والبدعة والفسق والضلال والنفاق من شأن أهل العلم، والله أعادنا لأهل العلم، لأن هذا تخصصهم، فالمهندس يُعاد له في الآلة، والخيّاط في الثوب، والنجار في إصلاح الباب، فكذلك نعيد قضايا المعتقد وقضايا الشريعة لأهل العلم، ونأخذ منهم الأحكام.
وأنا أحذر الإخوة الشباب من أن يُفتح هذا الباب، باب التكفير، لأن بعضهم يختلف الآن في المسائل فيكفر بعضهم بعضاً، الصحابة تقاتلوا -رضوان الله عليهم وغفر الله لهم- في (الجمل) و(صفّين)، ولم يكفر بعضهم بعضاً، ولم يفسق بعضهم بعضاً ولم يبدِّع بعضهم بعضاً بل بعضهم عذر بعض، فالواجب أن نعيد هذه المسائل لأهل العلم ونردها إليهم ليخرجوا لنا كلاماً شافياً مؤصلاً في هذه المسألة.
ماهر عبد الله: طيب، تفضل.. تفضل.
عائض القرني [مقاطعاً]: وهنا مسألة.. مسألة الأزهر الشريف، أيضاً نحن ما أتينا هنا نجرّح الهيئات ونجرح الأشخاص ولا الجماعات ولا..، أتينا لنجمع الصف على الكتاب وعلى السنة، على مثل ما اجتمع عليه أصحاب الرسول –عليه الصلاة والسلام، على اجتماع الجيل الأول، فالأزهر لابد أن يُعرف فضله، وفضل العلماء، أما إذا حصل تقصير فينبّه عليه وينصح، وقد أخبرنا –سبحانه- بالنصيحة، وقد صح عليه.. عنه عليه الصلاة والسلام عند مسلم أنه قال: "الدين النصيحة.. الدين النصيحة ثلاثاً، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم".
ماهر عبد الله: سؤال الأخ عبد الهادي أيضاً عن قضية السنة والشيعة وأنت تحدثت.. نحن نتحدث عن توحيد الكلمة اعتماداً وانطلاقاً من كلمة التوحيد، وتحدثت في.. في كلامك يا شيخ عائض عن الحوار، الأخ عبد الهادي يقول: أنه ألم يحن الوقت لحوار بين السنة والشيعة والخروج بشيء من التفاهم؟ على الأقل كما ذكر هو أن نحدد هل خلافنا عقائدي، وبالتالي لا رجعة فيه، ولا مجال لردم الهوة، أم هو دون ذلك بقليل، وبالتالي قد نصل إلى مجموعة من القواسم المشتركة؟
عائض القرني: إذا حصل خلاف –وهذا ضابط شرعي- بين طوائف المسلمين، أو فرق من.. يعني من أي الفرق، فمردّ.. فمردهم إلى.. عند النزاع إلى الكتاب والسنة كما أمر الله بذلك، فإنه قال: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول) إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً) قال ابن عبد البر: "أجمع أهل العلم على أن الرد لله الرد إلى كتابه، والرد إلى رسوله –صلى الله عليه وسلم- الرد إلى سنته، فأي طائفة اختلفت مع طائفة أخرى علينا أن نجتمع معهم ونحاورهم ويكون مصدر الحكم بيننا الكتاب والسنة فإن كنا مخطئين عدنا وإن كانوا هم مخطئين عادوا للكتاب والسنة على..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: لكن تجد..
عائض القرني [مستأنفاً]: فهم محمد –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضوان الله عليهم.
ماهر عبد الله: لكن تجد قيمة للحوار للوصول إلى هذا.
عائض القرني: إذا رأى العلماء سواء من علماء السنة وعلماء الشيعة أن يتحاوروا في ذلك وأن يكون مردهم إلى الكتاب والسنة بفهم الرسول –صلى الله عليه وسلم- وأصحابه للنصوص فلا بأس.
ماهر عبد الله: طيب سؤاله الآخر عن أحد أسباب الفرقة –كما يعتقد- أنه هناك هوة كبيرة بين شعوب مهمشة واستخدم –بتحفظ- لا قيمة لها وبين الزعماء والقادة، هل تجد أولاً هذه الهوة وإذا كانت موجودة هل هي جزء من سبب هذه الفرقة والبعد عن الوحدة؟
عائض القرني: عموماً النقص جاري، النقص جاري في الحاكم وفي المحكوم، وفي العالم وفي الداعية، لأن الكمال المطلق لله وحده –سبحانه ثم العصمة لرسوله –صلى الله عليه وسلم- لأن الله عصمه، ولم يعصم غيره، فالنقص في كل طائفة، وفي كل شخص، ولكن مبدأ التكامل مطلوب، وأنا أقول: إن من أحسن الحلول في مثل ظروفنا هذه وأزماتنا مبدأ الحوار، فنطالب به، وأكرره دائماً، ويُفتح بابه ويباحث، حتى صاحب الخطأ يؤتى به ويحاور بالتي هي أحسن، ويُبيّن له الحق كما فعل –عليه الصلاة والسلام- فإنه حاور اليهود، وحاور النصارى –صلى الله عليه وسلم- وحاور المشركين والمنافقين، وكان ليناً، ويقول لعائشة –رضوان الله عليها-: "يا عائشة، ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه". وقال صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة إن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف". فإذا حصل نصيحة ومحاورة يجتمع الشمل بإذن الله، وماذا يمنع الحكام والشعوب أن يجتمعا على كلمة سواء؟ إذا رفق الحكام بشعوبهم، وإذا الشعوب لانوا مع الحكام، وأطاعوهم في طاعة الله عز وجل، وجمعوا الأمة عليها.. عليهم، ووحدوا القلوب والصفوف، فإنه قد يصلح الحال –بإذن الله- وتسعد الأمة في الدنيا والآخرة.
ماهر عبد الله: سؤال الأخ إبراهيم العامر من السعودية عن موضوع طالبان إذا لم يثبت، وحتى هذه اللحظة قال أنه لم يثبت أن لطالبان أو لمن تؤويهم طالبان علاقة، ما لم يثبت الجرم هل يجوز تسليمهم –كما قال- إلى الكفار؟
عائض القرني: أولاً: لا نعلم أدلة في الموضوع، ولا حجج ولا بينات ولا براهين، إلى الآن المسألة عائمة، لا ندري ما أصلها وما آخرها ومنتهاها، وإذا حصل شيء من ذلك وأُتي بالأدلة والبراهين، لأن الله طالبنا –سبحان وتعالى- بالأدلة والبراهين عند ذكر الدعوة، فقال سبحانه (قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا)، وقال سبحانه (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين). وفي الحديث "البينة على المدعي". فلابد من إقامة البينة وذكر الأدلة، فإذا حصل فذلك فليجتمع علماء المسلمين وليقرروا في المسألة ما هو الصحيح في الباب وما هو الأكمل والأجمل والأليق بالدين وبالشريعة.
ماهر عبد الله: فيه مشاركة من على الإنترنت تحمل رقم 49 من الأخ خالد سليمان عبد الرحمن، مهندس من الأردن، يقول: أن الناس على دين ملوكهم، وبما أن حكام المسلمين متفرقين متشرذمين يبحثون عن مصالحهم الذاتية، سيبقى حال المسلمين على ما هو عليه، وهذا هو السبب الرئيسي لفرقة الأمة وشرذمتها. هل تشتت الحكام وعدم اتفاقهم جزء رئيسي في.. في التشرذم الذي يقع على الأمة؟
تأثير تشتت حكام المسلمين على وحدة الأمة
عائض القرني: نعم، أن.. أن هو النقص في الفريقين، ولذلك من السنن وحتى إن ابن خلدون في المقدمة ألمح لذلك، أن الله -سبحانه وتعالى- يولي بعض الناس على بعض، يعني فيه بينهم تقارب حتى في الديانات والفهم والعلم والمعرفة، يقول سبحانه وتعالى: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون). فإذا أراد المسلمون الخير فليطيعوا ربهم سبحانه وتعالى، لأنه هو ورد عن بعض السلف أنه قال: "إن الله أعدل من أن يجعل رعية عمر بن عبد العزيز للحجاج، ورعية الحجاج عمر بن عبد العزيز". ومن لطائف وبدائه أمير المؤمنين علي –رضي الله عنه وأرضاه- أنه جاءه رجل فقال: ما للناس اجتمعوا على أبي بكر وعمر ولم يجتمعوا عليك؟ قال: لأن رعية أبي بكر وعمر أنا وأمثالي، ورعيتي أنت وأمثالك!! "فبذنوبنا يولي علينا مثلنا، فإذا أردنا فلنتب، ولنستغفر الله عز وجل، ولنتناصح فيما بيننا. أما أن الإنسان يعلق الذنوب والأخطاء على الحكام ثم يجد شعوب أكثرها يعني لا تفقه في الدين، أو هي جاهلة بشرع الله عز وجل، ثم تريد هذه الشعوب أن يأتي رجل مثل عمر بن الخطاب –رضى الله عنه- لا، عصر الخيرية قد انتهى في عصر الخلافة الراشدة، لكن بقي خير نسبي، فعلينا الخير النسبي هذا أن ننميه، وأن نستثمره وأن نوجهه، ونسأل الله أن يجعل ولاتنا رحمة علينا وأن يهديهم سواء السبيل.
[موجز الأخبار]
ماهر عبد الله: أشرنا بداية أو في بداية الحلقة إلى أن الشيخ عائض أيضاً لا أدري ممن هم يعني موهوبون بالشعر أم ممن هم مبتلين.. مبتلون بالشعر، له أربع دواوين منشورة واحد بعنوان أو "لحن الخلود" "وتاج المدائح" و "هدايا وتحايا"، و "قصة الطموح". الشيخ عائض القرني أيضاً له يبدو كمية كبيرة من الاتباع من خلال الأشرطة والكتب التي نشرها، بعض المشاركات على الإنترنت مشاركة (127) أبو محمد هاشم الهاشمي. فضيلة الشيخ عائض القرني، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، أشهد الله أني أحبك في الله. والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته" فقط.
بعد ذلك مشاركة الأخ حسين بن محمود من الإمارات يشكر قناة (الجزيرة) لاستقبال خطيب الصحوة وأديبها، وحياك الله يا أبا عبد الله وحيا الله أبا عبد الله وبياه، وإنا نحبك في الله، أعتقد أن مشكلة الأمة في الوهن، ولعل الشيخ يشرح الحديث ويدلي بدلوه، والله أعلم.
طيب سيدي، إذن أنت الآن أرضيت، أو نحن أرضينا الكثير من محبيك بهذا، أنا عايز نخش في ممن قد يغضبون قليلاً، في.. في هذا الجو تحدثنا عن الحكام كثيراً، تحدثنا عن الشعوب كثيراً، تحدثنا عن العلماء، لم نتحدث عن الجماعات الإسلامية في.. في إطار هذا التوحيد، هل الجماعات الإسلامية القائمة، سواء كانت سياسية التوجه، سواء كانت عقائدية التوجه، مجرد وجودها، الطريقة التي تتعامل بها مع بعضها البعض، الطريقة التي يتعاملوا بها مع الحكام، هل هي مسؤولة إلى حدٍ ما عن تشتيت الأمة، أم أن وجودها قد يثري ويغني وقد يؤدي إلى نوع من.. من التوحيد؟
عائض القرني: هي أولاً فالسؤال مسألة المحبين وأنهم أتباع لي، فأنا لست نبياً ولا رسولاً للناس، أنا طالب علم ولي محبين، وأسأل الله –عز وجل- أن يستر منا ما نقص وأن يجمعنا بهم في جنات النعيم.
ماهر عبد الله: لا اسمعني، خليني أعتذر أنا وأقول أعتمد كلمة "محبين" أكثر من كلمة "أتباع"، فأنا أسحب كلمة "أتباع"، تفضل.
الجماعات الإسلامية بين شرذمة الأمة وتوحيدها
عائض القرني: أما الجماعات الإسلامية فأزجي لها التحية أولاً، وهي قامت من حيث الأصل لنصرة الإسلام، لا تتهم أنها.. أضمرت العداء للإسلام، قصدها رفع لا إله إلا الله، ولكنها طبعاً فيها الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات، ولو أن أملنا أن تكون جماعة واحدة ويسعى أهل الخير وأهل الفضل إلى جمعها في جماعة واحدة، لئلا نتحزب ولا نتوزع ولا نشتت، ولا نريد أن يحقد بعضهم على بعض، أو يهمش بعضهم البعض الآخر، ومن كان له ملاحظات على هذه الجماعات فلينصحها بالتي هي أحسن، فإنهم يقبلون إن شاء الله، وإذا رأوا منا خللاً فلينصحونا، لكن أما أن نطعنهم في ظهورهم فهم عاملون للإسلام بلا شك، فمنهم من نفع في حقل الدعوة، ومنهم من نفع في حقل الأدب، ومنهم في.. في حقل العلم والفتيا والتأليف والمخيمات والمراكز فعلينا أن نجمع الشمل عليهم وأن ننصحهم بالتي هي أحسن ولا نتصيد عيوبهم، ولا نتنقصهم، ولا نتشفى بأخطائهم وعندي فتيا محفوظة لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز سئل عن الجماعات كان يرى أن نتلطف معها، وأن نجمع شملها إذا استطعنا، وأن إذا رأينا خطأً أن ننصحها بالتي هي أحسن، وألا نتلمس معايبها وننشرها في الناس، لأن أهل الخير يتناصحون لا يتفاضحون، وهذا قائمة أصبحت يعني جماعات ضاربة في المجتمع لا ينكرها أحد.
ماهر عبد الله: طيب يعني بهذا الموضوع تحديداً، عبر تاريخنا الإسلامي منذ انتهاء فترة الخلفاء الراشدين وحتى أثناءها، ولكن لندعها وشأنها، منذ العهد الأمور الأول في.. في الشام والأمة مشتتة فرق على مختلف الخلفيات: سياسية عقائدية، في السابق واجهت الأمة هذا التحدي بطرائق مختلفة، صلاح الدين في.. في أحد لمحات تاريخنا وصل إلى مرحلة توحيدية، قبله نور الدين زنكي وصل إلى بعض..، العثمانيين في أوائل أيامهم..، كيف خدمت النظرية الإسلامية –إذا جاز التعبير- من خلال اطلاعك على التاريخ؟ كيف ذوبت هذه الفروقات في لحظات الأزمات؟ ولماذا نفشل نحن اليوم؟
عائض القرني: كالمقدمة للجواب أقول: لابد أن نعترف أن هذا الإسلام ليس لجنس من الأجناس ولا لون من الألوان كما قلت، لأنه كما أسلفت محمد –صلى الله عليه وسلم- عربي، وبلال حبشي، وسلمان فارسي، وصهيب رومي، ونور الدين محمود القائد الموهوب الصالح تركماني، وصلاح الدين الأيوبي كردي، ومحمد إقبال هندي، فهذا الدين لمن تشرف بحمله، ولمن خدمه، ولمن ضحى فيه يشرفه الله بقدر ويعزه بقدر ما يعز هذا الدين. فلا يحتجر أحد أن هذا الدين له ولأسرته فقط ولبلده، بل هذا دين عالمي (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين). فهؤلاء لما قاموا بالدعوة ألفوا الناس على "لا إله إلا الله محمد رسول الله" على العقيدة، وجمعوهم على الكتاب والسنة فاجتمع الناس، ولا يجمع الناس إلا الدين الإسلامي الخالد، جربت يعني القومية، والشعارات الأرضية، والمذاهب الوضعية، وجربت شعارات أخرى، واحترقت ولم تثبت في الميدان، وما بقي إلا دين الله الخالد، وقد عصف بالإسلام عواصف، ومر به أزمات، وتعرض لمصائب، ونجا بإذن الواحد الأحد لأنه دين خالد من عند الباري، رباني، دين يعني محفوظ (إنا نحن نزلنا الذكر وإنه له لحافظون). فهو لا يتأثر، مر به.. مرت به فترة التتار، فترة الصليبيين، ومع ذلك أثبت وجوده، فلا يخاف أحد حتى من هذه الأزمة مهما كانت، ولو أنها ثقيلة، لكن.
اشتدي أزمة تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلجِ
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: بعض الإخوة الذين افتقدوا جهاز الكمبيوتر في.. على الطاولة يعتقدون أننا لا نستلم المشاركات، نحن أعتقد ظهر للبعض أننا أخذنا بعض المشاركات عبر الإنترنت، لكن ها التحول إلى الخلفية الجديدة يعني فنياً سيصعب علينا المسألة، ولكنها تصلني بالورق، فيعني لا بأس عليكم يمكن الاستمرار في المشاركة عبر الإنترنت، وإن شاء الله.. يعني نحاول أن نجيب على أكبر قدر ممكن.. ننتقل إلى الأخ فلاح الصعوب من الأردن، أخ فلاح، أرجوك أن تكون مختصراً تفضل.
فلاح الصعوب: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
فلاح الصعوب: أخ ماهر حياك الله.
ماهر عبد الله: أهلاً بك.
فلاح الصعوب: الشيخ عائض القرني.. الشيخ عائض، نحن نحبك في الله، أنا واحد من ملايين الذين يحبونك في الله لمواقفك البطولية والمشرفة من خلال الأشرطة، يا شيخ عائض، أنا أريد أن أوصل هذه الكلمة بالله عليك يا أخ ماهر أن تعطيني فرصة، لأني من أول البرنامج وأنا بأنتظر.
ماهر عبد الله: إذا اختصرت هأعطيك.
فلاح الصعوب: طيب بأختصر بس كلام بإذن الله، يا شيخ عائض، الآن نقول كلمة حق: نحن درسنا العقيدة، والعقيدة درستها أنها عقيدة بمعنى وحدة الدم، ووحدة الدين، ووحدة الإله، وهناك حديث صحيح –وأنت من أهل العلم في الحديث- يقول أنه: لهدم الكعبة حجراً حجراً عند الله أهون من إهراق دم مسلم". كل يوم نرى دماء إخواننا في أفغانستان، أطفال ونساء دماؤهم تثار يا سيخ عائض وأنت رجل.. رجل طيب ورجل الخير، أرجوك يا شيخ عائض أن تثير همم العلماء بأن يقفوا موقف أمام الله –عز وجل-
فلو رأيت بكاهم عند بيعهمو
لهالك الأمر واستهوتك أحزان
يا رب طفل وأم حيل بينهما
كما تفرق أرواح وأبدان
وغادة ما رأتها الشمس بارزة
كأنما هي ياقوت ومرجان
يقودها الكفر عند الصبر صابرة
والعين باكية والقلب حيران
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
هل للجهاد بها من طالب فلقد
تزخرفت جنة المولى لها شان
وأشرف الحور الولدان من غرف
فاضت لعمري بهذا الخير شجعان
تم الصلاة على المختار من مُضر
ما هب ريح الصبا..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ.. أخ فلاح، أخ فلاح، أنا بأشكرك جداً على هذه المداخلة، وأشكرك جداً على هذه العواطف الصادقة، ولكن للأسف الشديد يعني عندي كمية من.. من الإخوة.. من.. من الهواتف وعدد كبير من الإخوة، معايا الأخت أم مسعد من الكويت، أخت أم مسعد، تفضلي.
أم مسعد: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
أم مسعد: حابة بس أقول كلمة للشيخ.
ماهر عبد الله: تفضلي.
أم مسعد: يا شيخ، بس إبراءً للذمة نريد أن نسمع منك الآن كلمة واضحة، الآن يا شيخ الحرب بين المسلمين وهم الطالبان وبين الكفر متمثلاً بأميركا، وبعض المسلمين معها، فقد أصبح الناس فريقين كل مع طرف، وأنا وجهة نظري أن الحق واضح تماماً، مهما قالوا. فأريد أن تبين أنت للناس مع من يقفوا حتى لو كان وقوفهم ذلك متمثلاً بالدعاء؟
ماهر عبد الله: طيب،مشكورة يا أخت أم مسعد.
أم مسعد: سؤال ثاني بس لو سمحت هل يجوز شرعاً أن ينصب شخص ما مفتياً عاماً؟ شكراً.
ماهر عبد الله: شكراً أخت أم مسعد، معايا الأخ علي القحطاني من السعودية، أخ علي اتفضل.
علي القحطاني: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
علي القحطاني: مساء الخير يا شيخ عائض.
عائض القرني: مساك الله بالرضا، وأهلاً وسهلاً.
علي القحطاني: حقيقة طلعتكم المباركة أفرحننا وأسعدتنا، وعوداً حميداً إن شاء لله.
عائض القرني: بارك الله فيكم.
علي القحطاني: شيخي الكريم، أنت تعرف مكانتك منزلتك لدى محبيك ولدى جموع كبيرة من المسلمين، وخصوصاً في المملكة، هنا، نريد منك يا شيخنا الفاضل أن تعطينا فصل الخطاب في حكم الجهاد في هذه الأيام العسيرة جداً، نريد كلمة واحدة منك، تعلم أنك كلمتك مسموعة…
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ.. أخ علي أخ علي مشكور جداً، السؤال.. السؤال واضح، وللأسف الشديد لم يبق الكثير من الوقت لأخذ مزيد من المشاركات الهاتفية.
سيدي، يعني أنا أقدر أن موضوع أفغانستان ليس موضوعنا المباشر، لكن عندي كمية كبيرة جداً من الأسئلة عبر الإنترنت، والآن استمعت من الإخوة، لأنك لست غائباً عن الساحة، وتعرف كم تتحرك الناس وقلوب المسلمين على ما يجري. الأخ فلاح ذكرنا بإنه هدم الكعبة أهون من إهدار دم مسلم، فالناس تريد أن تعرف الموقف من هدر الدم الذي يجري، الأخت أم مسعد تعتقد أن الأمور واضحة، هناك إسلام يحارب كفر، أو كفر يحارب إسلاماً، والأخ علي القحطاني يريد حكم الجهاد، يعني كنت أتمنى أن لا ندخل في تفصيل هذا، هل لك أن تعطينا باختصار شديد رأيك في الذي يجري في أفغانستان؟
عائض القرني: أما الذي يجري في أفغانستان فقد قلته، وأنا أضم صوتي للأخ فلاح من أن هذا عدوان صارخ لا يرضاه أي مسلم، وطالبت حكام المسلمين وعلماءهم ودعاتهم أن يتقوا الله وأن يرفعوا الصوت عالياً في كف هذا العدوان الذي جرح مشاعر كل مسلم يؤمن بالله عز وجل، ولا يرضاه موحد، وهذا هو الإرهاب بعينه أن يسحق شعب كامل، يبحث عن شخص واحد وتسال دماؤهم، وتهدم بيوتهم، وتنتهك أعراضهم، ونرى صور لا يستطيع الإنسان السوي أن يصبر لرؤيتها، يرى الأشلاء والجماجم والدماء تسيل، هذا منكر لا يرضاه مسلم، وإني أخشى من العقوبة، فأسأل الله أن يكف شر أميركا، وأن يردها، وأن يمنعها وأن ينصر الإسلام والمسلمين، وأن يرينا في أهل العدوان وأهل البغي يوماً أسود، فلا يرضى هذا مسلم، وأنا أضم صوتي للإخوة وأعرف أن هذا صوت الملايين بل صوت (كثر من مليار مسلم، لا يرضاه مسلم أبداً عاقل.
عالمية الإسلام وكيفية تقديمه للآخرين
ماهر عبد الله: طيب سيدي، أنا أريد يعني ونحن نشرف على نهاية هذه الحلقة أن.. أن نختم بمحور وآخر، يعني إضافة إلى موضوع التوحيد وجزء من إنجاح عملية التوحيد هو الإصرار على عالمية الإسلام، بلا شك إن الله رب العالمين، نحن نصلي بها مراراً وتكراراً في اليوم الواحد، والحمد لله رب العالمين، المدخل الذي يعالج به الإسلام –للأسف الشديد- في كثير من الأحيان وعن كثير من الحركات.. مدخل محلي صرف، ولعلك يعني لاحظت مداخلة الأخ خالد يوسف أنه يريد أن تعتمد هيئة كبار العلماء فقط، ولا يريد لك أن تعتبر من الأزهر لما فيه من تصوف، أليست هناك مساحات محلية ضيقة مغلقة داعية إلى الغلظة تمنعنا من إيضاح عالمية الإسلام مما سنة التي يمكن لغير المسلم أن يعيش تحت ظلاله ليس فقط مضطراً وكارهاً بل مفاخراً، الرأسمالية الآن تنتشر نفسها بمغرياتها، أنا وأنت نشرب الكولا ونحرص على شرائها، كل الشوارع العربية مليئة بالمطاعم الأميركية، هذا جزء من دعوة عالمية قد نحبها وقد نكرهها (ليس) موضوعنا، لماذا فشلنا في تقديم الإسلام، في أن يكون الدين العالمي، حتى لغير أتباعه؟
عائض القرني: عموماً، كما قلت: بذور الإسلام عالمية وأصله عالمي (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، (لينذركم ومن بلغ)، (خير أمة أخرجت للناس) للكون جميعاً للعالم للدنيا، فليس لأقليم أو بلد، لكن كيف نقدمها للعالم؟ بوسائل، أولها أن نري الله من أنفسنا القدوة والمثالية، والاتساء بهدي الرسول –صلى الله عليه وسلم- المعصوم، أن ندعو بقدوتنا وأسوتنا نحن وبتعاملنا الناس إذاً ليدخوا في دين الله، ليس بالخطب المجردة والمحاضرات فقط والدروس، كان تجار المسلمين إذا ذهبوا إلى البلدان أسلم الناس إذا رأوهم من تعاملهم وصدقهم وأمانتهم، حتى يذكر في كتب السيرة أن الإمام المجاهد الزاهد العابد عبد الله بن المبارك جاور يهودياً في خراسان، فكان إذا شرى لأهله لحماً بدأ بأهل اليهودي، وإذا شرى كسوة بدأ بأهل اليهودي، هكذا، فعرض ثمن لدار اليهودي، قالوا لكم داره؟ قالوا: داري بألفي درهم، ألف لجوار ابن المبارك وألف لداري، فعطاهم المبارك ألفاً وأبقاه ثم جاء اليهود لابن المبارك قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأشهد أن ديناً أخرجك يا بن المبارك دين حق، فهذا بالأسوة والقدوة.
العامل الثاني أن نظره مزايا الإسلام، فإنه دين فطرة،قال سبحانه وتعالى (فطرة الله التي فطر الناس عليها) فهو يقوم بحق العقل وحق الجسم وحق الروح، حق الدنيا والآخرة، حفظ العقل حفظ النفس، حفظ الدم، حفظ العرق، التعامل مع الآخر، الثاني أنه دين رحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، (فبما رحمة من الله لنت لهم) الثالث: أنه دين عدل (وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) الرابع: أنه دين محبة، قال –صلى الله عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده -وهذا في الصحيح- لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أدلكم على شيء إلا فعلتموه تحاببتم، أفشو السلام بينكم" ودين سماحة، قال –صلى الله عليه وسلم- كما عند أحمد في المسند بسند صحيح: "بعثت بالحنيفية السمحة" ودين يسر، قال –صلى الله عليه وسلم-: إن الدين يسر"، فالواجب أن نخرج هذه العالمية للناس، ونتلافى أخطاءنا والخلافيات التي أشغلتنا، فإن نحن اشتغلنا ببعضنا وتركنا العالم يموج في كفره وفي أخطائه، وأذكر الناس بمقطوعة محببة لأبي تمام الشاعر المشهور يقول:
إن (…) طرف الإخاء
فإننا نغدو ونسرى في إخاء تالد
أو يختلف ماء الغمام
فماؤنا عذب تحدر من غمام واحد
أو يفترق نسب يؤلف بيننا
دين أقمناه مقام الوالد
فالواجب أن تظهر محاسن الإسلام للناس بأفعالنا وأقوالنا أيضاً.
ماهر عبد الله: عندي الأخ عبد اللطيف من استراليا يسأل عبر الإنترنت، أو يعني بالأحرى يحتج على بعض ما قلت: يقول الأخ المذيع عجبت لأمرك تدعو للوحدة وتهاجم في كل فرصة شيوخ السلفية والدعوة السلفية، وأنا لا أدري الأخ عبد اللطيف من أين جاء لي بهذا الاتهام، أنا لم أهاجم ولن أهاجم، أنا أستغليت فرصة أن يكون معي شيخ سلفي، وهو يفاخر بأنه من تلاميذ هيئة كبار العلماء وأتباعها ولن نتحفظ على كلمة أتباع في هذه المناسبة -سيدي دورنا هنا أن نستوضح من أمثال الشيخ عائض القرني، أنا أتساءل ليس بالضرورة لأنني لا أعرف، وليس بالضرورة لأنك أنت لا تعرف، ولكن لأن هناك مشاهد آخر تثور في ذهنه هذه التساؤلات، أنا عندي كمية كبيرة جداً من الفاكسات قد يصل عددها إلى المائة إضافة إلى عشرات المداخلات على الإنترنت وكلها تتساءل عن التأخر في إصدار البيانات، عن التأخر في إصدار الفتاوى، فهي قطعاً ليست هجوماً على السلفية ولا على السلفيين بقدر ما هي محاولة للاستيضاح من شيخ سلفي وأعتقد أنه يفاخر بسلفيته.
جزء من هذه العالمية -سيدي لو عدنا للموضوع تقديمه هذه- هناك حملة مضادة الآن، خصوصاً في هذه الأزمة للربط بين الإسلام والإرهاب كيف ترد عليها باختصار شديد لم يبق معنا إلا دقيقة واحدة؟
عائض القرني: أقول نحن ديننا لا يقبل.. لا يقبل ديننا أن يفتينا لا يقبل.. لا يقبل ديننا أن يفتينا أحد آخر في الحلال والحرام، نحن عندنا علماء وكيان وأهل رأي ودعاة، أما نية الآخر كالأميركان فيخبرونا بأن هذا إرهاباً وهذا كافر وهذا مؤمن، فنقول لا، كفانا هذا الدين الخالد الخاتم وعندنا علماء وعندنا حكماء وأهل حل وعقد هم الذين يقررون المسألة، أما أن نستورد الأفكار والفتاوى..
فلا نقبلها من بلاد يطلب الحقُ
ولا يطلب الحق من الغرب الغبي
وبها مهبط وحي الله بل
أرسل الله بها خير نبي
قل هو الرحمن أمنا به
واتبعنا هادي من يثرب
فنحن الذين تصدر الهداية للناس، لأن الوحي تنزل في بلادنا، والبيت عندنا والرسول من أرضنا، ولا نفتخر بهذا على الناس فإن الرسول عالمي، لكن من أتانا من غير ديننا يريد أن ينظر لنا، قلنا رويدك، عندنا ما يكفينا والحمد لله.
(اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً).
ماهر عبد الله: طيب سيدي شكر الله لك، ونتمنى أن نراك في مناسبات أخرى أعزائي لم يبق لي إلا أن نشكركم وأشكر باسمكم فضيلة الشيخ عائض القرني الذين كنتم.. أو الذي كنتم سمعتم به عبر أشرطة الكاسيت، ولكنكم أو بعضكم لم يتح له أن يراه من قبل.
إلى أن نراكم في الأسبوع القادم مع حلقة أخرى من برنامج (الشريعة والحياة) تحية مني والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.