مفكر وداعية إسلامي
الشريعة والحياة

غزوة بدر الكبرى في السيرة النبوية

كيف يستفيد المسلم من الاحتفال بغزوة بدر الكبرى؟ وماذا يعني إقرار الرسول لمبدأ الشورى في هذه الغزوة؟ وما الأسباب الحقيقية لانتصار المسلمين على المشركين فيها؟ وكيف يأتي تأييد الله؟ وكيف يضيع النصر من الممسلمين؟
مقدم الحلقة ماهر عبد الله
ضيف الحلقة – الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، داعية إسلامي
تاريخ الحلقة 10/12/2000

undefined
undefined

ماهر عبد الله:

أعزائي المشاهدين، سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة). لا تزال السيرة النبوية العطرة مصدر إلهام للمسلمين وغير المسلمين لما تتضمنه من مواقف مفيدة لحياة البشرية –سواء كانت هذه البشرية مؤمنة بنبوة محمد –صلى الله عليه وسلم- أو غير ذلك –وتتضمن السيرة علامات بارزة ومحطات أهم من محطات أخرى، ولعل غزوة بدر الكبرى التي حسمت مستقبل الإسلام آنئذٍ من أهم هذه العلامات، ولهذا اخترنا أن يكون موضوع حلقتنا لهذا اليوم هو غزوة بدر الكبرى في السيرة النبوية.

ويسعدني كالعادة أن يكون معي فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، أهلاً وسهلاً بك سيدي من جديد.

د. يوسف القرضاوي:

أهلاً بك يا أخ ماهر، وبارك الله فيك.

ماهر عبد الله:

يعني السؤال التقليدي الذي يطرح في كل عام في هذه المناسبة: لماذا غزوة بدر؟

لماذا نحتفي بها كل هذا الاحتفاء دون الغزوات الأخرى؟

د. يوسف القرضاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلوات الله وسلامه على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وإمامنا محمد، وعلى آله وصحبه ومَنْ سار على دربه إلى يوم الدين، أما بعد، فاحتفاؤنا بغزوة بدر أمر طبيعي، فهي من الغزوات الكبرى التي حدثت لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- وقد احتفل بها القرآن قبل أن نحتفل بها نحن المسلمين، أنزل القرآن في غزوة بدر سورة تتلى، سورة الأنفال، هذه السورة نزلت كلها تعقيباً على غزوة بدر، وذكر الله اسم بدر في القرآن بالنص (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) لم يذكر القرآن بالاسم أسماء الغزوات إلا غزوتين: غزوة بدر، وغزوة حنين (ويوم حنين إذا أعجبتك كثرتكم..) إلى آخره، وسمى الله –تعالى- يوم بدر يوم الفرقان، (إن كنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان) جمع المسلمين وجمع الكفار، جمع الكفار بقيادة أبي جهل، وجمع المؤمنين بقيادة محمد –صلى الله عليه وسلم- (إذ أنتم بالعدوة الدنيا وهم بالعدوة القصوى والركب أسفل منكم) هذه الغزوة احتفى الله بها في كتابه، وأنزل فيها هذا القرآن، وسمى يومها يوم الفرقان، واحتفى بها المسلمون، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- قال في واقعة من الوقائع، وقد ارتكب أحد الصحابة ما يشبه الخيانة، وقال سيدنا عمر: (دعني يا رسول الله اضرب عنق هذا الرجل فقد نافق) وهو يعني حاطب بن أبي بلتعه، -وكان من أهل بدر- فقال: يا عمر ما يدريكم لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: (اعملوا ما شئتم فإني قد غفرت لكم) يعني أهل بدر من أهل السابقة في الإسلام، لأن سابقته في بدر تشفع له باعتبارها أول لقاء مسلح كبير بين أهل الإسلام وأهل الكفر، ولذلك سُمي يوم الفرقان، فرق بين الحق والباطل، وبين الإسلام والجاهلية، وبين الشرك والتوحيد، وبين حزب الله وحزب الطاغوت، فهكذا كان موقعها عند النبي –صلى الله عليه وسلم- وكان الصحابة يباهون بها، يُقال: فلان كان بدرياً، بل يُقال كان أبوه بدرياً، بل كان جده من البدريين، يعني المأثرة يفتخر بها الأبناء عن الآباء ويرثها الأحفاد عن الأجداد، فهذه منزلة أهل بدر عن المسلمين.

إعلان

ماهر عبد الله:

طيب، سيدي سنواصل بعد هذا الفاصل.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله:

مولانا كنت بصدد الحديث عن..

د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:

نعم، الحديث عن أهمية غزوة بدر، واهتمام القرآن بها، واهتمام الرسول بها، واهتمام الصحابة والمسلمين بها، سر هذا أن غزوة بدر رغم إنها يعني من الناحية الكمية والمادية غزوة بسيطة، يعني ثلاثمائة وثلاثة عشر من المسلمين قابلوا نحو ألف من المشركين في ضحوة من النهار، وانتهت المعركة، يعني ما استمرتش أربعين سنة زي حرب البسوس مثلاً يعني ولا أصبح فيها آلاف.. يعني قُتل فيها سبعين من المشركين وأُسر سبعون، واستشهد أربعة عشر من المسلمين، فعلام هذه الضجة؟ هذه الضجة لأن النتيجة التي عُلِّقت على هذه الغزوة كان مصير البشرية منوطاً بعواقب ونتائج هذه الغزوة، أو مصير توحيد الله في الأرض، مصير عبادة الله في الأرض، إما أن يعبد الله في الأرض، وإما أن تعبد الأحجار والأوثان والبقر، والشجر وكل ما يعبد، ولذلك النبي –صلى الله عليه وسلم- قال هذا، حدد أهمية..

النبي –صلى الله عليه وسلم- وكان يعني يناشد ربه ويلح في الدعاء، ويقول (اللهم نصرك الذي وعدت، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبد في الأرض بعد اليوم) هذه العصابة المؤمنة من الصحابة والرسول.. لو هلك هؤلاء وكُتبت عليهم الهزيمة وانتهوا فلن يُعبد الله في الأرض، فإذاً معناها إنه مصير الدين، مصير الإيمان، مصير عبادة الله وحده، مصير التوحيد مربوط بهذه القضية، فهذه سر الأهمية الأولى لهذه الغزوة، لها أهميات أخرى، أنها أول معركة كبرى بين المسلمين واليهود، أول معركة ينزل الله..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

بين المسلمين والمشركين.

د. يوسف القرضاوي:

بين المسلمين والمشركين، أول معركة تنزل فيها الملائكة (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) أول معركة الله هو الذي يرتبها، الحقيقة إن هذه المعركة لم يرتبها النبي –عليه الصلاة والسلام- لو نظرت إليها تجد هي من تدبير الله وحده، كما قال القرآن: (ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد ولكن ليقضي الله أمراً كان مفعولاً) والقرآن يقول..

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

والمسلمون كانوا يريدون شيئاً آخر.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

كانوا يريدون شيئاً والله يريد شيئاً آخر، والقرآن قال هذا (كما أخرجك ربك..) انظر التعبير.

(كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون، وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم، وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم). لأن المسلمين خرجوا في أول الأمر من أجل لقاء العير، القافلة التي جاءت من الشام محملة بتجارة قريش، كانوا يريدون أن يضربوا قريش ضربة اقتصادية في مقابل ما كلفتهم قريش من ديار وأموال وعقارات تركوها في مكة، فالحرب –أيضاً- تقتضي حرب اقتصادية مع الحرب العسكرية، فكان المسلمون خرجوا للعير وليس للنفير، وفي القرآن (تودون أن غير ذات الشوكة..) اللي ما فيهاش سلاح ولا دماء ولا حرب ولا قتال تكون لكم. (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته) أنتم تودون شيئاً والله يريد شيئاً آخر، (ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين، ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون) فهذه المعركة الله كان يديرها، كما يقول الله –عز وجل-: (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) فهذه المعركة من تدبير الله –عز وجل- قبل كل شيء، وهو الذي.. شوف لما تنظر القرآن (إذا يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به) (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا) يعني كله من عمل الله، من صنع الله –تبارك وتعالى- فهو الذي رتب لهذه المعركة، وهو الذي دبر لها، وهو الذي هيأ النصر للمسلمين فيها.

ماهر عبد الله:

رغم كل هذا الكلام، ومع هذا الكلام الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهو أدرى الناس بربانية هذه المعركة أصر إصرار عجيب على الشورى حتى في لحظة الحرب، يعني في أيامنا هذه بسبب الحرب مع إسرائيل، بسبب إشكالات الاستقلال يتعذر الكثير من العرب بترك المشورة، ترك الديمقراطية بسبب أننا نعيش حالة حرب، المصطفى –صلى الله عليه وسلم- استشار حتى في لحظة الحرب هذه.

إعلان

د. يوسف القرضاوي:

هو يعني في الحقيقة، يعني لو جئنا لنستنبط الدروس والعبر من غزوة بدر فلا شك أن درس الشورى من أوائل الدروس التي تستقي من هذه الغزوة الكبرى. الشورى قبل بدء المعركة، والشورى في أثناء المعركة، والشورى بعد انتهاء المعركة. الشورى قبل بدء المعركة، النبي –عليه الصلاة والسلام- حينما خرج ونجا أبو سفيان بالعير وبالقافلة، ساحل بها –مشى من جهة الساحل- واستطاع إنه ينجو بقافلته ويعود إلى قريش، يعني سالماً، فالنبي –عليه الصلاة والسلام- .. وبعدين أبو جهل أصر إنه يأتي إلى بدر، يعني أبو سفيان قال له: خلاص يعني..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

انتهى الأمر.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

انتهى الأمر، وربنا نجَّى القافلة، ارجعوا، قال: لا، لابد أن نذهب إلى بدر –وبدر دي هي عبارة عن ماء وبئر والناس يجلسون حولها، ويقيمون الخيام، يعني زي واحة، يعني كده في الصحراء، فقال: لابد أن نذهب إلى ماء بدر، وننحر الجزور، ونشرب الخمور، وتعزف علينا القيان –القيان: المغنيات –ويسمع بنا العرب، فلا يزالون يهابوننا أبد الدهر. يعني عملية استعراض عضلات، استعراض قوة، وهذا طبعاً النبي –عليه الصلاة والسلام- لا يقبله، لأنه تحدي، أصل بدر تعتبر يعني من ضواحي، قريبة من المدينة، كأنه جاي في منطقة النبي –صلى الله عليه وسلم- ويتحداه، فلا يقبل هذا، فعندما نجت العير.. أراد النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يستشير الناس، وأن يأخذ رأيهم، لأنهم خرجوا غير مستعدين للقتال، فلكي يخوضوا قتالاً لابد أن يكون هذا برأيهم، وخصوصاً أن الأنصار حينما عاهدوا النبي –عليه الصلاة والسلام- وبايعوه بيعة العقبة، بايعوه على أن يمنعوه من كل مَنْ يهاجمه، إنما هؤلاء لا يهاجمونه في المدينة، صحيح في حمى المدينة وقرب المدينة، ولكن لم يدخل المدينة، فأراد أن يستوثق إن الأنصار.. يعني هم جمهور الناس، هم الأكثرية، فلابد أن يكون رأيهم واضحاً، فوقف النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: (أشيروا عليَّ أيها الناس). فقال أبو بكر وتكلم وأحسن، وقام عمر وتكلم وأحسن، وقام المقداد بن الأسود –وهؤلاء كلهم من المهاجرين- وقال: والله يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون [إنا ها هنا قاعدون]، ولكن نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا..

إعلان

لا. كما قالوا: إنا هاهنا قاعدون، ولكن نقول لك: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، ولكن النبي –عليه الصلاة والسلام- لا يريد رأي المهاجرين، إنما هو يريد رأي الأنصار، لأنهم هم الذين يمثلون الأكثرية، وهم أهل..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

البلد.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

الدار، فقال.. سيدنا سعد بن معاذ قال: كأنك تريدنا يا رسول الله، والله لقد آمنا بك وصدقناك، وأيقنا أن ما جئت به هو الحق، والله لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه وراءك ما تخلف منا رجل واحد، وإنا لصُبُر في الحرب، صُدُق عند اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك. فالنبي –صلى الله عليه وسلم- استنار وجه، كان إذا يعني سُر، استنار كأنه فلقة القمر –كما يقول رواه هذا الحديث- اطمأن إلى أن الأنصار هذا رأيهم. فهذه الشورى قبل بدء الإيه؟ الحرب.

ماهر عبد الله:

المعركة.

د. يوسف القرضاوي:

هناك شورى في أثناء الحرب، يعني جاءه الحباب بن المنذر عندما نزل وأول منزل قرب بدر، فقال له: يا رسول الله، أهذا منزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدم عنه ولا أن نتأخر أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ أنت نازل بوحي فنقول: سمعنا وأطعنا أم هو مجرد رأي ومكيدة وحرب؟

قال: بل هو الرأي والحرب والمكيدة قال: ليس هذا بمنزل، إنما المنزل إنه نذهب كذا ونعمل كذا ونحفر حفرة وناخد الميه ونشرب ولا يشربون.

فقال النبي –صلى الله عليه وسلم- الرأي ما أشار به الإيه؟ الحباب.

هذا في أثناء الإيه؟ المعركة.

بعد المعركة استشار، استشار في أمر الأسرى، معروف استشارته في أمر الأسرى، ورأي أبي بكر، ورأي عمر. أبو بكر يقول: هم أهلك يا رسول الله، ولعل الله يخرج من أصلابهم مَنْ يعبد الله، ونحن في حاجة إلى المال، نأخذ منهم الفدية، ونتقوى به وسيدنا عمر يقول: يا رسول الله نضرب رقابهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم، وهو ده أول لقاء بيننا وبين هؤلاء المشركين، والنبي –عليه الصلاة والسلام- استراح لرأي سيدنا عمر [أبي بكر]هو قال لأبي بكر وعمر لو اتفقتما على رأي ما خالفتكما، ولكن ما دام اختلفوا فهو رأي، كان الحق أن إيه؟ أن يرجح.

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

يحسم.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

فرجّح الرأي.. ونزل القرآن يقول: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم) إلى آخره. فدرس الشورى من الدروس القيمة التي تستفاد من هذه الغزوة ومن غزوات أخرى، وكان النبي –صلى الله عليه وسلم- يستشير في السلم وفي الحرب، والشورى مبدأ إسلامي قرره القرآن المكي وأكده القرآن المدني، القرآن المكي يقول: (وأمرهم شورى بينهم) والقرآن المدني يقول: (وشاورهم في الأمر). فهذا درس من الدروس التي تستفاد من هذه الغزوة العظيمة.

ماهر عبد الله:

طيب، لو سألناك عن درس ثاني له علاقة –أيضاً- بما نعيشه اليوم، صحيح أن المعركة كانت صغيرة بكل المقاييس، لكن المسلمين فيها كانوا أصغر بكثير من جيش خصومهم، وعلى الأقل كانوا أقل استعداداً، لأنه كانوا يستعدون لغزو قافلة، فإذا بهم يواجهون جيشاً، إلى أي مدى نستطيع التعويل على هذا الفرق في العدد أن لا يكون لغير صالحنا فيما نشاهده اليوم؟

د. يوسف القرضاوي:

لو قسنا الأمر بالمقاييس المادية البحت لقلنا: إن المسلمين لابد أن يخسروا هذه المعركة، وتحق عليهم الهزيمة، لأن المسلمين كانوا من حيث العدد أقل من الثلث، يعني المسلمون يقدرون بثلاثمائة وثلاثة عشر أو أربعة عشر رجلاً، والمشركون يعني حوالي الألف، المسلمون معهم فرسان اثنين: الزبير والمقداد، فارسان فقط –والفرس في ذلك الوقت مثل دبابة في هذا العصر يعني- أما المشركون فكان معهم مائة فارس.

من ناحية الخدمات كان المسلمون يأكلون التمر وهذه الأشياء، والمشركون يذبحون في كل يوم ما بين التسعة والعشرة من الإبل، ولذلك النبي قدر عددهم، يعني لما أخذوا واحد منهم يعني وسألوه، فقال له: كم القوم؟ قال: والله.. قال: ما أعرفش كم.

قال له: كم يذبحون؟

إعلان

قال له: يعني يوم تسعة، ويوم عشرة. قال: القوم ما بين التسعمائة والألف، على أن كل جزور تُذبح بتكفي حوالي المائة..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

مائة.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

فهذا من ناحية العدد، من ناحية.. المسلمون كانوا –أيضاً- لقلة ركائبهم كانوا الثلاثة والأربعة يتعاقبون البعير الواحد، كان يركب أحدهم و2 أو3 يمشون، حتى إن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان معه اثنان من الصحابة: علي بن أبي طالب وأبو لبابة من الأنصار، وكان يركب ويمشي، فقالوا له: يا رسول الله، نحن شباب، نحن أشب منك وأقدر، ونستطيع المشي، أنت خليك أنت راكب، ونحن نمشي.

فقال: لا والله، ما أنتما بأقدر مني على المشي، وما أنا بأغنى منكما عن الأجر. وأبى إلا أن يشاركهما.

من ناحية أخرى: المسلمين من الناحية النفسية لم يخرجوا للقتال، يعني شوف اللي يكون خارج.. دوكهم جايين مستعدين بالسلاح وكذا، المسلمين خرجوا من أجل أن يلقوا رجل ومعاه أربعين شخص حراس القافلة.

فيعني خرجوا غير مستعدين لمعركة، فهذا –أيضاً- يجعل نوع من الضعف من الناحية السيكولوجية أو النفسية، فإذا نظرت إلى هذه المعاني كلها تقول: هؤلاء القوم لا يملكون من أسباب النصر شيئاً، فما الذي إذن حقق لهم هذا النصر المبين تحدث عنه القرآن، وتحدثت عنه السنة، وتحدثت عنه كتب السيرة وكتب التاريخ، ولا زلنا نباهي به ونحفل، هذا لابد أن يعني يكون لهذه يعني سببه، وهو السبب في الحقيقة..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

نؤجلها إلى ما بعد الفاصل.

د. يوسف القرضاوي:

نعم، طيب.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله:

سيدي، قاطعناك وأنت على وشك أن تبين لنا كيف انتصرت هذه الفئة القليلة.

د. يوسف القرضاوي:

بسم الله الرحمن الرحيم.. قلنا: إن المسلمين في بدر لو نُظر إلى الجانب المادي وحده، وإلى المقاييس الكمية التي ترتبط بها أسباب النصر عادة لقلنا إن المسلمين لا يمكن أن ينتصروا، ولكن المسلمين انتصروا، انتصرت القلة على الكثرة، انتصر الضعف على..

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

القوة.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

القوة، انتصر غير المستعدين على المستعدين، وسبب هذا الانتصار أمور ثلاثة: أولها: تأييد الله –عز وجل- فكما ذكرت فيما سبق أن الله هو الذي أدار المعركة من فوق عرشه، وهذا واضح في القرآن الكريم يقول: (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، وما جعله الله إلا بشرى، ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم).

الله هو الذي هيأ..، كان المسلمون يعني بالصدفة أو بالقدر، وكان موقعهم موقع مترب يعني كده ورمل، فما كانوش يعني مبسوطين منه، وكانوا أيضاً بعضهم أصابته جنابة، وتحرَّج إنه يعني يحضر المعركة وهو جنب، فالمهم ربنا حل هذه المشكلات كلها بإيه؟ أنزل المطر.

(إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به، ويذهب عنكم رجس الشيطان) الوسوسة إنك هتدخل المعركة وأنت جنب وكذا، وليثبت به الأقدام، الأرض الرملية دي لما نزل عليها الماء ثبتها تحت أقدامهم، فالله كان هو الذي يحل لهم المشاكل، وأنزل عليهم ملائكة مردفين لهم، فنقول: نصر الله يعني في هذه المعركة، وتأييد الله قبل كل شيء. الأمر الثاني..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

اسمح لي في هذه بس يعني فيه قصة تُروي في بعض كتب السيرة أنه الملائكة كانت في جانب المسلمين، ولكن كانت بعض الشياطين –أيضاً- في جانب مكة، حتى إنه إبليس فر هارباً، وقال: اللهم وعدك –ظن أنه سيقتل- فيه صحة في هذه..؟

د. يوسف القرضاوي:

هو فيه في القرآن: (وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم وقال لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم، فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم إني أرى ما لا ترون) شاف الملائكة خلاص (إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب) فهو كان في أول الأمر.. وهذا –أيضاً- من صنع الله –عز وجل- إنه أغراهم، وكما قال: (إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم ولتنازعتم في الأمر) فربنا أرى المشركين كأنهم حفنة كده أمام المسلمين، وقال: (ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمراً كان مفعولاً) فكل ده من صنع الله –تبارك وتعالى- فالأمر الأول: تأييد الله..

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

تأييد الله.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

الأمر الثاني هو حسن قيادة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- لا يوجد قائد عسكري في مثل قيادة النبي –صلى الله عليه وسلم- وهذا أمر كتبت فيه كتب.. العسكريون أمثال اللواء شريف خطاب واللواء جمال محفوظ وعدد من العسكريين الكبار كتبوا في العبقرية العسكرية لرسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلا نطيل يعني في هذا، وحتى كتب الأستاذ العقاد في كتابه عبقرية محمد..

ماهر عبد الله:

صلى الله عليه وسلم.

د. يوسف القرضاوي:

كتب عن الرسول القائد، وبرضو الأستاذ شريف خطاب كتب الرسول القائد، كتب عن قيادة النبي –صلى الله عليه وسلم- وقعد يقارن بين ما يحكى عن نابليون وما يرُوي عن محمد –صلى الله عليه وسلم- ووجد أن النبي –عليه الصلاة والسلام- كان متفوقاً في كثير من النواحي.

فمن حسن قيادة القائد أن يستشير جنوده ويستشير رجاله، ولا يهمل أمرهم، وقد رأينا كيف كان الرسول –صلى الله عليه وسلم- أن يكون كواحد منهم، شفنا إنه كان بيمشي كما يمشون، ويقول: ما أنتما بأقدر مني على المشي، وما أنا بأغنى منكما عن..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

الأجر.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:

الأجر. رأيناه عليه الصلاة والسلام يعني يقيد من نفسه، يعني: يمكن بعض أصحابه إنه يقتص منه، وهو بيسوِّي الصفوف فواحد قال له: يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل.

فقال له: طيب تعال اقتص مني، يعني زي ما أنا ضربتك وبتاع اضربني.. فكشف يعني عن كتفه، فهو ما صَدَّق إنه رأى فأقبل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يلتزمه ويقبله، فقال: خذ بحقك يا سواد –اسمه سواد بن مُزية- فقال: يا رسول الله ما هذا أردت، ولكن حضر من الأمر ما ترى، فلعل الله يكتب لي الشهادة، فأردت أن يكون آخر عهدي من الدنيا أن يمس جلدي جلدك يا رسول الله، فانظر إلى هذا الحب من الجنود لقائدهم، فلحسن القيادة والنظر إلى عواقب الأمور وترى كيف كان يستخرج النبي –عليه الصلاة والسلام- حتى من الشخص الذي أسره المسلمون أو أخذوه، وبعدين كانوا يضربونه، هو يصدقهم وهم يضربونه.

إعلان

أنتم كلما صدقكم تضربونه، وهو الرجل.. يعني فالمهم..

أيضاً الأمر الثالث هو يعني جهد المؤمنين وبذل المؤمنين، يعني الصحابة –رضوان الله عليهم- كانوا مُثلاً تُحتذى، يعني كانوا يستحقون النصر حقيقة.

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

دعنا نؤجل الحديث عن الصحابة إلى ما بعد هذا الفاصل.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله:

يا سيدي ذكرت جهد المؤمنين وتميز الصحابة.

د. يوسف القرضاوي:

نعم، كان هؤلاء المؤمنون مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هم خير أجيال الدنيا، رباهم النبي –صلى الله عليه وسلم- خير تربية سواء المهاجرين الذين تربوا في دار الأرقم بن أبي الأرقم لمدة ثلاثة عشر عاماً في مكة، أو الأنصار الذين لحقوا بهذه المدرسة النبوية، هذا الجيل من السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار كان أسوة في عطائه، وفي بذله، وفي تفانيه، وفي إثاره بعضه لبعض، وفي ولائه لعقيدته قل كل شيء، فرأينا عُمير بن الحمام، النبي –صلى الله عليه وسلم- حينما قام وقال: (أيها الناس قوموا إلى جنة عرضُها السماوات والأرض، والله لا يُقاتلهم اليوم رجل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة، فسمعه رجل من الأنصار اسمه عمير بن الحمام قال: بخٍ بخٍ يا رسول الله. قال: مما تخبخ يا بن..؟ كلمة بخٍ بخٍ كلمة تعجب يعني يا سلام ما أحسن هذا الأمر، بخٍ بخٍ، قال مما تبخبخ يا بن الحمام؟ قال: أليس بيني وبين الجنة إلا أن أتقدم فأقاتل فيقتلني هؤلاء قال: بلى. قال –وكان يأكل تمرات، يلوك تمرات في فمه- فقال يا أأعيش حتى آكل هذه التمرات، إنها لحياة طويلة، الجنة أماي وأقعد لسه آكل التمرات، فألقى التمرات من يده وخاض المعركة وهو يقول:

ركضاً إلى الله بغير زاد

إلا التقي وعمل المعادِ

والصبر في الله على الجهاد

وكل زاد عرضة النفاد

غير التقي والبر والرشاد

وقاتل حتى قُتل رضي الله عنه، نجد الولاء للعقيدة إنه كان الأمر متميز، يعني المسلمون تحت قيادة الرسول –صلى الله عليه وسلم- والمشركون تحت قيادة أبي جهل ما.. خلاص نسوا آباءهم ونسوا إخوانهم، ونسوا عشائرهم، ولم يبقَ إلا الإسلام، تمحَّضت المعركة للعقيدة وحدها، ولذلك سيدنا أبوبكر يعني وجد ابنه في صفوف المشركين فقال: يا رسول الله دعني أُقاتل هذا المشرك؟ فقال الرسول –صلى الله عليه وسلم-: متعنا بنفسك يا أبا بكر؟ قالوا إن أبا عُبيدة بن الجراح قتل آباه، حاول أن يُعرض عنه وأن يُشيح بوجهه عنه وأبوه يُلاحقه فاضطر أن يُقاتله فيقتله، يعني وقالوا في هذا نزل قول الله تعالى: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا أباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيَّدهم بروح منه) في الأسرى كان يعني أبو عزيز بن عُمير، المسلمون قتلوا سبعين من صناديد قريش وأسروا سبعين، من هؤلاء السبعين أبو عزيز بن عُمير، أخو الصحابي الجليل مصعب بن عُمير، فمر مصعب بن عُمير مع النبي –صلى الله عليه وسلم- وهو يمر بالأسرى فوجد أخاه أبا عزيز فقال له؟ يا رسول الله أشدد يديك عليه فإن أمه ذات مال وفير. يعني أمه مستعدة تفدي ابنها بمبلغ كبير، قرَّط، شدِّد عليه شوية يعني فإن أمه ذات مال، فقال له أبو عزيز: أهذه وصاتك بأخيك يا مصعب؟ وكان يقول هذا لمن؟ لأبي اليسر، أحد اللي كان آسره من الأنصار، اسمه أبو اليسر يقول له: يا أبو اليسر أشدد يديك عليه. قال: أهذه وصاتك بأخيك؟ فقال: إنه اليوم أخي دونك، أخوة الإسلام أصبحت أهم من أخوة الدم وأخوة النسب، فالمسلمون يعني كانوا يستحقون أن ينتصروا بولائهم لعقيدتهم باسترخاصهم لدمائهم وأرواحهم في سبيل الله بحب بعضهم لبعض حتى هو يعني أحد المشركين خَوّف المشركين في أول الأمر قال: والله جماعة يعني هؤلاء قوم لا يُقتل واحد منهم إلا قتلوا على الأقل مثله منا، يعني لا يمكن إنه يترك أحدهم أخاه، كتلة واحدة، فلهذه الأسباب الثلاثة كان النصر في بدر، تأييد الله -تبارك وتعالى- وحسن القيادة النبوية، وبذل المؤمنين وعطاؤهم وترابطهم في سبيل الله.

إعلان

ماهر عبد الله:

طيب ماذا يعني لنا هذا اليوم، يعني الاتكال على الله بهذه الطريقة يُفسر اليوم تفسيراً خاطئاً، وبالتالي يجري إهمال الاستعداد، القيادة النبوية الآن ليست بيننا، وهذه من حكم الإسلام ومعجزاته في الوقت نفسه، كيف نستفيد نحن اليوم من حالة الاستعداد؟ هل نُهمل الاستعداد أو..؟

د. يوسف القرضاوي:

لا، هو الآن المسلمون لم يهملوا الاستعداد، هم –يعني- مستعدون ولكن الوضع فرض عليهم هذه المعركة، مثل الانتفاضة الآن، ما كانوا يريدون –يعني- هذا، ولكن جاء شارون هذا واستفز الناس وتحداهم، ودنس المسجد الأقصى وهاج الناس، ودخلت، ما كان في بالهم هذا الأمر، المسلمون خرجوا للقاء العير وما خرجوا للنفير، ولكن هم أرادوا شيئاً، وأراد الله شيئاً آخر، هنا الأمر لابد أن نعتمد فيه على نصر الله، ولابد أن نختار القيادة الحسنة لتدبر الأمور أيضاً، لأنه النبي –صلى الله عليه وسلم- يقول: إذا كُنتم ثلاثة فأمروا أحدكم، والأمر الثالث هو لابد من البذل، ولابد من العطاء، ولابد من أن نأخذ الأمر الثالث اللي تحدثنا عنه إن جهود المؤمنين هي أيضاً من الأسباب، لا يمكن..، والله تعالى قال في هذه السورة، سورة الأنفال التي عقَّب فيها على غزوة بدر، قال للرسول –صلى الله عليه وسلم-: (هم يُريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله، هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين وألَّف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعاً ما ألَّفت بين قلوبهم) فنحن في حاجة إلى المؤمنين المترابطين المؤتلفة قلوبهم بحيث يكونوا كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً، كالجسد الواحد، وليسوا كما وُصف اليهود قديماً (بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى) لا.. لا ينبغي أن يكون هذا في الصف المؤمن، فنحن نريد هذا الصف المؤمن هو أساس النصر إن شاء الله.

ماهر عبد الله:

إن شاء الله، طيب لنستمع إلى الإخوة المشاهدين معنا الأخ محمد الشامي من لبنان، أخ محمد تفضل.

إعلان

محمد الشامي:

السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام والرحمة.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

محمد الشامي:

غزوة بدر كانت دروساً كثيرة للمسلمين وأحد هذه الدروس كان هو درس..

د. يوسف القرضاوي:

والله يا أخي.. أسمعنا الله يخليك يعني.

ماهر عبد الله:

الصوت، الصوت قليلاً شوية، تفضل طيب، معانا الأخ عبد الرحمن الصالح من سوريا. تفضل.

عبد الرحمن الصالح:

سلام الله عليكم وتقبل الله طاعتكم.

ماهر عبد الله:

وعليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

تقبل الله منا ومنكم إن شاء الله.

عبد الرحمن الصالح:

يقول رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: (مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل أن تدعوني فلا أجيب لكم، وتسألوني فلا أعطيكم، وتستنصروني فلا أنصركم، لقد تعامل المسلمون الأوائل مع هذا الشهر الكريم ما يليق به من القيام بالطاعات والتسابق إلى الخيرات، وحققوا فيه انتصارات كبيرة منها غزوة بدر الكبرى موضوع هذه الحلقة، وفتح مكة وانتصارهم في عين جالوت، كذلك كان فيه انكسار الروم في تبوك حين ولّوا مدبرين من الرعب، كذلك تم في هذا الشهر المبارك فتح الأندلس، ويحل هذا شهر رمضان المبارك في هذه السنة على الأمة الإسلامية وهي تشعر بالقهر والظلم أكثر من أي وقت مضى، وتشعر في الوقت نفسه أنه لا يخلصها من سوء ما هي فيه إلا الله، فهل يسمح لي الأخ ماهر وفضيلة الشيخ بأن أوجه نداءً حاراً إلى ضباط وجنود الأمة الإسلامية البُسلاء وهم يسمعوننا الآن؟ أيها الضباط آن الأوان بأن تفيقوا من سباتكم وتستجيبوا لربكم، فأنتم أهل النصرة والمنعة فقوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض أُعدت للمتقين، فنصِّبوا خليفة من بينكم يعمل فينا بكتاب الله وسنة رسوله، وأعلنوها خلافة على منهاج النبوة، يرضى عنكم ساكن السماء وساكن الأرض.

ماهر عبد الله:

إعلان

طيب، أخ عبد الرحمن مشكور، يعني المقدمة كانت واضحة والنداء واضح، نرجو الله إنه يعني ماتحصرهاش في الضباط، كل الأمة أعتقد محتاجة للخليفة، ومحتاجة إلى نصرة هذا الدين، معايا الأخ عبد الله عمر من السعودية، أخ عبد الله تفضل.

عبد الله عمر:

آلو.

ماهر عبد الله:

تفضل يا سيدي.

عبد الله عمر:

السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

عبد الله عمر:

كل عام وأنتم بخير إن شاء الله.

ماهر عبد الله:

وأنت بخير.

عبد الله عمر:

أقول –يا طويل العمر- فيه عندي حديث عن رسول الله.

ماهر عبد الله:

صلى الله عليه وسلم.

عبد الله عمر:

عليه الصلاة والسلام ينفع الله به هذه الأمة والعرب والمسلمين عامة، قل: قال عليه الصلاة والسلام لخادمه أنس بن مالك أنا أعلمك شيئاً لو قلته لحفظك الله به طيلة يومك قل: بسم الله –سجِّل عندك الله يرضى عليك- بسم الله خير الأسماء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه أذى، بسم الله الكافي، بسم الله الشافي.

ماهر عبد الله:

أخ عبد الله أسألك أيش حتوصل من..، عفواً.

عبد الله عمر:

استنى أكمل لك الحديث.. بسم الله الكافي، بسم الله الشافي.

ماهر عبد الله:

يا سيدي يعني.

عبد الله عمر:

الله يرضى عليك ويرحم والديك اكتب ودعني أملّي، بسم الله الكافي، بسم الله الشافي، بسم الله المعافي، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، بسم الله على نفسي وديني، بسم الله على مالي وأهلي وأولادي، بسم الله على كل شيء أعطانيه ربي.

د. يوسف القرضاوي:

أيوه يا أخ وبعدين.. بعدين يعني..

عبد الله عمر:

الله أكبر.. الله أكبر.. الله أكبر.

ماهر عبد الله:

يا أخ عبد الله –يعني- ما الذي تريد أن تصل إليه.

عبد الله عمر:

الله ربي ولا أشرك به شيئاً.

ماهر عبد الله:

طيب إحنا مضطرين لقطع الاتصال للأسف الشديد، لأنه يعني لا نعلم ما الذي يريده، كل أحاديث المصطفى –صلى الله عليه وسلم- يعني مفيدة، وكل أدعيته نرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بها، ولكن نحن نتحدث الآن عن غزوة بدر الكبرى فنرجو من الإخوة السائلين أن يحصروا الموضوع في موضوع هذه الليلة.

إعلان

د. يوسف القرضاوي:

هو المطلوب حتى ذكر الله مطلوب في كل حين، حتى عند لقاء الأعداء، يعني الله تعالى قال: (يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون) فمطلوب الثبات، ومطلوب ذكر الله، إنما مش معناه تذكر الله وأنت قاعد في بيتك، يعني تقول بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض والسماء وهو السميع العليم وأنا قاعد في البيت، لأ، ادخل المعركة وادعو.

ماهر عبد الله:

ولا بتعويذة أيضاً.

د. يوسف القرضاوي:

كما ذكر الله تعالى أصحاب طالوت (ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبِّت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين، وكما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- في بدر، وهو في المعركة كان يدعو ربه ويقول: اللهم أنجز لي ما وعدت، اللهم أنجز لي ما وعدت، اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تُعبد في الأرض بعد اليوم، فالذكر والدعاء والتسبيح والتهليل والتكبير مطلوب، ولكن مع الأخذ بالأسباب، ومع لقاء الأعداء.

ماهر عبد الله:

طيب معايا الأخ عادل شرشر من مصر، تفضل يا أخ عادل.

عادل شرشر:

السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

عادل شرشر:

أنا كنت هأختصر أسألتي سريعاً بس ابتداءً عرفان بالجميل للشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فكثرة قراءاتي لكتابات الدكتور يوسف القرضاوي..

د. يوسف القرضاوي:

أنا مش سامع يا أخ والله.

ماهر عبد الله:

ارفعوا لنا الصوت شوية.

عادل شرشر:

طب أنا هأختصر الأسئلة بتاعتي سريعاً.

ماهر عبد الله:

تفضل، تفضل.

عادل شرشر:

الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: (لن يُهزم اثنا عشر ألف مؤمن من قلة) ونحن الآن مليار وأكثر، نريد توضيحاً لهذا الحديث؟ (2) زكاة الركاز على البترول العربي، نريد فتوى صريحة بهذا الأمر، ولمن تعطى.. للمجاهدين أم للبلاد الفقيرة؟ السؤال الثالث: ضرب المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ما حكمه؟ ضرب المدمرة الأمريكية في اليمن ما حكمه؟ الدكتور يوسف علمتنا أن نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم، ورسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: (لا يقفن أحدكم موقفاً فيه حق إلا تكلم به، لأنه لن يُقدِّم أجله، ولن يحرمه من رزق هو له).

إعلان

ماهر عبد الله:

أخ عادل السؤال واضح، فيه عندك سؤال ثاني؟

عادل شرشر:

فقط جزاكم الله خيراً.

ماهر عبد الله:

طيب مشكور جداً يا سيدي، مشكور ونعتذر للأخ محمد الشامي لانقطاع الهاتف،ونؤكد لك أخ محمد أنه لأسباب فنية وليس مقصوداً لأننا لم نسمع ما قلت يعني.. نعم، يا سيدي أنا أعتقد السؤال الوحيد الجوهري اللي وصل.. البقية كانت مداخلات، 12 ألف من قلة، هذا السؤال يتكرر كثيراً.

د. يوسف القرضاوي:

أنا بس أريد أن أعلق على الأخ اللي هو من حزب التحرير اللي بيتكلم عن نصرة الضباط وبتاع وهم يكادون في كل حلقة يدخلون ليقولوا هذا الكلام، يعني أنا أقول لهؤلاء الإخوة يعني لا أدرى كيف يتصورون؟ الضباط لم يعودوا يملكون الجيوش، ليسوا أصحاب الجيوش، هم موظفون، الضابط ده هو موظف، هو النهارده لواء وبكرة ممكن يكون في المعاش، هم يظنون كأن الضباط هم الذين يملكون تحريك الجيوش، وهم الذين يملكون أن يفعلوا..، هذا ليس تصوراً –يعني- صحيحاً، فيعني أنا أرجو الإخوة يُريحونا، يعني فيه أخ اسمه منذر أو مش عارف أيه كل..، يكاد يكون يدخل في كل مرة، أو يجي واحد يكون..، يا إخواننا نحن نريد أن..

ماهر عبد الله:

وزمن الانقلابات ولَّى، هل تريد..

د. يوسف القرضاوي:

نحن لا نريد إن الناس الضباط ينقلبوا ويعملوا انقلاب عسكري، أنا ضد هذا، نحن نريد إن الشعوب نفسها هي التي تتحرك، نريد أن نُغيِّر عن طريق تغيير أنفس الناس كما ذكر القرآن هذه السنة الاجتماعية (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم) إنما يلاحقنا إخواننا هؤلاء كل مرة نريد نصرة الضباط، الضباط، أي ضباط هؤلاء؟ وإذا قام بعض الضباط وعملوا علينا انقلاب، هذه مشكلة، يعني الآن نحن نعاني من المشكلات ولا ينبغي أن يكون هذا، ولا نشجعه في الحقيقة، نحن نريد التغيير الحضاري، التغيير النفسي والأخلاقي عن طريق الأمة نفسها تفرض نفسها هذا هو الذي –يعني- نريده.

إعلان

ماهر عبد الله:

ولهذا إذا سمحت لي أن أعود للسؤال، قبل الهواتف، كنت سألتك عن الاستعداد ما بين التعويل على الخليفة مخرج من كل الأزمات، وبين تعويذات والاعتماد على بعض التعويذات يضيع كثير من الجهد الإسلامي والعمل الإسلامي، والبعض يظن أن هذا إما توكل على الله بتعويذة أو اثنتين.

د. يوسف القرضاوي:

واحد يقول لك بسم الله الكافي، بسم الله الشافي، بسم الله المعافي، بسم الله..، وكأن هذا بقى خلاص حتحل المشكلات، لو كان الأمر كذلك ما أمرنا الله أن نعد ما استطعنا من قوة، ولا أن نهيِّئ الأسباب، ولا أن نُجَمِّع الصفوف، ولا أن نجند الأمة، هذا يعني، والآخر اللي يظن إنه مجرد ما تقول إننا اخترنا خليفة حُلَّت كل المشاكل، مجرد ما يقول دا فلان أصبح، هي المسألة مش بالأسماء والعناوين، هي بالحقائق والمضامين، المهم تغيير الأمة من داخلها، مش وجود اسم، أو القضية ما هي بهذه الطريقة.

ماهر عبد الله:

طيب خلينا نسمع الأخت مريم عبد الله ثم نعود إلى، عفواً الأخت مريم أحمد تفضلي.

مريم محمد:

السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام.

مريم محمد:

فضيلة الدكتور كل عام وأنتم بخير والأمة الإسلامية –إن شاء الله- كلها بخير.

د. يوسف القرضاوي:

حياكِ الله يا أختي.

مريم محمد:

الحقيقة في كل سنة نتابع نقل الصلاة من الحرم المكي الشريف، ونسمع في دعاء القنوت ما يتضمن الدعاء على اليهود، مثل اللهم أهلك اليهود، وأهلك أعداء الدين، في هذا العام لاحظت اختفاء تلك النبرة يعني وسمعت من إحدى الصديقات بأن تعليمات في السعودية ببعض الدول بعدم الدعاء على اليهود، فهل هذا صحيح وأطفالنا يُقتلون على أيدي قطعان اليهود؟ وجزاكم الله خير.

ماهر عبد الله:

طيب مشكورة يا أخت مريم، مشكورة جداً، يا سيدي 12 ألف.. لا يهزم اثنا عشر ألف من قلة، ونحن الآن مليار مسلم كما قال الأخ عادل شرشر ونهزم.

إعلان

د. يوسف القرضاوي:

هو الحديث فعلاً هو وارد عن النبي –صلى الله عليه وسلم- إنه يعني خير الأصحاب أربعة،وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يهزم اثنا عشر ألفاً من قلة، ولكن الاثنا عشر ألفاً لابد أن يكونوا اثني عشر ألف مؤمن، كان الشيخ حسن البنا –رحمه الله- يقول: هاتوا لي 12 ألف مؤمن وأنا أغزوا بهم العالم، بس عايز 12 ألف مؤمن صادق الإيمان مش عايزين مثلاً 24 ألف نص مؤمن، أو 48 ألف ربع مؤمن، أو 96 ألف ثمن مؤمن، أو ملايين من كسور المؤمنين، لأ، هذه الكسور دية ما تنفعناش، ما هو واحد صحيح أكثر من مستشفى من المرضى، فيها ألف واحد، ولكن لو واحد قوي أكثر من هؤلاء جميعاً، عاقل أكثر من ألف مجنون.

المسألة نريد المؤمنين الصادقين، فليس مجرد 22 ألف مسلم، لأ، عايزين 22 ألف مؤمن، لأن هؤلاء، الله تعالى قال: (هو الذي أيّدك بنصره وبالمؤمنين وكان حقاً علينا نصر المؤمنين) والإيمان ليس بالتمني، الإيمان كما وصفه القرآن صفات وأخلاق وأعمال وأشياء كثيرة فلو وجد هؤلاء، ووجدوا أيضاً لا يكونوا مبعثرين، أيه 12 ألف مؤمن وواحد في الهند، وواحد في السند، وواحد في الشرق، وواحد في الغرب، لابد أن يتجمعوا، وأن ينتظموا، أن يكونوا تحت قيادة، وأن يكون لهم منهج وخطة فإذا وجد هؤلاء المؤمنون، وتهيأت لهم الأسباب أيضاً..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

تسمح لي أن أضيف عليه سؤال كان المرحوم عبد الله عزام يعني كثيراً ما يقرأ آية في القرآن مع حركة يديه يقول: (من المؤمنين رجال)، يعني حتى داخل الصف المسلم الرجال الرجال أقل عدداً وعدَّة يعني، هل هذا له علاقة بالـ 12 ألف؟

د. يوسف القرضاوي:

آه طبعاً (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) هذا يعني.. وليس يعني، المؤمن الصادق لابد أن يكون رجلاً، وممكن أن تكون امرأة أيضاً مؤمنة صادقة، يعني كلمة رجال لا يعني إن النساء ليس لهم دور، لأ، ممكن حتى المرأة يكون لها دور، يعني كان نسيبة بنت كعب بتقاتل، وأم سُليم وأول من استشهد في سبيل الإسلام امرأة، فالآية تقول: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدَّلوا تبديلا).

إعلان

ماهر عبد الله:

طيب، معايا الأخ زين العابدين عبد الله من النمسا، أخ زين العابدين تفضل.

زين العابدين عبد الله:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير.

ماهر عبد الله:

وأنت بخير.

زين العابدين عبد الله:

سيدي شيخنا الكبير كيف تُحل المشكلات، كيف تحل المشكلات، وكيف تتغير الأمور من داخلها إن كنا في معظم الدول العربية والعالم الإسلامي لا نستطيع قولة حق أو كلمة حق، وأن كل من يحاول التغيير، حتى التغيير الديمقراطي كما يسمى، إذا كان ينتمي للإسلام بأي صفة فإنه يُقاوم أو يُسجن، إلى آخره كما تعلمون؟ كيف يمكن أن يتم هذا التغيير؟ وكيف يمكن أن يتجمع اثنا عشر أو حتى أربعة آلاف، أو حتى أربعين شخصاً دون أن تقاومهم أنظمة السلطة الموالية في المقام الأول لنظام العولمة والتحكم الأمريكي في بلادنا؟

ماهر عبد الله:

أخ زين السؤال واضح وأنا على يقين أنك ستسمع من الشيخ سؤال، عندك سؤال آخر غيره؟ طيب الأخ إبراهيم عبد الله من السعودية، الأخ إبراهيم عبد الله من السعودية.

إبراهيم عبد الله:

السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

تفضل.. عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

إبراهيم عبد الله:

قال الله تعالى: (لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز) أتقدم لكم بطلبين، الأول: أننا نناشد مفتي فلسطين الشيخ عكرمة صبري بإنشاء جمعية أسر شهداء فلسطين تخليداً لذكراهم، وسيأتيهم الغيث بإذن ربهم رغداً رخاءً سخاءً من كل مكان، الطلب الثاني: نطالب الشيخ القرضاوي بإعلاء صوته والتأكيد على إحياء منبر مجمع الفقه الإسلامي نحو قضية فلسطين وشهداء فلسطين، هذا المنبر الذي لا صوت له إلا فيما نذر والسلام عليكم.

ماهر عبد الله:

مشكور جداً يا سيدي، معايا الأخ عمر الحاج من السودان، أخ عمر تفضل.

عمر الحاج:

أيوه السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

إعلان

عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

عمر الحاج:

وتقبل الله صيامنا وصيامكم وقيامنا وقيامكم.

ماهر عبد الله:

جميعاً يا سيدي.

عمر الحاج:

إذا سمح لي الشيخ القرضاوي، وسمح لي الأستاذ ماهر فأود أن أُعلِّق على ما ذكر على حزب التحرير وعن طلبه النصرة إذا سمحتم وإلا فأسأل سؤال في غزوة بدر، ولكني أرى أن موضوع حزب التحرير وطلب النصرة هو موضوع مهم قد أثار الشيخ كثيراً، فأود أن أوضح.

ماهر عبد الله:

لا، اسمح لي، اسمح لي يعني إن إحنا ما كان الشيخ ليعلِّق لولا كثرة الإلحاح، موضوعنا ليس هذا، يعني قد نعود إليه في مناسبة أخرى نخصص لهذا يعني التيار في الفكر الإسلامي، فتفضل في..

عمر الحاج:

بارك الله فيك بالنسبة لسؤال غزوة بدر.. غزوة بدر للأسف الشديد كثر الحديث عنها ومنذ المدارس ونحن نُحدث عن غزوة بدر دون أن يبين لنا ما هي الأحكام الشرعية التي تُستفاد من غزوة بدر، وما هي الأفعال التي قام بها الصحابة، والتي يمكننا أن نتأسى بها فيما يتعلق بغزوة بدر؟ فأصبح الحديث عن الغزوة وكأنها تاريخ وقصة لا تمت إلى واقعها بصلة، فأود أن أشير إلى نقطتين فيما يتعلق بغزوة بدر والأحكام الشرعية التي تستنبط من غزوة بدر ونستطيع أن ننزلها على واقعنا في هذه الأيام علَّها..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

تفضل باختصار، تفضل.

عمر الحاج[مستأنفاً]:

علَّها تعيد الثقة بالإسلام عند الأمة الإسلامية، ففي غزوة بدر نزل الرسول –صلى الله عليه وسلم- منزلاً للحرب، فسأله أحد الصحابة، وهو معروف لدينا، هذا الصحابي سأل النبي -صلى الله عليه وسلم-.

د. يوسف القرضاوي:

ذكرناها هذه يا أخي.

ماهر عبد الله:

أخ عمر هذه القصة ذكرناها، أعطينا العبرة التي تراها أنت من الموضوع.

عمر الحاج:

العبرة نتحدث في هذه الأيام عن مجلس شورى، ونتحدث عن مجلس للأمة بمعنى أن الأمة الإسلامية يجوز لها أن تختار ما ينوب عنها في الرأي عند الخليفة، هذه الغزوة يُستفاد منها أن الرأي المتعلق بناحية فنية يكون الرجوع فيه إلى أهل الخبرة وإلى أهل الدراية، مثل الصحابي الذي كان عنده علم بالحرب، بمعنى أن غزوة بدر نستطيع أن نستنبط منها الأحكام المتعلقة بمجلس الأمة، بمجلس الشورى في دولة الخلافة التي ندعو لإقامتها، يعني هذه الناحية..

إعلان

ماهر عبد الله:

طيب.. هذا النوع الأول، الثاني يا سيدي؟

عمر الحاج:

الثاني شكراً يا أخ ماهر على الاستعجال، شكراً لك، المسألة الثانية أن الصحابي سأل النبي –صلى الله عليه وسلم- أمنزلاً أنزلكه الله أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ بمعنى إذا كانت المسألة متعلقة بالأحكام الشرعية فلا نسأل ولا يجوز لنا أن نحيد عن حكم الشرع وإن بدت المصلحة في غير هذا المنزل، وإن بدت المصلحة في غير هذا الرأي، فهذه النقطة يجب الإشارة إليها، لأنه هذه الأيام يكثر الحديث عن المصلحة، ونجد في بعض الأحيان أن هنالك من يُقدِّم المصلحة التي يراها العقل على حكم الشرع.

فهذه الناحية يجب أن نركز عليها حتى..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

مشكور جداً النقطة الثانية أنا أتفق معك أنها مهمة، وإن شاء الله ستسمع من الشيخ أيضاً تعليق عليها، نعود إلى الأخ عادل شرشر، سأل قبل هذه المجموعة زكاة الركاز على البترول العربي هل تُدفع للجهاد أم للفقراء؟ أي الأولوية يعني هل يدفع..

د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:

ملك الدولة أو ملك شركات؟ إذا ملك الشركات يعني فيه الخُمس وإذا ملك الدولة كله يُدفع لمصالح المسلمين مش عليه زكاة ربع العشر أو العشر أو الخمس، كله، كله لازم يُدفع في مصالح المسلمين.

ماهر عبد الله:

يعني نفط العرب أغلبه الآن ملك حكومات، هو سؤاله عن..

د. يوسف القرضاوي:

طيب، كله لازم يدفع في مصالح المسلمين، المهم بقى المشكلة مشكلة الإقليمية، إنه كل دولة ترى إن هي نفسها يعني بترولها لها ولا علاقة لها بالمسلمين، هذه مشكلة التجزئة، يعني لو أمة واحدة كان يبقى الخير لها جميعاً، إنما هذه التجزئة جعلت كل جماعة أحق ببترولهم ونفطهم، وفضتهم، وذهبهم، ولذلك إحنا كي نعالج هذه المشكلة نريد أن نوحد الأمة، حتى يكون خير الأمة لها جميعاً..

ماهر عبد الله:

لكن الأصل أنه للأمة وليس للـ..

إعلان

د. يوسف القرضاوي:

آه.. للأمة، آه.

ماهر عبد الله:

طيب، سؤاله –يعني- خارج عن الموضوع وعلاقة بالموضوع، ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة ماحكمه؟

د. يوسف القرضاوي:

يا أخي.. أنا مع جماعة حماس إنه إحنا الآن نضرب المصالح الإسرائيلية في داخل إسرائيل، هذا أهم ما نشغل به أنفسنا.

ماهر عبد الله:

طيب، الأخت مريم..كوننا ذكرنا إسرائيل الدعاء على اليهود هل سمعت بتعميمات في بعض الدول العربية إنها تمنع الدعاء، حتى الدعاء على اليهود في المساجد؟

د. يوسف القرضاوي:

والله أنا كنت في مكة خلال الأسبوع الماضي، ولاحظت فعلاً.. وسألني بعض الإخوة: ليه إن المشايخ ما بيدعوش على اليهود كما كانوا يدعون في السنوات الماضية؟ وقالوا إن دي تعليمات. قلت لهم: والله أنا ما أظن إنها تكون تعليمات، يعني ربما يكون غفلة أو شيء من هذا، لا، يعني يستبعد إنه تصدر تعليمات في المسجد الحرام، ده أنا أعلم أنه كان الروس يشكون من دعوات أئمة المسجد الحرام على الروس في حرب الشيشان، لأن هذه الملايين حينما تقول آمين يهتز لها العرش، فنحن.. أنا أستبعد وأستغرب يعني أن يكون هذا صادراً بتعليمات لعله يعني.. أو في بعض الليالي، حتى هو –إمام المسجد الحرام- في بعض الليالي لم يقنت، وهو يفعل هذا في كل السنوات، إنه يأتي في أيام ولا يقنت فيها خالص، يترك القنوت، فلعل هذا من هذا النوع، وأرجو ألا يكون هذا صحيحاً أو.. ما أظن أن تصدر تعليمات بعدم الدعاء للإخوة المجاهدين في فلسطين، و عدم الدعاء على اليهود الظالمين، هذا الدعاء سلاح المؤمن، فكيف نُحّرم من هذا السلاح؟! على الأقل ندعو لهم، وينبغي أن يدعو كل أئمة المسلمين في العالم الإسلامي، في شهر رمضان هذا تكثف الدعوات، ولن يخلوا من أن يكون هناك بعض الناس الصالحين المخلصين، يعني أهل لأن يستجيب الله دعاءهم.

ماهر عبد الله:

إعلان

سؤال الأخ زين العابدين.. أنت قدمت احتجاجك على حزب التحرير والخلافة، و الانقلابات، هو يقول: كيف نغير الأمة من داخلها –كما تفضلتم- إذا كنا لا يسمح لنا بقول كلمة الحق، وأنه حتى التغيير الديمقراطي مرفوض وأي صلة لأي عمل سياسي نقابي أو حزبي له علاقة بالإسلام يرفض ولا يسمح له بالعمل، ما هو الخيار الذي يفتح؟

د. يوسف القرضاوي:

والله لابد أن نستمر في طريقنا، الذين يريدون الإصلاح عن طريق التغيير الفكري والنفسي، والأخلاقي، والحضاري، عن طريق الشعوب والجماهير، يجب أن يستمروا في هذا الطريق ولا ييأسوا مهما وضعت الأشواك في طريقهم، هذه طبيعة أصحاب الدعوات (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب).

إذا لم نستطع.. يعني أنا أعيب على بعض الدعاة المسلمين أن يحصروا هدفهم في هدف واحد، وهو –مثلاً- إقامة الدولة، إذا لم تقم الدولة خسرنا كل شيء، لأ، أنا أعمل على تكوين الفرد المسلم، أعمل على تكوين الأسرة المسلمة، أعمل على تكوين المجتمع المسلم، أعمل على تكوين الاقتصاد الإسلامي، التربية الإسلامية، الفن الإسلامي، الأخوة الإسلامية، أعمل على تحرير الشعوب المستضعفة، أساهم في تحرير الإخوة في فلسطين، الإخوة في كشمير، الإخوة.. أساهم في هذا بقدر ما أستطيع، أساهم في إقامة فكر إسلامي، مستنير، معتدل، متسامح، محاور بدل الانغلاق أو الكذا.. كل هذا عمل في سبيل الإسلام، فإذا أُغلِق أمامنا باب نحاول أن نفتح باباً آخر، سُد أمامنا طريق نحاول أن نسلك طريقاً آخر ولن نيأس، هذا، وبعدين أنا أرى إنه هذا يعني استطعنا من خلاله أن نقيم أشياء كثيرة، أقمنا بنوكاً إسلامية وأقمنا مدارس إسلامية، وأقمنا أشياء إسلامية، أقمنا الصحوة الإسلامية الكبرى، هذه الصحوة التي غزت العقول والقلوب والسلوك، وأصبح آثارها في الرجال والنساء والشبان والشبات وفي الحياة كلها، وفي الثقافة وفي الفكر، من يُنكر أثر الصحوة الإسلامية؟ وهل الانتفاضة هذه إلا من آثار الصحوة الإسلامية، والانتفاضة السابقة، يعني لماذا ننكر؟ ثم إني أريد أن أقول شيئاً: نحن علينا أن نعمل ونجتهد ونحاول وليس علينا أن ننتصر، لن يسألنا الله –عز وجل- لماذا لم تنتصروا؟ ولكن سيسألنا: لماذا لم تعملوا؟ فإذا قال: يا رب..، نقول: والله يا رب نحن علينا أن نبذر الحب ونرجو الثمار من الرب، إحنا نعمل والنصر عليك أنت، (ما النصر إلا من عند الله) والقرآن ذكر لنا قصة قال: (وإذ قالت أمة منهم لِمَ تعظون قوماً الله مهلكم أو معذبهم عذاباً شديداً، قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون) إنتو ليه بتوعظم وعظ مالوش فائدة؟ جماعة حقت عليهم كلمة العذاب، وحق عليهم الهلاك.

إعلان

ماهر عبد الله:

ميؤوس.

د. يوسف القرضاوي:

لِمَ تعظون قوماً؟ (قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم..) يعني نحن نعظهم وندعوهم لأمرين الإعذار إلى الله بأداء الواجب، ولعلهم يتقون، لا نيأس من صلاح حالهم، فهذا هو موقف كل داعية صادق الدعوة مخلص في طريقه.

ماهر عبد الله:

طيب معايا الأخ أحمد منذر من فلسطين، أخ أحمد تفضل.

أحمد منذر:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

أحمد منذر:

أخي الكريم يقول الرسول صلى الله عليه وسلم إنما جعل الإمام جنة يتقى به ويقاتل من ورائه.

د. يوسف القرضاوي:

لا حول ولا قوة إلا بالله.

أحمد منذر:

ويقول عثمان رضي الله عنه: إن الله ليذع بالسلطان ما لا يذع بالقرآن.

ماهر عبد الله:

أخ أحمد حتسأل في موضوع..

أحمد منذر:

في معركة بدر أخي الكريم أنا أريد أن أتحدث عن معركة بدر.

ماهر عبد الله:

هتسأل في موضوع الحلقة؟

أحمد منذر:

نعم أنا أريد أن أتحدث عن معركة بدر نعم أخي الكريم.

ماهر عبد الله:

تفضل.

أحمد منذر:

معركة بدر كان يقودها الرسول –صلى الله عليه وسلم- وهذا يعني أن الرسول –صلى الله عليه وسلم- كان يقود الجيش الإسلامي، وكان يقود المسلمين ، نحن الآن ليسن لنا قائداً مسلماً مخلصاً صادقاً أميناً على هذه الأمة كما كان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وصحابته، لذلك المسلمين الآن حتى يقوموا بالعمل الصحيح المنتج الذي سيعود على المسلمين بالخير والنصر والعزة، وتحرير كل بلاد المسلمين، وإقامة عز وكيان وانتصار لهذه الأمة لابد أن يكون لهم قائداً مؤمناً مخلصاً صادقاً رحيماً يتقي الله في عمله، لذلك علينا أن نعمل لنوجد هذا الرجل الذي يقودنا إلى النصر..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

طيب، إن شاء الله.

أحمد منذر:

القائد هو أمير المؤمنين، الخليفة الذي يجب أن نسعى من أجل إيجاده..

إعلان

ماهر عبد الله:

مشكور يا أخ أحمد، وأنا أعتقد.. لا أدري ما هو المبرر لهذه المداخلة، الشيخ اتفق معك ومع الإخوة السابقين في ضرورة وجود الخليفة، القضية هي أنه لا يحب الأسماء بقدر ما يحب التركيز على المسميات، إذا وُجِد هذا القائد وكلنا نسعى لأن يوجد فبها ونعمة، ما لم يُوجَد الأبواب يجب أن لا تغلق، معي الأخ سعيد محمود من مالطا، تفضل.

سعيد محمود:

السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

وعليكم السلام ورحمة الله.

سعيد محمود:

أخي الكريم أنا أرجو أن يتسع صدرك وصدركم لنا، نحن نريد أن نحب قياداتنا، لأنهم عصمتنا فعلاً، ونريد أن ندعو لهم، هذا لا شك فيه، فهم منّا ومفروض علينا –شئنا أم أبينا- فخيرهم خيرنا وشرهم شرنا، لذلك أرجو أن يتسع صدر فضيلة الشيخ لهذا السؤال، في سيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- أسوة لنا جميعاً وأسوة بقيادته للقادة، في قيادته أسوة للقادة، أما المسلم اليوم فقد يجد الأمن في أي مكان في العالم إلا في بلده، ولعل فضيلة الشيخ يعلم هذا جيداً، بسبب موظفين يستحون الحرب على الحاكم..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

أخ إسماعيل [سعيد] إذا ما سألتش في موضوع غزوة بدر فأنا مضطر..

سعيد محمود:

سؤالي لو سمحت..

ماهر عبد الله:

إذا مالوش علاقة بموضوع بدر..

سعيد محمود:

أريد أسأل سؤال فقهي في دي.

ماهر عبد الله:

تفضل.

سعيد محمود:

آخر سؤال: هل يجوز لنا.. الآن أحد الفضلاء يقول: إنه لو كان عنده دعوة صالحة لادخرها للحاكم، نحن نريد أن ندعو له.. لكن بسبب ظلم موظفيه هل يجوز لنا أن ندعو عليه أم الأفضل حسب منهج الوسطية أن ندعو له أن الله سبحانه وتعالى يهديه؟ وجزاكم الله خيراً.

ماهر عبد الله:

طيب مشكور جداً يا أخ إسماعيل [سعيد]، الأخ محمد مصطفى من قطر.. تفضل.

محمد مصطفى:

السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

إعلان

عليكم السلام.

محمد مصطفى:

كل عام وأنتم بخير فضيلة الشيخ القرضاوي، أطال الله في عمرك وبقاك، عندي سؤال بس أتمنى يعني إني أجد له الإجابة الشافية.

ماهر عبد الله:

تفضل.

محمد مصطفى:

يعني هو متعلق بقضية معركة بدر وأحوالنا الحالية الموجودة حالياً في العصر الحديث، هل إحنا صحيح المسلمين الآن هم متمسكين بإيمانهم كما كان السلف الصالح؟ وهل إحنا..

د. يوسف القرضاوي:

متـ.. أيه؟

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

متمسكون..

محمد مصطفى:

متمسكون بإيمانهم.

ماهر عبد الله:

نعم، تفضل، نعم.

محمد مصطفى:

بإيمانهم كما كان يفعلون السلف الصالح فيما قبل؟ وهل نحن على أتم الاستعداد إنه نأخذ الإيمان والإسلام كأنه يكون هو وسيلة لنا في حياتنا اليومية بدون الرجوع إلى ما يطلق عليه الآن من عولمة وتحضر وحضارة، وما شابه ذلك من ها القبيل؟ فأنا عندي سؤال بسيط لفضيلة الشيخ، بأتمنى منه إنه يصدر فتوى بخصوص ما حدث مؤخراً في السودان، المجزرة اللي حصلت في المسجد هذا، وجزاكم الله كل خير.

ماهر عبد الله:

طيب.. مشكور جداً، أرجو أن نترك نقاش إخوتنا في حزب التحرير، نبدأ بتعليق بسيط منك على ما حصل في السودان، الكثير –الحقيقة- أثار قشعريرة وقرف كثير من المسلمين أن يقوم مسلم في بلد مسلم بالاعتداء على مسلمين في رمضان في المسجد.

د. يوسف القرضاوي:

والله هذا يعني شيء –يعني- تقشعر منه الأبدان، ويكاد الإنسان يفقد عقله حينما.. يعني أول ما سمعت الخبر هالني –الحقيقة- وأفزعني، يعني كيف يمكن لإنسان يدعي الإسلام، ويشهد أن إله إلا الله محمد رسول الله يدخل مسجد فيه مصلون وفي شهر رمضان، ويطلق النار عشوائياً على الموجودين ويقتل عشرين، ويجرح مائة وأكثر من مائة؟!! هذا يعني هذا.. واحد أو ثلاثة، كما قالوا، هذا شيء يعني جنون هذا والله!! ولذلك المسألة.. نريد أن نصلح العقول أولاً، يعني الإخوة اللي عاملين إن وجود الخليفة هو اللي هيحل كل المشاكل، خليفة إيه وهذه العقول موجودة؟! نحن نريد أن نصلح عقول هؤلاء، هؤلاء الناس –للأسف- يمكن مخلصين في دينهم، ولكن آفتهم في رؤوسهم، وهؤلاء هم تلامذة الخوارج قديماً، الخوارج كانوا عباداً، صواماً، قواماً، ولكن كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- في وصفهم "يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم، وصيامه إلى صيامهم، وقيامه إلى قيامهم.. ولكنهم يقرؤون القرآن لا يجاوزوه حناجرهم) يعني لم يتعمقوا في فهم القرآن، القرآن يتلونه ولكن لم يدخل إلى رؤوسهم حتى يفقهوه حق الفقه، فاستحلوا دماء المسلمين، واستحلوا دماء أعظم المسلمين في عصرهم وهو علي بن أبي طالب، فارس الإسلام، وحكيم الأمة، وزوج البتول، وابن عم الرسول –صلى الله عليه وسلم- وسيف الإسلام المسلول، استحلوا دمه، استحلوا كل دماء المسلمين في عصرهم و أموالهم، كيف..؟! هؤلاء مشكلة، وليست هذه أول مرة –للأسف- وأستغرب، يعني لماذا يقتل الإخوة أنصار السنة في الـ..؟

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

بس الغريب أنت ذكرت الخوارج، هؤلاء يأتون من مدرسة على النقيض تماماً، يعني هم في المحصلة النهائية منسوبون إلى أهل الحديث، وتيارات سلفية..

د. يوسف القرضاوي:

مَنْ؟

ماهر عبد الله:

المعتدين في السودان.

د. يوسف القرضاوي:

لا، ليسوا تيارات سلفية، ده هم أنصار السنة هم اللي منسوبين إلى التيار السلفي، يعني أنصار السنة اللي بيقولوا عليهم الناس وهابيين بلغة العوام، إنما هؤلاء جماعة التكفير والهجرة، هؤلاء هم خوارج هذا العصر فعلاً، يستحلون دماء الآخرين يكفرون الناس بالجملة، كان شكري مصطفى وجماعته في مصر كل من لا يقول بقولهم فهو كافر، ومن لم يكفره فهو كافر، يعني من لم يُكَفَّر هؤلاء الناس يعتبرونه كافرا، هم يُكَفِّرون الحكام، وهذه.. بدأت العملية في السجن الحربي، يعني هم كانوا مع الإخوان وبعدين انشقوا عن الإخوان وعن الأستاذ حسن الهيببي مرشد الإخوان في ذلك الوقت، أملي على إخوانه كتابة نشرت بعد ذلك تحت عنوان دعاة لا قضاة، قال إحنا مش مهمتنا نحاكم الناس ولا نشق عن قلوبهم، نحن دعاة ندعو الناس، وأبى تكفير المسلمين، هؤلاء قالوا له: الذين يعذبوننا هؤلاء كفار، والذين يأمرونهم بالتعذيب أكفر منهم، و الذي يسكتون عنهم ولا يكفرونهم كفار مثلهم، فكفروا الأمة كلها، هذا التكفير في الجملة مرفوض، فنتيجة هذا التكفير مادام بقى كافر وارتد عن الإسلام أصبح حلال الدم والمال، فوصلوا إلى هذه.. ولذلك المشكلة لابد أن نصلح عقول هؤلاء قبل كل شيء، ونشيع الوعي الإسلامي الصحيح حتى تستقيم الأمة على صراط الله المستقيم.

[موجز الأنباء]

ماهر عبد الله:

مولانا.. قاطعنا الأخ عبد الله من السعودية وهو يتحدث عن تعويذه شرعية، عندي رسالة من الأخ أبو أحمد من اليمن، أنا أريد أقرأها عليك، لأنه هذا الفهم دارج كثراً –شئنا أم أبينا- الأخ يقول بعد مقدمة: نفيدكم أن الله أتانا من فضله فهماً في القرآن الكريم، أنه ثمة آيتين رقم 30، و31 من سورة الرعد، وبخاصة قوله تعالى: (بل لله الأمر جميعاً) وقد جاء في الحديث أن مافي معناه (لكل حق حقيقة والقرآن حق وله حقيقة في الواقع والنفس إذا تُلي كما جاء في سورة القيامة، وإذا اتُخذ ورد مائة مرة في الليلة –والله أعلم- ويظهره الله بعد ذلك، الآية 31 من سورة الرعد تقول: (ولو أن قرآناً سُيِّرت به الجبال..) إلى آخر الآية، إذا قُرأت هذه الآية في اليوم مائة مرة ستُعطل آلة العدو الحربية عند توجيهها، وستسقط طائراته، وأمور عظام نراها في الواقع، والأمر كله لله، نرجو قراءة هذه الآية لأهل فلسطين ففيها النصر إن شاء الله تعالى، فيعني هذا الفهم سائد عند المسلمين.

إعلان

د. يوسف القرضاوي:

والله.. بسم الله الرحمن الرحيم، هذه أمور في -الحقيقة- أنا أستغرب أن يكون بعض المسلمين على هذا القدر من السذاجة في فهم القرآن الكريم، ما فهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- القرآن هذا الفهم، ولا فهم الصحابة القرآن هذا الفهم، ولا فهم المسلمون في خير قرونهم الذين فتحوا العالم، لم يفتحوا العالم بمثل هذه الأوراد التي تُقرأ مائة مرة، لكن فتحوها بالبذل والجهاد والعطاء، وعلى كل حال إذا الأخ بيعتقد هذا يقعد يقرأ هو الآيتين دُولا مائة مرة ونشوف هيعطل الآلة الحربية للعدو، وتسقط طائراتهم، طب ما يعمل كده، ما يجرب! يعمل هو..!!

ماهر عبد الله:

طيب إنصافاً له في آخر الآية.. ما الذي يقصده الله تعالى: وجاهدهم به جهاداً، عندما يقول: (وجاهدهم به جهاداً) أليس المقصود..؟

د. يوسف القرضاوي:

الجهاد بالقرآن، الجهاد أنواع، الرسول –صلى الله عليه وسلم- يقول: جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم وأموالكم. ففيه الجهاد باليد، وفيه الجهاد باللسان، بالبيان، بإقامة الحجة، بالتبليغ، جاهدهم بالقرآن جهاداً كبيراً، آية مكية في القرآن المكي قبل أن يُشرع القتال، فالبيان، البلاغ المبين، إقامة الحجة، تصحيح الأفهام، قطع الأعذار والتعِلات، هذا هو الجهاد الكبير، وليس إنك تقرأ.. مجرد تقرأ القرآن، ما فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- هذا، ما قعدش قال نقعد نقرأ الآية دي مائة مرة، لماذا خاض الرسول هذه الغزوات؟ سبعة وعشرين غزوة وبضعة وخمسين سرية في حياة النبي –صلى الله عليه وسلم- لماذا لم يجلس يقرأ آيات القرآن أو التسابيح أو الأذكار اللي كان بيقول عليها الأخ يقول: بسم الله الشافي والكافي والمعافي؟! ولا يخوض هذه المعارك ويقدم التضحيات والشهداء، كل بيت في المدينة قدَّم شهداء في سبيل الله، لماذا لم يتكل على هذه الأوراد ويدع هذا الجهاد؟! هذا أمر.. يعني تخلل في أفهام بعض المسلمين.

إعلان

[فاصل قصير]

ماهر عبد الله:

الأخ أبو مجاهد من أمريكا يسألك أنه ذكرتم أن سبب الغزوة الأساسي هو إضعاف اقتصاد الأعداء..

د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:

هو إيه؟

ماهر عبد الله:

السبب الأساسي للغزوة كان الاعتداء على القافلة أو.. فبالتالي هو لإضعاف اقتصاد العدو بشكل مباشر أو غير مباشر،هل هناك جهاد اقتصادي؟ وهل يمكن استخدام الدعاية والإعلام، وصور الشهداء، وفتاوى العلماء، من أجل تقوية المقاطعة وجزء من هذا الجهاد الاقتصادي؟

د. يوسف القرضاوي:

نعم، لاشك أن جزءاً من الجهاد اقتصادي، فالرسول –عليه الصلاة والسلام- والمسلمون حينما خرجوا في أول الأمر خرجوا ليستولوا على القافلة التجارية، ورأوا هذا عملاً مشروعاً، لأنه نوع من العقوبة للمشركين الذين صادروا أموالهم في مكة، فلابد أن يُقابلوا بعمل مماثل، يعني تُضرب مصالحهم كما ضربوا مصالح المسلمين، وفوق المصالح الاقتصادية للمسلمين كان هناك مسلمون يُعذَّبون في مكة، فكان لابد من الضغط على المشركين بوسيلة اقتصادية،ولكن شاء الله أن تنجو القافلة، إنما كان هذا هدفاً من الأهداف النبوية، في السيرة النبوية إن بعض المسلمين حينما أسلم قال لقريش: والله لا تصلكم مني حبة قمح، أسامة بن أُثال قال لهم هذا، إنه لا تصلكم حبة قمح من عندنا، حتى أَذِن له الرسول إكراماً لأقاربه في مكة ولأرحامه إنه يسمح لهم بتصدير القمح إليهم، ونحن نعلم إن المشركين أنفسهم، قاطعوا المسلمين لمدة ثلاث سنوات، يعني اتخذوا هذا السلاح في الحرب، قاطعوا المسلمين مقاطعة اقتصادية واجتماعية، حتى لا يتزوجوا منهم ولا يزوجوهم، ولا يبيعون لهم، ولا يشتروا منهم، واضطر المسلمون أن يأكلوا أوراق الشجر حتى دميت أشداقهم كما قال الصحابي الذي روى هذا قال: يعني دميت.. جُرحت أفواهنا من كثرة.. الأشياء اللي بيكلوها أشياء فيها شوك، فهذه وسيلة..

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

وأمريكا اليوم نفسها تقاطع العراق..

د. يوسف القرضاوي:

أمريكا أكبر دولة تقاطع كل من..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

وكوبا.

د. يوسف القرضاوي:

قاطعت كوبا، وقاطعت إيران، وقاطعت السودان، وقاطعت أفغانستان، وقاطعت الدول الكثيرة، وحاصرت دولاً شتى.

ماهر عبد الله:

والحصار على العراق.

د. يوسف القرضاوي:

والعراق معروف، مقاطعة العراق حتى مات مئات الآلاف من أطفال العراق، يعني هذا أمر معروف.

ماهر عبد الله:

طيب، لو عُدنا للأخ عمر الحاج كان سؤاله: أيه المصلحة..؟ يعني سؤال الحباب ابن المنذر: أمنزل أنزلكه الله أم هو الرأي؟ واضح أنه كلامه أنه قد تبدو المصلحة خلاف الأمر الشرعي، هو يقول: أليس هذا مبرراً لتقديم الموقف الشرعي مهما بدت المصلحة في غيره؟

د. يوسف القرضاوي:

هو لاشك إن الشرع مُقدّم على العقل، ونحن حينما ندَّعي أو ندعو إلى اجتهاد جديد فليس معنى فتح باب الاجتهاد إننا نُعطل النصوص الشرعية باسم المصلحة المُدَّعاة، لأ، ولكن أيضاً هذا لا يترك لكل من قرأ كتاباً في الفقه أو كتاباً في الحديث، لأن بعض هؤلاء يجمدون على الظواهر ويغفلون المقاصد، فالنصوص مستويات، فيه نص قطعي الثبوت والدلالة، وفيه نص ظني الثبوت والدلالة، وفيه نص ظني الثبوت قطعي الدلالة، وفيه العكس، فيه مستويات، الشيء الذي يجب أن يخضع له الجميع هو النص القطعي في ثبوته ودلالته، إذا كان فيه ظنية فبقدر الظن يحتمل تعدد الأفهام وتعدد الاجتهادات، فلا ينبغي إن إحنا ننظر إلى كل النصوص ويقول لك فيه نص، طيب فيه نص.. إنما يا أخي النص وحي، إنما أنت فهمك للنص ليس وحياً، لا تفرض عليّ فهمك وتقول لي: ده أنت خالفت النص، لأنه فيه بعض إخواننا في بييجوا في هذا الشهر ويقولوا للناس الذين يُخرجون زكاة الفطر نقوداً: أنتم خالفتم السنة، خالفتم النص.. الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال: زكاة الفطر من الأطعمة وأنتم بتخرجوها نقود، هذا ليس صحيحاً، فالذين يريدون أن يُفسروا النصوص بهذه الطريقة مرفوض هذا الفهم، فأنا مع الأخ في المبدأ، ولكن في تطبيق المبدأ وتنزيله على الواقع هذا يحتاج إلى أهل فقه حقيقي.

إعلان

ماهر عبد الله:

ملكة حقيقية.

د. يوسف القرضاوي:

آه.. آه.

ماهر عبد الله:

طيب، معايا الأخت أم علي من فلسطين، أخت أم علي تفضلي.

أم علي:

آلو، السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

وعليكم السلام.

أم علي:

أخ ماهر وفضيلة الشيخ السلام عليكم.

ماهر عبد الله:

أهلاً بكِ. وعليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

عليكم السلام ورحمة الله.

أم علي:

لا أدري لماذا لا يتسع صدركم إلى استفسارات بعض الجماعات الإسلامية، وخصوصاً إذا كان المتكلمون هم من شباب حزب التحرير؟ فأريد رأي الشيخ بصراحة، فهل ما يطرحه حزب التحرير مُخالف لشرع الله؟ أرجو منك الإجابة حالاً، وشكراً.

ماهر عبد الله:

يا ستي.. إن شاء الله ستسمعين في حلقة عن حزب التحرير.. ولكن ليس الليلة.

د. يوسف القرضاوي:

أنت مش جبت واحد عن حزب التحرير قبل كده وتكلم؟ لأن إحنا ليس مهمتنا إننا نمسك جماعة ونقعد نعرض آراءها ونقعد نناقشها، إحنا بنناقش موضوع لا يفرض علينا جماعة آراءهم في كل حلقة من الحلقات.

ماهر عبد الله:

وبعدين هو الطرح واحد، يعني كل الكلام في محور واحد.

د. يوسف القرضاوي:

هو موضوع وبنكرره! إحنا مش جايين نعلن عن حزب التحرير ونعمل دعاية له.

ماهر عبد الله:

معايا الأخ إدريس حفيظ من فرنسا، وأرجو ألا يكون السؤال عن حزب التحرير، تفضل يا أخ إدريس.

إدريس حفيظ:

السلام عليكم ورحمة الله سيد ماهر، السلام عليكم فضيلة الشيخ.

ماهر عبد الله:

عليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:

وعليكم السلام ورحمة الله.

إدريس حفيظ:

ورمضان مبروك، لي سؤالين، السؤال الأول يتعلق في الغزوات التي كان يقوم بها الرسول –صلى الله عليه وسلم- في حياته، هل كان الأطفال الذين لهم سن أقل من سن الرشد كانوا يشاركون في هذه المعارك وفي هذه الغزوات؟ وأريد أن أعود للواقع الحالي في فلسطين، فمثلاً الأطفال الذين أقل من سن الرشد، هل يمكن أن يُقال لهم أو يُسموا بمجاهدين؟ هذا السؤال واحد، والسؤال.. سأتابع السؤال.. في عهد الرسول –صلى الله عليه وسلم- لما كان يقوم بالغزوات كان هناك آلة قتل، كان السيف، رغم أن المشركين كانوا أكثر عُدة، ولكن على الأقل كان عند أصحاب الرسول –صلى الله عليه وسلم- أداة قتل، أما الآن نشاهد بأن الأطفال المجاهدين في الانتفاضة في فلسطين ليس لهم أداة قتل، بل لهم فقط حجارة، فهنا..

إعلان

ماهر عبد الله[مقاطعاً]:

طيب، السؤال واضح يا أخي الكريم أخ إدريس.

إدريس حفيظ:

السؤال الثاني –جزاكم الله خيراً- السؤال الثاني: فيما يتعلق بأصحاب أو جماعة الهجرة والتكفير هل يمكن فقط أن ننصحهم بالعقل؟ لأنهم لا يستمعون ولا يستمعون النصيحة إنهم أناس متشددين، بماذا يجب أن نقوم تجاه هؤلاء الذي يُخرِّبون الدين ويُشوهون صورة الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً، وكل عام وأنتم بخير، ورمضان مبارك، والسلام عليكم.

ماهر عبد الله:

مشكور جداً يا أخ إدريس، الحقيقة سؤاله الأول سبق ووصلتنا أيضاً حوله بعض الفاكسات، وأنا فهمتها بدون.. وبالمناسبة أرجو أن يكون هذا الهاتف الأخير، لأنه لم يبق معنا وقت، الأطفال الصغار الذين يشاركون في الانتفاضة هل يمكن أن يكونوا مجاهدين؟ العدو يملك أداة قتل وهم لا يملكون أداة قتل، كيف ندفعهم إلى الجهاد؟

د. يوسف القرضاوي:

والله هم مجاهدون بما يستطيعون، يعني الله –تعالى- يقول: (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل) من لم يملك السيف ويملك الحجر يقاتل بالحجر، النبي –عليه الصلاة والسلام- في غزوة أحد كان من رأيه ألا يخرج المسلمون لقتال الأعداء، وأن يبقوا في المدينة، قال: يستطيعوا في هذه الحالة النساء يرمونهم بالحجارة، والأطفال يرمونهم بالحجارة، لأنه إذا دخلوا البلد حوصروا من كل جهة، من فوق السطوح ومن نوافذ المنازل، ومن كل.. بما يستطيعون، والقرآن يقول: (وأعدو لهم ما استطعتم من قوة)، فالمستطاع يُقاتل به، لا نملك دبابة نقاتل بزجاجة المولوتوف، يعني بأي شيء، فأنا لماذا.. لا أدري ما هذه.. كأنها تريد أن تدين عمل هؤلاء الأطفال أو تثبط هذه الهمم، لأن الجماعة هادول أقلقوا إسرائيل، أزعجوا إسرائيل، أفزعوها، يعني لماذا نقول هذا الكلام المثبط؟! لماذا نريد أن نطفئ هذه النار؟ وأن نلقي على هذه النار الماء حتى تنطفئ؟! دع الشعلة تستمر، والحجارة بتتطور، وقبل ذلك، أيام الانتفاضة الأولى، الحجارة تطورت وأصبحت رصاصة، وممكن أن يتطور الأمر، فالإنسان يقاتل بما يستطيعه، الصغير يستطيع يضرب بالحجارة وأنا أشوف الأطفال بيضربوا، حتى النساء بيضربن بالنبال وهذه الأشياء، نفعل، يعني هذا هو ما نستطيعه، ولا نكلف إلا بما نستطيع.

إعلان

ماهر عبد الله:

الأخ إدريس أيضاً سأل سؤال وجيه على جماعة التكفير والهجرة، أنت استقبحت ما فعلوا، والعالم الإسلامي كله استهجن.. ولكن –باختصار شديد، لأن عندنا أقل من دقيقة- هل تكفي النصيحة مع هذه العقليات لتكف عن هذه الفعلات السيئة؟

د. يوسف القرضاوي:

لا، هو لازم من عملين يعني عمل يعني يحاول إذا كان لهم جحور ولهم أوكار يُخبئون فيها أسلحتهم وكذا لابد من عمل أمني، ولكن العمل الأمني وحده لا يكفي، لابد من عمل تثقيفي وتربوي، حتى نستطيع أن نرد هؤلاء الناس إلى العقل العام الإسلامي للأمة، فمن ضل الطريق لابد أن يُهدى إلى الطريق الأقوم، فلا يكفي هذا العمل وحده،وإنما يضم إليه العمل الأمني والعمل الفكري معاً.

ماهر عبد الله:

نعم.. الأخ مهتدي تيسير فضل –فقط للتذكير- (ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة) هل الوضع الذليل الذي تعيشه الأمة الآن أليس شبيهاً بذلك وبالتالي هل يمنع..؟

د. يوسف القرضاوي:

نعم.. نحن ما أشبه الليلة بالبارحة، كما نصر الله أهل بدر الله –سبحانه وتعالى- قادر على أن ينصرنا ونحن أذلة، (واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره).

ماهر عبد الله:

الأخ من بنما –أعتقد- لم يذكر اسمه من بنما يسأل، ذكرت الانقياد والطاعة هو يريد –فقط- تأكيده أنه في معركة حنين أنهم لم ينقادوا للقائد، وبالتالي حصلت الهزيمة..

د. يوسف القرضاوي:

ولذلك حصل في أحد نفس الشيء (تنازعتم في الأمر وعصيتم من بعدما أراكم ما تحبون) نعم.

ماهر عبد الله:

لأ، هو يقول عدم الغرور –عفواً- مش عدم الطاعة يعني، في حنين..

د. يوسف القرضاوي:

أعجبتكم العُجب والغرور هو الذي ضيع المسلمين في حنين.

ماهر عبد الله:

طيب يا سيدي، أنا بقى عندي وقت بس قليل، عايز أعتذر لبعض الإخوة، الإخوة الذين احتجوا كثيراً وخصوصاً من الإخوة المسيحيين على حلقة الأسبوع الماضي، أنا يبدو لي أنه حصل نوع من سوء الفهم، الموضوع لم يُقصد به أي مسيحي عربي، وقد كان واضحاً من كلام الشيخ أحمد القطعاني أنه يتحدث عن جمعيات تبشيرية تفد من الخارج، هذا ليس تشكيكاً، ولا أعتقد أن الشيخ كان يرمي إلى التشكيك بأي نية لأي مسيحي عربي، الإخوة الذين تقدموا بسؤال من كردستان للشيخ يوسف القرضاوي هو يقول لكم أن المسألة كما عرضتموها لا تجوز، المسألة كما عرضتموها لأن المسألة متعلقة..

إعلان

د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:

لأن الصرف لابد أن يكون فورياً، لا يجوز فيه التأجيل.

ماهر عبد الله:

نعم، طيب يا سيدي.. إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: الجزيرة