الشريعة والحياة

رعاية الطفولة في الإسلام

الأطفال نعمة من نعم الله، حقوق الطفل في الإسلام، أهمية التربية الإسلامية للطفل، طرق تربية الأطفال المسلمين المقيمين في الغرب، حقوق الطفل اليتيم والطفل المكفول في الإسلام، حقوق الرعاية الشاملة للطفل في الإسلام، أساليب تثقيف الطفل المسلم المعاصر.

مقدم الحلقة:

ماهر عبد الله

ضيف الحلقة:

الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: مفكر وداعية إسلامي

تاريخ الحلقة:

07/11/1999

– الأطفال نعمة من نعم الله
– حقوق الطفل في الإسلام

– أهمية التربية الإسلامية للطفل

– طرق تربية الأطفال المسلمين المقيمين في الغرب

– حقوق الطفل اليتيم والطفل المكفول في الإسلام

– حقوق الرعاية الشاملة للطفل في الإسلام

– أساليب تثقيف الطفل المسلم المعاصر

undefined
undefined

ماهر عبد الله: أعزائي المشاهدين، السلام عليكم، وأهلاً ومرحبًا بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).

تعتبر الطفولة أخطر مراحل حياة الإنسان، وفيها تتشكل معالم شخصيته القادمة، رعاية الطفولة وأثرها في حياة الإنسان، وما قدمه الإسلام للطفل أو للإنسان في مراحل عمره الأولى، هو موضوعنا في حلقة اليوم، ويسعدني كالعادة أن يكون ضيفي فضيلة العلاَّمة الشيخ يوسف القرضاوي، الذي هو غني عن التعريف للكثيرين منكم.


الأطفال نعمة من نعم الله

فضيلة الشيخ، لو ابتدأنا بالأولاد، الله -سبحانه وتعالى- سماهم فتنة، وهم زينة الحياة الدنيا، لو تحدثنا عن الأولاد، أوالأطفال كنعمة من النعم، ماذا يمكن أن نقول؟

د.يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد: فلا شك أن الأولاد هم هبة من الله –تبارك وتعالى-، صحيح القرآن سماهم فتنة (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) لأن كل النعم فتنة، معنى فتنة أنها امتحان واختبار يُفتَن بها الإنسان، ويختبر بها، فهؤلاء هم نعمة، ولذلك الأنبياء طلبوا من الله الذرية، سيدنا إبراهيم قال (رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ) سيدنا زكريا قال (رَبِّ لاَ تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنْتَ خَيْرُ الوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ) فطلب الذرية هذه من شأن الأنبياء والصالحين وعباد الرحمن قالوا (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً).

إعلان

وبذلك اعتبر القرآن الأولاد هبة من الله، الأولاد هبة من الله تبارك وتعالى، قال

(لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ (49) أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) فاعتُبر الأولاد هبة من الله تبارك وتعالى، وبدأ الآية الكريمة هنا بالإناث (يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً) هذا رد على ما كان عليه العرب في الجاهلية باعتبار أن الإناث دُوُله ميلادهم مصيبة، كما سُئِل أحد الأعراب قيل له: إن امرأتك ولدت قال: وما ولدت؟ قالوا له أُنثى، قال: ما هي بنعم الولد، نصرها بكاء، وبرها سرقة، يعني إذا أرادت أن تنصرني لا تحمل السلاح وتركب الجواد، وإنما تولول وتبكي، وبرها سرقة إذا أرادت أن تبر أباها تأخذ من مال زوجها، هذه صورة الأنثى.

ماهر عبد الله: في هذه النقطة -لو سمحت- بعض المفسرين يستبشرون بالعائلة التي يكون بكرها أنثى.

د.يوسف القرضاوي: ليس المفسرون، إنما شاع عند الناس، عوام الناس قولهم "خير النساء من بَكَّرَت بأنثى" شاع عند الناس، وهذا مأخوذ من الآية يعني إن الآية إن ربنا بدأ الآية (يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثاً) وبذلك من أعظم ما قدمه الإسلام هنا إنه يعني حرم الوأد، واعتبره جريمة نكراء يأتي بعد الشرك بالله تعالى، والرسول -عليه الصلاة والسلام- قيل له: أي ذنب أعظم يا رسول الله؟ قال: أن تجعل لله ندًّا وهو خلقك، قيل ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك مخافة أن يَطْعَم معك".

يعني المفروض أن الإنسان يحمي ولده مش يقتله، وبعدين يقتله ويقتله من أجل يعني دافع خسيس إنه خايف لييجي يأكل معه، المفروض أن الإنسان يجوع ليشبع ولده، فأنا أقتل ابني ليوفر لي الأكل!! وبعدين يقتله بطريقة الوأد، فيدفنه حيًّا (وَإِذَا المَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) فلذلك كان هذا أشنع وأشنع، يعني من فضائل الإسلام ومآثره أنه حرَّم هذه الجريمة الشديدة النكر، وانتهت من العرب، ومن العالم بفضل الإسلام والحمد لله.

إعلان

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: فضيلة الشيخ، يعني لاحظنا وأنت تتحدث عن الأنبياء الذين تمنوا الذرية قصة سيدنا (يحيى) عليه السلام أنه حتى في شيخوخته، وقد حُرِم من الأطفال ما زال مُصِرًّا ودعا الله مخلصًا.

د.يوسف القرضاوي: كما ذكرت قصة، كما ذكرت سورة مريم في قصة سيدنا زكريا، نحن في الحلقة الماضية كنا نتحدث عن الشيوخ، وكيف قال زكريا (رَبِّ إِنِّي وَهَنَ العَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِياًّ (4) وَإِنِّي خِفْتُ المَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِياًّ (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِياًّ) فهو يعني كان كبيرًا وامرأته عاقرًا، ومع ذلك لم ييأس من أنه يدعو الله تبارك وتعالى، واستجاب الله دعاءه.

سيدنا إبراهيم نفس الشيء سيدنا إبراهيم طلب من الله الولد وهو كبير يعني ولذلك قال (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ) الاثنان جاءاه على الكبر، وامرأته -أيضًا- قالت (يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ) فرغم هذا يعني طلب هؤلاء الأنبياء الأولاد من الله تبارك وتعالى.

فإحنا كنا نتكلم الحقيقة عن ما صنعه الإسلام بالنسبة للبنات إنه هذه القضية أن بعض الناس -وللأسف ما زال بعض الناس- يضيق بولادة البنات، وبعض الناس يُحمِّل المرأة مسؤولية ولادة البنات مع أن المسؤول هو الرجل وليس المرأة، إنما لما جاء الإسلام في الحقيقة غيَّر هذه النظرة، واعتبر البنت نعمة وهبة وقال الشاعر الإسلامي:

لولا بُنيات كَزغِب القطا رُددن من بعض إلى بعض

لكان لي مضطَّربٌ واسعٌ في الأرض ذات الطول والعرض

وإنما أولادنا بيننا أكبادَنا تمشي على الأرض

إعلان

لو هبت الريحُ على بعضهم لامتنـعتْ عيني مـن الغمض

بهذه العاطفة الرقيقة أصبح الإنسان يعامل يعني بناته كما يعامل أولاده سواء بسواء.

ماهر عبد الله: هذا جزء من فلسفة الحياة أن الله -سبحانه وتعالى- جعل هذا الحب والغريزة، لأن فيها ديمومة البشرية، لا يخلد منا بشر فرد، ولكن من خلال هؤلاء.

د.يوسف القرضاوي: هو المشكلة في الجاهلية إنها كانت ضد الفطرة، يعني الفطرة أن الإنسان يحب أولاده، ويحنو عليهم، ويخاف عليهم من هبة الريح، فكيف استطاع الأب أن يقتل ابنته من إملاقٍ واقعٍ، أو خشية إملاق متوقع، في القرآن (وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُم مِّنْ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ (وقال (وَلاَ تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً).

الجاهلية جنت على عقل الإنسان وعاطفته، فعقله جعله يعبد حجرًا لا يضر ولا ينفع، عاطفته جعلته يقتل ولده، إذا لم يبق الإنسان لا قلب ولا عقل، ماذا بقي من الإنسان؟! لذلك الإسلام صنع الإنسان من جديد بالعقيدة وبالشريعة وبالأخلاق وبالتعاليم.


حقوق الطفل في الإسلام

ماهر عبد الله: كونك ذكرت أن الإسلام صنع الإنسان، تحدثنا عن الأطفال كنعمة، يعني كل نعم الله -سبحانه وتعالى- لابد أن يترتب عليها من واجبات وشكر طبعًا، هذا الشكر يأتي من خلال بعض الواجبات التي فرضها الله علينا، أحدها هو الحقوق المفروضة لهذا الطفل حتى نضمن هي العملية مش قضية توالد، وتكثير لهذه البشرية، لو ابتدأنا بسؤال بسيط حقوق الطفل.

د.يوسف القرضاوي: الطفل لا شك أن له حقوقاً عِدَّة، أستطيع أن أعددها، ثم نحاول نشرح هذه الحقوق، أول حق هو حق الحياة، وثاني حق هو حق الرضاعة، وثالث حق هو حق النفقة، ورابع حق هو حق الحضانة، وخامس حق هو حق الملاعبة، وسادس حق هو حق التربية، وسابع حق هو حق الرعاية المتكاملة والتي يدخل فيها أشياء كثيرة.

إعلان

لو جئنا إلى حق الحياة، كان بعض الأنظمة تعطي للآباء الحق في التصرف في أولادهم، الإسلام نزع هذا الحق لا يستطيع الإنسان أن يقتل ابنه، أو بنته ولا حتى الجنين، الجنين له حق الحياة، لمَّا جاءت المرأة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-وقد زنت وقالت أنا حُبْلى من الزنا، وأقم عليَّ حدَّ الله، قال لها "اذهبي حتى تلدي، يعني إن كان لنا سبيل عليكِ فليس لنا سبيل على ما في بطنك، وبعدين لما ولدت قال اذهبي حتى تفطميه" الولد في حاجة إلى لبن أمه، لذلك الفقهاء قالوا: لو أن امرأة كانت حاملاً، وارتكبت جريمة قتل عمد.. عدوان، ووجب عليها القصاص، لا يجوز أن ينفذ فيها القصاص حتى تلد وترضع ثم ننفذ فيها.

من أجل هذا الإنسان حق الحياة، ومن أجل ذلك جَرَّمَ الإسلام الوأد كما ذكرنا، ثم من.. حتى شوف لو جاء الجنين من طريق غير مشروع من حرام من زنا، حتى لو …… له الحق لا ذنب له، افترض الأبوان زنيا، إنما ( وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى )، ثم بعد ذلك حق الرضاعة، والقرآن يقول في هذا، (وَالْوَالِدَاتُ).

ماهر عبد الله: لو سمحت لي، هو حتى قبل الحياة ذكر عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الجماع وهو يفكر بالإنجاب"اللهم جنبني الشيطان وجنب الشيطان..

يوسف القرضاوي[مقاطعاً]: ما رزقتنا" هذا أيضًا حتى يكون بعيدًا عن كل شر، حق..

ماهر عبدالله: الرضاعة.

د.يوسف القرضاوي: وحق الرضاعة القرآن ذكر هذا في سياق مهم سياق الطلاق، والحديث عن المطلقين والمطلقات وربما أدَّى الطلاق إلى أن تكايد المرأة زوجها فتهمل طفلها منه، يعني إغاظة لأبيه، وما ذنب هذا؟! لذلك القرآن قال في هذا السياق (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نُفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ) إلى آخره.

إعلان

يعني تفصيل في قضية الرضاعة وذكر الإمام الرازي قال يعني هذه العناية الكبيرة بهذا الطفل من الله -تبارك وتعالى- تدل على أن الإنسان كلما كان يعني ضعيفًا كانت العناية به أوجب، ونحن قلنا أنه الشيخوخة مرحلة ضعف، والطفولة مرحلة ضعف، وضعف من الطرفين الطرف الأول والطرف الآخر كما قال الله تعالى (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً).

الطفولة تمثل مرحلة الضعف الأولي والشيخوخة تمثل مرحلة الضعف الأخرى، وفي هذه الحالة يكون الحق أوكد وأوجب على الإنسان، فلذلك أوجب الرضاعة، والرضاعة من الأم، ولبن الأم يعني كما يقرر العلم الآن لا يُغني عنه شيء، لا من الناحية المادية، ولا من الناحية العاطفية، لأنه الرضاعة ليست فقط مجرد امتصاص اللبن، بحيث إنك تعطي له في رضَّاعة صناعية، إنما أين الالتصاق؟ وأين الحنان؟ وأين الدفء الذي يجده الطفل حينما تضمه أمه إلى صدرها

وتلقمه ثديَها.

الأمهات العصريات اللاتي نجد المرأة تحرم طفلها من هذا الحق، لتبقى لها رشاقتها، حتى تحافظ على الرشاقة وتمنع، الله أجرى لهذا الطفل في صدر الأم هذين المجريين في الثديين، وهذا الغذاء الرباني دافيء في الشتاء، بارد في الصيف تكييف إلهي، تقوم المرأة تحرم طفلها من هذا، لتبقى لها الرشاقة وتلبس الملابس العصرية، ما كانت الأمهات قديمًا هكذا، فهذا حق الرضاعة.

هناك أيضًا حق النفقة، والنفقة في الأساس على الأب إلا إذا كان عاجزًا والأم عندها فإنما الأصل وهو لذلك قال (وَعَلَى المَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) حتى عليه المرأة المرضعة، عليه ينفق عليها حتى تستطيع إنها تُرضعه، إذا استغنى عنها أصبح عليه نفقة الإمتاع ونفقة الحاضنة أيضاً، في حالة الحضانة بل في حالة الحمل عندما قال (وَإِن كُنَّ أُوْلاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) أي لو في حالة الطلاق.

إعلان

ماهر عبد الله: الرعاية.

د.يوسف القرضاوي: لأنه الآن يمكن تهمل جنينها لهذا، لأ، أنفق عليها حتى تضمن حياة هذا المخلوق الكائن الضعيف، فالنفقة على الأب، وعلى الوارث مثل الأب، افرض أن الأب مات يبقى إخوته الذين هم أعمام الطفل، أو أعمام أبيه، أو أولاد عمه أي من يرث.

ماهر عبد الله: من يرثون؟

د.يوسف القرضاوي: الذين يرثون لأنه كما يرث فيغنم، فيجب أن ينفق فيغرم والغنم بالغرم، العدالة الإسلامية، ثم هناك الحضانة، والحضانة من روائع التشريع الإسلامي، لأن الإسلام جعلها للأم، جعل الأم أولى، حينما جاءت امرأة إلى الرسول –صلى الله عليه وسلم- وقالت: "يا رسول الله إن ابني كان بطني وعاءه، وثديي سقاءه، وحجري حواءه، فأبوه أراد أن ينتزعه مني"، فقال له: لأ، أنتِ أحقُّ به ما لم تنكحي" ما لم تتزوجي، وهكذا حتى قرابة الأم أولى من قرابة الأب، يعني جدة الطفل من أمه أولى من جدته لأبيه، خالته أولى من عمته، لأن قرابة الأم أحن.

ماهر عبد الله: الرحم، صلة الرحم.

د.يوسف القرضاوي: المرأة هي منبع الحنان والعواطف، وهذا الينبوع الفياض، فلذلك قرابة الأم أولى، فهذا أيضًا حق الأيه..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: الحق الخامس هو الملاعبة، ليتك تربطه لنا بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا لما قال لاعبه سبعًا وأدبه سبعًا.

د.يوسف القرضاوي: هو في الحقيقة البعض ينسبه إلى أنه حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما هو لم يصح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- والأولى أنه من كلام الصحابة، أو التابعين، إنما يعني هي توجيه صحيح، يعني لأنه يقول لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا، وآخيه سبعًا، وقسم هذه المرحلة الأولى من العمر حتى يبلغ الرشد إلى ثلاث مراحل، مرحلة الطفولة الأولى وهي مرحلة الملاعبة، والله -سبحانه وتعالى- فطر الأطفال على اللعب، فمن حق الطفل أن يلعب، عنده طاقة، وهذه الطاقة أين يُصرِّفها؟ في اللعب وإلاَّ يعني تكون طاقة مدمرة، يبحث عن إنه يخرب، فلابد أن نهيئ له اللعب بكل الوسائل في الزمن الأول، يعني بيلعب كل زمن يخترع ألعاباً مناسبة له الآن فيه ألعاب يعني صناعية ، فيديو، وألعاب عقلية في عمر معين يركب أشياء، ويعمل أشياء، ولابد من اللعب.

إعلان

ماهر عبد الله: التمتع بالطفولة.

د.يوسف القرضاوي: بحيث تمتعه بالطفولة ونضاحكه ونلاعبه، لا نجعل حياته همًّا وغمًّا ونكداً، لأ، الطفل بحاجة إلى حتى ينشأ نشأة سوية لا تكون نشأة معقدة، بعض الأطفال الذين يعني يرتكبون الجرائم حينما يبحث علماء النفس وأطباء الجرائم الاجتماعية والنواحي دي يبحثون يجدون أن هذا أصبح تكونت عنده عُقَد في طفولته، لأنه عومل معاملة قاسية، لم يعامل معاملة إنسانية كريمة فتربت عنده هذه العقدة، وأفرغها في الانتقام من المجتمع بعد ذلك.

فلذلك نحن لا ننفع الطفل فقط، ننفع أنفسنا، وننفع المجتمع حينما نحسن تربيته من أول الأمر، ومن هذه التربية الملاعبة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يداعب الأطفال، قال لابن أبي طلحة كان اسمه أبو..ولد صغير، فالنبي كنَّاه وسماه أبا عمير ما لوش ابن اسمه عمير ولا حاجة، إنما قال له "يا أبا عمير ما فعل النُغير؟" والنغير طائر مثل العصفور، طائرك جرى له أيه؟ بهذه اللغة اللطيفة والتكنية يعني كنوع من التكريم للطفل والإيناس له "يا أبا عمير، ما فعل النغير؟".

وملاعبته للحسن والحسين، وأولاد بناته، وأولاد كثير من الصحابة، لما دخل بعض الصحابة وجدوا الحسن أو الحسين، أو كليهما يركبان ظهر النبي –صلى الله عليه وسلم- كما يفعل بعض الأباء أو الأجداد، يقول لك اعمل لك جمل، يلفقهم في البيت، فقال الصحابي "نِعم المركب ركبتما، قال النبي –صلى الله عليه وسلم-" ونعم الفارسان هما" هكذا كان الرسول، صلى الله عليه وسلم.

[موجز الأنباء]

ماهر عبد الله: انتهينا عند الحق في التمتع بالطفولة وعند الحسن والحسين على كتفي المصطفى –صلى الله عليه وسلم- وهو يصلي، ودخلا وقال نعم..

د.يوسف القرضاوي: على ظهره، كان يمر بهما في البيت ملاعبة لهما غير المرة التي امتطيا ظهره، وهو يصلي –عليه الصلاة والسلام- وأطال السجود حتى ظن الصحابة الظنون، ثم بعد أن قام من السجود وسلم، سألوه ما الذي حدث يا رسول الله؟ قال: لهم إن ابني ارتحلني فكرهتُ أن أُعجله، جعلني راحلة ركوبة فلم يشأ –عليه الصلاة والسلام- أن يقطع عليه لذة الركوب، يتحرك حركة يُوجِعه.

إعلان

ماهر عبد الله: للأسف الشديد هذا ضد ما هو سائر في أوساط المسلمين اليوم ما كان أحدنا يصلى، لا يريد أي ولد أن يقترب منه وينهر عنه الولد، نعم.

د.يوسف القرضاوي: كثير من الآباء يسمحون لأبنائهم امتطاء ظهورهم في هذا ولا حرج.

ماهر عبد الله: لو عدنا للحقوق باقي عندنا حقه في التربية، وحقه في الرعاية الشاملة.

د.يوسف القرضاوي: لو نظرنا إلى هذه المراحل الثلاثة التي ذكرت "لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا" تأتي المرحلة في التأديب والتربية، فمن حق الولد على أبيه أن يحسن أدبه ويحسن تربيته، وفي الحديث "ما نحل والد ولده نحلاً أفضل من أدب حسن" يعني ما أعطاه عطية أفضل من أن يحسن أدبه، أفضل من أنه يدي له فلوس، قد يكون إعطاء الأموال، وخاصة بغير حساب دية، مفسدة للولد من..

الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أي مفسدة

فإجابة الطفل لأي طلب هذا -أيضًا- يعني يفسد كثيرًا، لابد نعطيه بقدر ونقول له: هتصرفه كيف؟ ونعلمه هذا، فالتأديب مطلوب ومن الصغر حتى هو مسألة أن يلاعبه سبعًا وأدبه سبعًا ليس معناه أنه في السبع الأولى ما تأدبوش، أو في السبع الثانية لا تلاعبه؟ لا.

ماهر عبد الله: يغلب عليها.

د.يوسف القرضاوي: دي مرحلة يغلب عليها المداعبة، ومرحلة يغلب عليها التأديب، النبي -عليه الصلاة والسلام- رأى الحسن يأخذ من تمر الصدقة، وهو لا يحلُّ له قال: كوخ كوخ، أما شعرت أنَّا لا نأكل الصدقة، وكان ما زال صغيرًا، حتى في الطفولة والنبي -عليه الصلاة والسلام- لما قالت إحدى النساء لابنها: تعال أعطيك شيئًا، فقال لها:" ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمرًا، قال: أما أنك لو لم تعطه لكتبت عليك كذبة، قالت: يا رسول الله إذا إحدانا قالت لابنها أعطيك، ولم تعطه قال: نعم، إن الكذبة تكتب كذبة، والكذيبة تكتب كذيبة." الكذبة الكبيرة تنكتب كذبة كبيرة، والكذبة الصغيرة تنكتب كذبة صغيرة، وهكذا.

إعلان

فحتى التربية بالقدوة، مش مثلاً واحد يقول للولد: قول له ده مش هنا، مثلاً، أوكذا يعلمه الكذب بالقدوة، لأنه ممكن حتى لو واحد مثلاً بيشرب سجائر، ويقول لابنه لا تشرب سجائر وهو بيشوفه يشرب سيتأثر بفعله أكثر مما يتأثر بقوله، يحب أن يقلد أباه، ولذلك التربية بالقدوة والتربية بالمناسبات، كلما تأتي مناسبة معينة أو يخطئ خِطئة معينة، يقول لأ دي كذا يكون متنبهًا لهذا الأدب، لابد أن يؤدب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول "مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر" وهنا يدخل في قضية الضرب وهي التربية الحديثة.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبدالله: قبل أن نعود إلى موضوع الضرب ذكرتني بمحاضرة سمعتها ذات يوم للمرحوم الشيخ الشعراوي سُئل سؤالاً معقدًا عن نظرية التربية في الإسلام قال: يا إخواننا إنه لا يوجد نظرية، وما هو مطلوب منك أن تكون قدوة لابنك، قد تعلمه عشرين درسًا في ألاَّ يكذب، ثم مرة على الهاتف يتصل بك أحدهم فتقول له: قل له أبي غير موجود تنسف كل ذلك، فالقدوة مسألة ضرورية.

د.يوسف القرضاوي: التربية بالأسوة هي أهم أنواع التربية، وأهم ضرورات التربية، فالشاهد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول من سن السابعة تُعلِّم الأولاد الصلاة، سن التعليم الولد أنت تدخله بعد الست سنين، يدخل المدرسة بعد السابعة تعلمه، تأمره تقول له: صلِّ وترغبه وتحببه ولكن بعد ثلاث سنين أديته ثلاث سنين فرصة، ولذلك لم يُبح الضرب بمجرد الأمر، لأ أديته ثلاث سنين فرصة، وبعدين اضربوهم عليها.

والضرب هنا يعني ليس معناه أنه يأتي بخشبه ويكسر رأسه، أو يأتي بسوط، أو كرباج ويضربه لا على نحو ما قاله -صلى الله عليه وسلم- للجارية: "لولا القصاص يوم القيامة لأوجعتك بهذا السواك"، والأب المربي حقيقة لا يحتاج إلى

الضرب، النبي -عليه الصلاة والسلام- ما ضرب ابنًا له، وما ضرب زوجةً، وما ضرب خادمًا، وما ضرب دابة.

إعلان

حتى وقال يعني بالنسبة للنساء "لن يضرب خياركم" الخيار من الناس لا يلجؤون إلى الضرب، ولذلك أولى الأشياء أننا نعلم الابن بالأسوة وبالترغيب وبالترهيب دون أن نحوجه إلى..


طرق تربية الأطفال المسلمين المقيمين في الغرب

ماهر عبد الله[مقاطعًا]: اسمح لي بتفريعة كونك تحدثت عن التربية، أغلب جمهور هذا البرنامج وجزء كبير من جمهور هذا البرنامج يعيشون في الغرب، يعيشون في بيئة -نحن نفترض في كل هذا النقاش بيئة إسلامية تعينك على ما تقوم به- الذين يعيشون في بيئات غير إسلامية، ماذا يطلب منهم أكثر مما ذكر على أثر موضوع التربية هذا؟

د.يوسف القرضاوي: هذا أمر يعني الحقيقة يعني رأيته وعايشته منذ بداية زياراتي للأقليات الإسلامية في البلاد الغربية، في أميركا وفي أوروبا، من أوائل السبعينيات، ولاحظت هذا الأمر وقلت لهم: إنكم محتاجون إلى أن تربوا أبناءكم التربية الإسلامية، وهذا يحتاج منكم إلى عدَّة أشياء: يحتاج إلى أن تكون لكم مؤسساتكم، لابد أن يوجد المسجد للمسلمين، توجد المدرسة لأبناء المسلمين، ويوجد النادي للترفيه عن أبناء المسلمين، توجد مؤسسات اجتماعية، وتتقاربوا فيما بينكم في الجوار، وقلت لهم حاولوا أن تتعلموا من اليهود إنهم من خصومنا، كيف استطاع اليهود خلال هذا التاريخ الطويل آلاف السنين أن يحافظوا على الشخصية اليهودية، وهم أقلية قليلة جدًّا في مجتمع كبير؟ استطاعوا ذلك أنهم حاولوا أن ينشؤوا لهم مجتمعًا صغيرًا داخل المجتمع الكبير، ما نسميه حارة اليهود، حارة اليهود دي مجتمع يهودي متجاور متماسك في داخل هذا المجتمع، يلقنون أبناءهم الشعائر اليهودية والطقوس اليهودية يلبس الطاقية، يختن، يذبح، إذا أراد اعمل كذا، ينشد أناشيد دينية، يتعبد بالصيغة اليهودية، يحترم يوم السبت، إلى آخره..، في حارة اليهود فلازم أن يكون المسلمون لهم"حارة المسلمين" وبالتجمع.

الفرد وحده لا يستطيع أن يعيش مسلمًا في هذه البلاد، "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية"، "يد الله مع الجماعة" (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا) و"المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا" فإذا لم نتعاون ونتضامن ونتلاحم ونتجمع، وتكون لنا مؤسساتنا التي تظفر أولادنا وناشئتنا بهذا لا نستطيع، وقلت لهم إذا لم تستطيعوا أن تحافظوا على زراريكم وأبنائكم في هذه البلاد فابدءوا رحلة العودة من الغد، لأنه لا معنى أن تجمعوا الأموال وتخسروا الأولاد، لا قيمة لهذا، فمن المهم جداً .. ولذلك بدأ المسلمون ينشؤون هذه المؤسسات، كان أخونا الداعية الأديب الطبيب الشاعر المعروف الأستاذ الدكتور حسان حتحوت وهو كان أستاذًا لأمراض النساء والولادة في جامعة الكويت يعني استقال من عمله وفرَّغ نفسه للدعوة، سألته مرة ماذا.. يعني أهم نشاطكم؟ قال: أهم نشاطنا أننا ننشئ المدارس الإسلامية، في العصر اللي فات كان عصر إنشاء المساجد الإسلامية، وهذا عصر إنشاء المدارس الإسلامية، إننا ننشئ مدارس نُربي فيها أولادنا على الطريقة الإسلامية، وعلى المباديء الإسلامية، الجيل القادم سيبيع المساجد التي بناها آباؤهم وأجدادهم، كما باع المسيحيون كنائسهم، واشتراها منهم المسلمون في فترة من الفترات.

إعلان

فلابد من تأسيس هذه المدارس وهذه الأندية، وهذه المؤسسات، وكلما استطاع المسلمون أن ينشؤوا أحياء متقاربة قريبة من المساجد وقريبة من المراكز الإسلامية لا يستطيعون أن يحافظوا على ناشئتهم.

ماهر عبد الله: اسمح لي بإرجاء الحديث عن الرعاية الشاملة، بس نتلقى بعض المداخلات من الإخوة المشاهدين، معي الأخ محمد حسن من الإمارات، الأخ محمد، تفضل.

محمد حسن: السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

محمد حسن: كيف حالك يا شيخ يوسف؟

د.يوسف القرضاوي: حياك الله، وبارك الله فيك.

محمد حسن: شيخ يوسف، ذكرت في قصة أيام عمر بن الخطاب لما جاء رجل إليه يشكوه عقوق ابنه فعمر ابن الخطاب يعني بيَّن حقوق الولد فقال: إن اختيار أمه بالأصل اختيار أم الولد مع وتسمية الولد اسم حسن ثم تعليمه القرآن، فهذه كانت ثلاثة حقوق بينها عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- لهذا الرجل، وكانت النتيجة عكسية بالنسبة للرجل إنه ابنه يعاقبه، وأرجو من فضيلتك أن تربطها بالحلقة السابقة، ممكن من أسبوعين عن الشيخوخة وأن تربية الأبناء صغار فيها ضمان للشيخوخة كما أن العمل الصالح ضمان أيضاً للأولاد كما ورد في صورة الكهف وبارك الله فيك.

ماهر عبد الله: نشكرك يا أخ محمد.

د.يوسف القرضاوي: أنا لم أسمعه جيدًا.

ماهر عبد الله: هو يعني ذكر نصيحة لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب عن رجل عاقه ابنه، فكان يعني طلب منه أن كان يجب عليك أن تختار له أمًّا صالحة ، وأن تعلمه القرآن، حتى رغم ذلك الولد خرج عاق، أحب أن يربط هذا بحلقة ما قبل أسبوعين عندما تحدثنا عن الشيخوخة، يعني جزء من الرعاية هو استثمار لك شخصي في المستقبل حتى تجد منه نوعًا من العطف.

د.يوسف القرضاوي: هو لذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "تخيروا لنطفكم فإن العرق نزَّاع" يعني هي بداية تربية الأولاد يبدأ من حُسْنِ اختيار الأم، ولذلك بعض الشعراء يقول لأولاده:

إعلان

وأول إحساني إليكم تخيري لناجدة الأعراق بادٍ عفافها

قال لهم أنا أول إحسان أحسنته إليكم إن أنا اخترت لكم أُمًّا صالحة، لم يكن همي أن أختار أمًّا غنية، أو أمًّا جميلة وإن كانت فاسدة وأم..،لا اخترت أمًّا صالحة، وكما جاء في الحديث الصحيح "الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة" وقال النبي -صلى الله عليه وسلم- "من أعطاه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتقِ الله في الشطر الباقي" يعني أعانة على نصف الدين بالمرأة الصالحة.

فهذه البداية الحقيقية تبدأ منذ اختيار الأم، وحتى قالوا إنه الحياة الزوجية تؤثر على الجنين، يعني الأبوان اللذان طول يومهما شجار وخلاف وسباب، هذا يؤثر حتى على الجنين، وهو في بطن أمه، فالتربية تبدأ منذ وقت مبكر.

ماهر عبد الله: معنا الأخ الأحسن شهاوش من إسبانيا، الأخ الأحسن، تفضل.

الأحسن شهاوش: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.

الأحسن شهاوش: مرحبًا بك فضيلة الشيخ.

د.يوسف القرضاوي: مرحبًا بك يا أخي، بارك الله فيك.

الأحسن شهاوش: أنا أخ جزائري عامل في إسبانيا، في جزر من جزر (الباليارك) أعاني من مشاكل لي أولاد هنا، عندي ولد ست سنوات، نعاني من مشاكل، لنا مسجد نقيم فيه شعائر الصلاة، والصلوات، لكن ما عندناش -مثلاً- مُعلِّم أو إمام أو كذا، حتى القائمين على المسجد -أصلاً- يعني ما عندهمش أهمية بالأولاد أو كذا إلا جمع الأموال، يعني كأننا نقول.. كأننا نشوف أن مستقبل بتاعنا غامض هنا في هذه الجزيرة، عندنا في الجزيرة ما كان- مثلاً- أساتذة هنا، أو حتى علماء ربما يزورونا ما كان ، لكن مشكلتنا هنا هي مشكلة الأولاد، مشكلة عويصة جدًّا، المسؤولون عن المسجد ما عندهمش..حتى أقل كما يقول لك يخمنوا، أو يفكرون بس يبقى له معلِّم، وله.. الأولاد يعني..

ماهر عبد الله: الأخ الأحسن، ممكن أن تصغ لي فكرتك في سؤال موجَّه لفضيلة الشيخ؟ ما الذي تريده؟ ماذا يمكن أن يفعله الشيخ في هذا، نحن سمعنا هذه المداخلة الطيبة، هل عندك سؤال، تعقيبًا على..؟

إعلان

د.يوسف القرضاوي[مقاطعًا]: هو يشكو من عالم..

الأحسن شهاوي: نعم نشكو من الوضع الذي نعيشه، نحن هنا في هذه الجزيرة يعني، ما هو توجيه الشيخ مثلاً؟

د.يوسف القرضاوي: أن تتعاونوا يا أخي فيما بينكم، يعني أنتم الناس أصحاب.. الآباء والأمهات والمعنيون بأمر المسلمين لابد أن يكون لكم لقاء يعني مع بعض تتشاورون في أمور المسلمين في هذه الجزيرة، وتفكرون ماذا تفعلون، الأولاد دُوُل مسؤولية، النبي-صلى الله عليه وسلم- يقول "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته" وجعل الأب في بيته راعٍ، وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) سيدنا عليٍّ يقول في تفسير هذه الآية "علموهم الخير" تقيهم النار بتعليم الخير وتعليم الخير في الصغر –كما يقولون- كالنقش على الحجر، والتعليم في الصغر كالنقش على الحجر، والشاعر يقول:

وينفع الأدب الأطفال في صغرٍ وليس ينفع عند الشيبة الأدب

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت ولن تميل إذا قومتها الخشـب.

ينفع الأدب في حالة الطفولة لأنه يكون عجينة لينة إنما المثل يقول "بعد ما شاب ودوه الكُتَّاب!" لا، إن الغصون إذا قومتها اعتدلت، الغصن الطري تلويه يلتوي، تثنيه ينثني، إنما بعد ما ينشف ويجف تمامًا أصبح..

ماهر عبد الله: ينكسر.

د.يوسف القرضاوي: يكسر، فلابد أن نُعنَى بهذه الفترة..فالجالية الإسلامية عليها أن تتعاون فيما بينها إذا الإمام الموجود ما بيهتمش هذا نشوف لا إمام آخر، وهكذا ونجعل للأولاد دروسًا في المسجد، دروس يحفظ فيها بعض القرآن، يحفظ فيها بعض الأناشيد الدينية، يعلم فيها بعض التعاليم البسيطة، ومن المهم أن نبسط الأشياء بحيث نخاطب عقلية الطفل.

فيه ناس بيعاملوا الطفل كأنه رجل كبير، وهذا خطأ، فلابد التعليم الناجح والناجع هو أن تتعامل مع الطفل بعقلية الطفل.

إعلان


حقوق الطفل اليتيم والطفل المكفول في الإسلام

ماهر عبد الله: أنا وصلني سؤال بالفاكس من الأخ محمود العقاد وزوجته رندا السؤال غريب ولهذا سأقرأه عليك -أعتقد أرجو أن يكون خانهم التعبير-"اشترت زوجتي رندا طفلاً من أطفال كوسوفا بمبلغ من المال، السؤال الأول كيف ندعوه لآبائه، ونحن لا نعرف من هم آباؤه؟ السؤال الثاني: هل حكمه حكم اليتيم المكفول، أم حكم الابن من الرضاعة، لأنه يرضع حتى الآن مع أولادي من زوجتي؟

يقول إن زوجته عندها مبلغ من المال، كم يجوز أن نعطيه؟ وهل يجوز وضع أي مبلغًا من المال باسمه الآن في البنك؟ ما هي حقوقه علينا؟

د.يوسف القرضاوي: سمعت في الحقيقة أطفال اشتروا من بعض الجهات، يظهر أنهم مابيرضوش يعطوهم هؤلاء الأطفال إلا بعد أن يدفعوا مبلغًا لهم –أو هكذا- يقال إنهما يشتروا، في الحقيقة ليس شراءً إنما هو كنوع من الإتاوة لهذه الجهات أو يعني إبراء ذمة أو خلو رجل، أو سمه ما تسميه حتى يأخذوا هذا الطفل، وإذا كنا لا نعلم آباءهم فالله تعالى يقول (ادْعُوَهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ).

يعني هو أخونا في الدين، ممكن سمه محمد بن عبد الله، على بن عبد الله أي كذا اسم وهو أخونا في الإسلام، نقول له أهلك كانوا في البوسنة ، الحرب عملت كذا وكذا، ونعرفه بهذه الحقيقة، وبعدين هو يتيم مكفول، وهو ابن -أيضًا- من الرضاعة.

ماهر عبد الله: أنا أعتقد يبدوا لي أن الجزء الأخير من السؤال المبلغ في البنك، لأنه قد يكون محرومًا من الميراث فهل تضمن مستقبله؟

د.يوسف القرضاوي: لا، جائز هذا، أولاً: من ضم هذا الطفل.. الأسرة التي تضم هذا الطفل يعتبر هذا من أكبر العبادات وأعظم القربات إلى الله –تبارك وتعالى-، لأنه كفالة يتيم، وفي الحديث "خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يُحسَن إليه" وقال النبي –صلى الله عليه وسلم- في الحديث المتفق عليه "أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين" وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى.

إعلان

فأقرب الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الجنة كافل اليتيم، حتى لا يضيع هذا اليتيم، ودا من عناية الإسلام بالطفولة، عنايته باليتامى، هنا أُسجل نقطتين مهمتين هما: لا يوجد دين اهتم بالطفل اليتيم.. الطفل الذي فقد أباه أو فقد أباه وأمه مثل هذا، وفيه شيء آخر الطفل اللقيط، يعني الذي لا يُعرَف له نسب، ولا يعرف له أب ولا أم.

في كل كتب الفقه باب كده اسمه باب اللقيط حتى، الذي أتى من حرام له حق الرعاية، لما جاء رجل اسمه أبو جميلة إلى سيدنا عمر وقال يا أمير المؤمنين وجدت هذا الطفل، فخاف سيدنا عمر، وبعدين قالوا إنه رجل صالح قال: كذلك! قالوا: نعم، فقال: اذهب وإن رعايته عليك، ونفقته علينا من بيت المال، أنت عليك أن ترعاه وتربيه، والنفقه علينا، هذا اللقيط اليتيم أيضًا نفس الشيء الإسلام عُني باليتيم من ناحيتين، من ناحية شخصيته (فَأَمَّا اليَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ) (أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ اليَتِيمَ) أي يدفعه بعنف، حفاظًا على نفسيته، لأن اليتيم حساس، وليس له أب، فلذلك أقرب الناس دموعًا، لذلك قالوا: دمعة اليتيم ودعوة المظلوم تسريان بالليل والناس نيام، إذا بكى اليتيم، أو دعا المظلوم تنفتح أبواب السماء، فيحافظ الإنسان على شخصية اليتيم ألاَّ يقهره، ولا ينهره، ولا يدُعًّه، هذا من ناحية من ناحية أخرى، إذا كان له مال يحافظ على ماله (وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ اليَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) وإذا لم يكن له مال مثل الحالة التي يسأل عنها الأخ وزوجته، هذه الحالة يجوز أننا..هو لا يرث طبعًا إنما يجوز نوصي له في حدود الثلث من التركة يجوز نضع له من قبل الوصية من الصغر، نعطيه نفتح له حسابًا في البنك باسمه جزاهم الله خيرًا الأخ هذا، هو يتيم مكفول، وهو ابن من الرضاعة، وقد أحسنا في هذا حينما أرضعته حتى يستطيع أن يعاشر المرأة على أنها أمه، ويعاشر البنات على أنهن أخواته، ويتعامل مع الأسرة كواحد منهم بلا حرج بمسألة الرضاعة.

إعلان

ماهر عبد الله: معنا الأخ عبد الرحمن الهلالي معذرة يا أخ عبد الرحمن، نحن أطلنا في هذه الإجابة كنا سنناقش هذا الموضوع، فكونه فتح بسؤال فتركنا فضيلة الشيخ يوسف، تفضل أخ عبد الرحمن الهلالي من ألمانيا.

عبد الرحمن الهلالي: متشكر جدًّا على الفرصة التي أتحتمونا إياها، ونتكلم معك، سؤالي بي يتعلق بالمسلمين اللي عايشين في أوربا، وأنا منهم، أنا كردي أصلاً من تركيا عندي أولاد، وأعلمهم -إن شاء الله- العقيدة الإسلامية الصحيحة، ولكن كيف يتسنى لنا هذا الأمر في وجود أُنَاس يسبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعبارات منمقة، يقول أنه اجتهد فأخطأ، يزعمون أنه..


حقوق الرعاية الشاملة للطفل في الإسلام

ماهر عبد الله: الأخ عبد الرحمن الهلالي، محاولة ذكية لا نملك إلا أن نشكرك على هذا الذكاء الخارق نرجو أن توظفه في خدمة الإسلام.

موضوع اليتيم كنت هاسألك عنه، ولهذا أعتقد أننا أشبعناه، إذا كنت أنت ذكرت الحديث عن الحقوق الحق الأخير حق الرعاية الشاملة، ما ذكرناه هو تصنيف قد ينفع مراحل معينة من العمر، لكن في صورة كلية لهذا الطفل تحت مسمى الرعاية حق الطفل علينا.

د.يوسف القرضاوي: هي رعاية شاملة، رعاية مادية، يعني نوفر له المأكل المناسب، والمشرب المناسب والملبس المناسب، والتعليم المناسب وكل هذا، وبعدين الرعاية العاطفية أيضًا، الطفل ليس في حاجة إلي أنه يأكل فقط، لأ، بحاجة إلى الحنان، إلى الحب، إلى أن يعيش، ولذلك الإسلام، لماذا عُني باليتيم كما ذكرنا؟ عُني باليتيم حتى يستطيع هذا الطفل أن يجد بديلاً لأبويه إذا حرم الأبوين، لابد أن نوفر الرعاية المادية والأدبية.

ودا عندنا حقيقة الطريقة الإسلامية، وهي طريقة وسط بين طريقتين، طريقة القسوة، وطريقة التدليل، يعني هناك أُناس يعتمدون القسوة في التعامل مع الأولاد كما رأينا زعماء البادية وزعماء قبائل الأعراب، واحد دخل لقى النبي -صلى الله عليه وسلم- يقبل أحد أولاده، أو أحفاده، فقال: أوتقبِّلون أولادَكم؟! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلت واحدًا منهم، فقال له النبي –صلى الله عليه وسلم- "أو أملك لك أن نزع الله الرحمة من قلبك"! ماذا أفعل لك إذا كنت أنت منزوع الرحمة، حتى أولادك لا تقبلهم؟! وكأنه يعتبر أن هذا لا يليق بعظمة شيخ القبيلة أن يقبل، إنه لابد الولد يُرعى هذه الرعاية، فرعاية الأولاد وتقبيل الأولاد واحتضان الأولاد مطلوب.

إعلان

ولكن هنا يعني السلف حذروا من شيء أن يفرق بين الأولاد في هذه الناحية، مثلاً واحد يحتضن الذكور، ولا يحتضن الإناث، أو يحتضن الولد الأخير آخر العنقود -كما يقولون- ولا يحتضن الكبير، أو يحتضن أولاد المرأة الجديدة، ولا يهتم بأولاد المرأة القديمة، هذا كله يفسد، فلابد أن تعامل الأولاد معاملة واحدة، ولذلك كان السلف يساوون بين الأولاد في القُبَل، ويعني إذا قَبَّل هذا يقبل هذا، مايقولش ده طفل جاهل لا يفهم، لأ هو بالفطرة يحس، ولذلك والقرآن ذكر لنا قصة فيها عبرة، وهي قصة يعقوب مع أولاده، يعقوب -عليه السلام- حينما كان يُظهِر ليوسف وأخيه الحب أكثر من سائر الأولاد عمل مشكلة مع أنه طبيعي.. يعني سُئل أحد الأعراب أيُّ أولادك أحبُّ إليك؟ فقال: "صغيرهم حتى يكبر، وغائبهم حتى يحضر، ومريضهم حتى يُشفى" فالصغير بطبيعته ينال حبًّا أكثر، فكيف إذا كان هذا الصغير يتيم الأم مثل يوسف وأخوه، لأن أمهما كانت متوفاه؟ وبعدين طفل فيه مخايل النجابة والذكاء ، يعني يلفت نظر الأب، إنما مع هذا أدى إلى مشكلة، وقالوا (لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً) فمما يجعل الأب يجب أن يكون حذرًا في التعامل مع أولاده، فالقسوة ممنوعة، والتدليل أيضًا ممنوع.

بعض الناس يدلل الأولاد يجيبوهم إلى كل ما.. يعني نسمع الطفل.. يقول لك "ولد وفي فمه ملعقة من ذهب" يعني هذا كل شيء متاح له، وكل طلباته مجابة، هذا ليس إصلاحًا للأولاد بل هذا يفسد الأولاد، فنحن نريد طريقة رعاية وسط، لا هي طريقة القساة ولا طريق المدللين، إنما ترعى هذه الأشياء بميزان وبحساب بحيث يعطي كل ذي حقٍّ حقه.

ماهر عبد الله: معي الأخ الطيب من الجزائر، أخ الطيب تفضل.

إعلان

الطيب: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

الطيب: مساء الخير، السلام عليكم يا شيخ.

د.يوسف القرضاوي: وعليكم السلام -يا أخي- ورحمة الله.

الطيب: نسأل الله -تبارك وتعالى- لك التوفيق.

د.يوسف القرضاوي: الله يبارك فيك، و لنا ولك إن شاء الله.

الطيب: لديَّ سؤالان، السؤال الأول يتعلق بالتربية الإيمانية للأطفال، كما نعرف الأطفال الصغار يطرحون كثيرًا أسئلة تتعلق بالمولى -تبارك وتعالى-، ولكن عقولهم أو إدراكهم ليس كإدراك الكبار، فكيف يتسنى للأب الذي يريد أن يُربي أبناءه الصغار على الإيمان والتوحيد والإيمان بالله -تبارك وتعالى-، ويطرحون أسئلة كثيرة حتى يصلوا إلى درجة وين يتعذر الأب أن يجيب على هذه الأسئلة هذا من ناحية الإيمان، التربية الإيمانية.

النقطة الثانية أو السؤال الثاني: يتعلق بالبيئة، كما نعرف أن البيئة نعيش نحن مرارة من ناحية التربية، تربية الأولاد في الشارع، وفي المدرسة إلى آخر الأمور، فكيف يمكن للأب أن يراقب أبناءه في كل صغيرة وكبيرة؟ حتى أحيانًا الأطفال يشعرون أن الأب –أبوهم أو أمهم- كأنه بوليس وراءهم يترقبهم في كل لحظة وخاصة الشارع لا يرحم، والبيئة لا تراعي التربية الإسلامية والخلق الطيب والخلق الكريم، فكيف يمكن للأب والأم إذا أرادوا أن يربوا أبناءهم على التربية الفاضلة التربية الإسلامية؟ كيف يتسنى لهم أن ينبهوا أبناءهم لخطورة الأمر وتربيتهم تربية فاضلة بعيدًا عن هذه..؟

ماهر عبد الله[مقاطعًا]: مشكور يا أخ الطيب، السؤال الأول أعتقد حاضر.

د.يوسف القرضاوي: حاضر، السؤالان مهمان في الواقع.

ماهر عبد الله: نبدأ بالأول، نعم، نعم.

د.يوسف القرضاوي: فهو يتكلم عن التربية الإيمانية، كيف نغرس في الطفل العقيدة السليمة والإيمان بالله -تبارك وتعالى-؟ وكيف نجيب عن أسئلة الأطفال؟ كما قلت، لابد أن نخاطب الطفل بعقليته وهذه لابد أن يتعاون فيها، يعني لابد أن يعاون الآباء المربون والعلماء والدعاة والمفكرون بحيث يكون عندنا ثقافة للأطفال، يعني يكون فيه كتب لتربية الأطفال، نكوِّن قصصًّا يقرأها الطفل، نكوِّن الإيمان عن طريق هذه القصص، قصة سيدنا إبراهيم، وكيف أنه أبوه قاعد يعبد الأصنام، ويقول له يا أبت لمَ تعبد ما لا يضر ولا ينفع، وكذلك لما كسر هذه الأصنام ولم تستطع أن تدافع عن نفسها..يعني عن طريق القصص نستطيع إن أنا يعني نعلم الأطفال.

إعلان

ماهر عبد الله: بطولات الصحابة.

د.يوسف القرضاوي: نعم، لابد من قصص الأنبياء، وقصص الصحابة، والقصص العادية المشوقة، والأناشيد، لازم نعود الأطفال نعلمهم أناشيد معينة، وألعاب جماعية، لابد أن نتعب في الحقيقة في هذه، وفيه شيء موجود من هذا فيه أخونا الأستاذ يوسف العظم له أناشيد الطفل المسلم، أشياء لطيفة "الله ربي، القرآن كتابي.." كذا لابد أن نعوِّد الأطفال بهذه الأشياء، ونغرس في نفوسهم هذه الأشياء دون تكلف، وتأتي طبيعية، وإذا سألك السؤال نحاول إن أنا نبسط له الإجابة، يعني لو فُرض طب مين اللي خلقني؟ وهكذا، هل هذه (الترابيزة) وجِدَتْ وحدها، أم فيه ؟ يوجد نجار عملها؟ هذا عمله النجار، ودا عمله الميكانيكي، ودا عمله الحداد، كل شيء لابد له من صانع، طب مين اللي عملنا، إحنا وعمل الكون من حولنا؟ الصانع الأعظم وهو الله -تبارك وتعالى-، أي نحاول أن نقرب إليه هذه الأشياء بلغة مفهومة، والأب يجب أن يقرأ لابنه، المشكلة أننا لا نتعب لكي نربي أولادنا.

والمفروض أن أجهزة الإعلام هذه تساعد في هذا في تقديم ثقافة للآباء والأمهات لكي يعلموا الأولاد، لأن الولد يتعلم أول ما يتعلم من أمه ولذلك الشاعر العربي شاعر النيل حافظ إبراهيم يقول:

الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبًا طيب الأعراق

أول ما يتعلم الطفل يتعلم من أمه، ويتعلم من..

ماهر عبد الله[مقاطعًا]: إذا دخلنا في السؤال الثاني.. البيئة.

د.يوسف القرضاوي: البيئة.. البيئة لا شك أنها لها تأثير كبير خاصة في عصرنا، يمكن في الزمن الماضي كانت الأسرة كان لها التأثير الأكبر والأول، الآن لم تعد أنت وحدك تربي ولدك، يدخل معك المدرسة، ويدخل معك الشارع، ويدخل معك التليفزيون، وتدخل معك الصحافة، ويدخل معك الأصدقاء، ويدخل..

ولذلك تربية الأولاد في عصرنا أصبحت مسؤولية كبيرة، يعني بعض الآباء.. أسأل الله أن يعينني على تربية الأولاد وحفظهم من فتن الزمان، وشرور الزمان وخصوصًا إخواننا الذين يعيشون في الغرب، وهؤلاء يشكون من البيئة من حولهم والنبي -صلى الله عليه وسلم- أشار إلى هذا حينما قال "كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه" فالبيئة القريبة والبيئة التي أبعد منها، البيئة تؤثر في عقيدة الإنسان، وتؤثر في سلوك الإنسان.

إعلان

ماهر عبد الله: شكر الله لك، الأخ الطيب يخبرنا المخرج أنه ظننا أنه انتهى من الأسئلة، لكن هو طلب منك سؤالاً خارجًا عن الموضوع كونه من الجزائر وأحب منك أن ندعو أن يوفق الله الجزائر فيما هي مقدمة عليه من..

د.يوسف القرضاوي[مقاطعًا]: والله أنا من المهمومين بالجزائر وأمر الجزائر، وعلاقتي بالجزائر علاقة قوية، وأنا أدعو الله لهم أن يعيد الجزائر إلى أمنها واستقرارها، ووحدة أبنائها، وإلى صحوتها الإسلامية، وأن يُعين أبناء الجزائر على حل مشاكلهم بأنفسهم -إن شاء الله- ونرجو يعني في هذا العهد الجديد أن يوفق إلى هذا الأمر، وأن يجتمع الجزائريون على كلمة سواء، أسأل الله –تعالى -لهم، وأدعو إخواني المسلمين أن يدعوا لإخوانهم في الجزائر، ويدعوا لإخوانهم في الشيشان ولإخوانهم في فلسطين وإخوانهم في كشمير وإخوانهم في شتى بلاد الإسلام أن يهديهم الله صراطًا مستقيمًا، وأن يفتح لهم فتحًا مبينًا، وأن ينصرهم نصرًا عزيزًا.

ماهر عبد الله: طيب معنا الأخ موسى زريق من قطر، تفضل يا أخ موسى.

موسى زريق: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام.

موسى زريق: أستاذنا الفاضل، مساء الخير، وبارك الله فيك، في الحقيقة هناك في الجزائر عندنا إشكالية الآن، وما يحدث الآن من تشويه لصورة الإسلام عبر أجهزة الإعلام الأوروبية والتي كانت صارت مفتوحة على الشارع الجزائري، هذه خلقت وضع كئيب لدى الأطفال، يعني ارتبطت صورة الإسلام بالدموية وبالإرهاب وبالقتل والتقتيل فهذه صار عليها لها إنعكاسات كثيرة على مسيرة التربية التي قامت بها الصحوة عبر سنوات في الجزائر، فما الحل في هذه الحالة؟ كيف نستطيع أن نواجه هذه المسألة؟ وأن نتفادى خطر التوجيه الإعلامي هذا؟ والذي أفسد الكثير من عقول الأبناء والنشء الجديد في الجزائر.

ماهر عبد الله: أعتقد أنك مشكور جدًّا على هذه اللفتة أخ موسى، لعلك سمعت فعلاً هي صورة مشوهة للإسلام حتى عند الكبار، يصعب فهم ما جار ويجري، كيف نتدارك هذا الأمر؟

إعلان

د.يوسف القرضاوي: ليس أمامنا حلٌّ إلا التوعية الإسلامية الصحيحة بحقيقة الإسلام وأن نعلم أبناءنا وبناتنا والجيل الجديد أن الذي جرى في الجزائر وجرى في بعض البلاد في وقت من الأوقات لا يمثل الإسلام الصحيح، وإنما هي فتن جرت في بلاد المسلمين، وكان المسلمون يستعيذون بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وبعض هذه الفتن يعني نشأ من تشويش في فهم الإسلام.

والخوارج ماذا كانوا؟ كانوا عبادًا صوامًا قوامًا قال النبي –صلى الله عليه وسلم-"ويحقر أحدكم صلاته إلى صلاتهم وقيامه إلى قيامهم، وقراءته إلى قراءتهم "ومع هذا وصفهم بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يعني ما يدخلش العقول، بس بالحناجر، وقال يدَعُون أهل الأوثان، ويقتلون أهل الإسلام، يوجد خلل في الرؤوس، وبعضهم يكونون عملاء -للأسف- أو مخترقون لجهات تعمل ضد الإسلام فاستغلت هؤلاء، لابد أن نعرف أبناء الجزائر أن هذه الصورة لم تكن صورة دائمة.

أنا عشت في الجزائر أيام الصحوة، ولم أر صحوة في بلدٍ ما كما رأيت الصحوة في الجزائر، رأيت المد الإسلامي الهائل، المسجد أصلي فيه الجمعة يصلي فيه مائة ألف، مائة وخمسون ألفًا مائتا ألف، يعني وتتوقف المواصلات، وتمتلئ الشوارع والميادين والطرقات، صحوة ما رأيت مثلها، ولذلك أعداء الإسلام أزعجهم هذا وأقلقهم هذا الأمر وزُلزل زلزالهم، فكادوا لهذه الصحوة ووجدوا من أبناء المسلمين من تجاوب معهم، ولم يعرف حقيقة هذه اللعبة.

لابد لنا أن نوعي جيلنا الجديد أن هذه الصورة ليست هي الإسلام الصحيح، الإسلام يحترم الإنسان، ويحترم الدماء، ويحترم الأموال، ويحترم الأعراض (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) لابد أن نعلم أجيالنا هذه الحقائق لن نكذب عليهم، نعلمهم الإسلام الصحيح من كتاب الله وسنة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

إعلان

ماهر عبد الله: جاءني سؤال بالفاكس من الأخت أم إلياس من ألمانيا، حقيقة لفتت نظري إلى موضوع ما كنتش فاكر أن أطرحه عليك أساسًا، إنه من حق الطفل على والديه العقيقة ولم نتحدث عنه العقيقة، هي تقول نحن اكتشفنا، قبل 23سنة لم نكن نعلم أنها واجبة على المسلم، وهل يكون المولود إذا لم يعق عليه من عقوق الوالدين؟ وهل ستؤثر على علاقته بوالديه، أو أي شيء آخر؟ ما هي أحكام العقيقة؟ وما هو الهدف منها؟

د.يوسف القرضاوي: الإمام ابن القيم له كتاب لطيف اسمه (تحفه المودود في أحكام المولود) بعض الفقهاء يجمعون الأحكام المتشابهة في موضوع واحد، فهو جمع أحكام المولود فمن ضمن هذه الأحكام أن المولود يعق عنه في اليوم السابع، يعني لما نقول إحنا السبوع الآن نعمله، ففي السبوع يُذَبح عنه ذبيحة، أي تذبح عنه شاة، وفي بعض المذاهب تذبح شاة واحدة عن الأنثى، وتذبح شاتين عن الذكر، لأن الناس يفرحون بالذكر أكثر، وطالما فرحت أكثر نغرمك أكثر، والذبيحة هذه المفروض أنها توزع كما توزع الأضحية، يعني الثلث للإنسان يأكله هو وأهله، والثلث لجيرانه وأصدقائه وأقاربه، والثلث للفقراء.

من الأحكام التي ذكرها ابن القيم -أيضًا- هنا حسن تسمية المولود، يعني أن نختار له اسمًا حسنًا، بعض الناس لا يبالي أن يسمي، وكان العرب يسمون أبناءهم تسمية خشنة، ويسمون عبيدهم وغلمانهم تسمية..يسميه سرور، رزق، وكذا، وأما ابنه يسميه فهد، وكلب، وسبع، وليث.

ماهر عبد الله: وصخر، وحجر.

د.يوسف القرضاوي: آه، صخر وحجر! ولما سئل في ذلك قال "نحن نُسمي أبنائنا لأعدائنا" علشان لما تيجي ساعة الحرب نقول أهجم يا ليث، أهجم يا سبع، أهجم يا حجر، أهجم يا صقر، إنما لما ينادي الغلام يا رزق، يا سرور، يا جوهر، يا كذا، فيُحسِن اسمه.

للأسف بعض المسلمين يسيؤون في هذا يقول لك، وخاصة لو كان واحد امرأته مات منها بعض الأطفال يقول يسميه اسم رديء حتى يعيش، يسميه خيشة أو كذا، أو خروف، أو أي اسم سيئ، وهذا لا أصل له في الدين، ولا في العلم، ولا في العقل.

إعلان


أساليب تثقيف الطفل المسلم المعاصر

ماهر عبد الله: وصلني فاكس من الأخ عبد الله أظنه مدير عنده شركة للإنتاج الفني قدَّم تعليقًا بالفاكس على ما ذكرت من فروض تقديم برامج إسلامية من أشعار يوسف العظم، يشكر على هذا الموضوع، ويرجو أن تطرح موضوع ثقافة الطفل المسلم المعاصر، وما يتعرض له من حملات غزو وتشويه، وريثما(..) جزاكم الله خيراً، ليواكبه تقديم إنتاج عربي هادف للأطفال، والحمد لله قد أسسنا شركة تقديم أعمال فنية راقية مثل الطفل والبحر و سر الحياة طبعًا، وعندهم كما يوجد بعض الأشياء.

د.يوسف القرضاوي: فيه في شركة سفير في مصر هي شركة إعلامية، وتنتج للأطفال كتبًا وقصصًا وأدوات وصورًا وأشياء للأطفال، وهناك شركة إعلامية في تركيا اسمها آلاء تهتم بالإنتاج السينمائي والفيديوي، وأنتجوا فيلمًا شهيرًا عن محمد الفاتح فيلم كرتون، أنا لم أره ولكن الإخوة الذين رأوه أثنوا عليه ثناء عطرًا، وهكذا ينبغي أن تتعاون كل المؤسسات لإنتاج يعني ثقافة تفيد الطفل، وتنفع في تربية الطفل تربية متوازنة.

إننا نريد طفلاً نربيه جسميًّا بالرياضة بحيث ينشأ قوي الجسم، ونربيه عقليًّا بحيث نبعده عن الخرافات، للأسف نحن جربنا في صغرنا، كانوا يقعدوا يحكون لنا أمِّنا الغولة والعفاريت والجن و الأشياء دية ، ويخوفوِّن الطفل من هذه الأشياء التي ليس لها علاقة .. أنا اذكر وأنا طفل كان في حارتنا مدرسة، كنا نتعلم في المدرسة دي وبالليل المدرسة مايبقاش فيها حد، وكان فيها بدروم، فكانوا يقولون لنا هذا البدروم تسكن فيه عفريتة، وطلعت .. فلان، رايح يصلي الفجر طلعت العفريتة اسمها أم جلاجل يعني نحن نعلم في الأطفال الخوف.

عاوزين نثقف الطفل ثقافة تبعده عن هذه الخرافات والغيلان والأشياء التي من هذا النوع، عايزين تربية عقلية وتربية جسمية وتربية روحية وإيمانية وتربية أخلاقية وسلوكية تُعلمه الصدق في القول والإخلاص في العمل، والأمانة مع الناس والحب للخير، ونشغله في عمل الخير، يعني نعطيه صندوقًا يجمع تبرعات، نعلمه، نشغله في هذا من الصغر.

إعلان

ماهر عبد الله: طب أنا عندي فاكس من الأخت السيدة سامية سموي أو سمري شكل الفاكس من القاهرة من الرقم، سألت سؤالين كنا نحن هنتعرض لهما في نقاشنا الأول كان يجب، الأول: هل تنحصر مسؤولية رعاية الأطفال في الوالدين فقط؟ لأنه في الأول تحدثنا عن البيئة تعليقًا على الأخ الجزائري، لكن الآن فيه مؤسسات في بعض الأحيان، في بعض الدول هل يمكن أن تقوم بعض المؤسسات بعون الوالدين على موضوع التربية؟

د.يوسف القرضاوي: نعم المجتمع كله مسؤول عن الأطفال –وكما قلت-الوالدان وحدهما الآن لا يستطيعان، لأن البيئة أكبر تأثيرًا من الوالدين، وذكرت إنه ينبغي أنها تُعين الوالدين في إعطاء ثقافة للوالدين.

ماهر عبد الله: اسمح لي بالله إذا كنت، يعني أخت ندخلها لأنه..، على الهاتف، أنا آسف يا أخت أم عبد الله أرجو يكون باختصار، لأننا شارفنا على الانتهاء.

أم عبد الله: طيب، السلام عليكم.

د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام.

أم عبد الله: أنا بصراحة أشكركم على اختياركم لهذا الموضوع بصراحة لأن إحنا مركز قطر لثقافة الطفل، صميم عملنا قاعدين نتحدث هون فنحن -مثلما تفضلت- قاعدين نحاول إننا بالطفل نرتقي به نأخذ مشاريع تهتم بهذا الجانب، عندنا مشروع مهم وأتصور إنه يثلج صدور كثير من الناس، اللي هو نادي الكتاب يعمل للطفل اشتراكًا سنويًّا بقيمة زهيدة ونحن كل شهر نبعث له كتابًا، وفيه إقبال شديد على هذا المشروع، وعندنا مشاريع أخرى، نحن نحاول أن إحنا نوجد مكتبة عامة للأطفال خاصة في بيئتنا، ما في هذه الأجواء الثقافية للطفل يروح لها كل الموجود مطاعم هامبرجر وكذا، فنحن -فعلاً- عندنا مشاريع يعني جدًّا تهم الأطفال، نخاطب الآباء، نخاطب الأمهات، نحاول أن نوعيهم بدورهم الرئيسي في تربية أبنائهم، وكيف يعملون على تربيتهم تربية سليمة، لكن مشكلة الناس هو.. مشكلة هذه المشاريع -فعلاً- هي الناحية المادية.

إعلان

أنا أسأل الشيخ القرضاوي أن يتفضل ويشرح للناس الجانب المادي هذه أين يصب؟ هل إذا هم شاركوا معنا في مثل هذا المشروع ألاَّ يكون لهم صدقة جارية؟ أنا بس أقول لهم أن يساعدونا في مثل هذا المشروع.

ماهر عبد الله: مشكورة أخت أم عبد الله، أعتقد الشيخ سمع.

د.يوسف القرضاوي: أنا يعني ….. أنا أشجع جدًّا على إعانة هذا النوع من المشروعات والاهتمام بالطفل، وما هو الطفل؟ الطفل –في الحقيقة- هو مستقبل الأمة، يعني إذا أردنا أن نعرف مستقبل أي أمة، فلننظر هل هناك عناية بأطفالها، هؤلاء هم رجال الغد، وهم أمهات الغد أيضًا، فإذا عُنينا بطفل اليوم كأننا نعد لمستقبل الأمة، ولذلك العناية بثقافة الطفل، وبتربية الطفل، هذه تعتبر من الأعمال الصالحة، وينبغي على الإنسان أن يدفع لها، وهي صدقة جارية، والمهم أن يوجد القائمون القادرون على هذه، المشكلة أنه حتى إحنا في المدارس -للأسف- أن كثير من الأطفال يكرهون المدارس، لأنهم لم يجدوا المعلم الذي يحببهم في المدرسة، الذي يعاملهم معاملة الآباء، يعني كان بعض الناس يحترم معلمه أكثر من أبيه، لأنه يقول هذا سبب حياتي العقلية، أبي يغذي الجسم، وهذا يغذي عقلي، فنحن في حاجة إلى أن..حتى أقول كما قال شوقي:

قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا

نحن نريد المجتمع كله، أي وزارة التربية والتعليم، وزارة الأوقاف، وزارة الإعلام والجهات المختلفة كلها تتعاون فيما بينها على تكوين الطفل المسلم القويم الفكر، القويم السلوك الذي يكون خيرًا لأهله، وخيرًا لمجتمعه، وخيرًا لدينه ولوطنه ولأمته، وللإنسانية جمعاء.

ماهر عبد الله: فضيلة الشيخ يوسف، شكر الله لك، وجزاك الله خيرًا على هذه المداخلة والخاتمة الشيقة، أعزائي المشاهدين أود أن أعتذر للذين أرسلوا لي بكل هذه الفاكسات، كما لاحظتم، كان الحديث شيقًا وممتعًا، وحاولنا بقدر الإمكان أن نستفيد من هذه الأسئلة، معذرة لكل الذين لم نستطع الرد على فاكساتهم وللإخوة الذين انتظرونا مطولاً على الهاتف، إلى أن نلتقي في حلقة أخرى، تحية مني والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إعلان
المصدر: الجزيرة