
تحرير المرأة في العالم العربي
![]() | |
![]() |
ماهر عبد الله:
أعزائي المشاهدين، سلام من الله عليكم وأهلاً ومرحبًا بكم في حلقة جديدة من برنامج "الشريعة والحياة". قبل أن نخوض في موضوع حلقة اليوم، والذي سيتناول قضية "تحرير المرأة في العالم العربي".. سنعود عودًا على بدء لتعزية في فقيد آخر من علماء هذه الأمة، الذي قضى نحبه في الأسبوع الماضي. يسعدني قبل هذا أن أرحب بفضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي ضيفنا لهذه الحلقة.
الشيخ يوسف, الشيخ يوسف (سيد سابق) كان أحد أصدقائك ورفاق دربك، ألك تعليق على وفاته؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه وبعد …
فهكذا قُدر علينا أن نودع علماءنا الأعلام واحدًا بعد الآخر، منذ أن ودعنا الشيخ (عبد العزيز بن باز) وبعده الشيخ (على الطنطاوي) وبعده الشيخ (مصطفي الزرقا) وبعده الشيخ (الألباني) وبعده الشيخ (أبو الحسن الندوي) وبعده يعني عدد من العلماء، الشيخ(مناع القطان) والشيخ (عطية سالم) والشيخ (المجذوب)، والآن ودَّعنا العالم الكبير فقيه السنة الداعية الشيخ (سيد سابق) رحمه الله. كان الشيخ (سيد سابق) أحد علماء الأمة وفقهائها، وهو صاحب كتاب " فقه السنة " الذي اشتهر في آفاق العالم الإسلامي، وعرفه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وسد فراغًا في المكتبة الإسلامية، حيث تناول الفقه بأسلوب سهل ميسر مبسط، بعيدًا عن وعورة المصطلحات والتعقيدات الفقهية، وبعيدًا عن الخلافات المذهبية إلا ما لابد منه، فهو يذكر الرأي وأدلته من الكتاب والسنة والإجماع، ولا يكاد يعرج على الأقوال إلا فيما كان فيه خلاف شديد، ولا يسعه إلا أن يذكر الخلاف، وكثيرًا ما يذكر الخلاف ويرجح الرأي الراجح، وأحيانا قليلة كان يترك الرأي بدون ترجيح، لأنه لم يتبين له فيه شيء، ومن الأمانة العلمية أن يدع القارئ يتحمل هذا، يبحث أو يسأل عالماً آخر.
كان الشيخ (سيد سابق) أحد علماء الحركة الإسلامية، وقد التقيت به في معتقل الطور سنة 1949م مع صديقه وزميله ورفيق دربه الشيخ (محمد الغزالي) -رحمه الله-والشيخ (عبد المعز عبد الستار) حفظه الله، وعدد من العلماء والدعاة، ضمهم معتقل الطور.. كنت طالبًا في ذلك الوقت في السنة الخامسة الثانوية في المعهد الديني بالأزهر، وكان الشيخ (سيد سابق) تخرج في كلية الشريعة وأصبح من العلماء المعلمين والمفقهين، وكنا نلتقي معه وبعض الشباب في بعض الأيام بعد صلاة الفجر. كان المعتقل يعني معسكرًا للتربية والتعليم، فبعد أن نصلي الفجر وكنا في حزاء رقم(2) يؤمنا الشيخ الغزالي، بعد ذلك نتوزع في حلقات، فمن هذه الحلقات حلقة فقهية صاحبها هو الشيخ (سيد سابق) رحمه الله.
الشيخ (سيد سابق) اتهم في بعض القضايا، في قضية مقتل (النقراشي) رئيس حكومة مصر، وزعموا في ذلك الوقت أنه هو الذي أفتى الشاب الذي قتله بالقتل، وكان طالبًا في كلية الطب البيطري، والصحف في ذلك الوقت سمته (مفتي الدماء)… إلى آخره، ولكن الحمد لله المحكمة برأته، ولم يوجد عليه أي شيء والتحق بالمعتقل وكان من علماء المعتقل.
عاش الشيخ (سيد سابق) طول عمره للعلم وللدعوة وللفقه، وانتقل وكان في وزارة الأوقاف مديرًا لإدارة الثقافة، وعملت معه فترة من الفترات، ثم انتقل في أواخر حياته إلى مكة المكرمة مجاورًا لبيت الله الحرام، وأستاذًا للدراسات العليا في جامعة أم القرى مع عدد من أجلاء علماء الأزهر، ولم يترك مكة إلا من نحو سنتين أو أقل يمكن من سنتين، واستقر في مصر حتى وافاه الأجل في مثل هذا اليوم من الأسبوع الماضي، ولقي ربه راضيًا مرضيًا، تاركًا هذه السيرة الطيبة، وتاركًا العلم النافع، وتاركًا الأولاد الصالحين، وتاركًا التلاميذ الذين يدعون له بالمغفرة والرحمة، وتاركا الذكر الحسن، الذي سماه الشعراء العمر الثاني، كما قال شوقي رحمه الله:
دقات قلب المرء قائلة له
إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك بعد موتك ذكرها
فالذكر للإنسان عمر ثاني
نسأل الله -عز وجل- أن يغفر لشيخنا الشيخ (سيد سابق)، ويرحمه ويتقبله في عباده الصالحين، ويجزيه عن العلم والدعوة والإسلام وأمة الإسلام خير ما يجزي العلماء العاملين والدعاة الصادقين. اللهم آمين.
ماهر عبدالله:
جزاك الله خيرًا، لا نملك إلا أن نتوجه أيضًا بالعزاء لعائلة الفقيد.
الشيخ يوسف القرضاوي:
كلنا نعزى فيه، عزاؤنا لأولاده وأسرته، وعزاؤنا للأمة الإسلامية، وكلنا نعزى في الشيخ (سيد سابق) رحمه الله وغفر له.
ماهر عبدالله:
مولانا، لو عدنا إلى موضوع حلقة هذا اليوم.. لو ابتدأنا بداية بتقرير واقع المرأة اليوم..لا شك أن كثرة الدعاوى بأنها مهضومة الحقوق وأنها مظلومة، لابد أنها نتيجة واقع ملموس، باعتقادك الشخصي وضع المرأة في العالم العربي والعالم الإسلامي اليوم، كيف هو؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
أنا لا أنكر أن هناك هضمًا في كثير من البلاد الإسلامية لحقوق المرأة، يتفاوت هذا من بلد إلى آخر، وبعض هذا الهضم للأسف.. بعضهم يرده إلى أسباب دينية، وكثير منها إلى أسباب اجتماعية، وقد رأينا مثلاً بعض البلاد يصر على منع المرأة من حقوقها السياسية في أن تنتخب وتُنتخَب، والله تعالى يقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، وما دام المرأة تعلمت وتثقفت وعملت، فلابد أن يكون لها حقها في أن تشارك في الحياة السياسية، وليست كل النساء جاهلات أو أميات، المرأة إذا وصلت إلى قدر من العلم والثقافة والنضج، حتى في السن أيضًا والخبرة، بعد أن تودع الدورة الشهرية وتصل إلى سن معينة، ويكبر أولادها ويتزوجوا ويتعلموا…إلى آخره، تصبح عندها فراغ وعندها نضج اجتماعي وفكري، فتصبح قادرة في هذه الحالة على أن تشارك في الحياة، لماذا نمنعها من هذا؟ بعض الناس لا يعطون المرأة حقوقها. أنا أعرف كثيرًا من الناس لا يعطون المرأة حقها في الميراث ويفضلون أبناءهم الذكور على الإناث، ويرضون الإناث بشيء قليل، وأحيانًا يحرمونهن كافة حقوقهن، ولذلك أنا أقول: في الحقيقة يجب أن نعترف أن هناك ظلمًا واقعًا على النساء في كثير من البلاد، ولابد أن نعمل على رفع هذا الظلم عن المرأة سواء في المغرب، في المشرق، في الخليج، في أي بلد في العالم الإسلامي، يجب رفع الظلم عن النساء، وأول هذا الظلم منعهن من التعلم، ومنعهن من حقهن في العمل إذا كن قادرات على العمل واحتجن إليه، فهذا هو الذي ينبغي.
ونحن -هذا الحقيقة- لا نفتات على الإسلام، ولا نبتدع دينًا من عند أنفسنا. أخونا أو صديقنا الأستاذ (عبد الحليم أبو شقة) -رحمه الله- ألَّف كتابًا من ستة أجزاء سماه(تحرير المرأة في عصر الرسالة)، المرأة لم تحرر بكتاب (قاسم أمين) أو كذا، حُررت من عهد محمد صلى الله عليه وسلم، ولذلك فنحن نرد الأمور إلى نصابها، نعيدها إلى جذورها، ونعطي المرأة ما أعطيته في عصر النبوة وعصر الصحابة، هذا هو الذي نريد أن نصل إليه.
ماهر عبد الله:
اسمح لي بس بالمقاطعة هنا.. الملاحظ أن الجمعيات النسوية في العالم العربي والعالم الإسلامي، غالبية روادها من غير الإسلاميين، يتفقون معك في أن الإسلام على الصعيد النظري في تشريعاته أعطى المرأة هذا الذي تفضلت به، لكن لماذا الحركة الإسلامية التي جددت في الكثير من جوانب الدين فقهًا وفكرًا وتنظيمًا، قضية المرأة في فكر الحركة الإسلامية لم تأخذ نفس الحجم الذي أخذته القضايا السياسية مثلا، قضايا التنظيم، وتأسيس الجماعات، لماذا ظل هذا الفقه ضامرًا عند مجمل التيار الإسلامي اليوم؟ قد يكون هناك بعض العلماء الشيخ (الغزالي)، الشيخ (يوسف القرضاوي)، الشيخ (سيد سابق) لكن ظل لمع قليلة في جو مظلم شديد الظلام، باعتقادك لماذا لم تهتم الحركة الإسلامية بهذا الشأن، وتركته لغير الإسلاميين؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
لا هو الحركة الإسلامية اهتمت بهذا, حتى إنه واحد مثلاً مثل الإمام (البنا) عمل قسم للإخوان المسلمين وقسم للأخوات المسلمات، والأستاذ (عبد الحليم أبو شقة) صاحب تحرير المرأة، هو واحد من ثمار الحركة الإسلامية هذه، هو ولكن هناك بعض الناس عندهم نظرة تشددية، ويبدو أن هذا من آثار البيئة، يعني أنا مثلاً أعرف الأستاذ (أبا الأعلى المودودي)، هذا من الأئمة أئمة الدعوة والمجددين في عصرنا، ولكنه في قضية المرأة كان متشددًا، كان يرى أن لابد المرأة تلبس البردة كما يسمونها بـ(الأوردو) يعني النقاب، لابد هذا وكان يرى أن المرأة لا يجوز أن تكشف زينتها الباطنة لعمها أو خالها، لأن الأعمام والأخوال لم يذكرن في آية سورة النور، {إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن..} أو كذا، ما قالش أو أعمامهن أو أخوالهن، ولعله اكتفى لأنه قالوا: العم هو والد والخال والد، اعتبر الآباء كافيا لهذا، إنما.. فهذا لأن البيئة الهندية يعني متشددة في قضية المرأة إلى اليوم، أنا أذكر لك كنت منذ ثلاث سنوات أو أربع سنوات دعيت من الشيخ (أبو الحسن الندوي)-رحمه الله- إلى لكناؤ لإلقاء عدد من المحاضرات على طلبة كلية دار العلوم هناك، التابعة إلى ندوة العلماء، والمعهد العالي للفكر الإسلامي… إلى آخره، وأطوف بالبلاد الهندية، ألقيت عددًا من المحاضرات، في كل هذه المحاضرات لم تحضر امرأة واحدة، لماذا؟! قالوا: لأن الفقه الحنفي، وهو المذهب المتبوع في بلاد الهند وباكستان وبنغلاديش، لا يجيز للمرأة أنها تذهب إلى المسجد، فهذه المحاضرات للرجال فقط، قلت طيب: هل أنتم بعد أن أنتهي من محاضرتي تعلمون نساءكم هذه المحاضرات؟ أو تقولون سمعنا.. قالوا: لا .قلت طيب: معناها إحنا بنحرم المرأة من هذا، وبعدين هذه أشياء كانت فتاوى خاصة بزمانها، الرسول.. المرأة كانت تذهب إلى المسجد في عصر النبوة، وتحضر الصلوات الخمس حتى العشاء والفجر، رغم أن الطرق في ذلك الوقت لم تكن ممهدة ولا مرصوفة، ولم يكن فيها أي إضاءة لا بمصباح ولا بمسرجة ولا بأي شيء، المرأة تذهب للعشاء وتذهب للفجر، وبعد ذلك السيدة (عائشة) قالت كلمة فيها نوع من الإنكار على نساء عصرها، إن كان بعضهن يخرجن متطيبات ومتعطرات وكذا، فقال: لو علم النبي -صلى الله عليه وسلم- ما أحدثن بعده لمنعهن من الخروج. بعض العلماء أخذ من هذه الكلمة تكأة لمنع النساء، وفي عصر من العصور قالوا: تمنع المرأة الشابة ولا تمنع العجوز، بعض الناس جي بعد كده قال: حتى العجوز، لك ما هي العجوز لها واحد مثلها شايب..
لكل ساقطة في الحي لاقطة
وكل كاسدة يومًا لها سوق
فمنعوا الشواب والعجائز والجميع من المساجد، وحرمت المرأة من الذهاب إلى المسجد، حرمت من أن تسمع الموعظة، حرمت أن تسمع الدرس، حرمت أن تلتقي بالعلماء، وهم قالوا: زوجها عليه أن يعلمها وأبوها عليه أن يفقهها، ولكن لا الزوج علم ولا الأب فقّه، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
ماهر عبد الله:
هذا سيدي، ما يؤكد دعاوى.. بعض خصوم الطرح الإسلامي، أن فتوى بسيطة من هذه مثل هذا لا تسمح للمرأة بدخول المسجد، لا للتعلم ولا حتى للصلاة جماعة، حتى يعني أجر العبادة هي محرومة منه.. فتوى من هذا القبيل حرمت ثلث الأمة الإسلامية، يعني الدول التي تفضلت بذكرها فيها أكثر من 350 ألف مليون مسلم، فتوى واحدة تحرم نساء ثلث الأمة الإسلامية من يعني ألا ترى معي نوع من العذر للذين يلقون باللائمة على بعض الفتاوى ولا أقول…
الشيخ يوسف القرضاوي [مقاطعا]:
أقول لك أنا من الذين يدعون إلى أن نحرر المرأة في ضوء الشريعة، إحنا لسنا محتاجين إلى فكر آخر وإلى مرجعية أخرى غير المرجعية الإسلامية لنحرر المرأة، نحن نحكم الجميع إلى القرآن والسنة، فإذا رجعنا إلى القرآن والسنة وجدنا فيها الجواب الكافي ولمن سأل عن الدواء الشافي كما يقول (ابن القيم)، سنجد في القرآن وفي السنة الصحيحة حلاًّ لكل معضلة، وشفاءً من داء، فالذي ننكره إننا نترك مرجعيتنا، و..لا لماذا لا نحتكم إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وسنجد في الشريعة الإسلامية، وفي فقهها المتعدد المدارس المتنوع المشارب والمذاهب، سنجد في هذا الفقه، ولسنا ملزمين بأننا نتبع مذهبًا معينًا.
ذكرنا في الحلقة اللي فاتت إنه في مصر كان في أول الأمر متبعين المذهب الحنفي، وبعدين قالوا: لا، نخرج إلى المذاهب الأربعة، بعدين جي الشيخ (المراغي) -رحمه الله – قال: لا نخرج حتى خارج المذاهب الأربعة، كل هذا ملك للأمة الإسلامية.
أنا أرى بعض الناس إلى الآن يلتزمون بأنه لو واحد متخانق مع واحد في الشارع، وقال له:عليّ الطلاق بالثلاثة أعمل كذا، يرجع يلاقي امرأته مطلقة بالثلاثة، وهو بينه وبين المرأة كل علاقة طيبة، ويروح للمحكمة يطلقها له بالثلاثة، وخلاص لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره.. لماذا هذا؟ إذا أردنا أننا نصلح الحال، لابد أن نأخذ بالفقه الإسلامي كله وبالشريعة الرحبة إذا أردنا أن نعالج مشكلاتنا معالجة حقيقية، وليس معالجة سطحية أو مسكنة.
ماهرعبد الله:
هذا يؤكد أنه نوع من الوعي الديني السائد، -السائد ليس بالضرورة الصحيح- هو المسؤول في المحصلة النهائية، يعني ثمة وعي ديني، ثمة فقه انتشر ودون ما نذكر بعض البلدان، هناك بلدان أخرى غير التي ذكرت، الوعي الديني والفقه السائد هو المسؤول عن هذه الحالة. لكن عملية التجديد لا تتم، يعني في الهند والباكستان لا يمكن لك أن تقنع مسلمًا هنديًّا أو باكستانيًّا إلا أن تكون مرجعًا، يعني تعطيه بعض الأحيان أحاديث صحيحة بـ(البخاري) يقول: يبدو الكلام منطقيا، لكن أرجع لمولانا اذا أفتالي، في ظل هذه العقلية، كيف يمكن أن نغير؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
هذه العقلية هي أولا في الهند وفي البلاد دي النساء ما بطالبش بشيء، لأنه لا زالت الأمية سائدة، ولازال.. هو هذا يحدث عندما تتنور المرأة، ويتعلم المجتمع وترتقي الجماعة فيه، هناك الناس بتبدأ تحس بحقوقها وتبدأ تطالب، هنا يحصل الاحتكاك. وهنا لابد إنه يبرز الفقه الإسلامي الصحيح، والفكر الإسلامي الواعي والمستنير، وهو الذي يفرض نفسه، ولا دواء غيره لهذه الأدواء، ولهذه الأمراض الاجتماعية والأسرية التي تشكو منها مجتمعنا, لازم لابد أننا نراعي هذا، ولكن المشكل ليس هذا، المشكل حينما تفتعل مشكلات، وحينما تقتحم على الناس حماهم، وتفرض عليهم أشياء ليست، المرأة ما شكتش أنها تريد أن تأخذ نصف ملك زوجها، هل نساء المغرب قالت: لا أنا أريد أن آخذ ملكي! لا يمكن امرأة مسلمة تطلب هذا، ده تعرف أن لا حق لها، ربنا قدر لها لو مات زوجها لها الربع أو الثمن، لها النفقة والمتعة والمؤخر، لها.. في أشياء، فكل ما تيجي تقول: لا، هذا تأخذ من مرجعية أخرى، فهذا اغتراب للأمة وتغريب لها، سواء كان تغريب معناه من الغربة أو من الغرب، يعني هو تغريب بالمعنيين، فهذا هو الذي يجب أننا ننكره، ونريد أن نحدد المرجعية لإصلاح هذه الأوضاع بالمرجعية الإسلامية بمعناها الواسع الرحب، لا نقف إلا عند كتاب الله وسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعند مقاصد الشريعة وقواعدها الكلية المسلمة.
[موجز أخبار]
ماهر عبد الله:
نتحدث عن قضايا المرأة، خاصة وأن يوم المرأة العالمي ستصادف ذكراه بعد يومين أو ثلاثة.. فضيلة الشيخ، في كلامك ذكرت أن المجتمع الهندي متشدد في قضايا المرأة، وهذا انعكس على فقه إمام كبير ومجدد مجتهد مثل الإمام (المودودي)، في الطرف الآخر كانت فتوى دينية مسؤولة عن نوع من العزلة، أو على الأقل عن تجهيل النساء.. فهل هي المجتمع مسؤول عن تشدد الفتاوى، أو هي الفتاوى التي أوجدت هذا التشدد؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
هو الفتاوى طبعا هي السبب في هذا الركود، ولكن مما نحمد الله تعالى عليه أن الأمة الإسلامية لا تجتمع على ضلالة أبدًا.. في كل عصر من العصور وجد من ينكر على العلماء المتشددين، وفي عصرنا وجد كثير من العلماء ينكرون على المضيقين من العلماء في شأن المرأة، ويقولون: إنه هذا لم يعد له مبرر، المرأة خرجت إلى المدرسة لتتعلم، وإلى الجامعة وإلى السوق وإلى العمل الوظيفي والحكومي، فلم يعد هناك مبرر لمنعها من المسجد وحده.. هناك من ينطق بكلمة الحق، ويرد الأمور إلى نصابها الشرعي الحقيقي، هذا من فضل الله علينا نحن المسلمين أن الأمة لا تجتمع على ضلالة أبدًا.
ماهر عبد الله:
لو عدنا إلى.. في آخر المطاف.. دعاوى تحرير المرأة قضيتها الجوهرية الدعوة إلى المساواة، بما أنه الرجل هو السائد منذ قرون في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، في حالة ذكورية منتشرة في السلطة في كل جوانب السلطة السياسية وغير السياسية، بالتالي نشأت دعوة المساواة. هل يمكن أن تكون هناك مساواة تامة بين الرجل والمرأة في مجتمع مثالي؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
المساواة التامة بمعنى التماثل الكامل، هذا ضد الفطرة وضد الشرع، الفطرة لم ..يعني الله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى، يعني فيه ذكر وفيه أنثى وكما جاء في القرآن{وليس الذكر كالأنثى}، وقاعدة الازدواج ديت سنة كونية، {ومن كل شيء خلقنا زوجين}، فيه موجب وسالب، فالموجب غير السالب، قطعًا مفيش تماثل كامل، وإلا لا معنى للازدواج، فلم تسو فطرة الله بين الجنسين، ولذلك العلماء أنفسهم العلماء الطبيعيين أنكروا على الذين يحاولون التسوية بين الرجل والمرأة، أو بين الذكر والأنثى في كل شيء، ومن هؤلاء عالم كبير هو من الحاصلين على جائزة نوبل في العلوم: (د. أليكسيس كاريل) في كتاب شهير له، وترجم إلى العربية تحت عنوان(الإنسان ذلك المجهول)، وهو أنكر على الثقافة الغربية والحضارة الغربية أنها سوت بين الذكور والإناث في التعليم وفي الأعمال وفي الوظائف، مع أن الفطرة خالفت بينهما، وأنا أمامي نقول طويلة موجودة عندي، إنما أنا حاقرأ [سأقرأ] لك نص واحد من كلام البروفيسور (أليكسيس كاريل) في كتابه المذكور هذا، يقول: "إن الاختلافات الموجودة بين الرجل والمرأة، لا تأتي من الشكل الخاص للأعضاء التناسلية، ومن وجود الرحم والحمل، أو من طريقة التعليم، إذ إنها ذات طبيعية أكثر أهمية من ذلك، إنها تنشأ من تكون الأنسجة ذاتها، ومن تلقيح الجسم كله بمواد كيماوية محددة يفرزها المبيض، (أو المبيَض كما يقول بعض الناس) ولقد أدى الجهل بهذه الحقائق الجوهرية بالمدافعين عن الأنوثة إلى الاعتقاد بأنه يجب أن يتلقى الجنسان تعليمًا واحدًا، وأن يمنحا سلطات واحدة ومسؤوليات متشابهة، والحقيقة أن المرأة تختلف اختلافًا كبيرًا عن الرجل، فكل خلية من خلايا جسمها تحمل طابع جنسها، والأمر نفسه صحيح بالنسبة لأعضائها، وفوق كل شيء بالنسبة لجهازها العصبي، فالقوانين الفسيولوجية غير قابلة للين، شأنها شأن قوانين العالم الكوكبي، فليس في الإمكان إحلال الرغبات الإنسانية محلها، ومن ثم فنحن مضطرون إلى قبولها كما هي، فعلى النساء أن ينمين أهليتهن تبعًا لطبيعتهن، دون أن يحاولن تقليد الذكور، فإن دورهن في تقدم الحضارة أسمى من دور الرجال، فيجب عليهن ألا يتخلين عن وظائفهن المحددة".. هذا كلامه كلام يعني طويل في الحقيقة، وكله كلام علمي ومدلل، فالمسألة كلها بترجع من تهوين دور المرأة.. إن اعتبار إن المرأة اللي بتحمل وتلد وتضع وترضع وتربي إن هذا عمل حقير..لا، هذا أعظم عمل.. تنشئة الأجيال..هذا .. هذا عمل، وكما قال شاعر النيل (حافظ إبراهيم):
الأم مدرسة إذا أعددتها
أعددت شعبًا طيب الأعراق
وهذا الرجل (أليكسيس كاريل) يقول: إن دور الرجل في الحمل دور قصير الأمد جدًّا، لأنه بإفراز الحيوان المنوي انتهى دوره، وبعدين المرأة تظل تسعة أشهر تعاني الحمل والوحم والغثيان، وبعدين الطلق والوضع والآلام، وبعدين الرضاعة والتربية.. أين دور الرجل هنا؟ كيف تساوي بقى بين الاثنين إذا كان الفطرة جعلت لكل منهما وظيفة؟! قال: خالفت بينهما في التكوين الجسدي وفي وظائف الحياة، كيف نسوي بينهما، هذا ولذلك الأستاذ (العقاد) في أحد كتبه قال: إنه التسوية المطلقة ظلم.. لماذا؟ قال لأنك إذا سويت.. لكي تسوي بين اثنين طرفين في الحقوق يجب أن يتساويا في الواجبات، إنما لا يكون واجباتهما مختلفة وحقوقهما واحدة.. إن كان واحد عليه عمل كبير وواحد عمل صغير، إزاي تدي صاحب العمل الصغير مثل صاحب العمل الكبير؟! لا.. طيب، وكيف تسوي بين.. وإذا كنت تريد تسوي بينهما في الواجبات مع اختلافهما في القدرة، أيضا هذا ظلم، فلذلك التسوية الكاملة مش مطلوبة.. القرآن والسنة قررا التكامل وليس التماثل.
[فاصل اعلاني]
ماهر عبد الله:
الحقيقة -سماحة الشيخ- هذه الجدلية بين المساواة والعدل فيه خطين، إذا حرصنا على المساواة التامة سيكون فيه هناك إجحاف، لأنه ليس من المعقول أنه رجل استثمر كميات هائلة من الأموال نساويه في الأخير في المردود مع رجل بذل سويعات من العمل.. الرجل له دور في الحياة، المرأة لها دور مغاير.. ذكرت أنه الحل الإسلامي يكمن ليس في التماثل والتساوي ولكن في التكامل. لو بس مزيد من الإيضاح لفكرة التكامل هذه.
الشيخ يوسف القرضاوي:
القرآن يقول: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض}، ما معنى بعضكم من بعض؟ الرجل من المرأة والمرأة من الرجل، هو يكملها وهي تكمله، ليس هناك ندية ولا خصومة.. المشكل.. الذين يثيرون قضايا المرأة يعتبرون كأن الرجل عدو المرأة، وكأن المرأة خصم الرجل.. ما هي المرأة؟ المرأة دي مش امرأتي أو ابنتي أو أمي أو أختي.. لماذا نفترض خصومة ومعركة بين الرجل والمرأة.. فهناك تكامل كتكامل العلبة وغطاؤها، أو العاشق والمعشوق، أو هناك تكامل بين … والقرآن أيضًا يقول: {والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} والنبي-عليه الصلاة والسلام -يقول: "إنما النساء شقائق الرجال" فليس هناك هضم للمرأة.. هذا لا يمنع أنه تختلف الوظائف في بعض الأحيان، مثل في قضية الأسرة: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، فالأسرة لازم يكون لها رئيس، شركة أي شركة لازم لها مدير، تترك بلا إدارة تبقى فوضى، رئيسان متكافئا السلطة، المركب اللي فيها رئيسين تغرق، لابد.. الرجل هو الأقدر.. القرآن ذكر هنا أمرين قا: {بما فضل الله بعضهم على بعض}..وانظر إلى روعة التعبير القرآني، لم يقل: بما فضلهم على النساء، الرجال قوامون على النساء بما فضلهم، لا قال: {بما فضل الله بعضهم على بعض}، يعني الرجل مفضل في ناحية والمرأة مفضلة في ناحية، الرجل مفضل في ناحية التفكير والتبصر في العواقب، والمرأة مفضلة في ناحية العواطف والحنان.. عندها هذا الجهاز، ربنا جهزها بهذا من أجل الأمومة، فـ{بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}..لأنه الشرع بيلزم الرجل بأنه هو اللي ينفق على تأسيس الأسرة، هو اللي يدفع مهر لأن المرأة -بحسب الفطرة- المرأة مطلوبة والرجل طالب، حتى منذ بروز الحيوان المنوي ووصوله إلى البويضة، البويضة عند المرأة ساكنة ومنتظرة، والحيوان هو اللي عليه يسعى ويصل إليها، فالمرأة مطلوبة والرجل طالب، ولذلك قال لك تطلبها وتدفع لها: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} يعني عطية وهدية وهبة ومودة، وليس ثمن… أو..
ماهر عبد الله:
ماذا تقول أنه -فيما ذكرت هذا- فيه تكامل.. الحنان والعواطف والأمومة، هناك من يقول أنه حصر المرأة في هذا بحد ذاته إهانة لها.. لماذا هذا المتوقع منها فقط أن تكون مصدرًا للحنان والعواطف والأمومة؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
من قال إنه إحنا حصرناها في هذا؟ دي اللي تتميز به عن الرجل، هذا ما تتميز به.. إنما ليس معنى أنها تتميز بهذا أنها ليس لها فضائل أخرى، هي تشارك الرجل في الأشياء الأخرى، وتمتاز عنه في هذه الجوانب، هل هذا يعيب المرأة؟ القرآن لما ذكر في برّ الوالدين قال: {ووصينا الإنسان بوالديه إحسانًا حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا وحمله وفصاله ثلاثون شهرًا} وقال: {ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنًا على وهن وفصاله في عامين} فهو بيذكر فضل المرأة والأمومة.. هل فضل الأمومة ده يمنعها أنها يكون لها عمل آخر؟! ممكن تشتغل.. وإحنا ولذلك إحنا بنقول خطة المرأة إدخال المرأة في التنمية، المرأة تدخل في التنمية ولكن بما لا يجور على أنوثتها، ولا يجور على أمومتها، ولا يجور على وظيفتها، إنها ربة البيت وملكة المنزل، لا ينبغي إنه إحنا نقلد الآخرين، ومشكلتنا أننا نريد أن نكون كالغربيين، وكأن الغربيين بلغوا ذروة السعادة! بالعكس.. الغربيين وصلوا حضيض الانحطاط في هذه القضايا.. الإباحية الجنسية، الأسرة تكاد تنهدم، لم يعد هناك رباط بين الأولاد وآبائهم، وبين البنات وآبائهم وأمهاتهن.. فلماذا نقلد الغرب في قضية هو بيشكو منها ويعاني الأمرّين؟ فلذلك إحنا عندنا ما يغنينا عن الاستيراد من غيرنا، الواحد يستورد من غيره متى؟ عندما لا تكون عنده السلعة، إنما إذا كان عندك السلعة أحسن من الآخر.. لماذا تستورد؟ لماذا يتسول الغني؟ يمكن الفقير أن يتسول للضرورة، إنما الغني يتسول؟ هذا أمر تنكره الأخلاق وتعاقب عليه القوانين.. لماذا نتسول من غيرنا؟ وعندنا هذا الثراء في شريعتنا وفي تراثنا، وكل ما هو مطلوب منا أن نحسن الفهم ونحسن الفقه لماعندنا.. هذا ما نطالب به، ولذلك أنا لم أنكر كثيرًا مما حدث في التعديل الذي حدث في مصر، لأنه حدث من مرجعية الشريعة، قد يختلف بعض الناس في بعض القضايا، لا مانع، إنما نريد أن نجعل الشريعة هي المرجع، ونرد الأمر إلى أهله، مش نأتي بناس من خارج الشريعة ليجتهدوا لنا تحت اسم الفقه التقدمي أو المش عارف إيه، وهم لا يعرفون من الفقه شيئًا، يمكن الواحد منهم ما يعرفش الفاعل من المفعول من الحال من التمييز، يمكن عمره ما قرأ كتابًا في أصول الفقه، يمكن لا يعرف الحديث الصحيح من الحسن من الضعيف من الموضوع، عمره ما قرأ كتابًا في الحديث.. كيف هذا يفكر لي أو يجتهد لي؟ هذا هو الخطر.. الخطر أننا نحكم في شرعنا من لا يفهمه، وهذا هو الذي يفسد الأمة ويضيع حقيقة الأمة، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسًا جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم، فضلوا وأضلوا"، نحن نرجع إلى الخبراء {ولا ينبئك مثل خبير}، {فاسأل به خبيرًا}، {ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم}، {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، إنما تسأل من لا يتخصص. والمشكل إنه كل علم في الدنيا وكل فن يرجع إلى أهله وإلى المختصين فيه، مش ممكن تسأل في الطب واحد محامي، بل مش ممكن تسأل في طب العيون طبيب أسنان.. هو طبيب إنما مش اختصاصه.. مش ممكن تسأل في الطب الباطني طبيبًا جراحًا.. لابد تسأله في اختصاصه، هو اختصاصه إيه..إلا علم الدين ده، هو كلام مباح لكل من هب ودب، كل واحد يريد أن يجعل من نفسه شيخ الإسلام، وكل واحد يريد أن يفتي في الدين، وكل واحد يريد أن.. وكل واحد أو واحدة تريد أنها… هذا ليس معقولاً.. لازم نرد الأمر إلى أهله.. وهذا هو واجب العقلاء من الناس.
ماهر عبد الله:
اسمح لي عند هذه النقطة أن نعود إلى الإخوة المشاهدين معنا الأخ(عبد الله القحطاني)، من(الأردن)أخ عبد الله تفضل.
عبد الله القحطاني:
يمسيكم بالخير يا فضيلة الشيخ والأخ ماهر.
ماهر عبد الله:
أهلا بيك.
عبد الله القحطاني:
أنا لي بعض الملحوظات يا سيدي الكريم.. وأرجو ألا أطيل، لكن أرجو أن تسمح لي أن أكمل ملحوظاتي، وأرجو أن أختصر.
ماهر عبد الله:
تفضل.
عبد الله القحطاني:
في مقولة للمفكر الغربي (غوستاف لوبون) يقول: إن العقيدة هي روح الأمة، وكل قوانينها وآدابها وفنونها تنبثق من هذه الروح، من روح الأمة.. فلم -سؤال أول- لم يفرض على أمتنا أن تأتي بقوانين من خارج عقيدتها؟ لما يفرض على الأمة الإسلامية قانون مثل من منظومة جوستنيان أو قانون لاتيني أو إنجلوسكسوني ليفرض على أمتنا.. هذا سؤال. النقطة الثانية: هناك يا سيدي الكريم صراع جدلي في أمتنا الآن -بالنسبة لقضية المرأة بالذات- بين الفقه الذي هو القانون الإسلامي -الآن- المدون وبين الثقافة الوافدة الغربية. الفقه السائد مستند إلى شريعة الله -سبحانه وتعالى- بالنسبة لقانون الأحوال الشخصية، أما الثقافة السائدة فهي متأثرة بالغرب، وتطالب بمعاملة المرأة وفق شريعة (جو ستنيان) التشريع اللاتيني أو التشريع الأنجلوسكسوني.. الفقه الإسلامي منضبط وله حراسه من العلماء، وعلى فضيلة الشيخ وغيره واجب التقنين والتفقيه بوعي ومرونة وتيسير، لكن ليس له تسويق إعلامي، لا سيما في وسائل التلفزة والإذاعة والصحف التي تهيمن عليها الدولة في أكثر دول العالم العربي والإسلامي، الثقافة الغربية الوافدة تسوق في وسائل إعلام المسلمين، فتفسد العقول والأمزجة والقلوب للرجال والنساء والأطفال.. سؤال.. هلا خصص سدنة التلفاز ربع أو حتى عشر برامجهم لتثقيف الرجال والنساء بدينهم، بدلاً من حفلات الرقص داخل بيوت المسلمين عبر التلفاز؟ سؤال آخر: هل تعكس صورة التلفاز العربية، وهي مرآة الحكومة، صورة الحكومة المسلمة في أي بلد عربي أو إسلامي؟ سؤال آخر: هل من يرى برامج التلفاز العربي يعتقد أن المسؤولين عن عقيدته وقوانينه وأخلاقه في كل حلقات السلسلة من قمة الهرم إلى مدير البرامج.. هل هؤلاء يحبون أن يشيع الطهر والعفاف في بيوت المسلمين أم أن تشيع الفاحشة بينهم؟ السؤال الأخير: بم تنصح الشعوب المسلمة إزاء الطوفان الذي يوجه عبر التلفاز لتدمير أخلاقها وأخلاق أجيالها؟ وجزاكم الله كل خير.
ماهر عبد الله:
مشكور جدا يا أخ عبد الله، معنا الأخ (أحمد عقلول) من (بريطانيا). تفضل أخ أحمد.
أحمد عقلول:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله:
عليكم السلام.
أحمد عقلول:
نحيي الأخ ماهر والشيخ الجليل العالم الشيخ (يوسف القرضاوي) بارك الله له فيه، بارك الله فيه ومد في عمره لهذه الأمة.
الشيخ يوسف القرضاوي:
جزاك الله خيرا.
أحمد عقلول:
ملاحظتي هو أن مشروع تحريرالمرأة في العالم الإسلامي الحقيقة هناك مشروعان، هناك مشروع الحركة الإسلامية أو تمثله الحركة الإسلامية، ومشروع آخر تمثله الحركة العلمانية، ومضمونه هو مشروع ليبرالي، والمشروع الليبرالي يقوم على تحرير الفرد الحقيقة، وليس تحرير المجتمع، تحرير الفرد من كل القيم، ومن كل الروابط الاجتماعية، لأن المشروع الليبرالي يتعامل مع الإنسان على أساس أنه فرد، وحدة منبتة عن كل الوحدات الأخرى، ولذلك نجد في هذا المشروع أن المرأة في النهاية تجد نفسها أمام الرجل ويجد الرجل نفسه أمام المرأة، وتصبح يعني موضوع تحرير المرأة يصبح تحرير المرأة بما هي جنس من الرجل بما هو مخالف ومختلف، فالمشروع الليبرالي الحقيقة يقوم في كل قيمه -ليس في موضوع المرأة فقط- لتحرير الكل من الكل، أو بلفظ آخر هيمنة الكل على الكل، هيمنة الرجل على المرأة، أو هيمنة المرأة على الرجل، أو هيمنة الشاب جنسيًّا على السوي جنسيًّا، أو هيمنة من يسمي نفسه بالعقلاني على غير العقلاني إلى غير ذلك، فالمشروع الليبرالي الحقيقة يؤدي في مثل هذه المجتمعات الغربية، ويؤدي ولا يزال للكثير من التناقضات، تؤدي إلى تفتيت المجتمع.
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
عندك سؤال، عندك سؤال للشيخ؟
أحمد عقلول:
نعم الملاحظة الأخرى في هذا السياق، أما المشروع الإسلامي فهو يرى نفسه -كما قدم الشيخ- أن الإسلام يصلح شأن الناس بما هم جماعة، لا يتعامل الإسلام مع الإنسان كفرد كوحدة، بل يتعامل معه كمجموعة، ومن هنا تأتي المرأة، ينظر لها في إطار الوحدة الاجتماعية التي هي الأسرة، وينظر لها في إطار تحديد وظيفتها الأسرية بما هي في داخل الأسرة، الحقيقة إنه.. ولكن لا تزال الحركة الإسلامية رغم هذا المشروع الفذ، ورغم هذا الجهد المهم الذي تبذله، الحقيقة لم تبرز من الحركة الإسلامية بخلاف.. الحركة العلمانية وجوه نسوية ملهمة لمجتمعاتها، مقابل ذلك نجد نساء من العلمانيات قادرات حقيقة على الدفاع عن قضاياهن، فالحقيقة لا نعلم كيف أن….
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
أخ أحمد، مشكور جدا أنا اعتقد إنك أثرت ثلاث نقاط مهمة جدًّا، وإن شاء الله تسمع تعليق من الشيخ عليها.. معنا الأخ (سيد زاهد) من (قطر) .تفضل أخ سيد.
سيد زاهد:
السلام عليكم.
ماهر عبد الله:
عليكم السلام.
سيد زاهد:
تحياتي للسيد العلامة الكبير شيخنا يوسف القرضاوي.
الشيخ يوسف القرضاوي:
حياك الله يا أخي.
سيد زاهد:
والله الأسبوع الماضي أنا سألت سؤال ولكن للأسف ما حصلت جواب، وأنا أكرر السؤال.
ماهر عبد الله:
تفضل.
سيد زاهد:
التعليم المعاصر لابد منه، وللبنات مثل البنين، والبنت عندنا في المجتمع الهندي لما تروح للتعليم المعاصر في المدارس المعاصرة تواجه مشكلتين أولاهما: أنها تروح للمدرسة المختلطة يعني تدرس مع البنين، والمشكلة الثانية: أنها تلبس لباس غير شرعي، بمعنى أن الله أمرها {وليضربن بخمرهن على جيوبهن} ولكنها لما تلبس اللباس لا تلبس الخمار، فهذا اللباس غير شرعي، وبهذا السبب كثير من الـ..
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
اسمح لي بس للاستيضاح سيدي.. يعني قصدك باللباس غير الشرعي أنها لا ترتدي الحجاب أو لا ترتدي الخمار؟
سيد زاهد:
لا ترتدي الخمار، يعني هي تلبس القميص والبنطلون، القميص والبنطلون، لكن بدون حجاب وبدون خمار، وبهذا السبب كثير من البنات، كثير لا تعد ولا تحصى كثير من البنات حرمن من المدارس.. من الدراسة.
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
طيب مشكور جدا يا أخ سيد أنا أوعدك بأن يكون…
سيد زاهد [مكملا]:
وأبشر الشيخ بأنني ترجمت الفتاوى المعاصرة باللغة الأوردية، وهي طبعت من طرف الجماعة الإسلامية بـ(نيودلهي).
ماهر عبد الله [معقبا]:
قصدك فتاوى الشيخ يوسف.
سيد زاهد [معقبا]:
إيه الفتاوى المعاصرة للشيخ يوسف القرضاوي.
ماهر عبد الله:
طيب يا سيدي مشكور أنا أعدك أنو نبدأ بسؤالك لأنو فعلا أنا المرة الماضية يمكن لعلنا أخرنا سؤاله، أعتقد نبدأ بي بس كونه أخطأنا في حقه المرة الماضية. هو يقول لك إن التعليم المعاصر لابد منه لكن البنت في شبه القارة الهندية تواجه مشكلتان، المشكلة الأولى: إن التعليم مختلط، والقضية الثانية: أنها مضطرة للباس غير شرعي. ويعني حتى بعد الاستيضاح ما فهمتش أنا إيش قصدو بـ….
الشيخ يوسف القرضاوي:
ليه ليه مضطرة ليه؟
ماهر عبد الله:
يبدو أن نظام التعليم في البلد هناك مختلط، قضية شرعية لا…..
الشيخ يوسف القرضاوي:
في بعض البلاد مثل تونس مثلاً بتفرض على الطالبة أنها تخلع حجابها في المدرسة أو في الجامعة أو في الوظيفة حتى الحكومية، إنما لا أعرف بلدًا آخر، في فرنسا بعض المدارس تفرض على الطالبات هذا، ويرفعن دعاوى في المحاكم ويكسبنها، إنما لا أعرف في الهند أنهم يفرضون على الطالبة أن تخلع الحجاب، على كل حال، هذا الحجاب، الأمر الثاني إيه اللي هو..؟
ماهر عبد الله [موضحا]:
الاختلاط.
الشيخ يوسف القرضاوي:
الاختلاط، آه لماذا.. لماذا الاختلاط؟ أيضا لا أعرف أنه هناك اختلاط في البلاد الهندية، يمكن في الابتدائي مثلاً، أو في إيه.. إذا كان في الابتدائي لاتزال البنت صغيرة، أما في الثانوي، فهذه الأشياء فأنا أقول حتى لو فرض أنو في الثانوي وإنو فيه اختلاط، تستطيع الفتاة تجلس مع الفتيات في جانب، ولا يجلسن مثل المسجد، النساء في الخلف والرجال في الأمام، وكان النساء يحضرن المسجد في الصلاة، ويحضرن دروس العلم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فلا مانع إنو عند اللزوم تحضر، ولكن تعتزل الرجال، وحيكون هي مش حيكون هي الوحيدة، في الصف بعض زميلاتها يعتزلن، ويكن بعيدًا عن الأولاد. وحتى في البلاد التي تفرض خلع الحجاب، أنا أرى إن القدر من التعليم لابد منه للفتاة، لابد أن نقاوم هذا.. إنما عند اللزوم في الحالة ديه ممكن حتى تحرم، لا تحرم الفتاة مثلا من التعليم الإعدادي أو الثانوي تروح بغطائها إلى المدرسة وعندما تدخل المدرسة تخلع الحجاب، تلبس كل شيء مثل ما عدا الرأس، وفي الصف تخلعه، وعندما يعني هذا للضرورة، الضرورات تبيح المحظورات، وأنا أعتقد أن التعلم ضرورة لابد منها في عصرنا، لا يمكن أن نرضى للبنات المسلمات أن يعشن أميَّات في هذا ألـ.. بنات المسلمين أن يعشن أميات في هذا العصر، فالضرورة ولكن الضرورة أيضًا تقدر بقدرها، فتخلع عند دخول المدرسة، وتلبس بمجرد ما تخرج منها.
ماهر عبد الله:
لو عدنا إلى سؤال الأخ (عبد الله القحطاني).. لماذا يفرض على أمتنا وأنت سمعت مقدمته أن العقيدة روح الأمة، وبالتالي يجب أن تنعكس في كثير من التشريعات، فلماذا يفرض على أمتنا أن تأتي بقوانين من خارج منظومتها العقائدية؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
هذا طبعًا يعني هو ضمن ما جرَّه الاستعمار على بلادنا، نحن الشريعة الإسلامية ظلت تحكم ديار المسلمين ثلاثة عشرة قرنًا، لم يفكر حاكم من الحكام مهما بلغ ظلمه أو انحرافه أو طغيانه أن يلغي الشريعة.. مثلاً (الحجاج بن يوسف الثقفي) كان طاغية ومتجبرًا ويسجن بالظنة ويقتل بالشبهة، ولكنه لم يلغ الشريعة.. الشريعة كان ظلت هي أساس القضاء والتشريع والفتوى في البلاد الإسلامية حتى جاء الاستعمار. فلما جاء الاستعمار حاول أن يغير هوية الأمة، فكان أخطر من الاستعمار العسكري والاستعمار السياسي؛ الاستعمار الثقافي والاستعمار التشريعي والاستعمار الاجتماعي اللي هو حاول يغير من شخصية الأمة، فألغى الشريعة الإسلامية وأحل القوانين الوضعية، غيَّر المفاهيم الإسلامية وجاء بمفاهيمه وأفكاره هو، غيَّر التقاليد الإسلامية وجاء بتقاليده وفرضها، والمجتمع طبعًا كما يقول (ابن خلدون): "المغلوب مولع بتقليد الغالب"، وبدأت الطبقات اللي بيسمونها الراقية أو الأرستقراطية -علية القوم- يقلدون الخواجات والأجانب، وبعدين اللي بعدهم يقلدنهم حتى ساد هذا، فهذا كله من أثر الاستعمار، وخصوصًا في الجانب الأسري، يجب أن نعلم أنو كان آخر ما بقي من قلاع التشريع الإسلامي هو الأحوال الشخصية كما يسمونها أو قوانين الأسرة.
في كثير من البلدان غيَّروا القوانين المدنية وغيَّروا القوانين الجنائية وغيَّروا القوانين الدستورية وغيروا، وبقي قانون الأسرة أو قانون الأحوال الشخصية هو القانون الوحيد الذي بقي للأمة تستمد من الشريعة، حتى جاء مثل (كمال أتاتورك) وفرض على الشعب التركي قوانين حتى في الأحوال الشخصية: ألغى الطلاق، وتعدد الزوجات، وفرق يعني وسوى بين الذكر والأنثى في الميراث، وأجاز للمسلمة أن تتزوج غير مسلم.. هذا أول الوهن أول… وبعدين يعني لكن أكثر البلاد الإسلامية بقي محتفظًا بقانون الأحوال الشخصية، والأسرة لا شك هي خط الدفاع الأخير، للأمة، لأنه ممكن الأمة تتحلل وتتفكك، وتبقى الأسرة.. الذي أبقى العقيدة الإسلامية في البلاد الشيوعية سبعين سنة وهي تحكم، اللي أبقاها الأسرة، إن الأب يلقن الابن والأم تلقن ابنتها، الذي أبقى الجذوة في تركيا إلى الآن وانتفع بها أمثال (نجم الدين أربكان) الأسرة، فهو هم يريدون هدم هذه المؤسسة العظيمة، الأسرة، بهدم هذه القوانين التي تربطها، نحن صحيح لو كنا نريد أن نصلح الأسرة ونصلح المرأة أنا قلت سابقًا إن القوانين وحدها لا تصلح، نحن محتاجون إلى التوعية وإلى التربية قبل حاجتنا إلى القوانين، ممكن نعمل قوانين، ولكن الناس ما بتعملش بالقانون.. لما تقول مثلاً في بلاد الخليج هنا: لا يجوز إن الواحد يدفع أكثر من خمسة آلاف مهرا، لكن ناس حتدفع خمسين ألفًا وتكتبه خمسة آلاف، ليس المهم إذن القانون، المهم الناس تقتنع بهذا، وهذا لا يأتي إلا عن طريق تثقيف وتفقيه وتوعية وتربية طويلة المدى عميقة الجذور، حتى يتغير الناس من داخلهم {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}، فالتغيير يبدأ من داخل الإنسان لا يقاد من أذنه كالأنعام، إنما يقاد من ضميره، من نفسه، غيّره، غيِّر ما بنفسه يتغير التاريخ.
ماهر عبد الله:
طيب نعود إلى الإخوة المشاهدين، أنا عندي سؤال الأخ (أحمد قعلول) إن شاء الله سنعود إليه، معنا الأخ (منذر عبد الله) من (الدانمارك).
منذر عبد الله:
السلام عليكم.
الشيخ يوسف القرضاوي وماهر عبد الله:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
منذر عبد الله:
هناك نقطة جوهرية ومهمة في الموضوع أحب أن ألفت النظر إليها، وهي أنناعندما نتحدث عن المرأة..
الشيخ يوسف القرضاوي [مقطعا]:
علِّ صوتك يا أخي والله.
منذر عبد الله:
نعم.. عندما نتحدث عن المرأة والعلاقة بين الرجل والمرأة، لابد أن ننطلق من أساس، وهو أنناعندما نقول: بأن هذا ظلم للمرأة أو هذا عدل، الأصل أننا ندرك إذا كان الذي يضع النظام الذي ينظم العلاقة بين المرأة والرجل هو الله -سبحانه وتعالى- فإن احتمال التحيز للرجل أو للمرأة غير موجود. ولكن إذا كان الذي يضع النظام هو الإنسان سواء كان رجلاً أو مرأة، فإن التحيز سوف يكون موجود.. عندما يضع إذا كان الرجل هو الذي يضع القوانين والتشريعات التي تنظم العلاقة بينه وبين المرأة، فإن احتمال أن ينحاز الرجل في تشريعه كما في الغرب أو في الشرق، عندما يضع القوانين لمصلحته، وكذلك المرأة، وهذا طبيعي، ولكن في الإسلام لا يمكن الحديث عن العلاقة بين الرجل والمرأة من هذا المنظار، فالرجل والمرأة في نظر الإسلام هما إنسان، وهذا الإنسان هو عبد لله، والمرأة والرجل يؤمنان بالله وأنه خالق الكون والإنسان والحياة، وأن هذه الحياة يجب أن تسير وفق نظام الله، والأصل أنا أقول للشيخ الكريم، الأصل أننا عندما نتحدث عن فهمنا للإسلام كـ(أبي الأعلى المودودي) أن لا ننطلق من مفهوم التشدد أو غيره، لأن التشدد بحد ذاته ليس، لا يمدح ولا يذم، يعني لا يمدح الذم لذات.. التشدد لذاته، ولا يذم التشدد لذاته، إنما ينظر..
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
طيب.
منذر عبد الله [مكملا]:
بس لحظة إذا سمحت دقيقة واحدة الله يبارك فيك.
ماهر عبد الله [معقبا]:
بس أرجوك أرجوك تختم بالسؤال، تفضل.
منذر عبد الله [مكملا]:
آآ إن شاء الله، إنما ينظر إلى الشيء الذي يتشدد به، فإن كان الشيء الذي يتشدد به هو أمر الله كالجهاد في سبيل الله أو العمل لإقامة الخلافة التي أمر الله بإقامتها، فإن هذا التشدد مطلوب، أما إذا كان التشدد بالرذيلة وبالتمسك بالحضارة الغربية وبالقيم الغربية وبالحكم بالكفر، فإن هذا التشدد مذموم.
ماهر عبد الله:
طيب أخ منذر، أخ منذر، أنا أشكرك جدا على هذه المداخلة، وإن شاء الله ستسمع من الشيخ تعليق عليها.. معنا الأخت أم أحمد من الإمارات، وأخت أم أحمد تفضلي.
الأخت أم أحمد:
أهلا وسهلا سلام عليكم.
ماهر عبد الله:
وعليكم السلام.
أم أحمد:
لو سمحت عندي تعليق من الحلقة الماضية وما قدرت أتصل بكم المرة الماضية.
ماهر عبد الله:
تفضلي.
أم أحمد:
فكان فضيلة الشيخ المرة الماضية بيتكلم عن محاكاة الغرب في أن المرأة تريد أن تأخذ نصف ثروة الرجل عند الطلاق، أو المهم، ففضيلة الشيخ كان بيقول إنو ألـ.. هي ممكن يعطوها نفقة، وليس مهما أن تأخذ كما يأخذ الغرب، وأنا بتكلم مش عشان الواحد يحاكي الغرب بس بقول فيه ظلم حقيقي واقع على المرأة ما بعرف كل امرأة بس المهم المرأة المسلمة، في موضوع ده وأكيد العيب مش في الشرع، العيب في تطبيقه في عندنا في العالم العربي، لأن قلق جميع الزوجات إنها الواحدة بعد كفاح عشرين سنة، ثلاثين سنة يمكن، الواحدة تطلع من البيت ولا شيء، فببساطة وهي في كبرها بعد الثلاثين، بعد الأربعين، بعد الخمسين ترجع عشان تقعد مع مرأة ابنها، أو زوج بنتها تتعرض لجميع الإهانات في حالة ديه، والرجل هو الذي يستمتع بما جمعو من ثروة، وبالاستقرار الذي عمله بعد سنوات طويلة من كفاحها هي، وفضيلة الشيخ كان بيقول: هل هي كانت فيما معناه.. هل هي كانت عند.. كانت بتعمل مثل ما هو بيعمل مثلا و مشتركة معه في الثروة أم لا؟ فهي أنا بافتكر هي مش مشتركة نعم بس مش بشغلها، هي بتخدمو بالبيت، بتخدم أولادو بتربي أولادو، فإذن من حقها أن يكون لها ضمان مستقبلي، فهي فعليا هو فضيلة الشيخ بيقول النفقة، بس فعليًّا مافيش رجل بيدفع نفقة للمرأة، عشان تمسكها بقية عمرها معززة مكرمة، فأرجو من فضيلة الشيخ التعليق على موضوعي ده، وشكرًا.
ماهر عبد الله:
طيب مشكورة جدا يا أخت أم أحمد، تحب تبلش [تبدأ] بجواب على الأخت أم أحمد؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
آآ..
ماهر عبد الله:
تفضل.
الشيخ يوسف القرضاوي:
أولاً: أنا أنطلق من جوابي على الأخت أم أحمد بما ذكره الأخ منذر، وهو أن شريعة الله لم يضعها الرجال حتى يتحيزوا ضد النساء، ما وضعتش هذه الشريعة لجنة من الرجال، فإنما وضعها رب الذكر والأنثى، الذي خلق الزوجين الذكر والأنثى، ولذلك لا يتصور فعلا فيها التحيز، قد يتصور فيها في فهم الرجال، إنو الرجال الذين يتعرضون لفهم هذه الشريعة يمكن يتهمون بإن همّ بيتحيزوا لجنس الرجال أو نحو ذلك، ولكن لا يمكن أن يجتمعوا على ضلالة. أنا أقول للأخت: إن المرأة التي تعمل في بيت زوجها، بتقول أولادو، طيب هم أولادها أيضًا، شمعنه بتقول أولادو إن تعمل لخدمة أولادو تعمل لخدمة أولادها وهي مكفولة، يعني الزوج عليه أنو ينفق عليها، حتى لو كانت أغنى الأغنياء، لو كان عندها مال قارون، مطلوب من الزوج أن ينفق عليها، فهي مكفية النفقات، ولو كانت محتاجة إلى من يساعدها يأتي لها بخادمة أو مربية أو نحو ذلك، ثم لها حقها من الميراث الله جعل لها حق إذا كان لها أولاد فلها الثمن، ما لهاش أولاد لها الربع، وذلك لأنو الأم في هذه الحالة بيكون مدبرة مولية، الأولاد بياخذو الأكثر ليه؟ لأن همّ مقبلين على الحياة لسه المستقبل أمامهم، الأم مولية زي الأب والأم، الله تعالى يقول: {فلأبويه لكل واحد منهما الثلث مما ترك إن كان له} ليه الثلث؟ والأب والأم ولهم حق.. لأنو الأب والأم مدبران عن الحياة، ولذلك المرأة عندما يموت زوجها في غالب الأمر، أولادها هم اللي بيستحقو الثروة الأكثر وهي تاخذ.. إنما الغرب لا بيديها النصف، وأولادها من.. ويمكن أولادها من امرأة أخرى ياخذوا النصف، هذا ظلم ليس قائمًا على أي أساس..
ماهر عبد الله:
هي لا تطلب المقارنة بالغرب، لكن هو السؤال التالي أنه في الفقه الإسلامي بعض العلماء يقول: إنو حتى رضعة الأم لابنها الأصل أنو فيها أجر، لكن لأنو بالمعروف، كون الرجل ينفق عليها ولباس وكذا، فلا تأخذ أثناء الزواج، لكن في حالة الطلاق، إذا أرضعت لـ..
الشيخ يوسف القرضاوي [مقاطعا]:
إحنا الطلاق له أمر آخر، هي بتتكلم على الميراث هي اعتراضها على الميراث.
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
سألت هي عن النفقة وأنا أعتقد إن النفقة..
الشيخ يوسف القرضاوي [مقاطعا]:
لا لا هي كلامها عن الميراث، الطلاق أنا رددت عليه المرة اللي فاتت وقلت إنو.. المتاع {وللمطلقات متاع بالمعروف}، المتاع ده يختلف من امرأة إلى أخرى، وذكرت إن اللي عاشت مع واحد سنة غير اللي عاشت معاه عشرين سنة أو ثلاثين سنة، يعني مش معقول أن تعيش معاه ثلاثين سنة وبعدين يجي يطلقها، ويرميها ويديها، لا ..متاعها ده أنا أعتقد القاضي إنو لا يمكن يقول لا: متاعها أنها يرتب لها النفقة مدى الحياة، وخصوصا إذا لم يكن لها مورد، فهنا لأنو القرآن لم يحدد المتاع، قال(بالمعروف) المعروف ده ما يعرفه أهل العقل والرأي والرشد، فهذا إنما في حالة الورث الله حدد لها الميراث الربع أو الثمن، وهو العدل.
ماهر عبد الله:
طيب لو عدنا لسؤال بالفاكس أنا يعني سؤال الأخ (أحمد قعلول) حأجلو أيضًا قليلاً، لأنو أنا أعتقد طرح بعض قضية جوهرية، فيه عندي سؤال من الأخت الدكتورة (أم عمر) من (أبو ظبي). هي تعتقد إنو هناك تمييز يجب أن يكون بين الاشتباك القائم بين مفهوم تحرير المرأة بالإسلام وهو ما تنادي به والعلماء أمثالكم وتحريرها من موروث تراكم فقهي ليس بالضرورة هو الصحيح، وبين ما تعتقد إنه تحرير المرأة من الإسلام كما يفهم من بين السطور لبعض حاملي دعاوى تحرير المرأة. هل باعتقادك هناك دعوتين لتحرير المرأة واحدة بالإسلام وأخرى من الإسلام؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
نعم هو في هذا..، هذا هذه الجمعيات النسائية هذه ومعظمها إلا ما رحم ربك، كلها تريد تحرير المرأة من الإسلام، أو مش تحريرالمرأة تحليل المرأة ، تريد أن تتحلل المرأة لا أن تتحرر المرأة، وللأسف في المغرب اللائي تبنين خطة إدخال المرأة في التنمية أو إدراج المرأة في التنمية، هذه الخطة مصدرها غربي وأمريكي. أمريكا هي التي فرضت روح هذه الخطة، هي الآن خطة مأخوذة من وثيقة (بكين) التي.. في مؤتمر (بكين) سنة 95 في بكين، وقبله مؤتمر السكان والتنمية في القاهرة 94م، تكاد تكون مأخوذة بالحرف، كنا نتوقع من الجمعيات النسائية اليسارية أن ترفض هذه الدعوة الإمبريالية كما يسمونها، وترفض هذه (الأمركة) المفروضة على العالم باسم (العولمة) هذه، ولكن للأسف هؤلاء اليساريون أو هؤلاء اليساريات أخذن الدعوة الإمبريالية في هذا الجانب، وسلمن بها وتبنينها ودافعن عنها، فهذا لأن ده غزو، غزو للعالم الإسلامي لتحليل المرأة المسلمة، لهدم آخر خط دفاع عند المسلمين وهو الأسرة.
ماهر عبد الله:
معنا الأخ (واصف هلال) من (الإمارات). أخ واصف تفضل.
واصف هلال:
السلام عليكم.
الشيخ يوسف القرضاوي وماهر عبد الله:
عليكم السلام.
واصف هلال:
يا أخي الملاحظ إنا أصبحنا في موقف المدافع عن الإسلام في مثل هذه القضايا حتى إن العديد من القنوات الفضائية وقناتكم هذه تبث ندوات حول مثل هذه القضية دفاعًا عن الإسلام، مع أن الأصل أن نكون نحن دائمًا وأبدا في موقف الهجوم، هذه نقطة وهذه ملاحظة لابد منها. النقطة الثانية: ما نعاني منه نحن من خلل في محيطنا الاجتماعي، وخاصة بالنسبة لحقوق النساء هو نتيجة طبيعية لما عليه الحال في بلادنا من بعد واضح عن منهج الإسلام، نقطة ثالثة: يجب على المرأة في المجتمع الإسلامي أن تلتزم في سلوكها داخل المجتمعات الإسلامية بالآداب والضوابط الإسلامية، مما يؤدي إلى اختفاء المفاسد. النقطة التي تليها: الإسلام أعطى للنساء حقوقًا وأعطاهن مجالاً واسعًا لمزاولة الأنشطة المتنوعة، والقيام بنشاط فاعل داخل المجتمع، وفي المقابل وضع ضوابط لذلك -تفضل بها شيخنا في البداية- منها المحافظة على الدين والأخلاق، بالالتزام بالآداب الإسلامية، والحفاظ على الوظيفة الأولى التي خلقت لها النساء، والتي خلقها الله عز وجل من أجلها، وهي العناية بالبيت والأولاد، فتلك هي الوظيفة الأساسية والطبيعية التي لا تستقيم الحياة بدونها.
سؤالي لفضيلة شيخنا -حفظه الله- ألا نلاحظ يا فضيلة الشيخ أنه يوجد فهم عقيم للإسلام حتى بين أبناء المسلمين، وأيضًا عند أدعياء الإسلام، ولذلك يجب على علمائنا، وأنتم أهل لذلك أن يصححوا مثل هذا الفهم العقيم في العديد من القضايا، والسلام عليكم.
ماهر عبد الله:
مشكور جدا يا سيدي، عندي سؤال بالفاكس من (أحمد سالم محمد) وأنا أعتقد بيرجعنا إلى جوهر النقاش: إذا كان المرأة ستعمل..، إذا كانت ستتعلم، يسأل أسئلة فقهية لكن أنا إحب أربطها بموضوع الحلقة ويسأل أولا.. حكم كشف وجه المرأة؟ حكم اختلاط الرجال والنساء في مواقع العمل ومواقع التعليم؟ حكم سفر المرأة للحج بدون محرم؟ حكم سفر المرأة بدون إذن زوجها، في بعض النساء اللواتي يسافرن إلى أمريكا وأوروبا للتعلم بدون محرم، أليست هذه جزء من قيود شرعية؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
ممكن نجاوب عن كل وحدة على حدة.
ماهر عبد الله:
طيب حكم كشف الوجه.
الشيخ يوسف القرضاوي:
كشف الوجه هو رأي الجمهور، إن المرأة المهم تغطي جسمها ما عدا وجهها وكفيها، حتى بعض العلماء أضاف قدميها، وهناك رأي بأنها تغطي وجهها، ولكن الجمهور هو هذا وبحسبنا هذا، إحنا معركتنا مش معركة.. إحنا المعركة في الشعر والذراعين والساقين والنحر والظهر إلى آخره، هذه المشكلة الآن.. الذين يريدون تعرية المرأة إخراجها من ثيابها، فكشف الوجه لا شيء فيه إن شاء الله.
ماهر عبد الله:
واختلاط الرجال النساء في مواقع العمل ومواقع التعليم؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
ما معنى الاختلاط؟ هي هذه كلمة الاختلاط -الحقيقة- كلمة دخيلة على القاموس الإسلامي، يعني ما عرفها، لأن هي كلمة موهمة، إنما أن تلقى المرأة الرجل.. الممنوع في هذه القضايا ثلاثة أشياء، باختصار: الخلوة "لا يخلون رجل بامرأة"، التبرج لا يجوز للمرأة أن تتبرج بزينتها وتتعطر و..، التلاصق والتماس أن يجلس الواحد وملتصق بامرأة، هذا هو الممنوع، وما عدا ذلك يجوز إذا كان لأسباب مشروعة لا حرج فيه، تعلم لعمل لأي شيء من هذا.
ماهر عبد الله:
السفر للحج بدون محرم؟!
الشيخ يوسف القرضاوي:
السفر للحج بدون محرم يجوز ما دام إذا كانت مع نسوة ثقات، أو مع امرأة ثقة، أو حتى شيخ الإسلام (ابن تيمية) قال: إذا كان الطريق آمنًا، وهو ما ذهب إليه (ابن حزم) رغم ظاهريته.
ماهر عبد الله:
طيب السفر بدون إذن الزوج للتعلم؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
إيه بدون إذن الزوج؟ يعني تخرج.. تذهب تتعلم غصباً عنو؟
ماهر عبد الله:
يعني امرأة لا، حصلت على فرضا منحة للدراسة في أوروبا.
الشيخ يوسف القرضاوي[مقاطعا]:
لازم يأذن الزوج، إنما بدون صحبة الزوج، إذا كان يعني غرضها بدون صحبة الزوج، إنما بدون إذن الزوج لا يمكن.. ما معني الزوجية إذن؟ زوجها وتسيبو وتروح.. لازم يكون في…
ماهر عبد الله [مقاطعا]:
سؤال من الأخ (أبو عماد) من (عمان): يقول أنه فرض على طلبة المرحلة الابتدائية الاختلاط بين الجنسين، فهل يجوز في المرحلة الابتدائية؟ ومن فرض عليه ذلك ماذا يفعل؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
والله في المرحلة الابتدائية، إذا كان السن حد عشر سنين أو نحو ذلك، فلا بأس، إنما ما زاد عن ذلك يصير أحيانًا المرحلة الابتدائية بيكون يبلغ سن الثلاثة عشر، أو الأربعة عشر إذا كان متأخر شويه في التعليم وكذا، فيبقى فيه يصبح دخل في حالة المراهقة، فهنا يكون الخطر، وإذا كان هذا مفروضًا، فأنا كما قلت، الضرورة تقدر بقدرها، ونعلّم البنات إنو همّ يكن وحدهن ولا يتلَصَّقن بالأولاد يعني ما يحصلش التماس بقدر الإمكان، وبعدين يمكن في الحالة دي الإنسان يبحث لبناته عن مدرسة غير مختلطة، هذا أسلم.
ماهر عبد الله:
هو واضح من الكلام إنو سيكون إلزاميا في مدارس الحكومة، بافهم من كلامك إنو المشكلة ليست في الاختلاط، وإنما في الكيفية التي سيجري بها التقاء الرجل والمرأة.
[موجز الأخبار]
ماهر عبد الله:
سيدي الكريم، يعني راح أحيلك على بعض الفاكسات بها تعليقات ظريفة وأسئلة ظريفة، السؤال الأول من الدكتور (محمد أمين) من (إنجلترا) يقول: لم تنجح الثورة الدينية في العالم العربي إلا في تغطية رؤوس النساء، وظل الإهمال والرشوة والضلال في كل ركن من أركان العالم العربي، هل هذا سببه أن المرأة هي الكائن الضعيف الذي يمكن أن يقال له ما يفعل؟ في الغرب المرأة لا تأخذ نصف ثروة الرجل إلا إذا كان لها عطاء تجاه هذه الثروة، ويكون هناك أطفال، ولا يصح لنا أن نقارن هذا بالإسلام، لأن هذا قانون مدني وليست له بالدين صلة. هل هناك تعليق على كلامه؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
دعنا أولاً أحب أن أقول للأخ: إنو المرأة حينما رجعت إلى الدين وإلى الاحتشام، ولبست الخمار ليس هذا لأنها كائن ضعيف أو كذا، لا هذا أمر احتاج إلى جهود جبارة، لأن أول ما حدث الانحراف في هذه القضية حدث في قضية الزي بالذات، والمرأة يعني تركت الخمار، وتركت ما هو أكثر من الخمار، يعني لم يقف الأمر عند عدم تغطية الرأس، لا هي كشفت الذراعين وكشفت الساقين، وكشفت النحر وكشفت الصدر وكشفت وكشفت، وزادت في بعض الأحيان على المرأة الغربية، فالذي حدث عندما حدثت الصحوة الإسلامية المعاصرة، هذه الصحوة أثرت في الرجال وفي النساء، خصوصًا في عنصر الشباب، وكان أبرز ما أثرت في المرأة هو العودة إلى لباسها الطبيعي الشرعي الذي اعتادت عليه طوال القرون، هذا عودة إلى الأصل، لماذا نعتبر هذا إن لأن المرأة هي الكائن الضعيف، بالعكس دا هي المرأة من منطلق القوة، أنا أعرف بنات قاومن آباءهن وأمهاتهن، أعرف فتاة كان أبوها وأمها وعمتها وخالتها يقولوا لها: لا لا متلبسيش دا بيجري مش عارف إيه دا حيبعد عنك العرسان، وحيعملك مش عارف إيه وكذا ورفضت، وأصرت، وكثير من البنات هذه عودة طوعية، يعني دي حركة نسائية الحقيقة، لا أدري لماذا لا بنعتبر.. أنت عايز تقول الحركات النسائية و.. مال دي حركة نسائية من داخل النساء؟ وعادت الفتيات المحجبات بالآلاف والملايين، في وقت من الأوقات ما كنت أرى امرأة في الطريق محجبة في المدن العربية والعواصم العربية، ثم أصبحن لهن في… تفسير الأخ تفسير غير مقبول، هذه عودة طبيعية وعودة ذات قوة ودلالة من الدلالات على إن المسلمة عرفت دينها وعرفت ربها وعادت إليه طائعة مختارة.
ماهر عبد الله:
لو جرى للعرف المانع للمرأة أن تأخذ كل ما تستحق من حقوق، سؤالين أخت (بدون اسم): هل يجوز للرجل أن يجبر زوجته على لبس النقاب في بلد أوربي، رغم الصعوبات التي تواجهها وما تتعرض له من الهمز واللمز داخل المجتمع الغربي؟ وأخت أخرى اكتفت بالتوقيع بزوجة مسلمة تتحدث عن الحرج عن ذكر اسم المرأة بلقب كالأهل أو الجماعة أو الزوجة، هل هو من الإسلام؟ ولماذا يخجل المجتمع من ذكر اسم المرأة ويعده عورة، إذا لم يكن ذلك راجعًا لتعاليم الشريعة، أو لا يجب علينا رفض أعراف مستمدة من الجاهلية؟ ألم يقف سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- يوم حادث المرأة المخزومية التي سرقت، وقال: لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، ولم يخجل من ذكر اسم زوجته [ابنته]، وكم من مرة ذكر عيسى بعيسي ابن مريم؟! هذا جزء من الإشكالية الحاصلة في العالم العربي، إحنا حتى اسم المرأة لا يذكر في المجالس العامة.
الشيخ يوسف القرضاوي:
هذا للأسف.. هذا ليس من الإسلام في شيء، نحن نعرف أسماء بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- ونذكرهن بأسمائهن (فاطمة) و(زينب) و(رقية) و(أم كلثوم) ونعرف زوجات النبي التسع، ونروي عن عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها، عن صفية بنت حيي، عن أم سلمة، عن ميمونة بنت الحارث، عن أم حبيبة عن فلانة بأسمائهن. النبي -صلى الله عليه وسلم- لما جاء وكان معتكفًا في المسجد، وجاء اثنان من الأنصار وجداه يكلم امرأة، فأسرعا الخطا فقال لهما النبي -صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنها(صفية بنت حيي) يعني زوجته، لم يستحِ، إنما إحنا عندنا إاللي يقولك: الجماعة، واللي يقولك الأولاد، واللي… حتى وهذا شيء ما أنزل الله به، وبالعكس هناك أيضا أشد من هذا، قام واحد يقولك: المرأةأعزك الله.. أعزك الله كأنه حاجة عورة أو ..، فهذا ليس من الإسلام في قليل ولا كثير. السؤال اللي قبلو كان إيه؟
ماهر عبد الله:
إنو هل يجوز للرجل أن يجبر امرأته على لبس النقاب في بلد غير عربي؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
لا لا ليس لأن هذا أمر خلافي، وكما قلت رأي الجمهور بس إنها تغطي ما عدا الوجه والكفين، وأنا لا أرى أبدًا من المناسب أن تلبس المرأة النقاب في البلاد الأوربية والأمريكية وهذه، لأنها تصبح يعني محط الأنظار والقيل والقال، لا داعي لهذا أبدًا الإنسان يجلب على امرأته وعلى نفسه، هذا الأمر الخلافي.
ماهر عبد الله:
طيب لنعد للإخوة على الهاتف معنا الأخ (إسلام عبد السلام) من (أبو ظبي) أخ إسلام تفضل.
إسلام عبد السلام:
السلام عليكم.
الشيخ يوسف القرضاوي وماهر عبد الله :
عليكم السلام ورحمة الله.
إسلام عبد السلام:
والله أنا كنت عايز أسال بالنسبة ليعني المرأة المسلمة بتتعرض لثلث مشاكل، الغرب بيصر على إن دي انتهاكات لحقوق المرأة، أول مشكلة الختان، عايز أعرف الضوابط لعملية ختان المرأة المسلمة، المشكلة الثانية: اللي هيّ الإرغام على الزواج، والمشكلة الثالثة: اللي هي الاستيلاء على مال الزوجة إذا كانت بتعمل، وجزاكم الله خيرًا.
ماهر عبد الله:
طيب معنا الأخ (منذر عبد الرحيم) من (سويسرا).
منذر عبد الرحيم:
أطال الله بعمرك يا شيخ يوسف.
الشيخ يوسف القرضاوي:
حياك الله يا أخي.
منذر عبد الرحيم:
ولكن العلماء المسلمون يتحركوا للتحدث عن حقوق المرأة، حتى جاء الضغط من الغرب، الحديث يجب أن يكون أكثر من هذا، ويجب أن يكون أقوى من الذي تقولون بل أشد وأكثر، لأن المرأة مضطهدة ومغلوب على أمرها في كثير من الدول العربية والمسلمة، جزاكم الله خير، تحدثوا أكثر وتكلموا أكثر، ليست القضية بأننا الآن مع الرجل أو نقف مع المرأة، نحن نريد أن نقف مع الشريعة، مع الله، مع الحق، ولكن المسألة تحتاج إلى الكثير من الجهد، والكثير من التعاون، والكثير من.. ولا ننتظر من الغرب أن يأتي ويبلغنا، هذا الأخ تحدث عن الختان، الختان هذا مسألة بسيطة، وصنعوا منها مسألة ضخمة، وكبروها وهي ليست من الإسلام، لأن الإسلام ما فيه أمر واضح، ولا أمر قرآني فيها. جزاكم الله خير.
ماهر عبد الله:
مشكور جدًّا يا أخ منذر، لو تسمح لي بردود مختصرة على الختان، ختان المرأة، وإرغامها على الزواج، والاستيلاء على مالها إن كانت تعمل.
الشيخ يوسف القرضاوي:
أولاً: الختان هذا الختان بالنسبة للرجل سنة من السنن الشعائرية، لأن مما يميز المسلم عن غير المسلم، حتى قالوا: لو أن بلدًا تركوا الختان لوجب على الإمام أن يدعوهم إلى هذا، فإن أبوا قاتلهم، مثل ترك الآذان، وهو سنة، ولكن سنة شعائرية أيضًا، أما ختان النساء فلم يصح فيه حديث، فيه حديث حسَّنَه بعض العلماء، إن الرسول قال للمرأة اللي كانت بت… قال لها: "أشمي ولا تنهكي، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج" إن خذي طرف كده، ولا تستأصلي ولا تجوري، ولكن هذا الحديث ضعَّفه كثير من العلماء، ولذلك بعضهم قالوا: إن الختان سنة للرجال مكرمة للنساء. وأنا ممن يقول إنو لا يوجد دليل على إن المرأة تختن، في هذا كل ما ورد إن: إذا التقى الختانان وجب الغسل، ختان الرجل وختان المرأة، فدل على إن العرب كان عندهم ختان، ولكن لم يجئ في القرآن ولا في السنة ما يدل على وجوب الختان، ولا حتى على سنيَّته.
ماهر عبد الله:
إرغام المرأة على الزواج؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
لا يجوز إجبار المرأة على الزواج، ويجب أن تختار المرأة وتوافق على.. إذا كان الأب هو اللي بيعرض عليها أو الولي يجب أن توافق عليه، إما صراحة وإما ضمنًا بالسكوت "البكر تستأذن، وإذنها صمتها"، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ردَّ بعض أنواع النكاح حينما رفضت المرأة، يعني خلاص أبطل العقد.
ماهر عبد الله:
استيلاء الزوج على مال زوجته إذا كانت تعمل؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
لا يجوز للزوج أن يستولي على مال زوجته، ويجب على كل زوج تعمل امرأته أن يساعدها على أن تفتح لها حسابًا باسمها، لأنو هوّ نفقته عليه، إلا إذا كانت بتكلفه.. نفقة زائدة، يعني مثلاً هي لأنها بتشتغل فجابت خادمة، مادام هي الخادمة هي لأنها تعمل هي تدفع للخادمة، أما إذا كانت لا تكلفه شيئًا، فهذا مالها يجب أن يظل باسمها، إلا ما تبرعت به لزوجها، أو للمساعدة في البيت من عندها، هذا من مكارم أخلاقها.
ماهر عبد الله:
لو عدنا لسؤال الأخ (أحمد قعلول) من (بريطانيا) الذي تحدث عن مشروعين: في -كما ذكر- مشروع إسلامي في قضية المرأة، ويراه هو أنه يركز على الإصلاح الجماعي على مجموع الأمة ولا ينظر إلى الأفراد من حيث هم أفراد، لا ذكورًا ولا إناثًا، ويقترح أنه يجب النظر إلى المرأة في إطار الوحدة الاجتماعية والأسرة، وهو يقول في مقابل هذا هناك طرح علماني ليبرالي يدعو إلى تحرير الفرد، وجعله هو الأساس في المجتمع، وليس النظر إليه من خلال المجتمع، ويعتقد أنه بلاء الحركة الليبرالية وبلاء المجتمع الغربي أتى من هذا التفريد الشديد والتركيز على الفرد.
الشيخ يوسف القرضاوي:
هو معروف إن الفلسفة الليبرالية قائمة على تضخيم الفرد، وعلى إعطائه حقوقه دون أن نطالبه فيما يقابل هذا بواجباته، فالفرد هو الأساس، على خلاف الفلسفة الجماعية، فلسفة الماركسية والاشتراكية العلمية، إن الجماعة هي الأصل، والمجتمع هو الأصل، والفرد ترس في هذه الماكينة الكبيرة لا ينظر إليه. الإسلام على عكس هذا، ليس الإسلام جماعيًّا فقط كما يقول الأخ، لا، الإسلام راعى الفرد وراعى الجماعة، هو يعطي الفرد حقوقه ويطالبه بواجباته في غير طغيان ولا إخسار، بحيث لا يطغى على الجماعة، ويعطي الجماعة بحيث لا تطغى على الفرد، في توازن عجيب، {ألا تطغوا في الميزان وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}، فالفرد هو الأساس لأنه لا يمكن أن يصلح مجتمع إذا كان أفراده فاسدين، سواء كان هذا الفرد ذكرًا أم أنثى، ولابد.. ويبدأ هذا من مراعاة الفطرة أيضًا، الغرب فساده من إنو لم يراعِ الفطرة، فطرة الرجل وفطرة المرأة وحاول أن يسوي بينهما وهما غير مستويين فطرة، إنما الإسلام ينظر إلى الرجل وإلى المرأة إلى فطرة كل منهما، مراعيًا فطرة الله التي فطر الناس عليها، ولكن في ظل مجتمع مسلم، لأن المسلمين مطالبون بصفتهم جماعة {يا أيها الذين آمنوا} خوطبوا لتنفيذ أحكام الله بالصيغة الجماعية.. يا أيها الذين.. مفيش في القرآن يا أيها المؤمن..{يا أيها الذين آمنوا} فهم مطالبون جماعة بتحقيق أحكام الله والتمكين لدين الله في الأرض.
ماهر عبد الله:
عودًا على سؤال كنا ذكرناه في بداية الحلقة، وذكرنا به الأخ (أحمد عقلول) تعرف يعني زمنا هذا في أواخر القرن الماضي وهو زماننا هذا، وبدايات هذا القرن، هو زمن الرموزالمؤثرة، ففي الساحة العربية عندما نتحدث عن قضايا المرأة، الذي يبرز(قاسم أمين) يبرز(هدى شعراوي) يبرز ممثلات، لكن ليست هناك وجوه نسوية مسلمة، تنطلق من الأرضية التي تطالب بها، أرضية الشريعة الإسلامية، باعتقادك إلى أي دور يعني لماذا غابت هذه الوجوه النسوية الإسلامية؟
الشيخ يوسف القرضاوي:
أنا في كتاب لي اسمه (أولويات الحركة الإسلامية) ذكرت فيها وأنا حينما تحدثت عن الحركة الإسلامية النسوية، ذكرت أن مما يؤخذ على رجال الجماعات الإسلامية والحركات الإسلامية، أنهم غيَّبوا دور المرأة، بحيث لم تظهر زعامات نسائية إسلامية وقيادات نسائية إسلامية في الساحة، كم وحدة كده مثلاً؟! (زينب الغزالي) في مصر(سعاد الفاتح) في السودان، ثلاث أربعه كده والباقي مفيش.. لأن لم نتح لهم الفرصة للظهور والبروز، العلمانيين يظهرون النساء ويمكنوهن وينفخون فيهن، والأبواق تشتغل..إنما إحنا.. كل ما هو إسلامي للأسف، زي ما ذكرت لك في قضية الحجاب دي، هذه قضية إسلامية عظيمة، ولكن مع هذا إنها لا تذكر على إنها حركة إسلامية نسائية. نحن مطالبون بأن نبرز قيادات نسائية إسلامية، وموجود للأسف، ولكنها لم تعط حقها في البروز، أنا أذكر في أحد اللقاءات كنت في (بريطانيا) تعرف هناك الشباب بيعملوا لقاءات كل سنة في أعياد الكريسماس والأشياء ديه.. وبعدين للأسف إنهم كانوا بيعملوا مكان للرجال ومكان للنساء، وأنا أنكرت هذا، وبعدين طيب رحت أنا مكان النساء ألقي فيه محاضرة، وجاء أحد الإخوة يقدمني.. وبعد ذلك قال هوّ بعد ما خلّصت المحاضرة: من يريد أن تسأل تأتي بسؤالها مكتوبًا، فقامت إحدى الأخوات، وسألت سؤالاً شفهيًّا، قال لها: هاتيه مكتوب، قالت: لا.. أنا لا آمن إن إنت متوريهش للشيخ، ممكن إنت تحجبه والشيخ لا يراه، وأنا انتهزت الفرصة، وقلت: والله كلامها صحيح، قلت له أولاً: لماذا لم تقم بدورك إحدى الأخوات، هيّ اللي تقدمني لأخواتها، وهي اللي تتلقى الأسئلة، وهي اللي تفرزها، وهي اللي.. حتى نمرن الأخوات على القيادة، لماذا أتى رجل ويقود المسيرة النسائية، كأن النساء ليس فيهن من تقوم بهذا؟! فالرجال كابسين على نفس النساء، ولذلك لم تظهر قيادات إسلامية، والرجال هم المسؤولون عن هذا.
ماهر عبد الله:
طيب جزاك الله خيرا، أعزائي المشاهدين، مائة عام وما زال النقاش حول قضايا المرأة مستمرًا مما يدل على أنها فعلاً تعاني ومازالت مظلومة.
إلى أن نلتقي في الحلقة القادمة، لكم مني تحية، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.