تبعات الحادي عشر من سبتمبر على الأمة الإسلامية ج2
مقدم الحلقة: | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة: | د. يوسف القرضاوي – داعية ومفكر إسلامي |
تاريخ الحلقة: | 29/09/2002 |
– أسباب رفض أميركا الربط بين قضايا الأمة الإسلامية
– تداعيات صمت الأمة تجاه قضاياها
– الانتفاضة بعد عامين من اندلاعها بين الإيجابيات والسلبيات
– كلمة الدكتور القرضاوي للانتفاضة والشعب الفلسطيني
– طبيعة الحرب النفسية ضد المسلمين
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
مازلنا نتحدث عن ما يجري في العالم بعد سنة على أحداث الحادي عشر من سبتمبر، هذه الأيام تصادف الذكرى السنوية الثالثة لانطلاقة الانتفاضة الفلسطينية والتي أججت المشاعر في بدايتها وألهبت مشاعر الأمة وخرجت إلى الشوارع بطريقة لم تكن مسبوقة على الأقل في تاريخنا المعاصر.
الذكرى مرت بالأمس دون كثير حركة ودون كثير ضجة في العالم العربي والإسلامي، رغم ذلك خرجت مظاهرات في أوروبا، ولعل أكبرها كان المظاهرة التي دعت إليها الرابطة الإسلامية في المملكة المتحدة وأيرلندا، حيث شارك قرابة النصف مليون إنسان كان بعض ممن شارك فيها شخصيات سياسية مهمة لعل أبرزهم رئيس بلدية لندن (كين ليفنجستون) وشارك فيها أيضاً (ريتر) المسؤول عن فرق التفتيش الدولية السابق في العراق، وكان الهدف من المظاهرة ليس فقط إحياء الذكرى السنوية للانتفاضة، بل أضيف إلى ذلك الدعوة إلى شجب أي ضربة متوقعة على العراق، هذا الربط بين القضية الفلسطينية وقضايا الأمة الأخرى مازال مرفوضاً في العرف الأميركي، وقع الفصل في حرب الخليج الأولى، ثم سخرت أميركا من دعوات بن لادن إلى الربط بين ما قام به وبين القضية الفلسطينية.
موضوعنا لهذا اليوم سيتركز حول هذه القضية، حول العلاقة بين قضية فلسطين وقضايا الأمة الأخرى، وما إذا كانت هذه الانتفاضة ستحمل أي مستقبل خير خصوصاً عندما نضع في اعتبارنا ما يحاك لها، أو أنها ستنتهي إلى إحباط آخر كما انتهت كثير من طموحاتنا.
يسعدني أن يكون معي –كالعادة- فضيلة العلامة الدكتور القرضاوي، سيدي أهلا وسهلاً بك.
د. يوسف القرضاوي: أهلاً وسهلاً بك يا أخ ماهر.
ماهر عبد الله: يعني في.. في تقديرك بداية لماذا تصر أميركا على الفصل بين.. في قضايانا رغم أن كل من يتحرك في هذه القضايا بغض النظر عن دوافعه وبين قضية فلسطين في كل مرة يقع رفض لهذا الربط، عندما ربط الرئيس العراقي في.. عندما قام في الحرب الأولى.. حرب الخليج الأولى بالربط مع.. بالربط بين فلسطين و العراق وقع إصرار عجيب على أنه ليس هناك ربط وأن هذا توظيف سياسي رخيص، ثم بعد ذلك فوجئنا بان أميركا تؤمن بهذا الربط، وتتحرك.. ورأينا أوسلو ووادي عربة وكثير.. لماذا ترفض أميركا الربط بين فلسطين والقضايا الأخرى؟ وهل هناك ربط؟
أسباب رفض أميركا الربط بين قضايا الأمة الإسلامية
د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأزكى صلوات الله وتسليماته على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وإمامنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلا ينبغي أن نركز على موقف أميركا منا ومن قضايانا، فأميركا قد أظهرت وجهها القبيح –للأسف- بالنسبة لأمتنا وبالنسبة لقضايا أمتنا كلها، أميركا تقف مع عدونا، وعدونا الأول.. رقم واحد هو الصهيونية العالمية ودولتها المسماة إسرائيل، هذا العدو الذي احتل الأرض وهتك العرض وانتهك الحرمات وسفك الدماء وشرد الأهل، وفعل الأفاعيل، ولا يزال يفعل إلى اليوم أميركا تقف مع هذا العدو وتشد أزره وتسند ظهره بكل قوة سواء كانت القوة العسكرية، أم القوة الاقتصادية، أم القوة السياسية، أميركا مع إسرائيل في كل شيء، بحيث لا نستطيع أن نفرق ما بين إسرائيل وأميركا أيهما الأصل، وأيهما الفرع، أيهما التابع وأيهما المتبوع، اندمجا يعني كما يقول البعض يعني تزوجا زواجاً كاثوليكياً لا طلاق فيه، ولكن مَنْ الزوج ومَنْ الزوجة؟ يعني ولعله زواج مثلي، وهم يقرونه للأسف في فلسفاتهم الإباحية، فذابت أميركا في إسرائيل وذابت إسرائيل في أميركا كما يذوب الملح في الماء أو كما يختلط المركب الكيماوي، ولذلك لا يعني يستغرب موقف أميركا من محاولة تمزيق قضايانا، نحن ننظر إن قضايانا كلها رابطة واحدة، يعني في الحقيقة لأن إحنا نؤمن بوحدة هذه الأمة ووحدة قضاياها، والنبي –صلى الله عليه وسلم- يقول "المسلمون ذمتهم واحدة، يسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم، وهم يد على من سواهم"، فهذه أمة واحدة، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)، وكأن القرآن يشير إن لا تتم العبادة ولا تتم التقوى إلا بوحدة هذه الأمة، فنحن قضايانا بنعتبرها واحدة، ويصب بعضها في بعض، ويتشابك بعضها مع بعض، أميركا تريد أن تمزق هذه القضايا و.. ولا وأن تفصل ما.. ما بينها، لأنه الربط بينها يعطي قوة للأمة، ويجعل الأمة كلها تقف وقفة واحدة.. وقفة رجل واحد في مواجهة واحدة، وكما قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفاًّ كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ) عند المعركة يقف الجميع في جبهة متراصة يشد بعضها بعضاً، و لا ينفصل بعضها عن.. عن بعض، فنحن لا نستغرب موقف أميركا، لأن أميركا هكذا تريد من أمتنا أن تظل في موقف الاستخزاء وموقف الوهن وموقف الاستسلام لما تريده لها، فلا ينبغي لنا أن نعير هذه السياسة وهذه الفلسفة بالاً، ونستمسك بحقنا ووحدة أمتنا ووحدة قضايانا كلها.
تداعيات صمت الأمة تجاه قضاياها
ماهر عبد الله: طيب كيف تفسر –إذا كان الموقف الأميركي غريب- فكيف تفسر الصمت القاتل تجاه ما يجري؟ يعني في الأيام الأولى للانتفاضة العالم العربي والإسلامي كله تحرك، تمر الذكرى الثانية والثالثة الآن للانتفاضة، الموت لم يتوقف التدمير لم يتوقف، الحصار المهين للرئيس الفلسطيني لم يتوقف بل يتواصل بطريقة أكثر إذلالاً من ذي قبل، كيف تفسر صمت الأمة، أليس أغرب من الموقف الأميركي؟
د. يوسف القرضاوي: هو.. هو الحقيقة هو صمت القبور، صمت الموتى، يعني هذا الصمت غير مبرر إطلاقاً، وأنا.. وأنا يعني أعتقد إن وراء هذا الصمت لوناً من التآمر على هذه الانتفاضة، هناك من يريدون أن يجهضوا هذه الانتفاضة، وان يحاولوا ألا تقوم لها قائمة، وقد اجتمع المجتمعون وبتبييت وكيد من الأميركان وغيرهم، يريدون أن يخمدوا نار هذه الانتفاضة وأن تنطفئ هذه الجمرة المشتعلة، وأنا أرى إنه –إن شاء الله- لن.. لن تنطفئ هذه الجمرة، والذي وقف مع الانتفاضة من أول أمرها لم يكن هم الحكام حقيقة، الذي وقف مع الانتفاضة هم الشعوب، هي الجماهير العربية والجماهير المسلمة، ومن بركات هذه الانتفاضة –وهذا ينبغي أن يحسب لها ويوضع في ميزانها- إن بعض الناس يعني يجعل كأنما الانتفاضة لم يكن وراءها إلا الضرر كل الضرر، والخسائر وكذا، لأ، إن هذه الانتفاضة أحيت الأمة من مواتها وجمعتها من شتاتها، الناس من جاكرتا إلى الدار البيضاء تجاوبوا مع هذه الانتفاضة و.. وإلى الآن الجماهير العربية والمسلمة تتجاوب مع هذه الانتفاضة، يعني حينما شاهدنا أمس بعض المسيرات التي خرجت يعني في مصر يعني مسيرة يعني ضخمة والحمد لله، والمسيرة التي تحدثت عنها يعني ودعت إليها الرابطة الإسلامية في إنجلترا، يعني.. يعني هذا يعني شيء يعني حقيقة يعني نحو نصف مليون مهما قالوا لا دا هم 200 ألف، دا هم مش عارف أيه، لأ، مئات الآلاف خرجت يعني، فهذا يعني معناها أن الجماهير مع هذه الانتفاضة، والجماهير أيضا تربط يعني ما بين الانتفاضة وما بين العراق، يعني.. يعني هم يرفضون ضرب العراق ويؤيدون الانتفاضة، هذا.. هكذا رأينا في مصر وهكذا رأينا حتى في.. في.. في لندن، فإذا كانت هي أميركا تريد أن تفصل الشعوب والجماهير تربط ما بين هذه القضايا بعضها وبعض، فالذي أيَّد الانتفاضة وشد أزرها من أول يوم هي الجماهير، ولا زالت الجماهير، صحيح ربما لا يتاح للجماهير الفرصة أن تعبر عن نفسها، يعني بالأمس خرجوا عن المألوف واقتحموا الشوارع في القاهرة ويعني وهذا غير مسموح به، إنما أحياناً الجماهير تنتفض انتفاضتها هي أقرب إلى الانتفاضة هي يعني الحقيقة يمكن المظاهرات دي هي الأجدر بأن نسميها انتفاضة، أما الانتفاضة في الحقيقة أنا أسميها ثورة جهاد هي أكبر من كلمة انتفاضة.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: نذكركم قبل العودة لمواصلة هذا الحوار بأنه بإمكانكم المشاركة معنا في هذه الحلقة على أرقام الهواتف التالية: إما على رقم الهاتف: 4888873 أو على رقم الفاكس: 4890865 أو على الصفحة الرئيسية (للجزيرة نت) على العنوان التالي:
www.aljazeera.net
الانتفاضة بعد عامين من اندلاعها بين الإيجابيات والسلبيات
سيدي، أنت قلت أن الانتفاضة ثورة، سنعود للحديث عن الثورة، لكن كيف يمكن أن نرد على من يقول –هناك أقوال وشبهات تثار حول الانتفاضة- البعض يقول أنها في المحصلة النهائية أثبتت أنها خسارة مادية وبشرية كبيرة، عدد القتلى.. الخراب الاقتصادي، البعض يقول أنه لم ينتفع منها حتى الآن إلا المتطرفون من الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، البعض يصر على أنها شكلت خسارة سياسية كبيرة بسبب العمليات الاستشهادية وما ثار حولها من لغط هل هي عمليات انتحارية.. عمليات فدائية.. عمليات استشهادية، الخسارة، انتفاع المتطرفين، الخسارة السياسية، هل لها معنى في تقييم هذا الانتفاضة.. هذه الانتفاضة؟
يوسف القرضاوي: هذا الكلام في الحقيقة مرفوض كله، أولاً هذه ثورة جهادية وأي ثورة جهادية لابد أن يكون وراءها خسائر مادية وخسائر بشرية، هي خسائر في المدى القريب، ولكنها مكاسب على المدى البعيد، أي شعب يريد أن ينال حريته واستقلاله لابد أن يدفع الثمن، الحرية ثمنها غالي، وشوقي له بيت مشهور يقول:
وللحرية الحمراء باب
بكل يد مدرجة يدق
لا يدق باب الحرية بالأيدي الناعمة واللي بتلبس القفازات الحرير، إنما بالأيدي المدرجة بالدماء، تفتح أبواب الحرية وتدق أبواب الحرية، ويقولوا: "الحرية شجرة لا تنبت ولا تزهو إلا بأن تروى بالدماء"، هذه هي.. دي سنن الله في.. في الحياة، ولا يمكن أن ينال الإنسان أي مجد أو يحقق أي سيادة إلا بهذا، كما يعني يقول أبو الطيب المتنبي:
لا يبلغ المجد إلا سيد فطن
لما يشق على السادات فعال
لولا المشقة ساد الناس كلهم
الجود يفقر والإقدام قتال
وإذا كنت شجاع لازم تتعرض للخطر وممكن تموت فيها، إنما إذا رضيت بالهوان خلاص اقبل الهوان، السيادة تحتاج إلى بذل.
دعيني أنل ما لا ينال من العلا
فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل تريدين إدراك المعالي رخيصة
ولابد دون الشهد من إبر النحل
هذه سنة الله في.. (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ) شوف البأساء يعني فقر في الأموال والضراء جراحات في الأبدان، والزلزلة في النفوس، حتى يقول الرسول.. متى.. إمتى يأتي النصر بقى؟ استبعدوا النصر، أو استبطؤوا النصر، (مَتَى نَصْرُ اللَّهِ)، (ألاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ) والله تعالى حينما ذكر الجهاد في القرآن قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (11) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الفَوْزُ العَظِيمُ) وبعدين قال (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا)، غير المغفرة والجنات في الآخرة، فيه للجهاد ثمرة في الدنيا، (وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ المُؤْمِنِينَ) فالنصر والفتح منتظر إن شاء الله، ولا يمكن أن يأتي النصر والفتح، إلا بالبذل و.. والتضحيات وهذه ليست أول تضحية يضحي فيها الشعب الفلسطيني، ضحى في الانتفاضة السابقة، وضحى من أول ما قامت ثورة فتح وضحى في الثلاثينات وضحى في العشرينات، يعني التضحية يعني لنيل الحق ونيل الحرية والسيادة والاستقلال هذا أمر مطلوب (كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ).
ولماذا لا يذكر ما أصاب الإسرائيليين؟ دائماً نذكر الخسائر التي أصابت.. الفلسطينيين ولا نذكر ما أصاب الإسرائيليين من خسائر تعد بالمليارات، لماذا لا يذكر هذا؟! الإنصاف والنظرة العلمية الموضوعية الحقيقية تجعلنا نضع هذا ونضع هذا، إسرائيل خسرت المليارات صحيح إحنا بنخسر بشر، إنما كما قال النبي –صلى الله عليه وسلم- رداً على أبي سفيان في غزوة أحد قال يوم بيوم بدر، قال "لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار"، ربنا قال (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ..) (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ)، (وَلاَ تَقُولُوا لِمْن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ) هؤلاء ليسوا خسارة.. وبعدين كنا زمان يعني يمكن عشرة فلسطينيين وقبالهم واحد إسرائيلي، لأ الآن النسبة تقاربت إلى حد كبير وإحنا عندنا والحمد لله –يعني إحنا شعوب ولودة وأمة خصبة تلد باستمرار، هم عندهم الواحد اللي بيقتل بيعتبروه مصيبة كبرى، وبعدين الخسارة مش بس فيمن يقتل، أهم من هذا الزلزلة التي تصيب نفوسهم، الرعب الذي يدخله.. هذا من أهم يعني ثمرات الانتفاضة هذا الرعب الذي ملأ قلوب هؤلاء، لماذا يسارعون بعقد المؤتمرات؟ أما عملوا مؤتمر شرم الشيخ وأما.. حينما حدثت عمليتين فدائيتين، ليه؟ لأن هذه.. إسرائيل قائمة على ناس مجلوبين من الخارج، هؤلاء لم يُستنبتوا في هذه الأرض، ليس لهم جذور فيها، ولذلك لو أنهم شعروا بأن ليس.. لا يوجد هناك استقرار ولا يوجد هناك أمن فسيحملون أمتعتهم ويرحلون، وفعلاً الكثير منهم رحلوا وهاجروا، فهذا الرعب له ثمرة مهمة جداً وإسرائيل تخاف هذا وهي شديدة القلق على هذا الأمر، فلابد أن نذكر خسائر إسرائيل المادية وخسائر إسرائيل البشرية وخسائر إسرائيل النفسية، وهناك إحصاءات ودراسات عن الخسائر الإسرائيلية أنا لست بصدد أن أتحدث عنها أدعها للمختصين اللي ممكن يتكلموا بالأرقام، ماذا خسرت إسرائيل، فإذا كنا منصفين.. إذا قلنا إحنا خسرنا كذا أو كذا، فنذكر الخسائر.
ماهر عبد الله: الإسرائيلية.
د. يوسف القرضاوي: الإسرائيلية بجوار هذا.
[موجز الأخبار]
ماهر عبد الله: سيدي، كنت تتحدث -قبل الموجز- عن خسائر إسرائيل، ثمة تغير في الطريقة التي تنظر فيها إسرائيل إلى الصراع، في السابق كنا نحن الذين نقول –الطرف العربي والمسلم- أن هذا الصراع صراع وجود وليس صراع حدود، إما نحن أو هم في هذه الأرض المباركة، إسرائيل كانت تسخر من هذا المنطق وتعتقد أن ثمة مشكلة فينا، ما يميز هذه الانتفاضة أن أغلب السياسيين الإسرائيليين تعرضوا لمسألة أن هذه الانتفاضة وأن ما يريده العرب والمسلمون هو إنهاء وجود إسرائيل، كلام نسب إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي وإلى وزير خارجيته من حزب مختلف ولا يتفق معه كثيراً، أهم من ذلك هذا ما يردده ليل نهار اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة كما ينقل عنه الإعلام الأميركي، هذه الانتفاضة تؤكد أن الصراع صراع وجود وليس صراع حدود، وهذا كلام منسوب للإسرائيليين، كيف تقرأ أنت أن ينتقل الإسرائيليون من أن هذا صراع حدودي إلى أن يكون صراع يهدد وجود دولة إسرائيل؟
د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، أنا أولاً يعني أريد أن أتمم يعني كلامي الذي بدأناه يعني في دعوى إن الانتفاضة..
ماهر عبد الله: خسارة.
د. يوسف القرضاوي: سببت خسائر اقتصادية للفلسطينيين، وأود أن أبين هنا حقيقة لا تخفى على الكثيرين وهو أن الاقتصاد الفلسطيني قبل الانتفاضة –للأسف- لم يكن اقتصاداً حقيقياً قائماً على إنتاج حقيقي وعلى استقلال حقيقي، كان اقتصاداً تابعاً لإسرائيل، معتمداً اعتماداً كلياً على إسرائيل، عشرات الآلاف من أبناء فلسطين يذهبون يومياً إلى إسرائيل وكثير منهم يعملون في بناء المستوطنات الإسرائيلية، أهذا اقتصاد هذا؟! هذا ليس اقتصاداً، يعني فلم نخسر كثيراً، بالعكس هذا يردنا إلى ذاتنا بحيث إننا إذا أردنا أن نقيم اقتصاد لازم يكون الاقتصاد قائم على إمكاناتنا نحن وعلى مواردنا نحن وعلى أسس فلسطينية عربية وليس الاعتماد على إسرائيل.
أيضاً الذين يقولون إنه المتطرفين هم الذين استفادوا من هذه، من هم المتطرفون؟ يعني المتطرفون هم حماس والجهاد وكتائب الأقصى وكتائب أبو علي مصطفى، هؤلاء هم المتطرفون؟! والله إن كانوا هؤلاء المتطرفون نحن مع هؤلاء..، يبقى الشعب الفلسطيني كله متطرف، الشعب الفلسطيني الذي أمس خرج بعشرات الآلاف يؤيد هذه الانتفاضة رغم حظر التجول ورغم كذا وكذا، هذا الشعب يبقى كله متطرف، هذا كلام –يعني في الحقيقة- يروج له من قبل هيئات مشبوبة.. مشبوهة، وللأسف تردده بعض الأبواق العربية وهو كلام مرفوض يقيناً، أيضاً الزعم بأنه الخسائر السياسية..، طب وماذا فعلت لنا السياسة التي كنا نحاول أن نتملقها ونترضاها ونطأطئ الرأس من أجل أن.. يعني نقترب منها وتقترب منا؟ ماذا فعلت منذ أوسلو ومنذ مدريد وإلى اليوم ماذا قدمت؟! ماذا أدت إلى هذه القضية؟ القضية لازلنا كالثور في الطاحون أو كالحمار في الرحى يدور ويدور ويسير ويسير والمكان الذي انتهينا إليه هو الذي ابتدأنا منه، هي حلقة يعني مفرغة، فهذه كلها يعني ترهات وأباطيل لا تقف على أساس سليم ولا على منطق قويم، أما السؤال اللي أنت سألته..
ماهر عبد الله: تهديد.. تهديد الوجود..
د. يوسف القرضاوي: هه؟
ماهر عبد الله: أن إسرائيل تنظر إلى هذه الانتفاضة أنها تهدد وجودها من أساسه.
د. يوسف القرضاوي: هو وجود إسرائيل الحقيقة، يعني إذا يعني أردنا أن نصارح، هو وجود يعني قائم على غير الحق، هو وجود فرض نفسه يعني بالعنف وبالدم وبالحديد وبالنار، يعني هل كان لإسرائيل وجود قبل يعني في أوائل هذا القرن، القرن العشرين؟ أو حتى إلى أن دخل الانتداب البريطاني هل كان لهم شأن أو لهم وجود؟
يعني آلاف.. عدة آلاف من.. يعني مش.. مش بالملايين، ثم جاءت الهجرات الجماعية التي يسَّرها الانتداب البريطاني وبناء على وعد بلفور المزعوم وبدأ يعني يهيأ يعني كيان للصهيونية في هذه الأرض التي ليست هي أرضهم ولسنا في مقام مناقشة مزاعمهم الدينية ومزاعمهم التاريخية بأن لهم حقاً في هذه الأرض، إنما وجودهم غير حقيقي.
إنما الشيء الذي يعني أريد أن أؤكده: أننا لا نحارب هؤلاء الصهاينة لا لأنهم يهود ولا لأنهم ساميون، هم يحاولون دائما أن يربطوا بين معركتنا معهم وبين أنهم يهود، لأ، نحن لا نحاربهم لأنهم يهود، اليهود في نظرنا أهل كتاب، يعني وأهل الكتاب عندنا لهم منزلة خاصة في التعامل حتى إن القرآن أجاز مؤاكلتهم وأجاز مصاهرتهم، يعني يجوز لمسلم أن يتزوج يهودية يعني قبل هذا العهد، لأن حينما صاروا أهل حرب لا يجوز التزاوج منهم، إنما قبل ذلك كان يجوز للمسلم أن.. وهذه قمة في.. في التسامح، فنحن نعتبر اليهود أهل كتاب ونعتبر أن معركتنا معهم ليست من أجل العقيدة، كثير من المسلمين –للأسف يعني- يظنون إن المعركة معهم معركة عقيدة، وقد ناقشت بعض الشباب الصالحين والدعاة يعني الطيبين في هذا الأمر في.. في الإجازة الصيفية هذه، وقال كيف.. أليست معركتنا من أجل العقيدة؟ قلت له: لأ، هل إحنا بنقاتلهم لأنهم يعني يقولون عزير ابن الله أو لأنهم قالوا: يد الله مغلولة، أو لأنهم حرفوا التوراة، أو لأنهم قالوا في الأنبياء ما قالوا، أو قالوا في..؟ هل نحن نقاتلهم من أجل هذا؟ لأ، هم كانوا أهل ذمة وكانوا يعيشون في ديارنا آمنين مطمئنين وبلغوا ما بلغوا من ذروة المجد والمال وكل شيء في الدولة الإسلامية، وحينما طردتهم أوروبا وطردوا من أسبانيا وطردوا من غيرها لم يجدوا يعني ملجأ يلجئون إليه وصدراً يعني يدخلون فيه إلا البلاد الإسلامية والدولة الإسلامية، فنحن لا نقاتلهم ولا نحاربهم من أجل أنهم يهود، ولا نحاربهم أيضاً من اجل أنهم ساميون، لأن نحن العرب ساميون، وبعدين الإسلام لا يقيم للعملية العنصرية والعرقية أي وزن، لا يعامل الناس بأعراقهم وأنسابهم (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ).
"يا أيها الناس إن ربكم واحد – حديث النبي، عليه الصلاة والسلام- إن ربكم واحد وإن أباكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب" فهو ينظر إلى البشرية أنها أسرة واحدة تنتسب إلى رب واحد وتنتمي إلى أب واحد، تشترك في العبودية لله وفي البنوة لآدم، فنحن لا نحارب اليهود من أجل عقيدتهم الدينية ولا من أجل جنسيتهم السامية، إنما المعركة بيننا وبين اليهود أنهم اغتصبوا أرضنا، وشرَّدوا أهلنا، هؤلاء الملايين.. 4 ملايين أو 5 ملايين مشردون في الآفاق أُخرجوا من أرضهم ومن ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله، فهؤلاء الذين شردوهم، بماذا شردوهم؟ بالظلم والعدوان والجبروت.
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: لأ. يعني اسمح لي هذه يعني نقطة جديدة وأعتقد يعني تحتاج إلى نوع من الإيضاح، ما أفهمه من كلامكم أن الصراع في المحصلة النهاية اليوم هو صراع إذن سياسي إذا كنا ندافع عن أوطاننا وهذا حق مشروع، دفاعاً عن الذين شردوا، إذا لم تكن المعركة سياسية.. عقائدية صرفة إذن هي معركة..
د. يوسف القرضاوي: لأ هي عقائدية من ناحية أيه؟ أن الإسلام يوجب على المسلمين، ويفرض عليهم فريضة دينية مقدسة أن يدافعوا عن أرضهم إذا اعتدى عليها ويعتبر هذا فرض عين على أهل.. أهل الأرض بحيث إنه يكون هناك نفير عام، تعبئة عامة حتى إن المرأة تخرج بغير إذن زوجها والولد بغير إذن أبيه، الكل يجب أن.. أن يخرج لمقاومة المحتل الغاصب المعتدي، هذا في أي أرض إسلامية، وطبعاً إذا لم يكفِ أهل البلدة المغزوة للدفاع والمقاومة يجب على من قرب منهم، ثم من قرب منهم، حتى يشمل المسلمين كافة، ولذلك الآن بعد أن عجز الفلسطينيون وحتى عجز العرب أصبح على المسلمين في أنحاء الأرض في مشارق الأرض ومغاربها أن يدافعوا عن فلسطين، وخصوصاً إن فلسطين ليست أي أرض إسلامية، دا أرض لها مزية خاصة، أرض فيها مقدسات إسلامية، أرض الإسراء والمعراج، أرض المسجد الأقصى الذي بارك الله حوله، فهذه الأرض هل يعني يسمح المسلمون أن يُهدم المسجد الأقصى ويقام على أنقاضه الهيكل المزعوم؟! هذه.. فهذه القضية يعني دينية وإسلامية من هذه الناحية وخصوصاً أن أعداءنا يحاربوننا باسم الدين، فلابد أن نجنِّد الدين أيضاً لنحاربهم، لا.. لا يجوز لنا أن نخرج الدين من المعركة وإلا كنا نحن الخاسرين، لا يفل الحديد إلا الحديد، لو لم يكن الإسلام يفرض علينا هذا، لكان واجبنا أن نستخدم الدين، فكيف والدين هو في صلب المعركة؟ لا يجوز أن يدخلوا هم المعركة يهوداً ولا ندخلها نحن مسلمين، لا يجوز أن يدخلوا ومعهم التوراة وندخل إحنا المعركة وليس معنا القرآن، لا يجوز أن يقولوا الهيكل ولا نقول الأقصى، لابد أن نفلَّ الحديد بالحديد وحديدنا أقوى من حديدهم.
ماهر عبد الله: كلام واضح، لكن أنا لأنه المسألة يعني مهمة جداً كتير من الشباب، لعلك لاحظت في الأسبوع الماضي بعض الاتصالات المدخل الديني من هذا الجانب على الأقل لي يبدو مقبولاً، لكن هناك ميل إلى الاعتقاد، وخصوصاً عند بعض الشباب المتدين.. نحاربهم لأنهم كفار، ويستشهدون بآيات من نوع (وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ)، (ولَن تَرْضَى عَنكَ اليَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى) فيه فرق بين أن أحاربهم لأنهم اعتدوا علي وبين أن أحاربهم فقط لأنهم كفار، وهذا ما يروق للإعلام الغربي أن يروجه، لأنهم كفار نحن نحاربهم.
د. يوسف القرضاوي: أصل هؤلاء الشباب الذين يقولون هذا الكلام الحقيقة هم مخطئون في تقديرهم، إذا كان الأمر كذلك طيب لماذا لا نحارب النصارى في أنحاء العالم؟ لماذا لا نعلن الحرب على المسيحيين في أنحاء.. نعلن الحرب على أوروبا يعني كلها، على الفرنسيين وعلى الألمان وعلى الذين يقفون مع.. الناس؟!
المظاهرة اللي نصف مليون دية ما هم.. هم أهلها مسيحيون يجب أن نحارب هؤلاء؟!
يعني يجب نحارب الوثنيين، أهل الكتاب مهما كانوا، سواء كانوا نصارى أو يهوداً هم أقرب إلينا من الوثنيين، فيجب نحارب الوثنيين في أنحاء العالم، فمعناها إن إحنا نعلن الحرب على الكرة الأرضية يعني كلها، هل هذا يعني معقول؟! فهناك خلل في.. في الفهم حقيقة، نحن المعركة التي قامت مع اليهود قامت من أجل شيء محدد، إن هم جم خدوا أرضنا، الله! هذه قضية كوضوح الشمس في رابعة النهار، لم يكن بيننا وبين اليهود أي شيء، فهمَّ كانوا اليهود في مصر، إحنا نشأنا وجدنا اليهود يملكون زمام التجارة في مصر ومعظم المحلات التجارية الكبرى يملكها يهود، ومن زار القاهرة عرف هذه المحلات: شملا وأوريك وشيكوريل وسمعان وصيدناوي، وبنزايون وداوود عدس و..، يملكون في أيديهم الثروة بالملايين، وما كان أحد يقول لهم شيئاً. إمتى بدأت المعركة؟ حينما احتلوا الأرض، وشردوا أهلها، و.. يعني فبدأت المعركة من هذا الوقت يعني.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: نبدأ عودتنا بهاتف من الأخت أم علي من قطر، أخت أم علي، اتفضلي طيب يبدو أنه فيه خلل في اتصال الأخت أم علي، سنحاول مرة أخرى، معنا الأخت أم عبد الله من السعودية، أخت أم عبد الله اتفضلي.
أم عبد الله: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: أهلاً وسهلاً، عليكم السلام.
أم عبد الله: لو سمحت يا شيخ، بالنسبة لقضية الانتفاضة، أنا أتمنى فعلاً إنها تستمر حتى تعود حقوق المسلمين وإخوانا المسلمين في فلسطين، ونحن -كشعب سعودي- والله متعاضدين معاهم، وما تركنا يعني مجال إلا في المدرسة، أو في مجتمعاتنا، أو في حتى الأفراح والمناسبات إلا ونجمع التبرعات، لكن أنا اللي يحز في نفسي يا شيخ إن يعني هذه التبرعات للأسف ما تصل، يعني لا.. نشوف إحنا في الأخبار وفي نشرات الأخبار الأوضاع السيئة اللي همَّ يعيشونها، وإحنا والله يعني بنحب أن نكون معهم مجاهدين، صح ما نقدر نجاهد معاهم بالجسد، يعني وبالدم، لكن على الأقل نجاهد بالأموال كما قال الله –سبحانه وتعالى- وحتى أنها ذكرت في كثير من الآيات القرآنية أن مقدم المال فيها على النفس، فيعني أتمنى.. أتمنى فعلاً يعني تجدون لنا المنظمات الإسلامية والجمعيات الخيرية أي طريقة ممكن توصل فيها هذه التبرعات لإخواننا. الشيء الثاني إنه بالطبع أنا أتمنى إن توصل رسالتي هذه لـ(بوش)، كان في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- أحد زعماء العرب المعادي للإسلام، وكان يصفه –عليه الصلاة والسلام- بالأحمق المطاع، فبوش اليوم في عصرنا هذا هو ابن عيينه الذي ترى في العصر الجاهلي، كان.. على علاقة بالأحمق المطاع، رجل أهوج، أحمق، لا يدرس الأوضاع جيداً، ولا ينظر إلى عواقب أعماله، ولذلك للأسف نجد كثير من الناس تتبعه، وهذا كان آخر ما عندي، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: شكراً.. شكراً أخت أم عبد الله، يبدو إنه الأخت أم علي عادت إلينا، أخت أم علي، اتفضلي. أم.. أخت.. أخت أم علي معانا؟
أم علي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
أم علي: فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي.
د.يوسف القرضاوي: مرحباً.
أم علي: حضرتك نيابة عن مجموعة صوتية موجودة إسلامية على الإنترنت تقوم حالياً مباشرة بإحياء ذكرى الانتفاضة في عامها الثالث، نرغب بمشاركتك –شيخنا الكريم- بكلمة توجهها لهذه الانتفاضة التي يخوضها الشعب الفلسطيني الباسل، وكلمة للشعوب الإسلامية المتفرجة، ونبثها -إن شاء الله- مباشرة عبر الإنترنت لإخوة ينتشرون في كل أنحاء العالم، والكثير منهم لا يملك هذه القناة، ولتتفضل مشكوراً.
ماهر عبد الله: طيب.. طيب، معايا الأخ هادي أبو عامرية من السعودية، أخ هادي، اتفضل.
هادي أبو عامرية: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هادي أبو عامرية: جزاكم الله عن المسلمين خيراً، وجزى القائمين على القناة خيراً، وجزى الدولة التي توجد في أرضها ألف خير.
ماهر عبد الله: بارك الله فيك.
هادي أبو عامرية: لي ملاحظتان يا شيخنا الفاضل.
د.يوسف القرضاوي: اتفضل.
هادي أبو عامرية: بودي لو تعطينا فيها قولاً فصلاً موجزاً، الملاحظة الأولى أن الأعداء يستخدمون أساليب حديثة في حربهم ضدنا، وهي مؤثرة، ونحن لم نأخذ بها إلى الآن، ما يعرف بالحرب النفسية، معتمدين على رحى إعلامية ضخمة، وهم وصمونا بالتطرف والإرهاب ومعاداة السامية، وما إلى ذلك، وأصبحت تؤثر في الناس، هذا أولاً، هل هذه واضحة النقطة؟
ماهر عبد الله: نعم.. نعم.
هادي أبو عامرية: النقطة الثانية لدينا مسوخ لهم صوت إعلامي مسموع يثبطون العزائم، الله جعل.. يعني أوجب على كلنا الدفاع عن نفسه حتى الحيوانات، الحيوانات تدافع عن نفسها وعن أوطانها، وهؤلاء لا يريدون أن ندافع عن أنفسنا وأوطاننا، وفي مقدمتها فلسطين. السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: مشكور جداً.. تحب ترد على الأخت أم علي أولاً.
كلمة الدكتور القرضاوي للانتفاضة والشعب الفلسطيني
د.يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، لا يسعنا ونحن نستقبل العام الثالث لانتفاضة الأقصى المباركة إلا أن نحيي هذه الانتفاضة، ونحيي هذا الشعب البطل، الشعب الجاهد المجاهد، الشعب الصابر المصابر، المرابط، شعب فلسطين الذي ضرب أروع الأمثال في البطولات وفي التضحيات.
حُييت يا شعب فلسطين، حُييت رجالاً ونساءً، حُييت كباراً وصغاراً، حُييت شيوخاً وشباباً وأطفالاً، حيُّوا أيُّها الإخوة معي هذا الشعب الذي قدَّم ما قدَّم طائعاً غير مكره، رفض الذلة من نفسه، رفض أن يحني الرأس أو يطأطئ الظهر، فقد علمه الإسلام أن لا يحني رأسه إلا لله، ولا يطأطئ ظهره إلا راكعاً لله وساجداً لله، وقف هذا الشعب يقول للصهاينة، ومعهم أسلحتهم الجبارة، معهم هذه الدبابات، ومعهم هذه المجنزرات، ومعهم هذه المروحيات، ومعهم هذه الطائرات، ومع تلك الصواريخ، ومعهم أميركا أقوى قوة في الأرض تساندهم وتشد أزرهم، وتقوي ظهرهم، وقف هذا الشعب يقول لهؤلاء جميعاً: لا نبالي بكم، وقف هذا الشعب واضعاً رأسه على كفه، واضعاً روحه في يده، لا يبالي أسقط على الموت أم سقط الموت عليه، لأنه يعلم أن موته في سبيل الله هو عين الحياة، وأن فناءه هنا هو عين البقاء (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) والآيات هنا تشير إلى تواصل الأجيال، الشهداء يذهبون ويفرحون بمن يأتي بعدهم من خلفهم من الأجيال الصاعدة الواعدة.
نحن نحيي الشعب الفلسطيني، نحيي رجاله ونحيي نساءه، ونحيي هؤلاء الأطفال الصغار الكبار، التلاميذ المعلمين، الأشبال الأسود، نحيي هذا الشعب وما قدمه، ونقف بجواره ومن ورائه مساندين ومؤيدين بكل ما نستطيع، من استطاع منا أن يبذل ماله فعليه أن يبذل، الجهاد فريضة بالأنفس والأموال (وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إخوتنا بذلوا أنفسهم وأرواحهم فلا أقل من أن نقدِّم ونبذل أموالنا، قد يصل منها ما يصل، وقد لا يصل كل شيء، فلنفعل ما نقدر عليه، نتقي الله ما استطعنا، والقليل الواصل فيه الخير الكثير إن شاء الله، والقليل على القليل كثير. علينا أن نبذل مالنا، لا يجوز لنا أن نعيش ننعم بالحياة وإخواننا لا يجدون القوت اليومي، لا ينبغي لك أيها الأخ المسلم أن تأكل ملء بطنك، وتنام ملء جفنك، وتضحك ملء سِنك، وتدع إخوانك يئنون من الجوع أنين الملسوع لا يجدون ما يُمسك الرمق أو يُطفئ الحرق نتيجة هذا الحصار المستمر، لا يجوز لنا هذا.. الإسلام يفرض علينا أن نكون مع إخواننا، لأنهم يدافعون عنا، الحقيقة أن الفلسطينيين يقومون بفرض عن الأمة كلها.
إسرائيل ليست خطراً على فلسطين، من الخطأ أن نظن أن إسرائيل خطر على فلسطين وحدها، هي خطر على الأمة كلها، ولذلك إخواننا في فلسطين يقومون نيابة عن الأمة، يبذلون من دمائهم، ومن أموالهم، ومن راحتهم، ومن حياتهم ما كان يجب على الأمة أن تقوم به، فيجب أن نؤيد هذه الانتفاضة حتى تستمر وتستمر ويصلب عودها، ويشتد ظهرها، فهذه الانتفاضة يجب أن تبقى وستبقى إن شاء الله، وعلى الأمة الإسلامية من جاكرتا إلى الدار البيضاء، الأمة في المشرق و المغرب والشمال و الجنوب أن تؤيد هذه الانتفاضة بكل ما تستطيع، وأقل ما نستطيع أن نقدمه للانتفاضة أن نقاطع بضائع أعدائنا، هذه المقاطعة إيجابية وفعالة، وقد آتت أكلها، وحققت ثمرتها، ولا ينبغي أن نسمع دعاوى المدعين وتشويهات المشوهين، فإنها ضربات موجعة، ويجب أن نستمر فيها، وأن ندعو لإخواننا باستمرار أن يشدَّ الله أزرهم، وأن يؤيدهم بروح من عنده، وأن يمدهم بملأ من جنده، وأن يحرسهم بعينه التي لا تنام، وأن يكلأهم في كنفه الذي لا يضام، وأن ننادي قادة سياستنا ورؤساء بلادنا أن لا يجوز لهم أن يتخلوا عن إخوانهم في فلسطين، بل لا يجوز لهم أن يتخلوا عن قضيتهم، فقضية فلسطين ليست هي قضية فلسطين وحدها، هي قضية الأمة عربياً وإسلامياً، بل نحن ندعو الأحرار والشرفاء من أنحاء العالم أن يقفوا بجوار إخوتنا في.. في فلسطين، إخوتنا المستضعفين، والإسلام يُوجب علينا أن نجاهد ونقاتل من أجل المستضعفين (وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ القَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِياًّ وَاجْعَلْ لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيراً) نسأل الله أن يفتح لإخوتنا فتحاً مبيناً، وأن يهديهم صراطاً مستقيماً، وأن ينصرهم نصراً عزيزاً، اللهم آمين، وصلِّ اللهم على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ إسماعيل هنية من فلسطين، أخ إسماعيل، اتفضل.
إسماعيل هنية: أولاً بسم الله الرحمن الرحيم. أخي الحبيب عبد الهادي، اسمح لي أن أتوجه بهذه الكلمات لشيخنا، لأستاذنا، ولمرشدنا الأخ الدكتور يوسف، من هنا من أرض فلسطين المباركة.
د.يوسف القرضاوي: بارك الله فيك يا أخي.
إسماعيل هنية: من أرض الجهاد والمقاومة تحية لك أيها الشيخ العظيم. تحية لك من إخوانك من حركة المقاومة الإسلامية حماس، من مؤسسها الشيخ المجاهد، شيخ الانتفاضة الشيخ أحمد ياسين، تحية لك من أبناء شعبنا الفلسطيني، وهم يحيون الذكرى الثانية لهذه الانتفاضة، ولمسيرة الجهاد والمقاومة، تحية لك ونحن نراك في كل الميادين التي تساهم وتدعم وتساند هذه الانتفاضة المباركة. لقد أصَّلت لجهادنا ولمقاومتنا، لقد أعطيت هذه القضية بُعدها الإسلامي الذي هو بالأساس مظلة هذه القضية قضية فلسطين، حينما كنا نشاهدك عبر هذه المحطة، وعبر التنقل في البلدان والعواصم، وعبر حث وتحريض أبناء الأمة من أجل مساندة الجهاد والمقاومة على أرض فلسطين.
الحقيقة يا شيخنا الفاضل هذه الكلمات النابعة من هذا القلب المخلص، من هذه المدرسة الإيمانية التي نتربى وتربينا عليها جميعاً هنا نحن أبناء حماس في أرض فلسطين المباركة، لا يسعنا إلا أن نشكر الله –سبحانه وتعالى- أن هيأ في هذا العصر من العلماء أمثالك الذين يحثون الأمة على تبني قضيتهم المركزية، وعلى حماية مسيرة الانتفاضة والمقاومة، وعلى حماية المسجد الأقصى المبارك، فحياك الله يا شيخنا من إخوانك من حماس، من شيخها، من إخواننا أبناء الشعب الفلسطيني بكل فصائله وتياراته، لأننا نرى فيك العز بن عبد السلام الذي حث هذه الأمة للجهاد على أرض فلسطين.
وأنا أود أن أطمئن جميع الإخوة المشاهدين والمستمعين أن هذه الانتفاضة، بفضل الله -سبحانه وتعالى- أولاً، ثم بثبات وصمود شعبنا، وبإرادة الجهاد والمقاومة تدخل عامها الثالث، وهي أشد قوة وإرادة، وأمضى عزيمة في مواجهة هذا العدو، مؤكدين –بإذن الله تعالى- أن دبابات العدو وصواريخه لن ترهب شعبنا، لن تكسر إرادة الصمود والثبات، لن توقف مد هذا الجيل المقاتل الاستشهادي، جيل النصر القادم على أرض فلسطين المباركة بإذن الله تعالى.
إننا نقول أن هذه الانتفاضة ليست فقط لها نتائجها المباشرة الميدانية، بل هي في حقيقة الأمر محطة هامة في تاريخ الصراع مع المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، وعلامة بارزة..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: أخ.. أخ إسماعيل، مشكور جداً على هذه المداخلة، وإن شاء الله تسمع.. تعليق من الشيخ يوسف عليها.
إسماعيل هنية [مستأنفاً]: وأشكركم.. وأشكركم، وبارك الله فيكم على هذا البرنامج، حياك الله أخي عبد الهادي، وحيَّا الله شيخنا الفاضل، حفظه الله ورعاه.. حفظة الله ورعاه.
ماهر عبد الله: طيب معاي الأخ خالد سفيان من سوريا، أخ خالد اتفضل.. خالد نعمان.
خالد نعمان: خالد نعمان.
ماهر عبد الله: عفواً يا سيدي، اتفضل.
خالد نعمان: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام.
خالد نعمان: وعلى علامة.. العلامة الإسلامي الكبير.
د.يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
خالد نعمان: يا سيدي أستاذ ماهر، أود أن أرد على تساؤلك في بداية الحلقة فأقول: إنها معركة واحدة، بغداد هي الطريق إلى القدس، هكذا حدد (كيسنجر) مسيرة العدوان بكل صراحة، ومن هنا نرى التناغم في حرب تدمير الأمة، فتارة تشتد هنا، وتارة تشتد هناك، كانت الفكرة هي تدمير القوة الفلسطينية أولاً ثم العراق، ثم جاءت (كونداليزا رايس) لتحدد أن العراق هو البداية، وأن المعركة ستشمل كل العالم الإسلامي، هكذا علناً يحدد العدو أهدافه بكل وضوح، وهذا معناه أن ما يجري من الدمار ومن قتل أبنائنا وأهلنا في فلسطين ليس إلا مقدمة للهجمة المتوحشة على العراق والعالم الإسلامي فماذا أعددنا لهم وماذا أعدوا لنا؟
منذ خمسون عاماً قال (جون فوستر دالاس) أحد أكبر منظري الاستعمار الجديد: " أنا لا أؤمن بالرأي العام العالمي، لأننا نستطيع أن نصنع الرأي العام العالمي حسب مصلحتنا بواسطة أجهزة الإعلام"، لقد بنوا أكبر اقتصاد في العالم، يهيمن على العالم، وبنوا أكبر قوة عسكرية عرفها التاريخ قادرة على تدمير الدنيا بكاملها، وبنوا قوة مخيفة من الإعلام والإعلاميين ليسيطروا على كل بني البشر بالباطل وبنشر كل أنواع الأكاذيب التي لا يجرؤ أحد أن يطلب منهم مجرد التحقيق في صحتها.
أما نحن فالمؤلم أن الكثيرين من أهلنا في الخليج يتراكضون للبحث عن مكان لهم تحت مظلة العدو، ورغم علمهم بأنهم المستهدفون بالدرجة الأولى، لأنهم أصحاب البترول، ولأنهم المتهمون بتفريخ الإرهاب والإرهابيين، عليهم أن يفهموا أنه حتى أطفال العراق الذين استُهدفوا وهم في بطون أمهاتهم، استُهدفوا لأنهم يمثلون الدرع الحقيقي للخليج والأمة العربية والإسلامية كلها وشرفها وتاريخها، عليهم أن يصححوا مواقفهم، ألا ترى معي يا.. يا شيخنا الكبير أن عليكم أن تطلبوا منهم أن يصححوا مواقفهم ويلتزموا بمصالح أهلهم وشعوبهم؟ لأن تدمير العراق وفلسطين يعني في أفضل حالاته وضع الخليج تحت رحمة القوة العسكرية الإسرائيلية والوجود الشرق آسيوي الكثيف، وهذا يعني..
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: طب أخ.. أخ خالد، مشكور جداً على هذه المداخلة، وإن شاء الله تسمع قطعاً من الشيخ بإذن الله تعليق عليها.
سيدي، يعني لو أخذنا جزء من كلامه عن.. نصنع الرأي العام العالمي، وحاولنا نربطه بسؤال الأخ هادي أبو عامرية في.. في السابق، الحرب النفسية أساليب حديثة، ماذا أعدوا لنا؟ ماذا أعددنا لهم؟ الأخ هادي كان تحدث عن أنه هناك حرب نفسية صياغة تعابير مفاهيم يريد.. يراد لنا أن.. من تطرف، إرهاب، معاداة سامية، هل نحن فعلاً خاضعون لحرب نفسية قبل أن تُشن حرب على هذا البلد أو ذاك؟
د. يوسف القرضاوي: أولاً: يعني قبل أن أجيب عن هذا السؤال أحب أن أحيي الأخ إسماعيل الذي تحدث من فلسطين، وأقول له: إن ما قمت وأقوم به من أجل فلسطين هو أقل من الواجب، فنحن نحاول أن نصل إلى الحد الأدنى، ولم نصل إليه من أجل نصرة هذه القضية، التي أعتبرها قضيتي، أنا لا أمتن على أحد بهذا، ولا يجوز لأحد أن يشكرني، لأنه كما يقول الناس لا شكر على واجب، هذه قضية كل مسلم لي كتاب اسمه "القدس قضية كل مسلم"، فهي قضية كل مسلم فعلاً، وأنا يعني كم أتمنى لو.. لو كان عندي من الصحة والقدرة ما أستطيع به أن أذهب وأشارك الإخوة هناك، أنا أعظم ما أتمناه الآن في حياتي أن يختم الله لي بالشهادة، ولعلها تكون شهادة على أيدي الصهاينة، ففلسطين هي جزء منا ونحن جزء منها، نحن حينما نقدم ما.. ما.. ما نقدم نشعر، والله أشعر بالخزي إن هذا ليس هو الواجب علينا، القضية قضية الأمة كلها، وكل واحد يجب أن يبذل لهذه القضية.
وحيَّا الله الإخوة في حماس، وفي الجهاد، وفي كتائب الأقصى، وفي كل الفصائل الفلسطينية، وحيَّا الله هذا الشيخ القعيد المقعِد، هو قعيد، ولكنه أقعد الإسرائيليين وزلزل الأرض من تحت أقدامهم، الشيخ أحمد ياسين، أسأل الله أن يبارك في حياته وأن يمده بروح القوة وقوة الروح، وأن يبارك في إخوانه وأجناده جميعاً، اللهم آمين.
طبيعة الحرب النفسية ضد المسلمين
بالنسبة للحرب النفسية الحقيقة الحرب الآن لم تعد حرب السلاح وحدها، الحرب لها أسلحة شتى، ومن الأسلحة الحرب الاقتصادية، ولذلك إحنا بندعو إلى المقاطعة ومن.. ومن ضمن الأسلحة الحرب الثقافية والفكرية، الآن المعركة بين فكر وفكر الآن، يعني أصبح هو هناك الإسلام أصبح هو المتهم، وأصبح يُراد تغيير الثقافة الإسلامية، يراد إلغاء كلمة الجهاد من قاموس الحياة الإسلامية والثقافة الإسلامية، يعني ما نادت به القديانية من قديم يريدون أن يطبقونه ودون أن يعلنوا هذا، احذفوا الـ.. هذا اللي بيسموه تجفيف المنابع، وللأسف.. في بلادنا الإسلامية بعض الناس تتبع هذا، فهي حرب ثقافية، حرب فكرية من ناحية وحرب نفسية يراد بها توهين نفوسنا، الجانب النفسي في هذه المعركة له أهمية كبرى، حتى إن النبي –عليه الصلاة والسلام- لما تحدث عن دور الأمة حينما تكون في مرحلة الغثاء، وإن ينزع من صدورها مهابة الأعداء، ويقذف في قلوبها الوهن، سأل الصحابة: ما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت، هذا عامل نفسي، حب الدنيا ده أمر نفسي، وكراهية الموت أمر نفسي، فهم يريدون منا أن نحب الدنيا، يحب كل واحد مصلحته، ويعيش لنفسه، وحتى البلاد، كل بلد ترعى مصلحتها.. الإقليمية، يقول لك: هذا بناءً على المصلحة العليا، المصلحة العليا لبلده، لقطره مش المصلحة العليا للأمة ككل، هم يعني أوهموا، هذا نوع من الحرب، حرب نفسية، إدخال مفاهيم جديدة تروج يعني عندنا و.. ومن هذه المفاهيم إنه الانتفاضة دي جلبت الخسائر و.. هذا كله من الحرب النفسية على هذه الأمة، والحرب النفسية يقودها الإعلام، وهم عندهم أجهزة إعلامية قوية، لا يوجد عندنا مثلها، يعني نحن هنا في (الجزيرة) نقوم بدور أعتقد إنه طيب والحمد لله، ولكن (الجزيرة) تتكلم باللغة العربية، ولا تصل إلى القوم الذين يتكلمون بالإنجليزية، وحتى لو أردنا أن نحدِّث الأميركان، هو لا.. لن يفتحوا قنواتنا ولن يستمعوا إلى محطاتنا، هم يحتاجون إلى من يكلمهم في بلادهم، في محطاتهم، وفي قنواتهم، هذا يحتاج إلى أن نرصد من أموالنا ومن هذه المليارات التي تضيع هنا وهناك، وهناك مليارات ومئات المليارات موجودة في أميركا، وأعتقد إن العرب لا يملكون إنه يسحبوها إن شاءوا..
ماهر عبد الله: هل.. هل..
د. يوسف القرضاوي: علينا أن نأخذ من هذه المليارات، ونعد آلة إعلامية كبرى تُهيَّأ فيها الأنفس لحرب مقابل الحرب، ويعني كما يعني يفلعون يجب أن.. أن نفعل، كان سيدنا أبو بكر قال لسيدنا خالد: "حاربهم بمثل ما يحاربونك به، الرمح بالرمح، والسيف بالسيف، والنبل بالنبل" ونحن أيضاً الكلمة بالأيه؟ بالكلمة، والصورة بالصورة، والدراما بالدراما، علينا أن ندخل هذه الحرب، ونخوضها بقوة وجدارة.
ماهر عبد الله: هل تعتقد –كما قال الأخ خالد نعمان من سوريا- أن أهل الخليج مستهدفون في المقام الأول، وهم يدركون ذلك، ولكن مضطرون لإعلان نوع من الولاء لأميركا؟
د. يوسف القرضاوي: إن أيه؟
ماهر عبد الله: ذكر أن حكام الخليج العربي تحديداً مستهدفون أكثر من غيرهم بالمواجهة.
د. يوسف القرضاوي: طبعاً لأن هو النفط هو يعني هناك تحليلات في الموقف الأميركي إن المسألة ليست مسألة إرهاب وليست مسألة بن لادن، وليست.. ولكن المسألة كلها مسألة يعني اقتصادية، يريد الأميركان أن يسيطروا على اقتصاد العالم ويسيطروا على النفط في العالم في بلاد الخليج، وفي بحر قزوين، وفي غيرها، ولذلك يريدون أن يتحكموا في منطقة الخليج، وأن يجعلوا حكام الخليج طوع أمرهم، وهو يعني صدام حسين، كراهة صدام حسين، ليس لأنه ضرب الكويت أو كذا، هو طبعاً لاشك إنه أخطأ وكان أحمق في ضرب الكويت، وهم الذين أغروه بضرب الكويت، أميركا وسياسة أميركا هي التي حرضته من وراء ستار وبطريق خفي، وشجعته على أن يفعل هذه الفعلة ليحطموا هذه القوة العربية الإسلامية، وكما قلت هذا من أجل إسرائيل، أنا مع الأخ خالد نعمان الذي قال إن العراق.. العراق فعلاً قوة.. هم وإحنا ذكرنا هذا في الأسبوع الماضي وفصلنا القول فيه، إنه المقصود ضرب العراق من أجل إسرائيل، وحماية إسرائيل، وخدمة إسرائيل، وليس لأي شيء آخر، هذا ينبغي أن يكون واضحاً لنا.
ماهر عبد الله: طيب، نسمع من الأخ منذر الخالدي فيما سيكون مكالمتنا الأخيرة، الأخ منذر، اتفضل.
منذر الخالدي: معاك الدكتور منذر الخالدي.
ماهر عبد الله: أهلاً بيك.
د. يوسف القرضاوي: أهلاً وسهلاً.
منذر الخالدي: وأحييكم، وتحية خاصة للأخ الدكتور الشيخ العالم يوسف القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
منذر الخالدي: حقيقة أنا أتابع البرنامج من دولة الإمارات هنا باستمرار، وأُحيي فيه الشيخ إخلاصه ودقة كلامه وألفاظه وموضوعيته، الحقيقة أنا أدعو بقية علماء المسلمين.. وجرأته على.. في الحق، ولا يخاف في الله لومة لائم، حتى يتبعه بقية العلماء الأفاضل في العالم الإسلامي، وهذا كلام أدعو إليه كل علماء العالم الإسلامي أن يكونوا جرءاء في الحق، يعني عندهم جرأة في الحق، كما تفضل يعني الشيخ يوسف القرضاوي جزاه الله خيراً.
ثانياً: أدعو إلى ترجمة ما يقول، كل كلمة يقولها كلام طيب جداً جداً، لا يفهمه غير العرب، الأجانب مثلاً واللغة العامة في العالم تقريباً اللغة الإنجليزية، لا نستهين بالبرامج الأخرى أو المجلات أو الجرائد في لغات.. في الدول الأخرى، أدعو إلى ترجمة هذه المحاضرات إما بشراء محطات، وهذه ليست كثيرة إطلاقاً، وكما أشكر الوليد بن طلال في السعودية الذي تبرع بعشرة ملايين دولار أميركي منه لضحايا 11 سبتمبر، ثم رُفضت، هذه بتشتري فيها ثلاث محطات أميركية، وتوجه للأميركان، لماذا لأ؟ يعني هذا شيء، هذا واحد من العالم الإسلامي، فما بالك ببقية أغنياء العالم الإسلامي؟
ماهر عبد الله: طب أخ.. أخ منذر.. أخ منذر، مضطر..
منذر الخالدي: وكنت قد كتبت.. كتبت مقالة في جريدة "الخليج العربي" سابقاً كيف تحول (تشارلز ريس) أكبر رئيس تحرير مجلة في "أورلندو سنتر" يوزع منها نصف مليون نسخة يومياً من مؤيد إلى اليهود وعدواً للعرب إلى مؤيداً للعرب والمسلمين وضد اليهود.
ماهر عبد الله: طيب أخ.. أخ منذر، يعني مشكور جداً على هاي المداخلة، أدركنا الوقت.
سيدي، يعني فيما تبقى من دقائق ثلاثة أو أقل، لو عدنا للسؤال السابق، ممكن نعلق على كلام الأخ منذر لاحقاً، ابن عيينه.. هل يجري العالم اليوم سياسات (جورج بوش) كما سمته بالحرف الأحمق المطاع، لا يعرف كيف يتصرف، يتخذ قراراته وعلى العالم أن يتحمل نتائجها، هل تتفق مع تحليل الأخت أم عبد الله؟
د. يوسف القرضاوي: هو ليس فقط، يعني هو عيينه بن حصن، وليس هو مجرد أحمق ومطاع، ولكن هو مستكبر في الأرض بغير الحق، يعني أنا أقرأ في هذا قول الله تعالى: (كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى) كما أشار أحد الإخوة إن أميركا بَنَت أكبر اقتصاد في العالم، وأقوى قوة عسكرية في العالم، وتملك أقوى قوة علمية وتكنولوجية في العالم، وهي تستخدم هذه النعم التي أفاء الله عليها لا تشكر هذه النعم، ولكن تستخدمها في الإضرار بخلق الله وفي الاستكبار على خلق الله، هم أشبه بقوم عاد الذين ذكرهم القرآن، حينما قال: (فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً) فهذا طغيان الاستغناء أو طغيان رؤية الاستغناء.
(كَلاَّ إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى أَن رَّآهُ اسْتَغْنَى).
ماهر عبد الله: مثبطو العزائم؟
د. يوسف القرضاوي: نعم؟
ماهر عبد الله: مثبطو العزائم، تحدث عنهم الأخ هادي من السعودية، هناك علماء.. مشايخ يستغلون المنابر، المحطات الفضائية، الصحف لتثبيط عزائم الأمة بحديث عن..
د. يوسف القرضاوي: ما أظن إن علماء يعني يستخدمون منابر في تثبيط يعني عزائم الأمة، الذين يثبطون عزائم الأمة ليسو هم المشايخ حقيقةً، وإنما هناك طائفة من الإعلاميين والسياسيين وممن يزعمون أنهم يدعون.. يدعون إلى السلام، جماعة (كوبنهاجن)، وأمثال هؤلاء الذين يقولون إن السلام هو الخيار الاستراتيجي الوحيد، ويريدون السلام كما تفرضه إسرائيل، وكما تمليه إسرائيل، هؤلاء هم الذين يثبطون الأمة، وهم يعني يستكثرون أي شيء تُضحي به الأمة أو يضحي به الإخوة في فلسطين، ونحن نقول لهؤلاء ما قاله الله تبارك وتعالى: (وَلاَ تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ القَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ)، هم يألمون، ويتعبون، ويضحون أيضاً كما نضحي، ولكن نحن نرجو من الله ما لا يرجون، ونحن أصحاب حق ندافع عن حقنا، وصاحب الحق لا يستكثر أي تضحية من أجل حقه، ولن يضيع حق وراءه مطالب، ووراءه باذل ومضحي إن شاء الله.
ماهر عبد الله: عشر ثواني الأخت أم عبد الله كيف تطمئنها على ما ترى من أوضاع سيئة توحي لها بأن التبرعات لا تصل؟
د. يوسف القرضاوي: والله أنا أقول لها: ادفعي يعني لائتلاف الخير، وإن شاء الله ائتلاف الخير عنده من القنوات ما يستطيع به أن يوصل، وأعتقد أن الجهات الخيرية المختلفة تحاول بطريقةٍ أو بأخرى رغم العقبات والعراقيل التي لا تخفى علينا، يحاول الجميع أن يوصل معوناته إلى هؤلاء الإخوة، وإن شاء الله ربنا يبارك في القليل الذي يصل، والمهم أن يصل إلى اليد المستحقة.
ماهر عبد الله: طيب سيدي، شكر الله لك، والأخ منذر يعني نطمئنك أنه هذا البرنامج وبعض البرامج الأخرى كبداية تُترجم مكتوبة في الإعادة الثانية، نرجو أن تكون هذه البداية لتعميم هذا المشروع.
إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم، تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله –تعالى- وبركاته.