الشريعة والحياة

المجلس الأوروبي للإفتاء

تعيش الجاليات الإسلامية المهاجرة بمعزل عن أي مؤسسات دينية حكومية، ويفتقد الدين نفسه الاعتراف القانوني. لهذا تتكثف الجهود لإيجاد مؤسسات بديلة تحاول أن تملك من المصداقية ما يؤهلها أن تشكل مرجعية دينية رسمية لملايين المسلمين.
مقدم الحلقة ماهر عبد الله
ضيف الحلقة – الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، داعية إسلامي
تاريخ الحلقة 11/02/2001

undefined
undefined

ماهر عبد الله:
أعزائي المشاهدين.. سلام من الله عليكم وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة). حلقتنا لهذا اليوم موضوعها المجلس الإسلامي.. المجلس الأوروبي للافتاء، وهو مجلس يحاول أن يكون.. يعني للذين منكم لا يعرفون الوضع تماماً في أوروبا الغربية وأميركا لا توجد هناك وزارات للأوقاف تنظم شؤون المسلمين وتقدم الجانب الرسمي -إذا جاز التعبير- للإسلام ولما يتعلق بحياة المسلمين، جزء من تنظيم الجالية المسلمة لنفسها خارج العالم الإسلامي يتمثل بإقامة العديد من المنظمات التي تحاول أن تقوم بدور المؤسسات الرسمية التي نأخذها كمسلمات في حياتنا في المشرق العربي. المجلس هو أحد هذه المحاولات لإيجاد نوع من المرجعية للجالية الإسلامية لتقديم نوع من الدين الرسمي -إذا جاز التعبير مع التحفظ الشديد على هذه العبارة -المجلس لا يزعم أنه يمثل كل المسلمين، لكنه محاولة جادة باتجاه تمثيل أكبر عدد ممكن من الجاليات المسلمة على الأقل في المرحلة الحالية في أوروبا الغربية.

يسعدني أن يكون معي لهذا اليوم رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء فضيلة علامتنا وإمامنا الشيخ يوسف القرضاوي، مولانا أهلاً بك مجدداً في الشريعة والحياة.

د. يوسف القرضاوي:
أهلاً بك يا أخ ماهر، وحفظك الله.

ماهر عبد الله:
إحنا الآن يعني اليوم لأغراض هذه الحلقة سنتعامل معك كرئيس المجلس الأوروبي للإفتاء. نبدأ بتعريفه باختصار شديد، ما هو المجلس؟

د. يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد.. فلا شك أن هناك مسلمين يعيشون داخل دار الإسلام أو داخل المجتمع الإسلامي أو الوطن الإسلامي، وهناك مسلمون آخرون يعيشون خارج المجتمع أو المجتمعات الإسلامية أو خارج ما يسميه الفقهاء (دار الإسلام)، وهؤلاء هم الذين تحدثنا عنهم يعني في حلقة سابقة أو أكثر من حلقة ما نسميه (فقه الأقليات المسلمة).

إعلان

ماهر عبد الله:
المهاجرة.. نعم.

د. يوسف القرضاوي:
وإن كان بعض إخواننا معانا في المجلس الأوروبي يعني لا يحبون أن نطلق عليهم الأقليات المسلمة، لأن بلادهم فعلاً هي بلاد مسلمة، مثل المسلمين في ألبانيا والمسلمين في كوسوفو والمسلمين.. يقول لك: بلدنا بلد إسلامي يعني نحن في بلد إسلامي، وإن كان.. حينما كان مع يوغسلافيا أو مع كذا كان أقلية. فعلى كل حال مسألة الأقلية والأكثرية هي مسألة نسبية، إنما لا شك أن هناك مسلمين في أوروبا الغربية والشرقية، نحن نحاول أيضاً أن نمثل المسلمين في أوروبا الشرقية أيضاً، لأن المسلمين في ألبانيا وفي البوسنة والهرسك معانا من يمثلهم أيضاً. فالمسلمون حينما بدؤوا يحسون بهويتهم الإسلامية، ويشعرون بانتمائهم للأمة الإسلامية نتيجة الصحوة الإسلامية التي أدركت المسلمين في هذا العصر، وعمت المشارق والمغارب، وأحس بها المسلمون داخل دار الإسلام وخارج دار الإسلام، هذه الصحوة جعلت المسلمون ينتبهون إلى ذاتيتهم ويحاولون أن يعودوا إلى إسلامهم، يعني وهذه جعلتهم يؤسسون مؤسسات لتشعرهم بهذا الانتماء الإسلامي وتربطهم بالإسلام الصحيح، فبدؤوا ينشؤون المساجد، وبدؤوا ينشؤون المدارس، وبدؤوا ينشؤون الأندية، وبدؤوا ينشؤون الاتحادات والروابط، وكان من هذا مثلاً في أوروبا اتحاد المنظمات الإسلامية، وكان فيه اتحاد الطلبة المسلمين والجمعيات الإسلامية المختلفة، وكان في أميركا أيضاً اتحاد الطلبة المسلمين الـ M.S.E، وهو الذي أنشأ عدة مؤسسات مثل، الجمعية الطبية الإسلامية، ومثل رابطة علماء المسلمين الاجتماعيين، ومثل رابطة العلماء والمهندسين المسلمين، والوقف الإسلامي وأشياء وأشياء كثيرة. هذه المؤسسات هي في الحقيقة نتيجة الوعي بأن هناك أمة مسلمة أو يعني جماعة.. جماعات مسلمة لا تريد أن تنفصل عن إسلامها، كان هذه المؤسسات دليلاً على حيوية الأمة وأنها.. أو حيوية الجماعة الإسلامية وإن فات العصر اللي كل واحد كان يعيش فيه لوحده، بدؤوا ينتظمون في جماعات وبدأت هذه الجماعات تنشئ مؤسسات، فكان من هذه المؤسسات التي رأى الإخوة في أوروبا أنهم في أشد الحاجة إليها إنشاء مجلس للأوروبيين سميناه (المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث)، هو من حوالي أربع سنوات في ذو القعدة 1417هـ اجتمع الأعضاء المؤسسون معظمهم من علماء أوروبا، ودُعي بعض العلماء من الشرق الذين لهم اهتمام أيضاً بهذه الأقليات المسلمة، وعلى فكرة أنت ديماً تقول الجاليات ونحن اتفقنا على أن كلمة (الجاليات) دية ينبغي أن لا تستخدم لأن كلمة جلا يعني أنه يعني شخص غير مستقر.

ماهر عبد الله:
طيب ماذا سميتموها؟

د. يوسف القرضاوي:
الأقليات.

ماهر عبد الله:
الأقليات.

د. يوسف القرضاوي:
نسميها الأقليات أو نسميها المسلمين في غير المجتمع الإسلامي.

ماهر عبد الله:
طب ذكرت فضيلتك العلماء الذين أتوا من المشرق أنا عايز فقط ألفت انتباه الإخوة المشاهدين أن هناك استفتاء على الصفحة الرئيسية للجزيرة نت حول مقدرة علماء المشرق الذين يزورون بلاد الغرب بحاجاتهم المختلفة، مقدرتهم على استيعاب القضايا والمستجدات، العنوان تجدونه للجزيرة نت على الشاشة الآن، السؤال المعروض للاستفتاء هو: هل يستطيع فقهاء الشرق استيعاب القضايا والتطورات الفقهية لمسلمي الغرب؟ هذا موجود على الصفحة الرئيسية.

إعلان

د. يوسف القرضاوي:
لكن هذا يحتاج.. هذا السؤال -الحقيقة- يحتاج إلى شرح، لأن ليس كل عالم في الشرق قادراً على استيعاب أحوال المسلمين في الغرب، الإخوة حينما دعوا دعوا علماء معينين ممن لهم اهتمام بهذه الأمور، ولهم زيارات متكررة إلى العالم الغربي، فيعني الاستفتاء الحقيقة يعني لا أراه واضحاً لأن إذا قلت أي عالم في الشرق يروح الغرب، لأ مش يعرف إنما العلماء الذين..

ماهر عبد الله:
طب ما هذا ما سنوضحه لكن بعد هذا الفاصل حتى يصبح الاستفتاء أكثر مفهومية.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله:
أعزائي المشاهدين مرحباً بكم مجدداً في هذه الحلقة التي نتحدث فيها عن المجلس الأوروبي للإفتاء والذي يحاول أن يكون بديلاً للأقليات المسلمة في العالم الغربي أو على الأقل كبداية في أوروبا الغربية، كنا قبل الفاصل قد أشرنا إلى استفتاء يجري على الصفحة الرئيسية لصفحة الجزيرة نت حول علماء الشرق ومقدرتهم على استيعاب قضايا الغرب، سأقرأ السؤال مرة أخرى لأن فضيلة إمامنا القرضاوي له تعليق عليه، السؤال يقول: هل يستطيع فقهاء الشرق استيعاب القضايا والتطورات الفقهية لمسلمي الغرب؟ مولانا كان لك تحفظ على..

د. يوسف القرضاوي:
أيوه.. نعم، لأن أنا أقول ليس كل علماء الشرق قادرين على استيعاب القضايا في الغرب، هؤلاء العلماء يعني علماء مخصوصون لهم اهتمام بالغرب، ومعرفة به، يعني أنا مثلاً نائبي هو الشيخ فيصل المولوي القاضي والمستشار في لبنان، والذي عاش في فرنسا سنوات طويلة مستشاراً للأقليات المسلمة هناك، وعرف هذه القضايا يعني تماماً، مثلاً الشيخ عبد الله بن بيَّه وهو وزير سابق في موريتانيا وكان نائب رئيس الوزراء، ويعرف الفرنسية جيداً، ويتردد على أوروبا، مثلاً الشيخ محمد تقي العثماني وهو مستشار وعضو المحكمة العليا في باكستان ونائب رئس المجمع الفقهي، ويعرف الإنجليزية جيداً، ويتردد على أميركا وأوروبا كثيراً، الدكتور عبد الستار أبو غدة، الدكتور عصام البشير، كل هؤلاء ليسوا مجرد علماء، يعني أنت إذا كنت هتستفتي.. استفتي، هل العلماء الذين من الشرق في المجلس الأوروبي -يعني الاستفتاء يكون على- هؤلاء قادرون على استيعاب القضايا هناك أو لا؟

ماهر عبد الله:
طب هذا الإيضاح يعني جزاك الله خيراً عليه، وكان المقصود به هو التالي: أنه ثمة مبرر لإيجاد هذا المجلس باختيار أناس من المشرق ملمين بقضايا المغرب، أما الذين يزورون..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
نعم، بشرط أن لا يطغوا على المجلس،يعني تكون الأكثرية دائماً للعلماء الذين يقيمون في أوروبا.

ماهر عبد الله:
المحليون، نعم.. طب باعتقادك إلى أي مدى هناك فجوة بين التيار العام للغالب الفقهي في الشرق مقابل ذلك الموجود في الغرب خارج ديار الإسلام؟ ذكرت مجموعة حيثيات منها وعي الجالية المسلمة، منها تطور بعض القضايا، إذاً لماذا نؤسس هذا.. لماذ لا نستورد علماء؟ لماذا لا نستضيف علماء؟ كلما فتحنا مسجد كانت العادة أن نحضر إذا كنا أقلية باكستانية نحضر عالماً من الباكستان، أقلية عربية.. لماذا لا نلجأ إلى هذا الأسلوب؟

د. يوسف القرضاوي:
لأ.. هذا معناه أنّا سنفرق المسلمين إلى جنسيات مختلفة، يكون الباكستانيون وحدهم، والمغاربة وحدهم، والخليجيون وحدهم، وأهل الشام وحدهم، وأهل مصر والسودان وحدهم، وهذا للأسف موجود للأسف بعضه، يعني حتى في بعض المساجد يقول لك: دا مسجد تركي، دا مسجد مغربي، دا مسجد سعودي، دا مسجد مصري، هذه.. حتى المساجد بقى لها جنسية!! (وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً) لأ نحن نريد أن نوحد الفهم، ونريد أن يعيش المسلمون في هذه البلاد باعتبارهم مجموعة واحدة. من آفات المسلمين هناك -وهو ما يجب على هذا المجلس وغيره من المجالس أن يعيه ويعالجه- أنه المسلمين ذهبوا إلى هذه البلاد مشبعين بأفكارهم التي نبتت في ديارهم الأصلية، فالباكستاني رايح بالأفكار الباكستانية، والمصري رايح بأفكاره المصرية، والخليجي.. ولكن أنت رايح تعيش في أوروبا مش رايح تعيش في الخليج ولا رايح تعيش في باكستان.. أو في أميركا، فلازم تعيش في هذه البلاد وأنت تستحضر أنها بلاد أخرى لها ظروفها ولها يعني ملابساتها المختلفة، ويجب أن نعيش فيها أفراداً نحاول أن نكون كأهلها، طبعاً مع احتفاظنا بالشخصية الإسلامية وجوهر الشخصية الإسلامية.

إعلان

ماهر عبد الله:
هل ما تفضلت به في الجزء الأخير له علاقة باشتراطك أن لا يكون أغلبية أعضاء المجلس من المقيمين.. من الوافدين؟ لماذا اشترطت هذا الشرط أن لا يطغى؟

د. يوسف القرضاوي:
دا أنا مش اشترطته، دا هو النظام الأساسي أو اللائحة الأساسية للمجلس اشترطت.

ماهر عبد الله:
لماذا اشترطت؟.. يعني ماذا كان الهدف؟

د. يوسف القرضاوي:
حتى يعني لا نغلَّب أناساً ربما يعني يقال: هؤلاء جايين من الخارج ولا يعرفون أوضاع أوروبا، فلكي يظل الأغلبية تظل الأغلبية هم الذين يعيشون في أوروبا ومن رضوه من المؤسسين معهم.

ماهر عبد الله:
هل يسعى المجلس في سنواته القليلة التي مضت لأن يحصل على نوع من الاعتراف سواء من الحكومات الأوروبية أو حكومات المشرق؟ كيف ترون علاقة المجلس في المستقبل مع الحكومات في المشرق والمغرب؟

د. يوسف القرضاوي:
هو الآن المجلس إحنا كان في أول الأمر كان مقره في بريطانيا، ولكن الآن نقلنا مقره إلى (دبلن) في أيرلندا حيث هناك المركز الإسلامي الذي تشرف عليه هيئة مكتوم الخيرية، وتبنت هذه الهيئة وتبنى المركز الإسلامي هناك أنه يعني.. ينفق على هذا المجلس، لأنه كان في الحقيقة نحن كنا نجد حرجاً ومشقة في كل دورة نحتاج إلى من يصرف على هذه الدورة، ومن يبعث التذاكر إلى الأعضاء، الأعضاء متبرعون، يعني لا يأخذون مكافآت ولا أجوراً، إنما محتاجين إلى التذكرة، محتاجين إلى الإقامة فترة المدة أربع.. خمسة أيام، فكنا في كل مرة الحقيقة نجدد يعني مشقة، فجاء هذا المركز الإسلامي في (دبلن) وجزى الله هيئة مكتوم الخيرية والشيخ حمدان بن راشد المكتوم جزاهم الله خيراً تبنوا هذا الأمر، وعلى هذه الأساس سعينا إلى تسجيل هذا المجلس في أيرلندا، وفعلاً جاءنا ونحن في هذه الدولة السابعة منذ أسبوعين أو ثلاثة جاءنا الاعتراف بـ .. الأولي بهذا المجلس، وبعد ذلك نحاول نسجله في الاتحاد الأوروبي كمؤسسة أوروبية.

ماهر عبد الله:
طب بس استيضاح.. اسمح لي على الاستيضاح على موضوع الاعتراف والتسجيل، هل تقصد أنه في العالم الغربي تسجل كجمعية خيرية، لكن ليس بالضرورة أن تعتبر مرجعاً للمسلمين بعد ذلك، هل تسعون إلى تحقيق نوع من الاعتراف؟

د. يوسف القرضاوي:
نعم لا.. إحنا نريد أن نخاطب الجهات الرسمية نعاملهم أن دي هيئة علمية معترف بها من المسلمين وهكذا، وهذا موقوف على المسلمين تجاوب المسلمين أيضاً معها، ونسجلها في الاتحاد الأوروبي على هذا الأساس.

ماهر عبد الله:
ثمة معوقات بلا شك تعترض أي عمل ناشئ، يعني ستقبلون على مرحلة ستزعمون فيها أنكم تمثلون المسلمين، ثمة مؤسسات رسمية عربية، ثمة سفارات لها عملها الإسلامي الخاص. أي نوع من العقبات واجهكم في السنوات القليلة الماضية؟

د. يوسف القرضاوي:
لأ، إحنا حتى الآن يعني نمضي في طريقنا، ونحن لا نزعم أننا يعني بديل لأحد، يعني إحنا البعض يقول: طب أنتو علاقتكم إيه؟ طب ما هو فيه مثلاً مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر، وفيه المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي وفيه المجمع الفقهي المنبثق عن منظمة المؤتمر الإسلامي، مجمع الفقه الدولي، فأنتو إيه؟ فنقول: نحن لسنا بديلاً يعني لهذه المؤسسات ولا هذه المجامع الفقهية، نحن مجمع متخصص، يعني لأن إحنا مهتمين بقضية خاصة وهي قضية المشكلات الفقهية التي يتعرض لها المسلمون باعتبارهم أقليات في أوروبا، وهذا ينفع المسلمين في البلاد المختلفة، فلذلك أنا أقول الخاص لا يناقض إيه؟ العام.

ونحن بنستفيد، يعني من ضمن مراجعنا ما وصلت إليه المجامع الفقهية المتخلفة، يعني إحنا في قضية مثلاً بحثنا قضية التأمين، خدنا ما قرره المجمع الفقهي الدولي في قضية التأمين على الأشياء وهكذا، في الذبائح خدنا.. في.. فبناخد أيضاً ما وصلت إليه..

ماهر عبد الله:
هذا على الصعيد العلمي والفقهي البحت أنتم تستفيدون من فتاوى السابقين، لكن كيف تصف لي -باختصار- علاقاتكم بهذه المجامع كتنظيم مع تنظيم، كهيئة مع هيئة، هل ثمة علاقات، أم هي فقط استفادة من علم نُشر؟

د. يوسف القرضاوي:
لا إحنا بندعوهم إلى الحضور، وكان.. بدأت بيننا وبينهم مراسلات ندعوهم ليحضروا، ولكن يعني يبدو أنه لم يتح لنا حتى الآن أن يحضر هؤلاء، دعونا ممثل رابطة العالم الإسلامي السابق الدكتور العويد، ودعونا -حتى- وزير الأوقاف في المملكة العربية السعودية في هذه الدورة، ولكن لم تساعده الظروف، ودعونا الدكتور الشيخ محمد الحبيب.. (الخوجة) الأمين العام للمجمع الفقهي الدولي، فبنحاول ندعوهم ليحضروا ولكن إحنا عندنا دورتان في العام، عادة المجامع الفقهية بتعمل دورة في كل عام وأحياناً حتى يمكن في كل عامين على ما..، إحنا بنعمل دورتين لأن فيه حاجات كثيرة وأسئلة كثيرة و..

إعلان

ماهر عبد الله [مقاطعاً]:
طب.. اسمح لي يعني ماذا تقصد بدورة أو دورتين؟ ما هو المقصود بالدورة؟

د. يوسف القرضاوي:
الدورة أن يجتمع أعضاء المجلس ويبحثوا في القضايا المطروحة عليهم، ومن قبل ذلك يعدون يعني بحوثاً حول الموضوعات يعني تناقش في أثناء الدورة أو أثناء المجلس.. يعني دورة المجلس وهي عدة أيام حوالي أربعة أيام تقريباً، ويتخذون فيها قرارات أو يؤجلونها، عندنا بعض الأشياء أجلت يعني ثلاث.. يمكن ثلاث دورات، يعني قضية إسلام المرأة يعني وبقاء زوجها على دينه، يعني قدمنا فيها بحوث ولكن وجد أنها تحتاج إلى مزيد من الدراسة ومزيد من الإنضاج، فأحياناً نؤجل الموضوع وأحيانا تتخذ يعني فيه توصية أو فتوى أو قراراً.

ماهر عبد الله:
سيدي سنواصل هذا الحوار لكن بعد هذا الفاصل.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله:
إلى أي مدى -مولانا- يمكن أن نتحدث عن خصوصية أوروبية عندما نتعاطى فقهياً مع هذه الأقليات؟ هل ثمة خصوصيات تقتضي نوع من يعني.. تفضلتم سابقاً عن إقامة طويلة.. عن إلمام..، وصلني من قليل فاكس يتحدث عن ترجمات غير دقيقة مثلاً للقرآن الكريم، ثمة خروج عن أحكام مألوفة، فضيلتكم ذكرتم في حلقة سابقة عن الاستدانة من البنوك من أجل شراء أو بناء المنازل، هل هذه حالات خاصة أم ثمة حالة تقتضي التخصيص الأوروبي؟

د. يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، لا شك أن هناك أشياء يتفق فيها المسلمون خارج العالم الإسلامي مع المسلمين داخل العالم الإسلامي، هناك هموم عامة وقضايا مشتركة وأشياء، ولكن هناك خصوصيات يعني تحدثها يعني هذه الظروف الخاصة بوجود أقلية في جوار أكثرية، يعني هذه طبيعة كل الأقليات لها هموم بجوار الأكثريات، ومنها الأقلية الدينية، والمسلمون بالذات أقلية متميزة لأنها أقلية حريصة على دينها، لها خصوصيتها الدينية، لها فرائضها التي يجب أن تؤديها، عندها محرمات يجب أن تجتنبها، عندها أنظمة يجب أن تحكمها في الزواج، في الطلاق، في الميراث، يعني في المعاملات، فيه فكرة الحلال والحرام موجودة عندهم، في الطعام، في الشراب، في اللباس، يعني فهذه الأشياء يعني تحكم المسلم أينما ذهب، وفي داخل البلاد الإسلامية لا يجدوا إشكالاً كثيراً، وإن كان أحياناً الآن بعد أن أصبح كثير من البلاد تتبنى العلمانية هناك محنة للفرد المسلم في المجتمع غير الملتزم بالإسلام، فما بالك بالمجتمع غير المسلم نهائياً؟ هناك محنة أكبر فلابد أن يتعاون أفراد هذه المجموعة على أن يعيشوا مسلمين، هناك مشكلة إن البعض قد يرى إنه الخلاص من هذه المآزق أن يعتزل المجتمع من حوله، ويعيش وحده، أو يعيش في قعر داره ولا علاقة له، ويحبس نفسه ويحبس أولاده ويحبس زوجته عن المجتمع، وهذه هي عملية خطرة، لأنه غير ممكنة وإلا تموت، يعني لابد أن تدخل مع المجتمع وتؤثر فيه وتتأثر به، ولكن لازم يكون عندك حصانة، يعني بحيث إن لا يستطيع المجتمع أن يذيبك فيه. فمن ذلك كانت هناك هذه المعادلة الصعبة، إن كيف التفاعل مع المجتمع بلا ذوبان، والمحافظة بلا انغلاق، كيف نحافظ على ذاتيتنا الدينية والإسلامية دون أن ننغلق وننعزل، وكيف نتفاعل مع المجتمع دون أن نذوب فيه.

فمهمة هذا المجتمع إنه يساعد هذه المجموعة المسلمة على أن يتعايشوا مع الآخرين في ظل إسلامهم، وفي ظل يعني فقه إسلامي صحيح، يقوم على التيسير، وعلى التدرج، وعلى الواقعية، وعلى مراعاة الظروف والحاجات والضرورات، ويأخذ من المذاهب الإسلامية كلها ومن الثروة الفقهية الإسلامية، لا يلتزم بمذهب واحد يقلده ويترك كل المذاهب، لأ.

ماهر عبد الله:
على ذكر المذاهب –لو سمحت- لي هل فعلاً تمثل، أم أنكم تختاروا يعني ثمة شيعة في المهجر، ثمة أحناف كثر في المهجر، ثمة شوافع كثر في المهجر، هل هذه المذاهب ممثلة أصلاً أم الهيئة تختار من المذاهب وهي في الخارج؟

د. يوسف القرضاوي:
لأ، هو العلماء الموجودين بيمثلون المذاهب المختلفة، يعني بطبيعة الحال، منهم المالكية، ومنهم الحنفية، ومنهم الشافعية، ومنهم الحنابلة، موجود كل هؤلاء، لعله لا يوجد يعني معنا الشيعة لأن الشيعة لهم مرجعيتهم الخاصة، فيعني فهم بيرجعوا إلى مراجعهم وإلى شيوخهم، وربما في المستقبل قد يفكر في شأن كهذا. لكن نحن نريد إنه يكون أمامنا هذه التركة الضخمة وهذه الثروة الهائلة من الآراء الفقهية والأقوال المختلفة التي يعني تمثل ثراء هائلاً، فقد يضيق مذهب ببعض القضايا ويتسع لها المذهب الآخر.

ماهر عبد الله:
في هذه النقطة تحديداً إلى أي مدى يمكن لك أن تطمئنني وتطمئن الإخوة المشاهدين أن البحث العلمي يجري، يعني ليس.. هل كل العلماء مدخلهم إلى العملية الفقهية مثل مدخل الدكتور يوسف القرضاوي؟ إلى أي مدى يكون البحث جدي وحقيقي في البحث عن الحلول من داخل هذا التراث؟

د. يوسف القرضاوي:
والله أنا يعني كل الإخوة الذين معنا في المجلس أعتقد أنهم جميعاً يؤمنون بهذه الفكرة، إنه الصواب لا يشتمل عليه مذهب واحد، وإن هذه المذاهب كلها ملك للمسلمين عامة، وأننا قد نجد مذهباً يسد علينا الطريق في قضية ونجد مذهب..، يعني مثلاً أضرب لك مثل: سألنا عدد من المسلمين إن هناك كثيراً من الناس يدخلون في الإسلام، وبعدين يموت قريب لهم، يعني طيب ماذا يفعل المسلم في هذه الحالة؟ قد يكون واحد مسلم ومراته غير مسلمة مسيحية ماتت، هل يرثها أو لا يرثها؟ واحد مات أبوه، هوَّ دخل في الإسلام ومات أبوه، أو هي دخلت في الإسلام ومات أبوها، أو.. وربما كان أبوه من كبار الأثرياء، وبعضهم فعلاً قال لنا، أبوه عنده تركه طائلة والقانون يعطيه الحق في الميراث، وحتى لو هو قال لأبوه: أنا لا أريد أن أرثك. يعني حتى هذه يكون جفاء منه، يعني.. ولذلك فنحن بحثنا في القضية وقلنا لأ، إنه هو هناك صحيح مذهب الجمهور أنه لا يرث الكافر من المسلم ولا المسلم من الكافر، ولكن هناك مذهب معاذ بن جبل ويحيى بن يعمر وعدد من العلماء السلف ورجحهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم إنه المسلم يرث من قريبه الكافر؟ فهذه.. وبعدين المسلمين في حاجة.. يعني لا والله حتى إذا أنت مش محتاج هذا المال والله خده وإبقى أعطيه لإخوانك الـ..، خده على إنه وصية، يعني إذا لم تعتبره إنه ميراث وصى لك به أبوك، يعني فلذلك يعني نحن نأخذ من المذاهب ما نراه أوفق لحال المسلمين في هذه البلاد.

ماهر عبد الله:
اسمح لي بالمقاطعة، سنعود لمواصلة هذا الحوار.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله:
مولانا تفضلتم بالحديث عن علماء من المشرق وعلماء من المغرب أو يقيمون هناك، العلماء الذين يقيمون هم أصلاً مهاجرون أو من أبناء الأقليات الوافدة على الأرجح، ماذا عن المستقبل؟ ماذا عن أبناء هذه الأقليات الذين لم يقدر لهم أن يعيشوا في المشرق؟ كيف ستكون تركيبة العلماء في هذا المجلس بعد عشرين عاماً من اليوم؟

د. يوسف القرضاوي:
هو الإخوة حاولوا أن يعالجوا هذه القضية ويسدوا هذه الثغرة بإنشاء مؤسسات علمية لتخريج هؤلاء العلماء الشرعيين، المسلمون لاشك في حاجة إلى هؤلاء العلماء، في حاجة إلى علماء يفتونهم في مشكلاتهم ويجيبون عن تساؤلاتهم، في حاجة إلى علماء يعظونهم ويذكرونهم بالله تبارك وتعالى، وإلى أئمة وخطباء في المساجد يخطبون الجُمع ويلقون الدروس، فمن أجل هذا أنشئت أكثر من كلية الآن في البلاد الأوروبية وأولها الكلية الأوروبية للدراسات الإسلامية، ولها –يعني- مجلس علمي أتشرف بوجودي فيه، وقد خرجت بعض الدفعات، وفيها طلاب منتسبون يعني يحضرون و.. الحضور وطلاب بالانتساب يحضرون.. يعني يمتحنون فيها، وأدت دوراً ورأيت من طلابها طلاباً يرجى لهم مستقبل جيد، والآن هناك كلية أخرى تُنشأ في بريطانيا، ويعني في أكثر من مكان محاولات لسد هذه الفجوة بتخريج العالم الأوروبي الشرعي الذي يحتاج إليه المسلمون هناك.

ماهر عبد الله:
نعم، بلا شك بالتركيبة الحالية للمجلس لابد ما يكون وقع اختياركم على بعض من يروحون ويأتون من الشرق أو من أتوا جديدًا، لعلكم تدعوا ذكرت أنكم دعوتم وزير الأوقاف السعودي مثلاً، قد تدعو عالم من قطر، عندما يأتي في الدورة لأول مرة سيواجه بنوع من الصدمة نتيجة حوار ارتقى في أوروبا بعد سنوات، يعني بعض الخروج على المألوف في..، كيف تمتصون صدمات هؤلاء الوافدين الجدد؟ لو قدر للذين تدعونهم أن يزوروا.

د. يوسف القرضاوي:
هو أنا لا أعتقد إنه يعني من يأتي سيصدم لأنه يعني نحن نتحدث بمنطق العلم الشرعي، يعني حتى وإن كنا في أوروبا فنحن لا نأتي بجديد في العلم، نحن بنستخدم أصولنا العلمية الموروثة والتي يعرفها كل من له صلة حقيقية بالعلوم الشرعية، وكل من رضع لبانها واستقى من ينابيعها يعرف هذه الأصول، فمن هذه الأصول نحن نستقي، فلا أعتقد أن هناك من سيصدم حينما يأتي ويجد إن إحنا كأننا يعني بنأتي بجديد وغير الـ..، لأ هو نفس الشيء، بس كل ما في الأمر إن المشكلات يعني جديدة، أو لعلها إن لم تكن جديدة هي حجمها في الغرب ليست بمقدار حجمها في الشرق، يعني يمكن الموجودة عندنا ولكن لا توجد عندنا بالحدة اللي..، مثلاً قضية شراء البيوت عن طريق البنك ما هو هذه موجودة أيضاً حتى في داخل البلاد الإسلامية، إلا أن حدتها في بلاد الغرب وحاجة المسلمين الشديدة هناك..

ماهر عبد الله:
إلحاحها.

د. يوسف القرضاوي:
وإلحاح الحاجة، وإنه الناس هناك لا يطيقون، واحد عنده أولاد كثيرون، أي شقة .. خلاص لا يمكنك أن تبقى، فهذه مش موجودة هنا، يعني فيه موجودة إلى حد ما إنما بالحدة والقوة والحجم اللي موجودة هناك يعني تختلف.

ماهر عبد الله:
طب معي الأخ جمال المنشاوي من النمسا أخ جمال تفضل، أخ جمال المنشاوي.

جمال المنشاوي:
السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام، بس الصوت شويه، اتفضل.

جمال المنشاوي:
تحياتي لفضيلة الدكتور القرضاوي والأستاذ ماهر.

ماهر عبد الله:
حياك الله.

جمال المنشاوي:
تسمعني جيداً؟

ماهر عبد الله:
والله لو يعلو لي الصوت شوية يرفعوه يكون أحسن.

د. يوسف القرضاوي:
مش سامعين خالص، أنا مش سامع خاص.

ماهر عبد الله:
أنت تكلم وهم هيرفعوا الصوت من هنا.

جمال المنشاوي:
طب خير إن شاء الله.

ماهر عبد الله:
أيوه، اتفضل.

جمال المنشاوي:
هي المداخلة هي تتعلق بيعني قضية الاجتهاد في موضع النص، عندما يكون هناك حديث لرسول الله –صلى الله عليه وآله وسلم- كمثلاً الحديث الذي ذكره فضيلة الدكتور القرضاوي هو (لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم)، هل يُرد الحديث بأقوال –يعني- الصحابة، خاصة أن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر أن الصحابة –ومنهم يعني أجلاء الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي- جهلوا بعض المسائل أو غابت عنهم بعض المسائل نتيجة -يعني- غياب النص عنهم فاجتهدوا اجتهدوا.. بخلاف النص، ثم ثبت النص بعد ذلك. الآن عندنا هذه القضية قضية لا يرث المسلم الكافر، أو لا يتوارث أهل ملَّتين أو غيره قضية فيها نص الآن وفيها أقوال –أيضاً- الصحابة فيها أقوال لمعاوية وغيره: ما أجمل أو ما أفضل أن نرثهم ولا يرثوننا. لكن هذا يخالف النص، فهل يجوز الاجتهاد في موضع النص؟ يعني هذه نقطة أساسية فضيلة الشيخ نرجو أن يوضحها. النقطة الأخرى أن هذه يعني القاعدة وهي قاعدة يعني إغفال النصوص والاجتهاد في موضع النصوص هي نفس القضية التي استند إليها الذين أباحوا الاستحلال -كما ذكرت حضرتك وفضيلة الشيخ في الحلقة الماضية- قالوا أن الأحناف قالوا أنه يجوز التعامل بالشروط الفاسدة في ديار الكفر، فاستباحوا أموال الكفار وغيره بسبب هذه الفتاوى، وهي قضايا يعني ضرب النصوص أو مخالفة النصوص باجتهادات موجودة، سواء بأقوال صحابة أو بأقوال تابعين أو بأقوال محدثين. فنرجو من فضيلة الشيخ أن يوضح لنا هذه القضية لأن هذه تثير لغط كبير جداً وسط الناس، وتفتح أبواب كثيرة جداً لغير المتعلمين أو لغير أهل العلم ليسوا كفضيلة الشيخ القرضاوي في أن يتخطوا النصوص بهذه الحجج، وجزاكم الله خيراً.

ماهر عبد الله:
طب مشكور جداً يا أخ جمال على هذا السؤال القيم معي الأخ أنيس قرقاح الأخ أنيس تفضل من فرنسا.

أنيس قرقاح:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله:
وعليكم السلام

د. يوسف القرضاوي:
وعليكم السلام ورحمة الله.

أنيس قرقاح:
حياكم الله فضيلة الشيخ.

د. يوسف القرضاوي:
حياك يا أخ أنيس، كيف أحوالك؟

أنيس قرقاح:
الله يبارك فيك

د. يوسف القرضاوي:
الأخ أنيس عضو معنا في المجلس الأوروبي، يعني هو معنا.

أنيس قرقاح:
نعم، حياكم الله، الحقيقة نشكر قناة الجزيرة على إتاحة هذه الفرصة بالنسبة للحديث عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، وباختصار الحقيقة، إلى ما ذكر أضيف إلى ما ذكر فضيلة الشيخ إنه بالنسبة لأسباب تأسيس هذا المجلس يعني كان من أهم أسبابه أيضاً هو تطور طبيعي للجالية الإسلامية والوجود الإسلامي في فرنسا وفي الغرب بشكل عام، ثم أيضاً شعور المؤسسات الإسلامية وخاصة طلاب العلم الشرعي والعلماء في أوروبا بثقل مسؤولية الفتوى عنهم، لأنه هناك قضايا عويصة تطرح عليهم فكان وجود المجلس الإفتاء.. الأوروبي للإفتاء والبحوث يعني شيء مهم جداً بالنسبة لهؤلاء الإخوة خاصة طلاب العلم، حتى تكون الفتوى -يعني- جماعية وحسماً كذلك لفوضى الفتيا الفردية، خاصة في المسائل العويصة، لأن هذه الفتوى. الفتيا الفردية تحدث كثير من الإشكالات بين المسلمين في أمور عباداتهم ومعاملاتهم. كذلك بالنسبة للمجلس الأوروبي الحقيقة يعني هو لم يقم كبديل عن مؤسسات، بل هو يعني قام يعني.. من أجل أن يسد فراغ.. فراغ يعني مهم بالنسبة للجالية الإسلامية في أوروبا والغرب بشكل عام.

ماهر عبد الله:
طب أخ أنيس، اسمح لي.. أنت ذكرت أكثر من مرة، أنا أعرف المجلس بأنه المجلس الأوروبي للإفتاء وأنت تقول المجلس الإسلامي للإفتاء والبحوث، وأنت أدرى طبعاً، ماذا تقصدون؟ ماذا تقصدون بالبحوث؟

أنيس قرقاح:
هو اسمه الصحيح (المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث)، لأن المجلس ليس هدفه.. هو هدفه فقط يعني الفُتيا، وإن كان الآن في الدورات هذه الكل ركز على هذا الجانب هذا مع -مثل ما تفضل فضيلة الشيخ- تقديم بعض البحوث للقضايا العويصة المطروحة. لكن المجلس ينوي -إن شاء الله- إنه يصدر أيضاً مجلة خاصة وتنشر بحوث يعني تتعلق بواقع الجالية الإسلامية في الغرب وقضاياهم وكذا، وما يتعلق بفقههم كما تفضل فضيلة الشيخ. أريد أن أذكر أيضاً بالنسبة لقضية الفُتيا هي في الحقيقة كالقضاء الأصل فيها إنه تقوم بها يعني الدولة، ونحن هنا في الغرب يعني لا توجد عندنا يعني دولة إسلامية، وبل نعتقد بإنه المؤسسات هذه هي التي تقوم مقام يعني وزارات الأوقاف في بلادنا، أيضاً كثير من إخواننا الدعاة والعلماء اللي يأتوا إلى الغرب يجب أن نفرِّق -الحقيقة- بين مسألتين، بين مسألة.. دعوة المسلمين إلى التآخي والتحابب والتآلف والاجتماع والاهتمام بتربية أبنائهم إلى آخر ذلك، وبين مسألة الفُتيا، فمسألة الفُتيا الحقيقة يعني لأن تتعلق بقضية الحلال والحرام،..(ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).

فكثيراً من إخواننا يأتوا هنا ويدخلون أنفسهم في قضايا يعني مثلاً قضية تحريم تعليم البنات في الغرب، قضية مثلاً الطلاق الثلاث يعني يأخذون برأي الأئمة الأربعة ولا ينتبهون إلى أنه تشتيت الأسرة هنا ربما الأطفال قد يذهبون إلى أسر غير إسلامية، الدولة تأخذهم إلى أسر غير إسلامية ليتربوا على غير الإسلام، والقضايا..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]:
طب أخ.. أنيس أنت أدخلتنا.. مشكور جداً على المداخلة، هذا بيعيدنا لسؤال الأخ جمال أيضاً على النصوص والفُتيا، يعني معذرة لمقاطعتك لأنه يخبرني الإخوة إنه معي على الهاتف أحمد الراوي رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا المؤسسة الأم -أعتقد- لهذا المجلس.

د. يوسف القرضاوي:
نعم، وهي التي دعت إلى إنشاء هذا المجلس.

ماهر عبد الله:
أخ أحمد، تفضل.

أحمد الراوي:
السلام عليكم شيخنا

د. يوسف القرضاوي:
وعليكم السلام يا أخي ورحمة الله وبركاته، يا مرحبا.

أحمد الراوي:
السلام عليكم يا أخي ماهر.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام ورحمة الله.

أحمد الراوي:
الحقيقة ليس من السهل يعني أن واحد يضيف إلى ما تحدث به شيخنا الجليل، ولكن يعني أحب أن أركز على بعض القضايا التي دعت إلى إنشاء مثل هذا المجلس إلى ما قاله شيخنا الجليل، حقيقة حاجة المسلمين في أوروبا لتحديد علاقتهم بمجتمع.. المجتمع الأوروبي، وهو ليس مجتمع فقط لأنهم يعيشون فيه أقلية، ولكن هذا المجتمع مجتمع متطور يحمل من القيم والمفاهيم في شؤون الحياة جميعاً، وحاجة المسلمين الذين أصبحوا جزء لا يتجزأ من المجتمع الغربي يحتاجون إلى تحديد هذه العلاقة، العلاقات الاجتماعية، الاقتصادية، المشاركة السياسية، يحتاجون -الحقيقة- إلى علاقاتهم الاجتماعية في موضوع الأعياد، في موضوع الـ –شواسمه- في كثير الحقيقة من القضايا الموجودة الذي تفرق فيها المسلمون في أوروبا، وأنا أعتقد يعني أن تباين الفتوى في الكثير من هذه القضايا ساهم في فرقة المسلمين، ووجود مثل هذا المجلس الموقر نرجو أن يكون حقيقة مرجعية، وأنا أزعم أن اليوم أن الكثير أو الغالبية من المؤسسات الإسلامية على الساحة الأوروبية تنظر إلى هذا المجلس على أنه مرجعية حقيقية للمسلمين في أوروبا، لأنه عقد أكثر من سبع دورات، أصدر فيها العديد والكثير من الفتاوى التي حظيت باهتمام وقبول غالبية المسلمين، وأزعم ذلك على الساحة الأوروبية مع تباين واختلاف، أستطيع أن أقول.. أستطيع أن أقول بحمد الله تعالى..

ماهر عبد الله:
أخ أحمد بس تسمح لي بسؤال؟ تسمح لي بسؤال؟

أحمد الراوي:
بحمد الله تعالى أن هذا المجلس باحتوائه على جميع يعني شتى المذاهب والأعراق الموجودة، وحتى التوجهات..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]:
أخ أحمد تسمح لي بسؤال، أخ أحمد اسمح لي بالمقاطعة معذرة، أنت يعني تزور -بحكم المنصب والموقع- الكثير من الدول الأوروبية، هل يجد من القبول ما تجده في بريطانيا -أو كما ذكر فضيلة إمامنا القرضاوي- ما يجده من قبول من أيرلندا في الدول الأخرى؟ أنت قُلت أنه يجد قبول، هل تنطلق من أنك..

أحمد الراوي:
يعني أنا أزعم أنه، أنت تعرف أخي الكريم ليس هناك مجلساً يحظى بإجماع الناس جميعاً، لا في الماضي، ولا في الحاضر، ولا في المستقبل، ولكن أزعم أن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث -ومن خلال زياراتي الميدانية للكثير من المؤسسات- يحظى برضاء وقبول ويعتبره الكثير من هؤلاء مرجعية لهم على الساحة الأوروبية، خاصة أنه يضم علماء وأهل علم تنحاز إليهم الجالية الفتوى من شتى المذاهب والأعراق على الساحة الأوروبية، وهو ليس الحقيقة تحديداً. مجلس خاص بأوروبا الغربية، هناك رئيس مجلس.. رئيس مجلس الإفتاء في بلغاريا، في ألبانيا، في البوسنة، إحنا يعني نرجو أن يكون مجلساً لأوروبا جميعاً شرقيها وغربيها ودول البلقان أيضاً بعون الله تعالى.

ماهر عبد الله:
طيب مشكور جداً يا أخ أستاذ أحمد الراوي رئيس اتحاد المنظمات الطلابية الإسلامية، اسمح لي أدخل من حيث انتهى عليك بالسؤال التالي: نحن فعلاً أو على الأقل أنا في أسئلتي ركزت كثيراً على جانب أوروبا الغربية، ثمة جاليات تعيش كأقليات في أوروبا الشرقية منذ زمن..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
ذكرت لك في أول الأمر إن فيه معانا من أوروبا الشرقية من يمثلون أوروبا الشرقية في المجلس.

ماهر عبد الله:
الأستاذ أحمد ذكر مناصب رسمية يعني، رئيس مجلس.

د. يوسف القرضاوي:
آه معانا رئيس المشيخة الإسلامية في البوسنة، معانا المفتي في بلغاريا أو -رئيس الإفتاء- ومعانا الشيخ -أظن- صبري بتاع ألبانيا، وإن كان ظروفه لم تسمح بالمجيء يعني.. فمعانا..

ماهر عبد الله:
إذن هو يشمل كل أوروبا

د. يوسف القرضاوي:
يشمل كل أوروبا، نعم.. نعم.

ماهر عبد الله:
دعني أعود لسؤال الأخ جمال، أنا أعتقد أنه سؤاله جوهري وهذا يعني ما قصدت أنا بالصدمات، الاجتهاد في موضع النص، سمعت السؤال أعتقد بشكل جيد؟

د. يوسف القرضاوي:
آه آه نعم آه.

ماهر عبد الله:
كيف ترد على قوله؟

د. يوسف القرضاوي:
لا دا مالوش دعوة بالصدمات اللي أنت اللي بتقول عنها، لأن ده موجود، يعني ده التوجهات المختلفة موجودة حتى في المشرق، يعني هناك المدرسة النصيَّة والمدرسة المقاصدية، هناك من يهتمون بالمقاصد ومن يهتمون بالظواهر، وهذا موجود حتى في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. فنحن نعرف قصة صلاة العصر في بني قريظة، حينما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للصحابة بعد غزوة الأحزاب: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة). ففي الطريق بعد العصر وأوشكت الشمس أن تتضيف للغروب، فبعض الصحابة قالوا النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يرد منا أن نضيع الوقت، إنما أراد منا سرعة النهوض، فقالوا نُصلي الإيه؟ العصر، وصلوا العصر في الطريق، جماعة آخرون قالوا: لأ، هو قال لا نُصلي العصر إلا في بني قريظة فلا نصليها إلا في بني قريظة، ولو وصلنا منتصف الليل. فجماعة أخذوا بظاهر النص، وجماعة أخذوا مقصود النص، لو كان الأمر كما يقول الأخ جمال ممكن بقى الذين صلوا في بني قريظة يعتبروا الصحابة هؤلاء الذين خالفوا النص، يعني يقول لك: الله إزاي أنتم تصلوا في الطريق وهو قال في..، هُمَّ أخذوا بمقصود النص، فلذلك أنا يعني أريد الاجتهاد في فهم النص هذا مطلوب، الاجتهاد في معارضة النص أو في مواجهة النص هو ده اللي إيه.. الممنوع.

ماهر عبد الله:
طب أنا اسمح لي اسمح لي فسر لي هذه العبارة التي دائماً يُستشهد بها، أن لا اجتهاد في معرض النص أو في..، إذن ما هو المقصود بهذه العبارة؟

د. يوسف القرضاوي:
المقصود بها الاجتهاد لتردَّ النص، فيه نص واضح، النصوص نوعان، يعني وكلمة النص في.. في.. عند الأصوليين (أي ما لا يحتمل وجهاً آخر)، يعني النص القطعي الدلالة، فلما يجي واحد يعني يريد يعني يقول لك: لأ دا.. أصأنننييمشنلافاجتنبوه دية في الخمر لا تدل على الحرمة، ويريد أن يرد النص لأ.. هذا مرفوض، إنما من يريد أن يفهم النص في حدود المقاصد الشرعية والنصوص الأخرى ومجمل يعني مقاصد الإسلام، هذا ليس اجتهاداً في موضع النص، هو اجتهاد في فهم النص، ولذلك مثلاً الأحناف أخذوا بحديث أولوا حديث: "لا يقتل مسلم بكافر" قالوا المراد بالكافر الكافر الحربي، إنما لم يرفض النص، إنما قال لك لأ، دا الكافرين في ذلك الوقت كان يراد به الذي يحارب المسلمين، فأوَّله، فالتأويل هذا ليس رداً، وابن القيم قال يعني: هذا الذي قالوه أولى أن يُقال في حديث "لايرث المسلم كافر"، فقال أولى هنا إن المراد بالكافر الكافر الحربي، فإذا لم يكن حربياً لماذا لا يرثه والإسلام يعلو ولا يُعلى.

ماهر عبد الله:
المفارقة إنه ابن تيمية طبعاً من شيوخ الـ..

د. يوسف القرضاوي:
الذين يعني يحاربون دون النص، ويعني ولا يمكن أحد أن يزايد على ابن تيمية أو ابن القيم إنهم من الناس الذين يريدون أن.. يعني.

ماهر عبد الله:
يستهترون بالنص.

د. يوسف القرضاوي:
لأ، إنما أيضاً ينظر إلى المقاصد، فأنا مع الأخ إذا كان مقصود إن إحنا نتلاعب بالنصوص لأ، إنما نحاول أن نفهم النصوص في ضوء المقاصد، الأخ ذكر اللي بياخدوا بمذهب الأحناف في استحلال أموال الناس وإن الأحناف يريدون.. يعني يقولون بالعقود الفاسدة في غير دار الإسلام، ولكن الأحناف حتى هؤلاء قالوا إنه نتعامل بالعقود الفاسدة بشرطين، الشرط الأول: أن يكون فيها منفعة مؤكدة للمسلم، والشرط الثاني أن تكون برضا غير المسلم، وبغير خيانة ولا غدر بغير المسلم، يعني يكون هو راضي بها وبهذا، فالخيانة والغدر يحرمونها، حتى.. لأنه لا يجوز حتى خيانة من ائتمنك ولو كان حربياً "أدِّ الأمانة لمن ائتمنك ولا تخن من خانك"، فهؤلاء لا عملوا بمذهب الأحناف ولا بغيرهم.

ماهر عبد الله:
طب بس اسمح لي أعود للإخوة المشاهدين وأكمل مع سؤال الأخ أنيس لاحقاً، معي الأخ حمدي المليجي من السعودية، أخ حمدي تفضل.

حمدي المليجي:
السلام عليكم.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.

حمدي المليجي:
كيف أستاذنا الدكتور يوسف، أخ ماهر السلام عليكم.

ماهر عبد الله:
حياك الله.

د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.

حمدي المليجي:
هو الحقيقة أنا عندي يعني سؤال أو سؤالين، الأول: هل بيقتصر دور المجلس على الإفتاء فقط لقضايا المسلمين في أوروبا، أم أن له أدواراً أخرى مثلاً دعوية أو سياسية أو اجتماعية؟ وهل يعني يجب أن يكون هذا المجلس مرتبط بالهيئات الإسلامية الأم مثل مثلاً منظمة المؤتمر الإسلامي ارتباط رسمي أو عضوي حتى يأخذ الصفة القانونية وتكون فتاواه معترف بها، ويعترف به أيضاً الاتحاد الأوروبي، وبالتالي يكون له مخصصات مالية وإدارية وخلافه تضمن له الاستمرارية إن شاء الله؟ السؤال الثاني: لماذا لا يتم تفاعل من خلال هذا المجلس، من خلال مثلاً لجنة دائمة تقوم بحل هذه القضايا، وأن تستعين هذه اللجنة مثلاً بالفقهاء كاستشاريين من خلال استخدام وسائل الاتصالات الحديثة ونشر هذه البحوث أولاً بأول على الإنترنت، لتكون جاهزة للمسلمين هناك، بدلاً من انتظار انعقاد المجلس مرة أو مرتين للبت في هذه القضايا؟ وشكراً.

ماهر عبد الله:
مشكور جداً يا سيدي، معايا الأخ أحمد جاب الله أعتقد أنه أيضاً عضو في المجلس.

د. يوسف القرضاوي:
نعم.. نعم.

ماهر عبد الله:
أخ أحمد جاب الله من فرنسا، تفضل.

د. يوسف القرضاوي:
عميد كلية الدراسات الـ..

أحمد جاب الله:
السلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام.

أحمد جاب الله:
تحياتنا لفضيلة الشيخ يوسف ولك يا أخ ماهر.

د. يوسف القرضاوي:
حياك الله يا دكتور.

ماهر عبد الله:
أهلاً بك.

أحمد جاب الله:
الله يبارك فيكم، الحقيقة أنا أحب يعني أن أضيف طبعاً لهذا الحوار حول المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث مسألة تتعلق بقضية الواقع، وكثيراً ما كان يؤكد شيخنا في مناسبات عديدة على أن الفتوى عموماً طبعاً تحتاج -إلى جانب العلم الشرعي والملكة الفقهية من المفتي- إلى معرفة فاحصة بالواقع، وأعتقد معرفة الواقع يعني لا يكفي فيها مجرد أن يطلع الإنسان على معلومات عامة متصلة بالواقع الذي يريد أن يُفتي له، وإنما يحتاج إلى معايشة من قُرب لهذا الواقع وإدراك لتفاصيله، وأتصور يعني هذا كان إحدى الدواعي فعلاً في نشأة مجلس أوروبي للإفتاء في داخل أوروبا، ليكون هذا المجلس –بالإضافة إلى طبعاً المعطيات الشرعية التي هي دائماً المنطلق- على اتصال مباشر بالواقع. ولو سمحت يا أخ ماهر بسرعة وباختصار أريد أن أقول أنه هناك خصوصيات حقيقة، لأنه السؤال الذي يُطرح: هل هناك خصوصيات للواقع الأوربي تؤثر في الفتوى وتستدعي فعلاً وجود مجلس للفتوى على مستوى أوروبا؟ أقول: أنه فعلاً هناك خصوصيات الخصوصية الأولى –فيما أعتقد- هي وجود المسلمين كأقليات في مجتمعات غير إسلامية، وهذا الأمر ينشأ عنه عدو قضايا، أولاً: هناك أوضاع معينة لا شك أن فيها جانب إيجابي كوجود حريات في هذه المجتمعات، سيادة القانون، لكن وجود طبعاً سلبيات وصعوبات تتمثل في أجواء الإباحية الأخلاقية، الصورة المشوهة عن الإسلام المنتشرة في هذه المجتمعات، كذلك أعتقد هناك جانب يتعلق بوجود أجيال جديدة من أبناء المسلمين، هؤلاء طبعاً أصبحوا مواطنين أوروبيين، وهم يعيشون في وسط فكري وثقافي واجتماعي مغاير تماماً لأوضاع المجتمعات الإسلامية، وهذا طبعاً لابد أن يؤخذ أيضاً بعين الاعتبار. أعتقد أيضاً فيه عامل آخر وهو متعلق بطبيعة التقدم العلمي والتكنولوجي الذي يميز المجتمعات الغربية اليوم، وما ينشأ عن ذلك من قضايا خاصة تعترض المسلمين في حياتهم اليومية وبالتالي فيه أسئلة كثيرة تطرح على المسلم الذي يعيش في الغرب لم تُطرح تقريباً على المسلم لما يعيش في غير البلاد الغربية، أو تطرح بشكل آخر. وأضيف نقطة أخيرة وهي خصوصية ثانية، هناك اهتمام اليوم، يعني الذين يعيشون في الغرب اليوم وفي أوروبا يدركون الاهتمام الذي توليه المجتمعات الغربية للإسلام سواءً على مستوى الهيئات الرسمية، أو حتى على مستوى الرأي العام، وهذا يتمثل يعني أولاً في اعتناق أعداد من الأوروبيين للإسلام وهذا ينشأ عنه –لاشك- تساؤلات خاصة، شيخنا يعني أشار إلى القضية التي المجلس بصدد بحثها في إسلام أحد الزوجين، كذلك التساؤلات التي يطرحها المجتمع الأوروبي نفسه، اليوم هناك عديد من القضايا العلمية، وقضايا طبية، ومسائل كثيرة، لأنه لعلمك هناك يعني هيئات تُسمى هيئات أخلاقية تراقب يعني مسألة التطور العلمي والبحوث العلمية، والمسلمين يُطرح عليهم اليوم أن يُدلوا برأي الإسلام في هذه القضايا. فأعتقد هذه الدواعي كلها المتصلة بخصوصية الواقع الأوروبي تبرر فعلاً وجود يعني مثل هذا المجلس.

ماهر عبد الله:
طيب، أخ أحمد مشكور جداً على هذه المداخلة، و نقطتك الأخيرة –إن شاء الله- يعني يمكن لم نثرها بتفصيل مع الشيخ فإن شاء الله ستسمع أيضاً منها، معي المكالمة القادمة وأرجو أن تكون مختصرة من الأخ علي أبو عيسى من بولندا، تفضل أخ علي.

علي أبو عيسى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام.

علي أبو عيسى:
تحياتنا من.. تحياتنا من بولندا إلى الشيخ يوسف القرضاوي والأستاذ ماهر جزاكم الله خيراً.

د. يوسف القرضاوي:
حياك الله يا أخي.

علي أبو عيسى:
أخي أنا رئيس قسم الدعوة والتعريف بالإسلام في الجمعية الإسلامية للتأهيل والثقافة في بولندا، أخي إن إخوانكم الدُعاة في بولندا يهدون أساتذتهم وعلماءهم في المجلس الأوروبي للبحوث والإفتاء أعطر التحيات، ونؤكد على الدور الإيجابي والمهم الذي يلعبه هذا المجلس في حياة المسلمين في أوروبا. لقد أضحى واضحاً حاجة المسلمين في أوروبا إلى فقه يعني بأمورهم آخذاً بعين الاعتبار الأمور التالية ونقطتين ولن أطيل عليكم.

ماهر عبد الله:
تفضل.

علي أبو عيسى:
أولاً: المسلمون في أوروبا أقلية، ما يجعل الفقه الشرقي عاجزاً عن تحقيق رسالته وأخذ مكانته، فهو يتعامل مع المسلمين في الشرق حيث هم أغلبية. والنقطة الثانية: أن الاختلاف الكبير في العادات والتقاليد بين الإنسان الشرقي وأخوه الغربي تجعل الفقه المناسب للأول لا يرفع الحرج عن الثاني، ولنا في فقه الإمام الشافعي أسوة، فقد قال في الجديد بعد ما تبين له الاختلاف بين أهل العراق وأهل مصر. وقد كان لفتاوى هذا المجلس الأثر الطيب في حل العديد من المشاكل التي تواجه المسلم الغربي، مثل فتوى تهنئة غير المسلمين بمناسبة أعيادهم. وفي الختام أوجه تحيتي إلى كل الإخوة العاملين على هذا المجلس وجزاكم الله خيراً.

ماهر عبد الله:
مشكور جداً، مشكور جداً يا أخ علي، ويعني إذا كان بالإمكان أن نطلب من الإخوة أن يؤجلوا اتصالاتهم إلى ما بعد الفاصل، عندي مجموعة كبيرة من المشاركات على الإنترنت، فـ.. يعني نأخذ جزءً منها. سيدي هل هو مجلس إفتاء فقط –يسألك الأخ حمدي المليجي- أم هو مهتم بجوانب أخرى دعوية، سياسية، المجلس الإسلامي الأوروبي للإفتاء الذي ترأسه؟

د. يوسف القرضاوي:
هوه اسمه (المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث)، أهو.. المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، فقسم منه الأساسي الإفتاء وفيه البحوث، وإحنا عينِّا مسؤولاً عن البحوث الأخ الفاضل الأستاذ الدكتور عبد المجيد النجار، وقدم لنا ورقة جيدة في الدورة الماضية حول إنعاش قضية البحوث، وهناك عدد من الوسائل لهذا، من ذلك إصدار مجلة تتضمن بحوثاً مختارة، إصدار بعض الكتب، يعني معانا أخونا الشيخ عبد الله الجُديع، وقد كان الأمين العام السابق للمجلس أصدر دراسة قيمة حول الموضوع يعني إسلام المرأة مع بقاء زوجها على دينه في أكثر من 200 صفحة، دراسة في غاية القيمة في الحقيقة، ممكن نصدرها يعني كتاباً، أيضاً قضية الإنترنت، إن هذا المجلس وفتاواه وبحوثه يجب أن تكون على الإنترنت، عقد ندوات ما بين الحين والحين، يعني مثلاً من القضايا التي يعني نريد أن نعقد فيها ندوة قضية التدين في أوروبا، هل أوروبا لا تزال مسيحية، أم ليست مسيحية؟ إحنا لأن دي قضية بيترتب عليها أحكام، يعني هل هم أهل كتاب أو لم يعودوا؟ البعض يشكك في هذا، يقولون: لم يعودوا أهل كتاب، دا الأوروبي أصبح إنساناً لا دين له، يعني فهذه قضية تحتاج دراسة، يعني الكلام مجرد الدعاوى لأ، عايزين إحصاءات، عايزين يعني دراسة حقيقية.

ماهر عبد الله:
معلومات حقيقية، نعم.

د. يوسف القرضاوي:
فيراد عقد ندوة في هذا.. فهناك يعني ندوة للدعوة، ممكن نعمل ندوات، كيف ندعو الأوروبيين إلى الإسلام؟ ندوة للطفولة مثلاً كيف نرعى الطفولة؟ كيف.. كيف؟ فهناك أكثر من نشاط.

ماهر عبد الله:
طب أنا بتدخلني في سؤال.. في سؤال الأخ أحمد جاب الله، نقطته الأخيرة أعتقد سنتفق معه على الخصوصيات، لكن نحن لم نتعرض للخصوصية الأخيرة كثيراً، هناك اهتمام أوروبي بالإسلام، يتمثل بدخول أُناس جدد، ثمة أزمات مجتمعية يُعاني منها المجتمع الأوروبي ونستطيع أن نساهم، هل تتفق معه بوجود هذ..؟

د. يوسف القرضاوي:
لا.. أعتقد.. نعم، هناك الكثيرون يقولون يعني في الإسلام من الأوروبيين أنفسهم، يعني وهذا أمر يعني ملحوظ من غير شك، خصوصاً من النساء، يعني النساء في أوروبا وفي أميركا -وهذا أمر يعني لاحظته بنفسي -يدخلن الإسلام أكثر من الرجال، وهذا كوَّن المشكلة اللي هي كتبنا فيها، وأنا كتبت فيها بحثاً، والشيخ الجُديع كتب فيها كتاباً.. كدراسة مطولة وقيمة حقيقة عن إيه الحكم في هذه القضية؟ ودلَّنا هذا أيضاً على إنه الذي يعيش في ظل مذهب واحد لا يعرف الأفق الواسع، أنا قديماً كنت أظن إنه إذا أسلمت المرأة وبقى زوجها على دينه ليس هناك إلا..

ماهر عبد الله:
الطلاق.

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
أن تفارق زوجها، وبعدين لما قرأت ابن القيم قال دا في المسألة تسعة أقوال، وتبين إن فيها عشرة مش تسعة، فهذه تفتح لنا يعني آفاقاً. فأنا أقول هناك من يدخلون في الإسلام ولا بد أن نرعي هؤلاء، هناك أشياء يشكو منها المجتمع الأوروبي، يعني الشذوذ، الإباحية، القلق، تفكك الأسرة، هم لا يعرفون ما نعرفه، الأمومة والأبوة والأخوة اللي عندنا دية مش موجودة هناك، ولذلك احتاجوا إنه يعملوا عيد للأم أو عيد للأب يوم في السنة يعني علشان يبعت لأمه بزجاجة عطر أو كذا، يمكن حتى ما يروحش يسلم عليها يعني، لأ فإحنا فهناك كثير من الأشياء نستطيع أن نساهم فيها بتعاليمنا الإسلامية، وبما في الإسلام من قيم ومبادئ يفتقر إليها هذه المجتمعات.

ماهر عبد الله:
عايز أسألك سؤال يعني خارج قليلاً عن الموضوع، لكن الأخت لميا من السويد تسأل: أنه إذ يجري تركيز كثير في مثل هذه المؤسسات على الجانب الديني الصرف، حتى أنه عندما يتم إنشاء مدارس تُعلِّم التعليم الـ..، في ظل انتشار مدارس إسلامية تلتزم المنهج التعليمي الرسمي إلى جانب تدريس التربية الإسلامية، لكن مستواها العلمي ضعيف، هل يخِّول لنا الحرص على العقيدة التفريط في المستوى العلمي؟

د. يوسف القرضاوي:
لا، لا يخول لنا، وليست الحرص على العقيدة بمسوغ للتفريط في مستوانا العلمي، هذه خيبة من المسلمين، هذه يعني المفروض إنه يحاولوا أن يكون المستوى العلمي في مدارسهم أقوى من غيرهم، لأن العقيدة هي حافز ودافع ومحرك للإنسان، قوة هادية، وقوة محركة، وقوة ضابطة، هذا شأن العقيدة وشأن الإيمان، فلا.. والمجتمع كمؤسسة مش مؤسسة كهنوتية حتى نقول إنه اهتم بالجانب.. لأ دا مؤسسة، الإسلام أصله يعني عقيدة وشريعة وأخلاقيات ومفاهيم وأفكار وآداب ويعني، فليس مجرد عقيدة لاهوتية، ولذلك لما تجد يعني هذه المجموعة الأولى للمجلس الأوروبي للإفتاء فيها أشياء يعني تتعلق بالعبادات، وأشياء تتعلق بالأسرة والأحوال الشخصية، وأشياء تتعلق بالأطعمة والأشربة، وأشياء تتعلق بفقه المعاملات، وأشياء تتعلق بالجوانب الأخلاقية، وأشياء تتعلق بالجوانب السياسية، يعني وأشياء تتعلق بالعلاقات الدولية، هذا هو الإسلام يعني ما.

ماهر عبد الله:
طيب الأخ علي محمد أردني يسألك عن: هل يتم انتخاب الأعضاء في المجلس؟ كيف تم اختيارك رئيساً له؟ هل..

د. يوسف القرضاوي:
لا، المجموعة الأولى كانت بتدارس من الإخوة المهتمين في أوروبا ودعوا يعني من العلماء المعروفين في البلاد الأوروبية، اللي في بريطانيا، في فرنسا، في ألمانيا، في إيطاليا، في.. البلاد الكبيرة، دعوا عدداً منهم، ودعوا عدداً محدوداً من علماء الشرق، وبعدين بعد ذلك اللي بيدخل إلى المجلس يزكيه بعض أعضاء المجلس ويوافق عليه المجلس، لا يدخل بعد الأعضاء المؤسسيين إلا من يزكيه –أظن- ثلاثة من أعضاء المجلس، ويوافق عليه المجلس بالأغلبية طبعاً.

ماهر عبد الله:
الأخ سالم على عثمان، ليبي من بريطانيا يسأل أنه الجالية المسلمة الأكثر عدداً لم تستطع أن توحد المرجعية؟ فتراهم يختلفون حتى في العيد، فهل ترى فعلاً إمكانية توحيد المرجعية، هل سيكون سهلاً؟

د. يوسف القرضاوي:
فيه أنا أعتقد إنه المجلس في شهر رمضان الماضي وفي العيد الماضي يعني أصدر فتواه وحدد الأوقات، إنه اليوم الفلاني هو اليوم المعروف فلكياً، إذا ثبت يعني قبل ذلك لا يعتبر، بعد أن يثبت فلكياً أي رؤية في أي بلد إسلام تعتبر في هذه الحالة، وأخذ المسلمون في أوروبا في هذا، واتفقوا في الفطر وفي العيد بحمد الله.

ماهر عبد الله:
ملخص لسؤال الأخ علي عمر، هل صحيح أن الحيوانات التي أميتت بقصد.

د. يوسف القرضاوي:
أن الإيه؟

ماهر عبد الله:
الحيوانات التي تُقتل هل تبيحون أكلها بغض النظر عن الطريقة التي جرى بها الذبح؟

د. يوسف القرضاوي:
لا، لم يحصل هذا، بالعكس دا إحنا توقفنا في فتوى صدرت لنا توقفنا في بعض الحيوانات مثل الحيوانات الكبيرة، يعني من البقر أكثر من 500 كيلو جرام، وتوقفنا في الدجاج، لأنه قالوا: إن بعض البلاد تُراعي الشروط وبعض البلاد..، وأوقفنا أخيراً فتوى الذبائح، ويعني كلفنا لجنة من الإخوة تبحث هذا الأمر، تبحث فيه عملياً.. ميدانياً، وتبحث فيه شرعياً، وبعد ذلك تقدم لنا تقريراً وننظر فيه، وحتى الآن لم نصدر الفتوى النهائية في الذبائح.

ماهر عبد الله:
الأخ عبد الرحمن عبد العزيز التويجري يسأل: لو قامت الحكومات الإسلامية بدورها تجاه مسلمي الغرب لقلت مسؤوليات الأفراد التي يصعب تحملها، هل هذا صحيح؟

د. يوسف القرضاوي:
هو صحيح طبعاً، المفروض إن على المسلمين في العالم الإسلامي عليهم مسؤولية نحو إخوانهم هؤلاء، أن يعاونوهم بكل ما يستطيعون، لأنهم جزء من الأمة الإسلامية، ونحن بنقول لهم إن من ضمن الواجبات عليكم أن تشعروا بأنكم جزء من الأمة الإسلامية فتهتموا بقضايا الأمة الإسلامية، قضية مثل قضية فلسطين أو قضية القُدس، أو قضية الأقصى، انتفاضة الأقصى، لا تكون غريبة عنكم، ولا بعيدة، دعوناهم إلى.. أصدرنا المجلس في الدورة السابقة هذه أقر فتوى المقاطعة، يعني أنا كنت أصدرت فتوى بمقاطعة البضائع الصهيونية والبضائع الأميركية، فالمجلس يعني قرأها وأضاف إليها بعض العبارات وأقرها، وهذا لأنه واجب على الأمة نحو الأقصى، الأقصى مش أقصى الفلسطينيين، ولا أقصى العرب في المشرق فقط، هو أقصى المسلمين حيثما كانوا.

ماهر عبد الله:
يعني اسمح لي أربط بين سؤال الأخ.. أو مداخلة الأخ علي أبو عيسى من بولندا، الجزء الثاني من كلامه كان يتعلق بالعادات والتقاليد المختلفة بين الشرق والغرب، الأخ حسن عباس عبد الله مدرس من الكويت يسأل: هل أنتم مع حقوق المرأة في أن تنتخب وتُرشح نفسها في الحياة الديمقراطية وأن تكون رئيسة للوزراء، كون هذا كان جزء من التقاليد الغربية التي تخرج على ما هو مألوف من شرع، ليس بالضرورة ما هو صحيح؟ هل يؤثر هذا في..؟

د. يوسف القرضاوي:
إحنا يعني هناك طبعاً، إذا كان هناك مثلاً رأيان: رأي مشدد ورأي ميسر، أو رأي بيغلق ورأي بيفتح، فأيهما أقرب إلى أن يستجيب له المسلمون في أوروبا؟ الرأي المنفتح قطعاً، والرأي الميسر، إذا أنا.. أنا أنظر مثلاً قضية زي قضية المرأة، مثلاً إخواننا في الكويت ما دام الأخ من الكويت، إخواننا في الكويت يعني لم يجيزوا أو الكثير منهم طبعاً وبعض الجمعيات الإسلامية لم تجز للمرأة أن تنتخب ولا أن تُنتخب، لا ترشح نفسها ولا تعطي صوت، يعني ما تقولش ده صالح لأن يكون عضواً في مجلس الأمة أو غير صالح، هذه الشهادة منعوها منها، وفيه طبعاً من يُعارض هذا، أي الرأيين أصلح في أوروبا؟ لا شك إن الرأي المنفتح، لأن دي بلاد الليبرالية والمرأة واخدة.. وصلت إلى أن تكون رئيسة وزراء، وتكون ملكة، وتكون كذا، فالرأي المنفتح هو أولى بهذه البلدان، ولكن طبعاً انفتاح بضوابطه مش يعني انفتاح بحيث يخرج على أحكام الشرع القطعية.

ماهر عبد الله:
الأخ طلال يسأل: إنه نحن الذين نعيش في ديار الإسلام كما يُفترض سوف نكون مُكلفين بأمور كثيرة لا يُكلف بها ألئك الذين يعشون في الغرب، أو باختصار دينهم أسهل من ديننا، فهل نحن أكثر أجراً؟ هو ويعتقد أن الذين يعيشوا في الشرق مكلفون بأشياء لا يُكلف بها من يعيشون في الغرب.

د. يوسف القرضاوي:
والله هذا..، دي قضية يعني ليست مسلَّمة، لأنه ربما أنا أقول لك إن الذي يعني يعيش في الغرب يعيش في مجتمع يعني غير مسلم لا يساعده المجتمع على أن يحيا ملتزماً بدينه، الإنسان في بلاد الشرق المسلمة يجد المساجد حوله عن يمينه وعن شماله، يسمع الأذان، يسمع القرآن في كل مكان، يجد المحجبات بالآلاف من حوله، يجد الظروف مهما كانت.. مهما كانت البلاد الإسلامية يجد هناك عوناً على الالتزام بالإسلام، هذا لا يجده في البلاد الأخرى. فالمسلم المفروض إنه هناك يُعاني أكثر من المسلم في بلاده الإسلامية، وهو مأجور على هذا من غير شك.

ماهر عبد الله:
الأخ عمرو صبري يعني يتمنى عليك وقد أرسل مداخلته باللغة الإنجليزية أن تتوجه إلى المسلمين في الولايات المتحدة، لماذا لا يقومون بما قمتم به في أوروبا؟ هل تم التنسيق؟ هل تمت محاولات لإيجاد مثلما أوجدت؟

د. يوسف القرضاوي:
هو أعتقد هناك محاولات لإنشاء يعني مجلس، وهناك هيئات للفتوى أيضاً، وهناك رابطة لعلماء الشريعة، ويعني أقامت مؤتمراً يعني في نوفمبر 98 وحضرت أنا هذا المؤتمر، وأصدرنا فيه يعني عدة توصيات وفتاوى وقرارات. دعوا أيضاً عدداً من علماء الشرق مع العلماء الموجودين هناك في أميركا، وكان هذا لقاءً طيباً، وهناك يعني أظن بعض المجالس أيضاً في أميركا لهذا الأمر يعني، لكن ربما لم تتبلور تماماً كما تبلور المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث.

ماهر عبد الله:
الأخ أُنيس كان ذكر في المجموعة الأولى من المكالمات أن الأصل في الفتيا أنها مثل القضاء أنها مسؤولية الدولة، يعني هل هذا هو الأصل، وبالتالي أنتم تريدون أن تحلوا محل دولة نظراً لغياب الدولة في العالم الغربي؟ هل الفتيا في الأساس هي مسؤولية الدولة؟ وعندنا أقل من دقيقة لذلك.

د. يوسف القرضاوي:
لأ، هو فيه فُتيا مسؤولية الدولة، الفُتيا العاملة اللي بتفتي للناس جميعاً، ويرجع إليها الناس في الميراث، وفي الأشياء اللي زي كده، وفيه فُتيا مسؤولية المسلمين، كل عالم هو مسؤول إذا سُئل يجب أن يجيب ولا يسعه أن يكتم العلم، ففيه فُتيا بالمعنى الواسع، وفيه الفُتيا العامة اللي هي بتقوم بها يعني دار الإفتاء أو وزارة الأوقاف، أو وزارة العدل أو هذه الفتوى، وهذه تنقص المسلمين، فتأتي هذه المؤسسات بديل عن الفتيا الرسمية.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله:
أخ يسأل لمولاي أحد الإخوان الأعضاء. هل ثمة أعضاء من أصول أوروبية أصلاً في المجلس؟ ذكرتم بعض الناس من أوروبا الشرقية، كان هناك أوروبيون ولدوا أوروبيين أعضاء معكم في هذا المجلس؟

د. يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم: هو إخواننا اللي في أوروبا الشرقية هم أوروبيين، يعني الشيخ مصطفى سيريتش هو أوروبي يعني بدون شك يعني بوسنوي يعني من أهل أوروبا، يعني وهناك يعني بعض الإخوة يعني .. أوروبا إنهم عاشوا مدداً طويلة وربما بعضهم مولود حتى في أوروبا، يعني لا أعرف بالضبط يعني.

ماهر عبد الله:
أحد الإخوة يسأل إذا كان.. إذا تعارضت قضية.. يعني استلم فتوى من المشرق وفتوى من المغرب في نفس القضية وهو يعيش في أوروبا، رأي من يأخذ؟ إذا تعارض رأيان في قضية تعنيه أفتى له واحد من المشرق، وأفتى له آخر يعيش في الغرب فمع من يسير إذا كان يعيش في الغرب؟

د. يوسف القرضاوي:
لأ، مش مجرد يعني القضية من في الشرق ومن في الغرب، يعني هو هناك أُناس يعيشون في الغرب، ولكنهم للأسف يعني معهم عقليته المشرقية التي سافر بها من بلده، فهو يعيش في الغرب، ولكن لا يعرف الغرب، ولا يعني يطب له من صيدلية الإسلام كما ينبغي، المسألة مش مسألة الغرب والشرق، مسألة هل هو شخص يعي الإسلام وعياً صحيحاً؟ يعرف الإسلام بأصوله ومقاصده، أم هو شخص حرفي؟ هل يعرف الواقع تماماً أو لا يعرف؟ لأنه هو أحياناً يأتي الخطأ منين؟ من إنه مش عارف الواقع كما ينبغي، يعني الذين مثلاً أفتوا بإنه المسلم يروح يصلي في المسجد الأقصى في هذا الوقت لم يعرفوا يعني حقيقة هذه القضية، إنه حينما يقول هذا معناه إن المسلم لازم يروح إلى السفارة الإسرائيلية ويطلب تأشيرة ويحط التأشيرة دي على جوازه، يعني ويدخل تحت العلم الإسرائيلي، وتحت الحراسة الإسرائيلية، ويروح فندق إسرائيلي ويعمل..، فمش مدرك هذه القضية، لو عرف الواقع يعني، فلذلك ليس المهم إنه في الشرق المهم إن الشخص يفهم الشرع بنصوصه وأصوله وقواعده، ويفهم الواقع بملابساته وبجوانبه الإيجابية والسلبية.

ماهر عبد الله:
الأخ أحمد جاب الله كان يعني جزء مما أثار من محاور أن هناك أجيال جديدة هي مواطنة لم تعرف أوطاناً غير تلك التي تعيش، وأنا أعلم أنه موضوع المواطنة هذا بحث أكثر.. أكثر من مرة، إلى أي مدى تحول الجالية من جالية وافدة إلى جالية مقيمة أثر على عمل الأقليات المسلمة في المقام الأول، ثم ينعكس في حياتهم من خلال ما تعطونهم من فتاوى؟

د. يوسف القرضاوي:
هو الأقلية هي عبارة عن إيه؟ بعضهم أُناس من أهل البلاد نفسها، يعني ناس.. المسلمون في بلغاريا بعضهم من أهل بلغاريا، ملايين منهم أهل بلغاريا، في البوسنة هم بسنويون، الكوسوفيين هم كوسوفيون، الألبانيون هم ألبانيون، هناك يعني مسلمون من أوروبا نفسها، يعني هو (يوسف إسلام) دا مش مسلم إنجليزي أصلاً بريطاني، يعني هناك مسلمون فرنسيون من أصل فرنسي، مسلمون من أصل ألماني، وبعدين هناك أناس وافدون، واكتسبوا الجنسية، يعني لأنهم ولدوا في هذه البلاد ونشأوا فيها، وهناك أُناس آخرون يُقيمون إقامة مشروعة، كل هؤلاء بنقول عليهم الأقلية الإسلامية، فلا بد أن نراعي يعني هذا كله، ومن المفروض إنه يعني أن يكون هدفنا هو توطين الإسلام في أوروبا، ألا يكون الإسلام شيئاً وافداً في أوروبا، لأ، يكون شيء أساسي ومستقر لأن الأقليات الإسلامية في كثير من البلاد تعتبر الأقلية يعني رقم واحد، يعني أو يُعتبر إذا كان مثلاً المسلمون، يعنيإذا كان الكاثوليك في فرنسا هم المجموعة الأولى، فالمسلمون يعتبروا المجموعة الثانية، يعني قبل البروتستانت، وقبل اليهود، و..، فالمسلمون أصبحوا يكونون يعني فئات لها وزنها، فهذا كله ينبغي أن يُراعى حينما يعني نُفتي للمسلمين أو نخطط لتعليم المسلمين، لدعوة المسلمين، لتربية المسلمين، نعم.

ماهر عبد الله:
عندي المجموعة الأخيرة من الهواتف، نبدأ بالأخ زين العابدين عبد الله من النمسا أخ..

زين العابدين عبد الله:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام، ممكن أطلب منك الاختصار يا أخ زين لأنه لم يبق معنا من الوقت الكثير؟

زين العابدين عبد الله:
آخ!! مشكلة دي، ماشي أحاول يا أخي.

ماهر عبد الله:
تفضل.

زين العابدين عبد الله:
عموماً يعني الدول الإسلامية لا تهتم بأبنائها في الخارج بالمرة، فتجد في الكثير من المدن الأوروبية المئات وأحياناً بالآلاف من المسلمين، ومع ذلك لا تجد أي مسجد حقيقي أو من يمد يده إليك في هذا الخضم الرهيب، وقد تكون سعيد الحظ فتجد مجهودات فردية بالاشتراك الجماعي في تأجير مكان يمكن فيه الصلاة، مثل بدروم منزل أو شقة صغيرة إلى آخره، من المعروف مثلاً إن وجود المصريين في النمسا بدأ –في النمسا خاصة يعني- بدأ ببائعي الجرائد اللي حاولوا إنهم يعملوا دعوة في النمسا من أكثر من عشرين سنة، فما الحال الآن؟ لقد اهتدى بعض عشرات من النمساويين وضاع هناك آلاف من المصريين والعرب والمسلمين يا أخي!! يعني محاولة للاختصار الشديد برضو، عندنا مئات من المسلمين في المدن النمساوية المختلفة ورغم عدم.. ورغم وجود بعض الإخوة اللي بيجتهدوا في الخطابة في أيام الجُمع في كل مدينة من مُدن النمسا من سكانهم العرب، إلا إن هذا لا يكفي بالمرة، ونحن لا نسمع عن هذا المجلس الموقر إلا من وسائل الإعلام، فما إمكانية إرسال بعض هؤلاء العلماء بصفة شبه دورية، مثلاً مرتين سنوياً أو أربع مرات سنوياً إلينا مثلاً في (نيسبروك) إلى آخره للإفتاء والخطابة إلى آخره؟

ماهر عبد الله [مقاطعاً]:
طيب مشكور جداً.

زين العابدين عبد الله [مستأنفاً]:
أخيراً إن المناهج.. أخيراً إن المناهج التي يُسمح بها لتدريسها في المدارس الأوروبية تخلو تماماً من التعريف الحقيقي لليهود وتاريخهم الأسود منذ العصر الإسلامي الأول، مثل نقض العهود وغيره، فهل يمكن لمجلسكم الموقر إبداء رأي في هذا الموضوع؟ ولكم الشكر يا أخي.

ماهر عبد الله:
طيب، مشكور جداً، وأنا يعني أريد أن أعتذر للإخوة الذين ينتظرون على الهاتف.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله:
نعود إلى الأخ عبد الحميد حاج خضر ومعذرةً أخ عبد الحميد على التأخر اتفضل أخ عبد الحميد.

عبد الحميد حاج خضر:
شكراً.. شكراً جزيلاً.

ماهر عبد الله:
أهلاً بيك.

عبد الحميد حاج خضر:
السلام عليكم ورحمة الله أكرمكم الله.

د. يوسف القرضاوي:
وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الحميد حاج خضر:
أخي الكريم بالنسبة لمجلس الإفتاء والبحوث نعم، هذا المجلس سيصدر فتاوي يؤخذ بها وتطبق وربما هذه الفتاوي أو الفتاوى تصطدم مع مسلمات الدولة العلمانية لأنه مفهوم الدولة العلمانية إما أن يكون حياد سلبي و إما أن يكون حياد إيجابي كما هو الحال في ألمانيا.. وحياد سلبي وحياد إيجابي كما هو في فرنسا أي تتدخل الدولة لحماية المفاهيم العلمانية. نعم، فهنا المشكلة يعني تدخل أحياناً في اصطدام مع مفهوم الدولة يعني الفتوى الصادرة قد تصطدم مع مفهوم الدولة للقضاء والعدل وإلى آخره. المطلوب الآن يا سيدي إنه أقصى ما تستطيع أن تقدمه العلمانية هو حيادية الدولة، وهذا لم يعد يكفي لاستيعاب التعددية الحضارية والتعددية الدينية الموجودة الآن في أوروبا وأهيب بشيخنا الكريم أن يقدم دراسة عن أن حيادية الدولة التي تنادي بها الدول العلمانية لم يعد يكفي، ولابد من الأخذ بمفهوم آخر لحرية.. للحرية الدينية وهو ما كان معمول فيه أيام الدولة العثمانية والذي يسمى بقانون (الملِّيات) الذي أسقط مع إسقاط الخلافة وقف الحلفاء..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]:
أخ عبد الحميد مشكور جداً على هذه المداخلة وأنا –إن شاء الله- أعدك يعني أعتقد نقطة تستحق الذكر و التعليق، معي المكالمة الأخيرة وأرجو أيضاً يا أخ عبد الله أن تكون مختصراً، معي الأخ عبد الله الجُديع اللي استشهد به الشيخ أكثر من مرة، الشيخ يوسف في هذه الحلقة وبدراساته، أخ عبد الله الجُديع من بريطانيا.. اتفضل.

عبد الله الجُديع:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله:
عليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي:
وعليكم السلام ورحمة الله.

عبد الله الجُديع:
كيف حالك شيخنا؟ عساك بخير..

د. يوسف القرضاوي:
حياك الله يا شيخ عبد الله، بارك الله فيك.

عبد الله الجُديع:
حفظكم الله، الحقيقة يعني أنا أريد أن أتمم يعني بمداخلة خفيفة، أريد أن أؤكد على اسم المجلس.. المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث، فيعني لأجل أن لا يفهم أن المجلس فقط يجلس لإصدار الفتوى التي يقتضيها عرض السؤال في وقت السؤال، وإنما هنالك مقدمات قد تكون سابقة لتلك الفتاوى ودراسات بالذات في إصدار القرارات في القضايا التي تعم بها البلوى وحاجة المسلمين في أوروبا، فإن المجلس يقعِّد لها بتقعيد وتأصيل ينبني على الاستدلال الشرعي وعلى المقدمات الشرعية المعروفة.

النقطة الثانية التي أحببت أن أذكرها هي أن المجلس الأوروبي قد أسس وأنشأ لجان فرعية انبثقت عن المجلس لتحقيق حاجة الفتاوى المستعجلة التي ترد على أو لكثير من الناس.

د. يوسف القرضاوي:
نعم.. صحيح.

عبد الله الجُديع:
لجنة في فرنسا وأخرى في بريطانيا وكذلك أيضاً شيء من التنسيق يتم مع لجنة الفتوى التابعة (للملي جروش) في ألمانيا، المجلس الأوروبي أريد أن أؤكد أنه ليس بمجلس عربي لأن يعني بحكم أني كنت الأمين العام السابق للمجلس، فأعرف أن هناك حساسية بعض الناس، يظنون أن المجلس الأوروبي فقط يعني أعضاؤه هم العرب أو من العرب من أهل العلم، لأ المجلس الأوروبي تعدى لأن يكون فيه هناك من.. يعني يمثلون كعلماء.. الجالية أو الأقلية الباكستانية أو الهندية أو التركية أو فضلاً عن أصحاب الفضيلة العلماء من شرق أوروبا. كذلك يعني أحببت أن أؤكد أمراً هو أن قضية الفتوى في صدورها من المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث تصدر الفتوى من المجلس الأوروبي للإفتاء و البحوث مبنية على اعتبار الاستدلال من الكتاب والسنة، مقرونةً باعتبار مذاهب الفقهاء وأهل العلم، كذلك أيضاً لا تأتي على المصادمة لما هو معروف مسلم من دين الإسلام..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]:
اسمح لي.. اسمح لي أسألك سؤال أخ.. أخ عبد الله.

عبد الله الجُديع [مستأنفاً]:
إنما التيسر التي ينهج إليه المجلس هو تيسير في حيز الأدلة والنصوص الشرعية.

ماهر عبد الله:
أخ عبد الله اسمح لي بسؤال بما هو مختصر، يعني أجبني عليه بنعم أو لا، أنت ذكرت في موضوع الاستدلال ومذاهب الفقهاء، أنت يعني محسوب في عرف الإنجليز وفي عرف الأقلية المسلمة هناك على أهل الحديث الذين يقيمون للنص اعتباراً كبيراً سئلنا أكثر من سؤال في هذه الحلقة عن الاجتهاد في معرض النص، كونك من أهل الحديث هل ترى في المجلس تصادم مع النصوص؟

عبد الله الجُديع:
لا، قناعتي التامة -وأنا عضو في هذا المجلس الموقر- أن المجلس يعني يجمع بين الأصالة والتجديد، يجمع بين الاستدلال بالأدلة من الكتاب والسنة والوقوف عندها، ويتخير من المذاهب ما هو أوثق بتلك الأدلة، لكن مع اعتبار مقاصد التشريع التي هي أدلة في حقيقتها ومن جملة القرآن والسنة تتنزل عليها. فليس في اعتقادي التام أن المجلس الأوربي صار الفتوى أو رأي أو سيصير في أي وقت –إن شاء الله- مستقبلي يعارض شيئاً هو يمكن أن يسمى نصاً باصطلاحه هذا.

ماهر عبد الله:
شيخ عبد الله الجُديع مشكور جداً على هذه المشاركة، سيدي أعود إلى سؤال الأخ عبد الحميد الحاج خضر، فلسفة الدولة الأوروبية قائمة على علمانية تحايد فيها الدولة. هل يمكن لنا أن نقدم بديلاً الحقيقة.. هذا يعني ذكرني ببعض الأسئلة التي وصلت على الفاكس يعني متفائلة لدرجة الأخ سعد الله محمد شاكر.

د. يوسف القرضاوي:
الإنترنت.

ماهر عبد الله:
هل يمكن.. بالإنترنت، هل يمكن أن يكون الغرب نقطة العودة بالإسلام إلى الحياة جمعاء كان سؤاله أو تمنيه عليك الأخ عبد الحميد الحاج خضر: هل لك أن تقوم بدراسة عن حيادية الدولة العلمانية وتقديم مفهوم للحرية جديد يشابه ما سماه بقانون (الملل).

د. يوسف القرضاوي:
نحن نريد يعني الدولة تكون محايدة، يعنى لا تكون معارضة، يعني إحنا بنعيب على فرنسا -وهم يقولون إنها أم الحريات و إلى آخره- أنها تعارض الفتاة المسلمة أو الطالبة المسلمة التي تلبس الحجاب في المدرسة، طب أنت دولة علمانية والعلمانية المفروض إنها تدع الناس أحراراً، يعني من الحرية الشخصية والحرية الدينية، فإذا فرضت على المسلمة أنها تخلع حجابها فأنا أعارض حريتها الشخصية وأعارض حريتها الدينية، ألزمها بشيء يخالف دينها، ولذلك مهمة المجلس هنا إنه يعطي مرجعية أمام هؤلاء، لأنه أنا لما خاطبت بعض الفرنسيين قالوا إنه بعض علماء المسلمين قالوا أنه الحجاب ليس فرضاً، فقلت لهم: لأ ما قال هذا عالم معتبر، فحينما يصبح المجلس مرجعية معتبرة في الاتحاد الأوروبي وغير ذلك، أقول لهم: لأ هذا مجلس معتبر في أوروبا ويقول: إن الحجاب فرض فلا يجوز أن تفرض على المسلمة ما تخالف به دينها وتخرج به عن طاعة ربها. فنحن يكفينا أن تكون الدولة حيادية وتترك الحرية للناس من أراد أن يتدين يتدين، ومن لم يرد أن يتدين فهو وما شاء لنفسه، هذا يكفينا في الدولة.. الدولة الليبرالية هذه، يعني.

ماهر عبد الله:
الأخ زين العابدين من النمسا لم يسمع بالمجلس، هل يعني إلى أي مدى ينتشر المجلس في أوروبا -كما قال- وذكر اسم المدينة لم تعلق في ذهني، لكن يقول إنه نسمع عنكم من الإعلام فقط، يعني من الصحف، لكن ليس لهم وجود هل..، وكان يتمنى أن ترسلوا لهم خطباء علماء.

د. يوسف القرضاوي:
لأ، إحنا.. ليس مهمة المجلس أن يرسل خطباء ولا علماء، لو هو ممكن المجلس يأتي بخطباء و علماء ويعمل لهم دورة مثلاً تدريبية، دورة للدعوة، دورة للتثقيف، إنما ليست مهمة المجلس إنه يذهب إلى هذه البلاد، إحنا المجلس أعضاؤه كلهم مشغولون بمشاغل كبرى ويجتمعون دورتين في كل سنة يعني فيكفيهم هذا، يكفيهم إن يعملوا ندوات متخصصة –كما قلنا- ولكن ربما يكون هناك تقصير إعلامي من الإعلام ولعله عندما يكون هناك موقع المجلس على الإنترنت يكون هذا سبباً في شيوع التعريف بالمجلس أكثر وأكثر.

ماهر عبد الله:
طب، جزاك الله خير، أعزائي المشاهدين لم يبق إلا أن أشكركم، وأشكر باسمكم فضيلة العلامة القرضاوي إلى الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المصدر: الجزيرة