المبشرات بانتصار الإسلام
مقدم الحلقة | أحمد منصـور |
ضيف الحلقة | د. يوسف القرضاوي – داعية إسلامي كبير |
تاريخ الحلقة | 24/01/1999 |
![]() |
![]() |
أحمد منصور:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة)، رغم الواقع الذي يعيشه المسلمون من تمزق وتشرذم وضعف وتداعي من أمم الأرض عليهم، رغم هذا الواقع فإن الإسلام دين البشائر والمبشرات، والوعد بالغلبة، والنصر، والتمكين، وظهور المسلمين على العالمين، ويحفل القرآن الكريم بالحديث عن هذه المبشرات التي عادة ما تخرج من قلب اليأس.
(حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرنا فنُجي من نشاء ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين) (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون) أما السنة النبوية فإنها مليئة بالأحاديث التي تبشر بالنصر والتمكين لهذا الدين، تساؤلات عديدة حول المبشرات بانتصار الإسلام أطرحها في حلقة اليوم على فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. مرحباً فضيلة الدكتور.
د. يوسف القرضاوي:
مرحباً بكم يا أستاذ أحمد.
أحمد منصور:
بعض الناس ينتقضون الحديث عن المبشرات في ظل الواقع الذي تعيشه الأمة، ويعتبرون هذا خروجاً، أو هروباً من هذا الواقع هل يتفق هذا أو يختلف مع ما أوصى به الإسلام في ظل هذا الوضع وهذا الواقع الذي تعيشه الأمة؟
د. يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن اتبع هداه، وبعد .. أولاً نحن مأمورون بالتبشير، النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فيما رواه عنه أنس ابن مالك "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا" نحن مأمورون بالتيسير في الفتوى والتبشير في الدعوى، وحينها أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل إلى اليمن أوصاهما بهذه الوصية الجامعة الموجزة قال: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا
ولا تنفروا، وتطاوعا ولا تختلفا" فنحن نتبع النهج النبوي، والهدي النبوي في التبشير.
والأمر الثاني: إن ما تقوله هو أدعى إلى التبشير حينما يكون الواقع واقعاً مؤلماً وتحيط به الظلمات من كل جانب، معناها أن هذا يجعل عوامل اليأس تغلب على الناس، نحن في حاجة إلى أن نغالب عوامل اليأس ببواعث الأمل فمن أجل هذا نوحي إلى الناس بهذه المبشرات حتى لا يستيئسوا ولا يستسلموا للقنوط فالقنوط من مظاهر الضلال، واليأس من لوازم الكفر، الله -تعالى- يقول(فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) فليس هذا هرباً من الواقع، بل هو علاج لهذا الواقع، نعالج الواقع بهذه البشائر، في هذه الظلمات نشيع هذا الفجر من النور، وأن بعد الظلمات دائماً يأتي الفجر، وأحلك ساعات الليل سواداً هي السويعات التي تسبق الفجر عادة.
أحمد منصور:
لكن هذا ما يعتبر هروب من الواقع المليء بالمآسي، بالابتلاءات، بالتضيق على المسلمين في كل مكان، الحديث عن المبشرات، عن واقع آخر لا يعيشه المسلمون الآن؟
د. يوسف القرضاوي:
آه، ما هو حتى لا يستسلم الناس لهذا الواقع، ويظنون إن هذا الواقع دائم ولا تغيير فيه ولا خروج منه، لا.. هذا الواقع مؤقت، ولا يمكن أن يستمر، فعندنا من سنن الله ومن المبشرات التي سنتحدث عنها بالتفصيل ما ينبأنا أن هذا الواقع غير مستمر. ويحتم علينا هذا أكثر إن بعض الناس يظنون يعني فهموا أفهاماً خاطئة من الأحاديث التي جاءت في أشراط الساعة، وفي الملاحم، وفي الفتن، وكذا فهموا إن آخر الزمان ده هو.. يعني معناها إن الحالة ستزداد سوءاً، من حسن إلى سيئ، ومن سيئ إلى أسوأ، ومن أسوأ إلى الأشد سوءاً أن الإسلام في إدبار والكفر في إقبال، فهذه الحقيقة فكرة سيئة، ومعناها إنه لا أمل في إصلاح ولا رجاء في تغيير.
أحمد منصور:
هذا منتشر الآن على وجه الخصوص يروج هؤلاء فعلاً أننا الآن نتجه إلى آخر الزمان، وأن الوضع المأسوي الذي يعيشه المسلمون هو جزء من أحاديث الفتن، وأيام الابتلاءات المليئة بالسواد التي تأتي على نهاية الزمان، ومن ثم فيجب البعد عن هذه الأمور وأن ينكفئ كل إنسان لإصلاح حاله.
د. يوسف القرضاوي:
ومن هنا يجب إن يعني هؤلاء الذين يذكرون الأحاديث التي فيها يعني شيء من قد توحي بما يفهمه بعض الناس منها من تشاؤم، ومن ازدياد الشر وغلبته على الخير إلى آخره، نريد نأتي بالأحاديث المناقضة لهذا، الأحاديث المبشرات وهي كثيرة جداً.
أحمد منصور:
طيب، فضيلة الدكتور، من خلال عملية التبشير إحنا الآن استشهدنا في المقدمة ببعض الآيات القرآنية، هل التبشير أيضاً أو البشرى بانتصار الإسلام وإشاعة عملية الاستبشار لدى المسلمين موجودة في مصادر مختلفة عديدة غير ما ورد أيضاً في القرآن الكريم؟
د. يوسف القرضاوي:
هو أول شيء، أو أول مصدر يبشر المسلمين بأن الإسلام سيظهر، وستعلو رايته ويرتفع.. ترتفع أعلامه في الآفاق هو القرآن. أنت ذكرت بعض آيات في حديثك، إنما هناك في القرآن (هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) ليظهره على الدين كله ذكرت هذا في آيات ثلاث من القرآن الكريم. الظهور على الدين كله أي على كل الأديان، طبعاً في أيام ازدهار الإسلام، والفتوح الإسلامية انتصر الإسلام على اليهودية، وانتصر الإسلام على المجوسية، وانتصر الإسلام على المسيحية وأخذ منها عدد من بعض البلاد. ولكن برضه بقيت للمسيحية بلاد أخرى، وبقيت وثنيات كبرى في العالم: البوذية، والوثنيات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الهندوسية وغيرها.
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
الآسيوية والأفريقية موجودة، إنما إحنا عندنا بشارة في القرآن تقول سيظهر على الدين كله.. على جميع الأديان..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ما هو من صنع البشر، وما هو من الأديان السماوية السابقة.
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
وما هو من الأديان الكتابية، والأديان الوثنية، والوضعية، فعندنا (يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون) وعندنا قوله تعالى: (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدونني ولا يشركون بي شيئاً) عندنا الآيات اللي بتتحدث عن المستقبل (قل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها) (سنريهم آياتنا) السين دي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
استمرارية.
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
المستقبل (سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق) بل القصص القرآني نفسه، قصص الله -سبحانه وتعالى- يذكر لنا الأنبياء مع أقوامهم وبعدين في النتيجة يكون انتصار الرسول والمؤمنين وهلاك الكفار والمكذبين، لماذا تذكر هذه القصص؟ لتدلنا على أن الإيمان لابد أن ينتصر في النهاية وأهل الإيمان لابد أن ينتصروا، فهذه كلها مبشرات قرآنية.
ومن قرأ القرآن وجد فيه هذا بوضوح، قد تأتي في الطريق محن وفتن (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) والآية اللي إنت ذكرتها في المقدمة (مستهم البأساء والضراء وزلزلوا) بأساء في الأموال، وضراء في الأبدان جراحات وتعذيب، وزلزلة في النفوس ومع هذا (حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله) يستبطئون النصر، يعني طالت المدة.
وهكذا الصحابة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء خباب بن الأرت وقال: "يا رسول الله، ألا تدعو لنا، ألا تستنصر لنا، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- رسول الله جالس بجوار الكعبة ومتوسداً ردائه، فجلس محمراً وجهه وقال: إن من كان قبلكم كان يمشط أحدهم بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب وينشر أحد بالمنشار فلقتين ما يصرفه ذلك عن دينه، والذي نفسي بيده ليظهرن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون".
أحمد منصور:
يعني العجلة هذه موجودة في الطبيعة البشرية.
د. يوسف القرضاوي:
الطبيعة البشرية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى أيام الرسل، حتى أيام الرسول -صلى الله عليه وسلم-..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
آه طبعاً (خلق الإنسان من عجل).
أحمد منصور[مستأنفاً]:
وما نحن فيه هو امتداد لهذا؟
د. يوسف القرضاوي:
نعم، فالإنسان بيستعجل يقول إمتى نصر الله، فيقول له: لا هذا.. أراد النبي
-صلى الله عليه وسلم- أن يؤكد رغم هذا التعذيب ورغم هذا الإيذاء إنه النصر قادم، وظهور الدين آت لا ريب فيه، ولكن كل شيء بأوان يعني لكل شيء أجل مسمى، والله لا يعجل بعجلة الناس، فمن أجل هذا لابد أن يكون عندنا يقين أن نصر الله آت لا ريب فيه.
أحمد منصور:
آيات النصر هذه حينما نضعها أو حينما ننزلها على الواقع الذي نحن فيه، وآيات البشرى والآيات المستقبلية التي تبشر المسلمين بالغلبة، وبالتمكين وبغير ذلك، حينما ننزل هذا على الواقع الذي نحن فيه، هل هناك صلة -فضيلة الدكتور- ما بين الواقع الذي نحن نعيش فيه وما بين هذه الآيات أيضاً التي تبشر بالنصر والتمكين للمسلمين؟
د. يوسف القرضاوي:
الصلة هو أن هذا الواقع لا يدوم، أن هذا الواقع يحدث دائماً، الأمة كالأفراد الفرد يصيبه الصحة والمرض، ويصيبه العسر واليسر، وتصيبه الشدة والرخاء، يعني هذه سنة الله في الحياة، الناس يقولون "دوام الحال من المحال" والقرآن عبر عن هذا، وفي السنة بنسميها سنة المداولة مداولة الأيام بين الناس (تلك الأيام نداولها بين الناس) العرب يقولون: "الدهر قلب، الدهر يومان يوم لك ويوم عليك" فمعناها أن هذا التغير لابد منه، لا يمكن أن تستمر الحياة على وتيرة
واحدة.
الأمم تصيبها.. الضعف ثم تقوى، تصيبها الأمراض ثم تصح، يصيبها النوم ثم تستيقظ. فلابد أن يعرف الناس هذا، ولولا هذا ما قام مصلح وما قام مجدد، ولبقيت الحياة راكدة أبد الدهر، ولكن طبيعة الإسلام تأبى هذا. ولذلك جاء في الحديث "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل سنة من يحدد لها دينها".
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مائة سنة.
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
آه، فكل مائة سنة من يجدد لها دينها، كل قرن من الزمان يظهر من يجدد، ومن يجدد يعني بعض العلماء جعلوا المحدد واحداً، عددوا المجددين ولكن هناك من العلماء من القدامى وأنا أؤيد هؤلاء إن التجديد قد يكون بفرد وقد يكون بجماعة، قد تكون بمدرسة، بحركة تقوم تجدد الإسلام، ونحن في عصرنا أحوج ما نكون إلى هذا التجديد الجماعي، مفيش فرد واحد يقدر يقوم كده ويجدد، أمة من ألف و300 مليون، لابد إن يقوم مجددون من أنواع مختلفة. وقد يكونون أفراداً متناثرين، وقد يكونون جماعات تعمل على تحريك الأمة، وإيقاظها من ثبات، وجمعها من شتات بعمل جماعي، منظم، مرتب. وهذا هو الواجب.
أحمد منصور:
يعني الأمر يحتاج إلى مغالبة، يحتاج إلى عدم ركون لهذا الواقع، وسعي لعملية التغيير، وفي ظل هذه المغالبة حينما تصل موازين القوى إلى القدر الذي يقدره الله -سبحانه وتعالى- تحدث عملية التغيير.
د. يوسف القرضاوي:
تغيير.. هو التغير القرآن ذكر، يعني قانون التغيير إن لكي تغير من أمة لا تكتفي بالتغيير السطحي. الأمة لا تغير من الظاهر إنما تُغير من داخلها. الأمم تقاد من داخلها، تقاد من عقولها، ومن ضمائرها. فلابد أن تجدد العقول بالتفكير، وتجدد القلوب بالإيمان، وتجدد العزائم بحيث يترك الناس الاسترخاء، واليأس، وينهضوا من جديد.
عملية إيقاظ من الداخل كي تقود الأمة من داخلها، وهذا ما عبر عنه القرآن بقوله (إن الله لا يغير بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) الجماعة الماركسيين عندهم قاعدة إن غير الاقتصاد، وغير علاقات الإنتاج يتغير التاريخ، الآن إحنا عندنا غير نفسك يتغير التاريخ، أو بتعبير القرآن غير ما بنفسك.. غير ما بنفسك من الشر إلى الخير، ومن الضلال إلى الهدى، ومن الضعف إلى القوة، ومن الانحراف إلى الاستقامة، ومن الركود إلى الحركة، ومن التبعية إلى الاستقلال، استقلال في الفكر، استقلال في الإرادة، واستقلال في العمل، غير ما بنفس الأمة تتغير الأمة كلها (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
أحمد منصور:
قبل أن نصل إلى الشواهد التاريخية التي ربما تصل أيضاً في قضية التبشير، بالنسبة للسنة النبوية حضرتك الآن ذكرت لنا بعض الأشياء التي وردت في القرآن الكريم، والسنة النبوية باعتبارها مكمل أيضاً يكمل هذا الأمر المبشرات أو أهم المبشرات التي وردت في السنة النبوية والتي يمكن أن يركن لها المسلم يعني للخروج أيضاً من هذا الواقع الذي نعيشه الآن؟
د. يوسف القرضاوي:
السنة يعني حافلة بالمبشرات، وللأسف الناس يعني فهموا من بعض أحاديث السنة إنه إحنا في آخر الزمان، والفتن عمت، والبلايا طمت، وما عاد هناك سبيل لتجديد أو تغير أو إصلاح، لأ، السنة مليئة بالمبشرات. هناك مبشرات بانتشار الإسلام في العالم. الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن تميم الداري، أنه "ليبلغن هذا الأمر -أي أمر الإسلام- ما بلغ الليل والنهار" حيث ينتشر الليل والنهار سينتشر الإسلام ولا يبقى بيت مدر أو وبر بيت مدر مبنى بالحجارة، ووبر بيت شعر يعني في الحضر أو البدواى يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أبو البوادي يعني، نعم..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
"لا يبقى بيت مدر أو وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل"..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
عايزين نفهم دي فضيلة الدكتور..
د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
بعز يعز الله به الإسلام، وذل يذل الله به الكفر، وهذا معقول جداً إن البشرية يعني بعد أن تذوق المر والصاب والعلقم من جراء المادية المجحفة و الإباحية المسرفة تريد أن.. لم تجلب عليها هذه المادة والإباحية إلا الشقاء وإلا التعاسة، فتبحث عن هذا، وفي عصرنا إمكانية نشر الدين متاحة بهذه القنوات الفضائية، وبالإذاعات الموجهة بالإنترنت، بالصحف، بالنشر.. الكلمة المكتوبة تستطيع أن تغزو العالم.
فأنا أتصور إنه ممكن فعلاً إنه يأتي وقت ينتشر الإسلام في العالم كله، عندنا أيضاً إنه اتساع ملك الأمة جاء في صحيح مسلم النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله زوى لي الأرض -يعني ضمها وجمعها- فأُريت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتي سيبلغ ما زُوِي لي منها".
الأمة الإسلامية ملكت معظم الأرض القديمة، إنما دي، لأ الأرض كلها هذا، الحديث الأول يتحدث عن اتساع الدين، وهذا يتحدث عن اتساع الدولة.
وجاء في الحديث الذي رواه الأمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سُئِلَ أي المدينتين تفتح -أولاً- رومية أو قسطنطينية. فقال -صلى الله عليه وسلم- "مدينة هرقل تفتح أولاً" ومعنى هذا إن الصحابة كانوا سمعوا إنه المدينتين ستفتحان بالإسلام رومية وقسطنطينية، رومية اللي هي روما يعني اللي هي عاصمة إيطاليا، وقسطنطينية اللي هي كانت عاصمة الدولة الرومانية البيزنطية، واللي هي مكانها الآن استانبول، فقال: عاصمة هرقل اللي هي القسطنطينية ستفتح أولاً، وده قد حدث فتحها ذلك الشاب العثماني الطموح محمد بن مراد الشهير بمحمد الفاتح، فتحها وهو في الثالثة والعشرين من عمره..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هل هذا اللي دفع الصحابة حتى أن يسعوا سيدنا أيوب الأنصاري من البداية أن يكون له شرف الفتح؟
د. يوسف القرضاوي:
آه، من عهد الصحابة ذهبوا لفتح القسطنطينية ولم يكتب لهم هذا، واستشهد أبو أيوب الأنصاري على أسوار القسطنطينية ودفن هناك، وادخر الله هذا الفضل لهذا الشاب الذي قرأ في كتب الحديث "لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش" فتطلعت نفسه أن يكون هو هذا الأمير وأن يكون جيشه هو هذا الجيش، ومن زار استانبول، وزار جامع محمد الفاتح هناك يجد هذا الحديث، مكتوباً، فهو فكر، وهو عمره 19 سنة في فتح القسطنطينية، ولا زال يفكر حتى وصل المُلك إليه وهيأ الله له أن يفتح القسطنطينية في 20 جمادى الأولى سنة 857 هجرية، في 29 من مايو 1493ميلادية، إخوانا في حزب (الرفاه) أنا حضرت مرتين هناك يحتفلون..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
احتفالات فتح القسطنطينية..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
بذكرى فتح القسطنطينية، الدولة العلمانية يعني أرادت أن تغطي على هذه الذكرى وتنساها، مع إن هي التي جلبت لهم المجد، فهم أردوا أن يذكِّروا الناس بفتح القسطنطينية.
طيب، ففتحت القسطنطينية، بقى الشق الثاني من البشرى هو فتح رومية.
أحمد منصور:
رومية.
د. يوسف القرضاوي:
ومعنى هذا أن الإسلام سيعود إلى أوروبا مرة أخرى، الإسلام دخل أوروبا مرتين وخرج..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
ولذلك أوروبا الآن تحاول أن تقضي عليه في البوسنة والهرسك وفي كل المناطق.
د. يوسف القرضاوي:
آه، طبعاً هم لا يريدون أن يكون للإسلام وجود، ولكن الإسلام موجود في أوروبا الآن في أوروبا الغربية وفي أوروبا الشرقية، فيه أناس من أهل البلاد الأصليين يعني مسلمون..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حتى إن رئيس يوغسلافيا يعلن لأوروبا إنه هو يحميها من المد الإسلامي بما يفعله في كوسوفو وفي (البوسنة والهرسك) نعم.
د. يوسف القرضاوي:
هم قالوا.. في أيام البوسنة والهرسك قالوا: نحن فرسان الصليب، نحن نقوم بما قام به الفرسان الصليبيين في العصور الوسطى، وأنا الآن يعني ربما يكون الفتح القادم -إن شاء الله- هو فتح الدعوة والفكر ليس من الضروري أن يكون الفتح بالسيف. القرآن يعني قال: (إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً). وهذا الفتح المبين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صلح الحديبية..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
لم يكن فتحاً بالسيف ولا بالحرب، ده بالصلح وبالسلام، ولذلك الصحابة قالوا: "هو يا رسول الله؟" قال: "نعم هو فتح". فالفتح السلمي له أصل في القرآن الكريم وفي السنة، فنحن يعني قد نفتح هذه البلاد بدون جيوش، لأنه نريد جيوش من الدعاة والمعلمين، والذين يعرضون الإسلام بشتى اللغات وشتى اللهجات، وعلى شتى المستويات من الناس، نحن مقصرون في هذا جداً جداً جداً.
أحمد منصور:
يعني ربما أيضاً قضية الحوار القائمة الآن يكون لها دور كبير في عملية الفتح التي أشرت إليها من فتح الدعوة للفكر.
د. يوسف القرضاوي:
نعم..
[موجز الأخبار]
أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، كنا نتكلم عن المبشرات التي وردت في السنة النبوية ويبدو أن هناك أشياء حضرتك تود أن تضيفها إلى ما سبق.
د. يوسف القرضاوي:
هو المبشرات كما قلت في السنة كثيرة لا يمكن أن نحيط بها، إنما أنا أشير إشارات مثلاً هناك مبشرات أن أرض العرب ستعود مروجاً وأنهاراً، وإن الرخاء الاقتصادي سيعم حتى أن الإنسان لا يهمه أين يجد من يقبل صدقته، يمر بصدقته ومعاه القطعة من الذهب ويذهب إلى الرجل يقول له: والله لو جئتني بالأمس لقبلتها منك أما الآن فلا حاجة لي فيها، يعني رخاء هائل ورد إنه ستكون هناك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني ليس رخاء النفط، هذا هو المقصود.
د. يوسف القرضاوي:
لأ، ده أكثر من هذا، النفط ده بيشتروه منا بأرخص الأسعار يعني.. لأ، هذا رخاء لا حد له، وأيضاً من المبشرات إن ستعود خلافة على منهاج النبوة. ذكر لنا النبي -صلى الله عليه وسلم- إنه فيه نبوة ثم خلافة على منهاج النبوة، وتبقى ما شاء الله، ثم ترفع، ثم يأتي ملك عاض كأن له أنياب تعض يعني من العسف والظلم الذي يقع في.. ثم يأتي ملك جبرية، جبروت أشبه بالحكم العسكري المستبد، ثم تأتي خلافة على منهاج النبوة.
فهذه كلها من المبشرات.. من المبشرات المهمة يعني الانتصار على اليهود، النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر والشجر: يا عبد الله يا مسلم هذا يهودي ورائي فتعالَ فاقتله إلا شجرة الغرقد فإنه من شجر اليهود".
وكان الناس قديماً يعجبون من هذا الحديث، يعني كيف يقاتل المسلمون اليهود يعيشون في ذمة المسلمين وفي حماية المسلمين؟! كيف يقاتلون المسلمين، وبالعكس اليهود طردوا من أنحاء العالم، ولم يجدوا لهم كهفاً يأويهم.. يؤويهم إلا دار بلاد المسلمين في (أسبانيا) وفي غيرها، طردهم الناس، لفظوهم لفظ النواة، وجاؤوا من الآفاق المختلفة لم يجدوا إلا الوطن الإسلامي ودار الإسلام تحميهم، فكان الناس يقولوا: فكيف؟ حتى وجدنا ذلك.. مصداق ذلك في عصرنا.
إن اليهود قلبوا ظهر المجن للأمة الإسلامية، وأقاموا دولتهم في قلب بلاد العرب والمسلمين وأصبحوا هم العدو الأول للأمة الإسلامية، وهم الآن طبعاً يعني منتصرون، وهم الذين فرضوا وجودهم بالحديد والنار، وبالعنف، وبالدم ولم يكن لهم أي وجود في فلسطين، كانوا أفراد عاديين ميجوش 5% أصبحوا الآن لهم عدة ملايين وهم يعني يتحدون العرب والمسلمين في أنحاء العالم 250، أكثر من 250مليون عرب وأكثر من ألف مليون وراءهم من المسلمين. فالحديث يقول إن سينتصر المسلمون على اليهود..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن كأن الحديث..
د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
ويكون كل شيء مع المسلمين ضد اليهود يعني حتى الحجر والشجر، لأنه في حالة الغلبة حينما تخذل يكون كل شيء ضد حتى السلاح الذي في يديك لا تستطيع أن تستعمله كما حدث لنا للأسف سنة 67، وحينما يأتيك النصر يكون كل شيء معك وضد عدوك، ففي حالة النصر هذه سيكون الحجر والشجر كل شيء مع المسلمين.
هل ينطق الحجر والشجر يعني بلسان الحال أو بلسان المقال، يعني العرب يقولون: "لسان الحال أبلغ من لسان المقال". فيعني معناها أو ينطق بالفعل كل ده جائز إنما النتيجة واحدة وهو أن كل شيء سيكون في صف المسلمين وسينتصر المسلمون على اليهود الذين يتبجحون الآن بما لهم من قوة، ومن ترسانة عسكرية ومن أسلحة نووية إلى آخره.
أحمد منصور:
لكن كأن "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود" نهاية لأن هذا سيكون في آخر الزمان، وفي نهاية الدنيا، والواقع الآن الذي يعيش فيه الناس لا يحمل الكثير من هذا، فمعنى هذا إن هذا الأمد سوف يطول على الناس، وهذا أيضاً يدفع بعض الناس..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
كلمة لا تقوم الساعة، كلمة لا تقوم الساعة ليس يعني من الضروري أن تكون الساعة في أعقابها إنما يدل على أن هذا أمر واقع لابد منه، يعني فيه أشياء لا تقوم الساعة حتى تحصل وحصلت يعني فهذا دليل على إنه أمر لابد أن يقع قبل أن ينفض سرادق هذا الكون.
أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، كيف أيضاً نوازن ما بين هذه الأحاديث التي تحمل هذه المبشرات التي تصل في بعضها إلى رخاء تصل إلى أن الإنسان يحمل الذهب ولا يجد من يقبله منه كصدقة وبين أحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- التي جاء في بعضها "بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ"، "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم".
وحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم- "لا يأتي زمان إلا والذي بعده أشر منه". وهذا أيضاً أحاديث الفتن، هناك مَنْ يمسك بها الآن، وليس له حديث أو كلام إلا فيها ويحاول حتى أن ينزلها أو يسقطها على الواقع الذي تعيشه الأمة، كيف يوازن المسلم بين أحاديث المبشرات وبين أحاديث الفتن؟
د. يوسف القرضاوي:
هو يعني لو أحسنا فهم أحاديث الفتن لم نجد أي تناقض، يعني خذ مثلاً حديث "بدأ الإسلام غربياً وسيعود غربياً كما بدأ". بعض الناس يفهم إنه سيعود الإسلام غريباً وستظل غربته إلى الأبد، الإمام ابن القيم يقول: هذه دورات أو موجات يعني قد تأتي غربة الإسلام في مكان دون مكان، وفي زمان دون زمان، وعند قوم دون قوم، وهذا ما جربناه في التاريخ، يعني تغرب شمس الإسلام من بلد لتظهر في .. يعني الإسلام غربت شمسه من الأندلس، وقامت الدولة العثمانية، وفتحت القسطنطينية، ودخلت أوروبا، واحتلت البلقان، وطرقت أبوب (فيينا) أربعة مرات، موجة تأتي من هنا وموجة من هنا، إنما ليس هناك غربة دائمة وعامة وشاملة، لأ.. الإسلام دائماً لابد أن يظهر.
ولذلك الأحاديث الأخرى إنه يعني فيه طائفة منصورة الحديث الضعيف إن "لا تزال طائفة من أمتي قائمين على الحق لا يضرهم من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك". ومن ذلك الحديث الذي رواه الإمام أحمد والطبراني ورواته ثقاة في "إنه لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضروهم مَنْ جابههم أو مَنْ خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء -أي من أذى في الطريق- حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك" قالوا: "يا رسول الله أين هم؟" قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
فلماذا ننسى هذه؟! فالغربة ليست غربة شاملة وعامة، غربة في مكان دون مكان، وفي زمان دون زمان، وبعدين الحديث "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه"..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أشر منه.
د. يوسف القرضاوي:
هذا.. المحققون من العلمان قالوا: هذا كان خطاباً للصحابة، اللي روى هذا أنس بن مالك، صحيح أنس فهم منه إن ده أمر عام إنما لأ، هو الرسول بيقول لهم: إنه لا يأتي عليكم أنتم أيها الصحابة إن زمن النبوة أفضل من زمن الصحابة، وزمن أبو بكر وعمر أفضل من زمن عثمان وعلي، وزمن عثمان وعلي أفضل من زمن بني أمية وزمن بني أمية أفضل من الأزمان التي بعده.
كل فهذا هو المقصود، وليس المقصود.. وإلا ما معنى.. لا يقول أحد: إن زمن عمر بن عبد العزيز شر من زمن الحجاج قبله..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
مع إنه سمي خامس الخلفاء الراشدين.. نعم..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
مش ممكن، وبعدين الأحاديث التي جاءت بظهور المهدي، وظهور المسيح يعني في آخر الزمان وإن الناس كلها ستدخل في الإسلام، هل هذا الزمن يكون شر مما قبله؟ مستحيل طبعاً هذا. فلابد أن نوفق بين الأحاديث بعضها وبعض. وبعدين هناك شيء مهم جداً، وهو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
عليه الصلاة والسلام.
د. يوسف القرضاوي:
"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها" لو الساعة حتقوم كده وإسرافيل حينفخ في الصور وستنهد الدنيا يقول: إذا كان في يدك شتلة أو نخلة صغيرة تريد أن تغرسها والساعة حتقوم اغرسها، طب ليه يغرسها؟
أحمد منصور[مقاطعاً]:
إعمار الكون واستمرار الحياة، استمرار لا ينفصل. نعم..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
واستمرار، إذا كان هذا في أمر الدنيا، فهل الدين أهون من الدنيا؟! إن مطلوب الإنسان في أمر دنياه أن يظل منتجاً وعاملاً ومعطاءً للحياة إلى أن تلفظ الحياة آخر أنفاسها ولو لم ينتفع هو من هذه الغرسة، ولو لم ينتفع أولاده لأنه مفيش أولاد. المثل المشهور إن لما قيل للرجل الشيخ الكبير: أنت بتغرس شجرة الزيتون دي إنما مش حتثمر إلا بعد كذا سنة، وأنت على حافة القبر. فقال لهم: غرس لنا من قبلنا فأكلنا، ونغرس ليأكل من بعدنا، هذا إذا كان فيه من بعدنا. إنما هنا ده الساعة قائمة، فهذا استمرار إن الإنسان يجب أن يعمل..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يتفاعل مع الكون والحياة لا يعتزل..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
إلى آخر لحظة حتى ولو لم ينتفع، فإذا كان من أمر الدنيا في أمر الغرس والزرع، فما بالك في أمر الدين يجب أن يظل الإنسان عاملاً، ولا يلقي سلاحه، يظل يعمل ويدعو إلى الله، يصلح نفسه ويدعو غيره، (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) إلى الموت هذا هو المطلوب من المسلم.
أحمد منصور:
اسمح لي فضيلة الدكتور آخذ بعض المداخلات، الأخ أبو أيمن من الأردن. أبو أيمن.
أبو أيمن:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.
أبو أيمن:
بارك الله فيك يا سيدي الشيخ، فيه عندي سؤال.
أحمد منصور:
تفضل.
أبو أيمن:
ما مدى.. ما صحة الحديث الشريف "بارك الله في شامنا ويمننا" قالها الرسول -صلى الله عليه وسلم- قالوا له: "ونجد يا رسول الله؟" قال: "يخرج منها قرن الشيطان".
والسؤال الثاني هل مقاتلة الأمريكيين والبريطانيين اللي يأتوا إلى بلادنا وهم بسسب إنهم أعدائنا وهم اليهود، نفس القيادات اللي في بلادهم هم اليهود هل مقاتلتهم اللي يأتوا إلى بلادنا حلال أم حرام؟ شكراً لك يا دكتور.
أحمد منصور:
شكراً لك يا أبو أيمن، جاسم عباس من (بولونيا).
جاسم عباس:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.
جاسم عباس:
أود أن أشير إلي حقيقة يتجاهلها البعض هو سقوط النظام الشيوعي في بولونيا، وفي بقية الدول الشيوعية السابقة في الاتحاد السيوفيتي، يعود الفضل في ذلك الكنيسة في بولونيا وبمساعدة من البابا، وقد ضحوا بالكثير من القساوسة والرهبان في سبيل وتحقيق ذلك، وليس ما وصف … ليس إلا رمزاً.
سؤالي: لماذا يسكت الأئمة والشيوخ والمراجع في بلداننا عن كل ما يجري حولنا ومقدساتنا مهانة ابتداء من مكة والمدينة إلى مسرى الرسول الأقصى؟! نعيش ذلاً لم تعشه أمة من قبلنا! الحكام استبادوا وأباحوا كل شيء لقوى الكفر، سؤالي: هل تجرأ أحد من رجال الدين برفض ذلك الواقع علناً وجهراً في قول كلمة الحق ولو على قطع رقبته كما أمره بها ديننا مقاطعاًالجواب طبعاً: لا..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني أنت تسأل وتجيب، هل تتابع يا أخ جاسم ما يحدث ويدور، وأن القضية ليست أن يخرج أحداً شاهراً سيفه، وإنما هناك طرق ووسائل..
جاسم عباس [مقاطعاً]:
لا يا أخي.. يا أخي..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
هناك طرق، ووسائل كثيرة يقوم بها الفقهاء، وأنت بذلك.. أنت بذلك يعني ألغيت أدوار مئات الآلاف من الناس أو عشرات أو مئات الآلاف حتى من العلماء الذين يقومون بدورهم.
جاسم عباس:
يا أخي إحنا أمة مسلمة نسمع لإمامنا وخطيبنا قبل أن نسمع لحاكمنا، نحن إذا رأينا أن الشيخ لا يجرؤ على قول كلمة الحق، فما بال الناس.. الرجل العادي، نحن نحتاج إلى رجال دين يبثون الهمة والعزيمة فينا لننفض أنفسنا عن هذا الذل الذي نعيشه، وبدون ذلك لن تقوم لنا قائمة إذا لم يكن لنا رجال دين شجعان، وينذرون حياتهم في سبيل الدين، الذي نذرها من قبلهم رجال دين أوفياء أوصلوا الأمة إلى ما في ذلك من عز بين الأمم، وشكراً.
أحمد منصور:
شكر لك. محمد سليمان من ألمانيا.
محمد سليمان:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
محمد سليمان:
وتحية لفضيلة الشيخ، عندي سؤال..
أحمد منصور:
تفضل.
محمد سليمان:
إلى فضيلة الشيخ من أخذ بسنن الله في الكون من حسن التخطيط وإخلاص العمل من مبدأ والعمل على تطبيق هذا المبدأ كان له النجاح والتمكين، ونرى ذلك في واقع التاريخ حيث استطاع اليهود سنة 1898م في (بازل) من التخطيط لدولة اليهود.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
97.
محمد سليمان:
97 كان تخطيط اليهود بعد 50سنة من تحقيق ذلك بدقة، ناس خططوا أخلصوا مبدأهم وعملوا من أجله، ولكن ما نرى من الحركات الإسلامية منذ 70سنة. وهي تعمل وحتى الآن لا نرى الأمة ليست بالمستوى المطلوب، فهل هذا التأخر من جني في الثمار يكون على سوء التخطيط وعدم الإخلاص في العمل لكثير من القادة وأفراد الجماعات الإسلامية؟
أحمد منصور:
سؤال مهم جداً سؤال مهم، وأشكرك عليه محمد سليمان.
محمد سليمان:
وعندي مداخلة بسيطة يعني.
أحمد منصور:
تفضل، تفضل.
محمد سليمان:
أني أرى من تحقيق هذه المبشرات من مدى التزام المسلمين بهذا الدين والإخلاص في العمل لله تعالى وبمدى احترم الكفاءات. وللأسف ما أرى في المحيط من حولي ما عليه الجماعات الإسلامية أو المراكز الإسلامية من قادتها أنهم يتسارعون إلى المناصب وحب الجاه والمصلحة الذاتية. حتى تم في بعض المراكز التآمر على شيخ المركز وإخراجه، حتى يتسنى لهم أن يكونوا قادة هذا المركز، وحتى تتاح لهم الفرصة بأن يفعلوا ويقولوا ما يحلو لهم بدون محاسبة، وإذا وجه لهم نقد من غير التابعين قالوا النقد فقط من الداخل، وهذا نسمع من الحركات الإسلامية للأسف، ويقول لك إذا بدك تنقد..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني أنت الآن .. محمد سليمان. محمد سليمان، أنت الآن تتحدث عن شكل من الأشكال التي ربما تصادفها، نترك المجال لفضيلة الدكتور.. ما مدى صحة الحديث "بارك الله في شامنا ويمننا ونجد يخرج منها قرن الشيطان".
د. يوسف القرضاوي:
هو الحديث صحيح يعني، ولكن ما هو المقصود من نجد يعني كلمة نجد هي المرتفع يعني، فليس نجد هي يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
موقع جغرافي..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
موقع جغرافي معين، هو أشار إلى جهة الشرق بصفة عامة وقال إن الإسلام سينتصر من ناحية الغرب فهذه موجودة يعني، إنما الذي أريد أن أعلق عليه الأخ اللي يعني هو بيتكلم عن دور العلماء.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
صحيح.
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
هذا كلام يكثر دائماً وأنا أرى أن هذا من الظواهر السلبية، إن كل فئة تريد أن تلقي العبء عن نفسها لتحمله غيرها. يعني هو الأخ الأمر على المشايخ، والمشايخ لم يعودوا هم المؤثرين الوحيدين في العالم، الآن فيه الإعلاميون أهم من المشايخ هم الذين يصنعون الرأي العام، ويوجهون الناس، ويصنعون العقول والأفكار والأذواق والميول يعني أين هم؟! المعلمون، أساتذة الجامعات يعني هذه.. أين هؤلاء؟
فلابد أن نشرك الأمة كلها، إنما نقول: المشايخ مسؤولون، المشايخ يقولوا: الحكام، والحكام يقولوا: الاستعمار، وكل فئة تريد أن تتنصل من التبعة! النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، يعني جميع الأمة عليها مسؤولية. صحيح المسؤولية تتفاوت وليست متساوية، لأن المسؤولية أيضاً على قدر المكنة، وعلى قدر ما عند الإنسان من سلطة، وعلى قدر الإنسان ما عنده من إمكانات، إنما الجميع مسئولون.
أما إننا نقول.. جماعة يقول لك: المشايخ ما بيتكلوش، طب، ما إحنا بنتكلم أهو، إحنا بنقول اللي علينا، وفي حدود ما نقدر عليه أيضاً. يعني ليس.. لا نملك كل شيء، إنما.. فأنا أدعو الأمة إن كل واحد يقوم بدوره ولو أن كل إنسان قام بواجبه ما وصلنا إلى ما وصلنا إليه. الأخ الأخير..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أيضاً هو أبو أيمن بيطرح سؤال -الحقيقة- حتى جاء على بعض رسائل الفاكس من قبل وهو عملية يعني مقاتلة الأمريكان ومقاتلة بعض الأجانب الموجودين على بلاد المسلمين خاصة مع الحلقة التي ربما تحدث فيها..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
إحنا خدنا في هذا حلقة كاملة..
أحمد منصور [مستأنفاً]:
تحدث أبو حمزة عن الأجانب الموجودين من أنهم، فهذا أيضاً آثار بلبلة عند كثير من..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
هذا أمر سنعرض له في حلقة كاملة، يعني وإحنا عرضنا لهذا في أول رمضان عندما تحدثنا عن موضوع العراق، نعم.
أحمد منصور:
السؤال محمد سليمان عمن أخذ بسنن الله في الكون، واستشهد بما فعله اليهود.
د. يوسف القرضاوي:
بما فعله اليهود، نعم.
أحمد منصور:
في مؤتمر بازل في عام 1897م وأنهم تمكنوا من تحقيق الدولة في الوقت الذي الحركات الإسلامية صار لها عشرات السنوات ولم تحقق شيئاً؟
د. يوسف القرضاوي:
هذا لا يدل على إن الحركات الإسلامية غلط، يعني هذا في الحقيقة، إنما اليهود قاموا في وقت كان المسلمون ضعفاء، والدولة العثمانية التي تحكم المسلمين كانت في أواخر عهدها، وكانوا يسمونها الرجل المريض، وتآمر عليها المتآمرون، وحاول (هرتزل) إنه يكتسب من السلطان عبد الحميد صكاً بإنه يعطيه شيء من أرض فلسطين فلم يستجيب له، وكان موقفه في غاية القوة، وتآمر اليهود حتى اسقطوا الدولة العثمانية، وكان العالم الغربي معهم.
الغرب كان في أوج قوته وكان مؤيد لليهود، والغرب من عهد (نابليون) مش بس كان الحركة الصهيونية، يعني قضية اليهود متبنينها، المسلمين بيعملوا في وسط معاكس لهم تماماً، وليس معنى هذا إن عمل المسلمين سليم مائة في المائة، هو فيه ثغرات يعني كتبت هذا في عدد من كتبي فيها نقد للحركة الإسلامية ونقد للأمة الإسلامية، وخصوصاً في كتابي "أين الخلل؟" فيه خلل في الأمة، وفي خلل في الحركات الإسلامية.
ولكن ليس معنى هذا إن الحركة غلط، فيه بعض الناس كانوا يقولون: إن الدعوة أو الحركة التي لا تنتصر في 13 عاماً، وبعضهم قال في 23 عاماً تكون غلطاً ويبقى طريقها طريق غير سليم. هذا غير صحيح، وأنا ناقشت هؤلاء وقلت لهم: طب، إيه رأيكم في دعوة سيدنا نوح؟ سيدنا نوح كان على حق قالوا: على حق.
طب، سيدنا نوح قعد ألف سنة إلا خمسين عاماً، وما آمن معه إلا قليل، حتى مراته لم تؤمن به! حتى ابنه لم يؤمن به! وقال هو: (ربي إني دعوتُ قومي ليلاً ونهاراً. فلم يزدهم دعائي إلا فراراً). الداعية عليه إنه يبذل الجهد ويخطط، ويحسن التخطيط، ويدبر فيحسن التدبير، ويتعاون مع غيره، ويتبع سنن الله، ولكن ليس النتيجة عليه، فالنتيجة على الله -سبحانه وتعالى- "ابذر الحب أرجو الثمار من الرب"..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
وهذه تكون في ظروف كثيرة..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
والقرآن ذكر لنا الكريم قصة قال: (وإذا قالت أمة منهم لم تعظون قوماً الله مُهلكُهم أو معذبهم عذاباً شديداً قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون). إنتو بتعملوا في جماعة لا يجدي العمل معهم تعظوهم وهم لا يتعظون، قالوا بنعمل هذا لأمرين إعذاراً إلى الله بأداء الواجب وتبليغ الدعوة، وبعدين لعلهم يتقون، لا نيأس من إصلاحهم، فهذا هو الواجب على أهل الدعوة والذين يعملون لخدمة الإسلام.
أحمد منصور:
كما أن هناك ظروف كثيرة منها الظروف التاريخية، والآنية والواقع يخدم أيضاً تحقيق هذه الفكرة.
د. يوسف القرضاوي:
نعم. نعم. نعم.
أحمد منصور:
محمد المهدي من موريتانيا.
محمد المهدي:
نعم.
أحمد منصور:
اتفضل.
محمد المهدي:
محمد عبد الله المهدي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
اتفضل يا سيدي.
محمد المهدي:
يعني يحب يستنصت الشيخ يوسف القرضاوي والمستمعين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تفضل.. تفضل يا أخ محمد.
محمد المهدي:
محمد عبد الله المهدي عنده منشور في أكتوبر، 12 أكتوبر يوم الاثنين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يا أخ محمد أنت عندك سؤال يا أخ محمد، محمد عندك سؤال يتعلق بموضوع الحلقة حول المبشرات.
محمد المهدي:
إيه أقول.
أحمد منصور:
اتفضل بسؤالك مباشرة.
محمد المهدي:
إيه نعم.. إيه نعم أقول.
أحمد منصور:
اتفضل.
محمد المهدي:
(غطرسة الجن) ومست كبرياء الله وقطرات من الدماء العراقية.. والأمريكيين في حرب الخليج الثانية..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يا أخ محمد.. أخ محمد.. أخ محمد، أرجو الالتزام بموضوع الحلقة، إذا لديك سؤال وإلا فاسمح لي آخذ غيرك من المشاهدين، الأخ أبو سارة من (ألمانيا) أبو سارة.. أخ راسم من ألمانيا.
راسم:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
راسم:
عظم الله أجركم على هذا البرنامج الممتاز الذي ينور عقول المؤمنين ونشكر الله على كل شيء.
أحمد منصور:
أخ راسم.
راسم:
أيوه.
أحمد منصور:
اتفضل يا سيدي.
راسم:
نشكر الله على كل شيء، وأنا أرى أن حالة المسلمين بخير والحمد لله، وأن العلاقات الأسرية بيننا على ما يرام، وأن الأمراض ومشاكل الإدمان المتواجدة بأوروبا ليست لنا.. ليست عندنا، وأن الإيمان والقناعة التي توجد عند الشعوب العربية لا توجد عند الشعوب الأخرى. أما سؤالي فهو..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تفضل.
راسم:
فهو بخصوص سورة (الكافرون) فيها سؤال عندي سؤال وهو (لكم دينكم ولي دين) هل هي يعني أن نترك المسيحيين واليهود على دينهم أم أن نحاول أن نعرفهم بالإسلام؟
أحمد منصور:
شكراً لك يا أخ راسم، أبو سارة من ألمانيا.
أبو سارة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور:
عليكم السلام.
د. وعليكم السلام ورحمة الله.
أبو سارة:
الأخ أحمد والشيخ يوسف.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
أبو سارة:
حفظك الله.
أحمد منصور:
حياك الله، اتفضل.
أبو سارة:
سؤالي كالتالي: بعض الدعاة يأتون من بلدان مختلفة بقصد الدعوة، وخصوصاً في شهر رمضان والملاحظ أنهم عندما يقدمون مواعظ ومحاضرات أنهم بدلاً من أن يحثون المسلمون هنا على العمل والدعوة، وتربية الأجيال القادمة، ينصحونهم بمغادرة هذه البلاد مستعينة بذلك بأحاديث لا تخص المقام، فهل يجوز هذا النوع من الخطاب هنا في أوروبا؟ وإلى أي حد ينطبق هذا الطرح على المسلمين؟ شكراً.
أحمد منصور:
شكراً ليك أخ أبو سارة. سؤالين مهمين فضيلة الدكتور، السؤال الأول: هل معنى (لكم دينكم ولي دين) هو ترك غير المسلمين، وعدم توجيههم ودعوتهم إلى الإسلام؟
د. يوسف القرضاوي:
أنا بس قبل أن أجيب عن هذا السؤال أريد أن أضيف للأخ اللي كان بيسأل عن الحركات الإسلامية، وأنها لم تنجح كما نجحت الحركات..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
محمد سليمان من ألمانيا، نعم..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
اليهودية والصهيونية، أنا أقول أيضاً: لا ينبغي أن ننصف الحركات الإسلامية إن بعض الناس كأنه يريد أن يقول: إن الحركات الإسلامية لم تنتج إطلاقاً وليس لها أي أثر إيجابي، وهذا غير صحيح، لأنه ما نشاهده في العالم الإسلامي من آثار الصحوة الإسلامية، وهي صحوة عقول، وصحوة قلوب ومشاعر وصحوة إرادة والتزام، وصحوة سلوك، وصحوة لها آثارها في كل جنبات الحياة.
هذا من آثار الحركات الإسلامية، يعني لو ترك المسلمون للغزو الفكري والاستعمار الثقافي، وللكيد الذي كان يكيده المعادون للإسلام لضاع الإسلام. الآن والحمد لله فيه صحوة إسلامية يشهد بها الأصدقاء والأعداء على السواء، وهذا كله من آثار الحركة أو الحركات والجماعات الإسلامية، فلكي نكون منصفين يجب أن نذكر يعني الإيجابي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
الإيجابيات والسلبيات..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
والسلبي. أما (لكم دينكم ولي دين) ليس معناها أن يترك.. لأ، هذه السورة -في الحقيقة- تمثل قوة الاعتزاز بالإسلام، وتمثل أيضاً الحرية التي يدعو لها الإسلام، فمن ناحية الاعتزاز إنه (لا أعبد ما تعبدون. ولا أنتم عابدون ما أعبد. ولا أنا عابد ما عبدتم. ولا أنتم..) يعني أعتز بعقيدتي ولا أتنازل عنها أبداً، لأنه كانوا يعرضون على النبي -عليه الصلاة والسلام- اعبد آلهتنا فترة وإحنا نعبد إلهك فترة ونتبادل الأدوار، قل لهم: لا، مفيش كلام من ده، مفيش لقاء في منتصف الطريق في هذه الناحية.
العقيدة عقيدة، وليس معنى هذا أننا نكرهكم على الدخول في عقيدتنا، لأ.. لكم دينكم ولنا ديننا، وكما قال في آية أخرى (لي عملي ولكم عملكم). المشكل هو إيه؟ أنهم قالوا: لأ.. لنا ديننا وليس لك دينك، ولنا عملنا وليس لك عملك، يعني يريدون.. فالإسلام بيقول لهم: لا، كل واحد خليكم على دينه، مع وجوب الدعوة، الدعوة مستمرة، وكل مسلم داعية لدينه (قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعن).
فكل من اتبع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجب أن يدعو إلى الله ويدعو على بصيرة.
أحمد منصور:
بعض الدعاة الذين يذهبون إلى أوربا، ويطلبون من الناس أن يعودون إلى بلادهم وأن هذه البلاد غير صالحة للإقامة..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
والله راحين لهم علشان يقولوا لهم: يسيبوا هذه البلاد، بالعكس يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لو حصل إقامة وقعد، هيغير رأيه..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
هو الناس الذين يذهبون إلى أوربا، هناك من يذهب فراراً من بلده -للأسف- يعني كثير من هؤلاء مضطهدون في ديارهم، فهم يلجؤون إلى هذه البلاد يطلبون فيها الأمن، وبعضهم لا يجدون عملاً في ديارهم فيطلبون الرزق، وبعضهم راح من عشرات السنين واستقر، بعضهم أخذ جنسية، وبعضهم أخذ إقامة طويلة، ولا حرج في بقاء المسلم هناك، إذا كان متمسكاً بدينه وقادراً على أداء الواجبات.
أنا ذكرت هناك واجبات خمسة لمن يقيم في هذه البلاد: واجبه نحو نفسه، واجبه نحو أسرته، واجبه نحو إخوانه المسلمين، واجبه نحو المجتمع غير المسلم الذي يعيش فيه، واجبه نحو قضايا أمته الإسلامية. خمس واجبات، وأهم هذه الواجبات واجبه نحو نفسه وأسرته، هل يحافظ على دينه ويحافظ على ذريته في هذه البلاد، أم يترك ذريته يبتلعها اليم؟
ولاده مش قادر يربيهم وبتاع، في هذه الحالة أنا قلت للإخوة منذ ربع قرن في أمريكا، إذا لم تستطيعوا أن تحافظوا على أبنائكم وبناتكم في هذه البلاد، فأبدوا رحلة العودة من الغد، إنما تجمع الأموال وتضيع الأولاد، تجمع الدنيا وتضيع الدين، هذا ما لا يجوز.
أما اللي يستطيع إذا كان المسلمون بالتعاون طبعاً، وهذا أمر لا يمكن أن يحدث بعمل الأفراد، إنما بالتعاون فيما بينهم ينشؤوا مساجد يصلون فيها، مدارس يعلمون فيها أولادهم، أندية للترفيه، أماكن للاجتماعات، يعملوا مجتمع إسلامي صغير داخل المجتمع الكبير، بحيث لا يذوبون في المجتمع ولا ينفصلون عنه أيضاً، يكونوا مؤثرين في المجتمع دون ذوبان في هذا المجتمع، فهذا هو المطلوب.
أحمد منصور:
سعيد حداد من سلطنة عمان يسأل.. بالنسبة فيما يتعلق بالحركات الإسلامية يقول: هل تعدد الحركات الإسلامية، والصراعات، والخلافات القائمة بينها يمكن يعني أن تقود إلى أي شكل من البشرى أو التبشير بانتصار الإسلام أو المبشرات بانتصار الإسلام؟
د. يوسف القرضاوي:
التعدد لا بأس به إذا كان تعدد تخصص وتنوع، يعني جماعة بيشتغلوا في التربية وعمل مدارس إسلامية مهتمين بالأمر التربوي وجماعة مهتمين بإصلاح العقيدة، ومحاربة الخرافات والشركيات والقبوريات وكذا وجماعة آخرين مهتمون بإصلاح العبادة وإقامة المساجد للصلاة بعيداً عن المبتدعات، ويحيون السنة النبوية وهكذا، وجماعة بيشتغلوا في الاقتصاد الإسلامي ويقاوموا الربا، وينشؤوا بنوك، ومؤسسات إسلامية، وجماعة بيخوضوا المعترك السياسي ويدخلوا الإنتخابات، ويقفوا ضد العلمانيين، وجماعة بيخوضوا الجهاد عندما يأتي وقت الجهاد.
لا مانع من تعدد الجماعات إذا كان تعدد تخصص وتنوع، إنما إذا كان تعدد تناقض وصراع فهذا هو الذي نرفضه. نحن نريد.. لا مانع من تعدد هذه الجماعات، بس بشرطين. الشرط الأول: ألا يحاول بعضها هدم بعض مش كل واحد يريد أن يمتد على حساب الآخر وأن يبني نفسه بهدم غيره.
والأمر الثاني: أن يقفوا في القضايا المصيرية صفاً واحداً، عند المعركة تنسى الخلافات، كما قال الله تعالى (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص). إنما صراع الجماعات بعضها لبعض لا يمكن أن يؤدي إلى خير (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) كما قال الله تعالى.
أحمد منصور:
وليد خلف من فلسطين.
وليد خلف:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
وليد خلف:
لو سمحت يا شيخ يوسف.
د. يوسف القرضاوي:
اتفضل.
وليد خلف:
والله يا أخ يوسف، طبعاً يمكن كل العالم تنظر على الشيخ يوسف نظرة كأن هو قائد، وإحنا بنعتبره كذلك، وأنا بألاحظ بإن كل العالم بيتصل بيتصل يعني بيسمع بده جواب منه … سؤالي.
أحمد منصور:
اتفضل.
د. يوسف القرضاوي:
اتفضل.
وليد خلف:
بالنسبة للبلاء والمبشرات، لو نظرنا لليهود لرأينا إنه اليهودي يعني مستعد يعني لو مات يهودي أو أي واحد من إسرائيل من أي دولة في العالم مستعدين يجيبه ولو بترابه زي ما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- "من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم".
ولكن عندنا نحن الإسلام، وين اهتمام المسلمين ببعضهم؟ يا ريت يا شيخ يوسف يوجه لنا توجيه، والتوجيه هذا حتى يعني هو بالحلقة القادمة قال: أنه هذا بده.. بده توجيه من أمة الإسلام، ولكني أنا بأنظر إن التوجيه منه هو كقائد لأمة الإسلام، وكل العالم ينظر منه، انظر شو بيصير في العراق..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
شكراً لك يا وليد، سؤالك واضح يا وليد.
وليد خلف:
سؤالي.. خلاص.. سؤالي.. سؤالي بالحديث.
أحمد منصور:
لسه لم تسأل إلى الآن.
وليد خلف:
سؤالي.
أحمد منصور:
اتفضل.
وليد خلف:
بالنسبة إلى العراق وللشام، بالنسبة لانقطاع القفيز والبلاء اللي يصيب العراق وبيصيب الشام، إيش على المسلمين إنها تسوي..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
عفواً.
وليد خلف[مستأنفاً]:
بالنسبة للعراق -بالنسبة لأهل الشام..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني، أنت تقصد ما يقع للعراق الآن، وما يقع للفلسطينيين، تقصد هذا يعني؟ يعني تقصد الواقع الحالي الآن؟!
وليد خلف:
لأ، لأ بالحديث ما ذكر في صحيح البخاري إنه بده كمان زي ما صار بالعراق بيصير بأهل الشام، والله أعلم أهل الشام … سوريا. بدنا بتوجيه من الأخ الشيخ يوسف -جزاه الله عنا كل خير- وبدنا إياه يكون صريح، صريح بكل معنى الصراحة يعني..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
شكراً ليك، شكراً ليك يا وليد، محمد مسعود من أبو ظبي.
محمد مسعود:
السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
محمد مسعود:
دكتور.. الأخ أحمد.
أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.
محمد مسعود:
تحياتي للدكتور يوسف القرضاوي.
أحمد منصور:
حياك الله.
محمد مسعود:
الحقيقة سؤالي حول الجماعات الإسلامية المتطرفة، الجماعات الإسلامية التي تنتهج بعض الأساليب المخالفة للدين خاصة أنني قرأت منذ يومين في جريدة "الاتحاد" في الإمارات شخص مثلاً مقيم في بريطانيا، ويهدد السياح، ويهدد الناس الآمنين اللي عايشين في اليمن وفي كثير من الدول العربية والإسلامية، فهؤلاء الناس المخالفين للقرآن والسنة، والمخالفين يعني لأسلوب الحياة، يعني الناس اللي عايشين بهذه الدول، وحياتهم آمنة في هذه الدول وعايشين في هذه الدول وحالهم كحال أي مسلم وأي عربي.
يعني أليس هؤلاء يشوهون الإسلام، ويشوهون الإسلام، ويشوهون الدين..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يا أخ محمد.. أخ محمد ربما الحلقة بعد القادمة تخصص لهذا الموضوع بشكل كامل.عبد الرزاق عبد الله من دبي.
عبد الرازق عبد الله:
أيوه، السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
عبد الرزاق عبد الله:
والله أشكركم يا جماعة على هذا البرنامج اللي إن شاء الله -تعالى- الله يخليكم.
أحمد منصور:
حياك الله، حياك الله.
عبد الرزاق عبد الله:
يا سيدي، أريد أن أسأل الشيخ أن يفسر لنا الآيات الكريمة في سورة الإسراء والتي تتعلق بهذا الموضوع، والتي تخص ببني إسرائيل والمسجد الأقصى، والتي قال الله تعالى: (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علواً كبيراً) إلى آخر (وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيراً).
والله أنا كل ما أقرأ هذه الآيات لأفكر إن يوماً ما تكون للمسلمين.. يدخلون المسجد، ولهذا أريد أن يعلق الشيخ على هذا الموضوع، ويفسر لنا حتى يكون -إن شاء الله- رجاء وأمل كبير في متى بندخل المسجد الأقصى.
أحمد منصور:
شكراً يا أخ عبد الرزاق، لو رجعت إلى حلقة الإسراء والمعراج لوجدت معالجة وافية لهذا الأمر، لأن إحنا استغرقنا فيه وقت طويل أثناء معالجته في حلقة الإسراء والمعراج. زهير ميخائيل من (السويد).
زهير ميخائيل:
مرحباً.
أحمد منصور:
تفضل.
زهير ميخائيل:
أخي أنا أتوجه بسؤالي القرضاوي.
أحمد منصور:
اتفضل.
زهير ميخائيل:
وأنا أتابع هذا البرنامج وأنا أحترمه.
أحمد منصور:
حياك الله، اتفضل.
زهير ميخائيل:
وأريد.. اتفضل، وأريد أن أقول بأنه.. العفو، اسمح لنا شوية، أقول: إحنا العزة -عزة المسيحيين- وأنا شخص مسيحي وعزة المسيحيين في البلاد الإسلامية هي من عزة المسلمين، وإذا وقع أي ضغط أو أي اعتداء على المسلمين في البلاد الإسلامية، أو.. يعني بشكل غير مناسب.. مباشر راح يصيب المسيحيين أيضاً، فإذن عزة المسيحيين من عزة المسلمين.
ولما صارت قضية العراق والكويت اجتمعوا المسلمون وقرروا إذا اعتدت طائفة إذا اقتتلت طائفة من المسلمين فأصلحوا بينهما، وإذا اعتدت.. وإذا بغت واحدة على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله.
أحمد منصور:
هذا نص قرآن..
زهير ميخائيل[مستأنفاً]:
اليوم العراق فاء إلى أمر الله، وانسحب من الكويت، لماذا لا تطبقون الآية الكريمة الآن؟! الكويت والسعودية تبغي على العراق الآن..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يعني الآن.. يا أخ زهير.. يا زهير ليست هذه الآية وحدها التي لم تطبق يعني، قل لي ما هو المطبق حتى تقول هذه الآية غير مطبقة؟
زهير ميخائيل:
ما هو هذا يحز بالنفس، لما أن أرادوا أن يستعملوا القرآن الكريم وكتاب الله يلوفونه كيفما يشاءون..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
ولكن يعني الـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
زهير تسمع تعليق..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
الرئيس العراقي قال: إن لازال يعني..
زهير ميخائيل[مستأنفاً]:
ويطبقون به حسب رغباتهم. أليس هذا تجني على كتاب الله وعلى..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
زهير.. زهير ممكن تسمع تعليق فضيلة الدكتور على سؤالك، ونحن نرحب بك وبكل الإخوة المسيحيين الذين يتابعون البرنامج بشكل عام. تفضل فضيلة الدكتور.
د. يوسف القرضاوي:
أولاً: أنا أحيي الأخ زهير، وأحيي كلمته القوية إن عزة المسيحيين في البلاد الإسلامية من عزة المسلمين، وهذا أمر حقيقي يعني الحقيقة، فإذا عزَّ المسلمون عزَّ إخوانهم المسيحيون -من غير شك- ولو ذَّل المسلمون ذلَّ الجميع. فأنا يعني أحيي فيه هذه الروح، إنما قضية العراق قضية معقدة، إحنا انتصرنا للعراق كشعب وكوطن في أول الحلقة التي أذعناها في أول رمضان، ولكن للأسف جاء الرئيس العراقي وقال: إنه لا.. إن الكويت هي جزء من العراق، يعني قال كلام ضَيَّع ما كنا يعني ندافع عنه..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هو لم يقل بالنص يعني، وإنما يعني صدرت ليست من الرئيس، من بعض المسؤولين الآخرين تصريحات يعني ليست صريحة في هذا الأمر.
د. يوسف القرضاوي:
لا، هو.. لأ، هو فيه يعني واحد راح عمل معاه لقاء، ونُشِر وقال الكلام ده، وقريته أنا، يعني كلام صريح. فهذا كلام خطير يعني.. فإحنا بنصلح من ناحية وهما يفسدون من ناحية، فليس هناك فيء إلى أمر الله تماماً يعني، كما يقول الأخ.
أحمد منصور:
نعم، فضيلة الدكتور بعض الناس يقولون أيضاً: كيف يأتي النصر ويأتي التمكين في ظل أن القوى التي تعادي المسلمين تملك الأسلحة النووية، والأسلحة الفتاكة، والمدمرة ولها التقدم التكنولوجي، والتقدم الفضائي في الوقت اللي المسلمين لا يضعون شيئاً من كل هذه الأشياء؟! كيف يحدث؟! أو كيف يمكن أن يحدث أي شكل من أشكال التوازن في الكون والغلبة للمسلمين أيضاً، في ظل هذا الواقع الذي يحرص فيه هؤلاء من أعداء المسلمين؟! ألا يصل للمسلمين أي شكل من أشكال التقدم، سواءً التكنولوجي، أو الصناعي أو غيره، بحيث أن يدخلوا في نطاق المنافسة؟
د. يوسف القرضاوي:
هو يعني أنا أقول أيضاً هذا أمر لا يستمر -إن شاء الله- العقول التي تصنع التكنولوجيا، وتصنع الثورات اللي يعني يتحدث عنها الناس، الثورة البيولوجية والثورة الإليكترونية والثورة الفضائية، هذه العقول بعضها عقول عربية وإسلامية وموجودة حتى في الولايات المتحدة، يعني هناك العقول المهاجرة، هذه بالآلاف وعشرات الآلاف، ولا تزال إلى اليوم الولايات المتحدة سنوياً تعطي الجنسية لعدة آلاف وتأخذ النوابغ من العالم، ومنها من العالم العربي والإسلامي، وأنا أعرف ناس هنا من قطر أخذوهم يعني يبحثوا عنهم إزاي، ما تعرفش من النوابغ يخدوهم.
يعني فهذه العقول يعني ممكن أن تعود إلى بلادها ويكون لها يعني مكان، ويعني.. ونحن رأينا إنه قالوا أنه ليس ممكناً أن يكون للمسلمين يعني قنبلة نووية، وقد صنعت الـ..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
باكستان..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
الباكستان القنبلة النووية، ورغم الحصار الغربي والتشديد على الباكستانيين استطاعوا أن ينفذوا من هذا الحصار ويصنعوا القنبلة، إيران صنعت الشهاب وكذا الصواريخ طويلة المدى وبعيدة المدى وهذا.. وتحاول أن تصل أيضاً إلى القنبلة النووية، والبلاد الإسلامية عندها القدرات. فهذا الأمر يعني أعتقد إنه يعني لن يدوم، ونحن نعتقد إنه من يعني المبشرات أيضاً الواقع الذي يعيش فيه المسلمون يعني.
أحمد منصور:
كيف -فضيلة الدكتور- كيف يمكن أن يكون الواقع بهذا الوضع الذي يستأمنه الجميع أيضاً جزء من المبشرات؟
د. يوسف القرضاوي:
أيوه، ما هو أصلاً كيف؟ حينما تجد مريضاً، تدخل على مريض فتجد هذا المريض منهوك القوة، لا يستطيع أن يتحدث، ولا يستطيع أن يتحرك ولا يستطيع تقول هذا المريض على حافة الإيه؟ الموت، إذا دخلت بعد أيام ووجدته بدأ يتحرك حركة بسيطة، وبدء يتكلم بعد أن كان لا يقدر على الكلام، وبدأ يعني يحرك عينيه ما كانش بيحرك تقول: إنه اتحسن ولا ما تحسنش..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
تحسن طبعاً..
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
جيت بعد شوية، لقيته جالس، لقيته بيقرا كتاب لقيته.. تقول: الله، فنحن إذا نظرنا إلى العالم الإسلامي في أوائل يعني هذا القرن وكان كله محتل من البلاد الغربية ما عدا السعودية واليمن، وكله تحت وطأة المستعمر الغاصب، ثم تحررت هذه البلاد وبدأت.. وبدأت يعني تقوم بدورها، وبدأت الصحوة الإسلامية الجديدة المعاصرة.
هذه الصحوة التي ظهرت أثرها على الصعيد الفكري، الكتاب الإسلامي أصبح هو الكتاب الأول في سوق التوزيع، على الصعيد السلوكي، الشباب الذي يملأ المساجد، الشابات التي تلتزم الحجاب، مواسم الحج والعمرة، ومعظمها من الشباب، وعلى الصعيد السياسي التنادي بالشورى، وبالحريات، وبحقوق الإنسان في العالم الإسلامي. على الصعيد الاقتصادي البنوك الإسلامية، والمؤسسات المالية الإسلامية. على الصعيد العسكري الجهاد الذي حدث في أفغانستان، صحيح يعني لم نقطف الثمرة، إنما كان فعلاً جهاد إسلامي في أول الأمر، وانتصر على أكبر قوة ملحدة في التاريخ، على الاتحاد السوفيتي.
يعني ما يجري على أرض فلسطين.. إخواننا في حماس والجهاد.. يعني كل هذا من آثار الصحوة، لماذا ننكر هذا الواقع، فإذا نظرنا إلى هذا نقول -إن شاء الله- اليوم أفضل من أمس، ونرجو أن يكون الغد أفضل من اليوم إن شاء الله.
أحمد منصور:
إن شاء الله. الأخت فتيحة من ألمانيا.
فتيحة:
أهلاً، السلام عليكم.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.
فتيحة:
أنا لي تداخل، أن الشيخ يقول دائماً: أنا لا أتكلم جيد عربي، لكن مدة سنتين أقرأ القرآن وخاصة سورة (التوبة) تتكلم كثير عن أننا لا يجب أن نعمل عهوداً مع المسيحيين أو اليهود الذين لم يبقوا في عهودهم، التوبة تفسر هذا جيداً، وكثير في القرآن ما يتحدث عن الجهاد والجهاد بالدم وبالمال، وهذا يعني الجهاد بالسيف.
أحمد منصور:
نعم.
فتيحة:
وليس الإسلام هو أن نكون..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
لكن -فتيحة- فضيلة الدكتور قال: أن كل النصوص القرآنية تُفهَم في السياق المتكامل والأحاديث النبوية، وليس أن يجتزئ الإنسان آيةً قرآنية أو حديثاً نبوياً، ثم يقول هذا هو الإسلام، يعني الإسلام يُفهَم..
د. يوسف القرضاوي[مقاطعاً]:
أنا أريد أن أبين للأخت.
أحمد منصور:
اتفضل.
د. يوسف القرضاوي:
يعني آيات التوبة نزلت في سياق خاص، في سياق الوثنين المشركين من.. في الجزيرة العربية، وهؤلاء لهم وضع خاص، أنه الإسلام حاول معهم محاولات ولن يستقم أمرهم أبداً، لأن لم يكن لهم نظام، ولا حكومة ولا كذا، فكان لابد أن يقف موقفاً معهم، فنزلت الآيات دي تديهم مهلة أربعة أشهر (فسيحوا في الأرض أربعة أشهر) وبعدين قال: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) اللي هي الأشهر الأربعة دي (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم) هذا في مشركي العرب فقط.
ومع هذا هي هذه الآيات قبلها تقول (إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً ولم يظاهروا عليكم أحداً فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم) والآية اللي بعدها تقول (وإن أحد من المشركين أستجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) والآية اللي بعدها تقول (كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب..)..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
يا سلام.
د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]:
حتى المشركين، والأخت لم تفرق بين المشركين، وأهل الكتاب، أهل الكتاب لا يسمون المشركين في القرآن، القرآن فيه مشركين وأهل (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم) (الذين أمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى واليهود والذين أشركوا الذين ..) فالمشركين دول طائفة، يقصد بها طائفة الوثنيين من العرب بالذات، فهذه الآيات، ومع هذا القرآن لم يقاتلهم إلا لأنهم قال (ألا تقاتلون قوماً نكسوا أيمانهم وهموا باخراج الرسول وهم بدأوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم..) وهذا –كما أشرت أنت-سنعرض له في حلقة كاملة.
أحمد منصور:
إن شاء الله، إن شاء الله.
د. يوسف القرضاوي:
موضوع الجهاد، وموضوع العنف، والقائلين بالعنف، والقائلين بمقاتلة العالم سنعرض لهؤلاء-إن شاء الله-في الحلقة بعد القادمة –بإذن الله-.
أحمد منصور:
إن شاء الله، أبو عزام من أسبانيا، أبو عزام..
أبو عزام:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أبو عزام:
يا أخي أنا منذ بدء الجزيرة وأنا أحاول الاتصال لكن الحمد لله إن أخيراً تمكنا من الاتصال.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
حياك الله، تفضل.
أبو عزام:
الله يخليك، وأرجو أن تتاح لي الفرصة لأن أعبر ما في ذاتي، الله يخليك.
أحمد منصور:
طيب، لأن لم يعد إلا.لم يعد إلا..
أبو عزام:
أرجوك، أرجوك، أرجوك ما اختلفنا، لأنه ثلاث سنوات وأنا أصارع، وأقاتل من أجل الحديث هذا، وهذه فرصة، أرجوك.
أحمد منصور:
أبو عزام لا نريدك أن تصارعنا أو تقاتلنا يا أبو عزام.
أبو عزام:
لا، لا، ليس لصراعكم ولا.. مشاكل..
أحمد منصور:
باقي ثلاث دقائق وينتهي وقت البرنامج، ليس في يدي الأمر.
أبو عزام:
هنالك شيء، هنالك شيء أولاً يجب ألا نخلط ما بين الوجود الصهيوني وما بين الإسلام، قيام الدولة الصهيونية.. ومنذ البدء..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
هدي صوتك حتى يا أخ أبو عزام أرجو أن تهدى صوتك، وتبعد السماعة قليلاً عن فمك.
أبو عزام:
نعم، أنا جداً هادي، جداً هادي الله يخليك.
أحمد منصور:
أبعد السماعة قليلاً عن فمك حتى يكون الصوت واضحاً، اتفضل.
أبو عزام:
الآن واضح.
أحمد منصور:
جداً تفضل.
أبو عزام:
طيب، قيام الدولة الصهيونية التي قامت على مبدأ الغاية تبرر الواسطة، منذ مؤتمر بازل1897 ولحد الآن، هي تسير على مبدأ الغاية تبرر الواسطة، أما ناجي نأتي الآن ونقول أن الدولة الصهيونية قامت بنضال والتزام مباديء هنالك فرق ما بين هذه الدولة الصهيونية وما بين الإسلام، الذي قام الذي أسسه هي القيم والأخلاق، هذه مسألة.
وكل ما وكل ما تمسكنا والتزمنا واقتربنا من الله كلما كان العمل بالمبشرات، والوصول إلى المبشرات، وكلما بقينا بقينا في هذه الحالة حال الأمة الراكد، الميت، المليء بالبدع، كلما بقينا في الفتن والبدع. أما هنالك نقطة جداً، مهمة أرجو أن تتاح لي الفرصة لأن أتحدث إلى الجزيرة بشكل عام ألا وهو.
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أنا أتركك، تفضل.
أبو عزام:
الله يخليك الجزيرة، الجزيرة وكثير من البرامج عندما يتحدثون عن الديمقراطية وعن هذا الشيء وتطرح نفسها، الجزيرة بديل ديمقراطي لهذه الأمة، نحن أمة كل أمورنا وكل مواضيعنا مترابطة ترابط جدلي لا يمكن الفصل بين زيد وعمرو، عندما أتحدث عن زيد يجب أن أشير إلى عمرو أيضاً، لأن موضوعنا مترابط وهنالك يكون.. يأتي الإخوان.. أرجوك.. أرجوك..
أحمد منصور[مقاطعاً]:
أبو عزام.. أبو عزام يؤسفني.. يؤسفني انتهى وقت البرنامج أبو عزام، يؤسفني انتهى وقت البرنامج، وكنت أود أن يكون هناك فرصة حتى أتيح لك، لكن باقي باقي عندي مشاهد طارق خميس من السعودية أعتذر لك، لم يعد وقت البرنامج يسمح بالمداخلة، فضيلة الدكتور، بقي نصف دقيقة نوجز فيها قضية المبشرات.
د. يوسف القرضاوي:
أنا أقول المبشرات يعني من القرآن، والمبشرات من السنة والمبشرات من التاريخ، نحن أصبنا في تاريخنا بما أصبنا به اليوم، أيام الحروب الصليبية وأيام التتار، ثم هيأ الله لنا فانتصرنا على الصليبيين، وانتصرنا على التتار، بل دخل التتار في الإسلام، وعندنا مبشرات من الواقع، الصحوة الإسلامية وعندنا مبشرات من سنن الله سنن الله، وسنن الله في التغيير، في التداول، وكل هذا يدلنا على أن النصر
قريب -إن شاء الله- وأن اليوم أفضل من الأمس والغد نرجو أن يكون أفضل من اليوم، ولن نيأس أبداً، وإن نصر الله لقريب.
أحمد منصور:
شكراً فضيلة الدكتور كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، حتى ألقاكم في الحلقة القادمة أنقل لكم تحيات فريق البرنامج، وهذا أحمد منصور يحييكم والسلام عليكم ورحمة الله.