القرآن في شهر القرآن
مقدم الحلقة: | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة: | الشيخ موافي محمد عزب: داعية إسلامي |
تاريخ الحلقة: | 24/11/2002 |
– تعريف القرآن الكريم وفضل التعبد به
– بركة القرآن الكريم وفضل الاستماع إليه
– الشفاء في القرآن الكريم
– إعجاز القرآن الكريم قديما وحديثاً
– حفظ الله للقرآن الكريم
– قارئ القرآن وبُعد الشيطان عنه
– اهتمام التيار السلفي بإحياء السنة وتأثيره على الاهتمام بالقرآن
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
موضوعنا لهذه الحلقة هو القرآن، ونحن نتحدث عن القرآن في شهر القرآن، القرآن يظل الحلقة الأقوى التي تحفظ لُحمة هذه الأمة قد نضطر إلى تغيير الكثير من المناهج، قد نضطر إلى تغيير الطريقة التي نتعامل بها مع لغتنا، قد تفرض علينا قوانين، قد تفرض علينا آليات اجتماعية نضطر للتأقلم معها، ولكن يبقى القرآن محفوظاً ويشكل السند والمرجعية الأولى لهذه الأمة.
ومن فضل الله علينا -وهذه حكمة اختارها الله، سبحانه وتعالى- أنه لم يكل إلينا أمر حفظ القرآن إنما تعهد -جل وعلا- بحفظه ليبقى هذه الحلقة التي تعود إليها الأمة كلما اشتدت عليها الأزمات وكلما ساء وضعها دائماً يكون بداية انطلاقة عودتها إلى عزها من هذا الكتاب الخالد كتاب الله المجيد.
لمناقشة موضوع القرآن وأهميته لهذه الأمة وبركته علينا كمسلمين يسعدني أن يكون ضيفي لهذه الحلقة الشيخ الداعية موافي محمد عزب، والشيخ موافي محمد عزب، مصري الجنسية خريج جامعة الأزهر كلية الشريعة والقانون، عمل محامياً فترة طويلة من الزمن وفترة قصيرة من الزمن ثم تخصص في شؤون الدعوة وهو يعمل الآن رئيساً لقسم توجيه الأئمة والخطباء في إدارة المساجد في وزارة الأوقاف القطرية، شيخ موافي أهلاً وسهلاً بك في (الشريعة والحياة).
موافي محمد عزب: أهلاً وسهلاً مرحباً.
تعريف القرآن الكريم وفضل التعبد به
ماهر عبد الله: سيدي لو.. لو بدأنا يعني بداية تعريفية باختصار شديد ما الذي نقصده بالقرآن وبما يتميز عن غيره من الكتب السماوية على اعتبار أنه ليس الكتاب السماوي الوحيد؟
موافي محمد عزب: نعم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء وإمام المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحابته وتابعيه وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، والذي قال: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه".
لقد شاءت حكمة الله تبارك وتعالى جل جلاله أنه -سبحانه وتعالى- بين الفينة والفينة يرسل إلى خلقه من يبصرهم بما خلقوا له، وبما أريد منهم، وتعاقب عبر الزمان لله -تبارك وتعالى- أنبياء ورسل كل منهم كانت لديه وسائل في تبليغ دعوة الله -تبارك وتعالى- فتارة نجد أن مع الأنبياء كتباً، وتارة نجد معهم معجزات حسية تثبت صدق دعوتهم وتحقيق ما جاءوا به من قِبَل الله -تبارك وتعالى- وظلت الأمور تترا حتى أكرم الله الإنسانية بنبينا المصطفى محمد -عليه الصلاة والسلام- جاء العرب وهم رعاة أبل وبقر وغنم لم يكونوا شيئاً مذكوراً، لم يكن لهم من الحضارات كغيرهم من الدول المجاورة لهم، بل كانوا يعيشون محاطين بحضارات مختلفة كحضارة الفرس وحضارة الرومان وحضارة المصريين، وحتى الأحباش في الحبشة، أما هم فلم يكونوا شيئاً وإنما كانوا مجتمع جاهلي بمعنى الجاهلية كلها جاهلية سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية إلى غير ذلك، فشاء الله -تبارك وتعالى- أن يرسل إليهم رسولاً يعرفون حسبه ونسبه ومكانته فيهم، فأنزل عليه قرآناً، هذا القرآن هو كلام الله -تبارك وتعالى- المنزل على نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- المتعبد بتلاوته، المتحدى بإعجازه وعجز الإنسانية عن الإتيان بأقصر سورة من مثله، هذا القرآن كما ذكر الشاطبي -عليه رحمة الله تعالى- في الموافقات هو عمدة كلية الشريعة وعمدة الملَّة وسراج الأمة وصراط الله المستقيم وهو حبله المتين الذي من حكم به عدل ومن دعا إليه هُدِي إلى صراط مستقيم.
ماهر عبد الله: في التعريف ذكرت أنه كلام الله، ما.. ما هو المقصود بكلام الله؟
موافي محمد عزب: كلام الله -تبارك وتعالى- كما نعلم صفة من صفاته، جل جلاله- إما أن تكون صفة ذات أو صفة فعل.
فصفة الذات بمعنى أن الله -تبارك وتعالى- يتكلم بما شاء كيفما شاء في أي وقت شاء لأي شيء شاء، كما ورد في الحديث مثلاً أن الله -تبارك وتعالى- أول ما خلق خلق القلم، فقال: اكتب، قال وما أكتب؟ قال: أكتب كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، اكتب إن رحمتي سبقت غضبي، فوجه الله الخطاب هنا للقلم، والقلم جماداً، لأن الله -تبارك وتعالى جل جلاله- يوجه خطابه لأي أحد شاء من خلقه، فهذا كلام الله -سبحانه وتعالى- كلام يليق بجلاله سبحانه، ونحن نعرف أنه كلام الله من خلال الكلام الذي نقرأه نحن بحرف وصوت، كلام الله تبارك وتعالى يختلف باختلاف المرسلين، فكلام الله لموسى -عليه السلام- كما قال (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً) وكلَّم الله -تبارك وتعالى- آدم -عليه السلام- أيضاً، وكلَّم الله -تبارك وتعالى- إبليس أيضا في الجنة عندما عصى أمره بعدم السجود لأدم، فكلام الله صفة ذات بمعنى أن الله يتكلم بما شاء كيفما شاء على الوجه الذي يليق بجلاله سبحانه.
وصفة فعل بمعنى أن الله -سبحانه وتعالى- أيضاً يتكلم بأي شيء يشاء سبحانه، فهو لا يزال المتكلم سبحانه بالكلام الذي يرضيه، وهو كلام كما ذكرت لا نستطيع أن نتطرق إلى تفصيلاته إلا أنه صفة من صفات الله الأزلية القديمة.
ماهر عبد الله: طيب، وذكرت في التعريف أيضاً أنه المتعبد بتلاوته، ويمكن هذه أحد ميزاته وخصائصه عن.. عن.. هل ورد هذا التعريف في أي من الكتب السماوية الأخرى، أم هي من خصائص القرآن الفريدة؟
موافي محمد عزب: هو حقيقة فعلاً من خصائص القرآن الفريدة، بل إنه من خصائص القرآن وحده في داخل الشريعة الإسلامية، فنحن لدينا مثلاً الأحاديث القدسية هي من كلام الله تبارك وتعالى، ولكنها تختلف عن القرآن بأن المعنى من عند الله -تبارك وتعالى- وأن اللفظ من عند النبي -عليه الصلاة والسلام- من لفظه أو فيما يرويه عن ربه، ولذلك لم يتحدَّ به النبي -عليه الصلاة والسلام- العرب كما تحدى بالقرآن، أيضاً لم يتعبد بتلاوته فلا تصح الصلاة بقراءة مثلاً حديث قدسي من الأحاديث، فالتعبد بتلاوته صفة خاصة نص عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: "من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ولا أقول (ألم) حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" فهو الكتاب الوحيد الفريد بين الشرائع كلها الذي يؤجر ويثاب قارئه في أي ووقت بفهم أو بغير بفهم.
ماهر عبد الله: لأ، يعني ما هو المقصود بتلاوته؟ ذكرت قراءته وذكر أن الحديث القدسي لا يصلَّى به، لكن هل المسألة في موضوع التعبد بالقرآن مقصورة فقط على التلاوة بمعنى أن تفتح المصحف وتقرأ فيه أو تقرأه من الذاكرة؟
موافي محمد عزب: التعبد هنا المقصود به مجرد القراءة مطلقاً سواء إن كانت، لأن القراءة.. قراءة القرآن عبادة، ولذلك ورد أن أحمد -عليه رحمة الله تعالى- يروي أنه رأى الله في المنام فسأله عن أجر القارئ هل بفهم أو بغير فهم، قال: "بفهم أو بغير فهم يا أحمد، فأيما عبد من عباد الله يقرأ حرفاً من القرآن الكريم له به عشر حسنات"، سواء كان ذلك في داخل الصلاة أو في خارج الصلاة، على طهارة أو على غير طهارة. هذه خصوصية للقرآن، في داخل الصلاة أصبح جزء منها، في خارج الصلاة هو القرآن الكريم كلام الله -تبارك وتعالى- وهذه خصوصية لا تأتي لغيره من كلام الله مطلقاً.
ماهر عبد الله: النظر إليه، حمله، الاستماع إليه.
موافي محمد عزب: الاستماع إلى القرآن، بالنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من استمع إلى حرف من كتاب الله تعالى كان له به حسنة كاملة"، النظر في المصحف مما ذكره العلماء عبادة، ولذلك نُهينا مثلاً أن نضع المصحف على الأرض وإنما ينبغي أن يرفع على شيء مرتفع، لأنه كلام الله -تبارك وتعالى جل جلاله- ونُهينا أيضاً أن نقرأ القرآن في حالة من عدم حضور القلب بمعنى أن الإنسان يقرأ القرآن وهو يتناوم أو يتثاءب لأنه يناجي ربه -سبحانه وتعالى- فهذا نوع من الأدب مع الله.. مع المولي الجليل -سبحانه وتعالى- ولذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما كان يقرأ القرآن، كان يقرأ القرآن بهيئة وصفة تختلف عن هيئة وصفة الغافلين الذي يقرءون القرآن ولا يدرون ما يقولون.
ماهر عبد الله: طيب سيدي نتوقف قليلاً، نذكركم قبل الانتقال إلى الفاصل بأنه بإمكانكم المشاركة معنا في هذه الحلقة عبر الهاتف على الرقم التالي: 4888873
والراغبين بالاتصال عبر الفاكس بإمكانهم أن يفعلوا ذلك على الرقم: 4890865
كما بإمكانكم -كالعادة- الاتصال بنا عبر الإنترنت على الموقع:www.aljazeera.net
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: سيدي، تحدثت عن التعبد بالتلاوة، يعني أنا أؤمن بأن العبادة تجارة لن تبور إن شاء الله.
موافي محمد عزب: نعم.
بركة القرآن الكريم وفضل الاستماع إليه
ماهر عبد الله: لكن هل مسألة العبادة والبركة بالقرآن مقصورة على هذه الحرف بعشرة حسنات، أم هذه.. هذه مكافأة في. في الآخرة، قراءة القرآن محصورة فقط في هذا.. بركة القرآن، عندما يتبرك به الناس، عندما يعني يتبركون بوضعه في منازلهم، في مساجدهم، في.. في عربات نقلهم، هل هذه بدع أم هذه جزء من هذه البركة.. هذه القيمة المعنوية للقرآن.
موافي محمد عزب: نعم، القرآن بداية هو كتاب هداية، قال الله -تبارك وتعالى- في أول سورة بعد الفاتحة (ذَلِكَ الكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ) فهذه الهداية قسمها العلماء إلى هداية.. هداية الدلالة بصفة عامة هذا الذي نريده، أنه يدل الإنسان على كل خير، فما من أحد يتعامل مع القرآن قراءة أو سماعاً إلا ويهتدي إلى أفضل سُبل الحياة وأفضل سبل النجاة، لأن الله -تبارك وتعالى- يقول: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى) لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، فالقرآن نبراس ونور، ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- يقول (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) ويقول (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ) فأعظم ما في القرآن -كله عظيم- أنه كتاب هداية، الله -سبحانه وتعالى- جعل لمجرد نزول القرآن في رمضان جعل له مزية خاصة فأمر الناس بصيامه تعظيماً وتقديراً للقرآن الكريم (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ القُرْآنُ هُدًى) إذن وافق الآية الأولى (هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) أيضاً الكتاب كما يعني ذكر مولانا -سبحانه وتعالى- عنه (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ) بركة القرآن البيت الذي يقرأ فيه القرآن مثلاً.. على سبيل المثال سورة البقرة، أخبرنا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يقربه الشيطان ثلاث ليال، وأن البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة لا يستطيع السحرة أن ينالوا من أهله شيئاً، فإذن نحن بقراءتنا للقرآن وتدبرنا للقرآن وعملنا بالقرآن نقي أنفسنا حتى من كيد السحرة والدجالين والحاقدين وغير ذلك، أيضاً بركة القرآن الكريم، يعني من معجزات القرآن مثلاً أنه حتى إذا كان في متاع وأحرق لا يحترق القرآن، فإذن الله -تبارك وتعالى- كما ضمن حفظه -سبحانه وتعالى- لفظاً وحرفاً فإن التجارب تثبت أن القرآن الكريم لا يحترق بأثر النار، وهذه خصوصية أيضاً وهذه مجربة يعني، لم يقل عليها نص من كلام الله تعالى أو كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما تضافرت بها الأقوال وتواترت بها الأخبار عبر تاريخ هذه الأمة إلا إذا شاء الله -تبارك وتعالى- أمراً آخر إذا كان مقصوداً به الصيانة، فالبيت الذي تقرأ فيه القرآن، السيارة التي يقرأ فيها القرآن، المتجر الذي يقرأ فيه القرآن تتنزل عليه بركات الله -تبارك وتعالى- وعلى أهله، لأن النبي أخبرنا -عليه الصلاة والسلام- مثلاً: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا -ذكر النبي عليه الصلاة والسلام -أربعة أشياء، أول شيء -تنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده" أربع مكافآت لمجرد أن يقرأ الناس القرآن، فإذا قرأ الإنسان القرآن في بيته حدث له نفس هذه البركة، ولذلك بعض الصالحين عندما يقرأ القرآن في بيته يشم رائحة لا يشمها في غير هذا الموطن، ولذلك بسبب تنزل ملائكة الله -تبارك وتعالى. التي قد يشعر بها بعض أولياء الله- سبحانه وتعالى -كما حدث في حديث الصحابي الذي كان يقرأ سورة الكهف وتنزلت القناديل من السماء، فلما أتى النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبره، قال: تلك الملائكة قد نزلت لاستماع القرآن، سكينة.
فإذن قطعاً عندما يقرأ الإنسان القرآن أو يسمع القرآن يتحول في حياته كلها إلى بركات من فوقه وبركات من تحت قدميه، عندما تخلو الحياة من القرآن تصبح حياة جافة كالأرض المتصحرة التي ضربها التصحر لا تجد فيها مرونة ولا سكينة ولا أمن ولا استقرار ولا أمان ولا دعة ولا سعادة، ولذلك إذا أراد الناس فعلاً حل كل المشكلات ما عليهم إلا أن يتعاملوا مع القرآن الكريم، لأن الله تبارك وتعالى يقول (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) والإعراض عن القرآن إما أن يكون إعراض عن القراءة (وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا القُرْآنَ مَهْجُوراً) هجر القرآن -كما ذكر العلماء- خمسة أنواع منها هجر التلاوة، كون إنسان لا يقرأ والقرآن ولا يتردد بين جنبات القرآن ولا يكون كالحالِّ المرتحل الذي يتعامل مع القرآن كلما حل وكلما ارتحل لابد أن ترى في حياته شيء من الضنك كما قال الله تبارك وتعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً) نحن نتكلم عن القرآن في الدنيا، أما عن أثر التلاوة أو عدمها فهذا أمر في الآخر مبسوط فيه الكلام في كلام الله -تبارك وتعالى- وكلام النبي عليه الصلاة والسلام، "فبيت بلا قرآن قبر بلا أموات".. بيت بلا قرآن قبر بلا أموات.
ماهر عبد الله: لكن يعني ذكرت في الحديث تبع المسجد "ما اجتمع قوم" من.
موافي محمد عزب: "في بيت من بيوت الله".
ماهر عبد الله: "في بيت من بيوت الله " ذكرت يتدارسون القرآن، استيعابه، وعيه والعمل به هل يؤثر في.. في زيادة هذه البركة في.. في إبعاد الضنك؟
موافي محمد عزب: هذا دور القرآن الأصلي، الله -سبحانه وتعالى- يقول (وَهَذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ) ويقول تبارك وتعالى (لِيُنذِرَ مَن كَانَ حَياًّ وَيَحِقَّ القَوْلُ عَلَى الكَافِرِينَ) فدور القرآن أنه دور مغير، أنه ناقل، أنه فاعل، فكون إنني أقرأ القرآن ولا يتغير سلوكي كأني ما قرأت القرآن وإنما أخذت فقط أدنى حظ من الفائدة، ولكن قرآن الله -سبحانه وتعالى- أنزله ليغير سلوك الناس، ليغير أنماط الناس في كل مناحي حياتهم، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- جاء لصلاح الدين والدنيا معاً، والقرآن إنما جاء لتقويم سلوك الناس وفق مراد الله -عز وجل- والله -عز وجل- ما أراد بالقرآن إلا مصالح العباد، الله – عز وجل- يقول: "يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها" وقبل ذلك يقول: "لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً" فأنا أقرأ القرآن لنفسي، أقرأ القرآن لنفسي، لروحي، أقرأ القرآن لبدني، اقرأ القرآن لاستقراري، أقرأ القرآن لبركة معاشي، أقرأ القرآن لتقويم سلوكي، أقرأ القرآن لتطييب حياتي، أقرأ القرآن لتهذيب أخلاقي، فالقرآن جامع -وذلك كما ذكر الشاطبي- كلية الشريعة وعماد الملة وسراج الأمة.
تصور أنت إنسان يمشي بغير نور، إنسان أعمى فماذا تتصور أن يوفق في أي مرحلة من مراحل حياته؟
ماهر عبد الله: يعني أسمح لي بس أن أسألك أنت كأنك تقول أنه يجب أن نسعى لفهمه والعمل، أنا سؤالي يعني إنسان.. إنسان تايه، إنسان يشعر بالضنك الذي يريد الخلاص منه، مجرد التلاوة هذه بنية صادقة سواء استوعب أو (…) يعني ألا يساعده؟
موافي محمد عزب: قطعاً يساعده، مجرد التلاوة تساعده، لأن مجرد التلاوة.. تلاوة كلام الله -تبارك وتعالى- وفضل كلام الله على كلام الناس كفضل الله على سائر خلقه، فتصور أنت عندما تقرأ كلام الجليل -سبحانه وتعالى- وتتنزل رحمات الله -عز وجل- نحن نعلم هناك قضية مهمة جداً، يعني القصة المذكورة أن رجلاً سب أبا بكر -رضي الله تعالى عنه- بحضرة النبي، عليه الصلاة والسلام..
ماهر عبد الله: عليه الصلاة والسلام.
موافي محمد عزب: فالنبي كان جالس يبتسم، فسبه الثانية فالنبي لم ينكر عنه وظل يبتسم، فسبه الثالثة فرد عليه أبو بكر، فغضب النبي -عليه الصلاة والسلام- وقام، فأبو بكر قال فداك أبي وأمي يا رسول الله، سبني الأولى فلم تنكر عليه، والثانية فلم تقل له شيئاً، فلما رددت عليه غضبت عليّ! قال: "أما إن الله قد وكَّل بك ملائكة يدفعون عنك فما أن رددت عليه إلا وحضر الشيطان وإذا حضرت الملائكة غابت الشياطين"، فأنت عندما تقرأ القرآن قطعاً لا يستطيع الشيطان أن يمكث في مكان يقرأ فيه القرآن، هذا في حد ذاته راحة، لأن القرآن.. الشيطان هو سبب.. سبب مشاكل الخلق جميعاً، الذي أفسد على آدم حياته في الجنة ها هو هو، وقال (فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).. (لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) كلهم.
[موجز الأخبار]
ماهر عبد الله: مرحباً بكم مجدداً في هذه الحلقة من برنامج (الشريعة والحياة) والتي نتمنى فيها عليكم على الأقل الإخوة الذين سيراسلوننا بالفاكس يعني هذا 5 أو 6 ورقات بهذا الحجم، لا أعتقد أننا سنجد من الوقت ما يكفي لقراءته، حاولت لكن أعتقد أني فشلت في.. في الاستفادة مما فيه، فمعذرة على ذلك.
سيدي كنت تتحدث أن الشيطان يفر من القرآن، هل هناك علاقة خاصة على اعتبار أن هذا هو كتاب الهداية، وعمله هو الضلال.
موافي محمد عزب: هذا أحد الثمار الموجودة أو مستنتج من طبيعة العلاقة ما بين الشيطان والقرآن، القرآن كلام الله تبارك وتعالى جل جلاله، والشيطان كما نعلم سبيله الغواية والإضلال، ولذلك أقسم قال: (فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ (83)) وقال أيضاً (ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) هذه طبيعة عمل الشيطان (وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ)، (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ)، (إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ)، (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ) فهذه طبيعة عمل الشيطان أساساً، الإفساد والإضلال والغواية، إفساد الدين والدنيا معاً، يعني ليست المسألة مسألة مجرد أنه يريد للناس أن يكونوا كفار أو مشركين، وإنما حتى مجرد الاستقرار والأمن لا يريده الشيطان لأي أحد، ولذلك قال النبي -عليه الصلاة والسلام- كما ورد في السنن" :إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه كلها" تصور ما من طريق يسلكه الشيطان.. الإنسان إلى وعلى رأسه الشيطان، حتى قضاء الحاجة، حتى إتيان الرجل أهله، يأتي الشيطان أحدكم طعامه وشرابه إلى غير ذلك، فهنا الصارف الوحيد الذي يصرف عنك كيد الشيطان إنما هو القرآن، فإذا ما قرأت القرآن كنت في حصن حصين من كيد الشيطان مطلقاً ليلاً ونهاراً، القرآن هو أعظم الذكر، والذكر -كما ورد في كلام النبي، عليه الصلاة والسلام- كالحصن الحصين، ولذلك ضرب النبي مثلاً رائعاً عليه الصلاة والسلام: "مثل القرآن والإنسان والشيطان كمثل رجل طارده عدوه فآوى إلى حصن حصين فأغلق عليه فلم يتمكن منه عدوه" فنفس العمل، كلما كان الإنسان قارئ للقرآن كلما كان بين الشيطان وبينه بوناً شاسعاً ومسافة بعيدة، فنحن بالقرآن نصون أنفسنا من كيد شياطين الإنس، وبالقرآن أيضاً نصون أنفسنا من كيد شياطين الجن، فالقرآن هو الصيانة للأمة حقيقة في مجموع أفرادها وفي كلياتها وفي شتى مناحي حياتها.
ماهر عبد الله: ونحن نتحدث عن.. عن.. عن البركة يعني وأنت أدرى مني، هناك أكثر من آية في القرآن تتحدث عن القرآن بوصفه شفاء للناس، شفاء ورحمة، شفاء لقوم مؤمنين، شفاء للذين آمنوا وهدى، ما هو المقصود بالشفاء عندما نتحدث عن القرآن بوصفه شفاء؟
الشفاء في القرآن الكريم
موافي محمد عزب: نعم، الشفاء هنا بالمعنى العام يشمل الشفاء من جميع العلل والأسقام والأمراض، فما من علة أو مرض أو آفة تنزل بالإنسان إلا وفي القرآن لها شفاء ولذلك ابن القيم -عليه رحمة الله تعالى- توسع في هذا الباب فبين أن القرآن للأبدان غذاء، وللقلوب غذاء، وللأرواح غذاء، ففيه غذاء لكل شيء في الإنسان فهو يغذي الروح ويغذي البدن أيضاً وأن هناك علل كمسألة الشك والشبهات وأمراض العُجب والكبر، كل أمراض النفس يعالجها القرآن، الأمراض النفسية. حتى الأمراض العضوية، والدليل على ذلك هذه القصة البسيطة جداً التي وردت في السنن عن هؤلاء الجماعة الذين خرجوا من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- في سفر فنزلوا على قبيلة فأبوا أن يضيِّفوهم، فشاء الله أن يُلدغ سيد هذه القبيلة، فأتاهم صارخ من القبيلة هل فيكم من راق أو معالج؟ فقال أحد الصحابة أما إني أرقي ولكن لن أرقه حتى تجعلوا لنا جُعلاً، بما أنكم أبيتم أن تضيفونا، فجعلوا لهم.. جُعلاً قطعاً من الشاة، مجموعة من الغنم فالصحابي ماذا صنع؟ أخذ هذا.. قدم هذا الرجل السيد اللديغ وظل يقرأ عليه الفاتحة ويتفل على موضع الألم، ثم تركه فقام الرجل كأنما نشط من عِقال، فاختلفوا هل يجوز أن يأكلوا من هذه الأغنام التي أُعطيت لهم مقابل القراءة، حتى راحوا.. ذهبوا إلى النبي -عليه الصلاة والسلام، فحكوا له ما جرى، فضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: "وما يدريك أنها رقية؟ اضربوا لي معكم بسهم"، فالشاهد من هنا أن القرآن عالج مرضاً عضوياً، ومازال هناك أيضاً كثير من الإخوة الذين يتعاملون مع القرآن في باب الرقية يجزمون بأن هناك آيات في القرآن الكريم لها دلالات طبية قوية في أمراض عضوية متعددة متنوعة في جسم الإنسان.
ماهر عبد الله: وماذا تقول.. أنا مضطر أسألك هذا السؤال، يعني.. مثل هذه القصة قد يلوم البعض تأخرنا في.. في جوانب كثيرة ومنها عدم الاهتمام بنواحينا الصحية على اعتبار أننا سنعتمد على بركة القرآن، وبالتالي قصَّرنا في أن نتعلم كيف نعالج الأمراض العضوية بالطرق المتعارف عليها؟
موافي محمد عزب: نعم، الطرق المتعارف عليها جزء من معطيات العلم، والقرآن هو أصل العلم، ولا يوجد هناك أدنى تعارض بين هذا وذاك، عندنا الآن مطروح في العالم كله ما يُعرف بالطب البديل، ونحن ننكر على المسلمين أن يتعالجوا بالقرآن، في حين أن البوذيين يعالجون الآن مرضاهم ببعض هذه التمائم والأشياء التي تنبع من معتقداتهم وهي فاسدة.
ماهر عبد الله: نحن.. نحن لا ننكر يعني، لكن أليس من شأن التوسع بها أن يضعف من همتنا إلى البحث عن..
موافي محمد عزب [مقاطعاً]: ليس كذلك، لا أتصور هذا، بل إني أقول نبدأ بها ثم ننتهي بغيرها، لأن ما وصل إليه العلم الحديث إلى يومنا هذا، مازال في مرحلة الروضة بالنسبة لعلم القرآن، إذا كنا نحن قد قصرنا في عرض ما في القرآن من حقائق علمية، فهذا ذنبنا نحن.
ماهر عبد الله: طب لو.. لو.. يعني الآيات نصوصها تتحدث عن شفاء يوحي بأنه روحاني في المقام الأول، يعني الآية الأولى تقول: (مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ) فالمسألة معنوية صرفة، الآية الثانية تقول (وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ) والصدر موضع القلب، وأغلب الأمراض النفسية والروحية إذا جاز التعبير..
موافي محمد عزب: أي نعم.
ماهر عبد الله: والآية الثالثة تقول: (قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ)
موافي محمد عزب: وشفاء، نعم
ماهر عبد الله: يعني من ظاهر النص أليس الأولى أن نقصرها على هذا الجانب الروحي أو النفساني إذا.. إذا؟
موافي محمد عزب: الأصل فيها طبعاً أنه لا تخصيص إلا بمخصص، وإن كان نص يقتضي هذا، ولكن تطبيق النبي -صلى الله عليه وسلم- لهذا القرآن يثبت أنه صالح لهذا ولذاك، عندنا مثلاً المعوذتان النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما تعوذ بمثلهما متعوذ" الإنسان عندما يصاب بأي مرض، حتى أمراض عادية، النبي كان يرقي نفسه بيده -عليه الصلاة والسلام- وكانت أمنا عائشة -رضي الله تعالى عنها- في مرض موت النبي -صلى الله عليه وسلم- كانت تقرأ على يده وتنفث فيها فتمسح بيده على بدنه لبركتها -صلى الله عليه وسلم- فواقع هدي النبي عليه الصلاة والسلام وتعامل النبي -عليه الصلاة والسلام- بالآيات مع هذه الوقائع يثبت أن في القرآن جانباً يتعلق بهذه الأمراض البدنية كما يتعلق بهذه الأمراض النفسية، ولدينا كتاب "الطب النبوي" موجود فيه حقائق غير عادية فيما يتعلق بأثر آيات أو نصوص أو كلمات من القرآن على أمراض عضوية متعددة، حتى من لدغة.. يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- تكلم حتى عن لدغة النملة.. قرصة النملة، تكلم عن لدغة العقرب هذه من القرآن.
فإذن قصره يحتاج إلى دليل، الإشكال في تطبيقه وسوء التعامل معه، ولكن لو أننا بدأنا به فرفعناه وجعلناه في قمة الهرم العلمي، ثم بعد ذلك نزلنا من خلاله، لما كان هناك أدنى تعارض، ونحن نقول: الذي لا يُعالج بالقرآن يعالج بغيره، لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "تداووا عباد الله" وهناك صحابة كانت لهم أمراض ما كان يقرأ عليهم النبي القرآن -عليه الصلاة والسلام- عندما جاء هذا الرجل الذي كانت بطنه مستطلقة فالنبي قال: "اسقه عسلاً" فالعسل هذا غير القرآن، ما قرأ عليه النبي رقية، ما كان كل مرض يُقرأ عليه رقية، ولكن نقول هناك أمراض تستفيد من قراءة القرآن كذلك نفس النظام، أحد الصحابة عندما مرض، النبي قال: استقدموا له طبيباً، فجيء بطبيبين، فالنبي عمل لهم اختبار عليه الصلاة والسلام، فوجد أن أحدهما، هذا الكلدي وجده أنه أكثر.. عالج حالات كثيرة وعالج زعماء عشائر ورؤساء قبائل، فاستبقاه النبي -عليه الصلاة والسلام- وكان على غير الإسلام، فعالج.
فإذن نقول لا نستطيع أن ننفي أو لا نقول قطعاً لأن ينبغي إغلاق معاهد الطب أو الطبابة والعلم، فإن هذا من.. من الاستحالة بمكان، ولكن نقول هي تعمل بجوار القرآن.
ماهر عبد الله: نرجع للتعريف، كلام الله المتعبَّد بتلاوته المعجز، ما..
إعجاز القرآن الكريم قديما وحديثاً
موافي محمد عزب: فضل إعجاز القرآن الكريم أولاً قديماً وحديثاً، لو رجعنا للوراء قليلاً وجدنا ما هي كانت طبيعة حياة العرب -كما ذكرت- لعلي أشرت في أول الحديث إلى أن الناس حول العرب كانوا مشغولين بدول، فهذه فارس وهذا الروم وهؤلاء الأحباش في الحبشة، النجاشي ملك الحبشة، المقوقس عظيم مصر، دول لها مؤسسات، العرب ماذا كان عندهم؟ لا كان عندهم نظام سياسي مُعتبر ولا مؤسسات اقتصادية، فلا هم كانوا أهل زراعة، اللهم إلا مجموعة النخيل المعروفة، وربنا -سبحانه وتعالى- ذكر على لسان إبراهيم عليه السلام (بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ) هذه طبيعتهم، ولذلك ما استطاعوا حتى أن يزرعوا، لأن شح المياه عندهم وطبيعة الأرض عندهم أبت أن يكون لديهم زراعات كغيرهم مثلاً من وديان، أنهار وغيرها، أيضاً النظام الاجتماعي عندهم كما نعلم، فإذن كان حالهم، ماذا كان عندهم؟ النظام الاقتصادي عندهم قائم على التجارة، ما حجم التجارة في.. في العالم العربي؟ رحلتين كما ذكر ربنا -سبحانه وتعالى- (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) بين الرحلة والرحلة ماذا يصنع العرب؟ جلوس.. ما كان عندهم شيء فتفننوا في الكلمة، واهتموا بها ورفعوا من قدرها وشأنها حتى زوقوا بها معابدهم فالمعلقات السبع كانت على الكعبة، وأصبحت الكلمة لها سطوة كسطوة المال وسطوة السلاح ترفع من شاء، وتخفض من شاء ولذلك أصبحت الكلمة لها سوق، الصحابة.. العرب في الأسواق يتنادون بالقرآن باللغة العربية وفصاحتها وبلاغتها، فشاء الله -عز وجل- أن يرسل إليهم معجزة من جنس ما تفوقوا فيه، ولكنه كان أبرع مما جاءوا به، ولذلك وقفوا أمام القرآن مشدوهين مبهورين لعظمة القرآن، ولك أن تتصور مثلاً أن أهل مكة وهم في شدة حربهم مع النبي -عليه والصلاة والسلام- كما ورد في السِّير، الأخنس بن شريق، أبو جهل بن هشام، أبو سفيان بن حرب كل واحد منهم يخرج ليستمع إلى قراءة النبي ليلاً خلسة من وراء أصحابه، فيتلاقوا جميعاً عند بيت النبي عليه الصلاة والسلام.
ماهر عبد الله: عليه الصلاة والسلام.
موافي محمد عزب: كل واحد طالع يسمع لنفسه، يريدون أن يستمتعوا بحلاوة القرآن الذي أنزله الله على نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- فما التقوا تلاوموا كل واحد لام صاحبه، ليش أنت جيت؟ وتعاهدوا ألا يأتوا، فجاءوا في المرة.. الليلة الثانية والثالثة، لأنهم سمعوا كلاماً عجباً، فعلاً، ما إن سمعه الجن حتى قالوا: (إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً) ولذلك كان دورهم مع القرآن أيش؟ (لاَ تَسْمَعُوا لِهَذَا القُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ) لما يبدأ النبي يقرأ -عليه الصلاة والسلام- أحد الصحابة يقرأ يعملوا نوع من الضجيج..
ماهر عبد الله: طيب.. أنا.. أنا
موافي محمد عزب: فهذا نوع من الإعجاز بس إعجاز خاص بالعرب وحدهم.
ماهر عبد الله: طيب، إحنا حالياً لازم نحكي عن الإعجاز كيف هو معجز لنا اليوم..
موافي محمد عزب: الآن نعم، هذا أريده أيضاً.
ماهر عبد الله: كان ذلك للعرب..
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: سيدي، هذا كان الإعجاز لأهل قريش لمن عاش معهم..
موافي محمد عزب: اللغة.. والعرب، نعم
ماهر عبد الله: في..، يبدو أننا يعني لا.. لم نعد نتذوقه كما كان العربي، كان صاحب سليقة، كانت لغته لغة فطرة يعني كان.. سهل على الإنسان أن يتخيل كيف يمكن له أن ينسجم مع القرآن وأن يسترق السمع إليه ليتمتع به، نحن فقدنا الإحساس باللغة، نحن أصلاً لا نتحدث نفس اللغة -إذا.. إذا جاز التعبير- على اعتبار أنه كثير من.. من ألفاظنا غير تلك المستخدمة في القرآن هل مازال يملك نفس الإعجاز، هل هو مقصور على هذا الجانب الذي ذكرت.. الإعجاز؟
موافي محمد عزب: لو كان كذلك لما كان مُعجزاً لأن من عظمة القرآن أن إعجازه لا يتوقف على زمان أو مكان، فسيظل القرآن معجزاً في كل ميادين الحياة إلى أن يُرفع إلى الله -جل جلاله- وذلك من علامات الساعة، فالإعجاز قديماً كان باللغة التي نزل بها، لأن أهل التكليف يوم ذاك لم يكونوا يتقنون أو يتفوقون في شيء إلا في اللغة، فأعجزهم في اللغة، كما أعجز موسى -عليه السلام- سحرة فرعون -كما نعلم- وكما أعجز عيسى -عليه السلام- الأطباء في عصره، أعجز القرآن الذي أُنزل على نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- أهل الفصاحة والبلاغة في زمانه، إلا أن القرآن يختلف عن سائر الكتب الأخرى بأنه خاتم الكتب وهو آخر الكتب وهو الذي لا كتاب بعده، كما أن هذا النبي المصطفى -عليه الصلاة والسلام- لا نبي بعده، فشاء الله تعالى أن يحوي كتابه المنزَّل إعجازاً متصلاً دائماً لا ينقطع إلى يوم القيامة، ولذلك ورد في كلام النبي -عليه الصلاة والسلام- عن القرآن: "وهو الذي لا تنقضي عجائبه". لا تنقضي عجائبه، الآن مازلنا نرى أن العلم الحديث كلما سارع إلى ابتكار أو وصل إلى معلومة وجدنا أن المسلمين قد سبقوا هذا الأمر بآلاف.. بمئات السنين أو بأكثر من ألف عام، فما.. لليوم لم تثبت حقيقة علمية في القرآن وجاء ما يعارضها في واقع الناس، بل إننا نرى الآن أن القرآن يأخذ بزمام القواعد العلمية والحقائق العلمية إليه أخذاً.
الآن ما وصل الناس إليه سواء كان في علم البيئة، في علم الهيئة، في علم الفضاء، في علم الطبقات.. في أي علم للقرآن كلمة إلا ومازال القرآن في القمة.
ماهر عبد الله: هل.. هل هو معُجز بذاته أم معجز بصرفنا عن الإتيان بمثله؟
موافي محمد عزب: الإتيان بمثله هذه مسألة انتهت، لأن الله -سبحانه وتعالى- أثبت أن ذلك قد وقع، وسيظل كذلك أيضاً من حيث أننا لا يمكن أن نأتي بمثله من حيث نظمه ومعناه وحقائقه، ولا يمكن أن نجاريه فيما جاء أيضاً من الحقائق فستنقضي الدنيا ومازال القرآن غضاً طرياً..
ماهر عبد الله: نعم، هذا الإعجاز هل سببه أنه فعلاً معجز ويستحيل عملياً أن يأتي أحد بمثله أم لأن الله يصرفنا عن الإتيان بمثله؟
موافي محمد عزب: لأ، ليس لأن الله يصرفنا لأنه ما أنزله إلا رحمة، فالقرآن في حد ذاته رحمة، إذا صرفنا الله عنه، فقد صرفنا عن رحمته، ولكننا مهما حاولنا سيظل الفرق ما بيننا وبين فهم القرآن الفهم الكلي أو تطبيقه كالفرق ما بين كلام الله وكلام الناس، سيظل كلام الله عز وجل -كما ذكرت- في القمة، وسنظل نحن.. نحن الإنسانية كلها تحبو في ظلال بعض الحقائق القرآنية البسيطة، لأن الله عز وجل- قال لنبيه محمد- عليه الصلاة السلام- (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)
حفظ الله للقرآن الكريم
ماهر عبد الله: ما معنى تعهد الله بحفظه؟
موافي محمد عزب: النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه" فالقرآن والسنة من عند الله تبارك وتعالى.
ماهر عبد الله: كما ذكرت مثله معه، الأخ أسامة منصور مراد من إسبانيا: هل من يشكك في صحة المصحف الموجود حالياً بين يدي المسلمين كافر أم لا؟ أرجو البيان لأهمية الموضوع، حيث هناك بعض الجدل المتعلق بالموضوع ويثيره بعض أعضاء الفرق، وفيه سؤال ثاني نفس الأخ يسأل: هناك مصاحف أخرى، مصحف الإمام فنرجو منكم أن تبينوا هذا الأمر، ما المقصود بـ.. ومثله معه؟ هل هي إشارة إلى السنة أم إشارة إلى كتاب آخر خُبِّئ أوأخفي؟
موافي محمد عزب: نحن نعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حياته لم يجمع القرآن الكريم في مصحف واحد، وإنما كُتب القرآن كله في رقاع وفي خِرق وفي عظام وفي غير ذلك من الوسائل المتاحة في عصره، ولم يخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- من الدنيا إلا بعد أن أتم الله النعمة وأكمل الله -عز وجل- الدين فبعد أن انتهى النبي -عليه الصلاة والسلام- من رحلته في الحياة ولحق بالرفيق الأعلى، جاء أصحاب النبي من بعده -عليه الصلاة والسلام- فأشار عمر -رضي الله تعالى عنه- على أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- بجمع القرآن بعد أن استحر القتل في المسلمين في معركة اليمامة، قُتل عدد من القرَّاء لأننا نعلم أن القراء كانوا كُثُر، فالصحابة -رضي الله تعالى عنهم- في بئر معونة يوم الرجيع قُتل أكثر من سبعين قارئ للقرآن، وكذلك أيضاً في حرب اليمامة، قال: فما زال الله -عز وجل- عمر بي إلا إلى أن شرح الله صدر أبي بكر لما شرح إليه صدر عمر ثم جاء زيد بن ثابت -رضي الله تعالى عنه- وجُمع القرآن كاملاً في مكان واحد وأُودع لدى حفصة بنت عمر -رضي الله تعالى عنهما- هذا كان جمع القرآن في عهد أبي بكر -رضي الله تعالى عنه- -، ثم جاء في عهد عثمان -رضي الله تعالى عنه- وحدث هناك خلاف في الطرح، لأن الناس غالبهم كان يعتمد على الحفظ، ونحن نعلم أن القرآن كانت له مدارس كبيرة ثلاثة في العالم الإسلامي، مدرسة مكة على رأسها عبد الله بن عباس -حبر الأمة وترجمان القرآن- ومعه تلاميذه، مدرسة المدينة كان على رأسها أبي بن كعب -رضي الله تعالى عنه- ومعه تلاميذه، مدرسة الكوفة كان فيها عبد الله بن مسعود -رضي الله تعالى عنه- ومعه تلاميذه، من هذه المدارس تخرج أعداد كبيرة، من هؤلاء الحفظة لكلام الله تعالى، ففي حرب أرمينيا وأذربيجان لاحظ بعض الصحابة أن هناك تضارب في قراءات الناس، لأن هؤلاء الناس بعضهم تلقى بطريقة غير التي تلقى بها غيرهم، حتى كاد بعضهم أن يقتل بعضاً لمجرد قراءة آيات بأحرف أو بطريقة مختلفة عن غيره، فرجع -رضي الله تعالى عنه- حذيفة -رضي الله تعالى عنه إلى عثمان أمير المؤمنين -رضي الله تعالى عنه- وأخبره بما حدث في حرب أرمينيا.. أرمينيا وأذربيجان، وهنا جمع عثمان -رضي الله تعالى عنه- المصحف، جمع هؤلاء القراء وألَّف لجنة من أكبر الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- علماً بالقرآن ومن كُتَّاب الوحي الذين كتبوا الوحي على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وجعل على رأسها سعيد بن العاص، لأنه كان أفصح.. أفصح لأنه من قريش، وجعل الكاتب زيد بن ثابت، لأنه كان كاتباً للوحي عن النبي -عليه الصلاة والسلام- ليضمن الدقة المتناهية، وجمع القرآن الذي كان موجوداً في بيت حفصة -رضي الله تعالى عنها- فأخرجه في المصحف المعروف بمصحف عثمان، وكانت عبارة إما عن خمس نسخ أو ست أو سبع نسخ على أعلى تقدير.
ماهر عبد الله: لكن هذا.. هذا الجهد البشري في حفظه وقد وقع، لكن الله سبحانه ذكر: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ما هو المقصود بحفظه اليوم؟ لكن.. لكن اسمح لي بس نأخذ سؤال الأخ عبد الله مكاوي أولاً، عبد الله مكاوي من السعودية. أخ عبد الله اتفضل
عبد الله مكاوي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
عبد الله مكاوي: الشيخ الفاضل السلام عليكم.
موافي محمد عزب: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
عبد الله مكاوي: أولاً شكراً لقناة (الجزيرة).
موافي محمد عزب: بارك الله فيك.
عبد الله مكاوي: ثانياً: شكراً للأستاذ ماهر على أسلوبك الراقي والمؤدب جداً جداً.
ماهر عبد الله: بارك الله فيك.
عبد الله مكاوي: ثالثاً شكراً للشيخ الفاضل -حفظه الله ذخراً للإسلام والمسلمين- وأريد منه كلمة صادقة إلى أمرائنا دول الخليج -حفظهم الله- ونوَّر قلوبهم بالقرآن العودة إلى القرآن يا شيخنا، لقد قال الله عز وجل: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ..) وهذا قد ينطبق علينا دول الخليج من الأموال التي رزقنا الله، ونحن نقلد دول كافرة رغبة في السياحة التي تُغضب الله، وقد أغنانا الله وأكرمنا أكرم الأكرمين، لأننا ابتعدنا عن القرآن، لقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "ما انتشر الخمر والزنا بقوم إلا حق عذاب الله" وقال الله عز وجل -يا شيخنا الفاضل- "إن عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني" فقد سلط الله علينا أميركا وإنجلترا والعالم كله، أرجو من فضيلتكم الدعاء لنا ولأمرائنا جميعاً.
وكلمة أخيرة أيضاً لأميرنا المحبوب الأمير عبد الله الذي ينظر إليه الأمة الإسلامية جميعاً يا أميرنا المحبوب إخوانك أمراء الخليج يحتاجونك، فلا تتخلى عنهم، وقل لهم هيا نصطلح مع الله وهيا إلى القرآن، وكلمة من شيخنا الفاضل ودعاء لهم للعودة جميعاً إلى القرآن. جزاكم الله خير وأفادكم الله.
ماهر عبد الله: طيب أخ عبد الله مشكور جداً معي الأخ صهاد المري من قطر، أخ صهاد اتفضل.
صهاد علي المري: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
موافي محمد عزب: عليكم السلام ورحمة الله.
صهاد علي المري: مساكم الله بالخير.
ماهر عبد الله: بارك الله فيك.
صهاد علي المري: كيف الحال شيخ موافي؟
موافي محمد عزب: الله يجمل حالك ويبارك فيك.
صهاد علي المري: عساك طيب يا شيخ.
موافي محمد عزب: بارك الله فيك.
صهاد علي المري: يا شيخ، بأسألك بالنسبة يعني للقرآن مثلاً بتستمع كشريط يعني مثلاً بتستمع يعني هل هذا فيه يعني يكون للقراءة أو الاستماع، بالنسبة يعني لشو اسمه للمنع من الشياطين وهذا.
ماهر عبد الله: طيب فيه سؤال ثاني أخ صهاد؟
صهاد علي المري: لا والله ما فيه إلا هذا.
ماهر عبد الله: طيب، شكراً.. شكراً لك جاوبني على موضوع تعهد الله بحفظه الأول، وبعدين نعود لأسئلة الإخوة.
موافي محمد عزب: يقول الحق تبارك وتعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) ذكر العلماء أن الحفظ هنا حفظ عام فالله تبارك وتعالى حفظه جل جلاله أن يقع في تحريف بأي صفة من الصفات أو أن يقع فيه تغيير وسيظل محفوظاً حتى وإن تخلى الناس عنه، فيظل محفوظاً بدوره في حياة الناس يؤدي دوره ويظهر أثره الله -تبارك وتعالى- في خلقه، ويحفظ الله -تبارك وتعالى- نصوصه من أن تنطمس أو أن يعتدي عليها معتدٍ إلا ويظهر الله تبارك وتعالى ذلك، وهذا.. حتى الخلاف الذي وقع -من فضل الله تعالى ورحمته- لم يؤدِ إلى وقوع أي تغيير في كلام الله عز وجل، جل جلاله. لأن الصحابة -رضي الله تعالى عنهم- وهم أعلم الناس بمراد الله أجمعوا إجماعاً على هذا المصحف، فكان ذلك قطعاً لأي شبهة، ولذلك لا نسمع عن كتاب آخر غير القرآن بين المسلمين، القرآن هذا الذي يسمى بالمصحف العثماني هذا القرآن الوحيد الذي يعرفه المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، ومنذ أن بُعث محمد -عليه الصلاة والسلام- وإلى أن تقوم الساعة. نعم
ماهر عبد الله: طيب، سؤال الأخ عبد الله يعني ليس فقط أمراء دول الخليج لا أدري لما حصرها في أمراء دول الخليج هل تعتقد أن ما.. يعني تعانيه الأمة اليوم من ضنك وتكالب عليها سببه الابتعاد عن القرآن وبالتالي من شأن العودة إليه أن يخفف من غلواء هذه الحرب المرفوعة علينا؟
موافي محمد عزب: هذا الكلام ليس لي ولا لغيري وإنما هو كلام الله -تبارك وتعالى- جل جلاله، فلقد قال الحق سبحانه: (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً..) فهذه عقوبة طبيعية جداً لأن الله -عز وجل- مما ينبغي أن يُعلم، الله -سبحانه وتعالى- يقول في القرآن للنبي محمد عليه الصلاة والسلام (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ) فلا يرتفع شأن العرب، ولا يرتفع شأن هذه الأمة الإسلامية أبداً بغير القرآن، مهما حاولنا نوفِّر من التقنيات ومن وسائل العلم الحديثة.
ماهر عبد الله: طيب يعني لماذا قلت العرب؟ الأخ نبيل عبد الله حمام، مهندس من مصر يقول: إذا كنا نحن العرب نحس إعجاز لغة القرآن الكريم، فما هو ذنب الأمم الأخرى التي لا تتكلم اللغة العربية ولا.. ولا تفهمها؟
موافي محمد عزب: هو حقيقة نحن.. طيب يعني هذا ينقلنا إلى قضية أخرى، هل الناس مطالبون.. الناس جميعاً مطالبون أن يتعلموا لغة القرآن، أم أننا نحن الذين طالبنا الله -عز وجل- بأن نتعلم اللغات لننقل القرآن إلى هؤلاء الناس؟ في الواقع المعلوم أن النبي عليه الصلاة والسلام عندما أرسل الرسل إلى الملوك الذين كانوا يعيشون من حوله وفي عصره، أرسل هذه الرسل بلغات هؤلاء القوم، ولذلك الآن يتفق علماء الدعوة على أنه يتعين على المسلمين أن يتعلموا لغة العالم لينقلوا إليهم كلام الله سبحانه وتعالى.
ماهر عبد الله: طيب نعود لهذا، خلينا يجب.. بنعود لنصيحة الأخ عبد الله مكاوي.
موافي محمد عزب: حقيقة الأخ عبد الله مكاوي يقول.. نصيحته تتفق مع روح القرآن قطعاً، وأن الله -تبارك وتعالى جل جلاله- لن يحفظ هذه الأمة، ولن يصونها في مقدراتها أو مقدساتها إذا لم تعمل بالقرآن الكريم، الذي به عزت، وبه سمت، ورفع الله شأنها به سبحانه وتعالى.
ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ جمال من الكويت، أخ جمال، تفضل.
جمال أبو صبرا: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
موافي محمد عزب: وعليكم السلام ورحمة الله.
جمال أبو صبرا: أريد أن أذكر لفضيلة الشيخ ورد في معرض كلامه أنه الشيطان لا يأتي للإنسان الذي يقرأ القرآن، وهذا الكلام -كما أعلم أنا أو كما أقرأ- غير.. غير دقيق، حيث أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- ذكر اسم شيطان الصلاة، وهو (خنـزب)، وفي الصلاة الإمام يقرأ القرآن، والمسجد كل الناس تقرأ فيه القرآن، هذا واحد.
اثنين: أن الله -عز وجل- أمرنا أن نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم إذا قرأنا القرآن، هذا يعني خلاف ما تفضل به الشيخ أنه يقرب الذي يقرأ القرآن، ولا شغل له بالذي لا يقرأ القرآن، الفساق لا.. لا يعتني بهم الشيطان، لأنه تاركهم، إنما (لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ) ما هو الصراط المستقيم؟ هو الدين والقرآن والصلاة، فهذا كلام الشيخ يعني أريد أن يكون نوع من الدقة، هذا واحد.
ماهر عبد الله: مشكور.. مشكور أخ جمال. اتفضل.
جمال أبو صبرا: وفي عرضه أيضاً ذكر أن أحمد رأى الله في المنام، هل هذا الكلام عليه دليل أو.. إحنا يعني أحمد جاء بعد…
ماهر عبد الله: يعني أنا رأيي.. أنا رأيي ما نخش في ها القصة، لو سمحت لي يا أخ جمال ما نخش، وأتمنى على الشيخ إنه ما يخش في ها الموضوع، أنا بأعرف إنه مش.. مش هنوصل فيه لـ.. إلى .. لنتيجة، فننسى قصة الإمام أحمد. الأخ سالم عبد الله من بريطانيا، أخ سالم، اتفضل.
سالم عبد الله: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
موافي محمد عزب: عليكم السلام.
سالم عبد الله: رمضان مبارك.
موافي محمد عزب: بارك الله لك.
سالم عبد الله: هذا القرآن الكريم يذكرنا بموقف صحابة رسول الله -صلوات الله عليه وسلم- عندما كانوا يقرأونه أمام زعماء الكفر في.. وهم يقفون تحت أستار الكعبة، وقال الله -تعالى- في سورة الأنبياء (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) لَوْ كَانَ هَؤُلاءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا) هذه الآيات الكريمة تلاها عبد الله بن مسعود -رضوان الله عليه- أمام زعماء وقفوا أمام الدعوة الإسلامية، و..
والمشاهد الآن أن المسلمين ضاقوا ذرعاً من هذه الأوضاع، وأنهم يريدون الخروج من كل ذل وخوف واستضعاف، يرزخون تحته، هذه الأمة تريد الإسلام، وتريد أن يكون القرآن منهاجها، ولكن الذي يمنعهم للسير في هذا ويقف أمامهم هم حكامهم الذين نصَّبهم الغرب نفسه، وجعلهم حاجزاً يقفون في وجه هذه الأمة، وهذه الأمور أصبحت واضحة أمام الأمة، وأصابع الاتهام تشير من جديد إلى أكابر مجرميها الذين يسيرون بعكس تيار الأمة.
هؤلاء الحكام الذين فتحوا بالأجواء بلاد المسلمين أمام.. أمام أميركا، وفتحوا قواعد.. قواعدهم لها، ويقدمون التسهيلات، وإسداء النصح، وإعطاء المعلومات الاستخبارية، وتقديم العون المالي من بعضهم إلى بعض من أجل إرضاء أميركا.
إننا نعلم بشكل واضح أن استمرار وجود هؤلاء الحكام هو استمرار وتجدد للمصائب والمجازر للمسلمين.
ماهر عبد الله: طيب أخ سالم، أعتقد نقطتك أصبحت يعني واضحة جداً، سيدي، مهما حاولنا يعني أن.. أن نبتعد عن.. عن السياسة في هذا البرنامج أو غيره على (الجزيرة) نعود إليها، ويعني لا.. أنا لا بأس في ذلك، أنا أعتقد تعليق الأخ سالم واضح، نصيحتك للحكام كانت واضحة في.. في الرد على السؤال السابق، فلا داعي للعودة إليها.
قارئ القرآن وبُعد الشيطان عنه
لو عدنا لسؤال الأخ صهاد المري، استماع الشريط للمنع من الشيطان قبل من.. ولا تجاوب على سؤال الأخ جمال يمكن لأنه.. حتى يوضح السؤال، الأخ جمال يرى بعض التناقض بين ما قلت من أن القرآن يدفع الشيطان، وبين.. ذكر خنزب شيطان الصلاة، أنت.. لست فقط تقرأ القرآن، ولكن أنت في.. في صلاة، ومع ذلك يأمرك صلى الله عليه وسلم في.. في أحاديث صحيحة وصريحة بالتعوذ منه حتى في أثناء الصلاة، ثم ذكر الاستعاذة قبل الدخول، فإذا كان هو الذي يدفع الشيطان فلماذا نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم قبل أن نبدأ به؟
موافي محمد عزب: نعم. أولاً لا يوجد هناك تعارض بين هذا الكلام اللي ذكرته، والكلام لم يخلُ من الدقة، لأن الكلام الذي أنقله إذا أراد الأخ أذكر عليه أدلة كثيرة، فالأدلة أكثر من أن تذكر ومن أن تحصى. فيما يتعلق بموضوع الشريط وأثره في القرآن في..
ماهر عبد الله: لأ هذه أنا.. أنا عايز الأدلة، عايز بس ترد لي على.. إذن هو يمكن أن يتربص للإنسان -إذا جاز التعبير- وهو يقرأ القرآن؟
موافي محمد عزب: نعم.
ماهر عبد الله: يعني ليس بالضرورة أن كل قارئ للقرآن بعيداً عن الشيطان.
موافي محمد عزب: أيضاً ليس صحيح.. ليس على إطلاقه.. هذا الكلام ليس على إطلاقه، لأن القرآن.. الشيطان ليس دوره دوراً واحداً، فإننا قد نرى أن للشيطان أدوار متعددة، مختلفة، ومتنوعة، عموم هذه الأدوار التي ذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام- عندما أخبرنا أن البيت الذي تقرأ فيه القرآن لا يقربه الشيطان ثلاث ليال، هذا الكلام أين نذهب به؟ لا يلزم أن يكون الشيطان منتفياً من وجود البيت، وإنما أثر الشيطان يظل عديماً حتى وإن كان موجوداً، فالشيطان وجوده كما ذكر هنا أن.. خنزب الذي يأتي، النبي علمنا -عليه الصلاة والسلام- إذا جاءنا خنزب هذا ونحن نصلي كيف ندفعه، ولن ندفعه أيضاً إلا بالقرآن، فإذن هنا لا يوجد هناك تعارض، وإنما هو نظر لبعض المظاهر.. أعمال الشيطان ولم ينظر إلى عموم أثر القرآن الكريم، فإن القرآن إذا قُريء لا ينفي وجود الشيطان أصلاً، وإنما يبطل عمل الشيطان تماماً، بس هذا هو..
ماهر عبد الله: طيب خليني.. أنا عايز منك الآن أسئلة قصيرة، كونه الوقت بدأ يدهمنا، و.. وعندي الكثير من الأسئلة. استماع الشريط لمنع الشيطان هل له نفس الأثر مثل أثر التلاوة.
موافي محمد عزب: هذا الكلام.. هذا مجرب أيضاً، يعني واقع التجربة قد يقوم باعتبار أن الشريط آلة حديثة كما نعلم، ولكن ثبت فعلاً أن الاستماع للقرآن، سواءً كان من قارئ مباشر، أو من شريط يترك في نفس المسلم نفس الأثر، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- أخبرنا.. الله عز وجل قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول (وَإِذَا قُرِئَ القُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) فباستماع القرآن والإنصات إليه تنزل الرحمة، سواءً أكان من الشخص أو من غيره.
ماهر عبد الله: طيب الأخ يحيى الدلاوي، أستاذ في الصحافة من الجزائر، عنده سؤالين، وأرجو تجاوبنا باختصار، هل يأثم قارئ القرآن بتعمده الوقوع في اللحن؟
موافي محمد عزب: اللحن ينقسم إلى قسمين، إما أن يكون اللحن لحن جلي، وإما أن يكون خفياً..
ماهر عبد الله: وهو يقول تعمده، يعني إنه.. أيوه، اتفضل.
موافي محمد عزب: ماشي، إذا كان اللحن جلياً يأثم، لأنه يغير المعنى، وبذلك إذا كان يصلي بطلت صلاته، فقطعاً يأثم بذلك، أما إذا كان اللحن خفياً فلعل ذلك يكون مكروهاً.
ماهر عبد الله: طيب حيث إن في موضوع ما.. ما.. لم يسعفنا الوقت له، ما الحكم بعدم العمل بالقرآن، ونحن نعلم أن العمل به فرض عين؟ يعني ما تدخلناش في الجانب التطبيقي و.. والقراءة و..
موافي محمد عزب: عدم العمل بالقرآن هو الذي ذكره الإخوة، سواءً كان الأخ السائل من السعودية، أو الأخ الأخير.
إن عدم العمل بالقرآن تعطيل لرسالة الأمة الحقيقية أصلاً، فإذا كانت الأمة لم تعمل بالقرآن فهي بلا قرآن، حتى وإن قرأت القرآن، لأنه كما ورد "رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه" فكل إنسان يقرأ القرآن ولا يحل حلاله ولا يحرم حرامه لا فائدة منه ترجى أكثر من مجرد الحسنات التي يحصل عليها من الحروف إن حصل على شيء، فالقرآن بلا عمل لا.. لا يؤثر، لا ينقل الأمة إلى شيء، بل تزداد الأمة ضعفاً وضعة وهواناً بتعطيلها للقرآن الكريم.
ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ هشام من كندا، أخ هشام، تفضل.
هشام أحمد: مساء الخير.
ماهر عبد الله: مساء النور.
هشام أحمد: تحياتي إلَك الأخ ماهر، وللشيخ موافي.
موافي محمد عزب: بارك الله فيكم.
هشام أحمد: سماحة الشيخ، عندي مشكلة بفهم كون القرآن منَّزل مع التناقض اللي بأكثر من 130 آية يعني، وأريد يعني جواب يخليني أفهم التناقض هذا بشكلٍ معقول، وعلى سبيل المثال وليس الحصر في سورة يونس وسورة الكهف، وسورة الحَجَر كلام الله لا يبدل، في حين أنه في سورة النحل وسورة البقرة وسورة الرعد كلام الله يبدل.
موافي محمد عزب: نعم.
ماهر عبد الله: اتفضل أنا معايا الأخ، سامعك، سامعينك يا أخ هاشم.. هشام
هشام أحمد: نعم.
ماهر عبد الله: هذا هو السؤال؟
هشام أحمد: هو.. هو السؤال أكثر من هاك بكتير بس ضيق الوقت أكتفي بها المسألة هذه يعني.
ماهر عبد الله: أنت عارف عن.. عما يتكلم تحديداً؟
موافي محمد عزب: نعم، أعرف نعم، أي نعم.
ماهر عبد الله: طيب نسمع.. مشكور أخ هشام، نسمع من الأخ صالح محمود من لبنان، وأرجو أن تكون هذه المكالمة الأخيرة، على اعتبار إنه الأسئلة على الإنترنت كثيرة، أخ صالح، اتفضل.
صالح محمود: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
موافي محمد عزب: عليكم السلام ورحمة الله.
صالح محمود: أخي الكريم، إذا قلنا أن الشيطان لا يدخل بيتاً يُقرأ فيه القرآن فمن الأكيد أننا يعني يجب أن ندرك أن أمة تؤمن بالقرآن وتدرك أنه شريعة الله ونظامه القويم لا يمكن أن يحكم حياتها المنافقون، وأن يتسلط عليها ويذلها أحفاد القردة والخنازير من اليهود، وأن يحتل أرضها وينهب ثرواتها الكفرة الأميركان، نعم إن القرآن هذا هو حبل الله وكلامه المبين، يأبى للمسلمين عيشة الجاهلية التي يُحكم فيها.. أو يُحكَّم فيها غيره، لأن الله يقول: (أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) وإن هذا القرآن العظيم يأبى لمن يؤمن به أن يكون للكافرين سبيل عليه، إذ يقول: (وَلَن يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى المُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ويأبى هذا القرآن أن تستباح بلاد المسلمين ومقدساتهم من قِبَل أم الكفر كيهود والأميركان والهندوس والروس، وهو يقول: (وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوَهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ). ويأبى أيضاً أن يذل المسلمون، وهو يقول لهم (كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) أيها المسلمون، إن هذا الكتاب أنزل من الله ليكون شريعة ونظاماً، وليُحكم.. أو يحكم جميع شؤون حياتنا (إِنَّا أنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ) وإن الطريق الوحيد للعمل بالقرآن بشكلٍ شاملٍ وكاملٍ هو بإقامة دولته، والتي هي دولة الخلافة. والسلام عليكم.
موافي محمد عزب: بارك الله فيك.
ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً. أنا بأعتقد ما هنختلف معه في إنه نظام شريعة وحياة، رغم إنه أنا يعني عندي حساسية من قصة أبناء القردة والخنازير، لأنه المسخ لا يخلِّف يعني، حتى لو مش.. مش ثبت في الصحيح أن المسخ لا يخلِّف، هاي.. من انمسخ مات ممسوخاً، فهم ليسوا أحفاد قردة وخنازير، هذا لا يعني لا دفاعاً عنهم، ولا غراماً بهم. سؤال الأخ هشام.
موافي محمد عزب: الأخ هشام يبدو لي أنه لا يعرف لغة القرآن.
ماهر عبد الله: كلام الله يبدل، كلام الله لا يبدل.
موافي محمد عزب: أي نعم، والدليل على ذلك أنه قال سورة الحَجَر، ومعنى ذلك أنه لا يعرف شيئاً عن القرآن أصلاً، وإنما نقل بعض الشُبه التي يثيرها بعض أعداء الإسلام في الغرب.
ماهر عبد الله: لأ هو.. هو سأل بإنصاف، ويريد أن يطمئن، هو قال أنا..
موافي محمد عزب: ليس صحيحاً هذا الكلام، أنا أقول هذا مجرد دلالة، لأن ما من أحد يقرأ القرآن، ويكون قد أوتي شيئاً من معرفة اللغة العربية يصل بحال لهذا التناقض، لأن هذه -أخي الكريم بارك الله فيك- شبه مجموعة في كتب أصلاً، ولكنها كلها مردود عليها بأدنى رجوع إلى القرآن الكريم وقراءته بتدبر وإنصاف واعتدال، ولذلك لا أقول لأخي الكريم إلا أن إذا لم تكن عالماً باللغة العربية لغة القرآن فرجاءً أن تتعامل مع القرآن باللغة التي أنزل بها، أو أن ترجع إلى بعض المراجع الإسلامية المعتبرة المعتمدة من الأئمة الثقات لتعرف أن هذا الكلام كله لا أساس له، ونحن لدينا يعني آلاف الردود على هذه الشبه، ولذلك هي من السقوط بمكان أن لا تستحق أن تذكر. نعم.
ماهر عبد الله: يعني رغم كل ها الاهتمامات الأخ طارق، لا أدري من أين، يعني مُصِرٌّ سؤال شخصي يتمنى عليه الإجابة، يريد أن يعرف، يقلقه كثيراً، ويطلب مني إذا سمحت وتكرمت أن أجيبه إن كنت أنا سُنِّي، لأن كثيراً من الناس هنا يقولون أنك شيعي، وبعضهم يقولون أنك صوفي.
إذا كان المقصود يا سيدي بالشيعي بحب آل البيت فأنا أعتقد أنه.. وأنت من أهل السنة، يعني حب آل البيت واجب.
موافي محمد عزب: صحيح، هذا كلام الشافعي عليه رحمه الله تعالى.
ماهر عبد الله: أما الصوفية فأنا نتمنى يعني أن.. أن يزهدنا الله بهذه الحياة، وأن.. أن يجببنا بالحياة الآخرة.
الأخ عبد العظيم فهمي الأشراف من مصر، سؤال لفضيلة الشيخ عن عدم ذكر حد الرجم في القرآن، مع أنه أعظم الحدود؟ والسلام عليك ورحمة الله.
موافي محمد عزب: الله -سبحانه وتعالى- جل جلاله كما أخبرت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه" فالذي تركه الله -تبارك وتعالى جلَّ جلاله- في القرآن جاء في سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- والسنة متممةً القرآن الكريم، ومفسرة ومبينة له، ولذلك ربنا -سبحانه وتعالى- جعل هذا الكلام إنما هو بيان دور النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يبين للناس ما نُزِّل إليهم، والله سبحانه وتعالى قد أشار هذا إلى.. إلى هذا الحد إجمالاً، فجاء النبي -عليه الصلاة والسلام- فصَّله تفصيلاً.
ماهر عبد الله: طيب أذكرك بس الاختصار بالأجوبة، لم يبق معنا إلا خمس دقائق أو أقل الأخ حسين مسلم: المعروف أنه يجب عدم لمس القرآن لغير المتطهرين، فلماذا يسمح لغير المسلمين بطباعة القرآن؟ وهل يجوز ذلك؟
موافي محمد عزب: هذه طبعاً مسألة فنية، يعني هذا قد يكون تقصير من المسلمين أساساً، فالأولى أن تكون هناك مطابع إسلامية تقوم على صيانة كلام الله -عز وجل- وعلى حفظه من العبث والدنس، وهذا كلام حق، هاي تقصير من المسلمين.
ماهر عبد الله: إذن الأصل أنه لا يجوز؟
موافي محمد عزب: الأصل أنه لا يجوز على رأي جمهور العلماء.
ماهر عبد الله: لكن ماذا تقول.. لمكن ماذا تقول لمن يُهدي نسخة من القرآن -مترجم طبعاً- وهاي يكون نسخة من المصحف، مش.. نصفه باللغة العربية والنصف الآخر باللغة الأجنبية، يعني كيف سيقرأه.. كيف سيهتدي من لم يقرأ القرآن؟
موافي محمد عزب: إذن أنا.. هذه المسألة ذكر العلماء إذا كان القصد منها الدعوة فهذا جائز شرعاً، بشرط أن أتعهد يعني، أو أن يذكر لي هذا الشخص أطمئن إلى أنه لن يدنس القرآن، لأنه الله -تبارك وتعالى- جعل هذا أمانة في أعناقنا. نعم.
ماهر عبد الله: طيب، الأخ تركي يعني لو تجاوبه جواب مختصر جداً، ما هو فضل سورة هود، حيث أنني رأيت في منامي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءني وأنا جالس بالمسجد وطلب مني أن أبدأ بحفظ القرآن و أن أبدأ بسورة هود؟
موافي محمد عزب: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال كما ورد في الحديث "شيبتني هود وأخواتها" فسورة هود هي صورة تتكلم عن حقائق الآخرة بصورة ناصعة، وتتكلم أيضاً عن ما حدث للأمم السابقة عندما خالفوا أوامر الله تعالى، فكأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يريد منه أن يتعظ بمن سبق من أهل المعاصي والغفلان.
ماهر عبد الله: الأخ مسعد رخا (أستاذ جامعي) من مصر: هل قراءة القرآن بسرعة وقليل من التدبر تكون حسناتها أكثر، أم ببطء وتدبر للمعاني أفضل، لأن الحرف إذا كان الحرف بعشر حسنات فالقراءة بسرعة تقرأ فيها أكثر؟
موافي محمد عزب: نص العلماء في.. أنه في رمضان يتجوز في هذا الأمر، ولذلك الذي قرأ القرآن في يوم يستحيل أن نقول معه أن تدبر، ولذلك هذا الكلام ذكره الحافظ بن حجر.. بن رجب، وغيره من أهل العلم على أنه يتجوز للمسلمين في رمضان أن يقرءوا ولو بسرعة، لأن كثرة الحسنات التي سـتأتي ستعوض هذا الأمر الذي هو عدم الاطمئنان في القراءة، وإلا فالأولى أن يتدبر القرآن حتى يستفيد منه الفائدة الكاملة.
ماهر عبد الله: الأخ محمد أدهم الفهد، أعتقد ما إحنا هنختلف معه يقول.. محمد نجيب الفهد، عفواً: القرآن الكريم لا يجوز الاهتمام به في رمضان فقط، لأن هو حياة المسلم الحقيقي، فهو النور الذي يضيء للمسلم دربه، فيجب عليه المداومة على قراءته ليعرف الطريق إلى بر الأمان.
الأخ نبيل من مصر، لماذا لا نتكلم عن إعجاز القرآن إلا بعد أن يكتشف الغرب الحقائق العلمية مثل الذرة التي لم تكشف إلا منذ كذا عاماً فقط وغيرها الكثير؟
موافي محمد عزب: الأمة المسلمة.. الإسلامية متخلفة في كل الميادين يعني، أو في غالب الميادين، فمن هذا التخلف في هذا الجانب، يعني إحنا هل تقدمنا اقتصادياً، أو تقدمناً تقنياً حتى نقول نتقدم في الإعجاز؟ الضعف والتخلف عام بما فيه حتى هذا الجانب.
ماهر عبد الله: الأخت دنيا عبد الرحمن من.. من مصر: لماذا تستكثرون على القرآن شفاء الأمراض العضوية؟
أخت دنيا، نحن لا.. لا نستكثر، نحن نستفهم ونستوضح فقط، وهي تقول: وكل حرف من حروفه صادرٌ عن الله الذي خلق الكون بحرفين، والأهم من التلاوة التدبر.. والتدبر القلب السليم.
هل الأهم من التلاوة والتدبر القلب السليم؟
موافي محمد عزب: لا هو طبعاً القلب السليم هو الذي يستفيد، يعني بلا شك يكون فائدته.. استفادته أعظم من القرآن الكريم. نعم.
ماهر عبد الله: لكن السؤال..
موافي محمد عزب: واضح طبعاً.
ماهر عبد الله: مشروع؟ لأ.. لأ، قصدي يعني أن نسأل عن شفاء الأمراض العضوية، السؤال لذات السؤال مشروع.
موافي محمد عزب: نعم، مشروع طبعاً السؤال في هاي المسألة.
ماهر عبد الله: نحن لا.. لا نأثم إذا.. إذا سألنا.
موافي محمد عزب: نعم، لا حرج في ذلك.
ماهر عبد الله: نعم، الأخ زياد السالم من السعودية: هل يتفق معي الضيف الكريم بأن الدين الإسلامي بشكل عام يحتاج لإعادة طرح جريئة بعد أن اتضح جلياً تأثره بأمور شخصية سياسية، وحتى عقائدية أثرت على صورته، بما في ذلك القرآن لأن..؟
موافي محمد عزب: والله قد يكن هذا في بعض جوانبه، نعم، قد يكون في بعض الجوانب.
اهتمام التيار السلفي بإحياء السنة وتأثيره على الاهتمام بالقرآن
ماهر عبد الله: طيب لو ختمنا، وأعتقد الوقت اللي.. دقيقة واحدة بس اللي.. اللي بقيت أنا عايز منك تختم لي، وأنت من أهل السنة ومن أهل الحديث، إحياء السنة والذي وقع، التيار السلفي عموماً، من شدة تركيزه على إحياء السنة، وهذا أمر مهم، وقع شيء من التناسي للقرآن، على صعيد حفظه، وعلى صعيد الاهتمام، وكأن.. يعني بدا للناس إنه لابد من إعادة إحياء السنة ولو على حساب القرآن.
موافي محمد عزب: نعم. الملاحظ فعلاً أن في الفترة الأخيرة كان هناك اهتمام واضح بسنة النبي -عليه الصلاة والسلام- على اعتبار أن السنة كانت.. كان إن.. يعني حدث لها نوع من الاندثار في حياة الناس، وأصبحت هناك سلوكيات تدل على أن كثير من أمور السنة غير واضحة في حياة المسلمين، فحدث هناك تيار معاكس لهذا الأمر، وبدأ الاهتمام فعلاً بالسنة من حيث حفظ النصوص، والتخريج والدراية، و.. والروايات وغير ذلك، مما ترتب عليه نشوء بعض طلبة العلم الذين يعني لم يهتموا بداية بحفظ القرآن الكريم، وهذا الاتجاه أنكره كثير من علماء الإسلام، يعي سواءً كانوا من أئمة السلف أو من غيرهم أنكروا أن يُبدأ بغير القرآن، لأنهم نصوا على أنه لابد لأي طالب علم من البداءة بكلام الله -تبارك وتعالى- الذي أنزله على النبي -عليه الصلاة والسلام- وانه كما ذكر عثمان -رضي الله تعالى عنه- "والله لو طهرت قلوبكم ما شبعتم من كلام ربكم عز وجل"، فلابد لنا من القرآن أولاً، وثانياً، وثالثاً، وعاشراً.
ماهر عبد الله: طيب جزاك الله خيرا. أعتقد هذه أحسن نقطة نتوقف عندها.
موافي محمد عزب: بارك الله فيك.
ماهر عبد الله: شكراً لك، وشكراً لكم أنتم أيضاً. نعتذر للأخوة الذين لم يتح لنا من الوقت للرد على أسئلتهم. إلى أن نلقاكم الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.