الشريعة والحياة

العلاقة بين الإسلام الرسمي والإسلام الشعبي

تفنيد الفهم المشاع بوجود إسلامين شعبي ورسمي، تقييم دور المؤسسات الرسمية في نشر الإسلام، الجدل الثائر بين الحركات الإسلامية والجهات الرسمية، أسباب انتشار ونجاح الحركات الإسلامية، مستويات الخطاب الإسلامي، الدعوة إلى توحيد المذاهب الطائفية المختلفة.

مقدم الحلقة:

ماهر عبد الله

ضيف الحلقة:

محمد حسين فضل الله: مفكر إسلامي

تاريخ الحلقة:

19/12/1999

– تفنيد الفهم المشاع بوجود إسلامين شعبي ورسمي
– تقييم دور المؤسسات الرسمية في نشر الإسلام

– الجدل الثائر بين الحركات الإسلامية والجهات الرسمية

– أسباب انتشار ونجاح الحركات الإسلامية

– مستويات الخطاب الإسلامي

– الدعوة إلى توحيد المذاهب الطائفية المختلفة

– أطر التصالح والتعايش بين الخطاب الرسمي والخطاب الشعبي

undefined
undefined

ماهر عبد الله: أعزائي المشاهدين سلام من الله عليكم وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).

في هذه الحلقة سيكون موضوع الحوار –إن شاء الله- العلاقة الجدلية بين ما يُسمى بالإسلام الرسمي وهو الذي ينتمي إلى حكومات أو تنفق عليه حكومات أو يأخذ طابعاً رسمياً سواء اتصل بوزارات الأوقاف أو بأية معاهد دينية أخرى، وهذه طبعاً لها دورها المشكور والملموس في خدمة الإسلام والدعوة إليه وخدمته وخدمة رعاياه والمؤمنين به.

في الطرف المقابل هناك الحركات الأهلية، البعض يسميها حركات الإسلام السياسي، البعض الآخر يسميها حركات أصولية، وهذه أيضاً دورها ملموس وجهودها ملاحظة ومعروفة، وفي بعض الأحيان وفي بعض الدول المقدرة.. وفي بعض الأحيان وفي بعض الدول الأخرى ليس لها تقدير ويُنظر لها نظرة سلبية فقط.

إذن حوارنا لهذا اليوم سيكون عن العلاقة بين الإسلام الرسمي –إذا جاز التعبير- وبين الإسلام الشعبي، ويسعدني أن يكون ضيفي لهذه الليلة سماحة العلامة المفكر الإسلامي والمرجع السيد محمد حسين فضل الله، والسيد محمد حسين فضل الله كان ضيفاً لنا في مرحلة سابقة وهو يتميز بأنه أحد المراجع الشيعية الكبرى في العالم الإسلامي، وهو أشرف وساهم في تأسيس بعض الحركات الإسلامية وتربطه علاقات بالكثير من هذه الحركات، وقد تعلم أو تلقى تعليمه على يد بعض كبار المراجع الإسلامية في العالم الإسلامي وخصوصاً عندما درس في العراق ومنهم السيد أبو القاسم الخوئي ومنهم أيضاً السيد محسن الحكيم –عليه رحمة الله- إضافة إلى ذلك يتميز الشيخ العلامة بأن له ما يزيد على المائة مؤلف، لعل أشهرها "الحركة الإسلامية هموم وقضايا"، ومنها أيضاً "الإسلام ومنطق القوة"، ومنها "الحوار في القرآن"، والسيد فضل الله أيضاً شاعر وله ثلاثة دواويين منشورة، كما إن أحد إنجازاته الكبرى على الساحة اللبنانية هو تأسيسه لجمعية المبررات .. جمعية المبرات الخيرية وهي من أكبر الجمعيات الخيرية العاملة في الساحة اللبنانية وتشرف على العديد من المستشفيات والمستوصفات والمدارس إضافة إلى بعض المعاهد الفنية والتقنية العالية.

إعلان

سيد محمد حسين فضل الله أهلاً وسهلاً بك في برنامج (الشريعة والحياة).

محمد حسين فضل الله: أهلاً وسهلاً بكم.


تفنيد الفهم المشاع بوجود إسلامين شعبي ورسمي

ماهر عبدالله: يا سيدي لو بلشنا بالسؤال ابتدأنا بسؤال عن هذه الازدواجية القائمة، هل نحن نتحدث عن إسلامين مختلفين عندما نقول إسلام رسمي وإسلام شعبي أم إن هذه عملية إجرائية بحتة؟

محمد حسين فضل الله: أنا لا أوافق على أن نتحدث عن إسلامين أو عن إسلامان، لأن الإسلام واحد في جميع الاتجاهات من حيث الأصول العقيدية التي يلتقي عليها المسلمون والعبادات التي هي أركان الإسلام وما إلى ذلك، ولكن هناك اختلاف في الأساليب واختلاف في الآفاق التي يتحرك فيها الإسلام التي يتحرك فيها العاملون للإسلام، وفي ضوء ذلك يمكن أن نتحدث عن الإسلام بأكثر من أسلوب، وبأكثر من اجتهاد وبأكثر من أفق.

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: طيب لو..

محمد حسين فضل الله[مستأنفاً]: وأنني أتصور أن هذا الاتجاه في دراسة المسألة يمكن أن يقارب بين أسلوب وأسلوب وبين أفق وأفق.

ماهر عبدالله: إذن هي القضية إذن إجرائية ونحن يعني نتحدث عن أسلوب خطاب، نتحدث عن أشكال معينة للدعوة، لكن يعني بداية قبل الحديث عن الحركات الإسلامية، لا يمكن إلا أن نقر بأنه فعلاً المؤسسات الرسمية تقوم بدور ودور مشكور وهو أيضاً يعني حيوي وفعال، أليس كذلك؟

محمد حسين فضل الله: نحن لا ننكر ما للأسلوب التربوي الإسلامي في المؤسسات الرسمية من دور فاعل في أكثر من موقع، ولكن المسألة التي تفرض نفسها هي أن للمواقع الرسمية التزاماتها وأساليبها ومواقفها المتصلة بالجوانب السياسية وغيرها، مما يجعلها تخضع لقيود معينة لا تتسع للمفهوم الإسلامي العام وللآفق الإسلامي الواسع.

[فاصل إعلاني]


تقييم دور المؤسسات الرسمية في نشر الإسلام

ماهر عبد الله: كنا قد سألنا فضيلة العلامة الجدلية بين الإسلام الرسمي والإسلام الشعبي وقد بَيَّن أن الاختلاف هو اختلاف في الأفق وفي أسلوب الخطاب وليس اختلافاً حقيقياً، لأن هناك إسلام واحد.

سماحة العلامة لو سمحت لي بس أن تكمل الإجابة، كنت تقول أن المؤسسات الرسمية عليها بعض القيود وهي لا تتسع بطبيعة تركيبتها لكل المطلوب.

محمد حسين فضل الله: لأن.. لأننا نلاحظ أن المؤسسات الرسمية الخاضعة لهذه الدولة أو تلك تنطلق من قاعدة تتصل بمصالح هذه الدولة على مستوى النظرة إلى الإسلام وعلى مستوى الأساليب التي تتحرك في هذا الخط الإسلامي أو ذاك أو من خلال بعض المفاهيم التي قد يدور الجدل فيها، مما يجعل المسألة أقرب إلى الجانب التقليدي منها إلى الجانب الحيوي، نحن نلاحظ مثلاً في أكثر البلدان الإسلامية أن الدولة تفرض على خطباء المساجد -ولا سيما في خطبة الجمعة- صيغة معينة ومفاهيم معينة قد لا تتسع للقضايا الحيوية التي يتحرك فيها العالم الإسلامي..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب تسمح لي بالمقاطعة.. تسمح لي بالمقاطعة هنا فقط، يعني على قضية متابعة الخطباء في المساجد يعني في ظل ما نشهد من تصرف عند بعض غير المؤهلين الذين يدخلون المساجد، ويتصدون سواء للدروس أو لخطب الجمعة، أليس هناك منطق لهذا؟

محمد حسين فضل الله: إنني.. إنني أتكلم من حيث المبدأ، هناك فرق بين أن نختار شخصاً مؤهلاً للخطبة في المساجد ونترك له الحرية كعالم مسلم منفتح على الواقع الإسلامي العام ليتحدث بما يتحسسه من مشاكل الإسلام والمسلمين في الواقع، أو أن نفرض عليه خطبة معينة أو مفردات معينة لا نسمح له بتجاوزها، نحن نشجب أن يخطب في المساجد الجاهلون والمتخلفون، ولأن قضية الخطبة الدينية هي أن تعطي الناس التصور الديني الصحيح الذي يتناسب مع أصالة الإسلام في عقيدته وشريعته ولكن المسألة هي أن علينا أن نعطي الخطيب الحرية لكي يتنفس الهواء الطلق ولكي يتحرك في الصحو المبدع.

إعلان

ماهر عبدالله: طب لو.. لو سمحت لي هنا بمداخلة أخرى يعني هذه موضوع الخطباء في المساجد هي أحد نقاط التماس بين المؤسستين، لكن هناك منافسة شديدة في بعض الدول نرى أن المؤسسة الدينية الرسمية توظف ليس فقط لخدمة الإسلام -وهذا مطلوب ومشكور –لكن أيضاً للحد من نشاط المؤسسات الأهلية، هل ترى مبرر لهذا التنافس ولهذا التوظيف؟

محمد حسين فضل الله: إنني.. إنني لا أعتقد أن هناك مبرراً لذلك إلا إذا وصلت المسألة إلى حد الخطر على الواقع العام للشعب أو للأمة، إن مشكلتنا التي نعانيها في العالم الإسلامي بشكل عام هي فقدان حرية الكلمة وحرية الفكرة بحيث يشعر الناس غالباً ولا أشمل .. يشعر الناس غالباً بأنهم مقيدون في كلماتهم ومُقيدون في أفكارهم حتى تتحول الكلمة إلى شيء محنط وتتحرك.. تتحدد الفكرة إلى عنصر سجين، هذه هي المسألة التي نلاحظها والتي ربما تشتط المؤسسات الرسمية كثيراً في القيود التي تفرضها هنا وهناك.


الجدل الثائر بين الحركات الإسلامية والجهات الرسمية

ماهر عبد الله: طب يعني لو سمحت لي هنا بعض الأحيان يعني بعد التماس العذر للجهات الرسمية أن بعض الحركات حتى العاقلة منها -أنا لا أتحدث هنا عن الحركات المتطرفة- تشكك أصلاً بشرعية النظام على اعتبار أن غالبية ما نشهد من أنظمة في الدول العربية والإسلامية من منظور حركي إسلامي هي غير شرعية، لا تتمتع بالشرعية الكافية، يعني هذه الجدلية ألا تقع في صميم هذا التنافس وهذا الصراع؟

محمد حسين فضل الله: عندما نتحدث في الواقع المعاصر على مستوى الحرية، فإن من الطبيعي أن يُترك لأي مفكر إسلامي أن يتحدث بما يعتقده ويتصوره، بشرط ألا يخل بالأمن العام للبلد وبشرط ألا يخلق الفتنة في الأمة، لأن الله أرادنا أن ندعو إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة، فإذا التزمنا في حركة الحرية بالحكمة التي تضع الشيء في موضعه وتراقب الله في أمن الأمة وفي قضاياها المصيرية، فلا مشكلة، إنني أعتقد أن الأمن لا يؤتى من خنق الحرية، بل إنما يؤتى من حجب الحرية، لأنه يصنع الكثير من التعقيدات التي تجعل الناس يتحركون في الخفاء مما يسيء إلى الكثير من مواقع الأمن ويجعل القضية تتحرك في الظلام بدلاً من أن تتحرك في النور.


أسباب انتشار ونجاح الحركات الإسلامية

ماهر عبدالله: طب، يعني لو هنا لو سألتك أنت عن.. فضيلتك عن حجب الحرية، رغم كل هذه القيود ورغم هذا الصراع الذي نتحدث عنه هو الذي يعني.. قد نعود إليه لا حقاً، نلمس أن الحركات الشعبية والحركات الأهلية تتمتع بنفوذ أكبر، يعني بإعتقادك سر نجاحها، سر انتشارها –رغم هذا الحجب.. رغم هذه القيود –بم تفسر انتشار الحركات الإسلامية؟

محمد حسين فضل الله: إنني.. إنني أتصور أن الناس بشكل عام تجد في خطاب الحركات الإسلامية الخطاب الذي ينفتح على مشاكلها وأحاسيسها وآلامها وأحلامها مما يجعلهم يشعرون بأن هناك حيوية تدخل في عقولهم وفي قلوبهم، هناك فرق بين من يخاطبك ليحدثك عن نفسك وعن حياتك وعن حاضرك وعن مستقبلك من خلال الخطوط المبدئية التي تؤمن بها، وبين من يقدم لك صيغاً محنطة لا تشعر فيها بأية نبرة من روح أو من عاطفة أو من شعور، هذه هي المسألة التي تمثل الجدلية بين الجانب الإجرائي على المستوى الرسمي أو على المستوى الشعبي.

ماهر عبدالله: طب يعني لو عدنا للبداية.. من بداية هذا الحديث، فضيلتكم تحدثت.. سماحتكم بأن الخلاف هو في الخطاب وهو في الأفق المتاح، لكن قضية الشرعية التي ذكرناها آنفاً يعني الإسلام الرسمي هو مبرر وجوده هو الشرعية التي تعطيه له هذه الدولة وبالتالي نظرته إلى الأنظمة القائمة منطلقة من الاعتراف بشرعيتها، في حال أن الحركات الإسلامية -وأعتقد هذا سنتفق عليه- تنكر هذه الشرعية يعني ألا يقود هذا إلى القول بأن الخلاف هو ليس شكلي وليس قضية أفق فقط وإنما حتى في المفاهيم والمنطلقات الأساسية؟

إعلان

محمد حسين فضل الله: إن هذا الذي تتحدث عنه إن كنت أناقش المسألة أن هناك إسلامين أو أن هناك إسلاما واحدا، أما هذا الحديث فيتحدث عن ما هو الاجتهاد وفي فهم الإسلام في هذا الجانب أو ذاك الجانب، إنني أتصور أن أية دولة لا تستطيع أن تفرض على شعبها بالقوة أو بمرسوم جمهوري أو غير جمهوري أن يحدد للناس فيها الالتزام بالشرعية، إنني أعتقد أن الدولة هي التي تمنح الناس الاعتراف بشرعيتها من خلال طبيعة قوانينها والتزاماتها وعلاقاتها السياسية وقراراتها هنا وهناك، إن الدولة التي تحاول أن تنصت إلى أصوات شعبها هي التي يمكن لها أن تلاحق كل تطلعات الشعب وكل آلامه وأحلامه باعتبارها وكيلة عنه ونائبة عنه ومشرفة عليه لتنطلق بالحكمة في معالجة ذلك كله، إننا نلاحظ في العالم المعاصر من غير العالم الإسلامي أن هناك الكثيرين من المفكرين ومن المثقفين ممن قد لا يعترفون بشرعية هذا النظام بالمعنى الفكري للشرعية وإن كانوا يتعايشون معه ويحفظونه ويعملون على تغييره بالوسائل الديمقراطية من دون أن يحدث هناك أي اهتزاز في الأمن أو في الحياة الاجتماعية والسياسية العامة، لذلك إنني أتصور أننا في هذا الشرق نعاني من فقدان الحرية ومن ملاحقة الناس بما يفكرون به بطريقة تبتعد عن الجانب الحضاري أو الجانب الإنساني، أنا لا أؤمن بالحرية المطلقة، لأن الحرية المطلقة قد تتحول إلى حالة من الفوضى الثقافية والسياسية والاجتماعية، ولكن هناك فرقاً بين القيود التي تمنع الحرية بالمطلق وبين القيود التي تنظم للحرية حركتها من خلال النظرة.. الواقع الشعبي لا من خلال الدائرة الضيقة الرسمية هنا وهناك.

ماهر عبد الله: يعني أنا ألمس من هذا الكلام من مجمل ما سمعت من سماحتكم هذه الليلة أولاً: أن الدولة هي التي تعطي الشرعية لنفسها بعملها بإنجازها لما تقدمه للناس الذين يُفترض أنهم وكلوها لخدمتهم، وأنت يعني -إلى حد ما- تقف سماحتكم موقف سلبي من هذا، القضية الثانية اللي الإصرار وهذا أنا أتفق معك فيه على يعني الحجر على حرية الرأي والإصرار على المنظار الأمني ، فهل استنتاجي صحيح بأنك تقف إلى حد ما يعني موقف سلبي من أن الحكومات هي المسؤولة عن هذا النزاع الحاصل؟

محمد حسين فضل الله: يعني عندما ندرس.. نحن لا نريد أن ندخل في الحديث السياسي الفضفاض الذي قد يثير الكثير من التعقيدات ولكننا نلاحظ أن طبيعة تركيبة الحكومات في العالم الثالث ومنه العالم الإسلامي ليست تركيبة شعبية أو شرعية بالطريقة التي يشعر فيها الشعب أنه هو الذي أختار حكومته أو هو الذي اختار نظامه في هذا المجال، إننا نلاحظ أن الكثير من المواقع في العالم الثالث تحكمها قوانين الطواريء من دون أن تكون هناك حالة طواريء ملحة في هذه المرحلة أو تلك المرحلة أو أنها..

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: طيب سماحة.. سماحة..

محمد حسين فضل الله: تحكمها الأجهزة الخاصة.

[موجز الأخبار]

ماهر عبد الله: سيد محمد حسين فضل الله أهلاً بك ثانية.

محمد حسين فضل الله: شكراً يا سيدي.

ماهر عبد الله: يعني أنا قاطعتك قبل الموجز في الحديث عن.. كنت تتحدث عن حالة الطوارئ التي يعني بعض الأقطار الإسلامية تُحكم بقوانين الطواريء دون أن تكون هناك حاجة لقوانين أحوال طواريء، اتفضل إذا كان..

محمد حسين فضل الله [مقاطعاً]: إننا .. إننا نلاحظ أن حالة الطواريء التي انطلقت في بعض البلدان الإسلامية انطلقت من خلال المشكلة الفلسطينية في الحرب مع إسرائيل، وانتهت المشكلة بين هذا البلد أو ذاك البلد بطريقة وبأخرى، ومع ذلك بقيت حالة الطوارئ، وبقيت الأجهزة الخاصة تحصي على الشعب أنفاسه إلا بالطريقة التي يريدها الحكم هنا وهناك، وإنني أعتقد أن هذا النوع من خنق الفكر هو الذي يؤدي إلى النتائج السلبية في الحركات التي قد تسيء إلى الأمن وقد تتبنى العنف وما إلى ذلك، وأن الناس عندما يحصلون على قدر من الحرية يلتقي بقضاياهم وبأوضاعهم فإن ذلك قد يمنح البلد أمناً بشكل جيد.

ماهر عبد الله: طيب يعني أنا كنت سأسألك يعني فضيلة العلامة لو إحنا يعني تحدثنا عن الجانب الحكومي وأنا أعتقد أنه ما تفضلت به أنا أتفق معك فيه والكثير لعله من المشاهدين، لكن أيضاً في.. في الطرف المقابل نجد أن الرؤية السياسية والأفق السياسي عند أغلب الحركات الإسلامية ضعيفة إلى معدومة، بحيث أن التوتر يصبح من الطرفين، ألا تقر معي بأن هناك حال..

إعلان

محمد حسين فضل الله [مقاطعاً]: إنني.. إنني أتصور أن هناك الكثير من السلبيات في أداء بعض التجمعات الإسلامية أو بعض الحركات الإسلامية، ولكننا نتصور أن معالجة هذه التعقيدات لن تكون بطريقة العنف لأن العنف يجتذب العنف، إننا ندعو إلى ترشيد الحركات الإسلامية من قبل المفكرين الإسلاميين بالوسائل التي يمكن أن تتحول إلى اقتناع فكري إسلامي ثقافي وإنني أتصور أننا لو درسنا أكثر من حركة إسلامية في العالم الإسلامي فإننا نجد أنها استطاعت أن ترشِّد نفسها وأن تُحسِّن خطابها وأن تنفتح على.. كأسلوب للعمل السياسي بدلاً من العنف في القضايا الداخلية والمعارضة الداخلية، إن مواجهتنا للسلبيات في الحركات الإسلامية يفرض التخطيط لبرنامج ثقافي توعوي يُحسِن من هذه.. من أسلوب هذه الحركات، ويحول السلبيات إلى إيجابيات، وأعتقد أن التجربة التي خاضتها بعض الحركات الإسلامية قد استطاعت أن تحقق نتائج حاسمة في هذا المجال.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: سماحة الشيخ كنا تحدثنا عن .. يعني في نهاية كلامك كان عن تجارب متقدمة لبعض الحركات الإسلامية والتي يمكن أن تكون مفيدة، لكن قبل أن يعني أن تسهب في الإجابة أنا عندي سؤال أرجو أن يعني تعطيه شيئاً من الوقت وهو أنه نشهد تعدد غير منطقي، غير طبيعي يعني هناك الكثير من الحركات الإسلامية ويكاد يكون المساحات الفاصلة بينها رمادية يعني لا تدري ما الفرق بين نسبة كبيرة من هذه الحركات، برامجها واحدة، أسلوب خطابها واحد. مبرر وجودها ماذا يكون في هذه الحالة؟

محمد حسين فضل الله: نتصور أن ما يصيب الحركة الإسلامية هو ما أصاب المذاهب الإسلامية من وضع الفواصل بين حركة وحركة على أساس نفسي أو على أساس ذاتي أو على أساس ظروف موضعية هنا وهناك، مما جعل الحركات الإسلامية لا تلتقي في حوار عميق واسع للقضايا التي لابد أن تُطرح أو للأساليب التي لابد أن تُتبع، لذلك فإن العصبية هي التي عقدت الكثير من الأوضاع بين حركة إسلامية وحركة إسلامية أخرى، وإنني أتصور أن ملامح المذهبية ربما فرضت نفسها على طريقة التفكير أو على طريقة العمل هنا وهناك.

ماهر عبدالله: طب يعني لو سمحت لي هنا بالإشارة إلى يعني مفكر أردني معاصر الأستاذ الدكتور فهمي جدعان له كتاب عن مستقبل الأمة ومستقبل الإسلام في المنطقة، يعني غالبية مفكري العرب والمسلمين في السنوات الأخيرة يركزون على نقد الفكر الدارج سواء كان إسلامي أو غير إسلامي، هو يزعم أن الأزمة الحقيقية هي أزمة ممارسة، أزمة عمل، لأن القواسم المشتركة الفكرية أصلاً كثيرة، فهل باعتقادك أزمتنا فكرية في المقام الأول أو أنها ممارساتية عملياتية؟

محمد حسين فضل الله: إنني أتصور أن هناك جانباً يتصل بالفكر وهو الحديث عن الأسلوب الذي يجب أن يُتبع من أجل الوصول إلى الإسلام كقاعدة للفكر والعاطفة والحياة أو من خلال الوصول.. أو للوصول إلى أسلمة الواقع، فهناك من يعتبر أن أسلوب العنف هو الأسلوب المفضل، وأن علينا أن نختصر الطريق، وأن علينا أن نطلق كلمة الجهاد، ولكن بطريقة بعيد.. بطريقة ضبابية لا.. لا أن تملك وضوح الرؤية في ملامحها، بينما يرى فريق آخر أن علينا أن نأخذ بأسلوب الرفق، وفي هذا المجال فإن هناك من يتحدث عن الديمقراطية بطريقة إيجابية كوسيلة من وسائل التغيير، بينما يتحدث البعض عن الديمقراطية بطريقة أقرب إلى السلبية، لهذا فإن هذه المسألة قد تأخذ جانباً فكرياً في النقاش أو في الحوار، وهناك جانب في مسألة الممارسة، حيث أن هناك هوة بين النظرية وبين التطبيق، ولا سيما لدى الذين عاشوا ظروفاً سياسية وجهادية معينة بحيث أنهم لم يحددوا بشكل واضح لأنفسهم وللآخرين الأسلوب الذي يجب أن يتخذوه في مواجهة التحديات أو في مواجهة الظلم هنا وهناك، فيتحركوا بطريقة قد تسيء إلى الهدف أكثر مما تخدم الهدف، وتعقد المسيرة الحركية أكثر مما تسهل لها أوضاعها.

ماهر عبدالله: طيب لو سمحت لي فضيلة الشيخ –سماحتكم- عندي بعض المداخلات من الإخوة المشاهدين، معي على الهاتف الأخ نجيب نور الدين من لبنان. أخ نجيب اتفضل.

نجيب نور الدين: في البداية بأحييك أستاذ معد البرنامج وبأحيي سماحة الإمام السيد محمد حسين فضل الله.

ماهر عبدالله: حياك الله.


مستويات الخطاب الإسلامي

نجيب نور الدين: طبعاً بالعودة إلى ما قاله سماحة الإمام محمد حسين فضل الله إنه فعلاً ما فيه هناك إسلامان، هناك إسلام واحد إلا أن هناك خطابات إسلامية متعددة، وهذه الخطابات الإسلامية تتوزع –بحسب وجهة نظري- على ثلاث مستويات.

على مستوى السلطة باعتبار أن الإسلاميون أو غير الإسلاميون في السلطة يمارسون تطبيق الإسلام من خلال أجهزة ومؤسسات، هذه الأجهزة والمؤسسات تستخدم سلطة القانون والإلزام في تحقيق أهدافها، وأيضاً يتفرع من هذه.. من مؤسسات السلطة تتفرع المؤسسات الملَّية والمذهبية التي تمارس بدورها وظيفتها انطلاقا مما تحدده السلطة نفسها وبالتالي هي تخضع لقيود هذه السلطة.

ماهر عبدالله: طيب. هذا المستوى الأول.

نجيب نور الدين: هناك مستوى آخر هو الحركات الإسلامية، والحركات الإسلامية هي غالباً حركات معارضة، وبالتالي هي تتبع نوع من العمل والتنظيم الحزبي، وبما أنها تستخدم أطر من التفكير وتتبنى وجهة نظر خاصة في الإسلام، لذلك تبقى محكومة هي عينها أيضاً، تبقى محكومة لهذه الأطر ولهذه وجهات النظر، وبالتالي تبقى عاجزة عن تحقيق الإجماع الشعبي الشمولي حولها، وهذه الحركات الإسلامية تعيش حالة خوف متبادل بينها وبين إسلام السلطة أو السلطة إذا لم تكن هذه السلطة داخلة في الإسلام، وهذا الخوف المتبادل يجعل من .. من العنف وسيلة للتفاهم أو للتعامل فيما بينها.

هناك مستوى ثالث من العمل الإسلامي أو من الحركات الإسلامية .. الإسلام الشعبي وهو الإسلام الشعبي، هذا الإسلام يتشكل منه غالبية الجمهور الإسلامي أو الوسط الشعبي الإسلامي بشكل عام.

هناك في المستوى الأول القيادة تكون جزء من السلطة وبالتالي قد تفقد مع الوقت بريقها الشعبي لاضطرارها إلى استخدام السلطة في تثبيت مبادئها وأفكارها، ولاضطرارها إلى الالتزام بنفس قواعد العمل التي للسلطة.

في المستوى الثاني هناك قيادة حركية إلا أنها حزبية، وهذه القيادات نظراً لالتزامها بوجهة نظر الحزب التي تتبناها عن الإسلام، تصبح -بعد زمن- محدودة التأثير وبالتالي محدودة الامتداد، خاصة بعد أن تنصب عنايتها على المنضوين تحت لوائها الحزبي والتزامها بالمصالح الحزبية بشكل عام.

المستوى الثالث من القيادة وبتقديري هذه القيادة.. هذا المستوى هو المستوى الشعبي بشكل عام، هذه القيادة الثالثة في هذا التصنيف الذي اعتمده هي القيادة الشعبية الإسلامية وهي القيادة التي نصطلح على تسميتها بالمرجعية وهي تكون وليدة تطور حركة علمية من داخل الحوزة، فالمرجعية هي أفضل مستويات القيادة الإسلامية، لأنها تمارس سلطتها لا من خلال القوانين والمؤسسات، إنما تمارس تأثيرها بشكل معنوي تستمده من مصداقيتها في تظهير الصورة الإسلامية بعيداً عن المصالح الخاصة والذاتية والمذهبية البحتة.

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: طيب أستاذ نجيب..

نجيب نور الدين: فهذه المرجعية تعتمد في سلطتها القيادية المرجعية ليس على سلطة القهر والقانون، وهذا القهر بمعناته بيكون الإيجابي وقد يكون السلبي، بل على إقامة الوازع الذاتي عند الأفراد المتوجه إليهم الخطاب، أي تجعل الوازع من داخل ذات الفرد المسلم وليس من سلطة القانون المفروضة من الخارج..

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: طيب أستاذ نجيب مشكور..

نجيب نور الدين: أنا أصنف.. بعد كلمة أخيرة أنا أصنف سماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله من المستوى الثالث من هذه القيادات، أي القيادات المرجعية الجماهيرية الشعبية، وهذه القيادات تسعى عادة إلى نشر الإسلام في أيدولوجيا فكرية وعقائدية شاملة، بمعزل عن أي التزامات قانونية أو حزبية أو فئوية، وبالتالي هذه القيادات تسعى دائماً إلى تعزيز المؤسسات الشعبية والمدنية، لذلك نلحظ أن سماحته قد توجه بشكل أساسي إلى تدعيم المؤسسات ذات الصفة الشعبية التربوية والاجتماعية والإنسانية التي تخدم الناس بشكل عام، وهذا لا يعني أن هذه القيادات تختزل بدورها.. تختزل دورها على هذا المستوى، لأن اهتمامها الشمولي يجعلها تهتم بالشأن العام الثقافي والتربوي والفقهي والسياسي، وحتى تسهم في إنشاء كثير من الحركات الإسلامية الجهادية والمقاومة بوصفها أيضاً.. المقاومة بوصفها حركة شعبية، إذن هذه أشياء..

ماهر عبدالله: طب أستاذ نجيب أنا أعطيتك الكلمة الأخيرة، فأعتقد إنه كان مداخلة يعني شافية ووافية، مشكور جداً عليها، عندي مكالمة أخرى من الأخ عبد الله عبد الرحمن من الإمارات.

عبد الله عبد الرحمن:آلو. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبدالله: عليكم السلام اتفضل.

عبد الله عبد الرحمن: بارك الله فيكم، مع احترامي للحركات الإسلامية والجماعات الإسلامية لكن هناك شيء مهم، تخلو فيها العلم الشرعي والعقيدة عندهم يعني .. عندهم بعض الشركيات والبدع الموجودة المنكرة، لأن أهم شيء العقيدة وأشد أنواع البدع ما تفعله الشيعة الاثنا عشرية من ضرب الصدور في الحسينيات، هذا أشد أنواع البدع، والسلام عليكم ورحمة الله.

ماهر عبدالله: طيب.. طيب مشكور يا سيدي مشكور، طيب يعني سماحة العلامة أنا بس لو سألتك عن، يعني هأرجع لك لموضوع البدع وخلو العلم الشرعي، لكن الأخ نجيب ذكر قضية المرجعية، يعني اسمح لي أن أكون طائفياً بعض الشيء، فلسفة المرجعية مقبولة عند المذهب الشيعي الإسلامي، لكن في المذهب السني، يعني للأسف هذا المقعد شاغر يعني لا وجود لهذه المرجعية، مع تقديري لمقترح الأخ نجيب كيف ترى وجود مثل هذه المرجعية عند هذه الأغلبية السنية الموجودة؟

محمد حسين فضل الله: إنني .. إننا عندما ندرس المرجعية فإن هناك دائرتين للمرجعية الإسلامية، الدائرة الأولى هي الدائرة الفقهية، وهي التي يرجع المسلمون فيها إلى المرجع باعتباره يملك الثقافة الفقهية الأصيلة الواسعة التي يمكن أن.. يمكن أن تحقق للناس الفتاوى الصحيحة في قضاياهم الشرعية، وهذا هو الواقع الغالب في المرجعيات الإسلامية الشيعية، وهناك دائرة ثانية للمرجعية وهي الدائرة الأوسع التي تنفتح على قضايا المسلمين السياسية والاجتماعية والثقافية، بحيث يكون لها رأي في كل حدث جديد وفي كل قضية حساسة وفي كل التحديات التي تواجه الإسلام والمسلمين، ومن الطبيعي أن المرجعية في هذه الدائرة لابد أن تتمتع بثقافة عالية واسعة تجمع إلى جانب الفقه الإسلامي والكلام الإسلامي الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي الذي يجعلها معنية بالواقع لتحدد للمسلمين الخطوط العريضة والخطوط التفصيلية لما يأخذونه أو يدعونه من الإسلام أو مما هو غير الإسلام.

ماهر عبدالله: طيب معانا الأخ سالم مشكور.. حشكور من لبنان، الأخ سالم اتفضل.

سالم حشكور: نعم السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

سالم حشكور: تحية ودعاء بقبول الصيام لجميع المؤمنين -إن شاء الله- وتحية لك يا أستاذ ماهر وتحية لسماحة السيد فضل الله، الحقيقة أنا ماراح آخذ الكثير من وقتكم بس بدي أحب أؤكد على نقطة أن .. أننا نرى كل يوم أننا بحاجة شديدة إلى علماء بهذا المستوى من الانفتاح والوعي على الواقع الذي نراه في سماحة السيد محمد حسين فضل الله كالذي نراه أيضاً في فضيلة الشيخ القرضاوي الذي نتابعه دائماً، فالحقيقة أنا هنا أتمنى أن يكون هناك تنسيق وتواصل عملي بين هاتين الشخصيتين الكبيرتين لأن هكذا تنسيق سيكون مزدوج المنفعة، أولاً سيؤدي إلى خدمة المسلمين على صعيد إشاعة الفكر الإسلامي الواعي وبالنتيجة خدمة الإسلام ككل والرفع من شأنه.

ثانياً: ستلعب هذه العلاقة وهذا التنسيق دوراً بناءً في عملية إزالة الشوائب الموجودة بين المذاهب الإسلامية، الواقع أن ما نعانيه هو أن.. وسببه الرئيسي هو.. سببه هو يعود إلى غياب الوعي هو التعصب للجهل، وعلماء أفاضل مثل سماحة السيد فضل الله وفضيلة الشيخ القرضاوي بما يمتلكانه من علم ووعي وانفتاح يمكنهما أن يقدما الكثير على صعيد معالجة هذه الإشكاليات وعطائهما، وعطائهما سيكون مضاعفاً فيما لو عملا بتنسيق عملي متواصل.

ماهر عبدالله: طيب، مشكور جداً يا أخ سالم، أنا وعدت الأخ عبد الرحمن- سماحة الشيخ- لو قضية خلو بعض الحركات الإسلامية من العلم الشرعي وقضية انتشار البدع وأنا متأكد هنختلف إحنا على تعريف البدعة، هل.. هل تقر معه بأن هناك طابع عام.. يعني أنت ذكرت أشياء من هذا في خلال الحديث، خلو بعض الحركات من العلم الشرعي والمرجعيات الإسلامية.

محمد حسين فضل الله: نحن نعتقد أن الفقه الإسلامي الذي يمثل العلم الشرعي هو الأساس لكل حركة إسلامية تستهدف أسلمة الواقع، لأن الذين لا يملكون العلم الشرعي قد يسيؤون من حيث يريدون الإحسان وقد يخطؤون من حيث يريدون الإصابة.. الإصابة، لأن الإسلام يمثل عقيدة وشريعة ومنهجاً وأسلوباً، فلابد للذين يعملون في الحقل الإسلامي الحركي من أن يتمتعوا بكل هذه المواصفات الثقافية في شخصيتهم وفي حركتهم، وأما مسألة البدع فإن البدعة هي أن تدخل في الدين، ما ليس في الدين ونحن نرفض أي حكم أو أي خط أو أي أسلوب أو أية عادة ليس.. ليست من الدين في شيء، وتُفرض على الدين، وتقدس باسم الدين، ولذلك كنا نشجب كثيراً من الأساليب التي قد تُستعمل في أثناء الاحتفال في قضية كربلاء وما إلى ذلك، لكننا نريد أن نتحدث مع الأخ بأن المسلمين قد يختلفون في كون شيء ما بدعة أو ليس ببدعة، إن المسلمين مُجمعون على أن كل بدعة تدخل في الدين ما ليس فيه هو.. هي حرام ولابد أن نرفضه جميعاً ولكن المسألة هي أننا قد نختلف في كون شيء بدعة أو ليس بدعة لأن بعض المسلمين قد يجعلون هذا الشيء خاضعاً لعنوان إسلامي عام، بينما لا يراه الآخرون، ونحن ننصح بأن علينا أن ندخل في الحوار في كل ما تختلف فيه وجهة النظر، لأنه هو الذي يقودنا إلى التفاهم لنفهم بعضنا بعضاً وهو الذي يقودنا إلى التقارب أو إلى الرأي الواحد.

ماهر عبدالله: طب معايا الأخ عادل الركابي من أميركا، أخ عادل اتفضل.. اتفضل.

عادل الركابي: السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

عادل الركابي: في البداية يا أخي أود أشكر هاي القناة الرائعة على هذا اللقاء الجميل مع فضيلة سماحة الشيخ آية الله العظمى محمد حسين فضل الله، وهذا اليوم طبعاً يوم جداً سعيد إلنا لسماع السيد على التليفزيون بعد ما سمعنا إنه كان يمر بأزمة صحية، الله يكتب له الشفاء –إن شاء الله- في البداية أخي أنا أضم صوتي إلى صوت الأخ الصحفي سالم حشكور حول ما طرحه، سؤالي لفضيلة.. سماحة السيد إنه هل يعتقد السيد إنه.. إن الحركات الإسلامية وخاصة في القرن العشرين تواجه –مع الأسف- نقصاً يكمن في قيادة رجال الدين؟

ماهر عبدالله: لو تعيد الجزء الخير لو سمحت؟

عادل الركابي: يعني سؤالي أقول إنه الحركات الإسلامية في القرن العشرين –ومع الأسف- بأن هناك نقصاً يكمن في قيادة رجال الدين؟ لو أوردنا مثالاً على ذلك، ثورة العشرين في العراق، فما هو رأي سماحة السيد في هذا الموضوع؟

ماهر عبدالله: طيب، مشكور يا أخ عادل مشكور جداً، يا سيدي أنا لو.. اسمح لي أقرأ لك أيضاً رسالة وصلتني بالفاكس يعني من الأخ الدكتور يحيى دلاوي من الجزائر يعني يقول أنه فهم من كلام سماحة السيد فضل الله أنه لابد من فصل العلماء عن الأمراء والجند عن الرعية وعدم السماح مثلاً للجيش في الانخراط في السياسة، ثم يوجه السؤال التالي: فضيلة العلامة هل أنتم مقتنعون أن الإسلام هو دين ودولة، فإذا كان كذلك فما هو النص القرآني أو الحديث النبوي الشريف الذي يدل على ذلك؟ وهل شرَّع الإسلام مثل هذا الخلط بين الدين والدولة؟

محمد حسين فضل الله: إننا نتساءل لماذا الدولة؟ إن الدولة تنطلق من أجل إقامة العدل وقد قرأنا في القرآن الكريم (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) إننا نتساءل كيف يمكن للناس أن يقوموا بالقسط، فإن القيام بالقسط يحتاج إلى شريعة عادلة تحدد للناس ما يأخذونه.. ما يأخذون به وما يدعونه وتحتاج إلى حكم عادل وتحتاج إلى مجتمع عادل، لذلك فإننا نعتبر على أن قيام الناس بالقسط لا مجال له إلا أن تكون هناك دولة تحدد للناس الشريعة التي يمكن لهم أن يؤكدوا العدل من خلالها، كما أننا عندما ندرس الفقه الإسلامي الذي يمثل ثروة قانونية شرعية شاملة، فإننا نجد أن الفقه الإسلامي يختزن في داخله أن هناك دولة إسلامية لابد أن تحكم المسلمين من خلال هذا الفقه المتنوع في اجتهاده.. في اجتهاداته.

ماهر عبدالله: سماحة.. سماحة السيد.. سماحة السيد يعني هذا.. هذا هو المبرر العقلي للموضوع، لكن كان الأخ السائل يحيى دلاوي مُصر على المرجعية يعني نص صريح من القرآن أو الحديث النبوي؟

محمد حسين فضل الله: إننا عندما ندرس بالنسبة إلى النص القرآني فالآيات التي تتحدث عن من لم يحكم بما أنزل الله توحي بأن علينا أن نحكم بما أنزل الله، هذا من جهة، والجهة الثانية أننا نقرأ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاًّ مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيما) فإننا نستطيع أن نستوحي من ذلك أن.. أن على.. أن على.. أن على المسلمين أن يرجعوا في كل ما يختلفون فيه من أمور الحياة ومن أمور الفكر وما إلى ذلك إلى الرسول باعتبار ما يمثله من الشريعة التي جاء بها وبلغها في كتاب الله وفي سنته، وهناك الكثير من الإشارات في الكتاب والسنة لمثل ذلك وهذا هو ما فهمه المسلمون حيث أننا نرى أن المسلمين عندما عاشوا في تجربة الحكم في مدى الأربعة عشر قرناً عاشوا على أساس أن الدولة الإسلامية لابد أن تُحكم بالإسلام بقطع النظر عما إذا كان التطبيق صحيحاً أو ليس بصحيح.

ماهر عبدالله: طيب معايا الأخ يعسوب الأحنف من أميركا، أخ يعسوب اتفضل

محمد حسين فضل الله: نعم؟

ماهر عبدالله: الأخ يعسوف الأحنف.

يعسوب الأحناف: الأحناف وليس الأحنف آلو.

ماهر عبدالله: اتفضل يا .. آسف اتفضل.. اتفضل يا خويا.

يعسوب الأحناف: السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

يعسوب الأحناف: سماحة السيد محمد حسين فضل الله، الأخ مقدم البرنامج تحية طيبة.

ماهر عبدالله: أهلاً بك.

محمد حسين فضل الله: أهلاً وسهلاً بك.

يعسوب الأحناف: أعتقد أن الإسلام الرسمي يتمثل بوزارة الأوقاف والمؤتمرات الإسلامية، وليس غريباً على المتابع أن يرى الغير المسلم يمثل دولته في المؤتمرات الإسلامية وأعتقد إن الإسلام الشعبي يتمثل بثقافة وإيمان المسلم بالإسلام، وإني لاستغرب من دولة البحرين والتي تدعو إلى حوار الأديان في المحافل الرسمية..

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: يا أخ يعسوب.. يا أخ يعسوب، يعني أرجوك إحنا مش حبين ندخل لا في تفاصيل..

يعسوب الأحناف: لا أنا ما.. اسمح لي حبيبي اسمح لي..

ماهر عبدالله: لو سمحت يا أخي الكريم يعني.

يعسوب الأحناف: نعم.. نعم.. نعم.

ماهر عبدالله: يعني أنت هتدخل في أسماء دول أنا مضطر اقطع..

يعسوب الأحناف: نعم ما راح.. وأعتقد إن مسؤولية الدعوة إلى الطوائف قبل الأديان أو إن مسؤولية إلغاء الطائفية وحوار الطوائف يقع على علماء المسلمين، السؤال الذي أطرحه هنا: أليس هناك التقصير والتجاهل من علماء المسلمين في تفشي الطائفية لدى المسلمين؟ وشكراً.

ماهر عبدالله: طيب مشكور جداً، معي الأخ أبو الحسن من اليمن.

أبو الحسن: آلو.

ماهر عبدالله: أيوه يا خويا. اتفضل يا أبو الحسن.

أبو الحسن: السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

أبو الحسن: تقبل.. تقبل الله الشهر هذا المبارك منكم أجمعين، وبنحيي السيد محمد فضل الله، أود أن أقول أن الطائفية في الإسلام كثيرة وفي الطائفة السنية هناك أكثر من مذهب، فكيف يمكن أن نقلل هذا .. هذه المذاهب إلى مذهب واحد حتى بين الشيعة والسنة؟ ونحن كما نعرف إن حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين السنة والشيعة يدعموا هذه الحركتان، هذه حركة شيعية وهذه حركة سنية، فأنا أود أن أسأل السيد فضل الله ما هو الخلاف بين المذهب السني والمذهب الشيعي إلا أنه خلاف على أشياء ليست لها قيمة؟! وأنا أود أن أسأل الشيخ فضل الله عن شيء واحد –بما إنني أنا مسلم سني أقول: ماذا تقولون في الصديق أبو بكر وعمر بن الخطاب؟ أرجو جواباً واضحاً حتى يزيل هذا الشك..


الدعوة إلى توحيد المذاهب الطائفية المختلفة

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: بس يا أخ أبو الحسن يعني اسمح لي أنا السؤال الأخير لن أحيله إلى فضيلة العلامة لأنه ليس موضوع الحلقة، أنا أفهم حقك في أن تسأل هذا السؤال وأفهم رغبتك في الإجابة وكثير من المسلمين، لكن بس حتى نكون أكثر فائدة في هذه الحلقة وتكون أكثر جدوى، أنا.. يعني حتى موضوع الطائفية كله كان بودي ألا يُفتح، لكن كونه في صميم موضوعنا اليوم فهنسأل عن قضية الطائفية فقط هل هي فعلاً منتشرة، هل تسبب أزمة، فسماحة العلامة: تفشي الطائفية على رأي الأخ يعسوب الأحناف هو أحد مشاكل الإسلام المعاصرة، والأخ أبو الحسن في اليمن أيضاً يعني يصر على وجود العديد من المذاهب وهذا ملموس للجميع، باعتقادك هل هناك طريقة لتوحيد هذه المذاهب؟ اتفضل.

محمد حسين فضل الله: إنني.. إنني أتصور أن هناك فرقاً بين المذهبية الفكرية وبين المذهبية الطائفية، إن المذهبية الفكرية تمثل غنىً للإسلام باعتبار أنها تتحرك في إطار الاجتهادات الإسلامية المتنوعة، لدى السنة أنفسهم في مذاهبهم المتعددة، ولدى الشيعة أنفسهم في اجتهاداتهم المتعددة مما يفتح المجال لحوار علمي اجتهادي يقدم فيه كل فريق وجهة نظره على أساس الحجة والبرهان من الكتاب والسنة، سواء في المسائل الكلامية أو في المسائل الفقهية الأمر الذي إذا لم يؤدي إلى وحدة الرأي فإنه يؤدي إلى التفاهم والتقارب، أما المذهبية الطائفية فهي المذهبية القائمة على العصبية، لأن الطائفية –بحسب مضمونها السياسي ومضمونها النفسي- هي حالة عشائرية لا تتحرك في المضمون، ولكنها تتحرك في المشاعر والأحاسيس التي غالباً تنطلق من حالة غرائزية متخلفة، إنني أعتقد أن المسلمين.. أن علماء المسلمين الذين يتحسسون التحديات الإسلامية الكبرى التي توجه إلى الإسلام كله على مستوى العالم المستكبر والعالم الكافر إذا التقوا واجتمعوا على أساس الحوار الموضوعي العقلاني الشرعي الذي يستنطق قوله تعالى (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ).

إننا نستطع أن نضيق الكثير من الخلاف إذا لم نستطع أن نلغي الخلاف كله، ونحن نلاحظ أن اللقاءات التي تتم في المؤتمرات الإسلامية وفي اللقاءات الشخصية بين علماء المسلمين من السنة ومن الشيعة استطاعت أن تصل بالطرفين إلى التفاهم على أكثر من مسألة فقهية أو مسألة كلامية، وإذا كنا نلاحظ أن الحركات الإسلامية الجهادية كحركة المقاومة الإسلامية في لبنان وحركة المقاومة الإسلامية في فلسطين قد انطلقتا لتتكاملا في مواجهة الصهيونية فإننا نعتقد أن من الممكن لعلماء المسلمين أن يلتقوا أيضاً في مواجهة الكفر العالمي والاستكبار العالمي، لا سيما في الواقع المعاصر الحساس.

ماهر عبدالله: طيب معي الأخ كامل بادي، الأخ كامل بادي من ألمانيا اتفضل..

كامل بادي: السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

كامل بادي: بنحيي سماحة السيد محمد حسين فضل الله، وأنا من جهتي أن الاثنا عشرة كمان بأحييه على العمامة الحلوة، سماحة السيد فيه سؤال بدي أسألك: ليش قصة تهجم من الدول التانية عم بتصير قصة المرجعية؟ والسؤال الثاني: أنا كنت بالحج سنة 98 إجي شخص سب الإمام علي وشكراً.

ماهر عبدالله: طيب مشكور جداً، يعني أنما السؤال الأول بأعرفش إذا سماحة العلامة استوعبته، أنا ما فهمت بالضبط أيه قصده بموضوع المرجعية.

محمد حسين فضل الله: إنني أحب أن أعلق على السؤالين معاً بأن السب ليس هو الأسلوب الذي يمكن أن يحقق أية نتيجة إيجابية للساب أو لما يمثله، إنه يدل على حالة من التخلف والغرائزية، وقد أرادنا الله –سبحانه وتعالى- أن نقول الكلمة بالتي هي أحسن وأن ندفع بالتي هي أحسن ونحن نعرف أن السباب سواء كان في دائرة خاصة أو في دائرة عامة لا يخدم إسلاما ولا يخدم مسلماً ولا يخدم واقعاً.

ماهر عبدالله: يعني أنا لو.. لو سمح لي الأخ كامل بادي بس مرة أخرى أكون طائفي وأقول له أنه الرأي العام عند أهل السنة وأنا بأتكلم بصفتي سنة –أن حب آل البيت عبادة بل هو فرض، كما أفهم أنا الدين كله وبالتالي هو يعني مخل ليس فقط بما.. أو غير.. لا يجرح فقط مشاعر الإخوة الشيعة وإنما.. يجرح مفهوماً إسلامياً كبيراً "عليكم بالتمسك بكتاب الله وعترتي" وعترتي هم.. هم آل البيت.

محمد حسين فضل الله: ونحن.. ونحن نعرف إن إخواننا المسلمين من أهل السنة يحبون أهل البيت ويقدسون الإمام علي عليه السلام.

ماهر عبدالله: طيب، معي الأخ عبد الله عبد السلام من فلسطين، أخ عبد الله اتفضل.

عبد الله عبد السلام: السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

عبد الله عبد السلام: بدي أسال فضيلة الشيخ فضل الله إذا سمحت.

ماهر عبدالله: اتفضل.

عبد الله عبد السلام: يقول الله –سبحانه وتعالى- (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البَوَارِ).

فضيلة الشيخ تطرقت أنت بالنسبة للأنظمة، وقلت إنها ليست كما يطلب الشعب هل هي تحكم بما أنزل الله؟ وشكراً.

ماهر عبدالله: طيب، مشكور جداً يا أخي الكريم هل عندك رد مقتضب يا سماحة الشيخ؟

محمد حسين فضل الله: من الطبيعي أن الأنظمة التي تستهدي العلمانية في قوانينها وفي أسلوبها لا تنسجم مع الشرعية الإسلامية في قوانينها وأساليبها.

ماهر عبدالله: طيب لو سمحت لي فيه عندي سؤال بالفاكس من الأخ ميلود رقيق من فرنسا يعني هو بيتحدث عن حالة عملية تم فيها انتقال الإسلام من الوضع الشعبي.. الوضع الحركي إلى وضع الدولة، انتقل بعض الحركيين في إيران والسودان من مجرد كونهم حركات معارضة تطالب ببديل إسلامي إلى أن تسلموا السلطة، باعتقادك هذا الانتقال.. يعني في إيران نحن نتحدث عن أكثر من عشرين سنة وفي السودان نتحدث عن أكثر من عشر سنوات، هل تقمصت الحركات الإسلامية في البلدين باعتقادك على الصعيد- على الأقل النظري والمفاهيمي- دور الإسلام الرسمي والمؤسستي والسلطوي؟

محمد حسين فضل الله: إننا لا نعتبر أن أي إسلام رسمي يمثل عنواناً سلبياً، بل لابد أن ندرس كل إسلاماً رسمياً، لنعرف مضمونه الشرعي الفقهي ونتعرف على أسلوبه العملي في حركة انسجام النظرية مع التطبيق، ونحن نتصور أن هناك تجربة إسلامية رائدة جيدة في إيران، ومن الطبيعي أنها تحتاج إلى كثير من الجهد وكثير من العمل الدائم من أجل أن تستكمل التجربة وأن تسد الكثير من الثغرات ، كما أن التجربة الإسلامية في السودان قطعت شوطاً طويلاً في إعطاء صورة للحكم الإسلامي بحسب ما يراه القائمون على التجربة هناك، وإنني أتصور أن علينا أن نتابع هذه التجارب، وأن ندرسها في نقاط ضعفها ونقاط قوتها لأن المشكلة في التجربة الإسلامية في أي موقع من مواقع العالم لا تعيش وحدها لتأخذ حريتها في .. تأخذ حريتها في الحركة، بل هناك تحديات سياسية واقتصادية وأمنية وحرب إعلامية تُشن عليها ومشاكل تحيط بها خصوصاً في الحروب.. الحصار الاقتصادي وما إلى ذلك، مما يجعلنا في عملية مواكبة لها لنعرف ما هي الظروف التي منعتها من تحقيق هذا الهدف أو ذاك الهدف؟ لأن القضية تتصل بالخط الفكري والعملي كما تتصل بالظروف المحيطة بالتجربة.

ماهر عبدالله: طيب إذا سمحت لي بمكالمات أخرى، الأخ أبو الحسن المدني من سويسرا اتفضل يا أخ أبو الحسن.

أبو الحسن المدني: السلام عليكم.

ماهر عبدالله: عليكم السلام.

أبو الحسن المدني: نحييكم انطلاقاً مما ذكره الأخ عبد الرحمن من الإمارات، ففي خطورة الانحراف في العقائد والبدع المخالفة للدين، أوجه سؤالاً لسماحة العلامة وهو ما ذكره المتصل سالم حشكور أن الدكتور القرضاوي وفضل الله يستطيعان إزالة إشكالات بين المذاهب، أوجه سؤال أقول كيف يكون ذلك وقد ذكر الدكتور القرضاوي في كتابه الأخير الذي سماه فقه الأولويات الذي طبع حديثاً وأظن إنه سماحة العلامة اطلع على هذا الكتاب، يقول فيه أن الشيخ ابن تيمية ذكر أن ذبائح اليهود والنصارى يجوز أكلها ويجوز نكاح زوجاتهم وأما مع الشيعة فهو حرام لا يجوز لأنهم أكفر من اليهود والنصارى، نرجو رد لهذا السؤال من سماحة العلامة.

ماهر عبدالله: والله يا سيدي يعني اسمح لي أنا، أنا اللي هأرد عليك إنه أولاً ابن تيمية لم يقل هذا الكلام وأنا شوفت كلام ابن تيمية في كتاب الفتاوى ولم يقل هذا البتة، قد يكون بعض الجهلة من اتباع شيخ الإسلام ابن تيمية قالوا مثل هذا، الشيخ القرضاوي أنا أعرفه معرفة جيدة، وأعلم أن له رأياً غير هذا، معي الأخ كمال الهاني من لندن، الأخ كمال اتفضل

كمال الهاني: شكراً جزيلاً على البرنامج أولاً، ثم رمضان كريم. سؤالي هو إذا كان مثلاً هناك صراع بين الإسلام الرسمي.. الذي سميتموه بالإسلام الرسمي والإسلام الشعبي، هل هي معركة احتواء بحيث أن الإسلام الرسمي ينطلق من مفهوم الدولة كسيادة وكمنطلق، وبالتالي الدولة تُبنى.. خاصة الآن في هذا الوقت، فهي الدولة القُطرية فبالتالي علمانية مائة بالمائة، فبالتالي يصبح الدين عبارة عن جزء بسيط من مجموع الحياة، ونجد في الجانب الآخر أن الإسلام نظام شمولي فبالتالي الحركة الإسلامية الشعبية -بحسب تسميتكم- فهي تسعى إلى احتواء الدولة وتنظر إلى الدولة كأنها جزء أو وسيلة من وسائل الحياة وليست هي كل منظومة الحياة، فبالتالي هل هي معركة احتواء بين الطرفين؟ ولمن تكون الغلبة؟ وشكراً.


أطر التصالح والتعايش بين الخطاب الشعبي والخطاب الرسمي

ماهر عبدالله: طيب مشكور جداً، يعني سماحة العلامة بس يعني لو ألحق لك بالسؤال الأخير هذا سؤال كنت هأسألك عنه، أنه في العالم الغربي في حالة انسجام غريبة بين النظام السياسي القائم وبين الجمعيات الخيرية والجمعيات التي تقوم بكثير من الخدمات التي تقوم بها الحركات الإسلامية، إضافة إلى سؤال الأخ كمال، هل ترى من أفق للتصالح والتعايش بين الخطاب الرسمي والخطاب الشعبي الدارج في منطقتنا العربية والإسلامية.

محمد حسين فضل الله: إننا نتصور أن الخلاف بين الحركات الإسلامية التي تعمل على أسلمة الدولة وأسلمة المجتمع وبين الدول الموجودة في بلاد المسلمين التي تعتبر الإسلام جزءً من الهيكلية العامة للدولة وليس هو الدولة، قد تتحدث عن أن الإسلام دين الدولة ولكنها لا تعمل على أساس أن تكون.. أن يكون الإسلام كل الدولة من الناحية.. أن يكون الإسلام كل الدولة من الناحية القانونية والشرعية وما إلى ذلك، لهذا.. لهذا فإن من الطبيعي أن يكون هناك نوع من الصراع بين الدولة في نظرتها إلى الإسلام وإلى الواقع وبين الحركات الإسلامية تماماً كما هو الصراع في الدول العلمانية بين فكر علماني معين وفكر علماني معين آخر لكننا نقول إن علينا أن نعمل بكل ما عندنا من طاقة في سبيل أن تكون الأساليب التي تتبع أساليب إيجابية حضارية لا تهدم المجتمع ولا تخلق الفتنة في داخله بما يسيء إلى الواقع بشكل عام.

ماهر عبدالله: طب أنا حتى أختم البرنامج -سماحة العلامة- بسؤال خارج عن الموضوع لكن.. يعني سبب السؤال إنه حقيقة وصلتني مجموعة من الفاكسات وبعض الهواتف قبل هذه الحلقة وكان السؤال.. لأنه كان في الحلقتين الماضيتين تناقشنا حول ثبوت رؤية الهلال وكيف يبدأ الشهر وكان فيه حديث عن الفلك وكان فيه حديث عن الرؤية بالعين المجردة وهي الأقرب إلى المنطق الإسلامي الأبسط فهل كان السؤال طائفي بحت؟ هل لكم يعني باعتبارك مرجعية شيعية سنية؟

محمد حسين فضل الله: نحن نعتقد أن الشهر هو ظاهرة كونية تخضع لمعطيات في داخل النظام الكوني، إن الزمن كله يمثل وحدة ولكن الله عندما جعل .. قسم الزمن.. السنة إلى شهور، فإنه جعل للشهر سبباً معيناً في النظام وهو خروجه.. خروج الهلال من المحاق ليكون نهاية الشهر ودخوله في المحاق ليكون نهاية الشهر ودخوله في المحاق وخروجه من المحاق ليكون بداية الشهر، على هذا الأساس نحن نعتقد أن الرؤية لم تكن ملحوظة من الناحية الموضوعية، بل هي ملحوظة كما يقول الأصوليون من الناحية الطريقية، هي وسيلة من وسائل المعرفة وعلى ضوء هذا. فإننا..

ماهر عبدالله[مقاطعاً]: سماحة العلامة أرجو أن تختصر.. لأنه انتهى وقت البرنامج..

محمد حسين فضل الله: إذا استطعنا .. فإننا نرى أنه إذا ثبت لدينا من المختصين الذين يفيد قولهم الاطمئنان –إذا ثبت لدينا التوليد وإمكانية الرؤية- فإننا نحكم بالهلال حتى لو لم يره أحد.

ماهر عبدالله: طيب شكر الله لك، شكر الله لك يا سيدي، أعزائي المشاهدين لم يبق معي إلا أن أشكركم وأشكر باسمكم فضيلة العلامة سماحة السيد محمد حسين فضل الله، إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم. سلام من الله عليكم وإلى لقاء آخر.

المصدر: الجزيرة