الشريعة والحياة

أثر الكلمة في التواصل بين الناس

دور الكلام في التواصل بين الناس، الرسالة التواصلية في وقوف الناس للصلاة، طرق التواصل بين المتحدث والمستمع، دور التواصل في خلق منظومة مجتمعية متكاملة، طرق معرفة النجاح في عملية التواصل مع الآخر.

مقدم الحلقة:

ماهر عبد الله

ضيف الحلقة:

د. ميسرة طاهر: أستاذ العلاج النفسي – جامعة الملك عبد العزيز

تاريخ الحلقة:

31/08/2003

– دور الكلام في التواصل بين الناس
– الرسالة التواصلية في وقوف الناس للصلاة

– طرق التواصل بين المتحدث والمستمع

– دور التواصل في خلق منظومة مجتمعية متكاملة

– طرق معرفة النجاح في عملية التواصل مع الآخر


undefinedماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).

"اللهم قد بلغت فاشهد" عبارة تنسب إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وكثيراً ما يستشهد بها علماؤنا الأفاضل وكثير من الدعاة عندما ينتهون من تبليغ رسالة.. من إنهاء خطبة الجمعة، خاصة عندما يتحدثون في موضوع مهم، يعتقد الواحد منا أنه بمجرد أن تفوه ببضعة كلمات أو تلفظ بها بصوتٍ عالٍ أو صوتٍ جهوري، ولمجرد أن الناس يبدون وكأنهم يستمعون يعتقد أن الرسالة وصلت، وأنه أدى واجبه، وأنه أقام الحجة على الناس.

جزء من ما نحن بحاجة إلى إعادة فهمه حتى في.. في موقفنا من القرآن الكريم، لأنه كلام الله نبدو أميل إلى التركيز على الكلام بمعناه اللفظي المفرداتي المباشر فنعتقد أنه لمجرد أنه كلام فقط نتغافل عنه.. أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حض الناس على تحسين القرآن بأصواتهم، أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يعني عندما يخير بين.. بين القراءات والتلاوات كان أصلاً نزل القرآن بأكثر من لهجة وأكثر من لغة ليكون، هذا فضلاً عن أن القرآن أصلاً فيه من قوة الإيحاء الداخلي إلا أنه كلام معجز، نقيس كلامنا على كلام الله -سبحانه وتعالى- ونعتقد أنه نؤدي الأمانة بمجرد أن نتلفظ بهذه الكلمات، وهذا للأسف الشديد يعني ما هو غلاَّب على خطب الجمعة تحديداً باعتبارها الأداة الأكثر استخداماً والأكثر لجوءاً نحن إليها عندما نتواصل مع بعضنا باعتبار أنها واجب أسبوعي، ولكن حتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- والذي كان أبلغ العرب أُثر عنه أنه كان لا يقتصر في تبليغ دعوته فقط على هذه الكلمات رغم أنه كان يفاخر -صلى الله عليه وسلم- بأنه.. بأنه بليغ وأنه أوتي مجامع الكلم، لكنه أيضاً كان بشوشاً، كان خدوماً، كان رحيماً، كان باسماً، بل إنه مكث من عمره أربعون.. أربعين سنة قبل الدعوة، والله -سبحانه وتعالى- يصنعه على عينه حتى صار الصادق الأمين، وكل هذا جزء من التمهيد الرباني ليكون محمد -صلى الله عليه وسلم- مقبولاً عند الناس.

إعلان

إذن موضوعنا لهذه الحلقة هو ما إذا كان الكلام هو وسيلة التواصل الوحيدة بين بني البشر، إذا كان الكلام والخطب الرنانة هي الأسلوب الأكثر فعالية في التأثير على الناس، نحن نتحدث عن التواصل من حيث هو دعوة، من حيث هو أمانة في أعناقنا في المحصلة النهائية، والكلام لا يقتصر فقط على الدعوة، بل هو مرتبط بعلاقتنا بأصدقائنا، بأبنائنا، بآبائنا، بزوجاتنا وأزواجنا.

لمناقشة هذا الموضوع يسعدني أن يكون معي الدكتور ميسرة طاهر، والدكتور ميسرة طاهر (أستاذ العلاج النفسي والصحة النفسية في جامعة الملك عبد العزيز)، كما أنه استشاري نفسي وأسري في عيادة خاصة، له أكثر من ثلاثين عمل بين بحث أكاديمي و.. وكتاب لعل من كتبه "مدخل إلى الإرشاد النفسي"، و"مدخل إلى القياس النفسي"، كتابان مختلفان، "بحوث وقراءات نفسية في الكتاب والسنة"، "علم النفس التربوي"، "النمو المعرفي والتنمية"، "التربية بالحب"، "موقفنا من علم النفس ودورة في الحياة اليومية" و"لغة الحب في عملية التربية".

دكتور ميسرة، أهلاً وسهلاً بك أولاً في (الشريعة والحياة).

د. ميسرة طاهر: أهلاً بك.


دور الكلام في التواصل بين الناس

ماهر عبد الله: سيدي، يعني العرب يفاخرون بأنهم أهل الشعر عادة وأنهم أهل الأدب، وأنهم امتلكوا لغة يعني تحتمل.. تمكن الإنسان من.. من توظيفها على أكثر من جهة وبطريقة أوسع وأكثر قدرة على التعبير من اللغات الأخرى، لكن حتى هذا يبدو أننا نسئ فهمه، فنعتقد أنه بها وحدها نستطيع أن نصل إلى كل.. إلى كل ما نريد، لو.. لو ابتدأنا من أولاً أهمية التواصل، واتنين: دور الكلمة أو الكلام في هذه العملية التواصلية.

د. ميسرة طاهر: بس تعقيباً على.. أولاً: شكراً لك أخي ماهر على هذه الاستضافة، وقبل ما ندخل في صلب موضوعنا، تعقيب على أن العرب يعني يعتقدون أنهم امتلكوا لغة ذات مكانة وذات دور كبير، لا شك أن اختيار الله -عز وجل- للغة العربية كي تصُاغ بها تعاليمه في القرآن الكريم أكبر دليل على أن هذه اللغة لها ما يميزها، ولكن -والله أعلم- أن اللغة انحسرت في استخدامنا اليومي ليتم التركيز من قبلنا على مضمون الكلمات، وليس على مرافقات الكلام، وبالتالي نستطيع أن نطرح سؤال: هل المهم ما نقول كمحتوى لفظي، أم المهم كيف نقول؟ هذه قضية لعلنا نستطيع أن نأتي عليها أثناء حوارنا هذه الليلة، لكن اسمح لي أتحدث عن موضوع التواصل بين الناس، نحن البشر بصفة عامة عندنا حاجات عضوية، الحاجة للطعام، الحاجة للشراب، الحاجة للنوم، جملة كبيرة من الحاجات العضوية لكنها محدودة، إلا أن هناك جملة من الحاجات النفسية التي يغفل عنها كثير من الناس، يعني يغفلون أهميتها وعلى رأسها الحاجة للحب، والحاجة للانتماء، والحاجة للتقدير، في الحقيقة الحاجة للحب هي حاجة نفسية عند البشر جميعاً، الحاجة للانتماء أيضاً إلى مجموعة بشرية، الحاجة إلى التقدير من قبل المجموعة التي ينتمي إليها الفرد مننا، هذه الحاجات كلها تتأثر تأثر كبير جداً بمنطوق الكلمة وبطريقة نطق الكلمة، يعني نستطيع نحن خليني بس أفتكر حديث للنبي -عليه الصلاة والسلام- يرويه أبي هريرة وهو حديث متفق عليه أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أوتي بشراب.. جيء له بآنية بها شراب وكان عن يمينه غلام والمرجح أن هذا الغلام هو ابن عباس، وعن يساره أشياخ كبار القوم صحابة النبي -عليه الصلاة والسلام- فشرب من الإناء ثم التفت إلى الغلام الذي على يمنيه، لأن الآداب تقتضي وفقاً للسنة النبوية أن.. أن يعطى لمن هو على اليمين، إلا أن من هو عن يمنيه غلام، طفل صغير، فقال لي.. فقال له: أتأذن لي أن أعطيهم الإناء، يستأذنه وهو غلام صغير، فقال هذا الغلام: لا يا رسول الله، فتَّله الإناء.. أعطاه وشرب من أثره عليه الصلاة والسلام، أنا أريد أن أسأل سؤال الآن، أسأله لنفسي وأسأله للإخوة المشاهدين، ترى بما سيشعر هذا الطفل الصغير وقد قدَّره أكبر شخص في هرم الأمة؟ ألم.. ألم ينظر إلى ذاته نظرة احترام وتقدير، الكلمة الآن ثبت علمياً أن الأفراد الذين يتواصلون مع غيرهم تواصلاً إيجابياً فيصنعون صداقات هؤلاء يختلفون في نسبة إصابتهم بالأمراض، بمعنىً آخر من كانت صداقاته أقل وتواصله أقل هو عُرضة للإصابة بالأمراض بنسبة ثلاثة أمثال من له صداقات، يعني معنى ذلك أن التواصل بين البشر ليس له فقط فائدة على مستوى نقل..

إعلان

ماهر عبد الله: المعلومة.

د. ميسرة طاهر: الأفكار والمعلومة، لأ، له أثر كبير جداً على الحاجات النفسية التي يعني وهبنا الله -عز وجل- إياها، تبقى قضية أخرى لابد من أن نقف عندها إذا كنا نريد أن نتحدث عن التواصل ضمن إطار (الشريعة والحياة)، فنحن في الحقيقة أمام جملة من القواعد الرئيسية والمنطلقات الفكرية على رأسها أن الفرد المسلم -بتقديري- يمر برحلة فيها محطات ثلاث بدءاً من حالة الرحم، أنا بأسميها جنة الرحم إلى الدنيا، ثم إلى الآخرة، في جنة الرحم هذه الجنة بكل المعايير فيها بعض الأدلة صحيح هي بسيطة وقليلة، ولكن والله أعلم تقرب مفهوم الجنة لنا، حيث يكون الجنين في.. في رحم أمه لا يحس باللغب ولا بالصخوب ولا بالضجيج ولا بالإزعاج، طعامه يأتيه مهضوم لا يشعر بضيق فضلاته، لأنه يتم تخليصه من فضلاته بكل سهولة، أكثر من ذلك آخر نظرية تفسر الوحم عند النساء تقول أن الجنين حينما ينقص جسمه عنصر معين ترسل رسالة كيميائية عصبية عبر المشيمة إلى الأم فتترجم يترجم الجهاز العصبي للأم تلك الرسالة فتشتهي الأم طعاماً معيناً به ذلك العنصر، أليس هذا أيضاً شبيها -ولو بشكل مبسط- لما يحدث للذين يعيشون في جنة الخلد من أنهم إذا اشتهوا شيئاً جاءهم دون أن ينطقوا؟ هذه الجنة في الحقيقة ننتقل منها إلى الحياة الدنيا والحياة الدنيا طالت أم قصرت من مفهوم إسلامي ينبغي أن تكون توطئة للآخرة، بناءً عليه ما دور التواصل عند المسلمين.. بين المسلمين أنفسهم داخل الأسرة، داخل العمل، داخل المجتمع، وبينهم وبين المجتمعات الأخرى أو الأفراد الآخرين، أنا أعتقد.. أعتقد جازماً، أن القرآن الكريم ليس.. ليس كتاب يُفصِّل كل شيء، وإنما هو بمثابة دليل لتوضيح العلاقة بين الفرد و.. وذاته، بين الإنسان وغيره، بين الإنسان والحياة، بين الإنسان وما بعد الحياة، هذا الكتاب الذين يحدد الخطوط العريضة وعناوين الفصول -إذا جاز لنا هذا التعبير- هناك كتاب آخر يشرح بعض هذه الفصول وهو السُنة النبوية، ولكن الله -عز وجل- يقرر -أخي ماهر- قضية مهمة وهي (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ)، كأني أفهم أن هناك جزءًا من السلوك الإنساني لم يرد ذكره في القرآن بتفاصيل، ولم تفصله أيضاً السُنة ولكنه ترك في مجال البحث العلمي الذي ينبغي أن يشتغل به المسلم قبل غيره، وإن كان -بكل أسف ومرارة نقول- أن المسلم اليوم لا يزال.. لا يزال أقل في متابعته لهذه الأمور من غير المسلم، فصار عندي (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ) الخلق ماذا تشمل هذه الكلمة؟ تشمل السلوك، وتشمل التواصل وتشمل التأثير وتشمل التأثر، وتشمل التفكير، تشمل كل هذه الجوانب السلوكية.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: بإمكانكم أن تشاركوا معنا بعد قليل إما على رقم الهاتف 4888873، أو على رقم الفاكس 4890865، أو على الصفحة الرئيسية (للجزيرة نت) على العنوان التالي: www.aljazeera.net

سيدي، (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ)

د. ميسرة طاهر: (بَدَأَ الخَلْقَ) كيف بدأ الخلق؟ كلمة الخلق -أخي الكريم- كلمة تشمل كل ما يخطر في بالنا من المخلوقات بما فيها الموت، وبالتالي صار السلوك مخلوق، صار الأثر مخلوق، صارت الكلمة مخلوقة، صار الصوت بكل مكوناته واحد من المخلوقات التي ينبغي أن أبحث فيها، الآن السؤال المطروح: تُرى هل الكلمة هي ذات الأثر الحقيقي في التواصل بيني وبين الآخرين، أم أن نبرة الصوت يمكن أن تلعب دور، ارتفاع الصوت، طبقة الصوت، الأمور الفنية اللي الآن كُشِفت فيما يتعلق بالصوت شيء كثير الحقيقة، هل لهذا تأثير؟ هل حينما أريد أن أتحدث على سبيل المثال عن الربيع وعن.. وعن هتَّان الماء في.. في البدء يعني.. في بدايات الربيع وعن الأزهار، وعن الإحسان وعن الصدقة، هل بالضرورة الحديث ينبغي أن يكون حديث ضخماً بدرجة صوت أو بطبقة صوت مرتفعة؟ هل يمكن أن يكون أثره في النفس مشابه لأثر ذلك المتحدث بصوت يتناغم إلى حد كبير مع مدلولات الكلمة بحيث أنني إذا ما تحدثت عن السيوف الأمر تطلب مني صوت مرتفع ولكني حينما أتحدث..

إعلان

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب قبل.. قبل أن ندخل في.. في التفاصيل، أعطني يعني باختصار شديد يعني في.. في تقديرك أيهما الأهم الآن المنطوق بمعنى الفحوى، الفكرة، الكلمة التي تريد أن توصلها، أم الطريقة التي تُوصل بها، هل هي ما تقول أم الطريقة التي تقول بها، يعني أعطني الحكم النهائي الأول وبعدين حتى نفصل.

د. ميسرة طاهر: ماشي، الآن الحكم النهائي وفقاً للدراسات الحديثة يقول إنه الكلمة بمدلولها بمحتواها، بمعناها لا تأخذ أكثر من 7% من الأهمية من حيث لغة التواصل بين الناس.

ماهر عبد الله: 7%.

د. ميسرة طاهر: 7%، 38% له علاقة بالصوت، 55% لتعابير الوجه وحركة الأيدي ولغة الجسد، ذلك أن لغة الجسد عادة لا تكذب، يعني إذا كان أحدنا غاضب فسيبدو هذا الغضب على وجهه، وقد يبدو على حركات أياديه، وقد يبدو في.. في مظاهر كثيرة حتى في طبقة صوته يبدو الغضب، وإذا كان هادئاً يبدو أيضاً في كل جوانب الجسد، الجسد اللي هو مسؤول عنه العقل غير الواعي -كما نقول- لا يعرف الكذب، في حين أن الكلمة أستطيع إني أنا.. أن اختار كلمات بمدلولها تكون منمقة وتكون مناسبة وأخفف في مدلولها الأثر على المستمع، لكن بقية القضايا لا تستطيع أي إنسان..

ماهر عبد الله: بس يعني 7% ألا يبدو قليل جداً عندما نتحدث عن..؟

د. ميسرة طاهر: طبيعي، إذا.. إذا أردت أن تعرف هذا الأثر فتعالَ نشوف يا ترى لغة التواصل اللي حاصلة في البيت بين الزوج وزوجته، بين الأب وأبناؤه، هل يا تُرى الكلمات بمدلولها هي ذات الأثر، أم لغة الصوت أو تأثير الصوت وتأثير لغة الجسد هم الأساس؟

ماهر عبد الله: خبرني.

د. ميسرة طاهر: يعني لأ أنا أخبرك أقول أن مدلول الكلمات ليس هو المهم، أنا أستطيع إني أقول لك الآن كيف حالك يا أستاذ ماهر بأربع خمس لهجات، واحدة منهم أنا متأكد إنه راح ترفضها أنت.

ماهر عبد الله: خلينا نشوف.

د. ميسرة طاهر: نجرب، مساك الله بالخير يا أستاذ ماهر. دي واحدة، وممكن أقول لك: مساك الله بالخير يا أخي ماهر، هذه أحلى، مساك الله بالخير يا أخي ماهر فيها بسمة، فيها ملامح وجه، نبرة الصوت نفسها، وممكن أقول لك، مساك الله بالخير يا أخ ماهر، هذه فيها لهجة عتاب.

ماهر عبد الله: هيك بأضربك بعدها.

د. ميسرة طاهر: وممكن أقول لك: مساك الله بالخير يا أخ ماهر، فيها تهديد، أنا ما غيرت في مضمون الكلمات، الجملة هي هي لم تتغير، اللي تغير النطق، فالسؤال الآن أيهما أثر بك وأنت تعرف أننا في المشهد -إذا جاز لنا أن نقول- هو مشهد تمثيلي، لكن أنا متأكد إنه الأخيرة أساءت إليك أو ضايقتك أو أزعجتك، مع أنك أنت تعلم إنه ما يقوله أخوك ميسرة إلا من قبيل أن يقرب للإخوة المشاهدين المدلول، فيوم اللي أقول 7% تخيل معايا يوم اللي يكون تركيز الناس على الـ 7% وفي نهاية المطاف يقولون: كيف لم أصل إلى ما أريد؟ أنا والله ما قلت لوالدي شيء يُسيء إليه، ما قلت لزوجتي شيء يُسيء إليها، لم أقل لجاري شيء أسُيء إليه، صح هو لم يقل بمدلول الكلمات شيء مسيئ، ولكنه ربما قال بطريقة النطق شيئاً مسيء جداً.

ماهر عبد الله: طيب يعني هذا دراسة إحصائية علمية على الأرجح على الأرجح غربية غير.. غير مسلمة، من يعني من خلال أنت تواصلك مع.. مع الثقافتين، مع الحضارتين درست علم غربي وفي نفس الوقت خلفيتك الشرعية أهَّلك، هل لهذا سند لو.. لو استخدمنا التعبير الدارج التأصيل؟

د. ميسرة طاهر: تعالَ نأخذ الآن هذا الموضوع من منظوره الشرعي "هل أدلكم" كما يقول عليه الصلاة والسلام " هل أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال: افشوا السلام بينكم" بمنطق بسيط يعني بمحاكمة بسيطة، لو أن أحداً ألقى عليك السلام وهو متجهم الوجه قد يقول هو اللهم قد بلغت اللهم هل قد أديت اللهم فأشهد، لكن يا ترى هل المقصد الشرعي من وراء السلام تحقق؟ ما أعتقد، ما أعتقد إطلاقاً، إنما علشان أربط هذا السلوك محتاج أنا في.. في التواصل الاجتماعي آخذ جملة من النصوص الأخرى لها علاقة بهذا، وتبسمك في وجه أخيك صدقة.

ماهر عبد الله: لأنه هذا السلام أنت ممكن تقوله بنفس النبرة التهديدية.

د. ميسرة طاهر: بالضبط.. بالضبط أحسنت، ممكن أقوله بنفس النبرة التهديدية بدل أن يؤدي إلى تآلف بيني وبينك قد يؤدي إلى عداوة فصارت البسمة مطلوبة في السلام مرافقة له، النبرة نبرة الصوت بحد ذاتها ينبغي أن تكون أيضاً ودودة، سيدي الفاضل، ألست معي بأننا جميعاً ما نُكِنُّه في نفوسنا في لحظة من اللحظات وإحنا نتواصل مع الآخرين يمكن أن يُعبَّر عنه بنبرة الصوت، يعني أب مختلف مع أبنه، مختلف معاه وغاضب ومستاء منه، تُرى نبرة صوته ستكون بهذا الشكل: ابني حبيبي الله يرحم لك والديك يا رب يدخلك الجنة وينور بصيرتك، هل سيخاطبه بهذه اللهجة؟ أم سيخاطبه بلهجة حتى لو استخدم نفس العبارات ستكون لهجة ذات طبقة صوت عالية ومهددة وموعدة وإلى آخره؟ إذن قلنا نحن في البداية بأن اللغة، لغة الصوت ولغة الجسد لا تكذب إطلاقاً، ممكن أنا أحتال على الكلمات باختيار ألفاظ تكون ملائمة، لكنني لن أستطيع أن أختار إلا إذا أخضعت القضية للوعي، إذا أخضعتها للوعي ساعتها ينبغي إذا سلَّمت ينبغي أن أسلم ببشاشة، ابتسامة مرافقة، بلغة تنم عن الحب حينما ألقي التحية على غيري.

إعلان

ماهر عبد الله: يعني 7% مأساوية بعض الشيء، خصوصاً إنه إحنا أمة قلت لك نفاخر بالبلاغة و.. كأننا نحصر البلاغة في اختيار اللفظة، في تعقيد اللفظة، في البحث عن غرائب الألفاظ أو يعني الأكثر قرباً، فإذا كان 7% فمعناها يعني إحنا بحاجة إلى كثير من إعادة النظر في الطريقة التي نتخاطب بها مع.. طيب هذه.. هذا فيما يتعلق بدور الكلمة وأهمية التواصل بين الناس، النقطة..

د. ميسرة طاهر [مقاطعاً]: إذا.. إذا أذنت لي فقط يعني نقطة واحدة خلينا نكمل فيها هذا الحديث لعلها -إن شاء الله- توصل الرسالة للإخوة والأخوات المشاهدين والمشاهدات، تعال نأخذ أخي ماهر وقوف الناس في الصلاة.

[موجز الأخبار]


الرسالة التواصلية في وقوف الناس للصلاة

ماهر عبد الله: سيدي، في بعض الأحيان .. كنت يعني على وشك أن تتحدث عن وقوف الناس في الصلاة حركات منصوص عليها كما ذكرت عن السلام، لكن نغفل فيه البسمة، نغفل فيه نبرة الصوت، في.. في.. في الوقوف للصلاة أين.. أين الرسالة التواصلية في الوقوف للصلاة؟

د. ميسرة طاهر: السؤال أخي ماهر في.. يعني أعتقد أن هذا أمر إذا ما طرحنا فيه أسئلة فهو حق لنا، قد نعرف الإجابة وقد لا نعرفها، وقد يكون من سبقنا عرف الإجابة وقد لا يعرفها، لأن.. (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الخَلْقَ) قضية مفتوحة إلى يعني إلى يوم الدين، مطلوب منا كمسلمين أن.. أن نبحث في كيفية بدء خلق هذه القضايا كلهَّا.. أو كلِّها، كان بالإمكان.. كان بالإمكان أن تكون الصلوات مفردة في البيوت، ولكن من السنة أن تُصلَّى الصلوات جماعة في المساجد، تواجد الناس في المسجد خمس مرات في اليوم، تواجد الناس مرة لسماع خطبة في الأسبوع اللي هي يوم الجمعة، حولها -على الأقل بتقديري -فيه أسئلة ينبغي أن تُطرح لِمَ.. ما الحكمة من ذلك؟

ماهر عبد الله: قبل…

د. ميسرة طاهر: قد نجد هذه الحكمة، لكن دعني على الأقل أحاول قراءة بعض النصوص قراءة نفسية، في.. من السنة أن يقوم الإمام بمراقبة صفوف المصلين قبل أن يشرع بالصلاة، تراصوا، تحاذوا بالمناكب والأقدام، لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، أيش علاقة الحركة الجسدية باختلاف القلوب؟ وما علاقة مثل هذه الألفة العضوية بألفة القلوب؟ يعني لقاؤنا يومياً في المسجد أهل حي معين ينبغي أن يوِّلد مع الأيام قدر لا بأس به من الألفة، سيما أننا يعني أكتافنا ومناكبنا تلتصق، ترى هل هذا يؤدي فعلاً إلى ما هدفت إليه عملية التراص أم لا؟ وإذا قلت لا تختلفوا فتختلف قلوبكم، الاختلاف العضوي يمكن أن يؤدي لاختلاف القلوب، واختلاف القلوب يمكن أن يؤدي لاختلاف التباعد؟ أقول نعم، يعني أنا أعتقد الآن هناك أناس في الصلاة إذا ما لمس قدم الآخر قدمه ربما نفر منها.

ماهر عبد الله: صحيح.

د. ميسرة طاهر: ربما نفر من هذا وتضايق من ذلك، أعتقد جازماً أن هذا كله في حال وجود فلسفة الحياة رحلة الحياة ذات المحطات الثلاث وتكوين فكرة في ذهن المسلم الذي يذهب إلى الصلاة، بأنني أنا ذاهب باعتبار أن هذه الدنيا هي مكان إعداد نفسي ومجتمعي للآخرة -ونرجو الله أن تكون جنة الخلد- إذن ينبغي لي أن أقبل من أنا أصلي إلى جانبه، فإذا ما جاءت التلامسات الجسدية ربما زادت من.. من اللُّحمة بين الناس، أذكر في الأحاديث المتعلقة بمواصلة النبي -عليه الصلاة والسلام- للناس، ليقول الحديث أنه كان يقبل على محدثه بكله، ويلصق ركبتيه بركبتيه ويضع يديه على فخذيه، لحظة تواصل العضو الجسدي كم هو كبير، ثم ينظر إليه ويقبل عليه بكله، ألست معي بأنه مثل هذه الأنماط السلوكية التي كان يمارسها النبي -عليه الصلاة والسلام- تمثل مفاتيح ينبغي أن نبني عليها نظماً للتربية لأولادنا في البيت وفي المدرسة وفي الشارع، علَّنا ننجح في.. في تقريب قلوب المسلمين من بعضهم البعض، فيه عندي بس نقطة أخيرة قبل ما.. إذا كان عندك يعني محور آخر تريد أن تنتقل إليه، الآن علمياً.. علمياً يقولون أن وسائل الاتصال ثلاثة، الكلمة، الصوت ولغة الجسد، والحقيقة أنا لا أرى أروع من لغة التلاحم في الصلاة في الصلوات المفروضة كلغة يقترب أو ينبغي أن يتقرب فيها المسلمين من بعضهم البعض.

ماهر عبد الله: بس..

د. ميسرة طاهر: إضافة.. إضافة إلى الصوت بكل محتوياته، إضافة إلى محتوى ومدلول الكلمة، وإن كان لي تعقيب فقط على محتوى الكلمة، لا يعني -أخي ماهر- إن هي نصيبها 7% من التواصل أن هذا قليل، الطعام قد يكون رائع جداً لكن بدون رشة ملح بسيطة قد يصبح عديم القيمة.

ماهر عبد الله: لكن السؤال أنه هذه الحميمية وجدت في مجتمع الصحابة، لكن نحن نحاول أن نفعل الكثير منها، لكن لا توجد مثل هذه الحميمية في علاقاتنا اليوم، فهل هي مجرد أن نتحاذى بالمناكب أم فيه فكرة مسبقة قبل أن أذهب أنا إلى المسجد يجب أن تكون في داخلي أصلاً؟

د. ميسرة طاهر: ما هو إحنا.. إحنا عمَّالين نتحاذى بالمناكب، لكن النتيجة الطبيعية اللي نراها في الحياة اليومية نحن لم نصل في مجتمعاتنا الإسلامية إلى درجة من الألفة كما نتمنى، مما يشير إلى أن مجرد المحاذاة بحد ذاتها ما لم يكن هناك فكرة مسبقة في الذهن يصبح.. تصبح.. تصبح المحاذاة أمراً يعني مقصوداً من أجل تسخين العلاقة بين الناس تصبح العملية الجسدية العضوية قليلة القيمة.

ماهر عبد الله: طيب، كونك ذكرت التسخين ما تحدثنا عنه سواء كان 7% أم 38 أو 55.

د. ميسرة طاهر: 55.

ماهر عبد الله: هذا كله من طرفك..

د. ميسرة طاهر: أيوه من طرفي أنا كـ..

ماهر عبد الله: كمتحدث.

د. ميسرة طاهر: كمتحدث.

ماهر عبد الله: كمرسل.

د. ميسرة طاهر: أو مرسل.

ماهر عبد الله: طيب، كيف تجعلني أُقبل عليك؟

طرق التواصل بين المتحدث والمستمع

د. ميسرة طاهر: الإقبال.. إقبالك عليَّ مرهون -إذا جاز التعبير- بامتلاكي لمفاتيح قلبك وعقلك، وهنا شطارة التواصل والاتصال، هنا شطارة فيها في الطرف الواعي، تعالَ نشوف النصوص المتعلقة بمفاتيح العقل -إذا جاز لنا هذا الاصطلاح- أول مفتاح الرحمة والإيمان، وهذه قضية أنا أُعوِّل عليها الحقيقة يعني كمًّا كبيراً من الأهمية، رب العالمين ماذا يقول للنبي -عليه الصلاة والسلام؟ (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) خلِّي بالك أخي ماهر إنه الرحمة واللين والفظاظة وغلظة القلب كلاهما صفات نفسية من قبل المرسل، والاثنين الحديث فيهم عن مقدار ارتباط هذا أو ذاك مع مين؟ مع الرسالة مع المعتقد، يعني إذن.. أنا أتصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- وأي نبي وأي إنسان الآن يريد أن يقدم رسالة إيجابية، الرسالة نفسها ما تغيرت، الرسالة نفسها محتوى ما تغير، لكن اللي تغير طريقة تقديمها، فرب العالمين يؤكد له لو أنك غلفَّت هذه الرسالة بالفظاظة وغلظة القلب لكانت النتيجة انفضاض الناس عن هذه الرسالة، إذن انفضاض الناس بسبب محتوى الرسالة أم بسبب الغلاف الذي غلَّفها، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ) إذن كأن الرحمة التي جاءت للنبي -عليه الصلاة والسلام- اللي تمثلت باللين، باللين والتي غلَّفت هذه الرسالة كانت سبباً مباشراً.. كانت سبباً مباشراً لإقبال الناس على الرسالة، حينما أقبلوا عليها ورأوا محتواها تمسكوا بها، في حين أن الغِلْظة والفظاظة إذا ما غلَّفت هذه الرسالة فسينفر الناس عنها، وبالتالي حتى لو كان هذا المحتوى كما هو عليه محتوى رائعاً فالناس لم يتعرفوا عليه.

ماهر عبد الله: هل التكفير والتبديع والتفسيق جزء من.. من الغلظة؟

د. ميسرة طاهر: جزء.. جزء لا شك أنه من هذه الغلظة وجزء رئيسي فإذا عدنا مرة ثانية تعالَ خذ حادثة عدي بن حاتم الطائي حينما دخل على النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي عنقه صليب من الذهب، النبي -عليه أفضل الصلاة والسلام- كان يجلس -كما تقول الرواية- على وسادة من أدمْ، وهي أفخر ما يملك يعني، ألين ما يملك هو ما عنده إلا قطعتين، القطعة الأولى هذه الوسادة اللينة، والقطعة الثانية ذلك الحصير المصنوع من سعف النخيل القاسي الذي يترك أثره في جنبه عليه الصلاة والسلام..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: كان عنده ذراعه أيضاً للنوم، عنده مخدة..

د. ميسرة طاهر: نعم.. عنده مخدة اللي هي ذراعه، نعم. فحينما دخل عليه عدي ما كان ردة الفعل نوع من الاستياء من منظر هذا الرجل، قبله. ودي أول نقطة من النقاط المهمة في الاتصال أن تقبلني وأقبلك، بغض النظر.. بغض النظر عما عندي وعما عندك، خطوة أولى.. خطوة أولى مرحلة أولى أن تقبلني وأقبلك حتى نبدأ الحوار، لإنك إذا رفضتني فلن.. لن يحدث اتصال، وإذا رفضتك لن يحدث تواصل واتصال، وبالتالي حتى لو كان اللي عندي خير كبير، فلن أستطيع أن أوصله، تماماً مثل الطبيب إذا رفض مريضه لن يستطيع أن يقدم له أي يعني مساعدة في طريق الشفاء، قَبِله.. قَبِل منظره واحد، اثنين: قام من على الوسادة فقدمها له، فجلس عليها فآثره على نفسه وجلس على الحصير، أنا أعتقد إنه هذا مفتاح.. هو مو مفتاح عقلي بقدر ما يكون مفتاح قلب، هذا.. هذا لغة جسد، آثرتك على نفسي جلَّستك على شيء مريح وأنا جلست على الشيء القاسي، هذه أول المفاتيح وكأن الوصول إلى العقل تم خلال القلب، كأن الوصول إلى العقل تم من خلال الجسد، هذه القضية إذن خطوة أولى أن أقبلك، خطوة ثانية أقبلك كما أنت، خطوة تالية أدوَّر على أو أبحث عما يمكن أن يكون بيني وبينك من أرضية مشتركة، أكبر خطأ في عملية التواصل إني أبحث عن الفروقات في البداية أبحث على نقاط الاختلاف في البداية، إذا بحثت عن نقاط الاختلاف فتأكد تماماً.. تأكد تماماً أنك ستنفر مني..

ماهر عبد الله: هذا كله مع التركيز على أنه غير مسلم ويضع الصليب..

د. ميسرة طاهر: بغض النظر..

ماهر عبد الله: لأ في الحالة التي..

د. ميسرة طاهر: أيه، حالة عدي بن حاتم الطائي هو غير مسلم، يضع الصليب في عنقه ومع ذلك قبله كما هو، وأكرمه بالطريقة التي رأيناها، فتح قبله ومن ثم كان الطريقة مُعبَّداً إلى عقله، وبدأ الحوار هنا الآن.. عفواً هنا يأتي دور مضمون الكلام، بعد ما انفتحت الطرقات صارت سالكة بدأ الآن البحث في مدلول الكلام..

ماهر عبد الله: تسمح لي نؤجله قليلاً، عندي بعض من الإخوة على الهاتف من فترة.

د. ميسرة طاهر: تفضل، تفضل.

ماهر عبد الله: نسمع منهم ونشوف مضمون الكلام، نسمع من الأخ عبد الله أحمد من أميركا، أخ عبد الله تفضل.. أخ عبد الله. طيب نسمع من الأخ صلاح عبد الحي من الأردن، أخ صلاح اتفضل.

صلاح عبد الحميد: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.

د. ميسرة طاهر: عليكم السلام ورحمة الله.

صلاح عبد الحي: تحية لكما.

ماهر عبد الله: حياك الله.

صلاح عبد الحي: في هذا البرنامج الشيق، فاقبلوا مداخلتي، الإنسان يسير في الحياة الدنيا بحسب مفاهيمه عنها، سواء عن الأشخاص أو غيرهم من المجتمع.. سلوك الإنسان..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: التليفزيون عندك أخ صلاح التليفزيون عندك عالي؟

صلاح عبد الحي: نعم؟

ماهر عبد الله: التليفزيون عندك عالي؟

صلاح عبد الحي: أيوه.

ماهر عبد الله: ممكن تنزله شوي بس حتى نسمعك؟

صلاح عبد الحي: إن شاء الله، فالإنسان سلوكه نحو شخص يحبه ولديه مفاهيم الحب عنه، غير عن سلوكه نحو إنسان يكرهه، ولديه مفاهيم الكره عنه، والإسلام قد جعل المجتمع كُلاً متكاملاً من الأفراد ومن النظام ومن الأفكار ومن المشاعر، وهذه كلها تسمى مجتمع، فلا يمكن فصل أحدها عن الأخرى، فالأحكام الشرعية التي تطبق على الناس والعبادات التي يقوم بها الناس كل هذه أيضاً بنت المجتمع، والإنسان والفرد هو ابن المجتمع، ولذلك حينما أصطف مع رجل في المسجد لأصلي ولدي مفاهيم البُغض له بصفته مثلاً يرابي أو حرامي أو يقترف بعض المنكرات لا يمكن أن أتآلف معه في الصلاة وأحاول أن أبتعد عنه بدل أن أقترب منه، ولذلك حتى يكون المجتمع متكاملاً متجانساً لابد أن يتجانس عملياً في أفكاره ومشاعره ونظامه الذي يطبق عليه، عندئذٍ يمكن أن نتحدث بالجزئيات لكي نسد بها الخلل الجزئي الموجود بالمجتمع..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب أخ صلاح، نقطة جميلة، وإن شاء الله تسمع من الدكتور تعليق عليها، نسمع من الأخ خالد سعيد من الكويت، أخ خالد تفضل.

خالد سعيد: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.

خالد سعيد: مرحباً يا دكتور ماهر والضيف حقك الكريم..

ماهر عبد الله: حياك الله.

خالد سعيد: أنا بأقول يقول الدكتور الأخ يقول شو اسمه؟ التلاحم ضروري، بس أنا كان فيه عندي مشكلة وسواس قهري ما كنت أقدر أوقف عند أي إنسان يعني، حتى بالصلاة، يعني لدرجة يعني..

ماهر عبد الله: طيب، يبدو فقدنا الاتصال بالأخ خالد، يعني نرجو أن يتمكن من الاتصال بنا مرة أخرى، تعليق على كلام الأخ صلاح بس قبل ما نرجع لمضمون الكلام يعني أنا أخذت من كلامه نقطتين، النقطة الأولى: إنه هل سلوكنا نحو الشخص محكوم بموقفنا المسبق منه إذا كنا نعرف أنه كذا وكذا وكذا، كيف سنتوادد معه، كيف نتواصل معه؟ هل يجب هذا أن يؤثر، والنقطة الثانية إنه سيادة منظومة فكرية ما في المجتمع كشرط، خلينا في الأولى أول.

د. ميسرة طاهر: الواضح من كلام الأخ صلاح عبد الحي من الأردن أن موقف الفرد من الآخر مرهون بجملة المفاهيم التي يحملها عنه أو بمعنى آخر بالخريطة المرسومة في ذهنه، بالصورة العقلية المرسومة عن هذا الفرد، هذه واحد.

اثنين: حتى أستطيع إني أتلاحم معه، يعني حتى أستطيع إني أقترب من أخي ماهر ينبغي أن نكون على وفاق في مفاهيمنا، السؤال اللي أنا أطرحه على الأخ صلاح وكل يعني الناس الذين يعتقدون ذلك: هل أنا مطلوب مني في الحياة اليومية كمسلم أدعو إلى إقامة مجتمع مسلم تسوده المؤاخاة والمحبة، هل المطلوب إن الناس تتصلح، ولما بتتصلح وتصير وفقاً لمفاهيمي أهلاً وسهلاً تعالَ نقترب منك، أم أنا لي دور في إصلاح يعني ذات البين وإصلاح هذا السلوك المعوج، هل أنا قاضي أصدر الأحكام على الناس وأمنح صكوك للجنة وصكوك للنار، أم أنا بني آدم مهمتي حتى لو وجدت الخطأ..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: ولهذا.. ولهذا أنا سألتك عن.. عن عدي بن حاتم إنه كان يعلق الصليب وإنه لم يكن مؤمناً أصلاً، يعني فضلاً عن أن يكون مؤمناً ويزور المسجد يعني يفترض نظرياً أن وضعه أسوأ من وضع..

د. ميسرة طاهر: بكثير، يعني هذا على الأقل هذا تجمعني به هذا الأخ الجار اللي في الحي يجمعني به المسجد، إذن أنا وهو في أرضية مشتركة كبيرة، كونه في.. يعني فيه نوع من عدم الارتياح لبعض أنماط سلوكي، طب يا أخي أنا أيش دوري؟ أنا ماذا ينبغي أن أفعل؟ أنا دوري عبارة عن جزيرة وأنت جزيرة، لا تربطنا ولا.. ولا أي.. ولا يوجد أي جسر بيننا، هل أنا من واجبي في مثل هذه الحالة إني أصنع مع هذا الشخص قدر من الألفة حتى يتاح.. تتاح لي الفرصة إني أبدأ بمعالجة بعض الأخطاء إن وجدت؟ فأنا أعتقد جازماً إنه قبل الحديث عن صب الناس في قوالب نحن نتمناها وقد تكون قوالب خير، قد تكون قوالب خير وقد.. يعني قد يكون الخلاف اللي بين الناس على مفاهيم لا تُخرج الناس من الملة، لا تخرج الناس من الدين، ما هو دور الفرد المسلم في مثل هذا المجتمع؟ أليس من دوره أن يصنع ألفة حتى يعين أخيه الذي ابتعد قليلاً أو كثيراً من جادة الصواب أن يعيد مرة أخرى إلى هذه الجادة؟ هنا تأتي المهارة، مهارة التواصل والاتصال هنا تأتي، كيف نستخدم مثل هذه المهارات لإعادة هؤلاء الناس إلى ما يرضي الله عز وجل؟

ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ أحمد بو سباع قبل ما نتحدث عن الانسجام الفكري.

د. ميسرة طاهر: تفضل..

ماهر عبد الله: أخ أحمد بو سباع من إيطاليا اتفضل.. الأخ عبد الرحمن المهدي، أخ عبد الرحمن تفضل.

عبد الرحمن المهدي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ماهر عبد الله: عليكم السلام والرحمة.

د. ميسرة طاهر: عليكم السلام ورحمة الله.

عبد الرحمن المهدي: أخي ماهر، بالنسبة للضيف يعني يستشهد بالآية التي (وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) يعني لو.. كل تركيزه.. بالنسبة للبشر يعني لو.. لو تنظر لأحوال المسلمين لرأيت أن ربما إحصائية كبيرة من المنفضين عن الله -سبحانه وتعالى- قبل أن.. فليس أهم شيء للإنسان أن يكون مرضي الناس على حساب الله، ففيه كثير من الأشخاص يعني ذو أخلاق وصفات وشيمة عالية، ولكن لو.. لو أقول لك على أمور يعلم الله إني تعجبت إليها، فيه ناس ذو يعني صفات حميدة، ولكن يعلم الله إنهم يأتوا ببعض الناس ليُفعل بهم الأمور التي لا ترضي الله. أظن واضح كلامي يا أخ ماهر، فأين الصفات؟ ما.. ما فائدة إذا كان صفات هذه الأشخاص هؤلاء الأشخاص حميدة مع.. أمام الناس ولكن مع الله -سبحانه وتعالى- لا.. يعني أخلاقهم غير مقبولة وغير مرضية من الله سبحانه وتعالى.

وثانياً: بالنسبة للضيف يعني أسأله سؤال: إذا كان شخص يعني مثلاً اعترض لأسرة.. لأسرتك مثلاً بأذى هل بالله عليك تقول له جزاك الله خيراً عما تعمله أم ستغضب عليه بصفة الأعمال التي يعملها؟ وهو يعلم أن هذه الأمور التي يعملها لا ترضي الله، هل ستدعو له تقول له جزاك الله خيراً على ما عملته؟ وأشكرك يا أخ ماهر.

ماهر عبد الله: طيب مشكور جداً يا أخ عبد الرحمن، وإن شاء الله تسمع الإجابة.

[فاصل إعلاني]

ماهر عبد الله: ترضي الناس على حساب الله وأحكامه حتى لو كنت تعلم أن هذا في طريقه إلى إغضاب الله، وإنه مهما لِنْتَ له لن يتغير؟

د. ميسرة طاهر: يا أخي الكريم، يعني ما أدري أحياناً يبدو نظرتنا للأمور اللي هي أسود وأبيض تجعلنا لا نرى اللون الرمادي في الوسط، يعني ما أعتقد إنه ما قلناه يعني أن نغضب الله على حساب.. نرضي الناس على حساب غضب الله. ما حد عاقل في الدنيا يقول هذا الكلام. هذه الأولى.

أما الثانية اللي استشهد فيها الأخ، النقطة الثانية إذا واحد أساء لأهلك هل تقول له جزاك الله خيراً، السؤال المطروح: حينما يسيء أحد لأهلي هل.. أنا أطرح.. الأخ السؤال على الأخ عبد الرحمن المهدي هل الطريقة الوحيدة إني أواجه هذا الذي أساء بإساءة مماثلة؟ هل هذا الذي أساء ينبغي أن يُقابل في كل الحالات بالعنف والقسوة حتى تتعدل إساءته، الذي أساء قد يسيء بجهل، وقد يسيء بقصد، وقد يسيء بمائة سبب وسبب، ربما مطلوب مني في الحياة اليومية إني أنا أتخذ إجراء في نفس اللحظة، إما إني أرفع يدي أمدها عليه حتى أدفع الإساءة عن أهلي، وإما إني أستخدم لساني حتى أدفع الإساءة عن أهلي، وإما أني ألجأ إلى مصدر سلطة، رجل أمن في الشارع علشان أدفع الإساءة عن نفسي، إذن دفع الإساءة عن أهلي لها طرائق كثيرة، لكن السؤال أنا أضرب مثل أنا عشته، ما.. يمكن كثيرين منا في بيوتهم تعرضوا لأذية المعاكسين عبر الهواتف من نسائنا من بناتنا من أولادنا.. شيء من هذا القبيل، قبل أن يطلع الكاشف ويتعرف على الرقم فتقل مثل هذه الإساءات، كيف نواجه هؤلاء الناس؟ هل دائماً الحل إن أنا يعني أرد عليه بنفس القدر من الإساءة، أم يمكن في بعض الأحيان إذا ما حركت شوية من جوانبه الإنسانية الطيبة يمكن إني أردعه؟ إذا أنا واجهت الإساءة بإساءة مماثلة ربما حسمت الموضوع في تلك اللحظة، لكن أنا أضمن.. أضمن بإنه في كثير من الأحيان ما هيتعدل سلوك مثل هذا الإنسان، فالقضية المطروحة الآن علينا: هل مطلوب مني أن أدافع عن كياني بحيث ما أخلي الإساءات تأتيني، أم أنا عبارة عن إنسان له دور اجتماعي يأخذ بأيدي هؤلاء الناس إلى ما هو أفضل؟ إذا كنت أملك الإمكانية ينبغي أن أفعل ذلك، أما إذا ما كان عندي إمكانيات أن أصلح حال الناس الآخرين المخطئين ربما يكون -كما قال الأخ عبد الرحمن- إني أنا أحمي نفسي وأحمي أسرتي من إساءة أمثال هؤلاء الناس.


دور التواصل في خلق منظومة مجتمعية متكاملة

ماهر عبد الله: طيب نرجع باختصار جواب لسؤال الأخ صلاح، التجانس المجتمعي، وهذا فيه يعني تناغم مع شيء مما قلت عندما قلت أفشوا السلام، يعني لا يفترض أنه سلام وحده، بسمة.. هو يقول أنه جزء من هذا الذي تريد لابد أن يتحقق في مجتمع مسلم منسجم مع نفسه فكرياً وثقافياً وعقائدياً، إلى أي مدى يمكن الجمع بين الاثنين بين ما هو سماه الجزئيات، الاهتمام بهذا.. بهذه الجزئيات وبين أن يكون الحرص على خلق هذه المنظومة المجتمعية المتكاملة؟

د. ميسرة طاهر: إنه هو يا سيدي الفاضل خلق هذه المنظومة كيف يتم؟ يعني إما أني أنا أنتظر حتى تصنع هذه المنظومة وأبرئ نفسي من المسؤولية وأقول أنا ما علي دور، وإما أني أنا أكون صاحب دور، صاحب دور في حتى في أبسط الأشياء كما قلت وأنا سائر في طريقي إلى المسجد وأنا رايح إلى سوبر ماركت وأنا ماشي إلى عملي وأنا داخل في مبنى كليتي على ما أوصل على الأقل أتبسم في وجوه الناس وألقي السلام عليهم، وإذا جمعني فيهم مصعد على سبيل المثال، يعني أسأل هذا الشاب طالب الجامعة أو الجار أو الكذا عن حاله، إذا أردنا أن يحصل التجانس، التجانس لا يأتي بين يوم وليلة ولا يأتي بأمورٍ عظام، التجانس يأتي بجزئيات صغيرة، هذا الذي اعتبره الأخ صلاح عبد الحي أمر لا قيمة له، يتم متى؟ بعد أن يتحدث التجانس، أنا أقول أن هذا هو الذي يصنع التجانس على المدى البعيد.

ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ عبد الكريم الأحمد من بريطانيا، أخ عبد الكريم اتفضل.

عبد الكريم الأحمد: أهلاً أخ ماهر، يعطيك العافية حبيبي.

ماهر عبد الله: حياك الله.

عبد الكريم الأحمد: أحييك وأحيي ضيفك الكريم.

د. ميسرة طاهر: أهلاً وسهلاً.

عبد الكريم الأحمد: حقيقة أنا من متابعين لقاءات الضيف، خاصة لقاءاته مع الشباب وطروحاته الجيدة، لكن أحب بس أتصل في مسألة علم النفس الاجتماعي، أنا قرأت قبل مدة يعني Report)) جداً لطيف طبي واجتماعي في جامعة (لندن) يتكلم على استبداد الجماعة اللي هو (….. Group) اللي.. اللي معناه اعتقاد جماعة من الناس إنهم على صواب، وإن غيرهم على خطأ، وهو نفس الذي تطرق إليه الضيف، إنه هو إلغاء الآخر، وهم ينظرون دائماً للأشياء أبيض وأسود، ولا يوجد بينها أشياء رمادية، حقيقة أنا لكوني من المجتمع العربي، وبالتحديد من المجتمع البدوي، أنا أتذكر عم.. واحد من أعمامي كان عنده حب إلغاء الآخر، يعني.. خاصة في مسائل.. المسائل الاجتماعية في بين.. بين المجتمع وبين الأصدقاء وبين…، أتذكر له عبارة جميلة تختصر اللي أريد أقوله، يقول حنا البدو، حنا البدو ما لها بالعقل، فهذا هو دائماً عندنا هذا، إحنا روح البداوة هذه، روح الانغلاق في مجتمعاتنا مع.. مع الإحباطات الكبيرة، مع سوء التنمية وخاصة تقرير الأمم المتحدة، الذي قام به خبراء من الدول العربية، سنة 2000، بأنه إحنا أتعس.. أتعس.. أتعس الدول في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وهذه تشجع وتحفز العدوانية في مجتمعاتنا، يعني أنا يا أخي حقيقة لنا دروس كثيرة (…) إلغاء الآخر يا أخي، سواء كانت طائفياً أو عرقياً، وأتمنى طرح هذه المسألة يا أخي، لأنها صدقني هي أثرت أكثر في مجتمعاتنا، شوف يعني حتى كمصطلح جداً… يطبق على مجتمعاتنا، لأن مجتمعاتنا مجتمع الكراهية الصح، يعني دائماً يكره الآخر، يعني….. رجالاً ونساءً، يعني حتى النساء عندنا مع الأسف، كأنها تقتل الأنوثة في.. في داخلها، مع إن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يوصي برقة المرأة وجمال المرأة ويكفي بأن القرآن وصف الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالكتاب الكريم (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) وأية أخرى يصف بها الرسول (وَلَوْ كُنتَ فَظاًّ غَلِيظَ القَلْبِ لانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) حقيقة ها الخشونة.. الخشونة عندنا في مجتمعاتنا البدوية، لهذا..

ماهر عبد الله[مقاطعاً]: طيب أخ عبد الكريم النقطة.. نقطة جميلة، وإن شاء تسمع تعليق من الدكتور عليها، مشكور جداً على مداخلتك، نسمع من الأخ علي سيف من عُمان، أخ علي تفضل.

علي سيف: السلام عليكم.

ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.

د. ميسرة طاهر: وعليكم السلام.

علي سيف: يعني أشكركم على هذا البرنامج القيم، وأحييك يا أستاذ ماهر، وأحيي الضيف الكريم.

ماهر عبد الله: حياك الله.

علي سيف: حياكم الله، سؤالي من ابُتلي بمرض الوسواس القهري، كل ما يتعامل مع الناس يحس بأن الناس دايماً يسيئون له، ويظن.. ويظن فيهم الظن السيئ كيف ممكن؟ كيف ممكن مساعدة هذا الشخص المبتلي؟

ماهر عبد الله: مشكور جداً يا أخ على..

علي سيف: أشكرك، أشكرك.

ماهر عبد الله: نسمع من الأخ سعيد العبري من عمان أيضاً، أخ سعيد تفضل. أخ سعيد العبري تفضل.

سعيد العبري: أريد أسأل الدكتور ميسرة سؤال.

ماهر عبد الله: تفضل.

د. ميسرة طاهر: تفضل يا أخي.

سعيد العبري: أليس من الضروري إدخال مادة في التربية النفسية في المدارس؟ والسؤال الثاني: هل من الممكن إعادة صياغة علم النفس الحديث على أسس إسلامية؟ هذا وشكراً.

ماهر عبد الله: شكراً يا سيدي، طيب تعطينا يعني شوية إجابات مختصرة، بس حتى نكمل محاورنا.

د. ميسرة طاهر: حاضر.

ماهر عبد الله: إلغاء الآخر هذا له علاقة بما قلت أن تقبلني وأقبلك، وأن تقبلني كما أنا، لا كما تريدني أن أكون، تلمس إنه هذا المنحنى موجود في.. في مجتمعنا حتى استخدم الأخ، أصبحنا مجتمع كراهية؟

د. ميسرة طاهر: يعني بغض النظر عن المصطلحات التي تطلق علينا، لكن حتى نكون منصفين، حتى نكون منصفين، نحن.. نحن بأمسِّ الحاجة إلى التفكير بوسائل تساعد يعني أفراد المجتمع على اختلاف أعمالهم، من أجل قبول الآخر، وربما.. ربما أقول أن القضية بدايتها من البيت، حينما يقبل الأب ابنه كما هو، وحينما يقبل زوجته كما هي، وحينما تقبل زوجها كما هو، القبول أخي ماهر لا يعني الموافقة، النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما قبل عدي بن حاتم الطائي لا يعني أنه وافقه على نصرانيته، لكن القبول يعني بداية حوار، بداية علاقة، بداية تواصل، بداية اتصال، وبداية على أرضية فيها إيجابية إنه العقل البشري.. العقل البشري يتأثر بمحتويات النفس من مشاعر وعواطف، فأنا ينبغي حينما أفكر كإنسان واعي بقبول الآخر، بمحاولة الأخذ بيد الآخر إلى ما هو أفضل مما هو عليه، ينبغي أن أراعي هذه القواعد النفسية، أنا أبغي أعدل سلوك ولدي، لكني إذا رفضته، إذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يرفض.. يرفض منا سلوك الدعاء على أولادنا، والدعاء على أنفسنا، مرفوض هذا، لا تدعوا على أنفسكم، لا تدعوا على أولادكم، لأن الدعاء دلالته على الصعيد النفسي، رفض ماهر لميسرة حينما يدعو عليه، كيف يمكن أن أدعو على ولدي وفي نفس الوقت أريد منه أن يجلس أمامي لنتحاور؟ كيف؟ كيف يمكن أن أرفض ولدي وأريده أن يعدل؟ أبو الدرداء حينما يمر على مجموعة من الناس يدعون على أخٍ لهم، يقول لهم.. لا.. لا تدعو على أخيكم، لا تعينوا الشيطان عليه، فيقولون له السؤال المتعارف عندنا في العصر الحاضر، أفلا تبغضه؟ لأنه فعل سلوك لا يقبلونه، فربطوا بين السلوك وبين الشخص، بحيث إنه صار الشخص مبغوض، أفلا تبغضه؟ قال لا، إنما أبغض فعله، فإن تركه فهو أخي، في السيرة واقعة تشبه هذه الواقعة من حيث المدلول، أن النبي -عليه الصلاة والسلام- حينما رجع خالد من إحدى الغزوات وقد قام بقتل أولئك الذين قالوا صبأنا صبأنا، قصة طويلة لعل كثير من الإخوة المشاهدين والأخوات يعرفونها، حينما أُخبر النبي -عليه الصلاة والسلام- بما حصل رفع يديه للسماء وقال اللهم إني ابرأ إليك مما فعل خالد،لم يقل إنني أبرأ إليك من خالد، قبول الآخر مع.. مع قبول الخطأ وعدم الموافقة على الخطأ، فيه قضية ينبغي أن نتعلمها، هذه نقطة، النقطة…

ماهر عبد الله: اسمح لي.. قبل النقطة الثانية، بعض الإخوة ما بأعرف إذا الإخوة ينزلونَّا عنوان E-mail تبع الدكتور، بعض الإخوة بيسألوا عن طريقة للتواصل.. التواصل معك، فأظن إنه عندنا E-mail تبعه، وأعتقد إنه هيكون على الشاشة بعد قليل، .. يعني هذا E-mail الخاص بالدكتور ميسرة، لمن شاء ورغب بالاتصال به، كان سؤال الأخ علي سيف من عمان عن الوسواس القهري، شعوره بأن الناس.

د. ميسرة طاهر: يعني كونها حالة مرضية، طالما هو يقول هذا، ويبدو إنه هو راجع بعض الأطباء الذين شخصوها بهذه الطريقة، الحقيقة برنامجنا لا يستطيع أن يقدم يعني في هذه العجالة علاج لمثل هذه الحالات، الحالات عادة هي أصلاً يكون علاجها في العيادة الحقيقة.

ماهر عبد الله: لكن هي.. لكن بعيداً عن الحالة المرضية إنه في هذا الشعور الميال إلى سوء الظن بالكلام يعني عندما يقول الكلام حمَّال أوجُه، أنت تحدثت بمساء الخير بخمس طرق مختلفة، لعله الواحدة في.. في الوسط حمَّالة أوجه، وتعتمد على مزاجي في ذلك الوقت.

د. ميسرة طاهر: على النظارة اللي حاملها.. اللي لابسها.

ماهر عبد الله: في ها اللحظة دون أن تنتقل إلى الحالة المرضية التي لابد لها من عيادة، دور أحياناً المتلقي في أن يحسن الظن أو يسيء.

د. ميسرة طاهر: أنت.. أنت أخي ماهر، الآن يعني أمام الأوضاع التالية، أنت أمام حالة نمط تربوي يُولَّد عند بعض أفراده، كم نسبتهم الله أعلم، نوع من إساءة الظن بالآخر، وإساءة الظن بالآخر غالباً ما تكون مربوطة بضعف الثقة بالنفس، يعني لو فيه تجار اثنين عندهم سلعتين مين منهم اللي يخاف على سلعته؟ أنا واثق تماماً أنه التاجر صاحب السلعة التي يثق في سلعته من جودتها ما يخاف من منافسة الآخرين، لأنه يعرف إنه في نهاية المطاف سيكون لها زبائنها وستباع، وأيضاً صاحب المعتقد الذي يثق بمعتقده، مو يثق بمعتقده كما هو، وإنما يثق بفهمه لمعتقده، الذي يثق بفهمه لمعتقده، سيكون هادئ النفس، لا يعني هذا إنه هو يفرِّط بمعتقده، ويسمح للناس بالإهانة، لأ، حاشا وكلا، ولكن أقول هذا الخوف الزايد عن الحد من الآخر من إنه يعمل لي أو يسوي لي أو يفعل لي، أعتقد جازماً إن هذا الخوف في الحياة اليومية لا مبرر له أمام شخص تعلَّم أن يحسن الظن، لكن أين.. أين نتعلم حسن الظن؟ نتعلمه فين؟ في المؤسسات حقة التنشئة الاجتماعية الأولى، أول مؤسسة في البيت، حينما ينظر أبي إلي على أنني إنسان مقبول عنده، وحينما يرى تصرفاتي على محملها الجاد، على محملها الحسن، حينما لا يصدر حكماً على سلوكي إلا بعد أن يستفسر ويستوثق مني، بني أنت لِمَ فعلت هذا؟ كيف فعلت؟ ولِمَ فعلت؟ ربما أكون فعلت هذا الفعل الخاطئ بحسن نية، وكثير ما يخطئ الأطفال بحسن نية، لكن أن يفسر سلوك الأطفال منذ نعومة الأظفار على أنك تريد كذا، حتى الكذب، الكذب الآن عندنا نوع من الكذب نسميه الكذب التخيلي، موجود عند الأطفال في سنوات العمر الأولى، هم لا يقصدون الكذب، لأنهم لا يعرفوا مدلول الكذب الأخلاقي، إنما بحكم تكويناتهم العقلية الواقع والخيال عندهم سايحين على بعض كما يقول العوام، يعني متداخلين، فهو يتكلم عن الخيال، عن ما في ذهنه، ويتصور أنه موجود في.. في الطبيعة، قد يرى صورة لثعبان في دفتر العلوم لأخيه أو لأخته، بعدين يقول لأمه أنا رأيت الثعبان هناك تحت الترابيزة، أو عند الكنبة، هو لا يقصد أن يكذب، لكن يوم ما تقول له الأم يا كذاب، يا فيك، يا يخطيئك، يا صفتك يا نعتك، هنا نبدأ بدفع الطفل إلى.. إلى طريق آخر..

ماهر عبد الله: طيب يعني سؤال الأخ سعيد باختصار، هل تنصح بأن..؟

د. ميسرة طاهر: يراجع العيادة النفسية.

ماهر عبد الله: لأ سؤال الأخ سعيد كان عن.

د. ميسرة طاهر: آه سعيد العبري.

ماهر عبد الله: الدراسة النفسية في المناهج أن..

د. ميسرة طاهر: نعم أنا أوافق الأخ سعيد على هذا في الحقيقة، نحن بأمس الحاجة إلى يعني مادة التربية النفسية.

ماهر عبد الله: طيب كنا نتحدث سيدي عن مفاتيح العقلية.

د. ميسرة طاهر: مفاتيح العلم، تحدثنا عن مفتاح واحد.

ماهر عبد الله: تحدثت عن الرحمة واللين، وكنت على وشك الدخول في الكلام، مضمون الكلام، الأخ حسام صالح مهندس من مصر يسأل: تغيير المستوى الثقافي للكلام، فشكلاً حق على أترجم لك أنا فوري، ولأنه مبعوث السؤال بالإنجليزي، طبقاً لاحتياجات الطرح المستقبلي، هل هذا يمكن أن يحسن على نسبة 7% التي ذكرتها خصوصاً في منطقتنا؟ يعني قلت مضمون كلامك واضعاً في اعتبارك المستوى الثقافي للذين تتحدث؟

د. ميسرة طاهر: هو (أرسطو) له عبارة جميلة جداً الحقيقة، يستحسن أن نقولها في هذا الصدد، يقول فَكِّر باعتبارك رجلاً حكيماً، أو فَكِّر كما يفكر الحكيم، لكنك إذا تحدثت تحدث كإنسان عادي، ينبغي أن يكون كلامي مفهوم بطريقة لا لبس فيها للآخر، وهنا ندخل في طبيعة الكلام، لأنه الكلام أيضاً له كما تفضلت قبل قليل، ممكن يكون بعض الجمل حمَّالة، حمَّالة لأوجه، يوم اللي أنا أريد أن أصدر تعليمات محددة، لا ينبغي أن أستخدم مثل هذه اللغة العامة، ينبغي أن أستخدم لغة محددة الألفاظ، لا يفهم منها إلا فهم واحد، طبيعة الحال إذا كان الخطاب لإنسان عادي، ينبغي أن تكون كلماتي واضحة وبسيطة ومفهومة، بحيث أن هذا الإنسان العادي يستطيع أن يفهمها وفقاً لحصيلته اللغوية أو حصيلته الثقافية، وإذا كنت أتحدث أمام أساتذة جامعة فربما لغتي هذه تصل إلى مستوى تكون أعلى من اللغة التي خاطبت بها ذلك الإنسان.

ماهر عبد الله: طيب نسمع من.. الدفعة الأخيرة من المكالمات، نسمع من الأخ منصور منيب من بريطانيا، أخ منصور تفضل.

منصور منيب: آلو، السلام عليكم أستاذ ماهر.

ماهر عبد الله: عليكم السلام.

د. ميسرة طاهر: عليكم السلام ورحمة الله.

منصور منيب: وأيضاً ولضيفكم الكريم.

ماهر عبد الله: حياك الله.

منصور منيب: في الحقيقة الموضوع موضوع لطيف جداً الذي طرحتوه اليوم، القضية في الحقيقة اللي أنا أشوفها أنه قضية مهمة جداً، أنه حالياً نحن نرى أنه علماء الأمة وخطبائنا في الحقيقة، يركزون أنه نحن لا نحتاج إلا القرآن والسنة، فنراهم لا يعني يعطون أي أهمية لقضية الاتصالات، وكيفية أنه العلوم الثانية والعلوم النفسية فترى فيه خطباء وفيه خطباء هم في الحقيقة لا يوجد لديهم أي نوع من.. من..من كيفية الوصول للمعلومات الآخر، فخطبائنا في أيام الجمعة، وأيضاً علمائنا مع -الأسف الشديد- يبدو لا يوجد لديهم هذا العلم، هذا قضية.

ومن ناحية ثانية أيضاً: نحن دائماً نتكلم في موضوع الدعوة، وأنا يبدو لي أنه محتوى الدعوة، وما ندعو إليه نحن نأخذه من القرآن والسنة، أما كيف ندعو؟

وبأي شكل من الأشكال؟ هذا في الحقيقة نحتاج إلى الحكمة، ونحتاج إلى في الحقيقة قضايا علوم أخرى تساعدنا لكي نُوصِّل المعلومات إلى الآخرين، ويبدو أنه هذا غير موجود، نحن راكزين إنه أوقات الناس في الحقيقة يريدون.. يدعون لله -سبحانه وتعالى- يعرفون كثير من القرآن والسنة، أما أسلوبهم أسلوب في الحقيقة يعني لا يُوصِّل المفهوم أبداً. والآخرين يهربون من هذا. وشكراً…

ماهر عبد الله: أخ منصور نقطة جميلة جداً، نسمع من الأخ خالد الفهد من الكويت، أخ خالد تفضل، أخ خالد معانا، أخ خالد معانا؟ يبدو فقدنا الاتصال بالأخ خالد الفهد، سيدي تعلق على كلام الأخ منصور.

د. ميسرة طاهر: والله كلام الأخ منصور في منتهى الروعة الحقيقة، ولعله يلتقي أيضاً مع ما كنت أقوله عن الباب الثاني من أبواب العقل، وهو (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ) الحكمة كما تقول العرب هي وضع الشيء في موضعه، وضع الشيء في موضعه، ربما في لحظة من اللحظات قد تكون الكلمة كلمة الخطاب المباشر اللي فيها الحزم هي الحكمة، وقد تكون في موضع آخر الكلمة اللينة هي الحكمة، وقد تكون في موضع ثالث أن تعطي للشخص الآخر كتاب وقد.. هي الحكمة، وقد تهديه هدية لتحدثه هي الحكم، وقد تطعمه، وبعد أن تطعمه، المؤلفة قلوبهم هم أولئك الناس الذين كانوا يعطى لهم من مال بيت المسلمين، من أجل تهيئتهم كي يسمعوا هذا الدين، ويقتربوا منه، ويؤمنوا به، هذه كانت حكمة، من الحكمة أن تُترك ضالة الإبل كما كان الحكم في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وأبو بكر وعمر، ولكن الحكمة اقتضت أن يؤتى بضالة الإبل إلى بيت بلاد المسلمين في عهد عثمان، لأن الأمانة قلت قليلاً، الحكمة أخي الكريم كريمة عاملة شاملة يعني تتسع لكل هذه الأساليب اللي الأخ الكريم منصور تحدث عنها.

ماهر عبد الله: لهذا قصده بأنه مسألة حكمة وعلوم أخرى وقال إنه.

د. ميسرة طاهر: نعم.. نعم هي ليست الحكمة، أنا أقصد بالحكمة تلك العلوم الأخرى التي يمكن أن تساعدني على الوصول إليها.

ماهر عبد الله: يعني أنت تتفق معه فيما قال، أن المحتوى هو القرآن.

د. ميسرة طاهر: متفق معاه 100%، نعم القرآن.. القرآن هو القرآن، والدين هو الدين، لا نستطيع ولا ينبغي ولا ينبغي أن نفكر على الإطلاق بأي حال من الأحوال، تحت أي ظرف من الظروف إنه نفكر بغير هذا الدين، لأنه هذا.. هذا رسالتنا في الحياة، وهذه منة الله -عز وجل- علينا ولكن كيف نوصل هذا الدين للآخرين؟ هنا ينبغي أن نستعين بكل العلوم المتاحة في الوقت الحالي.

ماهر عبد الله: باعتقادك جزء من مؤهلات الدعاة والمرشدين والخطباء، هل تتضمن هذا النوع من الحكمة؟ أم أنها تقتصر على..

د. ميسرة طاهر: والله يا أخي ماهر لو كان لي من الأمر شيء لقلت أن هذه العلوم ينبغي أن تُدرَّس لكل الناس، وعلى الأخص أمثال هؤلاء، ولأنهم الحقيقة في مواضع ذات قيمة كبيرة، خطيب المسجد والداعي والإنسان الذي عليه سمات التدين، هو أحوج ما يكون إلى مثل هذه الوسائل، لأنها ستعينه على إيصال هذا الخير للناس.

ماهر عبد الله: طيب مفاتح أخرى، وإن كان الأخ عبد العظيم المراغي، يقول: أعتقد أنه نسبة تأثير الكلمة على المجتمع تترتب على هوامش كثيرة، منها سلوكيات وعلم ومظهر وأسلوب المتحدث، وفكر واعتقاد واستيعاب المخاطب، وأخيراً نسبة القبول والود المشترك بينهم.

طرق معرفة النجاح في عملية التواصل مع الآخر

د. ميسرة طاهر: لعله جزء مما قاله أيضاً يمكن أن نتفق معه به.

ماهر عبد الله: طيب كيف تعلم أنك نجحت أو لم تنجح فيها.. في عملية التواصل؟

د. ميسرة طاهر: ذكرها الأخ الكريم في.. في E-mail اللي يعني وصلك أخيراً، في الرسالة الأخيرة، واحداً من العلامات اللي تجعلني أشعر أنني قد نجحت إنك تقبلني، يقبلني الآخر، هذه أول واحدة، النقطة الثانية: إنه يبدأ حديث بيني وبينه في التواصل يعني على الأقل تفتح لي قلبك، تبدأ تطمئن إلىَّ، هذه علامة ثانية من العلامات، ثم رد الفعل الإيجابي منك نحوي، وهذه قضية أتمنى أن تتاح لنا الفرصة أن نقف عندها قليلاً، إحنا نتصور كما بدأنا يعني الحلقة الليلة، إني بمجرد ما أقول لك ما عندي قد انتهى دوري، لأ ردة فعلك على الرسالة اللي وصلتها لك مهمة جداً بالنسبة ليَّ، والمرونة التي أتمتع بها شرط آخر، بمعنى إذا كانت الرسالة اللي نقلتها يعني قبلني الآخر، حصل بيني وبينه تبادل للحديث، ثم بعد ذلك بدأت أحاول أني أوصل له رسالة معينة، إلا أن رد فعله كان سلبي، فالسؤال المطروح، هل دائماً رد الفعل السلبي ناتج أو سببه الآخر؟ أم يمكن أن أكون أنا سبب، يمكن أن تكون فظاظتي أو أخطائي أو.. أو.. أو.. من الأسباب الكثيرة، أحد أهم الدواعي لأنه يرد ردة الفعل السلبية، السؤال المطروح الآن: هل أقول هو ما فهم هو حرَّ؟ أنا اللي عليَّ سويته، هو حرَّ، أم أبدأ أراجع حساباتي، وأغير بأساليبي بحيث لا أمل لا أكل وأقول طالما أن الرسالة التي كنت أريد أن أوصلها لم تصل كما أتمنى إذن ما هي مسؤوليتي عن ذلك، قبل ما أرمي الحمل على .. على الآخر، لأنه لا أملك ماهر ، أنا أملك نفسي، فإذا كان ردة فعل أخي ماهر سلبية علي، أنا أملك نفسي في أني أغير، أعدل من طرائق تعاملي معه. إذا ما عدلت وغيرت، وعادت ردة فعل أخي ماهر إيجابية، أو أنها تحسنت، أقول نعم، هذه علامة على أنني قد نجحت في إيصال الرسالة.

ماهر عبد الله: جزء من ما ذكرت في كلامك عن الرحمة واللين في لقاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعدي بن حاتم، ذكرت أنه بدأ بالبحث عن أرضية مشتركة، كيف يمكن في حال المسائلة هذه؟ لماذا فشلت؟ لماذا؟ دون أن نلقي باللائمة على الطرف الآخر، كيف يمكن إيجاد أرضية مشتركة في عملية التواصل؟

د. ميسرة طاهر: أول.. أول جزئية من الأرضية -يا أستاذ ماهر- هي يعني على.. على الأقل.. على الأقل حركاتنا الجسدية، من غير اللائق إطلاقاً إنه أنا إذا أردت إني أصنع معاك نوع من الألفة إني أكون أنا جالس وأنت واقف، على سبيل المثال إني أنا أتحدث في موضوع وأنت تتحدث في موضوع آخر، إنك تتحدث في أمر ما، وأنا أنشغل عنك، ما أعيرك الاهتمام، الأرضية المشتركة تبدأ على الأقل بالتوافق الفيزيائي، بالتوافق العضوي والجسدي، يعني لأنه لما البدوي يقول يا محمد.. يا محمد -عليه الصلاة والسلام- كيف يرد عليه، هاؤم.. هاؤم، رد عليه بلهجته، ورد عليه بنفس نبرة الصوت، هذه بدايات، بدايات نوع من.. من التوافق بين المتحدث والمستمع، بعد ذلك ليس من الحكمة إني أبدأ مع أي شخص، أتحدث عن نقاط الخلاف الفكرية أو المنهجية أو الاعتقادية فلنبحث عن القضايا التي نشترك فيها، حتى يعني يسمح لي الآخر بأني أفتح عقله، وأوصل إليه ما عندي من رسالة، مندوب المبيعات إذا أراد أن يعقد صفقة مع شخص، أول ما يبحث عنه، أول ما يبحث عنه يسأل عن الشخص الذي يذهب إليه، أيش هي خصائصه؟ أقلها على سبيل المثال، إذا كان يهتم بكرة القدم مع أي فريق هو؟ فإذا حدثه يحدثه عن الفريق الذي يحبه، الناس -أخي الكريم- عادة لما تشغل واحد عندها، تشغل اللي فيه بينهم تشابهات، إذا أرادت أن تشتري، أنا وأنت إذا أردنا أن نشتري سلعة من عند أكثر من شخص، فنبحث عن الشخص اللي فيه بيننا وبينه قدر من التشابهات، فإذن حتى نقول أننا بدأنا الخطوة الأولى من التواصل، ينبغي أن أبحث عن نقاط التشابه بيني وبين الآخر في جوانب كثيرة إن أمكن..

ماهر عبد الله: طيب هذا الآخر عندي أقل من دقيقة ونصف، دور قبوله في عملية التواصل كم؟

د. ميسرة طاهر: القضية لا شك.. يعني يمكن أن نقول أن الآخر له دور، وأنا لي دور، برضو أرجع أقول نحن في ديننا القضية قائمة بالدرجة الأولى على موضوع الواجب، وليس على موضوع الحق، قد يكون من حقي أن يستمع إليَّ أخي ماهر، لكن من واجبي إني أفكر جدياً في كيف أجعل أخي ماهر يستمع إلي.

ماهر عبد الله: لأ، عِد لي هذا أن يكون دور منصباً على دور الواجب.

د. ميسرة طاهر: الآن.. الآن إحنا.. إحنا في الحياة اليومية عندنا فكرتين الناس تنطلق منها، فكرة المطالبة بالحقوق والقيام بالواجبات، كويس، حقي عندك بس أنا ما لي سلطان عليك، أنا سلطاني الوحيد على مين؟ على ذاتي.

ماهر عبد الله: على نفسي.

د. ميسرة طاهر: على نفسي، إذا كان سلطاني على ذاتي ونفسي، فإذن أنا ينبغي أنطلق من منطلق الواجب وبالتالي أكون ماهراً في طرائق التواصل معاه، فإذا كان الآخر رفض مني شيئاً، قد يكون هو يلعب دور، لكن الشيء المهم فين دوري حتى لو كانت نسبتي بـ 5% في هذا التواصل، وإن كنت أعتقد.. وإن كنت أعتقد أنه في الأغلب الأعم.. في الأغلب الأعم كل منا يملك قدراً كبيراً من النسبة في التواصل، بدليل.. بدليل أن كثير من الأنبياء نجحوا مع أعداد هائلة من الناس، لكنهم لم يحققوا ما يريدوا في بعض الأحيان مع أقرب الناس إليهم، لكن كم نسبة هؤلاء من المجموع العام؟

إذن فلننطلق من منطلق ماذا ينبغي أن أفعل؟ نتعلم أكثر وسائل التواصل والاتصال مع الناس، وكيف نؤثر في الناس؟ وكيف نكسب الناس؟ وكيف نحقق الألفة مع الناس؟ أعتقد بعد ذلك…..

ماهر عبد الله [مقاطعاً]: طيب دكتور ميسرة شكراً جزيلاً لك، وشكراً جزيلاً لكم أنتم أيضاً، إلى أن نلقاكم الأسبوع القادم، تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله وتعالى وبركاته.

المصدر: الجزيرة