أثر الشعائر الإسلامية في توحيد الأمة
مقدم الحلقة: | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة: | د. يوسف القرضاوي: مفكر وداعية إسلامي |
تاريخ الحلقة: | 08/12/2002 |
– كيفية الحفاظ على المشاعر الروحانية لشهر رمضان في حياة الفرد المسلم
– دور الشعائر في توحيد الأمة
– أسباب عدم انعكاس الشعور بالوحدة على الصعيد السياسي للأمة
– العوامل الداخلية لتفرقة الأمة وكيفية تلافيها
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
نبدأها بأن نهنئكم بالعيد وكل عام وأنتم بخير، ونرجو الله -سبحانه وتعالى- أن يتقبل منا ومنكم الطاعات وصالح الأعمال، هذه الأيام المباركة تتلو شهراً عظيماً نلاحظ فيه كلنا اختلافاً في أنفسنا، اختلافاً في الأغلب يكون نحو الأحسن، التحدي الذي يقف أمامنا اليوم هو كيف نُديم هذه المشاعر الروحانية التي تحل علينا في هذا الشهر الفضيل وفي الأيام المباركة التي تليه، ثم هناك -وهذا موضوع حلقتنا لهذا اليوم- التحدي الآخر: كيف نحول هذه الروح الشخصية العبادية التي تتقمصنا كأفراد إلى روح جماعية تنتفع بها الأمة من حيث هي أمة.
دون كثير الكلام اسمحوا لي أن أرحب باسمكم بفضيلة العلامة الدكتور القرضاوي، وأعتقد قبل أن ندخل في حوارنا يعني لعلك ترغب في توجيه تهنئة بهذه المناسبة يا سيدي.
د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً، (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ).
أيها الإخوة والأخوات أنتهز هذه الفرصة.. فرصة هذه الأيام المباركة لأتقدم بخالص التهنئة إلى إخوتي وأخواتي المسلمين والمسلمات في مشارق الأرض ومغاربها بهذا العيد.. عيد الفطر المبارك الذي أسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعله عيد خير وبركة ويمن على أمتنا الكبرى من المحيط إلى المحيط، وأن يعيد أمثال هذا العيد عليها بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما يحب ويرضى، وأن يهيئ لها النصر على عدو الله وعدوها وأن يرد كيدهم في نحورهم ويعيد سهامهم المسمومة إلى صدورهم وأن يكشف الغمة عن هذه الأمة ويجعل لها من عسرها يسرا ومن ضيقها فرجاً، ومن مأزقها مخرجاً.
لي كلمتان قبل أن ندخل في حوارنا:
الكلمة الأولى: أننا منذ زمن بعيد ونحن قلما يأتي علينا عيد نفرح فيه الفرحة الكبرى، نحس فيه بالفرحة كما ينبغي، بكل في كل عيد نشعر بآلام تحيط بنا وبمشاعر تكوينا من الداخل لما يحيق بالإسلام والمسلمين وما يحيط بهم من هموم ومآسي في شتى أنحاء الأرض، حتى إن أحد الشعراء -رحمة الله- محمود غنيم قال في أحد.. في إحدى قصائده في عيد من الأعياد.
قالوا عجبنا مال شعرك باكياً
في العيد ما هذا بشعر معيد
ما حيلة العصفور قصوا ريشه
ورموه في قفص وقالوا غردِ
مثل هذا العصفور المهيض الجناح، المقصوص الريش، إذا وضع في القفص لا يستطيع أن يغرد، بل لابد أن ينوح، هذه واحدة.
والأمر الثاني: سمعت من الفقيه الكبير الشيخ مصطفى الزرقا -رحمه الله- يقول: كان من قبلنا يدعون الله فيقولون: اللهم حول حالنا إلى أحسن حال، ونحن نستحي أن ندعو الله ونقول: اللهم حول حالنا إلى أحسن حال.
لأنه ليس مما يليق بسنن الله أن يتحول الإنسان فجأة من أسوأ حال إلى أحسن حال، ولكن نقول: اللهم حول حالنا إلى حالٍ أحسن، نحن ندعو الله أن يحول حال المسلمين إلى حالٍ أحسن مما هم فيه الآن وأن يعينهم على تغيير ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم وأن يعينهم على أن ينتصروا على أنفسهم حتى يستطيعوا الانتصار على عدوهم. اللهم آمين.
ماهر عبد الله: طيب جزاك الله خير.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: للمشاركة معنا في هذه الحلقة بإمكانكم أن تفعلوا ذلك على رقم الهاتف 4888873 أو على رقم الفاكس: 4890865
أو على الصفحة الرئيسية (للجزيرة نت) على العنوان التالي: www.aljazeera.net
سيدي هذه المشاعر التي تحدثت عنها سننتقل لاحقاً إلى الحال السيئ والحال الأحسن، لو ابتدأنا على.. على الصعيد الشخصي كيف يمكن أن نعين أنفسنا على أن نحافظ ونحتفظ بهذه المشاعر التي نلمس أثرها في.. في حياتنا الشخصية؟ حتى لا نخرج من هذه.. من هذا الموسم الروحاني، ما هي أسلم طريق لنبقى أقرب إلى الله سبحانه وتعالى؟
كيفية الحفاظ على المشاعر الروحانية لشهر رمضان في حياة الفرد المسلم
د. يوسف القرضاوي: هو من غير شك الإسلام يعني نفسه شرع الأهداف وشرع الوسائل التي تحقق هذه الأهداف، الهدف أن يعيش الإنسان ربانياً بمعنى أن يكون مع الرب -سبحانه وتعالى- سواءٌ ربانية المصدر والمنهج أو ربانية الغاية والوجهة كما يقول الله تعالى (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ) أن يستعلي الإنسان على التراب ليلتصق بعنصر الروح، نحن نعرف إن الإنسان مكون من عنصرين عنصر أرضي وعنصر سماوي، أو عنصر مادي وعنصر روحي، وخلق من طين أو من تراب أو من صلصال من حمأ مسنون هذا كله العنصر الأرضي، فيه عنصر آخر يشير إليه قوله تعالى (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) الإنسان مهمته أن يجاهد ليغلِّب العنصر الروحي والعنصر السماوي على العنصر الطيني والعنصر الأرضي، فخلقة الإنسان المزدوجة هذه تجعله إنه ليس كما خُلِق الأنعام مثلاً العنصر الأرضي ما فيه غيره، أو الملائكة العنصر السماوي مافيش عندهم صراع بين القوى المتناقضة والمتنازعة إنما ربنا خلق الإنسان نوعاً خاصاً مستقلاً ليحقق استعلاءه وانتصاره بنفسه، يعني عن.. عن طريق الإرادة فهو مخلوق مريد مختار، أُعطي العقل وأعطي الإرادة وأعطي القدرات التي ينفذ بها ثم كُمِّل هذا بأن بعث له الرسل وأنزل عليه الكتب ليستطيع أن يحرر نفسه من العبودية لغير الله، ليكون عبداً لله وحده، فيتحرر من العبودية للذات أو للهوى أو للأشخاص أو للأشياء أو لأي.. لأي.. أو للبشر أو للحجر ويكون عبداً لله، وإذا كان عبدا لله فهو.. فهذه هي منتهى الحرية.
هذا هو الهدف الذي من أجله خلق الله الإنسان ومن أجله أنزل الله الكتب، ومن أجله بعث الله الرسل، ومن أجله قامت سوق الجنة و.. والنار، كيف نحقق هذا الهدف؟ ربنا هيَّأ لنا وسائل لترتقي بالإنسان أو لتعين الإنسان على الارتقاء، فليس هذا أمراً سهلاً إنك تتغلب على طينيتك وهي جزء من كيانك لو.. ليس بالأمر السهل، فمن أجل هذا كانت العبادات الإسلامية كل منها يقوم بدوره في صقل الإنسان وفي تهيئته للخلود حتى لا يعيش يعني لهذه الدنيا وحدها، لأنه من أخطر الأشياء أن يظن الإنسان أنه خلق لهذه الدنيا وإنه لا.. ليس هناك غيرها، لأ، دا هذه الدنيا ممر لدار مقر، يعني كما كان يقول عمر بن عبد العزيز: "إنكم خلقتم للأبد وإنما تنقلون من دارٍ إلى دار" أنت مش مخلوق لهذه أنت بس عابر سبيل، فلابد أن يعيش الإنسان في الدنيا يعني بروح الغريب، "كن في الدنيا كأنك غريب أو.. أو عابر يعني … سبيل"، وليس معنى هذا إنه يهمل الدنيا، لأنه حتى وإن كان غريب أو عابر سبيل أو يعني مسافر يجب يهيئ يعني عيشته في هذه الفترة التي سيعيشها في.. في هذه الدنيا، فتقوم العبادة بشحن البطارية الربانية والروحانية كلما فرغت أو أوشكت على الفراغ.
ويأتي شهر رمضان يعني بالذات يعني ليملأ هذه البطارية أو يعبئها أو.. أو.. أو يشحنها لتستمر مع الإنسان في مسيرته خلال أحد عشر شهراً، فعندما يأتي رمضان بيكون البطارية فرغت أو أوشكت فيعني يملأها عن طريق الصيام.. صيام النهار، عن طريق قيام الليل، عن طريق تلاوة القرآن، عن طريق الذكر والتسبيح، عن طريق الصدقات وفعل الخيرات وتفطير الصائمين، عن طريق التواصل و.. وكذا، ولذلك بيقوم شهر رمضان بجانب روحاني وجانب اجتماعي أيضاً، يعني فهو يعبئ الإنسان ويملأ بطاريته الروحية، وأيضاً يعين الإنسان على التواصل الاجتماعي، فتجد الأسرة المسلمة أقرب ما تتواصل في رمضان لأنها مضطر إنها تفطر معاً وتتسحر معاً، كثيراً ما لا يتهيأ للناس مثل هذا. إنما لابد ساعة المغرب يكونوا موجودين مع بعض وساعة السحور يكونوا موجودين مع بعض، فهذا بيقرب.. بيعمل وحدة داخل الأسرة، ويعمل تقريب بين الأقارب بعضهم وبعض، يعني يعزم بعضهم بعضاً، ويصل بعضهم بعضاً، وبين المسلمين بعضهم وبعض، لأن من ضمن حِكَم الصيام إنه أن يشعر الغني بألم الفقير، وأن يحس الشبعان بمرارة الجوع عند الجائع، لأن الذي يولد وفي فمه معلقة من ذهب -كما يقولون- ربما يظن إن الناس كلها يعني شبعانين مثله، فيقوم ربنا يفرض عليه الجوع إجبارياً، يعني تجويع إجباري للأمة كلها ليحس بعضها ببعض، ويشعر بعضها بألم بعض، كما رُوي عن سيدنا يوسف إنه كان إذا أكل لا يشبع، فقال له بعض أصحابه: مالك لا تشبع وبيدك خزائن الأرض؟ ربنا ملَكَكْ خزائن الأرض، فقال لهم: "أخشى إذا شبعت أن أنسى جوع الفقراء". فمعناها إن الإنسان ينبغي أن يجوع حتى يحس بألم الجائعين، فربنا فرض الصيام والصيام الإسلامي مخالف لكثير من..، فيه أنواع من الصيام عند أمم لا يجوع فيها الإنسان إنما يمتنع مثلاً عن شيء معين، عن ذي روح عن كذا، إنما الإسلام يفرض على الإنسان أن يمتنع عن الشهوات، شهوة البطن، وشهوة الفرج من تَبيُّنِ الفجر إلى غروب الشمس، وقد يكون هذا النهار قصيراً وقد يكون طويلاً عليه أن يصبر ويدع هذا لله، كما جاء في الحديث القدسي: "الصيام لي وأنا أجزي به يدع طعامه من أجلي ويدع شرابه من أجلي، ويدع شهوته من أجلي ويدع زوجته من أجلي فالصيام لي وأنا أجزي به"
فالصيام يقوم بتعبئة روحانية ويقوم بتعبئة اجتماعية بحيث يقرب المجتمع بعضه من بعض، ولذلك حتى ترى كثيراً من المسلمين يخرجون زكواتهم في شهر رمضان المبارك إحساساً بأن الفقراء ينبغي أن نبعث إليهم بما يحتاجون إليه، فإذا جاء العيد جاءت زكاة أخرى يعني زكاة على الرؤوس وليست على الأموال وهي زكاة الفطر، وهي ليست على من يملك النصاب كزكاة المال، بل هذه الزكاة على من يملك مقدارها فاضلاً عن قوت يوم العيد وليلته، يعني ده بيكون المسلم من الذين ينفقون في السراء والضراء، فهو في حال الضراء ومع هذا عليه أن يدفع الزكاة ولا مانع إنه يدفع الزكاة لغيره وهو يستحق الزكاة من غيره، فلذلك جاء فقال: "أما غنيكم فيزكيه الله تعالى، وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطى" وهذا ليشعر الجميع بفرحة العيد، حتى لا يكون العيد عيد الموسرين ويكون نكبة على المعسرين، يعني يبقى العيد ده هيكون مصيبة عليهم، لأنه يروا الآخرين يتمتعون، يأكلون ما لذ وطاب من الطعام والشراب وهم محرومون، لأ أراد الله في كلا العيدين عيد الفطر فرض زكاة الفطر، وفي عيد الأضحى شرع الأضحية، لتعم الفرحة الجميع واجدين ومحرومين، موسرين ومعسرين حتى قال: "أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم" يعني لا ينبغي إنك تحمل الفقير إن هو يطوف ويجي يسألك إذا كان.. لأ أنت اللي تطوف عليه وتروح له توصلها، أنت مطلوب منك إنك توصلها ليه.. إليه وتغنيه عن.. عن السؤال، هذا إشعار بوحدة الأمة أغنيائها وفقرائها، أقويائها وضعفائها كلهم كتلة واحدة ومشاعر واحدة.
وليس هناك غني يستعلي على.. على فقير أو قوي يسحق الضعيف ويدوسه بقدميه، لأ، إنما هي أمة واحدة يعني.. يعني يأخذ الغني بيد الفقير ويعطف القوي على الضعيف، وهكذا علمنا الإسلام.
ماهر عبد الله: يعني كونك تتحدث عن.. عن الأمة في.. في الجزء الأخير، وأعتقد إن الإسلام حريص على الأمة نفس حرصه على.. على الفرد يعني في الأخير، صحيح المسؤولية فردية أمام الله يوم القيامة، ولكن ثمة جوانب أخرى يعني نشعر فيها بازدواجية غريبة، هناك تعاطف، هناك تواصل، هناك صلة رحم خصوصاً في.. في هذه الأيام، لكن على صعيد الإدارة العامة للأمة على الصعيد السياسي للأمة لا نلمس أي تغير، على صعيد المجتمع الضيق مع الأقارب، مع الجيران ثمة هذا الحرص الذي نلمسه عند الجميع تقريباً، لماذا لا ينتقل هذا إلى الأمة من حيث هي أمة من حيث هي دولة أو.. أو مجموعة دول؟
د.يوسف القرضاوي: هذا … الواجب هو أن يكون هكذا، لأن الإسلام بيحرص على أمرين أساسيين:
الأمر الأول: يعني توحيد المعبود، توحيد الله سبحانه وتعالى.
الأمر الثاني: توحيد العابدين، يعني فبعد توحيد المعبود يجب أن يتوحد العابدون، بعضهم بيعبر عنه بكلمة التوحيد وتوحيد الكلمة.
[موجز الأخبار]
دور الشعائر في توحيد الأمة
ماهر عبد الله: سيدي، قبل الموجز سألتك عن لماذا لا تنتقل هذه الروح التي نلمس تغيرها فينا إلى الأمة من حيث هي أمة، خصوصاً في.. في شكلها السياسي وشكلها كدولة؟
د.يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم.
قلت إن الإسلام حريص كل الحرص على التوحيد بدءاً من توحيد الخالق المعبود عز وجل، وانتهاءً بتوحيد الأمة العابدة لله تبارك وتعالى، فالقرآن حريص على وحدة الأمة حرصه على وحدة المعبود، وينشئ الوسائل والآليات المختلفة لتحقيق هذه الوحدة، ويعتبر الوحدة بين المسلمين يعني جزءاً من الإيمان، لأن القرآن يقول: (إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) يعني لا يتحقق الإيمان إلا بالأخوَّة، "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ)، يعني أسباب النزول تُبين أن معنى (يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ) أي يردوكم بعد وحدتكم متفرقين، وبعد أُخوَّتكم متعادين، فعبر عن الوحدة بالإيمان، وعبر عن التفرق بالكفر، فمن هذا ما يدل على إن هذا أمر في غاية الأهمية، ولذلك النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتبر أي عمل يفرق الأمة هو من شأن الكفار وليس من شأن المؤمنين، ويقول في حجة الوداع للمسلمين: "لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض" اعتبر هذا من عمل الجاهلية ومن عمل الكفار أن يضرب الناس بعضهم رقاب بعض، ويقول: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" ويفرض القرآن إعادة الوحدة ولو بقوة السلاح (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ المُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ (9) إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ). فهذا شأن الإسلام، والإسلام يعني اتخذ من الشعائر الإسلامية وسيلة لتقوية هذه الوحدة وتثبيت هذه الوحدة وتمتينها و.. وتوثيقها، كل شعيرة من الشعائر تقوم بدور.
الصلاة نفسها وخصوصاً صلاة الجماعة، يعني لماذا يعني حثَّ النبي -عليه الصلاة والسلام- على صلاة الجماعة، وهمَّ أن يحرق على قوم بيوتهم، لأنهم يتخلفون عن الجماعة، لأن الجماعة تربط بين أهل الحي الواحد في الصلاة خمس مرات، وتربط بين أهل القرية وبتاع في.. في صلاة الجمعة، وفي العيد تربط بين أهل البلد في المصلى العام، كل هذا تقوم به الصلاة.
الصيام كما قلنا يوحد الناس، ينبغي أن يعني في وقت معين يصوم الجميع وحدة، ما.. إذا أذن الفجر خلاص يعني انفطم الجميع عن الطعام والشراب، عند الآذان عجِّلوا بالفطر، حتى ما يصحش الواحد يقول: طيب أتأخر شوية لأ، التعجيل بالفطر يعني سنة "ولا يزال الناس بخير ما عجَّلوا الفطر"، فهذه كلها لتوحيد الأمة.
الزكاة يعني أيضاً توحيد بين الأغنياء والفقراء حتى لا يحقد الفقير على الغني، وحتى يتحاب الناس بعضهم وبعض.
والحج أيضاً هو نوع من التوحيد، لأنه بيجمع الشعوب المختلفة، الألوان المختلفة، العروق المختلفة، الطبقات المتفاوتة، كل هؤلاء يجمعهم في صعيد واحد، وشعارهم واحد، ونداؤهم واحد، حداؤهم واحد: لبيك اللهم لبيك، لباسهم واحد، تجردوا عن الأزياء التي تفرق عادةً بين الناس بعضهم وبعض، هناك كل بلد لها لباس خاص، ساعات كل طائفة لها لباس، زي ما أنا لابس كده لباس المشايخ، وأنت لابس لباس الأفندية، لأ، في الحج بقى بنخلع هذا ونلبس لباساً واحد، بحيث لا.. لا يكاد يتميز أحد عن أحد، كل هذا صهر للأمة في بوتقة الوحدة.
فالشعائر الإسلامية كل شعيرة منها تقوم بدور في التقريب بين الأمة بعضها وبعض، توحيد الأمة بعضها وبعض في شهر رمضان هذا، الصلوات هذه تقوم بتوحيد، إحنا في كل ليلة في شهر رمضان في.. في دعاء القنوت ندعو لإخواننا في فلسطين في المسجد الأقصى في أرض الإسراء والمعراج، لإخواننا في الشيشان، لإخواننا في كشمير، لإخواننا في أفغانستان، لإخواننا في العراق، لإخواننا في.. في الفلبين، لإخواننا في الصومال، هذا.. هذا كله معناه إن بيعبئ مشاعر الأمة حول الوحدة الإسلامية، بحيث لا يعيش الناس في حدود يعني دائرتهم الخاصة، أنا في قطر ما اهتمش إلا بأهل قطر، لأ أنا في قطر، ولكن بأدعو للمسلمين في أنحاء العالم، وحينما تنزل نازلة بأي طرف من أطراف الأمة يجب أن تتجاوب الأمة كلها.. كلها معها، الناس في المسجد الحرام، أما 2 مليون في ليلة 27 رمضان يصلوا في.. في الحرمين، ويدعون لإخوانهم في كل مكان، هذا كله هو نوع من تعبئة مشاعر الوحدة، فهذا.. كل ما في الأمر إن إحنا ليس عندنا يعني قيادة سياسية واحدة تستغل هذه المشاعر وتعبئها في.. وتجسدها في شكل عملي أو في صورة عملية، لا.. لا يوجد هذا، بتتعبأ هذا في شكل أعمال خيرية، يعني.. يعني نبعث بها إلى إخواننا، وإن كان دلوقتي أيضاً حتى العمل الخيري أصبح يعني مصنَّف كأنه من أسلحة الإرهاب، وأصبح يحارب العمل الخيري، لأن العمل الخيري هو في الحقيقة بيربط الأمة اجتماعياً، إذا كانت الأمة ممزقة سياسياً، هي مربطة اجتماعياً عن طريق الجمعيات الخيرية والإغاثية والإنسانية، بتحاول الناس اللي بيكفلوا الأيتام في البوسنة والهرسك وكوسوفو وأفغانستان والصومال، معناها إنه مشاعر الأمة يعني بتتجسد في أعمال اجتماعية نافعة، وهذا ما يقلق الآخرين، فلذلك اعتبروا العمل الإسلامي في مظنة الإرهاب الذي يجب أن يحارب، لأنهم عايزين يمزقوا الأمة اجتماعياً أيضاً.
فأنا أقول إنه يعني إن كنا لا نستفيد سياسياً من هذا يعني كما ينبغي، إنما على الأقل نستفيد منه اجتماعياً، ونستفيد منه شعورياً، ونستفيد تحضير الأمة.. تحضيرها لهذه الوحدة، وأنها تعي هذه الحقيقة أنها أمة واحدة، كما قال الله تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ)، (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ)، فكأنه لا تتم العبادة، ولا تتم التقوى إلا بوحدة الأمة.
أسباب عدم انعكاس الشعور بالوحدة على الصعيد السياسي للأمة
ماهر عبد الله: يعني خلينا في.. في نفس الموضوع في هذه الازدواجية، يعني هذا الشعور اللي تحدثت عنه.. الشعور بالتوحد على الصعيد الداخلي، لو ركزنا قليلاً على.. على الجانب السياسي، حتى زعماء هذه الأمة يتبادلون التهاني فيما بينهم على الصعيد الشخصي نلمس أو يلمس الذين يتصلون بهم حتى تغير في نفسيتهم في هذه الفترة ما.. ما يمس الناس العاديين، لماذا يتبادلون التهاني؟ لماذا يستشعرون أهمية هذا الموسم مثلنا؟ ثم لا يعكسون هذا على.. يعني فيه سقف اجتماعي فقط.. يعني ما.. ما.. ما تفضلت به، وما نلمسه كله يكاد يكون محصور في الجانب الأخلاقي أو المرتبط بالعبادة من حيث هي فعل ديني صرف؟ لماذا لا نستطيع أن نتجاوز حتى حركات الإحياء الإسلامي أحيت كثيراً من الفقه، أحيت كثيراً من السنن، القضية السياسية مازالت مغيَّبة، القضية السياسية بمعناها الشرعي الإسلامي، هل هناك أسباب واضحة لماذا..؟ هذا الوضوح الذي نلمسه في العمل الخيري في الفقه.. في التجديد الذي.. الذي وقع عبر القرن الماضي؟
لماذا لم يصل بعد إلى نخبتنا السياسية باعتقادك؟
د.يوسف القرضاوي: هو طبعاً يعني هذا الأمر نتيجة عمل مضاد استمر مدة يعني طويلة، القوى المعادية للإسلام يعني طبعاً كان عندها وعي كامل بخطر الوحدة الإسلامية، وأرادت أنها تمزق هذه الأمة، لأن الإسلام يعني الوحدة مش بس يعني جعلها كلام. لأ، ده أحاطها بسياج من الأحكام الفاعلة والإيجابية والمؤثرة، هناك وحدة المرجعية الإسلامية، وحدة مرجعية الشريعة لهذه الأمة، الأمة كلها شريعتها يعني قانونها مستمد من الكتاب والسنة والشريعة الإسلامية، فوحدة المرجعية.
وبعدين هناك وحدة الدار، يعني المسلمون يعني كلهم في دار الإسلام، حتى الفقهاء ما سموهاش ديار الإسلام، لأ، مهما اختلفت الديار والأوطان كلها اسمها دار الإسلام، فأي وطن من الأوطان هو جزء من دار الإسلام.
وبعدين الأمر الثالث هو وحدة القيادة، إنه جعل هناك قيادة سياسية تقود الأمة.
الخلافة التي عرَّفها الفقهاء بأنها نيابة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حراسة الدين وسياسة الدنيا به، فهذه.. هذه الأمور الثلاثة تجسد وحدة الأمة، لما المسلمين حافظوا على هذا ظلوا أقوياء، صحيح تضعف الخلافة أحياناً وتقوى أحياناً، تستقيم أحياناً وتنحرف أحياناً، ولكن ظلت على إن مرجعيتها هي الإسلام، وإن دارها هي الإسلام إلى أن تآمر المتآمرون عليها، ومنهم الصهيونية العالمية، وقضوا على الخلافة في القرن العشرين في سنة 1924 كما هو معروف، فانتهت القيادة السياسية.. وحدة القيادة، وظل المسلمون دولاً قُطْرية تقوم على أساس قومي أو أساس وطني أو أساس كذا، ولكن الوحدة التي كانت تضم هذه الأمة، ومضى عليها العصر النبوي والعصر الراشدي، والعصر الأموي، والعصر العباسي الأول والثاني، وعصر العثمانيين، كل هذا يعني انتهى إلى أن مُزقت الأمة، وأصبح هناك طائفة تعارض هذا، يعني لا شك إن النخب في بلادنا الإسلامية كثير من النخب التي صنعها يعني الاستعمار على عينه، يعني معناها أيه؟ إنه فتح لهم مدارس يعني خاصة في بلادنا ينتمون إليها، مدارس تتبع التبشير والكذا، وبعدين يريد أن يزيد إنضاجهم، ويكمل يعني تربيتهم، فيبعثهم إلى بلاده، حتى التعليم في.. المدني الوطني في بلادنا، كان في وقت من الأوقات هو.. هو اللي بيشرف عليه، ويضع مناهجه وفلسفته وأهدافه وهكذا، فعن طريق هذا صنع نُخباً تعيش في الوطن الإسلامي، ولكنها تتبنى غير هوية الأمة، تتبنى هوية أخرى، تتجه إلى قبلة أخرى غير مكة والمدينة، تسير وراء زعيم غير محمد رسول الله.
ماهر عبد الله: صلى الله عليه وسلم.
د.يوسف القرضاوي: تتخذ غير القرآن مرجعاً، يعني وهكذا.
ماهر عبد الله: طيب إحنا يعني بلا شك هناك كثير يقال في هذا الجانب.
[فاصل إعلاني]
العوامل الداخلية لتفرقة الأمة وكيفية تلافيها
ماهر عبد الله: سيدي، عندي سؤال الحقيقة من الحلقة الماضية في.. في هذا الإطار، وسنعود للجانب السياسي، وكان السؤال يعني موجه لك تحديداً، ولهذا لم نثره في.. في الحلقة الماضية، يقول الأخ أسامة منصور مراد.. من أسبانيا: طالعتنا إحدى المحطات الفضائية على نقاش بين علماء من الشيعة والسنة في محاولة لمعرفة نقاط الالتقاء والاختلاف، وليتهم ما فعلوا ذلك، بدلاً من التقريب زادت الهوة بين المتناظرين، فنرجو من فضيلة الشيخ القرضاوي أن تبين لنا خطورة هذا الأمر، وسلبياته وإيجابياته على المجتمع الإسلامي الذي نرجو له أن يتوحد.
يعني كانت الفكرة هي محاولة الوصول إلى.. وأنا للأسف الشديد لم أرَ البرنامج، ولكن ردة فعل الكثير من الإخوة الذين يعني طلبوا منا أن.. أن نعلق على هذا الموضوع، وهذه عينة منها، النقاش بهذه الطريقة هل هو مُجدٍ أو.. أو لم تسمع أصلاً بقصة ما جرى من هذا الحوار؟
د.يوسف القرضاوي: أنا أيضاً لم أتابع هذا الأمر، ولكن سمعت عنه، ولكني أنا أريد أن أقول نحن في هذه المرحلة التي نواجه فيها أخطاراً ماحقة تريد أن تقتلع الأمة من جذورها، وأن لا تبقي لها من باقية، وتريد أن تغير كل شيء فيها، تريد أن تغير تعليمها، وتريد أن تغير إعلامها، وتريد أن تغير أصولها، وتريد أن تغير هويتها، لا.. لا يجوز لنا أن يعني نثير أسباباً من شأنها أن تمزق الأمة، نحن في حاجة إلى أن نُجمِّع كل القوى، أنا من.. من عدة سنين وأنا أدعو إلى تجميع كل قوى الأمة، يعني أنا يعني بادرت -مع المبادرين- بالترحيب بالمؤتمر القومي الإسلامي، الذي ضم إسلاميين وقوميين، وكان القوميون والإسلاميون في عدة عقود بينهم صراع طويل ولا يلتقون، وبعدين وجد إن هناك قواسم مشتركة.. مشتركة، خصوصاً أمام العدو الصهيوني الذي يريد أن يبتلع الأمة، ويريد أن يطبِّع العلاقات، ويريد أن يأكلنا في بطنه، فوجدنا هناك قواسم مشتركة، فأنا كنت مع اللجنة التي وضعت الورقة الإسلامية، وبعض الإخوة وضعوا الورقة القومية، والتقينا في بيروت، وأقمنا هذا المؤتمر، وأصبح منظمة لها أهدافها، ولها لقاءاتها، ولها إنجازاتها، التقينا في بيروت تحت عنوان "مسلمون ومسيحيون معاً من أجل القدس" لأن القوى الصهيونية والقوى الأميركية والعدوانية تريد أن تستغل إخواننا المسيحيين الأقليات في.. في البلاد العربية لتتخذ منهم رأس حربة، وتتخذ منهم.. و.. و، لذلك ينبغي إن إحنا نحتضن هؤلاء ويحتضنونا، ونكون يعني صفاً واحداً، لا نتيح الفرصة لازم، فإحنا نريد أن نجمِّع كل القوى إذا.. مع اختلاف الدين، مسلم ومسيحي، مع اختلاف الاتجاه القومي و.. و.. وإسلامي، مع اختلاف العرق عربي وكردي، أو عربي و.. و.. وبربري، مع اختلاف الاتجاه الديني سلفي وصوفي، أو كذا، أو مع الاختلاف المذهبي، سني و.. وشيعي، يعني إذا كنا بنقول مسلمون ومسيحيون معاً، لماذا لا نكون سنيون و.. و.. وشيعيون معاً، نحن أمام خطر يريد أن يقضي علينا جميعاً ويحطمنا جميعاً، فليس هناك حكمة إطلاقاً أراها ولا مصلحة في يعني إيقاظ هذه الفتنة النائمة، كانوا قديماً يقولون "الفتنة نائمة لعن الله" ما.. ما.. من أيقظها، فأنا ينبغي أن ندعو لتجميع كل قوى الأمة، وحسبنا إن كل من يقول "لا إله إلا الله محمد رسول الله" يعني نلتقي معه، ونرفع معاً الراية ضد عدونا، إنما إننا نثير هذه الأشياء، ومناظرات ومهاترات و.. لا.. لأ ليس هذا من مصلحة الأمة في شيء، هذا يعني.. يعني عمل هدَّام في.. في.. في الحقيقة.
ماهر عبد الله: ولكن يعني للإنصاف يعني، الذين اتصلوا محتجين أكثر من الذين اتصلوا مؤيدين، لكن بعض الذين أيدوا قالوا أنه في هذا الجو الامتحاني والإبتلائي الذي تعيشه الأمة، قد يكون من الأنسب أن تعرف الأمة كل ما فيها، يعني بدل الطبطبة على الظهور والتربيت على الأكتاف ونحن نختلف ونعلم أننا نختلف، لماذا لا يظهر كل هذا الدخن إلى العلن لتقصير تخلص الأمة من بعض هذه..؟
د.يوسف القرضاوي: لأ.. العلن.. هو فيه حاجه مستخبية؟ المذاهب معروفة، كل واحد مذهبه معروف، وإذا كان يعني المقصود إن أنا.. السني يصبح شيعي أو الشيعي يصبح سني فهذا مستحيل، ليس من الممكن إن عن طريق المناظرات وهذه الأشياء أن أحوِّل إنساناً من مذهبه إلى مذهب آخر، هذا مستحيل، بالعكس المناظرات تثير، وتجعل الإنسان يتشبث بما هو عليه أكثر من.. من الآخر، و.. وبعدين بتنبش الجراح وتدمي.. وتوغر الصدور، ربنا -سبحانه وتعالى- أمرنا أن نتحاور حتى مع المشركين بالتي هي أحسن، يعني (جَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، قال (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) يعني ما قالش حتى أنتم على ضلال، قال لأ، إنا أو إياكم، واحد منا، (قُل لاَّ تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلاَ نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) ما قالش عما تجرمون، هذا في.. في النقاش مع المشركين، فإذا كان من.. اللقاء مع مسلمين يعني يشهدون أن لا إله إلا الله ويصلون ويصومون ويحجون، ويعني لا داعي لأن نثير هذه الفتن، كل ما هذا إننا سنزيد الجراح، وسنزيد الفرقة، ولسنا في حاجة إلى مزيد من الفرقة، أعداؤنا هم الوحيدون الذين يستفيدون منا، ونحن نعرف أن فلسفتهم من.. من قديم قائمة على هذا الشعار "فرِّق تَسُد" فلماذا نساعدهم على أن يفرقوا بيننا؟ لا أرى أبداً من الصواب ولا من الحكمة إثارة هذه النقاشات، لأنها ستهدم أكثر مما تبني وتميت أكثر مما تحيي، وتفرق أكثر مما تجمع.
ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ عبد الرحمن الجابري من الإمارات، أخ عبد الرحمن، اتفضل
عبد الرحمن الجابري: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
عبد الرحمن الجابري: الله يطول عمرك يا شيخ، كل عام وأنت بخير.
د.يوسف القرضاوي: وأنت بالصحة والسلامة يا أخي، الله يبارك فيك.
عبد الرحمن الجابري: لا زلت أنت منارة الإسلام الحين الباقية.
د.يوسف القرضاوي: الله يبارك فيك.
عبد الرحمن الجابري: للأسف شيخ أريد حاجة بسيطة، أتكلم على الدعوة، الدعوة المغيبة للأسف، الدعاء في المساجد لإخواننا في فلسطين وفي العراق وفي.. والمسلمين في الشيشان، ما أدري الأيام الروحانية اللي مرت في رمضان، بعض الأئمة للأسف يا شيخ.
د.يوسف القرضاوي: نعم.
عبد الرحمن الجابري: ما أدري هل خايفين من مين؟ خايفين من أميركا، أو خايفين من السلطات إن أن يدعو للمسلمين، صار المواقف هزيلة جداً، نرجو يا شيخ دعوتك لأئمة المسلمين، للأئمة الذي مطلوب منهم دور كبير جداً، واجتماع.. واجتماع كلمة المسلمين، وخاصة في الأيام العصيبة هذه.
د.يوسف القرضاوي: نعم، جزاك الله خير.
عبد الرحمن الجابري: أرجو الله أن يطول في عمرك يا شيخ، وأن تدعي، وأن تبلغ، وأنا عارف إنك بلغت.
ماهر عبد الله: بارك الله فيك، طيب أخ عبد الرحمن بارك الله فيك، نسمع من الأخ محمد عبد الله برضو من الإمارات، أخ محمد، اتفضل.
محمد عبد الله: سلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
محمد عبد الله: كل عام وأنتم طيبين.
د.يوسف القرضاوي: وأنت بالصحة والسلامة يا أخي.
محمد عبد الله: كيف حالك يا شيخ؟
د.يوسف القرضاوي: بارك الله فيك يا أخي، اتفضل.
محمد عبد الله: كيف أخبارك؟
د.يوسف القرضاوي: كل عام وأنت طيب.
محمد عبد الله: عندي شوية مداخلة بسيطة، عندي سؤالين أعطيك توضح لي إياها.
د.يوسف القرضاوي: اتفضل.
محمد عبد الله: أول سؤال هو الاعترافات اللي تيجي من عند ابن لادن، ولغاية على ما أعتقد اليوم حطوه في البرنامج هذا، الهجوم على أعتقد السفارة وهذا، فهل يجوز في الإسلام يعني إن الواحد يثير مثل هذه الأشياء، ويفتخر فيها؟ فإن كانت مدنية وإن كانت غير مدنية؟ فموضوع..، والسؤال الثاني هو بخصوص ضرب العراق، شو واجب المسلمين والأمة الإسلامية و..كشعب، وكحكومة بخصوص ضرب العراق إن كان هو طاغية، وإن كان.. بيقول لك فيه أبرياء بيروحون، ما بنعرف ها السؤال توضح لنا إياه، شو واجب المسلمين في الموقف هذا؟ هل فيه واجب للمسلمين يسوونه، أم لأ؟ وبنبغي توضيح، ومشكورين على البرنامج، وطيبين على ها الشيء هذا.
ماهر عبد الله: طيب.. مشكور، شكراً لك أخ محمد. نبدأ بسؤال الأخ عبد الرحمن، هل.. هل لمست أن بعض الأئمة يخافون في خطبهم حتى من الدعاء للمسلمين في فلسطين والشيشان؟
د.يوسف القرضاوي: هو يعني يبدو إنه في بعض البلاد بيشددوا على الخطباء يعني في هذا الأمر، فكان هناك يعني خطباء نراهم يدعون على اليهود ويدعون على من يساعدهم من الصليبيين والأميركان و.. وغيرهم، وبعدين رأيناهم في المدة الأخيرة يعني.. يعني اللهم انصر المسلمين، اللهم انصرهم على أعدائهم، ولا يريدون أن يذكروا أحداً بالاسم، فمما يدل على أن هناك توجيهات تأتي لهم، تمنعهم من.. من هذا، وهذا يعني شيء يعني مؤسف إن الإمام على منبره أو الخطيب على منبره لا يستطيع أن يدعو للمسلمين كما يريد، فأصبح آلة هو ينفذ ما تطلبه السياسة والسياسة مرتبطة بالأوضاع و.. للأسف يعني، فيعني هذا مؤسف.
فأنا يعني الحمد لله أنا أقول يعني إني طول رمضان أدعو بحرية ولم أجد أحداً يعني وطول حياتي الحقيقية لا أجد أحداً يقول لي قل كذا، أو لا تقل كذا، أو لا تعمل كذا، يعني جزى الله أهل قطر خيراً، فهم يتركون علماء الدين يعبرون عن أنفسهم بما يعلمون أنه حق، وبما يعتقدونه.
ماهر عبد الله: قبل الدخول في سؤال الأخ محمد، سؤال بين السؤالين، الأخ الشيخ علي محمد، واضح إنه من.. من أميركا يقول.. يعني يسأل إنه من أحد الأئمة والخطباء في كاليفورنيا: كيف نستطيع مقاومة التحالف الأميركي في خطبنا ونحن مراقبون من الجهات الخاصة في الولايات المتحدة، يتحدث عن نفسه فيقول: أما أنا فأذهب وألقي الكلمة التي تعرف بالإسلام الحقيقي في الكنائس والسجون حتى أني أخبرتهم من هو أسامة، وهو الحب بن الحب، و.. زيد بن الحارثة، وليس فرق في الإسلام بين الأبيض والأسود، فإذا كان كما ذكر الأخ هناك مشكلة مع الأئمة في الدعاء فيه..
د.يوسف القرضاوي: لأ، يعني الإخوة في أميركا يعني لهم وضعهم الخاص فيجب أن يستعملوا الحكمة، وهنا من الفقه اللي بنسميه فقه الموازنات، الإنسان يعني يقول الحق بحيث لا يؤذي نفسه ولا يؤذي غيره، وربما يترتب عليه إنه يمنع خالص من.. من الكلام، وقد يأتي من هو أسوأ منه ويسيء إلى الناس، فهو يعني يستخدم الحكمة، و.. وهذا جائز يعني شرعاً، لأنه يعني النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول "من رأي منكم منكراً فليغيره بيده، فمن لم يستطع فبلسانه، فمن لم يستطع فبقلبه، وذلك.." يعني ينتقل من مرحلة إلى مرحلة حسب القدرة، وحسب المصلحة، فالأخ يعني هو فقيه نفسه في هذه المسألة، ولا ينبغي أن يضع.. يدخل نفسه في مأزق لا يخرج منه.
ماهر عبد الله: طيب سؤال الأخ محمد عبد الله، سؤالين، السؤال الأول كان عن الأهداف المدنية والمفاخرة بالهجوم عليها.
د.يوسف القرضاوي: أنا يعني لم أسمع ما قيل ولا.. ولكن أنا يعني في الحقيقة لا أرى إنه الإخوة يتخذون من الأهداف المدنية الخالصة يعني أهدافاً لهم، يعني إنما الأهداف العسكرية معقولة، وهذه الأشياء، و.. فأما ضرب المدنيين الذين لا ناقة لهم ولا جمل فأنا أعتقد أن هذا ممنوع يعني شرعاً، ولا أؤيد هذا، وأنا منذ أحداث 11 يعني سبتمبر أنكرت هذه الأحداث وأصدرت بياناً في هذا، يعني لا أريد به إلا وجه الله، فما عدا ذلك فكل واحد مسؤول عن نفسه.
ماهر عبد الله: سؤال ثاني، في.. في حال وقع ضرب العراق، كان سؤاله عن واجب المسلمين كأفراد وكأمة..
د.يوسف القرضاوي: المسلمون أفراداً و جماعات ودول وحكومات عليهم أن يقفوا بجوار العراق، وأن لا يسمحوا بضرب العراق، وألا يعينوا على ضرب العراق بحال من الأحوال، لأن المسلمين كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- "المسلمون تتكافأ دماؤهم، يسعى بذمتهم أدناهم، وهم يدٌ على من سواهم" هم يدٌ على ما.. ما.. من سواهم، و"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً"، ولا يجوز أن يعين المسلم على الإثم والعدوان تعاونوا.. (وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) ومن الإثم والعدوان الاعتداء من كافر على مسلم، فهل يجوز أن يعين المسلم الكافر على أخيه المسلم، خصوصاً إذا كان يعني اعتداء بغير حق؟ لأن الظاهر في قضية العراق إنه تحرش يعني بغير سبب، يعني العراق استجاب، وقال يعني أنا سأفتح لكم الأبواب، ابعثوا المفتشين، فتح الأبواب للمفتشين، فتح لهم القصور، أعانهم بكل الوسائل، ومع هذا يريدون ضرب العراق، فهذا ضرب عدواني، فهل يُتصور إنه المسلم يعين على.. العدوان على أخيه، يعين الأجنبي على أخيه؟ هذا لا.. لا يُقبل في منطق شرعي ولا منطق خلقي، ولا منطق وطني، ولا منطق عرفي، يعني غير مقبول، والإسلام يحرم هذا كل التحريم من غير شك.
ماهر عبد الله: الأخ حسين محمد إبراهيم (نائب في البرلمان المصري) يسأل يقول: منذ سنوات -جزء من ما تفضلت به في كلامك- منذ سنوات ونحن لا نشعر في الأعياد إلا بكل أسىً وحزن لما يحدث للمسلمين، حتى صدق علينا قول الشاعر:
صياماً إلى أن يقطر السيف بالدم
وصمتاً إلى أن يصدح الحقد يا فمي
أفطرٌ وأبطال الحمى في مجاعة
وعيد وأبطال الجهاد بمأتم؟
السؤال: هل يجوز إلغاء كل احتفالات العيد وأن يقتصر الأمر فقط على إقامة الشعيرة محافظة على شعور إخواننا في فلسطين والعراق وغيرهم؟
د.يوسف القرضاوي: لا ما نقدرش يعني نلغي يعني العيد فيه أشياء مثلاً مثل صلاة العيد، يعني هل هنلغي صلاة العيد؟ يعني فيه فرحة العيد، النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بصومه، وإذا -فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه وإذا لقي ربه – إذا أفطر فرح بفطره وإذا لقي ربه فرح بصومه" ففيه فرحة الفطر، الفرحة اليومية كل يوم عندما يأتي المغرب، وفرحة عندما يتم الشهر فهذه فرحه بإنه يعني أدى الفريضة وأصبح مباحاً له ما كان محرماً عليه، هذه فرحة فطرية ليس فيها شيء، وفرحة الناس بتواصل بعضهم بعض، إنما المبالغة في الأحفال بالغناء والرقص وكذا والأشياء المفروض أن الأمة تقتصد في هذه الأشياء ما دامت حالها هكذا، المفروض إن الأمة تعلن شيء من الحداد الحقيقة، يعني لو أمتنا أمة جادة لازم تعلن شيء من الحداد حتى تنتهي هذه الحالة، لما.. في الجاهلية لما يعني قُتل كليب قال أخوه المهلهل بن ربيعة، قال:
ولست بخالعٍ درعي وسيفي
إلى أن يخلع الليل النهار
يعني هيظل يعني مترهباً للحرب، لما انهزم المشركون في بدر حلف أبو سفيان بن حرب قال: لا يمس يعني بدنه ماء من جنابة، يعني ألا يقرب امرأته حتى يثأر من محمد.. يعني العزة القومية، نحن المفروض يعني نعلن شيء من الجد والحزن حتى يتغير حال الأمة، حتى تنتصر الانتفاضة، حتى يأخذ الفلسطينيون حقوقهم، إنما نظل نغني ونرقص، وكأن شيئاً لم يحدث لأ، إنما ما نقدرش نلغي كل شعائر العيد، لأ يعني..
ماهر عبد الله: طيب، نسمع من الأخ سالم عبد الله من بريطانيا. أخ سالم اتفضل، أخ سالم..
سالم عبد الله: مساء الخير.
ماهر عبد الله: مساء النور.
سالم عبد الله: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام.
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
سالم عبد الله: أخي الفاضل: الكفار جاءوا بجيوشهم لتثبيت تجزئة الأمة، وللأسف استخدموا جيوش الأمة لتثبيت هذه الحدود اللي وضعوها الكفار، الأمة تطلب من الشيخ القرضاوي -حفظه الله- أن يطلب وبشكل عملي من أهل قطر ومن أهل الكويت وأهل البحرين أن يخرجوا لمنع حكام.. حكام قطر والبحرين والكويت من استخدام هذه القواعد وأن يقطعوا على الكافر كل آمالهم لضرب المسلمين في العراق، وأن يمنعوا وأن تتحرك جيوشهم لضرب.. لضرب الجيوش الكافرة في هذه البلاد، علماً أن الرسول -صلوات الله عليه وسلم- يقول: "من أتاكم وأمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم أو يفرق جماعتكم فأقتلوه"
فهذا الوقت اليوم الأمة تطلب من المسلمين بفعالياتهم وأحزابهم وقواهم وجيوشهم أن.. أن تتحرك الحركة الصحيحة التي تمنع الكفار من أجل أن يحققوا هدفهم في المنطقة.
ماهر عبد الله: طب أخ.. أخ سالم أعتقد نقطتك واضحة مشكور جداً وتسمع -إن شاء الله- من الشيخ تعليق، لكن يعني مع التنبيه إنه يعني الشيخ يوسف القرضاوي ليس خليفة المسلمين، هو عالم من علماء هذه الأمة، لا يملك إلا أن ينصح، ولكن إن شاء الله سأعطيه الفرصة يعني إذا.. إذا رغب بالتعليق على رجاء الأخ سالم عبد الله، معايا الأخ صالح الشمري من السعودية، أخ صالح اتفضل.
صالح الشمري: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله
د.يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
صالح الشمري: عندي نقطتين -بارك الله فيك- لو تعطيني الفرصة نقطتين أوضحهم بس وأسأل فيهم الشيخ بوضوح..
ماهر عبد الله: اتفضل.. اتفضل
صالح الشمري: النقطة الأولى: تحدث شيخنا الفاضل -قبل قليل- كلام طيب وجميل عن الوحدة الإسلامية وعدم ترك أي فرصة لشق الصف في هذا الوقت بالذات عندما علق على المناظرة بين السنة والشيعة، وقال: يجب ألا نشق وحدة هذه الأمة في هذا الوقت بالذات، أريد أن اسأل سؤال واحد: الذين يطعنون بعرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هل هم من الأمة؟ الذي يطعن بأبي بكر وعمر هل هو من الأمة؟ هل هذا من الأمة؟ هل نحن بحاجة إلى أناس يطعنون بدين الله ويقولون أن فاطمة خير من أنبياء الله، هل هم من الأمة؟
ماهر عبد الله: طيب، هذا السؤال الأول أخ صالح، السؤال الأول واضح، السؤال الثاني.
صالح الشمري: السؤال الثاني: الآن الشيخ كلمته مسموعة والجميع يسمعونه -إن شاء الله- يعني ألا.. يعني هل لنا بكلمة توجه لإخواننا المعتقلين؟ نسيوهم. أسأل بالله..
ماهر عبد الله: أي.. أي.. أي..
صالح الشمري: ألا ينساهم الآن.
ماهر عبد الله: من هم يا سيدي؟
صالح الشمري: في كوبا.. إخواننا في كوبا.
ماهر عبد الله: أيوه.. أيوه.. أيوه.
صالح الشمري: وجزاكم الله خير.
ماهر عبد الله: طيب مشكور يا سيدي يعني سؤال.. نبدأ بالسؤال الأول للأخ صالح الشمري.
د.يوسف القرضاوي: والله يعني هو أنت أجبت عن هذا، يعني نحن يعني مهمتنا أن نبين ونبلغ ونعرِّف الحلال من الحرام والمعروف من المنكر والحق من الباطل وأنه لا.. لا يجوز لمسلم أن يعين يعني أجنبياً على أخيه المسلم بحال من الأحوال، وأنا -والحمد لله- ذكرت هذا في خُطبي، وفي محاضراتي وفي كتبي وفي برنامجي هذا مراراً وتكراراً، وأبلغت، واللهم فأشهد، وسمع السامعون وعرفوا، ولكن هي المشكلة -زي ما بيقول الأخ -إذا أتاكم من.. ويعني وأمركم جميع يريد أن يشق عصاكم، فين؟ أمرنا ليس جميعاً للأسف المشكلة إن ليس أمرنا جميعاً على رجل واحد وجاء حد يشق عصانا، إحنا على رجال مختلفين واختلافنا هذا أتاح الفرصة لغيرنا ليدخلوا وأصبحوا يتحكمون فينا وأصبحنا -في الحقيقة- لا نملك أمر أنفسنا، يعني لا نستطيع أن نقول لا أو كثيرون منا لا يستطيعون أن يقولوا لا، لأنهم لم يعودوا يملكون يعني هذا الأمر لتمزق الأمة، لو كانت الأمة واحدة كان ممكن تقول لا، فيعني لا حول ولا قوة إلا بالله.
ماهر عبد الله: طيب، أنا الأسئلة عندي إذن كثيرة، إحنا هنتوقف عن استقبال المشاركات الهاتفية للأسف الشديد لكثرة ما.. غيرها من الأسئلة، سؤاله باختصار الأخ الشمري موضوع الشيعة، هل يمكن أن تحسب من الأمة وتتحاور مع من -كما قال- يطعن..
د.يوسف القرضاوي: يعني أنا يعني الأخ يريد أن يخرجهم من الأمة، مع إنه الحديث اللي بيستدل به هؤلاء إنه حديث الـ73 فرقة، يعني: "ستفترق أمتي على 73 فرقة كلهم في النار إلا واحدة" ستفترق أمتي، ولذلك أخذ العلماء منها إن حتى الفرق اللي بيعتبرها بعضهم إنها ضالة أو كذا هي جزء من الأمة، يعني.. يعني لا.. كيف أنا أُخرج من الأمة من يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن يقيم الصلاة ومن يصوم رمضان، ومن يحج البيت ومن.. يعني.. يعني يحفظ القرآن ويكتب في التفسير ويحتج بآيات القرآن على العقائد ويستدل به في كتب الفقه، أقول على هذا إنه خارج من الأمة، إنه أمة أخرى غير أمة الإسلام؟ ممكن أقول عنه مبتدع منحرف أو كذا، إنما كون أُخرجه من الأمة هذا التكفير في الحقيقة أو الغلو في التكفير أنا لي رسالة اسمها يعني "ظاهرة الغلو في التكفير" أنكرت هذا، إن المبالغة في التكفير بحيث نخرج الناس من الملة يعني هذا..، فيه كفر أصغر وكفر أكبر، الأصغر ممكن التسامح..، إنما الكفر الأكبر اللي هو يخرج الإنسان من الملة، هذا يعني ما.. ما لا نسمح به، يعني ولا داعي لأن يعني.. أنا أريد أن أقول للأخ الكريم أعداء الإسلام يريدون بكل ما يستطيعون أن يشعلوها حرباً دينية، قامت حرب بين العراق وإيران، ولكن كان حرب يغلب عليها الطابع القومي كأنها حرب بين العرب والفرس، إنما هم يريدون حرباً بين السنة والشيعة ويؤججون نارها ويحاولون، فلابد أن نقطع عليهم الطريق ونفوِّت عليهم هذا الغرض لا يجوز إننا نحارب.. نحارب الأمة بعضها بعض، في هذا.. وفي هذا الوقت هنقعد نقول دول مش من الأمة يللا نحاربهم، طب نحارب الصهاينة الأول، يعني هذا.. حتى ولو من باب الأولويات، فيه صهاينة وفي شيعة تحارب الشيعة وتسيب الصهيونيين يعني هذا شيء غريب يعني الحقيقة..
ماهر عبد الله: طب كلمة يعني.. تمنى عليك إنه كلمة توجهها أو بخصوص المعتقلين في كوبا.
د.يوسف القرضاوي: والله أنا أتمنى للمعتقلين.. أنا طول رمضان أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يفرج كربهم، وأن يفك بقوته أسرهم، ويجبر برحمته كسرهم، ويتولى بعنايته أمرهم، يعني هم إخواننا، وكثير منهم لا ناقة له ولا جمل، وأُخذ أخذاً كده يعني وحتى إذا كان منهم من أذنب، لا يُعاملون معاملة الأسير العادي اللي كان بيحارب في حرب وأُخذ منها وهو يحمل السلاح، لا يُعامل معاملة إنسانية، فنحن نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يكشف غمتهم وأن يفرج كربتهم وأن يعيدهم إلى أهاليهم سالمين غانمين إن شاء الله.
ماهر عبد الله: زي ما الأخ صالح الشمري أزعلك شوية في موضوع الشيعة، الأخ أسامة هيبسطك باقتراحه من إسبانيا يقول: درجنا على عادة حميدة في رمضان وهي عمل ولائم لأفراد العائلة، فلماذا لا يجتمع الزعماء العرب على وليمة إفطار في رمضان، وأنا أقدم دعوة لهم للإفطار عندي لعلهم يتوحدون.
د.يوسف القرضاوي: في رمضان القادم بقى يعني.. يعني فات رمضان يعني..
ماهر عبد الله: الأخ نبيل عبد الله -مهندس من مصر- يقول: الغرب يحاربنا ولو ظاهرياً باسم الحرية، ولكننا نصر على حربهم باسم الإسلام السؤال: ماذا سيفعل المسلمون في حال تجمع كل القوى المسيحية في العالم ضدنا؟
د.يوسف القرضاوي: ماذا أيه؟
ماهر عبد الله: نحن.. يعلنون الحرية شعاراً للمعركة، ونحن نصر على الحرب باسم الإسلام -كما يقول الأخ نبيل- لماذا.. ماذا سنفعل في حال تجمعوا كلهم كقوى مسيحية ضدنا؟ هل الإسلام الشعار الأنسب لرفعه في حرب مُعلنة بصفة غير دينية من الغرب في المرحلة الحالية؟
د.يوسف القرضاوي: ونحن نحارب من أجل الحرية، بالعكس إحنا مشكلتنا مشكلة الحرية، أنهم لا يريدون أن تكون لنا الحرية لنحكم أنفسنا وفق عقيدتنا وشريعتنا هم يريدون أن يغيروا هويتنا، يريدون أن نحكم وفق يعني أهوائهم هم، ولذلك إحنا.. أنا أرى إن المشكلة الكبرى عندنا إننا نطالب بالحرية، أن يكون لنا حق أن نعيش أحراراً في بلادنا، نحكم بالقرآن الذي نؤمن به، نرجع إلى الشريعة التي نؤمن بقدسيتها، نُحكِّم القيم التي نؤمن بسموها وعلوها، نعيش كما نحب أن نعيش، كل إنسان يعني.. يعني ينبغي أن يعيش وفق المبادئ التي يؤمن بها، نحن المسلمين نؤمن بشريعة الله -سبحانه وتعالى- لماذا لا يتركوننا نعيش وفق شريعتنا؟ نحن يعني نحارب في الحقيقة من أجل الحرية، ولكن حريتنا هي جزء من إسلامنا، لأن الإسلام يفرض علينا أن نعيش أحراراً وفق إيماننا، فهي الحرية جزء من الإيمان وليس عيباً إن الإنسان يحارب من أجل عقيدة، هم يحاربون من أجل عقيدة أيضاً، يعني ملفوفة بالحرية، ونحن نحارب من أجل عقيدة.
ماهر عبد الله: الأخ خالد سليمان أبو رمان، مهندس من الأردن: عليكم أنتم علماء الأمة أن تشكلوا وسيلة ضغط على الحكام لتوحيدها وإلا فالإثم يقع عليكم، لأن الشعوب تنتظر قيادتكم لها لهذا التوحيد.
نحن نسمع عن مجموعات ضغط في العالم الغربي تؤثر في صنَّاع القرار لم نسمع عن تجمع علمي ليس فقط لمناقشة أمور الفقه والتوحيد، للضغط السياسي على الحكام.
د.يوسف القرضاوي: ما هو للأسف يعني أنا يعني يمكن ذكرت في حلقات سابقة من زمن، أنا شخصياً حاولت تأسيس رابطة أو جمعية أو اتحاد عالمي لعلماء المسلمين في أنحاء العالم من عدة سنوات وأنا يعني أسعى إلى هذا، لنعمل في شكل مؤسسي، يعني لا.. بدل هذا الشكل المبعثر في أنحاء العالم نعمل في شكل مؤسسة، وراسلت عدداً كبيراً من العلماء والدعاة والمفكرين في أنحاء العالم، وجاءتني ردود من أكثر من 300 عالم ومفكر مسلم، وفوضونا في إننا يعني ندعو إلى المؤتمر التأسيسي ولكن وقفت أمامنا مشكلة، إننا لم نجد بلداً يعني يقبل أن يكون مقرنا عنده، ولذلك الذي حصل إننا الآن نسعى إلى تأسيس هذا الاتحاد أو إلى يعني توثيقه رسمياً في بلد أوروبي، وسيكون في أيرلندا إن شاء الله، بنحاول نسجله رسمياً في أيرلندا، وبعد ذلك نحاول ندعو يعني في مؤتمرات سنوية في البلاد التي ترضى باستضافتنا، فقد يكون أول مؤتمر في بيروت وثاني مؤتمر في..
ماهر عبد الله: لكن هذا.. هذا على يعني الأجل البعيد والمستمر ونتمنى لكم فيه التوفيق، لكن أعتقد سؤال الأخ يعني عن شيء قصير الأجل مثل ما حصل في حرب الخليج الثانية إنه مجموعة من مفكري الأمة وعلمائها زاروا الأطراف المعنية بالصراع، ولعله يعني كان قصد الأخ إنه مجموعة من العلماء ليس بالضرورة مجمع فقهي.
د.يوسف القرضاوي: لأ وإحنا في.. فيه يعني بنعمل هذا في قضايا التي تمر بالأمة بنحاول نصدر بيانات بنأخذ عليها توقيعات من عدد من العلماء والمفكرين وأحياناً رؤساء الجماعات الإسلامية والحركات الإسلامية ونصدر البيان باسم هذه المجموعة، وما بين الحين والحين يعني يصدر هذا ومن مدة قريبة صدر بيان بالنسبة للأوضاع الراهنة والوضع الأميركي وغيره، يعني يمثل عدد لا بأس به من علماء الأمة ودعاتها.
ماهر عبد الله: سيدي، جزاك الله خيراً،لم يبق لي إلا أن أشكركم وأشكر باسمكم فضيلة العلامة الدكتور القرضاوي، إلى أن نلقاكم في الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.