الشريعة والحياة

موقف الإسلام من التدخين

حكم التدخين في الإسلام، دلالات ضرر التدخين بمقاصد الشريعة، حكم الاتجار بالسجائر، هل تدرج جوزة الطيب ضمن قائمة المخدرات؟، إلى أي مدى تشارك الحكومات في انتشار التدخين؟.

مقدم الحلقة:

أحمد الشيخ

ضيف الحلقة:

الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: مفكر وداعية إسلامي

تاريخ الحلقة:

22/06/1997

– حكم التدخين في الإسلام
– دلالات ضرر التدخين بمقاصد الشريعة

– حكم الاتجار بالسجائر

– هل تدرج جوزة الطيب ضمن قائمة المخدرات؟

– إلى أي مدى تشارك الحكومات في انتشار التدخين؟

undefined
undefined

أحمد الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، مشاهدينا الكرام.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً ومرحباً بكم إلى حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة)، فإننا نواصل اليوم الحديث الذي بدأناه في الأسبوعين الماضيين عن موقف الإسلام من قضية المخدرات والمسكرات وحكمه فيمن يتعاطونها أو من يتاجرون بها وينشرونها بين عباد الله فيلحقون بالمجتمع ضرراً أيما ضرر، واليوم نتابع الحديث عن التدخين بصورة خاصة وموقف الإسلام منه، باعتباره ظاهرة مستجدة اختلفت فيها آراء الفقهاء إلى حدٍ ما، ولعل من المناسب -إذا كان الشيء بالشيء يذكر- أن نشير هنا إلى الجهود التي تبذلها الحكومة الفيدرالية الأميركية والحكومات المحلية للولايات المتحدة لكبح جماح التدخين في المجتمع الأميركي وخاصة بين القاصرين وصغار السن، فأمس الأول -فقط- أبرمت أربعون ولاية أميركية اتفاقاً مع شركات التبغ جاء بعد مفاوضات عسيرة، ويلزم هذا الاتفاق الشركات بدفع حوالي 370 بليون دولار، أي 370 ألف مليون دولار غرامة وتعويضاً عن قضايا مرفوعة ضدها منذ أمد، ومن أجل مساعدة المجتمع في التخلص من الأضرار التي ألحقتها به شركات التبغ، وهذا الاتفاق يعتبر تطوراً إيجابياً ينبغي لبقية دول العالم أن تحذو حذوه لتحمي صغارها وكبارها، على حد سواء، لكن الملفت للنظر في الاتفاق الأميركي مع شركات التبغ أنه لم يتطرق إلى بقية أنحاء العالم، وتنقصه النظرة العالمية مع العلم أن الجانب الأكبر من دخل شركات التبغ الأميركية يأتي من دول أخرى خارج الولايات المتحدة، غير أن الاتفاق، في حد ذاته، يجب أن يكون قدوة لبقية الدول وخاصة الدول العربية والإسلامية إذ إن شريعتنا الغراء سبقت كل الشرائع الأخرى في تحديد موقف صارم وواضح من كل ما يضر بالفرد والمجتمع حين رسَّخت قاعدة "لا ضرر ولا ضرار" ولعل ضيفنا الجليل فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي هو خير من يوضح لنا موقف الإسلام من مسألة التدخين وحكمه فيها. وأهلاً وسهلاً بك يا فضيلة الشيخ.

د. يوسف القرضاوي: أهلاً بك يا أستاذ أحمد.

أحمد الشيخ: لا شك كما سمعت في المقدمة أن الرقم الذي فرضته… الذي فرُض في الولايات المتحدة على شركات التبغ رقم هائل وهذا يعطينا مدلولات ومؤشرات عديدة إلى مدى فداحة الأضرار التي قد يلحقها التدخين بالمجتمع، فما هو.. هل الإسلام سباق في مثل هذه القضايا التي تضر بالمجتمع؟ فماذا تقول في هذه القضية يا سيدي؟

حكم التدخين في الإسلام

د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد: فقد ظهر التدخين في بلاد المسلمين من حوالي أربعة قرون تقريباً، في سنة 1000 من الهجرة ظهر التدخين في البلاد الإسلامية، ومنذ ظهوره والعلماء مختلفون في حكمه وخصوصاً في أول الأمر، لأنه عندما ظهر لم يكن يعرف الناس له أضراراً واضحة إلا إنه يؤدي إلى رائحة كريهة، أو قد يصاب من يدمنه بالسعال مثلاً، أو يؤثر على الصحة ا لعامة بعد مدة أو نحو ذلك، ولم يكن الأمر واضح الضرر في ذلك الحين ولذلك هناك العلماء اختلفوا فيه، هناك من قال: هو مباح على أن الأصل في الأشياء الإباحة، وهناك من قال: هو مكروه بل قالوا: أقل ما يقال فيه إنه مكروه، لأنه يضهي الإنسان يضر الإنسان في نفسه ويضر غيره، وإذا كان الإسلام كرِه أكل البصل والثوم والكرات وهذه الأشياء وقال: "من أكلها فلا يقربن مصلانا" أو "فليعتزل مسجدنا" لأنها تؤذي برائحتها فهذا أقل ما يقال في الدخان، وبعضهم قال: إنه حرام لأنه يضر بالإنسان، قالوا: صحيح إن ضرره ليس ضرراً فورياً ولكنه ضرر تدريجي، يعني بعد مدة يعرف الإنسان أن هذا شيء مضر ولا يمكن أن يبيح الإسلام للإنسان أن يضر نفسه، وهذا- في الحقيقة- أعتقد أنه هو الرأي السليم، الرأي السليم الذي اتجه إليه معظم فقهاء العصر أن التدخين ينبغي أن يحرم، لماذا؟ لأن الله تعالى قال في وصف رسوله -عليه الصلاة والسلام- كما ذكرنا في الحلقة السابقة عن المخدرات: (يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الخَبَائِثَ) فمن يقول إن هذه السيجارة من الطيبات؟ هي من الخبائث الضارة المؤذية المهلكة المدمرة، وأنا أرى إنه رأي الفقيه هنا ينبغي أن يبنى على رأي الطبيب، إذا قال الطبيب إن هذه السيجارة ضارة فيجب على الفقيه أن يقول هذه السيجارة حرام، لأنه لا يمكن أن يبيح الإسلام الضرر والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: "لا ضرر ولا ضرار".

دلالات ضرر التدخين بمقاصد الشريعة

وهذه من القواعد الشرعية القطعية، هي حديث صحيح ولكن حديث مستنبط من أدلة قرآنية شتَّى ومن أحكام إسلامية متعددة مجموعها تفيد إفادة يقينية على أنه لا يجوز للإنسان ولا يحل له أن يضر نفسه ولا أن يضار غيره، لا يحل له أن يضر نفسه جسمياً ولا يضر نفسه نفسياً، ولا يضر نفسه عقلياً، ولا يضر أسرته ولا يضر مجتمعه، فهذا معنى "لا ضرر ولا ضرار" والواقع إننا إذا نظرنا إلى موضوع التدخين نجد إنه ضار بالإنسان، ضار.. وكما ذكرنا ونحن نتحدث عن المخدرات إنه يضاد الضروريات الخمس التي جاءت الشريعة بالمحافظة عليها اللي هي الدين، والنفس، والعقل والنسل، والمال هذه الضروريات إذا سنظرنا إلى التدخين نجد أيضاً إنه يضر بهذه الضروريات وهذه المصالح الكلية الخمس، فهو يضر بالدين، بدين الإنسان، أنا وجدت كثيراً من الناس يمتنعون عن الصيام يقول لك: أنا لا أطيق أن أصوم 16 أو 17 ساعة في بعض البلاد..

أحمد الشيخ: بحجة التدخين.

د. يوسف القرضاوي: لأنه مدخن، فيه ناس أقوياء الإرادة ويدخنون وهذا ما نأخذه حجة على من يقول لا أستطيع أن أترك السيجارة نقول له طب ألست تصوم؟ يقول لك: بلى، طيب في الصيام تمتنع عن التدخين؟ نعم أمتنع عن التدخين، طيب ما الذين جعلك تصبر على السيجارة مدة 15 أو 16 ساعة؟ لأن الإسلام يفرض عليك الصيام، إذن بالإرادة يستطيع الإنسان أن يتغلب على هذه القضية، هناك أناس يثبطهم التدخين عن الصيام، وهناك يثبطهم التدخين عن الصلاة، إنه يقوم الفجر كده لينهض من نومه و.. هو كسلان متثاقل ثقيل الخطى بسب هذا التدخين فمن ناحية مضر بالدين..

أحمد الشيخ: نعم.

د. يوسف القرضاوي: مضر بالنفس يعني نفس الإنسان، حياة الإنسان، صحة الإنسان، جسد الإنسان الإسلام عندنا.. لأول مرة يسمع الناس في جو الدين هذه الكلمة: "إن لبدنك عليك حقاً" ما كان الناس يسمعون هذا في الأجواء الدينية، الروح لها حق (..) الروح، تصفيها، تطهرها، إنما البدن له حق: جسده، أعضاءه، أجهزة هذا الجسم لها حق هذا لأول مرة أسمع، فمن حق جسدك أن تحافظ عليه، دي أمانة عندك من الله عز وجل، لا يجوز أن تفرط في هذه الأمانة بحال من الأحوال، فلهذا التدخين يضر بجسم الإنسان، يسبب سرطان الرئة ويسبب أشياء.. أنا زرت بعض المتاحف الصحية ووجدت الرئة رئة الإنسان المدخن ورئة الإنسان غير المدخن، الرئة العادية بيضاء شفافة صافية، ودكهم هباب، والعياذ بالله، قا.. زفت سوداء من هذا الـ.. هو الدخان شوف يعني الواحد لما.. التدخين لما تضعه على يعني، شاشة بيضاء أو حاجة بيسودها، فده طول النهار هو مدخنة، والعياذ بالله، خصوصاً المكثرين من التدخين، فيه واحد بيقول لك يدخل السيجارة من السيجاة، يولع السيجارة من السيجارة يعني.. فهذه آفة كبيرة والعياذ بالله، فضرر التدخين بالصحة هذا ضرر أكيد وهذا لم يعد تقرير طبيب واحد أو..

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: إجماع.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]: ده تقارير أطباء العالم، الجمعيات الطبية في العالم تقول.. ولذلك الآن أصبحوا يعني أصبح مطلوب من شركات ا لتدخين إن هي تقول: "التدخين ضار بالصحة" يعلن عن مارلبورو أو عن مش عارف أيه وبعدين يقول: التدخين ضار بالصحة حسب إعلان وزارة الصحة ! الله! طيب، ضار بالصحة وبتعلن ليه؟!! هذا تناقض في الحياة، فكيف يباح للإنسان أن يضر بصحته بل الواقع التدخين قاتل، هو انتحار، وضحاياه الآن بالآلاف وبمئات الآلاف وربما بالملايين ويزدادون يوماً بعد يوم، فهو نوع من الانتحار، والله -تعالى- يقول: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) جاء في الحديث أن عمرو بن العاص كان مع المسلمين في سرية من السرايا، وفي ليلة باردة أصابته جنابة، احتلم، فقام تيمم وصلى بالناس، فبعض الصحابة شكوه إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فسأله النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، كانت الليلة باردة شديدة البرودة وقد تذكرت قول الله تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً) فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم، هذا اغتسال هيغتسل من الجنابة إنما مش علشان الاغتسال يموت نفسه ويقتل نفسه، قال تذكرت قول… فإذا كان هذا في عبادة فما بالك الذي يقتل نفسه بتناول هذه السموم؟ صحيح لا يقتل نفسه بسكينة حامية، لأ، بسكينة باردة، بيقتل نفسه قتلاً بطيئاً، انتحار بطيء، فهذا ضرر لا شك فيه، والمشكل في ضرر التدخين إنه لم يعد ضرراً مقصوراً على المدخن..

أحمد الشيخ: بل يشمل غيره.

د. يوسف القرضاوي: بل أصبح ضرراً يشمل الآخرين، يسمونه التدخين القصري، أنا لا أحب التدخين ولا أطيق رائحته، يعني أما يكون فيه واحد بيدخن قريب مني أكاد أختنق، إنما إذا كان واحد بيدخن بالقرب مني فماذا أفعل؟ أنا بأدخن غصباً عني، أن يدخل إليَّ النيكوتين والهباب والقطران ده رغم أنفي ويدخل إلى رئتي وإلى جهازي التنفسي وأنا لا أدخن إنما هذا تسبب فيه، ولذلك أنا لما بأركب طيارة أقول لبتاع الـ.. اللي بيحجز لي: والله اجعلني أبعد مكان عن التدخين، لأن أنا لما بأكون في كرسي واللي ورايا بيدخن بتيجي لي الرائحة، أقول له اجعلني أبعد مكان التدخين، والغربيين عرفوا هذا، إن التدخين مؤذي، فأصبحوا الآن بيعملوا مثلاً عربات كاملة في القطارات أو في الـ back ground

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: ويحترمونهم في الأماكن العامة.

د. يوسف القرضاوي[مستأنفاً]: كلها أو في الأشياء اللي ذي كده لغير المدخنين وفي الفنادق يجعلون، مثلاً، أدواراً كاملة لغير المدخنين، لأن أحياناً الشخص اللي بيدخن.. أنا مرة ذهبت إلى فندق وبعدين دخلت الحجرة قلت لهم رائحتها تدخين، قالوا: طيب نوضبها لك ونهيئها وراحوا عملوا كذا وجيت أدخل قلت لهم مش ممكن، لأن التدخين في الموكيت، في الوسادة، في الأشياء.. ما.. قلت لهم ما أستطيع،، شوفوا لي حجرة أخرى، فالإنسان المدخن يضر نفسه ويضر غيره فالتدخين ضرر بالدين وضرر بالصحة والحياة قاتل في النهاية، وضرر بالعقل، الإنسان المدخن ده ليس إنساناً عاقلاً، لأنه نوع من الإسكار، ما.. هو.. ولذلك تجد المدخنين يتصرفون تصرفات الحمقى غير العقلاء، تجد الرجل يحتاج أهله إلى القوت اليومي يروح يشتري سجاير ويترك أولاده جوعانين هذا إنسان عنده عقل؟! لا عقل عنده فهو ضد العقل،ومن ناحية أخرى هو ضد المال بيقين، يعني هذه الأشياء بيشتريها الإنسان بحر ماله، يشتري ضرره بفلوسه، حد..! ده هو لو كان هذا الشيء ضاراً ومجاناً نقول له حرام، فكيف وأنت تشتريه، بتكسب مين؟ بتكسب شركات السجاير؟ الشركات الاستعمارية العالمية هذه؟! شوف أنت قلت إن هم غرموها 370 مليار دولار، 370 ألف مليون، كم تكسب هذه؟ هي تكسب عشرات ومئات المليارات في السنة الواحدة، لذلك بتعمل إعلانات بعشرات المليارات، الإعلانات فقط بعشرات المليارات فماذا تكسب؟! فأنا بأدفع مالي هل يجوز للإنسان أن يبذر ماله كيف يشاء؟ ده الإصراف في المباح لا يجوز، (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ) لو أسرفت في الأكل أقول لك لا يجوز إنك تسرف في الأكل هذا، هذا حرام، فهذا شيء ضار، كيف تدفع في الـ…، العلماء متفقون على أن إنفاق المال فيما لا ينفع لا في الدنيا ولا في الآخرة حرام، لأن إضاعة المال وقد نهى النبي- صلى الله عليه وسلم- عن إضاعة المال، تضيع المال فيما لا ينفعك لا فرداً ولا مجتمعاً، ولا روحياً ولا مادياً ولا دنيوياً ولا أخروياً..!! هذا سفه الإنسان اللي يفعل هذا المفروض نحجر عليه (وَلاَ تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً) ففيه الضرر المالي أيضاً من ناحية المال، وبعدين فيه النسل إنه يضر بأولادنا..

أحمد الشيخ: البيت..

د. يوسف القرضاوي: حتى إن المرأة الحامل.. وللأسف في المجتمعات الأوروبية والأميركية كثير من النساء يدخنَّ وأنا أستغرب يعني.. ما أقبح شكل المرأة المدخنة، يعني كيف المرأة اللي بتسعى إلى الجمال إذاي تسود أسنانها بالبتاع ده؟! واللي بتعمل الروائح والأشياء الطيبة دي والعطور كيف..؟ ده الواحد لا يطيق المرأة المدخنة، ولا يطيق الإنسان.. كيف هذه يعني ترافق زوجاً إلا إذا كان متهبب بالتدخين مثلها؟ فهذا يعني الضرر بالنسل الناشئة، ولذلك اللي أنت قلته إنه الجماعة الأميركان بالذات يريدون حماية الصغار، لأن -للأسف- الصغير بيقلد الكبير، لما الواحد يشوف أبوه بيدخن هيحاول يقلده، صحيح هو هيقول له أوعى تدخن، أوعى.. صحيح، إنما المسألة مش بالكلام، ده أنت قدوة هو بيشوفك بيدخن، وبعدين كثير من الشباب بيظن إن التدخين ده إثبات للرجولة، إنه يعني كده…

أحمد الشيخ: بلغ سن الرشد.

د. يوسف القرضاوي: بلغ سن الرشد، وإنه بقى يجيب بقى السيجارة كده يعمل كده وينفخ كده، كما يقولون: أوله دلع وآخره ولع، فهذا التدخين ضار- من غير شك- بكل هذه الضروريات ومن أهم ضرره إنه ضار بالإرادة الإنسانية، يسلب الإنسان إرادته إذا أدمن على هذه العادة أصبح عبداً لها، ما يستطيع الفكاك منها تصبح السيجارة هي سيدته والمتحكمة فيه، فالإنسان يفقد إرادته، ربنا خلقه حراً مريداً فقد حريته وإرادته ولم يعدله… يقول لك أنا ما أقدرش، أعمل أيه؟ أنا.. طب ليه أنت تعبد نفسك لغير الله؟! ولذلك من أجل هذا كله نقول إن السجاير حرام والتدخين أو التبغ أو التتن أو سمِّه ما تسميه حرام، سواء أُخذ عن طريق السيجارة أو عن طريق الشيشة، أو عن طريق المضغ أو المعسل أو.. أي شيء من هذا أي تناول هذه الآفة حرام، وإذا كان تناولها حرام يبقى التجارة بها أيضاً حرام، وزراعتها يعني، حرام وترويجها حرام، هذا لأنه.. كل من ساهم- كما قلنا في الخمر- إن ربنا لعن فيها عشرة، النبي عليه الصلاة والسلام لعن في الخمر عشرة اللي عاصرها ومعتصرها وبائعها، وآكل ثمنها وساقيها، كل من ساهم في تيسيرها من قريب أو من.. فكذلك التدخين، بعض الناس بيقول إنه التدخين مكروه ويمكن سألتني أنت مرة في إحدى الحلقات وقلنا حتى لو تنزلنا مع هذا المجادل إن التدخين مكروه إنما كم يرتكب الإنسان المكروه في اليوم؟ 30، 40، 50 مرة؟ لو جمعنا هذه المكروهات ألا تكِّون حراماً؟! ده هذا على سبيل إرخاء العنان للجدال على سبيل التنزه، إنما الواقع لأ، لا يمكن أن نقول أن هذا التدخين مجرد مكروه بعد أن تبينت أضراره وتبينت مساؤه وأصبح العالم كله يحاربه، حتى الخبر الجديد ده إن الأميركان يعني يفرضون على الشركات هذه المبالغ الهائلة 370 ثلاثمائة وسبعين بليون، مش مليون، 370 ألف مليون دولار تعويضات للمجتمعات التي باعوا لها هذه السجاير وأصابوها بما أصابوها من الأمراض هذا كله يكون مؤيداً لما اتجهنا إليه أن هذا التدخين حرام وينبغي لكل مسلم أن يمتنع عنه وأن يحاربه في غيره، هو يمتنع عنه بقوة إرادته وأهم شيء هنا قوة الإرادة، كما قال الشاعر:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإن فساد الرأي أن تترددا

وإن كنت ذا عزم فأنفذه عاجلاً

فإن فساد العزم أن يتقيدا

فعلى المبتلى بالتدخين أن يقوي إرادته ويقوي عزمه ويمتنع كما يمتنع ا لصائم، وعليه أن يحارب التدخين في غيره أيضاً، يحث الناس وخصوصاً الأولاد الصغار، لازم نحمي أجيالنا وبعدين السيجارة دهية بداية الخطر، كيف يذهب تجار المخدرات إلى الشباب؟ عن طريق السيجارة اللي بيتلاقوه بيشرب سيجارة يطمعون فيه فيجب أن نحارب هذه الآفة في مجتمعنا ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً حتى ينشأ جيل سليم قوي يستطيع أن ينهض بأمته وأن يحارب أعداءه إن شاء الله.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ.

[موجز الأنباء]

حكم الاتجار بالسجائر

أحمد الشيخ: فضيلة الشيخ، لدينا الحقيقة حتى الآن فاكسان حول هذا الموضوع الأول من الأخ بوحتة حميد من إيطاليا، وفاكس آخر، وإن كان لم يأتِ كاملاً صياغته، من الأخت وفاء من بريطانيا. الأخ بوحتة حميد يقول: أنا مواطن جزائري أعيش في إيطاليا ومتزوج من فتاة إيطالية مسلمة وأب لطفل، مشكلتي أنني أعاني من مرض مزمن هو مرض "السل" منذ عامين، وأتناول الأدوية باستمرار ومن حين لآخر أدخل المستشفى ومن أجل كسب لقمة العيش والإنفاق على عائلتي لم أجد إلا بيع السجائر أو التسول في الشوارع، وبما أن الإسلام يحرمهما معاً اخترت الأول وبدأت أبيع السجائر مستدلاً في ذلك بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "الضرورات تبيح المحظورات" فما حكم فضيلة الشيخ في هذا؟ والأخت وفاء تشتكي الحقيقة هو ليس سؤالاً، وإنما تشتكي تقول: إنها متزوجة من شخص مدخن وأن رائحة فمه كريهة جداً بحيث أنها لا تكاد تطيقه في الفراش رغم أنه يحاول أن يغسل فمه وما إلى ذلك، هي كأنها تحاول تقنعه بالانقطاع عن التدخين ولكن بدون فائدة وتريد منكم نصيحة في هذا المجال، إذا كان يسمعنا زوجها.

د. يوسف القرضاوي: أولاً بالنسبة للأخ الجزائري ما ذكر إنه حديث هو ليس حديث، "الضرورات تبيح المحظورات" هذا ليس حديثاً إنما هو قاعدة من القواعد الفقهية الشرعية المتفق عليها بين فقهاء المسلمين وأئمتهم، كل المذاهب الفقهية مجمعة على هذه القاعدة: "الضرورات تبيح المحظورات" وهذا من واقعية الإسلام، الإسلام ليس مجرد دين مثالي يحلق في أجواء الخيال ولا ينزل إلى أرض الواقع، لأ، هو يتعامل مع الإنسان باعتباره كائناً بشرياً يصيب ويخطيء وتصيبه أشياء قاهرة فوق إرادته، فيتعامل معه على هذا الأساس، ولذلك أباح كثيراً من الأشياء عند الضرورة، وما معنى الضرورة؟ الضرورة هي الشيء الذي إذا لم يفعله الإنسان يهلك، يموت، يضيع، مثل حاجة الإنسان إلى القوت لازم ياكل وإلا يموت لازم يشرب وإلا يموت، لازم يلبس هذه الأشياء ضرورية، لازم يسكن، لازم يتعالج عند المرض هو وأهله فهذه ضرورات.. ضرورات حياتية للإنسان فهذه الضرورات- إذا لم يجد الإنسان منها بداً- فإنها تبيح المحظورات، فهذا ليس حديثاً ولكنه قاعدة مأخوذة من القرآن الكريم، هناك أربع آيات في كتاب الله تبيح المحرمات عند الضرورة، وهي قوله تعالى: (قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) وفي سورة البقرة أيضاً جاءت هذه المحرمات الأربعة (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) فيه آيات أربعة في القرآن الكريم أباحت هذه المحرمات عند الضرورات، يعني عند الضرورة عند الجوع كما قال: (فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ…) مخمصة أي في مجاعة، يعني يضطر الإنسان يأكل الميتة ولا يموت جوعاً، يأكل الخنزير ولا يموت جوعاً فهذه هي الضرورات التي تبيح المحظورات، فهل يا ترى الأخ وصل إلى هذه الحالة أو لا؟ هو يقول إنه ليس أمامه إلا أن يتسول أو يبيع هذه الأشياء، إذا لم يجد أمامه أية فرصة والله -فعلاً- "الضرورات تبيح المحظورات" كل ما في الأمر إن هذه القاعدة تضبطها و تكملها قاعدة أخرى وهي أن ما أبيح للضرورة يقدر بقدرها، يعني إذا كان محتاج إلى 100 دولار مثلاً يبقى يبيع بمقدار الـ100 ما يبعش بمقدار 500 ويتوسع، لأن دي ضرورة يعني على قدر ما يعيش إلى أن يهيئ الله له، يعني، سبباً آخر يتعيَّش من ورائه، هذا بالنسبة للأخ. أما بالنسبة…

أحمد الشيخ[مقاطعاً]: إذا سمحت لي فضيلة الشيخ لأنه عندنا مكالمة.. سنعود للأخت وفاء عندنا مكالمة من البوسنة والاتصال من البوسنة صعب فهي مازالت معنا على الخط، الأخت أم معاذ من البوسنة.

أم معاذ: السلام عليكم.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.

أحمد الشيخ: عليكم السلام ورحمة الله، تفضلي يا أخت.

أم معاذ: أنا أشكر البرنامج، أشكر البرنامج على.. وأشكر الشيخ على هذه الاستفادة، وأسأل الشيخ الفضيل: لو سمحت يشاع أن هنا في البوسنة أخوات من…. إن….

أحمد الشيخ: يبدو إنه، يبدو أن المكالمة….

أم معاذ: فهل هذا صحيح؟

د. يوسف القرضاوي: أيه؟

أحمد الشيخ: لم نسمعها في المكالمة هناك تقطع في الخط الحقيقة.

أم معاذ: يقولون إنها من المسكرات.

أحمد الشيخ: وما هو؟ التدخين؟

أم معاذ: جوزة الطيب هذا من البهار.

هل تدرج جوزة الطيب ضمن قائمة المخدرات؟

أحمد الشيخ: آه، جوزة الطيب، معنى إنه لا نسمع الحقيقة الخط بيتقطع، جوزة الطيب تسأل عنه، هو الحقيقة -فضيلة الشيخ- كما لدي هو من أخت هنا تعمل في مختبر في الدوحة تتحدث عن جوزة الطيب هذه، نفس الموضوع قادنا إليه الأخت مريم العتيق من الدوحة تقول: حسب طبيعة عملها في المختبرات الكيماوية ومن التجارب التي تجريها تقول: إن جوزة الطيب تحتوي على 22 نوع من الكحول، فهل حرام أكلها واستخدامها في الأكل، مع العلم أن بعض الدول الأوروبية غير الإسلامية حظرت استيرادها مثل فرنسا؟ فما حكم الدين في ذلك بالإضافة إلى سؤال الأخت (أم رحاب) من البوسنة؟

د. يوسف القرضاوي: والله إذا كانت فيها هذه الكحوليات و.. أنا أعرف إنهم أيضاً يجعلونها من المخدرات، لأن جوزة الطيب محسوبة من الأشياء المخدرة، فإذا كان يُخش من استعمالها للتخدير وللأشياء اللي من هذا النوع لا للدواء ولا.. كان بعض الناس قديماً يستعملونها مع بعض الأطعمة أو مع الكعك أو مع بعض هذه الأشياء بشيء، يعني، قليل جداً، ولكن الأولى أن نسد الذريعة إلى هذا الأمر ونمنعه، يعني، تماماً ما دام يدخل في باب المخدرات أو في باب الكحوليات المسكرة فالأولى منعه، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.

أحمد الشيخ: نعود إلى الأخت وفاء وسؤال الأخت وفاء، في الحقيقة، سؤال هام، يطالبها زوجها بحقه الشرعي وفي نفس الوقت يلحق بها ضرر بسبب رائحة فمه.

د. يوسف القرضاوي: والله هي مشكلة يعني، في الحقيقة هذه بلوى، يعني نقول للأخت إنها ابتليت بهذا المدخن، وأعتقد أن كثيرات من النساء في عصرنا مبتليات بهؤلاء الأزواج المدخنين، لأن أصبحت آفة شائعة وفي بلاد المسلمين كثيراً للأسف، يعني أنا أرى إن في بلاد الغرب تقل نسبة المدخنين عاماً بعد آخر، وفي بلادنا -للأسف- تزداد النسبة وهم -كما نرى- يحاولون أن يمنعوا التدخين في بلادهم ليغررونا نحن بالتدخين، وحتى أي أنواع، أنواع السجاير اللي بتأتي إلينا أكثر نيكوتين وأكثر سموماً وقطراناً من أنواع السجاير التي عندهم السجاير التي عندهم، أخف يجيبوا عندنا النوع الأسوأ و الأشد خطراً والأشد تأثيراً، فماذا نقول؟ هو يعني الحقيقة إنه المسلمة من حقها إنها تمتنع عن الزوج المدخن إنما يعني إذا قلنا يعني ذلك معناها سنهيج النساء على أزواجهن ونحرضهن على هؤلاء الأزواج، فلابد أن تصبر الأخت ويحاول هذا الأخ إنه يا أخي يمتنع، خصوصاً ممن يجد إن امرأته لا تطيقه، فيه بعض النساء فعلاً لا تطيق رائحة التدخين، يعني يرحمها..، ده بيقتلها بهذه الرائحة ، وخصوصاً إذا كان يعني بجوارها ويعاشرها، فشيء يعني، فظيع فتجبر الإنسان على شيء يكرهه أشد الكره، ويمقته أبلغ المقت، يقول لها لأ يعني ماذا تستطيع أن تفعل؟ هي مبتلاة فلتصبر، وإذا كان هذا الأخ يعني صاحب دين وصاحب خلق فليرحم زوجته وليرحم نفسه، ليرحم نفسه وليمتنع عن هذه البلوى وهذه المصيبة التي تعكر عليه صفو حياته وتأخذ ماله وتأخذ عقله وتأخذ صحته، ولا خير فيها قط، لا أرى في التدخين خيراً قط، الحقيقة ليس فيه أي خير من أي ناحية، فإذا كان هذا الأخ يسمعني فلعله يقوي إرادته ويستعين بالله ويتوكل عليه ويقول: سأترك التدخين، وإن شاء الله يعني سيعينه الله، لأن الله تعالى يقول: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاًّ (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ، الأخ مسلم يوسف من المغرب، أخ مسلم..

مسلم يوسف: ألو، السلام عليكم.

أحمد الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي: جزاكم الله خيراً على هذا البرنامج.

أحمد الشيخ: حياكم الله.

مسلم يوسف: الذي يفيدونا كثيراً في أمور دنيانا وآخرتنا، فضيلة الشيخ.. مشكلتي تكمن في والدي فهو إلى جانب المواد الغذائية يبيع السجائر ونحن نعلم أن السجائر حرام والمتاجرة فيها حرام ولكن وكذلك نعرف أن أي جسد ينبت من الحرام فهو في النار وأنا بما أن والدي هو الذي يكفلني وينفق علي فإني أتعذب لكوني أني قد آكل الحرام، فما جوابكم؟ أرجو أن تفيدونا في هذا الموضوع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير.

د. يوسف القرضاوي: الوالد بيتاجر في أيه؟

أحمد الشيخ: والده يبدو أنه تاجر، لكن يبيع السجائر ويقول هو الذي يعولني ويطعمني وأنا عندي شك إنه يطعمني من حرام، فما…؟

د. يوسف القرضاوي: هو لأ.. يعني كنا نريد أن نسأله هل والده، يعني يتاجر في أشياء كثيرة ومن ضمنها السجائر؟

أحمد الشيخ: من ضمنها السجاير من ضمنها..

د. يوسف القرضاوي: آه، لأنه فرق إنه هو يكون بياع سجائر وبين إنه مثلاً، في محل بقالة ويبيع فيه أغذية ويبيع فيه مشروبات، ويبيع فيه أشياء كثيرة ومن ضمنها السجاير،تمثل مثلاّ2% أو كذا.. ففي هذه الحالة لا مانع لأنه ليس كل مال والده حرام، ولذلك الإسلام أجاز إننا نتعامل مع غير المسلمين مع أن بعض أموالهم من الربا، النبي عليه الصلاة والسلام تعامل مع اليهود واستلف من يهودي في المدينة 30 وسقاً من شعير، استلفهم في قوت أهله وعياله ورهن عنده درعه، ومات ودرعه مرهونة، كيف يتعامل معه مع إن اليهود يتعاملون بالربا؟ إنما ليس كل مال اليهودي من الربا، فيه مال جايبه من الزراعة، ومال جايبه من تجارة عادية ومن.. فلذلك إذا كان مال الوالد معظمه من حلال فلا يضر الابن أن يأكل من مال والده، وعلى كل حال ينبغي أن يأخذ منه بمقدار حاجته إلى أن يكتفي بذاته، يعني لن يظل الولد معتمداً على أبيه طوال حياته، إذا بلغ سناً معيناً يجب أن يكسب هو رزقه بنفسه بكد يمينه، وعرق جبينه ويعتمد الحلال بعيداً عما فيه شبهة "فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه".

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ، الأخ أبو علاء الدين من لندن، الأخ أبو علاء.

أبو علاء الدين: السلام عليكم.

أحمد الشيخ: وعليكم السلام ورحمة الله .

أبو علاء الدين: فضيلة الشيخ.

أحمد الشيخ: تفضل.

أبو علاء الدين: إنك قلت في الحصة الماضية بأن من يروج المخدرات حكمه حكم من يحارب الله ورسوله، أي القتل..

أحمد الشيخ: نعم، نعم.

أبو علاء الدين: هذا إذن حكم مروج المخدرات إذن ما هو حكم الأنظمة التي تعطل الشريعة؟ ثم هي مصدر هذه المصائب كلها من خمور ومخدرات وإلى ذلك من هذه المصائب، ثم عندنا مثال على ذلك في الجزائر أن العسكر يقتل المسلمين تحت تأثير هذه المخدرات، يعني يتعاطى المخدرات ثم يقتلون الشعب، فأفيدونا، وبارك الله فيكم.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير يا أخي.

د. يوسف القرضاوي: يا أخي، نحن نقول: إن كل من يعطل الشريعة هو أيضاً يدخل فيمن يحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فساداً، كل من يقتل مسلماً بغير حق سواء كان من رجال السلطة أو من غيرهم، لأن إحنا كما نحرم على رجال السلطة أن يعتدوا على الآمنين نحرم أيضاً على الجماعات المسلحة أن تقتل الناس الآمنين كما يعني يشاع كل من يقتل نفساً بغير حق فهذا أمر من أكبر الكبائر في الإسلام والنبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئٍ مسلم بغير حق" والله -تعالى- يقرر في كتابه أن (مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) الإسلام جاء يحمي الحياة الإنسانية، بل جاء يحمي الحياة الحيوانية، النبي- عليه الصلاة والسلام- يقول فيما جاء في صحيح البخاري وغيره، إنه "دخلت امرأة النار في هرة حبستها هرة، قطة، فلا هي أطعمتها ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض" لأنه بيحمي الروح الحيوانية فما بالك بالروح الإنسانية؟ والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: "من قتل عصفوراً عبثاً عج إلى الله يوم القيامة يقول يا رب.. إن هذا قتلني عبثاً ولم يقتلني منفعة" هذا واحد قتل عصفوراً ما بيقتلوش علشان ياكله، لأ، بيلعب، يعبث فيعج إلى الله.. يصرخ يشتكي إلى الله من هذا الرجل الذي قتله، فهذا كله حماية للأرواح فما بالك بمن يقتلون الناس؟! كل قتل عشوائي أو كل قتل للناس بالجملة كده، بغير تحقيق فهذا محرم سواء صدر من أي مخلوق كان، نعم.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ، قبل أن نأخذ المكالمة الأخرى من سويسرا الحقيقة فيه.. من الدكتور أبو بكر محمد، وهو استشاري طب أطفال ويتكلم عن نفس الموضوع: إذا كانت الحكومات المخدرات والكحول لماذا لا تمنع التدخين أيضاً هل هناك مسؤولية على الحاكم في أن يمنع التدخين؟

إلى أي مدى تشارك الحكومات في انتشار التدخين?

د. يوسف القرضاوي: هو للأسف إنه يعني، كثير من الحكومات لا يمنع المسكرات، حتى في البلاد الإسلامية للأسف، إن نجد المسكرات مباحة في كثير من البلاد الإسلامية العلمانية، البلاد التي لا تتخذ الشريعة مصدراً لها تبيح الخمور والمسكرات وتجد إعلانات الويسكي والكونياك والشامبانيا وهذه الأشياء موجودة في كثير من البلدان، إذا كان هذا موجود بالنسبة للمسكرات فما بالك بالتدخين؟! أنا أرى إنه يجب على الدول أن تحارب التدخين، طبعاً التدخين ليس تحريمه مثل تحريم المسكرات ولا تحريم المخدرات، هو أقل درجة، يجب أن نكون صرحاء في هذه الناحية، وبعدين الناس مبتلون به، آلاف الناس، ملايين الناس، مبتلون بالتدخين، في كثير من البلاد الإسلامية حتى في بعض الإحصائيات، قالوا إن في البلاد الإسلامية من أكثر البلاد تدخيناً باكستان ومصر، ملايين.. عشرات الملايين من الناس تدخن، كيف تحارب هؤلاء؟ يعني عملية ليست سهلة، فأنت محتاج قبل أن تحارب هذا بسلطة الدولة أو بالقانون أو بالعقوبة تحتاج إلى أن تحاربه بالتوعية، بالتوعية وبالوقاية، الوقاية خير من العلاج، وبفرض الضرائب العالية على التدخين بحيث إنه يصبح شيئاً غير مقدور للناس، هذا يعني دايماً الدول لما بتحاول تحمي مثلاً صناعة وطنية بتعمل أيه؟ ترفع الضرائب على أمثال هذه الصناعة من الخارج، عندي سيارات بأصنعها في بلدها علشان أحمي هذه السيارات أقوم أرفع على السيارات ة المستوردة وأجعل عليها ضريبة 300% أو نحو ذلك بحيث لا يستطيعها إلا القلة القليلة من الناس فالدولة المفروض تفعل هذا تمتنع هي عن صناعة الدخان، للأسف كثير من البلاد والبلاد الإسلامية تصنع الدخان في بلادها، موجود شركات ومصانع تصنع التدخين، وبعضها بتزرع الدخان، بعضها بتزرعه وبعضها بتصنعه فيجب على الدولة قبل ما تعاقب.. المدخن إنه معظم هؤلاء ضحايا فقبل ما تعاقب المدخن تعاقب.. تمنع تصنيع الدخان، تمنع زراعة الدخان تمنع استيراد الدخان أو على الأقل إذا يعني تتدرج في منعه بحيث تفرض عليه ضرائب عالية جداً، شيئاً فشيئاً إلى أن نصل إلى درجة بحيث يمنع هذا الشيء بتاتاً.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ، الأخ أبو ياسر من سويسرا

أبو ياسر: السلام عليكم.

أحمد الشيخ: عليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.

أبو ياسر: والله أريد أن أعرف رأي الشرع وقول الشيخ القرضاوي في ما نراه الآن يعني نجد أن تبجح إسرائيل وافتراءها وقتلها للمسلمين بلغ المدى وتحاول شعوبنا أن توقف كل أشكال التطبيع فنجد أمر يحير وهو أن بعض القنوات العربية الفضائية، تستضيف مسؤولين إسرائيليين يتحدثون في بعض البرامج الإخبارية أو النشرات ويعلقون على الأحداث وكأنهم أصبحوا إخواننا أو منا فما رأي الشرع في هذا الأمر؟ هل يجوز مثل هذا الأمر، استضافة مسؤولين إسرائيليين يعقبوا على الأحداث أو..؟ أعتقد أن هذا نوع من التطبيع الإعلامي، فماذا يقول فضيلة الدكتور القرضاوي وجزاكم الله خيراً.

أحمد الشيخ: وإن كان السؤال خارج عن موضوع الحلقة الحقيقة لكن معلش..

د. يوسف القرضاوي: هو موضوع بيفرض نفسه على المسلمين، أنا يوم الجمعة كنت باتحدث عن المخدرات في الخطبة، وفي الخطبة الثانية تحدثت عن قضية القدس، لأنه لا يسع مسلماً أن يهمل هذه القضية لأنها قضية العالم الإسلامي بل قضية كل مسلم في العالم كله، لا يسع مسلماً رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً وقرأ سورة الإسراء وعرف الربط بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى، المسجد الأقصى الآن تحاك له المؤامرات لهدمه وبناء الهيكل على أنقاضه، واتخاذ المستوطنات وغلو إسرائيل في هذا الأمر وضربها عرض الحائط بكل مقررات العالم وبكل آراء العالم العربي والعالم الإسلامي، وهي سائرة في غيها، لا يسع مسلماً، الحقيقة، أن يسكت على هذا الأمر، أنا طبعاً ضد هذه القضية برمتها، أرى إن قضية السلام نفسها خطأ شرعي لأنه لا يجوز لأحد أن يتنازل عن أرض إسلامية عاشت أرضاً إسلامية 14 قرناً، ثم نأتي ونتنازل عنها ونجعلها من حق إسرائيل، السلام معناه هذا إننا نتنازل عن حيفا ويافا وعكا واللد والرملة والجليل ودير السبع.. وهذه الأشياء يعني 78% أو كذا من أرض إسرائيل أو أكثر، نتنازل عنها، دي أرض فلسطين، ونقول هي ملك إسرائيل، وهي جزء من دولة إسرائيل ولها سلطة شرعية عليها، هذا معنى السلام ومع.. حتى السلام الذي رضي به من رضي إسرائيل مش راضية به، يعني إحنا زي ما بيقول المثل: "يرضي القتيل وليس يرضى القاتل" فيه مثل يقوله المصريون "رضينا بالغلب والغلب مش راضي بينا" يعني رضينا أن نظلم وهم يعني.. كيف هذا؟! ولذلك نحن ضد هذا العدوان، إسرائيل كلها قامت على أساس الاغتصاب والعدوان، والذين يريدون أن يطبعوا العلاقات مع إسرائيل هم في هذا مخطئون يقيناً، ولا يجير الشرع أن نطبع ما ليس بطبيعي، معنى التطبيع أن تجعل غير الطبيعي طبيعياً، من غير الطبيعي أن يصبح الغاصب لأرضك،المنتهك لعرضك الهاتك لحرمتك المشرد لأهلك، يصبح صديقاً لك، من أين هذا؟! هذا كيف ؟! هؤلاء الذين سفكوا الدم وهتكوا العرض، وشردوا الأهل، وأخرجوا الفلسطينيين من ديارهم بغير حق إلا أن (…) الله، عدة ملايين من الفلسطينيين اللاجئون المشردون في العالم.. ماذا فعل السلام لهم؟ أعادهم؟ ما.. للأسف إن السلام القضايا الهامة كلها تركها معلقة، قضية اللاجئين والمشردين وحقهم في العودة، قضية المستوطنات والمستوطنين، قضية القدس، قضية الحدود.. أهم القضايا.. طب ماذا حل السلام المزعوم؟! وعلى ما نطبِّع؟! نحن ندعو إلى مقاطعة إسرائيل، يجب أن نقاطع إسرائيل اقتصادياً، يجب أن نقاطع إسرائيل اجتماعياً يجب أن نقاطع إسرائيل ثقافياً،يجب أن نقاطع إسرائيل إعلامياً، كل أنواع المقاطعة يجب مادامت إسرائيل مغتصبة لأرضنا، مشردة لأهلنا فيجب أن نظل على هكذا، نقول: لا، لا، كلمة لا دي لوحدها تزلزل كيان الأعداء لا.. بملأ فينا، لا.. لا نقبل الدنية في ديننا ولا الهوان في دنيانا، هذا ما نريده، نريد للعرب أن يدعوا هذا الخنوع والاستسلام، صحيح نحن ضعفاء أمام إسرائيل إنما أقوياء بإيماننا، أقوياء بشعوبنا، أقوياء بجماهيرنا، يعني التتار قديماً كانوا يقولون: "إذا قيل لك أن التتار قد انهزموا فلا تصدق" وقف أمامهم رجل صالح في مصر اسمه سيف الدين قطز، مع الجنود المصريين، ووقف بقوة في 25 رمضان سنة 658 هجرياً بعد سقوط بغداد بسنتين فقط، وانتصر في معركة حاسمة من معارك التاريخ، اسمها معركة عين جالوت، ما هذا الهون الذي نقبله؟! لا يجوز- أبداً- أن نتعامل مع إسرائيل تعاملاً طبيعياً، يجب أن نقاطعهم وكل مسلم يجب أن يقاطع إسرائيل، كل مسلم مسؤول عن هذا، إذا كان الدول أو السياسيين لهم مواقف أخرى إنما أنت -كمسلم- مطالب إنك لا تقبل هذا، تظل مقاطعاً قد تجد البضاعة الإسرائيلية في السوق، وقد تجدها أرخص، وقد تجدها أجود، والله.. وإن كانت أرخص وإن كانت أجود لا أشتريها، هذا نوع من الحرب لأن الريالات أو الدولارات أو الفرانكات التي أدفعها في هذه السلعة تتحول إلى رصاصات بعد ذلك وقنابل وصواريخ يعني يُرمى بها أهلي في فلسطين أو في لبنان أو في سوريا التي تعد لها العدة الآن، لا.. لابد أن نقف صامدين ولا نستسلم أبداً، هذا هو الواجب على كل عربي وكل مسلم.

أحمد الشيخ: جزاك ا لله خير فضيلة الشيخ، الأخت أم فاطمة من فرنسا، الأخت أم فاطمة.

أم فاطمة: ألو.

أحمد الشيخ: تفضلي يا أختي.

أم فاطمة: السلام عليكم.

د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.

أم فاطمة: جزاكم الله خير عنا، عن هذا البرنامج الذي تفيدونا به كل يومين في الأسبوع، وإني أريد أن أطرح سؤال لفضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي

أحمد الشيخ: تفضلي يا أخت.

أم فاطمة: ليس لي علاقة بالتدخين ولكن سؤال آخر، هل يجوز أن أطرحه؟

أحمد الشيخ: تفضلي، تفضلي يا أخت.

أم فاطمة: أنا مقيمة في فرنسا وعندي في بلدي الأصل سكن، ومنذ عام ونصف جاءت ريح عصيفة في بلدي الأصيل وسقط جدار على جاري والجار توفي رحمه الله العام اللي فات الصيف الماضي وحضرنا مع الأهل نساعو ونساع الأخ اللي توفي، بس (..) نجعله هذا الحل، قال: لا خاصة بي هذه، هذه للمحكمة..

أحمد الشيخ: للمحكمة.

أم فاطمة: نعم.

أحمد الشيخ: سأعرض السؤال على فضيلة الشيخ، حتى يتولى الإجابة عنه

أحمد الشيخ: هي مقيمة في فرنسا ولها بيت في بلدها الأصلي لم توضح البلد، يبدو أن أحد إن الجدار متداعي فسقط على جار البيت وتوفي الجار، الآن ما هو الواجب عليها؟ ماذا تفعل؟ قيل لها فلتذب إلى المحكمة ماذا.. هل..؟

د. يوسف القرضاوي: إذا كان الجدار آيل للسقوط فتكون هي مسؤولة فعلاً عن الجناية، لأنها هذا قتل بالتسبب، قتل بالتسبب، لو واحد يملك بيتاً وبيت آيل للسقوط وأحياناً الجهات المسؤولة تقول له هذا البيت آيل للسقوط فإذا وقع هذا البيت وسبب ضرراً لأحد هو يكون ضامناً لهذا الضرر، إذا كان ضرر مالي يعوض المتضررين، إذا كان ضرر بالقتل تعتبر عليها دية لهذا الشخص المقتول إلا أن يتنازل أهله، (وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا) إذا تصدقوا عليها وعفوا عنها وتبرعوا لها بالدية فلا.. وإلا المفروض يكون عليها الدية لهذا الرجل الذي قتل بسبب هذا الجدار المتداعي.

أحمد الشيخ: نعم، جزاك الله خير فضيلة الشيخ، ما تبقى لنا أقل من عشر دقائق سنحاول نخصصها للإجابة على الكمية الهائلة من الفاكسات الموجودة لدينا. السؤال من الأخ أحمد محمد من ألمانيا، وإن كان خارجاً عن الموضوع ليس لدينا فاكسات حول التدخين، منذ مدة طويلة- يقول- وزوجته تلح عليه أن يطلقها وتزعم أن.. وهو يقول أنه لم يوافقها على ذلك، وعندما كان يرفض الطلاق راجياً من الله أن تتغير يوماً ألحت على طلاق الخلع حتى تفتدي نفسها، ولما نفذ صبره من كثرة إلحاحها قال لها أن تختاري بين الطلاق الرجعي وطلاق الخلع، وشرح لها كل طلاق على حدة فقالت إنها تريد الطلاق الرجعي، علماً بأنها هي التي تطالب دائماً بالطلاق، وهكذا قال لها بأنها طالق رغم أنه قد جامعها في طهر، فهل يعتبر هذا طلاقاً رجعياً أم طلاق خلع، رغم أنها طلبت الطلاق الرجعي؟ وكيف يمكن التعامل معها في بيت الزوجية أثناء عدتها؟

د. يوسف القرضاوي: يعني الأخ يبدو إنه لا يعرف معنى طلاق الخلع، الخلع أن تفدي المرأة نفسها كما قال الله تعالى (فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) يعني تدفع له ما دفع إليها من قبل، يعني متزوجها دفع لها ألف دينار أو 10000 جنيه أو 20000 ريال أو أي مبلغ فيعني لكي.. تخلع هي نفسها من الرجل يدفع لها المبلغ الذي دفعته، فهذا معنى الخلع، تفدي نفسها، يعني هي لا تطيق العشرة معه، ولأنه طباعهم كما يقول الأخ غير متوافقة أو نحو ذلك فهي إذا كانت لا تطيق العشرة مع زوجها ولا تستطيع أن تقيم حدود الله معه وأن تؤدي إليه حقه تطلب أن تفدي نفسها فتدفع مالاً ويطلقها، هذا العوض وهذا طلاق طلقة بائنة لا رجعة فيها لا يجوز للزوج أن يراجعها لأنه طلاق على مال وإلا طب تدفع فلوسها وبعدين ييجي يراجعها لا يستطيع، هذا طلاق الخلع، أما طلاق الرجعة الطلاق الرجعي فمن حق الزوج أن يراجعها في العدة، صحيح هو قال إنه كان طلقها في طهر وجامعها فيه وهذا ليس طلاق السنة، الطلاق السني المضبوط إنه يطلقها في طهر لم يمسها فيه. إنما هذا يعتبر هذا طلاق بدعي إنما هل واقع أو غير واقع المذاهب الأربعة توقع هذا الطلاق، وبعض الفقهاء يقولون لأ، مادام طلاق بدعي لا يقع، إنما المذاهب الأربعة توقع هذا الطلاق، فهو طلاق رجعي ومعنى طلاق رجعي إنه يجوز للزوج أن يراجع زوجته أثناء العدة بل يحرم عليه أن يخرجها من بيتها أثناء العدة، ويحرم عليها هي أن تخرج الله تعالى يقول: (ْيَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا العِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ) ثم يقول: (لاَ تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً) يمكن النفوس تروق بعد أن تعكرت وتصفو بعد أن تكدرت فيراجعها فهو، يعني، طول العدة ما هي موجودة، والعدة هي ثلاثة حيض، إذا كانت من ذوات الحيض فالحيض ثلاث مرات، في هذه المدة يجوز أن يراجعها كما قال عز وجل، (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً)

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ، لدينا سؤال يتصل بالموضوع الذي نطرقه اليوم، لا أستطيع قراءة اسم الأخ أبو علاء، يبدو من رومانيا، يسأل الحقيقة يقول: كثر الحديث عن شجرة القات في بلاد اليمن، وعلماء اليمن لم يصدروا فتوى مطلقة بخصوص هذه الشجرة، وعلماً بأن بعض من الإسلاميين في اليمن يتناولون هذه الشجرة ويقول قائل إنها ليست مخدرات، فهل نقول أن علماء اليمن أدرى بشجرتهم فنبيح لهم؟ فما قول فضيلتكم في ذلك؟

د. يوسف القرضاوي: نقول: إن علماء اليمن مبتلون بهذه الشجرة فلا نأخذ بفتواهم، إنما في المؤتمر العالمي لمكافحة المسكرات والمخدرات والتدخين والقات الذي انعقد في المدينة المنورة وتحت ظلال الجامعة الإسلامية هناك منذ بضعة عشر عاماً وقد شاركت فيه اتفق العلماء الحاضرون من علماء الشرع وعلماء الطب، وعلماء الصيدلة اتفقوا جميعاً على تحريم القات، وذلك لضررة الواضح، وأنا لاحظت هذا الضرر، وكنت لا أعرف القات هذا، إنما حينما زرت اليمن.. أول مرة أزور اليمن فيها وجدت هذا الـ.. كنا مدعوين على غداء، وأحد الإخوة معاه كده شيء أخضر كده، قالوا لي أنت رأيت القات؟ قلت لهم لأ، قالوا هذا هو القات، عايز شيء.. هو ده القات؟ آه.

بكم يا أخي هذا الـ..؟ قال: والله اشتريته بـ 150 ريال وكان 150 ريال في ذلك الوقت يعني مبلغ كبير، فقلت له: كم يكفيك يعني؟ أسبوع، عشرة أيام؟ قالوا: لا، هو سيجلس الآن يتسلى بهذا من هنا إلى المغرب يكون خلص هذا..! شيء يعني.. قلت لهم إذن ده أضعاف السجاير، نحن نحرم السجاير لأنه 5 ريال أو كذا، فما بالك بهذه..؟! فالقات مضر، وبعدين هم بيقول له ده بيخزن.. بيخزن يعني أيه؟ يحطه تحت لسانه كده ويخزنه ويظل من الظهر إلى قرب المغرب لا يتحرك، يعني يعطل الإنسان، يهد قوته و.. فتعطيل القوى الإنسانية، الطاقة الإنسانية وبعدين حوال 1/3 الأرض، 30% من أرض اليمن مزروعة بهذا القات، يزرعوها قمح أو يزرعوها خضروات أو يزرعوها خضروات أو يزرعوها فواكه بدل ما يزرعوها هذه.. فلذلك القات يعني مضر، ولم أجد من علماء اليمن إلا الشيخ البيحاني رحمه الله، الذي ذكر في كتابه "في إصلاح المجتمع" تحريم القات، وقال إن آفة القات ومن أول آفات القات إضاعة الأوقات إلى آخره..

أحمد الشيخ: نعم لدينا أقل من دقيقتين الحقيقة فضيلة الشيخ، سؤال من الأخ محسن بو عياد باختصار شاب ملتزم يقول يريد الذهاب إلى السودان من أجل الجهاد في سبيل الله، هل يجب عليه طلب الإذن من والديه مع العلم أنه يبلغ من العمر 23 سنة؟

د. يوسف القرضاوي: نعم يجب أن يستأذن والديه، لأن هذا الجهاد بالنسبة له فرض كفاية، بالنسبة لأهل السودان فرض عين عليهم إن هم يقاوموا الغزو الأجنبي إريتريا تريد أن تقمعهم، والحبشة، أثيوبيا، تريد أن تغزوهم، وأوغندا تريد أن تغزوهم، و(جارانج) عميل لهؤلاء جميعاً، أهل السوادان فرض عين عليهم، فالشاب في السودان لا يجب عليه أن يستأذن أبويه، يستحب له أن يستأذن أبويه، إنما لو رفض أبواه يروح يجاهد، ولكن غير السودانيين يجب أن يستأذن الوالدين، لأن هذا فرض كفاية وفرض الكفاية، يجب أن يستأذن فيه، لأنه إذا تعارض فرض الكفاية وبر الوالدين فرض عين يقدم فرض العين على فرض الكفاية، إنما إذا تعارض فرض العين المتعلق بحق الفرد وفرض العين المتعلق بحق الأمة والمجتمع يقدم فرض العين المتعلق بحق الأمة، وهذا هو شأن الإنسان السوداني إنه يجب عليه أن يقاتل وإن لم يستأذن أبويه.

أحمد الشيخ: جزاك الله خير فضيلة الشيخ.

بهذا نأتي أيها السيدات والسادة إلى نهاية هذه الحلقة من برنامج (الشريعة والحياة) واسمحوا لي في ختامها أن أتقدم باسمكم بالشكر إلى فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، وإلى أن نلتقي الأسبوع المقبل. هذا أحمد الشيخ يحييكم باسم كل العاملين بالبرنامج، ولكم أجمل المنى والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.