الشريعة والحياة

التوبة إلى الله

ما أهمية التوبة, وما شروط صحتها ومقوماتها وأركانها ؟ وما آثارها على الإنسان في الدنيا والآخرة؟ هل التوبة وجوبية, ؟ وهل لها ثمرات أومكاسب؟ وهل الحج من شروط التوبة؟
مقدم الحلقة أحمد منصور

ضيف الحلقة

د. يوسف القرضاوي – داعية إسلامي كبير

تاريخ الحلقة

31/01/1999

أحمد منصور:

undefined
undefined


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً بكم في حلقة جديدة من برنامج الشريعة والحياة.أغرقت الحياة المدنية الحديثة بوسائلها المختلفة حياة الناس، وملأتها بالشبهات والشهوات، والمعاصي، والسيئات، حتى أصبح المرء يقع في الذنوب رغم أنفه، بعدما تكاثرت المغريات بالشرور، وقلت البواعث على الخيرات، فأصبحت القلوب بحاجة إلى من يوقظها، والنفوس بحاجة إلى من يبث العزم واليقظة في جوانبها.

ومن ثم فإن العودة إلى الله -سبحانه وتعالى- وتوثيق الصلة به هي المخرج من كل ما يحيط بالإنسان من مغريات وشهوات-كما أن التوبة الدائمة إلى الله سبحانه وتعالى أصبحت ضرورة ملازمة للإنسان، ليكفر بها عن الذنوب التي تلاحقه ويلاحقها. في هذه الحلقة نتناول أهمية التوبة وضرورتها، وفضلها، ووجوبها، ومقوماتها، وأركانها، كما نتعرض لثمراتها ومكاسبها وأثرها على الإنسان في الدنيا والآخرة، وذلك من خلال حوارنا مع فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي. مرحباً فضيلة الدكتور.

د. يوسف القرضاوي:
مرحباً بك يا أستاذ أحمد

أحمد منصور:
ولا بأس على حضرتك

د. يوسف القرضاوي:
بارك الله فيك، وأعزك الله.

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، في البداية لو نظرنا إلى واقع الناس نجد -كما أشرنا في المقدمة- المغريات والشهوات أصبحت تحيط بالإنسان في كل ما يراه في الحياة. هل هذا الأمر سببه أيضاً المدنية الحديثة؟أم أنها طبيعة الحياة الدنيا منذ أن خلق الله الإنسان أن يجد المغريات تجذبه دائماً إلى المعاصي، والبعد عن الله؟

د. يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم. أما بعد، فقد خُلق الإنسان وفيه استعداد للخير واستعداد للشر. خُلق على طبيعة مزدوجة كما نرى في خلق آدم. قبضة من الطين ونفخة من الروح، فالطين يدفع به إلى الأسفل والروح تنزع به إلى الأعلى، وهناك صراع بين هذين النموذجين أو هاتين الركيزتين في النفس الإنسانية.
فأحياناً الإنسان يعني يغلب طينه وينزل إلى الأسفل ويكون كالأنعام أو أضل سبيلا، وأحياناً يرقى به الروح ونفخة الروح فيصبح كالملائكة، ولذلك حينما تحدث الله تعالى عن النفس قال (ونفس وما سواها. فألهمها فجورها وتقواها. قد أفلح من زكاها. وقد خاب من دساها).

فالنفس ملهمة بطبيعتها الفجور والتقوى، الاستعداد للفجور والاستعداد للتقوى، عندها استعداد لأن ترقى واستعداد لأن تهبط، فلذلك كان على الإنسان أن يغالب نفسه. الله -سبحانه وتعالى- أراد أن يكون هذا النوع من المخلوقات نوعاً مختاراً،لم يخلقه كالملائكة مفطوراً على الطاعة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون، ولم يخلقه كالبهائم أو السباع يعني يفعل ما توحيه الغريزة.

إنما هو إنسان عنده عقل، وعنده إرادة، وعنده حرية الاختيار، فلذلك الإنسان لابد أن يجاهد نفسه، ولو استذاب لغرائزه وللمغريات الأخرى، ومن هذه المغريات إن الإنسان سُلط عليه الشيطان.

قال أحد الصالحين:
إني بُليت بأربع يرمينني بالنبل عن قوس له توتير.
إبليس والدنيا ونفسي والورى يا ربي أنت على الخلاص قدير.

[فاصل إعلاني]

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، في ظل هذا الأمر، وهذه المغريات يعني ما هي في تصورك أسباب انغماس الناس أيضاً في الشهوات؟

د. يوسف القرضاوي:
أنا أقول الإنسان بطبيعته ميال لأن يخطئ ودا الله خلقه هكذا، ولذلك فالحديث "كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" وأول إنسان وهو أبو البشر آدم أخطأ، أكل من الشجرة المنهي عنها، وقال الله تعالى: (وعصى آدم ربه فغوى. ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى).

فإذا كان آدم قد أخطأ فلا عجب أن يخطئ بنوه، فهي وراثة من قديم، الإنسان بطبيعته يمكن أن يخطئ ممكن أن يستجيب لغرائزه ونفسه الأمارة بالسوء، ممكن أن يستجيب لشيطانه، ممكن أن يستجيب لشياطين الإنس الذين يغرونه، ممكن أن يستجيب لزينه الدنيا وزخرفها، ممكن هذا يعني كله يحدث في عصرنا. طبعاً أضيفت أشياء جديدة، وهي كثرة المغريات بالشر، وكثرة العوائق عن الخير، وكثرة الأدوات، وقوة الأدوات.

يعني زمان كان اللي بيهدم بيهدم بإيه؟ بفاس أو بمعول، الآن بيهدم بلغم، ممكن عمارة يعني 80 دور لغم يجيب عاليها واطيها في لحظات، فالهدم أيضاً في طريق الإنسان إلى الخير وتعويق الإنسان عن الطاعة وإغراء الإنسان بالمعاصي في عصرنا، أصبح هذا أمر خصوصاً هذه العولمة هذه، يعني عولمة الشر، عولمة المعاصي، الدعوة إلى الإباحية، إلى المادية، إلى نسيان الآخرة، إلى الاستغراق في متاع الدنيا.
أصبح هذا هو الأمر السائد، ولذلك كان على الإنسان أن يقاوم مقاومة شديدة، ويجاهد نفسه مجاهدة غلابة، حتى ينتصر على نفسه وعلى شيطانه، والله -سبحانه وتعالى- يقول (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين).

أحمد منصور:
نعم، يعني معنى ذلك أن التوبة هي المخرج الرئيسي للإنسان، لكي يعني يستطيع أن يقاوم هذه المغريات الدائمة، وهذه الذنوب التي -كما أشرنا في المقدمة- يرتكبها الإنسان رغم أنفة شاء أم أبى. أهمية التوبة هنا وضرورتها في ظل هذا الواقع؟

د. يوسف القرضاوي:
التوبة .. معنى كلمة توبة في اللغة العربية .. يعني إيه تاب؟ يعني رجع يعني الإنسان بالمعصية يشرد عن الله، يشرد عن الطريق المستقيم، بالتوبة يرجع إلى الفطرة السوية ويرجع إلى الحالة الطبيعية، ويصطلح على الله -عز وجل- ومن أجل هذا كانت التوبة ضرورية، حتى يستقيم الإنسان مع نفسه ومع فطرته ومع أمر ربه، ويعيش متكيفاً تكيفاً سليماً، لأن العاصي يعني في الواقع .. المعصية مش بس بتضر الإنسان في آخرته، تضره في دنياه قبل آخرته.

الذين يعصون الله -تبارك وتعالى- يضيعون الصلوات، ويتبعون الشهوات، ويقترفون المنكرات، وينتهكون الحرمات، ويفعلون هؤلاء ليسوا أسوياء، ليسوا مستريحين في حياتهم، إنهم يشعرون في داخل أنفسهم بعدم الاستقامة مع الحياة، يشعرون دائماً بالضيق، يشعرون دائماً بعدم الرضا عن النفس.

يعني فهم في حاجة إلى أن يصلحوا أنفسهم، التائب لأ، هذا استقام مع نفسه، واستقام مع ربه، واستقام مع فطرته، وعمل لدنياه وآخرته، لم يخسر شيئاً .. التائب لم يخسر شيئاً، بالعكس هو يكسب يكسب لنفسه هذه الاستراحة النفسية، السكينة…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
لكن فضيلة الدكتور الواقع بيزين غير ذلك، الشيطان يزين للإنسان المعصية، الناس المنغمسون في الشهوات أيضاً يعني تزين لهم الشهوات وهم يزينونها للناس، ويعتقد كثير من الناس أن هؤلاء يعيشون في نعيم، وهؤلاء يعيشون في سعادة، وبالتالي تجد يعني بعض الناس لا تقبل على الذنب، لأنها لا تستطيع أن تصل، أو لا تستطيع أن تحقق هذا. كيف يتوازن هذا مع ما ذكرته فضيلتك الآن من أن فعلاً أن الغارقون في الذنوب هم في حقيقة الوضع هم تعساء ويشعرون بالتعاسة وليس بالسعادة؟

د. يوسف القرضاوي:
نعم .. نعم، هذا هو الواقع .. الواقع إن هؤلاء، وده بيظهر في مناسبات معينة، يظهر عندما يخفق الإنسان في أي شيء في الدنيا، يعني لا تجد عنده أي صلابة لا يستند إلى ركن ركين، ولا إلى حصن حصين، لو أخفق في تجارة، يعني خسرت تجارته، لو أخفق في حب واحدة كان بيحبها، لو فشل في امتحان، سرعان ما يذهب ينتحر -والعياذ بالله- لو أصابه مرض يعني يشعر بأن هذا الذي يعيش فيه .. لو كان يعني غنياً فافتقر يجد الذين كانوا يصاحبونه، ويسهرون معه في السهرات وفي المخدرات وفي المسكرات هؤلاء انفضوا عنه تماماً، وعاش وحيداً مستوحشاً.

الله! إذن حياة المعصية دي حياة لا قيمة لها، لأنها حياة يعني إذا قسناها بالمقاييس الصحيحة، حياة ليس لها وزن. الحياة الحقيقية هي حياة الطمأنينة بالاستقامة والطاعة والإيمان، وهذه هي التي قال فيها بعض الصالحين: نحن نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف.

يعني من فضل الله إن الملوك ما يعرفوش قيمتها فسايبينا نستمتع بها دون أن ينافسونا عليها، لو علموا بقيمتها لجالدونا عليها بالسيوف. هذه هي السعادة الروحية، هي التي قالتها أم كلثوم بنت على بن أبي طالب لعمر حينما يعني تغاضبا يوماً، فقال لها: "لأشقينكي"، قالت له: "لا تستطيع، لأني لو كانت سعادتي في مال لحرمتني منه، أو في زينة لقطعتها عني، ولكني أرى سعادتي في إيماني، وإيماني في قلبي، وقلبي لا سلطان لأحد عليه غير ربي".

فهذه هي السعادة التي يحسها التائبون إلى الله، والذين وضعوا أيديهم في يد الله، إنها السكينة التي قال الله فيها: (هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم). إنها الطمأنينة (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

أحمد منصور:
لكن بعض الناس الذين غرقوا في المعاصي والسيئات، وقضوا فيها سنوات طويلة يكادوا ييأسوا من رحمة الله، ويقولوا: يعني إذا إحنا يعني كم الذنوب الذي وقعنا فيه، والكبائر التي قمنا بارتكابها، والمعاصي أكبر من أن إحنا نلجأ إلى الله سبحانه ونطلب منه أن يغفر لنا هذا الأمر، خاصة إذا هذا يتعلق أيضاً ليس بخطأ الإنسان تجاه نفسه، وإنما تجاه العباد، وتجاه الآخرين أيضاً، يقول: كيف أستطيع أن أرد هذه الحقوق؟! فيظل منغمساً فيما هو فيه. ما هو الموقف من هذا؟

د. يوسف القرضاوي:
لا هو .. هذا خطأ من غير شك، وهذا من موانع التوبة. التوبة لها بواعث ولها موانع، ومن موانع التوبة أن تستحكم الذنوب في حياة الإنسان، وتطبق عليه، ويشعر باليأس، بأن هو يعني مين .. كيف ده أنا عشت طول حياتي مرتكباً للمنكرات مقترفا للكبائر، غارقاً في أوحال الذنوب، ويعني يقول: ده أنا لو نزلت في المحيط الهادي لن يطهرني، بعض الناس يظن هذا، هذا خطأ من غير شك، ليس هناك يعني ذنب يعظم على عفو الله عز وجل…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
مهما كان حتى الكبائر؟

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
مهما كان، الله وتعالى يقول: (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم). الذنوب جميعاً تغفر بالتوبة، حتى الشرك! حتى الكفر، لأن الإنسان إذا كان مشركاً، وكافراً وتاب يعني يتوب الله عليه (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) والله -تعالى- قال للمشركين: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فإخوانكم في الدين).

فبالتوبة .. التوبة تجبُّ ما قبلها ومنها التوبة من الشرك، والتوبة من النفاق، والتوبة من الكبائر، والتوبة من الصغائر، التوبة من كل ذنب، حتى المنافقين، ربنا -سبحانه وتعالى- قال: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيراً. إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين).

بس بشرط أن يتوبوا، فباب التوبة مفتوح للجميع، كل ما في الأمر أن تكون توبةً صادقة، توبة خالصة، توبة نصوحاً كما عبر القرآن الكريم، لأن بعض الناس بيظن التوبة مجرد كلام تقال، وبعض الناس يأتي للمشايخ ويقول له: توبني يا سيدنا الشيخ…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم، ما هو .. ولهذا نحن نسأل: ما هو شكل التوبة التي يعني هي توبة نصوحاً كما قال الله سبحانه وتعالى؟ وما هي أركان هذه التوبة التي يأمن أو يعني يرجو الإنسان من خلالها أن يكون الله -سبحانه وتعالى- قد غفر ذنوبه؟

د. يوسف القرضاوي:
التوبة لها أركان أو مقومات، ولها شروط، والأركان التوبة الأساسية ثلاثة: ركن هو الندم، يعني الركن مقومات التوبة فيه مقوم نفسي، وده يعني -كما قال الإمام الغزالي- يتكون من علم وحال وعمل اللي هو الجانب المعرفي في التوبة. الإنسان يعرف يعني خطأه، وإنه يعني سلك مع الله سلوكاً غير لائق، ويعرف آثار هذه الذنوب، وآثار المعاصي في دنياه وفي آخرته، وعلى نفسه، وعلى صحته، وعلى أخلاقه، وعلى أسرته، وعلى أولاده.

يعرف هذا، ويعرف مقام الله -عز وجل- ويعرف حاجته إلى التوبة، هذا الجانب المعرفي. الجانب المعرفي ده يترتب عليه جانب وجداني، اللي بيسميه الإمام الغزالي الحال، وده اللي بنقول عنه: الندم بعدما يعرف الإنسان هذا، يترتب عليه أن يندم، إذا انتبه القلب إلى آثار المعاصي ندم الإنسان.

الندم ده هو شعور .. توتر يحس به الإنسان بلدعة تلدع كأنها نار تحرقه، احتراق داخلي. ربنا حدثنا عن نفسية التائبين في سورة التوبة فقال: (وعلى الثلاثة الذين خُلِّفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا).

هذا حالتهم أهه، ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، على سعة الدنيا يتهيأ له إنها أصبحت كأنها يعني كورة صغيرة، وضاقت عليه نفسه، وظن أن لا ملجأ من الله. لابد هذه الحالة النفسية هذا الشعور الحسرة، والحزن على ما فات وما فرط في جنب الله، هذا يعني الشيء الأوليُّ.

بعد ذلك يؤثر هذا في ناحية أخرى وهي ناحية العزم والتصميم بالنسبة للمستقبل، ندمت على ما فات لابد من العزم على إصلاح ما هو آت، ما يكفيش إن أنا زعلان وحزنان ومتحسر على ما مضى، لأ، لابد من .. خلاص هذا يؤدي إنه خلاص لن أعود إلى المعصية أبداً، قالوا .. كما لا يعود اللبن إلى الضرع إذا خرج منه. إذا خرج اللبن من الضرع هل يعود إليه؟ مستحيل! فهو لابد أن يكون ساعة التوبة مصمماً على ألا يعود إلى هذا الذنب أبداً، هذا من ناحية.

وبعدين من ناحية أخرى فيه جانب عملي، بعد ذلك بعد هذا الجانب الوجداني والإرادي سلوك عملي، وهو أن يقلع بالفعل من المعصية، وهذا الجانب العملي له فروع منها، أن يستغفر الله -تعالى- بلسانه (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) ومنها أن يغير البيئة، يعني في الحديث الصحيح أن رجلاً قتل 99 نفساً، وذهب إلى عالم وقال له: أنا قتلت مائة واحد قال له: لأ، ما لكش توبة أبداً، قال له: طب، أكمل بك المائة…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
إلى عابد وليس عالم..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
العابد .. لما راح إلى عالم قال له: قتلت مائة نفس، قال له: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ بس اترك البلد اللي أنت فيها وأذهب إلى قرية صالحة أخرى. فمعنى هذا أن الإنسان عليه أن يغير البيئة، الشلة القديمة، لابد يغير .. يغير أصحاباً بأصحاب وإخواناً بإخوان، هناك أناس يعني يدعونه إلى الخير إذا رآهم، رؤيتهم تدله على الخير، كلامهم يحث على الطاعة، مصاحبتهم تغريه بتقوى الله، فلازم يغير البيئة.
وبعدين من ناحية أخرى كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- "وأتبع السيئة الحسنة تمحها" وكما قال الله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات). فعليه إنه يغير السيئة بحسنة، يبدل السيئة بالحسنة .. يتبعها بحسنة وخصوصاً حسنة من جنسها.
يعني -مثلاً- إن كان يعق والديه عليه أن يبالغ في برهما، كان يعق .. يقطع أرحامه عليه أن يصل الأرحام، كان يغتاب الناس عليه أن يذكر حسناتهم، كان بيقرأ الكتب .. الكلام الفارغ، عليه يقرأ كتاب الله ويقرأ الكتب الإسلامية، كان بيشتغل يعني مذيع للضلال، عليه يشتغل مذيع للصدق وللخير، كان بيؤلف كتب تضلل الناس عن الله، لأ .. عليه يؤلف كتب الآن ترد الناس إلى الله، وتدعو الناس إلى الله هذه السيئة يعمل حسنة من جنسها فأتبع السيئة الحسنة.

فهذه هي الأركان ومقومات التوبة، ليست مجرد أن يقول: تبت إلى الله، ورجعت إلى الله، وندمت على معصية الله كما هي…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني هي التوبة سلوك فعلي، وليست مجرد توبة لسانية أو…

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
آه، لأ .. سلوك..

أحمد منصور [مستأنفاً]:
كلمات يرددها الإنسان..

د. يوسف القرضاوي:
سلوك ناشئ عن وجدان، عن توتر، عن هذا الندم وعن هذا العزم، يتبعه سلوك. إذا صدقت التوبة لابد أن يتبعها يعني سلوك، ولذلك القرآن يقول: (وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى) ويقول: (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقَ آثاماً. يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً. إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً).

فلابد مع التوبة من تجديد الإيمان. التوبة تجدد إيمانه، لأن الذنوب تخدش الإيمان فلابد أن نرمم هذا الإيمان بالتوبة، وهو إيمان يتبعه عمل للصالحات.

[موجز الأنباء]

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، حدثتنا عن أركان التوبة، وهذه الأركان لابد من شروط لها، حتى يعني يقبل الله -سبحانه وتعالى- هذه التوبة، وتدوم على الإنسان أيضاً. ما هي أهم شروط التوبة؟

د. يوسف القرضاوي:
بسم الله الرحمن الرحيم. أهم شروط التوبة أن يرد الإنسان المظالم، يعني ليس معنى التوبة أن الإنسان .. تبت إلى الله، وقد أكل حقوق الناس، وأكل أموالهم
بالباطل، وجمع الملايين من هنا ومن هناك، ويظن إنه مجرد ما يتوب إلى الله إن انتهى هذا، لأ، حقوق العباد هذه لابد أن ترد إليهم (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها). فلابد وخصوصاً الحقوق المالية، الحقوق الأدبية .. فيه حقوق أدبية كـ .. اغتاب واحد أو شتمه أو اتكلم في حقه أو كذا.

بعض العلماء كان يقول: إنه عليه أن يذهب إليه، ويقول له: والله أنا كنت اغتبتك في المجلس الفلاني، وقلت عنك: كذا وكذا، وأرجو أن تسامحني، ولكن شيخ الإسلام ابن تميمة، وابن القيم، والناس المحققين قالوا: لأ، هذا ليس فيه فائدة يوغر صدره، ومن غير ما هو ما كان يعلم هذا، فما دام .. إذا كان يعلم يروح يقول له: سامحني فيما قلت عنك، إنما إذا لم يكن يعلم فلا داعي لأن يعني يثير همه وقلقه على شيء ما كان يعرفه يستغفر فيما بينه وبين الله من هذا الأمر، ويدعو له، ويذكره بالحسنات كما كان يذكره بالسيئات في المجالس التي كان يذكره فيها بالسوء.

إنما المشكل هو الحقوق المالية، هي لأن الذنوب يعني .. يعني نوعان، حقوق ذنوب فيما بين الله وبين الإنسان، وذنوب فيما بين الإنسان وبين الآخرين من عباد الله، وهذه هي الأخطر. الإنسان لو تاب فيما بينه وبين الله، كان بيشرب خمر وتاب إلى الله يعني…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
مضرته على نفسه فيها..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
آه لأن هو جنى على نفسه، وخصوصاً لو كان بيشرب من ماله ما، ما أسأشي إلى آخرين، يعني أو ما أخدش فلوس من آخرين أو كذا أو ما اعتداش على حد، إنما المشكل فيما إذا كان إنساناً أخذ أموال من الناس بغير حق، يعني نهباً أو اختلاساً أو سرقة أو رشوة أو ظلماً من…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
أو اكتسبه من مصدر حرام..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
أو تجارة…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
تجارة حرام مثلاً..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
تاجر في الحرام، أو تاجر كان يغش الناس يأتي ببضائع يعني فاسدة ويبيعها للناس على أنها يعني صالحة أو أطعمة يعني ملوثة بالإشعاع أو .. أو .. الناس اللي بيتاجروا في الأشياء دي أو بيتاجر في المخدرات فيه ناس بتكسب الملايين من هذا، وييجي يقول: تبت إلى الله، ويروح يحج! والله لو حجيت ألف مرة ما ينفع هذا، لابد أن ترد هذا، ولو تجردت ولم يبقى معك فلس واحد…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
طب كيف يردها وإذا كان تاجر -مثلاً- هو يتعامل مع آلاف من الناس؟ الآن صار خلطة في ماله!

د. يوسف القرضاوي:
هو إذا كان يعرف .. إذا كان يعرف المظلومين، ويعرف إنه واحد عرف إنه خد من جماعة الفلانيين دول أرض، ضم أرض من أرضهم إليه وهي مش حقه، فيروح يقول لهم: والله حرجع لكم مثلاً أرضكم، وناس كَل عليهم ألف ريال، وعارف إن فلان ده كَل عليه ألف ريال زمان، فيروح بس يشوف الألف ريال بتاع زمان.
فاللي يعرف دي…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
تساوي كام الآن..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
تساوي أد إيه دلوقتي، لأن ممكن ألف ريال زمان كانت تشترى مثلاً بيت ودلوقتي ما تساويش شيء، يعني لابد…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني يردها بمقدار اليوم؟

د. يوسف القرضاوي:
بمقدار اليوم حتى يكون عادلاً. إذا لم يكن يعرف الذين ظلمهم .. واحد تاجر وعاش طول عمره يظلم الناس في التجارة، ظلم الآلاف المؤلفة، فده حيعمل إيه…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
صحيح، ماذا يفعل فعلاً؟

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
كذلك واحد مثلاً ظلم أناساً ماتوا هؤلاء الناس، إذا ماتوا يرجع الحق إلى ورثتهم، دوَّر على ورثتهم لم يجد لهم ورثة…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
ورثياً..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
في هذه الحالة عليه أن يتصدق عن هؤلاء الذين ظلمهم فإذا .. يوم القيامة إذا أقروا بالصدقة هذه لهم ثواب الصدقة، قالوا: لأ، نريد إحنا فلوسنا، إحنا مش عايزين صدقة يبقى يديهم يعني حسنات اللي بيديها لهم…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
من حسناته..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
وربنا يقبل منه هذه الصدقة إن صحت إيه؟ توبته، المهم إنه لابد إما يرد الحق أو يستحله. الحديث الصحيح الذي رواه البخاري وغيره "إنه من كانت له مظلمة عند أحد فلابد له أن يتحلل منها" يعني يروح يقول له: أحلني من هذا، يعني تنازل عن حقك ليَّ، اعفُ عني، أسقط حقك، يعني حاول .. أنا مش قادر أسدد لك هذا، يعني خد ثواب فيَّ وسامحني. فإذا سامحه فيها .. ما سامحوش يبقى ربنا -سبحانه وتعالى- أهلٌ لأن يُرضِي عنه خصومه يوم القيامة إذا تاب توبة لـ .. إذا لم يتب فإن هؤلاء الخصوم سيأخذون من حسناته، لأن يوم القيامة ليس هناك يعني دنانير ولا دراهم ولا ريالات ولا جنيهات…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
إنما حسنات وسيئات، نعم..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
فيه حسنات وسيئات، إدينا حقنا. ما حجيب لكم منين؟ والله هات لنا من حسناتك، يدي لهذا من حسناته، وهذا من حسناته وهذا من … حتى يفلس، النبي -عليه الصلاة والسلام- سماه المفلس، كل ماله من صلاة، وصيام، وحج وكل شيء انتهى، أخذه الخصوم، وبعدين بقي بعض الناس، تقول: إحنا يا رب إحنا لسه لنا حقوق عند هذا الرجل، وما عدش عنده حسنات، فيقول الله سبحانه وتعالى: ضعوا من سيئاتكم على سيئاته، خففوا عنكم أنتم من أوزاركم، وحطوا عليه حتى يرمى به في النار والعياذ بالله، المهم لا يضيع حق في هذا اليوم.

فالإنسان بدل ما يحدث له هذا، يحاول هو يعني ما أن يرد الحقوق إذا استطاع، أو يسترضي الخصوم، وإذا لم يرضوا عليه أن ينوي إن كل ما جاءه شيء يسدد يعني زي دين عليه، يبقى والله يقول: أنا راتبي 3 آلاف في الشهر يبقى أصرف ألف، وآدي ألفين للخصوم أو ألف وخمسمائة .. وألف وخمسمائة أو ألفين وألف لهؤلاء، طول ما هو عايش يسدد في هذا الدين، يعني أمر يهمه مش أمر على هامش حياته، لازم أمر يحمل ثقله…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
وجزء رئيسي تصح به توبته.

د. يوسف القرضاوي:
هذا لابد منه حتى تقبل التوبة.

أحمد منصور:
من اختلط ماله بأناس كثيرين مثل التجار مثلاً -على سبيل المثال- واحد ظل عشرين ثلاثين .. يعني سنة يتاجر واختلط الحرام بماله، كيف ينقي هذا المال؟ وكيف يستطيع أن يعرف حقوق الناس وقد اختلط الأمر عليه؟

د. يوسف القرضاوي:
بالاجتهاد والتقريب، يعني يقعد يحسب: أنا .. طيب، أنا كنت قد إيه من مالي ده .. من تجارتي اللي أعتبرها حلالاً صرفاً؟ وأد إيه التجارة المشوبة بالحرام؟ يحسب، وييجي على نفسه شويه، المفروض إن الإنسان وهو في حالة التوبة بيكون عنده حساسية ويكون مرهف الشعور، فهو يعني إذا قدر أن ربع ماله ده من حرام يقول: طب، خليه التلت، يعني حتى يكون في يعني حالة الضمان أكثر، فعليه أن يجتهد ويقرِّب ويقدِّر، والله -سبحانه وتعالى- أهل التوبة وأهل المغفرة.

أحمد منصور:
هذا فضيلة الدكتور لمن عاش حياته أو جزءاً منها في الحرام، أو ارتكاب الكبائر أو المعاصي، ولكن هناك من يؤدي فرائض الله -سبحانه وتعالى- وتنتابه أيضاً بعض المعاصي التي تتناوش الإنسان على مدار اليوم من كلمة من نظرة من كذا ومن كذا، كيف يتوب هذا الإنسان؟ يعني هناك توبة فاصلة ما بين الحلال وما بين الحرام، ولكن كيف يتوب الإنسان وهو قائم على طاعة الله –سبحانه وتعالى- ولكن الذنوب أيضاً تأتيه على مدار اليوم؟

د. يوسف القرضاوي:
هنا يدلنا على أن التوبة ليست يعني في نهاية العمر، كما بعض الناس يظن إن كده ييجي في آخر حياته ويتوب إلى الله لأ؟ التوبة ده أمر دائم، وهو يحتاج إليه الناس جميعاً. القرآن الكريم يقول: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون) توبوا إلى الله، وذكرها في مسائل بعضها كبائر وبعضها صغائر، إنه قال يعني: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم).

فغض الأبصار ده يعني يدخل في عملية الصغائر وحفظ الفرج، يدخل في عملية الكبائر (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) إلى آخره. وبعدين في آخر الآية قال: (وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون).

فالتوبة ليست من الكبائر فقط، التوبة من الصغائر، القرآن يقول: (يا أيها الذين أمنوا لا يسخر قوم من قوم، عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساءٌ من نساء عسى أن يكنَّ خير منهنَّ ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومَنْ لم يتب فأولئك هم الظالمون).

فالتوبة تكون من الكبائر، والتوبة تكون من الصغائر، والتوبة تكون من الشبهات. بعض الناس بيتوب مش بس من الصغائر، حتى الشبهات، حتى المكروهات، حتى خلاف الأولى، حتى الغفلات، يعني ناس يقولك توبة العامة من الذنوب، وتوبة الخاصة من الغفلات، حينما يشعر بأنه قد غفل عن ربه، وإن كان الوقت ده الذي غفل فيه، كان يمكن أن يسبح الله فيه، ويذكره، ويعمل خيراً، ولكنه قضاه في غفلة، فيعتبر هذا أمراً يستحق التوبة.

ومن أجل هذا جاء في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة"…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يا سلام!

د. يوسف القرضاوي:
من أين يتوب عليه الصلاة والسلام؟! لم يرتكب خطايا إنما يشعر بأنه مقصر في حق الله، كل لحظة تمر يظن إنه كان يمكن أن تكون أفضل مما هي، فهو يتوب من هذا الشعور "إني أتوب في اليوم مائة مرة" ورويت عنه من صيغ الاستغفار من الذنوب يعني شيء الكثير، والكثير جداً.

فهذا يدلنا على أن التوبة مطلوبة من كل إنسان وعلى الدوام. لو أن إنسان يقول: أنا هأتوب من إيه؟ أنا الحمد لله 100% هذا أهو ده اللي يستحق أن يتوب لأنه مغرور، والغرور –والعياذ بالله- يضيع الذنوب. العجب اسمه العجب إذا أعجب الإنسان بعمله هذا من المهلكات. الحديث يقول: "ثلاث مهلكات: شح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه".

ولذلك قالوا: سيدنا علي يقول: "سيئة تسوءك خير عند الله من حسنة تعجبك"…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يا سلام!

د. يوسف القرضاوي:
تبقى مبسوط منها، يعني ما فيش زيي، وقال ابن عطاء الله في حكمه الشهير "ربما كتب الله لك الطاعة الطاعة، ربما فتح لك باب الطاعة وما فتح لك باب القبول، وربما قدر عليك المعصية فكانت سبباً في الوصول، معصية أورثت ذلاً وانكساراً خير من طاعة أورثت عجباً واستكباراً". فالعجب أحياناً بيكون هو .. فلو أن إنسان يقول: أنا ما علي .. ما عنديش حاجة أتوب منها، نقول له: تب من هذا الشعور، من هذا العجب والغرور.

أحمد منصور:
نكمل بعد أن نشرك بعض الإخوة المشاهدين، حافظ إسماعيل من أبو ظبي، أخ حافظ.

حافظ إسماعيل:
آلو، السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام.

حافظ إسماعيل:
كيفك عم الشيخ؟

د. يوسف القرضاوي:
مرحباً يا أخي.

حافظ إسماعيل:
الله يبارك فيك شيخ قرضاوي، لو واحد انتحر .. زين؟ هل ربنا بيتوب عليه ولا بيظل خالد مخلد في النار؟ وشكراً.

أحمد منصور:
شكراً يا أخ حافظ.

حافظ إسماعيل:
السلام عليكم.

د. يوسف القرضاوي:
لا، وحيتوب عليه إزاي؟! هو انتحر، يعني المشكل الانتحار ما فيهش توبة، لأنه…

أحمد منصور [مقاطعاً]:
أنهى حياته على معصية..

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
أنهى حياته بالكبيرة، بهذه الكبيرة لو كان فعل هذا مستحلاً يعني معتقد إن مين اللي بيقول الانتحار دا كبيرة ولا مش عارف كذا، يبقي كافر والعياذ بالله يبقى خالد مخلد، وإنما إذا فعل هذا وهو يعتقد أن قتل النفس حرام، وأنه لا يجوز، ولكن ضعف أمام يعني مصائب حلت به أو نحو ذلك، فوقع في هذه الجريمة يرجى أن يتوب الله عليه يبقى شأنها شأن الكبيرة، شأن القتل .. قتل النفس، هل القاتل له توبة أو ليست له توبة؟

بعض العلماء قال ليس له توبة، وبعضهم قال لا كل الذنوب لها توبة، إذا كان الكفر له توبة، والنفاق له توبة، فلماذا لا يتوب القاتل؟ يعني أيضاً هناك توبة للقاتل، ولكن ورد عن ابن عباس أن رجلاً جاءه وسأله وقال له: يا ابن عم رسول الله هل للقاتل توبة؟ فصعَّد فيه النظر وصوبه بص فيه كده، وتأمل فيه وقال له: ليس للقاتل توبة، فقال له أصحابه: كنا نسمعك تقول للقاتل توبة، فقال: إني نظرت إليه فوجدته مغضباً، يريد أن يقتل مؤمناً. يعني مش قتل وجاي يقول للقاتل توبة.

أحمد منصور [مقاطعاً]:
لا، ده ناوي، ناوي يعملها وبعدين يتوب…

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
يعني عايز يأخذ فتوى قبل ما يعملها أن القاتل له توبة فيروح يقتل بقى وبعدين يتوب، لا فأغلق عليه الباب، ولذلك الفتوى قبل الابتلاء بالعمل غير الفتوى بعد الابتلاء بالعمل، فكل ذنب له توبة فإذا كان هو ارتكب هذه الكبيرة وهي من أكبر الكبائر والعياذ بالله، وقتل نفسه ونفسه دا هو مش ملكه حتى إنه يتصرف فيها كيف يشاء، دي وديعة من الله عنده (ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً).
فإذا ارتكب هذه الكبيرة غير مستحل لها يرجى أن يكون يعني شأنها شأن الكبائر الأخرى كما قال الناظم في علم التوحيد "ومن يمت ولم يتب من ذنبه، فأمره مفوض لربه، فإن يثبه فبمحض الفضل وإن يعذب فبمحض العدل". ممكن ربنا يعذبه، وممكن يشفِّع فيه شفيعاً، يمكن يعني تكون له حسنات، يعني تقابل هذه السيئة، يمكن يعفو الله تعالى عنه، لله أن يتصرف فيه كما قال تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء).

أحمد منصور:
أبو عبد الرحمن من الإمارات.

أبو عبد الرحمن:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.

أبو عبد الرحمن:
عندي سؤالين لو سمحت.

أحمد منصور:
تفضل يا سيدي.

أبو عبد الرحمن:
السؤال الأول: بالنسبة للذنوب التي يتعلق فيها عقوبة أو تعذير، هل من شروط التوبة أن يسلم الإنسان نفسه للسلطة القضائية أو الحكومة؟بالنسبة للسؤال الثاني: ما هي أفضل صيغة للاستغفار؟ فلو قال إنسان أستغفر الله، يعني في اللغة العربية معنى ذلك إني أطلب المغفرة، أليس من الأفضل أن يقول اللهم أغفر لي مثلاً. وجزاكم الله خيراً.

أحمد منصور:
شكراً .. عصام إسماعيل من الدوحة.

عصام إسماعيل:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
وعليكم السلام.

عصام إسماعيل:
والله يا فضيلة الشيخ لو سمحت سؤال يدور حول ظاهرة جديدة ظاهرة في المجتمع، إن أغلب الناس تراهم صاحبين لحى، ويذهبون إلى المساجد، ويقيمون الصلاة، وينافقون بعد ذلك ويكذبون. ما حكم الشرع في هذا؟

أحمد منصور:
شكراً لك.

عصام إسماعيل:
شكراً.

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، قضية الذنوب أو الأخطاء التي عليها تعزير من الحاكم أو من السلطة، لو أخطأ الإنسان دون أن يراه أحد، هل يكفي أن يتوب بينه وبين ربه، أم يجب أن يسلم نفسه حتى يعزر؟

د. يوسف القرضاوي:
لا .. يكفي أن يتوب، وخصوصاً الذنوب، يعني فيه ذنوب يكتفي فيها بالستر مثل الزنا، وهذه لأنه النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما قال رجل: يا رسول الله أنا الذي دفعت ماعز الأسلمي الذي زنا حتى جاء وأعترف عندك..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
وهي كبيرة من الكبائر.

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "لو سترته بثوبك لكان خير لك"..

أحمد منصور:
يا سلام.

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
فالستر في هذه الأمور مطلوب. المهم أن يتوب فيما بينه وبين ربه توبة نصوحاً، مادام مفيش حق للعباد، كان بعض العلماء في بعض الأزمنة قالوا: إن الزاني عليه إذا زنا بامرأة أن أنه يروح لزوجها ويقول له: أنا هتكت عرض امرأتك أو ابنتك أو كذا.. طب ما هيقطع رقبته، يعني هذا .. ولذلك المحققون قالوا: لا ليس مطلوباً منه أن يفعل هذا، أو لا يهتك ستر امرأة، الناس لا يعرفون عنها شراً، فهو سيهتك سترها، ويشيع عنها ما لم تعرف. فالأولى أن يستر على نفسه وعليها..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
أفضل صيغ الاستغفار؟

د. يوسف القرضاوي:
صيغ الاستغفار يعني كثيرة، النبي عليه الصلاة والسلام قال: سيد الاستغفار أن تقول "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك على وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت".

النبي -عليه الصلاة والسلام- في البخاري ومسلم قال: هذا سيد الاستغفار. يعني أفضل صيغ الاستغفار، لأن فيها اعتراف بالذنوب، واعتراف بالفقر إلى الله، وطلب المغفرة ولكن هناك صيغ كثيرة، النبي -عليه الصلاة والسلام- علم سيدنا أبي بكر أن يقول "اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم".

وفيه في القرآن الأنبياء استغفروا الله. سيدنا إبراهيم (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين) ولكن أيضاً للأخ بتقول هذا بدلاً ما يقول استغفر الله. استغفر الله أيضاً هي طلب للمغفرة، لأن السين والتاء هي طلب، فكأنه بيقول اغفر لي، ولذلك ورد أن استغفر الله من ضمن الصيغ .. "استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه" هذه من الصيغ المأثورة أيضاً، نعم.

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور عندي سؤال من أحد المشاهدين من الجزائر.

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
فيه الأخ..

أحمد منصور:
هو يقول يتحدث عمن يقوم ببعض، يصلي ويطلق لحيته وينافق الناس يعني سؤال فيه تعميم في الموضوع يعني، عندي سؤال من أحد المشاهدين من الجزائر يقول ما حكم الشرع في بناء بيت، استعان كبير الأسرة ببعض مواد البناء من المصلحة التي يعمل فيها، علماً بأن أسرته كانت فقيرة جداً، وهو أحضر مواد بناء البيت منها، والآن هناك خلافات شديدة بين أفراد الأسرة، الذي بنوه من مال أو مواد بناء حرام. فماذا يفعلون هم أيضاً؟ هذا الأمر أدى إلى إن بعدما سكنوا البيت، هناك شجار وشقاق بينهم، هل يهدمون البيت، أم كيف يردون الحقوق وكيف يقومون؟

د. يوسف القرضاوي:
من أي؟

أحمد منصور:
من الجزائر.

د. يوسف القرضاوي:
لا، الحجارة دي أو الأشياء دي..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
من المصلحة التي يعمل فيها، قد تكون مصلحة بناء أو يعمل شركة مقاولات أو غيرها وسرق هذه المواد من عمله.

د. يوسف القرضاوي:
إن استطاع أن يقوم هذه الأشياء..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
قيمتها يعني..

د. يوسف القرضاوي:
قيمتها، ويردها إلى أصحابها، ولو من غير ما يقول لهم أيه سبب العملية دي، يبعتها لهم في شيك أو أي حاجة يعني لأنهم حتى لو هدموا البيت، كيف يردون هذه إلى أصحابها؟! فيحاول يردها بالقيمة، وإن شاء تقبل عند الله عز وجل.

أحمد منصور:
مشاهد .. مشاهد من السعودية يقول، أعمل في شركة أجنبية في السعودية في مجال الدعاية والبيع، وأحاول أن أكون مخلصاً في عملي قدر الإمكان، لكن في بعض الأحيان أضطر لكتابة بعض أسماء العملاء في تقريري اليومي الذي أرفعه إلى مسؤوليهم، هو لم يقم بزيارتهم، ولكنه يكتب أنه زار فلان وزار فلان وزار فلان، وهذا له تأثير ربما في العلاوات ربما .. فيقول هو الآن هو أقلع عن هذا الأمر، ولكن كيف يكفر عن ذنوبه فيما فعل من قبل؟ هل التوبة تكفي؟ هل راتبه الذي أخذه عن هذه الأشياء حلال؟ يود أن يحصل على إجابة حتى يعرف ماذا يفعل.

د. يوسف القرضاوي:
والله هو طبعاً هذه الأشياء صعب للإنسان أن يحددها بالضبط وأن يتوب منها توبة عامة، يعني الأولى بالمسلم في هذه الأشياء الذي لا يستطيع أن يعني، كيف يسترد الحق هذا وهو، وكيف نقول هل زاد بغير حق إذا كان مثلاً هناك خد علاوة بغير حق، ممكن في هذه الحالة يعني يتصدق بقيمة هذه العلاوة أو غير ذلك، وما عدا ذلك يتوب فيما بينه وبين الله يعني يتوب إلى الله توبة نصوحة، ويصلح ما بينه وبين ربه، والتوبة تهدم ما قبلها إن شاء الله (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين).

أحمد منصور:
الأخ محمود من ألمانيا، محمود.

محمود:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.

محمود:
بارك الله فيكم على هذا البرنامج.

أحمد منصور:
حياك الله.

محمود:
سؤالي يتعلق بفريضة الحج، هل هي شرط من شروط التوبة، يعني بحيث أنها تبطل الذنوب، وخاصة في ظل هذه الظروف التي نعيشها في هذه الأيام، فقد سمعنا في الأخبار العربية والأجنبية، وقرأنا في الجرايد بأن المملكة العربية السعودية لا يوجد عندها المبالغ الكافية حالياً لدفع ثمن الصواريخ التي نزلت على الشعب المسلم في العراق، وطلبت مهلة من أمريكا وبريطانيا بحيث أنها تستطيع أن تدفع هذه الأموال عند موسم الحج، هتجمع أموال المسلمين التي هيدفعونها في الطائرات والفنادق و.. و.. إلى آخره، وتعطيها لأمريكا وبريطانيا ثمن لهذه الصواريخ.
وثانياً: هل يقبل عند الله سبحانه وتعالى في هذه الحالة، فريضة الحج، أم لا؟ شكراً.

أحمد منصور:
هو فيه تداخل في السؤال، لكن الشق الذي يهمنا هو هل فريضة الحج شرط من شروط التوبة؟

د. يوسف القرضاوي:
لأ.. الحج ليس شرطاً من شروط التوبة، ولكن أداء الفرائض من شروط التوبة، يعني الإنسان لكي يتوب إلى الله لابد أن يؤدي الفرائض، والفرائض الأساسية الصلاة والصيام والزكاة والحج، فإذا كان وجب عليه الحج، وإن كان الحج فيه خلاف هل هو واجب على الفور، أو واجب على التراخي؟ وسنبحث هذا عندما نتحدث عن الحج. إنما الحج مهم لأنه من المكفرات.

الإنسان إذا إذا وقع في الذنوب، ينبغي أن يكثر من المكفرات. الله سبحانه وتعالى أعطانا مغاسل نتطهر فيها، مغسلة بعد مغسلة، أو حماماً بعد حمام، ففيه حمام الطاعات، يعني الوضوء مثلاً يكفر بعض الذنوب. الصلاة، صلاة الفرائض، صلاة النوافل، قيام الليل، ذكر الله عز وجل، الصيام "من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه"، "من قام رمضان إيماناً واحتسابا، غفر له ما تقدم من ذنبه"، "العمرة إلى العمرة، كفارة لما بينهما". الحج، والحديث "من حج، فلم يرفث ولم يفسق، رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه" .

دي كلها مكفرات، الإنسان إذا تكاثرت عليه الذنوب وأحاطت به السيئات، فعليه أن يبحث عن هذه المكفرات، يحاول أن يغسل نفسه، يدخل حمام بعد حمام حتى يتطهر، فمن ضمنها الحج، حتى يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ويولد ميلاداً جديداً.

أحمد منصور:
حكمت أنور من لندن. حكمت.

حكمت أنور:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمة الله.

حكمت أنور:
تحية للشيخ.

أحمد منصور:
حياك الله.

حكمت أنور:
ولحضرتك.

أحمد منصور:
حياك الله.

حكمت أنور:
الحقيقة السؤال هو يمكن خارج عن الموضوع هو بالنسبة إلى طاعة الحاكم ووجوبيتها في حالة أن يكون الحاكم تصرفاته شرعية، أو غير شرعية، وهل هذه معصية إذا كانت تصرفاته غير شرعية؟ والإنسان يخرج عن طاعة هذا الحاكم أو يقاومه، وهل تتطلب مغفرة وطلب مغفرة؟ وشكراً.

أحمد منصور:
شكراً لك، شايع الأحبابي، من الدوحة.

شايع الأحبابي:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
وعليكم السلام.

شايع الأحبابي:
الله يمسيك بالخير.

أحمد منصور:
مساك الله بالخير.

شايع الأحبابي:
مسى الله بالخير على الشيخ.

د. يوسف القرضاوي:
مساك الله بالخير يا أخي.

شايع الأحبابي:
فضيلة الشيخ، لي حرمة في رمضان-طال عمرك- كانت في المطبخ تشرب وطلعت لما الآذان يؤذن، هلا فيها شيء يا شيخ جزاك الله خير؟

أحمد منصور:
كانت، شربت، وبعد أن انتهت من الشرب، أذن لآذان المغرب، هل تعيد يومها في رمضان.

شايع الأحبابي:
ما هو بالمغرب –طال عمرك- الصبح..

أحمد منصور:
الصبح.

د. يوسف القرضاوي:
بده يعني الفجر.

أحمد منصور:
الفجر، نعم.

د. يوسف القرضاوي:
لأ.. في الفجر متسامح قدر دقيقتين لا يضر إن شاء الله.

شايع الأحبابي:
جزاك الله خير، يا شيخ.

أحمد منصور:
أشرف مجاهد، من دبي.

أشرف مجاهد:
أيوه السلام عليكم.

أحمد منصور:
وعليكم السلام ورحمه الله.

أشرف مجاهد:
من فضل حضرتك أنا لدى سؤالين، السؤال الأول: يقول الله عز وجل (ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى) وفي نفس الكتاب الكريم، الله عز وجل بقول (أحسب الناس أن يقولوا آمنا)..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
(أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا).

أشرف مجاهد:
أيوه، فكنت عايز أعرف، المسلم يفرق ما بين هل هو ابتلاء من الله عز وجل بالنسبة لـ .. أو هو نوع من الابتلاء أو هو نتيجة لارتكاب المعاصي والذنوب، دا السؤال الأولاني.

السؤال الثاني: حضرتك برضه بالنسبة للموضوع بخصوص السرقة أو الرشاوى، أو كلام من ده، فيه بعض الأشخاص يقولوا حضرتك المليون الأولانى لأني أنا أعمله وبعدين بعد كدهوك بيتوب لله عز وجل ويشتغل بالتجارة ويشتهر، هل الرد في الحالة دى يكون عن إجمالي المبالغ التي اكتسبها من المليون الأولاني أو الجزء الشق الأولاني فقط؟ وجزاكم الله خيراً، شكراً.

أحمد منصور:
شكراً لك، يعني الناس الذين يبنون تجارتهم على الحرام في البداية، ثم يتوبون إلى الله سبحانه وتعالى، وتكون أموالهم كثرت، هل يخرجون الجزء الأول الذي كان حرام؟

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
ما بني على حرام، فهو حرام وإذا كان المال حرام وهذا الحرام أنتج حراماً، إنتاج الحرام حرام نفسه أيضاً، يعني لابد أن يتخلص من هذا كله، أما ما قد سأل عنه الأخ، بالنسبة لما يصيب الإنسان هل هو يعني..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
ابتلاء الله أم من ذنوبه؟

د. يوسف القرضاوي:
ليست كل الأشياء سواء، فيه بعض الناس يبتلي من أجل إيمانه، مثل الصحابة حينما آمنوا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- نزل عليهم أهل العذاب، صُب عليهم العذاب صباً، لم يكونوا قد ارتكبوا المعاصي. الله تعالى يقول (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) وكما قال الله تعالى في سورة البروج (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) يعني أن الناس الذين خدت لهم الأخاديد، وشقت لهم الشقوق في الأرض، وملئت هذه الشقوق بالنار، ووضعوا في هذه النيران تأكلهم النيران، هؤلاء لم يكن لهم ذنب.

القرآن يقول (وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد) ماعدا ذلك فالإنسان يصاب بسبب ذنوبه. والله تعالى يقول (وما أصابتهم من مصيبة فما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) يعني حتى ربنا مش بيحاسبنا عن كل الذنوب لا بيعفو عن كثير، ويعاقبنا ببعض الذنوب كما قال تعالى (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا) يعني إنما .. والبعض يسكت عنه. (ولو يأخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة) إنما يعفو عن كثير ويعاقب على البعض، حتى يتنبه الناس، ويرجعوا إلى الله عز وجل.

أحمد منصور:
الأخ محمد شبانة من الأردن.

محمد شبانة:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام.

محمد شبانة:
أخي الكريم، ورد في القرآن الكريم (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله يعذبهم وهم يستغفرون) أرجو توضيح هذه الآية. أما السؤال الثاني، ما أخذ بالقوة أو بالعنوة من الشخص، هل يجوز له أن يأخذ بطرق أخرى؟ السؤال الثالث: ورد الحديث عن رسول الله..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني إيه؟ يعني أية يأخذها بطرق أخرى، يسرقه مثلاً أو يسترده بالقوة.

محمد شبانة:
نعم، مش قادر ياخد هذه الأمور.

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني إنسان غصب ماله، هل يجوز له أن يذهب فيغصب أو يسرق هذا المال ليسترده؟

محمد شبانة:
هل يجوز له أن يغتصب ماله، كما اغتصب؟

أحمد منصور [مقاطعاً]:
من نفس الشخص الذي اغتصبه أو من آخر.

محمد شبانة:
لا، من نفس الشخص الذي اغتصبه…

أحمد منصور:
طيب، سؤالك واضح.

محمد شبانة:
أما السؤال الثالث، سؤال لحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "أن العبد ليخطئ ثم يستغفر، ثم يخطئ ثم يستغفر، فيقول الله سبحانه وتعالى "عبدي عرف أن له رباً يغفر الذنوب، فيفعل ما يشاء فإني غفرت له" فما صحة هذا الحديث؟

أحمد منصور:
شكراً جزيلاً، الأخ رضا من الدوحة.

رضا:
مرحباً فضيلة الشيخ.

د. يوسف القرضاوي:
حياك الله.

رضا:
بالنسبة لموضوع الجهاد، هل يستأذن المرء والديه في أن يجاهد في سبيل الله؟

أحمد منصور:
شكراً لك، الأخ أمين محمد، من اسكتلندا

أمين محمد:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام.

أمين محمد:
سؤالي عن التوبة من ثلاث شقوق، الشق الأول: الممثلين اللي بيقوموا بأدوار، ليس بالضرورة هي نفس الشيء. مثلاً بيقوم بدور إنه يشرب الخمر، مع إن قد تكون الزجاجة عصير، أو يقوم بإعطاء دور وأنه مارس الزنا، طبعاً بدون ظهور أي شيء على التليفزيون. هل هؤلاء الناس كمن –فعلاً- يمارس الرذيلة؟ هذا السؤال الأول.

السؤال الثاني: الناس اللي الآن زي الشيخ اللي مسؤول عن المحطة اللي تصدر عن روما، والشيخ المسؤول عن المحطة اللي تصدر من لندن، ها دولا بينشروا الفساد علناً في جميع الدول العربية ها دولا تُقبل توبتهم، أم لا تُقبل توبتهم؟ لأنهم مسؤولين عن ضياع الآلاف أو الملايين من الشعب العربي المسلم.

والسؤال الثالث والأخير: لو أن الحاكم حاكم دولة عربية مسؤول عن مجازر، والآن مريض، ويعالج في مكان ما فلنفترض في العالم الغربي، ما يوجهه له فضيلة الشيخ من نصيحة، من أجل أن الله سبحانه وتعالى يقبل توبته، وشكراً.

أحمد منصور:
شكراً ليك يا أمين، فضيلة الدكتور، السؤال المهم في أسئلة الأخ محمد شبانة، هو أن الإنسان إذا سلب منه حق أو سلب منه مال، هل يجوز أن يسترد هذا المال بالقوة، من نفس الشخص الذي سلب منه؟

د. يوسف القرضاوي:
هذه مسألة يسميها الفقهاء، مسألة الظفر، إذا ظفر الإنسان بحق، إن كان عين حق عند هذا الشخص، يعني خذ منه حاجة والتقى هي يعني سرة واخدها منه، فيها دنانير أو كذا والتقاها، قالوا من حقه يخدها، يعني إذا وجد عين ماله عند هذا الشخص من حقه ياخده بالقوة، بالعنف، بالحيلة، بالسرقة، مادام عين ماله، إنما إذا لم يكن عين ماله، الرجل ده أغتصب ألف دينار، هل يصح أن يأخذ ألف دينار مثلها؟ دي اللي اختلف فيه الفقهاء.

أحمد منصور:
عندي، ابن مبارك من المغرب، يقول أن 40% من تجارته، هو عنده تجارة كبيرة، ويعمل عنده 30 شخصاً في تجارته، 60% من هذه التجارة من ماله الخاص، من ماله الحلال، و40% منها من مما يأخذه من البنوك بالربا، يقول الآن لو أنه يريد أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى، فكيف يستطيع أن يفرق أو يتاجر في 60% فقط؟كيف يستطيع أن يفصل هذا، حتى يحقق، أيضاً قضية الحلال؟

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
يطلع 40% من ماله صدقة، ويستبقي 60%..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يعني إذا هيطلع 40%، هيطلع ما يزيد عن ثلث ماله تقريباً..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
ليكن واحد عايز يتطهر..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
إذا أراد الحلال، فعليه أن يفعل هذا.

د. يوسف القرضاوي:
إذا أراد التوبة النصوح، فلا يستكثر شيئاً على الله عز وجل. نعم.

أحمد منصور:
عندي سؤال من..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
فيه بعض الأشياء من اللي فاتت دي كانت تحتاج بعض..

أحمد منصور:
فيه أسئلة كثيرة فيها افتراض. مثلاً، السؤال اللي يسأل عن الممثل الذي يمثل وهو يشرب الخمر، وهو لا يشرب الخمر أو يمارس الزنا وهو لا يمارس، كجزء من التمثيل.هذه قضية أيضاً، هتدخل بنا في تفرعات عملية التمثيل، لا نريد أن نجتزئ جزء من المسألة..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
إذا كان يريد أن ينفر الناس من هذا السلوك، أمر آخر أما إذا كان بيغري الناس بهذا السلوك، تبقي مصيبة كبيرة ودي مصيبة كثير من الممثلين، يعني الإعلاميين والفنانين، توبتهم توبة يعني شديدة جداً، لأن الذنوب نوعان، هناك ذنوب قاصرة، وذنوب متعدية. معنى ذنوب قاصرة يعني إيه؟ يعني ذنوب تنتهي بمجرد الإنسان أن يفعلها وذنوب تظل آثارها مستمرة اللي ألف كتاب، طول ما الناس بتقرأ الكتاب ده طول ما الذنوب مستمرة، لو واحد عمل فيلم، والفيلم ده طول ما الناس بتشوف الفيلم ده، أو بتشوف التمثيلية أو المسرحية، أو هذه.

ولذلك ذنوب الفنانين وذنوب الممثلين وذنوب الكتاب والصحفيين، ذنوبهم شديدة جداً، وكان السلف يقولون "طوبى لمن إذا تاب .. إذا مات، ماتت ذنوبه معه، وويل لمن يموت وتبقى ذنوبه من بعده. (نكتب ما قدموا وآثارهم) فهذه هي المصيبة الكبيرة.
فيه واحد ذنبه ما هوش ذنبه محدود، ذنبه وخصوصاً الآن، الإعلام، والتليفزيون، والإذاعة، والصحافة، تجعل بعض الذنوب تملأ الآفاق، تنتشر في العالم، فهذه مصيبة، والذنوب اللي تبقى بعد صاحبها مصيبة أخرى فهذه التوبة منها توبة شديدة، وتحتاج إلى صدق ولذلك بعض الفنانات اللائي تُبن من هذه الأشياء، حاولن أن يشترين..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
حقوق الـ ..

د. يوسف القرضاوي:
الحقوق القديمة لأفلامهن، الأشياء دي حتى يحرقنها، ويتخلصن منها، لأنه طول ما هي بتعرض فيعني مصيبة.

أحمد منصور:
جهاد الغوابي، من برلين، جهاد.

جهاد الغوابي:
آلو.

أحمد منصور:
تفضل.

جهاد الغوابي:
السؤال إذا سمحت السؤال للأستاذ للشيخ القرضاوي..

أحمد منصور:
تفضل.

جهاد الغوابي [مستأنفاً]:
أنا زوجتي أسلمت بقى لها حوالي تقريباً سنتين وهي دلوقتي وقت الدعاء لما بتيجي تسجد لله كمسلمين بتقول "اللهم اغفر لوالدي كما ربياني صغيراً" هل تستطيع أن تقول لأهلها اللي هم مسيحيين مش مسلمين هذا في الصلاة؟

أحمد منصور:
شكراً.

جهاد الغوابي:
السؤال الثاني: لو توفوا ومفيش حد إلا هي تدفنهم ومطلوبين يندفنوا مع المسيحيين في مدافنهم، وواحد منهم والعياذ بالله عايز حرق وكلام فاضي، يعني هل ممكن تقوم بدفنهم في المساجد المسيحية ولا حرام نتقرب منهما؟ شكراً جزيلاً.

أحمد منصور:
في المدافن .. سعيد أحمد من الإمارات.

سعيد أحمد:
آلو.

أحمد منصور:
تفضل يا سعيد.

سعيد أحمد:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
وعليكم السلام.

د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

سعيد أحمد:
والله، أبغي أسأل فضيلة الشيخ.

أحمد منصور:
تفضل.

سعيد أحمد:
عندي سؤال فيه عندي أولاد، وعنده زوجة، فالأب هذا حرم أولاده من ماله وكتبها باسم بنته، حرم زوجته وأولاده هل يجوز هذا، ما يجوز؟

أحمد منصور:
شكراً ليك.

أحمد منصور:
الأخ فرحان من الدوحة.

فرحان الحبابي:
السلام عليكم..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
تفضل.

فرحان الحبابي [مستأنفاً]:
السؤال أسأله ليوسف القرضاوي لو سمحت، للدكتور يوسف القرضاوي..

أحمد منصور:
تفضل يا سيدي، تفضل.

فرحان الحبابي:
هل الأغاني حرام أم حلال؟

أحمد منصور:
شكراً ليك، فضيلة الدكتور هذا الذي يسأل عن أن زوجته أسلمت وأبويها يعني.. هل يجوز أن تدعو لهما، وهل يجوز أن تقوم على دفنهما في حالة وفاتهم في مقابر المسيحيين؟

د. يوسف القرضاوي:
تدعو لهما بالهداية وصلاح الحال يعني إذا كانا حيين تدعوا لهما أن يهديهم إلى الإيمان الصحيح، وإلى الإسلام، وأن يجعل حياتهما حياة هداية، ويجوز لها أنها تجامل في عزائهما وفي حضور جنازتهما أو موتهما، ولكن لا تشارك في الإحراق أو..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
ما هي المسؤولة عن دفنهما، يعني إذا كانت هي المسئولة عنهما يعني إذا كانت هي التي ترعاهما، فماذا تفعل في هذه الحالة؟

د. يوسف القرضاوي:
إذا كان يمكنها إنها تمتنع عن الإحراق أو هكذا وتكتفي بالدفن فبعض المسيحيين يكتفوا بدفن فتكتفي بالدفن، ولا حرج عليها في ذلك..

أحمد منصور:
هل يجوز أن يؤثر أب زوجته أو إحدى بناته بثروته، فيما يحرم الآخرين أيضاً من قضية الميراث من الكبائر..

د. يوسف القرضاوي:
لا، هذا من الكبائر. الله تعالى بعد أن ذكر الحقوق والحدود في الميراث قال (تلك حدود الله ومن يطع حدود الله يدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار، ومن يعص الله ورسوله ويتعدى حدوده يدخله ناراً خالداً فيها وله عذاب مهين) يعصيه في أمر الميراث، لأن ده قال (يوصيكم الله) و(فريضة من الله) فهو خالف وصية الله وخالف فريضة الله، وهذا يعني من الكبائر والعياذ بالله. لا يجوز هذا.

أحمد منصور:
عز الدين من لندن، يقول أنه تاب ورجع إلى الله سبحانه تعالى، ولكن عليه صلوات قديمة لم يؤدها، كيف يستطيع أن .. هل من المفروض أن يؤدي ما فاته من صلوات؟

د. يوسف القرضاوي:
هناك مذهبان في هذه القضية، مذهب الأئمة الأربعة، أن هذه فوائت وديون عليه يجب أن يقضيها كلما استطاع، يقضي مع كل فرض فرضاً آخر، مع كل فرض فرضين، وهناك مذهب رجحه شيخ الإسلام ابن تميمة وابن القيم وابن حزم، وهو إنه يبدأ صفحة من جديد إن يعتبر كأنه دخل الإسلام من جديد، خصوصاً إذا كان واحد عاش 30، 40 سنة لم يصلى، وبدأ في أواخر حياته، كيف يقضي كل هذا كله؟ فقال يبدأ من جديد، وعليه أن يحسن الصلوات، ويحافظ عليها، ويكثر من النوافل والتطوع، يقوم الليل، يصلى الضحى، ويكثر من هذا، وهذا يكفيه، وأنا أرجح هذا الأمر والموضوع طويل، ولكل فريق حجه وأدلته.

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور بالنسبة للتوبة، هل هناك ثمار يستطيع أن يستشعر الإنسان من خلالها أن الله سبحانه وتعالى قد قبل توبته منه، يعني الناس .. كثير .. كلنا نقع في المعاصي والسيئات، وهناك من يتوب إن الله سبحانه وتعالى، هل يستطيع أن يشعر أن الله تعالى قبل توبته فيطمئن ويرتاح ويركن إلى هذا؟

د. يوسف القرضاوي:
إذا كانت توبته مستوفية للأركان والشروط، فهذه لابد أن تقبل حسب سنن الله السيدة رابعة العدوية، سئلت يوماً، هل إذا تبت تاب الله علي؟ فقالت له: يا أحمق بل إذا تاب الله عليك تبت، أما قرأت قوله تعالى (ثم تاب عليهم ليتوبوا) يعني كونه وفقك للتوبة دليل على قبوله، وبعدين هي مسألة يعني الإمام الغزالي، بيجعلها سنن من سنن الله، يعني زي الصابون يزيل الوسخ بيقول لك.

التوبة بتزيل الذنوب، التوبة الحقيقية تحرق، الندم ده، والعزم ده يحرق الذنوب ويغسلها يعني غسلاً، وهناك دلائل على إنه صادق في هذه التوبة، من هذه الدلائل أن يكون بعد التوبة خيراً منه قبل التوبة يعني يلتقي حاله..

أحمد منصور:
في حاله وحياته.

د. يوسف القرضاوي:
يعني حاله أحسن كان يعني ثقيل الصلاة تثقل عليه (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى) كالمنافقين، دلوقتي يلتقي نفسه نشيط إلى الصلاة، كان يغلبه نفسه فلا يخرج الزكاة. الآن تغلبه الأريحية ويخرج الزكاة، كان في الصيام يقعد يتكلم عن الناس وبتاع، أصبح صيامه مطهراً من اللغو والرفث، فيجد حالته إنه أحسن حالاً مما كان قبل، أيضاً من دلائل قبول التوبة إنه يجد إيمانه أقوى شعور، لأن كما قلنا التوبة تجدد إيمان (إلا من تاب وآمن) القرآن يقول إلا من تاب وآمن، ليه؟ لأنه كما جاء في الأحاديث، الإنسان لما يذنب الذنب، زنا أو كذا بيرتفع الإيمان، ويبقى فوق كأنه ظلة، وإذا عاد رجع إليه الإيمان.

فالتوبة ترد إليه الإيمان فإذا شعر بأن إيمانه تجدد، هذا أيضاً من قبول التوبة، أيضاً الخوف إنه شاعر بإنه لا يفارق الخوف دائماً يتذكر ذنبه الذي مضى، وكلما ذكر الذنب شعر بالفقر إلى الله، شعر بالانكسار إلى الله، كما جاء في الحديث القدسي "أنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي" هذه كسرة القلب، من أثر التوبة النصوح، فشعوره بالانكسار إلى الله وبالحاجة إلى الله عز وجل، هذا كله من دلائل قبول التوبة.
أيضاً رغبته في مجالسة الصالحين، حيث وإنه كان الأول بيحاول .. له ناس،
شلل معينة، بيحاول يزورها يقعد معاهم ويتباهي بهم، لأ.. غير طريقته وغير جلساءه وغير أصدقاءه، فهذا كله من دلائل قبول التوبة، ودليل أنها توبة نصوح إن شاء الله.

أحمد منصور:
الأخ باسم التميمي من الدنمارك.

باسم التميمي:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
وعليكم السلام ورحمة الله.

باسم التميمي:
تحية للشيخ.

د. يوسف القرضاوي:
حياك الله يا أخي.

باسم التميمي:
أنا عفواً بس حبيت أعيد السؤال اللي كنت أنتظر جواب الشيخ لكن ما جاوبه، ما أعرف شنو كان الرد، فيه أخ من الأخوان محمود يمكن من ألمانيا سأل السؤال قال إنه في حالة السعودية ما معها حالياً أموال تدفع للصواريخ التي ضربت على الشعب العراقي من قبل أمريكا وبريطانيا..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
يا أخ باسم، أخ باسم نحن جاوبنا على الشق المتعلق بموضوع الحلقة.

أحمد منصور:
الأخت أم محمد من جدة.

أم محمد:
أيوه، آلو.

أحمد منصور:
تفضلي.

أم محمد:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
عليكم السلام ورحمه الله، تفضلي.

أم محمد:
كنت أبغي أسأل عن إنه لي ذنب كلما تبت منه عدت إليه مرة تانية، حاولت، كيف يكون الحل؟

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، هي تخطيء من ذنب معين، وكلما تابت إلى الله سبحانه وتعالى، رجعت إليه مرة ثانية، ما هو الحل أو الطريق حتى تتوب توبة نصوحة من هذا الذنب؟

د. يوسف القرضاوي:
هو هذا –إحقاقاً- أحد الأخوة اتكلم عن الحديث في هذا إنه الإنسان يذنب الذنب ويتوب إلى الله ثم تغلبه نفسه ويغلبه شيطانه ويرجع إلى الذنب ويتوب إلى الله ثانية فجاء في الحديث إن ربنا يقول: "علم عبدي أن له رباً يغفر الذنوب ولا يبالي فتاب إلي فتبت عليه" بس المهم إيه؟ إنه عندما يتوب يكون صادقاً في التوبة يعني ساعتها يكون نادماً أشد الندم، وعازماً على ألا يعود عن هذه التوبة، وغير كده لا تكون توبة.
إذا كان لا يزال ملألأ يعني متأرجح، ولسه حلاوة الذنب تعاوده، لأ .. دي ليست توبة، إنما التوبة إنه يندم ندماً حقيقياً، ويعزم عزماً صادقاً على ألا يعود، وبعدين بعد فترة تغلبه نفسه الأمارة ويقع في الذنب عليه أن يرجع ثانية ولا يستيئس أبداً، هذا هو الأواب كما قال الله تعالى (إنه كان للأوابين غفوراً) (ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً) الأواب هو الرجاع صيغة مبالغة يعني كثير الأوبة إلى الله، معناها إنه كثير الذنب، وكثير الرجوع، فهو يعني الله سبحانه وتعالى يقول (إنه كان للأوابين غفوراً) فما دامت الأخت تخطئ ولكن ترجع بالتوبة، عليها أن تستمر في ذلك، ولا تيأس من روح الله (إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون).

أحمد منصور:
الأخ عمر إبراهيم من الإمارات.

عمر إبراهيم:
السلام عليكم.

أحمد منصور:
وعليكم السلام ورحمة الله.

عمر إبراهيم:
أشيد بالبرنامج، والسلام على الشيخ إن شاء الله، في إحدى الدول العربية فيه شخص بيطلع فيز بيستخرج فيز يبيعها في دولة أخرى، ويتعاقد مع الأشخاص الذين سيأتون للدول العربية، بأنهم يدفعوا له سنوياً مبلغ معين، فهل ذنب إن الإنسان بيعمل مع الشخص هذا؟

أحمد منصور:
شكراً لك.

عمر إبراهيم:
شكراً، السلام عليكم.

أحمد منصور:
فضيلة الدكتور، هو يسأل عن إنسان يستخرج فيز ويبيعها إلى الناس حتى يجلبهم إلى الدول الخليجية أو غيرها من الدول التي يعملون فيها، يعني إنسان له علاقات يستخرج مائة فيزا، يبيع الفيزا مثلاً بخمسة آلاف أو بعشرة آلاف، ويفرض على الأشخاص الذين يحضرهم أن يدفعوا له أيضاً يعني.

د. يوسف القرضاوي:
هذا عمل مشوب يعني الحقيقة..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
هو يسأل يقول هل من يعمل مع هذا الشخص..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
لا، هذا عمل الفيزا يحتاج إلى أن يكون يعني دقيقاً فيه، إن بعض الناس بيستغلوا هؤلاء العمال يعني بعض الخادمات جئن بهن بعض الدول بيقول لك إن المكتب اللي بيجيبنا بيأخذ منا أربعة أشهر، أربعة أشهر تدفع له من راتبها، لما هذا؟ المفروض الإنسان ياخد مقابل تعبه، مثلاً عنده عمال، وعنده مكتب، وعنده كذا بياخد مقابل الأجور اللي يدفعها في إيجار هذا المكتب ومقابل العمال اللي بيشتغلوا والموظفين اللي عنده، يأخذ مقابل هذا، إنما الاستغلال حاجة المحتاج، استغلال الإنسان الضعيف بحيث يأكل ماله بغير حق، هذا يعني لا يجوز.

أحمد منصور:
عندي واحد يقول أن اسمه التائب الحائر، يقول أخذت أموال من الناس بغير علم بغير حق، وبغير علمهم، والآن هناك مسافات بعيدة بيني وبينهم، ولا يمكنني الاتصال بهم، ومن ناحية أخرى لا أجرؤ على مواجهتهم لأخبرهم أني قد نهبت من مالهم أو أخذت منه، فماذا أفعل؟

د. يوسف القرضاوي:
إذا كان يعرفهم يستطيع يعني بطريقة أو بأخرى يبعت لهم شيك عن طريق ولو واحد، يقول واحد لهم يبعت لهم يقلهم شيك، ده واحد كان يعمل عندكم وكلفني أن أبعت لكم بكذا، بأي طريقة أخرى، إذا عجز عن أي طريقة يتصدق بهذا المال عنهم، بالنيابة عنهم، يتصدق بهذا المال إذ لم يستطيع بوسيلة من الوسائل، أو يرد هذا المال إليهم.

أحمد منصور:
أيضاً فيه إحدى المشاهدات تقول أنها كانت تعمل هنا في الدوحة في إحدى المراكز التجارية، وتعلمت من زميلتها السرقة من هذا المحل التجاري، والآن هي تقيم في دولة أوروبية، وتابت إلى الله سبحانه وتعالى.تقول ماذا أفعل حتى أرد لصاحب هذا المحل؟

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
نفس الشيء، نفس الشيء إذا استطاعت إنها ترد إليهم هذا المال، تبعث لهم شيك بطريقة أو بأخرى يعني فلتفعل، إذا عجزت، وسدت أمامها الأبواب وتقطعت الأسباب فليس لها إلا أن تتصدق بالقيمة التقريبية.هي لا تعرف بالضبط خدت قد إيه؟إنما تحسب كده بالحساب التقريبي، وإن كانت قادرة على أن تدفع هذا المال تدفعه، مش قادرة، كلما جاءها شيء تخرجه حتى تتطهر من هذا الأمر.

أحمد منصور:
محمد سعيد من ألمانيا.

محمد سعيد:
شكراً، سؤالي .. السلام عليكم أولاً.

أحمد منصور:
وعليكم السلام ورحمة الله.

د. يوسف القرضاوي:
عليكم السلام ورحمة الله.

محمد سعيد:
سؤالي يرتبط أول مرة في أنه هناك بعض الناس مثلاً قبل رمضان لا يصلون لا يعملون ما يقوله الشرع، وبعد ذلك في رمضان يأتون ويتوبون، ويصومون ويصلون ويصومون، وبعد ذلك بعد ينتهي رمضان يعودون إلى أعمالهم السابقة الذي عملوها، فقط في رمضان يعملون ذلك، ماذا تقولون في هذه الأمور؟

أحمد منصور [مقاطعاً]:
نعم.. نعم شكراً لك يا أخ محمد، سؤال مهم يا فضيلة الشيخ.

د. يوسف القرضاوي:
هذا يعني للأسف يحدث يعني بعض الناس يعني كأنما يعني يعبدون رمضان، فأنا أقول لهؤلاء من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، يفهم إن الإنسان يقل نشاطه بعد رمضان، إنما يقطع ما بينه وبين الله، هذا ما لا يجوز أبداً. علامة قبول صيامه وصلاته في رمضان أن يستمر بعد رمضان، وإلا دليل على إن صيامه لم يكن سليماً، وصلاته لم تكن سليمة، لأن فيها دخل، فالمسلم يجب أن يستمر في العبادة مع ربه كما قال تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) ورب رمضان رب شوال، رب سائر الشهور.

أحمد منصور:
شكراً فضيلة الدكتور. مشاهدينا الكرام سعدت بصحبتكم طوال الفترة الماضية في تقديم هذا البرنامج، الذي حاز بفضل الله تعالى –سبحانه وتعالى- في أفضل .. في أبرز الاستطلاعات الصحفية التي أجريت مؤخراً على لقب أفضل برنامج جماهيري في الفضائيات العربية، ولكن نظراً لالتزامي ببرامج أخرى، سوف يبدأ الزميل الدكتور حامد الأنصاري في تقديم هذا البرنامج ابتداء من الأسبوع
القادم.

أما أنا فسوف أصحبكم في اثنين من أحدث برامج الجزيرة، الأول هو برنامج
(بلا حدود) الذي يأتيكم على الهواء مباشرة يوم الأربعاء، والثاني هو برنامج (شاهد على العصر) الذي يأتيكم يوم السبت. حتى ألقاكم يوم الأربعاء القادم
إن شاء الله، في الحلقة القادمة من برنامج (بلا حدود) هذا أحمد منصور يحييكم..

د. يوسف القرضاوي [مقاطعاً]:
وأنا يعني قبل أن أختم هذه الحلقة أتوجه إلى الأخ أحمد منصور..

أحمد منصور [مقاطعاً]:
شكراً.

د. يوسف القرضاوي [مستأنفاً]:
بالشكر والتحية على ما قدمه خلال تلك الفترة، وأسأل الله له في برامج الجديدة التوفيق والسداد دائماً.

أحمد منصور:
شكراً فضيلة الدكتور، كما أشكركم مشاهدينا الكرام على حسن متابعتكم، وأنقل لكم تحيات فريق البرنامج متمنياً لهم دوام التوفيق، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.