تطبيقات مؤسسة الزكاة
مقدم الحلقة: | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة: | الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي: مفكر وداعية إسلامي |
تاريخ الحلقة: | 28/12/2003 |
– المستجدات الدولية وانعكاساتها على مؤسسة الزكاة
– الضغوط الدولية على المؤسسات الإسلامية
– توظيف أنظمة المعلومات في خدمة مؤسسات الزكاة
– مدى إمكانية إنشاء مؤسسة عالمية للزكاة
– دور الزكاة في النهوض بالتعليم ومحاربة التطرف
– حكم الزكاة في أموال النفط
– مدى كفاءة آليات عمل لجان الزكاة
– تعريف الفقير الذي تجب عليه الزكاة
– حكم دفع الزكاة للمقاومين في العراق وفلسطين
– ترتيب أولويات الزكاة
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
موضوعنا لهذه الحلقة سيتركز حول مؤسسة الزكاة لاسيَّما في تطبيقاتها كما عكستها بعض المؤسسات الناجحة التي تشرف عليها، سبب اختيارنا للموضوع ليس فقط أهمية الزكاة كفريضة وكمؤسسة اقتصادية واجتماعية وعمل خيري، وإنما أيضاً لتزامن هذه الحلقة مع افتتاح المؤتمر الدولي الخامس للزكاة الذي يُعقد في قطر..
د.يوسف القرضاوي[مقاطعاً]: السادس.
ماهر عبد الله: أو السادس عُقدت خمسة قبله، بتمويل من.. أو دعم من بيت الزكاة الكويتي وصندوق الزكاة القطري والبنك الإسلامي للتنمية، بمشاركة عدد كبير من الباحثين والمختصين بموضوع الزكاة، لاسيما أولئك الذين يعني يمارسونها كعمل مؤسسي وليس فقط كعمل خيري فردي، كان على رأس المشاركين في حفل الافتتاح هذا الصباح في الدوحة فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، الذي سيكون معنا لهذه الأمسية لمناقشة بعض محاور هذا المؤتمر والغرض منه، إضافة إلى بعض البحث حول قصة الزكاة، لاسيما في ظل ما استجد من ضغوط على العمل الخيري الإسلامي.
سيدي أهلاً وسهلاً بك مرة أخرى.
د.يوسف القرضاوي: أهلاً بك يا أخ ماهر.
المستجدات الدولية وانعكاساتها على مؤسسة الزكاة
ماهر عبد الله: حدِّثنا قليلاً عن.. عن المؤتمر لماذا يُعقد وتحت هذا المسمى تحديداً المستجدات الدولية وانعكاساتها على مؤسسة الزكاة؟
د.يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً.
(رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ).
أما بعد: فقبل أن أجيب عن سؤالك أود أن أتقدم بخالص العزاء إلى إخوتنا في إيران في هذا الزلزال الشديد الذي ذهب ضحيته آلاف وعشرات الآلاف، بعضهم قتلى، وبعضهم مفقودون وأكثرهم جرحى، فنسأل الله –عز وجل- أن يشفي الجرحى، وأن يرحم الموتى، وأن يتقبَّلهم ويجعلهم من الشهداء عنده، فقد جاءت الأحاديث الصحاح أن الميت في مثل هذه الأحداث، في الهدم والزلازل وغيرها يعتبر شهيداً، فهذه كفارة وتخفيف له من الله عز وجل، نقدم عزاءنا إلى أهالي هؤلاء الضحايا، ونقدم عزاءنا إلى جمهورية إيران الإسلامية ونسأل الله –سبحانه وتعالى- أن يخفف عنا، في الواقع إن الزلازل التي تصيبنا في البلاد الإسلامية تكون ضحاياها كثيرة.. كثرة يعني مذهلة، على حين يعني نرى أن هناك يعني زلازل تقع في البلاد المتقدمة مثل اليابان وغيرها لا يكون لها مثل هؤلاء الضحايا، لأننا لم نتهيأ لمثل هذا، ومعظم هذه البلاد ليست مؤسسة مبانيها على إن هناك زلازل وكذا، وهذا يحتاج.. عسى أن يجعل الله يوم المسلمين خيراً من أمسهم ويجعل غدهم خيراً من يومهم.
أما الإجابة عن سؤال مسألة المستجدات الدولية بالنسبة للزكاة هو إخواننا الذين يساهمون في إقامة هذه المؤتمرات يختارون لها في كل مرة عنواناً مناسباً، يعني المؤتمر الدولي الخامس الذي عُقد يعني في الكويت قبل هذا المؤتمر كان عنوانه التقنيات الحديثة وكيف يُستفاد منها في الزكاة، كيف نستخدم الكمبيوتر وهذه الأشياء في حساب الزكاة وفي توزيع الزكاة وفي هذه الأشياء، الآن المستجدات أعتقد أننا كلنا نعلم من المستجدات التي على الساحة أن العمل الخيري في البلاد الإسلامية أصبح مُتهماً وأصبح أن العمل الخيري يُزعم أنه يموِّل الإرهاب والإرهابيين، وعلى هذا أصبح هناك تضييق على العمل الخيري، ولاشك أن للعمل الخيري موارد كثيرة، يعني هناك الصدقات التطوعية، يعني وهناك الصدقات الجارية والأوقاف وريع الأوقاف، وهناك وصايا الموتى من المسلمين الذين يوصون بثلث أموالهم أو ربع أو خمس كما جاء ذلك في الحديث إن ربنا يتصدق على الإنسان بثلث ماله، يعني يستطيع إنه يعني قبل أن يموت، يقول إذا مت فيه ثلث مالي يعني لا.. لا علاقة للورثة به، ويجعله في الخيرات، وهناك يعني أشياء كثيرة الكفارات والنذور وغيرها من موارد، وهناك طبعاً على رأس هذه الأمور كلها تأتي الزكاة، وهي الفريضة الإسلامية والركن الإسلامي الذي يعتبر في المرتبة الثالثة من أركان الإسلام، يعني النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "بُني الإسلام على خمس" هذه المباني الخمسة أو الأركان الخمسة –الشهادتان، ثم إقام الصلاة، ثم إيتاء الزكاة، حتى إن القرآن ربط بين الصلاة والزكاة في ثمانية وعشرين موضعاً من القرآن الكريم (أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ) أو (وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ) أو هكذا، فالزكاة شقيقة الصلاة، الصلاة عماد الدين والزكاة قنطرة الإسلام- كما عبَّر الصحابة- من عبَر عليها نجا، ومن تخلَّف عنها هلك، حتى قال سيدنا أنس –رضي الله عنه- "رحم الله أبا بكر ما كان أفقهه حينما أبى أن يفرِّق بين الصلاة والزكاة"، يعني سيدنا أبو بكر حينما وجد بعض الناس يقولون: نصلي ولا نزكي، الزكاة كنا بنعطيها للرسول، والرسول مات، فلا نعطي الزكاة فقال: "والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عَنَاقاً- يعني عنزة صغيرة- وفي رواية عقالاً- يعني حبل يُربط به البعير- كانوا يؤدونه لرسول الله، لقاتلتهم عليه"، فالزكاة هي المورد الأساسي لعمل الخير، إذا كان عمل الخير مُتَّهم، طب نعمل أيه إحنا الآن؟ مع إن هذه المؤسسات الخيرية يعني تعمل علانية، وفي وضح النهار، وعلى مرأى ومسمع، لا تعمل في سراديب تحت الأرض. لأ دي مؤسسات لها مجالس إدارات، لها جمعية عمومية، لها مديرين تنفيذيين، لها سجِّلات، يعني ويستطيع أي إنسان أن يذهب ويفتِّش عن هذه الأشياء ويرى، فلا ينبغي أبداً أن يقال إنه العمل الخيري هو من مصادر الإرهاب أو مشجع الإرهاب أو مموِّل الإرهاب، هذا يعني لا.. لا أصل له.
ماهر عبد الله: يعني هذا يعني بيستدعي السؤال اللي أثاره بعض الناس إنه هل.. هل المقصود من عقد هذا المؤتمر وفي.. وفي قطر هو..
د.يوسف القرضاوي: نعم؟
ماهر عبد الله: هل المقصود من عقد هذا المؤتمر تحديداً ليس المؤتمر السابق، هذا المؤتمر إنه هل.. هل يكون استجابة لبعض الضغوط، حتى بعض المصارف التي يُظن أن لها علاقة بالجهاد، قد يجري عليها نوع من.. من الحظر؟
[فاصل إعلاني]
الضغوط الدولية على المؤسسات الإسلامية
ماهر عبد الله: مرحباً بكم مجدداً في هذه الحلقة من برنامج (الشريعة والحياة)، والتي بإمكانكم أن تشاركوا فيها معنا إما على رقم الهاتف: 4888873، وهو ما ترونه على الشاشة الآن، أو على رقم الفاكس: 4890865 أو على الصفحة الرئيسية (للجزيرة نت) على العنوان التالي: www.aljazeera.net
سيدي، يعني بعض الناس عندما.. مجرد ما رأوا عنوان المؤتمر المستجدات الدولية وانعكاساتها على مؤسسات الزكاة، ذهب إلى ذهنهم أنه نوع من التبرير لشطب أحد مصارف الزكاة، كون هناك حملة على الإرهاب، فهي بطريق أو بآخر تمس الحملة على الجهاد، الكثيرين يذهبون إلى أن الجهاد مصدر مهم أو مصرف مهم من مصارف الزكاة، هل باعتقادك هناك ضغوط بهذا الاتجاه على المؤسسات الإسلامية؟
د.يوسف القرضاوي: ما أظن أن هناك ضغوطاً حول هذا الأمر، المصارف.. مصارف الزكاة حددها القرآن، يعني حتى جاء في بعض الأحاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الله لم يجعل لنبي ولا لغيره أمراً في الصدقات، وإنما حددها في ثمانية أجزاء"، وفي الآية رقم 60 من سورة التوبة (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ) يعني هذه المصارف الثمانية التي حددها القرآن الكريم، يمكن بعض المصارف لم تعد موجودة الآن مثل –مثلاً- في الرقاب تحرير الرقيق، وإن كان مثلاً هناك بقى يعني رأي يقول إنه بدل تحرير الرقيق فك الأسرى، إذا كان هناك أسرى يعني ممكن ندفع الزكاة لتحريرهم من رق الأسر أيضاً، هذا نوع من..، فـ (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) طبعاً جمهور العلماء بيفسروا هذا بأنه ما كان في الجهاد، ولكن الجهاد نوعان أيضاً، هناك جهاد الطلب، وهناك جهاد الدفع، جهاد الطلب دا يعني الآن يحتاج إلى فقه جديد، أنا شخصياً بأكتب في هذا، يعني هناك أناس يريدون أن يحاربوا العالم يعني كله، أعلنوا الحرب على اليهود والنصارى والوثنيين و..، لأ، إنما الجهاد الآن الذي كلنا حريصون عليه هو جهاد الدفع، جهاد المقاومة، جهاد التحرير للأوطان المحتلة والمُغْتَصبة والمُستعبدة، هذا لا يمكن أن يناقش فيه مناقش أو يجادل فيه مجادل من.. ندفع من مال الزكاة ونقول من مال الزكاة، لأنه الجهاد والحروب تحتاج أضعاف مال الزكاة، يعني عمر قضية الجهاد والحرب في الإسلام وتجييش الجيوش وتهيئة الأسلحة والأشياء دي كلها لم تكن من الزكاة، ممكن الزكاة تساعد فيها، إنما هذه من مال من أموال الدولة ومن خزانة الدولة ومن مواردها المختلفة، إنما الزكاة ممكن نساعد بعض المتطوعين أو بعض.. أو نشتري لهم بعض الأشياء، فالزكاة تساهم في هذا، والآن يعني المجامع الفقهية جعلت إن من.. من سبيل الله الصرف في الدعوة إلى الإسلام، تأسيس مراكز للدعوة إلى الإسلام، تفريغ دعاة ينشرون الإسلام ويعلِّمون المسلمين، نشر كتب يعني الإسلامية، طبع المصحف للمسلمين، بناء مساجد لمن ليست عندهم مساجد وخصوصاً الذين يعيشون خارج دار الإسلام، دي كلها اعتبرها العلماء، وأصدر المجمع الفقهي لرابطة العالم الإسلامي يعني فتوى فيها بأن دي تعتبر من سبيل الله، فهذا هو إذا كان لابد من فقه، إذ هذا هو الفقه الجديد، إنما أن نحذف إن لا نساعد أي عمل جهادي يدافع عن وطنه، هذا.. يبقى نحذف القرآن يعني، هذا.. لا يملك أحد أن يحذف من كتاب الله لفظة واحدة ولا آية واحدة ولا بعض آية، لأن هذا الكتاب محفوظ (لاَ يَأْتِيهِ البَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ).
توظيف أنظمة المعلومات في خدمة مؤسسات الزكاة
ماهر عبد الله: بصفتك سيدي –لو انتقلنا لمحور آخر- بصفتك من الخبراء في الزكاة، وكتبت حولها من.. من يعني من قديم، المؤتمر الماضي خُصص للتكنولوجيا وتوظيف الحاسوب في.. في خدمة الزكاة، وهناك محور رئيسي أيضاً مُقدم في.. في هذا المؤتمر حول أنظمة المعلومات ودورها في خدمة مؤسسات الزكاة، صنع القرارات، تقدير الأموال، باختصار ما بين المؤتمرين ملاحظة عامة، هل تعتقد أنه وُظِّفت.. هل هناك توظيف حقيقي لأنظمة المعلومات للمعلوماتية الجديدة في خدمة هذه المؤسسة الكبيرة؟
د.يوسف القرضاوي: والله أنا يعني شفت يعني بيت الزكاة يعني هنا في قطر تطوَّر تطوُّراً كبيراً، يعني عندما نشأ، وبعدين وضعه الآن حصل تطوُّر كبير، حصل فعلاً استخدام لهذه المعلومات وفي كل يوم يزدادون يتعلمون أكثر فأكثر، وهذا المؤتمر نفسه هو مؤتمر لتبادل المعلومات، لإن فيه عدة بيوت أو صناديق أو مؤسسات للزكاة، ولكل مؤسسة تجربتها، فالآن كل واحد بيحاول يستفيد من أخيه، نصب المعلومات كلها أمام الجميع ليقتبس منها من لا يجد عنده هذه المعلومة أو لا يجد عنده هذه الآلية أو هذه الوسيلة، فعن طريقة التشاور، وكما قال بعض السلف "ما تشاور قوم قط إلا هُدوا لأرشد أمرهم" فكل واحد يتعلم من الآخر، أنا أشوف بيت الزكاة في قطر تطور عما كان عليه منذ سنوات تطوراً كبيراً، وأصبح عنده بيستخدم هذه النظم استخداماً يعني جيداً، ويعني كل يوم يتحسن عما قبله.
مدى إمكانية إنشاء مؤسسة عالمية للزكاة
ماهر عبد الله: إذا كان هذا.. ستبقى الزكاة فريضة، ستبقى مواردها تتجدد باستمرار، وبالتالي مصارفها ستبقى أيضاً موجودة، ذكرت في.. في معرض الكلام إنه هناك أكثر من مؤسسة تشارك في.. في هذا المؤتمر، لماذا لا يقع.. أو يعني هل هناك جدوى؟ هل وقعت دراسة، لماذا لا يجري البحث عن مؤسسة مركزية للزكاة كون نتحدث عن أمة واحدة، نتحدث عن مآسي يشعر بها الشرقي مع الغربي والعكس من الأمة الإسلامية، ربما لا نستطيع أن نتوحَّد سياسياً ولا نستطيع أن نتوحد فقهياً، على الأقل في هذا الجانب، قد يكون من السهل أن نتفق على تعريف من هو الفقير ومن هو صاحب الحاجة؟ هل هناك بحث جدي عن مؤسسة عالمية مركزية للزكاة؟
د.يوسف القرضاوي: والله هو يعني هذا أمر جدير يعني أن يُبحث وأن يُدْرس، وكان منذ سنوات في الحقيقة كان الأمير الحسن بن طلال في الأردن كان عنده هذه الفكرة، ويريد أن تقوم –يعني- مؤسسة مركزية يعني تخدم عامة المسلمين، وهذا أمر جيد، أنا بس أخشى إن هناك أناساً لا يعني يريدون للمسلمين أن يتحدوا في أي شيء، يعني هو المسلمون مُمزقون سياسياً، ولكن كان في الواقع الهيئات الخيرية المختلفة كانت متحدة، فكانوا.. كان المسلمون من الناحية الخيرية والاجتماعية يعني منتظمين ومتحدين ومتعاونين فتجد جمعية قطر الخيرية، هي هنا في قطر، تكفل أيتاماً في أفغانستان أيتاماً في الصومال، أيتاماً في البوسنة والهرسك، في كوسوفو، في مقدونيا في ألبانيا، في.. يعني فكان كأنه هذا العمل الخيري بيوحد المسلمين في أنحاء العالم، إذا لم يتحدوا على الآمال يتحدوا على الآلام، على الأقل، أنا يعني هناك يعني استعداد من الأمة لعمل مثل هذا، أخشى بس جهات معينة يعني تخاف من مثل هذا الأمر، وتضع العقبات في طريقه حتى لا يقوم، ولكن من حق الأمة أن يكون عندها مثل هذه المؤسسة لتنظر في القضايا الكبرى على الأقل، عندما تحدث كارثة مثل كارثة الزلزال دي في إيران أو مجاعة أحياناً في بعض البلاد، يعني توجد فيها مجاعة لا يجدون القوت، ترى الناس هياكل عظمية فعلاً، لا.. لا لكن يعني من حق الناس أن يعالجوا في هذه الحالة إذا وجدت مؤسسة مركزية مُمثلة من شخصيات لها وزن.. وزنها، ناس بشخصياتهم وناس بأوصافهم، مثلاً يعني ممثلين بيوت الزكاة والمؤسسات الزكاة.. جمعيات خيرية معينة، هيئات الإغاثة الإسلامية والعالمية، يعني ممكن ناس مثل هذا تقوم هذه المؤسسة وتقوم بدور جيد.
ماهر عبد الله: يعني بغض النظر عن نوايا الأعداء أو بغض النظر عن أماني الأمة من حيث هم.. هي أمة، المؤتمر واضع على جدول أعماله فكرة وورقة مُقدمة من بعض الباحثين حول هذه الفكرة، لكن من تجربتك مع المؤسسات، هل ترى لدى إداراتها وقياداتها توجُّه نحو هذا، أم أن ما يصيب الأمة من شلل، وخصوصاً أننا نتحدث عن مؤسسات مدنية لا علاقة لها بالدولة، يعني قد لا تكون خاضعة بشكل مباشر لضغط سياسي كما تخضع له الدولة؟
د.يوسف القرضاوي: والله دا بيرجع لوعي الأشخاص، يعني فيه شخص عايش في همومه المحلية، لا –يعني- يتجاوز هذا ولا يتسع أفقه لينظر يعني أبعد من موطئ قدميه، ولكن هناك أناس يعيشون بأفق رحب، وينظر إلى إنه فيه ترابط، والأمور يعني الحقيقة لا تستطيع أن تعزل بعضها عن بعض، فيه ناس يقول لك لأ إحنا الزكاة دي نأخذها من أهل بلدنا ونصرفها في أهل بلدنا فقط، ولا علاقة لنا بالآخرين، لأ.. هذا.. هذا من ينظر هذه النظرة لا يصلح، إنما الإنسان الذي ينظر إلى الأمة الإسلامية إنها أمة واحدة (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً) وأن "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه" يعني لا يتخلى عنه ساعة.. في ساعة الشدة، و"أن المسلمين يسعى بذمتهم أدناهم"، وأنهم متكافلون بعضهم مع بعض "كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد.."، من عنده هذه المفاهيم وهذه القيم مغروسة في ذهنه وفي نفسه هو الذي ينفع، ويصلح لأن يكون عضواً في هذه المؤسسة العالمية المطلوبة.
[موجز الأخبار]
دور الزكاة في النهوض بالتعليم ومحاربة التطرف
ماهر عبد الله: سيدي، يعني عندما يتحدث الإنسان عادة عن.. عن الزكاة يخطر على باله العمل الخيري بمعناه الفردي، هناك فقير، ماذا عن الزكاة كمؤسسة ترتبط بالتعليم وقد ذكرتم أن كثير من.. (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) يفسرونها على أنها أو جزء منها للتعليم، مؤسسة للترابط الاجتماعي، مؤسسة لتوفير العمالة وتخليص المجتمع من البطالة، فيما يتعلق بالتعليم تحديداً في قصة الإرهاب، هناك خوفان، الخوف الأول أنه قد تمول عمل إرهابي وأنت قلت وأنا أتفق معك أن هذه الجمعيات والمؤسسات لها سجلات معروفة مكشوفة لا علاقة لها، لكن ماذا عن محاربة الإرهاب من زاوية أخرى، أن يفرض جزء من هذا المال لتعليم حقيقي، ينقذنا من الجهل من ناحية، وينقذنا من براثن الفكر المتطرف من ناحية أخرى.. من ناحية أخرى؟ هل يمكن للزكاة أن تقوم بدور في القصة التعليمية على هذا الصعيد تحديداً؟
د. يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الزكاة مورد مالي، يعني الزكاة لا توجِّه، الزكاة هي تمويل لشيء موجود، فلابد إذا أردنا أن يعني نرشِّد الأمور أن نبدأ نحن، وبعدين الزكاة تأتي مساعدة لنا، الزكاة تساعد في التنمية، وتساعد في تشغيل العاطلين، وتساعد في تعليم الجاهلين، حتى يعني في مذهب أبي حنيفة، بيعتبروا (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) إنه المتعلم، طالب العلم، إذا كان يطلب العلم النافع، بيعتبروه في سبيل الله، يعني فسروا (فِي سَبِيلِ اللَّهِ) من انقطع لطلب العلم، وإنما العلم هو أيه؟ هو.. هو دا الكلام، الزكاة لها أهداف يعني كبيرة جداً، لأنه.. لأنها هي يا إما تساعد المحتاج، أو تقوم بدور آخر، يعني لها دور سياسي، يعني تأليف القلوب على الإسلام، حينما كان الرسول يعطي، الناس يتألف قلوبهم، يتألف زعماء القبائل، ليستميلهم إلى الإسلام، أو ليكتفي شرهم أو ليقف.. يقوموا بدور حماية على الثغور والأطراف، يعني يحمون أطراف الإسلام وثغوره من اعتداءات آخرين، يعني وطبعاً حتى بعض الناس قالوا إن هذا كان في أيام الضعف، وإذا قوي المسلمون لا يحتاجون إلى تأليف القلوب، ولكن رد عليهم آخرون، قالوا لأ أبداً، دا الرسول لم يتألف القلوب إلا في أيام القوة والغلبة، يعني في أيام الفتوح والأشياء ديت، كان بيتألف، ونحن الآن نرى البلاد القوية والبلاد الكبرى هي اللي بتحاول تتألف، تدفع للناس لتشتري ولاءهم، فهذا العمل يعني سياسة، فيه بعض أعمال، بعض مصارف الزكاة لها وجهة سياسية، بعضها لها وجهة اجتماعية.
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: اسمح لي خلينا في القصة السياسية هذه، لأنه يعني جزء من الثقافة الغائبة، حتى في قصة التعليم، نعم هو التعليم أساس، والزكاة تمول، لكن دافع الزكاة لابد من ثقافة تقنعه بأنه التعليم هذا أولوية، لأنه هو عندما يرى جثثاً، ويرى ضحايا، ويرى فقر مدقع، قد يعتقد أن الأولوية يجب أن تذهب إلى هذا، فيما يتعلق بالجانب السياسي الذي ذكرت، تأليف القلوب، الثقافة الدارجة عكس هذا تماماً، يعني نحن نستكثر على الجمعيات التبشيرية أن تقوم بالعمل الخيري، ونتهمهم بأنهم يغزون بلادنا، ولكن في نفس الوقت ليس هناك ثقافة منتشرة، لا عند دافعي الزكاة ولا مؤسسات الزكاة، بدافع أي شيء، بغض النظر عن أن النية لغير المسلم أصلاً، بغض النظر لتأليف القلوب أو..
د. يوسف القرضاوي: هذا.. هذا ناتج عن فقدان الوعي بشيء أنا بأسميه فقه الأولويات، ما هي الأشياء التي تقدَّم على غيرها؟ نحن نقدم ما حقه التأخير، ونؤخِّر ما حقه التقديم، الشيء اللي ينبغي يكون رقم واحد نعمله رقم سبعين، والشيء السبعين نخليه رقم واحد، يعني أنا أجد مثلاً أغنياء المسلمين، أكثر شيء يريدون أن ينفقوا فيه أموالهم بناء المساجد، طيب وبناء المساجد هذه كان.. كنت في إندونيسيا منذ بضعة عشرة عاماً، وكان هناك الدكتور محمد ناصر، أحد كبار رجالات الإندونيسية، ورئيس المجلس الأعلى للدعوة الإسلامية، كان رئيس وزراء إندونيسيا قبل هذا، فيقول يعني جزى الله إخواننا العرب خيراً، بيجوا يبنوا مساجد، ويتركوها، طب المساجد ديت مش محتاجة إلى أئمة ومؤذنين وخطباء ووعاظ وهكذا، وهؤلاء يحتاجون إلى معاهد تخرجهم وإلى..، يعني ما لا يهتمون بهذا، منذ سنوات كان أخونا العالم الأديب الطبيب الشاعر الداعية الدكتور حسان حتحوت، الذي ترك أستاذية الجامعة، وتفرَّغ للدعوة في أميركا، في المركز الإسلامي في لوس أنجلوس كنت أسأله: ماذا يشغلكم الآن يا دكتور حسان؟ ما هي أهم أنواع نشاطكم؟ قال: الذي يشغلنا الآن بناء المدارس، الجيل الذي قبلنا كان يشغله بناء المساجد، ونحن يشغلنا الآن بناء المدارس، لماذا؟ قال لأننا لو تركنا المساجد بدون مدارس، سيأتي الجيل القادم يبيع المساجد ديت، كما باع المسيحيون لنا كنائسهم، حينما لم تجد رواداً لها، لابد، فهذا يعتمد على فقه الأولويات، لابد أن نعلِّم الأمة إن أهم.. أهم شيء هو التعليم، أن ننقل الشخص من الأمية -للأسف- إننا يعني أكثر البلاد أمية، البلاد الإسلامية في مؤخرة البلاد التي يعني تعاني من الأمية إلى اليوم، بعض البلاد تزداد فيها الأمية، وللأسف يعني المفروض إنه الأمية تتناقص يوماً بعد.. في بعض البلاد لأ، الأمية بتتسع دائرتها، فلابد أن.. أن نعلم، وأي نوع من التعليم أيضاً يعني، حتى هو بس مش معلم يعني لا نزال نلقِّن التعليم التلقيني، ليس التعليم الذي يُكوِّن الفكر، وينشئ العقل والملكة والسؤال والجواب والأخذ والرد، هذا نحن في حاجة إلى..، هذه أمور يعني.. يعني تحتاج إلى توعية، وعلى أهل العلم والفكر والدعوة والتربية أن يقوموا يعني بمهمتهم في هذا الجانب الخطير.
ماهر عبد الله: التقرير العربي للتنمية الحقيقة مأساة فيما يتعلق بالتعليم، نصف البالغين في العالم العربي مازالوا أميين..
د. يوسف القرضاوي: آه للأسف يعني.
ماهر عبد الله: و10% من الأطفال مازالوا لا يدرسون، لا تتاح لهم فرصة أن.. أن..
د. يوسف القرضاوي: وكثير من المتعلمين أميون حقيقة.
ماهر عبد الله: أمي ثقافي..
د. يوسف القرضاوي: يعني هم أميون يعرفوا يكتبوا، وإن كان حتى الكتابة، يعني للأسف يعني الكثيرون لا يحسنون الكتابة، مرة واحد.. الصحفي المصري الأستاذ صلاح منتصر، كان بيتكلم عن يعني أمية المتخرجين، فواحد يعني باعت له، يعني بيشكوا من إنه لا يجد يعني عملاً، ومعاه ليسانس ومعاه كذا، وكاتب له "نحنوا"، نحن كاتبها نحنوا نون، واو، وقدامها ألف، نحنوا، عملها واو جماعة، وواو الجماعة قدامها ألف، نحن مش عارف كلمة نحن، يعني فأي.. فحتى المتعلمين أميون، فنحن في حاجة إلى أن نرفع مستوى الأمة.
ماهر عبد الله: ولهذا أنا كان سؤالي إنه يعني مؤتمرات مثل هذه، في ترتيب أولوياتها، جزء منه أن يُعطى التعليم أن.. أن تنتشر هذه الثقافة في أوساط المؤسسات مثل هذه، أن وجوب إعطاء الأولوية للتعليم، ليس فقط للجاليات في.. في أميركا، بس اسمح لي سآخذ بعض المشاركات للإخوة على الهاتف من فترة، ونعود للمواصلة، نسمع من الأخ كمال شكري من ألمانيا، أخ كمال تفضل.
كمال شكري: تحية لك يا أخ ماهر.
ماهر عبد الله: حياك الله تفضل.
كمال شكري: وتحية للدكتور يوسف القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
كمال شكري: الحقيقة أنا ليَّ يعني محورين سريعين، المحور الأول: نحن، بس مكتوبة مضبوط من غير واو تجميع، ومن غير حاجة، نحن نحتاج إلى بنية تحتية أساسية علمية، يعني بمعنى آخر، ناحية.. يعني ناحية علمية هندسية طبية، في علم الذرة، الحاجات اللي -في وجهة نظري- محرمة على الدول العربية والإسلامية أن يطوروها، ما مجال جمع الزكاة بإنشاء مراكز علمية، تشتغل بجدية، مش مراكز علمية، يعني.. تشتغل بجدية، وتنتج لخدمة المجتمع الإسلامي، المجتمع العربي، المجتمع الإسلامي، لأن دي نقطة أساسية جداً، مش.. مش هنفضل نبني جوامع، ومش هنعرف، مش هنوصل في العالم اللي هو بيشيد بطرق.. بالطرق العلمية لتطويره، دي النقطة الأساسية، أعتبر يا أخ ماهر إنها واضحة.
النقطة الثانية: الفلوس التي تباع من بيع الذهب الأسود في شبه الجزيرة العربية وغيرها، المفروض الفلوس ديت ليها يعني راجع على الناس وعلى الحكومات، هل من المفروض أن تدفع الزكاة على هذه الأموال للانتفاضة الفلسطينية؟ يعني الشهداء، عائلات الشهداء، أمهات الشهداء، المرضى في فلسطين المحتلة، الدفاع عن المسجد الأقصى بوجه عام، وهذا شيء أساسي جداً، كل مرة لازم أنا أبين النقطة دي، لأنها في وجهة نظري، المسلمين والعرب بوضع خاص نايمين يا أخ ماهر، مش عارفين إن المسجد الأقصى القبلة الأولى للمسلمين، ودي نقطة خطيرة جداً، لأنهم لما ينسوا حاجة زي كده، يبقى أكيد ناسيين إنهم يقاطعوا البضاعة الإسرائيلية، يقاطعوا البضاعة الأميركية ودي أساسيات، لازم كل مرة أعيدها، شكراً الأخ ماهر.
ماهر عبد الله: أخ.. أخ كمال، النقطة هذه صارت أوضح من الأولى، وإن شاء الله تسمع من الدكتور تعليق عليها، مشكور جداً، نسمع من الأخ سيف الدين من السعودية، أخ سيف الدين تفضل.
سيف الدين أحمد: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
سيف الدين أحمد: تحية يعني كبيرة جداً للشيخ القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
سيف الدين أحمد: بالنسبة سيادتك تعريف.. تعريف لمعنى الفقير، لأن أحياناً بتختلف من دولة لدولة معنى الفقير، يعني سيادتك تِعرَّف الفقير اللي هو الذي لا يجد قوت يومه، لأن بعض الدول اللي هي الغنية، تعتبر المستويات المتوسطة فقير، لأن دا ليه الدور الأول في الزكاة، زي ما أنت سيادتك عارف، لأن الآية (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ) أول.. أول بند فيها للفقراء، فيعني نرجو من سيادتكم الدعوة لمركز إسلامي.. إسلامي يجمع كل الدول الإسلامية بتوزيع الصدقات على الفقراء، شكراً.
ماهر عبد الله: طيب شكراً.. شكراً.. شكراً أخ سيف، نسمع من الأخ عبد الإله من.. المحمود من السعودية، أخ عبد الإله تفضل.
عبد الإله المحمود: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الإله المحمود: أهلاً بك يا أخ ماهر، وأهلاً بفضيلة العلامة الشيخ يوسف القرضاوي، حفظه الله للإسلام والمسلمين.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
عبد الإله المحمود: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ سِراًّ وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) الزكاة لا شك أنها مورد ثاني، للأسف مكتوب اسمي المحمودي يا أخي ماهر.
ماهر عبد الله: غلطة هيشيلوه إن شاء الله.
عبد الإله المحمود: مو.. مو مضبوط كده، المهم إن للزكاة مورد ثاني، ويجب علينا أن.. أن نعطي الزكاة حقيقة، ويجب ترشيد هذه الزكاة، بمعنى أنه يجب الإشراف عليها من الدولة، أو حتى من هيئات خاصة، لأنها سلاح ذو حدين، قد تموَّل أو تذهب في طريق، قد يرجع على المسلمين بمخاطر كبيرة، وقد ينشأ عنها حروب وتخريب في داخل الأوطان العربية، وفي غالبها تذهب في طريقها الحقيقي والصحيح، نحن نريد أن تذهب إلى طريقها الصحيح، وهذا لا يتأتى إلا بالإشراف عليها بالتنظيم لتذهب صحيح، نحن نعلم أن الرئيس الأميركي (جورج بوش) يقول: إن الذين ينفقون أموالهم بالليل أو النهار سراً أو علانية فلا أجر لهم عند ربهم، وخوف عليهم، وسوف يحزنون، نحن نعلم ذلك، ولكنه نريد أن تكون في الطريق الصحيح، لأن لا نؤاخذ، ثم أعقِّب على..، معلش..
ماهر عبد الله: طيب أخ.. أخ عبد الإله يعني فكرة جميلة جداً، والشيخ هو حريص على قصة الأولويات، وإن شاء تسمع منه أيضاً تعليق عليها.
[فاصل إعلاني]
حكم الزكاة في أموال النفط
ماهر عبد الله: سيدي، عطفاً على السؤال الثاني للأخ كمال شكري، الأخ منهل عبد الرحمن سلامة، فني من.. من سوريا يسأل أيضاً: كيف تستطيع مؤسسات الزكاة الدولية أن توصل أموال الزكاة، وتدعم عوائل الشهداء، وذوي المنازل المدمرة في فلسطين، في ظل القوانين التي تمنع وتراقب هذا الأمر في الدول الغربية؟ كان الأخ كمال يعني حصرها تحديدا في.. في مصدر أموال النفط، لكن فيما يتعلق بأموال النفط، وهل ثمة زكاة عليها؟ وما إذا كانت، يجب أن تذهب هناك؟ وكيف ستذهب هناك في ظل هذا التضييق؟
د. يوسف القرضاوي: أولاً: يعني من ناحية الزكاة على أموال النفط، الزكاة، الأصل في الزكاة في أموال الأفراد والملكية الخاصة، أموال الدولة ليس عليها زكاة، لأن لا يملكها أحد، الزكاة فرع عن تمام المِلك، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا) يعني لازم واحد يملك المال ينسب إليه من أموالهم، (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِالَّليْلِ وَالنَّهَارِ) إنما مال الدولة تطلع منه زكاة، 2.5% طيب.
ماهر عبد الله: والباقي..
د. يوسف القرضاوي: والباقي يروح فين؟ 97.5، لأن مال الدولة كله المفروض ينفق في مصلحة الأمة، مش 2.5%، أو 10%، أو 5%، فهذا المال مخصص لمصالح الأمة، ومن مصالح الأمة الفقراء والمساكين واليتامى، كما جاء في القرآن في توزيع آية الفيء، (مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ القُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) فبعض الإخوة يقول لك إن على الدولة إنها تزكي عن مالها، لأ، دا مالها كله يعني مرصود لمصلحة الأمة، كل ما في الأمر إنه يعني أحياناً تكون هناك نزعة إقليمية أو محلية، إن يعني كل دولة تقول لك أنا مالي لي لوحدي، لأ هذه النزعة خطرة وخاطئة، لأن ما فيش حد اسمه لوحده الآن، إحنا كلنا كتلة واحدة، الخطر اللي يأتي يأتي علينا جميعاً، والفائدة التي تأتي تأتي لنا جميعاً، ولذلك المفروض إن إحنا كالجسد الواحد.
ماهر عبد الله: الأخ أسامة منصور، رجل أعمال من إسبانيا، يقترح على بعض الحكام العرب أن.. أن يخرجوا من معتقلاتهم 2.5% سنوياً، من المعتقلين الذين حال عليهم الحول.
د. يوسف القرضاوي: يخرجوا أيه؟
ماهر عبد الله: من المساجين في.. في السجون من حال عليهم الحول، يخرجوا منهم 2.5 في السنة، على سبيل إطلاق سراحهم، سيدي.
د. يوسف القرضاوي: نعم.. يعني بعد كام سنة يعني في لما يخلصوا..
ماهر عبد الله: يعني أربعين سنة أحسن من، إلى الأبد.
د. يوسف القرضاوي: آه أربعين سنة يعني، وبس هيجي ناس جداد يدخلوا يعني مش.. مش هيخلصوا.
مدى كفاءة آليات عمل لجان الزكاة
ماهر عبد الله: كان سؤال الأخ كمال الثاني عن البنية التحتية، أنت ذكرت في كلامك الأول عن صندوق الزكاة القطري إنه.. إنه يتحسن يوماً بعد يوم، لكن في.. في المحصلة، وأنت تزور الكثير من الأقطار، وتلتقي بالمشرفين على كثير من المؤسسات المالية، هل تعتقد.. هل أنت راضي عما ترى من بنية تحتية، تحكم آلية عمل لجان الزكاة؟ عموماً؟
د. يوسف القرضاوي: البنية التحتية اللي بيذكرها الأخ، إنه إحنا نريد أن نقيم بنية صناعية، تكنولوجية، زراعية، تقدمية، تكاملية، هذا يعني مطلوب من الأمة، الأمة لا يمكن أن ترتقي وتنهض بأعبائها، إلا إذا كانت أمة قوية، والقوة في كل ناحية من نواحي الحياة، أنا للأسف أشوف البلاد الإسلامية، معظمها بلاد زراعية، فيها سهول خصبة، فيها بلد مثل السودان، بيسموه سلة غلال العالم العربي كله، ومع هذا العالم العربي بيشتكي من قلة القوت، ويستورد أكثر من نصف أقواته، وبعدين أنا دائماً أقول، أمة سورة الحديد لا تتعلم.. لم تتعلم صناعة الحديد، القرآن يقول (وَأَنزَلْنَا الحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) يعني (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ) دا بيشير إلى الصناعة الحربية، (وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) بيشير إلى الصناعة المدنية، ونحن للأسف لا أحسَّنا الصناعة الحربية، ولا أحسنَّا الصناعة المدنية، عشان إحنا لكي يعني نبني بنية تحتية قوية، لابد إن الأمة يعني نجند الأمة كلها، بعض الناس يقول لك إنه إحنا مش مؤهلين لذلك، لأ عندنا آلاف العقول المهاجرة، بتشتغل في أميركا وفي أوروبا، وفي أرقى المستويات، لماذا هذه لو جاءت بلادنا ما تشغلش للأسف؟ لأنه إحنا فيه خلل يعني عندنا، فالأمور.. لكي تعمل هذا محتاج إلى إصلاح سياسي، محتاج إلى مناخ حريات، حتى تستطيع أن توظف هذه الأشياء دون خوف، الخوف يشل القوى، الاستبداد يقتل المواهب، يعني.. يعني فيه حاكم عربي من حوالي أكثر من 30 سنة أو شيء من هذا، أراد أن يجمع الملكات والمواهب العلمية في البلاد الغربية، وقال إحنا عايزين نقيم مدينة علمية من العرب والمسلمين، وراح مندوبوه إلى أميركا وإلى أوروبا يجيبوا الناس اللي هناك، الناس جم، أول ما دخلوا البلد، خدوا الجوازات السفر، وأصبحوا مقيدين كأنهم أسرى، لا يستطيعون يتحركوا، فحسوا أنهم في سجن، هذا لا.. هذا لا يمكِّن الناس من..، فلذلك لكي ترقى الأمة لابد من إصلاح سياسي، ولابد من إصلاح أخلاقي، ولابد من إصلاح اجتماعي ولابد أن تتكامل هذه الأشياء، حتى تبني الأمة نفسها بناءً حقيقياً.
ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ علي الأحمد من بريطانيا، أخ علي تفضل.
علي الأحمد: السلام عليكم ورحمة الله..
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
علي الأحمد: أريد يعني أنه ألفت يعني نظر الشيخ -الله يجزيه خير- إلى فئتين من المسلمين الآن، يعني في حاجة ماسة إلى أن يُنظر إليها من.. من.. في.. من ناحية الزكاة، الفئة الأولى وهي المقاومين في العراق للاحتلال الأميركي، نعلم الآن هناك آلاف مؤلفة من المعتقلين في السجون في.. في العراق، وعوائلهم في.. في وضع صعب جداً، لأن التوظيف والأموال لا يعطيها المحتل لمن يقاومه، فالفئة التي تقاوم المحتل في العراق الآن في وضع أظن إنها في أمس الحاجة للمساندة، لأن المعيل وفي.. في السجن الآن، والفئة الثانية، اللي هي ما.. ما أدري ما رأي الدكتور أريد أن أسمع رأيه منها، وهي التنظيمات الإسلامية، التي تعارض أنظمة الحكم المستبدة، والتي هُجِّر الآلاف منها إلى خارج بلادهم، والتي اعتُقل الآلاف منها في السجون، هل هذه الفئة.. ألا تستحق هذه الفئة من صناديق الزكاة الإسلامية كل الدعم والتأييد؟ خاصة وأن كل المسلمين تقاعسوا عن دعم هذه الفئات، الدعم المعنوي والدعم السياسي، والاقتصادي.. يواجهوا..
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: طيب أخ على يعني السؤالين واضحين، مشكور جداً على.. عليهما، نسمع من الأخ حسن ناصر من الأردن، أخ حسن تفضل.
حسن ناصر: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
حسن ناصر: أخي العزيز فضيلة الشيخ القرضاوي، أنا ممن يحب الاستماع إليك.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
حسن ناصر: ولكن هناك مشكلة كبيرة يعاني.. تعاني منها أمتنا، وهي مشكلة العلماء، العلماء الآن انحازوا إلى السلطان، فيأتوننا بفتاوى صعبة جداً، الزكاة كيف؟ لمن تُعطى الزكاة؟ تُعطى لأصحاب المليارات المسؤولين عن الناس، من أين أتوا بها؟ الزكاة يجب أن تكون للفقراء والمجاهدين، يأتي أحد الشيوخ اسمه عدنان من الشام ويقول إنه الآن.
د. يوسف القرضاوي: يا أخي، بس لا تذكر أسماء والله يعني..
حسن ناصر: طيب متأسف، لا وقت، الآن ليس وقت الجهاد، لأن الجهاد لا يكون إلا بالحاكم، ويقول أن أهل السنة لا يقاتلون الحاكم، أي حاكم وأي جهاد؟ قيام الدولة.. الدولة قامت وتمت سرقتها من بعض من.. من الموجودين الآن؟ والجهاد مطلوب فرض عين على كل مسلم، أول جريح فلسطين، فلسطين ذهبت وبعدها العراق، والآن كل الوطن العربي مرشح لهذه الأشياء، نريد علماء مجاهدين أقوياء ليس علماء سلطان.
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: أخ حسن شكراً جداً..
حسن ناصر: السعودية..
ماهر عبد الله: شكراً جداً على هذه المداخلة واضحة، نسمع من الأخ صبري معروف من مصر، الأخ صبري تفضل.
صبري معروف: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
صبري معروف: وتحية طيبة للعلامة المجدد الشيخ القرضاوي وللأخ ماهر ولجميع المشاهدين.
ماهر عبد الله: حياك الله.
صبري معروف: في الحقيقة الحرب على الإسلام لم تهدأ، بل زاد (غوارها) وبيد الأعداء وللأسف العملاء، وأصبحت الحرب الآن جاء الدور على الزكاة بحجة أنها تمول الإرهاب، وعند قيام الدولة اللقيطة البغية المد الشيطاني والجرثومة السرطانية والبؤرة الصليبية إسرائيل، كانوا يجمعون تبرعات في أوروبا ويقولون ادفع دولاراً تقتل مسلماً، وجمعوا في يوم واحد 100 مليون دولار، فهل تدفع ريالاً تنقذ مسلماً؟ وبينما تتوالى الكوارث على المسلمين فنجد من يبذرون الأموال على شهواتهم، فأحدهم أنفق 240 مليون دولار في شهر واحد في أوروبا، ودولة تستورد 30 ألف طن من الرمال من بريطانيا، وكأن الرمال المحلية يعني موضة قديمة، بينما يموت في أفغانستان كل يوم 400 طفل، وفي العراق وفلسطين وغيرها، وسؤالي سيدي الكريم، هل من يمنع وصول الزكاة لإخواننا في فلسطين وغيرها يعتبر من مانعي الزكاة؟ وهل تزويج الشباب ولا سيما في هذا الزمن يعتبر من أبواب الزكاة؟
وأخيراً هل البترول شرعاً ملك لهذه الدويلات الخليجية المتأمركة أم أنه ملك كل المسلمين؟ ولو أخرجت زكاة البترول لصار لكل مسلم نصيب برميل يومياً، وأتمنى..
تعريف الفقير الذي تجب عليه الزكاة
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: طب أخ صبري مشكور جداً على أسئلتك، وإن شاء تسمع تعليق، نسمع.. نعود لسؤال الأخ سيف الدين، من هو الفقير الذي تجب عليه الزكاة، لاسيما أن..
د. يوسف القرضاوي: تجب له الزكاة.
ماهر عبد الله: تجب له الزكاة، لاسيما أن هذا يختلف من بلد لبلد تعريفه هناك فعلاً حرفياً من لا يجد قوت يومه، لكن..
د. يوسف القرضاوي: هو.. هو الفقير، طبعاً فيه الفقير والمسكين، فيه خلاف بين الفقهاء والمفسرين أيهما أشد حاجة من الآخَّر ولكن أغلب الفقهاء إن الفقير هو الأشد، ولذلك بدأ القرآن به، والفقير هو يعني كأنه مكسور في.. فقار ظهره يعني هذا.. هذا الفقير، الفقير من لا يجد إلا أقل من نصف حاجته.. نصف كفايته، والمسكين من لا يجد تمام كفايته، لازم نأخذ الصنفين مع بعض، فمن لم يجد تمام كفايته فهو إما فقير أو مسكين، الزكاة مهمتها إذن أن تتمم كفاية الإنسان، أن تعطي للإنسان تمام الكفاية له ولمن يعول من زوجة أو أولاد أو أب أو أم، من المأكل والمشرب والملبس والمسكن والعلاج وكل ما لابد له منه على ما يليق بحاله من غير إسراف ولا تقتير، على ما يليق بحاله، يعني كل واحد، يعني الناس في القرية غير الناس في المدينة، الناس في بلاد الخليج غير الناس في، يعني مثلاً في بعض البلاد الثلاجة ليست حاجة أساسية، في البلاد الحارة الثلاجة شيء أساسي، المكيِّف دا شيء أساسي، يعني مين يقدر يعيش من غير مكيِّف، فحاجات الناس تختلف وبعدين بعض الناس بيظن الفقير يعني بيكون معدم ما عندوش حاجة خالص، يعني لا تعطى الزكاة إلا لمن لا شيئاً، لأ أبداً، دا الزكاة المفروض أنها تعطى للإنسان حتى يعني سيدنا عمر بن عبد العزيز قالوا له إننا نجد الرجل عنده بيت ويسكن فيه، وعنده أثاث في البيت، وعنده فرس يركبه وعنده كذا، ولكنه غارم يعني مديون نعطيه من الزكاة؟ قال لابد للإنسان من بيت يسكنه ولابد لهذا البيت من أثاث، ولابد له من فرس يركبه، ولابد له من سلاح يدافع به عن نفسه، ولذا أعطوا هذا فإنه غارم، فالناس بتظن إن الزكاة لا تُعطى إلا لمن لا شيء له، لأ، إحنا المفروض في الزكاة إنها تحوِّل الفقراء إلى مُلاَّك مش بس يعني إنها تعطيه لقيمات تقيم صلبه أو دريهمات يعني تقضي حاجة يومية، المفروض إن الزكاة تحل مشكلة الفقير حلاً نهائياً بحيث ينتقل هذا الفقير من يد سفلى إلى يد عليا، من آخذ إلى معطي، يعني هو السنة دي بيأخذ زكاة المفروض السنة الجاية يبقى هو بيعطي الزكاة يصبح قوة منتجة، لأن المفروض إن أنا أعطيه ما يشغله مش بس بأعطيه حاجة إسعاف، لأ، يعني إذا كان هو مثلاً نجار أجيب له أدوات النجارة، إذا كان هو حداد أجيب له أدوات الحدادة، إذا كان زراع أديه آلات الحرث وكذا، يعني هكذا قال الفقهاء.. فمعناها إنك بتحول الفقراء إلى مُلاَّك بحيث يصبح بعد كده من القوة المنتجة والمعطية في.. في المجتمع ويصبح يعطي الزكاة بدل أن يأخذ الزكاة، فهذا هو الفقير الذي يعني، الذي يظن بعض الناس إنه من لا شيء عنده، لا أبداً، الإسلام يريد أن يرتفع بمستوى الناس ويقضي حاجتهم وحتى قالوا: إنه أدوات الحرفة من الكفاية، واحد عايز أدوات الحرفة، كتب العلم لطالب العلم من الكفاية، الزواج من الكفاية.
ماهر عبد الله: وهذا كان..
د. يوسف القرضاوي: يعني كان واحد بيسأل عن يعني هل نزوج..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: سؤال الأخ صبري.. نعم.
د. يوسف القرضاوي: آه، يعني سيدنا.. أحد أولاد سيدنا عُمر يعني قال زُوِّجت من مال الله، أي من.. من بيت المال، وأُنفق عليَّ شهراً، وبأقول لهم دا شهر العسل، يعني قعد يصرف شهر على ما ربنا يسر له يعني الأمر، فتزويج العزاب من الزكاة مشروع أيضاً، لأن دا من تمام الكفاية، يعني فسيدنا عُمر يعني قال: إذا أعطيتم فأغنوا، يعني لما تعطي الفقير مش تعطيه يعني درهمين وكذا، أغنوه بحيث إنه لا يحتاج إلى الزكاة مرة أخرى، ما دامت، وهذا طبعاً راجع إلى..، إلى مدى سعة حصيلة الزكاة أو ضيقها يعني مثلاً بيت الزكاة في قطر، كان بيجي له 5 مليون وبعدين بقى 10 مليون، 20 مليون وصل إلى 50 مليون، كل ما اتسعت الحصيلة بيتسع في الإنفاق، كان بينفق على مثلاً ألف طالب يعني لأ دلوقتي 5000 أو كذا يعني وهكذا، لما تتسع الحصيلة يستطيع إنه يحل مشكلة الفقر عند الكثيرين.
ماهر عبد الله: نسمع من الأخ أشرف محمد من المغرب، أخ أشرف تفضل.. أخ أشرف معانا، نسمع من الأخ صلاح عبد الحي من عمان، صلاح عبد الحي.
صلاح عبد الحي: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام والرحمة.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
صلاح عبد الحي: بس بدي تطول لي روحك شوية يا أخ ماهر الله يرضى عليك.
ماهر عبد الله: تفضل.
صلاح عبد الحي: لو سمحت..
ماهر عبد الله: تفضل.
صلاح عبد الحي: يعني فيه بدي ما.. بالنسبة للنقطة الأولى إن الزكاة هي عبادة مالية أولاً، ويجب ألا يُنظر إليها بأنها مشروع اقتصادي، لأن العبادة عبادة، القصد منها التقرب إلى الله –سبحانه وتعالى- قبل كل شيء.
النقطة الثانية بالنسبة في سبيل الله من تتبُّع آيات القرآن الكريم إذا رأينا كلمة في سبيل الله مع الإنفاق في موضوع الإنفاق تأتي تكون معناها في الجهاد عادة، فلو تتبعنا يعني القرآن الكريم الإنفاق مع في سبيل الله مع بعضها هادول إذا ورد في القرآن الكريم تعني في الجهاد لأنه في سبيل الله أيضاً تشمل الفقير والمسكين والعاملين عليها وكذا وكله في سبيل الله، فلماذا ربنا -سبحانه وتعالى- عَدَّد هذه الأمور يعني تعدد واضح اللي هي ثمانية أبواب، هذه نقطة.
النقطة الثانية أو الثالثة اللي بدي أعود شوي بها إلى قبل حلقة سابقة حينما كان الموضوع عن الخطاب الديني، أريد أن أبيِّن بأن الخطاب الديني إما أن يكون في داخل الأمة أو الدولة وإما في خارجها.
د. يوسف القرضاوي: دا مش موضوعنا يا خويا..
صلاح عبد الحي: فالخطاب الديني من داخل يكون مسؤولية الدولة ومسؤولية الفرد، مسؤولية الدولة على الوجوب ومسؤولية الفرد على الندب، وأما مسؤولية الخطاب الديني أي الدعوة إلى خارج الدولة الإسلامية فهي مسؤولية الدولة، وهذا ما كان يباشره الرسول محمد..
ماهر عبد الله: طب..
صلاح عبد الحي: صلى الله عليه وسلم، والسلام عليكم..
ماهر عبد الله: مشكور جداً يا أخ صلاح نقطتينك الأولين في صميم الموضوع وما كانش فيه داعي تطلب مني أتحمل كانوا مختصرات، وياريت الكل يكون مختصر ومفيد مثل هذا، نسمع من الأخت فاتن من البحرين، أخت فاتن تفضلي.
فاتن: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام رحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
فاتن: حبيت أفهم من الشيخ القرضاوي هل يجوز مثلاً من مثلاً دولة مثل دولة إيران..
ماهر عبد الله: عفواً..
فاتن: إيران.
ماهر عبد الله: أيوه.
فاتن: دولة غنية وعندهم ثروات عندهم فلوس، وعندهم كل شيء، يعني المفروض أول شيء يشوفون إن هل الناس الفقراء والناس اللي هم محتاجين، بدون مثلاً يروحون يشوفون مثلاً يصرفون على إنه أشياء اللي ما إلها أي معنى، مثلاً الموضوع اللي ثار ها الحين بخصوص معامل التفجيرات النووية وغيره وذلك، حتى ليبيا والدول الأخرى الدول المسلمة، الحكام قاعدين يصرفون أموال الدولة هاي الأموال اللي ما لها أي أهمية، مثلاً الحين عندك في إيران ملايين مدمنين للمخدرات، ملايين الجوعانين، ملايين هاجروا من ديارهم والدول الأخرى -للأسف الشديد- سياسة النظام الفاسد اللي موجود في.. بها الدول الإسلامية هاي سبب الفقر والاحتياج للشعوب المسلمة، هاي السؤال.
ماهر عبد الله: طيب شكراً.. شكراً أخت فاتن، نسمع من الأخ يوسف حكمت من قطر، أخ يوسف تفضل.
يوسف حكمت: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام.
يوسف حكمت: شكراً لكم، وأطال الله في عُمر شيخنا وأستاذنا الجليل، سيدي الكريم، السؤال إنه ما دام نحيا في دولة إسلامية، والدول الإسلامية معظمها عندها مصارف صناديق زكاة طيب، لماذا لا يكون قول الصحابي -رضي الله عنه- أبو بكر الصديق "إن والله لو منعوني عقالاً لرسول الله كان يؤدونه إلى رسول الله لقاتلتهم عليه"؟ فلماذا لا يكون هناك يعني موقف من يعني أن تكون لصندوق الزكاة في كل الدول الإسلامية حق أخذ الزكاة المفروضة على المسلم أياً كان، هذا واحد مش هأطول.
النقطة الثانية: لماذا لا يكون، هل.. آسف، هل يمكن أن نستغل أو أن نسخِّر أموال الزكاة لمشاريع تنمي صندوق الزكاة وتعمل على إعمال المحتاجين في هذا المجال، وأطال الله عمرك يا شيخ يوسف، والسلام عليكم.
حكم دفع الزكاة للمقاومين في العراق وفلسطين
ماهر عبد الله: مشكور جداً أخ يوسف.
سيدي، نلجأ للاختصار كثرت علينا الأسئلة، الأخ علي الأحمد نعود لسؤاله المقاومة في العراق وأسر المعتقلين الآن فيها.
د. يوسف القرضاوي: هو يعني الأخ يعني لا أدري هو الأخ دا أو غيره اللي قال أهم يعني مصرفين من مصارف الزكاة الآن هو مصرف الفقراء.. أهل الحاجة وأهل الجهاد، أهل الحاجة وأهل الجهاد، وأنا أرى إن الذين ينطبق عليهم الاثنين الآن إخواننا في فلسطين إنهم أهل الحاجة إنهم محاصرون يعني لا.. يعني بيوتهم تُدمر، مزارعهم تحرق يعني الجرافات قاعدة تجرف، البطالة مستمرة، الحصار من.. من سنين، فهم أشد الناس حاجة، وهم يقاومون يعني الدبابات بصدروهم، يعني البطولة الرائعة في الحقيقة، ولذلك يعني إخواننا في فلسطين أنا أرى إنهم أولى الناس يعني طبعاً كل.. كل من يقاوم الاحتلال في أي بلد يعني لابد أن نسانده ونشد أزره، سواء حتى في البلاد العربية أو حتى خارج البلاد العربية، إن شاء الله يكون في الشيشان أو في كشمير أو في أفغانستان، كل المقاومة لاحتلال أجنبي اغتصب الأرض أو دخلها بغير إذن أهلها يجب أن يُقاوم، إنما أهل فلسطين.. أهل فلسطين يعني كذا واحد من الإخوة اتصلوا وأنا معهم في هذا، يجب ألا يمنعنا أحد عن مساندة إخواننا في فلسطين، ويجب أن تحل هذه المشكلة يعني إنه هناك يعني عقبات توضع أمام هذا الطريق حتى ائتلاف الخير، وهذه الأشياء هناك من يقول يا ناس هذا ائتلاف الخير، يعني مجموعة جمعيات إغاثية وخيرية تعمل علناً وأمام مرأى ومسمع من الناس، ليس هناك يعني غموض ولا التواء ولا عمل تحت الأرض ولا شيء من هذا، فهذا الأمر، يعني..
ماهر عبد الله: طب كان.. كان سؤاله الثاني إنه ذكرتم بداية إنه مطلب الحرية مطلب السعي.. يعني السعي للتغيير السياسي مطلباً، في المحصلة النهائية وأصحاب القرارات، التنظيمات الإسلامية التي تعارض هذه الأنظمة، وبالتالي تدفع الثمن بالتشرد خارج أقطارها، هل يجوز أن يدفع لها من أموال الزكاة؟
د. يوسف القرضاوي: التنظيمات الإسلامية الحقيقية هي يجب أن تُساعَد وتُساعَد من الزكاة ومن غير الزكاة، ولكن لا يطمع الأخ إن هذه التنظيمات تأتي صناديق الزكاة وتمدها، لأن هذه الصناديق بتخضع لرقابة الدولة ولا يمكن أن نجد دولة من الدول تساعد تنظيماً يقاوم المستبدين في دولة أخرى، دا على المسلمين كأفراد أن يمدوا هذه التنظيمات الإسلامية الحقيقية المخلصة بما لديهم من وسائل خاصة..
ماهر عبد الله: كان السؤال فيه إصرار على يعني ضرورة تبيان أن الزكاة قبل أن تكون مشروع اقتصادي فأنها في المحصلة النهائية عبادة مالية، لا غبار على هذا الكلام..
د. يوسف القرضاوي: لأ هذا عبادة مالية، وهي أيضاً يعني عبادة يعني لها آثار اقتصادية، يعني لا شك أن الزكاة لها آثار اقتصادية وآثار اجتماعية وآثار سياسية، جاء في الحديث الذي رواه الترمذي "من كان عنده يتيم فليتجر له يعني في ماله حتى لا تأكله الزكاة" فالزكاة بتدفعه إن لازم ينمي المال، وإلا إذا تركنا المال بدون تنمية يعني تأكله الزكاة مع.. مع النفقة الزكاة ضد الكنز، يعني لو واحد قعد كنز ماله وطلع زكاته معناها بعدكم سنة هينتهي المال اللي عنده، فالزكاة هي من أكبر الدوافع لتحريك المال وتشغيل الاقتصاد، ولكن الأخ ذكر يعني قضية أخرى في مسألة..
ماهر عبد الله: في سبيل الله..
د. يوسف القرضاوي: الزكاة اللي هي في سبيل الله، وعايز يحصر هذا في إنه في الجهاد العسكري فقط، أنا أقول في الجهاد، ولكن الجهاد ليس عسكرياً فقط، فيه الجهاد قد يكون الجهاد الحربي، وقد يكون الجهاد الدعوي، وقد يكون الجهاد الفكري، ولذلك مجمع الفقه الإسلامي جعل الدعوة في سبيل الله سترى يعني الآن إحنا أكثر ما نُغزى به الغزو الفكري والغزو الثقافي الذي دمر عقليات الأمة وخلق نخباً تسير في ركاب الغربيين، فلابد أن نقاوم هذا الغزو وهذا.. القرآن يقول (وَجَاهِدْهُم بِهِ) يعني الجهاد البياني، (جِهَاداً كَبِيراً) والرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول يعني "جاهدوا المشركين بأيديكم وألسنتكم وأموالكم"، بألسنتكم، هذا جهاد يعني علمي وبياني ودعوي هذا يدخل في الجهاد.
ماهر عبد الله: طيب تسمح لي نأخذ المكالمتين الأخيرتين، الأخ علي المنصور أرجوك أخ علي الاختصار، تفضل..
علي المنصوري: آلو سلام عليكم.
ماهر عبد الله: عفواً الأخ علي المنصوري من السعودية تفضل.
علي المنصوري: آلو السلام عليكم سيدي..
ماهر عبد الله: وعليكم السلام تفضل
علي المنصوري: أنا سؤالي عن زكاة الفطر، يعني هل يجوز إخراج زكاة الفطر على أساس المال، يعني ما بأعرف فالإنسان يستفيد من إخراج زكاة حب أو بر أو..
ماهر عبد الله: طب شكراً جداً أخ علي، نسمع من الأخ حباب مبارك، أخ عباد تفضل من المغرب.
حباب مبارك: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
حباب مبارك: حفظ الله الشيخ.. شيخنا الكريم.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
حباب مبارك: أنا سأخرج من النطاق ولكن سأقول أوجه لك يا شيخي العزيز أني لقد كتبت عن الشتات شريط الشتات وخطاب (مهاتير محمد) ووجهته إلى الكثير من الدول العربية والإسلامية، وأطالب أن يكون هذا.. هذا الشريط وكذلك.. وكذلك الخطاب أن يكون لهم كتاب يؤِّلف من علماء المسلمين مثلك يا شيخي العزيز ليدِّرس من التحضير إلى البكالوريا لاكتشاف العالم الإفريقي والإسلامي والآسيوي لما قامت به إسرائيل منذ تأسيسها على يد (هيرتزل) هذا..
ترتيب أولويات الزكاة
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: أخ.. أخ حباب يعني مشكور جداً على فكرتك، وإن كان شوية خارجة عن موضوعنا، سيدي، يعني الوقت بدأ يدركنا، باختصار مرة أخرى، الأخت فاتن كانت سألت عن يعني ترتيب الأولويات لدى الحكام العرب والمسلمين، بغض النظر عن الأخطار التي ذكرتها، أيهما أولى أن.. أن نتصدى للتعليم، أن نتصدى للفقر في أقطارنا، أم أن ننفق الأموال على حركات سياسية أخرى، على مفاعل نووية، على أسلحة في المحصلة النهائية لن نستخدمها ولن يُسمح لنا باستخدامها، بماذا تنصح قادة الدول العربية والمسلمة ولاسيما الغنية منها في ترتيب أولوياتهم المالية؟
د. يوسف القرضاوي: يعني فيه أمور يعني ليس من السهل أن تحكم عليها بكلمة وأنت لا تعرف أعماقها ولا تفاصيلها ولا يعني لم تدرسها، يعني ليس من الحكمة أن يُفتى الإنسان في هذه الأمور التي تحتاج إلى دراسة موسَّعة لأسبابها وعلاقاتها المختلفة، أنا أرى إن المسلمين ينبغي أن يكون.. يكونوا يملكوا أسباب القوة، والله –تعالى- يقول (وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ) إذا كان من هذه القوة أن تملك السلاح النووي فلتفعل، يعني لولا أن باكستان ملكت السلاح النووي لكان أصبحت في خطر أمام الهند، تملك الهند السلاح النووي ولا تملك، حينما عملت حصل توازن، توازن الرعب كما يقولون، ولكن بعض البلاد فعلاً تنفق من هذه الأشياء ولا.. وبدون وعي وهناك ما هو أولى منه، وقبلاً قبل أن.. أن أصنع السلاح لازم أطعم الجائع ولازم أعلِّم الجاهل، لازم أمحو الأمية، أمحو وصمة العار هذه في جبين الأمة، هناك أولويات أول الأولويات أن أطعم الجائع وأن أعلِّم الجاهل وبعد ذلك تأتي الأشياء الأخرى.
ماهر عبد الله: في دقيقة سيدي، سؤال الأخ يوسف كان، صناديق الزكاة هل يجوز لها أن تستثمر أموالها لتنميها.
د. يوسف القرضاوي: لا لا..
ماهر عبد الله: قبل أن..
د. يوسف القرضاوي: لا.. لا يجوز استثمار أموال الزكاة، إنما يجوز إنك تعطي الفقير ليستثمر المال، يعني تثمر الأموال لمصلحة الفقراء، يعني أنا بدال ما أعطي الفقير مبلغ يصرفه لأ، أشتري له بهذا المبلغ أو أجمع الفقراء، أشركهم أعمل لهم مشغل يشتغلوا فيه، وهم يصبحوا ملاكه، وبإشراف يعني مؤسسة الزكاة، مصنع معين، أعمل لهم مزرعة يشتغل فيها الفلاحون، إنما أن أحِّول إلى أموال الزكاة يعني معناها أحولها لاستثمار يعني لا أصرفها لمستحقيها، إن أموال الزكاة دي يجب تُصرف في الحال.. يعني في خلال السنة لابد أن تصرف أموال الزكاة، أما أن أحولها إلى مال وقف أو إلى مال استثماري، هذا لا ينبغي، هذا يكون يعني الحقيقة يعني تحويل للزكاة عن أهدافها الأساسية وعن مهمتها الأصلية.
ماهر عبد الله: طيب سيدي، شكراً جزيلاً لك نأتي إلى ختام هذه الحلقة.
لم يبقَ لي إلا أن أشكر باسمكم فضيلة العلاَّمة الدكتور القرضاوي، وأعتذر لكل الإخوة الذين لم نستطع استقبال مراسلاتهم ومشاركاتهم، مع تمنياتنا للمؤتمر العالمي السادس للزكاة المعقود في الدوحة، بإشراف مجموعة من المؤسسات الزكوية الإسلامية بالتوفيق في أعماله، إلى أن نلتقي في الأسبوع القادم تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.