آثار حظر الحجاب في فرنسا
مقدم الحلقة: | ماهر عبد الله |
ضيف الحلقة: | يوسف القرضاوي: داعية ومفكر إسلامي |
تاريخ الحلقة: | 21/12/2003 |
– رد فعل الشيخ القرضاوي على قرار حظر الحجاب في فرنسا
– أسباب تدخل الغرب في خصوصيات الإسلام
– تفسير صمت المنظمات الإسلامية تجاه القرار الفرنسي
– تأثير القرارات الدولية على تنامي الإرهاب
– دور مجامع العلماء في التصدي للمشاريع الغربية المخالفة للعقيدة
– دور الأمة الإسلامية تجاه ما يحاك لها
ماهر عبد الله: سلام من الله عليكم، وأهلاً ومرحباً بكم في حلقة جديدة من برنامج (الشريعة والحياة).
موضوعنا لهذا اليوم سيتركَّز مرة أخرى حول ما أثاره القرار الفرنسي الأخير بخصوص الحجاب، لن ندخل في صميم موضوع الحجاب مباشرة وإن كان سندندن حوله على اعتبار أننا نعيش عالم أحد شعاراته المرفوعة بشكل كوني على مختلف الصُّعد ومن كل الدول يتحدث عن تعدُّدية، يتحدث عن تسامح تعدُّدية لغوية، تعدُّدية ثقافية، تعددية عرقية، منطقي جداً أن تتضمن أيضاً تعدُّدية دينية، كان كثيراً ما يُزايد علينا من.. من قِبل أطراف عديدة في الغرب بأننا نحن الذين لا نقبل التعددية، وثقافتنا هي التي لا تقبل التسامح، فوجئنا بكلام الرئيس الفرنسي الأخير بعد مقدمة كانت غريبة عن التعددية وعن التسامح، وكان البعض تفاءل خيراً في بداية كلامه أنه سيشمل بتقديره للتعددية ومفاخرته بدرجة من التسامح في بلاده أنه سيشمل الاعتراف بالحجاب كرمز من رموز التعدُّدية وكدليل على تسامح ليس فقط بلده، ولكن تسامح الثقافة الغربية عموماً التي طالما فاخرت فرنسا بأنها أحد أعمدتها.
هناك جدل كبير منذ سنوات –إن لم نقل عقود- حول المقارنات بين الإسلام كثقافة وكنظرية وكفكرة وعقيدة، وبين ما يُطرح من الغرب من حداثة ومن فلسفة حول هذه المواضيع، إذن هذه ستكون مواضيعنا لهذا.. لهذه الحلقة، ويسعدني -كالعادة- أن يكون معي فضيلة العلامة الدكتور يوسف القرضاوي، سيدي أهلاً وسهلاً بك.
د.يوسف القرضاوي: أهلاً وسهلاً بك يا أخ ماهر.
ماهر عبد الله: يعني هذه القصة صعبة على الفهم حتى على بعض الذين طالما روَّجوا للفكرة الغربية، طالما دعونا أو دعونا إلى أن نتغرب لنصبح أكثر تسامحاً لنصبح أكثر تفهُّماً، لنصبح أكثر استعداداً لقبول هذا التعدد، انطباعك على الصعيد الشخصي الصرف، قبل أن ندخل في رأي الدين، في الرأي الفكري أن.. أن يتبنى الرئيس مثل هذا الموقف، كيف كانت ردة فعله لديك؟
رد فعل الشيخ القرضاوي على قرار حظر الحجاب في فرنسا
د.يوسف القرضاوي: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا ومعلمنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه، وبعد: فالواقع إني متابع لهذه العملية منذ سنوات، وقد زرت فرنسا مرات عدة، واستمعت إلى شكاوى المسلمين والمسلمات من هذه القضية، وفي أكتوبر سنة 1994 حضرت مؤتمراً للمستشرقين، وكانت هذه القضية من القضايا التي أُثيرت، وناقشت بعض الحاضرين منهم، وبعضهم كان متفهِّماً لوجهة النظر الإسلامية وبعضهم غير متفهِّم، والقضية التي يثيرونها وهي إنه قضية الرمز الديني جادلتهم فيها، وأقنعت الكثيرين منهم بأن هذا خطأ في التصُّور، الحجاب ليس رمزاً دينياً إطلاقاً ولا تلبسه المسلمة على هذا الأساس، المسلمة لا يخطر في بالها حينما تضع الخمار على رأسها أنها ترمز إلى أنها مسلمة، يعني.. وقلت لهم: إنه الرمز الديني ما ليس له أي وظيفة غير الإشارة إلى انتماء صاحبه الديني، وهذا ليس موجوداً في الحجاب، هذا معقول إنه يكون في الصليب الذي يلبسه يعني صاحبه هذا يرمز إلى..، الطاقية أو القلنسوة اليهودية إنها لا تغطِّي الرأس، حتى إن نقول هي بتقوم بعملية ستر الرأس لأ، دا هي عملية إشارة فقط، أما الحجاب فهو في الحقيقة ليس رمزاً، هو يقوم بوظيفة ستر، المؤمنة المسلمة مطالبة من الله بأنها تستر (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، هذا أمر قرآني حتى مش من الأمور مثلاً التي اجتهد فيها الفقهاء و.. لأ دا أمر قل للمؤمنين والمؤمنات (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ).
يعني فالقرآن هو الذي أمر يعني بهذا، ولكن الذي كنت يعني لا أتوقعه أن يدخل الرئيس (شيراك) في هذه المعركة بنفسه، ويصدر قراراً فيها، يعني كنت أظن إن الرئيس شيراك هو الذي يمكن أن يحل هذه القضية، ويعمل نوع من التفاهم، ويسأل المسلمين والمسلمات، ويسأل بعض علماء المسلمين في هذه القضية، وهل هذا أمر فرض أو لا؟ لأنه لا يجوز أن تُحرم المسلمة من أداء واجب عليها أوجبه الله عليها، هذا أمر لا يُقبل بأي منطق بأي حال يعني، ففوجئنا بأنه الرئيس يصدر هذا الأمر بناء على اللجنة التي شكَّلها هذه، وهذه اللجنة نفسها فيها للأسف ناس يعني تنتسب إلى الإسلام ولكنها لا تعرف في الإسلام شيئاً، لا تعرف الحلال من الحرام ولا تلتزم بالإسلام.
[فاصل إعلاني]
ماهر عبد الله: مرحباً بكم مجدداً في هذه الحلقة من برنامج (الشريعة والحياة) والتي بإمكانكم أن تشاركوا معنا فيها إما على رقم الهاتف: 4890865 رقم الفاكس عفواً، أو رقم الهاتف: 4888873، أو رقم الفاكس 4890865 وهو ما ترونه على الشاشة أمامكم الآن، أو على الصفحة الرئيسية (للجزيرة نت) على العنوان التالي: www.aljazeera.net
سيدي، الموقف الأميركي والبريطاني كان غريباً يعني، على الأقل مفاجئاً كما كان الموقف الفرنسي، الموقف الأميركي اقترب كثيراً من إدانة الموقف الـ..، وأصروا على أن أميركا مجتمع تعددي، الموقف البريطاني كالعادة كان أكثر تهذيباً، يعني لم يذكر فرنسا بالاسم لكن تحدث عن أنه هذا البلد -بريطانيا- سيبقى مفتوحاً لكل هذه الرموز سواء اتفقنا على تعريفها أنها فرائض أو غير ذلك، كيف تفسر هذا التناقض من حضارة واحدة يعني؟
د.يوسف القرضاوي: هو يعني الموقف الطبيعي من الدين، أنا يعني قلت إن العلمانية لا تقف موقفاً معادياً من الدين، الأصل في العلمانية إنها تقف موقفاً محايداً من الدين، لا تقبله ولا ترفضه، لا تؤيده ولا تعاديه، إنما تترك للشخص الحرية.. إنها تقول أنا أسوي بين الناس، فلو كانت يعني تقف موقفاً من المتدين معناها أنها لا تسوِّي إنها تعطي الحرية والفرصة لغير المتدين وتضيق على المتدين، أين المساواة إذن؟! فالمساواة معناها إن أنا أقف من الجميع موقفاً، إنما إذا قلت إنه للمتدين لأ لا تتدين معنى هذا أقول له لا تتدين، يعني لا.. لا تُجِبْ أوامر ربك، لا تعمل بأحكام دينك وتعاليمه، هذا أمر لا يجوز، وأنا يعني الأساس أن أقول: إنه العالم قائم على ظاهرة التنوُّع، يعني لابد من أن نقر بهذا الأمر، إنه لا يمكن أن يحيا الناس إلا إذا قبلوا بالتنوع، القرآن يقول يعني بيعبر عن هذه الظاهرة اللي هي ظاهرة التنوع بكلمة اختلاف الألوان (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُّخْتَلِفاً أَلْوَانُهَا وَمِنَ الجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ (27) وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ)، فاختلاف الألوان دي ظاهرة كونية، ولذلك لابد أن نقبل التنوُّع.. التنوع العرقي، التنوع اللوني، التنوع اللغوي اللساني، التنوع الديني، التنوع الثقافي، هذا لابد منه، نحن المسلمين نعتبر أن هذا آية من آيات الله، يعني القرآن يقول: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ)، العالمين الذين يعلمون في هذا الكون وأسراره، اختلاف الألسنة، اختلاف اللغات، واختلاف الألوان أبيض وأسود، واختلاف اللغات واحد بيتكلم بلغة وواحد بيكتب اللغة من اليمين للشمال وواحد بيكتبها من الشمال لليمين، وواحد بيكتبها من فوق لتحت، وواحد الحروف عنده خطوط وواحد عنده خطوط ونقط، وواحد عنده الحروف صور، يعني هذا اختلاف الألسنة، واختلاف العروق الناس فيه عربي وفيه عجمي وفيه هندي وفيه الزنجي وفيه..، هل يعني فرنسا هتمنع السُّود من.. الأصل في الجنس الفرنسي إنه أبيض، يعني ولكن قَبِلَت وجود ألوان أخرى، الحياة فرضت عليهم جُم هذا من إفريقيا وأصبحوا متجنسين بالجنسية الفرنسية، وهم سود، يطردوا السود لازم كل الناس تكون ألوانها بيض وعيونها خُضر وشعرها يعني أصفر؟! كما قُبِل الألوان الأخرى يجب تقبل الثقافات الأخرى، لابد نقبل التعددية، التعددية العرقية، إن الله خلق الناس عروقاً مختلفة، وقال لنا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) جعلناكم شعوباً وقبائل، هذا اللي جعل هذا الله هو اللي جعل الناس شعوباً وقبائل، ولذلك إحنا عندنا المسلمين ما عندناش مشكلة في هذه القضية، اعتقادنا إن البشرية كلها عائلة واحدة تنتسب لآدم بالبنوة "كلكم لآدم وآدم.." وتنتسب إلى الله بالخلق والعبودية لله، كلهم مخلوقون لله، ولذلك في الحديث النبي –عليه الصلاة والسلام- قال للناس وهو في حجة الوداع أمام عشرات الآلاف من الناس: "أيها الناس إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد"، فربوبية واحدة للخلق وأُبوَّة واحدة للخلق.
ماهر عبد الله: سيدي، هل تعتقد أنه الفرنسي سواء الرئيس سواء اللجنة التي أوصت يعني هم لا يدركون هذا؟ هل نحن نتحدث عن ثقافة تزايد على البشرية بأنها قائمة على التعددية وأنها قائمة..، حتى الرئيس في مقدمة كلامه قبل أن يشير إلى رغبته الشخصية باستمرار المنع أشار إلى التعددية وأشار إلى التسامح..
د.يوسف القرضاوي[مقاطعاً]: أين التعددية؟! فين التعدد إذا كنت ما بتسمح ليش إن أنا أمارس واجباتي الدينية؟! أنت بتجبرني على أن أخالف ديني يبقى تعدد أيه؟! الله! معناها.. ما هو ممكن بعد شوية يقول لأ ما حدش يسمِّي محمد وأحمد وعبد الرحمن وحسن وحسين، لازم يبقى (شارل) و(جاك) وكذا و..، لأنه اسمك بيدل عليك، وإحنا مش عايزين نفرق بين الناس..، معناها ممكن بعد شوية يعني يقول لأ أنتم هتعملوا مساجد ويبقى لكم شعائر خاصة وعبادات خاصة، ويمكن يجي في رمضان ويقول: الله، أنت ليه ما بتأكلش مع الناس يعني وتمتنع متميز عنهم؟! هذا.. ممكن كل دا إذا كنت عايز تصهر الناس في بوتقة واحدة، وتجعل الناس يعني قوالب مصبوبة، هذا مش شأن البشر، البشر من شأنهم أن يختلفوا وكما اختلفوا عروقاً وألسنة وألواناً، يختلفون أدياناً وعقائد وثقافات و.. و..، ونحن المسلمين نقرأ قول الله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118) إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ)، المفسرون يقولون (َلِذَلِكَ) أي للاختلاف خلقهم، لأنه خلق لكل منهم عقلاً يفكر به وإرادة يرجح بها وملكات خاصة، فيتميز بعضهم ولذلك تغيروا واختلفت أديانهم واختلفت مواقفهم، هذا.. نؤمن نحن بهذا ولا نكره الناس على ديننا (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) لابد من..، الحضارة الإسلامية قامت على تنوع الأديان والثقافات وشارك في.. شاركت فيها أجناس عدة من عروق مختلفة ومن ديانات مختلفة، شارك فيها يهود، شارك فيها نصارى، شارك فيها مجوس، شارك فيها أناس، كل هؤلاء كان لهم وضعهم وموقفهم، وبعضهم وصل إلى يعني مقامات كبيرة وتقرب من الخلفاء، وبعضهم صار وزراء وبعضهم..، فلماذا يعني تقف فرنسا اللي بتعتبر نفسها أم الحريات وثورتها أم الثورات، وثورتها أول من نادى بالحرية والإخاء والمساواة، أين الحرية وأين..؟
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: ما هو أنا سألتك لأنه بعض الناس يقولون أنه فرنسا تعرف ذلك وتعيه وتنادي به، لكن في موقف الإسلام القضية أكبر من.. يعني هناك موقف آخر غير المعلن، ثمة موقف سلبي من الإسلام تحديداً، يعني حتى الشروط التي وضعها على القبعة اليهودية، وعلى الصليب المسيحي سمح ووضع شروط، إنه لو كان الصليب صغير..
د.يوسف القرضاوي: الصليب صغير، كلمة صغير وكبير، هو.. هو اللي بيحط صليب صغير عايز يحط صليب نص كيلو؟! دا هي إشارة، يعني ما.. كل الصلبان اللي بتعلق هي صلبان صغيرة، فمافيش أي يعني حرج على هؤلاء، مش هيصيبهم أي.. أي شيء، طب أنا هأقول لك فيه شيء، فيه السيخ في فرنسا، السيخي له عمامته هذه العمامة هي رمزه فعلاً، أنه لا يخلعها ويلبسها يعني.. و.. فهل يجبر السيخي على أن يخلع عمامته؟ الذي أعرفه إن السيخي تعرف اللي بياخدوا رخصة موتوسكل بيجبروهم على إنه يلبس خوذة، علشان لو حصل وقع أو حصل له حادثة أو حاجة تكون هذه نوع من الوقاية له، إلا السيخي، السيخي رفض أن يخلع العمامة وقال لهم هي عمامتي هي وقاية عندي، وقُبِل هذا من السيخي، لماذا المسلم هو الذي يُفرض عليه إنه يجب أن..؟
نحن يعني في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث في كل دورة من دوراتنا في كل بيان وتوصياتنا و..، ننادي المسلمين ونحرضهم وندعوهم إلى أن يندمجوا في المجتمعات ولا ينعزلوا عنها، ولابد أن يختلطوا بها، ونحذرهم من العزلة حتى يعيشوا في.. في المجتمع ولكن بشرط ألا يذوبوا عقيديًّا، هذا لا يقبله أي صاحب .. أي دين، إنه يعني.. يعني يُفرِّط في عقيدته ويُلغي هويته ويُلغي شخصيته الدينية، هذا ما لا يقبله أحد، كل ما نريده إن يبقى المسلم مسلماً، يؤدي فرائض الله، يجتنب محارم الله، هذا ما..، نحن المسلمين يعني عندنا أعلى أنواع التسامح، أعرف يعني أيه التسامح درجات، والتعصب درجات، فيه نوع من التعصب لا يسمح بأي دين آخر، يعني إما أن تترك دينك وإما أن تترك البلد وإما أن تقتل، هذا ما حدث للمسلمين في الأندلس، لما انتصر المسيحيون على المسلمين كان المسلم مخير إما أن يعني يتنصر وإما أن يغادر وإما أن يقتل، فكثير منهم غادر وقتلوا في الطريق أيضاً حتى ما.. ما سُمِحَ لهم أن يعني..، هذا نوع من التعصب إنك لا تقبل الآخر، يعني نحن يعني عندنا سورة في القرآن تمثل غاية التمسك بالدين وغاية التسامح مع الآخرين، وهي سورة الكافرون المعروفة، كان المشركون يفاوضون النبي –صلى الله عليه وسلم- أن يعبد إلههم سنة ويعبدوا إلهه سنة ويجرب كل واحد منهم إله الآخر، ومفاوضات من هذا النوع، فالقرآن حسم هذه القضية وسد هذا الباب وقطع هذه المفاوضات قطعاً نهائياً صارماً بهذه السورة (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ) ولذلك ما فيش يا أيها الكافرون في القرآن غير هذا، ما.. القرآن لا يخاطب الناس بيا أيها الكافرون أبداً، يقول: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ)، (يَا عِبَادِيَ)، (يَا أَهْلَ الكِتَابِ)، ما فيش يا أيها.. إلا هذه السورة، (قُلْ يَا أَيُّهَا الكَافِرُونَ (1) لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ (4) وَلاَ أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ) شوف بهذا التكرار، يعني توكيد للعملية، (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) شوف، الأول نهاية التشدد في التمسك بالعقيدة، وفي الآخر نهاية التسامح (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) هذه هي التعددية، أنا لي ديني أتمسك به ولا أفرط فيه، وأنت لك دينك، لا أجبرك على أن تتركه، هذا ما جاء به الإسلام، فالتسامح الإسلامي تسامح كبير جداً ليس مثل هؤلاء الذين يرفضون أن يعايشهم أي دين آخر، لأ بالعكس، الإسلام عايش الأديان الأخرى وكان له موقف من هؤلاء منذ عهد النبي –صلى الله عليه وسلم- وأول ما ذهب إلى المدينة وجد اليهود فعاهدهم باتفاقية أن يكون لهم مثل ما للمسلمين وأن يتساعدوا في السراء والضراء وفي السلم وفي الحرب وأن.. إلى آخره، لولا أن اليهود أنفسهم هم الذين غدروا ونقضوا العهد، وبقي تعامل النبي –صلى الله عليه وسلم- إلى آخر حياته، حتى إن النبي -صلى الله عليه وسلم- مات ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين وسقاً من شعير من أجل نفقة عياله، يعني النبي أراد إنه يستلف شعير شحَّت المحاصيل في السوق فوجد هذا اليهودي واستلف منه، قال له لأ ما أديلكش يا محمد إلا لما تجيب لي رهن، رهن أيه؟ فخد منه الدرع عنده ومات النبي –صلى الله عليه وسلم- وهذه الدرع يعني.. يعني كان هذا في أواخر حياة النبي –صلى الله عليه وسلم، هذا هو التعامل، وجاء في الحديث الصحيح أن النبي –صلى الله عليه وسلم- (عاد) يهوديًّا مريضاً وكان شاباً وأبوه عنده، فالنبي صلى الله عليه وسلم عرض عليه الإسلام، دعاه إلى الإسلام بحكم إنه نبي يهمه أن يبلغ الناس ويدعوهم إلى دينه، فقال له أبوه قال: اطع أبا القاسم، فالشاب قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فخرج النبي عليه الصلاة والسلام وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه بي من النار" فهذا التسامح المحمدي والإسلامي منذ عهد النبوَّة وإلى سائر العهود.
[موجز الأخبار]
أسباب تدخل الغرب في خصوصيات الإسلام
ماهر عبد الله: سيدي، يعني هل من المنطق أن يقوم الغرب بفعل، بهجوم، بتدمير دول، بإجراءات مثل منع الحجاب، في حين غاية ما يمكن أن نفعله هو أن نكتفي بتبيان تسامح الإسلام وقبوله بالتعددية، خصوصاً إن هناك بعض ردود الأفعال لبعض الشخصيات الإسلامية ذكرتهم في معرض الحديث المجلس الأوروبي للإفتاء، لكن هناك مؤسسات إسلامية كبرى تحدث بعض رموزها عن أن هذه شؤون داخلية، يعني هو يغيِّرون دولاً عندنا، ويسمحون لأنفسهم بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وفي أخص خصوصياتنا، في المسألة التي تخصنا نكتفي فقط بالحديث أنها شأن داخلي أو أن نقول أنها..
د.يوسف القرضاوي: هذا يعني -بسم الله الرحمن الرحيم- الكلام بأن هذا شأن داخلي هذا أمر لا يقبله أي مسلم، الله –تعالى- يقول (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) يعني و"المسلمون يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم" والمفروض أن المسلمين أمة واحدة، يتأثر كل واحد منهم بما يحدث لأخيه، وصوَّرهم الحديث النبوي بأنهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر هذا معروف، فإذا لم نتجاوب مع إخواننا معناه إن الأمة انتهت، لم يعد هناك وحدة للأمة ولا إحساس بما يجري.. نقول.. يبقى نقول: بقى فلسطين سيبوها إحنا دا شأن داخلي، خلي اليهود ينفردوا بها مالناش.. مالناش علاقة بهم، إحنا ما.. مش.. ما بنتدخلش في الشؤون الفرنسية، ولكن نحن نقول –يعني على الأقل ننصح- نقول إن هذا يؤذي المسلمين، هذا يُغضب المسلمين، هذا يؤثِّر على العلاقة الإسلامية- الفرنسية، وأنا أعتقد لو أن المؤسسات الكبرى في العالم الإسلامي، حتى الشعبية والهيئات الرسمية، يعني أظهرت يعني تأثُّرها من هذا الأمر، وتكلمت في.. في هذا، يكون لها تأثير، لو أن الدول التي لها علاقة بفرنسا، ومعظم الدول الإسلامية لها علاقة بفرنسا ولمصالح.. لفرنسا مصالح فيها، ولو أنه بس يعني قالوا أي كلمة، المشكل أن يعني القيادات الإسلامية كل واحد مشغول بنفسه، طب أين منظمة المؤتمر الإسلامي التي تمثل المسلمين؟ يعني أنا أرى إن هذا أمر ينبغي أن تتدخل فيه منظمة المؤتمر الإسلامي وتقول: هذا أمر لا تقبله العقلية الإسلامية ولا النفسية الإسلامية ولا الأمة الإسلامية، فلو أن هذا حدث، أعتقد أن فرنسا يمكن أن تراجع هذا الأمر، خصوصاً إنه لم يصدر به شيء حتى الآن، لسه سيُعرض على البرلمان وسيُعرض على كذا..
تفسير صمت المنظمات الإسلامية تجاه القرار الفرنسي
ماهر عبد الله: كيف تفسر الصمت؟ يعني من عدم التدخل في الشأن الداخلي هؤلاء الوحيدين الذين تحدثوا، الغالبية العظمى لم تتحدث، وكأن الأمر لا يعنيها أصلاً يعني، كيف تفسر؟ ذكرت منظمة المؤتمر الإسلامي، كيف تفسر صمتها؟
د.يوسف القرضاوي: نعم؟
ماهر عبد الله: كيف تفسِّر صمت منظمة مثل المؤتمر الإسلامي، في حين أننا نرى العالم الغربي بما فيها فرنسا تتحدث عن تغييرات كبرى يجب أن تقع في العالم الإسلامي وتقع في العالم العربي؟
د.يوسف القرضاوي: هو يعني الشاعر العربي يقول:
ومن رعى غنماً في أرض مَسْبعةٍ
ونام عنها تولَّى رعيها الأسدُ.
يعني نحن أصبحنا المثل بيقول لك أيه؟ الحيطة الواطية، يعني أصبح الدم الإسلامي أرخص دم في العالم، يُقتل المسلمون في كل مكان ودمهم أرخص من التراب، الحِمَى الإسلامي مُستباح، الثقافة الإسلامية، حتى التعليم الديني يريدون أن يغيروا التعليم الديني، التعليم في المدارس الدينية، في الكليات الشرعية في الجامعات الإسلامية، يعني أصبحنا يعني كما قال الشاعر قديماً:
ويُقضى الأمر حين تغيب تَيْمٌ
ولا يُستئذنون وهم شهود.
أمرهم يُقضى وهم غُيَّب.. وهم غايبين، وإذا كانوا حاضرين حتى ما بنقول لهمش نسألهم عن.. هنعمل.. الأمة حينما تهون، الأمة في مرحلة الغثاء المرحلة الغثائية اللي يتحدث عنها الحديث، أمة في مرحلة الغثاء يصيبها الوَهْن، قالوا: وما الوهن؟ قال: "حب الدنيا وكراهية الموت"، أمة أصبحت ليست شديدة الحرص على الدفاع عن ذاتيتها وشخصيتها، لم تعد تُهاب من غيرها "ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم" فهذا.. دي مشكلة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي –للأسف- يعني أصابها الوهن الذي أصاب الأمة وإن كان الأمة –في الحقيقة، لكي نكون منصفين- الأمة على مستوى الشعوب والجماهير فيها صحوة وفيها يقظة وفيها قوة، ومن بحث عن الأعماق، ولم يقف عند السطح من حَكَّ، يعني يقول لك حِكْ الصدا دا علشان تطلع لك المعدن.. المعدن الأصيل، تجد معدن الأمة لازال قوياً، ولازالت الأمة عندها استعداد لبذل النفس والنفيس والغالي والرخيص والتضحية بكل ما تملك في سبيل دينها وعقيدتها ومبادئها وأوطانها وحرماتها هذه.. المشكلة مشكلة القيادات، الشيخ محب الدين الخطيب من قديم كان يعني يقول في مجلة "الفتح": المسلمون إلى خير، ولكن الضعف في قيادتهم. من قديم هذا، الضعف في.. في..
تأثير القرارات الدولية على تنامي الإرهاب
ماهر عبد الله[مقاطعاً]: لكن هذا يعني بيولِّد خوف حقيقي، خوف بدينا ندفع ثمنه كثيراً لاسيَّما في السنتين الأخيرتين، أنه هذه الأمة التي تتحرك، التي تمر في حالة صحوة.. صحوة وحالة تيقُّظ، المخرج الوحيد سيكون الإرهاب، سيكون الدفاع عن النفس بكل الطرق الممكنة، وبالتالي ما شاهدناه في الرياض، ما شاهدناه في الدار البيضاء، ما شاهدناه في أوروبا، ما شاهدناه حتى في.. في أميركا مرشَّح جداً لأن يتكرر مرة أخرى، لأن هذه تتحدث عن مئات الملايين من البشر، كلها تشعر بالإهانة وهذه ليست الإهانة الوحيدة أليس هذا مدخلاً جيداً وخطيراً للإرهاب؟
د. يوسف القرضاوي: هو هذا هو الذي يصنع الإرهاب، هم يقولون إنهم يعني يمنعون هذا يعني لكي يمنعوا الإرهاب، يعني الإرهاب هيبدأ منذ الفتاة المسلمة تضع الخِمار على رأسها، وإنه دا اللي هيزرع الإرهاب، لكن في الواقع منع هذا هو الذي يصنع الإرهاب، شعور المسلمين بأنهم مُضيَّق عليهم، شعور المسلمين بالإذلال والإهانة، هذا هو الذي يفجِّر هذه الطاقات، ويُستَغل من الشباب المتحمس، والشباب المتهور وهؤلاء، وأنا أرى إن هؤلاء معظم هؤلاء الشباب يعني الخلل ليس في ضمائرهم، الخلل في أفكارهم، في رؤوسهم، ليس الخلل في القلب الخلل في الرأس فهؤلاء سيستغلون هذه الأشياء ويقولون: يعني طب، شوفوا التسامح بتاعكم هينتهي إلى أيه؟ لا.. لا.. هؤلاء لا يصلح معاهم إلا الدم، فكأننا بهذا نُشعل الفتنة، كأننا نبذر بذور الإرهاب بهذه المواقف، فهذه المواقف لا تعالج الإرهاب، بالعكس إن هذه المواقف تبذر بذور الإرهاب، وتُسمِّده وتُنمِّيه، وتُقوِّيه، هذا.. هذا أنا أرى إنه من أعظم ما يعني أحدث الإرهاب، ظلم المسلمين، الظلم الواقع على المسلمين في بلاد شتى، وخصوصاً الظلم الواقع في.. في فلسطين، وإن كنا طبعاً يعني قضية الإرهاب يعني ديت، يعني.. يعني لا ينبغي إننا نتركها مائعة، كي يفسرونها هم كما يشاءون، الإرهاب في يعني فهمنا، وفي منظورنا غير الإرهاب في منظورهم وفي فهمهم، و..
ماهر عبد الله: طيب خلينا نسمع من الإخوة المشاهدين، نسمع من الأخ محمد مدني من بريطانيا، أخ محمد تفضل.
محمد مدني: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
محمد مدني: التحية إلى الشيخ الفاضل، الشيخ القرضاوي، وتحية لك يا أخي مقدم البرنامج.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله.. حياك الله.
ماهر عبد الله: حياك الله، تفضل أخ محمد.
محمد مدني: يا.. الشيخ الجليل القرضاوي، دائماً ما نسمع الكلمة في وجه الحق هي منك أنت كشخص.
د. يوسف القرضاوي: نعم.. نعم.
محمد مدني: وللأسف لماذا لم يكون هنالك مجمع علماء؟ حتى أنه يقفوا بالكلمة، وبالشيء المكتوب في وجه حكامنا، ونحن في الغرب، وفي البلاد غير المسلمين نعاني من أمور كثيرة، فلماذا لم تكون هنالك هيئة علماء، وتدافع بها، حتى لا أنه يختل علينا الأشياء، ونحن قلوبنا تعتصر ألماً؟ كلمة إرهاب على كل من هو مسلم، وحكامنا أصلاً أقزام وراء كل ما يحاك ضد الأمة الإسلامية، جزاكم الله خير إذا كان الأمر لا يكون في شخصك فقط، وأنت ما يعني إذا الأمر واضح -بحمد الله- ما قصرت، ودائماً نحن نقول كلمة الحق، وربنا يوفقك -إن شاء الله- إذا.. إذا دخلت إلى أي أمر آخر، بحكم أنه يجعل معك اثنين أو ثلاثة على الأقل.
ماهر عبد الله: طيب أخ محمد، شكراً جزيلاً على فكرتك، نسمع من الأخ محمد الحسيني من الأردن، أخ محمد تفضل.
محمد الحسيني: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
محمد الحسيني: تحية إلكم يا سيدي.
د. يوسف القرضاوي: حيَّاكم الله.
محمد الحسيني: أرجو من السيد القرضاوي –الله يرضى عنه- هاي الأحاديث يفسر لي إياهم بالله، فيه حديث من الحسين رضي الله عنه – عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال: "أسعد الناس في الدنيا يكون لوكع بن لوكع" فما معنى لوكع بن لوكع؟ في صحيح ابن حبان عن أنس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم – "لا تنقضي الدنيا حتى تكون عند لوكع بن لوكع". أخرج الطبراني من حديث أبي ذر –رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يغلبن على الدنيا لوكع بن لوكع" فما معنى لوكع ابن لوكع؟ ومن هو لوكع بن لوكع؟ إذا كان يُعرف؟
ماهر عبد الله: طيب مشكور أخ محمد، نسمع من الأخ عبد الإله المحمود من السعودية، أخ عبد الإله تفضل.
عبد الإله المحمود: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام.
د. عبد الإله المحمود: معك الدكتور عبد الإله محمود،
ماهر عبد الله: أهلاً بك.
د. يوسف القرضاوي: أهلاً وسهلاً.
د. عبد الإله محمود: أرحب بفضيلة شيخنا العلامة الدكتور يوسف القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله يا أخي.
د. عبد الإله محمود: والذي سعدت بلقائه أثناء زيارتي لقطر، منذ عامين تقريباً، وأحييك يا أخي ماهر، حتى أدخل في الموضوع مباشرة، كانوا يسمون فرنسا أم الديمقراطيات، لكنها للأسف مست المسلمين في الصميم.
د. يوسف القرضاوي: نعم.
عبد الإله محمود: إن هذا القرار بحد ذاته، بحظر ارتداء الحجاب للسيدات، والآنسات المسلمات، مخالف للحرية الشخصية، أنه القانون الفرنسي يسمح بكل الحريات الشخصية، وحتى الإباحية منها، فهل يمنع ما يدل على الفضيلة والسمو؟ قد هذا يساعد أصلاً المجتمع الفرنسي بالنهوض من مجتمعه المتفسِّخ، من الرذيلة إلى الفضيلة، ولا نريد أن نرمي بهذا على قادة الدول العربية، لأن قادة الدول العربية الآن منشغلة بما.. بالإرهاب، وبما.. وبمن هم خوارج، وبمن هم يتآمرون مع الأجنبي على بلادهم، أنا لا أريد أن أخرج عن الموضوع، ولكن أنا أقول إن فرنسا حاسبت البروفيسور الفرنسي (جارودي)، وحاسبت كل من يتطَّرق للدولة العبرية، أو ما يسمَّى معادٍ للسامية، فلماذا تقابل محبة المسلمين لها بسلبهم حقوقهم؟ وأية حقوق؟ إنها حقوق دينية، واعتقادية، قد يكون هذا للأسف حرمان المسلمات من الدراسة، أو الضغط بشكل غير مباشر على الجاليات المسلمة للرحيل من فرنسا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ماهر عبد الله: شكراً يا أخ عبد الإله، شكراً جزيلاً لك، لكن تسمع التعليق -إن شاء الله- من الدكتور القرضاوي.
[فاصل إعلاني]
دور مجامع العلماء في التصدي للمشاريع الغربية المخالفة للعقيدة
ماهر عبد الله: سيدي، هل لو كان هذا الرأي -الذي تفضلتم به- صادر عن مجمع علماء، وأنت ستتوجه قريباً إلى المشاركة في مجمع للعلماء، ومجمع أوروبي تحديداً، يعني نعيد صياغة سؤال الأخ محمد مدني، ما الذي ستفعلونه الآن كمجمع فقهي أوروبي؟ حريصين جداً، وأنا أعلم أنكم حريصون..
د. يوسف القرضاوي: لا.. لا شك أن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث سيصدر بياناً، يعني حول هذه القضية، ويُوجِّه هذا البيان إلى فرنسا، وإلى الرئاسة الفرنسية، وإلى الدول الأوروبية المختلفة، يعني هذا ما سنفعله –إن شاء الله- ولكن الأخ بيسأل عن مجمع علماء، أو اتحاد علماء، أو رابطة علماء، وهذا ما نسعى فيه من سنين، يعني الحقيقة يكون اتحاد عالمي للعلماء، وللأسف حتى الآن لم نجد يعني البلد الذي يستضيف هذا المجمع الحر، غير المرتبط بأي حكومة، وبأي مؤسسة رسمية، نرجو –إن شاء الله- أن نوفِّق في هذا.
ماهر عبد الله: طب باختصار شديد، هل كلام الأخ محمد الحسيني، لوكع بن لوكع، ولا تنقضي الدنيا، إلى ما سمعنا..
د. يوسف القرضاوي: هو الأحاديث ديت، إنه يعني القيامة ستقوم على كافر ابن كافر، وفاجر يعني.. يعني.. يعني إنه في آخر الدنيا لن يبقى إلا الأشرار والكفار والفجَّار، وذلك بعد أن يعمَّ الدنيا الخير، حينما ينزل المسيح عيسى ابن مريم، الأديان الثلاثة تؤمن بنزول المسيح، اليهودية ينتظرون مسيحهم، والمسيحيون.. النصارى يؤمنون بعودة المسيح مرة أخرى، والمسلمون يؤمنون بنزول المسيح، وعندما ينزل المسيح سيجتمع الأديان كلها على هذا، وسيحكم بشريعة الإسلام، ويعم الخير الناس، ويستمر ذلك -ما شاء الله- من السنين، ثم بعد ذلك تحدث انتكاسة، والانتكاسة ستستمر حتى يغلب الشر على الخير، ويغلب الكفر على الإيمان، وبعد ذلك يُغلق باب التوبة، وباب الإيمان، وهو ما جاء في قول الله تعالى (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً) اللي هو الحديث قال "حتى تطلع الشمس من مغربها"، "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" يختل النظام الكوني، بذلك لا تُقبل.. لا يُقبل إسلام من كافر، ولا توبة من فاجر، ويبقى.. يبقى في الأرض لوكع ابن لوكع يعني فاجر ابن فاجر، كفار، وبذلك لا تستحق البشرية البقاء، يجب أن تزال هذه الدنيا، إذا كان الناس كفروا، ولم يعد يُعبد الله عز وجل، ولم يعد هناك إيمان، يبقى لابد من أن تزول هذه الدنيا بما فيها، وتحدث نشأة أخرى، وحياة أخرى.
ماهر عبد الله: طيب نسمع من الأخ أبو أحمد من السودان، أخ أبو أحمد تفضل.
أبو أحمد: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة.
أبو أحمد: تحياتي لك وللأستاذ الكبير القرضاوي.
د. يوسف القرضاوي: حيَّاك الله يا أخي.
أبو أحمد: والله جميل جداً طبعاً إن إحنا بالنسبة نتكلم عن الحجاب في أوروبا وكده، لكن أنا من رأيي إنه نتجة لدولنا العربية والإسلامية، فهي أولى بالحجاب يعني أكثر من الدول الأوروبية، ونحن نحمد الله في السودان، إنه الحجاب أصبح يعني سمة.. سمة يعني ظاهرة في كل الأقاليم السودانية، ودا نعمة من الله طبعاً حين نتبع يعني التعاليم الإسلامية، والحمد لله والشكر لله، وبهذه المناسبة السعيدة، يعني وجودنا مع الأستاذ القرضاوي وما له من مكانة كبيرة في قلوب السودانيين جميعاً، يعني نحاول بقدر الإمكان، إذا أمكن أنه يتصل بالسيد (رئيس الجمهورية)، الفريق عمر البشير، لإطلاق سراح الأستاذ إسلام صالح، المعتقل حالياً في.. بواسطة سلطات الأمن السودانية، وشكراً جزيلاً.
ماهر عبد الله: طيب سيدي، الجزء الأخير خارج عن موضوعنا شوية، بس أظن إنه الشيخ التقى في السودان قريباً بزميلنا إسلام، نسمع من الأخ عمر من فرنسا، أخ عمر، تفضل.
عمر جميل: آلو السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله،
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
ماهر عبد الله: تفضل أخ عمر.
عمر جميل: عندي بس إذا سمحت لي، عندي عتاب لإلك أستاذ، وعندي سؤال للسيد القرضاوي، العتاب واحدة بس، وهو عتاب بس بين الإخوة بيكون، هو اقتداءً لأنه بس اسمه برنامج.. برنامج (الشريعة والحياة)، والإسلام هو كفكر وكفهم غير متفاوت، متفاوت، يعني مش متساوي عند جميع الناس، فاقتداًء بس بقول عمر بن الخطاب "لا خيراً فيه إن لم يقلها، ولا خير فينا إن لم نسمعها" بدي بس يكون قلبك، صدرك شوية رحب للمداخلات، حتى ولو كانت أحياناً تتعارض مع سياسة البرنامج.
ماهر عبد الله: تفضل على عيني يا سيدي.
عمر جميل: لو سمحت، سؤالي للسيد القرضاوي هو بما إنه فضل الله رب العالمين علينا، وأنزل علينا دستور به قوانين، اللي هي فروض، وأنزل آليات لهذه الفروض، الأمة اليوم تواجه تحديات مختلفة، ما هي هذه الفروض اللي أنزلها رب العالمين اليوم؟ وما هي الآليات التي يجب أن يتبعها المسلمين لحل مشاكلهم، بالتحديات اللي هي موجودة عليهم اليوم؟ وشكراً.
ماهر عبد الله: شكراً لك يا سيدي، نسمع من الأخ سعيد ناصر من عمان، أخ سعيد تفضل.
سعيد ناصر: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: عليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: عليكم السلام ورحمة الله.
سعيد ناصر:.. الدكتور القرضاوي.
ماهر عبد الله: أخ.. أخ سعيد يعني إما تعطي الشباب تليفون ثابت، أو تحاول تتصل فينا من تليفون ثابت، للأسف صوتك.. صوتك غير مسموع. فياريت إما تعطي الشباب رقم أو تتصل تعاود الاتصال فينا، ولكن من.. من تليفون ثابت تليفون منزل، الجوالات سيئة جداً على الهواء.
سيدي، قبل سؤال الأخ عمر، سؤال الأخ أبو أحمد أشاد أولاً بالوضع في السودان كونه جزء من.. من مشروع إسلامي، وأنت كنت في السودان قريباً.
د. يوسف القرضاوي: نعم.
ماهر عبد الله: التوجُّه السياسي للدولة، هل.. هل يُعطي هذا الأثر في أن يعطي الحياة طابعاً إسلامياً عاماً؟ اثنين: هو تمنى عليك، ولعلك سمعت في الأخبار إنه صديقنا وزميلنا الأخ إسلام صالح اعُتقل، ونحن نعلم أنه يعني الشيخ الدكتور أو الرئيس البشير كان أكرم وفادتك في الأسبوع الماضي.
د. يوسف القرضاوي: أولاً: يعني لا شك أن توجُّه الدولة له أثره في انتشار ظاهرة الحجاب والخمار الإسلامي، هنا كلمة الحجاب بنقصد بها الخمار يعني وضع الخمار الطرحة أو ما يسمونه "الإيشارب" على الرأس ويغطي العنق والنحر، استجابة لقول الله تعالى (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، بل أنا أقول يكفي أن تترك الحرية للمرأة المسلمة فينتشر الحجاب، يعني حينما تركت الحرية في الجزائر للفتيات المسلمات انتشرت ظاهرة الحجاب انتشاراً هائلاً، وكذلك في بلاد الخليج وفي مصر وفي غيرها، مجرد بس اترك للناس، لأن الفطرة الدينية -والحمد لله- غالبة في بلادنا، والفتاة المسلمة حينما تسمع موعظة تتأثر وتخشى الله وتبكي، والكل يريد إرضاء الله سبحانه وتعالى، فما بالك بدولة مثل السودان أعلنت أنها قامت من أجل الإسلام وثورتها ثورة إسلامية وثورة إنقاذ إسلامي، لا شك أن هذا سيظهر في سلوك المرأة كما ظهر في سلوك المرأة في إيران حينما قامت الثورة الإسلامية وكانت إيران مشهورة بالتفسُّخ والتحلُّل إلى أقصى درجة في عهد الشاه، الآن دا أصبح فيه التزام وأصبح الشيء اللي بيسموه دا مش عارف (الشادو) أو مش عارف إيه اللي بيلبسوه هذا، أمر شائع ولا حرج فيه، فهذا من ناحية، أما رجاء الأخ فأنا والله يعني أنا مع الأخ الذي يتحدث، وأتوجَّه برجائي للأخ الكبير الفريق عمر البشير أن يطلقوا سراح الأخ إسلام صالح، اللي هو.. الذي هو مراسل (الجزيرة)، فيعني حتى وإن كان يعني خالفهم في بعض الأشياء، لا ينبغي أن نقابل هذا بالمنع والتقييد، لابد أن نتسامح، نحن الآن بنعيب على فرنسا إنها بتعاملنا بالتضييق، نحن نريد أن نعامل بالسعة والسماحة، نقول الإسلام دين التسامح فهذا هو التسامح.. التسامح أن نسمح بالتعدُّدية، والتعدُّدية تعددية ثقافية وتعددية فكرية وتعددية مذهبية، نسمح بوجود الاتجاهات المختلفة، حتى لو كان هذا الأخ عنده توجه لا ترضى عنه الدولة، ولكنه يعمل في.. في عمل مادام لم يُسئ إلى الدولة إساءة يعني فيها عنف أو فيها كذا، يعني فأنا أرجو من الإخوة في السودان وعلى رأسهم الأخ عمر البشير أن يطلقوا سراح أخينا إسلام صالح إن شاء الله، وأملي كبير في هذا يعني إن شاء الله.
ماهر عبد الله: سيدي، الحقائق مداخلتين من.. من زاويتين مختلفتين، الأخ ناصر أحمد (أستاذ جامعي من سوريا) يقول: الحجاب يشكل ظاهرة إرهابية من وجهة نظر العلمانية لابد من محاربتها بحجة منع الرموز الدينية، إنها لحرب جديدة ولكن بجذور عنصرية قديمة، ثم يقول: لا يمكن للديمقراطية أن تكون راعياً لمصالح المسلمين لأنها وليدة بيئة علمانية، ومنع الحجاب يعكس التخوف من تزايد عدد المحجبات في صفوف الفرنسيات وعودة الخطر الأخضر من جديد.
من ناحية أخرى الأخ دكتور محمد أمين من إنجلترا يقول: المطلوب من المرأة في كل الديانات اللباس المحتشم والأخلاق الفاضلة -كمقدمة- يقول: لقد مرت المرأة اليهودية في الغرب بمثل ما تمر به المرأة المسلمة اليوم، ذهبوا إلى الحبر الأكبر شيخهم الكبير وسمح للمرأة اليهودية أولاً: إما بارتداء قبعة لتغطي الشعر، أو بارتداء باروكة الشعر المستعار لتغطية الشعر الحقيقي، وهنا يهود لندن تعرفهم من ملابسهم الطويلة المحتشمة والطاقية تغطي معظم الشعر، وهذا دليل على الدين العملي، الحجاب على العكس من ذلك هفهاف، ويصبح غير آمن عند ركوب المواصلات العامة، وغيره وأنا أوافق –دكتور محمد أمين يقول- أنا أوافق مع الرأي العام الفرنسي إنه يؤدي إلى الانقسام الاجتماعي، ويصبح هناك نوع من العداوة والانقسام تجاه الآخرين، نحن في مصر لم نكن كفاراً عندما لم تلبس نساءنا الحجاب في الأربعينات حتى الثمانينات، أنا فعلاً حزين جداً، لأننا خرجنا من الجهاد من أجل الإسلام إلى الجهاد من أجل الحجاب.
د. يوسف القرضاوي: هذا الأخ يعني مشوَّش الحقيقة، وبعض المسلمين بيظنوا فترة يعني ظهور الثقافة الاستعمارية وطغيان الغزو الفكري على المسلمين بيعتبروا هذه الفترة هي الأصل، يعني المسلمون ظلوا ثلاثة عشرة قرناً قبل أن يدخل الاستعمار بلاد المسلمين ظلوا ثلاثة عشر قرناً لا يُعرف أن امرأة مسلمة كشفت رأسها، 13 قرن في أي بلد من بلاد لم يحدث هذا.. لم يحدث هذا إلا عندما دخل الاستعمار بلاد المسلمين، في أول الأمر قلَّدت نساء الطبقة العليا الأرستقراطية قلدت النساء الخواجات، وبعد ذلك قلدتهم الأخريات، وانتشر الأمر، وكان في أول الأمر يعني قاسم أمين حينما نادى بتحرير المرأة كان في أول الأمر يريد السفور، معنى السفور يعني أيه يعني البرقع يزال، يعني.. يعني يمنع تغطية الوجه سفور الوجه، يعني كان هذا هو المراد في أول الأمر، وبعدين ازداد الأمر يعني.. وللأسف إنه وقف بعض الناس ضد هذا السفور، وقالوا لأ، المرأة لازم تغطي وجهها، إنما إحنا الآن مش قضية يعني غطاء الوجه، المسألة الخمار الذي أمر الله تعالى به، فطبعاً حينما دخل الاستعمار والغزو الفكري والغزو الاجتماعي وانتشر في البلاد الإسلامية، وأصبح كثير من المسلمات كما يقول الأخ غير مغطيات، لم نكن كفار، إحنا لا نقول إن من لا تلبس الخمار تكفر، ما قال أحد بهذا، ولكن تخالف أمر الله، الله قال (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) وهذا أمر من الله، تخالف أمر الله، ما.. ما من.. من الذي يقول: أمر الله دا ما لوش قيمة ؟ يعني أو لا يدل على الوجوب، لأ، أمر الله يدل على الوجوب بإجماع فقهاء المسلمين، وخصوصاً في.. في.. في القرآن، وهذا أمر أجمعت عليه كل المذاهب والمدارس الإسلامية وهو إجماع مرتبط بالعمل، متصل بالتطبيق العملي، يعني أجمع عليه الفقهاء وعمل به المسلمون، وهذا أمر مش بإجبار الآباء أو الأزواج، هذا أمر اختياري من المرأة المسلمة، بالعكس كثير من الآباء والأزواج يرفضون والفتاة المسلمة تصر على هذا أن.. ترى إنها بهذا ترضى ربها و.. و.. وتبتغي رضاه، فالأخ اللي بيقول هذا الكلام يعني الحقيقة لا يفهم في الإسلام شيئاً، وأنا آسف أن يكون اسمه محمد أمين، وليس له من اسمه أي نصيب للأسف.
ماهر عبد الله: نسمع من الأخ مختار محمد من موريتانيا، الأخ مختار تفضل.
مختار محمد: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام تفضل.
مختار محمد: كيف حالك؟
ماهر عبد الله: أهلا بيك يا سيدي.
مختار محمد: كيف حال الدكتور؟
د. يوسف القرضاوي: حيَّاك الله يا أخي.
مختار محمد: والله إحنا مشتاقين للدكتور.
د. يوسف القرضاوي: حياك الله، نعم أنا أشتاق إليكم.
مختار محمد: لو سمحت نحنا المسلمين إيش تريده من فرنسا ما الحجاب وما.. مادام في المسلمين كل البنات التانية الآخرين، الإسلام فيهم ضايع ماذا نحن نطالب به من فرنسا يسوى لنا (شيراك) أو غيره، ما دمنا نحن المسلمين في بلاد المسلمين الإسلام عندنا ضايع، ماذا نريد من الرئيس الفرنسي يسوي في الحجاب ما الحجاب، أول شيء حسب ظني أن المسلمين بعد بيراجعوا أنفسهم، الحكام وغيرهم وحديث الإرهاب وما غيرهم، وأنتم المشايخ -جزاكم الله خير- تعبتم مع شعبكم، ولكن لا فائدة من.. من هذا، ماذا نحن نريد من شيراك ما شيراك..
ماهر عبد الله: أخ.. أخ مختار سؤالك واضح.
د. يوسف القرضاوي: هو الأخ هذا كلامه يعني جيد، للأسف الذي جرأ فرنسا على هذا الموقف، هو موقف بعض البلاد الإسلامية، إن بلاد عربية إسلامية عريقة في الإسلام وعريقة في العلم الإسلامي وعندها جامعات إسلامية عريقة ومع هذا تعتبر الحجاب جريمة، تجِّرم من تلبس الحجاب تمنعها من دخول المدرسة والجامعة، بل من التوظف في أي وظيفة حكومية أو في قطاع عام، أو تدخل المستشفى لحتى للعلاج أو للولادة، بل من تذهب لتزور مريضة في المستشفى وهي لابسة الحجاب تُجبر على أن تخلع الحجاب، بل أوعزوا إلى سائقي السيارات الأجرة.. سائقي التاكسي ألا يركبوا امرأة محجبة، هذه بلاد إسلامية، وللأسف يعني لا نجد أحداً يحتج على هذا، فهذا هو الذي جعل فرنسا، إذا كان البلاد الإسلامية.. هذا الأخ معاه حق يعني في قوله هذا..
ماهر عبد الله: ولهذا يؤيده الأخ منهل عبد الرحمن أيضاً من سوريا، يقول: إن ما يدعو للأسف والحزن ليس القرار الفرنسي، بل ردة الفعل الضعيفة والمائعة للدول الإسلامية شعوباً وحكومات ومثقفين وعلماء و(وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)، نسمع من الأخ محمد الشمري من السعودية، الأخ محمد تفضل.
محمد الشمري: السلام عليكم.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام.
محمد الشمري: فضيلة الشيخ، أنا كان.. كان فيه.. في ذهني نقطة شاغلة قالها الشيخ جزاه الله خيراً، وهي رمزية الحجاب، ليس.. الحجاب ليس رمز، بل هو من الزي الإسلامي، يكاد يكون عندهم كالبنطال والقميص، هذه من ناحية الرمزية طال عمرك، أما من ناحية الشأن الداخلي فالشأن الداخلي إذا كان مادي وخاص بشؤون الحياة، أما أن يكون شأن فكرياً وعقائدياً فهذا شيء عام، وأحب أعلق على حالة الأمة جزاكم الله خير، فحالة الأمة وضعفها وهوانها، فلله -سبحانه وتعالى- سُنن في هذه الحياة، ومداولة للأيام، فيرجى للأمة -إن شاء الله- كل الخير في مستقبلها.
ماهر عبد الله: طيب شكراً للأخ محمد. نسمع من الأخت إيمان رمضان من بريطانيا، أخت إيمان، تفضلي.
إيمان رمضان: السلام عليكم ورحمة الله، وجزاكم الله كل خير يا فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي يعني عرض طيب جداً.
د. يوسف القرضاوي: بارك الله فيكِ.
إيمان رمضان: من سيادتكم بس يعني الواحد بيشرح لكم هنا وضعنا إن إحنا عايشين هنا في بريطانيا أو اللي عايشين في فرنسا الناس للأسف بتتصور بالخطأ إن إحنا يعني الأصل في الأمر هو عدم الحجاب، والحجاب هو التطرف، فيعني إزاي نوصل لهؤلاء الناس عكس هذا الكلام، المفروض إن الحجاب هو الأصل، وإن الحجاب هو فرض علينا زي ما شرح الشيخ يوسف، الحقيقة تعقيباً على كلام الشيخ يوسف إن مافيش حد انتقد هذا الأمر أو الحقيقة الرابطة الإسلامية هنا في بريطانيا وجمعية المرأة المسلمة قاموا باعتصام أمام السفارة البريطانية [الفرنسية]، وقدَّمنا اعتراض ليهم، وكانت الحقيقة حضور الأخوات المحجبات وطالبات المدارس تضامناً مع الأخوات في فرنسا حضور طيب جداً، فنود إن إحنا نذكر هذا الأمر وأمر ثانِ يعني الأخوات اللي في فرنسا إحنا ما يجبش لينا أبداً الاستسلام لهذا الأمر، لأن الأخوات في فرنسا، المسلمين في فرنسا يمثلوا خمسة مليون من الموجودين في الشعب الفرنسي، وإن يعني المفروض إن يكون فيه اعتصامات فيه اعتراضات، لأن الأمر لم يُبت فيه حتى الآن، وإن شاء الله ندعو الله -سبحانه وتعالى- ألا يتم أبداً، وجزاكم الله عنا كل خير.
ماهر عبد الله: طيب مشكورة جداً.
د. يوسف القرضاوي: وشكر الله للأخت إيمان يعني هذا الفهم الطيب والغيرة والحماس، ويعني نبارك ونحيي هذه الروح الإسلامية عند أخواتنا وبناتنا المسلمات في بلاد الغربة وفي البلاد الأخرى إن شاء الله، وإن شاء الله يعني نسأل الله أن يرتفع الصوت المؤمن القوي، ولو ارتفع هذا الصوت في كل مكان سيكون له دويه ويكون له أثره.
ماهر عبد الله: الأخ عبد العظيم المراغي يسأل: ما الذي يجب على النساء المسلمات في فرنسا الآن؟ هل يخلعن الحجاب على اعتبار أن الضرورات تبيح المحظورات، أم يمتنعن عن الخروج إلى المدارس؟ أم ماذا؟
كيف تتصرف المرأة المسلمة؟ الأخت إيمان أشارت إلى اعتصامات واحتجاجات.
د. يوسف القرضاوي: الآن يعني في هذه المرحلة لا ينبغي أن نلجأ إلى فتوى الضرورات تبيح المحظورات، الآن الموقف يجب أن نقول كما تقول الأخت إيمان حفظها الله –ألا نستسلم، لابد أن نرفع صوتنا بالاحتجاج والشكوى و.. وتتضامن في ذلك المسلمون والمسلمات في أوروبا والمسلمات.. والمسلمون المسلمات في بلاد العرب وبلاد المسلمين، يجب أن يشعر الفرنسيون أن هؤلاء ليسوا وحدهم إنما أكلت يوم أكل الثور الأبيض، هم يأكلوننا واحداً واحداً، وإذا ضاع حقنا في هذا، والله لا ندري ماذا سنكون بعد ذلك الأمور، قضية الضرورات لها وقتها مش.. إنما لا نمتنع طبعاً عن التعليم أبداً، ولكن لابد أن نقاوم ولا نستسلم.
دور الأمة الإسلامية تجاه ما يحاك لها
ماهر عبد الله: كان الأخ عمر سأل قبل قليل عن ما هي.. كيف ترى التغيُّر، أنت اتفقت مع الأخ الذي اعترض على الحال السيئ للإسلام والمسلمين في بلاد المسلمين، كان سؤال الأخ عمر إنه هذه المأساة من مجموعة مآسِ نحن نعاني منها، ما الذي يجب أن تفعله الأمة المسلمة للخروج من هذه الحالة السيئة؟ ما هي الآليات التي يمكن توظيفها لننتقل إلى حال أفضل؟
د. يوسف القرضاوي: والله طبعاً لا شك أن حال الأمة الآن الكل يشكو منه، يعني الشكوى عامة، ولكن كثرة الشكوى لا تداوي البلوى، لابد من عمل ولابد من عمل جماعي، وقبل العمل لابد من فهم سليم، يعني لا يكفي إننا نعمل نهب هبة كده من غير يعني تبصُّر ومن غير تخطيط، أول ما نزل في القرآن (اقْرَأْ)، والقراءة مفتاح الفهم، فلابد أن نفهم.. نفهم مشكلاتنا، نفهم جذور هذه المشكلات، أسبابها أيه وأساسها أيه، وبعد أن نفهم هذه المشكلات ونعرف أسبابها نحاول أن نوجد العلاج لها، لأن لا علاج بدون معرفة الأسباب، والعلاج يعني طريقه طويل، فيه بعض الناس تنظر إلى العلاج السريع، يعني اللي هو المسكِّنات، واحد بيجي له صداع دايماً، كل ما يجي له صداع ياخد (إسبرين)، أو (بانادول) أو شيء من هذا، وهذا لا يكفي هذا مُسكِّن يعني يُخفِّف الألم، ولا يزيل أصل الداء، لابد الشخص يعرف أيه الصداع دا أصله أيه، وأصله أيه عنده إمساك أو عنده أيه السبب جاي من الأذن، جاي من العين.. عينه فيها شيء.. يعني لابد يعرف السبب حتى..، فلابد أن نعرف أسباب مشاكلنا وجذور.. أسباب مشاكلنا وجذور مشاكلنا، ونحاول أن نضع يعني خطة للعلاج وخطة.. الخطة تقوم على أساس هدم وبناء، نزيل الأنقاض نهدم الأشياء السيئة، ونبني الأشياء.. والبناء ليس ابن يوم وليلة، المهم إن الكثير منا يعني يريد أن يزرع اليوم ليحصد بعد أسبوع، أو يحصد غداً، أو يزرع في الصباح ليحصد في المساء.
هذه قضايا كبيرة جداً تحتاج إلى توعية للأمة، وتقوم فيها جماعات تنهض على أساس وتعرف خطها، وبعدين الشيء الأساسي نحن أمة مسلمة، ولا حياة لنا إلا بالإسلام، ولا قوة لنا إلا بالإسلام، ولا وحدة لنا إلا بالإسلام، ولا عزة لنا إلا بالإسلام، وكما قال سيدنا عمر: "نحن كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العزة بغيره أذلنا الله" لابد أن نعرف إنه طوق النجاة وسفينة الإنقاذ للأمة هو الرجوع إلى الإسلام، بس أي إسلام؟ ما هو أيضاً فيه ناس تفهم الإسلام فهماً سطحياً، فيه ناس كل اللي تأخذه من الإسلام إنه يروح يزور الأولياء، أو يروح مش عارف أيه، أو مجرد إنه يعني أقام الصلاة أو صام رمضان انتهى دوره، فيه فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الخير، والنصيحة في الدين، والتكافل في الأمة، والجهاد في سبيل الله، ومقاومة الباطل، ورفض الطاغوت، فيه أشياء أخرى، الأمة.. نريد أن نفهم الإسلام الفهم الشمولي، والفهم التكاملي، والفهم المتوازن، ونتعاون على هذا، وأهم ما نريده في هذه الفترة من الأمة تجميع قوى الأمة، الأمة ممزقة شر ممزق، فلا نريد أن نزيدها تمُّزقاً، نريد أن نجتمع على الحد الأدنى على الأقل، الأصول الكلية الكبرى نجتمع عليها، فيه أشياء لا.. لا نختلف عليها، نتعاون فيما اتفقنا عليه، ونتسامح فيما اختلفنا فيه كما يقول الشيخ رشيد رضا –رحمه الله- في قاعدته الذهبية، هذا ما نحاول نجمع عليه.. نجمَّع الأمة كلها على اختلاف أجناسها عرباً وعجماً، على.. أو عرباً وبربراً، عرباً وأكراداً، على اختلاف أديانها: مسلمين ومسيحيين، على اختلاف مذاهبها: سُنيين وشيعيين، على اختلاف اتجاهاتها: قوميين وإسلاميين، على.. على كل.. حُكاماً ومحكومين، نريد أن نجمع قوى الأمة نعرفها بالخطر، وإلا أُكِلَت الأمة من كل ناحية، نعم..
ماهر عبد الله: طيب، اسمح لي نسمع من الأخت أم سعد من ألمانيا، معذرة أخت أم سعد، تفضلي.
أم سعد: آلو.
ماهر عبد الله: تفضلي.
أم سعد: السلام عليكم.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام.
أم سعد: أتمنى في هذه.. في هذا الوقت ألاَّ تنسوا ألمانيا، التركيز فقط هو على فرنسا بالوقت الحالي، ولكن نحن أيضاً في ألمانيا عندنا نفس المشكلة، وأعتقد أن يعني المجال مفتوح أكثر في ألمانيا أن نصل إلى.. إلى هذا الحق، المستشار الألماني هنا أو.. أو السياسيين هنا يعتمدون على تحريم الحجاب أو رفض الحجاب فقط لموظفين الدولة أي شيء يمثِّل الدولة، ولكن كطالبات أو كأي امرأة عادية في الشارع المجال مفتوح، وأحد المسؤولين يعني السياسيين قال لي بالحرف الواحد إن المرأة كمحجبة لا تصلح أن تكون كمثال يقف أمام التلاميذ، لأن هذا سيقوي موقف الأهالي في الضغط على البنات الصغيرات لارتداء الحجاب، ومع الأسف هذه أيضاً ظاهرة موجودة ونحن نعرفها، أن الضغط على البنات الصغيرات يعني في عُمر الخمس سنوات والست سنوات، والتسع سنوات أيضاً من طرف الأهل على ارتداء الحجاب، أو عندما تصل الفتاة إلى السن الـ14، الـ15، إرسالها إلى تركيا أو إلى المغرب أو لأي.. إلى بلدها الأصلي لتتزوج أو لتذهب إلى المدرسة، هذا هو السبب الذي أوصل المسؤولين إلى.. إلى هذه الدرجة، ولكن يعني أكرر وأقول: رجاءً ألا تنسوا ألمانيا، مع العلم أن الحزب الأخضر هنا وافق.. صوَّت بالإجماع بالأغلبية.. ليس بالإجماع، على ارتداء الحجاب، ليس حُباً بالإسلام، وإنما كمساواة بينه وبين الأديان الأخرى، ويوم أمس قرأت في المجلة أن.. أن ولاية.. في جريدة، أن ولاية (نيداساكسون) أجلَّت البت في هذا الحكم، ولكن عندما تبت بتحريم الحجاب على موظفات الدولة، أُعيد وأكرر على موظفات الدولة، سيتم استثناء الرموز المسيحية واليهودية منها، فهنا أظن هناك فيه يعني ملاحظ واضح جداً التمييز العنصري أو الديني في هذا المجال، مع كمان يعني أنا أدعو كل مواطن مسلم أو مواطنة مسلمة في هذه الـ.. في هذه البلاد أن تظهر إلى الجو العام، نحن مختفين دائماً، يعني الصوت والمراكز الجيدة الأشياء الجيدة، وهناك أيضاً الجالية أو.. أو القسم الأكبر من.. من الأحمدية أو الأكراد والعلويين الأتراك أو.. يعني الغير سنيين هذه الطوائف المتعددة هم منسوبون إلى الإسلام، وهم يعارضون هذه القضية أو مع تحريم الحجاب بالدرجة الأولى، وهذه أيضاً مشكلة كبيرة عندنا، فأنا أدعو أن.. كل يعني كل مسلم يعترف بإسلامه.. ليس ضروري أن يكون يطبِّقه، ولكن أن يناصر على.. على.. على الأقل حرية المرأة أو ترك المرأة بهذا الشأن، يعني..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: أخت أم سعد، مشكورة جداً على هذه المداخلة، نسمع المكالمة الأخيرة من الأخ طارق الدوسري، وأرجوك الاختصار أخ طارق، الوقت أدركنا، تفضل.
طارق الدوسري: السلام عليكم ورحمة الله.
ماهر عبد الله: وعليكم السلام ورحمة الله.
د. يوسف القرضاوي: وعليكم السلام ورحمة الله.
طارق الدوسري: الحقيقة أنا لي وجهة نظر أحب أطرحها، وأتمنى أن الشيخ يسمعها: الحقيقة إنه الأمة الإسلامية الآن تمر في أزمات كثيرة، وأعتقد إنه أولى بنا من أننا نركز على الحجاب في فرنسا أننا نركز على الحجاب في بلداننا المسلمة، إحنا الحجاب عندنا في البلدان المسلمة الآن أصبح وسيلة للزينة، يطلع منه الشعر..، صار شيء مُخزي الحقيقة، فأولى بنا أننا نبدأ من بيوتنا، من أرضنا من بلادنا المسلمة قبل ما نفكر في فرنسا أو.. أو..
ماهر عبد الله [مقاطعاً]: أخ طارق، مشكور جداً على مداخلتك، سيدي، باختصار شديد تعليق على كلام الأخ طارق، وأنت علقت على بعض الدول التي تفعل أكثر من هذا، وكلام الأخت أم سعد إنه هذه قد تنتقل المشكلة إلى ألمانيا، أولاً هل تراها تنتقل؟ يعني هل يمكن؟ ومعنا أقل من دقيقة ونصف.
د. يوسف القرضاوي: هو قطعاً إنه إذا تساهلنا في قضية فرنسا ممكن أن ينتقل هذا إلى ألمانيا وإلى غيرها، وإذا كانوا الآن مقتصرين على الموظفات ممكن أن يتسع الأمر، ولذلك يجب أن يرتفع الصوت للاحتجاج على الموقف الفرنسي، يجب أن يبلغ الفرنسيين أن المسلمين غير راضين عن هذا الموقف، فرنسا كان في.. في الفترة الماضية كانت قريبة جداً من العالم الإسلامي، خصوصاً إن هي تميزت في بعض المواقف عن السياسة الأميركية المتحيزة لإسرائيل، فكان موقفها في كثير من الأحيان موقفاً جيداً، خصوصاً في الحرب على العراق، ولذلك استبشر المسلمون بالموقف الفرنسي، لا نريد ردة للموقف الفرنسي، بحيث تخسر المشاعر الطيبة من العالم الإسلامي، يعني هذا ما.. ما نريده، ونريد إنه هذا الصوت يصل إلى ألمانيا وإلى أوروبا كلها إن شاء الله.
ماهر عبد الله: طيب سيدي، شكر الله لك، وشكر الله لكم أنتم أيضاً على حسن متابعتكم، مع اعتذارنا لكل الذين لم نتمكن من أخذ واستلام مشاركاتهم، إلى أن نلقاكم الأسبوع القادم، تحية مني، والسلام عليكم ورحمة الله –تعالى- وبركاته.