صورة عامة - زيارة خاصة 26/9/2009
زيارة خاصة

إبراهيم صالح.. المقاومة بالكلمة والشعر

تلتقي الحلقة شاعر الثورة الفلسطينية المعروف نضاليا باسم إبراهيم محمد صالح، وشعريا وفنيا بـ (أبو عرب). جمع أبو عرب الكتابة والغناء والصوت الشجي، وكتب أولى أغانيه وهو في مقتبل العمر.
– عن النكبة والخيانة والاستشهاد والميراث الشعري
– الغناء للثورة والعلاقة مع ياسر عرفات
– استشهاد الابن وتأريخ الألم بالقصيدة والغناء
– عن الجهاد والخلاف الفلسطيني وعملية السلام

سامي كليب
سامي كليب
إبراهيم صالح (أبو عرب)
إبراهيم صالح (أبو عرب)

سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى هذه الحلقة من برنامج زيارة خاصة. استشهد والده وهو يقاوم في فلسطين واستشهد ابنه وهو يقاوم في لبنان فكيف لا يصبح مقاوما ولكن على طريقته الخاصة بالكلمة والشعر والغناء والحداء والصوت الشجي أبو عرب إبراهيم محمد صالح في زيارة خاصة.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب):

يا توتة الدار صبرك عالزمان ان جار 

لا بد ما نعود مهما طول المشوار يا يابا

يا توتة الدار حلفتك برب الكون

خلي جناك حمم على الغاصب الغدار يابا يابا آه ويلي

وهدي يا بحر هدي طولنا في غيبتنا

ودي سلامي ودي للأرض اللي ربتنا

عن النكبة والخيانة والاستشهاد والميراث الشعري

سامي كليب: لم يعش أبو عرب طويلا في الأرض التي ربته فلم يكن قد بلغ السادسة بعد من العمر حتى اندلعت ثورة عام 1936، شاهد الإنجليز يطاردون عائلته ويعتقلون عمه ولم يكن قد تجاوز الـ18 من العمر بعد حين حلت نكبة فلسطين فغادر الأرض تاركا والده تحت ترابها شهيدا.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لا زلت أذكر أن مثلا كانوا الإنجليز يجوا على قريتنا يطوقوها يجيبوا الشباب، في عنا بالقرية صبر كثير هذا..


سامي كليب: الصبير.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): صبير، فكانوا يكلفوهم بقطع الصبر ويخلوا الشباب وهم حافين يدوسوا على ألواح الصبر، بالإضافة للضرب بالإضافة أن يفوتوا على البيوت يخلطوا القمح مع الشعير مع الذرة مع الكرسني كل أنواع الحبوب يخلطوها مع بعضها حتى يعني يعذبوا المواطن، بعدين يعتقلوا من يريدون مثلا أبي مضى بالمعتقل شهرين كمان، فكنت واعيا لما تصبّح والدتي أنها تحضر الزوادة تسلق البيض وتحضر الخبز وكذا ويروحوا جماعات يزوروا المعتقلين.


سامي كليب: طيب فهمت أن والدك جرح واستشهد في إحدى المعارك.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): معركة الشجرة.


سامي كليب: بمعركة الشجرة، تذكر تلك الحادثة يعني هذا المصاب الأليم كيف حصل؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): هي قريتنا بالحدود اللي بين المنطقة العربية واليهودية الصهيونية فبدأت المعارك بيننا وبينهم مناوشات ثم يعني استمرت حتى شعروا بالضيق، فهاجمونا بليلة أظن كان يومتها بتاريخ 6/5/1948 فقام الهجوم ساعة ثلاثة أنا كنت يعني عمري 17 سنة واعي، إحنا كنا ما معنا سلاح بس نحمل شنتة صغيرة فيها إسعافات للمقاتلين والدي بأتذكر أن كنا نحن يعني رحلنا الأطفال والنساء قبل بمدة لأن بعد مذبحة دير ياسين صار خوف من انتهاك العرض والذبح للأطفال والنساء، فظلت المعركة من الساعة ثلاثة بالليل حتى الساعة عشرة كانوا المدافعين عن القرية من بلدنا 64 مقاتلا، استشهد منهم 28 وجرح حوالي 14 ووالدي من جملتهم والباقي استطاعوا الانسحاب بطرق صعبة.


سامي كليب: والوالد استشهد بعد إصابته بالجراح فورا وإلا عاش فترة؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لا ظل بالمستشفى الإنجليزي أربعة أيام خمسة ولكثرة الجرحى قالوا له تعالج بالبيت فبعد المعالجة بعدين رجع على المستشفى وكان الجرح تسمم لأنه أصابه رصاص دمدم هذا كانوا يقتلوه تفجر واستشهد دفن في قرية كفر كنة.


سامي كليب: صورة الوالد المزارع ابن الأرض السليبة لم تفارق أبو عرب الذي جرح هو الآخر برصاص الإسرائيليين وهو عائد من حقل والده في قرية الشجرة، فكيف لا تتحول الجراح قصائدا وكيف لا يصبح الصوت شجيا لا بل محشرجا ومختصرا نكبة عائلة وأرض وصورة والد شهيد.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب):

يا أبوي أحكي عن الأوطان واشرح

ما بعرف شو بقي من الأهل

واشرح يابا أوف

ما في شيء يسر النفس

واشرح من ريحة وطنا والاعشاب

أوف أوف أوف…


سامي كليب: حلو، يسلم هالفم، ريحة الوطن دائما في القصائد أيضا والأشعار. لسه فلسطين تعني لك الكثير بعد كل هذه المنافي في الدول العربية أم بدأت أو تأقلمت مع الغربة مع المنفى؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): إطلاقا، لا زالت فلسطين في ذاكرتي ومخيلتي، ما بأعرف يعني الإنسان لما بيتأقلم ببلد وبيعيش فيها بيصير يشعر أن الهواء اللي في الغربة غير الهواء اللي كان يتنفسه هناك، العشب اللي في الغربة غير طعمة العشب والخضروات اللي كان يأكلها هناك، ربما تكون هذه من التربية الإقليمية في البلد وربما تكون فعلا، فأنا الفواكه والخضار والهواء والمعيشة اللي كانت بفلسطين بأشعر فيها غير وأنا في الغربة.


سامي كليب: فهمت سيد أبو عرب أن الجد والعم كانا أيضا يكتبان الشعر في بعض شعر عامي والبعض شعر بالفصحى، هل هذه المؤثرات هي التي ورثتها عنهما أم كان في جو آخر هو الذي جعلك تندفع باتجاه هذا النوع من الشعر والقصائد الحماسية أو التي تؤرخ للنكبة للجرح في فلسطين؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): نعم أنا ورثت عن جدي الشاعر علي الأحمد الشعر المقفى ورثت عن عمي الشعر الشعبي اللي يسموه الحداء، فأنا من صغر سني يعني بالـ 17و 18 كنت أتعلق بالأغاني الشعبية والتراثية وأحاول أن أغنيها والله أوهبني صوتا يعني أقدر أسلك هالطريق.


سامي كليب: وين كنت تسمعها؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): أسمعها بالأعراس، وجدي لما يؤلف قصيدة أقعد بجنبه يقول لي.. بالمناسبة كان جدي الله يرحمه كمان أنه لما يؤلف القصيدة يحاول يغنيها غناء.


سامي كليب: ولكن الغريب أنه لم يذكر الكثير عن جدك رغم أن فهمت فيما بعد أنه كان شاعرا مهما في تاريخ فلسطين، شو السبب لم تُكتب الدواوين؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لم تُكتب، عم نحاول نجمع بعض القصائد ونعمل له ديوان، ولأن كان كل قصائده في رثاء الثوار القادة الثوار.


سامي كليب: أو في انتقاد بعض القادة العرب كمان.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): ما كان في هديك الأيام آه في انتقاد بعد النكبة.


سامي كليب: يعني فهمت مثلا في قصيدة تشبه قصيدة مظفر النواب عن القدس.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): عن القدس، نعم.


سامي كليب: ماذا تقول هذه القصيدة؟ تذكر؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): بيقول،

"لله عان حالف الأحزان

مذ فارق الأولاد والخلانا

يأوي الجليل مشردا متغربا

يبكي الجمال لحاله أشجانا

يا راكب الفرد السريع بسيره

أسرع فديتك مقصدا عمان

قل للمليك ابن الحسين مخاطبا

أولم تخف من أنزل القرآن؟

بعثوا أبو القاووق يحمي أرضنا

مع طغمة ما ذاقت الإيمان

لافاز فوزي والذي بعثوا به

لا قوا الشقا والذل والحرمان

آه ملوك العرب! هل أعددتم؟

عذرا إذا ما جئتم الرحمن

أوسطر التاريخ نكث عهودكم

وحنوثكم إذ بعتم الأوطان؟

قسما لو أن المومسات مكانكم

لتركن ماخور الفجور عيانا

ولبسن مسح الراهبات تقشفا

هربا من العار الذي أخزانا"


سامي كليب: يا لطيف!

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): طبعا القصيدة طويلة.


سامي كليب: غريب يعني هذه النقمة على العرب آنذاك أو على بعض العرب إذا صح التعبير والتي حضرتك رددتها أيضا في قصائد أخرى خصوصا نقمة مثلا على الجيش العربي للإنقاذ كمان، على القاوقجي على.. شو السبب؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): السبب لأن القاوقجي مثلا منطقتنا الناصرة يعني سلمها تسليما يعني..


سامي كليب (مقاطعا): شفت ذلك بعينك؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): نعم، يعني مثلا صفوري بلد كانت تنجد كل القرى، لوبي -جنبنا- بلد هاجمها –تصور- الجيش الصهيوني بآلاف ولم يستطع احتلالها وقتل في معركة لوبي اللي باعتراف الصهانية أثناءها بإذاعة الهاجانا أثناءها، 151 جندي منهم ظل 40، 45 جنديا أنا شفتهم بعيني ملقحين في السهول.


سامي كليب: طيب شو ذنب القائد العربي القاوقجي قائد الجيش؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): القائد العربي لما إجا أولا منع أي فلسطيني يحمل سلاح، ليش؟ قال بدنا نقاوم مقاومة عسكرية نظامية ممنوع فلسطيني، أي فلسطيني يجدون معه بارودة في قضاء الناصرة يصادروها، بعدين أعطوا أمرا بمنع التجول بالناصرة أعطى أمرا لصفوري تسحب الألغام اللي بينها وبين الصهاينة، ليش؟ قال بدنا نقوم بهجوم عشفى عمر ففوجئوا أهل صفوري الساعة عشرة بالليل وإذ المصفحات الصهيونية داخلة البلد، اثنين فوجئوا أهل الناصر الساعة الثلاثة ظهرا وإذ المصفحات الصهيونية تدخل الناصرة وفكروها جيش عربي، حتى في حرمة طلعت تزغرد ما شافت إلا الطلق ضربوها برأسها.


سامي كليب: طيب المسكين ربما أخطأ الحساب يعني لم يكن متآمرا.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لا، متآمر لأنه كان اسمه فوزي بيك القاوقجي فرفعته القيادة العربية لفوزي باشا.


سامي كليب: ربما يتحمل فوزي القاوقجي مسؤولية عما حصل لفلسطين وربما لا، فالمؤرخون اختلفوا كثيرا حول دوره ولكن لا شك أن الذين عاشوا القهر والاحتلال وذل التهجير لا يلامون لو حملوا العرب المسؤولية عن بعض مآسيهم، فهذا الفتى إبراهيم صالح وقبل أن يعرف باسم أبي عرب ويصبح شاعر الثورة والثوار كان يحلم بأن يصبح أستاذا فتحطمت أحلامه على صخرة التهجير.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): أسوأ صورة وإحنا مهجرين قلت لك ما كنت على الرابية رجعت أزور قبر والدي بكفر كنة فكانت الطريق محتلة من قبل الصهاينة، فمرقت في سهل اسمه سهل البطوف فكانوا الصهاينة يعملوا كمائن للي يروح ويجي بين المنطقة المحتلة والمنطقة العربية، فأسوأ منظر إني شفت الجثث بالعشرات بين حقول الذرة وهي متعفنة والروائح وسألت نفسي هل أهل هدول الجثث بيدروا أنهم استشهدوا وماتوا؟ كانوا اليهود أي واحد يكمشوه يطخوه ويزتوه.

الغناء للثورة والعلاقة مع ياسر عرفات

سامي كليب: كتب أبو عرب أولى أغانيه وهو في مقتبل العمر كتبها لفدائي يودع شقيقته قبل الاستشهاد، رافقت باكورة أغانيه باكورة العمل الفدائي ثم انتقل بعدها إلى إذاعة صوت العرب في القاهرة ليشارك عام 1958 ببرنامج باسم "أهازيج ومكاتيب" فشد كل من استمع إليه وسرعان ما صارت أغانيه أناشيد وأهازيج الفدائيين وأهلهم ومناصريهم.

[مقطع مسجل من أغنية]

سامي كليب: رغم مشارفته على الثمانين فإن صوت أبو عرب يبدو في عز شبابه وهو من المنشدين النادرين الذي جمع الكتابة والغناء والصوت الشجي وعرف كيف ينوع أغانيه النضالية الملتزمة بين العتابا والميجانا والدلعونة والأغاني التراثية والشعر الحديث والألحان المبتكرة، وهو إذ يغني فإنما ليرسم للأجيال المقبلة صورة عن قرى ربما ما عادوا يعرفون عنها شيئا وعن قضية قد تضيع، غنى للأرض والوطن ولم يغن لأي زعيم أو قائد ولكنه بعد استشهاد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات كتب له أرق الشعر.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): أبو عمار الله يرحمه يعني أنا بأشعر أنه أخطأ بأوسلو لكن بالآخر اكتشف خطأه وكان دفع حياته ثمنا لذلك.


سامي كليب: كنت حضرتك يعني لا بد أنك ضد كل عملية السلام من أولها لآخرها.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): إطلاقا لأني مؤمن أن أي سلام وخاصة مع الصهاينة لا يمكن أنهم يعطوا حق بدون شيء.


سامي كليب: طيب بيضل الفلسطيني..

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب) (مقاطعا): حتى بأذكر حاكي مرة كان الأخ..


سامي كليب (مقاطعا): بيظل الفلسطيني يقاتل كل الوقت؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): إيه يظل يقاتل، إذا ما قدر يستمر بالقتال، أن يمتنع عن التوقيع أن لا يفرط.


سامي كليب: شو الحادثة اللي بتذكرها؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): مشان أبو عمار ذكرته الله يرحمه، كنا في مهرجان وكان أبو إياد صلاح خلف وكذا فهجموا علي الجماهير -بتعرف الجماهير- أبو عمار غني لأبو عمار غني لأبو عمار قلت لهم،

 كرمال عيون الثوار رح نذكر أبو عمار

 كرمال عيون الثوار رح نذكر أبو عمار

 بشرط أنه تعود الأرض يعيد البيت يعيد الدار

انتبه صلاح خلف قال لي يخرب بيتك، شو.. يعني ما ذكرته، أنه كرمال عيون الثوار.


سامي كليب: ما كانت تصير عليك ضغوط من أبو عمار والمحيطين به أو من بعض الرؤوساء والقيادات العربية أن تكتب أغاني لهم مثلا أغاني مديح؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): طبعا صار ضغوط بس من أبو عمار لله والتاريخ ما صار.


سامي كليب: تقول إنك لم تشأ أن تمدح أي رئيس ولا حتى أبو عمار ولكن بالمقابل حين استشهد أو توفي أو قتل أو سمم الرئيس ياسر عرفات كتبت له أكثر من قصيدة.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): نعم الشريط اللي سجلته لأبو عمار رثاء ولكن في نقد لبعض الأنظمة وفي وخزات، يعني الأنظمة اللي كانت ما تساعده بالحصار وتفرض عليه الحصار وراحوا استقبلوه عملوا للتابوت عرضا عسكريا وجنازة فبأنتقدهم بالشريط.


سامي كليب: بتتذكر شو كتبت لأبو عمار بعد أن استشهد؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب):

أنا ياسر كحد السيف حدي

سقاني الدهر من كاسات حدي

أخوي اللي ما وقف بحصار حدي

ما بدي يشيل تابوتي خشب

أوف أوف أوف

غيري لساحات الحرب ما راد

وكم أخ نخيته علي ما رد

عدوي لو عمل بي إيش ما راد

ما سوى ربع حكام العرب 


سامي كليب: حلو. فهمت أن علاقتك بالرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أبو عمار كانت تترواح بين إعجاب بقصائدك وبين بعض الفتور كمان بينك وبينه، شو السر في ذلك؟ وماذا تذكر عن علاقتك به؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): يعني علاقتي لا، فتور فعلي ما في بس بيجوز عدم رضا بس ما كان المرحوم يظهر لي شيئا.


سامي كليب: عدم رضا عن بعض الأغاني؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): بعض الأغاني.


سامي كليب: شو مثلا؟ شي أغنية أزعجته؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): مثلا.. ما أزعجته ما شعرت بإزعاج لا والله، بس مبينة للقيادة اللي بدها تفاوض واللي بدها مثلا بأقول،

واللي ناطر أمريكا حتى يحقق رغباته

مثل اللي حط السعدان حتى يقسم جبناته

واللي ناطر بده حل بالحل الأمريكاني

عمره ما بيكون الخل يروي النفس العطشانة

يا أخي شعبي كلّ ومل من الوعود التعبانة

اتبع دربي تاتندل وكيف الحل الوجداني

حل البارودة بيضل الحل اللي ما في له ثاني

مرفوضة باسم الكل كل كلمة بحرف التوطين

لو بدي أتوطن يا خيي كنت قبلت الدولارات

ما شلت سلاحي بيدي وصامد قدام الغارات.

استشهاد الابن وتأريخ الألم بالقصيدة والغناء

سامي كليب: إبراهيم صالح المعروف نضاليا وشعريا وفنيا باسم أبو عرب أقام جسرا بين الشهادة والشهادة فما كاد دم والده الشهيد يجف تحت تراب فلسطين حتى استشهد ابنه في لبنان وهو يقاوم كما قاوم جده العدو نفسه يخالجه الأمل نفسه بالنصر واستعادة الأرض السليبة.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): إجاني خبر استشهاد ابني.


سامي كليب: وكان يقاوم.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): كان يقاوم طبعا تطوع، اسمه معن، تطوع بالشام حملوه سلاحه وإجا على الجنوب كان عند اللي استلمهم قائد اسمه أبو هاجم أخوه لأبو الزعيم، إيه، فبالرغم من أنهم كانوا مدربين تدريبا جيدا لم يسلمهم إلا كلاشين وزوادة بسيطة خيار وخبز وبندورة وراحوا 18 واحد منهم أربع مهندسين أو خمسة..


سامي كليب (مقاطعا): وبينهم ابنك كان مهندسا طبعا.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): بينهم ابني وناس كمان معاهد كلهم مثقفين ومدربين بالجيش السوري يعني كانوا خادمين، قالوا أعطينا مدفعة هاون أو رشاش، قال لهم لا بيكفي، وداهم مع دليل فخاضوا معركة وراء الخطوط في بلد اسمها عين عطا وراءها في حرشة هديك المناطق، اجانا خبر استشهاده حاولوا يرجعوا هم راجعين بعدما دمروا ثلاث مصفحات وسيارتي جيب لحقهم الطيران الإسرائيلي والمدفعية في جبال عين عطا والحرشة فاستشهد منهم تسعة وجرح ستة وأربعة نفدوا، خاله كان معه كمان فاستشهد خال معن وابن عمته واللي انجرحوا حاولوا يشيلوهم وينسحبوا، ولهم قصة طويلة ظلوا خمسة أيام حتى وصلوا للخطوط الأمامية، انتظرت أن نقدر نجيب جثته وكنت أتأمل وأتمنى أن تجي جثته حتى أحمل الميكرفون وأهتف بالجماهير وراء جثته.


سامي كليب: ما إجت؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): ما إجت، ظل حتى وما عرفنا وين قبره حتى عام بعد ما تحرر الجنوب اتصلت بالسيد حسن وحزب الله فكان لهم الشكر أن استطاعوا يتعرفوا على قبور الشهداء، رحت على عين حرشة أنا وبصحبة تلفزيون المنار ومرافقة معنا كان الأخ عماد مرتضى اللي مسؤول عن التلفزيون وصلنا هناك عين حرشة وجدت الشخص اللي دفنهم، يعني اللي دفنهم أسطورة إنسان عمره بالخمسينات فتنا عليه استقبلنا وإنسان من إخواننا المسيحيين قومي سوري اسمه أبو الياس، فلما فتنا مع وفد حزب الله كان عم يشرب، رأسا قال لمرته ضبوا بسرعة، بسرعة استقبلنا الزلمة قال لنا لا تؤاخذوني وكذا، قلنا له بدنا تحكي لنا قصة عثورك عليهم، قال ما قصة أولادكم أول يوم قاموا بعملية هون قبالنا دمروا مصفحتين وقتلوا ثلاثة جيبات هم كانوا 18 واحد، جيبات دمرت نهائيا حتى شفنا الهيلوكوبترات لما إجت حتى شالت التراب اللي عليه دم الجنود التراب شالوه ما خلوا أثر، بعدها حاولوا ينسحبوا على الجبل هداك وهم منسحبين وإذ الطيران لحقهم والقصف المدفعي والجبل فعلا ما في صخور أجرد، قال لي البلد عنا عين حرشة صارت مناحة على كثر ما شفنا القصف الشديد وهم ما معهم شيء يدافعوا، وقلت كيف عرفت أنهم هدول أولادنا وفلسطينية؟ أعطانا إشارتهم، قال أولادكم تسعة لابسين فيلت وأخضر ودفنا معهم ثلاث جنود سوريين لابسين خوذ وكذا، وقال لنا ضلوا بالبر يومين إجيت لرئيس البلدية قلت لهم بدنا ندفنهم قال لي على مسؤوليتك إذا اليهود حاسبوك، قال له على مسؤوليتي، قال أخذت جرافة وعملت لهم قبرا جماعيا وهذا قبرهم، قرأت الحمد على قبورهم وأبانا الذي في السموات لا يكون فيهم واحد مسيحي.

[فاصل إعلاني]

سامي كليب: استشهد ابن أبو عرب على ساحة الجنوب اللبناني استشهد عند تخوم فلسطين وكان على قاب خطوتين من الدخول إلى أرض أهله والأجداد، لم ير أحد آنذاك أبا عرب يبكي فقد عض على الجرح وحبس الدمع وحول جزءا من الألم قصيدة.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): ألقيت قصيدة على قبره.


سامي كليب: شو قلت؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): في له قصيدتان واحدة مغناة وواحدة إلقاء، الإلقاء بأقول لك

يا بني يا مقلة عيوني يا بني يا فلذة اكبادي

فيك ما خابت ظنوني وأنت للهيجا جوادي

يا بني موتك وأنت واقف تزأر بساح الميدان

تسخر بريح العواصف تهزأ بشط الأمان

أحلى من عيشة ذليلة تشتكي جور الزمان

يا بني نحن تعودنا نرد عكرات الزمان

والنذل ما كان منا ولا الخنوع ولا الجبان

يا شهيد الوطن حيك ما نسيت تراب حيك

ما انتظرت وداع بيك

عند ما نادى المنادي قلت يا بلادي لاقينا

عند عينك لو لفينا اشهدي ويشهد علينا

وألف مرحب بالشهادة يا بني يا فلذة اكبادي

حين رجعوا يابا ربعك باللي صابك بلغوني

ما سألتهم كيف موتك في بطولتكم نعوني

حينها نشفت دموعي وقفت الرعش بضلوعي

قالوا مات البطل صامد ينتخب عزة ربوعي

عندها رفعت رأسي وراحت بصدري المآسي

يا بني لأقسم في ترابك ودمك هالعطر ثيابك

فرحت يابا بنجاحك يوم حصلت الشهادة

فرحت أكثر في كفاحك في خلودك بالشهادة

يا بني طيفك ما يفارقني في صباحي في مغيبي

يللي فيك رفعت راسي وقدمت عني الضريبة

اسمع أمك، اسمع أمك عم تزغرد تصيح حيك يا حبيبي

يرحم ترابك يا غالي ما طلع فاين حليبي.


سامي كليب: لا شك أنك كنت تتحدث إليه كنت تخبره عن تراث أهله والأجداد في فلسطين، ولكن هل شجعته على الذهاب وعلى المقاومة على الأرض؟ ألم تكن تخشى أن يستشهد مثلا؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لا، أنا بالعكس يعني هو كان يشجعني يعني تصور أنه أنا من رحلاتي وسفراتي إلى أوروبا وإلى.. جايب له بعض الملابس طقومة، ما لبس ولا طقم ما كان يلبس إلا اللباس العسكري، حتى وهو بالشغل المدني يحاول يلبس بنطلون خاكي ولباس خاكي وكان لا يقرأ إلا كتب الثورة ويعني كل ثقافة الثورة تجدها في مكتبته، فلذلك كنت أعرف أن هذا الشاب يعني رابط روحه بفلسطين.


سامي كليب: كنت أسمع عن قصة استشهاد ابن أبو عرب منذ سنوات وأسمع عن صبره على المصاب ولكن حين التقيته حصل معنا حادث مؤسف اكتشفت معه قدرة هائلة لدى هذا المناضل على الصبر، فأثناء التصوير قررنا الذهاب معه إلى أحد المخيمات الفلسطينية في بيروت وما أن صعد إلى السيارة حتى أغلق بابها بقوة على إصبعه فاقتلع ظفره، ورغم شدة الصدمة والألم فإنه عض على الجرح بصمت لافت وأصر على مواصلة التصوير، فآثرنا نقله إلى المستشفى المجاور وصودف أنه لحزب الله فعالجوه كواحد منهم، وما أن ارتاح قليلا حتى أقسم ألا ينهي النهار قبل أن نذهب وإياه لملاقاة أهله في المخيم فغنى لهم وغنوا معه ونسي الإصبع والألم أو لعله على جري عادته أرّخ للألم بقصيدة.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب):

لبنان عز العروبة بعزة رجاله

لبنان عز العروبة بعزة رجاله

نعمل بواسل إذا بساح الوغى جالوا

حياك الله يا الشعب الحر بلبنان

على كل صخرة حفر بالدم أفعاله

امضي على درب النصر لا يهمك الخوان

مهما سعوا شككوا أو علكوا قالوا

تحيا رجالك يا لبنان أخوة عن صدق وإيمان

أعلناها وحدة دم وفرسان تعانق فرسان

تحيا رجالك يا لبنان أخوة عن صدق وإيمان

أعلناها وحدة دم وفرسان تعانق فرسان

أعلناها وحدة دم بين الخال وبين العم

عن الجهاد والخلاف الفلسطيني وعملية السلام

سامي كليب: المخيم الذي زرناه مع أبو عرب في بيروت كان متاخما للمكان الذي حصلت فيه مجزرة صبرا وشاتيلا الدموية الشهيرة، وكان أهل البيت الذي استضافنا يشرحون لمغني ثورتهم كم من الشهداء سقط هنا وكأنهم من خلال أغاني أبو عرب ومن على سنواته المشارفة على الثمانين يشمون فيه رائحة الأرض. لقد عرف أبو عرب كيف يحفظ تراثه ولكن كلماته القاسية في بعض المرات ضد السلام جعلت بعض أهل السلطة يقاطعونه.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): تلفزيون فلسطين يمنع أن يوضع لي أغنية واحدة.


سامي كليب: اليوم؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): اليوم نعم.


سامي كليب: شو السبب؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): قال هي بتخالف اتفاقيات أوسلو.


سامي كليب: أي كلام ضد الصهيونية ضد إسرائيل.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): إيه نعم.


سامي كليب: منع رسمي؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): يعني من يوم ما أنشئ تلفزيون فلسطين للآن لم يضع لي أغنية واحدة.


سامي كليب: حاولت ورفضوا.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): ما، ما حاولت وما طلبوا، بينما بيطلبوا من الغير وبأشوف بيحطوا أغاني بسيطة وركيكة، يعني أنا ما بأعتبر يعني إذا التلفزيون بتشوفه يوم معارك جنين بيحط لي أفلام مصرية حب وغرام.


سامي كليب: طيب يمكن عدم انتباه لأغانيك يعني يمكن تقصير مش قرار رسمي.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لا بيعرفوا لأن كل العاملين بالتلفزيون أكثرهم كانوا معي بالإذاعة هون في بيروت.


سامي كليب: طيب خلينا نرجع للإذاعة شوي، في منطقة الفكهاني في الإذاعة إذاعة الثورة كنت تمضي على الأقل تمضي 15 ساعة في اليوم تبقى في الإذاعة وتؤلف الأغاني وتغني، أخبرنا عن تلك الفترة ماذا تذكر عنها؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): يعني بأذكر أنا كنت أجي من سوريا عشرة أيام أمكث هنا أسجل شريط كامل شريط ثماني أغاني بأذكر بالزمانات من إحدى.. أنه إجا زارنا الملحن المرحوم فيلمون وهبة وقال لنبيل أنه أنا بدي نهدي الإذاعة الفلسطينية يتبرع لها، المهم يعني هو طبعا تنازلوا كثيرا بالسعر قال له بدنا كذا ألف دولار، الإذاعة يومتها نبيل قال له نحن عنا شاعر..


سامي كليب (مقاطعا): فيلمون وهبة طلب فلوس؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): لا، هو تبرع بس مثلا طلب كذا ألف دولار هم لما بيلحنوا شيء بيأخذوا ضعف هذا عشر مرات، قال له بالرغم من أنه نشكرك على هذه إحنا عنا واحد هو مطرب وهو شاعر وهو ملحن، المهم طلعت قابلته سألني قال لي طيب وديع الصافي غنى أغنية "راجعين يا وادي الجبل راجعين" لفلان، ذكر لي اسم الشاعر -ما عدت أذكره- ولحنت أنا وكذا، وبيعد فيها أربعين أو خمسين قرية ومدينة بلبنان، قلت له قديش ظليتوا عليها؟ قال بين التلحين والتقديم والتأليف وكذا ظلينا يمكن ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر، قلت له أنا خلال عشرة أيام بأقدم أغنية بيجوز يكون فيها سبعين مدينة وقرية بلحن جديد، وقدمت أول أغنية بهذا اللحن.


سامي كليب: كانت هذه أول تجربة للحديث عن القرى والمدن؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): نعم، بعدها بجمعة بجمعتين صار يجينا رسائل على الإذاعات، إجا قال لي الأخ نبيل عمر يمكن أو بأذكر قال لي شوف الورطة..


سامي كليب (مقاطعا): كان مدير الإذاعة؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): إيه كان مدير الإذاعة قال شوف الورطة اللي ورطتنا فيها صار القرى أن بلدنا اللي قدمت ليش ما ذاكرينها بلدنا كذا، اضطريت أؤلف كمان شريطا ثانيا بلحن ثاني.


سامي كليب: لم يمجد أبو عرب في قصائده وأغانيه أي من القيادات وهم على قيد الحياة ولكنه لم يتردد يوما في رثاء قائد أثبت تاريخه شرف النضال، ولم يتردد في تأييد حزب الله في لبنان وحركة حماس في فلسطين حتى ولو أنه آثر البقاء بعيدا عن الخلافات والتباينات والصراعات وحين استشهد قائد ومؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين رثاه بدمع الكلمات.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): في قصيدة للشيخ العشماوي فيها ثلاثة أبيات وأنا أكملتها بأربعة،

يا أحمد الياسين كنت مفوها بالصمت كان الصمت منك بيانا

كرسيك المتحرك اقتصر المدى وطوى بك الآفاق والأزمانا

علمته كيف الإباء فلم يكن مثل الكراسي الراجفات هوانا

عبد العزيز أبا محمد إننا نبكيك ثأرا دمعه بدمانا

فلنندبنك بالبنادق صدحا يصرخن في وجه العدو عيانا

شرف الرجولة أن تموت مضرجا لا ترتضي ذلا ولا إذعانا

شيلوا رفات الشيخ على الأيادي أحمد ياسين لنا للشهادة


سامي كليب: حين تتحدث عن الشيخ أحمد ياسين رثيت الشيخ أحمد ياسين ورثيت الرئيس الراحل ياسر عرفات، تنظر اليوم إلى فلسطين وترى الاقتتال بين أبناء الصف الواحد، كيف يشعر رجل مثلك يعني حمل كل هذه القضية في أغانيه وأشعاره وقصائده؟

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب): يعني ما تخيلت أي يوم، أي يوم بحياتي أني أشوف فلسطيني يؤيد الصهاينة في قتل الفلسطينيين، فكيف إذا بشوف فلسطيني يقاتل فلسطيني؟ شيء مؤلم، ولكن لنقل الحق إن هناك منهجين مختلفين منهاج فرّط بكل شيء ومنهاج لا زال بيقول بدي أقاوم، طيب الخلاف بين حماس وفتح، طيب اعتقال الجبهة الشعبية بالضفة ليش؟ اعتقال شباب الأقصى ليش؟ اعتقال كل مقاتل يحمل بارودة ليش؟ بعدين لو المفاوضات أعطتنا شيئا والله اعتقلوا وساووا اللي بدك إياه، بس إذا حاجز ما فكته إذا أسير ما طلعته إذا أي شيء إذا الرئيس إذا بده يمشي من رام الله لجنين بده تصريح من الإسرائيليين، على إيش نفاوض؟


سامي كليب: لم يؤرخ رجل كما أرّخ أبو عرب بالغناء والشعر والصوت الشجي لتاريخ فلسطين من النكبة والتهجير حتى الانتفاضة والمقاومة، وكما كتب لابنه الشهيد قصيدة فإنه كتب لمحمد الدرة ولكل طفل فلسطيني ولكل مناضل وفدائي وشهيد، وكلما قضم المحتل قرية بعد قرية غنى أبو عرب جرحا بعد جرح وكأنما في الغناء بلسمة لجرح التاريخ وصفعة للذين يتخلون عن التاريخ باسم وهم السلام.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب):

شهر وسنة عم تمرق الأيام والليل باقي فوق خيمتنا

وأطفال تحت البرد عم بتنام بخيمة وريح الظلم عصفتنا يا أمي

وأمي قبال دموعها أرقام، أرقام تحكي بعد نكبتنا ويلي

تحكي عن المعراج تحكي عن المعراج يا إسلام

وعن مهد عيسى وعن كنيستنا

لوحات تعجز ريشة الرسام بعده دماء ودموع عيشتنا

وتشكي على جور أخوالنا وأعمام

وتسكب ملح على جرح طعنتنا يا أمي

يا أمي نحن بذل ما منام ورد الردى والفداء عادتنا

لازم نفجر حمم من الخيام ونسمّع التاريخ صرختنا

ونحن يا أمي للوطن إعلام ومن دمنا منكتب قضيتنا

ويا أمي أنا دمعة من الأيتام ونوح الحمامة فوق تينتنا

وشبابة الراعي وراء الأغنام وموال من رجاد حقلتنا

وفية زيتون معببة الكمام وريحة خبز طابون حارتنا

قوموا اسألوا العرقوب مع الخيام تبنين تتغنى برجولتنا

يا أمي كفانا نعيش بالأوهام كذب ودجل ووعود حاجتنا

حاجتنا نشكي الظلم للظلام ونبوس إيد اللي ذبحتنا يا أمي


سامي كليب: رغم ألم الإصبع الذي اُقتلع ظفره في خلال التصوير إلا أن إبراهيم صالح شاعر الثورة الفلسطينية المعروف بأبي عرب علمني بعد ساعات التصوير الطويلة درسا كبيرا في الصبر، فهو بقي طيلة النهار منتشيا كمن يسابق ربيع العمر وكان يفاجئني بين حين وآخر بارتجال قصيدة كلما مررنا بمكان أو كلما حمل البحر نسمة من فلسطين.

إبراهيم محمد صالح (أبو عرب):

امشي يا موج البحر سلم على الأوطان

أوصل لأرض الوطن قبّل روابيها

سلم على القدس على حيفا على بيسان

وغزة يا غزة بلسان الموج حييا