لويزة أحريز.. مقاومة الاحتلال في الجزائر
– نضال ومعاناة عائلة تحت براثن الاستعمار
– اعتقال والدها وانضمامها لخلايا المقاومة السرية
– مرحلة التعذيب المهين في المعتقل
– الاغتصاب.. المسكوت عنه دائما
نضال ومعاناة عائلة تحت براثن الاستعمار
سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة، لضيفتنا قصة مؤلمة ومؤثرة ومُشرِّفة في آن ربما الكثير منا سمع عن المناضلة الجزائرية السابقة السيدة جميلة بوحيرد ولكن قلة سمعت عن هذه المناضلة التي ستكون ضيفتنا في هذه الحلقة والتي ناضلت واعتُقلت واغتُصبت وعذبت في سجون المستعمر الفرنسي إنها المناضلة الجزائرية السابقة والدائمة السيدة لويزة إيغيل أحريز، بعد نصف قرن تقريبا لا تزال هذه المناضلة الجزائرية تبكي كلما تذكرت ما تعرضت له خلال الثورة على يد المستعمر الفرنسي فلويزا إيغيل أحريز التي تمارس اليوم عملها في منزلها كأي امرأة عادية كانت بطلة ونجمة مشرقة وشعاع أمل في ليل الجزائر والفتاة الجميلة التي وُلدت في وُجدة المغربية بسبب عمل والدها سرعان ما دخلت المقاومة وعُرفت باسم الشقراء الحارقة أو باسم ليلى أو فيفي لا بأس فكلها أسماء لمناضلة كانت كل يوم تحمل دمها على كفها وتضع روحها في مهب الريح وتمضي باتجاه تحرير الجزائر بعد أن كانت الأولى في صفها وعانت في مدارس المستعمر من مشاعر العنصرية وبعد مرور اثنين وستين عاما على تحرير بلادها وانتصار الثورة سألتها عن الصورة التي لا تزال عالقة في ذهنها حتى اليوم.
لويزة أحريز: كان زمنا قبيحا وأحداثه تراودني دائما ولا أستطيع نسيانها علما بأنني أحاول المستحيل كي أنساها لأن لدي أطفالا وأحفادً صغارً ولا أريدهم أن يروا في صورة الجدة التي لا تكف عن البكاء وهذا شيء غريب حقا فأنا أحاول وأتمنى دائما طي هذه الصفحة من حياتي نهائيا، منذ عام 1957 أصبحت مُشجعة للنظام النازية النظام النازي أصبحت أخشى العذاب، أصبحت أخشى العذاب أخشى العذاب وما زلت أعاني من التأثير المستمر بهذا العذاب.
سامي كليب: السيدة التي تمنت الموت مرارا للخلاص من عذاب النفس وآلام الجسد هي ابنة عسكري خدم في الجيش الفرنسي معتقدا أن الانتصار على النازية في الحرب العالمية سيحرر بلاده ولكن حين وجد أن المستعمر هو المستعمر وأن أطماع الكبار تتخطى أحلامه الصغيرة وَجَّهَ بندقيته ضد مسؤوليه وقرر محاربة المستعمر ودرب كل عائلته على المقاومة.
لويزة أحريز: هذه الرغبة بسيطة بالنسبة لنا فقد كان جدي مقاتلا ولم يكن غريبا أن يرث أبي الحس الوطني عن أبيه وهذا الشعور بالوطنية نشأ بيننا أبي وأمي وأخوتي لم يكن هناك من تفرقة بيننا فالفتيات كنَّ أكثر عددا من الفتيان وقد تربينا على أسس موحدة ولم تكن هناك تعليمات تقول إن هناك عملا للمرأة وآخر الرجل لم يكن هناك من تمييز أو تفرقة في عام 1957 مرت على أسرتنا أوقات عصيبة أبي كان في السجن في سجن بربروس ووالدتي كانت مقبوضا عليها لأنها كانت تنتمي إلى أحد تشكيلات نقل الأدوية والوثائق، مليكة أختي كانت قاذفة قنابل لأننا في النهاية كنا في حالة دفاع عن النفس فاطمة كانت في أحد مراكز التجمع تجمع القوات أما يامنة فقد هربت إلى المغرب حتى تستطيع تمويلنا وأنا كنت في المدرسة إلى أن دخلت العمل الفدائي المستتر في عام 1957 تفرقت العائلة وأصبحنا بين يدي القدر.
سامي كليب: والدك أسس مخبزا لبيع الخبز وبدأتم بزرع السلاح وتخبئته داخل رغيف الخبز ونقله عبر المناطق الجزائرية كيف كان يجري هذا الأمر؟
" للتهرب من المراقبة العسكرية كنا نقوم بحشو الخبز بالسلاح والوثائق والذخيرة ثم نقوم بتوزيعه ولم يلحظ الفرنسيون ذلك وتابعنا عملنا السري " |
لويزة أحريز: نعم.. كان يجب أن نجد إمكانية للتهرب من المراقبة العسكرية وقد وجدنا الخبز والخبز كان مرحبا به بيننا الخبز الكبير سواء كان الخبز المستدير أو المستطيل كنا نقوم بحشوه ونخبزه بالسلاح والوثائق والذخيرة ثم نقوم بتوزيعه وكان شيئا مدهشا فلم يلحظ الفرنسيون شيء من ذلك ونحن تابعنا عملنا السري.
سامي كليب: وهل كان هل استمر الأمر طويلا على هذا النحو يعني لم يتم القبض عليكم بسهولة؟
لويزة أحريز: فقد ألقوا القبض على أبي لأن أبي كان قد بدأ بالمقاومة أولا كان علينا الاستمرار لأنهم دفعونا شجعونا على هذا العمل السري لذا عندما تم القبض عليهم تعين علينا نحن الاستمرار.
سامي كليب: في شهر حزيران عام 1956 شاركتِ في أول عميلة قتل لأحد الجلادين الذين كانوا يعذبون السجناء ونقلتي مسدسا كيف جرى ذلك؟
لويزة أحريز: كان خالي الشاب أخا أمي كان عليه هو أن يثير هجوما ضد من يحتجزوا الأخوة المجاهدون في سجن بربروس الذي كان في طريق النصر في أعلى القصبة وكان هناك الكثير من حواجز التفتيش قال لي أنتِ سوف تقومين بحمل السلاح وأنا سأكون إلى جانبك المهم الأجمل هو كيف نقلت السلاح داخل صندوق للأحذية وصلنا إلى حاجز التفتيش كان هناك حاجزان أو ثلاثة قال لي عليكِ بتدبر أمرك انتبهِ عليكِ بتدبر أمرك انتبهِ سوف أتقدم أولا وقد تقدم أولا بالفعل وقام الجنود بتفتيشه تفتيشا جيدا ثم سمحوا له بالمرور وبعدها أخذ يراقبني بعين واحدة ليرى كيف سوف أعبر الحاجز بعدما أصبحت أمام الحاجز لم أهتز ولم أبدِ قلقا لماذا لأنني كنت ممتلئة بتشجيع والدي وأمي وأهلي ومن قبلهم خالي الشاب..
سامي كليب [مقاطعاً]: ولكن خفتي يعني؟
لويزة أحريز [متابعةً]: كنا نخاف لكننا لم نكن نظهر ذلك كان الأدرنالين يتدفق في عروقنا دون شك فنحن لم نكن أناس خارقين ولا نساء خارقات لكننا كنا نتعلم السيطرة على أنفسنا ومع ذلك كيف لنا كبشر أن نتوجه نحو الخطر دون أن نشعر بالخوف حقيقة هذا غير ممكن كان علي إذا أن أجد طريقة على الفور فالحاجز يضغط علي يوقفني وماذا أنا فاعلة؟ أعطيت الصندوق حيث وضعت السلاح إلى جندي التفتيش ثم أعطيته حقيبتي ثم شرعوا في تفتيشي لم يجدوا شيء بدؤوا المزاح عندها كنت جميلة فأخذوا يقولون لي (Baby) كيف حالك؟ هل ستأتين هذا المساء؟ فكنت أقول لهم بالتأكيد سوف آتي كان علي مجاراتهم في المزاح فقد كانت لدي مسؤولية كبيرة والأجمل هو الطريقة التي تصرفت بها أخذت حقيبتي وتظاهرت بنسيان صندوق الأحذية حيث وضعت الأسلحة وبعد دقيقتين صرخوا بي (Baby) لقد نسيتِ صندوق الأحذية فلتفت كما لو أنني نسيتها عندها كنت سعيدة تنفست الصعداء أخذت صندوقي أخذت صندوقي وبعد عشر دقائق من مرور حاجز التفتيش أعطيت السلاح لخالي.
سامي كليب: حين رأيتِ عمك يقتل هذا الجزار المجرم أمام عينيكِ أي شعور انتابك في هذه اللحظة؟
لويزة أحريز: الحقيقة أنها كانت المرة الأولى التي أرى فيها شخصا يُقتل لأول مرة أرى الدم يتناثر أول ردة فعل كانت أن قلت لنفسي المسكين فكرت بأطفاله ثم قلت في نفسي كلا إنه دفاع مشروع عن النفس لكن للوهلة الأولى قلت لكن الأولاد لن يروا والدهم مرة أخرى ثم بعد ذلك قلت لكننا في حالة دفاع مشروع عن النفس وهم قد قتلوا أخوة وأخوات لي في النضال في سجن بربروس الواقع على طريق النصر ليس بعيدا عن السجن المدني في الجزائر.
اعتقال والدها وانضمامها لخلايا المقاومة السرية
سامي كليب: بعد ذلك بفترة قصيرة اعتقل والدك بتهمة طبعا الانتماء إلى خلايا المقاومة ووضع في السجن ولم تعرفوا عنه شيئا وذهبت حضرتك إلى السجن والتقيتيه للمرة الأولى وعثرت عليه بالفعل كيف حصل هذا اللقاء؟
لويزة أحريز: قبل ما كنت نحوس عليه لا.. كنت أبحث عنه فقد كان يعذب بحثت في كل مكان في الجزائر ثم قالوا لي اذهبي إلى الغرب من جوزيريا ذهبت إلى هناك وقلت لهم لقد بعثوني إليكم وأن السيد السعيدي هو هنا اندهشوا لكنني أكدت بأنه قيل لي أنه موجود هنا قالوا سوف نرى ثم أروني والدي ولم أتعرف عليه خمسة وعشرون يوما عذبوا خلالها أبي لم أستطع التعرف عليه.
سامي كليب: في أي حالة كان؟
لويزة أحريز: لم أستطع التعرف عليه ثم نادني فيفي هذا أنا فيفي هذا أنا والدك كانوا قد حلقوا له جهة واحدة من شاربه وتركوا له الجهة الثانية وذلك في محاولة لإهانته فهذه الجهة محلوقة والجهة الأخرى باقية كان رأسه أكبر بمرتين من حجمه والكدمات في كل مكان ثم قال لي فيفي هذا أنا، هذا أنا يا ابنتي حقا كان هذا رهيبا منظر أبي.
سامي كليب: هل بكيتِ؟
لويزة أحريز: كيف ما يبكيش هذا بابا إيش.. قل ما يبكيش؟
سامي كليب: ماذا قال لك هل تذكرين؟
لويزة أحريز: قال لي لقد حلقوا هذا لكنهم لم يمسوا هذا.
سامي كليب: الأنف هو رمز الشرف عند الجزائري وكلمة نيف توازي العنفوان وكان والد لويزة إيغيل أحريز قد فقد شاربه الذي أحبه ولكنه لم يفقد عنفوانه تحت سياط جلاديه أما هي الفتاة الجميلة التي لم تكن قد بلغت التاسعة عشر من العمر بعد فإنها خرجت من السجن وحملت معها صورة الوالد المعذب لتحولها إلى جسر صوب العمل المقاوم تارة في المدينة ثم في الجبال فهي كانت لا تزال على مقاعد الدراسة بينما أخواتها كن قد بدأن بزرع القنابل.
لويزة أحريز: كان على المشاركة في أحزاب التلامذة فقد كنت تلميذة كنت في المرحلة الثانوية انضممت ثم دخلت إلى الكفاح العمل السري هنا في منطقتنا في الجزائر كنت أنقل الوثائق والأسلحة وإضافة إلى ذلك كنت أتعلم.
سامي كليب: بعد ذلك طبعا لُوحقت من قبل الأجهزة الفرنسية بسبب نشاطاتك وذهبت للاختباء أو للعمل مباشرة مع المقاومة في الجبال بدأت تتعاطين بالسلاح مباشرة وكانت هذه طبعا التجربة الأولى لك؟
لويزة أحريز: لكن ما جرحني بعمق هو حركي متعاون مع الاحتلال سلمني لقوات الاحتلال قال لهم تلك الشقراء عليكم الحذر منها إنها عضوة في إحدى المنظمات وأنتم لستم منتبهين لذلك..
سامي كليب [مقاطعَا]: لو سمحت لي يعني فقط لكي نشرح لبعض المشاهدين ماذا تعنى كلمة حركي إذا هم الجزائريين الذين عملوا مع الجيش الفرنسي ضد بلادهم ضد الاستقلال تفضلي.
لويزة أحريز [متابعةً]: هذا لا يشكل أي فارق لدي إنه متعاون خائن إنه جلاد يساعد الفرنسيين وقد كان فرنسيا أكثر من الفرنسيين أنفسهم وذلك من أجل أن يبرز نفسه كفرنسي حقيقي حدث أنهم عندما كانوا يبحثون عني كنت هاربة وتجاوزتهم ببضع دقائق كنت حذرة وكنت أخاطر بأن يُلقي القبض عليّ بالنسبة لحركة المقاومة لن تكن هناك مشكلة فالأشخاص الذين يُجرى البحث عنهم في الجزائر كنا نضعهم في قطاع مركز المقاومة وعندما قامت أختي وأمي كلا بل أختي وحدها لأن أمي كانت معتقلة ويتم تعذيبها قالت لي أختي إن البحث جارٍ عني أعطتني وشاحا وملابس كي أستطيع التخفي والمرور من دون أن يلاحظني أحد وقالت لي اذهبي الآن فصعدت إلى المنطقة الثانية بالفعل التقيت بإخوتي المقاتلين وهناك رأيت بطريقة واقعية كيف تكون المعارك فنحن من كان يقرر كيفية القتال والمناوشة من أجل الحصول على أفضل نتيجة.
سامي كليب: ما لفتني في هذه التجربة في عمليات المقاومة أنكم لم تكونوا تعرفون أي شيء عن بعضكم البعض مثلا هل حضرتك كمناضلة ومقاومة كنتِ تعرفين شيئا عن المناضلة الشهيرة جميلة بوحيرد؟
لويزة أحريز: كنا مقطوعين عن بعضا البعض كي لا نبوح بأي معلومات أو أسماء عند تعذيبنا لكنني كنت أعرف بأنها رامية قنابل جميلة بوحيرد لكننا كان نعرف هذا في حلقات صغيرة فقط وليس جميعها لأن فلانا وفلانا هذا وهذا كانوا في المقاومة السرية من أجل القيام بعمليات خطيرة ومتخصصة.
سامي كليب: كنتِ في ليلة تحرسين مكان اختباء المقاومة ووصل الفرنسيون وحصل اشتباك وقُتل إلى جانبكِ أحد كبار الرفاق في المقاومة واعتقلتِ كيف حصل ذلك؟
لويزة أحريز: نعم.. بالتأكيد كانت ليلة مؤلمة لقد شاركت في صدامات لكن ليس شخصيا أما في هذه الليلة فكنا نحن في هذه الليلة كان دوري في الحراسة كنت المرأة الوحيدة وكان دوري في الحراسة في تلك الليلة وكان المطر يهطل بغزارة كانت ليلة عاصفة ثم قال لي المسؤول وكان اسمي هناك في مركز المقاومة ليلى قال لي ليلى اسمعي إنه دورك في الحراسة كان يجب أن أرتدي الأسود كي لا أظهر في الليل وكنت أدري أن الإخوة الجرحى كانوا بيننا وذهبت لأقوم بدورة الحراسة حول المكان وعند الساعة الثانية أو الواحدة صباحا لم أكن أدري بالتحديد فالهواء يعصف والمطر ينهمر كانت ليلة عاصفة رأيت الإشارة الحمراء..
سامي كليب [مقاطعاً]: كانت إشارة أحد الرفاق لإنذاركم بأن هناك خطر طبعا؟
لويزة أحريز [متابعةً]: أجل كان قد جاء لتحريرنا فقد كان هناك مُمرَن للهرب قبل ولم أكمل حديثي معه ارتميت أرضا من أجل محاولة الاستماع لأنه هكذا تم تدريبنا كي نستطيع تفادي الخطر لكن بما أن المطر يهطل وكان الجو عاصفا لم أستطع لأنه عندما تضع أذنك على الأرض كنت تسمع حركة الشاحنات والمدرعات مقتربة..
سامي كليب: والدبابات؟
لويزة أحريز: لكنني قلت كفى لم أسمع شيئا بسبب المطر والهواء عندها قال لي لم يعد هناك إلا هذا الممر بسرعة إنكم محاصرون عندها ركضت إلى المخبأ حيث كنا حاولنا إجلاء أكبر عدد ممكن من الأخوة الجرحى..
سامي كليب: من الجرحى؟
لويزة أحريز: من الإخوة الجرحى والذي بقي كان باكل سعيد أي الأخير لأنه عندما حاولنا إخراجه كان الممر مغلقا فنزلنا إلى المخبأ قال لي ليلى اذهبي روحي كيف أذهب وأتركه وجراحه بالغة لا أستطيع لا أستطيع أن أترك إنسانا يموت دون مد يد العون إليه قلت كلا وأخذت أمزق جميع الوثائق لأن قوات المظليين كانت تبحث عن الوثائق كي يتمكنوا من توقيف أكبر عدد ممكن من خلايا المقاومة حاولت تدمير أكبر عدد ممكن من الوثائق والباقي منها حاولت إخفاءه ثم بقيت في المخبأ معه بانتظار ما سيأتي كان لدينا أنبوب صغير للتنفس وكنا ننتظر.
[فاصل إعلاني]
لويزة أحريز: كان لدينا أنبوب صغيرا للتنفس وكنا ننتظر.
مرحلة التعذيب المهين في المعتقل
سامي كليب: لم يطل انتظار لويزة إيغيل أحريز والضابط المجاهد إلى جانبه باكل سعيد ضو كانت الثورة الجزائرية في أوجهها والقتال مستعر والمقاومون يواجهون بأجسادهم والأسلحة الخفيفة جيش الاستعمار وأسلحته وبعد أن أفرغت لويزة إيغيل أحريز المستودع من الوثائق اختبأت في تلك الحفرة مع رفيقها حيث كانت الشهادة أقرب إليهما من الحياة فاستشهد رفيقها فجرحت واعتقلت لتبدأ معها مرحلة التعذيب الرهيب كيف حصل الاعتقال حين وصلت إليها القوات الفرنسية آنذاك؟
لويزة أحريز: كنا هنا ننتظر نتسمع وعلينا ألا نستجيب نداءهم على الفور كنا نجلس بصمت لعل ذلك مرتبط بقسوة التعذيب العنيفة وكان هناك أحدهم أظن أنه واحد من الخونة قال انتهينا إنه هنا في المخبأ بدؤوا بالحفر وعلى الفور عندما حفروا كنت هناك مع سلاحي وحزام الرصاص لم أعرف ما حدث لكننا سمعنا سلسلة إطلاقات نارية لم أستوعب علما بأنني من تلقى الطلقات الأولى لكنني وفي مخيلتي بحثت بانتظار الأسوء لا أدري ولكنني لم أشعر بشيء على الفور وأخذت أسمع الجهاد في سبيل الله كان هذا باكل سعيد يُطلق النار ثم صرخ بي قائلا ليلى أعطني حزام الذخيرة الحزام كان بالقرب مني حاولت أن أمد يدي كي أرفع الحزام وأعطيه إياه فانهارت يدي.
سامي كليب: وباكل سعيد استمر أيضا في إطلاق الرصاص على المهاجمين؟
لويزة أحريز: عندها قال لي ليلى أعطني حزام الذخيرة مددت يدي لأعطيه حزام الذخيرة فوقع من يدي كنت مجروحة مصابة في كل هذه الجهة في الرجل واليد وإصابة هنا ثم سمعته يقول أبناء الزنا لستم بقادرين إلا على قتل النساء وبعد أن رأيت ذلك استجمعت قوايا أخذت يدي اليسرى وسحبت حزام الذخيرة وأعطيته إياه بعد ذلك بدأت سلسلة طلقات نارية الواحدة تلو الأخرى أما أنا فبدأت أفقد الوعي لم أعد قادرة على إطلاق النار لأن جهتي اليمنى لم تعد تستجيب لي ثم فيما بعد صرت أسمع صلاته الشهادة الجهاد في سبيل الله كان باكل سعيد يقول ذلك أشهدوا أن لا إله إلا الله محمد رسول الله الجهاد في سبيل الله ثم بعد ذلك لا شيء فقد غبت عن الوعي كنت قد فقدت الكثير من الدم ثم سمعت ابن الزنا وقد أجهزوا عليه لأنهم سحبوه فيما بعد لقد أجهزوا عليه ثم أنا سحبوني وكان هناك أحدهم بين المظليين ورغم أنني تغيرت وأصبح شعري قصيرا وفي ملامحي الكثير من التمويه..
سامي كليب: صبغتي شعرك أسود؟
لويزة أحريز: آه أسود والحموم.. تعرف علي أحدهم وقال أظن أنها لويزة ومباشرة أحجموا عن قتلي لكنني لو علمت ما ينتظرني لتمنيت الموت على الفور لأنني وفي الحقيقة تمنيت الموت فيما بعد تركوني على ضفة النهر لفترة وذهبوا فورا لجلب أمي وأختي..
سامي كليب: من السجن؟
لويزة أحريز: لا ما بقيت الحمام كانوا يعذبوا فيهم في الحمام هناك تحت خرجوها لما جت بالفوطة أمي أتوا بأمي وهي ملفوفة بالمنشفة وأختي الصغيرة كان عمرها أربعة عشر عاما قاموا بإظهاري لأمي والتي هي على دراية بي وعندها كنت قد بدأت أغيب عن الوعي قالت هذه ليست ابنتي لأننا نحن لا نتعرف على أهلنا والأهل لا يتعرفون على أبنائهم هذه هي الحال في الجهاد..
سامي كليب: تعليمات المقاومة؟
لويزة أحريز: إنها الأوامر التعرف محظور لكن أختي الصغيرة ذات الأربعة عشر عام عندما قربوها مني قال قدموها لعندي هي تحت عندي.. شهقت إنها لوزيرة أرجوكم ساعدوا أختي إنها أختي.
سامي كليب: مباشرة بعدها نقلوكِ طبعا إلى المستشفى هل كانت العناية بجروحك يعني جيدة هل استطعتِ أن ترتاحي قليلا في المستشفى؟
لويزة أحريز: أخرجوا الطلقات من جسدي لكن واحدة بقيت لصعوبة إخراجه لكن البقية أُخرجت كسوني بجبائر من الجبس لكنهم وضعوني في غرفة ناحية كان جرحى انفجار الكورنيش فعند باب الوادي كانوا يرقصون ويحتفلون ونحن في عملنا الدفاعي زرعنا لهم عبوة ناسفة.
سامي كليب: يعني وضعوكي مع جرحى فرنسيين؟
لويزة أحريز: أجل ثم تعرفوا علي إذا أنها هي ونحن نعالجها عُوملت معاملة سيئة الفريق الطبي حاول مساعدتي لكن الجرحى لقد حولوني إلى هدف لشوكاتهم وملاعقهم وزجاجاتهم دائما ما كانوا يكسرون قنينة المصل الخاصة بي أرادوا قتلي أخذوا بالاحتجاج بل وكانوا يصرخون لكن في الليل وهو شيء لم أفهمه بل ومازالت لا أفهمه حتى اليوم وأنا أبحث عن هذا الرجل الطيب لا أدري في النهار تعرف على جرحى الكورنيش لكن في الليل كان هناك رجل طيب أذكر ذلك فقد كنت أخرج من تأثير المخدر لأجده يهمس في أذني تابعي.. تابعي لم تتكلمي تابعي على هذا النحو لم تتكلمي لم تقولي شيئا في هذه اللحظة لم أفهم وأول كلمة أردت قولها له هي باكل سعيد أين هو؟ إنه ميت.. إنه ميت لقد ماتوا جميعا هذا ما سمعته كانت إلهاما لي وكانت فرجا لي وليس فرحا لكنها طريقة لخروجي.
سامي كليب: طبعا هذا الرجل الذي جاء وقال لك أنك لم تتحدثي لم تقولي أي شيء وأنت نائمة يعني لا تشعرين وأن باكل سعيد قد قتل ما يعني أنك قادرة على الاستمرار بعدم قول أي شيء للمحققين؟
لويزة أحريز: نعم.. هذا ليس لمصلحتي فإنني محكوم عليها محكومة مدانة لأنه تم القبض علي مع سلاح ومع باكل سعيد وهذا كان كافيا لإدانتي لكن حقيقة معرفتي بأن باكل سعيد قد قُتل مات أستطيع أن أرمي بكل شيء على باكل سعيد وأوقف البحث عن الآخرين كنت قد أسعفت ليس أسعافا كاملا بالطبع لكن طوال شهرين ونصف الشهر من التعذيب حاولوا دفعي للقول أن باكل سعيد ليس هو من حرضني وأنني أنا القائدة والموجهة للتفجيرات ولجميع أعمال المقاومة ولأنني كنت على علم بموته رميت بالمسؤولية عن كل شيء عليه وقلت إنني لم أكن أعرف شيئا بتاتا وأنني كنت فقط أتبعه فقد كان هو المرشد إذا لم أكن أعرف شيئا وبهذه الطريقة أوقفت عمليات التفتيش عن الأخوة وإمكانية كشفهم والقضاء عليهم.
سامي كليب: سيدة لويزة إيغيل أحريز يعني أعرف أنه الأمر صعب جدا بالنسبة لك أن نستعيد ما حصل من عملية تعذيب تعرضت لها في خلال نقلك من المستشفى إلى المكان الذي كان فيه أو كانت فيه فرقة من المظليين الفرنسيين الفرقة العاشرة ولكن ربما للأجيال الجديدة ربما للجزائر وأيضا للدول العربية من المفيد أن يفهم الإنسان ما الذي حصل آنذاك وكيف كانت تمارس عمليات التعذيب هل يمكن أن تشرح لنا ماذا حصل؟
لويزة أحريز: لم أكن أنتظر ذلك كلا كنت أعرف أنهم يهينون الناس ويلحقون بهم الخزي لكن بالنسبة لي كنت أقول إن هذا يحدث للآخرين وليس معي لكنه قد حدث معي في البداية كانوا يعذبونني بالضرب على وجهي لكنهم فيما بعد أهانوني ولطخوا سمعتي شوهوا سمعتي إنه غرزياني لقد أهانني ولطخ سمعتي..
سامي كليب [مقاطعاً]: غرزياني الضابط الفرنسي؟
لويزة أحريز [متابعةً]: نعم إنه نقيب في الجيش الفرنسي الغريب أنه كان يقول أنا غرزياني دون أن يخبئ هويته لم يخبئ شخصيته كان يقول ذلك بكل بساطة كان يتكلم العربية جيدا جدا كان يتكلم جيدا لكن إذا ما العمل وقد كنت في الجبس؟ كل الجهة اليمنى مع جبيرة ربطت يدي بصدري صفيحة رقيقة لتثبيت الجبس لم يكن لدي غير هذه الجهة حرة إذا لقد أخذوا كل ما استطاعوا وللحقيقة فأنا كنت أنتظر ولعل ذلك نابع من الاحترام فأبي كان يحثنا على ذلك هذه هي الحقيقة فعندما تُعذب عليك تذكر القول انتبه.. انتبه لا تقل شيئا لكنك دائما تظن بأن هذا لن يحصل لك بل إنه يحصل فقط للآخرين لقد حاولت الانتحار فليسامحني الله حاولت إيجاد طريقة للانتحار لكنني لم أجد بماذا وهذا أمر رهيب أن تصبح لديك الرغبة لإنهاء حياتك ومحاولة الانتحار دون أن تجد الإمكانية هي أمر رهيب مرعب كنت أفتش عن شيء أو طريقة بيدي هذه فقط كي أقتل نفسي لكنني لم أنجح وهذا ما أجده رهيبا وعندما أسمع بأن أشخاص قد انتحروا أقول على الأقل هم وجدوا الطريقة وصل بي الأمر إلى هذه الدرجة.
سامي كليب: التعذيب كان يحصل كل يوم؟
لويزة أحريز: في البداية كان كل يوم ثم تحول إلى مرة كل يومين أو ثلاثة لكن لماذا؟ سوف أقول لكم لماذا بعد ذلك بدأت أُخرج على نفسي فعلت كل شيء على نفسي.
سامي كليب: لماذا لم تكوني قادرة على الذهاب إلى المرحاض؟
لويزة أحريز: أجل لأن كل هذه الجهة كانت في الجبس كنت ملقاة على سرير صغير يُطوى ويُنقل وأول مرة أردت فيها أن أتبول طلبت من عسكري أن يعطيني وعاء لكي أستطيع أن أتبول بالنسبة لي هو موضع التبول الآخر أخذ يهزئ مني ويقول اسمعوا إنها تُصعب علي حياتي وعملي إذا استوعبت أنه لا يجب الطلب مهما حصل في البداية كنت نظيفة قليلا لكن فيما بعد أصبحت متسخة إذا هكذا ثم بعد ذلك أصبحوا يغتصبونني بآلة غير حادة كل هذا لماذا؟ عندما أتذكر لا أستطيع أن أغفر لهم لقد تخطوا جميع الحدود المعقول ليس من أجل البحث أقول ذلك وأعيده لأنني أقول أنه في كل مرة يقولون لي فيها بأن باكل سعيد قد قال إنكِ أنتِ المرشدة القائدة والمنظمة كنت أجيبهم اجعلوه يأتي كي نستطيع.. حينها كانوا يضربونني إذا هذا كله لأقول بأنني أردت الموت لنفسي.
سامي كليب: قرأت أيضا إنه الضابط الفرنسي غرزياني الذي كان يُعذبك كسّر لكي أيضا (كلمة بلغة أجنبية)؟
لويزة أحريز: كان يأخذ أداة غير حادة يدخلها داخل الجبيرة الجبسية كي يكسرها دون توقف وبما أنني كنت أتألم كثيرا وهذا الشيء لا أتمناه لأسوأ أعدائي لذا ومنذ ذلك الحين أنا أدعم النظام النازي لم أعد أريد ولا أتمنى أنا يقاسي أحد ما قاسيته هذا كل شيء حقيقة لا أدري كيف مازلت حية حتى أن أمي بعد الاستقلال قالت لي لديك سبعة أرواح كما الهرة.
سامي كليب: هل استطعتِ أن يعني على الأقل أن تجاوبي حين كان يطرح عليكِ الأسئلة حين كان يعذبكِ هل كنتِ تقولين شيء أم بقيتي صامتة؟
لويزة أحريز: كنت أستجيب بالكلمات فقط فهذا كل ما كان أو بقي لدي وإذا كنت أتكلم فذلك لأحول انتباه جلادي لأنني لا أدري ما إذا كان هناك أحد غير غرزياني لا أدري تعاملت معهم بطريقة التمويه وقلت أنتم لستم برجال إن لم تُجهزوا علي إذن ما زلتي تريدين حسنا الأمور مستمرة إذا كانت لديهم النية للقضاء علي كنت أحثهم أُجرحهم للقيام بردة فعل سريعة لكن هذا كان أبعد من أن يُفهم أو يُستوعب يقولون أن النازية تسببت في الكثير من الألم لكنني أظن أن جلاديّ قد فعلوا معي ما هو أكثر بكثير.
سامي كليب: طبعا بعض كبار الجنرالات الفرنسيين ومنهم مثلا الجنرال ماسيو أو الجنرال بيجار الذيْن جاءا إلى هنا من أجل القيام بالحرب والتعذيب ينفيان دائما أن يكونا شاركا في التعذيب هل شاهدتي ماسيو أو بيجار فعلا يمارسان التعذيب إن كان عليكِ أو على الآخرين؟
" كنت لدى الفرقة العاشرة للمظليين أي أنني كنت لدى ماسيو، وكنت اسمع العسكريين أثناء أدائهم التحية العسكرية يتحدثون عن بيجار، أي كلاهما شاركا في عمليات التعذيب " |
لويزة أحريز: بكل تأكيد أسمع لم أكن حاقدة أو غاضبة فقد أردت الحقيقة يكفي لقد كنت لدى الفرقة العاشرة للمظليين أي أنني كنت لدى ماسيو كنت لديه أي أنه لم يكن ينتقل بالسيارة أو مع مرافقين أي أنه كان في مركزه بيته وكان يقطع فقط بضعة أمتار ليأتي إليّ أبعد عنه بضع خطوات كنت في أحد المستودعات كنت عنده إذا لن يكن يأتي خصيصا كان يقومن بدورته أو تجواله كان يأتي إلي ويقول لغرزياني هيا هيا يا فاجرة هكذا كان يناديني غرزياني يجيبه لا بأس نحن مستمرون بالتأكيد لم يكن يجيبه بالعربية بل يقول له لا بأس أنها بحالة جيدة أنا بحالة جيدة أما بيجار فقد كان دعائيا بيجار كيف؟ سوف أقول لك بالضبط ولماذا الكذب إنني لا أكذب وما يؤلم قلبي أنه في عذابي في ألمي يقول لي بعض الجزائريين هناك كلا لعل ما حدث لم كان على هذا النحو، لا يوجد لعل ولم يكن فقد كان يتنقل بطائرة مروحية لم يكن ينتقل في سيارة أو مدرعة كانت لديه طائرة مروحية وكان ينتقل فيها لقيته مرة أو اثنتين أو ثلاثة أو أربع مرات لا أذكر لا أدري وكيف عرفت أنه هو وقد كان معروفا في الإعلام لذلك تعرفت عليه لكنه من الممكن ألا يكون هو لكنني كنت أسمع العسكريين أثناء أدائهم التحية العسكرية ثم كان العسكريين يتحدثون إنه الكولونيل بيجار، بيجار إذا بيجار ومارسو وكأنهم يقولون ها نحن وذلك لأنهم كانوا يريدون أن يبقوا أعينهم على جميع أماكن التعذيب والمعتقلين.
سامي كليب: هل كانوا يعصبون عينيكِ؟
لويزة أحريز: لا أبدا كنت عريانة.
سامي كليب: اسمحي لي بسؤال يعني أعرف أنه صعب ولكن الوالدة عُذبت وأيضا بعض شقيقاتكِ هل كان الاغتصاب عملية يعني تحصل بشكل دائم آنذاك من قبل الفرنسيين أم حضرتكِ يعني الوحيدة التي تعرضتِ لهذا النوع من التعذيب؟
لويزة أحريز: لا أبدا إن الاغتصاب كان قائما لكن أحدا لم يتحدث عنه من مفهوم الاحترام أما بالنسبة لي أَتَعْلَم عندما كنت بالسجن؟ لم نكن نتكلم عن التعذيب أمي أول شيء قالته لي هل اغتصبوكِ؟ لقد وجدت هذا رهيبا، رهيبا في النهاية قبلت بسؤالها هذا فهي أمي مع كل الممنوعات والمحرمات والتقاليد كنت في حالة نفسية محطمة وأمي تهتم بذلك هذا صعب للغاية فأولا كان يجب عدم الكلام عن هذا..
سامي كليب: خبرتيها إنه حصل؟
لويزة أحريز: خبرتها.. قلت لها نعم ماما هي اللي قالت لي يا هل يا ترى قلت ها يا ماما شوف كيف نواسي خلاص نصي أراه في الـ (Blood) كفاية ما نجيتش وسوى نجبوه للي حبوه ما نجبش يا ناس يا ماما قالت لي تنوي قتلي ما تقوليش ما تهاضريش وما تقوليش خمس سنين حبس الخيات ما يتكلموش أبدا عن هذا اللي العذاب ما يتكلموش على هذا كأن ما (عبارة غير مفهومة) وفي حياتي أنا يامّا ما بيهمه أنا الشك كان بس مش بيحضر ببناتنا وعلاش دوكها بالضبط بابا مات الله يحموه ماما كانت مازالت بين الحياة والممات وأنا قلت لما أخلي الحاجة للجيل الجديد.
سامي كليب: لم يكن سهلا على لويزة إيغيل أحريز المناضلة الجزائرية أن تخبر أمها بأنها اغتُصبت ولكنها فعلت خلافا للكثير من المناضلات الجزائريات الأخريات اللواتي فضلن دفن السر مع الكثير من الصور صور العذاب ولكن هل تختفي صور القمع والتنكيل والاغتصاب لويزة إيغيل أحريز سعت لأن تنسى تارة عبر طبيب نفسي وتارة أخرى من خلال دراسة علم النفس وتعلمت الرسم على أمل أن تعكس في لوحاتها مكامن النفس وعذاب الروح وهنا في منزلها المطل على العاصمة الجزائرية كانت تجلس كل مساء حاملة ريشتها وألوانها لتنسى ذاك اللون القاتم الذي عرفته في خلال الاعتقال ولكن هل نسيت فعلا؟
لويزة أحريز: إنها جراح مفتوحة ودائمة لم أكن أستطيع النوم دون كوابيس لم أستطع التحدث بصراحة عن التعذيب دون أن أجهش بالبكاء هذا يكفي لا أستطيع حتى الآن لا أستطيع لقد ذهبت تلك الأيام لكنني لم أرتح حتى الآن لا أتمنى للكلب أن يعاني مما أجبرني الجلادون على معاناته هذا كل شيء.
سامي كليب: من الصعب أن تنسى هذه المناضلة الجزائرية كيف عُذبت واغتُصبت ولكن تحرير الجزائر من براثن الاستعمار أعاد إليها ولأمثالها من أبطال التحرير كرامة كادت تضيع فحاولت لويزة إيغيل أحريز العودة إلى حياتها الطبيعية وترأست الفدرالية النسائية ودخلت في عالم السياسة وتزوجت ولكن حتى الزواج في هكذا الظروف لا يمكن أن يكون طبيعيا.
لويزة أحريز: لقد تزوجت وكان زواجا عن حب لكن الذكريات كانت تعاودني دائما ربيت أولادي مكررة دون توقف غرزياني قام بتعذيبي وتربى أولادي في عين هذا العذاب وفي أحد الأيام كنت سأخنق زوجي لأنني ظننته من المظليين الجلادين وتظن أن هذا أمرا طبيعيا زوجي يفهمني يساعدني لكنني لا أعيش حياة طبيعية أحاول أن أنسى أن أتجاوز أن أتكلم دون حق أن أتكلم لا بتسامح ولا بحق لكنني أريدهم أن يعلموا كي يستطيعوا مساعدتي على تجاوز هذه الحالة لأستطيع ولو لمرة واحدة منذ اعتقالي أن أغلق عيناي وأن أنام نوما هادئا.
سامي كليب: بكت هذه المناضلة الطويلة في خلال الحلقة وأخبرتني كيف قدمت دعوى في فرنسا وكيف نشرت كتابا تخبر فيه تاريخها ولكن ومع استعداد شمس الجزائر للمغيب خلف البيوت البيضاء بقي عندي سؤال لم أطرحه على هذه المناضلة المجاهدة الصابرة والشريفة هل أن الجيل الجديد لا يزال يعرف عنها شيئا حتى اليوم؟