
حسن أبو سعدة.. قصته في الحب والحرب
– حرب أكتوبر وكيف بدأت
– المعركة قبل كل شيء
– زواج في قلب المعركة
– عن الحرب والسلام
سامي كليب: مرحبا بكم أعزائي المشاهدين إلى حلقة جديدة من برنامج زيارة خاصة ضيفنا بلغ الثالثة والسبعين من العمر وللرقم عنده ذكرى مجيدة فعام 1973 نجح في سحق لواء إسرائيلي كامل من المدرعات وأسر قائده إنه الرجل الذي قضى في الحرب أكثر من ثلاثين عام وهو في الجبهة وبقلب الأسد خفق هذا القلب أيضا لسيدة شهدها في المرة الأولى وهو في المتراس، بين الحرب الحب قصة عمر يرويها لنا الفريق المصري المتقاعد السيد حسن أبو السعدة، هذا الطفل الوديع هو الذي سيصبح لاحقا أحد أبطال الحرب المصرية ضد إسرائيل إنه الفريق حسن أبو سعدة ولكن إذا كان الأطفال يحسنون كثرة الكلام لشد الانتباه إليهم فإن الفريق أبو سعدة الذي استقبلني في بيته الأنيق في القاهرة ليس من النوع الذي يقبل الكلام بسهولة فهو كمعظم القادة الفعليين يعتبر أنه قام بواجبه وأن لا حاجة لكلام البطولات ثم إنه يعتقد بأن ما سيقوله لنا قد يدخل في نطاق الأسرار العسكرية ولولا مساعدة زوجته الصحفية السيدة سهير لما كان قبل أن يحدثنا عن تلك المعركة التي قادها وانتصر فيها ضد إسرائيل انتصار تحقق عام 1973 وجاء ليمحو وصمة الذل التي أصابت العرب وزعزت الجيش المصري عام 1967.
" |
حسن أبو سعدة: الحروب بتفرض على الدولة 1967 كانت حرب مفروضة على مصر وكان لازم الجيش يخوضها وكان لازم الجيش يؤدي فيها واجبه للأسف النكسة دي ما كنش سببها الجيش المصري مكنش الجيش المصري هو اللي هُزم لأنه كان جيش ضعيف أو كان جيش سيئ أو كان جيش ميقدرش يحارب، الظروف السياسية هي اللي هزمت وهي السبب وراء كل ما حدث لأن مش الجيش المصري اللي يحصل له اللي حصل ده الجيش المصري أقوى من كده والجيش المصري اللي فيه جزء كبير أوي أنا أعرفهم ومش دول الناس اللي تحارب وتكون نتيجة الحرب كده.
سامي كليب: سيادة الفريق يعني طبعا في العودة إلى تاريخك العسكري ودَّدت أن نقرأ عدد الأهرام جريدة الأهرام المصرية الصادر في يوم 10 أكتوبر من عام 1973 يقول في العنوان طبعا يوم مجيد للقوات المسلحة المصرية وفي الخبر أن القوات المسلحة المصرية سجَّلت أمس يعني في التاسع من شهر أكتوبر عام 1973 سجَّلت يوما مجيدا من القتال البطولي في جبهة سيناء وخاض فيها الرجال بصلابة عدة معارك طاحنة مع العدو وكسروا فيها موجات متتالية من الهجوم المضاد الذي قام به العدو، كانت بداية اليوم اشتباك في ساعات الفجر أو اشتباكا في ساعات الفجر الأولى مع اللواء الإسرائيلي المدرع رقم 190 ومع شروق شمس النهار كانت كل دبابات اللواء الإسرائيلي ومدرعاته قد تحوَّلت إلى حطام واستسلم قائده أي قائد اللواء الإسرائيلي العقيد عساف يجوري ومعه مئات من جنوده، حين تسمع اليوم يعني بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على هذا الخبر الذي كنت حضرتك سيده وبفضلك طبعا تحقق هذا النصر كيف تشعر اليوم بعد مرور كل هذه الفترة؟
حسن أبو سعدة: أولا أقول الفضل لله مش ليَّ الحاجة الثانية إن يعني أشعر بالرضا عن نفسي وعن تاريخي أشعر إنه ضابط عسكري أتعلم فعلا ونتيجة التعليم إنه قدر يحقق هذا النصر وغيره من الانتصارات النصر مهوش مجرد أمنية النصر هو عمل أنت بتقوم به وبتسعى ليه وبتخطط له وإلا لن يتحقق.
سامي كليب: بالضبط في الحديث عن تخطيط سيادة الفريق يعني ودَّدت أن نعرف قليلا ما الذي حصل آنذاك وكيف استطعتم الانتصار على هذا الجيش الإسرائيلي الذي كان يقال أنه جيش لا يُقهر؟ في البداية يعني طبعا كان هناك خط بارليف الشهير تحصينات عسكرية إسرائيلية يعني حتى اليوم يُحكى عنها قناة السويس كانت يعني مفخخة بألغام كثيرة من المستحيل عبورها، كيف خططتم لهذه الحرب وهل كنت واثقا أنكم يمكن أن تنتصروا مثلا فيها؟
حسن أبو سعدة: الجزء الأخراني من السؤال أحب أقول عليه إن أنا فعلا كان عندي ثقة كبيرة في نفسي وفي جنودي وفي الخطة اللي وضعتها عشان إن أقدر أحقق هذا النصر، الجيش المصري جايز يكون هناك نقص في بعض الأسلحة أو في بعض المعدات وإسرائيل لم تكن تعاني إطلاقا من أي نقص في المعدات ولا الأسلحة لأن أميركا كانت وراها باستمرار.
سامي كليب: بس السوفييت كانوا وراكم كمان.
حسن أبو سعدة: والله بس فيه فرق بين العطاء السوفييتي والعطاء الأميركي في فرق بين بإنك تدي بحساب لكي تسيطر وإنك تدي بدون حساب لكي ينتصر السلاح الأميركي.
سامي كليب: أي أمر كان الأكثر صعوبة في الإعداد لهذه الحرب خصوصًا إنه كان طبعا كل الكلام والتحصينات تفيد بإنه من المستحيل تقريبا عبور قناة السويس؟
حسن أبو سعدة: أيوه كان فعلا عبور قناة السويس بكل هذه القوات وإنها تصل إلى الضفة الشرقية من القناة في وقت واحد وتؤدي مهامها بشكل جيد كانت هي دي النقطة الأساسية يعني يمكن.. إحنا بالنسبة لنا كان إسرائيل عبارة عن نقط حصينة على قناة السويس وفي نفس الوقت لها احتياطات بتخدمها في الخلف فكان يعني خطتنا بشكل بسيط إن إحنا نفصل بين الاحتياطيات اللي في الخلف ونمنعها من الوصول للنقط الحصينة والنقط الحصينة دي نعمِّيها عشان متشوفش القناة لغاية ما نعبر وبعد كده بنحاصرها ومن إلى أن نجبرها على إنها تسلم أو تدمَّر وفعلا بعض النقط الحصينة سلمت وخرجوا الجنود الإسرائيليين رافعين إيديهم.
سامي كليب: نعم على كل حال عندنا صور كثيرة وطبعا الفضل لك إنك احتفظت ولزوجتك السيدة سهير إنه احتفظتما بكل هذه الصور الجيدة والوثائقية المهمة فقط بالنسبة لقناة السويس أيضا سيادة العميد الفريق بالأحرى كنت آنذاك عميدا يقال إنه قناة السويس كان فيها نوع من الألغام الحارقة يعني كان ممكن أو ربما الأنابيب الحارقة في القناة كما فهمت وكان إذا دخلتم إلى القناة يعني ولم تعطلوا كل هذه الاستعدادات كان من الممكن حرق الجيش المصري.
حسن أبو سعدة: كانت إسرائيل حطه أنابيب لضخ مواد حارقة أمام النقط الحصينة المواد دي كانت بتعلق أو يعني تبقى طافية على مياه قناة السويس فكان لابد أن إحنا نسد هذه الأنابيب قبل ما نعبر وفعلا عبروا عناصر من الناس يجيدوا السباحة بملابس خفيفة جدا وبسلاح..
سامي كليب: [مقاطعا] من الجيش المصري؟
حسن أبو سعدة: من الجيش المصري وسدوا هذه الأنابيب.
سامي كليب: إسرائيل كانت متحصنة تماما عام 1973 وكانت لا تزال مؤمنة بأن ضرب الجيش المصري عام 1967 سيتكرر لو أن مصر تجرأت على المواجهة ولكن مصر قرَّرت تحقيق نصر يسمح لها بخلق نوع من التوازن تمهيدا للسلام المقبل وكان ضيفنا الفريق حسن أبو سعدة لا يزال آنذاك عميدا وقائد فرقة وفيما هو على الجبهة يستعد للقتال بادرت إسرائيل بالإعداد لهجوم معاكس بين السابع والثامن من شهر أكتوبر عام 1973 فكيف نجحت خطة أبو سعدة بسحق اللواء الإسرائيلي وأسر قائده؟
حسن أبو سعدة: نجاح الخطة المصرية كان أساسه هو أنك تمنع العدو الإسرائيلي من أنه يصل إلى قناة السويس مقصدش العدو اللي في النقطة الحصينة أقصد العدو الاحتياط، دي نمرة واحد واللي كان بيتعامل معاه فيها هما العناصر اللي دفعناها دي زائد المدفعية زائد دوريات استطلاع كانت موجودة من قبل ما نبتدي نعبر قناة السويس عشان لازم أعرف العدو بيعمل إيه وإبتدى أمتى وأتحرك إزاي وأتعامل معاه.
سامي كليب: سمعت أيضا سيادة اللواء أو قرأت بالأحرى أنه إلتقطم إشارات أنه هجوم سيبدأ بعد الهجوم المعاكس بعد عشرين دقيقة وكانت الرسالة باللغة العبرية فوضعتم تقريبا 15 خمسة عشر دقيقة لفك الرموز والشفرة وبقي خمس دقائق فقط للاستعداد لصد الهجوم صحيح هالكلام؟
حسن أبو سعدة: لأ يعني يمكن في جزئية مش صحيحة إحنا فعلا التقطنا الإشارة وإتفكت وأتعرف إيه المضمون وفي الحالة دي مش هنستنى نعرف تفاصيل هجوم ولا قوتهم من إشارة إحنا فورا بغض النظر حجمه قد إيه بنرتب أوضاعنا وبنبعت دورياتنا بحيث نقدر نعرف من الأرض العدو جاي منين قوته قد إيه هيعمل إيه وده اللي حصل وعشان كده قدرنا نصد هذا الهجوم المضاد وندمره.
سامي كليب: حضرتك على ما يبدوا أيضا اخترعت بعض الطرق الجديدة في ضرب الدبابات الإسرائيلية ومنها ما يسمى بالمصطبة للدبابة فقط أود أن تشرح لنا ماذا كنت تقصد بهذه المصطبة وهل فعلا أدت إلى نتائج هامة؟
حسن أبو سعدة: مصاطب الدبابات ده موضوع ثاني يعني هي الفكرة كلها أنت يعني الحاجة أم الاختراع وإحنا إسرائيل كان معظم أسلحتها دبابات وكان لازم يعني إحنا نتصرف معهم بالطريقة اللي تخلينا نقدر نواجه هذه الدبابات.
سامي كليب: وخصوصا أنه إسرائيل تعتمد على المناورة في الحرب.
حسن أبو سعدة: أه فمصاطب الدبابات ده كان أسلوب دفاعي لمواجهة الدبابات الإسرائيلية وتدميرها، أنت بتجهز الموقع بترتبه بحيث أن يبقى تنقي المواقع البارزة وتعملها مصطبة الدبابة بتاعتك تقدر تقف عليها أو وراها وبتضرب على الدبابة المعادية.
سامي كليب: يعني تصير دبابتك أعلى من الدبابات المعادية؟
حسن أبو سعدة: مش أعلى تقدر تضرب ممكن يبان مدفعها ممكن يبان البرج ممكن تبقى واطية وتضرب الدبابة أول ما تبرز من فوق تل أو من فوق خط جبلي مثلا هي الفكرة كلها أنت بتستخدم الأرض وهو بيستخدم الأرض أنت بتستخدم بما يناسب أسلحتك وهو بيستخدم بما يناسب أسلحته والشاطر يغلب.
سامي كليب: وأصطادتم دبابات كثيرة بهذا الأسلوب؟
حسن أبو سعدة: نعم طبعا.
سامي كليب: وهناك أيضا طريقة أخرى قرأتها يعني ما يُسمى بأسلوب أرض القتل أسلوب أرض القتل في اصطياد الدبابات المعادية يعني ماذا كنت تعني بهذا الأسلوب بالضبط يعني ما هو تحديدا؟
حسن أبو سعدة: هو يعني تركيز النيران بتاعت الدفاع بتاعت القوات بتاعتك على مناطق معينة أنت تكون واثق ومتأكد أن دبابات العدو هتدخل منها فأول ما دبابة العدو بتدخل فيها بتضرب عليه بكل الأسلحة بتدمرها شوف أنا عايز أقولك على حاجة.. الإسرائيليين يعني مقدرش أقول إن هم مقاتلين جبناء أبدا هو جيش بيدافع وبيحارب عن عقيدة وجيش بيحاول أنه ينتصر عشان ينشئ دولة في أرض مش بتاعته كل ده بيخليهم أن هم يبذلوا أقصى مجهود عندهم.
سامي كليب: هل كنت تشعر بذلك على الأرض؟
حسن أبو سعدة: أنا كنت بأشعر بأن عندهم إصرار أنهم ينفذوا المهام بتاعتهم كوني أن أنا أنتصر أو كوني أكسر إرادته دي مش معناها أن هو مكنش عنده إرادة يعني من العبث أن إحنا نتكلم ونقول إحنا الأبطال وهما جيش مكنش بيحارب يعني.
سامي كليب: يعني أنا أطرح عليك سؤال سيادة الفريق لأنه قيل الكثير أنه قائد اللواء الإسرائيلي المدرع الذي سُحق عمليا السيد يجوري هو سلم نفسه يعني لم تقبضه عليه بقدراتكم وأنه هو الذي تقدَّم اتجاهكم رافع يديه ما حقيقة ذلك يعني كيف قبضتم على يجوري؟
حسن أبو سعدة: أنا بس عايز أسألك بالعقل.
سامي كليب: تفضل.
حسن أبو سعدة: فيه قائد لواء مع اللواء بتاعه بيحارب والأخر يسيبهم ويطلع لقدام ويرفع إيديه ويقول سلمت مش ممكن.
سامي كليب: يعني على كل حال أنت قرأت مثل هذه الاتهامات ورديت عليها.
" |
حسن أبو سعدة: كان العقيد جوري كان قائد لواء يقاتل بقواته وحصل عنده خسائر كثير وهو قيادته مكنش معاه حجم كامل من القوات وكان واضح أن ده قائد أو عنصر بارز في هذه القوات فكان النتيجة أن إحنا دفعنا جزء من قواتنا يطوقوه يحاصروه فلما حاصروه هو وجد نفسه معهوش قوى كفاية عشان يقاتل فنزل وسلم نفسه.
سامي كليب: حضرتك لو كنت مكانه ماذا كنت فعلت هل كنت انتحرت أم سلمت نفسك؟
حسن أبو سعدة: سؤال صعب لأن ده تصرف تلقائي ساعتها الله أعلم هسلم نفسي ولا هنتحر ولا هضرب لغاية ما أموت مقدرش أقولك دلوقتي لا د أنا جدع وشجاع وهموِّت نفسي ومش ممكن أسلم نفسي.. يبقى كلام عبث الحقيقة ده موضوع بشري يتعلق بشخص كل واحد وبطبيعته البشرية هل هو عنده الجرأة وعنده الشجاعة إنه يكمِّل ولا يعني هيخاف وهيسلم صعب جدا على أي قائد عسكري إنه يسيب قواته ويسلم نفسه ويبعد عن هذه القوات لأن الأمان له إنه يستمر مع هذه القوات.
سامي كليب: طيب حين بدأتم يعني طبعا بدأت بالعبور عبور قناة السويس فهمت أنك كنت في القارب الأول تقريبا الذي عَبَر القناة صحيح الكلام؟
حسن أبو سعدة: لا مش القارب الأول أنا كنت في الصف الثاني من القوارب أنا كان مفروض يكون ترتيبي في الصف السادس من القارب لكن أنا كنت عايز أكون قدام ليه يعني مطلوب عند حدوث الحوادث أو يعني التصادمات أشوفها بعيني عشان أخذ قرار، أية فائدة إن أنا أبقى في الصفا السادس وأنا في المياه والناس بتحارب فوق ويبلغوني كلام ما أقدرش أعمل فيه حاجة فإني أحسن أخاطر وأعبر قدام شوية ولا أنام وراء في الضفة.
سامي كليب: رغم إنه المعلومات العسكرية عادة القائد يبقى في الخلف كي يدير المعركة.
حسن أبو سعدة: أيوة في الهجوم لكن ليس عند عبور الموانع المائية لأن أنت عاجز وأنت بتعبر نهر أو ترعة أو مجرى مائي زي قناة السويس وبتعبره بأية.
سامي كليب: في خلال العبور طبعا اخترع المصريون والجيش تحديدا وسائل للعبور السريع وبالفعل نجحت هذه الوسائل ووفق ما فهمت إنه أيضا يعني حاولتم يعني خلق نوع من البلبلة بالنسبة للجيش الإسرائيلي بالنسبة للطائرات الإسرائيلية التي تقصف وأقمت جسورا اصطناعية أو على الأقل عبارات اصطناعية قصفتها إسرائيل كيف استطعتم بناء الجسر والجيش الإسرائيلي يقصف عليكم؟
حسن أبو سعدة: يعني هو الموضوع فيه جزأين الخطة الخداعية يعني عملنا كباري خداعية وعملنا معابر خداعية ومعديات خداعية وعملنا دي طبقا لخطة وبيبقى لها مهمات وأدوات مخصوص وناس معينين هم اللي ينشئوها ويجهزوها وفي أماكن أنا بحدِّدها أما مسألة إن أنا أعمل يعني أعمل ده وأعمل ده يبقى مش مضبوط لأن أنا مسؤول مجرد عبور قواتي إلى الضفة الشرقية.
سامي كليب: في خلال عبورك سيادة الفريق كان القصف متواصل عليكم؟
حسن أبو سعدة: كان القصف على القوات كلها وليس علي أنا بشكل خاص لأن عليَّ أنا بشكل خاص كان أكيد زماني في رحمة الله.
سامي كليب: سيادة الفريق يعني في خلال العبور طبعا كما تتفضل القصف كان على كل القوات هل كنت تشعر أنك ستعبر القناة بسلام هل كنت تخاف في هذه اللحظات الحرجة من أن تقتل في المياه؟
حسن أبو سعدة: ساعة أنت ما تخش في الدش علشان تأخذ دش بتبقى ضامن أنك هتأخذ دش كامل ولا هتسيب الدش وتمشي عايز أقولك على حاجة..
سامي كليب: تفضل.
حسن أبو سعدة: القتال قتال وإذا أنت فكرت في نجاتك وسلامتك الشخصية فلن تقاتل يحصل اللي يحصل النتيجة أية مش مهم لكن لابد وفي في التعليمات العسكرية التسلسل قيادي يعني لو أنا مت مين هيتولى القيادة أي إنسان في الدنيا بيخاف عند مواجهة الموت بيخاف.
سامي كليب: ولكن يقال إنه يقال سيادة الفريق أسمح لي إنه الإنسان حين يكون في قلب المعركة لا يفكر لا بالخوف ولا بالموت؟
حسن أبو سعدة: مهو ده إمتى هي الخوف ده بيبقى لحظة في البداية زي ما بتأخذ دش ولحظة دخولك الدش في الأول بتحس إنه المياه ساقعة ويمكن تكش ويمكن تطلع من تحت الدش لكن مجرد ما بتدخل وبتفوت اللحظة الأولانية بتبقى خلاص.
سامي كليب: يبدو إنه الدش بيخوفك أكثر من الحرب.
حسن أبو سعدة: لا الدش بيخوفني ولا الحرب بتخوفني أنا عايز أقولك على حاجة الإنسان له عمر واحد والموت مش هو اللي يخوِّف اللي يخوِّف إنك أنت يعني تنتهي المعركة وما تنفذش المهمة ولا تنفذ اللي في مخك اللي أنت خططته.
سامي كليب: سيادة الفريق أنا سمعت إنه طبعا وهذا دليل على رباطة جأشك وعلى برودة أعصابك حتى في عز المعركة إنه في خلال عبورك القناة سحبت سيجارة من جيبك ودخنت بل وسمحت للذين معك بأن يدخنوا أيضا.
حسن أبو سعدة: حصل.
سامي كليب: وكانت المعركة مستمرة.
حسن أبو سعدة: حصل أصل عايز أقولك على حاجة.
سامي كليب: تفضل.
حسن أبو سعدة: القائد مسؤول عن إنه يبث في روح معاونيه واللي تحت قيادته الاطمئنان والإحساس بعدم المبالاة بالمخاطر اللي قدامهم ده بيجي من أية من أنك بتقاتل وبتدي أوامر وبتسمع أخبار وبتدي أوامر ثانية وده بيشتغل ما فيش حد فاضي عشان يفكر في والدته ولا يفكر في إنه يموت ولا يعيش.. أنت بتنفعل بالمعركة وبتعيش فيها وبتنسى كل شيء سواها مسألة إنك تموت تأكد كل اللي بيموتوا في المعارك بيموتوا وهم مش حاسين مش واخذين بالهم.
سامي كليب: كنت عم بتفكر بهذه اللحظات بزوجتك السيدة سهير خصوصا أنكم كنتم متزوجين حديثا.
حسن أبو سعدة: إطلاقا في اللحظة دي أنا كنت أفكر في أني أزاي المعركة تمشي زي ما أنا عايز.
[فاصل إعلاني]
سامي كليب: كان الفريق حسن أبو سعدة متزوج لتوه حين خطفته ساحات القتال والمعارك مع إسرائيل وكان على الجبهة حين شاهد على التلفزة المصرية المذيعة الجميلة التي أصبحت زوجته، فهل أن نار القتال هي التي أوقدت جذوه الحب في قلبه وهل أنه لم يفكر فعلا بزوجته وهو يقود معركته الشهيرة ضد اللواء الإسرائيلي المدرع للإجابة على هذه الأسئلة استأذنت الفريق حسن أبو سعدة بأن تنضم إلينا زوجته السيدة سهير لتقول لنا كيف عاشت تجربة حرب عام 1973 حين كان زوجها أحد قادة المعارك.
سهير الأتربي: أنا فوجئت زي أي واحدة أو أي واحد بيذيعوا إن الحرب قامت وإن جيشونا عدت ماتتصورش يعني ساعتها إحساس مش هقدر أوصفه لك.
سامي كليب: طيب سيدة سهير يعني اسمحي لي بالمقاطعة لأني أشاهد اليوم بعض المجلات وهي كثيرة في الواقع التي تتحدث عن قصة زواجك بسيادة الفريق يعني يمكن أن يفهم إنه كانت أيضا قصة الزواج لافته يعني هو تعرف عليكِ وهو في الجبهة كيف حصل ذلك؟
سهير الأتربي: أنت مصمِّم.
سامي كليب: نعم.
سهير الأتربي: شوف أنا كان عندي زميل أسمه الله يرحمه عبد الرحمن علي عبد الرحمن كان بيروح يسجل في الجبهة ويرجع فجالي في يوم من الأيام قال لي أنا كنت قاعد مع ضابط ممتاز وعبد الرحمن كان يحب حسن أوي أوي والتليفزيون أتفتح ولقنياكي طالعة في التليفزيون فهو بيسأل عليكِ بيقول يعني مين وكده فأنا قلت له إن دي زميلتي وأنا وهي داخلين التلفزيون سوا وقال لي يعني بعد شوية إبتدى يقول لي طيب يعني ممكن يجي يقابلك وهو كان عارف إن أنا منفصلة بقالي فترة بس أنا ما كنتش نويت إن أنا أتجوز قلت لا خلاص يعني الحمد لله كان عندي ولدين وحبيت إن أنا أربيهم وكنت عايشة مبسوطة والحمد لله ما فيش عندي مشاكل.
سامي كليب: طيب آنذاك طبعا.
سهير الأتربي: لكن ده القدر.
سامي كليب: لا شك آنذاك كان طبعا بدأ الاستعداد للوضع الحربي إذا صح التعبير لوضع عسكري وكان يغيب منذ البداية وبعد فترة قصيرة من الزواج ذهب إلى الجبهة فعليًا واتصل بكِ على ما يبدو يوم العبور على قناة السويس؟
سهير الأتربي: هو مش نفس اليوم الحقيقة لأنه أول ما ركب التليفون يعني أنا طبعا أنا لما عرفت أنهم عبروا قلت الحمد لله يعني أنا زي أي مصرية أنا فرحت جدا وقلت يعني أكيد إن شاء الله يكون عَبَر ووصل بالسلامة بس أنا ما كنش عارفة أية الحالة بالضبط يعني ما كنش قدامي حاجة غير أني أصلي وأدعي لربنا وأقول يا رب رجعهم كلهم بالسلامة فحقيقي ما كنش.. المشير أحمد إسماعيل الله يرحمه قال لي أنتي وشك حلو علينا عشان أنتي أخر عروسة عندنا.
سامي كليب: سيادة الفريق حين اتصلت بالسيدة سهير وهي طبعا زميلة لنا وأستاذة قبلنا.
سهير الأتربي: لا أستغفر الله العظيم.
سامي كليب: لأنه كانت في التلفزيون المصري طبعا وكانت رئيسة للتلفزيون المصري حين اتصلت بها من الجبهة هل تذكر ماذا قلت لها بعد عبورك وبعد ذاك النصر الكبير؟
حسن أبو سعدة: طبعا يعني كان لابد إنه أتصل أحسسها إن أنا موجود وأوريها إن أنا مهتم وأفهمها.
سهير الأتربي: بس أنت كنت مهتم فعلا.
" |
حسن أبو سعدة: أيوة ويعني إن الحمد لله الموقف على الجبهة كويس وإن إحنا حققنا انتصار وعبرنا القناة وقدرنا نكسر القشرة الأولانية لأوضاع القوات الإسرائيلية وقدرنا ندخل لعمق القيادات بتاعتهم وقدرنا نحقق انتصارات عليهم، المسألة كانت يعني مش إن أنا أقول أية اللي بيحصل المسألة كانت الأهم في مخي إن اللي بيحصل ده يحصل بالشكل وبالطريقة اللي أنا عايزها لأن أنا مسؤول وفي ذمتي أرواح المقاتلين اللي عبروا معي واللي وثقوا فيا واللي أنا مسؤول عن قيادتهم.
سامي كليب: وفي ذمتك أيضا زوجة يعني كانت تنتظر، سيدة سهير كنتِ طبعا قلقة عليه؟
سهير الأتربي: جدا.
سامي كليب: وهو في الجبهة.
سهير الأتربي: طبعا عليه وعلى كل الحقيقة اللي بيحارب يعني بس أنا هقول لك هو لما كلمني في التليفون مش صوته خالص أنا سمعت واحد صوته مبحوح حشرجة يعني بالكاد قدرت أفهم إن ده حسن اللي بيتكلم فالحقيقة قلت الحمد لله إن هو سليم وعايش إية اللي حصل في صوته أنا معرفش قال لي إني أنا بقالي يومين ما نمتش.
سامي كليب: يعني طبعا هذا جو المعركة كان على الأرض.
سهير الأتربي: وأول ما ركبت التليفون أنا اتصلت وبعدين أنا الحقيقة رحت على طول كلمت أستاذة همت مصطفى وهي كانت رئيستي في العمل وقلت لها يا مدام همت أنا حسن إتصل وسألته ما فيش تليفزيون جالكم لأ ما فيش قلت له فورا إحنا بنعمل مجموعة عمل وتطلع الجبهة وشوفي هنأخذ إذن إزاي تصوَّري التليفزيون ما صورش الحرب فالحقيقة لا والله يعني الحقيقة كان بيشغلني جدا إنه لازم الحرب تكون مسجلة يعني أعملوا اتصال بقى بالجيش اعملوا اتصال هنا.. هنا لكن أنا قلت لابد قلت له طبعا هيرجع حسن مش عارفة أكلمه الغرور راكبه خلاص لكن لابد أن أنا كمان أعمل عمل فالحقيقة يعني الست ما أتأخرتش خالص وجالك نبيل هاشم عملنا جروب سريع واللي قدر منهم يروح على طول راح وجيش القوات المسلحة ساعدتها.
سامي كليب: حضرتك كنتِ ترغبين بالذهاب إلى الجبهة كصحفية؟
سهير الأتربي: ما كنش هو يرضى أنا كان نفسي لكن ما حبتشت أعمل له قلق، يعني أيوة أنا بشتغل في التليفزيون وحسن إتجوزني وأنا بشتغل في التلفزيون لكن أنا ما ليش دعوة بشغله وهو ما لوش دعوة بشغلي وهو حس؟
حسن أبو سعدة: أنت كنت فاكر إن إحنا كنا هناك بنهزر.
سهير الأتربي: وهو حاسس الجيش.
سامي كليب: لا طبعا.
سهير الأتربي: هو حاسس إن الجيش ده شغله ولو أنا رحت ممكن يعني أعطله أضايقه يعني ممكن أي مذيعة تروح لكن أنا مقدرش أروح غير لما يقول لي تعالى يعني حقيقة مقدرش لكن حاولت إن أنا أعمل أقصى ما أستطيع عملت الجروب وأنا كنت من أول ما اشتغلت في التليفزيون كان لي وضع إداري برضه والحمد لله إن هو صوَّر صور كويسة أوي أوي.
سامي كليب: على كل حال عندنا الصور سنراها سيادة الفريق حسن أبو سعدة.
سهير الأتربي: شوفها.
سامي كليب: اسمحي لي سيدة سهير حضرتك طبعا كنت متزوج حديثا وذهبت إلى الجبهة بعد كام من الوقت عدت وشاهدت زوجتك للمرة الأولى بعد العودة من المعركة؟
حسن أبو سعدة: حوالي ثلاثة شهور المسألة أصلها شوف الوطن نمرة واحد في حياة أي إنسان دي بلدك ودي الأمانة اللي أتحطت في رقابتك مش ممكن أبدا الإنسان يتخلى عن هذه الأمانة علشان أي سبب كان صحيح أسرته عزيزة عليه وصحيح ابنه عزيز عليه وصحيح يعني حاجات كثير عزيزة على الإنسان لكن الوطن أغلى لأن ده الشيء أو ده الموضوع اللي الواحد بيضحي بحياته عشانه.
سامي كليب: في مرة على ما يبدو كان بحاجة إلى ثياب ويبدو إنه آنذاك.
سهير الأتربي: أه هقولك.
سامي كليب: الرئيس عبد الناصر تدخل الرئيس عفوا حسني مبارك تدخل وأرسل له ثيابا.
سهير الأتربي: أيوة أنا هقولك في الحتة دي يعني هو مرة كلمني في التليفون وقال لي أنا كنت يدوبك طالع واخد الحمام بتاعي ورايح الكرفان وأنا طلعت من هنا والكرفان أضرب وهدومي كلها راحت ومفيش لي زميل أسمه حسني مبارك صديق عزيز وبعت لي ملابس بتاعت طيران كان لبني ذي الحرير كده لبني وقولت له قولت له أنت معدكش الهدوم نبعت لك إزاي قال لي لأ كتر خيره زميلي بعت لي فعرفت بعد كده كان مكنش لسه رئيس يعني لكن أنا عرفت بعد كده أن هو السيد الرئيس حسني مبارك.
سامي كليب: السيدة سهير التي عاشت أيام قلق كبير حين كان زوجها في الجبهة لا تزال حتى اليوم تقف إلى جانبه وهي التي تجمع وترتب له صور المعارك والكتب الكثيرة التي كتبت عنه فهذه الكتب وبعضها إسرائيلي كانت دائما تشدِّد على خطورة المعركة لأن الفريق حسن أبو سعدة هو في الجهة المقابلة وبالفعل فإن الفريق أبو سعدة الذي خطط جيدا آنذاك لمعركة العبور وأبدى رباطة جأش كبيرة في قيادة المعركة كان يتصرف وكأنه في نزهة فلا خاف الرصاص ولا القذائف التي كانت تتهاطل على القناة أثناء عبوره الأمر الذي ألهب حماسة جنوده وراحوا يصفونه تارة بالبطل وأخرى بالوحش وهم يشاهدونه في مقدمة العابرين.
حسن أبو سعدة: كان هو جو السعادة وجو حماس وبتلاقي نفسك أنت متحمس زيهم وأكثر لأن يعني القلق عادة بيجي في اللحظة تعبر القناة ولا متعبرش ومحدش في الدنيا من العسكريين يجي قدام الخطر وقدام الحرب ويقف أو يتردد بيخش.
سامي كليب: طيب سيادة الفريق يعني مَن يشاهد اليوم التحصينات في خط برليف وأيضا ما كان هناك من استعدادات في قناة السويس وما إلى ذلك يتساءل يعني كيف استطعتم الانتصار فعلا وتحقيق هذا النصر الكبير يعني كيف سقطت هذه التحصينات الإسرائيلية بسهولة في البداية؟
حسن أبو سعدة: أبدا هو الموضوع تم بنوع من الذكاء يعني النقط الحصينة اللي فيها القادة أو العسكريين الإسرائيليين عبرت مجموعات صغيرة وحاصرتها عشان تشلها وتمنعها من التدخل في عبور القناة أما العبور بالقوات الرئيسية فتم بين هذه النقط مش تحت نيرانها.
سامي كليب: سيادة الفريق يعني هناك أسماء كثيرة حول مَن أعتقل الضابط الإسرائيلي قائد اللواء عساف يجوري حضرتك كنت على الجبهة كيف تم اعتقاله ومن هو الضابط المصري الذي اعتقله فعلا؟
حسن أبو سعدة: يعني مش ده الموضوع الرئيسي المهم هو أعتقله ظابط في اللواء مائة وعشرين مشاة كان يعني أنا اللي قابلني قائد الكتيبة اللي اعتقلته يمكن الأسماء ما تحضرنيش دلوقتي لكن..
سامي كليب: [مقاطعا] يعني أنا عندي أسمين مثلا على الأقل هناك فاروق فؤاد سليم.
حسن أبو سعدة: فاروق فؤاد إيه.
سامي كليب: سليم أو سليم وفتحي بخيت أيضا تعرف هالأسماء تذكرهم؟
حسن أبو سعدة: أه طبعا هما ظباط صغيرين في اللواء.
سامي كليب: يعني مش هما اللي اعتقلوه.
حسن أبو سعدة: : لأ يعني الأسماء ماهوش يعني كل اللي أقدر أقوله أن مش أنا اللي اعتقلته ولا قائد اللواء اللي اعتقله.
سامي كليب: أحد الضباط اللي كانوا يعملوا معاه.
حسن أبو سعدة: أحد الضباط اللي كانوا موجودين معاه وكان معاه عدد من الجنود اعتقلوه ولما اعتقلوه بيتم استجوابه وترحيله طبقا لتسلسل معين في القوات المسلحة وإلى أن يسلم إلى الجهة الأصلية.
سامي كليب: بس سيادة الفريق يعني حضرتك كنت عميد وقائد اللواء عمليا المهاجم.
حسن أبو سعدة: قائد فرقة.
سامي كليب: قائد الفرقة هل بلغت بأنه تم اعتقاله.
حسن أبو سعدة: أه طبعا ده فورا في ثنيتها مجرد ما يقبضوا على أسير وده أسير مهم.
سامي كليب: عرفتم من البداية أنه كان أسير مهم.
حسن أبو سعدة: أه لأنه ظابط وأول ما إتأسر أعترف قال أنا فلان عقيد فلان الفلاني ظابط إسرائيلي قائد كذا يعني مهيش فأول ما بيعترف أو بيلاقوا معاه كرنيه أو حاجة تدل على شخصيته فورا بيترحل.
سامي كليب: وهناك روايات عديدة رواية تقول أنك التقيت به في اليوم التالي وتحدثت معه أربع دقائق البعض يقول لأ أنه هو جاءك وضرب لك التحية بعد اعتقاله يعني ماذا حصل متى رأيته فعلا بعد اعتقاله بعد أسره؟
حسن أبو سعدة: أنا رأيته بعد أسره في اليوم التالي لأن أنا كنت مشغول وهو لما جه أدى التحية العسكرية لأن ده القانون مش معنى أنه ظابط إسرائيلي وأنا ظابط مصري أنه ميأديش أنا ظابط أقدم منه رتبة وقائد أعلى منه قيادة لابد أن يؤدي التحية العسكرية ولابد أن أرد عليه ده موضوع ملوش علاقة بأنه أسير حرب أو أنه ظابط في الجيش الإسرائيلي أو الموضوع ده موضوع عسكري صرف.
سامي كليب: حين كان أمامك وأدى لك التحية كيف كان هو في أي وضع كان خائف؟
حسن أبو سعدة: طبعا كان خايف ومرتبك أسير حرب أضعف موقف لأي إنسان.
سامي كليب: وعرف مَن تكون حضرتك؟
حسن أبو سعدة: طبعا لأن عندهم صورتي وعندهم بيانات عني إسرائيل زي أي دولة بتحاول تجيب معلومات عن الجيش اللي أمامها وخصوصا القادة صُورهم أسمائهم طباعهم تصرفاتهم ده قائد شرس وده قائد يعني ضعيف وده قائد قوي يعني.
سامي كليب: وكانت المعلومات عنك أنك قائد شرس أكيد.
حسن أبو سعدة: معرفش يعني أعتذر عن الإجابة.
سامي كليب: طيب سيادة الفريق حضرتك كيف شعرت لما شفت قائد لواء إسرائيلي أمامك يؤدي لك التحية وهو أسير.
حسن أبو سعدة: أنا عايز أقولك على حاجة بدون شك أن أي قائد بيتمنى النصر والنصر ده له دلائل ولما أنت بيبان قدامك أحد دلائل هذا النصر مثل أسير حرب وبرتبة عسكرية مش صغيرة أكيد بتشعر باعتزاز، باعتزاز بنفسك واعتزاز بجنودك واعتزاز بكل القادة والضباط اللي بيحاربوا معاك، النصر شيء عزيز جدا على النفس مهوش يعني أكلة ظريفة ولا يعني فيلم سينما النصر ده شيء حقيقي، شيء حقيقي الناس بتضحي بأرواحها عشان تحصل عليه وتصوَّر إنك يكتب لك إنك تشاهد النصر بعينيك تساوي أد إيه؟
سامي كليب: عساف ياجوري عاد إلى إسرائيل عبر تبادل أسرى الحرب وأما ضيفنا الفريق حسن أبو سعدة الذي كانت فرقته قد اعتقلت ياجوري فهو انتقل بعد العمل العسكري إلى وزارة الخارجية حيث أصبح سفيرا لبلاده في بريطانيا واليوم وبعد مرور ما يقارب واحدا وثلاثين عاما على حرب أكتوبر الشهيرة سألت الفريق المصري المتقاعد أن يتوجه عبر كاميرا الجزيرة إلى قائد اللواء الإسرائيلي فماذا يود أن يقول له بعد أكثر من ربع قرن على النصر الذي حققه ضد القائد الإسرائيلي.
حسن أبو سعدة: يعني هو عساف ياجوري أنا مكنتش بحاربه كشخص إحنا كنا بنحارب دولة إسرائيل وما تمثله من خطر على العروبة وعلى مصر هو كان واحد بيمثل هذا النظام وإذا كان حظه إنه وقع في الأسر فدا يعني سوء حظ بالنسبة له كمان حسن حظ إن هو ما ماتش في المعركة هسلم عليه عادي لأنه مهواش عدوي الشخصي يعني والنهاردة أكيد هو الحرب بالنسبة له انتهت وبقى رجل عجوز وبقى رجل كبير في السن ويعني مهيش عداوى شخصية يعني إن أنا أحاول أنتقم منه يعني.
سامي كليب: حرب 1973 التي انتصرت فيها مصر على إسرائيل كانت قد مهَّدت لاتفاق كامب دفيد ولمعاهدة الصلح بين مصر وإسرائيل ويبدو أن القادة المصريين الذين حققوا ذاك النصر أو أن بعضهم على الأقل اقتنعوا بأن الحرب لم تكن من أجل الحرب أو الانتصار المطلق وإنما بُغية تحقيق السلام وهذا أيضا رأي ضيفنا الفريق حسن أبو سعدة.
حسن أبو سعدة: شوف عيبنا إن إحنا العرب بنخلط الأحلام بالحقيقة يعني عشان تعمل جيش عربي موَّحد لكل الدول العربية مسألة يستحيل إنها تتم كون إن أنت تسعى للسلام لابد إنه يتحقق السلام بس تكون الدول العربية وتكون إسرائيل صادقة في وعدها وعليها إنها تحقق السلام مع الفلسطينيين اللي عايشين جوه في بلدهم كل اللي نتمناه إنهم يقدروا يوصلوا إلى تحقيق هذا السلام وفي الحالة دي أنا متأكد إن السلام هيعم الشرق الأوسط.
سهير الأتربي: أنا ضد الحروب يعني أنا منيش عاوزة ثاني أنا كشخص إن أنا عاوزة ولادي ثاني يخشوا في حرب يعني كفاية اللي مرينا به وكفاية نتيجة الحروب بالنسبة لنا إيه إحنا مصر تعبنا جدا في الحروب يعني الواحد عاش في حروب، في حروب يعني آن لنا الأوان إن إحنا يعني ممكن الدول العربية تشارك وتحارب مفيش مانع لكن مش إحنا لوحدنا اللي نحارب لآخر جندي وإحنا اللي نحارب ولادنا وإحنا اللي نصرف وإحنا اللي ما نلاقيش بعدين يتقال إن مصر دول ناس فقراء وناس مش قادرين لا يعني آن لنا إحنا دلوقتي كشعب مصر إن لازم إن إحنا ندعو للسلام وإحنا مؤمنين جدا به.
سامي كليب: قد تكون السيدة سهير وزوجها الفريق المصري المتقاعد حسن أبو سعدة على حق فمصر قدَّمت الكثير للقضية الفلسطينية والعرب ولكن وقبل أن أودِّع الفريق أبو سعدة وفيما كانت القاهرة تستعد لاستقبال ليلها وضوضاء المدينة الصاخبة سألت ضيفي العسكري السابق والقائد السابق والسفير السابق ماذا يتوقع لفلسطين وهل لو كان بإمكانه الذهاب إلى هناك اليوم إلى حيث قاتل في بداية عمله العسكري تماما كما كان قد قاتل في اليمن هل كان سيذهب لنصرة الفلسطينيين عسكريا؟
حسن أبو سعدة: السؤال صعب لكن أنا أتمنى طبعا الفلسطينيين أولا إنهم يحققوا اللي بيتمنوه وهو حرية بلدهم إن يبقى لهم بلد دولة مستقلة ذات سيادة بالوضع اللي هم يرصدوه لكن للأسف هل الفلسطينيين بيعملوا على كده أو بيحاولوا إنهم يبذلوا جهدهم في هذا الاتجاه للأسف.
سامي كليب: في إيه شو رأيك يعني؟
حسن أبو سعدة: متفرقين ويعني بيتقال كلام وما بيتنفذش بعد كده ويعني مش بس بيحاربوا إسرائيل ولا موحدين جهودهم بيحاربوا بعض في سبيل إيه أنا مش عارف الحقيقة.
سامي كليب: بس كمان للأسف إنه فيه تخلي عربي عنهم كمان.
حسن أبو سعدة: مهو ليه، ليه العرب تخلوا عن هذه القضية من طول ما اتكلموا فيها وأهلها ما بيساعدوش نفسهم.
سامي كليب: يعني برأيك الخطأ هو على الفلسطيني أكثر من على العربي؟
حسن أبو سعدة: مش لوحدهم الخطأ على الفلسطينيين وعلى العرب وعلى التسلسل التاريخي للموضوع كله.
سامي كليب: حضرتك رحت على فلسطين في بداية عملك العسكري؟
حسن أبو سعدة: أه طبعا.
سامي كليب: أي سنة تقريبا؟
حسن أبو سعدة: بعد ما إتخرجنا على طول.
سامي كليب: في 1949؟
حسن أبو سعدة: 1950، 1951، 1952.
سامي كليب: أيوه رحت على أي منطقة بتتذكر بفلسطين؟
حسن أبو سعدة: رحت رفح ورحت غزة ويعني.
سامي كليب: رفح وغزة رحت في مهمات عسكرية أكيد يعني.
حسن أبو سعدة: أه طبعا كضابط في القوات المسلحة.
سامي كليب: بس قاتلت هناك ولا لا؟
حسن أبو سعدة: قاتلت.
سامي كليب: في هذه الصورة التي وجدتها عند الفريق حسن أبو سعدة نراه مع الرئيس أنور السادات يبتسمان ولعل الفارق الوحيد آنذاك هو أن أبو سعدة كان يبتسم للنصر والسادات يبتسم لما يعده لما بعد هذا النصر.