"مكتب 39".. تحقيق يكشف بالتفاصيل طرق احتيال كوريا الشمالية لتمويل مشروعها النووي
وأوضح الفيلم أن ما يسمى "مكتب 39" هو مكتب تابع للجهاز الحكومي هدفه شراء العملات الأجنبية بأي وسيلة ممكنة لتزويد نظام الزعيم كيم جونغ أون بالمال.
وقد تمكن فريق البرنامج من الوصول إلى بعض المتعاملين مع هذا المكتب، وتم إخبارهم عن الحيل المذهلة التي يقومون بها للالتفاف على العقوبات الدولية، مثل طباعة الدولار والتجارة في المخدرات وتهريب الأسلحة والاحتيال في التأمين وحتى الاتجار بالبشر.
وبين الفيلم أن "المكتب 39" يتدخل في كل ما يجلب المال لكوريا الشمالية، كبيع الأسلحة وتهريب المخدرات، وتزوير فواتير أميركية، وهذا ينطوي على مئات الملايين من الدولارات سنويا.
ولا يسمى المكتب بهذا الاسم خارج كوريا الشمالية، ولا يذكر أحد أنه يعمل لديه، لذا يصعب جدا فرض عقوبات على أشخاص لا يتأكد أن لهم دورا نشطا فيه.
وذكر الفيلم أن العقوبات الأميركية أحدثت أثرا هائلا على كل الأصعدة في كوريا الشمالية، وهذا يعني أنه لا يمكن لاقتصادها أن يزدهر على النحو الذي يمكن أن يتسنى لها لو باعت السلع التي تجلب لها أكبر مردود من العملات الأجنبية بصورة قانونية.
لذا، فإنها لا تستطيع أن تشحن منتوجها من الفحم الحجري مثلا بصورة قانونية، ولا تستطيع أن تصدر خام الحديد قانونيا، كما لا تستطيع شحن الزنك قانونيا.
وبما أن العملات الأجنبية مهمة جدا لأي بلد مهما كان اقتصاده مستقلا ومهما حقق له اكتفاء ذاتيا فإن العملة الأجنبية أساسية جدا لتمكين كوريا الشمالية من البقاء على قيد الحياة.
ومن ضمن الأساليب الاحتيالية ذكر الفيلم أن الصين وكوريا الشمالية دولتان متجاورتان، بينهما حدود يزيد طولها على ألف كيلومتر، ومع ذلك، فإن أكثر من 70 أو 80% من تلك الحدود لا يوجد فيها حتى سلك شائك.
والدولة غير قادرة على التحكم في سكان هذا الإقليم الحدودي الذين يمارسون تجارة نشطة مع الصين، وهذه التجارة هي الأساس للسوق غير القانونية في كوريا الشمالية.
لذا، سعى نظام الحكم للتحكم في الأسواق، لكنه يعلم أن ذلك مستحيل، لأنه إذا ما أغلق تلك الأسواق بدون منظومة توزيع عامة أخرى تحل محلها فسيموت الناس جوعا.
ولن يسمح الكوريون الشماليون لذلك بأن يحدث مرة أخرى، وهكذا تغيرت كوريا الشمالية فعلا من بلد اشتراكي محطم الاقتصاد إلى بلد رأسمالي ذي اقتصاد هجين، ظاهره اشتراكي وباطنه رأسمالي.
من هم الرابحون؟
كما بين الفيلم أن أكبر الرابحين من هذه الأسواق غير القانونية هم المسؤولون في بيونغ يانغ، ولكن بدافع من المصلحة المالية الذاتية في المقام الأول يسمح النظام لهم بممارسة هذه التجارة، فهم يبيعون سلعا كمالية ويهربون مواد خاما ويستثمرون في العقارات.
وأشار الفيلم إلى أن الأموال التي يجنيها المكتب 39 تذهب مباشرة إلى خزائن القيادة، وهي تستخدم من ناحية في شراء كماليات، ومن ناحية أخرى في شراء سيارات مرسيدس تصل إلى كوريا الشمالية على نحو ما رغم العقوبات، لكنها تستخدم أيضا -ولعل هذا هو الأهم- في تدريب أكفأ قراصنة الإنترنت.
يذكر أنه منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي كان كيم جونغ أون قد بدأ في تدريب أبرز الصغار الموهوبين في الرياضيات والبرمجة ليصبحوا قراصنة يسطون على المعلومات السرية في الإنترنت، وهم أيضا بارعون في تدبير الأموال.
ويُعتقد أن كوريا الشمالية كانت مصدر برامج اختراق مثل برنامجي "رانسوموير" و"واناكراي" المؤذيين واللذين يرسلان فيروسات إلكترونية سرية ومرمزة تهدد بنشر بيانات من يتلقاها أو تمنع الوصول إليها بصورة دائمة ما لم يتم دفع فدية.
وجاء في الفيلم أيضا أن سفارات كوريا الشمالية لها وظيفة دبلوماسية، لكنها تكون في العادة تشريفية في المقام الأول، أما وظيفتها الحقيقية فهي مالية، وهي أيضا غير قانونية، إذ إن الدبلوماسيين الكوريين الشماليين هم أساسا سعاة ينقلون أموالا نقدية لكيم، إنهم تجار ورجال أعمال، ويمكن أن يكونوا سادة مخدرات، ويمكن أن يكونوا مهربي أسلحة، لكنهم يحملون جوازات سفر دبلوماسية، ولذا لا يمكن المساس بهم.
وتجري عمليات كثيرة تتعلق بالإمدادات والتدريبات العسكرية من خلال سفارة كوريا الشمالية، ولا سيما في أفريقيا والشرق الأوسط، وتنفرد سوريا حاليا من بين دول الشرق الأوسط جميعا بأوسع نطاق من عمليات التعاون المحظورة مع جهات عسكرية كورية شمالية.