الرئيس والدكتاتور.. تعرف على سر العلاقة بين القذافي وساركوزي
وكان ساركوزي في ذلك الحين وزيرا للداخلية في عهد الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، كما أنه لم يخف طموحاته بالترشح للرئاسة، وكان الحديث الرسمي عن الزيارة بأنها ستبحث محاربة الإرهاب والهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
وعبر السفير الفرنسي السابق بليبيا جان لوك سيبيود عن استغرابه من استقبال القذافي لساركوزي في الصباح، لأنه ووفقا لكلام السفير لا يستقبل الضيوف إلا بعد الظهر أو مساء، وأرجع ذلك إلى أن الأخبار المتداولة حينها كانت تشير إلى إمكانية فوز ساركوزي برئاسة فرنسا.
كما روت الدبلوماسية الليبية بعهد القذافي زهرة منصور عن حديث الزعيم الليبي لها حين أكد لها أنه في حال فاز ساركوزي بالرئاسة في بلاده فإن العلاقات بين البلدين ستشهد تحسنا كبيرا، كما أخبرها فيما بعد أن فرنسا باتت صديقا مقربا لليبيا.
وكان القذافي الذي نصب نفسه ملك الملوك مستندا للوفرة المالية التي يمتلكها يخشى أن تقف فرنسا أمام طموحه في التوسع في القارة السمراء، كون علاقته بالرئيس جاك شيراك في قمة البرود، وقد كلف بذلك أحد أبناء عمومته بإدارة العلاقات مع فرنسا، كما أن القذافي وجد ضالته في الوزير الفرنسي الطموح.
وأكد أحمد قذاف الدم ابن عم الزعيم الليبي ومستشاره أن الهدف من فتح العلاقة مع ساركوزي هو خشية ليبيا من أن تقف فرنسا أمام تحقيق الولايات المتحدة الأفريقية، كما أنهم رأوا أن الرئيس الفرنسي الجديد يتمتع بالصدق، ويسعى لتصحيح أخطاء بلاده تجاه أفريقيا، مشيرا إلى وجود تبادل منافع بينهم وبين ساركوزي في العديد من القضايا.
وفور فوز ساركوزي بمنصب الرئاسة في فرنسا أطلق وعدا بإنشاء تكتل يحمل اسم "الاتحاد المتوسطي" والذي يجمع كل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط في تكتل سياسي واحد، وقد عمل على إقناع كل دول المنطقة على قبول الانضمام لهذا التكتل، وكان يرى في الزعيم الليبي خير سند لهذه الفكرة.
لكن القذافي وبعد احتجاز 5 ممرضات بلغاريات أثار الرأي العالمي بسبب التعذيب الذي تعرضن له قبل الحكم عليهن بالإعدام في قضية حقن أطفال ليبيين بفيروس الإيدز، وحاول الاتحاد الأوروبي إقناع الليبيين بالعدول عن قرارهم لكنهم فشلوا.
غير أن ساركوزي نجح فيما فشل به الآخرون، حيث أقنع القذافي بالإفراج عن الممرضات، مستغلا رغبة القذافي بالعودة للساحة الدولية عبر زيارة إلى أوروبا، لذلك حصل على وعد بزيارة فرنسا مقابل الإفراج عن الممرضات.
وذهب ساركوزي إلى ليبيا حيث حظي باستقبال باذخ هناك، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات بين البلدين، منها اتفاقيات دفاعية تشمل تدريب الجيش الليبي وتطوير سلاحه، كما اشترت ليبيا منظومة مراقبة الإنترنت واستخدمتها في تعقب المعارضين.
وسعى ساركوزي كسب ود القذافي من أجل تمرير مشروع الاتحاد المتوسطي، لكن القذافي لم يبد أي حماس، وكان مهتما بشراء السلاح، وحصل القذافي على بطاقة دعوة لزيارة باريس وتم نصب خيمة له في ملحق لقصر الإليزيه.
ووفقا للأعراف الدبلوماسية الفرنسية، فإن الزيارات الرسمية تكون 3 أيام، غير أن القذافي طلب أن تمدد حتى 7 أيام للاستمتاع بها، وقد قام بجولة في العديد من الأماكن في فرنسا، غير أن هذه الزيارة كانت شاهدا على بدء التدهور في العلاقات بين الزعيمين.
ومنذ ذلك الوقت استمرت العلاقة بين القذافي وساركوزي في تدهور حاد حتى فبراير/شباط 2011 عندما أعلن الرئيس الفرنسي تأييده للثورات التي طالت العديد من الدول كانت من بينها ليبيا، كما طالب من تركيا برحيل القذافي بعد أن أطلق النار على شعبه، وحاول ساركوزي إنقاذ سمعته بسبب علاقته السابقة بالدكتاتور فقام باستقبال المجلس الوطني الليبي.
كما قام بحشد القوى الدولية وتكوين تحالف مهمته التخلص من القذافي، وكان يتابع سير المعارك في كل القرى الليبية حتى حفظ أسماء العديد منها، لكن الزعيم الليبي لم يصمت وكشف عن دعمه للرئيس الفرنسي حتى يصل إلى السلطة، وأرجع العديد من المحللين أن الوضع تحول إلى عداء شخصي حتى غارات المقاتلات الفرنسية على موكب القذافي قبل أن يجهز عليه الثوار الليبيون.