الفُلاّن
أصول الفُلان واللغة الوطنية
التركيبة الجغرافية للفُلان
الفُلان والبقر.. علاقة روحية
الفلاّن وأزمة الهوية
الأزمة الموريتانية السنغالية
تهجير القبائل الفلانية من موريتانيا
|
أصول الفُلان واللغة الوطنية
عبد الله مامادوبا
/ كاتب صحفي ومستشار سابق لرئيس الجمهورية: كلمة الفُلاّن تعني ذي لغة الفٌلاّن، بُله أي الرجل الشهم. في القبائل الأفريقية التي تعيش في جوار مع الفُلاّن، يقولون بأن الفُلاّن رمز الشهامة لكرمهم لشجاعتهم، لتحليهم بكافة الخصال البدوية، وهنا يتقاطع الفُلاّن في كثير من حياتهم وممارساتهم مع القبائل الصحراوية كالعرب والطوارق وغيرهم من القبائل التي تعيش في الصحراء.
مصطفى صو
/ مفرس: كلمة الفُلاّن هذه كلمة مرتبطة بالحيوان، قد نقول لإنسان أنه غير فُلاّني، لأنه فُلاّني ونعني به بأنه يحب الحيوان.
حماه الله ولد السالم
/ أستاذ بجامعة نواكشوط: الفُلاّن، الفُلبي، الفُله، كلها أسماء بالقبائل السودانية الأفريقية المعروفة، وهي قبائل تنتمي إلى شعوب النيفية التي انتقلت إلى منطقة السافانا الأفريقية في عهود قديمة، وتأثرت بعلاقاتها البشرية والحضارية مع العرب والبربر، وارتبطت بالحال مع المجتمعات الأفريقية في غرب أفريقيا، والفُلاّن هو النطق العربي الدارج المستعمل للتسمية البربرية لفُلاّنٍ، وهو جزء من شعب الهلوبولار، الهلوبولار هي تسمية تعني الناطقون بالبولاري، والناطقون بالبولارية هو وصف للشعوب التي اختلطت مع الفُلاّن، والتي نشرت اللهجة الفُلاّنية في منطقة سنغامبيا. الفُلاّن مجموعة من الظواعن من البدو فهم يتنقلون مع أبقارهم ويتحركون في مساحات شاسعة لا سيما في مناطق السافانا ومناطق شبة الغاباوية. يذكر المؤرخون أن أقدم دفر لاسم الفُلاّن والبولار موجود في النص المصري الذي كتبه المؤرخ المقريجي في كتابه الإعلام بمن حل بأرض مصر من الأعراب، حيث ذكر بأن في صعيد مصر قبائل منها بنو فُلاّن والفُلاّنية وبنو بولار وإلى آخره..
أحمد يورو كيدي
/ قاضي بالمحكمة العليا: المؤرخون يختلفون في أصول الفُلاّن، ومنهم من يرجعهم إلى أصول صومالية، أو إلى أصول نوبية أو إلى أصول حبشية، ومنهم من يقول إنهم من أصول هندية، ومنهم من يقول إنهم من أصول حميرية عربية، ومنهم من يقول أيضاً إنهم من أصول يهودية..
عمر حسين صو
/ كاتب وأستاذ متقاعد: إذا كان المؤرخون يتفقون على أن أصل الفُلاّنيين من صعيد مصر.
مصطفى صو:
المؤرخون عجزوا أن يثبتوا أن الشعب الفُلاني شعب ينقسم من قبيلة كذا أو من كذا أو من كذا..
أحمد يورو كيدي:
ومهما كان الأمر فإن الفُلان يسكنون في هذه المنطقة منذ قديم الزمان، ويتكلمون هذه اللغة الموحدة.
عبد الله مامادوبا:
الفُلان يتكلمون لغة تُسمى هنا بالبولار، وفي كثير من المناطق الأفريقية تسمى بالفُلا أو بالفُلفلدي أي الكلام اللي لغته الفُلان، وهذه اللغة لها تأثيرات أو تأثرت كثيراً باللغة العربية بفعل الإسلام.
عمر حسين صو:
الفُلانيون متمسكون بهذه اللغة بحكم الوطنية، وكذلك الفُلانيون متمسكون باللغة العربية بحكم الدين يعتزون باللغة العربية إلى حد العبادة.
عبد الله مامادوبا: إذا أعطيتك مثلا أيام في الفولانية ابتداء من السبت نقوم الست، والأحد نقول آلت، والإثنين نقول آلتين، ويوم الثلاثاء تلاته، الأربعاء اللربعه، الخميس الكميس، الجمعة الجمعة.
مصطفى صو:
السماء نقول أسمان، الله نقول الله، الملائكة نقول الملائكة، هذه كلمات مرتبطة بالدين.
عبد الله مامادوبا:
يعني هذا بالحياة اليومية المتداولة إلى آخر ذلك من المصطلحات التي تعتبر مجرد تحريف من اللغة العربية إلى اللغة الفُلانية.
سيدي عمر ولد شيخنا
/ باحث في التاريخ السياسي: وكانت تكتب في التاريخ بالحرف العربي، يكتبون تراثهم الفقهي والتاريخي والأدبي بلغة البولارية بحرف عربي، مع بداية الستينيات مع الإستعمار جرى مؤتمر في بوموكو برعاية اليونسكو، فتم فيه إقرار اعتماد الحرف اللاتيني بدل الحرف العربي، وكانت في مجموعات من الفُلان، ترفض ذلك وتتمسك بالحرف العربي، وكانت في مجموعات أخرى وبدعم من بعض الأفارقة وبعض قادة تيار الزنجيان من أمثال سنغور، كانوا غير ممسوخي الهوية، كانوا يدعون إلى الكتابة بالحرف اللاتيني..
أحمد ولد الوديعة
/ صحافي وباحث في حقوق الإنسان: وحين ندرس في تاريخ مجموعات الفُلان سنكتشف أولاً أن مجموعات الفُلان من بين المجموعات القبيلة القليلة في أفريقيا كلها التي يعتنق جميع أفرادها الإسلام.
حماه الله ولد السالم:
إبتداءاً من القرن الثامن والتاسع والعاشر الهجريين، انتقلت الثقافة العربية الإسلامية من المدن إلى البوادي، والبوادي هي ميدان الفُلان بلا منازع، فأصبحت البوادي منذ القرن السابع عشر الميلادي تعمرها القبائل الفُلانية التي تُنتج وتستهلك متون الثقافة العربية والمتون اللغوية وعلوم القرآن، والقرآن الكريم نفسه درساً وفقهاً.
عبد الله مامادوبا:
أنا أعتقد أنه حتى في التاريخ في السنوات الثلاثين الماضية، كانت موريتانيا تعرف صراعاً لغويا بين دعاة الفرنسة ودعاة التعريب، أعتقد بأن الفُلان وقفوا بحكم واقعهم الثقافي الذي يعيشونه في قراهم إلى جانب دعاة التعريب، والدليل على ذلك اليوم بأنك نادراً ما تجد أحد أبناء هذه المجموعة لا يتكلمون اللغة العربية، رغم تمسكه بأصالته الفُلانية وبثقافته الفُلانية لكنه يشعر بأن لغته العربية لغته الثانية. ولا يمكن أن تأتي لدولة في أفريقيا تجد فيها كتاتيب إلا وعلى رأسها أحد أبناء الفُلان، أينما شئت تذهب من موريتانيا حتى جمهورية وسط أفريقيا لا يمكن أن تجد مجمعاً فُلانيا إلا وفيه مدرساً للقرآن، يُعلم الناس لغة القرآن واللغة العربية.
عمر حسين صو:
ولهذا عندما جاء الفرنسيون في هذه البلاد واحتلوها، أبوا آبائهم وأجدادهم أن يدخلوا أبناءهم في المدارس الفرنسية، كثيراً رفضوا خوفاً أن يرتدوا، وخوفاً من أن يتحولوا إلى الفرنسيين، إلى العادات الفرنسية هذا لا ينحصر في اللغة فقط حتى العربي، الصف العربي يحترمونه ويعظمونه إلى حد العبادة. أنا رأيت السنة 1955 جاء وزير الأوقاف المصري زار السنغال وعندما أراد أن يصلى صلاة الجمعة في أحد المساجد، الناس جاءوا ويستقبلونه حتى أخذوا يمزقون قميصه لأنه عربي، وكادوا يرفعون سيارته فوق رؤوسهم، وحينما عاد هذا الوزير إلى القاهرة نشر هذا الخبر في الجرائد المصرية؛ قال أنا رأيت شيئاً عجيباً في السنغال، الناس يلتفوا حولي وحاولوا أن يمزقوا قميصي وأن يرفعوا سيارتي فوق.
التركيبة الجغرافية للفُلان
عبد الله مامادوبا:
الإحصائيات المتوفرة عن عدد أو نسب الفُلان في الدول الإفريقية المختلفة التي يتواجدون فيها، ليست دقيقة ولكن من المعروف بأنهم يتواجدون في كثير من الدول امتداداً من موريتانيا، إلى الكاميرون مروراً بالسنغال ومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتوجو ونيجيريا وتشاد وجمهورية وسط أفريقيا وغينيا بيساو وغينيا كوناكري، يعني العديد من الدول، وحسب الإحصائيات أعتقد بأنهم كانوا يقدرون بـ 18 مليون شخص يقسمون على ثلاثة عشر دولة عبر القارة الأفريقية. أعتقد أن أكبر نسبة من الفُلان توجد الآن في غينيا كوناكري حيث تقدر الإحصائيات بأنهم يحصدون حتى 64% من مجموع السكان في غينيا كوناكري، أعتقد بأن الدولة الموالية تكون نيجيريا، ثم مالي ثم السنغال وبعد ذلك أعتقد موريتانيا. وأثير الانتباه هنا بأن هناك دولاً عربية توجد فيها أقليات فُلانية كالسودان مثلا وكمصر، كما أن هناك جالية فُلانية كبيرة استقرت في السعودية في البقاع في سنوات الحجيج وأصبحوا جزءا من النسيج الإجتماعي في المملكة العربية السعودية.
محمد محمود ولد أحمدو
/ باحث وناشط سياسي: السبب في هذا التوزيع الجغرافي المباعثات إلى حد بعيد هو الطابع، ومطمع عيشة هذه المجموعة، لأن مطمع عيشتهم يقوم على الترحال والانتشار الدائم مع المواشي لذلك أصبحوا مبعثرين ولا يوجد لهم تركزا كثيفا في منطقة معينة.
سيدي عمر ولد شيخنا:
الفُلان يوجدون داخل الخريطة الموريتانية بمنطقة الضفة التي تمتد من تيرزا من روصو إلى بوكي إلى كهيدي إلى سيليبالي، هذه المنطقة معروفة بمنطقة الضفة يتوجد فيها الفُلان بكثافة.
عبد الله مامادوبا: على كافة الشريط الجنوبي الشرقي من الحدود في البراكنة في تراغزة في جورجل في ددماغه حتى في الحوضين في الحدود مع مالي.
سيدي عمر ولد شيخنا:
حتى ينتشرون في مركز الطويل الإداري جنوب الطينطان هذه المناطق التي يتواجدون بها، ولكن مع اليوم الدولة ومع المدن الحديثة ومع المصانع والأعمال أصبح المجتمع متجانساً ولم تعد هنالك أماكن مخصصة لمجموعات بعينها. التركيبة المجتمعية لموريتانيا هو مجتمع ذو تركيبة ديموغرافية متنوعة عرقياً، فهناك المجموعة العربية وهي المجموعة الأكبر بشقيها القظان والحارثيين ولكنهم في النهاية هم مجموعة متجانسة عربية، لها لسان عربي ذات عادات وتقاليد مشتركة، وهنالك أيضا المجموعة الأفريقية، والمجموعة الأفريقية هي ثلاث مجموعات في موريتانيا المجموعة الأكبر من المجموعة الأفريقية المجموعة البولارية، الفُلان، البُلار تليهم المجموعة السنوكية، المعروفة بالسنوكيا وشرقلة، ثم مجموعة الوولف وهي مجموعة أقل من باقي المجموعات.
حماه الله ولد السالم:
الفُلان في موريتانيا أقلية رغم أنهم من أكثر المجموعة الأفريقية في موريتانيا.
عبد الله مامادوبا:
أنا أعتقد بأن الفُلان قد يمثلون قرابة 18% حتى أكثر من 30% أعتقد، 30% من المجموعات في موريتانيا.
أبو برم كلاديو
/ أستاذ متقاعد: العرب يمثلون الأكثرية، العرب يمثلون على الأقل 70 إلى 75 %، الحرف لاريين بدون الوولف وبدون السوانيك يمثلون على الأقل 20 إلى 25% من مجموع سكان موريتانيا.
حماه الله ولد السالم:
من الصعب الحديث عن أرقام محددة لأن الأرقام التي كتبت في عهد الإستعمار كانت أرقاما تقريبية نتيجة للظروف الإستعمارية. والأرقام التي كُتبت في ظل الدولة الوطنية المستقلة في أفريقيا منذ 1958 الى 1960 في الدول الأفريقية العربية من بينهم موريتانيا، الأرقام غير دقيقة لأن السكان بدأوا يتنقلون عبر الحدود لأن السجلات دائما غير مضبوطة.
عبد الله مامادوبا:
الإحصائيات في موريتانيا تمتاز بأن هناك تعتيما رسميا على التنزيل النسبي للمجموعات كل مجموعة على حده، لاعتبارات سياسية لاعتبارات ربما أمنية لاعتبارات ربما تراعي الانسجام الوطني دون أن نعني بتعداد العرب يمثلون كذا الزنوج يمثلون كذا والمجموعة كذا تمثل كذا، أعتقد بأنها أرقام يتسترون عليها كما يُقال. البطون الفُلانية في موريتانيا تقدر بحوالي 38 بطناً مقسمين على خمس ولايات تقريبا في البلد.
مصطفى صو:
وهذه البطون فيها قبائل الفُلان كلها عبارة عن مهن، مثلا نقول ويل للحداد سكيف للإسكافي مفهوم، لو للنجار مفهوم هذه كلها مهن.
عبد الله مامادوبا:
وهناك باطن يختص في الموسيقى، في السماع، يهتمون فقط بالموسيقى لا يرعون لا يصطادون لا يمارسون النجارة، لا يمارسون أي عمل غير الموسيقى، وهم على ذلك يعيشون، لأن الطرب عندنا يخضع لمعايير واضحة كما بالمجتمع العربي ممكن، يعني أنا مثلاً لا تسمح لي الأعراف والتقاليد والعادات أن ألمس حتى آلة موسيقى لأنها تعتبر آلة بحث بالنسبة لي. الزواج عند الفُلان حسب العادات والتقاليد الإسلامية ينتظر خطبة، والخطبة تكفي لمبادرة والدي الزوج،عندما تكون إبنة عمي منذ ولادتها، في الأسبوع الأول بعد أن يعطى لها اسم يقول أحد الوالدين إني أطلب بنتك هذا لإبني كذا، وتكون هناك علاقة حياء بين الإثنين حتى يوم الزواج.
مصطفى صو:
النساء يتجملن وكذلك الرجال أيضا يأتون هم الآخرون، يبدأ الرقص المختلف من الرجال والنساء.
عبد الله مامادوبا:
كل القرى المتجاورة تجتمع في قرية الزوج لمباركة الزواج، وكانت الأعراس تدوم ثلاثة أيام بلياليها، في العادة كان يعطى المهر بالأبقار عشرة أبقار خمسة عشرة بقرة عشرين بقرة، هذا هو كان..
مصطفى صو:
بعد صلاة الصبح النساء يبدأن بحلب البقر، وبعد ذلك نتناول طعام الفطور، ثم بعد ذلك الرجل يسوق المواشي إلى الماء، ثم بعد ذلك النسوه يذهبن إلى البئر ويأتين بالماء ويغسلن الأواني، ويكنسن الساحة المنزلية هذه.
عبد الله مامادوبا:
إذا نظرت إلى الأمور من زاوية الحداثة، فأقول أن المرأة الفُلانية في مشقة لأنها تزاول كل أعمال البيت وحدها، وهذا ما تقتضيه العادات، أما إذا نظرت إلى الأمور من زاوية العادات فهناك تقسيم واضح للعمل في البيت، الرجل يعتني بالحيوان إذا كانت هناك أعمال زراعة فهو الذي يمارسها، إذا كان هناك أعمال خارج البيت من تحصين وصيانة الحيوانات، والعمل خارج البيت هو هذا ميدانه، أما كل الأعمال المنزلية فهي من نصيب المرأة. المنزل بالقرية هو الكوخ، هذا هو السكن التقليدي للفُلان ويسمى تمسوخ، والكوخ عبارة عن دائرة تُمسك بقضيب من الحطب التي تجمع عند الرأس وتترك هناك فتحة تُشكل الباب، وتغطى بالعشب، الشكل المخروطي من أجل التخفيف من ضغط الشمس وثانيا من أجل تسهيل عملية إحشاء السقف بالأعشاب، من النادر أن ينزل المطر إلى الكوخ إذا كان هناك سُمك جيد وتغطية جيدة بالأعشاب.
مصطفى صو:
هذه هي .. مجرد أن أضغط هنا على هذه، ذاك هو الجهاز بالطاقة الشمسية في قمة الكوخ.
الفلان والبقر.. علاقة روحية
عبد الله مامادوبا:
العلاقة بين الفُلان والبقر تكاد تكون علاقة روحية، لأن أساطير الفُلان تقول بأن الله ما خلق الفُلان لم يخلقهم إلا للبقر، ولم يخلق البقر إلا للفُلان، وبالتالي يقولون بأن الجد الأعلى للفُلان وهو كما يسمونه (أولو يلا دجاج) لما خرج فجأة للكون أول ما فتح عينيه على الشمس والبقر، وبالتالي البقر متلازم مع ثقافة الفلان وحياتهم. سباق الخراف هذا يعد عادة عندنا يجتمع خلالها العديد من الرعاة خاصة رعاة الغنم من أجل محاولة إظهار بأنهم أحسن عملا خلال فصول الصيف والشتاء وأنهم عادوا بقطعانهم جميلة ناعمة سالمة إلى القرية انطلق الصيف وفي هذا الطقس تجتمع نساء الحي في حلقة ويغنين ويرقصن ويحاول كل واحد من الرعاة أن يخترق ذلك الجمع ليعلن بذلك أنه كان أحسن راعي في ذلك الفصل وبالتالي هو أحسن شاب في المنطقة.
[فاصل إعلاني]
سيدي عمر ولد شيخنا:
لما جاء المستعمر الفرنسي لموريتانيا عمل على إحداث قطيعة بين المسلمين في غرب أفريقيا وبين المشرق، حصار منع الكتب، التضييق على رحلات الحج، التضييق على رحلات طلب العلم إلى المشرق. فقام بعض الهلان بقيادة الحاج محمود با بالذهاب إلى الحج أولاً ودرس هناك في الحجاز ثم عاد وقام بإنشاء سلسلة مدارس الفلاح وكانت فرنسا تمنع هذا لأن هذا يؤدي إلى فك الحصار المفروض على مسلمي غرب أفريقيا، وأن هذا سينقلون الأفكار النهضوية للمشرق وكان لهذه البعثات عندما عادت إلى وطنها إلى موريتانيا، والسنغال، ومالي، دوراً كبيراً في اليقظة الإسلامية وفي التمسك باللغة العربية في المنطقة.
أبو برم كلاديو:
وفرنسا حينما كان يبغي أن يستعمر أفريقيا أول من تصدى له هم الفلاّن.
عبد الله مامادوبا:
الفلان رفضوا التعاون مع الإستعمار والتعامل معه لسببين أساسيين، السبب الأول هو حرصهم على أن يظلوا بداة أحرار يعيشون حياتهم بعيداً عن المدنية المعثرة، بعيداً عن تأثيرات المستعمر الفرنسي. والسبب الثاني هو أنهم أيضاً كانوا كثيري التعلق بالإسلام، وبالقرآن، وباللغة العربية، وكانوا يعتبرون بأن كل تداخل مع الإستعمار يؤدي إلى مسح لثقافتهم.
عمر حسين صو:
ولهذا الفرنسيون كانوا يعادونا معاداة شديدة، ولهذا لم يقربوهم إلى المدارس، لم يقربوا أبنائهم إلى المدارس، لم يحاولوا أن يقربوهم إلى الحكومة بالعكس عملوا بإزعاجهم وتضليلهم إلى البادية.
حماه الله ولد السالم:
تم تدمير تراث الفلاّن في وقت الإستعمار.
أحمد ولد الوديعة:
قصة الفلاّن في الشمال الأفريقي شبيهة إلى حد كبير بقصة الأكراد في منطقة الشرق الأوسط، فالفلاّن مجموعات كانت تمتلك المقومات الذاتية ليكون لها دولة على الأقل أو دولتين، ولكن شاءت إرادة المستعمر لحسابات هو أدرى بها أن لا يحصل الفلاّن في هذه المنطقة على دولة خاصة بهم كما شاءت نفس الشيء مع الأكراد، يعني نجد أن الفلاّن موزعين بين موريتانيا، بين السنغال، بين مالي، بين غينيا بيساو، وغينيا كوناكري والمؤرخون يذهبون في ذلك لأسباب شتى من بينها أن شدة بأس هؤلاء، وشدة مقاومتهم، وشدة تمسكهم في الإسلام كانت وراء هذا الحقد الإستعماري الذي حرص على تشتيهم وعلى تفريقهم.
حماه الله ولد السالم:
الفلاّن ظلمهم الإستعمار، وقسمهم بين كثير من الأقطار ومنعهم من أن يرمموا هويتهم السياسية وبالتالي لم يسمح الإستعمار الفرنسي من أن تكون هناك دولة للفلان يتركزون فيها، ولذلك نلاحظ أن الفلاّن كانوا دائماً مهمشين في بعض المجتمعات الأفريقية، أما من يستيقظ دائماً فهم النخب العلمانية للشعوب الإفريقية الأخرى. المجتمع الفرنسي ترك تركة ثقيلة، هذه التركة الثقيلة من أبرز ملامحها الحدود، الحدود جزأت الناس، ابتداء من الأرض الواحدة، الأقارب، القبيلة الواحدة، المجموعة الواحدة. ولولا حيوية الفلاّن الدينية، والثقافية، لانطمست هويتهم نهائياً.
الفلاّن وأزمة الهوية
أبو برم كلاديو:
الفلاّن عندهم مشكلة الهوية كما عندكم أنتم هنا لأننا نحن نبقى تحت المجهر، وعلى هذا الأساس، ولا بد أن يتسم أسلوبنا في العمل من ناحية الهوية أن نعرف كيف نسترد هويتنا المفقودة قلت أنا إنها مفقودة.
أحمد يورو كيدي:
ليس هناك مشكلة الهوية، إنهم فلاّن أفريقيون، مسلمون، ليس هناك مشكلة في الهوية.
أبو برم كلاديو:
إذا كنا قوماً أين هؤلاء القوم الآن؟ إذا كنا مسلمون، وما دورنا في الإسلام اليوم؟ أين هو؟ إذا كانت اللغة العربية هي مرجعيتنا، هي عزت علينا لغة البولارية ولا تقرأ ما الذي جرى لنا؟
حماه الله ولد السالم:
الفلاّن يشعرون بأزمة هوية لأن جذور ثقافتهم العربية الإسلامية راسخة وقوية، هناك وثائق لدى بعض الهيئات التبشيرية التنصيرية قالت بأنها لم تجد شخصاً من الفلاّن أو من شعب الهلبولار يرجع عن الإسلام ولا شخص واحد طيلة ما يزيد عن 200 سنة هذا من أغرب ما شاهدناه.
سيدي عمر ولد شيخنا:
لا أرى أنه في صراع داخلي بين هوية عربية، أفريقية،داخل الفلاّن، أنا أعرف الكثير من الفلاّن يتحدثون عن أصول عربية، وأعرف الكثير منهم، أعرف الكثير من الناس أنهم شديدي التعلق باللغة العربية، ولكن هذا الشيء وأصولهم الأفريقية في الآخر هم أفارقة، هم يعتزون بأفريقيتهم، وبإسلامهم، وبتعلقهم باللغة العربية.
حماه الله ولد السالم:
إذن الفلاّن يعيشون أزمة هوية مزدوجة في إنتمائهم الأفريقي الصميم، من المجتمعات الأفريقية، وفي تشبثهم بتراثهم العربي الإسلامي، إذن هم يلخصون أزمة الإنسان المسلم في القرن الـ 20، والقرن الـ 21 الذي يريد التخلص من التركة الإستعمارية، والتركة العلمانية، ويريد أن يواجه الحداثة العلمانية التي تشوه ثقافته ودينه، والذي يريد أن يبقى محافظاً على شخصيته الأفريقية كغيره من المجتمعات الأفريقية الموجودة.
أحمد ولد الوديعة:
هنالك مشكلة فيما يتعلق بالعلاقة مع العرب والعلاقة مع العروبة، وأظن أن هذه الحساسية موجودة بالفعل يجب أن نعترف بذلك لدى بعض نُخب الفلاّن، العلاقة مع العروبة والعلاقة حتى مع العربية تعود إلى سببين رئيسيين، السبب الأول هو مساعي الإستعمار لفصل المسلمين بعضهم عن بعض، لفصل العرب عن إمتدادهم الطبيعي في أفريقيا، ومن ناحية ثانية ودائماً يجب أن نمتلك الشجاعة لنختلف ونقوم بنقد ذاتي وأن نعترف بأخطائنا وأن لا نظل دائماً نعلقها على مشجب الآخر، السبب الذاتي هو أنه في هذه البلاد المجموعات القومية العربية قدمت العروبة، وقدمت الإسلام باعتبار أنهما قضايا قومية، قضايا عرقية، فحين تقدم العربية على أساس أنها لغة العرب، إذا لم أكن عربياً سأرفضها، حين يقدم الإسلام على أنه دين العرب إذا لم أكن عربياً سأرفضه، وأظن أن هذا جزءاً من مشكلة أكبر نعاني منه في عالمنا العربي، وفي العالم الإسلامي، هي مشكلة التعاطي مع الأقليات وأن هذه الأقليات تدفعها أنظمة الحكم عندنا وترفعها حتى الأغلبيات عندنا إلى أن تكون خاصرة يدخل من خلالها كل أصحاب مطمع وأصحاب مطمح وندفعهم بالفعل إلى أن يكونوا طابوراً خامساً هذا لم يحصل فقط في موريتانيا هناك كما تعرفون حاصل مع الأسف الشديد في كل البلدان الإسلامية.
حماه الله ولد السالم:
1983 كان هو بداية الصراع السياسي الرسمي المعلن بين النخبة السياسية والعسكرية الزنجية الفلاّنية مع الدولة المورتانية التي يعتبر الزنوج بأنه يتحكم فيها العرب.
عبد الله مامادوبا:
في سبتمبر عام 1986 نشرت مجموعة من المثقفين الزنوج ملتمساً يسمى ملتمس الزنجي الموريتاني المضطد، معلنين بذلك تأسيس حركة تسمى حركة تحرير الزنوج الموريتانيين اختصاراً بالفرنسية.
سيدي عمر ولد شيخنا:
حركة الفران هي حركة المشعل الأفريقي هي جديدة تأسست عام 1983 وهي عبارة عن كشكول من حركات، وتنظيمات زنجية مختلفة ذات مشارب قومية ويسارية، ووطنية مختلفة يجمعها الهم الأفريقي الموريتاني.
عبد الله مامادوبا:
كانت تلك الحركة ذات توجهات فرانكفونية، كانت تعتبر بأن التمثيل السياسي للزنوج في موريتانيا لا يمثلون في الحقيقة الوزن الديمغرافي والمشاركة الفعلية للحياة في موريتانيا التي يمثلها الزنوج، أي إنهم كانوا يشكون من قلة التنفيذ، ووزعوا ذلك الملتمس في قمة هراري لدول عدم الإنحياز في شهر أعتقد إنه في شهر يوليو أو أغسطس من نفس السنة.
سيدي عمر ولد شيخنا:
وصدر في تاريخ الذكرى العشرين لأحداث الـ 66 ووزع في مؤتمر أفريقي في أديس أبابا بشكل كثيف، هذا أغاظ ولد طابع وبدأت المعركة بين فلان ونظام ولد طايع.
محمد محمود ولد أحمدو:
نتيجة لهذا الجو المتقلب خلال الثمانينات توّج سنة 1987 بمحاولة إنقلابية هي المحاولة الإنقلابية الأولى.
عبد الله مامادوبا:
بادر بعض الضباط الزنوج في الجيش إلى محاولة قلب النظام السياسي للبلد.
محمد محمود ولد أحمدو:
هذه المحاولة كان التوقيت المعد لها هو ذكرى الإستقلال 28 نوفمبر سنة 1987
عبد الله مامادوبا:
كانت تلك المحاولة فاشلة فإزدادت شرارة صراع العقيدة في البلد، الحكومة من جهة، مجموعات زنجية تضطهد بكل معاني الكلمة بغض النظر عن الإنتماء السياسي لأن الزنوج كباقي أفراد المجتمع المورتاني فيهم قوميون، فيهم يساريون، فيهم إسلاميون، فيهم لا إنتمائيون أي لا ينتمون إلى أي حركة لكن النظام آنذاك لا ينظر إلى هذه النقطة فبادر إلى قمع الزنوج لأنهم زنوج.
أحمد ولد الوديعة:
هذا إنقلاب معروف لا يشكك أحد فيه وليس هنالك الكثير من الإحتجاج على ما حصل فيه، لأنه إنقلاب عسكري عادة أصحابه أمامهم خياران، على الأقل في هذه البلاد إن ينجح الإنقلاب يصبحوا أبطالاً تخرج المسيرات ملهمين وما إلى ذلك يفشل الإنقلاب خونة، مجرمين، مشانق.
محمد محمود ولد أحمدو:
استطاعت الحكومة أن تحبط هذه المحاولة، وأن تلقي القبض على المتورطين، وقدمتهم إلى المحاكمة.
حماه الله ولد السالم:
وفعلاً تعاملت الدولة المورتانية بقيادة الرئيس الأسبق ولد الطايع العقيد الطايع آنذاك، تعاملت بقسوة مع هذا الإنقلاب.
أحمد ولد الوديعة:
أُعدم 28 ضابطاً من هؤلاء بدم بارد دون أي محاكمة مع كل هذه الأضرار التي تعرض لها هؤلاء أو هذا ما يستحق هذه القبائل الفلان وما تستحق في الحقيقة المجموعات المورتانية المختلفة تحية خاصة هو أنه لم يؤثر كثيراً في النسيج الإجتماعي، لم يحمل هؤلاء السلاح أمام المجتمع، لم يحملوا السلاح ضد الدولة.
الأزمة الموريتانية السنغالية
سيدي عمر ولد شيخنا:
أنا أعتبر أن أحكام الإعدام على الضباط الزنوج الموريتانيين المتهمين بانقلاب أكتوبر 87 كانت هي الشرارة التي فجرت أحداث 89 بين السنغال وموريتانيا.
عبد الله مامادوبا:
أنا أعتبر تلك أحداث دامية حدثت إنطلقت شرارتها في التاسع من أبريل عام 1989 عندما حدث صدام بين مزارعين سنغاليين، وبين موريتانيين على الحدود بين موريتانيا والسنغال على الخط الثلاثي للحدود الموريتانية، المالية، السنغالية، اجتاحت قطعان من الإبل حقل أحد المزارعين السنغاليين على الحدود وعمد السنغالي إلى قتل ناقة من النوق الموريتانية فحدث شجار بين المدنيين وتدخل أحد حرس الحدود الموريتانيين فأطلق رصاصة أردت أحد المزارعين السنغاليين قتيلاً، وبعد ذلك إندلعت أحداث شغب ضد المواطنين الموريتانيين خاصة المواطنين العرب منهم، في كل القرى والمدن السنغالية، وحدثت تجاوزات وانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في تلك المنطقة راحت ضحيتها الآلاف من الموريتانيين فقدوا أموالهم فقدت كذلك الكثير من الأرواح وكان هناك أزمة سياسية داخلية سواء في موريتانيا أو في السنغال، وصار الصراع السياسي الموريتاني الداخلي يتمركز حول أقطاب عربية وأقطاب زنجية كلها تغذيها تيارات قومية متطرفة من الجانبين.
حماه الله ولد السالم:
الشرارة التي أشعلت الشهب كما يقال التي كانت بداية الأزمة بين موريتانيا والسنغال، بين العرب والزنوج لم يكن العرب طرفاً فيها، ولكن هذه الشرارة التي كانت بين موريتاني ومزارع سنغالي قتله ببندقية صيد، كانت شرارة لإشعال فتيل أزمة كانت تتراكم منذ سنوات.
سيدي عمر ولد شيخنا:
نتج عن هذه الأحداث حشد الطرفين لقواتهم على الحدود وكان هناك تسلل تجري من طرف السنغال إلى موريتانيا من طرف الزنوج إلى القرى والمدن المورتانية المطلة على النهر، فكان الجيش يرد على هؤلاء المتسللين الذين يقتلون ويأخذون قطعان الماشية، ردوا عليهم بقسوة وارتكبوا أفعالاً ضد قرى وقبائل أفريقية في الضفة، في المقابل قام النظام الموريتاني تحت ضغط ما جرى للموريتانيين بفتح المجال للمواطنين الموريتانيين يعني لم يعترضهم، قام الموريتانيون بموريتانيا أيضاً بطرد وتشريد وربما قتل حتى للأسف الشديد حدث قتل كثير، والنظام حمل جميع الضحايا السنغاليين بالطائرة وأوصلها إلى السنغال. لما جاءت الطائرة محملة بالقتلى والجثث إلى السنغال يعني قام الرئيس السنغالي بالبكاء أمام التلفزيون يعني دموع التماسيح، فانطلقت الشرارة في السنغال بشكل أكبر وأفظع حتى تم شوي الناس في المخابز، وتم قطع ثدي النساء واغتصاب، يعني حالة رهيبة نرجو ألا تتكرر.
حماه الله ولد السالم:
أعلن الرئيس السنغالي عبد وضيوف بأن الجالية العربية الموريتانية الموجودة في السنغال تصل إلى 500 ألف شخص وأنه ينبغي أن يستعيد من النظام الموريتاني مواطنيه، وأن الجالية السنغالية الموجودة في موريتانيا تبلغ 60 ألف.
أبو برم كلاديو:
تدخلت الدول الصديقة للفصل بين الدولتين بترتيب وسائل النقل لحمل من يعتبره كل طرف أن هؤلاء السكان له فهنا الموريتانيون سلطات الأمن المورتانية كل هو من أسود ولم يكن من العرب السود فهو زنجي ينبغي القضاء عليه أو إبعاده.
تهجير القبائل الفلانية من موريتانيا
حماه الله ولد السالم:
فتم ترحيل عائلات فلاّنية موريتانية الأصل لا شك في موريتانيتها إلى السنغال ومالي.
عبد الله مامادوبا:
الغريب بالأمر أن أكثر من 90% من اولئك المواطنين الذين رُحلوا هم من مجموعات الفلاّن، كانوا مواطنين بالفطرة يمارسون الرعي، ولم يكن لهم أي علاقات بالأحداث التي اتخذتها حكومة نواكشوط آنذاك مبادرة في ترحيل الآلاف من الزنوج.
أبو برم كلاديو:
أنا من ضمن اولئك اللي تضرروا ويسمون بضحايا أحداث الـ 89 لأني تسرعوا في إلقاء القبض عليّ أنا وزجونا في الحبس واستطعنا أن نهرب بمساعدة رفاقي وزملائي من العرب بشكل خاص.
سيدي عمر ولد شيخنا:
خطأ نظام الرئيس ولد الطايع بأنه قام بتهجير قبائل ومجموعات أفريقية موريتانية من البولار ظلماً وعدواناً، قام بتهجيرهم وطردهم من وطنهم، ومن قراهم، ومن مزارعهم، وأخذ قطعان الماشية التي يملكون، وزجهم خارج الحدود.
أحمد ولد الوديعة:
ما يؤسف له كثيراً أن هذه القبائل التي دفعت الثمن الأكبر لتلك الأحداث لم يكن لها فيها ناقة ولا جمل، هي قبائل مدنية لا شأن لها في السياسة، لا شأن لها في الحياة العامة، مع ذلك هُجر عشرات الآلاف من أبنائها إلى الضفة الأخرى في السنغال، وأن هنالك 18 سنة تعرضوا لضربة معنوية قاسية حين تم التشكيك في هويتهم الموريتانية والمعروفة تاريخياً أن قبائل الفلاّن من أكبر القبائل التي سكنت على هذه الأرض ومن أكثرها أصالة، ومن أكثرها تشبثاً بالأرض.
عبد الله مامادوبا:
العودة أعتقد بأنها كانت مطلباً لكل الحركات السياسية والأحزاب السياسية، والمجتمع المدني، إلا ما ندر منها وعندما انتخب الرئيس ولد الشيخ عبد الله رئيساً للجمهورية قرر دون أن يتفق يدخل في أي مفاوضات مع أي طرف على المستوى الداخلي باستثناء ربما منظمة هيئة إغاثة اللاجئين التابعة للأمم المتحدة دخل معها في مفاوضات أفضت إلى تبنيها لبرنامج إعادة هؤلاء المواطنين من السنغال ومالي وحتى الآن حتى اللحظة التي أتحدث فيها معكم عاد قرابة 5000 وحوالي 100 شخص على مستوى ولايتي البراكنه وترازنه التي كانت أكثر الولايات تضرراً من تلك الأحداث
لاجيء فلاني أحد متضررين أحداث 89:
لا أدري بالتحديد ما سبب تهجيرنا من هنا، لكن في يوم من الأيام ذهبت إلى عملي في روسو كالمعتاد وفوجئت بمجيء الحاكم والوالي وطلب مني العبور إلى الضفة الأخرى، ولم يشرح لي ما هي الأسباب لا أعرف.
لاجيء فلاني آخر أحد متضررين أحداث 89: غادرت موريتانيا لأنه ثمة أزمة ومشاكل، وأحداث خاصة، ولهذا ذهبنا. لا أعرف سبب المشاكل بالتحديد وفي النهاية الرئيس الحاكم في تلك الفترة طلب مغادرة جميع الزنوج ولهذا غادرنا.
لاجيء فلاني أحد متضررين أحداث 89: منذ غادرت إلى السنغال وأنا أفكر في العودة إلى موريتانيا لكن لم تتح لي وسيلة للرجوع، مع إني لا أحب أن أبيت ليلة واحدة في البلد الذي كنت لاجئاً فيه.
لاجيء فلاني آخر أحد متضررين أحداث 89: هذا أمر غير عادل وظلم فادح لأننا موريتانييون هذا غير عادل نحن موريتانييون ونعتبر هذا ظلماً ولسنا مهاجرين، نحن موريتانييون أنا ولدت في هذه القرية أبي، وأمي، وجدتي، وعائلتي، كلهم ولدوا هنا هذا يعني أننا موريتانييون.
سيدي عمر ولد شيخنا:
عادت الدفعات من اللاجئين إلى الضفة ولكنها لم تستلم حتى الآن حقولها التي صودرت منها، وممتلكاتها التي أخذت منها.
لاجيء فلاني آخر أحد متضررين أحداث 89: فقدنا كل شيء بعد أن تركنا ممتلكاتنا وكل مواشينا، وكل أموالنا، وتركنا كل شيء، كل شيء. الآن لا تزال هناك أسر أخرى في السنغال وتنتظر العودة إلى موريتانيا، لكن العودة صعبة جداً فلا خروج ولا دخول، كل شيء صعب، ونحن لم نعد نفهم أي شيء.
عبد الله مامادوبا: هناك على الأقل 18 قبيلة لأن العمليات لم تبدأ سوى في ولايتين من أصل 4 ولايات، ولم تبدأ إطلاقاً في ولايتي جورجون وديدي مار.
أحمد ولد الوديعة:
الفلاّني لم يختار أن يكون فلاّنياً، أنا لم أختار أن أكون عربياً ،ذلك لم يختار أن يكون كردياً، فلماذا تقام الفوارق على أسس قدرية ليس للإنسان أي دور في اختيارها.