فلسطين تحت المجهر

مخيم اليرموك.. لجوء وحصار وتجويع فنزوح

سلطت حلقة (11/5/2016) من برنامج “فلسطين تحت المجهر” الضوء على صور المعاناة الإنسانية داخل مخيم اليرموك بالعاصمة السورية دمشق، ووثقت مع عينة ممن قطنوا المخيم فصول هذه المعاناة.

عرفت الثورة في سوريا مآسي كثيرة، وكان لآلة الحرب ضحاياها من مدنيين دفعوا أرواحهم ثمنا لها، إلا أن ما شهده مخيم اليرموك من اشتباكات وحصار جزئي ثم كلٌي، يشكل وصمة عار على جبين الإنسانية. قضى أهالي المخيم من جراء الحرب والجوع ونقص المياه وقلة الرعاية الطبية، واكتفينا نحن والعالم الخارجي بالإدانة والاستنكار ليس إلا.

حاولنا من خلال هذا الفيلم، الذي شكل أولوية لدى فريق برنامج "فلسطين تحت المجهر" في قناة الجزيرة الإخبارية، أن نروي قصة مخيم اليرموك من اللبنات الأولى للتأسيس، كما توقفنا عند أهم مراحل الحياة فيه وصولا إلى مرحلة الحصار، حيث نقلنا قصص أهالي المخيم الذين عاشوا الحصار بيومياته وتفاصيله. بقي منهم في المخيم من بقي وهاجر منهم من هاجر تاركا وراءه  جزءا مما يحمله من فلسطين في المخيم على أمل العودة يوما ما.

بدأنا رحلة التصوير من داخل المخيم حيث يعم الدمار والخراب كل ركن فيه، وانتقلنا إلى تركيا متتبعين أثر من هاجروا إليها، مثل الطالب محمد طه والمصور عمر عبد الله، ومنها عبرنا إلى أوروبا للقاء عائلة شنار التي هاجرت عبر البحر إلى السويد في مغامرة عايشوا معها الموت عن قرب وهم على قارب مهترئ تتلاطمه أمواج البحر الأبيض المتوسط، حيث يرقد المئات من اللاجئين الغرقى. 

وفي لبنان حيث هُجّر الفلسطيني من مخيم إلى مخيم آخر، نحكي قصة صلاح الشامي الذي شهد نكبة 1948، إذ هُجّر إلى لبنان أولا ثم إلى سوريا حيث عاش في اليرموك وتزوج وأنجب أولادا، قبل أن يضطر عام 2012 إلى العودة مجددا إلى مخيمات لبنان في نزوح أقرب إلى نكبة 1948.

حنين العلي ابنة الثانية عشرة، كانت من النازحين ولا تزال في انتظار لحظة العودة إلى مخيم اليرموك الذي تقول عنه: "اليرموك بلدي".

استغرق التصوير والإنتاج عاما كاملا، في ظروف صعبة وخطرة، واضطررنا للتوقف مع دخول تنظيم الدولة الإسلامية إلى المخيم، قبل استئناف التصوير في ظروف أصعب بكثير.

ولا بد لي هنا أن أوجه تحية لشباب اليرموك على شجاعتهم وعطائهم ومنحهم الكثير من الجهد والعمل لإنتاج هذه الحلقة من برنامج "فلسطين تحت المجهر" بعنوان "مخيم اليرموك"، وكلهم أمل أن يوصلوا صوتهم وقصة معاناتهم إلى العالم. والتحية للأهالي الصابرين ولـ"أريج" الطفلة التي ما زالت تنتظر عودة أمها المعتقلة لدى جيش النظام السوري كي تهتم بها وبإخوتها الصغار الذين تركتهم عهدة لديها.

ختاما، هذا الفيلم صرخة من الأهالي المحاصرين الذين ما زالوا متشبثين بالحياة رغم كل مظاهر الحصار من جوع وذل ومواجهة للموت بشكل يومي، وما زالوا يبتدعون الطرق الكفيلة بمقاومته والبقاء على قيد الحياة.

المخرج: صلاح شعيب

إعلان
المصدر : الجزيرة