فلسطين تحت المجهر

الحرب الخلفية بين الفلسطينيين والإسرائيليين

استعرضت حلقة “فلسطين تحت المجهر” موضوع المواجهات بين أنصار الفلسطينيين وأنصار الإسرائيليين في بريطانيا، وأبرزت تعاطف الرأي العام البريطاني مع الفلسطينيين بسبب عدالة قضيتهم مقابل رفض متنامٍ للسياسة الإسرائيلية.

في هذه الحلقة "الحرب الخلفية" من برنامج "فلسطين تحت المجهر" مجموعات من الفلسطينيين والغربيين التقوا على الدفاع عن حق الفلسطينيين في وطن غير منقوص السيادة مقابل مجموعات أخرى تبرر لإسرائيل ما تقوم به من اعتداءات متكررة بحق الفلسطينيين وأرضهم.

حرب تديرها لوبيات موالية لإسرائيل من أجل إسكات صوت الفلسطينيين وأنصارهم في الشتات ومحاصرة تحركاتهم، بينما يصر أنصار فلسطين على استثمار كل مناسبة في كشف الممارسات الإسرائيلية والتحريض ضدها.

رصدت مع فريقي بعض جوانب هذه الحرب، وحاولنا تجسيدها في عمل وثائقي، وهكذا وعلى مدى نحو عامين تحلت خلالها كاميرا الفيلم بالصبر تم رصد مواجهات كان القضاء حلبتها، كما في قضية الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني الذي أصدرت الحكومة البريطانية قرارا بترحيله من بريطانيا بعد تحريك مؤسسة يهودية شكوى ضده.

ومواجهة أخرى دارت أقصى جنوب المملكة المتحدة على أبواب متجر "إيكو ستريم" الإسرائيلي وانتهت بإغلاقه، واشتباك آخر في أقصى شمال بريطانيا نشب على هامش حفل لأهم مؤسسات جمع التبرعات لصالح إسرائيل، وأخيرا وليس آخرا مواجهة متجددة في الجامعات البريطانية لمنع بعض أنصار فلسطين من الحديث في محاضرات وندوات.

ورغم أنني فلسطيني ومؤمن بعدالة قضيتي وحق شعبي في العيش بدولة فلسطينية غير منقوصة السيادة فإنني وأسرة الفيلم حاولنا على مدى أشهر طويلة إشراك أنصار إسرائيل في الفيلم على اعتبار أنه يرصد مواجهة بين طرفين، وفي محاولة لتقريب صورة هذه الحرب الساخنة للمشاهد طرقنا أبواب ست مؤسسات تمثلها وتدعمها إلا أنه لم تستجب منها إلا واحدة فقط.

اللافت بالنسبة لي في هذه المواجهة هو ما يملكه كلا الطرفين من إيمان كبير بقضيته واستبساله في إقناع المجتمع البريطاني بعدالتها من جهة، ومحاولة تسديد ضربة للخصم من حيث لا يحتسب، إضافة لاعتماد الجانبين على التواصل المباشر مع الجمهور وتقديم روايته له والنزول إلى الشارع والميدان للتأثير على الرأي العام، والاستفادة من كل الأدوات القانونية لكسب جولة النزال مع الطرف المقابل.

ولعل ما انتهى إليه المشهد في بريطانيا مع عام ٢٠١٥ وما رصدته في هذا الفيلم هو تفوق أنصار فلسطين على خصومهم في كسب الجمهور البريطاني، وتزايد أعداد المؤمنين بالقضية الفلسطينية بين النخب المثقفة، ولا أدل على ذلك -باعتقادي- من حجم المظاهرات اللافت وغير المسبوق إبان العدوان الإسرائيلي على غزة عام ٢٠١٤ والتي خرجت مساندة للفلسطينيين مقابل مظاهرات محدودة نسبيا نظمها أنصار إسرائيل.

في المقابل، فقد كان واضحا لي سيطرة كبيرة لأنصار إسرائيل في دوائر صنع القرار البريطاني خصوصا والأوروبي عموما، وإن كان تصويت البرلمانات البريطانية مؤخرا على الاعتراف بدولة فلسطينية يعد انتصارا جديدا يحققه أنصار فلسطين في الأوساط البرلمانية.

حاولت في هذا العمل أن أقرب للمشاهد العربي بعض ما يحصل في بريطانيا خصوصا، والغرب عموما، وإننا إن كنا نخسر أرضا مع ابتلاع إسرائيل مزيدا من الأراضي الفلسطينية فنحن نكسب في الغرب تعاطفا وفهما وعملا أعمق بكثير خلال العقد الأخير، ولذا يبقى الأمل معقودا على استمرار العمل الجاد على جميع المستويات وفي جميع الساحات.

 المخرج محمد الصعيدي