
معاناة عبور المعابر الفلسطينية
رغم العلاقات التاريخية والاجتماعية التي تربط المصريين بقطاع غزة فإن النظام المصري فرض حصارا كبيرا على القطاع من خلال غلق معبر رفح -المنفذ الوحيد لأهالي غزة للسفر إلى العالم- ومنع بعض الفلسطينيين من العبور إلى مصر، إضافة إلى معاملتهم بشكل سيئ.
حلقة "المتنفس" من برنامج "فلسطين تحت المجهر" -وهي معادة- تسلط الضوء على معاناة الفلسطينيين من قطاع غزة عند معبر رفح بين غزة ومصر والذي أنشئ عام 1982.
قبل احتلال إسرائيل عام 1967 كان قطاع غزة جزءا من مصر، لكنه بقي تحت السيطرة الإسرائيلية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفد بين مصر وإسرائيل عام 1979، وبالتدريج خنقت إسرائيل القطاع من خلال إغلاقه وحصاره بالكامل برا وبحرا وإنشاء معابر سبعة فقط يسمح من خلالها بالحركة، فكأنها بوابات لسجن كبير، ستة معابر بين إسرائيل وغزة، ومعبر واحد فقط بين غزة ومصر هو معبر رفح خارج السيطرة الإسرائيلية.
ويقول مسؤول اللجنة العربية في البرلمان المصري سابقا خالد حنفي لحلقة "المتنفس" من برنامج "فلسطين تحت المجهر" إنه بعد اتفاقية كامب ديفد تغيرت فكرة وإستراتيجية ورؤية النظام المصري إزاء غزة، وأصبح يرى القطاع الفلسطيني مشكلة يجب السيطرة عليها، وينظر للمقاومة على أنها فوضى واضطراب في المعادلة التي يريدها.
وبحسب عواطف عبد الرحمن -وهي مختصة بالقضية الفلسطينية- فقد تبنى نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك الأجندة الإسرائيلية الصهيونية والأجندة الأميركية، فكل سلوكياته تجاه القضية الفلسطينية كانت نابعة من هذه الأجندة، فعمل الجدار العازل وقفل المعابر.
هذا الموقف المصري يخالف تماما القانون الدولي -بحسب الخبير بالقانون الدولي عبد الله الأشعل- الذي أوضح أن غزة إقليم محتل، وإسرائيل دولة قائمة بالاحتلال، وبما أن القانون الدولي يحكم العلاقة بين الإقليم المحتل والدولة المحتلة كان على مصر -الطرف الدولة- في اتفاقيات جنيف الأربعة التزام قانوني بأن تلبي احتياجات غزة.
أزمة معبر رفح
بعد ثورة 25 يناير -التي أسقطت نظام مبارك- خرج الفلسطينيون فرحين مستبشرين بأن مصر ستعود سندا لاحتياجاتهم الإنسانية وداعما لحركة تحررهم الوطني، وأن المتنفس المصري لقطاع غزة سيفتح أبوابه مشرعة بعد حصار خانق.
وفتح المعبر خمسة أيام في الأسبوع من التاسعة صباحا إلى الخامسة بعد الظهر، لكن من يسمح له بالعبور يشتكي أن الإجراءات بطيئة ومعقدة ومهينة، وآلاف لا يسمح لهم بالعبور مطلقا بأوامر مصرية.
وكيل وزارة الخارجية في الحكومة الفلسطينية المقالة غازي حمد يقول إن أهل غزة عاشوا فترة سجن طويلة ومؤلمة، وإنه شخصيا بقي في غزة أكثر من أربعين سنة ولم يستطع أن يخرج بسبب الاحتلال وبسبب المعابر في الجانب الإسرائيلي.
السلطات المصرية أهانت حتى الفلسطيني الذي يملك جواز سفر دبلوماسيا (الجزيرة)
ويشتكي الفلسطينيون من المعاملة السيئة التي يتلقونها من الطرف المصري عند معبر رفح، وهو ما يؤكده المواطن الفلسطيني طارق عليان بتأكيده أن المسافر الفلسطيني يعامل معاملة أمنية خاصة، حيث إنه يمر على أربعة أجهزة أمنية: الحربية والمخابرات، والأمن القومي، ومباحث أمن الدولة.
وفيما تصفت عواطف ما يحدث للفلسطينيين من قبل النظام المصري عند معبر رفح بالشيء المؤلم والفظيع، وتقول إنهم يتعرضون للبطش والتعسف، يؤكد محمد الشاذلي -أحد شباب ثورة 25 يناير- أن النظام القديم ما زال قابعا على أنفاس مصر وعلى قراراتها الداخلية والخارجية.
منع وترحيل
بعد أكثر من عام على ثورة 25 يناير منعت الأجهزة الأمنية المصرية المواطن الفلسطيني مصطفى الصواف من السفر مجددا بسبب وجود اسمه ضمن قوائم الممنوعين أمنيا لمقالاته التي انتقدت سياسات مبارك، ومثله آلاف الفلسطينيين كانوا في قوائم الممنوعين أمنيا من السفر عبر مصر.
ويقول الصواف إن الأمن المصري يمنعه للمرة الرابعة من السفر ويعيده إلى أكبر سجن موجود في العالم الذي فيه حوالي أكثر من مليون وثمانمائة ألف فلسطيني لا يسمح لهم العبور إلا وفق مزاج ورغبة مجموعة من الضباط المصريين.
كما يواجه المسافر الفلسطيني معاناة أخرى اسمها "الترحيل" في مطار القاهرة الذي يستخدمه سكان غزة للعودة من أي مكان في العالم إلى فلسطين، حيث يحتجز لساعات قد تمتد أياما في المطار قبل الترحيل بحافلة مصحوبة أمنيا إلى معبر رفح حيث لا يسمح لها بالتوقف أثناء السفر أو للفلسطيني بزيارة أي بقعة مصرية.
وقد تعرض عاطف عدوان -وهو وزير فلسطيني سابق وعضو مجلس تشريعي- للمعاملة نفسها رغم جواز سفره الدبلوماسي، ويؤكد أن كل شعوب الأرض تأتي ثم يسمح لها بالدخول إلا الفلسطيني يبقى موزعا بين الكراسي، وقد يحشر أو قد يوضع يومين أو ثلاثة أيام وهو ينتظر الترحيل من مطار القاهرة إلى معبر رفح.
بدوره، يصرح عليان بأنه في كل مرة تقوم مباحث أمن الدولة في مصر بالتحقيق معه في مطار القاهرة ثم تقرر ترحيله بحجة أنه كان معتقلا في إسرائيل.