
الدولة المستحيلة.. لماذا يرى وائل حلاق أن الدولة الإسلامية مستحيلة؟
حيث قوبل الكتاب بانتقادات واسعة من التيارات الإسلامية المختلفة والعلمانية المناصرة للدولة الحديثة، وتمت مناقشته في العديد من المقالات والندوات نقاشا ونقدا، وتركز أغلب النقد على عنوان الكتاب والسياق التاريخي الذي جاء فيه.
وحصر الكتاب في نقده الدولة الحديثة بالدولة القومية التي نشأت في أوروبا مع نشأة الرأسمالية، التي كانت مثار جدل في العالم الإسلامي؛ كونها لم تصل بشكل طبيعي إليه، وإنما عبر الحملات الاستعمارية في نهاية عهد الدولة العثمانية.
وبنى وائل حلاق من خلال كتابه نظامين نظريين: الأول يمثل الحداثة، والآخر الدولة الإسلامية، واستند إلى التجارب النظرية والعملية في كل نموذج، ووصل إلى خلاصة مفادها استحالة المزج بينهما، واستحالة قيام دولة إسلامية حديثة بسبب اختلاف النظام السياسي والأخلاقي في النموذجين.
ويرى أستاذ الفقه والسياسة الشرعية عطية عدلان أن عنوان الكتاب كان مبهما وغامضا، لأن العنوان لم يحدد ما الدولة المستحيلة، واصفا توقيت ظهور الكتاب بالصعب، كونه جاء بعد صعود الإسلاميين للسلطة عقب ثورات الربيع العربي عام 2011، معتبرا أن الكتاب كان صادما لدعاة الدولة المدنية الإسلامية.
بدوره، قال أستاذ الأخلاق السياسية بجامعة "حمد بن خليفة" محمد المختار الشنقيطي إن وائل حلاق رجل ذكي في الحروب الفكرية، وقد سجل نقاطا في الصراع الفكري الدائر بين قوى الإسلام السياسي والقوى السياسية العلمانية، وهو الأمر الذي أكسب الكتاب شهرة واسعة.
وأضاف أنه يختلف مع تشخيص الكاتب للحداثة الغربية، واعتباره أن الدولة الحديثة شرا مطلقا، كون الكاتب ينظر للدولة على أنها غول يتحكم في المجتمع، وهو أمر لا ينطبق على كل الدول والأنظمة، والدولة الإسلامية التي يرى حلاق استحالة نهوضها هي دولة تنظيم الدولة الإسلامية أو دولة السلفية الجهادية، التي لا يؤمن بها المسلمون أنفسهم، على حد توضيح الشنقيطي.
أما الباحث في السياسة والقضايا المعاصرة عبد الرحمن الحاج فأكد أن الكتاب يحاول فهم إشكالية الدولة الحديثة، وفهم إشكالية الدولة الإسلامية داخل الدولة الحديثة، حيث يعتبر الكاتب أن مأزق الدولة هو مأزق كوني ولا علاقة له بالمجتمعات الغربية، وما حرك وائل في الكتاب هو البعد الإنساني الأخلاقي.
في المقابل، أكد أستاذ القانون في جامعة تورنتو بكندا محمد فاضل أن عنوان الكتاب كان موفقا، لكن هناك من أساء فهمه، من العرب والمسلمين، والذين اعتبروه تحاملا على الدولة الإسلامية، لكنه في الواقع يتحامل على الدولة الحديثة عموما، كما أنه يصف الحداثة بالتطور غير الأخلاقي الذي يعاكس الحضارة الإسلامية التي بنيت على الأخلاق.