خارج النص

منعه نظام السادات.. "وراء الشمس" ورسائل إيقاف نزيف مصر بالسجون

سلطت الحلقة الضوء على فيلم “وراء الشمس” للمخرج محمد راضي الذي تناول الفترة الناصرية بمصر، مستعرضا أسباب منع الفيلم من العرض لكونه صوّر أساليب التعذيب التي تعرض لها المعارضون آنذاك.

تدور أحداث فيلم "وراء الشمس" في الحلقة التي أعقبت هزيمة يونيو/حزيران 1967، عندما طالب أحد قادة الجيش الكبار بفتح تحقيق يكشف أسباب الهزيمة التي منيت بها مصر فتعرض للقتل في منزله.

حلقة (2019/7/14) من برنامج "خارج النص" عرضت العراقيل التي واجهت الفيلم حتى خرجه للنور، وأسباب منع جهاز الرقابة المصري عرضه في البداية.

وقد جاء اسم الفيلم "وراء الشمس" من عبارة اشتهرت في عهد جمال عبد الناصر تحديدا، وكانت تطلق على المعارضين السياسيين الذين يدخلون السجن الحربي أو المعتقل السياسي، فهم بذلك يختفون وراء الشمس.

وفي مداخلة له في البرنامج؛ اعتبر الناقد الفني عصام زكريا أن الفيلم أرجع أسباب النكسة إلى الخلاف والصراع الباطني على السلطة، الذي كان يحدث آنذاك بين أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية في مصر.

ورأى صنّاع الفيلم أن "ما وراء الشمس" يمثل تجسيدا حقيقيا لما عانته مصر أثناء حكم جمال عبد الناصر، حيث تحكمت الأجهزة السيادية -ممثلة بالمخابرات- في كل مناحي الحياة.

أسباب المنع
وافقت الرقابة على السيناريو المكتوب قبل أن تعطي الإجازة لعرضه بعد مشاهدة نسخة الفيلم، معللة موقفها بكثرة مشاهد التعذيب التي يضمها الفيلم، وأن شخصيات الفيلم يستطيع المشاهد إسقاطها بشكل واضح على شخصيات حقيقية يمكن تحديدها والوصول إليها.

وذكر الكاتب والناقد الفني آدم ياسين أن شخصية رئيس المخابرات كانت واقعة وقريبة جدا من شخصية وهيئة رئيس المخابرات المصرية آنذاك صلاح نصر، وهي الشخصية التي يعلمها المصريون جيدا.

وفي ظل تعنت الرقابة بشأن إجازة عرض الفيلم؛ لجأ صنّاعه للجنة الثقافية بمجلس الشعب للموافقة على عرضه وإحكام الشعب في ذلك، خاصة أن "وراء الشمس" لا يدين النظام الحالي بل هو يخدمه بانتقاد الفترة التي تسبقه.

وقال أستاذ النقد السينمائي في أكاديمية الفنون ناجي فوزي إنه كان من العجيب أن ينادي أعضاء مجلس الشعب في ذلك الوقت بإزالة كافة العراقيل أمام عرض ذلك الفيلم. ولم تجد السلطة بدا من عرض الفيلم إلا أنه لم يستمر طويلا، حيث قيل إن أجهزة حكومية تدخلت للتضييق على العمل.

بين ناصر والسادات
ورغم إنتاج الفيلم في عهد الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ومباركته له؛ فإن الرقابة منعت عرضه خوفا على زوال السلطة الحاكمة.

وتحدث أستاذ النقد السينمائي في أكاديمية الفنون ناجي فوزي عن التوجس الذي ارتاب جهاز الرقابة من ذلك الفيلم، معتبرا أن الرقابة "تخشى على السلطة الحاكمة أكثر من خشيتها هي على نفسها".

ورأى ياسين أنه إذا سمحت الرقابة بعرض الفيلم فسيظهر أن السادات يرغب في "تصفية حساباته" من عهد الناصرية، موضحا أن نظام السادات لم يخل هو كذلك من التنكيل بالمعارضة.

وقال زكريا إن نظام السادات لا يختلف عن سابقه عبد الناصر، بل وصفه بأنه "وريث النظام الناصري" حيث كان السادات هو نائب الرئيس عبد الناصر وخليفته.

وقد استعرضت مشهد النهاية بالفيلم لوحة مسرحية، حيث يقتل الضابط المعتقلين الذين يرفضون ابتزازه ومطالبته لهم بالخضوع للنظام الحاكم. واختُتم الفيلم بتوجيه الممثل شكري سرحان (بطل الفيلم) رسالة مباشرة للمشاهدين، مطالبا إياهم بإيقاف الدم الذي يقع داخل السجون. ويبدو أنها الرسالة التي يوجهها المخرج محمد راضي للشعب المصري في كل الأوقات.