الاتجاه المعاكس

هل أصبحت الحرب العالمية الثالثة على الأبواب؟ ضيفا القاسم يجيبان

تناولت حلقة برنامج الاتجاه المعاكس (2024/11/26) إمكانية اندلاع حرب عالمية ثالثة في ظل تهديد روسيا باستخدام السلاح النووي في حربها مع أوكرانيا، وانقسم الضيفان حول جدية هذه التهديدات واحتمالية تنفيذها.

بانر الاتجاه المعاكس
وتساءل مقدم البرنامج فيصل القاسم عما إذا كانت هذه التهديدات النووية تعكس واقعا خطيرا يوشك أن يتحقق، خاصة مع تعديل موسكو لعقيدتها النووية مؤخرا، أم أن هذه التصريحات لا تتعدى كونها وسائل ضغط إعلامي وسياسي، كما ناقش القاسم دور الغرب في تعزيز المواجهة مع روسيا، خاصة بعد السماح الأميركي لأوكرانيا باستخدام صواريخ بعيدة المدى.

وأشار القاسم إلى تجاهل البعض لتحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين واتهامه الغرب بخوض حرب شاملة ضد بلاده، مستفسرا عن تداعيات هذا الاستخفاف على الأمن العالمي، لا سيما بعد التعديلات الأخيرة في العقيدة النووية الروسية التي فتحت المجال لاحتمالات غير مسبوقة.

وفي هذا السياق، يرى الدكتور محمد فرج الله، رئيس تحرير وكالة أنباء أوكرانيا بالعربية، أن التهديدات النووية الروسية ليست جديدة، لكنها تعكس قلقا متزايدا في الكرملين، مضيفا أن روسيا استخدمت سياسة "الترهيب" منذ بداية الحرب لإبعاد الغرب عن دعم أوكرانيا، لكنها فشلت في تحقيق ذلك.

تهديدات غير جادة

وأشار فرج الله إلى أن الغرب لم يأخذ التهديدات الروسية بجدية، مستشهدا بمواقف دول مثل الصين والهند التي انتقدت تصريحات بوتين النووية ووصفها بأنها غير مسؤولة، كما يرى أن روسيا، رغم تهديداتها، لا تجرؤ على استخدام السلاح النووي، مستشهدا بتصريحات غربية تفيد بأن أي محاولة كهذه ستؤدي إلى عواقب كارثية على روسيا نفسها.

إعلان

وأوضح فرج الله أن تعديل العقيدة النووية الروسية جاء نتيجة الضغوط الكبيرة التي تواجهها موسكو، خاصة بعد تسليم أوكرانيا صواريخ بعيدة المدى من الغرب، مضيفا أن بوتين يحاول رفع سقف التهديدات للحفاظ على ماء وجهه، لكنه يعلم أن استخدام السلاح النووي سيؤدي إلى تدمير روسيا بالكامل.

وردا على سؤال عن الاستخفاف بالتصريحات الروسية، قال فرج الله إن موسكو لا تزال تخشى رد الفعل الأميركي والغربي، مشيرا إلى أن روسيا أبلغت البنتاغون مسبقا بأن أحد صواريخها الباليستية التي أطلقتها لا يحمل رؤوسا نووية، في محاولة لطمأنة الغرب.

وأضاف أن قرار استخدام السلاح النووي ليس بيد بوتين وحده، بل يتطلب موافقة جنرالات ومسؤولين عسكريين، وهو ما يجعل تنفيذ هذا القرار صعبا، وأكد أن الجيش الأميركي وحلفاءه يراقبون روسيا عن كثب، ولن يسمحوا بأي تحرك نووي دون رد ساحق.

وأشار فرج الله إلى أن الغرب يدرك نقاط ضعف روسيا، ولهذا يمنح أوكرانيا الدعم العسكري اللازم لإضعافها. واختتم بالقول إن التهديدات الروسية ليست سوى محاولة لتعويض إخفاقاتها العسكرية والسياسية في الحرب.

تصعيد عالمي

في المقابل، يرى الباحث السياسي حازم عياد أن التهديدات الروسية يجب أن تؤخذ على محمل الجد، مشيرا إلى أن التوترات الحالية قد تؤدي إلى تصعيد عالمي إذا لم يتم احتواؤها، وأضاف أن الغرب يجب أن يكون حذرا في تصعيد الدعم العسكري لأوكرانيا، لأنه قد يدفع بوتين إلى اتخاذ قرارات أكثر خطورة.

ويؤكد عياد في هذا السياق أن بوتين لا يعاني من حالة رعب كما يُروج، بل يعتمد على إستراتيجيات هجومية ودفاعية تعكس ثقته بقدرات بلاده العسكرية، مشيرا إلى أن الحرب على أوكرانيا وسابقا جورجيا والقرم، إضافة إلى نشر غواصات نووية في المحيط الأطلسي وتحريك أسلحة متطورة مثل صواريخ "أوريشنيك"، تؤكد أن روسيا تتصرف من موقع قوة.

إعلان

وأوضح عياد أن هذه الصواريخ تتميز بتعدد رؤوسها واستخداماتها، وقدراتها التي تتجاوز معاهدات الأسلحة النووية بين روسيا وأميركا، مثل "ستارت 1″ و"ستارت 2" و"سولت 2″، التي كانت تهدف لتقليص عدد الرؤوس النووية، مضيفا أن بوتين لم يكتف بتجاوز هذه الاتفاقيات، بل استعرض قدرات جديدة تتضمن صواريخ أسرع من الصوت بقدرة تصل إلى حمل 6 رؤوس نووية.

وتابع عياد أن هذه التطورات تظهر أن بوتين يتحرك دفاعا عن النفس، خاصة في ظل توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) منذ عام 1997، الذي شمل دول البلطيق مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا، وصولا إلى محاولات ضم أوكرانيا وجورجيا، مما جعل روسيا محاصرة عمليًا.

وأكد عياد أن تعديل بوتين للعقيدة النووية جاء في سياق تصاعدي للدفاع عن المصالح الروسية، خاصة بعد سماح أميركا باستخدام أسلحة طويلة المدى تطال العمق الروسي، لافتا إلى أن اتفاقية بودابست لعام 1994 نفسها تمنح روسيا حق الرد النووي إذا تعرضت لهجوم تقليدي من دولة حليفة لقوة نووية، مما يبرر التهديدات الروسية في مواجهة التصعيد الغربي.

المصدر : الجزيرة