هل يسيّر قيس سعيّد تونس بنفس عقلية معمر القذافي؟
وبحسب الأكاديمي والسياسي جوهر بن مبارك، فإن الرئيس سعيّد يدفع بتونس نحو المجهول، والجميع يقرّ بذلك، وهو نفسه لا يدرك إلى أين هو آخذ البلاد، وأن الحل في معالجة المشاكل التي تواجهها تونس على مستوى الانتقال الديمقراطي لا تكون عبر الاستفراد بالسلطة والانقلاب على الديمقراطية.
واتهم بن مبارك الرئيس سعيّد بأنه ليس رجل دولة ولا يملك أي تصور لا في مجال مكافحة الفساد ولا على المستوى الاقتصادي، بدليل أن الدولة عاجزة عن سداد الأجور في القطاع العمومي، وكل المؤشرات الاجتماعية هي في الضوء الأحمر، وقد انطلق الحراك الاجتماعي في بعض الأحياء الشعبية مثل سيدي بوزيد والقصرين.
وشبّه بن مبارك -الذي حلَّ ضيفا على حلقة (2021/12/21) من برنامج "الاتجاه المعاكس- سعيّد بالعقيد الليبي الراحل معمر القذافي، وأنه يتعاطى بنفس عقليته، ولكن مع فارق هو أن القذافي كانت له إمكانيات واقتصاد بلد نفطي، في حين أن تونس لا تملك تلك الثروات، مؤكدا أن الرئيس التونسي لا يخاطب عقول الناس وإنما غرائزهم، ويستعمل كل النعوت في وصف خصومه، مثل: الخائنين والفيروسات والملعونين. وحتى الإدارة قال عنها: "لما تتجول في الإدارة تستمع إلى فحيح الأفاعي".
وتحدث بن مبارك عن تراجع شعبية سعيّد، مستندا إلى سبر الآراء الصادر عن مؤسسات موالية أو تتعاطف مع ما أسماه الانقلاب. ففي أغسطس/آب الماضي كانت شعبيته عالية جدا، لكنها نزلت تدريجيا حتى وصلت إلى 58% خلال هذا الشهر، وقال إن الشعب كشف خدع الرئيس، وحتى الذين ساندوه في الأول باتوا يتراجعون عن دعمه.
وخلص المتحدث نفسه إلى أن عمر "الانقلاب" بات قصيرا جدا، وأن "هزيمة اجتماعية للانقلاب" وقعت في 17 من الشهر الجاري، ذكرى الثورة التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي في 2010، زيادة على أن سعيّد أوصل تونس إلى عزلة دولية، وأن بيانات البرلمان الأوروبي والكونغرس الأميركي والإدارة الأميركية ومجموعة السبع دعت جميعها إلى ضرورة العودة إلى الشرعية وإلى مسار تشاركي.
تونس جديدة وجمهورية ثالثة
ورفض أحمد الهمامي الناطق الرسمي باسم "تحالف الأحرار" المساند للرئيس سعيّد ما قاله بن مبارك من أن الرئيس انقلب على المسار الديمقراطي، وقال إنه انقلب على الفساد والمفسدين وعلى التحالفات "الفاسدة" التي حكمت خلال السنوات العشر الماضية، أو ما أسماه بـ"العشرية السوداء".
وذكر الهمامي أن الرئيس يملك تصورات واضحة للبرنامج الاقتصادي، وهو يسير بتونس بالتدريج نحو مرحلة إصلاحية، ونحو تونس جديدة وجمهورية ثالثة يكون العدل فيها أساس العمران، لا الفساد، وقال إنه يعول على الكفاءات ويستدعي كل أسبوع المختصين ليسمع آراءهم.
وبينما نفى أن يكون هناك آلاف يتظاهرون ضد الرئيس سعيّد، تحدى الناطق الرسمي باسم "تحالف الأحرار" زميله في البرنامج الأكاديمي والسياسي بن مبارك أن يتمكن هو ومن يعارض الرئيس من جمع ألف شخص في الشارع خارج إطار حزب حركة النهضة، الذي قال إنه يملك الإمكانات اللوجيستية والمادية وهو من يمول الحافلات التي تأتي بالمتظاهرين المدفوعي الأجر، بحسب ما قال.
وردا على سؤال بشأن قول البعض إن سعيّد أصبح دمية بيد الخارج والأمن والجيش، رفض الهمامي ذلك، وقال إنه أقسم على حماية تونس حتى آخر لحظة وهو يخاف الله.
ومن جهة أخرى، لم يتفق ضيفا حلقة "الاتجاه المعاكس" على الخبرة السياسية لسعيّد. فالهمامي قال إن الرئيس الأسبق منصف المرزوقي ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض لم يكونا يملكان الخبرة عندما توليا منصبيهما، لكن بن مبارك أكد عكس ذلك وأوضح أن المرزوقي مثلا كان معارضا وسياسيا طوال مسيرته، بخلاف الرئيس الحالي الذي لم يظهر خلال سنوات الاستبداد التي عاشتها تونس في السابق ولم يكن مهتما بالشأن السياسي.