الاتجاه المعاكس

العسكر.. ضمانة للاستقرار أم للخراب؟

في الوطن العربي أصوات تنادي العسكر بوصفهم مخلّصين وضمانة الاستقرار، في المقابل هناك من يقول إن البلاد كانت مستقرة لعقود تحت حكم الجنرالات ولكنها مستقرة في الفقر والجهل والتخلف.

تظهر في الآونة الأخيرة أصوات تطالب بحكم العسكر بوصفهم مخلّصين وضمانة الاستقرار في بلدان الوطن العربي، وتطلق الأصوات ذاتها هجاءها ورثاءها لما تقول إنها غابات منفلتة من عقالها في بعض دول الربيع العربي تستوجب حضور العسكر حماية للشعب من الفوضى والدمار.

حلقة "الاتجاه المعاكس" في 2/9/2014 قرأت هذا المشهد، كما طرحت أصوات المنادين باسم العسكر قدمت مقابلها الأصوات التي تربط الخراب العام في أي بلد عربي بوجود العسكر في قباب الرئاسة وليس على الحدود.

"
ولد محمد أحمد:
المؤسسة العسكرية حفظت ما تبقى من الأوطان مما سماها "الأوثان الديمقراطية" التي دمرت البلاد وجعلت الناس يحنّون إلى العسكر

وتساءلت الحلقة: لماذا يظهر العسكر بعد أحداث الربيع العربي وكأنهم المخلّصون مع أن البلاد رزحت تحت حكم الجنرالات عقودا طويلة وكانت بلادا مستقرة ولكنها مستقرة في الفقر والجهل والتخلف؟

الدبلوماسي السابق وأحد مؤسسي حركة رشاد محمد العربي زيتوت قال إن "عودة العسكر" ليست عبارة دقيقة، فهم لم يخرجوا حتى يعودوا بل حكموا من وراء ستار، والحقيقة -يضيف- أن العودة هي لجر الشعوب مرة أخرى إلى الحظيرة.

مناشدة العسكر
أما الكاتب الصحفي محمد محمود ولد محمد أحمد فرأى أن الشعوب العربية حين ناشدت العسكر كي يعودوا فإنما بحثت عن الأمن والاستقرار، اللذين لا تستطيع النخب السياسية توفيره، متسائلا هل بإمكان هذه النخب أن تحمي الشعب من الغابة المنفلتة حيث كل رجل في اليمن يصعد جبلا ويرفع عليه علمه، وكل مجموعة في ليبيا تستخرج النفط وتبيعه خارج إطار الدولة؟

وشدد ولد محمد أحمد على أن المؤسسة العسكرية حفظت ما تبقى من الأوطان مما سماها "الأوثان الديمقراطية" التي دمرت البلاد وجعلت الناس يحنّون إلى العسكر، معتبرا "أننا نعيش الحرب العربية الأولى (على غرار العالمية الأولى) بسبب الربيع العربي".

"
العربي زيتوت:
لماذا لا يحكم في الغرب عسكر ومع ذلك هناك استقرار وأمن ودولة يحكمها القانون والعسكري تحت إدارة الحاكم المدني

بين عسكر وعسكر
وردّ زيتوت بأن الربط بين الاستقرار والعسكر فيه تعسف وإلا لماذا لا يحكم في الغرب عسكر ومع ذلك هناك استقرار وأمن ودولة يحكمها القانون والعسكري تحت إدارة الحاكم المدني. وطالب زيتوت مقدم البرنامج فيصل القاسم بأن لا يكرر تعبير "المؤسسة العسكرية"، حيث إن كلمة مؤسسة لا تناسب الجيوش العربية بل العصابة، على حد قوله.

وجال على دول عربية عديدة بادئا بالجزائر التي قال إن صورتها باتت مضحكة في العالم بسبب الجيش الذي دفع برجل إلى عهدة رابعة وهو في حالة عجز صحي بينما يعيش 50% من الجزائريين تحت خط الفقر، وفي سوريا التي عاشت تحت جيش ومخابرات أرعبا الشعب لكنهما يعجزان عن منع اختراق طائرة إسرائيلية.

وقارن زيتوت بين كوريا وماليزيا وتركيا التي تشابهت أوضاعها بأوضاع دول عربية كمصر والعراق والجزائر، مضيفا "انظروا الآن أين هذه الدول وأين الدول العربية التي حكمتها الجيوش؟"، مشيرا إلى تركيا التي قفزت اقتصاديا من مرتبة 112 إلى مرتبة 16 عالميا.

أصر ولد محمد أحمد بدوره على أن الشعوب العربية لا تريد التغيير إلا في ظل الاستقرار وأن بعض العسكر أكثر ديمقراطية من المدنيين ضاربا بذلك موريتانيا مثلا حيث يمكن لأي شخص أن يشتم الرئيس محمد ولد عبد العزيز -وهو عسكري- دون أن يتعرض لمحاسبة، على حد قوله.