صورة عامة- الاتجاه المعاكس
الاتجاه المعاكس

الدول العربية واقتصاد السوق

تناقش الحلقة موضوع الدول العربية واقتصاد السوق. لماذا تنتقل إلى اقتصاد السوق بشكل أعمى؟ أليست حياة الملايين من العرب في خطر بسبب السياسات الاقتصادية الخرقاء؟

– العولمة وتدهور الأوضاع الاقتصادية العربية
– دور الخصخصة وفساد الإدارات
– المافيات الاقتصادية وارتفاع الأسعار العالمي
– دور الحكومات والأنظمة والشعوب

فيصل القاسم
فيصل القاسم
محمد مقدادي
محمد مقدادي
رشاد عبده
رشاد عبده

فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهدي الكرام. العالم العربي على كف عفريت بسبب جنون الأسعار، وثورات الخبز والجياع قد تندلع بين لحظة وأخرى لتحرق الأخضر واليابس، والحكومات العربية تبرر سياساتها الاقتصادية الكارثية بمواكبة الاقتصاد العالمي، لكن هل الأمر كذلك فعلا، أم أن الاقتصاديات العربية قائمة على النهب والسلب والفساد المنظم؟ ألم يصبح شعار حكوماتنا دعه يسرق دعه يمر بدلا من دعه يعمل دعه يمر؟ أليس اقتصاد السوق الذي يدعونه هو لناس وناس؟ من الذي يتحكم بالوكالات والاحتكارات غير كبار المسؤولين وأولادهم والمافيات الحاكمة؟ يجادل آخر. كيف تعيش الشعوب العربية برواتب اشتراكية وأسعار رأسمالية؟ أليست حكوماتنا مجرد عبيد وسماسرة لصندوق النقد الدولي الذي يأمر برفع الدعم عن السلع الأساسية وتخصيص القطاعات الإستراتيجية وبيع ثروات الأوطان والشعوب بأبخس الأثمان؟ هل تريد حكوماتنا تحسين أوضاعنا فعلا أم أنها تعمل بمبدأ جوع كلبك يتبعك؟ لكن في المقابل، أليس حريا بنا أن ندفع ثمن اللحاق بالاقتصاد العالمي حتى لو كان جوعا وارتفاعا رهيبا للأسعار؟ أليس من المستحيل أن نبقى خارج قطار العولمة؟ أليس مصير الدول التي لم تلحق بالركب الاقتصادي العالمي العزلة كالسودان وإيران وكوبا وكوريا الشمالية وسوريا؟ أليس من الخطأ اتهام الحكومات العربية بتجويع شعوبها كي تبقيها تحت إمرتها؟ ألا يدفع الجوع الكلاب إلى ذروة الشراسة فتنهش اللحوم؟ ألا يلغي الجوع المسافة بين الحياة والموت فيولد التمرد والفوضى والثورة؟ ألا تعمل الحكومات العربية قدر المستطاع لتلبية حاجات الشعوب والحيلولة دون دفعها إلى الثورة؟ أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على الكاتب والأستاذ الجامعي الدكتور محمد المقدادي وعلى الخبير الاقتصادي الدولي الدكتور رشاد عبده. نبدأ النقاش بعد الفاصل.

[فاصل إعلاني]

العولمة وتدهور الأوضاع الاقتصادية العربية


فيصل القاسم: أهلا بكم مرة أخرى مشاهدي الكرام، نحن معكم على الهواء مباشرة في برنامج الاتجاه المعاكس، بإمكانكم التصويت على موضوع هذه الحلقة: هل تعتقد أن السياسات الاقتصادية العربية مسؤولة عن تدهور الأوضاع الاقتصادية في العالم العربي؟ 96% نعم، 4% لا. دكتور المقدادي لو بدأت معك بهذه النتيجة، كيف تعلق على هذه النتيجة؟ هناك إجماع يعني 96% من المصوتين يعتقدون أن كل ما تشهده الساحة العربية الآن من تخبط اقتصادي، جنون في الأسعار، ندرة في المواد، احتكارات، غلاء، مظاهرات، اضطرابات، كل ذلك مسؤولة عنه السياسات الاقتصادية العربية الكارثية كما يسمونها. أليس هناك نوع من المبالغة في مثل هذا الطرح أم ماذا؟


محمد مقدادي: في البداية أولا أحييك على هذه الطروحات الجادة والأساسية والتي تمثل وتعبر تعبيرا صادقا عن تساؤلات المواطن العربي الحادة في هذه الظروف المريرة التي يشهدها الوطن العربي برمته، ولا بد أن ألقي التحية والسلام على السادة المشاهدين وعلى كل من تخندق في خندق الفقراء واصطف في طابورهم الممتد من المحيط إلى الخليج. ولا بد لنا من العودة إلى العولمة وهي جذر المشكلة التي ابتلي العالم بها ونحن كشعوب عربية أيضا ابتلينا بها وبما أفرزته من تناقضيات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية ودفعنا ثمنها بشكل متفاوت وعلى نحو متباين. ولكن لكي أدلل على صحة ما ذهبت إليه وما يذهب إليه أيضا الشعب العربي لا بد من العودة إلى الشعارات الكاذبة والزائفة التي طرحتها العولمة على المستوى السياسي حينما نادت بحقوق الإنسان وبحقوق وحريات الأفراد وبتحقيق الديمقراطية وعلى الصعيد الاقتصادي أيضا حينما نادت بتسيير الفجوة التقنية والاقتصادية بين الشمال الغني والجنوب المستنفذ بكامل طاقاته، وفي عالمنا العربي بحكم الواقع السياسي والاقتصادي المعاشيين يعني كنا نتمنى أن تتحقق لنا هذه الحقوق المدنية الحقوق السياسية وأن تتجسد الفجوة بيننا وبين الحضارة المتفوقة علينا ولكي نلحق في ركبها ونتفوق على مشكلاتنا الاقتصادية وبشكل خاص مشكلة الفقر التي بدأت تتسع رقعته وتمتد لتشمل الطبقة المتوسطة والشرائح التي كانت فقيرة فيما مضى بحيث أن الطبقة الوسطى الآن تكاد تتلاشى..


فيصل القاسم (مقاطعا): تندثر في الكثير من المجتمعات العربية.


محمد مقدادي (متابعا): تندثر في الكثير من المجتمعات العربية بحكم استغلال وتغول رأس المال عليها. هذه العولمة كما تعلم ويعلم أيضا أخواني المشاهدين اكتشفت الشعوب بأن شعاراتها كانت زائفة تماما وبحكم الحروب القذرة التي شنتها أميركا ومن تبعها على ما سمي بالإرهاب هو بالحقيقة هي حرب على العالم كله لأن الإرهاب هم الذين صنعوه وهم الذين استخدموه أيضا لغايتهم لتحقيق غاياتهم ثم استخدموه أيضا ذريعة للانقضاض على كل الشعوب والحكومات التي تقول لا لمشروع الهيمنة الأميركية على مقدرات الشعوب والأوطان وفي المستوى الاقتصادي أيضا كذبت هذه الشعارات لأن المواطن العربي وغير العربي اكتشف زيفها ذلك لأن مستوى البطالة تزايد، ارتفعت الأسعار، الأوطان تم بيعها جهارا ونهارا، المؤسسات التي دشنها..


فيصل القاسم (مقاطعا): بيع الأوطان جهارا نهارا كيف؟


محمد مقدادي (متابعا): المؤسسات الوطنية التي دشنتها الشعوب العربية وشعوب العالم الثالث أيضا نتيجة لاستجابتها لاستجابة هذه الحكومات والمعنيين بالشأن الاقتصادي لإملاءات وشروط صندوق النقد الدولي تم بيعها وبالتالي هذا البناء العظيم الذي أنجز بدم الشعوب وبعرقها وبصبرها اليومي على موتها البطيء الآن يجري تخصيصها ويجري التخلص منها وبيعها كما يعني ذكرت. تفاقمت مشكلة الفقر وتزايدت المجاعات وارتفعت أسعار السلع أيضا بشكل جنوني إلى درجة أن الاقتصادات الوطنية لم تعد قادرة على الإطلاق على دفع ما يترتب على الديون التي اقترضتها من صندوق النقد الدولي من رسم للأمام..


فيصل القاسم (مقاطعا): طيب إذا أردنا أن نضع المسؤولية باختصار كي نوضح الأمر للمشاهد، على من نضعها على العولمة والذين ساروا في ركبها من حكومات عربية باعت ثروات الأوطان ورهنتها..


محمد مقدادي (متابعا): هي بالحقيقة العولمة كانت هي جذر المشكلة الأساسية واستخدمت أدواتها المختلفة من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والشركات عابرات القارات واتفاقيات الغات…


فيصل القاسم (مقاطعا): والتجارة الدولية.


محمد مقدادي (متابعا): والتجارة الدولية منظمة التجارة الدولية، وعلى من استجاب استجابة عمياء لهذه الشروط التي فرضتها هذه المؤسسات التي في ظاهرها تبدو دولية ولكن في الواقع قلبها أميركي ونبضها ربما صهيوني ولغتها ولسانها في مختلف لغات الأرض.


فيصل القاسم: جميل جدا، دكتور سمعت هذا الكلام، كيف ترد؟


"
لما ارتفع البترول إلى أربعين دولارا، اضطرت دول العالم النامية والدول العربية إلى الاقتراض من أميركا ودول أوروبا كي تحافظ على معدلات التنمية
"
         رشاد عبده

رشاد عبده: باختصار شديد هو طبعا في مشاكل عالمية، هل لها انعكاسات على المنطقة العربية؟ طبعا، ليه؟ لأنك أنت مجموعة دول عربية لا تعمل، فأنت متخيل أنك ما تشتغلش والناس تأكّلك، مش حيصحل. تعال نتكلم عن القروض، الدكتور تكلم وقال وربطها بالعولمة، لا، القروض موجودة قبل العولمة، العولمة تُرجمت إمتى؟ مع منظمة التجارة العالمية يعني مع بداية سبعينات القرن الماضي، لا، القروض النهارده موجودة في كل الدول العربية باستثناء الدول الغنية النفطية موجودة من قبل كده بكثير قوي، موجودة من الصدمة البترولية الأولى وده أحد الأسباب الرئيسية لمديونية كل دول العالم النامي وفوق ذلك الدول العربية. لما ارتفع سعر البترول من 8 إلى 12 دولار إلى أربعين دولار والدول كل الدول النامية بما فيها الدول العربية عايزة تحافظ على معدلات التنمية فاضطرت تعمل إيه؟ علشان تجيب نفس كمية البترول اضطرت أنها تقترض من الخارج بكميات كبيرة جدا، ده نمرة واحد. نمرة اثنين أنه علشان أقترض بكميات كبيرة جدا ابتدأ الغرب يعمل سياسات مختلفة بيبقى في حاجة اسمها الـ Petrodollars الدولارات التي تكونت نتيجة ارتفاع أسعار البترول اللي أودعت في بنوك أوروبا وأميركا فابتدأت الفائدة تبقى عالية جدا وصلت لـ 16%، فارتفاع سعر الفائدة كمل الحركة الجهنمية. نمرة ثلاثة، التوظيف الخاطئ لكثير من هذه القروض. وبالتالي ما أربطش العولمة بالقروض، لا، القروض موجودة من قبل العولمة وبالتالي المشاكل الأساسية فين؟ أننا مجتمعات لا تعمل، وبالتالي طالما أنك لا تعمل لا بد يبقى عندك أزمة بطالة، لا بد يبقى عندك فجوة في الموارد بتاعتك، لا بد أنك لملء الفجوة دي من الخارج في صورة قروض وما إلى ذلك, وإذا أخذت قروض وما إلى ذلك مضطر يبقى عندك أعباء الديون وتخش جوّه دوامة كبيرة جدا. وبالتالي المسألة مرتبطة بإيه؟ إحنا ناس بنشتغل ولا ما بنشتغلش واللي ما بيشتغلش للأسف لا بد أنه يواجه مجموعة من المشاكل، فما تتخيلش الناس حتطبطب عليك علشان سواد عيونك أو علشان أنت طيب علشان ابن حلال وتأكّلك وتجوزك وتهننك وتبني لك مساكن وتحل لك مشاكلك، ليه؟ غير مجدي هذا الكلام.


فيصل القاسم: طيب أين المشكلة بالتحديد؟ الدكتور يضعها على العولمة والذين ساروا في ركب العولمة. هل.. أم أن العولمة لا بد من اللحاق بها بأي حال من الأحوال؟


رشاد عبده: شوف، العولمة لا بد من اللحاق بها ده في كل الأحوال لأن العولمة إحنا بنتكلم عن إيه؟ العولمة مش مشكلة اقتصادية بس، العولمة فيها بعد حضاري، بعد إنساني، بعد مرتبط بالسياسة، بعد مرتبط بالعوامل الاجتماعية، بالثقافة.. بكل المسائل دي كلها أهي دي عولمة. العولمة فيها شقين، أنت عايز إيه؟ أنت المسؤول، العولمة ممكن من خلالها تخش على من خلال شبكة المعلومات العالمية أما أن تخش على تكنولوجيا وتقدم وتنمية ونقلة حضارية للعالم كله وإما تخش على مواقع إباحية وتخلف حيرجعوني لورا. أنت عايز إيه؟ خش للشيء اللي أنت عايزه. إنما لأنه إحنا ناس زي ما قلت لك ما بنشتغلش ما بننتجش، عندنا فجوة في التخلف الإنتاجي بتاعنا في الإنتاج الصناعي والتخلف المالي وكل الكلام ده كله، طالما عندك كل المشاكل دي كلها أنت متوقع إيه؟ إحنا تكلمنا على التكامل الاقتصادي العربي، أوروبا تكلمت بعدنا بقد إيه على الوحدة الاقتصادية الأوروبية، إحنا بدأنا قبلهم، هم وصلوا لفين وإحنا وصلنا لفين؟ ما زالت الصناعات العربية العربية شكلها إيه، حجم التجارة  العربية العربية شكلها كم؟ 7% وبقية الـ 93 بألجأ للخارج. طيب منتكلم في إيه؟! معدلات التنمية، تعال النهارده شوف حجم الصناعة العربية، السوق العربي لما بيحدث أنه يبقى في مشروع ما في دولة عربية ما بيطلع مشروع علشان ينافسه وبالتالي ما بأخليش السوق الواسع اللي يقدر يخليني يمكنني من هذه المسألة، أين مؤسسة البحث العلمي العربية؟ أين مؤسسة الصناعة العربية؟ أين البرلمان العربي المشترك اللي ممكن يؤيد هذه الفكرة؟ مش موجود.

دور الخصخصة وفساد الإدارات


فيصل القاسم: جميل هذا الكلام، دكتور لو نأخذها أن الكثير من الدول العربية الآن تبرر هذه الفوضى الاقتصادية هذا الغلاء الرهيب هذا التخبط بأنها تريد مواكبة الاقتصاد العالمي مواكبة الاقتصاد الحر الذي هو جزء لا يتجزأ من العولمة وإن الوقوف خارج هذا الاقتصاد لم يعد ممكنا بأي حال من الأحوال، مصيرك العزلة. كيف ترد؟


محمد مقدادي: يا سيدي المشكلة بالحقيقة يتحدث الدكتور في قضية العولمة وأنها جاءت متأخرة على القروض وأن القروض قد سبقتها، أنا لا أقول إن مشكلتي مع صندوق النقد الدولي، أنا مشكلتي مع الحكومات التي تعاملت مع صندوق النقد الدولي في السبيعينيات والثمانينيات بعد الهبة النفطية التي تفضل وذكرها، مشكلتي مع تلك الحكومات التي اقترضت قروضا لم تسخرها في خدمة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية أي بين قوسين برامج التنمية المستدامة التي تعود بالنفع على مختلف شرائح المجتمع العربي. ثم جاءت مشكلتي الأخرى مع صندوق النقد الدولي بالفوائد البنكية المرتفعة التي ترتبت على هذه الديون وترتب عليها بالتالي عدم قدرة هذه الدول على سداد ديونها. المسألة الثالثة وهي الأهم في هذا الإطار هو أن الحكومات اللاحقة التي جاءت هي التي خضعت خضوعا مطلقا لإملاءات وشروط النقد الدولي. وبالتالي هي حينما خفضت العملات الوطنية على سبيل المثال، حينما لجأت إلى رفع الدعم عن السلع الأساسية التي تمس حياة المواطن ومكوناته وتفاصيله اليومية، حينما لجأت إلى خصخصة مؤسسات عامة منها شركات الكهرباء وشركات مياه الشرب ومؤسسات شركات التعدين على سبيل المثال ومؤسسات النقل العام وسواها من المؤسسات الرابحة أصلا، كان يكفي فقط أن نعيد هيكلة هذه المؤسسات وأن نقدم لها إدارات لا فاسدة ولا مفسدة، مشكلتنا هي في فساد الإدارات. الآن أنتقل إلى مسألة ثانية، قضية الدخول إلى السوق الحرة، أنا أعتقد أنني لست ضد أن أدخل في السوق الحر ولكن قبل أن أنخرط في السوق الحر علي أن أؤمّن حريتي، أصلا يجب أن أكون حرا لأدخل في السوق الحر، والحرية الاقتصادية هي أساس الحريات جميعا، لن يكون هناك أمن سياسي ولا أمن اقتصادي، عفوا، ولا أمن ثقافي ولا أمن مجتمعي بالمطلق إن لم يكن هناك حريات وأمن اقتصادي في وطننا العربي وفي كل الأوطان على الإطلاق، ما ينسحب على هذا الوطن ينسحب أيضا على دول العالم الثالث. كيف يمكن لك أن تكون حرا ما دام هناك ثمة سيد بوسعه أن يمنع عنك لقمة الخبز وحبة الدواء؟ هذا سؤال أطرحه أولا على المفكرين والمثقفين، أطرحه على الحكومات العربية أيضا، أطرحه على الشعب الذي تفضل صديقي وزميلي الدكتور بأننا شعب لا نعمل، من قال بأننا شعب لا نعمل؟ لو أن قنوات العمل الحقيقية يعني توجهنا وجهتنا بها الحكومات وعادت الحكومات إلى رشدها ودعت هذه الشعوب لكي تشد الأحزمة على البطون بشروط وطنية صرفة وليس استجابة لسياسات التجويع التي يفرضها صندوق النقد الدولي وقوى الاستكبار في العالم وعلى رأسه أميركا. أنا مع التعامل مع العالم ولكن انطلاقا من رؤية تؤكد على المصالح الوطنية العليا وتنحاز للشرائح المجتمعية الأكثر فقرا وعوزا لننخرط في السوق ولكن بشروطنا الوطنية وليست بإملاءات..


فيصل القاسم (مقاطعا): كما فعلت الصين ودول جنوب شرق آسيا وخاصة ماليزيا عندما رفض محاضر محمد كل وصفات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.


محمد مقدادي: خير مثال على ذلك، والدليل على أن الحكومات في جنوب شرق آسيا التي انخرطت وانساقت وراء صندوق النقد الدولي وإرشاداته وتوجيهاته قد خسرت الكثير من سيادتها الوطنية واندثرت أو كادت تندثر اقتصادياتها الوطنية.


فيصل القاسم: وهذا ما يحصل لنا الآن. دكتور سمعت هذا الكلام، السؤال المطروح أنه يعني أنت تقول لا بد من اللحاق بركب العولمة والاقتصاد الحر الذي هو جزء لا يتجزأ من العولمة، لكن السؤال المطروح يعني هل لدينا البنى التحتية التي نستطيع أن نعتمد عليها للحاق باقتصاد السوق؟ ليس لدينا أي شيء يعني ليس لدينا اقتصاديات عربية كي نلحق بها، هل هذا صحيح أم لا؟ يعني عبارة عن مزارع خاصة، المجتمعات العربية الدول العربية عن مزارع خاصة ويقولون لك ويتحججون باقتصاد السوق وهي مزارع للمسؤولين وأولادهم في الكثير من الدول.


رشاد عبده: هو مش بالضبط الكلام ده هو، يعني لازم نقول مجموعة من الأمور يعني على سبيل المثال الدكتور تكلم عن مسألة الخصخصة وأنه طيب ما نغير الإدارة، الإدارة جزء من الخصخصة، المشروعات النهارده في كثير جدا من المشروعات دي فشلت وعلشان كده اضطرت الدول أن تلجأ لمسألة الخصخصة. الخصخصة هي إيه؟ هي تحويل ملكية العام إلى خاص، هل الخاص أجدر في الإدارة؟ أيوه. السيدة تاتشر لما جاءت في إنجلترا ولقيت أن نفس المصنعين لنفس الشركتين واحدة خاص وواحدة عام دي بتكسب ودي بتخسر، قالت في مشكلة، فجابت قيادات القطاع الخاص علشان تدير، الإنتاج تحسن، قالت بلا جدال لو بعت حيبقى أفضل، باعت والتجربة نجحت، ومن هنا خصخصت كل شيء وبما في ذلك السكة الحديد والمطارات وما إلى ذلك. الإدارة جزء من عملية الخصخصة، إحنا في المنطقة العربية في مننا كثير لجأ إلى الخصخصة، الخصخصة أدت إلى تحديث القرار، أدت إلى اتخاذ القرار الفعال، أدت إلى تنويع المنتجات، أدت إلى التحديث. أي شركة تعال النهارده في أي شركة تخصخصت، تعال شوف الناس قبل الخصخصة وبعد الخصخصة، العاملين اللي فيها عمرهم ما كانوا أخذوا دورة تدريبية واحدة عشرين، ثلاثين سنة، النهارده في سنة أخذوا أكثر من أربع أو خمس دورات لأن القطاع الخاص مش أهبل ده عايز يكسب وبالتالي لازم يطور الإنتاج بتاعه علشان يقدر ينوع علشان يقدر يبيع علشان يقدر يحقق مكاسب وبالتالي لازم الإدارة تكون على أعلى مستوى وده اللي تم في كثير من المشروعات اللي تم خصخصتها، هذه جزئية. جزئية أخرى…


فيصل القاسم (مقاطعا): طيب بس دقيقة، الخصخصة، القطاع الخاص ماذا فعل، القطاع الخاص تخلى في معظم البلدان العربية عن الأنشطة الإنتاجية التي تحقق قيما مضافة عالية واتجه إلى قطاع الخدمات إلى قطاع السمسرة فزاد الطين بلة، إذاً نحن انتقلنا من تحت الدلفة إلى تحت المزراب كما يقول المثل العربي.


رشاد عبده: طيب ما نجيب أمثلة. لا، الخصخصة تمت في كل المشروعات سواء صناعية سواء خدمية سواء تجارية تمت في كل المشروعات ما خدتش قطاع وسابت قطاعات أخرى، كل القطاعات دخلت فيها الخصخصة. المشروعات اللي اتباعت يعني أنا النهارده ببيع مصنع إسمنت، هل الإدارة جاية تحوله إلى بنك؟ ما تقدرش، لازم يبقى مصنع إسمنت، مصنع النهادره بيشتغل في الحديد تم تخصيصه حيعمل إيه؟ حيشتغل في الحديد، مع مراعاة أن النهارده اللي اشترى المصنع ده مش حيجي في يوم من الأيام يقول أنا آخذ المصنع معي وأروح بلد المنشأ بتاعتي في أميركا أو إنجلترا أو غيره، ده موجود على الأرض العربية وشغال وبيشغل أولادنا. الفارق إيه؟ الفارق أنه في النظام الأولاني الموظف والعامل عارف أنه واخد مرتبه وقابض في كل الأحوال فما بيهموش مسألة الإبداع مسألة الإنتاج مسألة التحديث مسألة التطوير بما في ذلك الإدارة ذاتها، فلا بتدي دورات ولا بترفع كفاءة الناس المهارية ولا غيره. المصنع في ظل القطاع الخاص لا، حيدي الناس دورات حيجيب لهم أفضل الأشكال حيطور حيدي مزايا اجتماعية وخدمية وصحية للعاملين وبالتالي لازم يطور الإنتاج علشان يقدر يبيع أفضل ويكسب أكثر ويحقق أكثر مع مراعاة أنه حيكسب أكبر بسبب حاجتين، بيسوي ضرايب أكثر للدولة، بيسوي مزايا أكثر للعاملين وده بيتم في كل القطاعات اللي تم خصخصتها..


فيصل القاسم (مقاطعا): طيب بس السؤال المطروح إذا كان الوضع ورديا بهذا الشكل الخصخصة، لماذا نحن الآن في حيص بيص؟ لماذا المجتمعات العربية على كف عفريت بما أنه سارت في اقتصاد السوق وخصخصت؟ لماذا ارتفعت الأسعار بشكل جنوني؟ لماذا أصبح رغيف الخبز حلما بعيد المنال بالنسبة للملايين في العالم العربي وخاصة في مصر؟ كم شهيدا مات في مصر من أجل الخبز، إذا كانت الأمور وأنتم بعتم كل شيء في مصر؟


رشاد عبده: شوف، أولا الخصخصة مالهاش علاقة في مسألة رغيف الخبز ده تماما، ما فيش قطاع خاص وقطاع عام في الخبز، ثانيا الدولة على سبيل المثال بتدعم قطاع الخبز بثمانية مليار جنيه وده رقم مش قليل بالنسبة لموازنة بلد زي مصر. إنما المشكلة فين؟ المشكلة أزمة أخلاقية، بمفهوم إيه؟ بمفهوم أن الدولة بتلعب دورها الاجتماعي وبتقول أولادي أحق بي وبخدماتي، فبتيجي تعمل إيه، علشان برضه نحسم هذه المسألة وعلشان كده بأقول لك أن أزمة الخبز في مصر انتهت في الفترة الأخيرة، آخر أسبوع أو آخر أسبوعين انتهت، ليه؟ لأنه حدث الآتي، الدولة بتورد لكل فرن من الأفران قطاع خاص عشر أجولة دقيق، بتورد له الجوال المائة كيلو بـ 175 جنيه بيتباع برّه لبتاع الفطير بقى الرفاهية الغير مدعم بيتباع بـ 3400 جنيه، أبو 175 بيتباع بره بـ 3400 جنيه، فبيحدث الآتي، بعض أصحاب الأفران لو خبز العيش الشوال حيجيب له أو الجوال حيجيب له أربعين جنيه ربحية طيب أربعين جنيه لو باعه بره بثلاثة آلاف.


فيصل القاسم: يجيب له أضعاف.


رشاد عبده: حيكسب 2800 جنيه، فكثير منهم كان بيعمل إيه؟ بيضطر للأسف أنه يخبز من اثنين جوال إلى ثلاث أجولة وبيبيع الآخر في السوق السوداء، دي جزئية. جزئية مكملة لده، أن الدولة دعمت العيش إنما ما دعمتش علف المواشي فأصحاب مزارع المواشي اكتشف في الآخر أن علف المواشي مكلف جدا عن لو اداهم عيش فابتدأ يتحالف مع بعض أصحاب الأفران اللي ما عندوش برضه أزمة اللي ما عندوش ضمير وعنده أزمة أخلاقية أنه يدي له نفس الكمية يدي له للمواشي. جزئية ثالثة، الدولة لما لقيت السعر العالمي ارتفع للقمح رفعت سعر التوريد من الفلاح من 120 لـ 240 لـ 380 في سنة واحدة، حدث إيه؟ حدث برضه أن إخواننا بتوع مزارع المواشي لقى أنه لو إدى للفلاح خمسمائة جنيه حيبقى أفضل له كثير، فالفلاح سمح بأنه يطلق المواشي في الأرض وحيوفر له شهر ممكن يزرع فيهم بديل وبالتالي المسألة كلها في الآخر أزمة إيه؟ أزمة أخلاق إنما مش أزمة اقتصادية.


فيصل القاسم: جميل جدا، كيف ترد على هذا الكلام؟ أزمة أخلاق لا علاقة لها لا بصندوق النقد الدولي ولا بأوامر النقد الدولي ولا بالعولمة ولا بالحكومات العربية التي يعني تدفع المليارات على السلع الأساسية أو دعم السلع الأساسية.


محمد مقدادي: الدكتور مع احترامي الشديد له يتحدث بشكل نظري عن قضية الخصخصة في أوروبا والخصخصة في العالم العربي. شروط التحول الاقتصادي التي تناسب الغرب لا تنطبق على الإطلاق ولا يمكن لا علينا ولا على سوانا..


فيصل القاسم (مقاطعا): لا علينا ولا على الصين؟


"
الخصخصة التي تنفع في بريطانيا وتحل أزمات ومشاكل المؤسسات العامة هناك، يمكن أن تحل المشاكل والعقبات التي تعترض المؤسسات العامة في بلادنا
"
        محمد مقدادي

محمد مقدادي (متابعا): هي تنطبق على أوروبا فقط، وما ينطبق على فرنسا لا ينطبق على ألمانيا أيضا حتى في ذلك المحيط الأوروبي نفسه، لذلك لا يمكن أن نقول بأن الخصخصة التي تنفع في بريطانيا وتحل أزمات ومشاكل المؤسسات العامة هناك يمكن أن تحل المشاكل والعقبات التي تعترض المؤسسات العامة في بلادنا. الذي حدث بأن الخصخصة قد طالت المؤسسات التي أسهم في إفشالها من أدارها قبل الخصخصة من المفسدين والمرتشين وقليلي الخبرة من أجل أن يشتروها ثانية مع الشريك الإستراتيجي الذي جاء إلى البلاد العربية وفي معظم الحالات معظم الشركاء الإستراتيجيين في بلادنا هم من مجهولي الهوية لا نعرف من هم، مرة يقولون هذا فرنسي…


فيصل القاسم (مقاطعا): يعني اقتصادنا بيع وأوطان بيعت لناس ما حدا عرفهم.


محمد مقدادي (متابعا): هذا ما يحدث على أرض الواقع وعلينا ألا نتعامل كما يتعامل النعام مع الدنيا يطمس رأسه في الرمل ويعتقد بأن العالم لا يراه، الشمس واضحة تماما ولا تستطيع أن تغطيها بغربال. الآن الخصخصة تناولت المؤسسات الرابحة لم تتناول المؤسسات الخاسرة في الأفق الإنتاجي في البعد الإنتاجي، هي كانت خاسرة فقط لأن الإدارات الفاشلة هي التي أفشلتها وهي التي أسهمت في إفشالها من أجل أن تجد مبررا لبيعها في المستقبل. الخصخصة ماذا فعلت لنا؟ الآن يقول الدكتور بأنها قد زادت الإنتاج ونوعت الإنتاج وأنتجت عددا كبير من العمال والإداريين المهرة، ألم يكن هناك ثمة من يستطيع أن يكون عاملا ماهرا ومديرا متقنا للعمل لكي نستورد الخبراء والمدراء من الخارج؟ بكل تأكيد ما زال الناس الذين كانوا يعملون في مستوى الموظفين الصغار التي في المؤسسات التي تمت خصخصتها ما زالوا هم يعملون بها باستثناء ذلك الجيش من العاطلين عن العمل الذين عُطلوا بعد أن تمت خصخصة هذه المؤسسات وأضيفوا إلى جيش العاطلين عن العمل فاتسعت رقعت الفقر، والمشكلة أن الثروة قد تركزت في يد ثلة من الأغنياء تجد الكثير من المفكرين والمثقفين والأقلام تدافع عن إثم هذا المال وعن باطله أيضا، هذا جانب. فيما يتعلق…

المافيات الاقتصادية وارتفاع الأسعار العالمي


فيصل القاسم (مقاطعا): بس خلينا نأخذ هذه الجزئية، ما هو الدور الذي لعبته هذه المافيات الاقتصادية في العالم العربي في إيصال العالم العربي والشعوب إلى هذا الحد، إلى حد المجاعة إلى حد الغلاء إلى حد الجنون، كل هذا، ماذا فعلت يعني؟ هل تريد أن تقول إن كل هذه الثروات تركزت في هذه.. يعني اقتصاد السوق في نهاية المطاف انتهى في أيدي ثلة من الناس والناس عم بتموت من الجوع بقية الناس، هذا هو الواقع؟


محمد مقدادي: ليس فقط ما أقوله، هذا ما يقوله الشارع العربي.


فيصل القاسم: كي نبسطها للإنسان.


محمد مقدادي: هذا ما يقوله الشارع العربي بأن الأوطان قد تحولت إلى مزارع، هذه المزارع، وحدث في هذه الأوطان أيضا انقلاب حقيقي من قبل كبار التجار وأصحاب الشركات ورؤوس الأموال، سواء الوطنية بين قوسين لأنني أشك في وطنيتها، أو تلك الأموال القادمة إلينا من الخارج عبر الشركات عابرة القارات التي يقول الدكتور بأنها تشغل أبناءنا، تشغل أبناءنا بالحد الأدني من الحد الأدنى من أجور العالم، تشغل أبناءنا أولئك المتواضعين في متطلباتهم المعيشية لا يطلبون تأمينا صحيا ولا ضمانا اجتماعيا، تشغل أبناءنا ببضعة ملاليم وتحصل على ريع لقاء إقامة هذه المصانع وهذه الشركات في بلادنا ولقاء بيع منتجات هذه الشركات في العالم، تصور هناك أمثلة كثيرة على ذلك، في إندونيسيا شركة نايك على سبيل المثال التي يكلفها فقط زوج الحذاء الرياضي يكلفها دولار واحدا..


فيصل القاسم:  وتبيعه بخمسين دولار..


محمد مقدادي: وتبيعه بثمانين إلى مائة دولار وفق الأسعار الجارية حاليا..


فيصل القاسم: صحيح، وتدفع للعامل الإندونيسي دولارا في اليوم، وأخذوها إلى الصين دفعوا أقل من دولار، نصف دولار أخذتهم الصين.


محمد مقدادي: وهم يبحثون، لذلك رأس المال لا وطن له ولا دين ولا عقيدة ولا أخلاق، رأس المال يبحث دائما عن المكان الذي يجد فيه فرصته لتراكم الثروة وزيادة أرباحه وريعه.


فيصل القاسم: طيب دكتور أنت تقول الخصخصة وأن تغير الوضع وضربت مثالا بتاتشر وكيف تحول القطاع العام إلى الخاص وكل ذلك، لكن لو نظرنا أين انتهت ثروات أو الثروات التي نتجت عن الخصخصة، الدكتور يقول لك نحن الآن.. من الذي يحتكر الأسواق في العالم العربي؟ من الذي يمتلك الوكالات في العالم العربي؟ من الذي يسيطر على السوق؟ ثلة من الأشخاص يعدون على الأصابع، وهناك دراسات وإحصائيات تقول أن 5% في العالم العربي في بعض الدول العربية يملكون أكثر من 90% من الثروة والآن خلص يعني الوضع أصبح قابلا للانفجار، فلماذا أنت تطبل وتزمر لهذه الإنجازات الاقتصادية؟


رشاد عبده: ما تجي نتكلم بشكل واقعي أكثر..


فيصل القاسم: تفضل.


رشاد عبده: يعني الدكتور بيقول أنه يمكن الدكتور بيتكلم بشكل نظري، لا أنا ما بتكلمش بشكل نظري، أنا مشارك في عمليات تقييم الخصخصة في بعض المشروعات المختلفة في دولتي وبقول لك المسألة شكلها إيه، ثانيا أنا أخرج إنتاج وما زلت عضوا في مجلس إدارة بعض شركات أخرى بشكل تطبيقي، وبقول لك أنه في أكثر من 90% من شركات القطاع العام السابقة خسرانة، أكثر من 90% خسرانة، وبالتالي هل النهارده الأموال دي أموال مين، أموالي وأموالك؟ دي أموال المجتمع والشعب، لما الشعب يبقى كل شركاته خسرانة يبقى الشعب خسران، وبالتالي هنا لو النهارده أنا بحدث وبطور يبقى أفضل ولا أوحش؟! ولا إذا بقينا كده الأفضل؟ طيب إذا كان الأفضل ده ممكن يكون له أكثر من شكل، ليه ما أنفذهوش؟ جزء منه بتغيير الإدارة وعملنا كده، جزء منه، غيرنا الإدارات وجبنا إدارات بعضها مصري وبعضها أجنبي. الجزء الثاني لو أنا بعت النهارده وأخذت الأموال دي كلها ضخيت بيها في شرايين الاقتصاد المصري مشروعات أخرى مكملة إيه المشكلة؟ الشكل لازم يكون الآتي، على سبيل المثال في بمصر قانون جميل جدا بيقول الآتي وده موجود في دول كتيرة، إذا الشركة خسرت أكثر من 50% من رأسمالها المفروض تتصفى. تعرف في بعض الشركات في القطاع العامة السابقة من أيام الإشتراكية خسرانه كم؟ 573 ضعف رأس المال، لصالح مين الشركة دي بتخسر؟ البعد الاجتماعي بيقول علشان العاملين، أيوه في أشكال أخرى بقى يبقى ممكن يكون، إذا كان عندي ثلاث، أربع شركات بتعمل نفس القطاع في نفس طبيعة العمل ممكن جدا أبقي على واحدة منهم أو اثنين واثنين آخرين أخصخص وبالتالي الفلوس اللي حتيجي أطور بيها المشروع الأولاني زي الثاني وده الفكر الصح، ده الفكر الاقتصادي..


فيصل القاسم (مقاطعا): بس لم تجب على السؤال دكتور، طيب جميل، أنت تريد أن تلحق باقتصاد السوق وأن تطور وتخصخص وكل هذا الكلام، السؤال المطروح هل هناك قوانين؟ هل هناك حرية في المجتمعات العربية في الدول العربية للحاق باقتصاد السوق؟ هل بإمكانك في الدول العربية أن تنشئ أو أن تقيم منشأة لصناعة النعال دون أن تأخذ ألف إذن وإذن من وكالات الاستخبارات والشرطة والدنيا؟ من الذي يأخذ هذه الوكالات؟ ثلة قليلة جدا، أنت تتحدث كما لو أن المجال مفتوح للجميع كي يمارسوا حريات اقتصاد السوق وأنت تعرف أن الهوامير هم الذين يمسكون بخناق السوق وبخناق المجتمعات من بعده.


رشاد عبده: الكلام ده كان سابقا أيام ما كنا اشتراكيين وأيام ما كانت المنطقة العربية اشتراكية، لازم التوكيل يروح لسين وصاد وسين لازم يكون قريب مين ومش قريب مين، النهارده أنت لسه بتتكلم بتقولوا، الدكتور بيتكلم، بيقول أن الفلوس مالهاش وطن وبالتالي النهادره مستمثر أجنبي جاي النهارده في دولة ما عربية وبيعمل مشروع، جاي يعمل ده مشروع ليه؟ مشروع اجتماعي؟ ده مشروع اقتصادي، وبالتالي لازم عايز يكسب وعلشان يكسب لازم يطور نفسه ويشغل أولادنا، تعال النهارده نتكلم عن كل المشروعات اللي تم خصخصتها، وريني مشروع واحد المرتبات فيه نقصت، كل المشروعات اللي تم خصخصتها في ظل الاقتصاد الحر، كل المشروعات الخاصة المرتبات فيها تضاعفت وانضربت بثلاث أو خمسة أمثال ده بعيدا عن الخدمات، المجالات الصحية، التعليم، التطوير، الدورات الخارجية والداخلية كل الكلام ده هو..


فيصل القاسم (مقاطعا): بس يا دكتور بس طيب جميل هذا الكلام، إذاً لماذا الآن مصر تغلي؟ لماذا اليمن يغلي على موعد مع مظاهرات واضطرابات عارمة؟ لماذا سوريا تغلي؟ لماذا الأردن على موعد مع اضطرابات أو مع مظاهرات في 4 الشهر القادم؟ لماذا العالم العربي كله ينتفض؟


رشاد عبده: ده سؤال مهم..


فيصل القاسم: طيب لماذا ينتفض؟


رشاد عبده: ده سؤال مهم، لسببين، السبب الأولاني ارتفاع الأسعار العالمية، وارتفاع الأسعار العالمية باختصار شديد لازم يكون له أسباب، النهارده في مشكلة غذاء في المنطقة العربية وفي العالم كله، مش بس المنطقة العربية، إنما أنا بأخذ المنطقة العربية لأنها جزء من العالم وعلى وجه التحديد العالم النامي، في مشكلة ليه في الغذاء؟ دي مجموعة اعتبارات، بقى نحلل،  المسألة مش مسألة كلام، المسألة مسألة تفكير، نمرة واحد الأسعار تتحدد للعرض والطلب، المعروض من أي سلعة لو معروض بشكل كبير وما حدش بيشتريها..


فيصل القاسم: بينزل سعرها.


رشاد عبده: والعكس المسألة برضه، لو الناس طلباها ومش موجودة بسرعة تطلع أسعارها بأي شكل من الأشكال. حدث الآتي، نمرة واحد الجفاف اللي تم، الجفاف على سبيل المثال في أستراليا خلى أستراليا دي إيه؟ دي ثاني دولة في العالم بتصدير القمح، 70% من محصولها تدمر، حيقدر يؤثر في المعروض ولا ما يؤثر؟ لازم يؤثر في المعروض، هذه جزئية. الجزئية الثانية، نقول كل الأسباب بالمرة، دول كانت فقيرة جدا وغلبانة جدا ومش لاقية تأكل ناسها، فبتأخذ المحصولات تبيعها في الخارج، زي الصين والهند وغيرها وغيرها، النهارده نتيجة أنها أخذت سياسات اقتصادية بيغلب عليها طابع الاقتصاد الحر، عملت إيه؟ اغتنت ارتاحت بدأت تريح المواطن بتاعها، استهلاكه زاد من المواد الغذائية ومن اللحوم وغيرها وبالتالي بطلت تستورد، بقى المعروض في السوق العالمي قليل ولا أقل؟ يعني بيقل ولا بيزيد؟ لازم يقل. جزء ثالث برضه مشكلة أخلاقية، كثير من الدول سواء نامية أو غير نامية ابتدت تقول أخوانا العرب وأخوانا بتاع أوبك رفعوا أسعار البترول 118 دولار ونحن ما عندناش بس ربنا كرمنا بحالة بديلة، ربنا كرمنا بالحبوب، حنعمل وقود حيوي من الذرة والقمح والشعير وما إلى ذلك وبالتالي تم استهلاك جانب كبير جدا من الحبوب اللي كانت مطروحة للعالم للاستهلاك وبالتالي قل المعروض ولا ازداد؟ قل المعروض. مع كل الكلام ده أول ومع كل المعروض اللي بيقل، أنت تتوقع إيه؟ لازم الأسعار تزيد، بعيدا عن الدولة. بقى بلاش أتحجج بالآخرين، أنا اشتغلت، أنا أنتجت، أنا عملت زراعة في بلدي وما أحتاج الآخرين، طول ما أنت ضعيف وطول أنت ما عندكش حاجة وبتحتاج للآخرين لازم تقبل بشروط الآخرين والآخرون بيفرضوا عليك شروطهم وأنت علشان ضعيف لازم تقبل الشروط دي كلها، فتكلمنا قد إيه على أن السودان سلة الغذاء العربية وبعدين المنقطة العربية عندها البعد التكاملي، مصر عندها العمالة، السودان عندها الأرض، الخليج عنده الفلوس، ما عملناش ليه السلة دي؟ جايين النهادره نتكلم ونقول إن بقى في مشكلة عالمية وما فيش حبوب ومش لاقين نأكل! ما تشتغل يا أخي وتطلع إنتاج.


فيصل القاسم: جميل جدا، دكتور سمعت هذا الكلام، هناك عوامل وأسباب موضوعية ذكرها الدكتور يعني يجب أن تفهمها هذه الشعوب قبل أن تثور وتخرج إلى الشوارع وتحرق الأخضر واليابس بشكل غوغائي وكل ذلك، أعطاك الكثير منها مثلا المستشارة الألمانية قبل أيام قالت عندما اتهموها بأنها.. يعني بأنهم يستخدمون الحبوب والسكر كوقود حيوي أو عضوي، قالت لماذا لا تتحدثون عن أن الهنود بدؤوا يأكلون وجبتين الآن؟ وقالت اذهب إلى الهند الآن وستجد أن كل الناس في الهند أكثر من مليار شخص، الجميع يتحدث أن الهندي لازم يأكل مرتين في اليوم، هو بيأكل مرة واحدة. هل تعلم أن في الصين أيضا الآن أكثر من 150 مليون صيني بدؤوا يشربون الحليب، لم يشربوا الحليب من قبل، طيب أليس حريا بالشعوب العربية اللي ثائرة أن تفهم هذه الحقائق؟


محمد مقدادي: يعني أنا بكل تأكيد، بكل تأكيد أنا مع الحلول الوطنية والحلول القومية أيضا على المستوى الوطني وعلى المستوى القومي، أنا أؤكد بأن هذا الوطن العربي الكبير بأطره المختلفة وبيعني أقاليمه..


فيصل القاسم (مقاطعا): ما بدي شعارات دكتور، بدي اقتصاد..


محمد مقدادي: لا، ليست شعارات، أنا أريد أن أتحدث في الاقتصاد وليس الاقتصاد نظريا، أنا أريد أن أؤكد بأن رأس المال إذا تحرر من إنسانيته وابتعد عن منظومته الأخلاقية تحول إلى أداة للنهب واستعمار البلاد والعباد..


فيصل القاسم (مقاطعا): هذا ما حدث في العالم العربي، كيف؟


محمد مقدادي: هذا ما يحدث في العالم العربي حقيقة..


فيصل القاسم: كيف؟


محمد مقدادي: الآن حينما نقول عن قضية الخصخصة والتي أفرد لها يعني..


فيصل القاسم: شعرا.


محمد مقدادي: أفرد لها الدكتور كثيرا من الحديث والنظريات. حينما أقول بأن الخصخصة التي طالت  كافة المؤسسات التي بنتها الشعوب العربية بدمها وعرقها ويقول بأن هذه المؤسسات بعد أن تمت خصخصتها وبعد أن استبدلت إداراتها أصبحت قادرة على الإنتاج بشكل نوعي وبشكل كمي وأصبحت مؤسسات رابحة، أقول لم لم تفعل هذه الحكومات، لم لم تقدم الحكومات العربية قبل أن تبيع منجزات هذه الشعوب على  استبدال هذه الإدارت الفاسدة وتدريب موظفيها ووضع خطط لتطوير العمل العام من أجل أن تكون هذه المؤسسات رابحة؟ ولكن مشكلتنا أن هذه الحكومات صامتة على ما يفعله التجار في بلادنا لأن..


فيصل القاسم: لأنها متورطة ومتواطئة.


محمد مقدادي (متابعا): لأن حكومات الظل الآن التي تحكم البلاد هي حكومات التجار، رأس المال السياسي الذي أوصل كثيرا من النواب إلى مجالس البرلمانات العربية هم من رجال الأعمال وهؤلاء الذين يشكلون 20% أو 30% من أعضاء مجلس النواب في بلد..

دور الحكومات والأنظمة والشعوب


فيصل القاسم (مقاطعا): يعني تريد أن تقول إن هناك تواطؤ بين التجار والطبقات السياسية في العالم العربي مما أحدث هذا الخلل؟


محمد مقدادي: هذا الخلل، هذا الفحش، ليس هذا خلل، هذا فحش حقيقة وهذا متاجرة بكرامة المواطن، هم يريدون أن يحولوا المواطن متسولا على أبوابهم أنا أقول..


فيصل القاسم (مقاطعا): يعني جوّع كلبك بيتبعك؟


محمد مقدادي: يعني هذا مثل أميركي هو أو عفوا مثل بريطاني استعماري سابق ولكن أنا باعتقادي أن هذا المثل قد انقلب الآن، هذا الجوع لن يبقي الكلب تابعا لصاحبه، وأنا أحذر حقيقة أنا أحذر، أنا أقول إن..


فيصل القاسم: إن الكلب سينهش؟


محمد مقدادي: إن الكلب سينهش، لكن ليس هذا هو الحل، أنا باعتقادي بأن الحكومات الوطنية العربية يجب أن تعود إلى كامل رشدها ووعيها وأن تعتبر أن المنطلقات الوطنية والمنطلقات المجتمعية ودولة الرعاية يجب أن تعود ويجب أن نتوقف عن تخصيص أو خصخصة المؤسسات العامة ويجب أن تحظى الشرائح الفقيرة بالمزيد من الرعاية والاهتمام يجب أن نتوقف عن خصخصة التعليم والصحة وعلينا أن نعتبر أن حق العمل وحق الغذاء وحق تناول الدواء وحق الحياة الكريمة..


فيصل القاسم: والمحروقات.


محمد مقدادي: والمحروقات وكل هذه المسائل التي تمس حياة المواطن بشكل يومي يجب أن تكون خطوطا حمراء لا تمس على الإطلاق وغير قابلة للمناقشة أو المساومة عليها.


فيصل القاسم: دكتور.


رشاد عبده: باختصار شديد برضه، أنا متفق مع الدكتور في بعض الحاجات يعني نحن مش مختلفين تماما، إنما هي النقطة الآتي، الخصخصة يا أخوانا هل هي بتفيد ولا بتضر؟ إذا كانت بتفيدني ما أعملهاش ليه؟ شوف ربنا إدانا مجموعة من الأدوات والأدوات دي أطورها علشان أحسن حياتي، ليه ما أحسنش حياتي؟ ليه ما أطورش حياتي؟! حافضل تابع..


فيصل القاسم (مقاطعا): بس يا دكتور، تحدث عن تواطؤ، تحدث الدكتور عن تواطؤ بين حكومة الظل المتمثلة بالتجار والمتلاعبين والمحتكرين للسلع والأسواق والحكومات العربية، لأول مرة في البلدان العربية الآن هناك تحالف بين السلطة ورأس المال، وهذا هو لب المشكلة. جاوبني على هذا السؤال، في دول عربية كثيرة الحكومات تنحاز للحيتان والهوامير وتترك الشعوب تتضور جوعا وهذه الشعوب لن تكون تابعة ستنتفض وستحرق الأخضر واليابس.


رشاد عبده: دعني أتكلم بوضوح وبصراحة، أنا باتكلم عن اقتصاد حر، حر يعني إيه؟ يعني أنت النهارده بقى عندك الحرية في أنك تتملك ما تريد وفي أنك تنتج ما تريد وأنا من حقي أشتري منك وما أشتريش منك، دي كلها مسائل حرية وبالتالي أنت من حقك تستورد اللي أنت عايزه وأنا من حقي أشتري منك وما اشتريش منك، وبالتالي هي دي الحرية. خلاص الفترة القديمة أيام ما كنا إشتراكيين بقول ممنوع إستيراد سلع واحد، اثنين، ثلاثة، أربعة، وإذا سمح يبقى يسمح لأبناء فلان وعلان وتلتان، النهارده ما فيش، من حق أي مواطن يتبع هذا الاقتصاد الحر أن يستورد ما يشاء، ينتج ما يشاء، يصدر ما يشاء، ولا في أي خطوط على الكلام ده كله، انتهت خلاص..


محمد مقدادي(مقاطعا): السؤال الذي يطرح نفسه يا دكتور، اسمح لي بمقاطعتك هنا قبل أن أنسى هذه النقطة، من هو المواطن؟ من هو المواطن الذي يستطيع أن يستورد ما يشاء وأن يصدر ما يشاء؟ هل هو 70% من الشعب العربي يعيشون تحت خط الفقر..


فيصل القاسم (مقاطعا): أي 70%، 90%.. من الذي يحتكر الوكالات والموانئ ومنافذ التصدير والإستيراد؟ يا رجل، شخصين، ثلاثة هي كل الدول العربية، يعني أنت تريد أن تضحك على المشاهد العربي وتقول للمواطن فيك تستورد. فيه يستورد فأرة؟ فيه يستورد فأرة؟


رشاد عبده: ما تيجي نتكلم بصراحة شديدة..


فيصل القاسم (مقاطعا): بصراحة من الذي يمسك بالخناق؟


رشاد عبده: ألا تحس من كلامكم ده أنه في نوع من الحقد؟ ناس اشتغلت وتعبت ومعاها فلوس ومن حقه يمول فلوسه دي ويستثمر ويكسب، إيه المشكلة؟..


محمد مقدادي (مقاطعا): الثروات لا تتأتى..


رشاد عبده (متابعا): يا رجل، بني آدم طلع اشتغل بره عالة في الخليج أو غير الخليج وكسب مليون واثنين وأحب يعمل مشروعا ويكسب، أقول له ما تكسبش؟ ليه؟..


محمد مقدادي (مقاطعا): لا،لا،لا، ليس هذا..


فيصل القاسم: جميل..


رشاد عبده (متابعا): إيه الحقد اللي قاعد تتكلم فيه هنا..


محمد مقدادي: ليس هذا، ليس هذا.. اسمح لي دكتور..


رشاد عبده (متابعا): ده هو الحقد، ما فيش حاجة، خلاص يادكتور انتهى، مرحلة أن أي أحد يعمل أي مشروع من حقه أن يستورد أي شيء من حقه، يصدر ما يشاء من حقه ومن ماله..


محمد مقدادي (مقاطعا): إذا كان يمتلك المال ولكن من الذي يمتلك المال؟ هل أنا المواطن أم الشركات الكبرى؟ لا يا سيدي الآن القضية ليست قضية أفراد..


رشاد عبده (متابعا): إنسان اشتغل وتعب، وبعدين نحن ناس مسلمين والإسلام بيقول إنه في نوع من الإرث، أنا ورثت عن والدي وعن جدي أموالا ما وعايز استثمرها في الحلال وأعمل مشروعا أشغل أولادي وأولاد شعبي وأكسّب المجتمع وأكسب معاه، إيه المشكلة؟..


فيصل القاسم (مقاطعا): طيب يا دكتور أنت تريد وفاسح المجال ومعطي الفرص للناس كي تستورد وتفتح، طيب ما يلاقوا الخبز أول شيء ما هو عم بيروحوا شهداء من أجل رغيف خبز، الغالبية العظمى من الشعب العربي الآن لا تستطيع أن تأكل سلطة، الرواتب لا تكفي لأن تأكل سلطة وخبز ناشف، خبز مقرقد. كيف..


رشاد عبده: عايزني أأمم الناس دول وأدي فلوسهم للغلابة؟!


محمد مقدادي: لا تؤمم.


رشاد عبده: عايز إيه؟ واحد اشتغل وكسب وتعب وحقق وشغل ناس وعمل وفتح بيوت وربنا سهل له وكرمه، هل آخذ فلوسه علشان أداري الغلابة؟! ده دور الدولة، والدولة على سبيل المثال زي ما قلت لك، دولة زي مصر على سبيل المثال خصصت..


فيصل القاسم (مقاطعا): وماذا فعلت الدولة؟ رفعت الدعم عن السلع الأساسية تركت الناس تموت..


رشاد عبده: لا ما حصلش، مين قال الكلام ده؟


فيصل القاسم: مش بمصر في كل الدول العربية.


رشاد عبده: أنا حأتكلم عن مصر، مصر عمره الدعم ما نقص فيها يوم من الأيام، الدعم في مصر كل يوم بيزيد يكفي أن أقول لك إنه لغاية السنة اللي فاتت كان الدعم على الخبز حوالي مليار أو اثنين مليار، النهارده وصل إلى ستة وثمانية مليار، المحروقات اللي تتكلم عليها حضرتك، تعرف دعم المحروقات في مصر كم؟ خمسين مليار جنيه، ده دعم المحروقات، إذاً هذا دور الدولة..


فيصل القاسم (مقاطعا): طيب جميل جدا، بس خليني أسألك سؤال، أنت تتحجج بالصين وبالدول الإشتراكية التي دفعت ثمنا للحاق باقتصاد السوق والعولمة وإلى ما هنالك، طيب كويس، كويس، لماذا لا تقف الصين ودول جنوب شرق آسيا وكل البلدان التي لحقت بالركب الاقتصادي العالمي، لماذا لا تقف على كف عفريت؟ لماذا نحن الوحيدون الذين نقف على كف عفريت ومجتمعاتنا مهددة؟ صندوق النقد الدولي بذاته قال إن الكثير من الدول العربية ستشهد اضطرابات ستأكل الأخضر واليابس، لماذا نحن فقط؟ إذاً المشكلة بحكوماتنا ولصوصنا، وحكام مزارعنا.


رشاد عبده: حأقول لك ليه؟ تعال برضه نتكلم بوضوح ومسألة ما منجاملش أحد، لأنه مش من صالحنا نصالح أحد نجامل أحد لأنه ما فيش أحد له علينا ولاية ما،  إنما باختصار شديد أنت تكلمت عن ثلاثة أربعة دول، لا أنا حأقول لك كل دول أوروبا الشرقية السابقة، كل الدول اللي كانت شيوعية وإشتراكية، بولندا ورومانيا والمجر وكل الكلام ده، كان وضعهم الاقتصادي إيه والنهارده شكلهم الاقتصادي إيه لما مشيوا على هذه السياسات؟ كانوا ناس فقراء، اتفرج على الأفلام القديمة وشوف الستات عندهم شكلها إيه، الرجالة ماشية متحجرة، تعال شوف النهارده شكل الرفاهية اللي بقى عند الدول دي كلها..


فيصل القاسم: جميل جدا، دكتور أنا بدي أسألك سؤال، هناك جوع، هناك فقر، هناك نهب، هناك فساد، هناك سلب، ولكن كل ذلك شر لا بد منه، علينا أن ندفع الثمن، على هذه الشعوب أن تمر بهذا الممر الضيق كي تصل في نهاية المطاف إلى بر الأمان كما فعلت الصين، كما فعلت دول أوروبا الشرقية الاشتراكية كل ذلك، ماذا تقول؟


محمد مقدادي: أولا فيما يتعلق بالدول الاشتراكية السابقة التي انخرطت في السوق العالمية، لقد تم هذا الانخراط بشكل طوعي، لم يكن بشكل قسري ولا وفقا لإملاءات صندوق النقدي الدولي لأنها بالأصل لم تكون مدينة لصندوق النقد الدولي في معظمها..


رشاد عبده (مقاطعا): لا، كلها كانت مدينة..


محمد مقدادي: في معظمها، اسمعني، في معظمها لم تكن..


رشاد عبده (متابعا): وبولندا نوع من أنواع المغازلة لها.. في باريس وخفضوا لها 50%..


محمد مقدادي: يا سيدي بولندا ورومانيا، انس، انس لي بولندا ورومانيا، أنا أتحدث مثلا عن الاتحاد السوفياتي، أنا أتحدث عن الاتحاد السوفياتي، الذي يا سيدي الآن بعد الانخراط..


رشاد عبده (مقاطعا): لما تتكلم ما تتكلمش عن دولة معينة يا دكتور..


محمد مقدادي: اسمح لي، اسمح لي..


رشاد عبده (متابعا): اتكلم عن النظام، كل النظام الاشتراكي كان عليه مديونيات.


محمد مقدادي: ليس النظام الاشتراكي، المشكلة ليست في النظام والنظرية الاشتراكية، المشكلة فيمن كان يطبق هذه النظرية وبيتعامل كما تفضلت مع الأنسباء والأصهار والمعازيم.


فيصل القاسم: طيب باختصار يعني سؤال للضيفين باختصار، ماذا تقول للشعوب العربية المتأهبة الآن للقيام بثورات جياع؟ باختصار.


رشاد عبده: عليكم بالعمل، اشتغلوا يا أخوانا، ما هو قلنا إن السودان عندها مزرعة، اشتغلوا. ومصر والسعودية وكل الدول العربي يا أخي..


فيصل القاسم (مقاطعا): مش مضّوا لي إياها نوم، نايمين ثلاث أرباع الشعوب العربية.


رشاد عبده: بالضبط كده، ما حدش حيأكلني لله، اللي بيديك النهارده قرش واللي بيديك معونة ما له مصلحة ما، ولو المصلحة انتهت مش حيديك، الصح إيه؟ اشتغل، إدي إنتاج.


فيصل القاسم: جميل جدا، اشتغل. ماذا تقول للشعوب العربية المتأهبة الآن للثورة وثورات الجياع والخبز بكل الدول يعني العامل المشترك الوحيد بين الدول العربية الآن الفقر حتى في بلدان الخليج، ماذا تقول؟ ماذا تقول للشعوب؟


محمد مقدادي: يا سيدي العزيز أنا أوجه خطابي لجهتين، للشعب والحكومات في آن واحد، الشعوب العربية عليها أن تتفاعل وطنيا..


فيصل القاسم (مقاطعا): شو تتفاعل وطنيا؟


محمد مقدادي: تتفاعل وطنيا مع قضاياها، بمعنى أن هذا الترف الذي أراه في أوساط الشعوب العربية أيضا هو يقودها إلى حالة الفقر وأنها تتشابه مع الدول الأخرى الأكثر غنى والأكثر قدرة على إدارة اقتصادياتها، هذا جانب. أنا أقول إن هناك مشروعا صهيونيا أميركيا على الشعوب والحكومات أن تكون حذرة من تدمير أوطانها وأنا أقول أيضا للحكومات بأن النحلة التي تطمئن إلى بيتها تملأ جراره بالعسل وفضاءاته بالنشيد، فاجعلوا من أوطاننا خلايا لنعمل بها جميعا..


فيصل القاسم (مقاطعا): بس قل لي شو بتقول للشعوب المتأهبة الآن؟


محمد مقدادي: أنا أقول لهذه الشعوب بأن تمارس دورها الوطني..


فيصل القاسم (مقاطعا): شو دورها الوطني؟


محمد مقدادي: دورها الوطني يا صديقي في عملية الإنتاج، في الاستجابة إلى متطلبات الحياة اليومية.


فيصل القاسم (مقاطعا): يعني لا تقول لها أن تتظاهر؟


محمد مقدادي: هناك وسائل كثيرة لبلوغ الغاية من أجل إيقاف حالة الفساد والإفساد التي تجري في أوطاننا العربية.


فيصل القاسم: أشكرك جزيل الشكر. مشاهدينا الكرام لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا، الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي الدولي، والدكتور محمد المقدادي الكاتب والأستاذ الجامعي. نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين ها هو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة إلى اللقاء.