
قمة الدوحة الإسلامية ومنظمة المؤتمر الاسلامي
مقدم الحلقة | فيصل القاسم |
ضيوف الحلقة | – د. عليّ القره داغي رئيس قسم الفقه والأصول في جامعة قطر – د. عزيز العظمة الباحث والكاتب والأستاذ في الجامعة الأمريكية |
تاريخ الحلقة | 14/11/2000 |
![]() | |
![]() | |
![]() |
د. فيصل القاسم:
تحية طيبة مشاهدي الكرام، ألم يكن من الأجدى أن تُنفق الأموال التى أُهدرت في القمة الإسلامية على مشروعات ذات نفع حقيقي بدلاً من تبذيرها على مؤتمرات عديمة الجدوى؟
أليست القمم الإسلامية مضيعة للوقت والجهد والمال؟
أليست عبارة عن كرنفال احتفالي باهظ التكاليف؟
ألم يكن من الأجدى التبرع بقطع القماش التي كُتبت عليها شعارات القمم الإسلامية للعريانين في بقاع العالم الإسلامي كي يتدثروا بها؟
هل يمكن أن تقيم تجمعاً سياسياً على أساس دينيّ؟لماذا يحاول المسلمون أسلمة كل شيء حتى المؤتمرات؟
لماذا لا نجد هذا الاندفاع نحو تديين السياسة عند الغرب والأمم الأخرى؟
لماذا سمعنا عن تكتل دول جنوب شرق آسيا (الآسيان) ولم نسمع عن المؤتمر البوذيّ أو الهندوسيّ مثلاً؟
لماذا لا يأخذ الغرب مؤتمرات القمة الإسلامية على محمل الجد بينما يهتز لمجرد انعقاد اجتماع لوزراء نفط منظمة أوبك؟
هل نواجه العولمة بتكتلات دينيَّة أم اقتصادية؟
لماذا انصب اهتمام مؤتمر الدوحة بالدرجة الأولى علي قضية روحية بحتة كقضيَّة القدس؟
هل لأنها لا تكلف زعماء الدول الإسلامية غير العواطف الجوفاء والعبارات الطنانة؟
هل تكفي العقيدة المشتركة لأن تكون أساساً للوحدة والتكتل؟
ألم يشحب الإسلام كرابط عقائديّ؟
ألم يتحَّول إلى مجرد طقوس؟
ألم يصبح الإسلام أحياناً عامل تفريق بالنظر إلى الأحقاد المذهبيَّة؟
هل هناك أمة إسلامية فعلاً؟ما الذي يجمع بين النظام التركي والنظام الإيراني مثلاً؟
يقول أحدهم متهكماً: إن أكثر ما يجمع معظم الدول الإسلامية هو أنها غير ديموقراطية، ومعظم أنظمتها غير شرعيَّة، وبالتالي كان يجب أن تُسمى منظمة المؤتمر الإسلامي الاستبدادي، ثم ألا تتميز معظم الدول الإسلامية بتبعيتها المفرطة لأمريكا إلى حد جعل الشيخ القرضاوي يتهكم قائلاً: إن قبلة المسلمين الأولى والثانية أصبحت واشنطن.
لكن في المقابل.. لماذا كل هذا الهجوم الأعمى على منظمة المؤتمر الإسلامي؟
أليس اجتماع الدول الإسلامية تحت راية الإسلام شيئاً إيجابياً للغاية؟
ألا يكفي أن هذه المؤتمرات تعبر عن وجدان إسلامي واحد؟
أليست هناك أمة إسلامية رغم كل الخلافات السياسية بين الدول الإسلامية؟ أليست المظاهرات التي تخرج من أندونيسيا إلى إيران تضامناً مع الفلسطينيين دليلاً واضحاً على ذلك؟
أليس مجرد انعقاد القمة تحت شعار انتفاضة الأقصى، والتزام أطرافها بالحد الأدنى مكسباً سياسياً ممتازاً؟
ألم يُترجم طريق التضامن الإسلامي نظامياً ومؤسسياً في منظمة المؤتمر الإسلامي؟ ثم من قال إن المؤتمر الإسلامي تجمع ديني؟
أليس من الإجحاف الحديث عن دار الإسلام مقابل دار الحرب؟
أليس هناك مؤتمر يهودي عالمي تحاك فيه كل أنواع الدسائس والمؤامرات ضد شعوب الأرض؟
ثم أليست الدول الإسلامية دول مدنية لا دينية أصلاً؟حتى وإن لم تأت التجمعات الإسلامية بثمار إيجابية فإن في التجمع نوعاً من العظمة والعبرة وهو أن الذي يمكن أن يُجمع البشر هو دين الإسلام، لا الاقتصاد، ولا الجغرافيا، ولا المصالح.
ثم من قال: إن المؤتمرات الإسلامية تعمل بوحي من أمريكا؟ألم تعمل واشنطن والغرب عموماً على تحطيم وتصفية كل تجمع أو تحالف إسلاميّ؟
ألم يسقطوا الرئيس الألبانيّ صالح بريشا عقاباً له على إدخال بلاده في منظمة المؤتمر الإسلامي؟
ثم أليس من حق حوالي مليار ونصف المليار مسلم أن يجدوا مكاناً لهم تحت الشمس؟
أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على الأستاذ الدكتور عليّ القره داغي رئيس قسم الفقه والأصول في جامعة قطر، وعبر الأقمار الصناعية من بيروت على الدكتور عزيز العظمة الباحث والكاتب والأستاذ في الجامعة الأمريكية، للمشاركة في البرنامج يرُجى الاتصال بالأرقام التالية: (4888873)وهو عبارة عن أربعة خطوط، ورقم الفاكس (4885999) وعبر البريد الإليكترونيّ:
E – Mail
Oppdir @ qatar. net. qa
[فاصل إعلانيّ]
د. فيصل القاسم:
دكتور العظمة في بيروت، في البداية ألا تعتقد أن وجود منظمة مثل منظمة المؤتمر الإسلاميّ شيء إيجابيّ للغاية، خاصة وأنها يعني تجمع قادة الدول الإسلامية من كل بقاع العالم تحت راية الإسلام، وهو شيء مطلوب الآن في وقت تتكتل فيه..، يعني نشاهد فيه الكثير من التكتلات في كل أصقاع العالم؟
د. عزيز العظمة:
أعتقد أن منظمة المؤتمر الإسلامي منظمة قد تكون إيجابية حسب الأوضاع المختلفة، وكنت لأودّ لو كان هذا الإجتماع الذي حصل في قطر في اليومين الأخيرين اجتماعاً إيجابياً، أي أنه اجتماعاً يفعل من باب التضامن مع المسلمين، ومن باب التضامن البشريّ والإنسانيّ أكثر من أن يؤكد، وأنا أماميّ النصّ النهائيّ البيان يؤكد ويحث ويطالب ويدعو، نحن نأمل في أكثر من ذلك، لأن المطالبة والحث والتأكيد والدعوة بحد ذاتها ليست إلاَّ تعبيراً عن جملة من العواطف التي قد تنحي جانباً بأي فعل مشترك قادر على أن يكون له أي أثر في الوضع الفلسطينيّ، أنا مهتم الآن بالوضع الفلسطينيّ، ولا أعتقد أن القمة الإسلامية قد فعلت أي شيء في هذا الصدد.
د. فيصل القاسم:
طيب السؤال المطروح يعني عن تشكيل تجمعات على أسس دينيَّة، يعني هل تعتقد أنه من الممكن أن تكون هناك تجمعات في عصر العولمة تقوم على أسس دينيَّة مثل منظمة المؤتمر الإسلامي، أم أن مثل هذه المنظمات خارج زمانها، إذا صح التعبير؟
د. عزيز العظمة:
أنا أعتقد أن هذه المؤسسات جملة من المؤسسات القائمة على عواطف في غير محلها، لا أعتقد أنه من الجدوى على الإطلاق القيام بتجمعات دينيَّة إسلامية وصليبية أو غيرها، التجمع الوحيد الفاعل هو التجمع اليهوديّ والتجمع الصهيونيّ، ولهذا ظروف معَّينة معلومة، ولكن هذا لا يعني أنه بمستطاعنا، أو أنه بمقدورنا، أو أنه من الواجب علينا أن نقوم بتجمع إسلامي لا يفعل إلاَّ إبداء بعض العواطف الجياشة والأقل جياشة منها بصدد هذه المسألة أو تلك دون أي أثر يُذكر، وأعتقد أنه الأجدى أن تكون هناك تجمعات إقليمية، وعندي طبعاً التجمع الإقليميّ الأساسيّ هو التجمع العربيّ، أدري أنه ليس هناك.. لم تكن هناك أية نتائج فعليَّة فيما يخص القضيَّة الفلسطينية أو أية قضيَّة أخرى مطروحة على الساحة من مؤتمرات القمة العربيَّة، ولكنني مازلت أعتقد أن التجمع الوطنيّ والتجمع القوميّ والتجمعات الأخرى القائمة على المصالح المعينة، تجمعات اقتصاديَّة وغيرها هو الطريق الأجدى.
أضحى الإسلام منذ فترة طويلة عقيدة، وهذه العقيدة قد تنتج بعض التجمعات الكلاميَّة، وبعض المجامع الفقهيَّة وما إلى ذلك، ولكن لا أعتقد أنه علينا أن نعُمم ذلك إلى مجالات السياسية وإلى مجالات الاجتماع.
د. فيصل القاسم:
طيب، دكتور القره داغي سمعت هذا الكلام، يعني هذه التجمعات تقوم على عواطف في غير محلها، وليس من الجدوى أن تكون هذه التجمعات موجودة في المقام الأول.
د. علي القره داغي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه.
أيها الأخوة المشاهدون، يشرفني أن أحييكم أولاً بنحيَّة الإسلام، فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
طُرحت – الحقيقة – مسألتان، وأود أن أعلقّ على المسألتين.
المسألة الأولى: النظرة إلى منظمة المؤتمر الإسلامي هل فيه.. أو في هذه المنظمة، هل فيها جوانب إيجابيَّة؟
أنا حقيقة لابد أننا حينما نقيّم المنظمة أن ننظر إليها نظرة – كما يقولون – نقدية، الجامعة بين بيان الإيجابيات والسلبيات، لا نظرة تشاؤميَّة ننظر إليها بنظارة سوادء، ولا نظرة وردية، ولا نظرة فاحصة عن السلبيات كمفتشي القِمامة أو القُمامة كما يقول شيح الهند.. شيخ الندوي، وإنما ننظر إليها نظرة واقعيَّة، ونقيم هذه المنظمة، وإذا أُتيح لنا المجال، ربما نتطرق إلى هذا الجانب، وأعتقد القمة الأخيرة، على الرغم من أنني لدي ملاحظات كثيرة جداً على منظمة المؤتمر الإسلامي سوف نتطرق إليها، وليست مدافعاً عن المنظمة في الوقت الحاضر، وإنما أبيّن الجانب الواقعيّ، منه على سبيل المثال هذه، في هذا المؤتمر، مؤتمر الدوحة عدة إيجابيات:
أولاً: هذا التأييد السياسيّ العظيم للقضيَّة الفلسطينيَّة..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، أنا سآتي إلى ذلك، لكن قبل أن نأتي فيه أنا أريد أن نتحدث في البداية
د. علي القره داغي:
عن الجانب الثاني
د. فيصل القاسم:
عن جدوى مثل هذه التجمعات، يعني الدكتور.. أنا أريد، لاشك سنأتي على ذلك
د. علي القره داغي:
طيب، لا، بس أن أريد الجانب الثاني الذي تطرق إليه الدكتور، لا أريد أن أتركه في هذا الجانب،
أنا أعتقد هو التأصيليّ، هذا الجانب الذي أشار إليه الدكتور عزيز – مع احترامنا الشديد له – هو الأساس، يعني الدكتور قال أن الإسلام أضحى مجرد عقيدة، يعني هذا الكلام، هذه النظرة إن كانت صحيحة بالنسبة للفكر المسيحي فليست صحيحة بالنسبة للإسلام، الإسلام دين.. (اليوم أكملت لكم دينكم) فنحن إذاً أنا أناقش مع أخي الدكتور عزيز لابد أن نضع منهجيَّة، هذه المنهجيَّة هي مسألة النصوص الشرعيَّة، إما أنا مسلم وهو مسلم أو غير مسلم، إذا تطرقنا إلى النصوص الشرعيَّة، فالنصوص الشرعيَّة تجعل هذا الدين شاملا، ومن لم يؤمن بشيء معلوم من الدين بالبداهة، فهذا حقيقة خارج..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، كي..
د. على القره واغي [مستأنفاً]:
عفواً، لو سمحت والله، إذا تسمح لي كما سمحت للأخ، دون مقاطعة.
د. فيصل القاسم:
سأسمع لكن كي لاً ندخل في الأمور الفقية نبقي في الموضوع السياسيَّ.
د. على القره واغي:
لا. لا. بس بالتأصيل يعني، هذه المسألة تترك لنا المجال في البداية، وبعدين أتكلم مع الأخ الكريم.
فهو قال أنه التجمعات القومية هي البديلة، إحنا جربنا التجمعات القومية، مؤتمر الجامعة العربية قائمة على التجمع القوميّ، ماذا قدَّم؟ جاء البيان الذي صدر من منظمة المؤتمر، والأشياء التي تحققت أنا أعتقد إن لم تكن أحسن من الجامعة العربيَّة، كان أحسن، بل الجامعة العربيَّة فكَّت القضايا الاقتصاديَّة والمقاطعة الاقتصاديَّة تماماً وبحكم الجامعة، وبينما هذه المسألة كان المفروض بالدافع القوميّ، بالدافع الوطني، أين هذه الدوافع بصورتها الصحيحة.
الأمر الثاني حقيقة: الإسلام دين ودولة، ونظام شامل، والإسلام يختلف عن بقيَّة الأديان، وهذا يؤمن به أي إنسان – كما يُقال – من المعلوم بالدين بالضرورة، فإذن والرسول – صلى الله عليه وسلم – أقام دولة الإسلام، وإلى يومنا هذا كل المسلمين المؤمنين بهذا الدين يؤمنون بأن هذا الدين عقيدة وشريعة ومنهج وحياة (يا أيها الذين آمنو استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين) (إن هذه أمتكم أمة واحة) (كنتم خير أمة) فإذاً نحن أمة لنا كل مقومات الأمة كعقيدة، وكفكر، ولكن لمَّا نقول: نحن أمة هذا لا يعني أننا أمة متعصبة، أمة دينيَّة محضة..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، لكن أنا أريد.
د. على القره داغي [مستأنفاً]:
والإسلام نظام شمولي مدنيّ.
د. فيصل القاسم:
لكن أنا أريد أن أسأل، السؤال هو: لا أحد يشكك في مثل هذه المسلمات والثوابت، لكن السؤال..
د. على القره داغي [مقاطعاً]:
هناك ناس يشككون، لا يؤمنون بأن الدين في السياسة، الفصل بين السياسة والدين.
د. فيصل القاسم:
السؤال المطروح: هل بإمكانك أن تبني تجمعات سياسية وتكتلات..
د. على القره داغي [مقاطعاً]:
صحيح.
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
على غرر التكتلات القائمة الآن في الكثير أصقاع العالم على أسس دينية؟
يعني لا شك أن هذه عواطف ممتازة نبيلة، إلى ما هنالك من هذا الكلام، لكن هل تصلح هذه العواطف الجياشة لأن تكون قاعدة لتكتلات تواجه بها العولمة مثلاً؟
د. على القره داغي:
دكتور، إحنا هذا في تفسير الإسلام، إحنا يبدو الإخوة أو أن يُراد أن يفسر الإسلام بمجموعة من العواطف، وهذا كلام غير صحيح، الإسلام نظام شامل، الإسلام سياسة، الإسلام اجتماع، الإسلام علم، الإسلام مجتمع، الإسلام دين مدنيّ، حتى دولة مدنية لكن أساسه هو الإسلام، فإحنا نحاول أن نفسر الإسلام بمعناه العاطفيّ ثم بعد ذلك نريد أن نبني على هذا التفسير الخاطيء أنه لا يمكن.
أن أقول: لا يمكن أن تبنى المؤسسات السياسيَّة على مجرد العواطف، لكن الإسلام ليس ديناً عاطفياً، دين واقعيّ، دين سياسيّ، والحقيقة، والتاريخ، إحنا كان لنا أمة، وكان لنا دولة حوالي ثلاثة عشر قرناً، ولم تُسقط دولة – وإن كان علينا ملاحظات – دولة الخلافة، أو سلطة الخلافة، سمّها ما شئت إلاَّ في هذا القرن، 1924، فإذن ظل حوالي ثلاثة عشر قرناً، الأمة الإسلامية دولة، ولها حضارة، ولها قوة، وليست مجرد عواطف كما هو الحال بالنسبة لبقيَّة الأديان، فيختلف الإسلام عن بقيَّة الأديان من هذا الجانب، ولابد أن نكون واقعيين حينما نحكم على التجمعات الدينية بهذا المعنى.
الإسلام ليس تجمعاً دينيناً، الإسلام دين شامل، حياة.
د. فيصل القاسم:
طيب، أنا أريد أن أشرك الدكتور عزيز، لكن للأسف الشديد لدينا بعض المشاكل في الستالايت، سأبقى معك يا دكتور هنا في الأستوديو.
هذا الكلام، أنا لا أريد أن أعود إلى موضوع الإسلام دين ودولة – طبعاً- هذه حقيقة ثابتة، لا أحد يشكك فيها.
د. على القره داغي [مقاطعاً]:
دكتور، هذا حانب من الأساس.
د. فيصل القاسم:
جانب، لكن..
د. على القره داغي [مقاطعاً]:
تأصيلي، إذا آمنا بأن الإسلام دين ودولة معناه.. والدولة يا أخي الكريم تراعي حقوق الآخرين، وتنظر.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، هذا الكلام.
د. على القره داغي [مستأنفاً]:
عفواً، وتنظر- يا أخي الحبيب- إلى اليهود والنصارى الموجودين في العالم على أساس المواطنة، وعلى أساس الحقوق والواجبات، على عكس الأديان، لأول مرة – كما يقول الشيخ محمد الغراليّ – أن الحرية الدينية هي من صنع الإسلام، ما كان يعرف شيء باسم الحرية الدينية، أن الإنسان، المجتمع المسيحيّ يعيش في ظل المجتمع الإسلامي، يشرب الخمور داخل مجتمعهم، ويأكل الخنازير، والإسلام يسمح له بهذا، هذا مش ممكن في أي دين آخر..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، هذا..
د. علي القره داغي [مستأنفاً]:
لماذا؟لأنه دين دنيوي، دين أخروي دنيويّ، شامل.. نعم.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، هذا الكلام ممتاز، لكن أنا أريد أن أطيق هذا على أرض الواقع الآن، كيف يعني هل بالإمكان أن تفسر لي كيف يمكن أن نقيم مثل هذه التجمعات؟
يعني أعتقد إنه حتى إطلاق عبارة أوصفة إسلامي علي هذه التجمعات كلام فضفاض إلى حد كبير جداً، أنا أريد أن أسأل سؤالاً: ما الذي يجمع بين مثلاً النظام التركي والنظام الإيراني في مثل هذا الكلام؟
لديك أنظمة مختلفة كل الاختلاف، في سياساتها، في توجهاتها، حتى أن الإسلام يطبق بطرق مختلفة إلى حد كبير.
د. على القرة داغي:
صحيح
د. فيصل القاسم:
كل واحد يفصل إسلاماً على كيفه، يعني في بعض البلدان الليبرالية يفصلون إسلاماً ليبرالياً إلى أبعد الحدود، وفي البلدان المتشددة إسلام متشدد، إلى ما هنالك من هذا الكلام، إذن نحن بصدد، ليس بصدد نوع واحد، ليس بصدد يعني نوع واحد من الإسلام، وهذا يجعل عملية هذه التجمعات صعبة جداً، طبعاً أنت قلت الكثير، لكن يبدو أن الصورة عادت إلينا الآن.
د. على القرة داغي:
نعم، بس هذا الجواب لازم أرد عليه.
د. فيصل القاسم:
سترد عليه، دكتور العظمة.
د.عزيز العظمة:
يعني أنا لا أود الخوض في نقاش فقهى أو كلامي، ولا أعتقد أن هذا المكان للخوض في كلام من هذا النوع.
د. فيصل القاسم:
تماماً.. تماماً.
د. عزيز العظمة:
ولكنني أود أن أؤكد على رايي الذاهب إلى أن دور الدين في العصر الحديث ليس في مجال السياسة بل هو في المساجد وفي القلوب، لا أعتقد بصحة المقالة الذاهبة إلى أن الإسلام دين ودولة،هذه عقيدة سياسية حديثة، وليست هي بالضرورة مما ينتج عن قراءة النصوص الدينية التأسيسَّة، وهذا أمر بيَّنه الشيخ عبدالرازق منذ ما يفوق السبعين عاماً، منذ حوالى خمسة وسبعين عام.
ولا أعتقد أن الإسلام هو شيء يُطبق، إنه دين، وككل الأديان، وككل مجموعات التصورات والنظم والأخلاق وما شابه ذلك، أمور تتطور بفعل التاريخ، وأن التطورات التي حصلت في العالم العربي، وفي كل أنحاء المعمورة في القرنين الأخيرين قد جعلت من الدين، أو جعلت للدين توصيفاً مخالفاً ومغايراً لما كان عليه منذ قرون، فيجب أن نعترف بهذا الواقع، وألاَّ نتقوقع في جملة من التصورات التي تستلبنا من الحاضر، وتبعدنا عن الواقع، ولذلك فإنني أقول أن هذه التجمعات، وهذا موضوع بحثنا هذه الليلة، هذه التجمعات لا تقوم على أي مستندات في العقيدة، قد تقوم على شيء إنسانيّ بشري عادي هو التعاطف مع أبناء الجلدة، أو مع أبناء الدين الواحد، ولكن ليس أكثر من هذا..
د.فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، دكتور العظمة، سأعطيك المجالس كي تكمل..
[موجز الأخبار]
د.فيصل القاسم:
دكتور العظمة في بيروت، كنت تقول قبل الأخبار: إن مثل هذه التجمعات ومثل هذه المؤتمرات ليس لديها أي مستندات واقعيَّة، بل هي تقوم على عواطف إنسانيَّة ليس إلاَّ، وبالتالي لا يجب أن تقوم في المقام الأول، تفضل.
د. عزيز العظمة:
يعني قضية القيام أو عدم القيام ليس هناك ضير في أن تقوم تجمعات من وقت إلى آخر حسب الحاجة، أمَّا صرف هذه المبالغ الطائلة على منظمات ثقافيَّة، وعلى منظمات إعلاميَّة وإلى آخر ذلك فلا أعتقد أن له أي مردود رجع علينا نحن العرب بأية فائدة ملموسة، والواضح تماماً أننا الآن بإزاء وضع مأسويّ في فلسطين، يُذبح فيه الفلسطينيين، وأرى أن التجمع على أساس دينيّ، والكلام الدينيّ عن ذلك، أي تحويل القضايا القوميَّة والقضايا الوطنيَّة وقضايا الأرض إلى قضايا تختص بالفقة وبالعقيدة وبفروض الجهاد وبفروض الكفايات وإلى آخر ذلك، نوع من الانشغال عن الأساسيّ بأمور هامشيَّة لا تمت إلى الواقع العينيّ بصلة، هذا هو رأيي في هذا الأمر.
أما القول بأن الإسلام دين ودنيا، وأنه دين ودولة، وأنه يجب علينا أن نقيم دولاً إسلاميَّة وتجمعات إسلاميَّة وما إلى ذلك، فإنني أعتقد – كما قلت – أن هذه عقيدة سياسيَّة، لا تُستفاد بالضرورة من الدين، وإنما هو مستفاد بالضرورة من الدين هو أمر موضع تحوّل وموضع خلاف، وهو أمر على كل حال لا يلزمنا في هذا العصر.
د.فيصل القاسم:
دكتور قره.
د.علي القره داغي::
حقيقة طُرح موضوعان: موضوع من الدكتور فيصل، وموضوع من الدكتور عظمة.
بالنسبة للموضوع الأول: ما الذي يجمع بين إيران وبين تركيا؟
أنا حقيقة أقول: هذه ليست قضيَّة الإسلام، أنما قضيَّة الدول، هذه الدول مثل تركيا، ومثل بعض الدول العربيَّة العلمانيَّة المتطرفة خرجت من إطار الإسلام أساساً، ولا تعترف بالإسلام، وإنما تدخل في هذا الإطار ربما لأي مصلحة اقتصاديَّة، فهذه المشكلة – عفواً – لا ينبغي أننا نجعل الإسلام شمَّاعة نعلّق على هذه الشماعة مشاكل هذه الدول التي في الواقع معظم هؤلاء الحكام لا يمثلون الشوارع السياسيَّة العربيَّة والإسلاميَّة، ولا يمثلون..
د.فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن دكتور، هذه الدول هي ذاتها التي تشكل جسم هذه المؤتمرات وهذه التجمعات الإسلامية التي تنادي بها.
د.علي القره داغي [مستأنفاً]:
ولذلك لمَّا كان هؤلاء بهذا الضعف يكون هذا الجسم ضعيفاً، وهذا سوف نتطرق إليه.
أتطرق إلى الموضوع الذي تكلم فيه الدكتور عظمة، أنا أسأل العظمة: ما الحكم.. أسأله: ما الحكم في مسألة شمولية الإسلام للجوانب السياسية والجوانب الحياتية؟
هل الحكم والحُكم إلى النصوص الشرعية، لو تكرمت؟
د.فيصل القاسم [مقاطعاً]:
بس أنا لا أريد أن أدخل في الجانب الفقهيّ.
د.علي القره داغي:
بس دكتور– الله يجزيك خير- هومش أثار هذا الموضوع؟فكيف أن أسكت؟لا يمكن أبداً.
د.فيصل القاسم:
أثار، طيب.
د.علي القره داغي:
خلني بس أسأله.
د.فيصل القاسم:
لا أريد أن أدخل فيها فقهياً
د.علي القره داغي:
أبداً، هذا الموضوع..
د.فيصل القاسم:
بس باختصار، لأن موضوعنا سياسيّ
د.علي القره داغي:
الموضوع بس جعل له جانب سياسيّ، حذف عن الإسلام كل شيء، بقى إسلام سياحيّ إن صح التعبير، فكيف نقبل أخي؟هذه قضية مش قضية إنه.. أنا ما أريد أن ندخل في الجانب اللي يسمونه الجانب العقيمي، لكن هذا أساس الإسلام.
هو يقول كما سمعت، إذًا أخي الحبيب أنا أتحاكم بالنسبة لأي دين كموضوعيَّة، أنا لمَّا أحكم على اليهوديَّة، لا أقول: أنا كإسلام أحكم عليها، إلى نصوصهم، إلى المسيحيَّة.
د.فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب
د. علي القوه داغي [مستأنفاً]:
هل الحكم – لحظة واحدة – هل الحكم في ذلك النصوص الشرعية وسنة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وسيرته والواقع التاريخيّ خلال ثلاثة عشر قرناً ظل الإسلام ديناً ودولة وشاملاً للحياة الإنسانيَّة، والنصوص الشرعية " ومَن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) (..الفاسقون) (..الظالمون)
(أفحكم الجاهليَّة يبغون)
(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً)
هذا في مسألة حكم، ومع ذلك يقول الدكتور عظمة..
د.فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب.
د.على القره داغي [مستأنفاً]:
عفواً، ومع ذلك باقي قضية أخرى، قضية فلسطين – أخي الكريم – إحنا صار لقضية فلسطين من احتلال.. تقسيم فلسطين صارلها كم سنة؟خمسين سنة.
هل قامت انتقاضة قوميَّة عربيَّة خلال خمسين سنة؟هو يقول..
هل قامت انتفاضة قوميَّة بهذا الشكل 87 قامت، والآن قامت انتفاضة الأقصى، وحتى حركة الفتح أساسها حركة إسلامية حقيقة، قامت على أساس الجهاد الإسلاميّ، وعلى أساس الجهاد الإسلاميّ بمعناه الشامل، فهل هذه.. إحنا نخلي الآن القوميَّة بمعناها الضيق، وليس بمعناها الذي أنا أفهمه مقبول، بهذا المعنى تحل مشكلة؟
وهل حلت؟وهل أقامت.. هكذا؟
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
صحيح سؤال وجبه، سؤال وجيه دكتور العظمة، سمعت هذا الكلام.
د.عزيز العظمة:
طبعاً سمعت هذا الكلام.
د. فيصل القاسم:
يعني أنت تركز على وجود.. على إعطاء القضيَّة بأكملها بعداً وطنياً وقومياً، إلى ما هنالك من هذا الكلام، لكن إذا نظرنا – كما قال الدكتور القره داغي قبل قليل – إلى هذه التجمعات القومية والوطنية فشلت فشلاً ذريعاً، فلماذ لا نعطي مثلاً أهمية للبعد الإسلامي من خلال هذه المؤتمرات؟هذا من جهة.
من جهة أخرى إذا نظرنا إلى هذه المظاهرات التي خرجت في العديد من بلدان العالم الإسلامي من أندونيسيا إلى بنجلاديش، كل هذه، لماذا لا نستثمر هذه المشاعر لأغراض سياسية، وأنت تعلم هذه ثروة يمكن استخدامها سياسياً، فلماذا تريد أن تضعها جانباً وتشير إليها كما لو كانت عبارة عن مجرد عواطف؟
د.عزيز العظمة:
يعني أنا طبعاً أرحب – كما يرحب الفلسطينيين دون شك – بالتعاضد الآتي من أندونيسيا ومن ماليزيا ومن أماكن أخرى في آسيا وفي أوروبا، ولكن هذا التعاضد- في اعتقادي- هو تعاضد إنسانيّ قائم على شيء من الحساسية تجاه الذي يحدث في فلسطين، وعلينا ليس فقط استثمار هذا الأمر، ولكن ترجمة هذا الدعم ترجمة سياسية وعينيًّة، وأود، ولذلك ما أعتقد أن المؤتمرات قادرة على أن تستثمر هذه الأمور، ولا أود الاستفاضة في الكلام عن الاستثمار، لأن الاستثمار كلمة معيبة، يجب الدخول في عملية تعاضد مع الأمم الأخرى، ومع المستضعفين في كل أنحاء العالم، ولكن الأهم من ذلك- في اعتقادي في هذا الوقت- الكلام الذي قيل حول المؤتمرات العربية، صحيح أن مؤتمر القمة العربية الأخير لم ينتج عنه شيئ، ولكن علينا ألا نكون مجحفين – وهذه عادة أصبحت مستشريَّة في العالم العربيّ اليوم- ألا نكون مجحفين بحق آلاف وملايين العرب الذين أُفقروا وضحوا وماتوا في سبيل القضيَّة الفلسطينية، إن كانوا من الجيش السوريّ، أو من الجيش المصريّ، أو من الجيش الأردنيّ، والناس الذين عاضدوا هذه القضيَّة وبذلوا كل ما في وسعهم.. في سبيل هذه القضيَّة، يجب ألاَّ ننسى هذا الأمر على الإطلاق، وأن نقول أن العرب لم يصنعوا شيئاً، هذا كلام مجحف، وهذا كلام لا يجوز في هذا المقام، المهم أن ننتقل إلى اليوم وأن نرى كيف ممكن أن نجيش العواطف القائمة اليوم تجاه ما يحدث في إسرائيل في سبيل مصلحة القضية الفلسطينيَّة، والقضية الفلسطينية التي لا تنفصل عن القضايا العربيَّة، بل هي أشرنا إلى قضية القدس ليست فقط قضية عربية، هي قضية إسلامية إلى حد عباديّ ما، وهي قضية بنفس المعنى مسيحية أيضاً.
ليست القدس قضية عربية إسلامية، القدس قضية فلسطينية عربية في المقام الأول، هناك جانب روحي يخص المسلمين والمسيحيين أيضاً، ويجب ألا نغفل هذا الأمر على الإطلاق، وفي أي مقام من المقامات.
د. فيصل القاسم:
دكتور، تفضل.
د. علي القره داغي:
نعم أخي الكريم، أنا حقيقة أقول: لو كانت القضية إنسانية لماذا بقية الإنسانية في العالم تجمعت وتظاهرت وانضمت إلينا حتى من اليهود ومن غير ذلك.
ثم إن هذا حقيقة يعني لا شك إحنا نقف مع كل القضايا الإنسانية، وأنا بدوري حقيقة لا يمكن أن نقلل من دور العرب كعرب ودورهم في خدمة هذه القضية، ولكن لابد أيضاً حينما نقيم هذا الدور، أنه في ظل بعض الأفكار والسياسات ضاعت سيناء والجولان، وكذلك الضفة الغربية والقدس الشريف، فهذه في ظل هذه السياسات ضاعت هذه الأمور، وليست في ظل سياسة إسلامية ولا دولة الخلافة، دولة الخلافة موجود معنا رسالة من السلطان عبد الحميد الثاني حينما ذهب إليه هذا الرجل اليهودي (هرتزل) وطلب إليه أنه يعطي له كل ديونه ويعمل له كذا وكذا، بس بشرط يفسح له المجال بالهجرة، لم يفسح، قال: هذا المشروع يمر على جسدي، فاُبعد السلطان عبد الحميد وأسقطت لخلافة العثمانية، ثم بعد ذلك احتلوا القدس الشريف، وأقاموا وعد البلفور وكذلك هذا المسألة.
وكذلك نحن لابد في ظل الإسلام بمعناه الشمولي العقدي والمدني لا نغفل دور الإخوة المسيحيين، لهم دورهم، ولهم عهدهم، العهد العمري يعطي للمسيحيين في القدس ميزة وتمايز واحترام وتكريم لأماكنهم وكذا.
فهذا ما أنا معكم في هذا الجانب وأخ، بس كلمة واحدة..
د. فصل القاسم[مقاطعاً]:
سأعطيك المجال..
[فاصل إعلاني]
د. فيصل القاسم:
دكتور تفضل، قاطعتك قبل الفاصل.
د. علي القره داغي:
نعم، حقيقة أنا أقول: العبادة اللي تفضل بها دكتور عظمة إيش علاقتها بالجانب السياسي إذا هو يفسر عبادة يقول: هذا بمعناه العبادي نحن نرحب بالإسلام وممكن نستفيد من هذه الطاقات؟
هذه الطاقات إنما يستفاد منها إذا فجرت.. يعني الطاقات الأمة نحو الأعمال المدنية والأعمال السياسية، والأمر الثاني أخي الحبيب، أنت حضرتك لا يخفى عليك الآن نحن نحارب دولة أساسها على الدين، اليهود كنيست سموا البرلمان باسم مسجدهم..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
حتى اسم إسرائيل اسم ديني يعني.
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
إسرائيل اسم ديني، وبعدين أساساً أقيمت –كما يقول- هرتزل حقيقة- يقول: لسنا نحن حمينا الدين، إنما الدين هو الذي حمانا، السبت وأكلاتهم الخاصة، وتجمعاتهم هي التي حمتنا. هذا كلامهم، هذا الجانب الأول، والجانب الآخر الانتفاضة الأولى كانت انتفاضة المساجد والانتفاضة الثانية انتفاضة الأقصى والتاريخ الإسلامي –حقيقة- أنا عندي والله إحصائية واستبيان، ومن خلال دراستي للتاريخ –رغم أني لست مؤرخاً ولكن درست هذا الجانب- وجدت ان القدس بالذات وفلسطين بصورة عامة مثل ترمومتر إذا وجد ضعف في الإسلام يظهر الضعف هناك كما في أيام الصليبيين، وإذا وجدت القوة الإسلامية- كما في أيام صلاح الدين- تظهر القوة هناك، كذلك وجد الضعف أول ضعف ظهر في فلسطين، فلا يمكن أن يعاد هذا الضعف إلا بهذا الجانب الأساسي الذي الرجل يضع- كما كان الأعرابي يقول: ما أطول هذه الحياة. لا يهمه الحياة، الذي لا يؤمن بالآخرة لا يمكن أن يضحي بنفسه في سبيل الوطن، لأنه حقيقة هذا الشيء أساسي.
د. فيصل القاسم:
طب كيف يمكن –السؤال المطروح يعني- كيف يمكن استغلال أو استثمار- سمها ما شئت- مثل هذه المشاعر الجياشة التي تنطلق –كما قلنا قبل قليل- من أندونيسيا إلى إيران إلى ما هنالك من دول إسلامية؟
د. علي القره داغي:
أنا أعتقد هذا جانب..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
وما فائدة مثل هذا؟
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
كلام جيد، أولاً: نستفيد منها للدعم السياسي، والدعم الأدبي، والدعم المالي، ووحدة الأمة، وهذا الدعم –وإن كان الآن مثل ما حضرتك تفضلت في المقدمة، صحيح أن أمريكا الآن لا تلقي بالاً ربما لمنظمة المؤتمر الإسلامي والعالم الإسلامي، ولكن أمريكا والغرب صحيح ما تلقي بالاً لمنظمة المؤتمر لأنه منظمة الدول، لكن لو تحولت منظمة المؤتمر إلى منظمة الدول التي تمثل الشعوب، حينئذ يكون لها قوة، ويكون لها قيمة، ويكون يحسب لها ألف حساب، لأنه معنى ذلك حتى البترول يكون جزءاً من المنظمة مش يكون البترول..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
يعني هل تريد أن تقول بعبارة أخرى أن زعماء الدول الإسلامية لا شرعيين –إذا صح التعبير-..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
لا أنا ماشي قصدي، لا أقصد هذا.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
ولا يكتسبون الشرعية، ولا يمثلون شعوبهم؟ يعني هناك من قال إنه أكثر ما يجمع بين الدول الإسلامية هو أنها دول استبدادية لا تقوم على ديمقراطية ولا من يحزنون.
د. علي القره داغي:
أنا أقول حقيقة.. يعني عفواً توضيحاً لها الكلام لا أقول بأنه بهذا الحكم العام، لأن هذا حكم حقيقة صعب يحتاج إلى كذا، ولا أعمم وهذا غير صحيح لأن هناك حقيقة من هم يمثلون شعوبهم، ويعبرون عن شوارعهم فعلاً ويكونون بمثابة النبض لشعوبهم؟ هناك.. ولكن أنا أقول: مشكلة هذه الأمة حقيقة في الاستبداد، أنا معك في هذا، وأن هذه الأمة أكبر مشكلة عندها هي مسألة الاستبداد وعدم الحرية، ولذلك في اعتقادي أن الإسلام ما جعل الحرية قيمة وإنما جعل الحرية مبدأ حتى في الدين (لا إكراه في الدين) فأنا أعتقد أن هؤلاء الحكَّام حينما –وهذا ما قاله حقيقة الآن حتى أمير دولة قطر- صرح به في بيان الذي أفتتح به، قال: إننا لابد ونحن نتكلم عن منظمة المؤتمر الإسلامي –لابد أن نتحدث عن الممارسة الشعبية، فالممارسة الشعبية، ودور الشورى والديمقراطية بمعناها الصحيح هذا مطلوب، فهذا هو الذي نريد استثمار هذه الطاقات إحنا ممكن إذا..، أولاً الناحية السياسية من ناحية الدعم المالي..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
كيف من الناحية السياسية بس باختصار؟ كيف؟
د. علي القره داغي:
أنه هذه الآن.. هذه الانتفاضة تدفع بالحكام إلى أحد الأمرين: إما أن يستجيبوا لشعوبهم، أو ربما تؤدي إلى انعزالهم عن شعوبهم بأي وسيلة.
د. فيصل القاسم:
طيب، أحمد بو عارفة من هولندا، تفضل يا سيدي.
أحمد بو عارفة:
ألو، السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
أحمد بو عارفة:
حياك الله يا أخ فيصل، أحيي [الضيفين] المحترمين معاك، عندي مداخلتين والله أنا أقدم التعازي للشعب الفلسطيني، وأقدم التعازي لحكام العرب، للشعب العربي عفواً في حكامهم، إنتو بتتكلمون الآن على القمة العربية الإسلامية التي..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
القمة الإسلامية وليس العربية موضوعنا القمة الإسلامية، ونركز الكلام على القمة الإسلامية لو تكرمت، منظمة المؤتمر الإسلامي.
أحمد أبو عارفة[مستأنفاً]:
نعم المؤتمر الإسلامي، بس مرت في القاهرة المؤتمر العربي..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
القمة العربية شيء أخر.
أحمد أبو عارفة[مستأنفاً]:
نعم بس المؤتمر الإسلامي اللي مر في الدوحة البارح بس ما فيه إيجابية للشعوب العربية وخاصة الشعوب الفلسطينية، نعم بس عندي مداخلة بسيطة فلو سمحتم لماذا الشعوب الإسلامية يتحركون اتجاه فلسطين خاصة القدس الشريف، ولكن الحكام العرب يمنعونهم من المظاهرات من الاتجاه الفلسطيني، شعوب العرب الإسلامية هم محتاجين فتح الحدود، فتح الحدود لدعم فلسطين والجهاد، والله وأنا منهم، عندي ابنتي سبعة شهور، ولو فتحوا الحدود سأرمي هولندا وأذهب أجاهد في سبيل الله، ولماذا هذه الحكام العرب حكامنا يغلقوا علينا..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب يا سيدي هذا الموضوع.. على كل حال قدم الكثير من الحلقات حول هذا الموضوع كي لا نمتد إلى مناطق أخرى نبقى في إطار الموضوع.. القمة الإسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي. دكتور العظمة.
د. عزيز العظمة:
يعني أنا طبعاً أحيي في زميلي الدكتور قره داغي ما قاله حول الأمور المباشرة والأمور الهامة، أنا لست معنياً فعلاً بالعهد العمري العائد إلى عصر بائد لا علاقة لنا به اليوم، وما يهمني هو معطيات الواقع القائم اليوم، وليس التغني بما مضى، المهم كيف نساهم –ليس كمسلمين ولكن كبشر وكعرب- في المصاف الأول في مساندة الشعب الفلسطيني في هذه المحنة؟ لا يمكن أن نساهم بقضايا بكلام عام حول الجهاد أو حول فتح الحدود لأن العصر لم.. ما عاد عصر (كر وفر) يعني لا يمكن أن نفتح الحدود ونتيح المجال لآلاف الناس من الاندفاع باتجاه إسرائيل ليطلق النار عليهم، علينا أن نعي أن أي عمل يجب أن يكون منظماً، وأن يكون منظماً في إطار منظمات سياسية ومنظمات اجتماعية ومنظمات إغاثة ومنها منظمات الأمم المتحدة والمنظمات العربية والأحزاب وإلى آخر ذلك، ولكن الهيئة المنوطة بذلك ليست مؤتمر، منظمة المؤتمر الإسلامي، بل عليها أن تكون على رابط معين وعلى روابط أكيدة بالمنظمات السياسية الفلسطينية التي تقود الشعب الفلسطيني ليس منظمة المؤتمر الإسلامي ولكن المنظمات السياسية المدنية التي قد ترتبط معها برابط عاطفة دينية، ولكن الأكيد أن الأهم هو الدعم العملي وليس فقط الدعم القائم على الاشتراك في العقيدة إن وجد هذا الاشتراك.
د. فيصل القاسم:
طيب، دكتور قره داغي، في هذا الإطار موضوع التضامن يعني، أنا أريد أن أسأل عن موضوع التضامن، يعني ألا تعتقد أن المسلمين هم أكثر شعوب الأرض حديثاً أو تحدثاً عن موضوع التضامن وأقل شعوب الأرض ممارسة للتضامن؟ يعني إذا نظرنا إلى ما يحدث في العالم الإسلامي بشكل عام نرى أن المسلمين هم أكثر الناس اضطهاداً لبعضهم البعض، في بلد معين تراهم يضطهدون الشيعة، في بلد آخر لأنه شيعة يضطهد السنة، وهلم جرا، يعني عملية اضطهاد باضطهاد لبعضهم البعض، يعني أعطيك مثالاً مثلاً حزب الله هذا الحزب البطل الذي رفع راية المسلمين والإسلام عالياً.
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
صحيح.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
الكثير من الدول الإسلامية لم تقدم له قرشاً واحداً لمجرد أنه حزب شيعي، فأي كلام عن عالم إسلامي وتضامن إسلامي وإلى ما هنالك والأحقاد المذهبية ما زالت تعشعش في صدور الملايين؟! ادخل إلى الإنترنت لترى الآلاف الذين لا شغل لهم إلا التشكيك في هذه الطائفة أو تلك أو النيل من هذا المذهب أو ذاك، يعني كيف ترد؟ يعني ألا تعتقد أن مثل هذه الأمور..، يعني تنظر إلى الجماعات الإسلامية ترى مثلا جماعة التكفير والهجرة يكفرون جماعة الجهاد،ترى الجهاد تكفر الجماعة الإسلامية، الجماعة الإسلامية تكفر الدولة يعني لخبطة بلخبطة، وتتحدث في نهاية المطاف عن عالم إسلامي وتضامن إسلامي!! أي..
د. علي القره داغي:
صحيح، أستاذ فيصل، نحن أو حضرتك يعني نتكلم عن عرض وليس عن مرض، نحن حينما يكون هناك مريض هناك أعراض، والطبيب الذي ليس عنده عمق يبحث ويعالج هذه الأعراض الظاهرة من السخونة وما نحوها، إحنا الآن نتكلم عن هذه الاختلافات، نتكلم عن هذه الأحقاد المذهبية التي لست معها، ولكن ما نتكلم عن الأسباب الأساسية لهذه الأعراض التي ظهرت على الساحة الإسلامية، هذه حقيقة وجود هذه لأنها بصراحة واضحة تعود إلى إصلاح النظام السياسي، لا يزال الأشخاص أو الجماعات التي تعمل داخل الأرض لابد أن تختلف، هذه الجماعة تحت الأرض وهذه الجماعة تحت الأرض والجماعة.. لماذا لا يتاح المجال لهذه الجماعات ويكون هناك مرجعية شرعية وتعاملهم الدولية معاملة الأحزاب الأخرى كالأحزاب الشيوعية والأحزاب الأخرى؟ ففي ظل هذه الصراعات الدائرة بين الحكَّام والشعوب، وفي ظل هذه الصراعات الدائرة بين الجانب السياسي، الممثلين للسياسة وكذلك ممثلي الجوانب الدينية بهذه التفصيل لابد أن تحدث، أما ولذلك دائماً أنا قرأت تقرير أن. ال CIA أمريكا يقول إن إحنا –وهذا قائم على حوالي ألف وخمسمائة مؤتمر من الخمسينات إلى بداية الثمانينات يقول: نحن لا نخاف وأيش رأيك؟ بالعكس نحن نرحب بالمنظمات والجماعات المتطرفة، وإنما نحن نخاف من الجماعات..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
الواعية المعتدلة.
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
الإسلامية الواعية المعتدلة..، ولكن هذه الجماعات الواعية المعتدلة لا يتاح لها المجال، حتى ولو لها شعبية لا يتاح لها المجال، إذن حينما يكون هناك هذه المجالات هذه.. أنا أقول..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
هذه أعراض موجودة والدول الإسلامية مثلاً نحن نرى مثلاً الزعماء الإسلاميين يأتون إلى المؤتمرات يتصافحون يضحكون إلى ما هنالك من هذا الكلام، وكل يمشي في حال سبيله ويمارس نفس اللعبة الدائرة منذ البداية.
د. علي القره داغي:
هذا صحيح.
د. فيصل القاسم:
سأعطيك المجال.
د. علي القره داغي:
لكن لا يتاح المجال للشعب أن يعبر عن رأيه، أنت الآن قلت: هل هؤلاء الحكام أو معظم هؤلاء الحكام يمثلون شعوبهم؟
د. فيصل القاسم:
هذا سؤال أنا أتفق معك.
د. علي القره داغي:
أبداً.
د. فيصل القاسم:
يوسف مخارزه، السيد يوسف مخارزه من فلسطين، تفضل يا سيدي.
يوسف مخارزه:
السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
يوسف مخارزه:
بسم الله الرحمن الرحيم، بالنسبة للدكتور العظمة أحب أن أقول بخصوص قولك إن الدين في المساجد، وهو ليس ديناً ومنه الدولة، أحب أن أقول إن المسلمين لا يحتملون أن يشرح لهم دينهم من قبل من يحملون أفكار الغرب، وهم يعفونك من ذلك فلا توعر على نفسك الطرق، ثم أحب أن أشير إلى أن أهل فلسطين لم يكونوا ينتظرون شيئاً من هذا المؤتمر يكونوا ينتظرون شيئاً من هذا المؤتمر مع أن جراحهم نازفة وعدوهم يبطش بهم وينكل تحت سمع وبصر العالم، وذلك ببساطة لأنهم لم يروا من كل المؤتمرات السابقة سوى الخذلان والتضييع والتآمر قد يقول قائل هذا تجن صريح ونظرة سوداوية للمؤتمر، وهنا أضطر إلى أن أشير إلى أن مؤتمر من 56 دولة تجتمع معاً كي تؤكد على ضرورة تأمين الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الأعزل ضد العداون الإسرائيلي الغاشم، فإن كان العدوان الإسرائيلي غاشماً كما تقولون فأين أنتم من هذا العدوان؟! لماذا لا تتدخلون بأنفسكم وبجيوشكم الجراراة كي توقفوا هذا العدوان الغاشم؟! ولماذا القوات الدولية؟ هل نريد استعماراً دولياً فوق ما نحن فيه من استعمار؟ ثم أي مؤتمر هذ الذي يعقد من 56 دولة تستغيث دولة العالم كي تخلصها من إسرائيل؟! فيا أيتها الحيتان الإسلامية أليس من العار والشنار أن تستجيروا من دولة اجترأ عليها الأطفال والنساء؟! أليس من العار أن تستجير الحيتان من سمك الحبار؟! ثم أي مؤتمر هذا وأية هيبة له حين يقف شارون أثناء انعقاد المؤتمر ليقول: إن دخول الأقصى لا يحتاج إلا لمجرد خلع حذائي؟! هذا هو العائق الوحيد أمام شارون فقد جعل حملكم ومخاضكم وصياحكم وتهييجكم أدنى من الجهد الذي يستلزمه خلع حذائه!! وكل هذا يؤكد..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب سيد مخارزه شكراً جزيلاً، شكراً جزيلا سيد مخارزة دكتور العظمة، هناك من يقول إنه في واقع الأمر إعطاء هذه التجمعات والمؤتمرات صبغة دينية هو في واقع الأمر عودة إلى المقولة التقليدية أنه حديث عن دار الإسلام ودار الحرب هل أنت مع مثل هذا الطرح؟
د. عزيز العظمة:
أنا لست مع هذا الطرح، يعني أراني في الواقع أرى أننا نراوح بين هذا الموضوع وذاك، بين الديمقراطية وبين المؤتمرات الدولية، وبين الشرعية والدولية والدين وإلى آخره، وأود إعادة التركيز على المؤتمرات وعلى أشكال الدعم الفعلي الشعب الفلسطيني.
هذا الكلام حول دار الإسلام ودار الحرب أعتقد أنه كلام قد تقادم، إن إسرائيل في العلاقة الإسرائيلية الفلسطينية علاقة تحارب لا شك فيه، ولكن لا علاقة لهذه الأمر بالاعتبارات الفقهية لدار الإسلام ولدار الحرب، لأن فلسطين ليست وقفاً إسلامياً بل هي وطناً عربياً في المصاف الأول وأود التأكيد على ذلك، وأنا أحيي –بالمناسبة- كلام السيد مخارزة أو خطاب السيد مخارزة لأنه ينم عن كثير من المرارة ومن الألم لما حصل في الدوحة في اليومين الماضيين من كلام، وتأكيد، وحث ومطالبة، ودعوة دون الإتيان بأية آليات دبلوماسية أو غير دبلوماسية لأداء المساعدة والعون الدبلوماسي وغيره للشعب الفلسطيني.
لم يكن هناك إلا الكلام والتعبير عن العواطف دونما أطر مؤسسية وأطر فعلية وملموسة تكون لها نتائج في المصاف الأول، يجب أن تكون هناك نتائج لكل كلام وإلا هذا كلام فارغ، وكلام مكرور، وكلام مردود، وأموال تهدر دون أن تؤثر إيجابياً أو سلبياً.
د. فيصل القاسم:
تفضل.
د. علي القره داغي:
حقيقة أنا لست فعلاً مع أنه الكلام دون العمل بل القرآن الكريم جرم الكلام دون العمل، في سورة الصف وهي سورة الجهاد حقيقة ( يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) طيب أين العمل؟ (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص) فنحن أحوج ما نكون إلى هذا المعنى: الجهاد بمعناه الشامل الذي يشمل الجانب السياسي، والجانب الإداري، والجانب الإغاثي، والجانب القتالي، وكل هذه الجوانب الذي أكده الآية الأخيرة في القرآن الكريم (هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم). مش القول، الإيمان والعقيدة الصحيحة (تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم). هذا كلام صحيح ونحن متفقين جميعاً.
أعود إلى موضوع مسألة بسيطة حقيقة مسالة دار الإسلام باختصار شديد أنا مع دكتور عظمة إنه ما ندخل في تفاصيل الأمور.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
نعم.. لكن هناك من يقول إن –مثلاً- عقد قمم على هذا الأساس..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
ليس على هذا الأساس.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
يعود بك إلى هذا التقليد دار الحرب ودار الإسلام.
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
لا.. أبداً، ليس الموضوع دار حرب.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
يعني أنا أريد أن أفسر هذه النقطة وأشرحها..
د. علي القره داغي:
ماشي بالتأكيد، أولاً حقيقة مسألة تقسيم الدار إلى دار الإسلام ودار الحرب هذا قضية فقهية ليست من ثوابت الشريعة، ولكن هي الواقع لما كان المسلمون في حرب كان هنا دار إسلام هو دارهم، والكفرة هؤلاء اللي يحاربوهم كانوا في دار حرب، فهذا شيء طبيعي، تقسيم طبيعي وعملي في ذلك الوقت، لكن بعد ما هدأت الأمور اصبح هناك دار آخر هو دار العهد، وتغير تقسيمات أخرى ونحن الحقيقة في عالم السياسة الشريعة الإسلامية تضع ثوابت مجموعة من الثوابت لكن تترك لنا مجالات كبيرة للاجتهاد، يعني الشريعة ليست كلها ثوابت وإنما هناك اجتهادات خاصة في عالم السياسة والاقتصاد، إنما ضوابط العامة لابد أن نقول.
والأمر الثاني أن فعلاً قضية فلسطين هي القضية الأولى، لا يكفي فيها – رغم إن حقيقة مؤتمر الدوحة فيها بعض الإيجابيات من باب النظرة اللي أنا قلت النظرة الواقعية- فيها بعض الإيجابيات، يعني على سبيل المثال هذا الدعم السياسي والله يأخي هذا لايقدر بشيء، يعني 56 دولة تقف مع قضية الفلسطينية، هذا ليس الدعم المطلوب لكن دعم جيد لا بأس به، مثلاً إغلاق مكتب إسرائيل في الدوحة..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
لكن ما فائدة.. يعني يا دكتور، نحن لماذا نركز دائماً على الكم وليس الكيف.
د. علي القره داغي:
صحيح، ده صحيح.
د. فيصل القاسم:
يعني ما فائدة 56 دولة ووزير خارجية قطر قال في مؤتمر صحفي بالأمس قال للصحفيين: إذا قلت لكم إن إسرائيل وأمريكا تخشى من هذه المنظمة –منظمة المؤتمر الإسلامي- أكون أضحك عليكم يعني بأضحك عليكم.
د. علي القره داغي:
صحيح لماذا..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
فإذن شو هذا الدعم؟
هذا الدعم اللي تحكيه؟
د. علي القره داغي:
أنا أقول لك، أنا أعود إلى كلامي لماذا لا تخاف إسرائيل وأمريكا من هذا الدعم؟ لأنه لا يمثل الدعم الشعبي، لأنه ليس –مع الأسف الشديد- لا يمثل معظمهم- لا أقول كلهم- لا يمثل معظمهم شعوبهم، والذي يقولون أغلبهم –حقيقة- للاستهلاك المحلي، وقد قال على صالح –حقيقة- الرئيس على صالح قال هذا الكلام بالحرف، قال: جيوشنا للاستعراض ولتكميم أفواه شعوبنا، هذا قاله الرجل يعني في الجزيرة، فهذا هو عبر، لكن من باب.. أعطاه نوعاً ما يعني الوساطة للإصلاح بين العراق والكويت، لو ما كان المؤتمر ما أعتقد كان هناك هذا، محاولة ناجحة لكسر حصار العراق، واضطر الأمين العام يجلس وكذلك مثلاً، لقاء ياسر عرفات مع خاتمي هذا كان أيضاً باعتبار أنه جانب خطير كان موجود، لقاء ياسر عرفات مع خالد مشعل، أيضاً توحيد الجبهة الفلسطينية، كذلك ترتيب حوالي 200 مليون دولار من قطر وربما تنضم إليها بعض الأموال الأخرى للدول الفقيرة، ربما هذه الجوانب..
ولكن هذا الجانب في اعتقادي الأقل بكثير بل أقل بكثير مما تتطلبه ما نسميه قضيتنا الأولى: قضية فلسطين، هي قضية كل مسلم عقدياً –أقول- وفكرياً، واجتماعياً وسياسياً، ومالياً.
د. فيصل القاسم:
طيب وديع حلواني من فنلندا تفضل يا سيدي.
وديع الحلواني:
السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
وديع الحلوني:
يعطيكم العافية، شكراً على البرنامج الجميل، والله لي مداخلة بسيطة بالنسبة للقمة الإسلامية انعقدت إمبارح فأنا ما بأسميها قمة إسلامية فبأسميها (مخيم صيفي) للترفيه والاستجمام والمساجات والساونا، وشغلة ثانية إنه لا يعقل أنه يكون فيه مخيم صيفي إسلامي نصه بطارك وخوارنة وردي على الدكتور أبو عظمة: يا أخي قضية فلسطين قضية عربية إسلامية بحتة ليس مسيحية، المسجد العربي الإسلامي، المسجد الأقصى ودول مش ضروك اللي ينهان ويقتل شعبه، ما سمعنا عن استشهاد مسيحي، هات نشوف فيه واحد جورج استهشد أو بطرك [بطريرك] استشهد أو شفت بطرك بيرمي حجر؟ ما فيه منه يا أخي، فإحنا ما بنضحك على بعض ولا نضحك على الشعب المسلم وعلى ها قمة وعلى كل ها القصص هادي الفارغة فهو سؤالي هنا: هل أنا مسلم سني أم مسلم أرثوذكس؟ رد عليّ يا شيخ وشكراً لكم، ويعطيكم العافية.
د. علي قره داغي[ضاحكاً]:
جزاك الله خيراً، شكراً جزيلاً، كلام زين.
د. فيصل القاسم:
السيد عزت الشاه بندر، دمشق تفضل يا سيدي.
عزت الشاه بندر:
السلام عليكم دكتور قاسم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام، يا هلا.
عزت الشاه بندر:
عفواً أولاً عندي مداخلة تخص فريقي الاتجاه المعاكس، وبعدها سؤال موجه إلى الدكتور العظمة.
بخصوص المداخلة أرى أنه في قضية مثل قضية فلسطين وموضوع مثل القدس لا يوجد تناقض بين أن يقوم تجمع على أساس قومي عربي وتجمع يقوم على أساس إسلامي، خاصة عندما نعرف وندرك عمق العلاقة بين العروبة والإسلام، وأن عدم نجاح العرب في تحقيق أهداف تجمعهم لا يدفع إلى الشك في قدرة العروبة على توحيد وتفعيل جهد أبنائها من أجل الدفاع عن حقوقهم والتعبير عن وجودهم، وكذلك عدم نجاح التجمعات أو المؤتمرات الإسلامية وعجزها عن تحقيق نجاح كذلك لا يقيم دليل على خلو الإسلام من مقومات خلق الأمة القوية والقادرة والفاعلة. نحن نحتاج إلى تجمع يقوم على أساس قومي عربي، ونحتاج إلى تجمع يقوم على أساس إسلامي، ونحتاج إلى تجمع يقوم على أساس ديني يجمع المسيحيين والمسلمين في مواجهة التحديات التي تخص القدس.
أما السؤال الذي أود توجيهه إلى الدكتور عظمة هو: كيف يستطيع دكتور عظمة تفسير دور الإسلام -على وجه التحديد- في خلق ذلك الاندفاع الرائع الذي عبر عنه مجاهدو حزب الله في لبنان في الدفاع عن أرضهم وحقوقهم في مواجهة أعتى جيش موجود في المنطقة؟ وشكراً.
د. فيصل القاسم:
شكراً جزيلاً دكتور، سأعطيك المجال ولكن لدي شاكر الأحمد من الدنمارك تفضل يا سيدي.
شاكر أحمد:
السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
شاكر أحمد:
أقول للأستاذ العظمة بأن ليس فقط العرب والمسلمين الذين بحاجة للإسلام اليوم وأن الإسلام هو الذي يخلصهم وينقذهم، بل إن الذي يخلص جميع شعوب العالم من الرأسمالية العفنة الكافرة التي أضلت البشرية وأشقتها هو الإسلام.
فالإسلام هو أمل البشرية وهو سبب خلاصها وعزتها، وهو الذي يخلصها من هذا الهوان وهذا الاستعمار في رواندا وفي بوروندي وفي جميع الكرة الأرضية، وأقول بالنسبة للمؤتمر الإسلامي هذا اللا إسلامي هؤلاء الحكام الذين ينطبق عليهم قول الله سبحانه وتعالى: (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل، والله لا يحب الفساد).
فهؤلاء الحكام هم بلاء الأمة، أعظم بلاء ابتليت به الأمة الإسلامية بعد هدم الخلافة هم هؤلاء الحكام العملاء الذين لايوجد واحد منهم يمثل الأمة كما يقول الشيخ هذا، لا يوجد واحد من هؤلاء الحكَّام يمثل الأمة ويعبر عن أحاسيسها وعن كرامتها ويحس بآلامها، جميعهم يمثلون الغرب ومصالح الغرب، ولا خلاص للأمة الإسلامية إلا بقلعهم واستئصالهم وتغيير أنظمتهم..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب يا سيد، يا سيد شاكر الأحمد، أشكرك جزيل الشكر، الكثير من الـ..
دكتور العظمة أعتقد تريد أن تجيب على سؤال السيد الشاه بندر.
د. عزيز العظمة:
أيوه بالطبع يعني على سؤال السيد الشاه بندر وطبعاً هناك موضوعين آخرين.
د. فيصل القاسم:
تفضل.
د. عزيز العظمة:
أول شيء يبدو لي أن السيد حلواني في فنلندا قد نسي وطنه فلسطين ونسي أن الشعب الفلسطيني ليس شعباً مسلماً على وجه التمام، بل أن هناك الكثير من الفلسطينيين المسيحيين ومنهم البارزين جداً في النضال الوطني الفلسطيني، وأذكره أيضاً أن القدس العربية لا تضم فقط المسجد الأقصى بل أنها تضم أيضاً كنيسة القيامة، وأن القصف الإسرائيلي لم يطال فقط محمد وعلي وحسين بل أنه طال جورج وغير جورج في بيت جالا وغير بيت جالا، فعليه أن يعتبر من هذا الأمر وأن يقلل من هذا التعصب المناهض لوحدة صف الشعب الفلسطيني لأنه لا مكان الآن لأي تعصب طائفي في ظل هذه الأوضاع التي قائمة أو في أية أوضاع أخرى.
د. علي القره داعي:
صحيح، نعم ..
د. عزيز العظمة:
وثانياً: أود أن أقول بالنسبة لقضية حزب الله أن حزب الله ليس فقط تجمعاً مذهبياً، بل هو حركة وطنية لبنانية وطنية تعاند وتحارب الاحتلال الإسرائيلي وقد نجحت نجاحاً باهراً في ذلك، ولكن علىّ أن أذكر أن حزب الله لم يكن الوحيد الذي ناضل وجاهد في جنوب لبنان بل أنه قد ناضل في هذه المنطقة الحزب الشيوعي والحزب القومي السوري وحزب البعث وأحزاب أخرى التي أدت الكثير من الشهداء. يعني هناك قضية ثانية سأعود إليها بعد قليل.
د. فيصل القاسم:
طيب لكن دكتور، أنا أريد.. هناك فكرة لم تتبلور حتى الآن وأنا أريد أن أحصل على جوابين: جواب من الدكتور العظمة وجواب من الدكتور القره داغي حول ماهية الأمة الإسلامية، يعني سمعت من معظم المداخلات أن هناك أمة إسلامية، وكل من يتحدث عن عدم وجود مثل هذه الأمة يكون في واقع الأمر يسبح ضد التيار. كيف ترد دكتور عظمة؟ أليس هناك أمة إسلامية فعلاً؟
د. عزيز العظمة:
أعتقد كما قلت..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
وهذا المؤتمر يمثل وجدان هذه الأمة بطريقة أو بأخرى، بالرغم من الخلافات السياسية بين الدول؟
د. عزيز العظمة:
لا أعتقد أن هذا المؤتمر يمثل وجدان أي شيء ولكنني أقول أن الأمة الإسلامية قد تقوم باعتبار شرعي بمعنى أن هناك جماعة المسلمين مسلمين في العالم، ولكن ليس هناك من رابط بين هذه الجماعة إلا الرابط العبادي ورابط العقيدة، وهذا لا ينم بأي شكل من الأشكال عن وحدة سياسية، أو عن وحدة إرادة سياسية، أوعن وحدة اجتماعية، أو عن وحدة ثقافية على الإطلاق. وبذلك الاعتبار لا يمكن لنا القول بأن الإسلام يشكل أمة، أو بأن للأمة الإسلامية ماهية بالمعنى الحديث لمعنى الأمة، هناك معنى للأمة الإسلامية كانت قائمة في عصور تقادمت، أما في العصر الحديث فلا أعتقد أن لهذا الكلام فائدة.
د. فيصل القاسم:
دكتور القره داغي.
د. علي القره داغي:
أنا أبدأ من حيث انتهى إليه الدكتور عظمة أقول: إن الإسلامية أمة حقيقية..
د. عزيز العظمة[مقاطعاً]:
أنا ركزت لك.
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
قائمة حقيقة وواقعاً على مر التاريخ وعلى مر النصوص الشرعية وعلى مر –كذلك واقعنا الإسلامي الذي كما ذكرنا في البداية.
وعلم الاجتماع يقول: الأمة عبارة عن ثلاثة عناصر أساسية: اللغة السائدة، والعنصر البشري، والأرض.
فنحن –حقيقة- باعتبارنا أمة إسلامية عندنا أرض وهي تقع بين –كما لا يخفى عليك- بين الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب، في منطقة الوسط (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) الله سبحانه وتعالى يقول: (جعلناكم أمة وسطا) والدكتور عظمة يقول: ليس هناك أمة إسلامية. والله سبحانه وتعالى يقول: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، (ولتكن منكم أمة) وكذلك رب العالمين يقول: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء) هذه حقيقة يعني كما قلت..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب ما هي مقومات هذه الأمة؟ مقوماتها في العصر الحديث؟
د. علي القره داغي:
جميل.
د. فيصل القاسم:
الدكتور العظمة يقول لك إنه لا وحدة ثقافية لا وحدة سياسية، لا وحدة اقتصادية.
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
كلام.. اسمح لي وأنا أقول لك.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
ونحن نعلم أن التكتلات في هذا العصر.
د. علي القره داغي:
جيد جيد افسح لي المجال..
د. فيصل القاسم:
عصر العولمة يا دكتور تقوم –دقيقة- تقوم علي أسس اقتصادية بالدرجة الأولى، وهذا الخط العاطفي أو الخيط العاطفي الذي يربط المسلمين..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
ممتاز ممتاز.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
يعني لا يشكل أمة ولا يستطيع أن يؤدي إلى تماسك أمة.
د. علي القره داغي:
شوف أخي الحبيب، أنا أقول يعني حقيقة هذا واقع لا ينبغي بل من الظلم جداً أن –حقيقة- أن نحكم على منظمة المؤتمر الإسلامي بأنها تمثل الأمة الإسلامية التي يريدها الله سبحانه وتعالى، الأمة الإسلامية عقيدة في البداية، وكذلك أخلاق، وكذلك السياسة، وبشر، وتكامل اقتصادي واجتماعي، ولذلك الرسول –صلى الله عليه وسلم- قال هذا الكلام: (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد) أين الجسد الواحد؟ الآن نحن –على سبيل المثال- نستورد التكامل الاقتصادي أو التعاون الاقتصادي بين العالم الإسلامي بنسبة 20%، أي 80% من الصادرات والواردات من وإلى، إلى خارج العالم الإسلامي.
د. فيصل القاسم:
صحيح.
د. علي القره داغي:
شوف أخي الحبيب، أين إحنا تضامننا مع العالم الإسلامي في فقرهم ومشاكلهم وإيش..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب أنت تؤكد في هذه الحالة عدم وجود الأمة.
د. علي القره داغي:
لا يا حبيبي، هناك فرق بين النظرية وبين الواقع، الأمة موجودة من خلال الشعب، لكن الأمة غير موجودة من خلال..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
السياسة.
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
السياسية، فشوف أخي الحبيب، فرق بين الأمرين، الأمة موجودة من خلال المبدأ كفكر المتمثل بالإسلام، الأمة موجودة من خلال هذه الشعوب اللي –حضرتك- الآن تكلمت من أندونيسيا إلى إيران إلى كل العالم تفاعلت مع قضيتنا، ودفعت الفلوس، ومستعدة بالجهاد، والله يا أخي فيصل لما أروح إلى بعض المحاضرات في العالم الإسلامي غير العربي مئات وآلاف يقولون: سجلونا يا جماعة مجاهدين في فلسطين، يكون لنا هذا الشرف، مستعد بالروح، بالمال، بكل شيء أضحي من أجل فلسطين.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
هذا ليس مجرد شعور إنساني.
د. علي القره داغي:
أبداًن هذا شعور حقيقي.
د. فيصل القاسم:
هذا شعور إسلامي.
د. علي القره داغي:
وقضية –يا أخي الحبيب- وقضية أفغانستان الإخوة الذين كانوا هنا في الخليج وهم مرفهون أصحاب المرسيدسات راحوا إلى هناك كانوا ينامون على الجبال، وضحوا بأنفسهم، وكم استشهدوا! وكم فعلوا! وبعدين أخي سموهم –مع الأسف الشديد -أفغان العرب- قضية أخرى. إذن الأمة موجودة كحقيقة، وكنصوص، وكواقع، وكشعوب.
د. فيصل القاسم:
لكن هذه الأمة في أفغانستان كما تعلم يعني، الـ C.I.A هي التي كانت تنظم هؤلاء يعني،
د. علي القره داغي:
لا، الآن هذا شيء آخر.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
لا علاقة لها لا بالإسلام ولا التوحيد، ولا علاقة لها بالأمة الإسلامية.
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
لكن العواطف.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
يعني العلاقة بالـ C.I.A بالدرجة الأولى والمخابرات الأمريكية؟
د. علي القره داغي:
لكن يا أستاذ فيصل، الواقع الحقيقي في البداية، الناس الذي تفاعلوا الـ C.I.A دفعتهم؟! مستحيل.
الذين ذهبوا من الخليج والله لم يكن الـ C.I.A الناس العاديين، إذا كان هناك بعدين انكشفت الأمور هذا شيء آخر، الأمة حقيقة، حقيقة وواقع، بعد ذلك هناك من لا يمثلون الأمة أو بعضهم لا يمثلون الأمة هذا شيء آخر لا ينبغي أننا نخلط بين الأمرين والرجل أكاديمي، لا ينبغي أننا نخلط بين الأمرين (المؤمنون إخوة) أخوة حقيقية، عدالة، مساواة، سياسة في كل هذه..، ولما..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
هذه دكتور بس هذه شعارات، هذه شعارات تعلق على الجدران ليس إلا في العالم الإسلامي الآن أم لا؟ على ضوء ما نراه الآن يعني.
د. علي القره داغي:
حبيبيٍ مش بس هذا، حتى العبادات الآن هل يسمح لها؟ الآن في تركيا حبيبي الذي يصلي ويشم منه رائحة الصلاة يقولون لا ينفعنا هو ويفصل من الجامعة.
د. فيصل القاسم:
صحيح.
د. علي القره داغي:
هذه قضية..، هل نحن..، حتى العبادة ما فيه، يعني أقل شيء دكتور عظمة يعترف بأن هناك شيء في العبادة في الإسلام، يعني حتى العبادة ممنوعة في بعض الدول فلا ينبغي أننا نحمل الإسلام يعني وزر الآخرين، وحقيقة هذا الأمر الأول.
المسألة الأولى الذي أنا أتكلم حقيقة قضايا المسيحيين وغيره، أنا أريد القضية لها أبعاد: قضية إسلامية، ثم بعد ذلك قضية عربية، وبحكم العرب يدخل فيه غير المسلمين، ثم القضية الفلسطينية، بحكم الفلسطينيين يدخل فيه المسيحيون.
وليس من مصلحة الأمة الإسلامية، ولا من مصلحة العرب، ولا من مصلحة فلسطين أن تفرط بإخوانهم أو.. المسيحيين حقيقة.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
صحيح، كلام سليم.
د. علي القره داغي[مستأنفا]:
وهذا ما تحاول إسرائيل أنه تفرق بين المسلمين وبين..، والوثيقة العمرية –بالمناسبة- الوثيقة العمرية اللي كتبها سيدنا عمر ووقعها عام 17هـ تنص على أنه: باتفاق المسيحيين والمسلمين –كما في ابن كثير- يمنع أن يسكن منطقة فلسطين أو أورشليم القدس اليهودي، شوف فهذا اتفاق فلسطيني بمعناه إسلامي مسيحي، فهذا الاتفاق لابد إن إحنا هذه القضية تدخل في أبعاد، وأنا مع هذا إن فيه قضية قومية لا بأس بها، وقضية إسلامية كذلك يظن هذه قضية الشارع العام، ولكن المشكلة..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
وحتى عبد الناصر، يعني حتى عبد الناصر القومي تحدث عن الدائرة العربية والدائرة الأفريقية والدائرة الإسلامية..
د. علي القره داغي:
هذا صحيح.
د. فيصل القاسم:
إلى ما هنالك من هذا الكلام، سأعطيك المجال، ناصر الكثيري ينتظر منذ فترة من السعودية، تفضل يا سيدي.
ناصر الكثيرين:
ألو.
د. فيصل القاسم:
تفضل يا سيدي، سيد الكثيري تفضل.
يبدو إنه انقطع الخط، طيب.
د. علي القره داغي:
أكمل الموضوع، يعني فالقضية حينما يكون لها أبعاد، الإسلام حقيقة يعترف بالإطار القومي المشروع (وكذلك جعلناكم شعوباً وقبائل) لكن ليس لتتعصبوا (لتعارفوا) وهذا هو حقيقة الحضارات ما تتكون بشعب واحد، بمجموع من الحضارات، والمشكلة اللي إحنا حقيقة نختلف ربما مع الآخرين، أن تجعل القضية عربية محضة أو فلسطينية محضة، وهذا –في اعتقادنا- تقزيم للقضية، كانت القضية إسلامية كل المسلمين شاركوا فيها، جعلوها عربية، ثم جعلوها فلسطينية، ثم من الفلسطينية جعلوها لإحدى المنظمات، وهذا حقيقة غير صحيح بينما العالم الآن يتجه نحو الاتجاه العكسي، يتجه من البعد القومي إلى البعد الأرضي والبعد الشمولي كما هو الحال في الغرب، فلماذا نحن نسير باتجاه معاكس؟!
د. فيصل القاسم:
ممتاز جداً، هذا سؤال.
دكتور.
د. عزيز العظمة:
أنا بأحب أتدخل شوية.
د. فيصل القاسم:
تفضل.
د. عزيز العظمة:
يعني قضية العروبة والإسلام والدوائر وإلى آخره تحث بي على أن أعتبر ظروف نشأة منظمة المؤتمر الإسلامي –كما يعلم الجميع- هذه المنظمة أنشئت في منتصف الستينات في خضم الصراع بين السعودية وجمال عبد الناصر، السعودية –مدعومة بالولايات المتحدة في معارضتها للاتجاهات الاشتراكية والاتجاهات الموالية للاتحاد السوفيتي على ضعف هذا الولاء- استخدمت الإسلام وفكرة الأممية الإسلامية على أنها عنصر يمانع من تغلغل وتجذر الأفكار القومية العربية والأيديولوجيات اليسارية والتقدمية في هذه المجتمعات، علينا ألا ننسى ظروف نشأة منظمة المؤتمر الإسلامي، وعلينا ألا ننسى أن دولاً كثيرة من دول المؤتمر الإسلامي ودولاً أساسية مرتبطة بعلاقات تحالف بالغة الأهمية مع الولايات المتحدة ومنها مرتبط بعلاقة تحالف بالغة الأهمية مع إسرائيل وهي تركيا بالطبع.
أما الكلام حول الإسلام والمسلمين والحكام والشعوب، يعني هذه قضية بالغة التعقيد ولا يمكن اختزالها على هذه الصورة.
د. علي القره داغي:
تمام تمام.
د. عزيز العظمة:
ويجب أن نقول –يعني إن أردنا أن نختزل من موقع آخر، أو من اتجاه معاكس إن أردت يا أخي فيصل- نقول:
كما كنتم يول عليكم.
د. فيصل القاسم:
طيب بس لكن دكتور، أنت قلت أن هذه المنظمة –منظمة المؤتمر الإسلامي- ظهرت لخلق نوع من الأممية الإسلامية إلى ما هنالك من هذا الكلام. لكن لماذا لا نعود إن هذه المنظمة التي كانت رد فعل –في واقع الأمر- على حريق المسجد الأقصى بالدرجة الأولى، وأن السعودية –في واقع الأمر- لعبت دوراً كبيراً في لمِّ الصف الإسلامي وخلق نوع من التضامن الإسلامي، فلماذا الآن نحاول أن نقلب الأمور رأساً على عقب؟!
د. عزيز العظمة[مقاطعاً]:
ليس عندي..
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
هذه المنظمة جاءت رداً أو حماية للمقدسات، رداً من أجل حريق القدس، ولعبت السعودية دوراً مهماً في ذلك..
د. عزيز العظمة:
يعني حريق القدس كانت العنصر الذي جعل الأمر ممكناً لا شك في ذلك، ولا شك عندي على الإطلاق في التزام الملك الراحل –الملك فيصل- بالقضية الفلسطينية وبالقضايا الإسلامية، ولكنني أؤكد أيضاً أنه كان معادياً لفكرة القومية العربية المتمثلة بعبد الناصر في ذلك الوقت، ولم ينته هذا العداء حتى هزيمة عام 1967م.
فعلينا ألا نغفل ظروف النشأة هذه، وعلينا ألا نغفل التحالفات القائمة اليوم بين الكثير من الدول العربية والولايات المتحدة وإسرائيل.
د. فيصل القاسم:
شكراً جزيلاً، دكتور، سأعطيك المجال.
[موجز الأخبار]
د. فيصل القاسم:
دكتور.
د. علي قرة داغي:
حقيقة من باب المعايشة والواقع إن منظمة المؤتمر الإسلامي لم تنشأ بسبب الصراع السعودي المصري، أو صراع القومية العربية مع الإسلام –حقيقة- بدليل أن الصراع السائد كان في الستينيات..
د. فيصل القاسم:
صحيح.
د. علي القره داغي:
وأثناء هذا الصراع لم ينشأ هكذا، وتم التصالح في مؤتمر الخرطوم، وهذا قبل هذا الموضوع.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
بالضبط، قبله بثلاث سنوات يعني 71.
د. علي القره داغي:
بثلاث سنوات، وسقوط الفكرة أو المشكلة لما حدثت نكبة حزيران ونكسة حزيران 1967م، وانتهى الصراع القومي، وحتى جمال عبد الناصر حقيقة استفاد من هذا، وأعاد تقييم الوضع السابق ولذلك قبل مشروع روجرز اللي كان في الأول ما كانش يمكن أن يقبل به كما لا يخفى على حضراتكم، فبالتالي الملك فيصل –رحمه الله- حقيقة لما رأى أن محراب صلاح الدين أحرق في داخل المسجد وكاد المسجد.. والتهمه النار فدعا إلى هذا المؤتمر لأجل القدس، كما اليوم حدث هكذا، والملك فيصل هو –رحمه الله- صاحب القصة الذي هو قطع البترول وتبنى فكرة قطع البترول أيام 1973م، ونحن حقيقة لا ينبغي لنا أننا نغفل دور هؤلاء الذين بذلوا هذه الجهود، والملك فيصل الذي قال لكيسنجر حينما جاء كيسنجر إلى خيمته، قال له –وهذا مسجل- أنه قال نحن.. خوف كيسنجر وكان صادقاً –رحمه الله- قال أنا يعني إحنا نحن العرب نرضى أن نكتفي بالتمر والماء، لأنه كيسنجر خوفه أو حذره قال أن هذا يؤدي إلى أن تنميتكم تنتهي ومش عارف إيه كذا، قال: أبداً نحن في سبيل ديننا وفي سبيل كرامتنا مستعدين أن نعود إلى خيامنا مثل ما كان آباؤنا وأجدادنا، فهذا حقيقة رجل راح ضحى هذا ليس مسألة صراع، فهذا تفسير – حقيقة- غير صحيح لا تاريخياً ولا واقعياً، بعد ذلك منظمة المؤتمر بالمناسبة وإحنا حقيقة من –الحمد لله- مشاهدي العصر، منظمة المؤتمر.. الملك فيصل حاول أن يكون اسم المنظمة الجامعة الإسلامية..
فيصل القاسم[مقاطعاً]:
نعم عملاً بفكرة جمال الدين الأفغاني.
د. علي القره داغي:
مثلاً، هذا الفكرة مثلما تفضلت ليست أيضاً فكرة سعودية محضة، إنما فكرة إسلامية، حقيقة قرره جمال الدين الأفغاني وقرره الإسلام، وقرره الشيخ محمد عبد الوهاب أيضاً في كل خطاباته، فهو فكرة إسلامية، بعد ذلك مع الأسف الشديد الحكام ما قبلوا بهذه الفكرة، قالوا: لا لا إحنا ما نقبل هذا، وهذا مسألة وزي ما يقول الدكتور عظمة، أنا ما نريد ندخل وكذا.. فهو اقترحوا بالأخير على أن يكون اسم المنظمة منظمة المؤتمر الإسلامي، فحقيقة حكام أو معظم الحكام ما تفاعلوا مع القضية التفاعل المطلوب، ولكنه مع كل ذلك وصل إلى ما وصل إليه.
فيصل القاسم:
طيب دكتور العظمة.. سمعت هذا الكلام.
د. عزيز العظمة:
سمعت هذا الكلام، يعني تعليقين بسيطين أولاً التحالف الأمريكي السعودي في الستينات شأن معلوم، أدى إلى إنشاء جملة من المنظمات التي..
د. علي القره داغي:
أنا ما تكلمت عن التحالف، نعم.
د. عزيز العظمة[مستأنفاً]:
التي انتهت في نهاية المطاف إلى منظمة المؤتمر الإسلامي، بغض النظر عن التسمية وكيف نشأت هذه التسمية، وكما علينا –أيضاً- أن نتذكر التأييد الأكيد الذي أدت به هذه الجهات إلى جماعات الإخوان المسلمين وإلى الجماعات الإسلامية الأخرى التي كانت فاعلة في مصر ضد النظام المصري وفي سوريا وفي غير هذه الأماكن، وهي السياسة التي تطورت في نهاية الأمر إلى الدعم الأميركي للأفغانيين، للإسلاميين في أفغانستان، ثم ثانياً معرفتي بتاريخ المملكة العربةي السعودية هو معرفة مراقب أجنبي لا أعلم تماماً خصوصيات الكلام الذي جرى بين الملك فيصل وبين كيسنجر أو بين هذا وذاك، كل ما لدي هو المؤشرات الخارجية، لا أحد أعتقد أوكثيراً من الناس لا يعلموا ما حصل في هذه اللقاءات، ولكنني لا أشكك ولم أشكك من المعطيات المتوفرة بصدق شعور الملك فيصل تجاه قضية فلسطين، وتجاه قضية الأقصى، ولكن هذا موضوع آخر.
د. فيصل القاسم:
تماماً، لكن –دكتور-أنا أريد أن أسأل أنت تحاول أن تلمح بطريقة أو بأخرى، بأن مثل هذه المنظمة انطلقت بدعم أميركي لمواجهة الشيوعية، وخلق نوع من الأممية الإسلامية، لكن نحن نعلم لدينا حقائق على الأرض تشير بأن أميركا حاولت إقصاء كل التجمعات الموجودة على الساحة الدولية التي لا تسير حسب شروطها، ونحن نعلم –أيضاً- أن الرئيس الألباني صالح بريشة أسقط في ألبانيا لمجرد أنه فكر بالانضمام لمؤتمر أو لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهذا يدحض كلامك عن إنه هناك نوع من التحالف لإقامة مثل هذه المنظمة.
د. عزيز العظمة:
أعتقد أن الولايات المتحدة والسعودية أيضاً قد –كما يقال بالعامية- قرصت بعد حرب الخليج وبعد رجوع الأفغان العرب إلى العالم العربي، وقد تغيرت النظرة إلى الجماعات الإسلامية مما كانت عليه في الستينات، إن الوضع مختلف اختلافاً بيناً عما كان عليه منذ خمسة وعشرين عاماً، وعلينا أن نعي أن السياسة تتطور وأن الدعم قد يقدم وقد يسحب حسب الوضع، وأن الشيوعية الآن ليست بالخطر الماثل الذي كان في الستينات أو في السبعينات، في ظل كتلة شيوعية، كتلة شرقية سوفيتية، وفي ظل أنظمة عربية وغير عربية اشتراكية التطلع، متحالفة –بشكل أو بآخر- مع الاتحاد السوفيتي، إن الوضع العالمي مختلف كلياً، ثم أن الحركات الإسلامية التي نشأت في بداية الأمر بدعم أكيد –ومنها أفغانستان- من الولايات المتحدة قد اتخذت وجهة سياسية أخرى لم تعد فيها متقبلة للدعم الذي كان يعطى إليها، لأن المعطيات تغيرت.
[فاصل إعلاني]
د. فيصل القاسم:
دكتور.. تريد أن ترد على كلام.. بس باختصار لأن لدي محور أريد أن أدخل فيه..تفضل.
د. علي القره داغي:
بالتأكيد، أنا أولاً دون أن أكرر مع هذه الحقائق التي ذكرتها –دكتور فيصل- في موضوع أن أمريكا والغرب لا الآن ولا سابقاً مع أي تجمع، لا تجمع خليجي، ولا تجمع عربي، ولا تجمع فلسطيني، ولا تجمع إسلامي..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
صحيح، فما بالك أن يكون إسلامياً قوياً؟
د. علي القره داغي:
هذا الأمر الأول، والأمر الثاني: الدكتور –حقيقة- يحاول أن يربط بين الحركات الإسلامية وبين أمريكا، وهذا مخالف للواقع، وبالتأكيد خاصة حركة الإخوان المسلمين، حركة الإخوان المسلمين هي الحركة الوحيدة التي رفعت شعار الجهاد وفعلت، وقامت بالجهاد، ولا أحد يستطيع أن ينكر الجهاد الإخواني في مصر وسوريا والعراق ضد اليهود عام 1936م إلى 1948م كما لا يخفى عليك، والحقائق والوثائق والكتب، وأنا لا أريد أن أدافع، ولكني أتكلم، هذا هو الأمر الأول، والأمر الثاني الذي يريد الخلط بين الحركات الإسلامية في أفغانستان، أفغانستان قضية دولة كانت أمريكا لها مصالح في أنها تأخذ بالثأر من روسيا، لكن الحركات الإسلامية لا تتفق مصالحها أبداً ولا مصالح أمريكا مع هذا..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
ولا تمثل الإسلام يعني ولا تمثل الإسلام ولا المؤتمر.
د. علي القره داغي:
الآن من الذي يخيف أمريكا؟ الآن أمريكا جعلت القضية الإسلامية، يعني الحركات الإسلامية هي..
د. فيصل القاسم:
شغلها الشاغل..
د. علي القرة داغي:
شغلها الشاغل.
د. فيصل القاسم:
صحيح.
د. علي القره داغي:
وهي الآن حتى من الناحية العملية حولت جميع أو معظم الأفراد الموجودين كانوا ضد الشيوعية وضد الخطر الأحمر إلى الخطر الأخضر الإسلامي، فهذا حقيقة ما أعرف كيف يفسر هذا التفسير، هذا لا تفسير تاريخي –مع احترامي الشديد- ولا تفسير واقعي..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
ولا تفسير سياسي، طيب، أنا أريد أن أسأل سؤالاً –دكتور-
د. علي القره داغي:
نعم حبيببي.
د. فيصل القاسم:
نعود إلى طبعاً منظمة المؤتمر الإسلامي تأتي وتذهب، لكن هي لب الموضوع، إذا نظرنا.. قيل قبل قليل إن هذه المنظمة جاءت إلى الوجود –إذا صح التعبير- كمبادرة من المملكة العربية السعودية لـ..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
ورداً على..
د. فيصل القاسم:
رداً على حريق الأقصى، هذه حقيقة ثابتة لاأحد يستطيع أن يشكك فيها، لا بأس في ذلك، لكن نريد أن نسأل سؤالاً لا علاقة له بهذه الواقعة التاريخية: لماذا لا يشكل المسلمون تجمعات لا تقوم فقط على أساس روحي وعقدي إلى ما هنالك من هذا الكلام؟ لماذا لا نتحدث عن يعني –مثلاً- رابطة إسلامية تقوم على مصالح، تقوم على اقتصاد إلى ما هنالك من هذا الكلام؟ يعني منذ البداية منظمة المؤتمر الإسلامي قامت على أساس روحي، على أساس روحي عقدي، له علاقة –كما قلنا- بحريق الأقصى، قمة الدوحة في الوقت الذي تظهر فيه الآن التكتلات الاقتصادية في كل أنحاء العالم نرى أن قمة الدوحة لا شغل لها إلا قضية القدس، قضية روحية بالدرجة الأولى، قضية القدس مهمة جداً لا شك في ذلك، لا شك في ذلك، لكن ألا تعتقد أن يجب أن يكون هناك تركيز على القضايا الاقتصادية والتكتل الاقتصادي؟ لهذا السبب مثلاً نرى أن الغرب أو الدول الغربية تخشى من اجتماع لوزراء نفط منظمة الأوبك لأن مثل هذا الاجتماع قد يؤثر فيهم اقتصادياً، لكنها لا تتأثر كثيراً باجتماع للقادة الإسلاميين في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي؟
د. علي القرة داغي:
نعم أولاً بالتأكيد قضية القدس وفلسطين تستحق أن يعقد لها مؤتمرات وليس مؤتمر واحد..
د. فيصل القاسم:
صحيح.
د. علي القره داغي:
هذا وأنت تتفق معي ولا نختلف، وهذا أنا أعتقد يعود موضوع منظمة المؤتمر الإسلامي كما قلت بما أن معظم حكام هذه المنظمة لا يمثلون الشارع العربي والشارع الإسلامي، وإنما أنا معك في الاستبداد والديكتاتورية، هذا صحيح، وكذلك فهمهم للإسلام، يعني تركيا أساساً ما تعترف بالإسلام حتى بالإسلام العبادي، (أرأيت الذي ينهي عبداً إذا صلى) هذا ينطبق عليه هذا القول فإذن ما الذي تتوقعه؟ والإسلام.. هذا الذي أنا قلت وأخالف فيه عظمة أنه الإسلام دين شامل، دين المصلحة، لأن الإسلام دين الواقع دين الفطرة، العواطف البسيطة تذهب وتروح ولكن المصالح..، ولذلك يقول ابن القيم: أينما تكن ( المصلحة فثم شرع الله، وأينما تكن الشريعة فثم المصلحة، والمصلحة ليس مصلحة دينية بمعناها الضيق مصلحة عقدية، مصلحة فكرية يا دكتور فيصل، مصلحة اجتماعية، مصلحة اقتصادية، يعني مصلحة أيضاً العلاقات الحكومات وهذه الحدود الخطيرة التي وضعت بين الشعوب، وإحنا الآن مثلاً لما يكون.. وعدم التكامل الموجود، ولذلك الأوروبيون لما بنوا على هذا الجانب والمفروض نحن نبني، نجعل العقيدة إطاراً و محركاً..
فيصل القاسم[مقاطعاً]:
لكن الأهم من العقيدة هناك من يقول.. طبعاً العقيدة مهمة جداً وعامل مهم.
د. علي القره داغي:
محرك..
فيصل القاسم:
محرك، لكن الأهم من ذلك يعني..
د. علي القره داغي:
دينامو.
د. فيصل القاسم:
انظر إلى كل التكتلات الاقتصادية، أو التكتلات الموجودة في العالم الآن، الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة الأمريكية، كل هذه التكتلات تقوم على المصالح، يجب على المسلمين أن يفهموا..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
نعم.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
أن المصالح هي الأهم من كل ذلك، يعني من كل هذا. طبعاً العقائد مهمة جداً لكن المصالح أولا، والمصالح ثانياً، والمصالح ثالثاً، عندما تربطني أنا وإياك مصلحة تكون العلاقة أقوى بكثير، أما عندما تكون بيني وبينك مجرد عواطف ممكن تفشل يعني.
د. علي القرة داغي:
إحنا المصلحة معك، بس بشرط تعميم المصلحة، توسيع دائرة المصلحة، المصلحة عندما في نظر الإسلام تعم أمور الدنيا والآخرة، تعم كل..، بهذا المعنى الشمولي نعم المصلحة هي الأساس، لكنه بالمعنى الضيق المادي هذا هو خطر، فلذلك نحن نحتاج إلى هذا الجانب الروحي.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
القسم العقدي والقسم الاقتصادي، طيب، السيد..
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
فهو شمولية الإسلام، فشمولية الإسلام تتحقق بهذا المعنى العام.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
ممتاز.
د. علي القره داغي[مستأنفاً]:
وأنا معك في أنه لابد من المراعاة..، وحتى قال السلف أن للمعدة صوت لابد أن يسمع.
د. فيصل القاسم:
تماما، ممتاز، محمد السباخي السعودية، تفضل يا سيدي.
محمد السباخي:
آلو، السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
محمد السباخي:
تحية أستاذ فيصل، تحية للأستاذ علي والأستاذ عزيز، ياريت يا أستاذ فيصل تعمل أكثر من خط، لأني من أول ما بدأ البرنامج بأحاول أتصل، ومش لاقي فرصة للأسف.
د. فيصل القاسم:
إحنا آسفين يا سيدي، تفضل.
محمد السباخي:
تحية لشهدائنا الأبرار وضحايانا البواسل، ومعتقلينا الأبطال. يقول الدكتور عزيز: إن الإسلام أمسى عقيدة فقط. هذا منافي لقوله –صلى الله عليه وسلم- حيث يقول: (الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة) أين الدكتور عزيز من تجمع حزب الله الذي أخرج اليهود صاغرين من جنوب لبنان؟ وأين هو من حركة المقاومة الإسلامية التي ضربت أروع الأمثلة في العمليات الاستشهادية في فلسطين حتى اضطرتهم كي يلعبوا لعبة السلام الهزيل ولعبة الأرض مقابل السلام؟ أين الدكتور عزيز من تجمعات المجاهدين الأفغان الذين أسقطوا ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي؟ أين هو من تجمع حزب السلامة الرفاة؟
وأين هو من الثورة الشعبية الإسلامية الإيرانية والإطاحة بشاهنشاه ملك الملوك؟
إن شعار لا سياسة في الدين ولا دين في السياسة هو شعار اليهود مثل بقية الشعارات: الحرية والإخاء والمساواة، لأنهم يعلمون أن المعركة الأخيرة..
د. علي القره داغي[مقاطعاً]:
واليهود لم يطبقوا هذا على أنفسهم.
محمد السباخي[مستأنفاً]:
هي مع المسلمين معركة دينية، حتى يتكلم الشجر والحجر، بعدما تصدأ الأسلحة العربية في أماكنها.
ويقول: هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، أملنا من الشعوب والحكام الذين بادروا إلى نصرة شعبنا البطل في فلسطين، وأملنا في حكامنا المجتمعون في مؤتمر قمة الدول الإسلامية أن يفتحوا الحدود أمام المجاهدين من شعوبهم، حتى يكونوا على مستوى القائد البطل في (…) وإن لم يفعلوا فعلى الشعوب أن تتحرك، ولها في الثورة الشعبية الإسلامية الإيرانية خير مثال، إن الطاغوت الأكبر، أو ما يسمى بالعولمة الكبرى، أمريكا، تريد منا إسلاماً أمريكياً كالذي يدعو إليه الدكتور عزيز في المسجد فقط، ولكن هيهات، من هو الذي يتجرأ على خليفة خليفة رسول الله، ويقول: إن أرض فلسطين ليست وقف إسلامي؟ إن فلسطين وقف إسلامي، لا يحق لكائن من كان، لا زعيم، ولا رئيس أن يتكلم.. أن يتفاوض باسمها، أو يبيع جزءاً منها، إن تحريرها الآن..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب، شكراً سيد السباخي الوقت يداهمنا، أشكرك جزيل الشكر.
عبد الستار الهيتي من عمان، تفضل يا سيدي.
عبد الستار الهيتي:
السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
عبد الستار الهيتي:
السلام علي ضيفيك: الدكتور القرة داغي والدكتور العظمة.
د. علي القره داغي:
وعليكم السلام ورحمة الله.
عبد الستار الهيتي:
حياكم الله، أصلاً لدي مداخلة: يبدو أن النقاش –حقيقة- أخذ جانباً آخر، هو نقاش بين القومية العربية والإسلام.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
لم يكن كله كذا، لم يكن كله كذا على أي حال يبدو أنك لم تشاهد إلا هذا المقطع.
عبد الستار الهيتي[مستأنفاً]:
إذاً الحلقة تناقش ما الدور الذي يمكن أن تقوم به القمة الإسلامية، أو يمكن أن تقوم به منظمة المؤتمر الإسلامي لقضية المسلمين الأولى وقضية العرب من خلال قراراتها التي صدرت.
أقول –دكتور فيصل- حقيقة أن صفة القرارات وضعفها وعدم كونها عملية وواقعية بالنسبة للقرارات التي صدرت من قمة المؤتمر الإسلامي هو في حقيقة أمره عائد إلى نفس السبب الذي جعل قرارات القمة العربية قبل ثلاثة أسابيع ضعيفة، وغير عملية أيضاً.
السبب الحقيقي وراء ذلك في تصوري راجع إلى أن الحكام في كلا المؤتمرين لا يمثلون بحق مطالب شعوبهم..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
طيب يا سيد عبد الستار، هذا الكلام قيل أكثر من مرة.
د. علي القره داغي:
قيل هذا الكلام، أكثر من مرة، نعم.
د. فيصل القاسم[مستأنفاً]:
خلال هذه الحلقة، أشكرك جزيل الشكر، دكتور العظمة.
د. عزيز العظمة:
يعني سبق وأن تكلمت حول حزب الله في لبنان.
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
تمام.
د. عزيز العظمة[مستأنفاً]:
والنشاط الوطني لحزب الله، ولا أجد نفسي ملزماً..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
تماماً.
د. عزيز العظمة[مستأنفاً]:
بإعادة ما قلت، أما قضية الحركات الشعبية ذات الطابع الديني فأنا أرى فيها مزيجاً من العقيدة والعاطفة الصادقة تجاه الخير، تجيش هذه العاطفة من قبل مؤطرين سياسيين في سبيل.. في نهاية الأمر أخذ الدنيا بالدين على اعتبار أن الدين هو سجية الشعب، طبعاً هناك الكثير من المتدينين ولكنني لا أعتقد أن الكثير من هؤلاء الذين يصدقون في إيمانهم وفي ممارستهم يرغبون في قيام دول إسلامية.
إن الكلام الذي قاله الأخ محمد –في اعتقادي- لا ينطبق على الكثير أو على أكثرية المسلمين، بل هو ينطبق على بعض المسلمين ممن ينتمي إلى جماعات سياسية معينة.
د. فيصل القاسم:
شكراً جزيلاً، تفضل دكتور.
د. علي القرة داغي:
طيب، أخي الحبيب، حقيقة بالنسبة للتفرقة بأنه الحركات الشعبية العقيدة والعاطفة في سبيل الدنيا هذا غير صحيح في اعتقادي وفي نظري على أقل تقدير، لأن هؤلاء الذي يضحون بأنفسهم أساساً لا يريدون الدنيا، إنما يريدون الآخرة.
فالحركات الإسلامية الشعبية الشاملة حقيقة هي تنطلق من الإسلام، وحتى أحد السلف يقول: والله أنا أشرب وآكل لأن رب العالمين أمرني بالأكل والشرب. يجعل كل حياته عبادة، وإلا ما معني قوله سبحانه (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)؟
وكذلك.. ولماذا يفرق بين حزب الله وبقية الأحزاب الإسلامية؟ إحنا حزب الله فعلاً هو أيضاً حزب إسلامي وحزب ديني وقائم –عفواً- وقائم على الفكرة الإسلامية الشمولية، كذلك حماس، وكذلك الجهاد، وهذه الأحزاب كلها في.. صحيح هو حزب الله يمثل ممكن الفكر الشيعي، وبقية الأحزاب..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
للأسف الشديد لم يبق لدي وقت دكتور.
د. علي القرة داغي[مستأنفاً]:
لكن هذه..
د. فيصل القاسم[مقاطعاً]:
أشكرك جزيل الشكر، للأسف، مشاهدي الكرام، لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا الدكتور عزيز العظمة الأستاذ في الجامعة الأمريكية في بيروت، والدكتور علي القرة داغي رئيس قسم الفقه والأصول في جامعة قطر. نلتقي مساء الثلاثاء المقبل، فحتى ذلك الحين هاهو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة. إلى اللقاء.