
العمالة الآسيوية على الخليج وآثارها
مقدم الحلقة | فيصل القاسم |
ضيوف الحلقة | – عبد الله المدني، الباحث والخبير في الشئون الآسيوية – محمد صالح الكواري، مدير عام مركز الخليج للتنمية في قطر |
تاريخ الحلقة | 05/09/2000 |
![]() | |
![]() | |
![]() |
فيصل القاسم:
تحية طيبة مشاهديَّ الكرام، لماذا لم يعد الخليج العربي عربيًّا؟
لماذا يشعر الزائر إلى دول الخليج كما لو أنه في كراتشي أو نيودلهي أو بنجلاديش أو الفلبين، وأنه ليس في بلد عربي؟
لماذا أصبحت رؤية الخليجي وسط أفواج الآسيويين تشبه الإبرة في كومة من القش؟ لماذا أصبح الخليجيون أقلية قليلة في بلدانهم، لا بل أقلية هجينة؟
ألا يشكل الآسيويون أكثر من 80% من القوة العاملة والسكان في بعض الدول الخليجية؟
من المسئول عن تجريد الخليج من هويته العربية؟ لماذا تغلق أبواب الخليج أمام العرب، وتُشَّرع على مصراعيها أمام الزحف الآسيوي الساحق؟
ألم تصف إحدى المجلات العربية العمالة الآسيوية في الخليج بالقنبلة الآسيوية؟
ما مدى الخطر الآسيوي على الخليج اجتماعيًّا وسياسيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا؟
لماذا باتت اللغة العربية في الخليج اللغة الثالثة أو الرابعة؟
كيف تنشئ إنسانًا عربيًّا إسلاميًّا في الخليج ومعظم المربيات من السيرلانكيات والفليبينيات والهنديات؟
هل أصبحت العمالة الآسيوية غطاءً للتنصير في دول الخليج؟
هل يقيم الخليجيون إسرائيل جديدة في بلادهم؟
لماذا ينظر الخليجيون إلى المكسب القريب، ويغفلون عن الخسارة البعيدة؟
ألم يصبح النسيج الثقافي للمجتمع الخليجي مهددًا بغزو قيمي خطير؟
لماذا لا يتم تجنيس الكفاءات العربية وتوطينها لخلق التوازن الاجتماعي والسياسي المطلوب؟
لماذا يُنظر إلى العربي في الخليج -أحيانًا- على أنه متهم حتى تثبت براءته؟
ثم ألم تحول العمالة الآسيوية الخليجيين إلى مجتمع طفيلي لا يستطيع صنع غُترته وعقاله؟ كم من البليارات تحول سنويًّا من الخليج إلى الخارج؟
هل هناك مؤامرة يشترك فيها الغرب وبعض الأنظمة الحاكمة في الخليج لطمس هوية المنطقة وعزلها عن محيطها العربي؟
لكن في المقابل ألم تكن هناك ظروف موضوعية اقتصادية وديموغرافية اقتضت وجود هذا الكم الهائل من الآسيويين في الخليج؟
هل كان للخليج أن ينهض لولا العمالة الآسيوية؟
هل تشكل هذه العمالة خطرًا حقيقيًّا على الخليج أم أنها مجرد جماعات مسحوقة مغلوب على أمرها، مجردة من أبسط حقوقها؟
ألم تتحول هذه العمالة –أحيانًا- إلى مجرد سلع رخيصة؟
أليس تجربة التعامل مع الآسيويين تاريخية في الخليج، ولم يحدث أن تسببوا بمشاكل كبيرة؟
ثم ألم تتمكن الدولة الخليجية الحديثة من محاصرة العناصر غير العربية في خانة عمالة تشتغل لا تشكل أي خطر يهدد الدولة العربية؟
ألا تقوم العمالة الآسيوية في الخليج على مبدأ العرض والطلب؟
أليس من حق الخليجيين التصرف وفق مصالحهم بعيدًا عن الاعتبارات القومية والعرقية؟
ألا يترك الاقتصاد الحر لصاحب العمل حرية استيراد العمالة الرخيصة، وأن دول الخليج ما زالت بحاجة إلى هذا النوع من العمالة الموجودة لاستكمال برامج التنمية؟
ألم تصبح عملية توطين الوظائف وتعريبها عملية غير واقعية في عهد العولمة ولا تتناسب مع لغة العصر؟
ثم كيف نتتهم العمالة الآسيوية بأنها تستنزف ثروات الخليج من خلال تحويل مدخراتها إلى بلدانها الأصلية؟
أليس معظم أموال الخليج في الخارج؟
ألا يبلغ حجم الاستثمارات الخليجية في أوروبا وأمريكا مئات المليارات من الدولارات؟
أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على السيد (عبد الله المدني) الباحث والخبير في الشئون الآسيوية، وعلى السيد (محمد صالح الكواري) مدير عام مركز الخليج للتنمية في قطر.
للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال بالأرقام التالية: 4888873 وهي أربعة خطوط، وفاكس رقم: 4885999 ويمكنكم مراسلتنا عبر البريد الإلكتروني: oppdir2@qatar.net.qa .
[فاصل إعلاني]
فيصل القاسم:
سيد عبد الله المدني شاهدتك وأنت تهز برأسك، وأنا أقرأ المقدمة، ربما لديك الكثير من المآخذ والملاحظات على بعض ما جاء في المقدمة، على أي حال ألا تعتقد أن وضع العمالة الآسيوية في الخليج إن لم يصل فهو في طريقه إلى الوصول إلى حد الكارثة؟
عبد الله المدني:
إطلاقًا لا.. يعني أنا قبل أن أبدأ حديثي أود أن أشير إلى نقطتين -لو تكرمت يعني-..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
تفضل.
عبد الله المدني:
النقطة الأولى: أنا لست خبيرًا في الشئون العمالية، لكن بحكم تخصصي في الشئون الآسيوية اطلعت على كم كبير من الدراسات والأبحاث التي تعالج موضوع العمالة الآسيوية في منطقة الخليج، والمؤسف حقًّا إن معظم أو كل هذه الدراسات وضعت خارج منطقة الخليج المعنية بالموضوع أصلاً، وأفضل ما اطلعت عليه وضعه بعض الباحثين الأكفاء اللي تمتعت أبحاثهم بنوع من المصداقية والحيادية في جامعة الأمم المتحدة في طوكيو، وقد أخبروني هؤلاء الباحثين عندما كنت أحضر رسالة الدكتوراه أنه كانوا يتمنون لو أنهم قدموا بأنفسهم إلى الخليج ليعملوا أبحاثهم على الطبيعة، لكنهم استشعروا أن الموضوع يمثل حساسية بالنسبة للحكومات الخليجية فآثروا أن يذهبوا إلى المطارات، مطارات الدول التي تبعث العمالة أو تستقبل العمالة الآسيوية في كراتشي، بومباي، مانيلا، بانكوك
وجاكرتا، وقضوا أشهر طويلة هناك وهم يترقبون القادمين العائدين من الخليج من العمالة الآسيوية ليعبئوا نماذج..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
الاستبيان.
عبد الله المدني:
الاستبيان.. النقطة الثانية التي أود أشيرها إني أنا هنا لم آتِ لأدافع عن العمالة الآسيوية، وبالتالي فأنا لن أخوض مباراة أو سباق مع أخي محمد لتسجيل النقاط.
العمالة الآسيوية ظاهرة فرضتها ظروف معينة على دول الخليج، بعض هذه الظروف لا تزال موجودة، وقد تبقى لفترة لا نعلمها، لأن هذه الظروف ستبقى موجودة.. الظاهرة هذه مثلها مثل أي ظاهرة أخرى لها سلبياتها ولها إيجابياتها لكن ما أود أن أقوله: إن حتى السلبيات نحن نتسبب فيها لأننا نهيئ ظروف تشكلها وتكونها، النقطة الأخرى أن معالجة هذه السلبيات، لا تتم بالصراخ والضجيج وإلقاء التهم يمينًا ويسارًا وإطلاق العنان للخيال ليتوهم أشياء غير موجودة، ويستخدم نظرية المؤامرة والعقلية التآمرية، يعني بعبارة أخرى: العامل الآسيوي الذي فعلاً لعب دور كبير في مجال تنمية هذه المجتمعات وهو الذي بنى هذه الغابات من البنايات والإنشاءات الإسمنتية والشوارع والأرصفة والطرق والكباري والجسور، وحفر الصخر بيديه العاريتين تحت شمس الخليج الحارقة، اليوم يستخدم هذا العامل الآسيوي شماعة لكل أمراضنا وهزائمنا، فصار هو مثلاً الآن مسئول عن تفتيت النسيج الاجتماعي المتميز في الخليج..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب الكثير من النقاط.. سأعطيك المجال.
لا. لا. خليني أعددهم، خليني أعددهم وأنت..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
هو سنأتي عليهم جمعيًا، طيب يالَّه بس باختصار كي..
عبد الله المدني:
يعني تفتيت النسيج الاجتماعي قلناه، حوادث السير والجرائم، هو المتسبب في انتشار الجريمة والمخدرات، يعني لم يبقَ شي إلا أن نقول: إنه هو المتسبب في هزائمنا الكروية على المستوى الدولي أو عدم سير عملية السلام في الشرق الأوسط في طريقها.
فيصل القاسم:
كويس، طيب سيد كواري كيف ترد على هذا الكلام؟
السيد عبد الله المدني لا يريد أن يدافع، لكنه يدافع باستماتة في واقع الأمر.
محمد صالح الكواري:
أنا أيضًا أود أضم صوتي لصوته في جزئية من الموضوع فقط، أنا لست ضد العمالة الآسيوية ولا ضد أي عمالة من أي نوع، لأني أقدر أدوار الناس اللي قامت، وخدمت أيضًا في ظل مصالحها، وفي ظل ظروف اقتصادية معينة، لكن أنا أعتقد أن الوضع غير طبيعي إذا أردنا أن نحاور هذه القضية، الآن نسبة العمالة الأجنبية في أسواقنا هي تقريبًا 90%، من 85% إلى 90%، من عام 1975م إلى 1995م ارتفعت نسب العمالة في كل الدول حتى التي وضعت خطط، وأعلنت خطط خمسية وكذا بما فيها سلطنة عمان التي نجحت في بعض القطاعات مثل القطاع المصرفي، وصلت نسبة العمانيين فيه 84.5% ولكن الاتجاه العام في دول الخليج إنه زيادة في العمالة الأجنبية في كل القطاعات الآسيوية وغيرها.
هذا الوضع أول شيء هو وضع غير طبيعي، هو وضع يحتاج إلى مراجعة للسياسات غير رشيدة من الحكومات الرشيدة، يعني إحنا دائمًا نصف حكوماتنا بالرشد، فهذا شيء إيجابي، ولازم تكون سياساتهم رشيدة، أنا أعتقد أن التركيبة الاجتماعية الموجودة ف دول المنطقة مختلة إلى أبعد الحدود باعتراف جميع السلطات في دول المنطقة، يعني يكفيك الآن أنا لديَّ ملف يمكن ما أقدر أستعرضه، ولكن جميع الدول تبحث في طريقة تحفيز العامل المواطن، في طريقة بحث عن وظائف مناسبة، في إعادة النظر على الأقل نظريًّا في مناهج التعليم، في إخفاقات كانوا الأول لا يتحدثون عنها إلا من يعتبرون متشائمين في هذه المجتمعات من المثقفين وغيرهم، الآن صار هو حديث المسئولين في كل موقع.
فإذن هناك واقع غير عادي، ويجب تغييره إلى ظرف أفضل، ليس في ذلك عداء لأي فئة من الناس الآسيويين أو لغيرهم، ولكن أنا أعتقد أن القول بأن: والله كل شيء تمام، أنا أعتقد -أيضًا- طامة كبرى وقد يؤدي إلى مزالق تُستغل، وأنا ضد فكرة المؤامرة بعد –أيضًا- مع زميلي، لكن أنا أقول بكل أمانة: إذا في حد (أحد) يتآمر على نفسه فالقيادات الرشيدة الآن بأخطاء غير رشيدة صراحة جالسة تتآمر أو تضر بمصالحها في المستقبل، وسنأتي على ذلك بالتفصيل في وقت لاحق.
فيصل القاسم:
طيب.
عبد الله المدني:
لا يعني أنا أتفق إنه في فعلاً في مشكلة، لكن المشكلة أنه مو (لا) تلقي اللوم على العمالة الآسيوية ألقِ اللوم على نفسك، لأن هذه العمالة الآسيوية.. فقط أود أن أؤكد العمالة الآسيوية هذه لن تأتي لحالها يعني العمالة الآسيوية في الخليج متميزة عن العمالة التركية في ألمانيا، العمالة المغربية في فرنسا، العمالة المكسيكية في أمريكا، في تلك الدول العمالات هذه تذهب لوحدها علشان تحسن مستواها الاقتصادي، وتستوطن أي تكتسب حقوق المواطنة، وتبقى هناك، العمالة الآسيوية فريدة من نوعها في الخليج، لأننا إحنا اللي نأتي بها، إحنا اللي نجلبها بتأشيرات رسمية وأوراق رسمية وعقود توضح أنها تعمل في المجال الفلاني لفترة معينة وراتبها كذا، وتعطينا كل الحق في أن نعيدها إلى مواطنها حينما لا نريدها يعني وبالتالي فلماذا نشتكي؟
إذا لم تكونوا تريدون العمالة الآسيوية أعيدوهم إلى ديارهم، وأنا متأكد أنه ما في أحد راح يغضب، ولا الأساطيل الهندية والباكستانية سوف تغزو دول الخليج.
فيصل القاسم:
طيب، لكن السؤال المطروح: أنت تقول: أنَّا نحمِّل هذه العمالة الكثير من المشاكل الموجودة أصلاً في هذا المجتمع، والمجتمع الخليجي بشكل خاص، وأنها تحولت إلى شماعة نعلق عليها الكثير من أمراضنا، لكن هناك من يقول: بأن هذه العمالة هي في واقع الأمر أصبحت أحد أهم أسباب هذه الأمراض الموجودة ولنبدأ بالجانب الاجتماعي لهذه العمالة، أعتقد أنت تعمل أكثر مني بأنه أظهرت الدراسات إذا أخذنا المربيات الموجودات في المنطقة أظهرت الدراسات الاجتماعية أن الأطفال الخليجيين ينشئون على مفاهيم غربية عن عاداهم وتقاليدهم بدءًا بتعلم لغة غير مفهومة هي خليط من واقعهم وواقع غيرهم، وإذا تحدثنا مثلاً عن الخادمات 3% من خدم المنازل يتحدثون العربية، 60% من الخادمات مسيحيات، 4% وثنيات، 2% هندوسيات و 2% بوذيات و57% من الأطفال يقلدون الخادمات في الكلام، 16% في متابعة أفلام موطنها و 15% في طقوسها الدينية، كل ذلك ولا يعتبر أي خطر اجتماعي وثقافي على هوية الخليج؟!
عبد الله المدني:
لا.. أنا أعيد الكلام لك، المربية لم تقتحم منـزلي أو منزلك، وتفرض نفسها كي أعينها مربية، أنا الذي جلبتها، وفرضتها على أبنائي، لماذا؟
لأن المنظومة التربوية والاجتماعية والسلوكية في الخليج اهتزت منذ فترة الطفرة النفطية، اهتزت، وجاءت بقيم وسلوكيات ليست من عاداتنا، أصبح الكثيرون وأنا لا أريد أن أعمم تنابلة، لا يريدون أن يعملوا، الأم لا تريد أن تتحمل مسئوليتها، الأب لا يريد أن يتحمل مسئوليته، الأخ لا يريد أن يتحمل مسئوليته ولا حتى المدرس يريد أن يتحمل مسئوليته يعني كون إنك إنت تجيب مربية طيب إنت (ليه) لماذا تتوقع من هذه المربية أن تكون مسلمة، وتتكلم العربية وتعرف عاداتك وتقاليدك لكي تغرسها في هذا الطفل؟
المشكلة الأكبر من كده إنه يا ريت هادول اللي نجيبهم مربيات فعلاً هما مربيات خريجات مدارس تربية، المشكلة إنه شغالات أو خدم، جئنا بهن ليؤدين مختلف الأعمال من كنس وطهي وغسيل، وعندما يتفرغن من هذه الأعمال نعينهن مربيات لأطفالنا، وأنا بنفسي شاهدت ربات بيوت خليجيات يفرضن على الفليـبينية والسريلانكية والهندية الأمية المسحوقة التي تتكلم كلمتين أو ثلاثة إنجليزي مكسرة أن تعلم أبناءها الإنجليزية بعد فترة أعمالها في المطبخ، يعني إحنا السبب في المشكلة.
فيصل القاسم:
طيب، سيد الكواري لا شك، أنا أريد أن أتحدث عن مدى خطورة هذا التأثير.
محمد صالح الكواري:
هو الجانب الثقافي حقيقة أكيد واضح أنه خطر، من متسبب فيه؟ طبعًا وضحت وأتفق وياه إن إحنا متسببين فيه، أسبابه ظروف اقتصادية واضحة، بصراحة واستسهال –أيضًا- لكن هذا -أيضًا- لم يبقَ في الخليج لوحده، في الأردن الآن تلقى مربيات من الفلبين ومن غيرها، في مصر تلقاهم، في لبنان تلقاهم، طيب إذن المشكلة شو اللي صار في العمالة العربية رغم إن في 12 مليون من العرب يعني تعتبر بطالة واضحة الآن، كما تبين ذلك إحصائيات منظمة العمل العربية إلا أن العمالة المغربية في أغلبها تذهب إلى فرنسا لدواعي حضارية لأسباب لغة ولغيرها لأوروبا، العمالة العربية الأخرى من مصر وغيرها وكذا فيها وظائف لا تقبل أن تعمل في الخليج لأسباب معروفة ومحسوبة، أيضًا إحنا في الخليج خلقنا كثير من الوظائف اللي ما كان لها جدوى بسبب وجود إمكانيات نقدية في مراحل معينة من تاريخنا، وصار جزء من التقليد، خطابنا الإعلامي ليس موجه يعني أنا أعطيك مثالاً إذا تريد أن نتكلم عن العمالة، العمالة هنجزئها إلى فئات مختلفة، عمالة الخدم والمنازل نتيجة للظرف الاقتصادي يكون بالاستمرار ما لم يدفع الناس تكلفة أعلى نظير الخدمات اجتماعية اللي تُقدم سيكون جلب من شرق آسيا إلى حد ما تتغير الظروف، العمالة الفنية طبعًا من كل أنحاء العالم وقلة من العرب يكونوا في هذه المصانع متقدمة كثيفة رأس المال، كثيفة التقنية.
هذه قضية، بجانب عندك الوظائف التعليمية والقضايا الأخرى لابد أن يكون فيها عرب أو غيره، الظروف السياسة جالسة تلعب دور في العلاقات العربية العربية يعني دعنا اليوم نتفق ويا مصر فقد يكون عندي أغلبية مصرية، ما عندي اتفاق ويا سوريا أو العراق وكذا، كل هذه القضايا خلقت في التركيبة وضع غير عادي، الآن ما هو الوضع المنشود؟
لابد أن يكون هناك وضع منشود، وأنك تسعى له، وتبدأ تغير في العادات، تغير في كذا، ويكون الخطاب متوازي، يعني أعطيك مثال: في دول فيها 150 ألف مواطن مثل قطر أيعقل أن يكون عندي بطالة من خريجين الجامعة في حدود الألفين أو أكثر من ألفين خريجة؟ بطالة سافرة علنًا، والآن توضع لها الملايين لإعادة تأهيلها لوظائف أخرى؟ طيب شو المشكلة؟
المشكلة إنك أنت أعلم، ولكن لا أريد أن يقرع الجرس أحد، ولا أريد أن أستمع إلى أحد، وهذا طبعًا الموضوع في قطر يمكن ألفين أو ثلاثة، في البحرين آلاف، في المملكة العربية السعودية أكثر وأكثر، ونقدر نتكلم عن الأرقام بتفاصيلها.
السياسة التعليمية خرجت لك جيل ليس له علاقة بسوق العمل، بدأت تنفق الزيادة من المال العام على إعادة تأهيل هؤلاء، وأيضًا وأنت تنفق لا تسلك طريق صحيح.
العمالة النسوية الآن في دول الخليج يمكن أعلى جهة هي الكويت 31% تليها قطر، وهذا يمكن يثير ليش قطر؟ لأنه عملية نسبية، يعني في أربعين امرأة في سوق العمل، أربعين ألف امرأة تستطيع أن تعمل فهناك 24% ثم البحرين 19%، بس أبغي أقول نقطة مهمة جدًّا.
[موجز الأخبار]
فيصل القاسم:
سيد عبد الله المدني أنت تقول بأن إذا كان هناك مسئولية فإن المسئولية تقع بالدرجة الأولى على المجتمع الخليجي، وعلى الحكومات الخليجية في هذا الوضع ولكن أنا أريد أن أسأل سؤالاً: نحن نريد أن نتحدث عن وضع موجود الآن، هل تستطيع أن تنكر هذا الخطر الكبير الذي أصبحت تشكله هذه؟ لنبقَ في العامل الاجتماعي والثقافي هل تستطيع أن تنكر هذا الخطر الهائل الذي تشكله هذه العمالة على المجتمع الخليجي ثقافيًّا واجتماعيًّا؟ هل تستطيع؟ أنا أريد جواب على هذا الكلام.
عبد الله المدني:
من أي ناحية؟ ثقافيًّا؟
فيصل القاسم:
ثقافيًّا.
عبد الله المدني:
طيب، الآن أنا إذا ثقافتي العربية بهذه الهشاشة التي يستطيع فيها عامل آسيوي فقير أمي أن يؤثر فيها فالأفضل لنا أن نبحث عن ثقافة وهوية أخرى.
فيصل القاسم:
لكن هذا العامل الآسيوي استطاع أن يؤثر في هذه الثقافة، وفي هذه اللغة، هناك لغة ثالثة الآن في الخليج، يعني أنا أريد أن أطرح سؤالاً: في كل دول العالم عندما يذهب أي شخص مثلاً إلى بريطانيا فعليه أن يتعلم اللغة الإنجليزية كي يتعامل مع الإنجليز بلغتهم، وأيضًا في ألمانيا إلا في دول الخليج نرى الآية معكوسة، نرى الخليجي يتعلم لغة هجينة، لغة ثالثة ما أُنزل بها من سلطان ليتعامل مع هذا العامل أو مع هذا الوافد الآسيوي، هل تستطيع أن تنكر ذلك؟
هناك لغة لا نستطيع أن نتكلمها الآن، لا يستطيع أحد أن يفهمها، لغة ثالثة، اللغة العربية أصبحت في خبر كان.
عبد الله المدني:
نعم، يقال: أن هناك لغة ثالثة لا هي بالعربية ولا بالإنجليزية ولا بالهندية، لغة هجينة، طيب هذا موجود، أنت لماذا تتوقع من العامل الأسيوي أن يجيد لغتك؟ هو يأتي وأنت تطلب منه أن يخدمك، وأن يكون عالم بجميع طباعك وتقاليدك وعاداتك، فهذا الرجل في معظم الأحيان هو أمي يحاول جهده أن يدبر كلمة من لغته الأصلية وكلمة عربية وكلمة إنجليزية حتى يؤدي لك المطلوب، وحتى تستطيع أن تتفاهم، يعني أنا ضد هذه الأسلوب، يعني إذا كان المواطن في الخليج أو الخليجيون بصفة عامة غيورين على ثقافتهم، وعلى لغتهم لهذه الدرجة، ويخافون أن يحدث شيء خطر وغير متوقع، يا أخي خليهم يكسبوا ثواب في هاالمساكين يعلمونه اللغة العربية مثلاً، لكن هنا يأتيك فيقول لك: إحنا جايبينهم يخدمونا أم تخدمهم؟ أو يقول لك: ما باقي إلا بعدين نصرف على تعليمهم يعني أنا أعطيك مثال: أنا عشت فترة في فنلندة والشيء بالشيء يُذكر يقال يعني أنا لا أطلب من الدول الخليجية لأن في بون شاسع بيننا وبين الدول الاسكندنافية، هناك حين تتأكد الحكومة أن العامل الأجنبي الوافد وضعيَّته سليمة تمنح له راتب لمدة ستة أو ثمانية شهور من غير عمل، وظيفته الرئيسية خلال هذه الفترة أن يتردد على مدارس خاصة لكي يتعلم مبادئ اللغة المحلية كي يمشي أموره، ويتعلم نصوص الدستور الفنلندي حتى يعرف نظام البلد الذي يعيش فيه، ويتعلم قوانين العمل والعمال حتى لا تُهضم حقوقه، ولا يطالب بما ليس له حق فيه، يعني أنا لا أطالب بس مجرد مثال.
محمد صالح الكواري:
بس أنا بدي أقول حاجة واحدة، أنا أعتقد إذا سطحنا شوية الأمور، واسمح لي على التعبير هذا تكلمنا عن الطرف الفرد فالأمر هين، أنا أعتقد أن هذه الكثافة من السكان الأجانب في دول الخليج خطر قد يستخدم في أي لحظة كما استخدم في دول أخرى، صار توطين في ماليزيا خمسة ملايين هندي، سنغافورة كلكم تعرفون قصتها..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
قبل ذلك، قبل أن تأتي على ذلك، أنا أبقى بالخطر الثقافي.
محمد صالح الكواري:
الخطر الثقافي قائم وواضح.
فيصل القاسم:
طيب كيف ترد على كلام عبد الله المدني؟
أنت لا ترد، أنت تريد أن تتحدث، أنا أريد أن ترد على عبد الله المدني في هذا الطرح، طرح مهم جدًّا.
محمد صالح الكواري:
أنا أعتقد حاجة واحدة، لما تقيم هذه الوضعية، أنا قلت أن الوضعية هذه غير سليمة، وغير صحية أيضًا، وقد تُستغل في أي لحظة من اللحظات لتطبع هذا المجتمع بالواقع، في نقطة مهمة جدًّا، وهذه أنا خايف من النظرة الضيقة.
فيصل القاسم:
أنا أريد قبل ذلك عن الوضع الثقافي والتأثير الثقافي الخطير على اللغة، على العادات، هناك من يقول بأن هذه العمالة ستحول أبناءنا إلى آسيويين مشوهي الثقافة ومشوهي اللغة ومشوهي كل شيء، وهذا بدأ واقعًا يعني الآن.
محمد صالح الكواري:
هذه قد يختلفون الناس فيه، لكن أنا أقول نقطة جدًّا هامة أعتقد في هذه القضية هذا الوضع يبدو هادئًا وسليمًا ومطمئنًا أو مطمئنًا لكثير من الأطراف.
فيصل القاسم:
لكنه؟
محمد صالح الكواري:
لكن دوام الحال من المحال، أنا أعتقد أن أصحاب النظرة الضيقة في هذه المنطقة حقيقة أيًّا كانوا في مواقعهم سواء كانوا مواطنين أو مسؤولين عندهم شعور بأن الله لا يغير علينا، وبأن الظروف ستبقى على ما عليه، نحن أيضًا هشاشة وضعنا الاقتصادي، هشاشة وضعنا العربي العام، وجود قوى كبير جدًّا تتحكم في العالم وتتغير الظروف حسب مصالحها، أعتقد يطالبنا بالاحتياط لأمور كثيرة جدًّا وألا نقع يوم من الأيام تحت ظروف تفرض علينا واقع نحن الآن لا نرضاه ولا نقبله أعطي مثال مهم جدًّا، يعني لما أصبح الآن قانون الحماية الفكرية، يوم من الأيام كان لكل دول قانونها في كيف تحمي؟ وكذا.
لكن لما العولمة هذه اللي نتكلم عنها بعض الأحيان بس بمجرد رنين كلمات، أصبحت واقع، أصبح عندنا الآن في كل دولنا في كل دول الخليج قانون للحماية الفكرية، وأنا لست ضد ها القانون بل معاه، لأن فيه كثير من الأشياء الإيجابية ولكن فرض أصبح قانون فوق قطري أو فوق محلي، طيب الآن القوانين الأخرى اللي جاية، وما يثار أيضًا عن حقوق هادول الناس، وبعضهم يتعاطف وياه، يعني مثلاً حق هؤلاء العمال في التنظيم النقابي والتنظيم العمالي، إذا تسمح لي أود أقرأ عليك بيان وُزع قريبًا أمام جميع مسئولينا في منظمة العمل الدولية، هذا البيان.. البيان صادر عن فريق العمال أو فريق العمال بتاريخ 6/6/2000م يعني من ثلاثة شهور الفريق هذا طبعًا يقول: إنه يرحب بالتقدم الحاصل في عدد كبير من الدول الأعضاء بشأن المبادئ التي تضمنها الإعلان منذ اعتماده غير أن فريق العمل يعبر في الوقت نفسه عن قلقه العميق تجاه ما أكده التقريرين من أن بعض الدول لم تحقق أي تقدم في مجال العناصر الأساسية التي تضمنها الإعلان، ولقد حدد التقريران بشكل خاص كلاًّ من دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان حيث تحرّم بشكل كامل في تشريعاتها القائمة أي شكل من أشكال التنظيم العمالي، كما تستبعد وتتجاهل أبسط الشروط الأساسية للتشاور والتعاون الثلاثي على المستويين الوطني والدولي، أما دولة البحرين ودولة قطر فإن التمثيل العمالي القائم يـبقى بعيدًا عن مفهوم الحرية النقابية، هذا الآن يُطرح في المنظمات العمالية وفي المؤتمرات الدولية.
أمام مسئولينا الرسميين، وأنا أعتقد أن الرسالة وصلتهم مش منا إحنا كمواطنين لكن هناك..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
وماهي الرسالة؟ يعني كيف تشرح الرسالة؟
محمد صالح الكواري:
الرسالة أن الوضع القائم عندهم ينبئ بالخطر لأنهم يضطهدون –أيضًا- أو ينكرون على هذه الكثافة العمالية حقوقها، هم -حقيقة- على مواطنيهم حقوقهم فأنكروها على الآخرين، في دول المنطقة بما فيها قطر كان في بدايات عصر النفط كان في تنظيمات عمالية، كان في لجان عمالية، وكانت –أيضًا- تحترم هذا الترتيب لأنه فعلاً كان يمثل العمال، ماذا حدث؟ مع زيادة الإمكانيات المادية وأيضًا استمرار ضيق النظر –حقيقة- لأن من ينظم نفسه معناه أنه ضد السلطة وضد الحكومة، وهذا -طبعًا- مفهوم خاطئ، والغرب الآن يستخدمون التنظيمات غير الرسمية والمنظمات الأهلية –أيضًا- كخط دفاع في مواجهة الظروف الاقتصادية الخارجية مثل ما صار في مؤتمر (سياتل) والأمر معروف للجميع.
إذن إحنا محتاجين الآن إلى إعادة هندسة الوضع العمالي، إعادة هيكلة الوضع العمالي والتركيبة السكانية، لا بدافع فلان أو لأن هناك مؤامرة لإعادة النظر في السياسات غير الرشيدة اللي قلناها قبل، نرجع مرة ثانية نقول: طيب كيف يكون مجتمعنا يحافظ على ثقافته؟ كيف نوجد عمالة –أيضًا- نعطيها حقوقها، ولا نضطهد الناس، ولا نضطهدهم في أديانهم؟
يعني قطر مثلاً واحدة من الدول اللي موقعة على اتفاقية عدم التمييز، اقرأ الإعلانات تلقى فيها تمييز، اقرأ التعامل في موضوع الفيزات تلقى فيه تمييز التمييز في اللون، في الجنس، في الدين.
[فاصل إعلاني]
محمد صالح الكواري:
أنا أعتقد الآن أيضًا في حديثنا عن العمالة الآسيوية، قد يتساءل أي مواطن يستمع لنا اليوم: ومن يحمي حقوقي الآن؟ أنا اللي (الذي) قدامك الآن جالس كمواطن قطري من يحمي حقوقي؟
لا توجد عندي في دولي، في أكثر دولي محاكم إدارية، قانون العمل قد يكون من الستينات موجود، ليس لي حق في تنظيم عمالي، زين؟! وكل هذه تخدم الدول أصلاً، وجزء من مكونات الدولة، ولكن أقول: إن النظرة الضيقة قتلت المساحة اللي (التي) تتسع للجميع ليعيشوا في أمان وسلام، ويقيموا مجتمعات مدنية، أنا أعتقد أن الفكر الضيق ومحاولة شراء الوقت، أنه والله بعدين ندبر الأمور، بعدين ندبر الأمور، لقينا نفسنا الآن في مواجهة عالم وضعنا أعلامنا مع أعلام الدول، اعتبرنا أنفسنا دول مستقلة، وواجهنا واقع حضاري سيواجهنا بالصدمة وسيسميه البعض مؤامرة دولية.
فيصل القاسم:
طيب..سيد داود الشريان السعودية تفضل يا سيدي.
داود الشريان:
آلو..مساء الخير.
فيصل القاسم:
تفضل يا سيدي.. يا ميت هلا.
داود الشريان:
أنا في البداية أقر مسألة مشكلة التأثير الثقافي من العمالة الوافدة، لكني أود أن أتحدث عن السوق السعودية بصفتها أكبر سوق للعمالة في منطقة الشرق الأوسط، السعودية يا سيدي يوجد فيها سبعة ملايين عامل وافد، ينتسبون إلى حوالي 120 أو أكثر جنسية، العمالة العربية تشكل منهم أكثر من 45%، يتبقى حوالي 55% لبقية الجنسيات التي تعتبر الجنسيات الآسيوية جزء منها.. لكن هذه النسبة للعمالة الأجنبية ليست صافية، ولابد أن نطرح منها العمالة المنزلية التي تشكل 25% من مجموع العمالة، وهي مهن تحجم عنها العمالة العربية بنفسها لأسباب كثيرة أهمها تدني الأجور، ناهيك عن طبيعة العمل، إضافة إلى أن هذه المهن أصبحت تشغل بأسيويين حتى في مصر والأردن والمغرب.
إذن فالنسبة المتاحة للعمالة الأجنبية في سوق العمل التجاري والصناعي الفعلية بكل جنسياتها لا تزيد عن 30% من حجم العمالة الموجودة في السوق، وعددها كما ذكرت سبعة ملايين، بلغة الأرقام العمالة الأجنبية باستثناء العمالة المنزلية تعدادها يبلغ في السعودية 2 مليون ومائة ألف، والعمالة العربية تعدادها في سوق العمال ثلاثة ملايين و150 ألف منهم أكثر من مليون مصري، هذا الرقم طبعًا لا يشمل العمالة التي تأتي بصفة محرم، المرافقات لأزواجهن وآبائهن، المقيمين بالهجرة واللجوء، والفلسطينيين من عرب 1948م.
إذن فالنتيجة التي تثبتها الأرقام، ويعرفها السعوديون أن العمالة العربية هي المستفيد الأكبر من سوق العمل في السعودية ليس فقط لأنها الأكثر أجورًا بل والأكثر عددًا، ختاما أنا أود أن أشير إلى بعض العوامل التي تدخلت في الماضي ولا زالت، في الحد من زيادة العامل العربي في السوق الخليجي، أولاً أنه قضية العمالة تخضع للعرض والطلب، والحكومات ليس لها دور كبير كما يتصور البعض، وهناك مثال: في أعقاب حرب الخليج الثانية حاولت الحكومة السعودية أن تلزم بعض رجال الأعمال بالاستقدام من مصر، لكنها لم تنجح لأن رجال الأعمال والتجار والمقاولين أقنعوا الحكومة بقضية الأسعار والمهارات، ومع ذلك استمرت الحكومة إلى درجة أنها أوجدت بعض التسهيلات لمن يستقدم من مصر، ومع ذلك لم يجد المشروع الاستجابة الممكنة، ثانيًا أن السعودية تعاني الآن من نسبة بطالة متزايدة بين أبنائها، وللقضاء على هذه البطالة يتم الإحلال على حساب العرب، لأنهم يشغلون الوظائف ذات الأجور المتوسطة والعالية، والتي يقبل بها المواطن السعودي، ثالثًا أن استقدام العمالة العربية يعاني من سوء الوسطاء في البلاد العربية نفسها، وتلاعب مكاتب الاستقدام في مصر وفي سوريا، وفي لبنان، وفي غيرها، التي لا يهمها سوى الحصول على العمولة بصرف النظر عن مستوى العامل أو القدرة الوظيفية لديه، ومن أجل هذا أوجدوا فقدان للثقة في العامل العربي في بعض المهن، حتى البسيطة منها، رابعًا وأخيرًا أن العامل العربي أصبح يجد نفس الأجر في بلاده في بعض المهن الصغيرة مثل عمال البناء، ومثال هذا أن العامل في مصر الآن يجد أجر يومي يتراوح بين 50 إلى 80 جنيه في اليوم وهو أكثر من الأجر اليومي الذي يحصل عليه العامل الآسيوي لنفس المهنة في السعودية ودول الخليج.
إذن المحصلة النهائية أن ما يقال عن سيطرة العمالة الآسيوية في سوق السعودية لا ينطبق عليها، قد ينطق على دول خليجية أخرى، لكنه بالتأكيد لا ينطبق على السعودية وشكرًا لك.
فيصل القاسم:
طيب شكرًا جزيلاً.. سيد الكواري.. أنت تحدثت قبل قليل عن سياسات غير رشيدة لدى الحكومات، لكن كما سمعنا من السيد (شريان) يعني لا علاقة لهذه الحكومات لا من بعيد ولا من قريب بما يجري على الساحة، والخطأ يكمن في مكان آخر.
محمد صالح الكواري:
أنا، السياسات الرشيدة أو غير الرشيدة لم أربطها بس (فقط) في استجلاب العمالة، أنا أيضًا آثرت يمكن بشيء، بقليل من التفصيل، أن هناك مشكلة أصلاً في خطط التعليم، وعدم مواكبتها لاحتياجات سوق العمل، فتخرج عندك آلاف الأشخاص، ثم واجهتهم بجواب بارد جدًّا أنه لا حاجة لكم في سوق العمل، ثم بدأت تتحمل تكاليف تدريبهم، لمهن غير موجودة أساسًا في القطاع الخاص، أنا ودي شوية (بعض) تواضع حقيقة من كثير من المسؤولين في الحكومة، في قطر، بما أنه إذا كان المطلوب منهم، واجبهم الآن، إعادة تأهيل العمالة غير المناسبة الذي قضوا سنوات ليخرجونهم من كليات، أوجدوها لسبب أو لآخر، فعلى الأقل يشركوا أصحاب الأعمال في تدريب هؤلاء، في توجيه هؤلاء، حتى يصبحوا أصحاب الأعمال مسؤولين مسئولية تامة عن توظيف هؤلاء الموظفين مرة أخرى، أعطي مثال هذا الموضوع كان مطروح في عُمان قبل أكثر من خمسة عشر سنة، وكان هناك، عُمان تأخذ رسوم على العمالة الأجنبية، سلطنة عمان، وأيضًا توجهها لإعادة تدريب المواطنين، طُرح هذا سنة 84 في ندوة لدول مجلس التعاون، فكان الكثير من المسؤولين يعتبرون أن هذا ثورة في التعليم، وأن هذا شيء كبير جدًّا مطلوب إحداثه، في اليوم يرجعون يتحدثون عن نفس القضية ونفس المشكلة، أنا أتصور حقيقة أنه يجب أن نقف على الحقائق، أولاً فيه عمالة خدمية وكذا وهذا الجواب فيها يحتاج وقت طويل جدًّا، لإعادة تثقيف الناس وتوجيههم، يمكن وجهات نظر أخرى أو بعض الأساليب اللي ممكن تحد منها، بقي أيضًا مشكلة رهيبة جدًّا، أنت تخرج ناس الآن –مواطنين- يحتاجون إلى العمل، وتقول لهم: حق العمل حق لكل مواطن، ولا تهيئ لهم وتخرجهم في تخصصات، طيب هؤلاء لابد تقفل الحنفية (الصنبور) أنا أعطيك تصريح الآن يمكن موقف شجاع، ولكن متأخر جدًّا، لوكيلة وزارة التربية والتعليم (نورا الصبيح) في الكويت، هذه أول مرة يصرح فيها مسؤول كبير يقول الكاتب في عدم الحاجة لخريجي كلية الشريعة، طيب إحنا (نحن) كنا مسلمين قبل وجود الجامعة نفسها، مش (ليست) كلية الشريعة أيضًا.
فإذن إذا كان عندنا خلل في مخرجات هذا النمط من التعليم يجب أن نكون صريحين ونوقفه، لأن في قطر وغيرها قفلنا اختصاص الشريعة وسميناه شريعة وقانون، ووصلنا لنفس المخرجات، الآن في آلاف الناس ينتظرون وظائفهم بعد أربع وخمس سنوات، لا توجد مظلة تأمينات اجتماعية تحمي الخريجين، لو أردت أن أشتغل في شركة في البحرين، أو شركة في قطاع خاص في الكويت، لن أجد ما يحميني أو يحمي حقوقي السابقة. إذن كيف تطالبني وتقول لي في النهاية: أنت يا المواطن ما قمت بدورك، أنا أبغي أقوم بدوري، لكن أصحاب العقول الرشيدة ما تعين في ذلك.
فيصل القاسم:
طيب.. تريد أن ترد؟
عبد الله المدني:
نعم.. أنا فقط أود أن أثني على كلام أخي وصديقي الأستاذ (داود الشريان) بخصوص ما قاله عن السعودية، في الحقيقة يجب أن نميز، القطاع العام بصفة إجمالية تستقدم العمالة العربية للتوظيف في القطاعات التعليمية والصحية والقطاع العسكري، وما هنالك، يبقى القطاع الخاص، القطاع الخاص له حرية، لكن حرية أيضًا مقيدة في الاستقدام، يعني لا توجد هناك حرية مطلقة للاستقدام من أي مكان، وأنا يعني لا أستطيع أن أكون من ناحية ديمقراطي، وأطالب بحقوق الإنسان، وإطلاق الحريات، ومن ناحية ثانية أطلب من حكومتي أنها تقيد حقي الشخصي في توظيف من أريد، أو جلب من أريد، يعني الناس مشارب وظروفهم الاقتصادية، ظروفهم الثقافية تختلف، وأيضًا خبراتهم في التوظيف تختلف فيستقدمون من يؤدي لهم الأغراض التي يريدونها، بالطريقة التي يريدونها فالأفضل أن تطلق الحرية للناس.
طيب الآن أنت في مقدمة برنامجك قلت: لماذا يستقدم العرب بصفة جزئية والآسيويين بصفة شاملة، يعني هذا الكلام أتصوره أنا خطأ، لأنه لا توجد حرية شاملة حتى بالنسبة للمواطن من أين يستقدم؟ هناك قائمة فيها عرب وفيها آسيويين بدول عربية ودول آسيوية معينة هذه القائمة تتغير، عُرضة للتغير من وقت لآخر..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
حسب المواقف السياسية، إذن هو خطأ أنظمة يعني؟
عبد الله المدني:
حسب المواقف السياسية والأمنية.. خليني أدلك على بعض الأمثلة، في فترة من الفترات منع الاستقدام في الدول الخليجية من لبنان، لأن بعض اللبنانيين تورطوا مع حزب الله في ضرب المصالح الخليجية أيام الحرب العراقية الإيرانية، فترة سابقة مُنع.. هذا طبعًا انتهى الآن، مُنع الاستقدام من سوريا بسبب الخطاب الراديكالي للنظام السوري في تلك الفترة، قبل حرب الخليج الأخيرة كان بالإمكان استقدام كوادر عراقية الآن هذه المسألة فيها إنه، بالنسبة للآسيويين فترة ما يسمى بالجهاد بين قوسين (الجهاد الأفغاني) كان ممكن استقدام المجاهدين المتجمعين في باكستان، الآن بعد ما تحولت أفغانستان إلى مصنع لتفريخ الإرهاب، أصبح ممنوع، في بعض الدول الخليجية اليوم نظرًا لزيادة العمالة الهندية أقفلت الحكومات باب الاستقدام من الهند، وفتحتها لعمل نوع من التوازن، فتحتها تجاه الصين، الصين اللي (التي كانت) قبل كم (عدة) سنة إذا أنت وقفت مع صيني تتكلم معاه (معه) كان بمثابة جريمة خوفًا عن أن يُسر لك (إليك) الأفكار الماوية الآن مسموح أنك تستقدم.. فتتغير (فقد تغيرت) الظروف، أنا أتذكر بعد عملية هدم المسجد البابري في دلهي في الهند، اثنين من نواب التيار الإسلامي في البرلمان الكويتي وقفوا، وطالبوا بمنع استقدام العمالة من الهند، وطرد جميع الهنود الموجودين في الكويت ودول الخليج كافة إلى الخارج بسبب هذه فتصدت لهم الحكومة الكويتية، وكانت موفقة في هذا، أنت لا يمكن أن تعاقب شعب بأكمله نتيجة خطأ بعض الفئات المتطرفة، وأيضًا أنت لا تقدر، لأن هذا يعتبر عن باب التمييز والعنصرية، أنك تقفل الباب أمام الجميع.
فيصل القاسم:
طيب.
محمد صالح الكواري:
بس [لكن] أنا أعتقد أن المعلومة غير صحيحة، اللي [التي] قيلت قبل شوية [قليل] تؤكد دراسة منظمة العمل العربي، هذا منشور في 4 أغسطس جريدة الخليج.
فيصل القاسم:
المعلومة حول العمالة الآسيوية؟ نعم.
محمود صالح الكواري:
نعم..زين، إنه تستوعب المملكة العربية السعودية 3.4 مليون عامل آسيوي، يمثلون 54% من إجمالي العمالة الوافدة للمملكة، في حين أن أجمالي أعداد العمالة العربية لا يتجاوز 2.5 مليون، يعني يمثلون 40%، وتشير الدراسة إلى أن العمالة العربية الهندية تفرض سيطرتها على السوق السعودي، ويبلغ عددها مليون ومائتين ألف عامل، تليها العمالة الباكستانية نحو ¾ مليون عامل، ثم الفليبينية 450 ألف، ثم البنجلاديشية 446[ألف]، والأندلسية 250[ألف]، هذه دراسة نشرتها منظمة العمل العربي.
عبد الله المدني:
وفي إحصائية، قبل سنتين أن العمالة المصرية، عدد العمالة المصرية في السعودية أكثر من العمالة الهندية، اليوم آخر إحصائية وردتني قبل أيام العمالة الهندية تجاوزت العمالة المصرية، في فارق بسيط، هامش بسيط الآن، يعني الإحصائيات تتضارب، وأنا أقول: السبب أحيانًا أنه في وظائف كثيرة، الوظائف التي نشأت بفعل أعمال التنمية الجبارة والإنشاءات، هذه الوظائف التابعة الخدمية لا يرضون العرب أن يشتغلوا فيها فأنت مضطر تجيب وهذه تستوعب عدد كبير من الناس الكناسين، ومشذبي الأشجار، ومغيري.. يعني أعمال خدمية كثيرة تستقطب عدد كبير من الناس والعرب لا..
محمد صالح الكواري:
بدي (أود أن) أقف عندها شوية (قليلا) أنا أعتقد أيضًا استوردنا مع العمالة أنماط متخلفة للعمل والإنتاج يعني مثلاً، والله كناسين الشوارع، لفترة معينة كان الناس يكنسون بالمكنسة، العادية طيب أنت في بلد نادرة القوة العاملة، فإذن لازم تستخدم أساليب جدًّا تقنيتها عالية لأن العمالة مكلفة لك، أنا أعتقد رب العمل، لأن ما كان يدفع شيء نظير الخدمات الاجتماعية اللي تقدمها الدولة، والدولة متساهلة، مش متساهلة في القضاء، ولكن متساهلة في سبيل عدم تحريك الشارع العام، عدم المطالبة بالحقوق السياسية والنقابية، عدم كذا، فأيضًا تحملت هذا العبء، لكن بعدها بدأنا نسمع الصراحة بكل وضوح عن المطالبة بالتأمينات الصحية في دولة الكويت، وأيضًا في المملكة العربية السعودية، مطالبة مثلاً بفرض رسوم، وأنا مستعد أقدم لك أكثر من نقطة أثيرت في أنه لابد الكلام اللي كان بيقولوه بعض المثقفين اللي يقرعون الجرس من هذا الخطر كل يوم، أو من الخطر من التركيبة الغير عادية أصلاً، صارت تردد الحكومات، ولكن أحيانًا بعد فوات الأوان، أعطي مثال على ذلك، يعني صار يطرحوا، ويقبل أن يطرح أن لابد من رفع أو إظهار العمالة الآسيوية أو جميع أنواع العمالة الأخرى بكلفتها الحقيقة حتى يصبح المواطن تكلفته معقولة جدًّا.
فيصل القاسم:
طيب، عبد الله المدني قال: إنه الثقافة العربية والإسلامية بشكل عام في الخليج ليست بهذه الهشاشة التي يمكن أن تؤثر بها العمالة الآسيوية الموجودة هنا، معنا من القاهرة الدكتور (محمد عمارة) وأعتقد لديه رأي مخالف تمامًا لهذا الكلام، تفضل دكتور.
محمد عمارة:
يعني أنا أذكر أنه في الثمانينات ألقيت محاضرة في رابطة الأدباء في الكويت وأشرت إلى أن ما يحدث في منطقة الخليج من كثافة العمالة غير العربية، وغير الإسلامية، هذا سيؤدي في المدى الطويل إلى إقامة كيان شبيه بالكيان الإسرائيلي، ما هي إسرائيل؟ كيان بشري له ثقافة مختلفة عن الثقافة العربية والإسلامية تقطع امتداد الأرض العربية، الآن في منطقة الخليج، عندنا كم من العمالة غير العربية وغير الإسلامية تزيد في التعداد عن المواطنين أهل البلد الأصليين، هذا معناه أننا نضع حاجز بشري بين الوطن العربي وبين العالم الإسلامي، فيما يتعلق بالثقافة أنا أقول إنه كثيرين من الخليجيين العقلاء يتحدثون عن التأثيرات المدمرة للمربيات غير العربيات وغير المسلمات على النشء سواء من حيث اللغة أو من حيث القيم، أيضًا هذا أدى إلى أنه في منطقة الخليج منظومة القيم ومنظومة الأخلاق نتيجة وجود هذه الأغلبية، يعني أنا لا أتحدث عن عمالة تمثل نسبة محدودة أو نسبة قليلة في بلد من البلاد، إنما نحن لا نستطيع أن نغلق الأبواب، لكن إذا كانت العمالة الأجنبية غير العربية وغير الإسلامية تبلغ أضعاف السكان الأصليين العرب والمسلمين، هذه هي خطورة القضية، في ظل ما يسمى بمنظومة حقوق الإنسان التي تفرض بمفاهيمها الغربية، هؤلاء ستكون لهم حقوق حتى في التجنيس والتجنس فيما بعد، وأيضًا أنا أريد أن أشير إلى أنه موضوع كون القطاع الخاص يسترخص هذه العمالة أو له حرية استقدام هذه العمالة، هذه المشكلة مطلوب أن تحل في إطار الجامعة العربية وبمؤسسات الجامعة العربية أن يكون هناك تدريب للعمالة العربية والعمالة الإسلامية لكي تلبي احتياجات الأسواق، كما أننا نخطط للتعليم الفني كي يلبي احتياجات المجتمع الصناعية والفنية والحرفية، لابد أن تكون هناك خطة لتدريب العمالة كي تلبي هذه الاحتياجات، أنا أقول: إنه السيريلانكيين والفليبينيين والكوريين كل هؤلاء يدربون العمالة كي تأتي إلى بلادنا أو بلاد الخليج، لم لا ندرب نحن العمالة عندنا؟ ولم لا تتفق على موضوع الأجور وموضوع الحقوق بحيث إنه العقلاء تكون لهم أولويات؟
يعني إحنا مفيش حرية مطلقة، نعم.. لكن عندنا أولويات، فإذا كان عندي العمالة العربية التي تلبي احتياجات مشروعي الاقتصادي أو العمالة الإسلامية تكون لها الأولوية عن هذه العمالة التي تؤثر في منظومة القيم، وتؤثر في الكثافة البشرية.
فيصل القاسم:
دكتور عمارة، ابقَ معنا، هناك الكثير من النقاط اعتقد موجهة (لعبد الله المدني) عبد الله المدني.. كلام خطير يعني إقامة إسرائيل جديدة في المنطقة.. ابقَ معنا دكتور.
عبد الله المدني:
هذا الكلام، نحن في الخليج تعودنا على مثل هذا الكلام الضخم، يعني اللي فيه تهويل، خليني أنا أضرب لك بعض الأمثلة، في الفترة السابقة مباشرة للانسحاب البريطاني من منطقة الخليج أتذكر سنة 71م، كتب كم من المقالات والأبحاث والدراسات في دمشق وبيروت والقاهرة، وكلها تقول إن عروبة الخليج في خطر وأن الجاليات الإيرانية موجودة، وتنتظر الإشارة من (شاهنشاه) إيران للزحف نحو السلطة، وكلام كبير، هؤلاء الذين تكلموا بهذا الكلام ما كانوا يعرفوا طبيعة المجتمع الخليجي، ما كان هناك في طابور خامس إيراني، كانوا موجودين ناس أصولهم عربية هاجروا في زمن القحط إلى البر الفارسي، وعادوا بعدما شعروا بالظلم والاضطهاد هناك، وأثبتوا أنهم قوميون وعروبيون أكثر من أدعياء العروبة بدليل أنه لما جاء سينيور (جوشياردي) إلى البحرين مبعوث من قِبل الأمين العام للأمم المتحدة على رأس بعثة لتقصي الحقائق، هذا الطابور الخامس نفسه وقف مع عروبة البحرين واستقلالها فصمت الجميع، لكن صمتهم لم يطل، لأنه بمجرد فترة الطفرة النفطية عادوا، مئات الآلاف من الآسيويين الموجودين بفعل عملية التنمية هؤلاء مدربون على الأسلحة، وينتظرون الإشارة من الغرب للزحف نحو منابع النفط للاستيلاء عليها، ها الكلام الكبير هذا!!طيب يعني الآسيويين أدوا واجباتهم، أخذوا حقوقهم، رحلوا عن الخليج بذكريات سيئة، جيدة لا يهم.. المهم أنه لم تطلق رصاصة واحدة، ولم يحتل لا نبع بترول ولا نبع مية، الآن نعود لنفس العملية.. العمالة الآسيوية……
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
يعني كلام مُبالغ فيه إنه إسرائيل جديدة؟
عبد الله المدني:
مُبالغ جدًّا.
فيصل القاسم:
وحاجز بشري هائل؟
عبد الله المدني:
الآن، في ها الفترة هذه، مجرد ما فجرت الهند تفجيراتها النووية في مايو 1998م ظهر أكاديمي خليجي متأثر بمثل هذه الأقوال أو أنه جرعة العروبة والقومية فيه زائدة قليلاً، كتب مقال يقول: إن الهنود الموجودين وهم يشكلون نسبة من العمالة الآسيوية انتشوا فرحاً، وسوف يضغطون على حكومتهم، لكي تضغط بدورها على الحكومات الخليجية كي تحسن الحقوق، تتحسن حقوقهم، وإذا رفضت الحكومات الخليجية سوف يكون هناك مواجهة بين الهند ودول الخليج وهذه العمالة الهندية سوف تعمل كطابور خامس، هذا الكلام هذا لا يقارن بما كُتب قبل شهر ونصف من أكاديمي خليجي أيضًا نحترمه ونقدره، تناول في صحيفة خليجية متميزة، أتشرف أنا بالكتابة فيها أسبوعيًّا، مقالة عن أحداث فيجي بين المواطنين الفيجيين، والمواطنين من ذوي الأصول الهندية، والنتيجة التي توصل إليها تلميح مباشر أن ما حدث هناك سوف يحدث في الخليج، بمعنى أن الهنود سوف يستولون على السلطة كأنما لا توجد قيادة، لا يوجد شعب، المعطيات.. الكلام الذي ذكره يخالف جميع المعطيات الموجودة، الهنود مجرد عمالة لم يصبحوا مواطنين، ولم يكتسبوا الحقوق حتى يستولوا على السلطة، ما هذا الهراء؟!
فيصل القاسم:
طيب.. دكتور عمارة.. سمعت هذا الكلام.
محمد عمارة:
أيوه، يعني أنا أقول: التمثيل بالإيرانيين هذا مع الفارق الشديد، إيران جزء من الأمة الإسلامية، وهذا شعب مسلم، فالكلام عن وجود الإيرانيين في منطقة الخليج هذا لا علاقة له بما نتحدث فيه، يا سيدي أنت في كل الفنادق، وأغلب المؤسسات في منطقة الخليج لا تجد من يتكلم العربية، أنت الآن أصبحت العلوم تُدرس في أغلب الجامعات حتى العلوم الإنسانية والعلوم الاجتماعية بلغات غير عربية، نحن أمام كارثة، نحن أمام لون من الجلنزة والفرنسة كما كان يحدث في ظل الاستعمار، ما هي قيمة السلطة الوطنية المستقلة إذا كان أغلبية الذين يعيشون على الأرض ليسوا مواطنين لا بالعروبة ولا بالإسلام؟!
يعني هذا شيء مختلف، أن يكون هناك إيرانيون مسلمون، أو أن يكون هناك عرب في كل بلادنا هذا شيء لا غبار عليه، لأن فيه عرب يعيشون داخل إيران، وفيه مسلمين يعيشون في كثير من.. إحنا لو استخدمنا عمالة من باكستان، من بنجلاديش لا بأس لأن هذه منظومة القيم مختلفة عن منظومة القيم الأخرى، ثم إنه العمالة الهندية في منطقة الخليج ليسوا مجرد عمال، المؤسسات الاقتصادية التي تمسك عصب الاقتصاد كثير منها في أيدي هؤلاء الناس.
إذن أين الكلام حول أنه ليست هناك مخاطر؟
ثم البطالة تشيع في بلادنا العربية والإسلامية، لم لا نوظف هؤلاء وكما قلت ندرب هؤلاء لكي يلبوا احتياجاتنا؟!
فيصل القاسم:
طيب.. أنا لا أريد، لكن عبد الله المدني يرد، لأنه يعتقد أنك تزايد كثيرًا، سيد على عبد الله المدني، أنا أريد رأيًا يطرح الرأي الآخر.
عبد الله المدني:
أنا لن أرد على الدكتور عمارة، كلام إنشائي، وشبعنا منه، فليتحدث عن الغزو الثقافي في بلاده، وليس له علاقة بالخليج، نحن أدرى بالخليج، ونحن نعرف الخليج أكثر منه، ونعتز بعروبتنا وثقافتنا أكثر من أي إنسان والكلام الذي يردد..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
أنت تعتز بعروبتك، ولكن الواقع على الأرض يقول العكس تمامًا يعني هناك خطر داهم عليك، كيف تعتز بعروبتك، هذا هو كلام الإنشاء، هذا هو كلام الإنشاء….
عبد الله مدني:
لا يوجد خطر داهم إطلاقًا، الآن تسأل أي إنسان تقول: طيب ما هو الخطر اللي يواجه الثقافة العربية؟ دليله الوحيد، والله أنظر إلى اللهجة العربية الخليجية الدارجة فيها كم كبير من الألفاظ الأعجمية أو الألفاظ الهندية والأردية بالذات، هذا ليس دليلاً، النظريات الاجتماعية تقول أن تأثير ثقافة في ثقافة لن يتم بمجرد يوم وليلة أو عشرة أو عشرين سنة، يعني العمالة الآسيوية لم تأتِ بهذه الكثافة.. النسبة التي يمكن تؤثر إلا من ربع قرن..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
هناك جيل كامل يا سيد عبد الله المدني تربى في ظل وجود هذه العمالة التي تؤثر اجتماعيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا وثقافيًّا، جيل كامل، ثلاثين عام.
عبد الله المدني:
الآن أنت تريد أن تتحدث.. اتفضل.. اتفضل.
محمد صالح الكواري:
شكرًا أنا أعتقد إن إحنا جالسين نعيش جدًّا في الماضي، الآن في متغيرات في العالم، إذا كان ذاك اليوم يمثل خطر، فاليوم يسير أو يقرع الأجراس، اليوم فيه حقوق للناس، اليوم فيه منظمات دولية، اليوم فيه اتفاقيات تجارة عالمية، فيه ربط بين هذه الحقوق وبين أن تكون دولة لك علم، وبين أيضًا أن تعطي للناس هذه حقوقها، هذا الموضوع أنا أعتقد أن المجتمعات الخليجية لم تؤهل نفسها، الأنظمة السياسة بالخليج، لم تؤهل نفسها للتعامل مع هذا الموضوع بشكل حضاري، بمعنى، أنا لست ضد الهنود، ولا ضد غيرهم أو كذا، لكن أنا أيضًا أريد أن يكون لمجتمعي وضعه الطبيعي، وهذه الكثافة الصراحة مش وضع طبيعي، هذه الكثافة لما يكون في إحنا دولنا العربية 17% مواطنين من أغلبية السكان، يا أخي هذا وضع غير طبيعي زين، دوام الحال مليون مرة من المحال، لأن ممكن أن تتكالب ظروف معينة، وأن يتغير هذا الواقع وهاديك الساعة هنضرب أخماس في أسداس، الآن، ما في خطر ثقافي ليختلف المختلفون، لكن في خطر واضح الآن مما يستجد في المستقبل، في مطالبات لحقوق هؤلاء الناس، وهي لها حقوق..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
كما قال الدكتور عمارة.
محمد صالح الكواري:
بحقوقهم، لا.. ليس كما قال الدكتور عمارة، الدكتور عمارة معيشنا (يعايشنا) من الخمسينات الصراحة خطاب ستيني، ما أريد أن أقول أن الخطاب متخلف وليس الدكتور عمارة صحيح، أرجو أن يفهمني صحيحًا، أنا أقول الآن في ظل اتفاقية الجات..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
الدكتور عمارة تحدث عن أن هؤلاء العمال سيطالبون بحقوق.. آه.
محمد صالح الكواري:
من حقهم أن يطالبون، الآن يطالبون أن قرأت لك البيان أن هذا الحق لهم الآن بل إحنا وقعنا مع بعضنا المملكة العربية السعودية، الدكتور.. اتفاقيات المملكة العربية السعودية يصرح وعلى هامش أعمال المؤتمر الوزير السعودي الدكتور النملة الذي أوضح أن بلاده صدقت أو صادقت حتى الآن على سبع اتفاقيات من بين 14 اتفاقية، هم ثمانية اتفاقيات أساسية، هذه الاتفاقيات الأساسية تتكلم عن حقوق رئيسية للعمالة، مثل: حق الاضراب، حق التفاوض المشترك، حق كذا عدم التميز غيره وغيره. طيب.. هذه الدول لم تعطِ هذه الحقوق لمواطنيها، وليس لديها تنظيمات ولم تعتاد أن تتعامل بهذه اللغة، فإذا كانت هذه الدول تستفيد أن تستشعر خطرًا أو أن تدرك مستقبل بدون أن يتآمر عليها أحد، لا بالعمالة اللي جابتها، ولا من الداخل، ولا من الخارج، عليها أن تعيد تأهيل نفسها لتكون مجتمعات مدنية، أنا أعتقد أن الخطر من أن إحنا نعتبر كل شيء عبارة عن -شواسمه- غيمة صيف تمر وتعدِّي..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
هي ليست.. نعم.
محمد صالح الكواري:
هي ليست غيمة صيف، ونحن ندعو صباح مساء بكل طاقتي في بعض الأحيان إن الله ما يغير علينا، وهذا أمر مستحيل، لأن طبيعة الكون التغير المستمر، فإذن هناك ظروف كبيرة جدًّا، أنا أعتقد إذا فيه خطر، يعني يجب.. ظروف تغيير غير مؤهلين لها فهو ما يحدث في العالم، أنا أعتقد قبل أن نطالب أيضًا، وأنا من حق الناس اللي يستمعوني الآن أن أقول هذه الكلمة الصراحة بكل صراحة، أنه قبل أن أطالب بحقوق العمالة الآسيوية أنا أريد أن أطالب بحقوق المواطنين في العمل، الآن مواطنيني أنا في قطر، في (راس غاز) من يحمي حقوقهم؟ يمكن الهندي سفارته تتكلم عنه، أو أحد مسؤول في دولته. الفلبيني أيضًا كذلك، لكن القطري من يحمي حقوقه؟ يمكن الآن مصانة حقوقها، لكن من يضمنها، ويدفع لاستمراريتها؟
من يضمن التنافس الشريف في مواجهة العمالة الآسيوية؟ حتى هذا لا تضمنه حتى هذا لا تضمنه أمام المواطن يمكن في أي لحظة، يعني في قطر عدد كبير جدًّا من الناس اللي (التي) راحت بيوتها، لا تحت مظلة اجتماعية ولا غيرها ولا كذا، زين؟ فإذن أنا أعتقد إن إحنا (أننا) محتاجين قبل ما ننظر للآخرين –أنا ما ضد الآخرين- لكن أن أنظر لنفسي، وأن أهيئ ظروفي، أنا أتوقع هذا الخطر، لحد (حتى) الآن خطاب الإخوان في الوطن العربي، إن والله دول الخليج هذه فيها كنز ماخذينوا الآسيويين وخلينا نحل مكانهم ما هي بالبساطة الأمور، أنا أعتقد على العرب اللي يفكرون في قضايا القوي العاملة أن يفكروا في المشاريع المشتركة، أن يثروا هذه العمالة حتى في أوطانها من غير أن تنتقد، من غير أن تزاحم المواطن، ديك الساعة ممكن يكون الوشاج العربي أقوى وأرحم، وأعتقد إن التجارب في الوطن العربي يعني للأسف مريرة.
فيصل القاسم:
طيب دقيقة بس (فقط) معي جاسم درويش من عمان تفضل سيدي.
جاسم درويش:
السلام عليكم.
فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
جاسم درويش:
أولاً الشكر الجزيل لقناة العرب، والشكر موصول لكل معد ومنفذ هذا البرنامج ولضيوفه، في الحقيقة لي مداخلة بسيطة وإن كنت سوف أسلط الضوء على العمالة في سلطنة عمان، وأعتقد بأن الحال في عمان هو نفسه في دول مجلس التعاون، في تاريخ 13 من يونيو لعام 97م في العدد 6598 في جريدة الخليج نشر مقال عن المعاهد في عمان وبرمجية التعليم، يقول إن السلطان (قابوس) حذر قبل أربع سنوات من ارتفاع نسبة العمالة الوافدة البالغة 33% وطلب تخفيضها إلى 15% من هذا المستند يتبين لنا بأن الرؤية السائدة تقتضي بتخفيض العمالة الوافدة وزيادة التعميم، ولكن واقع الحال يؤكد بأن الزيادة في نسبة العمالة الوافدة آخذة في الزيادة والنمو، وأنها لا تنسجم مع معدلات النمو الاقتصادي حيث ارتفع عددها إلى 485 ألف عامل في 93م فقط، أعتقد بأن في بلد مثل سلطنة عمان ومليون ونص (ونصف) من السكان يعتبر هذا الرقم كبير للغاية وخصوصًا إن أكثر من أربعين ألف خريج من مراحل التعليم المختلفة وحتى المراحل الجامعية يبحثون عن فرصة عمل، بينما يتواجد ما يقرب من نصف مليون عامل وافد في السلطنة وكلهم يعملون، والحال نفسه في دول مجلس التعاون، حقيقة عندي أكثر من تلات (ثلاث) صفحات، ولكن اختصر كل هذا، سؤالي فقط هو: ألا يوجد في ليبيا مهندس كهربائي؟ ألا يوجد في السودان خبير اقتصادي؟ ألا يوجد في مصر مبرمج كمبيوتر؟ ألا يوجد في الجزائر والوطن العربي بأكمله من مهندسين ومدراء عموم؟
لماذا نحن لا نعير لهؤلاء الناس أي ثقة وأي انتباه؟ لماذا لا يكون شعارنا من عربي إلى عربي؟ ولماذا كل هذا الحب الأعمى والمجنون للعمالة الآسيوية وخصوصًا الهندية؟ ولكم الشكر الجزيل.
فيصل القاسم:
طيب تريد أن ترد عبد الله المدني؟
نحن تكلمنا قلنا أن العرب لا يعملون في الكثير من المهن فلهذا الآسيويون يحلون محلهم، لكن نجد بأن الآسيويين في واقع الأمر يسيطرون على كل شيء، وبأن هذه العمالة العربية أصبحت يعني مرفوضة، والعرب ينظر إليه في الخليج كمتهم حتى تثبت براءته.
عبد الله المدني:
لا أعتقد إنهم يسيطرون علينا، أنا فقط أود أن أتفق مع أخي محمد إنه فعلاً في مشكلة، في خلل في التركيبة السكانية، وأكثر المناطق، يعني إحنا نشوف فيها هذا الخلل في التركيبة السكانية دولة الإمارات العربية الحبيبة، وإلى حد ما قطر يعني الآن أنت عندك في الإمارات مثلاً، عندك عدد، نسبة المواطنين يعني آخر إحصائية أنا اطلعت عليها قد تكون في هناك إحصائية أخرى سنة 95م يقول كل واحد وثلث مواطن إماراتي يقابلهم 24 غير مواطن، طيب، الآن أنت في دولة يعني هذا قدرك، عندك نسبة سكان مواطنين قليلين جدًّا يعني في أفضل الأحوال في الإمارات لنقل ثمانمائة ألف أو تسعمائة ألف، الآن نصف هؤلاء نساء، بالتالي الظروف الاجتماعية والتقاليد لا تسمح لهم بامتهان جميع الأعمال، النص الآخر نصفهم أطفال، يعني يبقى لك أنت ربع مليون أو 200 ألف شخص، ومعظم هؤلاء يديرون أجهزة الدولة البيروقراطية.
فيصل القاسم:
صحيح.
عبد الله المدني:
أو الجيش فمن يدير هذا الكم الهائل من المنشآت التي أقامتها حكومة سمو الشيخ (زايد) الله يعطيه الصحة خلال ربع القرن الماضي؟
يعني أنت أمام معضلة يا إما تصبر على هذه الوضعية، O.K وإما أن تقفل على جميع المنشآت التي عملتها، وتعود إلى فترة ما قبل الطفرة النفطية، لكن طبعًا هناك في بعض المسائل، يعني أنت تحاول أن تحد، يعني بقدر الإمكان، يعني الخلل سيظل موجود، طالما أنت محتاج إلى إدارة هذه الأشياء الضخمة اللي أنت أنجزتها، الخلل يظل موجود، لكن المسألة إنك تخفف هذا، تحد من هذا الخلل يعني تقلص العمالة الآسيوية، وهنا يتطلب الأمر خطة رشيدة وصارمة وفي نفس الوقت في مواكبة هذه الخطة يوجد برنامج توعية حتى نعود إلى القيم الجميلة اللي إحنا خسرناها، يعني القيم اللي عاشوا عليها آباؤنا وأجدادنا، يعني الآن أنا أريد أن أتوقف أمام ظاهرة، وأعتبرها مسؤولة مسؤولية كبيرة عن جزء من هذا الخلل، في ظاهرة في الخليج يقوم بها بعض الناس، كلهم، لكن مثل ما يقول المثل الخليجي (مثل خايس البحر) بمعنى أن سمكة واحدة ممكن أن تفسد البحر كله الآن، نحن موصوفون في الخارج بأننا تنابلة (عالة) وأننا نعيش على عرق الآخرين.
فيصل القاسم:
مجتمع طفيلي يعني؟
عبد الله المدني:
لا، هذه الظاهرة سيأتي على ذكرها هذه الظاهرة يجب أن تعمل جميع الحكومات الخليجية، تعمل لمكافحتها، هي ظاهرة غير مشروعة قانونًا، لكن لكل قانون هناك من.. أو مجالات الواحد ينفذ منها ويخترقها، وهناك متنفذون يستطيعون القفز فوق القانون، هذه الظاهرة يعني مسيئة جدًّا لنا كخليجيين إحنا اللي التاريخ يذكر إن آباءنا وأجدادنا كانوا أكثر الشعوب كفاحًا، كانوا يركبون البحر ويذهبون أربع، خمس شهور بره (بالخارج) وكان بعض المواطنين الخليجيين مثل أبناء عمان الشرفاء، قبل مجيء جلالة السلطان (قابوس) كانوا يأتون للعمل في الخليج، ويتغربون سنين هذه الظاهرة هي ظاهرة ال Free Visa يعني شخص متنفذ يحصل على عدد من التأشيرات يستقدم بها عمالة آسيوية وعربية وما يهمه، يرميهم في السوق دون أدنى مسؤولية، لكن في نهاية كل شهر يذهب لدق أبوابهم، ويستحصل منهم على مبلغ مقطوع من المال ليعيش عليه، يعني تصور أنت لو آدم سمث اليوم جه (جاء) آدم سمث تعرفه أنت؟
فيصل القاسم:
طبعًا، بلا شك.
عبد الله المدني:
كيف كان يوصف حالتنا، وهو الذي قال إن عمل المحامي والطبيب والمحاسب أعمال غير منتجة، ولا يستحقون عليها أجرًا؟
فيصل القاسم:
نعم.
عبد الله المدني:
يعني هذه الظاهرة يجب أن تحارب، أنا أتصور إنه يمكن نعدل إلى بجانب أمور أخرى يمكن أن نعدل من الخلل الكبير في بعض الدول مثل الإمارات وقطر أو غيرها.
فيصل القاسم:
طيب (حامد خليل) السعودية، تفضل يا سيدي.
حامد خليل:
والله أنا لي مداخلة بسيطة بس (فقط) هو سؤال أنا طبعًا بس فقط انظر حضرتك كده لتفضيل الأجانب على مثلاً العرب عمومًا من ناحية مثلاً لو شهادة واحدة، طبيب مثلاً، لو أجنبي أو معاه شهادة غربية أو هندي أو فليبيني أو مثلاً أي آسيوي هتحصل (ستجد) حضرتك تلاقي إن ده (هذا) بالذات يُفضل على العمالة العربية غالبًا غير تفضيل الشهادات الأجنبية على الشهادات العربية ما في اتفاق حضرتك بين الدول العربية على الاعتراف بشهادتها، وبين بعضها يعني الشهادات المصرية لابد تبقى تقدر، وتقيم في السعودية مثلاً أو في دول الخليج ممكن أي شهادة أجنبية غربية لا تقيم، يعني بيعتبروها (يعتبرونها) جواز سفر على طوال، ماشي الحال على طول يمشي داخل بدون أي تقييم، ده (هذا) مثال من ضمن الأمثلة وهكذا كل حتى الوظائف العليا على مستوى العالي ليس على مستوى العمالة المتدنية، يعني إذا كان بيتكلم هو على إن العرب لا يرضون بالأعمال الدنيوية، لكن في نفس الوقت الأعمال الكبرى زي ما قال الأخ من عمان: مبرمج كمبيوتر، مهندس، طبيب: الكلام ده (هذا) حتى بيفضل عليه الشهادات الغربية على الشهادات العربية، للأسف فيما بيننا، وكذلك الهنود أو الآسيويين على العرب من نفس الشهادات، فأنا سؤالي آيه الخطة اللي (التي) يقترحوها الإخوة الاثنين الموجودين لتنظيم هذه المشكلة، أو لحل هذه القضية؟ وشكرًا.
فيصل القاسم:
سيد كواري.
محمد صالح الكواري:
أنا أعتقد واحد: أولاً إظهار كل شيء بثمنه، إظهار كلفة العمالة الأجنبية سواء حتى عربية أم غير عربية بكلفتها الحقيقية التي تدفعها الدولة، ورب العمل تتيح له الدولة المكان، تتيح له حرية التجارة، تتيح له كذا، لكن أعتقد أن المضطهد الأول، المضطهد هو العامل المواطن بالدرجة الأولى، لأن الآخر ممكن من تبعه أو من تبع آخر، لكن هذا المضطهد لأن ليس له حقوق واضحة، له تضييع حقيقة في مسارات تعليمه، وتضييع في إعلامه، إعلامه مرة يخاطبه خطاب مختلف يبجِّل فيه كل القيم السلبية، ومرة لا يبجل فيه قيم العمل، ثم يظهر، يخرج لنا إنسان مشوه في تفكيره، في عقليته، ثم نطالبه إحنا (نحن) إن يكون هذا ملاك منتج مبدع، طيب أنت طلعته مشوه أصلاً، أصلاً خلقت هذا الجيل، ثم تورطت إياه، وتقول والله أنا مالي حاجة فيكم.
الجانب الثاني حقيقة هو إعادة النظر في نمط الإنتاج، مو بالضرورة نستورد كل الأساليب المتخلفة في كل مكان في العالم، زين؟!
يعني إحنا مثلاً تروح عند أي إدارة جوازات تلقى قائمة عدد من الطابعين طيب يا أخي ليش ما نغيرها النمط هذا؟ ليش تحتاج هذه العمالة لا عمالة آسيوية، ولا عربية، أنا أعتقد أنا أحتاج إلى العمالة العربية الكفؤة زين، في بعض الأعمال النادرة، في مشاريع مشتركة، يعني ما هو قصة إن والله شيلوا ها العمالة الأجنبية الآسيوية أو اللي تكون، وحلوها بالعمالة العربية، هيـبدأ أيضًا النزاع مرة أخرى بين هذه الفئات المواطنين وبين فئات أخرى، ويتزاحمون على الرزق أنا أعتقد..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن يتزاحمون اقتصاديًّا، لكن هناك جانب ثقافي واجتماعي قد يزول، تكون حليت (حللت) مشكلة ثقافية واجتماعية كبيرة هذا هو الفارق يعني، أنت هنا تخرب المجتمع اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا وإلى ما هنالك، خرِّبه اقتصاديًّا، ولكن أبقي عليه ثقافيًّا..
محمد صالح الكواري [مكملاً]:
أنا أعتقد المداخلات اللي سمعناها كانت تتكلم عن سلوك أفراد، مدير شركة موقفه، ويحسبها في ظل معطيات معينة، لكن أنا أتكلم عن حركة مجتمع، الأمر ليس قرار مدير شركة، لو كان مدير الشركة الآن حسبها من الناحية الاقتصادية إن تكلفة العامل الأجنبي هذا قدرهما، وإن تكلفة، وأنا أعطيك أمثلة مشرقة حتى في المملكة العربية السعودية، شركة (الزامل) ما أريد أسوي دعاية، لكن واحدة من الشركات اللي طرحت برنامج لإعادة تأهيل المواطنين، لأن الناس أدركت.
[موجز الأنباء]
فيصل القاسم:
سيد عبد الله المدني إذا تحدثنا، أنا أريد أن أنتهي من الموضوع الاقتصادي.. وأدخل في موضوع آخر يعني إذا نظرنا إلى طريقة الاستهلاك لدى الآسيويين في دول الخليج نرى أنهم وبشهادة الكثير من الخبراء الاقتصاديين في المنطقة بأنهم فعلاً يستنزفون ثروات هذه المنطقة عن طريق تحويل معظم مدخراتهم إلى الخارج وبذلك يشكلون عجزًا واضحًا في الكثير، بينما العمالة العربية إذا نظرنا إلى طريقة الاستهلاك العمالة العربية تنفق الكثير مما تجنيه في دول الخليج داخل دول الخليج، ولا تحوله إلى الخارج كما تفعل العمالة الآسيوية، وهذا خطر اقتصادي كبير.
عبد الله المدني:
نعم، هذا عائد إلى طبيعة وظيفة العامل أو الوافد العربي، يعني هناك قوانين في دول الخليج تنص إن الواحد إذا كان راتبه أكثر من ألف دولار يمكنه استقدام عائلته، وبالتالي فمعظم الوافدين العرب معهم عائلاتهم، وبالتالي صاحب العائلة يصرف كل مدخراته في البلد، بعكس العامل العازب الهندي الذي راتبه لا يتجاوز مائة دولار أو مائة وخمسين دولار، وبالتالي لا يستطيع استقدام عائلته يعني فعلاً هناك مبالغ كبيرة تحول بسبب العمالة الآسيوية، وأيضًا العربية وأيضًا الإفريقية والأجنبية بصفة عامة إلى خارج منطقة الخليج، خليني بس (فقط) أذكر لك بعض الأرقام، في أكبر الأسواق الخليجية للعمالة وهي سوق المملكة العربية السعودية سنة 97 هذه إحصائية عندي التحويلات بلغت 62 بليون ريال أو ما يعادل ½16 بليون دولار، في أصغر الدول الخليجية وأقلها ثراء البحرين، في نفس السنة، سنة 97 إجمالي المبالغ اللي (التي) تحولت من قبل العمالة الأجنبية ككل 130 مليون دينار بحريني أو ما يعادل 350 مليون دولار، الآن أنت لا تستطيع أن تمنع العامل سواء كان آسيوي أو غير آسيوي إنه يحول أجره.
فيصل القاسم:
لكن الكثير من البلدان تضع قيود على المبالغ التي يمكن أن تحول للحفاظ على وضع اقتصادي معين.
عبد الله المدني:
أساسًا سبب قدوم هذا العامل الآسيوي، سبب اقتصادي، يريد أن يوفر بعض المبالغ ليرسلها في نهاية الشهر إلى عائلته المنتظر على أحر من الجمر للحصول على مصاريفها الشهرية، وهذا اسمح لي خليني (دعني) أتوقف، يعني في جريمة تمُارس في الخارج، أنا اطلعت عليها واستقصيتها، جريمة إن بعض أرباب العمل فعلاً لا يخافون الله، يعني يؤخرون رواتب هذه العمالة بالأشهر خمسة، ستة، سبع شهور من غير مبرر، وأحيانًا يتظاهر إنه والله في أزمة وعنده التزامات، طيب أنت اللي عندك التزامات، ليش تورط هال مسكين تجيبه؟ يعني هذه جريمة، ننتهي من هذا.
الآن في بعض الدول مثل العراق أو ليبيا في فترة من الفترات فرضت إنه لا يتم إلا تحويل 10% من الأجور، غير معقول، ما حد راح يجيبك، الآن في فترة الطفرة النفطية تركت الحكومات الخليجية ومعظمها الحبل على الغارب، كل واحد يجيب عائلته فصارت المبالغ التي تحصل كأجور، تصرف داخل البلد، أو 90% تصرف، انتعشت الحركة التجارية، انتعش سوق العقار، صار البحث عن شقة أو مسكن مثل البحث عن إبرة في كوم من القش، لكن في المقابل هناك جوانب سيئة، اختل الميزان التجاري، لأن أنت راح تستورد كميات كبيرة من الواردات، بعدين (ثم) صار يعني فيه الضغط على مرافق الدولة الصحية والتعليمية والإنارة والماء والكهرباء فقررت الدول إصدار قانون إنه لا يحق لأي شخص أن يستقدم عائلته إلا بعد أن يبلغ راتبه معين، الآن أنا سمعت قبل أسبوعين أن دولة الكويت رجعت مرة ثانية، تريد أن تنعش السوق فسمحت لفئات كبيرة من العمالة أن تجلب، فالموضوع يعني فيه جوانب سلبية.
فيصل القاسم:
يعني قبل قليل، منذ البداية تسخر من وجود أي مؤامرة، إن هذه المؤامرة فقط في عقول البعض، وليس هناك أي مؤامرة على عروبة الخليج، طيب أنا أريد أن أقرأ بعض الوثائق التاريخية، بريطانيا أول من عمل على إغلاق الخليج في وجه الخبرات والكفاءات العربية، وتم إلحاقها إداريًّا في فترة من الفترات بالمستعمرة البريطانية الهند، حيث كانت شؤون الخليج تُدار من قِبل حكام بومباي، وعندما اقتضت الحاجة تطوير وإيجاد إدارات في الخليج فقد جلبت بريطانيا موظفين من الهند بدلاً من مستعمراتها العربية، وركزت على ربط المنطقة من الكويت إلى عدن بالهند، وعزلها عن محيطها العربي، وإغراق المدن الرئيسية بالجاليات الآسيوية، وسارت الشركات النفطية على هُدى السياسة البريطانية، فقد اعتمدت على الخبرات والكفاءات الهندية والآسيوية الأخرى، ووضعت الكثير من القيود والحواجز أمام الكفاءات العربية، وثائق تاريخية، كيف تستطيع أن تلغيها، هذا التاريخ مازال مستمرًا حتى الآن؟
عبد الله المدني:
لا، غير مستمر، اسمح لي لأنه انتهت علاقة بريطانية بالموضوع سنة 48 بمجرد استقلال الهند، قبل هذا نعم فعلاً كانت حكومة الهند البريطانية هي التي مسؤولة عن المنقطة، وتُصدر قرارات، وهي تتحكم في مصيرنا ومصير كل هذه المنطقة بعد الـ48 خلاص انتهى العمل، انتهى الموضوع، لأن صار البريطانيين موجودين في الخليج فقط، وما لهم علاقة بالهند وغير الهند، يعني..
محمد صالح الكواري [مقاطعاً]:
أنا بودي استفسر يعني، حقيقة إذا قلنا مؤامرة أو غير مؤامرة يبدو أننا استحلينا [استحسنا] الموضوع.
فيصل القاسم:
على كل حال، أنا، دقيقة، أريد أن.. لكن في الوقت نفسه هناك من يتحدث عن نوع من التنسيق بين بعض الأنظمة الحاكمة في الخليج وهذه الدوائر، مثلاً نحن قلنا إن الدوائر الاستعمارية تهدف إلى إعدام الهوية القومية العربية للخليج مستفيدة من تجربة جنوب شرق آسيا (ماليزيا وسنغافورة) هناك تم خلط الجنسيات والثقافات والأصول العرقية، وبطريقة وصلت إلى درجة توازن بين عدة قوميات في كل قُطر، وبالتالي صارت الدول ليست وطنًا بل شركات مساهمة، ودول الخليج تحولت إلى شركات مساهمة بدلاً من أوطان مجردة من قبل، وفي الخليج هناك مخطط شبيه بتشجيع الهجرة الآسيوية وإغراق الخليج بها صار في مستوى الخطة المرسومة لطمس هوية الخليج، هذه مش (ليست) مؤامرة هذا كلام كيف ترد عليه؟
عبد الله المدني:
أنا ضد نظرية المؤامرة إطلاقًا.
فيصل القاسم:
طيب ضد نظرية المؤامرة، لكن هذه حقائق كيف ترد عليها؟ أليس ما يحدث في الخليج الآن كان قد حدث في بعض دول جنوب شرق آسيا، حدث موزايـيك؟ يا أخي أنظر إلى ماليزيا عبارة عن موزايـيك ثقافي، موزايـيك اجتماعي موزايـيك سياسي، نفس الشيء يحدث في الخليج.
عبد الله المدني:
لا، لا الخليج لم يحدث هذا، الموجودين في (ماليزيا وسنغافورة) مواطنين اكتسبوا حقوق المواطنة، وهو شكل إثراء للمجتمع هناك، والظروف الاجتماعية التي أدت إلى هذا الخلط هذا، مختلفة تمامًا عن منطقة الخليج، يعني في خلط للأمور، أنا أتصور إن إحنا بالعالم العربي دائمًا، دائمًا عقلية المؤامرة تسيطر علينا، يعني انظر ما يقوله.
[فاصل إعلاني]
عبد الله المدني:
أنا كنت أريد أن أقول إن نظرية المؤامرة فعلاً تحتل جزء ثابت في التفكير، يعني الدكتور (خلدون النقيب) تعرفه باحث اجتماعي كويتي بارز، وله دراسات كثيرة، دكتور خلدون يقول: العقلية التآمرية طريقة في التفكير الانفعالي عند العرب، وتدعو إلى الاعتقاد بأن العرب أمة متميزة مختارة، ذات رسالة خالدة.
فيصل القاسم:
طيب، إحنا لسنا بصدد موضوع المؤامرة، أنت تقول ليس هناك مؤامرة، لكن أنا أريد، نحن تحدثنا عن الجانب الغربي فيما يحدث في منطقة الخليج، وبأنه مثلاً هناك مصلحة للغرب في ضخ كل هذه الأنواع على المنطقة لتذويب شخصيتها العربية أما بالنسبة لبعض الأنظمة الخليجية هناك من يقول: إن لها بعض المصالح والأهداف في ذلك أولا تسوير إقطاعياتها عن العمق العربي خاصة بعد الاكتشافات النفطية الكبيرة، وبالتالي الحفاظ على الامتيازات الأسطورية التي نجمت عن العائدات النفطية والتصرف بالثروة كملكية خاصة لهذه الأنظمة بعيدًا عن مصلحة الشعب والأمة، بل على الضد من هذه المصلحة ومواجهة الدعوات التي ترى بأن الخليج وثروته وأمته وأمنه هو جزء من الوطن العربي وثروته وأمته وأمنه، تعميق النزعة القطرية من خلال تصنيف فريد من نوعه في إعطاء الجنسية، ويتم تصنيف المواطنين إلى درجات أولى وثانية وثالثة، وبدون جنسية، وتوزيع فتات المائدة النفطية على المواطنين الذين وجدوا أن المواطنة امتياز يمكنهم أن يمارسوا من خلالها كافة الأعمال الطفيلية، وكلاء شركات، مستوردي عمالة، إلى ما هنالك، بينما يمارس العمال غير المحليين القسم الأكبر من الفعاليات الإنتاجية والخدمية، لا يدخل فيه موضوع المؤامرة، كاتب خليجي، باحث خليجي.
عبد الله المدني:
بإمكان أي إنسان أن يقول أي كلام، يعني هذا كلام.
فيصل القاسم:
كيف كلام؟ أنا أريد أن ترد على في معطيات.
عبد الله المدني:
اسمح لي يعني إذا كان أحد يتآمر على الخليج فنحن أبناء الخليج متآمرين، لأن أرجع أقول للمرة المائة هؤلاء العمال الآسيويون لم يعبروا مياه المحيط الهندي والخليج وجاءوا بأنفسهم، ولم يتسللوا إلى حدودنا، نحن أتينا بهم، التسلل كان موجود زمن الحماية البريطانية، وانتهى بإنشاء الكيانات السياسية المستقلة، يعني فيه استثناء بسيط، فقط المملكة العربية السعودية اللي الله شرفها بوجود الأماكن المقدسة في نوع من التسلل اللي يأتي عن طريق الحج والعمرة، والمملكة لا تستطيع أن توقف تأشيرة الدخول عن أي عامل مسلم آسيوي، فيأتون ويبقون إلى أن يُقبض عليهم، يعني هذا، أما العمالة إحنا نجيبها بإرادتنا، يعني إحنا إذا فيه مؤامرة فإحنا نتآمر على أنفسنا.
فيصل القاسم:
هناك من يتحدث عن مؤامرة تشترك فيها الغرب وبعض الأنظمة الحاكمة،..(عمران محمد) من الكويت تفضل يا سيدي.
عمران محمد:
مرحبًا أستاذ.
فيصل القاسم:
يا أهلاً وسهلاً، تفضل.
عمران محمد:
أولاً أحب تسمح لي، ويكون صدرك رحب معاي، لأن أحيانًا الشعب الكويتي يشتكي إنكم أحيانًا ما منصفين بحقه، إن شاء الله تكونوا منصفين بحقنا دائمًا.
فيصل القاسم:
تفضل أهلاً وسهلاً.
عمران محمد:
أولاً أحب أرفض الاتهام اللي صار بشأن تعذيب الفلسطينيين
بالأسيد.
فيصل القاسم:
يا سيدي هذا ليس موضوعنا على أي حال، أريد إذا كان لديك مداخلة في صلب الموضوع، لو تكرمت مش موضوعنا هذا.
عمران محمد:
إن شاء الله، مداخلتي هذه، أولا: لنسأل أنفسنا هذا السؤال، هل حقيقة إن المواطنين في دول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية بشكل عام نالوا حقوقهم كمواطنين، حتى نفكر في حقوق الجاليات الأخرى أو الأقليات الأخرى؟
كم دولة من دول مجلس التعاون الخليجي فيها دستور عصري مكتوب يمثل حالة المجتمع المدني بمؤسساته وطبقاته المختلفة، وينظم علاقة بين السلطات، ويعطي الحقوق للمسؤولين والواجبات التي ينبغي لهم أداؤها؟
وكذلك كم دولة فيها برلمان مُنتخب ومجلس شورى منتخب انتخاب حر نزيه مباشر بواسطة الشعب، وليس برلمان مُعَين؟
كم دولة من الدول هذه، من دولنا إحنا فيها انتخابات رئاسية لاختيار الرئيس أو الأمير أو الملك أو الحاكم بشتى مسمياته؟
كم دولة من دولنا إحنا في مجلس التعاون الخليجي، أو الدول العربية لا يوجد في سجونها سجناء سياسيين، سجناء ضمير، سجناء رأى، مصلحين، علماء، ومثقفين؟
وأخيرًا أقول كم دولة من دولنا لا تبعد مواطنيها، لا تسحب جنسياتهم، لا تعتقل جماعات بتهمة أنهم يخططون لقلب نظام الحكم وغيرها؟ إذن ينبغي لحكوماتنا ولحكامنا إعطاء حقوق المواطنين والانتقال بدولنا إلى العالم الحديث والقرن الواحد والعشرين، كم دولة من دولنا لا تفرق طائفيًّا ضد مواطنيها، وتعتبرهم مواطنين درجة ثانية، وتمنع كتبهم، تمنع أماكن عبادتهم، في حين أن الكنائس وأماكن العبادة الأخرى للهندوس والبوذيين مباحة وحرة؟
إذن ينبغي علينا حقيقة أن دولنا وحكامنا أن يتجاوزون هذه الروحية المتخلفة روحية البداوة، روحية العصر الجاهلي، في التفرقة والتمييز والاستبداد، يجب علينا أخيرًا أقول لو تسمح لي أستاذي العزيز إنه إذا الحكومات لا تعي أن الشعوب بدأت تفهم، بدأت تطلع، بدأت تتعلم، بدأت تحصل على الشهادات، بدأت تنظر إلى العالم من حولها، حكومات زالت، ملوك قضوا أنظمة قلبت لماذا ننتظر هذه النهاية المأساوية؟ إن شاء الله الإصلاح يأتي من عندهم، وشكرًا جزيلاً.
فيصل القاسم:
شكرًا جزيلاً، (محمد ثروت) القاهرة، تفضل يا سيدي.
محمد ثروت:
السلام عليكم، محمد ثروت شركة سفريات مصرية تتعامل مع دول الخليج، ولي مداخلة بعد إذن حضرتك.
فيصل القاسم:
تفضل يا سيدي.
محمد ثروت:
أنا 18 سنة على اتصال بدول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية، وأكثر من عشر سنين شركة العمالة تتعامل مع الشركات الكبرى في المملكة، وفي دول الخليج، لاحظنا في الثلاث أربع سنين اللي فاتت إن التأشيرات شبه اتعدمت وخاصة بتكلَّم طبعًا عن مصر، الفكرة كلها إن السياسة لها دور كبير، من خلال شغلي، الشركات الكبرى في السعودية وفي الكويت كانت بتطلب عمالة مصرية، عمالة مُدَربة مصرية، ولكن للأسف كان التأشيرات شبه ممنوعة، كانوا بيدوروا (يبحثون) عليها بأي مبلغ من المبالغ، اللي أنا عايز (أريد) أوصله أقول إن العمالة العربية لها دور مهم جدًّا في الخليج، ولكن في مجريات أخرى، (ما يبقاش يعني أبطو) الشركة نفسها إنها تقرر إنها تجيب عمالة مصرية، أو عمالة سورية أو فلسطينية، أو أي عمالة من العمالات دي، حضرتك بنشتغل مع مستشفيات كثيرة، تخيل مثلاً مريض أو مريضة سعودية يكشف عليها طبيب (بنجلاديش) أو (فلبيني) إيه هي لغة الحوار اللي هتبقى بينهم؟
ومعروف بالضبط إن أكثر من نصف العلاج..
[الحديث غير واضح]
أي أن يصبح زيتنا في دقيقنا يعني، وإحنا هنقول إيه يعني دي مقررات دول وسياسة.
فيصل القاسم:
طيب، سيد ثروت أشكرك، للأسف الشديد الوقت يداهمنا.. باختصار سيد كواري لم يبقَ لديَّ وقت.
محمد صالح الكواري:
أنا أعتقد أنه ليس مهمتي أنا أو مهمة أي عاقل يتولى أو يتناقش هذه القضية دغدغة لا أحلام المواطنين في إقليمه، أو في وطنه الصغير، ولا أحلامهم أو مشاعرهم البسيطة وبطريقة سطحية، ولا دغدغة أيضًا أسلوب الإعلاميين، اللي ما يهمهم إلا القضية إيش كتر مثيرة، وإيش كتير طازجة، أنا أعتقد إن هناك خطر مستقبلي يجب أن نناقشه، تهميش دور المواطن العامل هو الخطر الحقيقي، ثم تأتي الأخطار من بعد ذلك أنا أعتقد..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
وهذا ما قاله السيد عمران محمد، هذا هو ما قاله يعني.
محمد صالح الكواري:
لا، لا، عفوًا، يتكلم فلان عن مشكلة شخصية، مشكلة كذا، مشكلة بين عامل وهذا وارد، لكن..
فيصل القاسم [مقاطعاً]:
للأسف الشديد لم يبقَ لدي وقت، مشاهدينا الكرام لم يبقَ لنا إلا أن نشكر ضيفينا السيد محمد صالح الكواري مدير عام مركز الخليج للتنمية، والسيد عبد الله المدني الباحث والخبير في الشؤون الآسيوية، نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين هاهو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة، إلى اللقاء.