الصراع العربي الإسرائيلي
مقدم الحلقة: | فيصل القاسم |
ضيوف الحلقة: | أمين المهدي: كاتب وباحث عبد الله الأحمد: رئيس الاتحاد العربي للمخترعين العرب |
تاريخ الحلقة: | 12/10/1999 |
– أسباب التخلف والهزائم العربية المتتالية
– مدى مبالغة العرب في تعليق فشلهم على الشماعة الإسرائيلية
– مدى اعتبار غياب الديمقراطية في الوطن العربي سبباً رئيسياً للفشل
– النظرة العربية إلى الديمقراطية الإسرائيلية
![]() |
![]() |
![]() |
فيصل القاسم: تحية طيبة مشاهدي الكرام..
هل غياب الديمقراطية في الوطن العربي هو سبب الهزائم العربية المتتالية؟
هل تخَّلف العرب اقتصاديًّا وسياسيًّا بسبب ثقافة الاستبداد؟
هل بالغ العرب في تعليق أزماتهم وفشلهم على الشماعة الإسرائيلية؟
هل وقف الغرب -على رأسه أميركا – في وجه التجارب الديمقراطية العربية؟
هل صحيح أن أميركا لا تريد للعرب أن يصبحوا ديمقراطيين؟
لماذا نجح المشروع الصهيوني بينما فشل المشروع النهضوي العربي، هذا إذا كان هناك مشروع أصلاً؟
هل تقدمت إسرائيل بالديمقراطية وتخلَّف العرب بالاستبداد؟
هل بددَّت الأنظمة العربية القدرات البشرية لمجتمعاتها بدوافع ضيقة واستبدادية بحيث أصبح الحديث – بعد ذلك- عن التنمية مجرَّد حصاد الهشيم؟
هل غاب الإبداع العربي اقتصاديًّا وسياسيًّا وثقافيًّا بسبب غياب الحرية؟
هل يُعزى التقدم الإسرائيلي صناعيًّا وتكنولوجيًّا إلى المساعدات الخارجية، أم إلى الاهتمام الإسرائيلي بالديمقراطية والتكنولوجيا والتنمية البشرية منذ بدايات المشروع الصهيوني؟
ألم تفشل كلُّ مشروعات التكامل الاقتصادي العربي بسبب غياب
الديمقراطية، لأن قرارات التكامل والقطيعة هي رهن بالأمزجة الفردية لحكام أفراد؟
أليس حريًّا بالعرب أن يبنوا جيلاً يجيد الاختلاف لا الانصياع، والإقناع لا الانطباع، والتجديد لا الترديد، ويُغلِّبوا العقل على النقل؟
هل يمكن للحاكم العربي أن يكون وطنيًّا من دون أن يكون ديمقراطيًّا، أم أن الوطنية الحقيقية هي الديمقراطية؟
هل الديمقراطية ترف بالنسبة للعرب؟
لكن في المقابل: هل الأمَّة العربية وأنظمتها بكل هذا السوء، أم أنه عندما تسقط البقرة يكثر الجزَّارون، أي أن كل الرذائل تلحق بالمهزوم، وكل الفضائل يأخذها المنتصر؟
ألم تكن إسرائيل – ولم تزل – السرطان الذي ينهش في جسد الأمة
العربية ؟
أليست إسرائيل مسؤولة عن فشل مشاريع التنمية العربية كاملة؟
هل كانت إسرائيل ستتصرف بطريقة أقل عدوانية تجاه العرب لو أن النظم العربية كانت ديمقراطية؟
ألم يتحول النضال العربي بعد دخول الصهيونية إلى المنطقة من العمل من أجل الديمقراطية إلى صراع للبقاء على قيد الحياة والحفاظ على الوجود في وجه عدو همجي بربري؟
لماذا يحلو للبعض التطبيل والتزمير للديمقراطية الإسرائيلية؟
هل إسرائيل دولة لكل مواطنيها، أم أنها كيان عنصري يتنافى مع كل قيم الديمقراطية والإنسانية؟
ألم تقم الصهيونية السياسية على استعمال الخطر الخارجي الذي شكلته الحرب، وتم توظيفه بفرض الفكر الصهيوني، وسيسيولوجيا الهولوكوست، وتبرير التوسع واللجوء إلى شرعية السيف، ونتج عن ذلك سيطرة العسكر، أو العسكريين على مقدرات الدولة والانفراد بالقيادة؟
وإذا كانت إسرائيل ديمقراطية -فعلاً- فلماذا معظم قادتها من الجنرالات والإرهابيين والسفاحين؟ مَنْ الذي يعرقل قيام الديمقراطية في الوطن العربي أكثر من أميركا؟
هل يريد الغرب إعطاء الكلمة للشعب العربي، وهو يعلم أن عدوه الأساسي هو شعب؟
أليست بريطانيا التي تتشدق بالديمقراطية هي المسؤولة عن تراث الاستبداد في الوطن العربي؟
هل ترى أميركا في المنطقة العربية أكثر من قاعدة صواريخ، أو بئر نفط؟
أليس معروفًا عن أميركا أنها تفضل التعامل مع أفراد الحاكمين أكثر منه مع مؤسسات وأنظمة ديمقراطية؟
أليست أميركا أكبر حامٍ للأنظمة المستبدة في الوطن العربي وغيره؟
أليس هناك موازين قوَّة اقتصادية وسياسية وأمنية في صالح إسرائيل تريد أميركا الحفاظ عليها بكل ما أوتيت من قوة، وأن تشدقها بحماية حقوق الإنسان والديمقراطية ليس أكثر من مسرحية مفضوحة؟
أسئلة نطرحها على الهواء مباشرة على الكاتب والمفكر السوري عبد الله الأحمد رئيس الاتحاد الدولي للمخترعين العرب، وعلى الكاتب والباحث المصري أمين المهدي، صاحب الكتاب الجديد (أزمة الديمقراطية والسلام) للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال الأرقام التالية (888840 ،888841 ، 888842) ورقم الفاكس: 311652 .
[فاصل إعلاني]
أسباب التخلف والهزائم العربية المتتالية
فيصل القاسم: سيد أمين المهدي في القاهرة ألا تعتقد أنه من المبالغة القول بأنَّ غياب الديمقراطية هو المسؤول الرئيسي، أو السبب الرئيسي للتخلف العربي اقتصاديًّا وسياسيًّا وهو .. يعني، وهو سبب الهزائم المتتالية العربية؟
أمين المهدي: والله يا أستاذ فيصل .. أولاً: أهلاً بكم، وأنا بأحييكم، وبأحيي المشاهدين بتوعنا يعني السؤال اللي حضرتك بـتقوله، وهو سؤال الرد عليه في حدِّ ذاته .. يكشف جزءًا كبيرًا قويًّا من الأزمة، أزمتنا وأزمة الصراع ومستقبله، لكن تظل مسألة الديمقراطية هي جزء من النسق الكلي اللي حصل في الصراع من
بدايته، يعني الخلفية بتاعة الصراع كانت هي مش بس قضية الحريات وقضية الديمقراطية كانت أيضًا قضية التقدُّم.
يعني أنا رأيي أن قضية التقدُّم، الدخول الإسرائيلي (..) في وجود مسألة الحق الفلسطيني والحق العربي دا جزء أيضًا من المشكلة زي الديمقراطية، لكل المشكل دا تحدٍّ كشف المنطقة العربية، كشف قدرتها على أنها حوافزها على أنها
تتقدم، على أنها تصنع المستقبل، على أنها تساهم في التاريخ والانكشاف اللي حادث الآن دلوقتي هو نتيجة على كل المستويات نتيجة على مستوى قدرتنا في حماية الحق، وموقفنا من التقدم والحداثة، موقفنا من الحريات وحريات المجتمع وحريات الفرد، موقفنا في شكل الحكم، مستوانا الاقتصادي، الثقافي، إحنا انكشفنا في كل دا يعني الجبهة..
فيصل القاسم [مقاطعًا]: طيب.. طيب، ما هو الدور.. لكن سيد المهدي ما هو الدور الذي لعبه غياب الديمقراطية في الحالة العربية الراهنة من تخلف اقتصادي وسياسي وهزائم متكررة؟
أمين المهدي: والله أنا حا قول لحضرتك على حاجة، هو اللي حصل إحنا لما نتتبع خط الوقائع والأحداث نظل – من البداية للنهاية – في اعتقادي – إن إحنا حا نبقى مخلصين لرغبتنا إن إحنا نحلل الأمور ونفهمها، دائمًا يعني في وجود التجربة الديمقراطية ما قبل 52 في مصر وما قبل 49 في سوريا كانت تداول السلطة.. كان بـيتم باللجوء لصندوق الانتخابات، ولو بتجربة ناقصة.. بتجربة ليبرالية ناقصة، لكن اللي حصل دائمًا أن الفاشية .. أنا عايز أعرَّف الفاشية قبل ما أستأنف كلامي الفاشية – من وجهة نظري – أستعملها على أساس أنها دمج الوطن في فكرة واحدة، أو في شخص واحد، هذه هي الفاشية كما أقصدها الآن.
الفاشية تعرف قانون الخطر الخارجي .. أنه كلما صرخت في خطر خارجي كلما زادت قدرتك على إحداث مركزية في الداخل وسيطرة ونسف للرأي الآخر وللفكر الآخر، الصراخ بهذا الخطر يعني.. فيه عالم اجتماع سياسي اسمه (لوي كوزر) بيقول: إن الخطر الخارجي سواء مفتعل، أو مبالغ فيه، أو حقيقي يساهم في مركزية النظام في الداخل.. و.. بل ممكن أن يتطور الأمر إلى
إنه يساند الاستبداد أن يصبح الاستبداد نتيجة ميكانيكية لوجود الخطر الخارجي المفتعل، أو المبالغ فيه، أو الحقيقي.. بالشكل الفطري تمامًا.. القوى الفاشية اكتشفت دا.
إنها تصرخ بالحرب، وعندما تصرخ بالحرب تتقدم الصفوف، وعندما تحدث الهزيمة تقترب مرَّة ثانية، وتعتلي الصفوف هذه المرَّة بصرخات الانتقاد، ويصبح المجتمع كله أسير غرائز سياسية، وليس فكر سياسي، وأنا في اعتقادي أن هذا ما حدث منذ بداية 48 وحتى الآن .
الصراخ بالخطر الخارجي الذئب .. الذئب، وأثناء الصراخ الذئب.. الذئب يسرق المنزل فيبقى.. وبعدين المصيبة إن فيه ذئب بالفعل، لأنه يأكل الشياه.. يعني الذي يصرخ الذئب .. والذئب.. ومن يسرق المنزل في اعتقادي أن الثلاثة هم النسق اللي إحنا بنتكلم عليه.
التحالف اللي إحنا نتكلم عنه .. أحيانًا الإنسان يكون وكيل غبي لعدوه، لأن أنا في اعتقادي أن المنطقة من سنة 48 بعد الهزيمة الكارثة بتاعة 48 أنا أعتقد أن المنطقة سقطت في عدة تحالفات تحالف .. تحالفات داخلية في المجتمعات وهي تحالف القوى الفاشية، أو النظم العسكرية اللي بدأت انقلاباتها في سوريا من 49 وفي مصر من 52
تحالفت مع القوى الفاشية في الداخل أيدولوجيات المعادية للديمقراطية وللتقدم اللي هي تحديدًا الأيدلوجية الدينية السياسية والأيدولوجية القومية، والماركسية ذات البعد القومي، أو التي انتهت إلى أنها تصبح قوى قومية.
هذا التحالف اللي في الداخل أصبح صالح لتحالف إقليمي خارجي وهو قوى التوسع والعنصرية الصهيونية، وبالتالي كان شعار إسرائيل الكبرى هو الوجه الآخر لشعار إزالة إسرائيل.
فيصل القاسم]مقاطعا:[طيب .. سيد المهدي باختصار.. بجملة مفيدة .. ماذا تريد أن تقول بالضبط بهذا الخصوص؟ يعني .. على .. عن غياب الديمقراطية والوضع الحالي ؟
أمين المهدي:عايز أقول إن الأطراف إن القوى التي كانت تدير الصراع استبعدت الحل السياسي الممكن من أجل حسم عسكري مستحيل وهذا هو السؤال والنتائج اللي إحنا للأسف..
فيصل القاسم[مقاطعًا]: طيب.. شكرًا جزيلاً، سيد.. سيد سأعطيك المجال، سيد الأحمد سمعت هذا الكلام؟
عبد الله الأحمد: الكلام.. أولاً مساء الخير أخي المهدي، ومساء الخير لجميع المشاهدين.. أعتقد هذا التحليل على.. يعني محاولته أن يتعمد الدقة هو يفتقر إلى موضوعية القطع في المنصص، يعني هو يحلل نهر النيل من السد العالي باتجاه الإسكندرية ولا يحلل نهر النيل من منابعه، يعني هو يجب ألا ينسى لماذا أسقط السلطان عبد الحميد؟ لماذا أسقطته الحركة الكمالية ويهود الدونما، لأنه رفض أن يعطي لليهود حق فلسطين؟
ومع كل بقعة نفط جديدة كانت تظهر في الوطن العربي كان يظهر معها مستعمرة جديدة في إسرائيل، خطر إسرائيل لم ينشأ من عام 1948م، هذا الخطر متتابع في النشوء، ومتتابع مع تمزيق الأمة العربية تباعًا.. بدءًا بتمزيق بلاد الشام إلى دويلات وانتهاءً بما نسميه سايكس بيكو الشرق، ثم سايكس بيكو الغرب تقسيم المغرب العربي.
يمكن يرجع له من أيام محمد علي عندما وصل ابنه إبراهيم باشا إلى أيام الأناضول، فهذه الصيرورة، وهذا السياق اقتطاع من سياق، ولكي نقول أن ما قبل 1952م في مصر كان ديمقراطية، وما قبل 1949م كان ديمقراطية في سوريا، لا.. بهذا المعنى سوريا بقيت ديمقراطية بالمعنى الذي يقصده حتى عام 1956م لم تخضع سوريا للأحلاف رغم أن حزب البعث، وكان له حليف شيوعي كان عنده 17 نائبًا، لم يستطع أن تمر الأحلاف على سوريا التي كانت تريد إدخال سوريا في حلف بغداد، وبالتالي حصار مصر، وإخراجها من
جسم الأمة العربية.
هذا الاقتطاع يقتضي مني أن أسأل الأخ مهدي السؤال الجوهري والمركزي إذا كان عامل الديمقراطية، وهو عامل مقدس ولا يوجد واحد عاقل في هذا الكون يناضل ضد الديمقراطية، رغم أن لها وجوه متعددة وتجليات كثيرة، أنا عندي سؤال مركزي واحد إذا كانت هذه الديمقراطية بالطريقة التي يقصدها هي شرط النصر، إلى أي درجة تحققت في فيتنام التي قهرت الولايات المتحدة؟ فما هو الصراع بين الديمقراطية..
[فاصل إعلاني]
عبد الله الأحمد: أعيد سؤالي إلى الأخ أمين.. إلى أي درجة كانت فيتنام المقاتلة ضد الولايات المتحدة تمتلك هذا الكادر، أو هذا الفهم للديمقراطية بهذه الدقة وهذه الموضوعية، ويليها كل الذين انتصروا على الولايات المتحدة – فيما بعد- أنا أبدأ بفيتنام وأنتهي بالصومال إذا اعتبرناه نصرًا.
هل هذه المسألة هي الديمقراطية؟ علمًا أنا كعبد الله الأحمد مقتنع بأن فيتنام الحزب الشيوعي كان ديمقراطيًّا، لكن ديمقراطية نحو داخل مركزية .. لم يحدث في تاريخ الكون أن كان هناك ديمقراطية منفلشة.. الديمقراطية ليست لعبة لو توزعها واللي يربح يصير رئيسًا، دائمًا هناك فكرة، مبشرين مناضلين لهم قضية.. حتى الولايات المتحدة يعني هناك ديمقراطية الحزب في الداخل، ويختار برامجه ويختار مرشحه ثم يأتي إلى الجمهور ليصادق عليه أو لا يصادق عليه.
لا يوجد ديمقراطية بهذا المعنى الذي تفضل به أخي أمين.. ولم يحصل في تاريخ الكون هذا .. دائمًا هناك قضية مركزية بشارة .. فعل .. استمرار .. نصر، أو لا نصر مسألة ثانية مثل ما قلت أن المهزوم ما أحد يعلق عليه إلا أسباب الهزيمة .. أما النصر .. يأخذ كل شيء النصر.
فيصل القاسم : سيد المهدي.
أمين المهدي: أيوه يا أستاذ فيصل، أنا أولاً يعني الأستاذ عبد الله بلور فعلاً النسق السياسي الآخر ببراعة الحقيقة، لكن أنا عايز أقول له لو حا نقعد نقول نجيب الجذور، الجذور تمتد هنا إلى أبعاد، أبعاد .. كلما ابتعدنا داخل التاريخ هنكتشف أبعادً لسواء الطرف الصهيوني، أو الطرف العربي.
لكن أنا بأحاول آخذ بداية الأزمة المادية والموضوعية اللي أصبحت مشكلاً سياسيًّا أنا ما باخدش المشاكل الاجتماعية، أو المشاكل الثقافية، أو الجذور وإلاَّ لازم أرجع لمسألة أن كان هناك فراغ اقتصادي وسياسي، وفيه دمار مجتمعي في منطقة بر الشام كلها ما بعد خروج.. ضعف الإمبراطورية العثمانية.
وإحنا دفعنا ثمن دا في المغرب العربي وفي المشرق العربي على هيئة استعمار من الضفة الأخرى من المتوسط، هذا حدث نتيجة -أيضًا- الاستبداد بتاع الدولة العثمانية، ثم استوردنا أسوأ بضاعة من أوروبا -وسط أوروبا- عبر الاتحاد والترقي اللي ذكره الأستاذ عبد الله إن إحنا عبر الدولة القومية البسماركية، أولاً: اللي تحولت إلينا عبر الجيش التركي نتيجة دراسة القيادات العربية آنذاك.
فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب سيد المهدي، سيد المهدي كي لا يتحول البرنامج إلى.. سيد المهدي كي لا يتحول البرنامج إلى سرد تاريخي أنا أريد أجوبة على الأسئلة التي طرحت بخصوص الديمقراطية، وبأن إسرائيل .. أنا أريد جوابًا محددًا.. رجاءً.
أمين المهدي: أنا عايز أقول.. ماشي يا أستاذ فيصل أنا عايز أقول بس حاجة مهمة إن الأستاذ عبد الله بيقول إن الديمقراطية ماهياش لها عدة وجوه، دا صحيح، لكن أنت حضرتك ما تقدرش تقول إن من بين الوجوه الحالة السياسية الآن للعالم العربي، العالم العربي بعيد عن التقدم .
وبالتالي هو بعيد عن الديمقراطية، وبالتالي هو بعيد عن الحريات .. يعني هو نسق كامل، مش قضية بس ديمقراطية، عشان أقارن نفسي بالولايات المتحدة، أو بغيرها، وبعدين فيتنام موضوع مختلف تمامًا، فيتنام صدام ما بين قوتين
عظميين في مناطق إقليمية، فموضوع انتصار فيتنام ليس له علاقة باللي إحنا
فيه، الانتصار… الثورة المصرية سنة 19 قالت الاستقلال والدستور، يعني شرط لمسألة التخلص من العدو، أو من المحتل أنك أنت كمان دستور.. تعمل دستور، يعني مش استقلال عبثي وبأي حاجة والنتائج ،كل دا هدفه أن الشعوب تقترب من التقدم والمساهمة في التاريخ، ودا اللي لازم نحلل به موقفنا وننقد به، نخرج منهجنا النقدي لأوضاعنا الحالية من هذا المنطلق .. منطلق التقدم والحريات، ومدى المساهمة في التاريخ، ثم نكتشف – فيما بعد – هل هي غياب الديمقراطية؟ غياب الحريات؟ غياب الإبداع؟ غياب احترام الفرد؟ غياب .. غياب .. لكن هو لازم نشَرَّح بالقياس إلى التقدم.
من هنا تبدأ احتياجاتنا اللي إحنا نشوف، نبلور المشكلة، أو نبلور الأسباب ونشوف النتائج، هل طبقًا لأي وجه من وجوه الديمقراطية وطبقًا لأي وجه من وجوه الحريَّة، ووجوه التقدم.. هل يمكن وضع العالم العربي ضمن هذا الظل؟ أعتقد أن الإجابة لا بد تكون لا، يعني دي إجابة أتصور على عدَّة أسئلة، إن الأستاذ عبد الله سأل عدة أسئلة مش سؤال واحد.
عبد الله الأحمد: نعم، أنا أشكرك، أنا أشكرك لاستخدام اللغة العربية الفصحى، لأننا في موضوع له علاقة بالفلسفة وبعلم الاجتماع، وهذا أمر ضروري جدًّا، يعني أشكرك جزيل الشكر على هذا الأمر.
ما أريد أن أقوله على نحو دقيق أن ما تصدت له الحكومات الثورية، والتي قرأت في كتابك وصفًا سيئًا لها -وأنت حرٌّ في هذا الرأي- تصدت له لتردم الهُوَّة ما بين المجتمع والتقدم الذي حصل في الغرب، لأن البرجوازية العربية أو الرأسمالية العربية كما نصفها نحن في حزبنا سابقًا، وأتمنى أن لا يكون هذا الوصف ما يزال.. يعني ثابتاً.. بلغة العنابة وبلغة الكرَّامين "تزببت قبل أن تتحصرم" بمعنى أنها أصبحت زبيب قبل أن تصبح حصرمًا، بمعنى أنها لم تقدم إلا على الدور الكومبرادوري في العلاقة ما بينها وبين البستان..
[موجز الأخبار]
فيصل القاسم: السيد عبد الله الأحمد، قاطعتك قبل الأخبار كنت ترد على السيد المهدي.
عبد الله الأحمد: أستكمل يعني، التساؤل الغريب بأن ما حصل من ثورات كان الهدف منها هو إحداث عملية التنمية الكبرى لمواجهة العصر، وإلا كيف يمكن أن نفهم، لا أريد أن يذكر السد العالي، والتسلح والسكك الحديد والمصانع.
أريد أن أقول أن هذه المحصلة هي التي أدت إلى أن نحتفل منذ أربعة أيام بحرب تشرين حرب أكتوبر والعبور، والتي وفَّرت للأمة العربية كرامة لمدة ألف ساعة لم تتوفر لهم من أيام خالد بن الوليد، وقدَّمت للمتمولين العرب خمسة آلاف مليار دولار في أقل من سنتين.
يعني هذه المسألة كيف استخدموها؟ وتلك مسألة أخرى لا يمكن أن يتم ذلك، ولا يمكن أن يتخيل عقل أن الأنظمة العربية بوضعها الذي كان عليه كان يمكن أن تحقق هذا الأمر، لأنها كانت مهترئة، لكن لم تكن تدرك ما هو المحيط الذي يحيط بها، يعني كانت هي متخلفة عن مواكبة عصرها، إذا كان الأستاذ يريد أن يتهم الذين أتوا بعدهم أيضًا بالتخلف عن مواكبة العصر فهذه سُنَّة، هذه سنَّة الحياة، وعلى الديمقراطية أن تعيد تجديد هذه السُّنة.
أما ديمقراطية على شكلها المطلق هذا أمر لم يحصل في أي مكان في الوطن
العربي، ولا في العالم، إلا أن هناك حزب طليعة لها فكرة تبشِّر بها، بعث، إخوان مسلمون، شيوعيون لينية، الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة، الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة، بأي مكان هناك مغزل، وعليه خيط يُلف وله غاية في العمل، هذه هي المسائل، علينا أن نتناقش في هذا الإطار، ما إذا كان هذا الإطار موضوعيًّا أو غير موضوعي.
كيف يمكن أن نأخذ تطبيقه من هنا إلى مكان آخر، إذن هناك فئة أو طبقة تقاعدت لم تستطع أن تواجه عملية ظهور إسرائيل ونشوئها، وتصدت فئة أخرى لكي تردم المسافة بينها وبين تقدم هذا العدو، نجحت أو لم تنجح؟ إلى أين وصلت؟ تلك هي المسألة التي نحن بصددها.
وإن أهم ما.. ما أنا أسجله الآن هو أن لا نتناقش باعتبار المعركة انتهت، ونحن نتحاسب على خسارتها، المعركة لم تنته وحرب تشرين لم تنته حتى
الآن، وما تزال الراية تنتقل من يد إلى يد، وهي الآن بيد حزب الله، انتقلت من يد الشيوعيين إلى يد السوريين القوميين إلى يد البعثيين.
هذا الراية كسباق التتابع الذي يجري في الأولمبياد هي الآن بيد حزب الله، بيد الثورة، بيد القيادات الإسلامية في جنوب لبنان وحزب الله والمجاهدين، لم تسقط هذه الراية أبدًا، إذا كان يريد أن نتماهى على العدو هذا طبقًا لنظرية (كلاوس بيتس) عنده مسالمين وعندنا مسالمون، وعنده متشددين وعندنا متشددين، وعنده من طبيعة الوسط وعندنا من طبيعة الوسط، هذه طبيعة الأشياء، المغلوب يتماهى على غالبه، وهذه نظرية كلاوس بيتس عبر التاريخ.
نعم ما زلنا مغلوبين، وما زال هو غالبنا، والمغلوب يتماهى على غالبه إلا في مسألة واحدة سنناقشها فيما بعد أن هذا العدو ديمقراطي، ونحن يجب أن نتماهى عليه بالديمقراطية، تلك قضية لا أقبلها على الإطلاق، الآن هذه الرايات رايات إسلامية مقاتلة مجاهدة مناضلة ضد هذا العدو، وهي تتماهى على قوة بعينها في مجتمع هذا العدو تريد أن تغلب هذه الأمة، وتريد لإسرائيل أن تعود فتصعد قمة الجبل من جديد بعد أن هبطت قمة الجبل بعد حرب تشرين وبعد غزوها للبنان إسرائيل بعرف الإسرائيليين أنفسهم بدأت تهبط قمة الجبل، إلى أي مدى؟ هذه المسألة متوقفة علينا.
فيصل القاسم: طيب، طيب، سيد المهدي.
أمين المهدي: أيوه.
فيصل القاسم: كيف ترد؟ أنا .. أنا أريد أن أطرح سؤالاً في واقع الأمر يبدو أنك يعني..تراجعت عن 90 أو 95 بالمائة من الأفكار التي جاءت في كتابك، لا أدري إذا كنت يعني غيرت آراءك بهذه السرعة الهائلة؟ تقول أنت "لقد تزامن رفع حدَّة الصراع مع إسرائيل مع سيطرة الاستبداد السياسي في المنطقة، وهو ما يبث أول بذور الشك في أن إسرائيل لم تكن سوى قميص عثمان" كلام قوي جدًّا تراجعت عنه.
أمين المهدي: لا، لا، لا، إزاي تراجعت؟ من قال إن أنا تراجعت؟ أنا مش فاهم يعني.. أنا عايز أقول لحضرتك على حاجة.. معلش عشان أنا إيه ..الأستاذ .. الأخ الأستاذ عبد الله قال مجموعة.. يعني بيتكلم من القاموس.. في اعتقادي أن مش القاموس دا بس انتهى .. دا القاموس دا هو اللي هزم.. يعني أنا أول مرَّة أعرف أن راية الإخوان وراية البعثيين وراية الشيوعيين كانت راية تسمي بأي حال من الأحوال راية تتجه بنا للتقدم.
أمال إيه اللي حصل فينا النهارده يعني كيف لم يصبح هناك مواطن عربي يمارس حرية في نضال مدني إلا في إسرائيل، المرأة الوحيدة التي دخلت برلمان في المنطقة في الشرق الأوسط عبر انتخابات حسنية جبارة، دخلت على قائمة ميرتس في الكنيست.
الأقلية الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط اللي في منها نائب وزير خارجية، وفي منها سفير، وفي منها نائب رئيس كنيست..
فيصل القاسم [مقاطعًا]: سيد المهدي، سيد المهدي.
أمين المهدي [مستأنفًا]: أنا مش فاهم أي مقياس اللي نحن نتكلم به دا..
فيصل القاسم[مقاطعًا]: سنأتي، سنأتي على موضوع الديمقراطية الإسرائيلية.
[فاصل إعلاني]
فيصل القاسم: سيد المهدي، آسف يعنى قاطعتك قبل الإعلان، تفضل.
أمين المهدي:ما فيش مشكلة، أنا عايز أقول للأستاذ عبد الله، وعايز أقول للمنطق هذا الفكر السائد اللي هو أصلاً فكر رسمي في حقيقة الأمر أنا عايز أقول الله ما هو مقياس الحساب بعد 50 سنة، يعني كيف يمكن أن نصل لقيمة نقدية بعد 50 سنة من الصراع والهزائم، يعني هنقف إمتى، ونسأل أنفسنا سؤالاً واحدًا: إحنا رايحين فين؟ إحنا كنا فاكرين أن عصر الطغاة خلص لأنهم كبروا في السن، ولأن الدنيا هتتغير، دخلنا في عصر الأنجال دلوقتي.
وبعدين أنا عايز أقول النظم الثورية اللي الأستاذ عبد الله بيقول عليها هي التي أقالت الصهيونية من عثرتها، الصهيونية كانت موجهة ليهود العالم الأوربي حيث كانت الهولوكست والشواح، وغيره اللي حصل إن الصهيونية ما قدرتش تهجر لفلسطين إلا 2 مليون بمقاييس الآن يعني.
بمقاييس الآن أيضًا الفاشية العربية أعطت لإسرائيل 2 مليون يهودي عربي في التوقيت اللي كانت الصهيونية فيه مش عارفة تعمل إيه؟ كانت في مأزق في أزمة لأن كانت اليهود بيهاجروا من أوربا بيروحوا أميركا ما كانوش بيروحوا فلسطين.
الفاشية العربية أقالت الصهيونية من عثرتها مش بس عبر محاصرة حريات الشعوب وحريات الأفراد، وحرية المرأة، والحرية الاجتماعية، وحرية التعبير، لا، لا، كمان عبر مسألة مساعدة والتحالف مع الصهيونية مش بس بالهزيمة أمامها، أيضًا بدعمها بالأفراد، بالإدارة الخاطئة للصراع كيف بالله يكون هناك أي نوع من..
عبد الله الأحمد: كيف.. كيف البرهان على هذا الكلام..
فيصل القاسم[مقاطعًا]: سيد المهدي، سيد المهدي، السيد الأحمد يريد برهانًا على هذا الكلام، ماذا تريد بالضبط؟
عبد الله الأحمد: أنا أريد أن أسأل هذا الكلام الذي يقول إن الأنظمة الثورية العربية أقالت الصهيونية من عثرتها، كيف يبرهن على هذا الكلام؟ ما هو البرهان الملموس؟يعني إذا كان هو يقيس على أننا أكثر تخلفًا..
أمين المهدي [مقاطعًا]: سيدي.. سيدي، اليهود..
عبد الله الأحمد [مستأنفًا]: إذا سمحت لي، بس أنا أجاوب على المجموع، إذا كان يريد أن يقيس أن العرب بأنهم أكثر تخلفًا من اليهود، فهو يجب أن يقول أن اليهود الذين جاءوا إلى فلسطين هم نتاج مجتمعاتهم هادول ليسوا يهود اليمن والعراق وليبيا والمغرب، هادول إخواننا وأهلنا غشتهم الصهيونية ييجوا مع بعضهم نفس السوية، لكن هؤلاء اليهود الاشكيناز اللي جايين بره، (..) هل هذا هو المقياس؟ ما هي المقاييس؟ هل فتح الجامعات في مصر هو الذي أدى إلى أن يتخلف المصريون قبالة اليهود؟
الكليات، التقدم العلمي، الطيران، الجيش، الجيش كان مدرسة للقوات المسلحة أنا لا أدافع عن أنظمة ويشرفني أن أدافع عن أي نظام قاتل الصهيونية العربية وقاتل إسرائيل، لكن هذه المسألة، كيف الأخ يريد أن يبرهن عليها؟ بمعنى برهان ملموس.
أمين المهدي: أولاً.. أولاً: الشجرة يا سيدي تنمو من داخلها، والشجرة مابتتحاكمش بمكونها الداخلي على علاقاتها بالريح أو علاقاتها بالفطريات الخارجية، النمو الداخلي للشجرة هو اللي بيحدد استجابتها أو تأثرها بالتحديات بالريح، بالشمس، بالفطر، بزيادة المياه، كده يعني.
وبالتالي الأنظمة من الداخل كانت قادرة على الطرد، طرد اليهود وترحيلهم،يعني لما أعرف من سنة إلى سنة 49 إلى سنة 51 خرج من العراق 153 ألف يهودي ذهبوا إلى إسرائيل..
عبد الله الأحمد [مقاطعًا]: وكذلك البساط الطائر تبع اليمن أنا بأعرفه معك، بس هذا الكلام يدين منطق الناس اللي أنت عمال تدافع عنهم، ما بيدين جمال عبد الناصر، ولا حزب بعث وحافظ الأسد بيدين الأنظمة التي كانت متواطئة مع الصهيونية، وكانت تثير الخلافات بين المسلمين واليهود، كان في ليبيا، وكان في العراق، وكان في غيره..
أمين المهدي [مقاطعًا]: نفس الشيء.. نفس الشيء، يا سيدي، يا سيدي.
عبد الله الأحمد[مستأنفًا]: يعني هذا يدين الأنظمة التي كانت قائمة ما قبل تأسيس إسرائيل وأثناء تأسيسها.. يعني هذا رد على حضرتك وليس بعده..
أمين المهدي [مقاطعًا]: يا سيدب.. يا سيدي حدث نفس الشيء في كل الأنظمة، مش بس العراق أو اليمن
عبد الله الأحمد [مقاطعاً]: من تاريخ متى
أمين المهدي: للأسف مصر.. في مصر كان يسأل اليهودي هل تذهب إلى السجن، أم تذهب إلى المطار؟
عبد الله الأحمد [مقاطعاً]: متى، متى في أي تاريخ؟
أمين المهدي[مقاطعاً]: سنة 55 و56 و58.
عبد الله الأحمد[مقاطعاً]: مش معقول.. غير معقول..
أمين المهدي[مقاطعاً]: يا سيدي، أقرأ، لا معلش أنا هديك مصادر ولو سمحت اطلب وثيقة.
عبد الله الأحمد[مقاطعاً]: إلاَّ إذا كنت بتقصد رأفت الهجان اللي شوفناه في مسلسل، لأنه فيه.. أكيد بتمزح..
أمين المهدي[مقاطعاً]: يا سيدي، يا أستاذ عبد الله مش معقول هنتكلم على التليفزيون والمسلسلات يعني وهنخلق منها حقيقة سياسية.
عبد الله الأحمد[مقاطعاً]: لا، لا، اتفضل أنا آسف، تفضل.
أمين المهدي: يا سيدي القوانين القوانين التي شرعتها الحكومة في 55 في مصر بمعاملة زوج اليهودية، أو الزوج الغير يهودي معاملة اليهودي إذا خرج اليهودي من مصر لا يعود، دي قوانين كلها أن حضرتك موجودة في الكتاب، ولو عايز ترجع لها موجودة يعني ما تقليش إنه مش صحيح وما حصلش، ولا رأفت الهجان..
فيصل القاسم [مقاطعًا]: طيب، طيب، سيد المهدي.
أمين المهدي: مش ممكن..
د.فيصل القاسم: لكي يكون هناك محور، محور، ما علاقة الحرب بالديمقراطية، أو غياب الديمقراطية؟ أريد أن أنتهي من هذا المحور .
أمين المهدي: يا سيدي.. يا سيدي هو الصراع ليس فقط صراع خنادق في الحرب في الجبهة، فيه حاجة اسمها درجة تقدم المجتمع وحريته، إزاي الصراع مع إسرائيل لم يكن صراعًا على جبهات القتال كما قيل، أو كما حصروا نظراتنا داخل فوهة البندقية، ده كان صراعًا حضاريًّا، ده كان صراعًا فيه درجة عالية من استقبال التكنولوجيا، ومن حريات المواطن وقدرته على التعبير والإبداع، بالله عليك كيف تدير صراعًا حضاريًّا من غير إبداع، ومن غير حرية الإبداع؟ كيف؟
مدى مبالغة العرب في تعليق فشلهم على الشماعة الإسرائيلية
فيصل القاسم: طيب هذا سؤال وجيه، كيف ترد على هذا الكلام؟ هناك من يقول بأن العرب بالغوا إلى حد كبير في تعليق فشلهم وأزماتهم على الشماعة الإسرائيلية، وبأنه يعني .. يعني لا تقدم بدون حرية وديمقراطية.
عبد الله الأحمد: كلام نظيف، كلام نظيف، سؤال جميل إلا أنني أربأ به ككاتب وبكل مفكر عربي أن يستخدم كلمة حضاري للصراع بين العرب والإسرائيليين، كلمة حضاري هو يعرف أن هناك في اليونسكو تعريفين Civilization and Culture كلمة حضاري لا تليق بالصهيونية ولا تليق بإسرائيل، كلمة حضاري تليق بالعرب، أبسط صعيدي في مصر هو أكثر حضارة من أعتى عتاة الصهيونية الموجودين.
قد يكونون متمدنين -على رأسي- هذا الكلام تاني غير متحضرين، الحضارة يمثلها صيام النصارى، يمثلها حلف الفضول، يمثلها الأشهر الحرم، يمثلها احترام
الإنسان، أما أن تكون هناك أمة أو دولة تستطيع أن تبني بناء 90 طابق في 90 يومًا، هذا لا يعني أنها أمة متحضرة، الأمة التي تستطيع أن تنشر Lavachquirit
ليس أمة متحضرة ربما أنها متمدنة هذا نعم، لذلك أرجو لا، لا يتخلط في أذهاننا أن إسرائيل دولة متحضرة، ونحن غير متحضرين، لأن هذا يطبق عليه قانون أن هم المؤمنون، ونحن المشركون، وعلينا أن نقبل إيمانهم، هذه مسألة مختلفة تمامًا فأرجو أن يحدد زميلي تعريف كلمة حضارة، ما المقصود بها؟
التقدم التكنولوجي ليس حضارة، التقدم التكنولوجي تقدم مدني، ومدني بحت، والحضارة هي موقف من الإنسان، الذي يدفن الأسرى المصريين في رمال سيناء، ويدوسهم بالدبابات، هذا ليس متحضرًا في ذلك الكون، وهذه مسألة يجب أن ننتبه إليها، أنا خفت من إسرائيل مرة واحدة في حياتي.
عندما قال (ليفي أشكول) تعليقًا على مرض جمال عبد الناصر: أنني مستعد لاستقباله لمداوته في إسرائيل، هذه المرة الوحيدة اللي خفت منها.
لأنني بدأت أشم رائحة ولادة حضارة، وهذا الكلام لم يتكرر بعد ذلك
أبدًا، إسرائيل لم تقم بأي عمل، ولم يكن لها جيران عرب بهذه المنطق، لا أريد أن أوسع السؤال لأننا نريد أن نتفق على هذه الفكرة، فكرة كلمة متحضر حتى لا يختلط على الأذهان بأن كثيرًا من المثقفين بعتبرون أن هذه حضارة إسرائيلية ونحن متخلفون في السُّلم الحضاري، وهذا الكلام غير صحيح لا إسلاميًّا ولا مسيحيًّا ولا عربيًّا بأي منطق بهذا الموضوع الحضارة شيء مختلف.
فيصل القاسم: طيب، لنأخذ بعض المشاهدين السيد أحمد راجح من سوريا، تفضل يا سيدي.
أحمد راجح: السلام عليكم .
فيصل القاسم: عليكم السلام .
أحمد راجح: في الواقع الأنظمة القديمة التي يتحدث عنها ويتهمها الأستاذ المفكر المصري المهدي، فنحن نقول أين كانت الأمة العربية والدول العربية التي كانت تسمى دولاً ودخلت فلسطين باسم دول، فهذه تدان بأن إسرائيل وجدت في عصر هذه الدول، وجاءت الأنظمة الجديدة الثورية التي استطاعت أن ترفع
اسم الأمة العربية من خلال جمال عبد الناصر، ومن خلال الأحزاب التي تواجدت على الساحة العربية، ولكن ربما ما استطاعت كما تفضل الأستاذ الأحمد أنها تحقق النصر.
النصر قضية أخرى إنما بقاء الأمة العربية في صراع الآن مع الشعب الفلسطيني خلال 50 سنة ووجود أطفال الحجارة ووجود المنظمات التي تعمل من خلال هذا الواقع، هذا دليل على أن ما نحن فيه صحوة عربية ويقظة نستطيع من خلالها أن نحقق هذه الأشياء.
أنا أقول أيضًا إن العمليات الاستشهادية التي مع الأسف البعض سماها انتحارًا
هذه العمليات استطاعت أن تهز أميركا وأن تهز المارينز الأميركي حينما رحل من لبنان والفرانسيكي رحل من لبنان.
وأنا أقول: حادثتان اثنتان في تل أبيب، وفي القدس استطاعتا أن توجد كبار الشخصيات جاء كلينتون جاء ميتران جاء جون ميجور إلى مؤتمر صانعي السلام من أجل أن يوجد سلامًا.
ولكن في الحقيقة نحن نؤمن كما تفضل أيضًا الأستاذ الأحمد أننا من هذا الواقع نستطيع أن نحقق بحزب الله والراية التي تنقلت أجدها من خلال منظوري أنا: أن الإسلام لا بد و أن يوجد في هذه الساحة، وإذا وجد الإسلام وجدت الديمقراطية ووجدت الوطنية ووجد الخير، ووجدت كل هذه الأشياء.
لذلك أنا أقول لا بد أن يكون لنا منظور واقعي من خلال المستحدثات والدول التي وجدت فيما بعد من خلال هذه الثورات من خلال هذه الأفكار، ونستطيع من خلالها أن نحقق وعلى المدى الطويل، فحياة الأمم والشعوب لن تقوم بسنة، أو سنتين، أو بعشر، أو بخمس وعشرين سنة، لذلك أشكركم على هذا.
فيصل القاسم: شكرًا جزيلاً، السيد عبد الجليل محمد من الإمارات.
عبد الجليل محمد: مرحبا.
فيصل القاسم: يا أهلاً وسهلاً، تفضل يا سيدي.
عبد الجليل محمد: كيف حالك دكتور، مرحبًا بالجميع.
فيصل القاسم: يا أهلاً بيك.
عبد الجليل محمد: دكتور، الجماعة تكلموا عن الاستعمار والاستبداد، إحنا حصلنا على استبداد كبير من الداخل أبشع من الاستعمار اللي كان في الخارج .. اللي جالنا من الخارج، ياريت المضيفين الاثنين أرفع سؤالاً واحد، نأخذ مصر كمثال وسوريا، نتكلم عن الظلم الاقتصادي والظلم الاجتماعي و السياسي في مصر، ثم سوريا، وبعد ذلك ننطلق إلى الوطن العربي، وكيفية تحريره، كيف نفكر إحنا نفسنا قبل ما نحرر أرضنا.
إحنا مقيدون فحاليًّا الشعب ما قاعد يشارك يشارك أي حكومة اتخاذ قرارات فردية، الشعب ما قاعد.. يشارك في أي شيء، ويا ريت نأخذ مصر وسوريا كمثال ثم ننطلق إلى أشياء أخرى، ونشكركم .
فيصل القاسم: شكرًا جزيلاً، تريد أن ترد، تفضل.
عبد الله الأحمد:نعم، السائل على حق وفي حلقات أخرى كان هناك من يقول الوصاية أفضل من الأنظمة الحاكمة وبغير الموضوع، المسألة ليس أن نطرح القضية ونقول الخيار الآخر هو الخيار الأفضل ، المسألة أن نطرح الديمقراطية مصحوبة بالحكمة أنا أسأل أخي السائل من قليل.
هل كان يفضل أن ينتصر المتمردون فى ساحة سان أميل سنة 1992م أيام لما كان في زيارتهم جورباتشوف .
فيصل القاسم: في الصين.
عبد الله الأحمد: أم أن تنتصر الصين الحالية التي وصلت إلى تنمية مقدارها إلى 7%.
فيصل القاسم: وصلت 13% في بعض الأحيان .
عبد الله الأحمد: نعم، لو انتصر الذين هو يسأل عنهم في ساحة سان أميل لكان حصة قطر لحاله على الأقل 20 مليون صيني من اللاجئين القوادم، كان تبدد الشعب الصيني شر ممزق، وهذا ما جرى في الاتحاد السوفيتي، الاتحاد السوفيتي كان دفاعًا عن حرية الفرد والمشاركة وغيرها من أجل (سخاروف) أو عدد من الأسماء اللي عددها الأخ في كتابه هون، هل سخاروف أستاذ العلوم النووية يساوي كل هذه الدماء التي أريقت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي؟
فيصل القاسم: لكن كيف سقط الاتحاد السوفيتي سيد الأحمد؟ هذا سؤال وجيه يعني؟ الاتحاد السوفيتي لم يسقط بسبب الهجمة الغربية ودفاعها المزعوم عن حقوق الإنسان، الاتحاد السوفيتي سقط لأن القاعدة الاقتصادية والسياسية طارت ويجب أن يسقط، يعني لا نحمل الغير مسألة سقوط الاتحاد السوفيتي.
عبد الله الأحمد: أنا أول من تنبأ بسقوط الاتحاد السوفيتي وأول رسالة وجهت إلى ميخائيل جورباتشوف، وتحملت عملية عرض من جميع الشيوعيين العرب في هذه المسألة، وقلت لهم إن هذه الطريقة سوف تسقط الاتحاد السوفيتي، طبعًا هذا نوع جديد من الجاسوسية الراقية في عصرنا مثل ما بنشوف في الفنادق الضخمة على التليفزيون، كيف بتنهار بعملية تدمير من الداخل دون أن تؤثر على الحيطان المجاورة، كان عملية تلغيم من الداخل بفعل صهيوني وبفعل موات الحزب الشيوعي السوفيتي على مدى طويل من السكون والاسترخاء والإيمان بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان..
أمين المهدي ]مقاطعا:[اسمح لي أستاذ عبد الله، لو تسمح معلش يعني.
عبد الله الأحمد: طيب، أنا أناقش أنا سأعطيك.
فيصل القاسم: طيب، طيب، تفضل.
أمين المهدي: اسمح لي.. الأستاذ عبد الله برضو يعني كشف بنظرته الصراع العربي الإسرائيلي راح يطبق نفس القاعدة على الصراع السوفيتي صراع القوتين العظمتين، وهو أن يعطي المبرر الخارجي أو قميص عثمان هو السبب الحقيقي في أصل الجريمة، مش صحيح، الكلام ده مش صحيح، الأستاذ عبد الله بيتجاهل أن فيه 48 مليون روسي سوفيتي كانوا في الشوارع Homeless People إزاي، فشل، مسألة إننا بسهولة أطبق المنطق التآمري.
وأقول إن (جورباتشوف) كان عميلاً صهيونيًّا، أو عميل C .I. A ده كلام سهل وده رغبة في عدم الفهم في اعتقادي، ارتكانًا إلى أن البلاغة هتحل مشاكل التفكير ومشاكل..
فيصل القاسم ]مقاطعا:[ سيد المهدي، سيد المهدي كي نبقى في موضوعنا.. كي نبقى في موضوعنا، أنا أريد أن أركز ما هو الدور.. ما هو الدور الذي أنت تقول، وغيرك كثيرون بأن العرب يعلقون الكثير من فشلهم وإحباطاتهم على الإسرائيليين والشماعة.
ألا تعتقد.. ألا تعتقد أن إسرائيل تلعب دورًا رئيسيًّا وجوهريًّا في غياب الديمقراطية، وفي سيادة التخلف الاقتصادي بل والسياسي وغيره في العالم العربي لأسباب كثيرة، يعني الكثير من الدول تنفق أكثر من 60% أو 70 %من ميزانيتها على التسلح للوقوف في وجه هذا العدو الشرس الذي لا يرحم، وأنت تأتي وتقول..
أمين المهدي ]مقاطعا:[ يا أستاذ فيصل، يا أستاذ فيصل.
فيصل القاسم: نعم، نعم.
أمين المهدي: إزاي أنا يعني إيه، إزاي أنا أوكل غبائي أنا في إدارة الصراع، وانعدام كفاءتي، أو كله إلى الخصم إلى العدو دا منطق مقلوب إزاي، مين اللي قال لك إن ميزانية التسليح كانت مهمة، ما إحنا ضيعنا في 67 ميزانيات التسليح بتاعة 10: 15 سنة قبلها، ما إحنا في سنة 73 اللي بيقول عليها الأستاذ عبد الله إن إحنا ما زلنا في حرب أكتوبر حتى الآن، إزاي يعني أنا مش فاهم؟ يعني حرب أكتوبر دي كانت من طرف واحد..
فيصل القاسم]مقاطعا:[ طيب يا سيدي يعني السؤال المطروح .
أمين المهدي: طيب .. ما إحنا عبرنا وهم عبروا.. يا سيدى المشاهد الأخيرة في حرب أكتوبر كانت لصالح إسرائيل وهي التي رسمت..
فيصل القاسم ]مقاطعا:[ يا سيدي هذا غير.. هذا ليس.. يا سيدي أنا أريد أن أطرح .. أن الدول العربية .. لنأخذ بديهيات الأمور، الدول العربية كانت تعمل في أواخر القرن الماضي وأوائل هذا القرن من أجل تطبيق الديمقراطية وهذا موثق ولكنها منعت من متابعة برنامجها بسبب العدوان الأجنبي والصهيوني مع بدء دخول الصهيونية إلى المنطقة، لم يعد النضال في البلدان العربية من أجل الديمقراطية والدستور والحياة النيابية، بل تحول إلى صراع للبقاء على قيد الحياة والحفاظ على الوجود، وقد تحول الخطاب العربي ليركز على الاستقلال التام، وتحقيق يعنى السيادة القومية، لدينا معطيات وأنت تقول يعني الديمقراطية تعرقلت بسبب إسرائيل، والمشاريع الإنمائية تعرقلت بسبب إسرائيل هذه حقائق أريد الجواب عليها.
أمين المهدي: ده مش صحيح – الكلام ده مش صحيح نوع الإدارة، يعني أنا لما أجي أشوف سنة 48 العرب يرفضون قرار التقسيم من أجل الحرب – طيب عملنا إيه في الحرب هزمنا، وتقدير سيئ، وإدارة لا يمكن إننا نقول مسؤولة بأي حال من الأحوال، ثم تم ضرب الرأي الآخر.
سيدي أنت بتتكلم بتقول لي هذا الكلام في غير وجود الرأي الآخر، كيف يمكن أن أصدق نظامًا يتحدث وحده؟ كيف؟ الطرف الآخر أو الرأي الآخر كان على الدوام مستبعدًا ومهمشًا ومعذبًا ومسجونًا، كيف؟ طول 47 سنة الرأي الآخر ما كوناش بنسمعه؟
سنة 67 كانوا المصريين يقابلون بعضًا في الشوارع يقولوا إلى اللقاء في تل أبيب والجمعة القادم في القدس إن شاء الله، ثم في خمسة أيام انقلبت الأشياء وأخذت إسرائيل 7 أضعافها مساحة.
مات عبد الناصر اللي بيمجده الأخ راجح، والأخ عبد الله مات عبد الناصر وإسرائيل تحتل 7 أضعافها.
المشكلة مش لا مشكلة إنشاء سد عالي ولا إنشاء عمارة، المشكلة ما مدى حريات الناس؟ ما مدى مساهمة الشعب في تاريخه وفي صناعة مستقبله وفي حكم نفسه؟ هذا هو السؤال..
فيصل القاسم]مقاطعا:[ سؤال وجيه سؤال وجيه.. سيد عبد الله الأحمد.. سؤال وجيه.
أمين المهدي ]مستأنفاً:[ يا سيدي، دعني أكمل، يعني سنة 48 في ديسمبر إسرائيل أثناء الحرب بتاع 48 حصرت الأصوات الانتخابية وبما فيها 73 ألف صوت عربي شاركوا في انتخابات في ديسمبر 48 وانعقد أول كنيست إسرائيلي يوم 3 مارس سنة 49 وماكنش فيه أي اتفاقية للهدنة وقعت.. في نفس ظل تلك الظروف، في ظل الحراب هنا تم تدمير كل التجربة وكل الرأي الآخر وكل الحريات وكل شيء من أجل القضية المركزية.
الآن الأستاذ عبد الله مش عايزني أحاسب الأنظمة بقضيتها المركزية، القضية المركزية للأنظمة العربية كانت إزالة إسرائيل، ثم العدالة الاجتماعية، ثم، ثم من الذي وضع الأولوية للصراع الذي هزمنا فيه؟ هي برضو الأنظمة.
مدى اعتبار غياب الديمقراطية في الوطن العربي
سبباً رئيسياً للفشل
فيصل القاسم: طيب، طيب، كيف ترد على هذا الكلام؟ السؤال المطروح إذا نظرنا إلى المشروع الصهيوني -كما قال- إن هذا المشروع الصهيوني في 49 عقدوا أول انتخابات، يعني حتى قبل أن يوقعوا على الهدنة مع العرب، لكن إذا نظرنا إلى الواقع العربي، هل تستطيع أن تنكر أن ثقافة الرأي الأوحد أو الواحد التي تسود العالم العربي من المحيط إلى الخليج طوال كل هذه الفترة؟
ألا تعتقد أن الديمقراطية أو غياب الديمقراطية فعلاً لعب دورًا كبيرًا يعني أربع عيون يشوفوا أحسن من عينين أو لا؟
عبد الله الأحمد: خمسمائة عين يشوفوا أحسن من عين واحدة.
فيصل القاسم: بالضبط آه.
عبد الله الأحمد: بس هذه المسألة ليست قضية عيون الذي كان سائدًا هو نوع واحد من الديمقراطية التي يتكلم عنها هي ديمقراطية القادرين يعني مثل رياضة الخيل، اللي بيحسن يركب فرسًا اللي عنده سايس وإلغي عنده قبل.. (..) الباشوات.
فيصل القاسم]مقاطعا:[ طيب، سآتى على هذا، على الديمقراطية، لكن أنا أريد إسرائيل.. ألا تعتقد أن إسرائيل تغلبت على العرب بالديمقراطية؟
عبد الله الأحمد: إسرائيل جاي مجتمع من الخارج ومُصَنَّع تمامًا على هذا النحو ولا يمكن أن يعيش بدون هذا الإبهار المسرحي لا يمكن أن يعيش المجتمع الإسرائيلي.. هذا شرط ضروري للتفاهم تمامًا كما كان الكاوبوي في الولايات المتحدة مسدسي والأرض، هذه مسألة أرجو أن لا نعلق عليها أنها هي البنية الديمقراطية النهائية للكون، هل هي شبيهة بديمقراطية الصين؟
فيصل القاسم: هذا سنأتي عليه.. سنأتي عليه، لكن أنت تقول أنها يعنى مصنعة من الخارج، سيد المهدي كيف ترد على هذا الكلام؟
أمين المهدي: يا أستاذ.. يا أستاذ عبد الله، أنا عايز أقول لحضرتك محاولة حصر إسرائيل في مفهوم قديم جدًا غير صحيح، في مسألة أنها مجموعة المهاجرين الذين أتوا من الخارج ده كلام لا في الواقع ولا في النِسب ولا في الأرقام، إسرائيل فيها مليون عربي تم تخوينهم لأنهم تمسكوا بالأرض وما مشيوش وراء شعارات ساذجة، العرض قبل الأرض تمسكوا بأرضهم فخوناهم وقاطعناهم 2 مليون و 200000 يهودي عربي تم تجهيرهم وإدخالهم إلى إسرائيل، أي أن إسرائيل فيها 3 مليون و200000 من خمسة مليون و 600000 .
عبد الله الأحمد: أستاذ فيصل القاسم، هو يتكلم على نظرية المؤامرة اللي هو رافضها.
أمين المهدي: دي مش نظرية مؤامرة، دي مش مؤامرة، دي وقائع يا سيدي، دي وقائع.
عبد الله الأحمد: مؤامرة بين اليهود والحكام العرب، ثارت عليها الجيوش العربية لأنها مؤامرة بين اليهود والحكام العرب ما قبل عام 48 ما من عندي هذا الكلام.
أمين المهدي: 3 مليون.. ما هم الحكام العرب دول..
عبد الله الأحمد: فيه شيء اسمه البساط الطائر موجود بوثائق منظمة التحرير.
أمين المهدي: يا سيدي، ، تهجير اليهود تم في كل الأوقات ومش بس اليهود، مصر ترحل منها متمصرين مليون ونصف متمصرين فئات أخرى غير اليهود، وبعد كده هجرة أظن أنت عارف هجرة الأقليات سواء كانت الأقباط أو النوبيين .. الله هو إحنا أصلاً الاستبداد كان في الداخل وليس..
فيصل القاسم [مقاطعاً]: لكنك لم تجب.. لكنك لم تجب على أن هذه الديمقراطية مصنعة من الخارج وجاءت جاهزة ولا يمكن يعني المقارنة بين هذين النوعين .
أمين المهدي: لا .. لا جاءت من الخارج إزاي؟ إذا كان شارك فيها العرب، إزاي يعني كانت من الخارج، إسرائيل في هذه الفترة كانت تحديًّا حداثيًّا للعرب زي الحملة الفرنسية على مصر، بالضبط كشفت الواقع المصري، وكانت عدوانًّا حداثيًّا برغم أنه عدوان إلا أنه كان بيحمل مضامين حداثية بما فيها الديمقراطية بما فيها طريقة إدارة المجتمع..
فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب .. سيد المهدي، كلام مهم جدًّا .. سيد عبد الله الأحمد السؤال المطروح: أنت تقول مصنعة من الخارج .. يعني مصنعة من الخارج صار للعرب الآن بعد 48 أكثر من 50 سنة أين هي بذور الديمقراطية؟
عبد الله الأحمد: أنا من قبل 48 في لبنان العزيز قبل نشوء إسرائيل حدثت أربعة 4 انتخابات ديمقراطية، وهم الذين دمروا الديمقراطية في لبنان.
فيصل القاسم: من الذي دمر؟
عبد الله الأحمد: إسرائيل بقرار من الولايات المتحدة وبتوقيع (هنرى كيسنجر) وبتوجيه ومتابعة من (وول ستريت) اللي هو أكثر خطر سيطرت الصهيونية عليه، لبنان هو البلد الديمقراطي العربي الوحيد الذي يجب أن يعتبر أنموذجًا لرغبة العرب لأن يكونوا ديمقراطيين.
فيصل القاسم: لكنه؟
عبد الله الأحمد: لكنهم دمروه، دمروه على رأس أصحابه، لماذا؟ لأنهم شعروا أن هذا اللبنان سوف يستفيد وسوف يصبح (هونج كونج) في هذه المنطقة بعد تدفق مال النفط العربي الناجم عن حرب أكتوبر، وبالتالي قرروا نسفه من الداخل، قرروا نسفه من الداخل وأنا عندي وثائق بهذا الأمر و كل الناس سيعرفونها ليس هؤلاء الذين تقاتلوا في الشوارع والذين نسمع أسماؤهم على الأخبار هم الذين أقاموا الحرب الأهلية.
حزب (ميشيل شيحا) هو الذي قام بالحرب الأهلية، أقصد جميع المتمولين وأصحاب البنوك في لبنان، وكانوا قد أجروا بروفة على ذلك عندما قاموا بتفليس بنك (انترا) قبل ذلك بأربع سنوات، هذه مسألة إذا كان يعتقد بأن الديمقراطية هي أن آخذ الترياق من العراق..
أمين المهدي [مقاطعاً]: اسمح لي أستاذ عبد الله يسمح لي..
عبد الله الأحمد [مقاطعاً]: وهذا الموضوع ينتهي عند هذا الحد، كل ما يمس إسرائيل ويمس أمن إسرائيل هو ممنوع سواء كان ديمقراطية أو كان ديكتاتورية أي شيء هو ممنوع، والآن أنا معه مائة بالمائة بأن شعب مصر الآن يتوجه توجهًا جديدًا في البناء الاقتصادي وبناء .. وأنا استمعت بكل جوارحي للرئيس مبارك في خطاب القسم، وكان يوحي إلى جميع المصريين أننا إذا لم نقم بالفعل الذي يجب أن نكون فيه وهو استخدام المعلوماتية والتكنولوجية في بلادنا والتقدم الصناعي، فإننا سوف يحاط بنا وسوف ندمر، ولو أنه لم ينطقها بالكلمة.
ومصر مقدمة على مرحلتين: مرحلة اسمها مرحلة التسمين يعقبها مرحلة أسمها مرحلة التخسيس .. عندما يصل هذا التسمين إلى مرحلة إلى نقطة مناوئة لمصلحة إسرائيل سوف يضربونها إذا لم تكن مصر على درجة من القوة والاقتدار الذي يمنع ذلك.
فيه عشرات الوسائل سيمنعون نهر النيل من الوصول إلى مصر، هذه المسألة أنا ما ضد أن نتماهى على عدونا وأن نأتيه من كل الجوانب، لكن علينا أن نكون ..أنا سأعطيك الكلام بس لحظة واحدة، يجب أن نكون قادرين ننتبه إلى عدونا من كل الجوانب، الفريق سعد الشاذلي قال كلمة جوهرية في حوار العمر بتاعه اللي كان، لما قالوا له هل كنت تقدر تأخذ ممرات مثلا و(..) قال: أمال كنت قادرًا طب ماخدتهاش ليه؟ قال له: ليس في العلم العسكري إن أخذ أرض ويرجع العدو يأخذها ثاني، لازم أول شيء أجبر العدو على أن يكون من الضعف بحيث ألا يسترد الأرض مرة ثانية.
إذن يجب أن تنمي مصر وتكون عيننًا الأخرى -كما قال الرئيس مبارك- على القوة، العدو النامي التي يمكن أن تمنع مصر في أي وقت من أن تصبح دولة ديمقراطية كما يتمناها الأخ.
فيصل القاسم: طيب .. سيد المهدي، كلام قوي جدًّا أنا لا أعتقد أنك تستطيع أن ترد عليه.
أمين المهدي: سيدي، هو أسهل حاجة في الدنيا إن أنا إيه أقوم عامل نفسي مفعول به طوال الوقت، يعني أنا عندي تجربة ديمقراطية في لبنان فتآمروا عليه فبقيت مش ديمقراطي، في مصر مش عارف كان عندنا أيه وبعدين هم تآمروا علينا، هذا المنطق يظل منطقًا خارجًا على مسألة الربط المنطقى بما حدث، ما حدث لا يقول ذلك إن إحنا تحت الاستعمار كانت هناك حريات.
يا سيدي انظر لقانون السجون المصرية تحت أيام الاستعمار ثم في مرحلة بعد 36 ثم الآن بدءًا من 56 ، 58 شوف قوانين الصحف، شوف قوانين إنشاء الأحزاب شوف كل ده، هتلاقي أنك أنت في ظل الاستعمار كنت فعلاً بتتمتع ببعض الحريات التي تم ضربها ما بعد الانقلابات العسكرية فيما سمي بالدولة الوطنية، المسائل واضحة وصريحة ومش عايزة .. نتائجها بتقول كده.
الأستاذ عبد الله بيتكلم على الاقتصاد ما رأيك يا سيدي أن صادرات مصر بالكامل بما فيها البترول بما فيها كل شيء لا تزيد عن 3 مليار و 500 مليون، ما رأي حضرتك أن صادرات إسرائيل 98 تجاوزت 21 مليارًا، ما رأي حضرتك أن إحنا 21 مليون قوى عاملة في مصر، 2 مليون في إسرائيل بينتجون 93 مليارًا دخل سنوي بأرقام 95، وإحنا بننتج 47 مليار، كيف ستتوجه أنت.. أنا بأقول لحضرتك إن قضية التقدم وقضية السلام وقضية الديمقراطية، القضايا هذه لا تنفصم ولا يمكن إعطاء أولوية لواحدة دون الأخرى.. ثم أنا بأرد أيضًا على الأستاذ راجح الأخ اللي أتكلم من سوريا اللي بيقول العودة إلى الديمقراطية الإسلامية و.. و… الله، متى حدث هذا الكلام؟
ده إحنا أصلاً التاريخ بتاعنا ما قرأنهوش قراءة صحيحة إحنا تاريخنا لا يخضع للوثيقة.. تاريخنا..
فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب .. طيب .. هذا موضوع أخر سيد المهدي، السيد سعيد جلال من مصر.. سعيد جلال من مصر.
سعيد جلال: مساء الخير.
فيصل القاسم: يا أهلاً وسهلاً.
سعيد جلال : الصراع العربي الإسرائيلي وعلاقاته بالديمقراطية في تصورى هو كان صراعًا بين الحقيقة والأكذوبة، الأكذوبة الكبيرة التي عاشت فيها النظم العسكرية والنظم القبلية والتي تصورت أنها بتقييد حرية المواطنين تضيف شيئًا فالديمقراطيات الموجودة في العالم العربي كلها ودون استثناء ممسوخة والمضمون الذي تملكه فارغ فالمؤسسات التشريعية هي ديمقراطية أوامر من السلطة العليا، حتى بقية السلطات تحولت كلها في البلاد العربية إلي سلطة عليا يمسكها رئيس الدولة أو الملك أو الأمير.
وبالتالي تحول الجميع في الوطن العربي إلى واحد × واحد، الكل واحد، كلنا "جمال عبد الناصر"، كلنا "حافظ الأسد" فأصبح 1×1=1، المجتمعات الديمقراطية المؤمنة بالتعددية والحرية إلي أقصى حدود الحرية، والكلام اللي اتقال علي الديمقراطية في هذه الندوة هذا لا يعبر عن ديمقراطية.
الديمقراطية الحقيقية هي الديمقراطية ذات الدستور القوي الذي يقيد الحاكم قبل أن يقيد المحكوم، الديمقراطية الحقيقية هي تلك الديمقراطية التي تحمي المحكوم من بطش السلطة السياسية، تركنا السلطة السياسية تبطش بالأفراد وتجعلهم ينزوون ولا يعملون على الإطلاق في قطاع السياسية أو الرأي، فأصبح الرأي الواحد هو الرأي الموجود، ذلك الرأي كان يؤدي إلى أن الصراع العربي الإسرائيلي تحول إلى صراع بين مجموعة من العسكر ومجموعة من ليس العسكريين فقط في الجانب الإسرائيلي ، بل كان مجموعة المجتمع المدني قائمة وتستطيع أن تغير من نظام الحكم باستمرار إذا ثبت فشله، وتعددية في القيادات.
نحن الآن لا ننتظر تعددية في القيادات العربية، نحن ننتظر القدر هو الذي يغير النظم العسكرية أو التي تدعي الديمقراطية.. كأن الحاكم العربي يعتبر أن موقعه موقع عسكري لا يجب ولا يجوز تركه إلا بالقوة، هذه هي الحقيقة..
النظرة العربية إلى الديمقراطية الإسرائيلية
فيصل القاسم [مقاطعاً]: طيب، طيب، الكثير من الكلام، سيد عبد الله الأحمد، تريد أن ترد، أنت تقول ديمقراطية وإسرائيلية، أنا أريد أن أسألك ألا توافق معي على أن العرب .. المنطقة العربية بأكملها ترقص دائمًا على أنغام الانتخابات الإسرائيلية، يعني هذا سؤال موجود، يعني لا نؤمن بالديمقراطية مثلاً وننتقد هذه الديمقراطية لأن العرب جميعًا يرقصون على أنغامها.
عبد الله الأحمد: العرب كانوا قبل الانتخابات الإسرائيلية كانوا يرقصون على الانتخابات الديمقراطية الماركسية اللينينية وكانوا كلهم ماسكين على الدبكة، ويقولون ما فيه حل غير الحركة الشيوعية وحركة التحرر العالمية .
الآن انتقلت النظرة بوجود المنتصر الأميركي وصاروا كلهم يتغنون بالديمقراطية بتاعة الولايات المتحدة الأميركية حتى الإخوان اللي كانوا يحكون، كانوا كلهم يعيشون على دبكة الماركسية اللينينية وأنا لما كنت حاتعالج .. حاتعالج ضد هذه الفكرة، الآن أتكلم عن واقع عربي.
الأخ اللي سألني عن هذه المسألة، هو يذكر ، ويذكر في التاريخ وأنا أجيب له أمثلة معاصرة، عندما كان خالد بن الوليد يشتبك مع الروم كان قد توفى الخليفة أبو بكر الصديق وجاء عمر بن الخطاب وعزل خالد بن الوليد ووضع
أبو عبيدة، أبو عبيدة لم يسلم القرار بالعزل لخالد أثناء المعركة سلمه القرار تاني يوم لما انتهت المعركة.. بعد انتهاء المعركة.
نحن الآن في المعركة إذا كان هو يشعر أنه ليس في المعركة ويستطيع أن يتخذ من القرارات ما يشاء، فهذا الأمر لا ينطبق علينا ، ونحن في المعركة نريد تحذيره أن شعب مصر سوف يحاط به إسرائيليًّا إذا لم ينتبهوا إلى هذا النوع من المقامات التي يتغنون بها، إمبارح شعب الصين كان حامل صورة (ماوتسى سونغ) وبعدين صورة (شو ألاي) وبعدين صورة (بنج سياوبنج ) لا يريدون أن يهدموا المداميك القديمة التي بنوا عليها ثورتهم لكي يقعوا في مطب العرب كلما جاءت أمة لعنت أختها.
لماذا لا نبني على تلك المداميك، ونعترف بفضلها ونبني الشيء الجديد على ما كان قديمًا ونعترف بفضله، لماذا نريد أن نقيم علم النقائض في بنيتنا، ونحن نعرف -وأخي أمين يعرف- أن الديمقراطية ليست نقطة افتراضية على الطريق نقص الشريط الحريري ونقول هذه هي الديمقراطية.
كل الديمقراطيات التي يتغنون بها في الغرب .. اليوم هي نتائج دكتاتورية، هي نتائج عملية تحول صناعي كبير وانقسام طبقي..
فيصل القاسم [مقاطعا]: هذا سآتي عليه .. سآتي على هذا المحور لأنه مهم. قبل ذلك أريد ردًّا من السيد المهدي.
أمين المهدي: الأستاذ عبد الله بيقول إن إحنا في معركة واحدة ما زالت مستمرة، أنا أول مرة أشوف صراعًا، طوال القرن العشرين نشأت صراعات وانتهت بما فيها صراعات كونية يعني.. الحرب الباردة بدأت بعد الحرب الثانية وانتهت قبل نهاية القرن، كافة الصراعات بين الفاشية والنازية مع الديمقراطيات الغربية انتهت الصراعات بكاملها انتهت وربما نشأت صراعات جديدة.
لكن الصراع الذي لم يحل باعتباره معركة واحدة هو الصراع العربي
الإسرائيلي، ده جزء في قصور منهجنا إحنا أصلاً لأن يبدوا إن إحنا بنهزم دون أن ندري وبنكمل .. أنا مش عارف هم سمعوا عن 67 أو لا، إحنا سمعنا عن 67 وكارثة 67 اللي بتسمي حتى الآن في بعض الأدبيات نكسة، المبالغة في تمجيد الذات حين نكون لوحدنا، ثم أمام الآخر نصبح مفعولاً به طوال الوقت.
هذا فصام دي حاله مرضية، يعني حالة مرضية عايزة علاج .. يعني
الله.. فين تماسك النظرة المعرفية ،فين المعرفة من أساسه؟ أنا رأى أن المشكلة عندنا جزء منها العجز عن المعرفة، خدمه المعرفة إما للإيمان وإما للاستقرار نظم مستبدة، نظرية المعرفة عندنا عبارة عن ثقافة استبداد.
فيصل القاسم [مقاطعا]: طيب، طيب، ثقافة استبداد عند هذا الكلام، سيد المهدي ثقافة استبداد أنت تركز عليها كأنها سمة ملاصقة للأنظمة العربية، لكن أنا أريد أن أطرح عليك مثلما كانت الحرب وسيلة محلية كما يقول البعض استعملتها بعض الأنظمة العربية لدعم السلطة المركزية وتبرير احتواء وتصفية الخصوم السياسيين والاستمرار في الحكم أو تبرير الاستيلاء عليه.
قامت الصهيونية السياسية على نفس المنوال باستعمال الخطر الخارجي الذي شكلته الحرب وتم توظيفه في فرض الفكر الصهيوني وسيسيلولوجيا الهولوكوست وتبرير التوسع واللجوء إلى شرعية السيف ونتج عن ذلك سيطرة السياسيين والعسكريين على مقدرات الدولة والانفراد بالقيادة، فأين هي الديمقراطية الإسرائيلية التي تريد أن نقلدها؟
أمين المهدي: صحيح تمامًا .. ما أنا عايز يا سيدي أقول لحضرتك على حاجة، أخذ المسائل الكلمة.. المشهد الأخير على أنه كل الفيلم أو كل سلسلة الأحداث دا خاطئ، يعني ما حدث في أثناء إنشاء إسرائيل عدة أشياء.
إن الصهيونية التوسعية لم تكن ترى في نتائج 48 ما يكفيها، ولكن في نفس الوقت يا سيدي كان هناك في إسرائيل تيار آخر صهيوني أخلاقي اللي كان بيقوده (..) وكان منه (جدعون روفاييل) و(حليم وايزمان) و(موشيه شاريت) وغيره (..) وغيره..
اللي قدموا مشروع سلام لو قرأناه اليوم.. لا نتمناه في الخيال، ما حدث هو تآمر من الجانبين، يا سيدي التحالف ما بين الفاشية العربية وما بين الصهيونية التوسعية في إسرائيل تحالف موضوعي وإن كان غير مباشر تم التآمر على مشروع (شاربت) للسلام مثلما أيضًا تم التآمر على حركة أنصار السلام المصرية اللي كان فيها الدكتور محمد مندور، وإبراهيم طلعت..و..و..
فيصل القاسم [مقاطعا]: سيد المهدي.. هل تريد أن تقول.. هل تريد أن تقول إن هناك مصلحة للعرب في البقاء على هذا الصراع ؟ يعني كلام غير معقول.
أمين المهدي: مصلحة للأنظمة وليست للشعوب .. الصراع تم تحويله زي ما قلت لحضرتك في بداية البرنامج استبعد حل سياسي ممكن من أجل حسم عسكري مستحيل، وما زال المزاج السائد حتى هذه اللحظة يحلم بهذا الحسم العسكري.
الكل يقول لك النهاردة التفاوض ما ينفعش، لأن إحنا ضعفاء .. هذا سؤال غير مطروح أصلاً، السؤال الأصلي، ما الذي أوصلنا لهذا؟ ما الذي أوصل تلك الأنظمة اللي هي عملت نفسها بُعْـبُعًا عسكريًّا يومًا ما، لأسباب محلية أن تتسول الاتفاقات السلمية مع إسرائيل الآن؟
هذه نتيجة يحاسب عليها تلك الأنظمة، يجب محاسبة اللي قال لي 50 سنة إن دا قضيتي المركزية يا أخي لازم أحاسبه بعد 50 سنة على وصل لإيه في قضيته المركزية.. ما أبقاش مخطئ ده هرب من المسؤولية مسألة إن إحنا مفعول به في جانب وجانب آخر نمجد ذاتنا سواء عبر سياق تاريخي أو ذكريات، الذكريات دي ما تنفعش في معركة الحداثة، ولا تنفع في معركة الحريات.
فيصل القاسم: طيب.. طيب.. لا تنفع، سيد عبد الله الأحمد.. سيد عبد الله الأحمد، تريد أن ترد؟
عبد الله الأحمد: طبعًا أريد أن أرد .. يعنى هو يعتقد أن هذا التفاوض الآن قائم فقط على حماية الذات .. التفاوض مطروح مش على حساب الكرامة .. على حساب أن الأرض يقابلها سلام.
مش مطروح على أساس أنه تعالى تنازل عن الحقوق وتنازل عن الأرض، وبالتالي نساوم كما ساوم البعض وسمى الأرض المحتلة أرضًا متنازعًا عليها، هذا الأمر مين جايبه؟ .. أنا ، ما عارف هذا الأمر، يعني هو بيقول حدث أمرين، في العلاقة الشخصية يمكن أن أقيم أنا الخلاص الفردي في عائلتي وفي الأمة العربية يمكن لقطر أن يقوم بعملية خلاص فردي من القضية كلها هذا ما حصل على يد المرحوم أنور السادات، وسميت الخيانة أصبحت وجهة نظر، الآن نحن لا نتكلم في هذا الأمر.
نتكلم بأن مصير مصر الآن يتجه نحو العملاقية الاقتصادية، ونقول إن هذه العملاقية في خطر ما لم نعيد العدو إلى المربع الأول ، المربع الذي ينسجم مع توقيعه على اتفاقيته الذي يسمى سلام شجعان.
إذا لم يعد إلى مربعه ويقبل بجيرانه، ويكون له جيران وهذا العدو ما يزال خطرًا سرطانًا مستمرًا ومتتابعًا، وبالتالي لا نستطيع أننا وعيوننا مغمضة عن هذا العدو الذي يتسلح كل يوم بتسليح جديد وتسليحه أصبح قاريًّا لم يعد محليًّا، ونحن نقول..
فيصل القاسم [مقاطعا]: وهكذا على الجانب العربي يعني الجانب العربي أيضًا النسبة الكبيرة هي للتسلح.
عبد الله الأحمد: الجانب العربي يبيع ما فوقه وتحته، لكي يتوهم أنه يتسلح بما يعادل سلاح العدو، ولا يستطيع إلا أن يتوهم ذلك، لا أيام الاتحاد السوفيتي ولا
أيام الولايات المتحدة لا إن كان العرب قبلتهم موسكو، ولا إن كان العرب قبلتهم البنتاجون.
الجميع يتسلح لماذا ؟ لأن هذا العدو يتسلح، وبالتالي ما تيجي تنام الليل وأنت قلقل من هذه المسألة، مسألة مصير ومعلنة.
2- هو يأخذ طرف آخر في اليهود ليش مابيأخذ (ناحوم جولدمان)؟ ناحوم جولدمان يضحك على (موشى شامير) في إحدى قصصه أن موشى شامير صار بينه وبينه، عفوًا (إسحاق شامير) موشى شامير كان سفيرًا بالقاهرة.
واسحاق شامير، بيقول الصهيونية تعامله هو مثل اثنين يهود واقفين تحت الضوء عمالين يدورون عم بيقول يعاملوننا عمال يقوله ياعم بدور على إيش قالوا وعما بدور على قطعة ذهب، وقعت مني قال له وقعت منك هنا؟ قال له وقعت مني هناك، قال له ما ليش بدور عليها هنا، قال له ما هنا الضوء أروح أدور عليها بالعتم
لا نستطيع نحن أن نقف تحت الأضواء التي تسلطها الصهيونية العالمية ونقول هنا الحقيقة.
الحقيقة في غير هذا الموقع، علينا أن نبحث عن الحقيقة في صلب الصهيونية هو اللي نحكي عنه الديمقراطية، أنا كاتب كتاب (عندما يتوهج الحلم) 1976 قبل أن يزور السادات القدس، إسرائيل عتمت عليه في كل أنحاء العالم رغم أنها احتلت الدار اللي تنشره في بيروت، هل هم لم يعرفوا فيه؟
هم يعرفون فيه، هم يريدون أن يركزوا على عندما تسكت مدافع بتاع محمد سيد أحمد، وليس عندما يتوهج الحلم لأن الكتاب يفكك الحلم الصهيوني، ويترك الواقع اليهودي يتعامل معه العرب .. يهود العرب.
فيصل القاسم: طيب.. طيب، لنأخذ السيد وجدي الريزي من لبنان.. تفضل يا سيدي.
وجدي الريزي: يعطيكم العافية دكتور فيصل، يعطيك العافية الأستاذ عبد الله.
فيصل القاسم: يا هلا.
وجدي الريزي: أنا ما بأعرف ليش الكلام هما يتحول وكأنه لما نطالب بشوية ببعض الديمقراطية وكأنه نطلب أن نتمثل بالديمقراطية الإسرائيلية، هذا الكلام ما بأعرف.. ما أقدر أفهم هيك أتمنى أن يكون سياق الحديث غير هذا الموضوع.
أولاً: أوافق الصديق الأستاذ عبد الله الأحمد على تعريفه لكلمة الحضارة، ولكن أود منه تعريفه للأنظمة العربية بشكل مجمل بدءًا من لبنان الموثوق بديمقراطية معتقة، ولكنها مصابة بالإيدز كما يقول الرئيس سليم الحص بلبنان وانتهاءً باليمن مرورًا بالخليج والمغرب العربي هل كلمة حضارة؟ أسقط تعريفه، ومعترف بها ومعمول بها؟
ختامًا ما أخافه أن الطرف وراء الصراع العربي الإسرائيلي يطلق يد الأنظمة العربية على رقاب مواطنيها، وهل أن الأستاذ عبد الله موافق على مقولة "مات الملك عاش الملك أو ابن الملك" وما رأيه في استفتاءات 9ر99% بنعم؟ ليت الأستاذ عبد الله يعرفنا الديمقراطية كيف المفروض تكون في أنظمتها العربية هذا دون مقارنة بأحد ويعطيكم العافية.
فيصل القاسم: شكراً جزيلاً، هل تريد أن ترد على هذا الكلام ..ولا ؟
عبد الله الأحمد: أنا أرد عليه ، الديمقراطية في أنظمتنا العربية كما هي في كل نظام آخر تبدأ بمشروع، هذا المشروع يجري تحقيقه على يد طليعة وهذه الطليعة تستمد قوتها من المشروعية الثورية، هذه أنظمتنا العربية، ثم شيئًا فشيئًا تحاول أن توازن ما بين الشرعية الثورية والشرعية الجماهيرية.
لكن يبقى في المركز دائمًا هي الشرعية الثورية ووجود الحزب الآخر مش حزب التحالف، يعني مستلم الموضوع من أوله لآخره، وهذه عرضة للتطور في ضوء المعركة القومية الراهنة لا نستطيع أن نتجاهلها، يعني أنا رأيى أن أقول للأخ الريزى مسألة كثير مهمة حديث يعني دائمًا بيقولوه إن: في زمانه الحاج اللقلق بعث (ستنونو) يستطلع بوده يهاجر ناحية الجنوب راح بعث ستنونو استطلع منطقة ورجع، قال له: شو أخبارها؟ قال له : المياه للركنة، قال له: والعشب قال له : للركبة، رجع اللقلق قال: ياللا يا شباب اهجروا عليها راحو ما لقوا فيها مياه ولا عشب.
قال له: يا ست نونو تعالى شوف فين المياه؟ قال له: لركبتى أنا .. لا لركبتك
أنت (..) المسألة هي أن تقول: ما هي أحلامنا؟
بطلنا أمة عربية واحدة، بطلنا أن بودنا نعمل تقدم، بطلنا أن فيه مستقبل أولادنا هل هي أحلامنا مربوطة بالجزرة والعصا ؟ هل هي أحلامنا حيت أضاء اليهود نفتش عن عملتنا.. عن الضائع منا؟ أم الضائع منا موجود في مكان
آخر، الضائع منا موجود في ذاتنا موجود في أن يكون عما نناضل للحفاظ على كرامتنا، وعلى أرضنا وعلى مستقبل أولادنا.
أما إذا أنا بودي أدمر أحلامي لكي أفصلها على القدر اللبناني الحالي اللي عم يحكي عنه .. أنا عم نحكي عنه ما سمعت كلام أستاذ سليم الحص، وحتى على القدر السوري، وحتى على القدر المصري، أحلامي ليست هكذا، وإلا ما كان قتلوا أنطون سعادة.
[موجز الأخبار]
فيصل القاسم: سيد المهدي نحن يعني تحدثنا عن.. عن.. عن -إذا صح التعبير- العامل الإسرائيلي في غياب الديمقراطية العربية إلى ما هنالك لكن هناك من.. من يضيف بعداً آخر أو عنصرا آخر إلى العملية ألا وهو التفكير الأميركي، هناك من يقول بأن أميركا لا تريد للعرب أن يمارسوا أي نوع من الديمقراطية فقد درجت على التعامل مع حاكم واحد فهو يعني أسهل لها بكثير من التعامل مع مؤسسات و برلمانات إلى ما هنالك من هذا الكلام يعني فقط على الرئيس الأميركي أن يرفع الهاتف ويتحدث مع زعيم عريي معين و كل شي يتم أما إذا كان هناك برلمانات فهذا سيكون أمراً صعباً
أمين المهدي: شوف يا سيدي البراجماتية الأميركية دائماً تجد قوة أمامها تتعامل معاها، كائناً ما كانت هذه القوة، أنت تذكر أن أميركا تعاملت مع الأصولية الإسلامية في أفغانستان، لأن الأصولية آنذاك كان من الممكن أن تفيد في حصار الاتحاد السوفيتي و أفساده وإفشاله يعني، والآن أميركا تضرب بالأصولية لأن هدفها.. استعملتها وامتصتها وخلاص وعايزه ترميها في النفايات، وبالتالي وجود ديكتاتورية لا يعني امتناع المصالح، وجود يعني أنا أسأل حضرتك سؤال ليه الجنرال (ماك آرثر) لما دخل اليابان ومضت وثيقة استسلام بدون شروط في سواء ألمانيا أو في اليابان، ليه ما سمتش تكريس للديكتاتورية هناك، لماذا تم تكريس ديمقراطية حتى أنها أصبحت بتصارع أميركا بل وبتهزمها، في بعض المجالات، لماذا تم ذلك بالأيدي الأميركية ولماذا يتم العكس في منطقة الشرق الأوسط، هل إحنا أدرنا الصراع في حقيقة الأمر والتفاعل السياسي مع الغرب ومع أميركا بالدرجة اللي تخلينا نقول والله في الآخر إحنا حاولنا وبآخر الطريق ودي قوة دولية عايزة وإحنا مش قادرين هل ده حدث؟ ما حدث أن أحنا أتحنا للغرب مصالح في المنطقة تمر عبر ديكتاتوريات مستقلة، ما.. ما يحدث في العالم العربي مثير للغرابة، كمية الفقر وكمية الهزائم وكمية الانهيارات وكمية الإرهاب شيء يتناقض تماماً مع استقرار حجري للأنظمة، الاستقرار الحجري الثابت للأنظمة حتى نسبة التسعينات في المائة دا.. دا بيثير تساؤل ما مدى وصول تلك الأنظمة لإفساد المجتمع وتفكيك الدولة، وصلت لحد فين، أنا رأيي دا عرض خطير جداً، وأصبحت حقيقة الآن أنك أنت ما تقدرش تمر إلا عبر هذه الأنظمة إلى تلك الدول، وبالتالي تؤخذ كحقيقه، والسؤال هو طيب هناك لإسرائيل 6 مليون يهودي موجودين في أميركا، أنا هأفترض إن جميعهم بيخدموا الصهيونية وهذا غير صحيح طبعاً، لأن فيه ناس ضد الصهيونية وضد ممارسات إسرائيل، وفيه ناس ضد إسرائيل أصلاً، لكن إحنا كمان لنا 6 مليون عربي موجودين في أميركا، بالله عليك حدثني عن أداء دول وعن أداء دول، وقارن في الأداء يعني، حتى يمكن أن نقارن أيضاً في الأداء ما بين تعامل النظام الإسرائيلي أو القيادة الإسرائيلية مع الغرب ومع الشرق وتعاملنا إحنا كمان، يعني لابد إن أنا أقول لحضرتك على حاجة طالما الأنظمة بهذا الشكل فثق أن الكلمة المفتاح في التعامل مع الآخر.. مع الغير أو مع الخارج ستكون هي مسألة الحفاظ على استقرار النظام والحفاظ على ثباته، وبالتالي على حساب أي مصلحة من أي نوع
د.فيصل القاسم: طيب.. سيد عبد الله أحمد كيف ترد
أمين المهدي: وبعدين لم يكون.. لما يكون الآخر.. الطرف الآخر مات لم يعد موجود، البديل السياسي لتلك الأنظمة لم يعد موجوداً على الإطلاق، طب مادي أصبحت حقيقة لابد للعالم يتعامل معاها..
د.فيصل القاسم: طيب سيد.. عبد الله الأحمد كيف ترد هناك من يقول بأن.. سيد.. سيد مهدي.. هناك من يقول بأن أميركا سيطرت المنطقة العربية أكثر من ثلاثية (…) في التاريخ، قواعد صواريخ أو..
عبد الله الأحمد: أنا.. أولاً أن لا يحدث اختلاط ما بين هزيمة اليابان و وضعنا، هزيمة اليابان صراع بين إمبرياليين سابقان، وبالتالي لديه من القيود بما لو دعموا سوف يؤدي إلى وظيفة ثانية شوفناها بنتيجة اليابان، بنتيجة التقدم الياباني اللي صار، وهزيمة اليابان في كوريا أيضاً دعمت كوريا الجنوبية من أجل أن تتقدم، هذه مسألة مختلفة، القائد الذي يجب ألا يخطئها ها الذهن والذاكرة والدعم الاستراتيجي، هذا الغرب كله إذا بده من أي حاكم هو شيء أن ينهب خيراته، فيجب أن يكون هذا الحاكم مطابقاً لموبوتوسيسي سيكو أما إذا كان هذا الحاكم هو الذي يريد من أميركا شيء فعليه هو أن (..) على أميركا وليس أن (…) على الحاكم اللي هو فاسد ومفسد وإلى آخره، هذه قاعدة لا تخطئ ولم تخطئ ولا مرة، الآن عندك أول نظام إسلامي في تاريخ الإسلام منذ أول خليفة حتى الآن هو النظام في إيران ديمقراطي، صناديق، مؤسسات، من أولها لآخرها، وهذا النظام الوحيد اللي ترك لنا رئيس جمهورية سابق منذ الخلفاء حتى الآن موجود على قيد الحياة، وهو يتطور ويتطور صعداً، وأخذه قبلان الآخر ليش مرفوض أميركياً؟ ليش وليش مقابلة النظام التركي مقبول أميركياً، ونحن هلا بنخاف من آثار الانقلاب في باكستان (…) أدرسها سوف تجد إنه نواز شريف وقع في مطب أنه غير قادر أنه ينفذ لإرادة الولايات المتحدة لدى طالبان وبالتالي مطلوب جهة تنفذ هذه الإرادة لدى طالبان وتمنع جمهورية الكوكايين القائمة وتمسك أسامة بن لادن، قد يحدث وقد لا يحدث لكنه وقع في المطب، نحن الآن (..) وقع انقلاب في الباكستان.
إرادة أميركا يعني بالله.. يعني أنت وأنا اللي سقطنا سلفادور اللبني أم حطينا بينوشيه هذه إرادة الولايات المتحدة، براجماتتها مثل ما قال الأخ أمين، بتطالع مصالحها هي، وعلينا أن نفهم الأمر في ضوء هذه المصلحة، لا في ضوء الإضاءة الصهيونية على المشكلة نروح ندور على قضيتنا حيث يضاء المصباح الصهيوني، قضيتنا ليست حيث يضاء المصباح الصهيوني، يعني مش بندور على العملة حيث يضيء المصباح، ندور على العملة حيث أضعناها بعدين هل في أيدين (..) كانت (…) كل.. كل سنة قمرية كل 4 سنين مرة لما تكون السنة كبيسة قال (…) على قيد الحياة.
لماذا لا نحترم بعضنا البعض، ومن قال أن الحاكم المعمر أو الفرد هو حاكم دائمًا ظالم ودائمًا متسلط دائمًا و.. دائمًا، نحن العرب – بقناعتي- بحاجة لثبات النص وحركة المحتوى، يجب أن يتحرك المحتوى ليس خلافنا مع حاكم ما حدا يقدر يقول، والله نعمل انقلابًا على الحاكم لنغير النظام، ما هذا الأمر ما بقي قائمًا.
الآن محتوى النظام هو الذي يجب أن يتحرك بالاتجاهات التي تؤدي إلى ممارسة الديمقراطية بكل أنواعها، لكي نستطيع أن نبني الصناعة وأن نبني التقدم وأن نبني العلم والمعرفة لكي يكون الناتج النهائى ناتج تعدد حزبي وديمقراطي.
فيصل القاسم: لنأخذ الدكتور عماد فوزي شعيبي من دمشق، تفضل يا سيدي.
عماد فوزي: مساكم بالخير .
فيصل القاسم: يا هلا.
عماد فوزي: أتابع باهتمام بالغ هذا الحوار الذي يجري وأشعر أن هنالك مشكلة منهجية، مع قناعتي بإحكام منطق الأستاذ عبد الله الأحمد إلا أنه يعيبه المبالغة في تعيين الجانب التآمري على اعتبار أن الأستاذ الأحمد لا يختلف معي بأن السياسة هي مكاثرة إيرادات في النهاية.
ولكن بنفس الوقت أنا أعيب على الأستاذ المهدي أنه يرفض المنطق البوليسي أو المنطق التآمري كما يذهب بعيدًا به، ويعود لممارسته هو بأن يعين بأن الديمقراطية لم تتم عملية تهيأتها بالمنطقة بسبب تآمر موضوعي بين ما سماه الفاشية العربية والصهيونية المتطرفة.
يجب أن نكون أمينين على المنهج الذي نقوم عليه هذه مفارقة كبيرة
يا سيدي، أيضًا هنالك مشكلة أخرى أن السيد المهدي ينطلق من
إشكاليتين: الأولى: أنه يختزل المشكلات العربية إلى شيطان وحيد هو غياب الديمقراطية أو يرد الحل إلى إله أوحد هو الديمقراطية الحضور للديمقراطية، هذه الاختزالية ترى أن الديمقراطية هي نقطة بدء وتنسى أنها ثمرة صيرورة ومسار وتاريخ، هي ضرب من عبث استدعاء مفهوم المسيح المخلص أو المهدي المنتظر، وسحبه على العمل السياسي، هذه الاختزالية أيضًا تمارس بشكل مزدوج عندما نعتبر أن إسرائيل انتصرت علينا بالديمقراطية، ويجب أن نتماهى على نموذج
المتسلط.
الإشكالية الأخرى: تنطلق من أسلوب السيد أمين المهدي بما يمكن أن أسميه الحكمة بأثر رجعي ومحاكمة التاريخ انطلاقًا من الهزيمة، والهزيمة ليس لها من يحملها عندما تسقط البقرة يكثر طاعنوها، بينما النصر له أكثر من منتم أو
زعيم، الحقيقة أن الهزيمة لا يمكن أن ترد لسبب وحيد، والأمور لا تقاس انطلاقًا من مرجعية ما تم الانتهاء إليه هذا برأيى تسطيح للموقف.
أخطر ما في مناظرة السيد أمين المهدي أنه يحول الديمقراطية من سياق فعل اقتصادي واجتماعي وسياسي إلى مجرد مطلب يجسد وهمًا بأن الديمقراطية هي مفتاح المفاتيح، هذه المناظرة تنسى أن الديمقراطية نظام، النظام يأتي من Order من الأمر، من الترتيب، النظام يعني الواقعية، يعكس سياقه.. زمانه.. ومكانه، هذا لا يعني أننا نشرع الديمقراطية إنما نسعى إلى تفسير ما حدث على أنه كان بسبب محاولة أمة كانت في وضعية هوية قومية مستباحة بلغت نعم في شعورها بالعجز مثلما بلغت بشعورها بالقوة، وكان أن خرجت لتوها من استعمار طويل وبغياب سرد سياسي، لأنها كانت تحكم من الآخرين .. هذا السياق يضاف له تأثير أو تأثر المنطقة بمرحلة الأيدلوجية الثورية أيما تأثر، مهما كان موقفنا منهم.
كل هذا كان بمثابة محاولة أمة ودول فى المنطقة لتجد لنفسها مكانًا، الأمر الذي بالغ أيضًا من الرغبة في التعبئة مما أبعدها عن النموذج الليبرالي .. هذا سياق ليس سياق مؤامرة، لا يجوز التصور أبداً بأن هذا السياق سياق مؤامرة، كأن نقوم بهذا التصور لكي نقوم بحكمه بأثر رجعي أو أن نقوم بعملية جلد للذات، هذا ليس مقياسًا دقيقًا لحسابات التاريخ وحسابات الفعل السياسي.
فيصل القاسم: شكرًا جزيلاً.. السيد المهدي تريد أن ترد لا شك على هذا الكلام.
أمين المهدي: أسهل حاجة في الدنيا الخروج من موقف حواري أو موقف تحليلي بألفاظ.. يعني أحد عيوبنا إحنا كعرب محاولة إصلاح أخطاء التفكير بالبلاغة أو باللغة، السؤال اللي أنا بأسأله للأخ اللي تكلم من سوريا، هل هي نظرية مؤامرة؟ لما بأقول لك إن هناك تحالف موضوعي غير مباشر له وقائع وله نتائج، وله اشياء على الأرض لمدة 50 سنة يبقى دا يسمى نظرية مؤامرة تحالف موضوعي غير مباشر الفاشية العربية كانت تحتاج إلى الصهيونية التوسعية والعكس صحيح أيضًا.
لكن السؤال: من الذي كان بجوارة التقدم؟ من الذي أخذ بأسباب التقدم؟ هذا يعني دية نقطة في الموضوع..
فيصل القاسم [مقاطعا]: هذا سؤال مهم سيد المهدي
أمين المهدي [مستأنفاً]: لا معلش إضافة أخرى بعد إذنك يا أستاذ فيصل.
فيصل القاسم: طيب.. تفضل.
أمين المهدي: إضافة أخري زعماء بقى لهم 30 سنة بيحكموا دول، إذا كان هذا الوطن قاصر وهذا الشعب قاصر وهذا طبعًا غير صحيح ومنطق متداعي وخارج من.. وهو دا اللي خارج من سياقه يعني، ماذا فعلوا في 30 سنة لتأهيل هذا الشعب لأن يصبح يعيش في القرن العشرين مش هنقول الواحد و العشرين اللي هيجى بكره .. لا في القرن العشرين ماذا فعلت قيادات بقى لها 30 سنة من أجل تأهيل الشعب؟ أنا شايف الأمور بقت أسوأ، وتصبح أسوأ، لأننا نحن نتهرب من المسؤولية ونحن غير قادرين على مواجهة نتائج الهزيمة.
نحن يا سيدي مهزومون، الاعتراف بالهزيمة ليس نقيصة دا بداية أخرى للصراع وإدارة الصراع بطريقة أخري، إحنا خسرنا الحرب واتجهنا للسلام بهذه العقلية..
فيصل القاسم [مقاطعا]: لم يبق لدي.. لم يبق لدي كثير من الوقت تحدثنا عن التقدم – إذا صح التعبير التخلف العربي،تكنولوجيًّا واقتصاديًّا وعلاقته بغياب الديمقراطية.
أمين المهدي: وعلميًّا وعقليًّا.. عندنا أزمة عقل كمان أزمة حرية أزمة تفكير أزمة، إحنا يا سيدي ما زلنا نعيش في طور العقل الديني، العقل الديني ليس هو المعتقد الإيماني وليس الدين .. البشرية .. العقل البشري مر بالطور الأسطوري، ثم طور العقل الديني، ثم العقل الفلسفي ثم العقل العلمي ثم الآن ليس لها اسم إلا إن إحنا نقول ما بعد العلم، نحن ما زلنا نعيش في مرحلة العقل الديني، والعقل الديني ما قبل الديمقراطية، وما قبل حرية الفرد وما قبل حقوق المواطن وما قبل الفكر، وما قبل إحكام العقل.
الطور الديني .. العقل الديني .. هو اللي إحنا نتكلم فيه .. وآدي مثل إحنا فيه أهو، الأخوة الثوريون من حزب البعث ومن الأحزاب العربية إللي هي أصلاً منطلقاتها فاشية أصبحوا إسلاميين، ما هو سؤال التحول هنا كيف؟
من دولة قومية إلى أمة إسلامية إلى ماركسية مش عارف، يعني حاجة إيه، الإخلاص للعداء للديمقراطية، هذه هي المشكلة، والعداء للديمقراطية أنا ماخلتش الديمقراطية هي المسيح المخلص، الديمقراطية جزء من نسق كما بدأت كلامي، فيه التقدم وفيه الحريات وفيه الحداثة.. يعنى..
فيصل القاسم [مقاطعا]: طيب.. سيد عبد الله كيف ترد على الكلام؟
عبد الله الأحمد: الكلام هذا خلط لأني أنا حكيت عن رايات حزب الله وعن المقاومة، هذا ليش ما إحنا إسلاميين.. فيه فرق إحنا إسلام سكر زيادة ولاَّ إسلام سكر خفيف.. إلى أي درجة تكون العلمانية؟
المهم أن تكون خدمة وحدة الأمة العربية هي في النهاية الأساس، وما ينزع عنا صفة الإسلام، أنا أرى كل مسيحي أراه مسلمًا، لأنه موحد مثلي ومثله.. موحد..
فيصل القاسم [مقاطعا]: وماذا عن التكنولوجيا و..
عبد الله الأحمد [مستأنفاً]: الآن.. إحنا عن القضية الأساسية اللي لازم نفهمها أو نضعها في سياق عقلاني هادئ وبسيط وغير معقد، الأمم تبني بالناس الغير معروضين للبيع، محمد الماغوط، دريد لحام، نزار قباني، عادل إمام، كل الفنانين العباقرة والشعراء غير معروضين للبيع، ها دول الشعب بيتكفلهم ولا تستطيع أميركا شراءهم..هادول ناس طلائع الأمة، لكن يقابلهم في الطرف المقابل فيه ناس عندما يصبحون عباقرة ويتقدمون في شعبهم لا يمكن إلا أن يعرضوا للبيع.
فيصل القاسم: أحكي عن المخترعين.
عبد الله الأحمد: عن التكنولوجيين، على سبيل المثال ونحن في هذا حالة الحصار، أتحدى أي مشاهد في التليفزيون الآن أن يقول من هو مخترع التليفزيون الأول في تاريخ البشرية هو الأخ يعرف، حسن كامل الصباح هو أول مخترع التليفزيون، حسن كامل الصباح من النبطية من لبنان وما تزال..
فيصل القاسم [مقاطعا]: وهي معلومة لا أحد يعرفها أن مخترع التليفزيون عربي.
عبد الله الأحمد: معلومة لا أحد يعرفها، ولا يوجد أحد في العالم يعرفها، وكلهم يعتمون علينا بفعل صهيوني، لأن الصهيونية قتلته سنة 1933م هذا رقم واحد، غير حسن كامل الصباح، رضا عزام وهو من أهم علماء مصر الذي قدم مادة الحامل المائي اللي تجعل من10% من مياه النيل تغطي صحراء مصر في الزراعة، مات بحسرته لأنه لا يريد أن يبيع براءة اختراعه لدولة أجنبية برغم شهادة السويسريون والأميركان على أهمية هذه براءة الاختراع.
أجيب لك أنور كامل من سوريا، هذا أيضًا بسوريا توفي ولا أحد يعرفه، أنور كامل ها هي براءة اختراعه بتوقيع جلالة الملكة إليزابيث.
فيصل القاسم: ياريت توجهها على الكاميرا.
عبد الله الأحمد: بتوقيع جلالة الملكة اليزابيث بتشكره، والآن هذه البراءة تدرس في جامعة أكسفورد حول موضوع تحلية مياه البحر، من الذي يحتوي هؤلاء، أنا بس قل لي أخي؟
فيصل القاسم [مقاطعا]: الأنظمة.. الأنظمة، لماذا لا تحتويهم الأنظمة؟ لماذا تدفع بهذه العقول إلى الخارج.. لماذا؟
عبد الله الأحمد: أنا معك بس سؤالي للأخ أمين إذا بيجيب لي عربي واحد من المتنورين العرب قام بحياته باحتواء براءة اختراع عربي أومبدع عربي و ساعده، أقول له إننا سننتقل إلى الديمقراطية، طالما أن هذا لا يحدث، فالأنظمة مكلفة بأن تقوم بعملة احتواء هؤلاء المبدعين والمخترعين، وبقدر ما تستطيع وهي لن تستطيع بالضبط كما يستطيع القطاع الخاص ويتحرك، بالمناسبة قبل ما أجي على قناة (الجزيرة) تلقيت مكالمة من الأمير.. سمو الأمير سلطان بن عبد العزيز إنه يسأل على هذه الظاهرة، ونحن نشكره على الأقل على أنه يسأل، يسأل عن هذه الظاهرة.
ينتهي القرن العشرون ولا يتقدم عربي واحد ليستثمر في قضايا الإبداع والاختراع ومع ذلك..
فيصل القاسم [مقاطعا]: هل تريد أن تقول أن الدور الذي لعبته البرجوازية العربية كان دورًا غير وطني بأي حال من الأحوال.. هذه مشكلة البرجوازية العربية.
عبد الله الأحمد [مستأنفاً]: وفي كل الأحوال كان دور السمسار.. وبالتالي كان قبض المال عن طريق السمسرة، وفي أحسن الأحوال طريق اشتراء الأسهم وبيعها والربح 8% ، 32% وغيره.
لو استطاعت البرجوازية العربية أن تحتوي فقط حسن كامل الصباح لكان لدينا في لبنان لحاله أربع مثل (بيل جيتس) اللي دخله قد دخل الأمة العربية.
فيصل القاسم: بيل جيتس صاحب مايكروسوفت.
عبد الله الأحمد: نعم صاحب مايكروسوفت، لكن دخل لبنان لحاله قد دخل الأمة العربية أربع مرات بس بيل جيتس لحاله، حتى نعرف أن الديمقراطية، ديمقراطية المعرفة وديمقراطية المعلومات..
أمين المهدي [مقاطعًا]: أنا عايز أسأل الأستاذ عبد الله حاجة لو تسمح لي.
عبد الله الأحمد [مستأنفاً]: رضا عزام مات بسرطان وبحسرته ولم يستطع أن يحقق براءة اختراعه رغم عروض كثيرة حاولت أن تلتهم هذا الرجل، وهو من أهم علماء مصر، وهو من أهم علماء مصر، ولم يتقدم أحد أن يقول يا رضا عزام، تفضل أنا أشتغل معك على براءة اختراعك.
فيصل القاسم: سيد المهدي.. تريد أن ترد..
أمين المهدي [مقاطعا]: الأستاذ عبد الله..
عبد الله الأحمد [مقاطعا]: أنا أقول بس.. ما ألغيت دور الدولة، لأن دور الدولة ما زال مطلوبًا طالما أن القطاع الخاص لم يتصد.
أمين المهدي: الأستاذ عبد الله عن طريق محاولة إثبات العكس للأسف أكد ما نقوله، فين القطاع الخاص إيه اللي ممكن يصرف على البحث العلمي؟ وميزانية الحكومات العربية في البحث العلمي تساوي 2 من عشرة من الميزانية الإسرائيلية إزاي يعني هو الاختراع ده وحي، وحي بينزل من السماء، الاختراع ده جزء من نسق فكرى للمجتمع ككل، المخترع اللي بيخترع التليفزيون لا بد نضيف عليها ونقول أن اختراعه وجد طريقة للحياة في الغرب حيث الوفرة، حيث احترام البحث العلمي وحيث فيه امكانيات تقنية لوضع الاختراع موضع التنفيذ.. أي شيء كده من هذا النوع.
الاختراع ما عادش (جاليليو) يبص في عدسة يكتشف قانونًا في الكون جديد، أنت النهارده علشان تكتشف حاجة بوزن جاليليو محتاج لمؤسسة علمية فيها .. تحتاج للملايين بل للمليارات سنويًّا وفيها ألوف العلماء..
عبد الله الأحمد [مقاطعا]: إذن فين الديمقراطية اللي عمال يحكي عنها..
أمين المهدي [مقاطعا]: يا سيدي .. يا سيدي.
عبد الله الأحمد [مقاطعاً]: إذا كان ضرعنًا لا يسقينا، العوض بسلامتك من الديمقراطية سوف تبقى الدولة هى الحاضن والأساس والمركزي، والمسؤول عن كل شيء بما فيه البحث العلمي، أنا أتكلم على الاختراع.
فيه اختلاف بين الاختراع والبحث العلمي قد ينتج عن البحث العلمي اختراع ولكن الاختراع ليس ناتجًا عن بحث علمي.
أمين المهدي [مقاطعاً]: يا سيدي.. لكن لا بد يكون الاختراع محميًّا بحياة علمية Atmosphere علمي مناخ علمي، لا بد أن يكون محميًّا بهذا، ولا بد أن يكون محميًّا بعلاقات اقتصادية صحيحة ترى منفعة في تنفيذ هذا الاختراع أو لا تقيمه اقتصاديًّا صح أو لا، دا أنت ما عندكش مؤسسات بحثية تعمل دا أصلاً، الوفرة العربية إللي راحت في طفرة البترول راحت في أشياء أخري خالص مارحتش في بحث علمي ولا راحت في أي شيء.
الجامعات التي فقدت استقلالها وأصبحت بين سندان الأصولية ومطرقة الأمن واخد بالك، لا يمكن أن يأتي منها علم ولا بحث علمي لا يمكن، المؤسسات العلمية ككل مؤسسات المجتمع فقدت استقلالها، بالله عليك يا أستاذ عبد الله كيف يتم براءة اختراع أو إضافات أو إبداع من غير حرية كيف..
فيصل القاسم [مقاطعا]: هذا كلام مهم.. تريد أن ترد.. سؤال وجيه.. نجيب، باختصار.. باختصار…
عبد الله الأحمد: لا يمكن أن تستقيم الديمقراطية التي يتكلم عنها إلا بديمقراطية المعرفة وديمقراطية المعلومات وهذا الذي ينتج عن نشاط خاص إلى جانب النشاط الدولي.
فيصل القاسم: للأسف الشديد.. لم يبق لدي وقت، مشاهدي الكرام، لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا عبر الأقمار الصناعية من القاهرة الكاتب والباحث أمين المهدي، والكاتب والمفكر السوري عبد الله الأحمد رئيس الاتحاد العربي للمخترعين العرب، نلتقي مساء الثلاثاء المقبل، وحتى ذلك الحين ها هو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة إلى اللقاء.