باحث في شؤون الجماعات الإسلامية
الاتجاه المعاكس

الحركات الإسلامية في المغرب: الواقع والتحديات

لماذا تصر الأنظمة المغاربية على التعامل مع الإسلام السياسي في بلدانها بعقلية أمنية بحتة حتى ولو كانت بعض الجماعات تنبذ العنف وتنشد السلم؟ ولماذا تعيش الحركات الإسلامية في دول المغرب هاجس المطاردة والسجون؟
مقدم الحلقة فيصل القاسم
ضيوف الحلقة – عبد الله أنس، عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية في المهجر
– السيد الصالح بوليد، الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية في المغرب العربي
تاريخ الحلقة 25/07/2000

undefined
undefined
undefined

فيصل القاسم:

تحية طيبة مشاهدي الكرام على الهواء مباشرة من لندن.

هل أفل نجم الحركات الإسلامية في دول المغرب العربي إلى غير رجعة أم أنها حركات لا تلين رغم إجراءات القمع والملاحقة والضغوط والاستئصال؟ ألا تشكل الحركات الإسلامية القوى المعارضة الرئيسية في دول المغرب؟ ألم يسطع مثلا نجم جماعة (العدل والإحسان) المغربية من جديد بعد تزايد الاحتكاك بينها وبين سلطات الأمن على خلفية ما عرف بأزمة الشواطئ.. حيث نزل الإسلاميون إلى الشواطئ بأعداد كبيرة مما شكل تحديا واضحا للسلطات هناك؟ ألم يتعاظم نفوذ هذه الحركة في الجامعات المغربية والتظاهرات الشعبية إلى حد كبير؟ لماذا تصر الأنظمة المغاربية على التعامل مع الإسلام السياسي في بلدانها بعقلية أمنية بحتة حتى ولو كانت بعض الجماعات تنبذ العنف وتنشد السلم؟

لماذا تعيش الحركات الإسلامية في دول المغرب هاجس المطاردة ولا تحظى إلا بالسجون تحت الذريعة السخيفة المعروفة لزعيم الثورة الفرنسية (لا حرية لأعداء الحرية)؟ هل استطاعت السلطات الجزائرية من جانبها مثلا أن تشل الجبهة الإسلامية للإنقاذ وغيرها من الجماعات الإسلامية أم أن الحركة الإسلامية في الجزائر قادرة على النهوض في الوقت المناسب؟ وهل حركة النهضة التونسية لا تـتمتع برصيد شعبي كبير داخل تونس كما يزعم خصومها أم أنها تشكل أكبر تهديد للنظام بدليل أنه يستخدم معها سياسة (تجفيف الينابيع) ويلاحقها في كل مكان؟

لماذا كل هذه القيود على التدين في تونس؟ لماذا تشاهَد مظاهر الإسلام في لندن وباريس أكثر مما تشاهد في تونس؟ هل وضع الجماعة الإسلامية في ليبيا أفضل حالا؟ لماذا تسمح بعض الأنظمة المغاربية للمنظمات اليهودية بأن تسرح وتمرح على كيفها، وتعقد مؤتمرات، وتقيم نشاطات وندوات، بينما يحتدم الصراع مع الإسلاميين؟ ألم يؤد إقصاء الإسلاميين من الديمقراطية إلى إفلاسها والزج بالبلاد في كوارث الإرهاب والحرب الأهلية أحيانا؟

إعلان

لكن في المقابل ألم تصبح الجماعات الإسلامية في دول المغرب معول هدم وزعزعة؟ كيف تدعي جماعة (العدل والإحسان) في المغرب مثلا أنها تنبذ العنف وهي تدخل في مواجهات دامية مع الطلبة في الجامعات المغربية؟ أليس الملك في المغرب أميرا للمؤمنين؟ أليست المرجعية الإسلامية هي عصب الهوية المغربية ويجب إبعادها عن التوظيف الديني؟ ثم لماذا تنقل الجماعة نشاطها إلى الشواطئ؟ أليست الشواطئ للاستجمام وليس للعبادة؟ ألم يتحول الشيخ (عبد السلام ياسين) إلى ما يشبه شيوخ الطرق الصوفية لا يسمح لأحد بمناقشة أفكاره؟

ثم لماذا ترفض جماعة العدل والإحسان الانخراط في المسار الديمقراطي كما فعلت حركة الإصلاح والتجديد؟ وأليس من حق الجزائر أن تمنع قيام أحزاب دينية بعد المصائب التي حلت بها على أيدي الإسلاميين؟

ألم يتجاوز النظام الجزائري أزمته، وأوقع الإسلاميـين في أزمتهم؟ ألم يفقد الإسلاميون زمام المبادرة في الجزائر وكذلك في تونس؟

لماذا لا تأخذ حركة النهضة التونسية باقتراحات القيادي الإسلامي التونسي (صالح كركر) الذي تيقن بعد طول عمل أن على الجماعات الإسلامية امتهان العمل الدعوي بعيدا عن السياسة لأن فكرها يمزق المجتمع؟ أليس من واجب الإسلاميين الليبيـين أن يعرضوا توبتهم بدلا من التآمر مع جهات أجنبية لزعزعة استقرار البلاد؟ ثم ألم تنجح ليبيا في ترويض الأصوليـين واختراق صفوفهم.

أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على السيد (عبد الله أنس) عضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية في المهجر وعلى (السيد الصالح بوليد) الكاتب والباحث في شئون الجماعات الإسلامية في المغرب العربي. للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال بالأرقام التالية:
Tel: 0044274393910 Fax: 00442074787607

[فاصل للإعلان]

سيد صالح بو وليد الكاتب الجزائري (الطاهر وتار) قال: إن الحركات الإسلامية في دول المغرب العربي استمرار لحركات التحرر الوطني على الرغم من تعدد نقائصها وأخطائها، أما رفض هذه الحركة جملة وتفصيلا واعتبارها رجعية ظلامية مضادة للحداثة فهو موقف إرهابي، إن حركات بمثل هذا الإيمان والاندفاع نحو التضحية لا ينبغي الاستهان بها، لأن التاريخ قد ينصفها باعتبارها محاولات تغيير سواء أثمرت أم لم تـثمر.. كيف ترد على مثل هذا الكلام؟

الصالح بو وليد:

أعتقد أنه لابد في البداية من بعض المقدمات، يوجد الآن في عالمنا الحاضر شكلان للدولة، الدولة الحديثة الديمقراطية أو السائرة نحو الديمقراطية، والدولة الثيوقراطية أو الدولة الإثنية المعادية نظريا وممارسة للدولة الديمقراطية، الدولة الديمقراطية الحديثة تقوم على التعددية وعلى النسبية، بينما الحركات الإسلامية أو ما يسمه الباحثون Theocratic من هنا فهم معادون للتعددية، النظام الحديث أو الدولة الحديثة تقوم على السيادة الشعبية، بينما الحركات الإسلامية تقول بالحاكمية الإلهية كما دونها السيد (المودودي) في تدوين الدستور الإسلامي، النظام الحديث يقوم على مبدأ فصل الدين عن الدولة، ومن ثم يضمن لأفراد المجتمع حرية الاعتقاد، حرية الضمير، حرية ممارسة الشعائر الدينية، نموذج دول الغرب، الدول الأوربية، بينما الحركات الإسلامية تسيس الدين وتدين السياسة، بمعنى أنها تدعو إلى تفكيك المجتمع. من هنا أعتقد أنه هنالك مجموعة من الأسباب في نظري موجبة لمنع ولعدم الترخيص للحركات الإسلامية.. لماذا؟ أنهم.. هناك مفارقة أولا، أنهم يقولون مثلا للحكام اعترفوا بنا، وفي نفس الوقت يقولون أن هؤلاء الحكام كفار، بالنسبة للحركات الإسلامية باستثناء الخلافة جميع الأنظمة القائمة أنظمة غير إسلامية.

إعلان

سأقرأ ما كتبه أحد المنظرين الإسلاميين المغاربيين في هذا الموضوع، يقول بصدد الحاكم الذي لا يحكم بغير ما أنزل الله يقول: فإن طاعته غير لازمة، وعلى كل فرد من الأمة أن يعمل للخلاص منه، لأن وجوده على رئاسة الدولة يؤدي بحد ذاته إلى الفتنة حتى ولو كان ذلك عن طريق الاستعراض، أي القتل غيلة، ويضيف محرضا على القتل مثل: إيعاز النبي -صلى الله عليه وسلم- باغتيال بعض زعماء اليهود مثل حيي بن أخطب، وشواهد من الواقع مثل إغتيال خالد الإسلامبولي للسادات، هذا القائل من هو؟ هو راشد الغنوشي كتب هذا في كتابه: الحريات العامة.

فيصل القاسم:

المنظر التونسي.

الصالح بو وليد:

نقطة أخرى، عداؤهم كذلك للديمقراطية، ماذا يقول عبد السلام ياسين؟

فيصل القاسم:

سنأتي عليها نقطة نقطة كي لا يكون هناك الكثير من النقاط دفعة واحدة، عبد الله أنس سمعت هذا الكلام، بعبارة أخرى: لا حاجة لمثل هذه الحركات وأنها – إن صح التعبير – وبال على المجتمع والدولة الحديثة، وخاصة في دول المغرب العربي طبعا؟

عبد الله أنس:

بسم الله الرحمن الرحيم: الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على رسول الله صلى عليه وسلم وبعد على كل حال الحديث في هذا الموضوع.. موضوع الحركات الإسلامية، والذي يطيب لي لو أنه تغير بمصطلح آخر بدل أن نقول الحركات الإسلامية نقول (الصحوة الإسلامية) العارمة الممتدة في العالم الإسلامي من مشرقه إلى مغربه، لأن الحركات الإسلامية حسب تقديري الشخصي وعاؤها أقل بكثير من وعاء الصحوة الإسلامية العارمة في العالم الإسلامي.

الصالح بو وليد:

ليست صحوة إسلامية، لا أعتقد، هي مدمرة، لا يمكن أن نطلق صفة صحوة لحركات تريد أن تدمر المجتمع بعدائها للديمقراطية، بعدائها للمرأة.. أن هذه الحركات حركات إصلاحية، أنها من أجل النهضة، أنها إلى آخره، أنا لا أعتقد..

عبد الله أنس:

أستاذ صالح تركتك تـتحدث.. أليس كذلك؟ فلذلك حسب تقديري الشخصي أنها صحوة إسلامية عارمة تفوق مقدرات أو مؤهلات حتى الحركة الإسلامية بالمعنى التعريفي التقليدي الذي نعرفه إخوان وسلفية وجهاد، وما إلى ذلك، نعم.

فيصل القاسم:

ليبقى حديثنا في إطار المغرب العربي.

عبد الله أنس:
نعم، سأبقى في هذا، ثم أقول: لابد أن أشير إلى نقطتين هامتين:
النقطة الأولى: هو أن تطرقت إليه يا أخ فيصل في هذا الموضوع وهو موضوع الحركات الإسلامية؛ أنا لا أعتقد أن ساعة وساعتين عبر الاتجاه المعاكس بإمكانها أن تغطي هذا الموضوع الشائك الساخن، كما أني أنا المتحدث ليس بمقدوري كذلك أن أغطي جميع جوانب هذا الموضوع لما له من تشعبات، وأن الحركة الإسلامية كما قال أحد المفكرين هي امتداد من أربكان إلى الطالبان، سوف تجد فيها المتنطع، وتجد فيها الإنسان المنفتح، وتجد فيها الذي لا يؤمن بالحوار، وتجد فيها الذي تساهل لدرجة أن هويته الإسلامية غابت. فبالتالي الكلام عن الحركات الإسلامية الممتدة شرقًا وغربا لا يحكمه منطق واحد وحرف واحد. ومن هنا دعني أرجع وأبدأ من كلامك أو سؤالك عن الحركات الإسلامية في العالم العربي.. هل انتهت؟

فيصل القاسم:

لا، أنا لا أتكلم عن العالم العربي.

عبد الله أنس:

أو في العالم الإسلامي.

فيصل القاسم:

لا، ولا في العالم الإسلامي.

عبد الله أنس:

في المغرب العربي.

فيصل القاسم:

نعم، في المغرب العربي، أنت تحدثت عن صحوة، هل هناك فعلا صحوة إسلامية في دول المغرب العربي؟

عبد الله أنس:

أريد أن أقول كالآتي: لابد لنا من معيار نرجع إليه: هل هذه الحركات انتهت أم لم تنته؟

صالح بو وليد:

انتهت…. حاليا نتحدث عن ما بعد الإسلاموية.. بمعنى أن هذه الحركات انتهت.

عبد الله أنس:

لا تقاطعني أرجوك، هناك سؤال عن حركة أنا أتشرف بالامتثال إليها، وأنها انتهت، أنا عندي رأي آخر أريد أن أدلل بأنها لم تنته.

إعلان

الصالح بو وليد:

لحركة تخريبية.

عبد الله أنس:

سمها كما شئت.

الصالح بو وليد:

لحركة أدت بالجزائر إلى الإفلاس.

عبد الله أنس:

سمها كما شئت فأنت معارض، وأنت خصم، والخصم لا يؤخذ كلامه، أنا دعني أدافع عن فكرتي، ودافع عن فكرتك كما تريد، فأنا أريد أن أقول كما قال سيدنا (أحمد بن حنبل) رحمه الله عندما كان يطرح مسألة من يمثل ومن لا يمثل.. فقال: الجنائز بيننا وبينكم، فنحن نقول الحركات الإسلامية هذه في المغرب العربي.. خلينا نأخذ المعيار، الحركات التي قد دخلت المعترك السياسي ولا نتكلم عن الحركات التي لم يكتب لحد الآن أن اعتمدت في شكل أحزاب سياسية. فهل يا ترى هناك عاقل في العالم ينكر بأن الجبهة الإسلامية للإنقاذ أخذت 184 مقعد في الانتخابات التي ألغاها الجنرالات، وأنها حزب إسلامي؟

الصالح بو وليد:

لأنهم قالوا بالحرف: أن هذه آخر انتخابات. هذا أولاً، علي بلحاج.

عبد الله أنس:

يا أخي الكريم لا تقاطعني، نحن نتكلم الآن عن التمثيل.. هناك التمثيل، وهناك التقيـيم، وهناك الحقيقة، دعني أسرد الحقيقة: إن كانت حقيقة فردها، وإن لم تكن حقيقة فسندخل إلى التقيـيم لأنه الانتقادات التي تأخذونها على الحركة الإسلامية، فأنتم ومن تمثلونهم من الأنظمة القمعية لا حصر لها، وهي أدهى وأمر، أنتم الذين لا تمثلون أحد، أنتم هنا الخطر يكمن فيكم، لأن الذي يمثل أحد يستطيع أن يتحاور معه، أما أنتم أقلام مسمومة لا نعرف من يمولها؟ لا نعرف إلى أين تـتجه، فدعني أنقل عن حركتي التي أفتخر بها.

الصالح بو وليد:

تمولنا الماسونية واليهودية ولا المؤامرة؟

عبد الله أنس:

لا أقول هذا على كل حال.. هل ينكر عاقل في العالم أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ دخلت المعترك السياسي، وبموجب الدستور الجزائري لم تأت بدستور جديد وفازت في الانتخابات بمائة..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

أخطأ النظام الجزائري في اعترافه بالجبهة الإسلامية على أساس ديني.

عبد الله أنس:

أخطأ، طيب أخطأ.. ثم الحركة الإسلامية.. هذه الجبهة الإسلامية للإنقاذ، دعنا نأتي إلى الحركة الإسلامية في المغرب، رغم أن حركة العدل والإحسان لم تدخل إلى الآن المعترك السياسي لأنها لم تعتمد لحد الآن ونتمنى من الملك (محمد السادس) أن يتعامل مع هذا الملف بجدية وأنها حركة لا يمكن أن نتجاهلها، لأنه بكل اختصار أن حركة في الدار البيضاء تدعو لتجمع نسوي يخرج فيه ما يقرب من مليون، هذا يدل، هذا معيار على شعبية هذه الحركة لكي تدخل في المعترك السياسي.. رقم 3 تونس..

الصالح بو وليد:

لا، لا، عندي توضيح بسيط أنها لم تدع إلى المظاهرة النسائية في الدار البيضاء، وإنما شاركت إلى جانب حركة الإصلاح كما شاركت في فعاليات أخرى غير منتمية للتيار الإسلامي، إلى آخره.

عبد الله أنس:

إحنا خلينا نفصل؛ نثبت.. [كلمة غير واضحة] ثم نناقش.

فيصل القاسم:

نأخذها محور محور.

عبد الله أنس:

نعم عندنا تونس.

صالح بو وليد:
لا، لا، رد بسيط بخصوص حركة العدل والإحسان، هناك مأخذ ذكي يأخذه عبد السلام ياسين على الديمقراطية، ماذا يقول عبد السلام ياسين عن الديمقراطية؟ ماذا يقول عبد السلام ياسين "أن الديمقراطية لا تقترح على الإنسان مخرجا من الكفر وهو الظلم الأكبر فتبيح ديانتها أن يموت الإنسان غبيا لا يعرف ما ينتظره بعد الموت" (كتاب: الشورى والديمقراطية). تصحيح آخر (علي بلحاج) يقول أن أمة الإسلام أمة الدليل لا أمة الأغلبية تنبذ الديمقراطية لأن مخالفة الفرض ضد القواعد الشرعية، هذه حركات تدميرية، حركات إرهابية لا يمكن الاعتراف بها.

عبد الله أنس:

دعني أسأل سؤالا: يبدو لي -أخ صالح- أن أسألك سؤالا سيكون الفصل فيما سينبني عليه بعد ذلك في حلقتنا هذه: هل اعتراضك أنت على كون الإسلام بذاته غير قادر على إدارة شؤون الناس أم أن اعتراضك على الحركات الإسلامية؟ لابد أن نـتفاهم في هذا الأمر لأن ما ينبني عليه هو الخطورة، إذا كنت تؤمن بأن دين الله الإسلام الحنيف قادر على إدارة شؤون الناس ثم تعترض أن الحركات الإسلامية هي التي ليست قادرة أن ترتقي إلى هذا الإسلام، هذا كلام، وإذا كان كلامك جوهر الإسلام فهذا كلام آخر.. فيجب أن تجيب؟

صالح بو وليد:

سأجيب.. الإسلام كدين، كل الناس مسلمين، في المغرب مثلا هناك الإسلام سوسيولوجي، أي أن الإسلام اليومي في حياة الناس، وهناك إسلام النص، وهناك تأويلات مختلفة، الصوفية لها تأويل، الفقهاء لهم تأويل، الفلاسفة لهم تأويل، الحركات الإسلامية لها تأويل.. بما أنها تسيس الدين كدين.. الكل يحترم العقيدة الإسلامية، لكن لا يمكن أن نقول أن الإسلام يمكنه أن يكون أساس الحكم.

إعلان

عبد الله أنس:

لا، لا، أنت لم تجبني، لم أقول هل تحترم أم لا؟ الأمير تشارلز وتوني بلير وجاك شيراك يحترمون الإسلام لا أسألك عن الاحترام، لا تراوغ، لا أسألك عن الاحترام..

الصالح بو وليد:

الإسلام كنص تاريخي.. إذا تعاملنا مع الإسلام كنص تاريخي..

عبد الله أنس:

يحترمه كلينتون، أنا أكلمك عن هذا الدين.. هل هذا الدين قادر على حل مشكلة الناس أم ليس قادرا؟

الصالح بو وليد:

ليس قادرا على حلها، ليس قادرا على حل مشاكلنا المعاصرة.

عبد الله أنس:

(براوفو عليك) هكذا أنت تفترض العجز في الدين الإسلامي.

الصالح بو وليد:

ليس قادرا على حل مشاكلنا المعاصرة.

عبد الله أنس:

شكرا لك، دعني أقول لك شيئا.

فيصل القاسم:

سيوضح، سيوضح.

الصالح بو وليد:

أقول: يمكننا أن نتعامل مع الدين الإسلامي كنص تاريخي، قراءة..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

أرشيف!! أرشيف.

الصالح بو وليد:

لا، لا نحن نعيش الآن عصرنا، المصلحة تقتضي أن نتعامل مع الحياة اليومية بشكل وضعي، أي أن نشرع قوانين كالقوانين التي تسير أمور الشرع والإنسان.. إلى آخره، انطلاقا مما نؤمن ومما نعتقده إلى آخره.. الإسلام للجميع الإسلام للجميع.

عبد الله أنس:

ما تقوله الآن هل هو دين أم وجهة نظر؟

الصالح بو وليد:

ليس دين، هذه وجهة نظري.

عبد الله أنس:

بارك لله فيك، خليني أقول وجهة نظري، أنت تقول إن هذا الدين لا يصلح لإدارة شؤون حياة الناس اليومية، وأنه أكل عليه الزمان وشرب، صحيح أم لا؟

الصالح بو وليد:

ما قلت أكل عليه الدهر وشرب بل قلت هو نص ديني تاريخي.

عبد الله أنس:

أنا الذي أمامك، وكثير من الحركات الإسلامية تـتبنى مشروعا آخر وهو أن هذا الدين يمكن أن يكون له دور في حياة الناس، فبما أني أنا وأنت نعيش في مجتمع واحد – المغربي أو الجزائري أو التونسي أو الليبي – ونحن نعلم أن كثير من التيارات أو الشرائح الإسلامية في بلادنا في المغرب أو في الجزائر أو تونس وغيرها، من يقول أنا أرى الخلاص فيما تـتخبط فيه بلادنا في الرجوع إلى نظرية عبد الناصر مثلا، وآخر يقول فلنعود إلى نظرية ماركس، وهذا كوّن حزبا اسمه تروتسكيا وهذا شيوعياً وهذا.. بما أنها كلها وجهات نظر أوَلا يحق لنا نحن ونحن من أبناء هذه الأوطان، ما جئنا من المريخ، أوَلا يحق لنا أن نطرح وجهة نظرنا في المجتمع؟ يا أخي الحبيب: إذا قبلها المجتمع، إذا قبلها الشعب شرحنا أفكارنا للناس، جاء إنسان مثلك وقال أن الإسلام ربما لم يعد صالحا، وأنا أخالفه في هذا الطرح، الفيصل بيني وبينك أن ننـزل إلى الأمة، وأن تتكافأ فرصنا في التلفزيون، وأن لا يلاحقني المخابرات، وأن لا يلاحقوك أنت، ونشرح للأمة برامجنا، إن أعطوني 1% في وجهة نظري وقالوا لي: أنت مخطئ، والإسلام هذا أكل عليه الدهر وشرب، فأقسم بالله سوف نلتزم لأنه رأي الأمة، أما إذا أعطونا..

[فاصل لموجز الأنباء]

فيصل القاسم [مقاطعا]:

صالح بو وليد: بعد هذه المقدمة التمهيدية للحركات بشكل عام لندخل في حيثيات هذه الحركات المغاربية ومستقبلها، ولنبدأ من المغرب خاصة وأنه كان قبل أيام هناك نوع من المشادات والمناوشات بين جماعة العدل والإحسان والسلطات المغربية بعد أن نزلت الحركة بأعداد كبيرة إلى الشواطئ، وحدث نوع من التصادم بين الجانبين.. عبد الله أنس قال قبل قليل، أنت تقول إن هذه حركات مفلسة، لا مستقبل لها، وهو يقول لك أن بإمكانها أن تحشد الآلاف في خلال فترة قصيرة جدا، وأن نجم هذه الحركة بشكل خاص يسطع ولا يأفل؟

الصالح بو وليد:

قبل الحديث عن الحركة الإسلامية في المغرب لدي ملاحظة بسيطة كرد على الأخ أنس، قلت أن الحركات الإسلامية مشروع حزب تدمير لا حزب تعمير، نموذج أفغانستان، نموذج السودان، نموذج إيران، وقد عبر الرجل الثاني في حركة النهضة صالح كركر سواء في المقالات التي نشرها بالحياة أو في كتابه (إشكالية النهضة) عن الموضوع وطلب من هذه الجماعات لاعتبارها في نظره تؤدي إلى الفتنة والازدواجية والفرقة داخل الجماعة الإسلامية، وشهد شاهد من أهلها؟ ماذا يقول: أن تحصر مهمتها في الوعظ والإرشاد، ولا تـتدخل في الشأن السياسي تماشيا مع قول عمر بن الخطاب: أن الحق والرجوع إليه أفضل من الباطل والتمادي عليه. وهو قول قال به كذلك الشيخ (محمد عبده): لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين، هذا ما أريد أن قوله.

فيصل القاسم:

ولندخل في المغرب، كيف ترد عليه؟

الصالح بو وليد:

الحركة السياسية في المغرب هي مجموعة حركات سرية إرهابية كحزب التحرير، الشبيبة الإسلامية والجهاد.. إلى آخره، وحركات شبه علنية أكبرهم هي جماعة العدل والإحسان تليها..

فيصل القاسم:

وهل هي حركة إرهابية كالبقية؟

الصالح بو وليد:

هي لم تتخذ موقفا واضحا من الإرهاب ومن النظام السياسي القائم في المغرب، نحن نعرف أن النظام السياسي القائم في المغرب هو نظام الملكية الدستورية، النظام حسب المادة 19 من الدستور هو أمير المؤمنين، فهو يمكن أن نقول هكذا أنه أول عالم في البلاد، وبالتالي..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

هناك إجماع شعبي عليه.

الصالح بو وليد:

شرعيته تقوم على أساس ديني، على نسب شريفي، العائلة الملكية كلهم شرفاء، وذلك حفيد الأسرة النبوية، وعلى أساس تاريخي، وبالتالي لا يسمح لأي حركة تريد أن تنافسه في الحقل الديني أو في الحقل السياسي انطلاقا من قناعاته الدينية بالعمل، بالانتشار إلى آخره.

حركة العدل والإحسان تاريخها يرتبط أشد ارتباط بعبد السلام ياسين.. تاريخ عبد السلام ياسين ألخصه في مجموعة من الملاحظات:

أولاً: اشتهر منذ 1974م برسالته (الإسلام أو الطوفان) طلب من الملك الراحل الحسن الثاني أن يتوب ويرجع إلى الله إلى آخره، كما أنه طلب منه على طريقة عمر بن عبد العزيز، كما أنه طلب من الراحل بأن يحل جميع الأحزاب السياسية ويعقد إمارة.. إلى آخره، ثم كذلك نقطتان: طالبه بإعادة النظر في مسألة البيعة، لأنه نحن نعرف أن من الأسس التي يقوم عليها النظام في المغرب مسألة البيعة، بالنسبة إليه يقول أنه لابد أن يكون طرفين في العقد، يعني يطرح مسألة المبايعة بدل البيعة. رفعت عنه السلطة القلم، ودخل مستشفى المجانين..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

من دخل مستشفى المجانين؟

الصالح بو وليد:

عبد السلام ياسين، هذا تفسير فقهي، طلبت مرة من أحد الفقهاء: لماذا وضعوا بسبب هذه الرسالة عبد السلام ياسين؟ فقال: رفعت عنه السلطة، والحديث يقول – الأخ أنس هنا – أنه رفع القلم عن ثلاث عن الصبي، وعن المجنون، وعن النائم. بعدها أسس أسرة الجماعة انطلاقا من بره مجلة الجماعة، ثم العدل والإحسان ابتداء من 1987م البرنامج بشكل عام ماذا يقترح؟ يقترح إقامة نظام الخلافة على المنهج النبوي أي عدم اعتراف، ما لا يقال هو عدم الاعتراف بالنظام القائم وبشرعيته، يطالب بحل الأحزاب لأنها في نظره تعتبر عبارة عن مقاولات، بل يفرض على الأحزاب السياسية أن توقع على ميثاق إسلامي، وإلا فهي المقاتَلة آجلا أم عاجلا، وهذا كتبه في كتابه..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

كي نخوض نقطة نقطة بموضوع المغرب.. هل تريد أن ترد عبد الله أنس؟

عبد الله انس:

نعم أنا عندي رد.

فيصل القاسم:

في هذا الصلب.

عبد الله أنس:

هو الحقيقة الأخ صلاح عنده خلط عجيب، من جهة قال لك: الإسلام هذا لا يصلح في بداية حديثه..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

لا، لم تفهم ما قلته.

عبد الله أنس:

يا أخي لا تقاطعني، فهمتك جيدا.

الصالح بو وليد:

لا.. لم تفهم شيئا.

عبد الله أنس:

يا أخي انس أسلوب المقاطعة.

فيصل القاسم:

تفضل.

الصالح بو وليد:

وهذا ما دعاني إلى القول – على غرار محمد عبده – أنه لا دين في السياسة، ولا سياسة في الدين.

فيصل القاسم:

كي نبقى في الحركات، أنا أريد أن تخوض في الحركات.

عبد الله أنس:

أنا أريد أن أخوض في الحركات وبعمقها، أن هذه الحركات..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

نحن الآن في العدل والإحسان في المغرب، نخوض نقطة نقطة.

عبد الله أنس:

العدل والإحسان حركة زعيمها قضى عشر سنوات رهن الإقامة الجبرية، إنسان يخرج من سجنه قبل أيام، إنسان يخرج من سجنه أو من إقامته الجبرية قبل أيام فقط، أن يرى أين وراء العالم الإسلامي كله عبر الأقمار الصناعية.. كيف أن هذه الحركة أرادوا أن ينـزلوا إلى ما هو حق، يعني مواطن يريد أن يصطاف، أن ينـزل إلى الشاطئ هذا حق.

الصالح بو وليد:

يحتله.. هذا يسمى إخلال بالأمن.

عبد الله أنس:

لا تقاطعني.

فيصل القاسم:

دقيقة، هناك نقاط نريد أن نجيب عنها.

عبد الله أنس:

أنت إذن مدافع عن النظام، لا تقل: أنا محايد.

الصالح بو وليد:

أنا مدافع عن القانون، الشواطئ للناس جميعا..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

أي قانون؟

الصالح بو وليد:

الشواطئ للناس جميعا للمغاربة للأجانب، ليس للحركة الإسلامية، لأنها كانت تريد..

عبد الله أنس:

الملك المغربي اسمه أمير المؤمنين.

الصالح بو وليد:

حركة العد والإحسان كانت تريد أن تجعل من الشواطئ تجمعات موازية، أي إقامة تجمعات لدعوتها السياسية.

عبد الله أنس:

يا سيدي يجب أن تـتناسق مع خطابك، أنت متناقض تماما، أنت تنسف مصطلحات الإسلام من جهة ومن جهة تـتملق لها، فمصطلح (أمير المؤمنين) ليس مصطلحا ديمقراطيا، وليس مصطلحا علمانيا، هو مصطلح إسلامي، ومشكل البيعة الذي تُزايد عليه الذي يأخذه أمير المؤمنين هو مصطلح إسلامي، ليس في الديمقراطية بيعة، وليس في العلمانية بيعة، فأنت يجب عليك أن تختار: هل أنت ديمقراطي علماني؟ أم أنت أصولي؟ إذا كنت مع الأصولي فلتدافع عن هذه المصطلحات.

الصالح بو وليد:

أنت لا تفهم شيئا، لا تفهم شيئا فيما قلته.

عبد الله أنس:

أنت تـتناقض مع نفسك.

فيصل القاسم:

يا جماعة بس دقيقة، أنا أريد أن أدخل، قال الكثير من هذه النقاط.. كيف ترد عليه؟ عندما قال لك: ألا تعلم مثلا أن الشواطئ – بشكل عام – يا أخي الشواطئ موجودة عادة للاستجمام، فكيف تحول هذه الشواطئ إلى أماكن للعبادة وإلى ما هنالك كما فعلت جماعة العدل والإحسان، وهذا الحدث هو وراء هذه الضجة؟

عبد الله أنس:

يا أخي أنتم تعجبون، أنت من جهة تقول: أننا أحترم الإسلام، إنسان مصطاف في الشاطئ وحضر وقت الصلاة ألا يصلي؟!

الصالح بو وليد:

يمكنه أن يصلي بعيداً.

فيصل القاسم:

بعيدا.

عبد الله أنس:

أين بعيدا؟ تحت الأرض؟

الصالح بو وليد:

الشواطئ للنـزهة، للراحة، إلى آخره، كفضاء طبيعي.

عبد الله أنس:

يا أخي أجبني فقط لا تفلسف الأمور {إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} أنت مصطاف في الشاطئ، حضر وقت الصلاة، تصلي أم لا؟

الصالح بو وليد:

لو كان فردا لما قلنا شيئا، ولما قالت السلطة المغربية شيئا، لو كان فردا قام بهذا الأمور لما حدث شيء، لكن هم يحتلون، وهنا في المغرب ما يسمى..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

هي جماعة، أمرنا في الإسلام أن نصلي جماعة، إذن نغلق المساجد، نغلق المساجد ويصلي كل واحد في بيته.

الصالح بو وليد:

هناك في المغرب ما يسمى بالإنزال، نعلم معنى الإنزال.. الإنزال أنه تجمع حزب من الأحزاب يقوم فيه الإسلاميون بإنزال، يأتون بأعضائهم إلى آخره لتخريب التجمع.

حركة العدل قامت بإنزال في الشواطئ لتخريبها.

عبد الله أنس:

أي إنزال؟

الصالح بو وليد:

دفعت بعناصرها لتخريب..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

أتقوم امرأة بإنزال؟ مالك كيف تحكم؟

الصالح بو وليد:

قلت: إنهم آلاف، هم آلاف.

عبد الله أنس:

ألم تر العصي والهروات تنـزل على النساء، وفي أيديهن أطفالهن؟

الصالح بو وليد:

أنا لا أدافع عن النظام، لكنهم طبقوا القانون.

عبد الله أنس:

أنت تدافع، كيف لا تدافع؟ امرأة تقوم بإنزال؟ امرأة نزلت إلى الشاطئ، وحان وقت الصلاة فقامت لتصلي، أتستحق أن تضرب بالهراوات؟

فيصل القاسم:

لكن هناك سؤال: عملية الإنزال لم تجب عنها، يعني هناك جماعة كبيرة احتلت الشواطئ..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

احتلت الشواطئ، هذا احتلال.

فيصل القاسم:

احتلت الشواطئ، وتشكل حركة سياسية.

عبد الله أنس:

أي احتلال؟ هذا مغربي له حق..

الصالح بو وليد:

أنتم ملزمون باحترام القانون، المغربي ملزم باحترام القانون.

عبد الله أنس:

لم نخالف، صلاة الجماعة مخالفة للقانون؟ هل في الدستور المغربي صلاة الجماعة مخالفة للقانون؟

الصالح بو وليد:

المغربي ملزم باحترام القانون.

عبد الله أنس:

هل يمنع القانون في المغرب صلاة الجماعة؟

الصالح بو وليد:

لا. لا يمنع الصلاة.

عبد الله أنس:

إذن أين الخطأ؟

الصالح بو وليد:

المشكل ليس في الصلاة، المشكل سياسي بالدرجة الأولى.

عبد الله أنس:

ومالك أنت؟ هو يعرض عضلاته، أنت تقول: قد انتهى، هو يعرض عضلاته سياسيا في الميدان، أنت تقول: انتهى.

الصالح بو وليد:

هذه مزايدات، مزايدات بمعنى..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

يا أخي سمها ما شئت، هل يمثل شيئا أم لا؟ دعنا نأخذ صلب الموضوع، أنتم تقولون: قد انتهت، وأفلست، وعادت إلى دارها.

الصالح بو وليد:

نظريا، أنا أقول نظريا.

عبد الله أنس:

وأنا أقول لك ميدانيا.

الصالح بو وليد:

قلت نظريا وسياسيا: إن الحركة الإسلامية انتهت.

عبد الله أنس:

أقول لك ميدانيا: هل إنسان بعد عشر سنوات من الإقامة الجبرية يخرج وبإشارة منه يسير الآلاف إلى البحار، نساء ورجال وأطفال، تقول لي قد انتهى.

الصالح بو وليد:

العلمية عملية مزايدة سياسية لا أقل ولا أكثر.

عبد الله أنس:

يا أخي خليها مزايدة، أنا موافق أنها مزايدة سياسية، ألا تدل على ثقله في المجتمع؟ هذا هو السؤال.

الصالح بو وليد:

كذلك، لماذا نعطي هذه الأهمية لحركة العدل والإحسان؟

عبد الله أنس:

يا أخي أنا معك أنها مزايدة.

فيصل القاسم:

دقيقة، أجب عن السؤال.

عبد الله أنس:

أنا معك أنها مزايدة، أليست الأحزاب السياسية حتى في الغرب عندما تريد أن تحشد أنصارها..

[فاصل للإعلان]

فيصل القاسم:

صالح بو وليد، أنت سألت سؤالا، الصالح بو وليد أجب عن السؤال، أنت تقول أنها حركة لا قيمة لها، ولا وجود لها، وهو يقول لك: انظر هذا الاهتمام بهذه الحركة كيف؟

الصالح بو وليد:

طبعا لأنها تستغل الفقر، تستغل البؤس.

عبد الله أنس:

معناه في فقر وبؤس، أنت تعترف فيه فقر وبؤس.

الصالح بو وليد:

وتستغل الوضع الاقتصادي المتردي، هذه وقائع موضوعية، أنا أتناول الحقائق، وليس الوضع السياسي.

عبد الله أنس:

الفقر موجود والبؤس موجود وباعترافك.

فيصل القاسم:

يا جماعة من فضلكم أنا أريد أن أسأل سؤالا، أنت تقول تستغل الفقر والوضع الاقتصادي، هناك من يقول أن ظهور مثل هذه الحركات في دول المغرب العربي عائد بالدرجة الأولى إلى الفساد السياسي والاقتصادي الموجود في تلك البلدان فظهرت مثل هذه الحركات، ومن حقها أن تظهر ردا على هذا الوضع.

الصالح بو وليد:

هذا عامل من العوامل ليس إلا.

عبد الله أنس:

معلش فلنجعله هو الوحيد ألا يستحق أن يكون كافيا؟

الصالح بو وليد:

عامل من العوامل ليس إلا.

عبد الله أنس:

فليكن هو الوحيد فقط، أنا معك، ألا يستحق من أجله أن نقوم بتغيـير الأوضاع القائمة؟ فقط لو كان هذا فقط البؤس والفقر لكفى.

الصالح بو وليد:

عن طريق الحركات الإسلامية، لا، سنخرب، ونحن لدينا النموذج الجزائري.

عبد الله أنس:

أنت قلت وجهة نظر، الجزائر حجة عليك لا لك.

فيصل القاسم:

يا جماعة، سنأتي على الجزائر، السيد عمر مكاسو من المغرب تفضل يا سيدي.

عمر مكاسو:

بسم الله الرحمن الرحيم. في البداية أتوجه بالشكر الجزيل لقناة الجزيرة على أدائها الإعلامي المتميز، وأحيي الدكتور فيصل القاسم مع ضيفيه الكريمين. لدي بعض الملاحظات والتعقيبات:

أولا: سياسة القمع التي تواجه بها الأنظمة المغاربية الحركة الإسلامية هي في حد ذاتها برهان على فشل هذه الأنظمة في التعامل مع هذه الظاهرة، والدليل على تصدر الحركة الإسلامية ونموها، وهي – أي الأنظمة – تجني بذلك على نفسها، وعلى مستقبلها، وعلى نظرة شعوبها وشعوب العالم إليها، فمثلا عندنا في المغرب ونحن نعيش عهدا سمي بالجديد في ظل حكومة رفعت شعارات التغيـير والإصلاح وطي صفحة الماضي الحقوقي الأسود، وبموازاة مع رفع الإقامة الإجبارية عن الشيخ عبد السلام ياسين مرشد جماعة العدل والإحسان أقوى وأكبر تنظيم إسلامي مغربي رفعت السلطات من وتيرة هذه السياسة القمعية وخاصة تجاه المخيمات التي اعتادت جماعة العدل والإحسان على إقامتها، ووصل الأمر إلى حد اعتقال عشرات من أنصار هذه الجماعة بسبب الذهاب إلى الشواطئ العمومية، فبالإضافة إلى المعتقلين الـ24 الذين اعتقلوا (بالمهدية) قرب (القنيطرة) أقدمت السلطات قبل البارحة على اعتقال 12 من أنصار الجماعة بمدينة (الجديدة) فضلا عن منع جريدتي: رسالة الفتوة والعدل والأحسان بدون قرار قضائي، وكذا منع أنشطة كل الجمعيات المحسوبة على الجماعة فضلا – أيضا – عن المطاردة الجبانة للأستاذ المرشد في زيارته الأولى لبعض المدن المغربية والإبقاء على معتقلي الجماعة وحدهم في سجون النظام، وكل هذه الإجراءات جناية – في الواقع – على السلطات وليس على الجماعة التي لا تزيدها الابتلاءات إلا ثباتا ومضيا في مشروعها الدعوى والتربوي والسياسي، واستشرافًا لمستقبل التمكين خاصة وأن هذا المشروع يركز كثيرا على المستقبل، حيث يلح مثلا على ضرورة وضع ميثاق وطني على أساس أرضية الإسلام وهو الذي أشار إليه الأستاذ صالح والذي يفهمه، هذا الميثاق الذي يلح على مشاركة كل القوى السياسية وليس إقصاؤها في البلد لتجنيب المغرب ما يقع عند جيرانه مثلا، مع عدم الاستعجال بالدخول إلى مؤسسات نظامه المشبوهة والاهتمام بتأطير الشعب وتربيتة، كل هذا يدعونا إلى الجزم أن سياسة القمع في بلدان المغرب العربي تجاه الحركة الإسلامية هي جناية على الأنظمة، ولا يمكنها أن تقضي على الحركة الإسلامية وعلى مستقبلها مهما بدا لنا من تأثر هذه الحركة بتلك السياسة، وهذه قاعدة معروفة في علم الاجتماع السياسي.

الملاحظة الثانية: رغم وجود عده قواسم مشتركة بين مكونات الحركة الإسلامية في المغرب العربي، فإن هناك خصوصيات عند كل حركة يتحتم علينا استحضارها عند تقييم الأداء الدعوي والسياسي لكل حركة من الحركات.

ثم ملاحظة ثالثة: أن الضيف السيد صالح كشف عن مرجعيته في مداخلته أولى، وهي مرجعية لائكية متطرفة إلى حد الدعوة إلى عدم الترخيص بتاتا للحركة الإسلامية، ويختلف هذا الرجعية الجهل المطبق ببديهيات الإسلام، وقد وفق الله أخ أنس في استدراجه للتصريح بعدائه السافر للإسلام، ويمثل نموذجا متجاوزا من المفكرين الذين ارتموا في أحضان السلطات من أجل الحفاظ على مكانتهم تجاه هذا التيار الإسلامي المتنامي، وبالتالي فمقولاته هي مقولات متجاوزة.

رابعا: أحب أن أوضح مسألة النـزول إلى الشواطئ التي سماها إنزالا: فقد اعتادت الجماعة على إقامة مخيمات خاصة بها مفتوحة أمام عموم المواطنين منذ ما يقرب من عشر سنوات، ولقيت نجاحا ظاهرا، وفي هذه السنة منعت السلطات على لسان وزير الداخلية الجديد (أحمد ميداوي) إقامة هذه المخيمات الخاصة، ولم تجد الجماعة بدا من أن تنـزل إلى الشواطئ لا أن تقوم بإنزال، إنما ينزل أنصار الجماعة بشكل عادي، وحينما يحين وقت الصلاة فمن الطبيعي -كما قال الأخ أنس- أن يقيموا الصلاة، فالأمر ليس استعراضا سياسيا، إنما تمتع بحق طبيعي، فهم مغاربة، ومن حقهم أن يتمتعوا بشمس بلدهم وبرمال بلدهم..

فيصل القاسم:

سيد مكاسو، الكثير من النقاط.

الصالح بو وليد:

الأخ المتدخل عضو في جماعة العدل والإحسان.

فيصل القاسم:

طيب كيف ترد عليه؟

الصالح بو وليد:

عدائي هو للحركات الإسلامية ليس للإسلام، واحد.

فيصل القاسم:

نحن في المغرب.

الصالح بو وليد:

نحن في المغرب، طبعا. عبد السلام ياسين لم يوضح موقفه لحد الآن بخصوص ثلاث مسائل. مسألة الدعوة والدولة، له كتاب يحمل نفس العنوان (الدولة والدعوة) بمعنى أنه يجب إقامة الخلافة الإسلامية، ومن بعدها سنقوم كمقدمة، كإمارة، ونقوم بحروب لا نهاية لها لتحرير العالم العربي والعالم الإسلامي لإقامة الخلافة، ثم موقفه من الملكية: قلت أنه..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

قلت هذا الكلام، لكن أنا أريد أن أطرح عليك كلاما، الراحل..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

إلى درجة أنه في رسالة..

عبد الله أنس:

هذا كلام كله مكرر، دعنا نمر إلى صلب الموضوع، هذا كلام كله مكرر..

فيصل القاسم:

دقيقة، دعنا ندخل في الموضوع.

الصالح بو وليد:

ليس مكرر يا أخي، أقول هذه المعلومات.

عبد الله أنس:

كله مكرر، أنت تحوك وتلوك في مكانك هذا.

الصالح بو وليد:

هذه موضوعات تجهلها يا أخي.

عبد الله أنس:

دعنا نستخلص هذا السؤال.

فيصل القاسم:

يا جماعة أنا أريد أن أسأل: الأخ مكاسو قال قبل قليل: لماذا هذا الاحتدام مع الحركات الإسلامية؟ لماذا لا نأخذ عبرة مما حصل لبعض الجيران؟ يعني إذا أخذت العدل والإحسان مثلا تصر دائما على عدم النـزول إلى مستوى العنف، تنبذ العنف بشكل كبير، ألا تعتقد أن مثل هذه التصرفات معها قد تدفعها باتجاه العنف في نهاية المطاف؟

الصالح بو وليد:

أعتقد أن من مصلحة العدل والإحسان أن تحل نفسها وتندمج داخل الأحزاب القائمة.

فيصل القاسم:

تحل نفسها؟

الصالح بو وليد:

تحل نفسها وإلا تمنع، على أساس ديني لا يمكن.

عبد الله أنس:

لماذا؟ أنت ديكتاتور؟

الصالح بو وليد:

مش أنا اللي نقول.

عبد الله أنس:

كيف تحارب الديكتاتورية وأنت في الأصل منهم؟

الصالح بو وليد:

لست أنا الذي أقول هذا.

عبد الله أنس:

كيف تحارب الدكتاتورية وأنت في الأصل منهم؟

الصالح بو وليد:

لست أنا الذي أقول إنما القانون.

عبد الله أنس:

كيف يمنع القانون المواطن من أن يأخذ حقه السياسي؟ أي قانون هذا؟

الصالح بو وليد:

إقامة حزب سياسي على أساس ديني غير وارد.

فيصل القاسم:

يا جماعة، لكن أنا لدي كلام.

عبد الله أنس:

هذه وجهة نظر.

الصالح بو وليد:

أحسنت مصر عملا بمنعها لحزب العمل.

عبد الله أنس:

هذه مزايدات، مصر لم تمنع المصلين الإسلاميين من الصلاة.

فيصل القاسم:

دقيقة يا جماعة، لكن أنا لدي كلام للملك الراحل الحسن الثاني قال: كان على النظام الجزائري أن يعطي الفرصة للإسلاميين كي يحكموا. كيف ترد على مثل هذا الكلام التاريخي؟

الصالح بو وليد:

طبعا الملك الراحل.. هذا قول له إطار تاريخي وقتها للتأكيد على التجربة، بمعنى أن الإسلاميين كما هو الأمر في فرنسا مثلا بوصول اليمين المتطرف الفاشي للسلطة في تسييرهم البلديات إلى آخره فشلوا.

فيصل القاسم:

وهل تقارن بين الحركة الإسلامية والفاشية الفرنسية؟

الصالح بو وليد:

طبعا لأنه في فرنسا مثلاً 75% من أعضاء الحزب الاشتراكي محسوبين على اليسار، الحزب الاشتراكي والحزب شيوعي يطالبون بمنع الحركات الفاشية والنازية. ألمانيا النسبة تقارب 95%.. هي حركات فاشية بممارساتها وبتصوراتها..

عبد الله أنس:

أنا فقط كلمة أريد أن أقولها لك: أخي إذا كان أنت اعتراضك على الحركة الإسلامية، وأنت تقول أن الإسلام صحيح، لماذا لا تـتبناه أنت؟

الصالح بو وليد:

أنا مسلم سوسيولوجي.

عبد الله أنس:

لا. لا. الإسلام لا نريده مصحفاً في المتحف.. الإسلام أنزله رب العالمين ليحكم الناس.

الصالح بو وليد:

لا. هذا استنطاق أم سؤال؟

عبد الله أنس:

لا. حتى نوضح الأمور، أنت اعتراضك على الحركات الإسلامية.

الصالح بو وليد:

هذا استنطاق أم سؤال؟ كما قال المتدخل، قال: هذا علماني كاد يعترف، أنا أقول ما أفكر فيه.

عبد الله أنس:

أنت اعتراضك على الحركة الإسلامية يا أخي.. لماذا لا تتبنى أنت الإسلام؟!

فيصل القاسم:

كي لا يتحول الموضوع إلى موضوع فقهي، وليس هذا، نحن نـتحدث عن الجانب السياسي.

عبد الله أنس:

مش فقهي، خلينا نقول شيئا واحدا حتى نخلص من المأزق: هل بعد الآن نستطيع أن نقول أن الحركات الإسلامية والعدل والإحسان على وجه التحديد في المغرب تزداد شعبية أم تـتناقص من خلال ما طرح؟ سمها مزايدات، سمها عرض عضلات..

فيصل القاسم:

سؤال مهم كيف تجيب عليه باختصار؟

الصالح بو وليد:

باختصار أقول أنه إذا ما استمرت الأزمة الحالية، الوضع الاقتصادي المتردي، إذا لم توجد حلول جذرية لمشاكل البطالة، للفقر، إلى آخره، طبعا ستستوعب الجموع الغفيرة من الغاضبين.

عبد الله أنس:

شكراً لك..

فيصل القاسم:

وهذه هي لعبة السياسة، هذه هي السياسية.

عبد الله أنس:

شكرا لك. شكرا لك.

الصالح بو وليد:

لم أقل شيئا في الموضوع، لكن هناك نقطة.

فيصل القاسم:

هذه هي لعبة السياسة يا أخي.. هذه هي السياسة، لماذا لا تريد لهذه الجماعات أن تلعب بالسياسة كما يلعبها الآخرون؟ هذا هو لب السياسة.. تستغل الأوضاع.

الصالح بو وليد:

يمكن أن تلعب بالسياسة وبس، ولكن كما يقول المصريون.. لكن حينما تقوم بتسييس الدين فلا. لا. لا يا أخي. حينما تقوم بتسيـيس الدين هذه مسألة أخرى، حينما تقول كما قالت الجبهة الإسلامية للإنقاذ أن الحلول حلول ربانية هذا مشكل، هذه مصيبة..

عبد الله أنس:

أعندك شك في ذلك؟ هل هنالك شك؟

الصالح بو وليد:

لدي شك بالمطلق، الحلول التي تقترحها الجبهة الإسلامية للإنقاذ حلول ربانية؟

عبد الله أنس:

لا خير فيك.

الصالح بو وليد:

وأنت لا خير فيك.

عبد الله أنس:

أتتهجم على المصحف أنه ليس فيه حلول؟!

الصالح بو وليد:

لا.. أتكلم عن برنامج، أنا أقول برنامج جبهة الإنقاذ.

فيصل القاسم:

دعنا نخرج من المغرب.

الصالح بو وليد:

لا، لازالت في نقطة أخرى بخصوص المغرب، وهي تـتعلق بعداء الإسلاميين للمرأة، بما فيهم حركة العدل والإحسان. طبعا مسألة المرأة من الخليج إلى المحيط، الإسلاميين كلهم ضد حقوقها السياسية والحقوق القانونية للمرأة.

عبد الله أنس:

هذا كذب، إذا كنت جاهلا ولا تعلم.

الصالح بو وليد:

في الكويت مثلا منعوها من حقها السياسي.

عبد الله أنس:

هذه عادة اجتماعية لا دخل لها بالإسلام، هذه تركيبة اجتماعية.

الصالح بو وليد:

منعوها من حقها السياسي، في الأردن كذلك.

عبد الله أنس:

في الأردن لا.. ليس صحيحا.

الصالح بو وليد:

في المغرب مثلا قدمت..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

معلوماتك ضئيلة جدا، لا تعلم شيئا عن الحركة الإسلامية..

فيصل القاسم:

انتظر دقيقة، هناك نقطة، موضوع المرأة موضوع مهم جدا، لكن لا نريده لأنه موضوع متشعب، لكن أنا أريد أن أرد عليك: أنت وضعت كل مشاكل الكون، وكل الصفات السيئة في العدل والإحسان في المغرب، وتحدثت عن الرسالة الشهيرة التي بعث بها الشيخ عبد السلام ياسين، لكن الشيخ ياسين هناك من يقول -وهذه حقيقة- لم يتمرد على السلطة بصفتها السياسية أو الدينية فهو يعترف ويسلم بالسلطة ووظائفها الدينية، فهو أيضا في الرسالة خاطب العاهل بـ يا سيدي أمير المؤمنين ويا حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الصالح بو وليد:

طبعا هذه مقدمات مسرحية..

فيصل القاسم:

كيف مسرحية؟ هذه حقائق يا أخي.. حقائق.

عبد الله أنس:

تدل على عدم الخروج على النظام.

الصالح بو وليد:

لأنه في البداية كان معزولا، كان وحيدا حينما بعث بالرسالة، لم يمكن هنالك تنظيم إلى آخره، كتبها في مقدمة الرسالة هو ومجموعة من صحبه.

فيصل القاسم:

يبدو أنه ليست لديك قدرة أن ترد على هذا الكلام صراحة.

الصالح بو وليد:

لا.لا. هو كان يعتمد على السلطة من فوق، يعني عن طريق المراسلة بينه وبين الملك ليس إلا..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

هل هذا من حقه أم لا؟

الصالح بو وليد:

لا أتحمل مسؤولية أن أقول هل من حقه أم لا.

فيصل القاسم:

نجاة ياسين من بلجيكا.

نجاة ياسين:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم، ناصر المستضعفين وقاصم ظهر الجبارين، نشكر الأخ والدكتور فيصل على إتاحة الفرصة كمنبر للإخوة خصوصا أخ جبهة الإنقاذ، وأقول للأخ بو وليد على -ما أظن- من أنت؟ والله حيرتنا.. حدد موقفك، الأخ في جبهة الإنقاذ لقد حدد موقفه..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

أنا باحث يا أخت، أنا باحث ليس إلا، هو عضو في الجبهة.

نجاة ياسين:

ثانيا: اسمح لي.. تـتكلم عن الدكتور والأستاذ المرشد عبد السلام ياسين الذي أبلغ له كامل تحياتي لأن تاريخه النضالي المشرف منذ رسالة الطوفان إلى حدود رفع الحصار عليه قبل شهر أو أكثر – وهي مدة قليلة – تدل فعلا على أنه من الرموز والمرجعيات التي تريد أن تمحوها لتقول العدل والإحسان لابد أن تنحل، بأي حق تصادر حق العدل والإحسان في الممارسة وفي النـزول إلى الشارع، خاصة وأن مبدأ الجماهيرية متوفر فيها، وآخر دليل على ذلك المسيرة الأخيرة التي -كما قلت- لم تدعُ إليها العدل والإحسان، وإنما دعا إليها الإخوة في حزب العدالة والتنمية.

وبالنسبة للأخ عبد السلام ياسين الذي تقول أنه موقفه مناقض ومعارض؛ هل قرأت منهاجه النبوي زحفا وتسيـيرا؟ وقرأت شروط الحكومة الإسلامية التي حددها في اللوازم الثلاث: المحبة في الله شرط، ونصح وطاعة ولي الأمر، وثاليا الفهم الجماعي العميق للخط السياسي، ويـبدأ بالمرجعية الإسلامية ثم وضوح الخطاب وثبات الموقف والمرونة، وكذلك جهاد تنفيذ الخطط السياسية للزحف إلى الحكم، وهو الدخول في تعددية الأحزاب والترشيح للانتخابات.. وأنت تريد أن تجعل كل ذلك صفحة بيضاء وتقول: من مصلحة العدل والإحسان أن تنحل، لأنك الآن.. فبأي حق تصادر هذا العدد الكبير الذين يتبنون تفكير المرشد والأستاذ عبد السلام ياسين ببساطة تقول: أن تنحل، إن جماهيريته كثيرة ووضعه قائم، وإنما هذا الخطاب دليل على قوة الأخ عبد السلام ياسين.

وبالنسبة لموقع المرأة في جماعة العدل والإحسان، في حوار عملته في إطار بحثي في 92م مع الأخت (نادية ياسين) فإن [كلمة غير واضحة] رمز الحركة النسوية النسائية، وإنما أعداء الإسلام هم الذين يقولون هذا.

الإسلام أعطى الحرية للمرأة قبل إعطاء أي حركة إسلامية، وإنما اتفق مع الدكتور..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

لماذا الإسلاميون مثلا..

نجاة ياسين [مكملة]:

وليس لك الحق أن تصادر هذه الصحوة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فيصل القاسم:

شكرا جزيلا، تريد أن ترد على هذا الكلام؟ وهذه سيدة تتكلم، سيدة‍!!

الصالح بو وليد:

نعم، مع احترامي للسيدة، لماذا الإسلاميون مثلا في مظاهراتهم رفضوا..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

خطة الدمج، دمج المرأة في التنمية.

الصالح بو وليد:

خطة الدمج، رفعوا سن الزواج إلى 18 سنة، الوصاية على جواز أن تكون ثانوية مثلا، إقرار الطلاق القضائي، إلغاء تعدد الزوجات، توحيد الحضانة للأطفال، تمكين الأطفال المزدادين من أم أجنبية بالجنسية، يعني توفير الجنسية المغربية، لماذا؟ لماذا قاوموا هذه الخطة مع أنها حققها المشرّع التونسي منذ 1957م. لم يطالبوا مثلا بزواج مدني، لم يطالبوا بتكافؤ في الشهادة بين الرجل والمرأة، لم يطالبوا بقانون يخص التبني إلى آخره، هذه الحد الأدنى فرفضوها، هذه حركات إرهابية، هذه حركات تدميرية.

فيصل القاسم:

حركات تدميرية، أنا أريد قبل قليل ذكرنا كي نخرج من المغرب وندخل في بلد آخر.

الصالح بو وليد:

بل أكثر من هذا يحرضون على القتل كما يقوم.. في بليد اسمه (الزمزمي) في المغرب بالتحريض على القتل.

فيصل القاسم:

وهذا يقودنا لموضوع العنف: تدعي جماعة العدل والإحسان بأنها جماعة مسالمة لا تريد النـزول إلى مستوى العنف، إلى ما هنالك من هذا الكلام، وقال الشيخ ياسين بنفسه قبل أيام عندما سئل عن إمكانية التصادم مع السلطة قال: المغرب ليس الجزائر.. كلام كويس، لكن إذا نظرنا إلى الواقع نرى أن الطلبة المنـتمين لحركة العدل والإحسان أو جماعة العدل والإحسان يدخلون في مواجهات دامية في الجامعات المغربية مع اليساريـين وغيرهم من الطلبة ويقومون بضربهم بالسلاسل، إذن هذا الكلام عن لا عنف وسلم وإلى ما هنالك لا أساس له من الصحة، وأنها لا تختلف في نهاية المطاف عن الجماعات المسلحة، لكن بغطاء جديد، كيف ترد؟

عبد الله أنس:

رغم أنها حالات لا تدخل في صلب موضوعنا، لكن أريد أن أقول..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

كيف لا تدخل؟

عبد الله أنس:

لا تدخل في موضوعنا، لأن هذه تصرفات فردية من حين لآخر، وصراع طلبة في الجامعات ليس صراع في المغرب فقط، وإنما هو صراع في الجامعات العربية على طولها وعرضها، أحياناً على المقاعد، أحياناً على اللجان، هذه الأمور تحدث في كل الوطن العربي، وتحدث حتى في الجامعات في أوروبا وفي أمريكا من أجل هذا..

فيصل القاسم:

لأهداف سياسية وأغراض سياسية.

عبد الله أنس:

نعم لأهداف سياسية وكذا، أنا لا أريد أن أغادر المغرب حتى أنهي المسألة. هل العدل والإحسان في تزايد أم أفل نجمها؟ هل هناك فقر وبؤس يجب على الحركات الإسلامية كغيرها من الحركات الصادقة في توجهها أن تقوم وتعرض نفسها للشارع لتعالج هذه الملفات المعفنة؟ هل حركة العدل والإحسان في تزايد أم في أفول؟

فيصل القاسم [مقاطعا]:

أبو لقمان بو محمد من المغرب تفضل ياسيدي. سيد بو لقمان بو محمد من المغرب تفضل. يبدو أننا فقدنا الاتصال به، تريد أن تكمل.

عبد الله أنس:

حتى لا نكون فقط نتحدث ثم نخرج بعد ذلك بأي نتيجة، الآن وقد صرح..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

سؤال قبل أن نخرج منها.. لماذا هذا العداء المستحكم من قبل هذه الجماعة للمسار الديمقراطي في المغرب؟ هناك حركة الإصلاح والتجديد دخلت، ولديها الآن 12 عضوا في البرلمان يعملون تحت..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

لا.. لا أبدا حركة العدل والإحسان ما أعلنت أنها ضد المسار الديمقراطي..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

أنا أعطيك نادية ياسين تقول: الإسلاميون المشاركون في البرلمان أصيبوا بخيبة أمل لكثرة التابوهات المحيطة بأدائهم، وهم يرفضون هذا اليسار.

عبد الله أنس:

أنا سمعت الندوة الصحفية التي عقدها السيد (أرسلان)..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

هو لا يتابع الأحداث.

عبد الله أنس:

السيد (أرسلان) في مؤتمره الصحفي أعلن بأننا سوف لن ندخل اللعبة الديمقراطية طالما لا زالت تسمى لعبة، وإنما نريد أن ندخل المعترك الديمقراطي..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

السياسة كلها لعبة..

عبد الله أنس:

اللعبة الديمقراطية نريدها أن تكون خيارا استراتيجياً..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

هذا لا زال مرتبطا بالنظر الأخلاقي ما قبل الميكيافيللي..

عبد الله أنس:

نعم ونحن نتشرف به.. اللعبة الديمقراطية نريدها أن تكون خيارا استراتيجيا ليس فقط من أجل سد ثغرات الشرعية من حين لآخر نقول: نسمح للحزب الفلاني بمقعدين أو ثلاثة، والحزب الآخر بمقدين أو ثلاثة.. العدل والإحسان أراد أن تكون اللعبة الديمقراطية في المغرب لعبة خيار استراتيجي، ليس فقط لعبة..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

يا أخي السياسة خديعة، ولهذا قلت حينما نقوم بتسييس الدين..

عبد الله أنس:

السياسة تدبير لشؤون الناس، هذه خديعة في مصطلحاتكم أنتم..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

دقيقة.. قبل أن ننتقل.. السيد (أيمن) من سوريا تفضل يا سيدي.

أيمن فؤاد:

لقد استطاع الملك المغفور له الملك (الحسن الثاني) أن يضع الشعب المغربي العظيم صاحب الحضارة العظيمة إعلاميا وتربويا وثقافيا وسياسيا تحت ضغط فئة من اليهود المغاربة التي تسيطر عليه وتوجهه حسب توجهات الصهيونية، ويتبع معه نفس هذا المنهج (زين العابدين بن علي) والآن (عبد العزيز بوتفليقة)..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

يا سيدي لا نريد أن نوزع الاتهامات جزافا، من السهل جدا أن نقول هذا الزعيم عمل كذا، وهذا الزعيم تعرض لكذا، أرجوك أن نبقى في صلب الموضوع ولا أريد أن أتعرض، رجاء.

أيمن فؤاد:

أنا أريد أن أقدم اعتذاراً باسم الشعب المغربي من شخص مغربي صحفي قد أساء لقناة الجزيرة، أريد أن أعتذر لقناة الجزيرة ولقطر ولحكومتها ولأميرها، الصحفي المغربي اليهودي (عبد الرفيع الجواهري) أقدم اعتذارا شديدا لأن ما ذكره ينطبق على اليهود المغاربة، الشعب المغربي شعب عظيم، والشعب الجزائري شعب عظيم، لكن يبدو أن زعماء المغرب العربي يسيطر عليهم اليهود والصهاينة..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

طيب يا سيدي، كي لا نوزع الاتهامات جزافا، من السهل أن توزع الاتهامات وهذه أعتقد طريقة عربية.. إذا دخلنا بموضوع الجزائر، طبعا هناك من يقول: إن الوضع في الجزائر يختلف، وأنه في واقع الأمر أن زمام المبادرة قد فُقد تماما لدى الحركة الإسلامية في الجزائر، النظام تخلص من أزمته وأوقع الحركة الإسلامية هناك في أزمة، وأن هذه الحركة أثبتت فشلا ذريعا.

الصالح بو وليد:

بل وأضيف أنهم مختلفين داخل جبهة الانقاذ، هناك مجموعة من التيارات.

عبد الله أنس:

نفس الإشكالية قبيل الانتخابات، قبيل اعتماد الجبهة الإسلامية للإنقاذ، كانت نفس الإشكالية في الجزائر، تيارات متنافسة، كل واحد يدعي أنه يمثل الشعب، كل واحد يدعي أنه يمثل الحرية، ويمثل الأغلبية، فكان أحسن نموذج للعالم العربي ونتمنى أن يتكرر على مستوى العالم العربي والإسلامي حتى يرى كل واحد حجمه الحقيقي في المجتمع، فدخلت الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب من الأحزاب، قدمت ملفها لوزارة الداخلية وتم اعتماده، وفازت في الانتخابات البلدية، لا أريد أن أسترسل في السرد التاريخي، دخلت الانتخابات البلدية، صدق.. ما عاش الشعب فترة رخاء وفترة وئام مثل تلك الفترة..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

تحت سلطة الإسلاميين..

عبد الله أنس:

ليس الإسلاميين فقط، أغلب ومعظم البلديات في الجزائر كانت تحت قيادتهم..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

كانت فوضى مطلقة، 50 حزب سياسي، 120 صحيفة، الاعتراف بحزب تدمير؟! مصيبة..

عبد الله أنس:

لا تعارضني.. لا تعارضني، 50 حزب، أخذت الجبهة الإسلامية اللإنقاذ ثلثي البلديات، وعاش الناس في وئام وعاش الناس في تعايش، حتى بين السلطة وبين الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ثم بدأ التحضير للانتخابات البرلمانية..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

وقبله الإضراب العالم الذي فشل فشلاً ذريعا، وكان منطلق عملية..

عبد الله أنس:

هذه أمور داخلية تخص الحزب..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

دقيقة هذه النقطة مهمة جدا، أنت تـتحدث عن النجاح الكاسح الذي حققته الجبهة، لكن أنا أريد أن أطرح سؤالا، هناك من يقول بأن ما يسيطر على نشاط الحركة الإسلامية في الجزائر الخطاب الشفوي الحماسي العاطفي المسجدي والجماهيري، وأصبحت قوة الحجة قائمة على المقدرة الخطابية وعلى العاطفة الفياضة، وهناك شعب يمكن أن تأخذه بالعاطفة، وهؤلاء قادرون على التلاعب بعواطف الجماهير ليس إلا، وليس لديهم أي قدرة تنظيرية ولا سياسية.

عبد الله أنس:

طيب يا أخي.. أين الطبقة السياسية القادرة على استثمار ما في الشارع؟ المفروض هذا الاستقطاب أن تقوم به حركات أخرى، لماذا لم تستطع أن تقوم به؟ بل هي حركات فاشلة حتى على مستوى المنطقة، بعد أن فشلت في تقديم حلولها.. هل تعلم أن في الجزائر يتناوب الناس على النوم في الليل لكثرة الأزمة السكنية؟ البطالة بلغت أوجها، سبعة ملايين أمي، بلغت العزوبة 67%، العنوسة 69% ، والجزائر ما تزال يوما بعد يوم في تدهور لا ندري إلى أين سيتوقف؟ فلتـتفضل هذه الحركات.. جربت من 62م وهي تحكم..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

لكن لدينا معطيات على أرض الواقع، هناك فقر تنظيري خاصة لدى الحركة الإسلامية في الجزائر، وهذا يفسر لماذا لجأت الجبهة -وهذه معلومة- إلى إرسال فاكس إلى الشيخ (الألباني) بشأن الانتخابات التشريعية قبيل وقوعها، أي استشارة مرجع خارجي بخصوص مسألة وطنية مصيرية؟ وهذا يدل على أن خطابها خطاب شعبوي، فوضوي إلى ما هنالك.

عبد الله أنس:

أنا أقول لك عن هذا، هذه مجموعات كانت مما يسمى ببعض السلفيـين داخل الجبهة، وكانت مرجعيتهم بالنسبة للفقه هو الشيخ (ناصر الدين الألباني) رحمه الله. أما الجبهة الإسلامية في مؤتمر (باتنا) لم تستشر أحد خارج الجزائر، وإنما هي نظرت ورأت أن الشعب الجزائري يعاني المرارة من الفقر، من الجوع، من البطالة، من الحرمان، من الأمية.. ليس له حقوق.

فيصل القاسم:

لكن ليس لديها منهج سياسي يا رجل هذا هو السؤال، وليس لديها نظرية سياسية؟!

عبد الله أنس:

ومن عنده منهج سياسي.

فيصل القاسم:

وليس لديها نظرة سياسية، هذه هي النقطة التي أريد أن أركز عليها.

الصالح بو وليد:

لا نظرية، ولا مفاهيم، ولا برنامج، تقدمت بمشروع سنة 1989م مشروع أرضية.. منذ وقتها لم تعقد أي مؤتمر إلى يومنا هذا.

عبد الله أنس:

يا أخي، نحن لماذا نتـناقض مع أنفسنا؟ إذا كانت هذه الجماعة ليس لها مشروع سياسي، إذا كانت هذه الجماعة فقط تستغل عواطف الناس، طيب لماذا القمع؟ اتركوها تجرب خمس سنوات وسيلمس الناس أنكم -والله- حكمتونا خمس سنوات ولم يتغير حالنا لا المعيشي، ولا السكني، ولا الأمني، وبالتالي في الفترة الثانية من الانتخابات سوف نقول لكم: شكرا لكم، امشوا.. لكن أنتم عملتم الانقلاب، (عبد القادر حشاني) رحمه الله بعد أن فاز بالأغلبية المطلقة، أليس ديمقراطيا- الديمقراطية التي تغنى بها وهو عنها بعيد – أليس ديمقراطيا أن يكلف بتشكيل الحكومة؟ لا.. (عبدا لله حشاني) بعد أن فاز أخذ إلى سجن (سركادي)، أخذ إلى السجن، وبقي هناك طيلة خمس سنوات، أين الديمقراطية، أين هي..؟

فيصل القاسم [مقاطعا]:

الديمقراطية على الطريقة العربية.. (رقية) من المغرب، تفضلي يا سيدتي.

رقية بو شارد:

السلام عليكم، الله يخليك عندي ملاحظة بسيطة، بالنسبة لنـزول الإخوان جبهة العدل والإحسان لشواطئ في ناحية القنيطرة كان هدفهم الشغب والمظاهرات وكل شيء، لم يكن قصدهم ديني أو أداء الصلاة، يريدون أن يـبينوا للناس أنهم هم مسلمون ونحن كفار، نحن مسلمين لسنا كفار، نحن مسلمين نتبع كل شيء موجود في القرآن، نتبع القرآن، هو أخطأ في التعبير، الأخ الباحث عندما قال إننا نتبع القانون ولا نتبع القرآن..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

نعم.. برري.. برري، خطأ في التعبير.. مسكين، لا يعرف، حتى تعبير مثل هذا لا يعرفه، جاهل إلى هذا الحد!

رقية بو شارد:

نحن نتبع القرآن، الدولة المغربية تـتبع القرآن، ونحن مسلمين، وبالنسبة لما يقع في الجزائر بماذا يسمون هذا؟ القتل والذبح وكل شيء ويسمون هذا جبهة الإنقاذ؟ أي إنقاذ هذا؟! هذه جبهة الهلاك، وجبهة الظلم، وجبهة العنف ضد ناس أبرياء، لو كان قصدهم الإسلام لما التف الناس حولهم، ولما حاربتهم الحكومات وحاربهم الناس، الناس كلهم ضد هذه الجبهة لما يسببوه من إرهاب، وكلهم فيهم (شذوذ) كلهم متعصبين. والله العظيم.. من فضائحهم يسمونها بجبهة الإنقاذ، يسمونها بجبهة البر، أي إحسان؟ وأي بر؟ وأي إنقاذ؟! هم مسلمون ونحن كفار؟! لو كان قصدهم طيب ويعني شفناهم.. كيف يعني هم مسلمين ونحن كفار.. وشكرا جزيلا ومع السلامة.

فيصل القاسم:

شكرا جزيلا، تريد أن.. مبسوط، طبعا مبسوط جدا..

الصالح بو وليد:

طبعا عبرت الأخت، تعيش في المغرب، وتعرف القضية أكثر.

أنس عبد الله:

أنا فقط أضرب لك حالات، والحمد لله مسجلة والأرشيف محتفظ بها، في لقاء متلفز كانت تسمى (حصة الأحزاب) جيء بالدكتور (عباس مدني) بالشيخ (عباس مدني) في مناظرة سياسية مع الدكتور (سعيد سعدي)..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

العلماني العتيق.

أنس عبد الله:

العلماني الاستئصالي، قال بالحرف الواحد للدكتور (عباس مدني): سوف لن نترككم تصلوا إلى الحكم، ويومها لم نكن نعلم..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

وكأنها مؤامرة، بما أن (سعيد السعدي) له حزب صغير، لكن تآمر على.. هذه بلادة.

عبد الله أنس:

نحن الآن أحزاب معتمدة، والمفروض كل واحد يعبر عن شعبيته، ويعبر عن حزبه، فكيف هذا الإنسان يهدد ويقول للدكتور عباس: لن نترككم تصلوا.. وفعلا عندما فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ شُكلت لجنة اسمها لجنة إنقاذ الجزائر، هذه لجنة إنقاذ الجزائر كانت المبررات والشعارات التي رفعتها لنسف اختيار الأمة كانت -تقريبا- مجموعة اختيارات، الاختيار الأول: نحن نريد أن ننقذ الجزائر، الشعار الثاني: نحافظ على الدستور، الشعار الثالث: نحن نحافظ على النظام الجمهوري.. وبالتالي ما الذي حصل؟ هل بالله عليك وأسالك أنت وأسأل كل إنسان يتابع الشأن الجزائري، الآن في سنة 2000م؛ من يوم أن رفع هذا الشعار إلى سنة 2000م هل أنقذت الجزائر أم غرقت؟ ورئيس الجمهورية السيد (عبد العزيز بوتفليقة) يقول: إن بلادي تعداد القتلى فيها مائة ألف قتيل، والمنكوبون مليون.. هل أنقذت الجزائر أم تم إغراقها؟ هذا سؤالي أول، هذا..!!.

الصالح بو وليد:

لو أنه تحدث سياسيا مقبولة منه.

فيصل القاسم:

هو يتحدث سياسيا.

الصالح بو وليد:

يعود إلى التاريخ، لا يفقه في التاريخ شيئا، لا تفقه شيئا.

عبد الله أنس:

أنا أتكلم لك، أنت تقول الإرهاب، من مصدر الإرهاب؟

الصالح بو وليد:

قامت به حركة المجتمع المدني لأنها كانت بين نارين: نار الحزب الواحد وقتها، وبين نار الأصولية التخريبية.

عبد الله أنس [مقاطعا]:

طيب ففازت الأصولية، صح؟

الصالح بو وليد:

لا.. كانت تدافع عن الدستور الذي ينبغي ألا يعترف بحزب ديني، وكانت تدافع عن الجمهورية الجزائرية طبعا، ثم هنالك عنصر رابع يا أخي هو التدخل الأجنبي.

عبد الله أنس:

دعني أنهي، الشعار الأول الذي رفع هو إنقاذ الجزائر، رأينا أنها لم تنقذ، رقم (2) الشعار الذي رفع وهو الحفاظ..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

دمرت بالإنقاذ.

عبد الله أنس:

أسألك سؤال، وأجبني بكل ضمير حي.

الصالح بو وليد:

بشرط ألا يكون سؤالا بوليسيا معرفيا مستعد.

عبد الله أنس

أنا أسألك بما أنك متابع، هل دخلت الجزائر حمام الدماء قبل الانتخابات أو بعدها؟

الصالح بو وليد:

بعدها بشروط يعني موضوعية..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

من يحدد هذه الشروط؟

الصالح بو وليد:

يحدد هذه الشروط كما قلت أنه الشعب الجزائري كان معرضا للدمار إذا ما مارست الحكم جبهة الإنقاذ..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

ما تسمعه عن الجزائر اليوم..

الصالح بو وليد [مكملاً]:

أن المنطقة في المغرب العربي كانت معرضة لخطر استراتيجي..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

أنت تقول: الذين أبعدوا الإنقاذ أنقذوا الجزائر؟!

الصالح بو وليد:

الذين أبعدوا الإنقاذ بشكل موضوعي نعم، نعم، نعم.

عبد الله أنس:

بمائة ألف قتيل، بمليون مغترب؟!

الصالح بو وليد:

مائة ألف قتيل، شاركت فيه مختلف الحركات الأصولية.

فيصل القاسم:

دقيقة يا جماعة.. السيد (مراد دهينة) من (جنيف) تفضل يا سيدي.

مراد دهينة:

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، أولا أود أن ألفت فقط إلى نقطة أن الأخ الذي يطاول أخينا عبد الله أنس الذي أحيـيه..

عبد الله أنس:

حياك الله.

مراد دهينة:

يبدو أنه يعيش في عصور بالية، فتجربة الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجزائر – وهذا بشهادة الإخوة والأعداء على حد سواء – تجربة ستبقى رائدة في العالم الإسلامي، وهي الحركة الوحيده في هذا العصر الحديث؛ الحركة الإسلامية الوحيدة التي تعرضت وصمدت -بفضل الله سبحانه وتعالى- لأبشع أنواع التنكيل والتقتيل ومحاولة لتصفيتها وتصفية أعضائها، وبقبوع رموزها وشيوخها كالشيخ عباس للإقامة الجبرية والشيخ (علي بلحاج) في العزلة التامة الخانقة، غير أنها رغم كل هذه المحاولات تبقى بشهادة الجميع وبشهادة حتى أولئك الأعداء الرقم الأساس في المعادلة الجزائرية. أما فيما يخص التهم التي تنعت بها وتوصف بها، فهذه تهم بدأت تندحر -والحمد لله- واحدة تلو الأخرى، وسأضرب مثالا واحدا فقط، وهو جرى مؤخرا في فرنسا، فاتهمت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بتدبير أعمال عنف وعلى أنها حزب لا يقيم وزنا للشرعية والقوانين، ثم ظهر وشهد شاهد من أهلها من فرنسا على أن كل ذل كان تلفيقا وتزويرا على أعلى مستوى المخابرات الفرنسية، هذا في فرنسا. أما في الجزائر فحدث ولا حرج، الآن السؤال المطروح، لماذا أُريد ويراد كذلك ضرب الجبهة الإسلامية للإنقاذ؟ لأنها طرحت لأول مرة في العالم الإسلامي قاطبة خاصة العالم العربي موضوع أساسي وهو يخص ما هو علاقة الحاكم بالمحكوم؟ وكيف يعين الحاكم في الدولة الإسلامية؟ هل يأتي بالرشاش وبالدبابة ويفرض نفسه؟ وهل يبقى هنالك على ظهور الناس مسلطا جوره وجبروته..

ثم من حيث الإنتاج، أنا أدعوكم إلى قراءة الرسالة الأخيرة للشيخ (علي بلحاج) أطلق الله سراحه وحفظه الله، ونحن نفتخر في الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأن يكون لنا قادة من هذا النوع، فاقرءوا رسالته، هذا ردا على السيد الذي معكم ويقول أن الجبهة ليس لها مقالات ونظريات، وكذلك بحث، فاقرءوا ما كتبه هذا الرجل السجين الذي يمنع حتى من القلم والورقة، فانظروا إلى طرحه للمشكلة الجزائرية، وإلى دور الحركة الإسلامية النظيفة التي يـنبغي أن تكون رائدة في العالم الإسلامي، وستبين الأيام بعد زوال فريقك وزمرتك التي لا وزن لها أنت أيها الإنسان، لا وزن لها في الدول الإسلامية عندنا، ولا قيمة لها..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

يا سيد (دهينة) الكثير من النقاط أشكرك جزيل الشكر، يا جماعة، دقيقة واحدة، أنا أريد أن أسأل، ذكر كلمة، أنت سألت قبل قليل قلت: لا أريد أن أخرج من ملف المغرب إلا أن تجبيني على سؤال..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

هل هم في تصاعد أم في أفول؟

فيصل القاسم:

كيف تقيم الوضع في الجزائر؟ هل هو في تصاعد أم أفول؟ باختصار.

عبد الله أنس:

أنا أقولها بملء فيّ أن البعد الإسلامي في الجزائر في تصاعد، وليس البعد الإسلامي فقط، ولكن..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

هناك من يقول إن النظام استطاع أن يقضي على كل هذا البعد ويصفيه تماما.

عبد الله أنس:

سهل جدا، بامتحان بسيط جدا لا يكلف لا دبابات ولا مليارات، فليطلقوا سراح الجبهة الإسلامية للإنقاذ، فليطلقوا سراح شيوخها، ويمكنوها من خطاب الأمة..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

لا يمكن إعادة.. لا يمكن..

عبد الله أنس:

انظر إلى لهجة (لا يمكن)، لهجة لا يمكن، لا يمكن.. أنت مسكين، أنت ديكتاتور والله يا أخي، الذي يقول انتهت..

الصالح بو وليد:

في الظرف الراهن، بعد عشر سنوات من حرب، من دمار..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

هو يقول: إنها الركب الأساس، وأن كلامك عن أن هذه الحركات أفلست كلام فارغ يعني..

الصالح بو وليد:

هناك مجموعة من الأطروحات في الجزائر تقول أن على أعضاء الجبهة الإسلامية دخول الأحزاب الأخرى، مثلا خلق مؤخرا (حزب الوفاء) يتحدثون في الجزائر على أنه يعوض الجبهة الإسلامية.

عبد الله أنس:

حتى حزب الوفاء رفض.

الصالح بو وليد:

(مجتمع السلم) مثلاً.. أما الاعتراف بها فهذا بهذا مشكلة لا يمكن.

عبد الله أنس:

ألم أقل لك أنك لا تتابع؟! يا سيدي وزير الداخلية الجزائري..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

كما أنها داخل الجبهة الإسلامية للإنقاذ.. هناك مجموعة من التيارات، داخلية.

عبد الله أنس:

انتظر، نحن لم ننكر أحد، هذه المشكلة بيننا وبينكم، هذه هي المشكلة التي لم تستطيعوا أن تستوعبوها، نحن لم نقصكم، نحن لم نقل أنتم لا تعملون، نحن نقول: مرحبا بكم.

الصالح بو وليد:

أقول: هناك تشكيك داخل التيار، بين تيار الجزأرة، وتيار الاستمرار في الكفاح المسلح.

عبد الله أنس:

هذا أمر داخلنا، دعك من هذا..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

دقيقة.. أنت تقول: نحن لا نقصيكم، أنا لدي كلام لـ(عيسى الهيلح) أحد قيادي الجبهة الإسلامية للإنقاذ، والمستشار والكاتب الخاص لأميره الوطني (مدني مرزاق) يقول: إن الإسلاميين جمعيهم في المغرب والجزائر بشكل خاص يفكرون في هدم الدولة قبل طرح البديل، وتقول: لا يتبعون.. هذا الكلام لواحد منهم.

عبد الله أنس:

من منهم؟ هذا واحد مسلح في الجبال قال هذا الكلام، العبرة برئيس الحزب، بنائبه، بقانونه الأساسي.

الصالح بو وليد:

أصدقاؤه يتبرأ منهم.

فيصل القاسم:

[فاصل لموجز الأنباء]

السيد بو وليد نريد أن ننتهي من ملف الجزائر، لم تجب حتى الآن على ما قاله السيد في المداخلة الأخيرة..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

العنف بدأ بعد الانقلاب.

فيصل القاسم:

ليس ذلك فقط، أن الرقم الأساس في الجزائر هو الإسلاميون والحركة الإسلامية، أريد أن تجيب على هذا الكلام، ولدي كلام لـ (جرايم فولر) المشهور، تعرفه من مركز (ران) يتوقع عودة الجبهة الإسلامية في الجزائر، ننهي هذا الملف.

الصالح بو وليد:

على أساس ديني لا يمكن كما قلت سابقا، والحركة الإسلامية ليست وحدها، هناك الحركة البربرية مثلا، المغرب العربي فيه مجموعة من الأقليات، فيه عرب، فيه بربر مقسمين بدورهم إلى أجزاء، إلى آخره.. لا يمكن مثلا أن نقول -ليس هذا بعراف- في يوم من الأيام ستنـتصر الجبهة الإسلامية.. لا، الجبهة الإسلامية يمكن أن تحل نفسها كذلك، وهذا موقفي من حركة العدل والإحسان، وتندرج تحت أحزاب أخرى، لكن ملزم بالخضوع للقانون كما هو..

عبد الله أنس [مداخلا]:

وجهة نظر.

الصالح بو وليد:

أما كحزب فهذا لا أعتقد..

عبد الله أنس:

أنت حر فيما تعتقد، نحن شريحة سياسية تؤمن بأفكار معينة، عندها أطروحات معينة لإصلاح ما لحق بديارها، وحقنا في العمل السياسي حق مدني لا يستطيع إنسان أن يمنعنا منه..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

كحزب إسلامي؟

عبد الله أنس:

نحن أحرار، دعنا نتفاهم مع سلطاتنا، نحن حزب، نحن شريحة عندها أفكار تحاول أن تطرحها على المجتمع، يا أخي الفيصل بيننا وبينكم هو صندوق الاقتراع..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

مؤخرا.. الرئيس (بوتفليقة) قال: لا حزب إسلامي ولا دولة علمانية.

عبد الله أنس:

هذه هي الديكاتورية بعينها، كيف إنسان يحدد توجه المجتمع بقرار فوقي؟ افرض أن المجتمع يريد العلمانية.

الصالح بو وليد:

لا يمكن الاعتراف بحزب فاشي كالجبهة الإسلامية، كما أنه لا يمكن التطرف بتطبيق لائكية مطلقة.

عبد الله أنس:

هذا قرار ديكتاتوري، أنت هربت من الفاشية، ووقعت فيها.. أنا أقول في رأيي كان على رئيس الجمهورية أن يقول: إن المجتمع الجزائري بشرائحه السياسية متشكل، فهو يعني تشكيلة، والإسلامي له الحق، والعلماني له الحق، والبربري له الحق، والديمقراطي له الحق، والصندوق الاقتراعي بيننا وبينهم..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

يا سيد لدينا وقت قصير، لنأخذ الملف التونسي هل ينطبق هذا الكلام عليه بأي حال من الأحوال؟ هناك من يقول مثلا إذا كان الوضع كذلك في الجزائر والمغرب فإن الوضع مختلف تماما في تونس لأن المجتمع التونسي مجتمع مسالم يطمح دائما إلى الاستقرار حيث لا تشهد البلاد منذ استقلالها ثورات مسلحة، وحركة النهضة ليس لديها رصيد شعبي كبير داخل تونس بسبب الطبيعة المختلفة لتونس عن بقية البلدان؟ هل تتفق مع هذا الكلام؟

عبد الله أنس:

نحن نسمع في كثير من الأحيان أن النظام التونسي يصرح بأنه قد خرق الإسلام، لكنه إلى الآن نسمع عن صرخات من داخل السجون، ومنع لحركات أخرى ليست إسلامية، ومؤخرا سمعنا أن الدكتور (المرزوقي) عندما جاء هنا، وهذا بالأمس كان أحد أقطاب النظام التونسي، وبالتالي ليست الحركة الإسلامية أو النهضة التونسية هي الضحية، وإنما الضحية هي كل من يعارض هذه الأنظمة، أنا أقول لك شيئا واحدا: الآن أصبح هناك معيار واحد لقبولك أو رفضك في هذه الأنظمة؛ إذا وافقت على القمع وإضفاء الشرعية على الديكتاتورية فتعال معنا حتى لو كنت إسلاميا، النظام الجزائري مثلا استوعب كثير من الإسلاميين، واذا لم تأتِ معنا وتبصم على ما نقوم به من قمع وتشريد وتحديد للحريات لن نقبلك حتى لو وكنت وطنيا أو ديمقراطيا، والدليل على ذلك حركة الوفاء بقيادة الدكتور طالب الإبراهيمي.

فيصل القاسم:

دخلنا في موضوع تونس كي لا نخرج منه.

عبد الله أنس:

هو نفس المشكلة، تونس هناك طبقة سياسية ليست أصولية مقصية عن الحكم نهائيا، ولم يعطَ الاعتماد للدكتور طالب الإبراهيمي ليس لأنه إسلامي، وإنما هو.. وفي تونس نفس الشيء.

فيصل القاسم:

أنت تهرب من شيء بالنسبة لدول المغرب العربي والحركات الإسلامية، هناك من يقول إنه ليس من الممكن أن تكون لا تونس ولا المغرب ولا الجزائر إلا بلادا منفتحة اجتماعيا؛ أولا بسبب قربها من أوروبا، وثانيا بسبب كونها وجهات سياحية.. إلى ما هنالك من هذا الكلام.

عبد الله أنس:

هذا ما ندعو إليه.

فيصل القاسم:

كيف تدعو إليه؟

عبد الله أنس:

نحن يا أخي الآن لو أردنا أن نأخذ نموذج بسيط فقط، الآن تبينت الساحة، المغرب والجزائر وتونس، أحببت أنا أم كرهت هناك في المجتمع من يخالف رأيي، أنا هذا مسلم به، هناك مطالب البرامج السياسية متعددة، هل يا ترى -خلينا نأخذ التجربة الماضية- هل نتقاتل إلى أن يقضي أحد الطرفين على الآخر ولن يستطيع، أثبتت العشر سنوات الماضية بأنه لا الجنرالات قدروا يثنوا الشعب الجزائري عن مشروعه، ولا الحركة الإسلامية قد تلاشت، فأنا أقول: الفيصل الوحيد بما أن الحل الأمني لم يعط نتيجة، والقمع لم يعط نتيجة، الحل الوحيد أن نرجع إلى الأمة في شرح برامجنا..

فيصل القاسم:

ونترك الخيار للأمة، تونس.

عبد الله أنس:

هذا هو.

الصالح بو وليد:

تونس موضوعيا، ليس رد لأنه لا يفهم شيئا في تونس.. تونس موضوعيًّا على المستوى الاقتصادي هي أرقى البلدان المغاربية بحيث فقر أقل، بطالة أقل، اقتصاد موضوعيا، القوانين الموضوعية..

فيصل القاسم:

وتدين أقل؟!

الصالح بو وليد:

وتدين أقل، وتطور على المستوى الإنتاجي.

عبد الله أنس:

وديكتاتورية.

الصالح بو وليد:

طبعًا على المستوى السياسي، حقوق الإنسان هذا موضوع آخر، كلنا ندافع عن حقوق الإنسان.

عبد الله أنس:

أية حقوق إنسان؟ بن بريك شاب صحفي ليس إسلامي.

الصالح بو وليد:

أنا لا أدافع عن كل شيء في تونس وفي غيرها من الدول.. الموقف من الحركة الإسلامية أعتقد أن التعامل الأكثر رصانة هو الذي اتخذه النظام التونسي بمنعه لحركة النهضة لأنها قامت..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

تعتبره إجراء رصين؟

الصالح بو وليد:

إجراء رصين أعتقد، لأنها أولا بغض النظر عن اللغة المزدوجة.

فيصل القاسم:

إجراء رصين بأن تضعهم في السجون، وتجفف منابعهم، وتلاحقهم في المنافي، هل هذه هي الرصانة؟!

عبد الله أنس:

هذا أهون من كونه يقول دين الله عاجز؟ هذه أسهل بالنسبة له، دين الله عاجز!!

الصالح بو وليد:

أنا لا أدافع عن النظام ولا يحزنون، أنا أقول ما هو موضوعي، معرفيا، تونس تقوم على مبدأ النظام الحديث، مبدأ النظام الحديث أرقى صوره..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

الديمقراطية والفصل بين السلطات.. وأين الديمقراطية في تونس؟!

الصالح بو وليد:

أرقى صوره تجسدت من خلال تجربة (بورقيبة)، الحركة الإسلامية حينما بدأت في الظهور طالبت بعدم الاعتراف بالأحزاب الأخرى باعتبار أن الدول النامية.. كان وقتها الحزب الدستوري هو الحزب الحاكم، وطالب بعدم الاعتراف بالأحزاب، بمناهضة مشروع المرأة، بالقلاقل لأنها وصلت بالعنف إلى آخره.

فيصل القاسم:

يا سيد بو وليد تتحدث عن ديكتاتورية ورفض الحركات الإسلامية للديمقراطية كما لو أن الأنظمة في دول المغرب العربي أنظمة ديمقراطية وتسرح وتمرح في جو كبير من الرفاه وكذا.

الصالح بو وليد:

لا أقول..

فيصل القاسم:

يا أخي قبل أن نتهم هذه الحركات بأنها غير ديمقراطية وديكتاتورية، عد إلى هذه الأنظمة..

الصالح بو وليد:

أقل شرا من الحركات الإسلامية!

فيصل القاسم:

لطفي زيتون من لندن، تفضل يا سيدي.

لطفي زيتون:

تحية للأستاذ فيصل وللضيوف الكرام. أولا: أود الرد على بعض مغالطات للسيد بو وليد، الأولى: في خصوص نص استشهد به للشيخ (راشد الغنوشي) يدعي فيه أن الشيخ ينظّر للاغتيال، والحقيقة أن كتاب (الحريات العامة) هو أطروحة دكتوراه، دراسة أكاديمية، وجاء هذا الكلام الذي استدل به المدعي سوسيولوجيا في معرض استعراض آراء الجماعات الإسلامية الجهادية في مصر وليس رأيه، ولو دقق لاكتشف هذا، ولكن نحن نظن أنه يتعمد التشويه في هذه المسألة كما تعمد من قبله في نفس الاستشهاد صديقه (العفيف الأحمر).

المسألة الثانية: أن حركة النهضة لا تعترف بالأحزاب ودعت إلى منع الأحزاب الأخرى، نحن نقول له: إن الحركة في يوم تأسيسها 6 جوان [يونيو] سنة 1981م دعت إلى الاعتراف بكل الأحزاب السياسية، وعبرت عن استعدادها للعمل في ظل دولة شيوعية إن أراد الشعب ذلك، وليس لها من خيار إلا مواصلة النضال لإقناع الشعب بتغيـير رأيه.

أنا عندي سؤال للأستاذ بو وليد: هو وأضرابه يساندون أسوأ الأنظمة وأكثرها ديكتاتورية في المنطقة في حربها ليس ضد الحركة الإسلامية فقط ولكن في حربها على الإسلام كدين مجرد دين، وهذا ما تسعى إليه خطة تجفيف الينابيع في تونس.

فيصل القاسم:

طيب شكرا جزيلا، سيد عبد الله القيراوني من ألمانيا تفضل يا سيدي.

عبد الله القيراوني:

السلام عليكم ورحمة الله، أحييكم أستاذ فيصل، وأحيي الأستاذ أنس، أريد أن أقول بحكم قربي من حركة النهضة التونسية ومعرفتي الجيدة بأطروحاتها وكثير من قيادييها ومناضليها فإني أجزم يقينا بأن السلطة في تونس ومن ورائها الشعب والبلد قد خسروا جميعا واحدة من أبرز حركات التجديد الإسلامي في هذا العصر بإقدام أجهزة الدولة علي ضرب هذه الحركة واستئصال منابع التدين، وتهميش الهوية العربية الإسلامية لتونس. إن شهادات نخب سياسية وفكرية عربية وغربية تؤكد حقا مدى نضج النهضة التونسية وابتعادها عن مسلك التشنج والعنف وإيمانها اليقيني بحق الجميع في المشاركة السياسية والتعايش تحت سقف الوطن الواحد مهما تباينت الأفكار والأطروحات، وهنا أدعوكم أستاذ فيصل، وأدعو المشاهدين إلى التأمل في شهادات الدكتور المرزوقي – أي المنصف المرزوقي – والوزيرين السابقين سيد (محمد المصمودي) و(محمد مزالي) و (جورج طرابيشي) وهو محسوب على اليسار، و(فرانسوا بيجا) وهو أحد السوسيولوجين حقا، وكذلك الدكتور (جورج جيسيـيه) أحد أعضاء المركز الملكي للدراسات الاستراتيجية.. الذي يريد حقا الجناية على النفس والأوطان ومصالحها العليا والارتماء عبثا في أحضان الصهاينة ورأسمالها الخبيث ببيع الشركات الوطنية وتصفيتها لصالح الأجنبي المشبوه، انظروا تقرير منظمة (رائد) ورئيسها الدكتور (فتحي الشماخي) عن الوضع الاقتصادي التونسي الصادر في بداية هذا الشهر، والذي يريد تخريب القلاع الثقافية والدينية كالزيتونة وفتح البلاد على مصراعيها للمحافل الصهيونية بدعوى الانفتاح والتسامح ونشر الدعارة في كل مدينة وقرية وترويج المخدرات وتبديد أموالها وقتل العباد في مخافر البوليس..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

يا سيدي.. كي لا نقرأ بيانا عسكريا، أشكرك جزيل الشكر، أنا أريد أن..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

هذا تقرير سياسي لعضو..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

أنا أريد أن أسال سؤالا: ألا تعتقد أن هناك تطابقا في بعض الأحيان بين أجندة الأنظمة العربية والأجندة الإسرائيلية؟ من الذي أطلق ما يسمى بالخطر الأصولي؟ (رابين) و(بيريز) في أحد الخطب الموجهة للأوروبيين حذروا من الخطر الأصولي، وإلى ما هنالك من هذا الكلام، إذا نظرنا إلى الموضوع نرى أن هناك تطابقا يا أخي بين وجهة النظر الصهيونية والأنظمة العربية تجاه الحركات الإسلامية.

الصالح بو وليد:

لا.. لا.. أعتقد..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

كيف لا إذن؟

الصالح بو وليد:

أعتقد أن (بيريز) أو غيره، مش هو المسؤول أو الذي أطلق اسم الخطر الأصولي، الباحثين.. أنا أتحدث كباحث، كانت هناك مجموعة من الظواهر تم مناقشتها واستخلص الخبراء خطر الأصولية.

فيصل القاسم:

طيب، إذن ليس هناك تطابقاً؟! طيب سيد (عوض عبد اللطيف) من سويسرا، تفضل يا سيدي.

عوض عبد اللطيف:

السلام عليكم، الحقيقة عن الجماعة الإسلامية الليبية، أتحدث عن هذه الجماعة وما تلاقيه أيضا من تضيـيق شديد في ليبيا من قبل نظام الحكم الليبي، ورغم أن هذه الجماعة نشأتها التاريخية مديدة، أن عمرها قد يزيد على نصف قرن الآن، وأن هذا الاسم الذي تسمت به اسم قديم..

فيصل القاسم [مقاطعا]:

يا ليت باختصار، كي لا تشرح لنا تاريخ الحركة، لأن لدي فقط دقائق معدودة.

عوض عبد اللطيف:

طيب.. هذه الحركة الإسلامية، هي في الحقيقة رغم أنها تؤمن بالتدرج في تطبيق الشريعة الإسلامية، وعدم المصادمة، وتؤمن بالوسطية وعدم التشدد في الدين، ووسائلها مبنية على الإقناع واحترام الآخرين وأنها أيضا تؤمن بالعنف السياسي، وأن منهاج الإصلاح السياسي لابد أن ينبني على التفاعل السياسي الطبيعي في دوائره من خلال إقناع الأمة وخيار الأمة الحقيقي كما ذكر الأستاذ (عبد الله أنس)، إلا أن ذلك لم يقابل إطلاقا من قبل النظام الحالي بأي مساحات ولو صغيرة لأي ممارسة سواء سياسية أو حتى اجتماعية علنية، ولاقت هذه الجماعة من التضييق ما لاقت من بداية العهد الحالي سنة 73م، و84م، و85م، و95م، و98م بحملات اعتقال كبيرة في صفوفها وتشتيت كبير لأبنائها، ولم يلتفت إطلاقا إلى المبادئ السامية التي تدعو إليها، وإلى المعاني السياسية الرائدة والكبيرة التي تقوم على أساسها، ولم يفسح لها أي مجال في ذلك.. الحقيقة أن الجماعة الإسلامية الليبية هي جماعة ثابتة على مبادئها السامية منذ نصف قرن، وهي صابرة بإيمان واحتساب، وهي منـتظرة لفرصة العمل في كل الميادين، متمسكة بمبادئ الدين الحنيف، مرتبطة ارتباط وثيق بالشعب الليبي، وإيمانه الرصين..

فيصل القاسم:

سيد (عبد اللطيف) أشكرك جزيل الشكر، هل تستحق هذه الجماعة هذه المعاملة التي تحدث عنها؟

الصالح بو وليد:

لا.. لا.. المعلومات المتوفرة لدي أن الجماعة الإسلامية الليبية بيد المخابرات الأمريكية، في حال إسقاط النظام القائم في ليبيا تكون هناك حكومة جاهزة للاستيلاء على السلطة..

عبد الله أنس [مقاطعا]:

رجعنا للكلام القديم، مخابرات.

فيصل القاسم:

أنت قبل قليل تتهم (عبد الله أنس) بأنه يؤمن بنظرية المؤامرة..

الصالح بو وليد [مقاطعا]:

هذه مش مؤامرة، قلت هذه معلومات لدينا كباحثين أن أمريكا دخلت في نزاعها مع ليبيا، إنجلترا كذلك دخلت في لقاءات متعددة مع إسلاميين..

فيصل القاسم:

دقيقة، أخي الكريم هو لخص الكلام بأنهم حفنة من العملاء ليس إلا، الجماعة الإسلامية الليبية حفنة من العملاء الذين يجب أن يتوبوا إلى الله كما دعتهم القيادة الليبية.

عبد الله أنس:

أخي الكريم أنت لماذا تروح للحركات الإسلامية؟ دعك من الحركات الإسلامية، أنا أقول فقط هل قناة الجزيرة أصولية، صرح الرئيس (زين العابدين) في مقابلة مع صحفي أمريكي صرح بثلاث مسائل: المسألة الأولى: كإنجاز حضاري حققه في تونس هو أنه قضى على الإسلاميين. قال والحاجة الثانيه هو أني قضيت على الحجاب. الحاجة الثالثة: وصف هذه الجزيرة بأنها قناة أصولية، وأنت الأخضر العفيفي.. العفيف الأخضر يقول عن فيصل القاسم بأنه أصولي، فماذا تقول الجبهة؟ فماذا تقول العدل والإحسان؟

فيصل القاسم:

بالنسبة لليبيا كيف ترد على كلامه بأن هؤلاء حفنة من العملاء؟

عبد الله أنس:

هذا الكلام وهذه اللغة نعرفها منذ قرون.

فيصل القاسم:

ما هي هذه الجماعة؟

عبد الله أنس [مقاطعا]:

الإمبريالية والمؤامرة الخارجية والدسيسة والمؤامرة.. كلها مصطلحات لتثبيت هذه الأنظمة الفاشلة، القضية تجاوزت هذه الأحداث، إذا في عندك أرقام وعندك أدلة تفضل، وإذا ما عندكش فهذا الكلام شبعنا منه يا أخي، إمبرالية واشتراكية التي لا رجعة فيها، والعروبة، كل هذا كلام انتهى. عندك أرقام وعندك أدلة تفضل، ماعندكش قل: لا أعلم.. مش عيب.

فيصل القاسم:

مشاهدينا الكرام لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا: السيد الصالح بو وليد الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية في المغرب العربي والسيد عبد الله أنس الناشط الإسلامي وعضو اللجنة التحضيرية لمؤتمر الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية في المهجر.

نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين ها هو فيصل القاسم يحييكم من لندن، إلى اللقاء.

المصدر: الجزيرة