الإسلام والأنظمة السياسية
مقدم الحلقة | فيصل القاسم |
ضيوف الحلقة | – رفعت السعيد، الأمين العام لحزب التجمع اليساري في مصر – د. حسن الترابي، الأمين العام لحزب المؤتمر الحاكم بالسودان |
تاريخ الحلقة | 05/01/1999 |
![]() |
![]() |
![]() |
د. فيصل القاسم:
تحية طيبة مشاهديَّ الكرام، أليس من حق المسلمين أن يكون لديهم نظام سياسي إسلامي خاص بهم يحكمون به في الاقتصاد والاجتماع؟
لماذا يحارب المشروع الإسلامي في الداخل والخارج؟
لماذا هذه الهجمة الاستئصالية ضد الحركات الإسلامية في العديد من البلدان؟
ألا يمكن أن يكون الإسلام هو الحل فعلاً؟
ألا يمثل التيار الإسلامي حركة سياسية كبيرة في العالمين العربي والإسلامي؟ والدليل على ذلك أنها أصبحت قوة هائلة تخشاها الأنظمة في الداخل، والغرب في الخارج؟
ألا تمثل الحركة الإسلامية الطموحات السياسية للأغلبية الشعبية؟
ألم يحذر المفكرون الغربيون من تعاظم شأن الإسلام السياسي؟
هل كان للغرب أن يتصدى للتيار الإسلامي في السودان وإيران وتركيا مثلاً لولا أنه يشكل فعلاً ثقلاً سياسياً خطيراً؟
ألا يجب أن يكون الإسلام فعالية في حياة المسلمين بدلاً من مجرد هوية وتاريخ؟
ألم يعرف الإسلام التعددية السياسية قبل الغرب بمئات السنين؟
حتى مفهوم الحزبية عرفه الإسلام قبل غيره، ألا تستطيع الأمة الإسلامية بكل تاريخها، وأمجادها أن تجد نظاماً يكفل العدالة والتقدم بعيداً عن الأفكار الغربية؟
ألم تكشف الحركات الإسلامية عن مرونة كبيرة في التعامل مع الديمقراطية؟
أليست مقاصد الشريعة هي حفظ الحياة، والنسل، والعقل، والدين، والمال؟
وهذه هي أركان حقوق الإنسان؟
هل نأخذ بحكم الشعب أم بحكم الشرف؟
لكن في المقابل، هل هناك فعلاً مشروع سياسي إسلامي صرف في الاقتصاد والحكم؟
هل الإسلام دين ودولة، أم دين فقط؟
ألا نحمل الإسلام أكثر مما يستطيع عندما نقول: هو الحل؟
هل هناك أنظمة سياسية إسلامية، أم أنهم يتاجرون بالدين؟
هل يستطيع الإسلاميون أن يحكموا بالإسلام أم أنهم يتصرفون في العمق، كما لو كانوا حزباً علمانياً يمارس القمع، والفساد في الأرض، ويتاجر بالمخدرات كما هو الحال في أفغانستان؟
ألم يفصل الإسلام بين الدين والسياسة منذ مئات السنين؟
ألم يوقع الفقهاء ميثاقاً علمانياً غير مكتوب مع معاوية، قسَّموا فيه العمل فيما بينهم خصوا أنفسهم برئاسة الأمة، وخصوا معاوية برئاسة الدولة؟
هم للمسلمين في أمور دينهم، وهو لهم في أمور دنياهم، أي تقلدوا السلطة الروحية وقلدوه السلطة الزمنية، ألا يسبح المشروع الأصولي ضد التيار؟
أليس من الأجدى للحركات الإسلامية أن تتخلى عن السياسة؟
ألم تلحق الحركات الإسلامية أذىً بالغاً بصورة الإسلام والمسلمين في العالم؟
ألم يعمل التيار الإسلامي على تمزيق الشعوب الإسلامية بدلاً من توحيدها؟
أسئلة أطرحها على الهواء مباشرة على المفكر الإسلامي الدكتور حسن الترابي، والدكتور رفعت السعيد (أمين عام حزب التجمع في مصر).
للمشاركة في البرنامج يرجى الاتصال بالأرقام التالية: 888840، 888841، 888842، ورقم الفاكس 311652.
دكتور الترابي هنا في الاستديو، لماذا لم نسمع عن مشروع سياسي إسلامي، أو حضاري -سمه ما شئت- إلا منذ تقريباً عشرين عاماً على الساحتين: العربية والإسلامية؟ لم نسمع بمثل هذه الأمور من قبل إلا -كما ذكرت- قبل عقدين أو عقدين من الزمن.
هل نفهم من هذا الكلام أن ليس هناك -في واقع الأمر- مشروع سياسي إسلامي، كل ما هنالك أن هناك إفلاساً لدى الحركات السياسية والفلسفية الأخرى على الساحتين العربية والإسلامية ووجد التيار الإسلامي فرصة لملء هذا الفراغ، ليس إلا؟
د. حسن الترابي:
هذه سنة التاريخ في الديانات، في الحضارات أنها تخرج حياً من ميت، ولكنها إما أن تظل تتجدد هكذا مع تجدد ابتلاءات، أو تتثاقل وتتأخر، كما حدث للإسلام وذبل المشروع السياسي الإسلامي، لأن المسلمين منذ الخلافة الراشدة بدءوا ينتكسون من الإسلام سياسة، وهي واضحة والدين عندهم واضح، كيف يختارون قيادتهم؟ كيف يناصحونها؟ وكيف يعاهدونها؟ وكيف يمارسون حرياتهم؟ وكيف يتعاملون مع القضاء؟ وكيف يتعاملون مع العالم من حولهم؟ وكل أجهزة الدولة، وعلاقات الدولة مع المجتمع التي تعنى بها كلها في القرآن.
والقرآن لم يأت كتاباً، وإنما جاء حياة في وسط الحياة طبعاً في المدينة حياة، وفي مكة تهيئة لتلك الحياة، ولكن انحطت الحضارة الإسلامية وبالطبع بعد ذلك غشيتها الحضارة التي نهضت بزاد الحضارة الإسلامية لأوروبا، ولكنها لم تنهض إلا على حساب الدين الذي كان هو الذي جثم عليها، الكنيسة، ولذلك خرجت طليقة من الكنيسة معادية في العلم، وفي السياسة وفي الاقتصاد، وفي الفنون، وبدأت انقلبت علينا من بعد ذلك.
وكنا نحن قد ضيعنا ديننا السياسي، ليس ثمة من كتب ولا مناهج، مع تبدل ابتلاءات، وظروف الحياة، فجثموا علينا لا باستعمار وحسب، ولكن تجربتهم فرضوها علينا، ولكن دائماً الابتلاءات تستفز وتدعو.
فهذا الابتلاء في الأول حركات للنهضة طغت الوطنية لخروج الـ .. وبعد ذلك لمقاومة هذه الحضارة بأن بعثنا من أصولنا الحضارة الإسلامية وأردنا أن نخرج من الميت حياً من جديد، هذه هي دورة التاريخ الإسلامي، ولكن القرآن كل القضايا التي يمكن أن ينص عليها دستور الآن أو نظام سياسي، تجده في القرآن مباشرة وفي .. مطبقاً في السنة، ليس كتاباً وحسب، ولكن في حياة المسلمين، ولكن بعد ذلك كله أصبح ليس إلا كتباً من التراث، أهمل جانباً.
د. فيصل القاسم:
والآن؟!
د. حسن الترابي:
الآن بدأت نهضة الإسلام، كما بدأت أول الأمر غريبة، ولذلك منكرة عند المسلمين التقليديين لذا لم يحد الإسلام في هذه، انحصر الدين كما انحصر في أوروبا تماماً ذات المرض بعيداً من الحياة العامة بعيداً من الاقتصاد بعيداً من السياسة بعيدا من العلاقات الدولية في الـ .. الجانب الخاص…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن دكتور، ألا تعتقد أنها كانت نقطة إيجابية في صالح الغرب عندما ابتعدوا عن الكنيسة، يعني عندما ابتعدوا عن الكنيسة تحرروا اقتصادياً وعلمياً إلى ما هنالك من هذا الكلام، وهناك من يقول: إن مجرد ابتعادهم عن الكنيسة دفعهم بهذا الاتجاه، التقدم، إلى ما هنالك من هذا الكلام، لماذا لا ينطبق هذا الأمر على الإسلام؟
د. حسن الترابي:
ولكن سنتهم التاريخية عكس سنتنا لما كانوا كانت الكنيسة تهيمن عليهم تماماً أبداً حرم الشعب من حرياته، الكنيسة احتكرت تلك الحريات، واحتكرت التمويل كله، والكنيسة كذلك تحالفت مع الإقطاع، الذي احتكر كذلك الثروة عند طبقة مخصوصة، وغطى على العلم ومنع العلم أن ينطلق، ومنع الفن أن ينطلق تماماً.
ولذلك لما بدأت الثورات والحياة التي بعثهم فيها المسلمون معارك مشهودة ومعروفة في التاريخ، ضد الكنيسة، وهزمت الكنيسة في السياسة، معارك من الثورة والثوار ومن الملوك، وهزمت في الفنون، وهزمت في العلوم بعد أن حكموا على بعض الناس بالقتل، وهزمت في الاقتصاد برغم أنها حاولت أن تبرر لهم الربا، وكان محرماً ولكن هزمت وأُبعدت ومعها .. يعني هذا ليس .. لا يبدو معقولاً أن يكون الله -سبحانه وتعالى- محصوراً في بيت يعني يعبد هناك ثم يوصد هنالك، وينتقل الناس خارج الحياة.
هذا هو الذي حدث لهم، نحن بالعكس، عندما بدأ الدين يضعف فينا، بدأت تتقلص الأرض من دار الإسلام غرباً وشرقاً، وبدأت السياسة انفلتت من الرشد، فبدأت تصبح ظلماً، وبدأ الاقتصاد كذلك ينحسر، وبدأ العلم كذلك ينقسم إلى: علم طبيعي تركناه بعد أن نهضنا به وعلم شرعي أصبح منقولاً بدل أن يكون مجتهداً فذبلنا مع ذبول الدين وصعدنا معه.
د. فيصل القاسم:
إذن -باختصار- يمكن القول إن ما حققه الغرب بالابتعاد عن الكنيسة يمكن أن نحققه نحن بالإسلام أو بالتمسك بالدين؟ يعني باختصار.
د. حسن الترابي:
لا يمكن وحسب، لأن تاريخنا نحن قبل الإسلام لم نكن شيئاً مذكوراً…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
أوجه هذا الكلام للدكتور رفعت سعيد في القاهرة. دكتور سعيد، سمعت هذا الكلام، ليس بإمكاننا أن نتقدم إلا بهذا الدين، وسمعت الدكتور الترابي يتحدث عن مشروع سياسي إسلامي، عن نهضة إسلامية استفادت -إذا صح التعبير- مما سبقها أو من الحركات التي بدأت تتلاشى.
د. رفعت السعيد:
أنا عندي الأول بعض الملاحظات هل تأذنوا لي بيها؟
د. فيصل القاسم:
تفضل.
د. رفعت السعيد:
أولاً: أنا عايز أوجه التحية للشعب السوداني، أنا أمتلك قدر من المحبة شأن كل المصريين للشعب السوداني، وفقط يعني أي انتقاد يوجه للأستاذ حسن الترابي هو موجه له كسياسي، أنا أختلف معه، ولعل اختلافي مع الأستاذ حسن الترابي يكون اقتراباً بي من الشعب السوداني. النقطة الثانية: أنا مختلف مع تعبير الإسلام السياسي لا يوجد شيء اسمه الإسلام السياسي هنقعد نقسم الإسلام.
الإسلام علاقة بين الإنسان وربه، تسليم بالإيمان بالله، تسليم بمعطيات الإسلام، إذا بدأنا نقول: إن فيه إسلام سياسي وإسلام اقتصادي ممكن نكتشف إن فيه إسلام رياضي وهكذا، هذا عبث. هناك أسلمة للسياسة، محاولة لاستخدام الدين في العملية السياسية، وهذه البدعة بدأت منذ زمن طويل بدأت منذ الخلاف بين علي ومعاوية عندما حاول كل منهم أن يستخدم الإسلام في معركة سياسية للاستيلاء على السلطة تماماً كما يحدث الآن.
ثالثاً: أنا أحمد شجاعة الأستاذ الترابي فنادراً ما يقبل حكام العالم الثالث أن يأتوا إلى الهواء، بمعنى أن يواجهوا الجمهور بشكل مباشر فلقد يتصل تليفونياً على الأرقام الآن أم للطالبة سهير مختار الذي قتلت في أحد بيوت الأشباح في السودان بدي أسأل السيد الترابي: لماذا فعلت ذلك…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب دكتور رفعت سعيد .. دكتور رفعت سعيد.
د. رفعت السعيد:
نعم.
د. فيصل القاسم:
هذا ليس موضوعنا، أنت تعلم أن موضوعنا هو الإسلام السياسي يعني إذا أردنا أن نتشعب يمكن أن نستغرق العديد من الساعات كيف ترد…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
الإسلام السياسي .. الإسلام السياسي..
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
..لكن دكتور السعيد، كيف ترد أن الإسلام دين ودولة في الوقت نفسه، ولديه كل المقومات، لأن يكون مشروعاً حضارياً إسلامياً متكاملاً يعني لماذا نذهب إلى الغرب، لاستيراد أفكاره…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
مين قال إن إحنا بنذهب إلى الغرب؟
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
إلى ما هنالك ولدينا تاريخ مليء بالأمجاد ومليء بكل هذه الإنجازات.
د. رفعت السعيد:
أولاً: المقولة اللي قالها الأستاذ الترابي خاطئة، قصة أن الكنيسة تحكمت، وعندما لم يكن، ليه ما إحنا كان عندنا الخلافة العثمانية فعلت بالشعوب الإسلامية ما لم يفعله أحد، حاربت الدين صحيحه، وحاربت العلم وحاربت الفن، وحاربت الحرية، وطاردت الأحرار، ويعني استخدمت أبشع الوسائل ضد الشعوب الإسلامية، و.. مثلما فعلت الكنيسة وحتى الحكام الذين يتسترون الآن بالدين يفعلون ما هو أسوأ من الخلافة العثمانية.
د. فيصل القاسم:
دكتور الترابي سمعت هذا الكلام، على مدى 400 عام الخلافة العثمانية لم تورث لنا إلا الجهل، والتقوقع والفقر، والتخلف إلى ما هنالك من هذا الكلام ونرى الكثيرون يريدون أن يسبحوا ضد التيار ويعودوا إلى الماضي.
د. حسن الترابي:
لكن هذا ليس دفاعاً عن الكنيسة يا أخي الكريم، الكنيسة وقفت بين الإنسان وبين ربه، فأصبحت السلطة إذا تنزلت من الله تتنزل الكنيسة، لا تنزل إلى الشعب أما عندنا في الإسلام فالقرآن صريح في ذلك يعني سمه سياسياً يعني -إن شئت- أن الحكم شريعة بعد شريعة في أصول الفقه الإسلامي، إجماع الشعب بالشورى، ثم بعد ذلك ولاة الأمر، قرارات ولاة الأمر، هذه مرتبة كل هذه السلطان مرتب تماماً، وليس بينه وبين الله حجاب…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
الإسلام لم يقم بدولة يا أستاذ..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
هذه الكنيسة .. الكنيسة شيء أما أن تضل الحكومة، ضلت الحكومة بعد الراشدة لا العثمانية وحسب، ضلوا عن الدين وأصبح وراثياً، والقرآن عندنا يحكي لنا لمن يفقهه أننا نولي الأمر بخيارنا، بشورانا، وتركه الرسول لنا هكذا، وعُقدت انتخابات في الخليفة الثالث لأنه كان خلافياً بين مرشحين، انتخابات بلجنة انتخابات.
كل تفاصيل النظام السياسي في السنة .. سنة الإسلام التي شكلتها عمل الرسول وأصحابه وجماعته مهدية بالقرآن عندنا قائم، ولكن بدأ المسلمون يزلون عنه، والضلال الذي حدث لنا، والانحدار الذي حدث لنا علمياً، وسياسياً، واقتصادياً كان بسبب هذا التنزل من قيم الدين العالية.
د. فيصل القاسم:
طيب، دكتور سعيد سمعت هذا الكلام تفضل .. نعم.
د. رفعت السعيد:
إذا فهمت الأستاذ الترابي فأنا أعتقد أنه يقول أنه منذ الخلفاء الراشدين لم يأتِ حكام يحكمون بالإسلام حقاً وصدقاً إلا هو، وهذه مسألة غريبة أيضاً، لأني أنا رأيي أنه لا يحكم بصحيح الإسلام.
وأنا أعتقد أن ممارساته ليست كذلك لكن أنا عايز أسأله الرسول أتم الرسالة وأتم البلاغ (اليوم أتممت لكم دينكم) "ألا هل بلغت اللهم فاشهد" لكنه لم يقل للمسلمين كيف يختارون حكامهم، ولم يقل بالدولة، ولم يقل بالدولة الدينية، وأنا أتحدى أن يأتي بآية من القرآن الكريم، أو حديث شريف يتحدث عن قيام دولة دينية أو أن يحكمنا أشخاص باسم الدين.
الرسول كان يعلم أنه ملاقٍ ربه ولم يقل اختاروا أبو بكر أو غير أبو بكر ألمح لهم بأن دعا أبو بكر أن يؤم الصلاة، الرسول كان بإمكانه أن يحدد للمسلمين كيف يختارون دولتهم وكيف يختارون حكومتهم وكيف يقيمون دولة، لكنه لم يفعل، علمنا كيف نغسل أسناننا وعلمنا كيف نرتدي ثيابنا وعلمنا كيف نطرق الأبواب، لكنه ترك قصة الحكم والمتروك في الإسلام، كما يعرف الأستاذ الترابي متروك لاختيار البشر.
وبالتالي إذا الأستاذ الترابي اختار أن يقيم حكومة يسميها إسلامية، لأنه لا توجد .. يوجد شيء اسمه حكومة إسلامية، هو حكومة تعبر عن فهمه هو كشخص، كبشر للإسلام، لكن الإسلام أنا أفهمه بطريقة وهو يفهمه بطريقة أخرى، ومن حقي أن يكون لي فهمي المختلف وتطبيقي المختلف، لكنه هو يعتبر أن رأيه هو الثوابت.
وعندما يقرر الدستور يقول أن الدستور يقوم على ثوابته هو، وعندما يدعو للتوالي، أي لتأسيس الأحزاب، يقول: إنه يجب أن تكون متفقة مع الثوابت أي ثوابته هو، طب ثوابتك ليست ثوابتي، وأنا مختلف مع ثوابتك وأعتقد أنها ليست صحيح الإسلام، وأعتقد أن ثوابتي أفضل فكيف يمكن؟
يا سيدي عندي جملة بسيطة يا أخ فيصل، الدين يسلم بالإيمان والرأي يثبت بالخصومة فمن جعل الدين رأياً فقد جعله خصومة، ومن جعل الرأي ديناً فقد جعله شريعة، الأخ الترابي يريد أن ثوابته هي الإسلام، وهذا غير صحيح.
د. فيصل القاسم:
دكتور الترابي.
د. حسن الترابي:
يا أخي الكريم أولاً: أنا لا أخاطب الأخ الكريم يعني بيني وبينه، حتى لا نهبط من مستوى الذي يهم كل المشاهدين الذين قد لا يتقابلون هكذا يعني ويصوبون الحديث، فلذلك أكف عن ذلك، الله هدانا يعني أن نقول للناس حسناً (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) فأتجاوز عن حديثه، أما أمره الأولى أنه أن القرآن لم يحدد لنا كيف نختار قياداتنا هذا خطأ، منكر يعني، القرآن قال: إن أمرنا شورى بيننا.
والقرآن حدثنا أن لا نقدم الناس لأموالهم، لعله لا يحفظ من القرآن كثيراً، وحدثنا ألا يكون الحكم بالوراثة صراحة، والرسول -صلى الله عليه وسلم- بالفعل سألوه أرادوا منه أن يورث من يشاء، ولكن قال: (الأمر لكم) ومعنى ذلك أنه قال: أن خيار الخليفة للمسلمين، وجلسوا معاً، واختاروا خليفتهم والتالي، ولما اختلفوا على اثنين أقاموا هيئة انتخابات سألت النساء والرجال والسواد الأعظم منهم.
د. فيصل القاسم:
والسواد الأعظم.
د. حسن الترابي:
هذه مسألة واضحة وبينة ويعني أنا لا أريد أن أخوض الثوابت التي وضعت، هذا خطأ طبعاً، ليس هنالك في السودان لا دستور ولا قانون يقول للحزب الذي يدخل السودان لابد من أن يؤمن بثوابت فلان أو حتى ثوابت الدستور، ولكنه يقول: إنه لابد أن يكون ألا يؤمن بالعنف أبداً يؤمن بالكلمة فقط، ويتداول مع أخيه ويتناظر معه، وثانياً: يقول إنه يمكن أن يعدل القانون ويعدل الدستور بالمناهج الموضوعة لذلك فقط هذه واحدة من الخطايا الشائعة، لكن أتركها لأنها ليست من موضوعنا…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن دكتور يعني ألا تعتقد أن .. يعني الحكم بالدين قد يكون خطيراً إلى بعض الحدود يعني في الكثير من المجتمعات هناك من يقول بإنه يعني النظام العلماني للبلدان ذات الديانات المتعددة والإثنيات المتعددة هو النظام الأسلم فمثلاً لو لم يكن .. هناك من يقول: لو لم يكن هناك مثلاً نظام علماني في الهند، لتحولت الهند إلى غابة –إذا صح التعبير- بسبب كثرة الإثنيات، وكثرة الأديان، إلى ما هنالك.
فصمام الأمان في هذه الحالة هو نظام علماني، وليس ديني، انظر مثلاً ماذا يحدث في أفغانستان جاءت طالبان بدأت أول ما بدأت، بدأت تضرب بالشيعة، وكادت أن تنشب حرب بين إيران وأفغانستان لهذا السبب انظر كيف يُعامل السنة في إيران أيضاً، لأن هناك منظومة دينية، أو حكومة إسلامية إلى ما هنالك من هذا الكلام؟
د. حسن الترابي:
أولاً الدين ليس منزلات هكذا يتحرك بها الإنسان كالآلة، إلا لبرمجنا الله سبحانه وتعالى، والله لكن يقول: إنه برمج الأشياء أبين أن يحملن الأمانة وحملها الإنسان وهو مخير له رأيه، الإيمان نفسه رأي من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، وبعد ذلك كتب الله علينا في القرآن في عشرات الآيات أن لابد أن نعمل عقلنا الذي نعبد الله والاجتهاد معروف في الدين الإسلامي لما كان الدين ناهضاً.
كان الناس كلهم يجتهدون لم يترك لأئمة، ولم يترك لصحابي يسمى مجتهداً أو عالماً، كل الحركة كانت حركة تفكير وأئمة يستنبطون من القرآن ما يرون وليس فينا كنيسة رأيها مقدس أصلاً هذا فرق بين الإسلام وبين الديانات الأخرى، التي احتصرت واختصرت الدين كله، أما إذا قلت نوايا الدين فقط نوايا الدين نعم إذا كانت نيته دينية.
ولكن الإنسان لا يعلم ما الدين، ولا ينضبط بضوابط الدين، ولا بنظم الدين لقيادة الدولة، وللحريات، وللأحزاب بين الناس، وللمعاملات الناس في الخارج، وللقضاء وللإدارة، وهذه كلها منزلات معروفة كتب فيها الناس الكتب، نحن الذين علمنا الغربيين القانون الدستوري، وأنا أكره تاريخ القانون الدستوري…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
حتى التعددية .. حتى التعددية .. وجدت ليس قبلاً.
د. حسن الترابي:
أما كان العرب غابة يا أخي الكريم كان غابة هوجاء من الذي جمعهم…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
دكتور سأعطيك المجال كي تكمل.
د. حسن الترابي:
كانت الشعوب غابة، الدين لما يتنزل كله.
[موجز الأخبار]
د. حسن الترابي:
الدين يا أخي الكريم لا يتوازى مع سقوط المجتمع فإذا هجرنا الإسلام لحياتنا لله خارج المساجد، وخارج الكنائس معنى ذلك أننا نكون قد سقطنا، أوروبا هي التي عهد ذلك ولم يكن ديناً منزلاً كان دين الكنيسة وكانت قروناً مظلمة وكان الصراع الديني، وكان العلم مظلماً، ولكن أثر الدين الإسلامي هو الذي أحياها، حتى العقد الاجتماعي الذي بنوا عليه الديمقراطية أخذوها من الإسلام، حتى القانون الدولي أخذوه .. كنا طلاب قانون دولي أخذوه من الإسلام.
أما عندنا نحن المسلمون فالإسلام أولاً: لا يعرف صراعاً بين الناس، لا إكراه في الدين أصلاً الدولة التي قام عليها دستور المدينة ليس فيها إكراه لليهود مع أن اليهود بعيدون منا، زكانت لهم الحرية أن يحاوروا، والقرآن كله حوار بيننا وبينهم، فلهم الحق أن يكونوا أحراراً تماماً، وكذلك الحياة كلها عقد اجتماعي، بيعة بيننا وبين الحاكم نواليه بشرط ولأجل فإن خالف خرجنا عليه، والقضاء كذلك يحكمه والشريعة من فوق ذلك تحكمه يا أخي الكريم، حتى المواطنة نفسها عقد اجتماعي.
وبلاد إسلامية الآن أعطت لغير المسلمين تقرير مصيرهم، بينما كان الآخرون يقهرونهم قهراً.. فانحطاط علماء الإسلام والاجتهاد وبعد الناس في السياسة من الدين، وحصروا الدين فقط على الحياة الخاصة، هو الذي خلف المسلمين اقتصادياً وسياسياً وانتهى بهم إلى أن يفرض عليهم الغرب تجربته لاسيما أن الغرب يكره كذلك الإسلام، لأسباب استعمارية وصليبية سابقة.
د. فيصل القاسم:
وحضارية طبعاً. دكتور رفعت سعيد، سمعت هذا الكلام وهناك من يقول في الوقت نفسه إن الإسلام أمة وليس حزباً، أمة لها قواعدها -إضافة لكلام الدكتور- ونظمها المبنية على عقيدتها الموجودة في القرآن والسنة وبما أن الإسلام أمة، ينبغي لكل أمة أن يكون لها نظامها ودستورها الذي تحكم به في السياسة،والاقتصاد، والاجتماع، والعسكر.
د. رفعت السعيد:
أولاً: بالنسبة لك أنت، الإسلام جاء للناس كافة، بمعنى للمسلمين في ألاسكا وللمسلمين في (إندونيسيا) وللمسلمين في جيبوتي، ولا يمكن أن يحكم كل هؤلاء البشر بذات الأسلوب، لكن الأستاذ الترابي تحدث عن الشورى، وتحدث عن الديمقراطية وعن التعاقد بين الحاكم والمحكوم.
أنا عندي بعض الفقرات من كتابات الأستاذ الترابي مثلاً "نظرات في الفقه السياسي" في صفحة 50: "إذا تمكن أهل الدين في الأرض يسراً أو قصراً، فإنهم يمضون في تذكية المجتمع، لكنهم يمضون بقوة السلطان لتغيير الواقع فلن تنفعنا ولم تنفعنا شرعية الدساتير الديمقراطية".
وبيحكي عن الدستور، بعدين بيحكي تاني في كتاب "الحركة الإسلامية" صفحة 252: "الحركة تعلم عن الديمقراطية .. عن عيوب الممارسة الديمقراطية. فالحركة تعلم أنها في السودان أشد زيفاً وأسرع تلفاً من جراء الخلل السياسي الداخلي والتدخل الإمبريالي. فلذلك لا تتنكب حركتنا فكرة الديمقراطية باستخفاف أو غدر، ولكنها لا تتوهم أن الإصلاح كله دائماً ديمقراطي المنهج".
وبعدين الأستاذ جلال علي لطفي (رئيس القضاء) صرح في مؤتمر العدل والإصلاح القانوني، وده منشور في جريدتهم جريدة الإنقاذ الوطني في 13 مارس.. دقيقة…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
سيد رفعت سعيد، كي لا نكون .. كي لا نحاكم التجربة السودانية دون غيرها، نحن نتحدث عن فلسفة الإسلام السياسي بشكل عام.
د. رفعت السعيد:
أنا قلت في الأول: إنه تسمية الإسلام السياسي تسمية خاطئة، هي أسلمة السياسة مثلاً الأستاذ الترابي بيقول نحن نسمح للجميع ما لم يستخدموا العنف طب هو متهم بإنه يأوي العنف عنده، وأنه يسرب العنف إلى كافة البلدان…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، دكتور سعيد، أنت تتحدث عن العنف، لماذا لا نتحدث عن التجارب الغربية الكثير من الديمقراطيات الغربية لم تنشأ أو لم تظهر إلى حيز الوجود إلا بموجب العنف يعني ننظر إلى الثورة الفرنسية كل هذه المنجزات لم تنجز إلا بالعنف، لماذا نأتي .. لماذا دائماً نُلبس الإسلام السياسي ثوب العنف وننسى التجارب الغربية الأخرى التي ظهرت بالعنف؟
د. رفعت السعيد:
أنا لا أنسى التجارب الغربية، ولا أدافع عنها، لكن أنت تتحدث عن الثورة الفرنسية، الثورة الفرنسية ثورة .. ثورة ارتكبت أخطاء وجرائم، لكنها كانت ثورة شعبية، أما الأخ الترابي فقد وصل إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري على نظام ديمقراطي هو كان طرف فيه، وكان عنده 50 عضو في برلمانه…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طب، يا دكتور إذا تحدثنا عن .. أنت تقول تقلل من أهمية هذه التجربة الإسلامية السياسية وتقول إنه نوع من الأسلمة، إلى ما هنالك…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
أنا لا أقلل منها..
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
كيف تفسر هذه القوة المتعاظمة للإسلام السياسي في الشارعين العربي والإسلامي إذا نظرنا إذا كان هناك معارضة الآن للحكومات العربية والإسلامية، فهي إسلامية الطابع لماذا نحاول أن نقلل من شأنها؟ الغالبية الكبرى من الشعب تسير وراء .. وراء الإسلاميين، ونأتي نحن ونقلل من شأنهم ونريد أن نستأصلهم في الكثير من البلدان لماذا؟
د. رفعت السعيد:
وراء أي شعب أنت بتتكلم عن أي شعب؟ عندك في قطر أو عندي في مصر أو عند الأستاذ الترابي في السودان؟ من قال: إن الشعب أغلبيته تمشي وراء الإخوان المسلمين في مصر، أو وراء الإرهابيين المتأسلمين في مصر؟ ومين قال إنهم عندك بيمشو خلف التيارات دي؟ ومين قال: إن الشعب السوداني موافق على ما يفعله الأستاذ الترابي؟ الشعب السوداني مكره، وبيوت الأشباح وغيرها تكرهه…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب.. طيب سيد سعيد، هذا الكلام .. دكتور، سمعت هذا الكلام.
د. حسن الترابي:
نعم، أنا -أولاً- لا أنشغل بما يصوب الأخ الكريم نحو الدكتور الترابي هذه حضارات وهذه تحولات تاريخية يا أخي الكريم، قد يحمل فكرها بعض الناس، ولكن هي القوى حتى الأنبياء…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن نريد عليها أن نتحدث عنها على أرض الواقع، أريد أن أنزل إلى أرض الواقع..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
نعم .. نعم، لكن حتى الأنبياء .. الله يقول (وكأين من نبي قاتل) نعم، لكن معه ربيون ما وهنوا من بعده أبداً، فالناس دائماً يصوبون إلى الصغير، لأنهم يرونه. أما قضية العنف والترابي هذه يعني لو كنت أنشغل بها لانشغلت بها من الصوت الأصل، الأصل من الغرب، الغرب كله يعني كله صحفه تحدثنا عن ذلك.
لكن أولاً: ما تقوله الإسلام السياسي: أن نسلم حياتنا العامة السياسية لله -سبحانه وتعالى- هكذا يعلمنا القرآن وأن نسلم أموالنا ومعاملاتنا لله، فيمكن طبعاً تسميه إسلام اقتصادي، وإسلام سياسي، والإسلام الشعائر فقط، وكل حياتنا كلها لله، وأنا لا أرى، أما أن أقول: يسراً و عسراً، هذه التغييرات التاريخية.
الله -سبحانه وتعالى- يأمرنا أن تأتي يسراً لأنه يعني ندع الآخرين يعملون على مكانتهم إنا عاملون وانتظروا، ولكن الناس إذا شعروا بأن الإسلام يمكن أن ينهض، الغرب لا يمكن أن يسمح به، لما جاء الغرب مستعمراً؟ لا، لأننا عدونا عليه، الغرب يرفض للإسلام الحرية أصلاً، والحريات أصلاً في بلاد ليست فيها حرية لا تأتي أبداً إلا بثورات، الثورة الفرنسية التي يعشقها كثير من أهل البحر الأبيض المتوسط يعني جاءت الديمقراطية فيها بالثورة…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
بالثورة، نعم..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
ولكن ما في بريطانيا جاءت بالانقلاب. فلابد من .. إذا عدت القوة، وكبتت الناس لابد أن يتعبوا وينفجروا في صورة ما، إيران جاءت بثورة شعبية غير مسلحة، في فرنسا جاءت مسلحة، في إنجلترا، في كل بلاد الأرض هكذا تتحرك ونحن، لكن هذا هو، أتحدث أنا "قسراً" إذا عدى علينا أحد، وحجر منا حرياتنا…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن ألا تعتقد أن يعني المشروع الأصولي أو المشروع الإسلامي أصبح متلازماً مع العنف؟
د. حسن الترابي:
نعم .. نعم أصلاً دائماً هكذا حالة التاريخ، كلما ظهرت ثورات جديدة: كالنبت الجديد لابد من أن يكسر حبة الحياة فيها، وتكسر الأرض، حتى تنهض وكذلك صنع التاريخ الجديد دائماً، أهل القديم أهل المصالح القديمة يريدون أن يقضوا عليه، وأن يحبسوه، لأنه قد تضطرب عليهم موازين ومصالح، سواء كانوا محليين، أو ولاة للغربيين من ورائهم الذين يحكمون فوق رؤوسهم يعني.
فهذه هي سنة التاريخ في كل الحياة، في كل الحياة. روسيا حاصروها وحاربوها الصين حاربوها، وفرنسا الثورة حاربوها كذلك، والسودان كذلك يحاربونه، وكل بلد هذه ظواهر يعني…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
وكل الحركات الإسلامية.
د. حسن الترابي:
والآن .. الحركات الإسلامية الآن بادئة نهضة جديدة بدأت، أهل القديم لهم مصالح في السلطان لا يريدون أن يتبدل الشعب ويصبح شورى كالانتخابات التي جرت بين علي وعثمان يريدون قهراً، ويريدون الصوت رجل واحد 99% إذا جرى التصويت يعني هكذا يريدونه ويريدون أصحاب المصالح يريدونها لا زكاة، ولا عدالة اجتماعية.
فلذلك أحياناً نحن نسعى ونسعى أن يكون ذلك لطفاً حتى ولو جاء تدرجاً حتى لا نبدد طاقتنا، ولكن آخرين يخضعون علينا بالقوة، وبالطبع حتى في المبادئ الشرعية الغربية يقولون، يسمونها مقاومة La resistance يسمونها مقاومة ويسمونها ثورة، ويعجبون بالثورة، أما إذا رأوها فعلها مسلمون يقولون: ليس هذا إلا انقلاباً، وليس هذا إلا إرهاباً، لأنهم يكرهون الثمرة التي تولد حتى التي ولدت من ديمقراطية أجهضوها يا أخي في بلاد معروفة حولنا يعني، فضلاً عن التي تولد بثورات، ولذلك هذا هو التاريخ هكذا.
د. فيصل القاسم:
إذن يمكن الرد على الدكتور سعيد بأن هناك فعلاً حركة إسلامية نشطة، وليس كما قال: إنه أين هم يعني هل موجودين…
د. حسن الترابي [مقاطعاً]:
لا دي الحركات حركات ليس حركات التي تسمى فلان وفلان أنا لا أسمي الأسماء…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن هناك نهضة، نهضة..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
نهضة في تاريخ الشعب روحه حية، واستيقظت بعد غفلة، وبدأت أفكاره تتجدد وبدأ الكتاب يتجددون، وهذا كله يترجم إلى حياة بالضرورة في السياسة، وفي الاقتصاد وفي الفن، وفى العلم كل هذا يترجم، وقطعاً سيصدق أمره في التاريخ حتى لو حاول الغربيون أن يحجزوها، وحاول أولياء الغرب أن يحجزوه قطعاً سيتفجر والحضارة الإسلامية الآن ناهضة كالحضارة الغربية التي وقف في وجهها طبعاً من وقفوا وقامت بالقوة أحياناً، وباللطف أحياناً، بريطانيا كانت ألطف مثلاً من فرنسا مثلاً يعني، فهذه مناهج حسب…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
حسب طبيعة الشعوب..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
طبيعة الشعوب، ومعادلات الحكام القدامى مع الجديد الذي يتزايد.
د. فيصل القاسم:
لنشرك الشيخ محمد حسين فضل الله المرجع الإسلامي أحد أعلام التقليد من بيروت تفضل يا سيدي.
محمد حسين فضل الله:
بسم الله الرحمن الرحيم، في البداية أحب أن أحيي أخانا الدكتور المجاهد الدكتور الترابي وأحيي هذه .. هذا الفكر الإسلامي المتحرك، إنني عندما تناقش مثل هذه القضايا فلابد لنا أن ننطلق في البداية من دراسة الإسلام في فكره، وفي حركيته على مستوى المفاهيم الإسلامية في العناوين التي طرحها القرآن الكريم، وفي الأهداف التي اعتبر أنها تمثل العمق في الرسالات، هل نجد في الإسلام مشروع دولة؟ وهل نجد في الإسلام مشروع حركة؟
أو أن الإسلام ينطلق من بعض الأوضاع العبادية أو الطقوس -كما يسمونها- وما إلى ذلك، أو الأخلاقيات الغائمة؟ إننا عندما ندرس آية في القرآن الكريم في سورة الحديد (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط).
إننا نفهم أن الرسالات بأجمعها كانت حركة من أجل العدل بين الناس سواء كان العدل عدل الإنسان مع ربه، ومع نفسه ومع الناس، إن مسألة العدل ليست من المسائل المعلقة بالهواء، وليست من المسائل التي تتصل بالعلاقات الساذجة بين الناس، إنها حكم، وقانون، وعلاقات عامة، وخاصة بين الناس، لذلك هل يمكن أن تقوم هناك .. هل يمكن أن يقوم العدل بين الناس بدون أن يكون هناك حكم يحدد للناس مواقعهم ويفصل بينهم؟
وأن يكون هناك أن تكون هناك شريعة قانون يحدد لكل إنسان حقه وواجباته، إن مسألة العدل تفرض ذلك كله، وعندما ندرس القرآن الكريم فإننا نجد أن القرآن أعطى عناوين عامة للشريعة، وجاءت السنة النبوية الشريفة من أجل أن تفصِّل هذه العناوين، وكانت عهد النبوة في المدينة كان عهد النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كان عهد البداية لدولة في الظروف التي تعيش .. يعيش فيها الناس، فلم يكن هناك في ذلك العهد أي قانون آخر غير قانون الإسلام.
ثم امتد المسلمون بعد ذلك مع اختلاف اجتهاداتهم، امتد المسلمون بعد ذلك، ليجدوا أن الفقه الإسلامي لم يشكو فراغاً في طيلة العهود الإسلامية التي حُكم الناس فيها باسم الإسلام، بالرغم من الاختلافات في الاجتهادات، أو من خلال الثغرات أو السلبيات الموجودة في هذا الحكم أو ذاك إن القضية في دراسة الإنسان للإسلام على مستوى .. على مستوى واقعيته، لابد أن تكون في المقارنة بين النظرية والتطبيق ونحن نعرف أن التطبيق قد يُسيء إلى النظرية وقد يحسن إليها…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب .. طيب..
محمد حسين فضل الله [مستأنفاً]:
أما عندما نواجه واقعنا الذي نعيشه فإننا نتصور أن الإسلام يطرح نفسه بعناوينه وبأفكاره وأنه يملك أكثر من تجربة حركية استطاع من خلالها أن يؤكد مفاهيمه، ووجوده، وليس هناك من الإسلاميين من يدعي أنه يملك العصمة وأنه يملك…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب طيب، لكن شيخ هل بالإمكان يعني إذا نظرنا إلى أرض الواقع ما هو المثال الذي تحدثت ما هو المثال الذي مكن أن تعطيه؟ التجربة الإيرانية مثلاً، التجربة الإيرانية إذا نظرنا إلى التجربة الإيرانية، أريد أن أسأل سؤالاً هنا فضيلة الشيخ يعني التجربة الإيرانية .. ماذا حققت هذه التجربة الإيرانية على مدى أكثر من عشرين عاماً أكثر مما حققه النظام السابق؟
بالرغم من أنه هذه التجربة جاءت بمد جماهيري كبير إلى ما هنالك في نهاية المطاف، نرى أن النظام الغربي هو الذي بدأ يسود التجربة السياسية الإيرانية أكثر من النظام الإسلامي، كطريقة الانتخاب، طريقة الحكم، إلى ما هنالك من هذا الكلام.
محمد حسين فضل الله:
علينا أن ندرس نقطة حيوية مهمة وهي أن التجربة الإسلامية الإيرانية عندما بدأت، بدأت وجاءها الموج من كل مكان، فخضعت لحرب مدمرة في مدى ثمانية سنين بحيث أنها أسقطت أغلب البنية التحتية لها ومنعتها من أن تتحرك في بناء الخطة الإسلامية على أساس متين، ثم واجهت حصاراً اقتصادياً، سياسياً، إعلامياً من محيطها، ومن الاستكبار العالمي.
وقد حاولت ولا تزال تحاول، لقد قامت الثورة الإسلامية في داخل إيران بالكثير من المشاريع التي .. المشاريع للمستضعفين في قراهم وفي أريافهم، واستطاعت أن تحقق الكثير في نشاطها، في بنائها الاقتصادي، وفي تطبيقها للشرع الإسلامي بشكل جيد…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن شيخ .. شيخ، الهيكل العام .. لكن .. لكن شيخ، الهيكل العام لنظام الحكم في إيران يبدو .. أكثر يبدو غربياً أكثر منه إسلامياً، إذا نظرنا إليه أم لا؟
محمد حسين فضل الله:
أحسنت، علينا أن نفهم حقيقة في هذا المجال، وهو أن مثلاً أن هناك أشياء ربما تتلاقى في تجربة هنا، وتجربة هناك مثلاً: هناك في إيران نظرية ولاية الفقيه التي يختلف المسلمون، وحتى المسلمون الشيعة حولها، لكنا نريد أن ننطلق في التجربة الإيرانية من خلال نظرية ولاية الفقيه، فالفقيه ليس دكتاتوراً يحكم باسمه وبذاته ولكنه يجمع حوله مجموعة من الخبراء في كل المجالات التي تتحرك فيها قراراته هذا من جهة.
من الجهة الثانية: إن هناك تمازجاً في النظرية بين الشورى وبين الولاية، هناك ينظر إلى الانتخاب على أساس أنه انتخاب موجه من ناحية الشروط التي تعطى للمرشح ثم بعد ذلك يعتبر الانتخاب نوعاً من أنوع الشورى للولي الفقيه في هذا المجال بحيث يعرف رأي الشعب من خلال ذلك.
ولهذا رأينا .. فقضية الانتخاب هنا بنحو من الأنحاء يلتقي بالالتزام الموجه من حيث الشروط المعتبرة في المرشح، ومن ناحية أخرى فهو يعتبر أشبه بحالة شوروية يستفيد منها الولي الفقيه، وهناك اتجاه منذ زمن الإمام الخوميني حتى الآن في أن الفقيه لا يعارض رأي الشعب فيما يعطيه…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب .. طيب، شيخ..
محمد حسين فضل الله:
حتى أن .. أكمل هذه النقطة الصغيرة حتى أنه في الانتخابات الأخيرة ربما كان الإعلام يتحدث خطأ أو صواباً على أن الولي الفقيه أنه لا .. أنه كان مع الطرف الثاني، ولكن عندما صوت الشعب بمستوى فوق العشرين مليون لرئيس الجمهورية الحالي أمضى ذلك، وانسجم معه، وتعاون معه.
د. فيصل القاسم:
طيب شيخ أشكرك جزيل الشكر، هذا الكلام أوجهه .. تريد أن ترد على هذا الكلام، طيب دقيقة -لو سمحت- سأعطيك المجال .. سأعطيك المجال دكتور الترابي.
د. حسن الترابي:
أريد لا أن أفصِّل، وأتنزل إلى واقع الحياة، ولكن أقدم أيضاً نموذجاً آخر…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن السياسة -دكتور ترابي- هي يجب أن تكون في صميم الحياة وفي صلب الحياة وإذا لم تنزل إلى الحياة نعيش في عالم آخر.
د. حسن الترابي:
لا أقصد .. لا أريد أن أدخل في تفاصيل شروط الانتخاب والترشيح، ولكن أتنزل إلى دولة كالسودان -مثلاً- هي أمان، الإسلام للناس كافة، فهذا هو هذا هو تيار عقيدة ولكن حتى في المدينة، المدينة كانت دولة ذات حدود، وكان ثمة مسلمون خارجها ولم يكن لها ولا على هؤلاء (والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء).
فيمكن أن تكون عقد مواطنة يصل جملة من المسلمين بعض الناس الذي لا يدركون الدين، يحسبون أن هذا ليس من الدين في شيء، وهذا سياسة، فالسودان وطن، نعم. وثانياً: له دستور مكتوب، دولة المدينة كان لها دستور مكتوب، وكان فيها اليهود، وكان عندنا نحن النصارى، والحمد لله سبحانه وتعالى…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
وتأكيداً على ذلك، عندما أعلن الرسول قيام دولة المسلمين في المدينة، أعلن معها الميثاق والدستور الذي يحدد العلاقة بين الرئيس والشعب، ويحدد العلاقة بين المحكومين بطوائفهم، وقبائلهم، وهذه معلومة.
د. حسن الترابي:
والسودانيون المسلمون في السودان كذلك أخذوا من هدي هذا الدستور المكتوب لأول مرة في العالم، ولكن الناس مولعون اليوم بدساتير الغرب يعني، أنه لا مركزي في السلطة، لا يركز السلطة كلها تحت قبضة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ومن يليه ومن حوله، ولكن يولي الاختصاصات الاجتماعية والتعليمية الخاصة لجماعات اليهود جماعة جماعة، وجماعات المسلمين كذلك، هذا هو الذي حدث في السودان الآن، كيف يقود الناس الرسول -صلى الله عليه وسلم- والقرآن علمنا، إلا الذين لا يفهمون القرآن، كيف نختار الناس؟
الآن ست وعشرون والياً لولايات السودان، ورئيس الجمهورية كلهم ينتخبون من الشعب، لا مرشحاً واحداً، 99 نعجة ويجادل في النعجة المائة، ولكن مختلف المرشحين، والدستور مفصل أنه قرار الشعب التشريعي لا الدستوري فقط، هذا الدستور أجازه الشعب لم يجزه الترابي كما يتوهم المتوهمون أجازه الشعب كله، ولكن حتى القرارات التشريعية يمكن أن تحال إلى الشعب، ولكن تحتها هو التشريع من نواب الشعب وطنياً معاً، أو في كل ولاية وحدها، وتحتها بالطبع القرارات الإدارية بالطبع، والقضاء واقف هناك دستورياً وغير دستوري، والحرية مفتوحة في الدين خير من الدستورية.
ونحن لا نقارن مع دول من حولنا يعني حتى لا يصيب الناس حساسية يعني، ولكن مع بريطانيا الحرية الدينية في السودان عندنا خير منها في بريطانيا خير منها في أوروبا، الحرية السياسية كذلك خير منها في بلاد أخرى، والأحزاب ليست إلا…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
ديكورات.
د. حسن الترابي:
ديكورات يعني، ولكن أحزاب أمس كانت تصطرع، ولكن الآن المؤمنون الذين يتولون الله ورسوله (فإن حزب الله هم الغالبون) لا يسمون حزب الله، ولكن يمكن أن يسمونه حزب الله، والمنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف لهم منهجهم مثل دولة المدينة، هذه لم نخترعها من أذهاننا ولا قرأناها في فرنسا نحن أبناء الثقافة الفرنسية والبريطانية أيضاً، ولكن قرأناها من دستور المدينة…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، كلام جميل. دكتور سعيد، تفضل.
د. رفعت السعيد:
نعم، أولاً: الأستاذ .. أنا عايز أبدأ بأني أوجه التحية للشيخ حسين فضل الله، رغم أنه لم يوجه التحية لي، لكن هو رجل مقاتل مناضل، وأنا أحيي كلمته عن العدل، لأنه بدون العدل لا يمكن أن يستقر أي نظام، والعدل هو عدل في كل المجالات.
عدل يعطى للبشر كي يتعاملوا مع الحاكم على أساس العدل وليس على أساس القهر، والبطش، والظلم مع ادعاء أن هذا هو الديمقراطية، الأستاذ حسن الترابي قال إن الإسلام هو أن نسلم أنفسنا لله، وأنا موافق، لكن لا نسلم أنفسنا لرأي بشر، لأن هناك فارق بين الدين وبين الفكر الديني، الدين مطلق الصحة، الفكر الديني نسبي الصحة اجتهاد الأستاذ حسن الترابي قد أقبله،وقد أرفضه، قد يكون صحيحاً، وقد يكون خاطئاً.
ومن حقي أن أقول إن اجتهاده خاطئ، أما أن، وهو يعلم أنه سيدنا علي بن أبي طالب عندما حاول عبد الرحمن بن عوف أن يبايعه قال له أبسط يدك أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله، وسيرة الشيخين قال له: بايعني على كتاب الله، وسنة رسوله.
أما سيرة الشيخين فأنا أجتهد برأيي، فرفض يبايعه وراح بايع عثمان، يبقى إذن علي بن أبي طالب كان رأيه أن اجتهاده مختلف مع اجتهاد سيدنا أبو بكر وسيدنا عمر بن الخطاب ولم ينزعج أحد، ولم يعتبر أن هذا خروج على الإسلام ولا شيء من هذا القبيل، السيد الترابي يشكو أو يتحدث عن أنظمة بتحكمها 99%، أنا ضد الأنظمة التي تحكمها 99%، وأنا معارض، لا أدافع عن أي خطأ هنا أو هناك.
لكن سأقرأ للأستاذ الترابي تصريحاً أدلى به هو لجريدة الحياة أول امبارح، مش من زمان بقى يا أستاذ الترابي بيسألوه، قلت: إنك مش هترشح نفسك لرئاسة المجلس الوطني، فكيف تراجعت؟ فقال إيه؟ إن أعضاء المجلس الوطني يريدون للمجلس أن يظل يؤدي دوراً فاعلاً كعضو لا يشل في جسم الحكومة ولذلك أصروا عليّ بالإجماع مش بقى 99% أنت 100% وأنت لوحدك تستطيع أن تعطي للمجلس قيمة…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب.. طيب..
د. رفعت السعيد [مستأنفاً]:
لا. لسه، أنا هأتكلم عن الدستور هو بيحكي عن الدستور…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
عن الحرية الدستورية، نعم.
د. رفعت السعيد:
الحكومة شكلت لجنة، بيحكي عن دستوره المكتوب، الحكومة شكلت لجنة قانونية برئاسة خلف الله الرشيد (رئيس القضاء السابق) اللجنة دي أعدت مشروع، ألقي به في سلة المهملات وبعدين عُرض على المجلس مشروع آخر أعدته قيادة أخرى وبعدين راحوا مَنْ عارضه لم يُستمع إليه، والأستاذ الترابي أقر شيئاً أسماه الإجماع السكوتي يعني الصمت، الصمت اللي ما يفتحش بقه يبقى وافق في حين أنه اللي ما يفتحش بُقه ممكن يبقى خايف وبعدين…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب .. طيب دكتور سعيد، سأعطيك المجال. لنشرك الدكتور أبو العلا ماضي من حزب الوسط في مصر. تفضل يا سيدي.
د. أبو العلا ماضي:
شكراً جزيلاً، السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
د. أبو العلاء الماضي:
الحقيقة أنه أنا طبعاً متابع ما قيل من الدكتور الترابي والدكتور سعيد حول المشروع الإسلامي، وطبعاً -الحقيقة- إن الدكتور رفعت أنا أعرفه جيداً طبعاً والمصريين جميعاً يعرفونه، وأظن أنه ليس له علاقة بقضية الفتيا والاجتهاد والفهم في أحكام الدين، لكن له موقف معروف كماركسي، أو شيوعي سابق أو حالي -على ما أظن- من قضية الدين وعلاقته مع المجتمع، وبالتالي الحقيقة لا يمكن أن ينصب نفسه قاضياً ومتهماً للمشروع الإسلامي لأنه هو نفسه متهماً بعدائه لكل ما هو إسلامي…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
متهمٌ.
د. أبو العلاء الماضي:
وبكل ما هو في صميم الدين، نصب نفسه ليقول ما هو صحيح الدين وهو أبعد ما يكون عن هذه المقولة. والحقيقة أنه الدكتور رفعت أحد أسباب تغذية قضية العنف في مصر -كما ذكرت من قبل- هو وأمثاله ممن ينتموا إلى الفكر الماركسي والشيوعي، الذي سقط في داره وفي بلاده، وأصبحت ليست لهم قضية في بلاد العرب والمسلمين إلا هدم قيم الأمة وثوابتها، ورموزها، ومشروعها الحضاري الذي يستنهض قوتها ومقوماتها ليواجه بها التحديات المستقبلية ويواجه بها الأعداء، وهو صاحب مقولة أن التدين هي المحطة الأولى للتطرف، إذا أردت أن تقضي على التطرف فلابد أن تقضي على التدين.
وبالتالي خروج سياسة تجفيف المنابع، وهو أيضاً الذي وقف يهاجم في مجلس الشورى الذي لا أظن أنه نجح باكتساح فيه، ولكن عين من قبل الحكومة على هذا الموقف الذي يقفه ضد التيارات الإسلامية بكل أنواعها، وأصبحت هذه هي بضاعتهم أن يهاجموا المشروع الإسلامي حتى يكون لهم وجود في العالم العربي، أو الإسلامي بعد أن انهار المشروع الشيوعي في دوله وفي بلاده، وأصبح الخلط المتعمد بين التدين والتطرف، والخلط المتعمد بين الأمة وبين الحركات الإسلامية، والخلط المتعمد بين الدين وبين جماعات سياسية ترفع شعارات إسلامية، وتطرح مشروعاً يختلف عليه الناس، أو يقبلوه فأصبح الضرب في الصميم، في الثقافة، والفكر الإسلامي، وفي مناهج التعليم وكان ممن يحرضون الحكومة ووزير التعليم على الحجاب في المدارس، وكان ممن يحرضون على مناهج التعليم في مجلس الشورى، وقف يصرخ على المناهج الإسلامية التي تدرس في المدارس الخاصة.
وبالتالي الحقيقة ليس له الحق أن يطرح هل هناك مشروع سياسي أم لا، المطروح عليه هو ما مشروعه الآن بعد أن كان ارتباطه بالاتحاد السوفيتي معروف ومشهور…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، كي لا ندخل في تفاصيل شخصية وإلى ما هنالك.
د. رفعت السعيد:
تأذن لي يا أخ فيصل؟ تأذن لي يا أخ فيصل؟
د. أبو العلاء الماضي [مستأنفاً]:
الحقيقة أيضاً أنا أقول إنه المشروع الإسلامي هو مشروع المستقبل…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
دقيقة واحدة دكتور سعيد، دقيقة واحدة.
د. رفعت السعيد:
نعم.. تفضل.
د. فيصل القاسم:
دكتور ماضي خالص.
د. أبو العلاء الماضي:
لأ، لسه ما خلصت.
د. فيصل القاسم:
باختصار لو سمحت، باختصار.
د. أبو العلاء الماضي:
أنا أقول إن نقطة مهمة إن المشروع الإسلامي النهضوي هو المشروع المرتبط بهذه الأمة التيارات الحقيقية الموجودة في العالم العربي والإسلامي هو التيار الإسلامي، والتيار القومي هذه هي التيارات الحقيقية الأصيلة التي تستنهض مشروعاً واسعاً وتياراً واسعاً أحيا الأمة، وتجد مظاهره في كل مكان، في كل الدول العربية، في الخليج، وفي مصر، والأردن، والسودان، وفي كل البلاد، والمغرب، والجزائر إقبال على التدين، وعلى المساجد، وعلى تقديم رؤية ناضحة ومتطورة لفكر شامل وناهض يستنهض قيم الإسلام الحاكمة.
ليست مجرد طقوس مبهمة، ولكنها قواعد رئيسية تنظم منها مشروعاً فكرياً متكاملاً ثقافياً وسياسياً واقتصاديا، ليس منغلقاً ولا جامداً لكنه منفتحاً ومتسعاً ويقدم الحرية الحقيقية، ليست الحرية على الأساس الماركسي التي مسحت الناس وقتلتهم وكان صدعنا بهذا الدكتور رفعت وأمثاله المنتمين للتيار الشيوعي الماركسي الذي كان هو موجود…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب.. طيب، دكتور أبو العلا..
د. أبو العلا ماضي [مستأنفاً]:
الحقيقة أنهم لم يكن لهم موقف من قضايا الأمة الحقيقية من التطبيع ومن العداء، ومن الفقراء حتى الفقراء والمستضعفين دكتور رفعت طرد الفلاحين من مقر التجمع اللي هو الأمين العام بتاعه، اللي كانوا بيعترضوا على قانون العلاقة بين المالك والمستأجر، فالحقيقة أن التيار الإسلامي الحقيقي هو أغلب هذه الأمة، يعرف حقيقة مواقف إخواننا أمثال الدكتور رفعت الشيوعيين من رفض فكرة الإسلام حقيقة، وليست الإسلام السياسي، ولا التأسلم، وعمال يكتب…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، دكتور أبو العلا ماضي.
د. رفعت السعيد:
أولاً: أنا عايز أقرر أي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
دقيقة، دكتور سعيد .. دقيقة. باختصار سيد ماضي.
د. أبو العلاء الماضي [مستأنفاً]:
أي صفة تنسب للإسلام فيها شرف أيقول متأسلمون إسلاميون لماذا هذا التهكم؟ أما إذا نسب لـ (ماركس) و(لينين) فأعتقد هي المسبة والذمة، وأعتقد أن أفضل كلام أختم به هو كلام النبي -صلى الله عليه وسلم- "إن آخر ما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت". والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
د. فيصل القاسم:
أبو العلا ماضي شكراً، دكتور سعيد.
د. رفعت السعيد:
هو طبعاً إذا لم تستحي فقل ما شئت، لأن كم الأكاذيب الذي قاله الأخ أبو العلا ماضي لا يستحق الرد ولا الاحترام، فهو بيقول: إني أنا قلت: أن نقضي على التدين، من أنا طبعاً؟ لم أقل هذا في حياتي، وأتحداه أن يقول ذلك، الأخ أبو العلا ماضي بدأ إرهابياً معروف أنه بدأ إرهابياً عضواً في الجماعات الإرهابية، ثم انتسب فانقلب عليهم، ثم ذهب إلى الإخوان، ثم انقلب عليهم ثم يحاول الآن أن يقول شيئاً.
أما إني أنا طردت الفلاحين من مقري، أنا حزبنا هو الذي دافع عن الفلاحين وجماعته الجماعة الإسلامية هي التي أيدت طرد الفلاحين بحجة أن أبدية العقد ليست في الشريعة الإسلامية، لكن على أية حال أنا أدافع عن قيم الأمة، أدافع عن الديمقراطية، أدافع عن الحضارة، أدافع عن الحق والعدل. أما إذا كان الأخ أبو العلا ماضي يهوى الكذب، فهذه قصة تخصه، لكن أنا عندي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، دكتور سعيد سأعطيك المجال فيما بعد. دكتور ترابي، إذا تحدثنا عن إذا عدنا إلى صلب الموضوع المشروع الإسلامي الحضاري، يا ترى كيف تفسر أنه ليس هناك رؤية واحدة، أو رؤية قريبة من بعضها البعض -إذا صح التعبير- نرى أن الحركات الإسلامية أو هناك نوعاً من التشرذم الواضح في هذه الرؤى الإسلامية للمشروع السياسي -مثلاً- نرى أن الإخوان .. الإخوان المسلمين، يعني حتى في بعض الأماكن، فيه بعض الناس يكفرونك في بعض الحركات الإسلامية، ويكفرون الدكتور الترابي، نرى جماعة أخرى تكفر .. يعني ليس هناك أي قاسم مشترك بين هذه الحركات…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
ما أبو العلا ماضي يكفرني..
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
كيف تفسر ذلك؟ هل هو إثراء للتجربة الإسلامية؟ أم هو نوع من التشرذم؟
د. حسن الترابي:
أولاً: أنا لا أحب أن أصوب الحديث الذي يقابلني مهما صوب عليَّ، إن الله علمنا إذا خاطبهم الجاهلون أن نقول: سلاماً. ولكن أريد أن لا ينسى الناس أن الدين ليس فقط عاطفة جامدة وحسب هو اجتهاد وهو رأي أيضاً، وهو لابد أن نُعمل العقول أصول الدين البداهة التي يعرفها الطالب الصغير في الإسلام يعني أولاً: هي النص الكتاب والسنة، ثانياً: بعد ذلك هو شورى المسلمين، وإجماع الأمة.
والإجماع طبعاً على الرأي السواد الأعظم اتفقوا على شيء يصبح هذا لازماً على القلة من المسلمين، ثم بعد ذلك يأتي ولي الأمر مثلاً واجتهاده وأوامره يعني، هذه ترتيبات بداهة يا إخواننا، ما يحسب الناس كده أنها هي معلقات في الهواء أما إذا سألتني عن الرؤى المختلفة، نحن الآن في حالة انتقال يا أخي الكريم، نهضة جديدة.
جثم علينا الاستعمار وترك فينا مخلفات، وطبع بعض، وصبغ بعض أبنائنا صبغة تامة، لأنه خاض تجربة ضد الدين، لاسيما التجارب الفرنسية يعني، صبغ منا مثل أولئك، و نحن الذي صحوا بالإسلام واستيقظوا فيه الضرورة في حالة الانتقال حسب الظروف التي ابتلوا بها، إذا أصابتهم مصائب الكبت الشديد وضربوا ضرباً شديداً بالطبع يعني الحائط إذا ضُرب يضرب من ضرب، فقد يشتد فيهم التنطع القوي.
بعض المسلمين في مكة كانوا يريدون القتال (ألم ترَ إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم) يريدون أن يقاتلوا من أجل حريتهم المكبوتة في مكة حتى أذن لهم القتال في يوم كان قتالاً نظامياً في المدينة، دفاعاً عن أنفسهم. فالناس يتفاوتون حسب الابتلاءات، وحسب البلاد المختلفة، ولكن لا يختلفون في الإسلام أصلاً حول الصغائر، حول…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لأ .. دكتور، يعني السؤال المطروح أنه في نهاية المطاف إذا كان هناك هذا الخلاف أو هذا التشرذم، سمه ما شئت، فهو إن دل على شيء لا يدل على أنهم يريدون من الدين إلا أن يكون مطية -إذا صح التعبير- للوصول إلى أهداف سياسية هم .. هي نوع من التجارة، أو المتاجرة بالدين استخدامه كحصان طروادة؟
د. حسن الترابي:
هو دليل على الحرية يا أخي الكريم، هو دليل على الحرية، إذا اختلف الناس، وبان اختلافهم، هذا دليل على أنهم عملوها حرية، ولا ينتظرون إلى كنسي هنالك يعني يفرض عليهم رأياً وهذه هي حرية الدين كانوا المسلمون كانوا مذاهب مختلفة وكانوا.. أما أنني نياتهم…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
هل تعتبر اختلاف المذاهب هو نوع من التعددية في .. تعددية .. تشابه التعددية الحزبية، الموجودة في الغرب؟
د. حسن الترابي:
نعم .. نعم، لكن إذا انتهت إلى عصبيات، الدين يعلمنا أننا أحرار ويمكن أن نتجمع في مذاهب ولكن إذا انقلبت العصبية يكره بعضنا بعضاً شيعة وسنة ومذاهب فقهية…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن هذا هو الحاصل؟!
د. حسن الترابي:
هذا هو التدهور يا أخي الكريم، ولذلك الناس لأنهم توحلوا في التاريخ، ولذلك توحلوا وأصبحوا عصبية قُطرية، وبعض الأقطار تحتقر أقطار أخرى وتأبى عليها أن تبدأ بالدين قبلها -مثلاً- وبعضها مذهبية وبعضها صوفية وبعضها هكذا، هذه العصبيات هي دليل انحطاط ولم يتمكن فيها الغرب إلا بهذا الانحطاط والتشرذم لطاقتنا .. أما الاختلاف…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
وهل تعتبر التعددية الحزبية الغربية نوع من هذا الانحطاط؟
د. حسن الترابي:
أخي الكريم التعددية الحزبية الآن بدأت تتلاشى شيئاً فشيئاً، بدأ الحكم يصبح ديمقراطياً الأحزاب أصبحت لا تميز بين حزب العمال وحزب المحافظين الآن شُطبت كل الفروقات وأصبحت خيار…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
صحيح خاصة بقيادة (بلير) انتقل من أقصى اليسار إلى الوسط.
د. حسن الترابي:
وكذلك الاشتراكية.. الاشتراكية كذلك تقلبت في فرنسا، وتقلبت في إيطاليا، الحزب الشيوعي تقلب، الآن أصبحوا يقتربون إلى الديمقراطية، حكم الشعب، كان حكم أحزاب بعد حكم الكنائس، وحكم الطبقات، كان حكم أحزاب، ونحن المسلمون لا نريد حكم طوائف، ولا حكم أحزاب ولا حكم مذاهب، نريد حكم الشعب بعد حكم الشريعة مباشرة الإجماع للشعب "لا تجمع أمتي على ضلالة".
المجتهدون ممكن أن ينثروا فيها الأفكار ولكن الشعب هو الذي يختار المذهب الذي يراه، هذا هو الذي نريده والآن أصبح ميسوراً لنا الشعب يمكن أن يتعلم كله ولا يمكن أن يرفض أيما استبداد كان، وفي السودان كانوا دائماً ينقلبون على أيما مستبد فيهم، والعالم كذلك في روسيا الآن الناس كذلك يدلوا النظام بغير قوة حتى الآن الحمد لله أصبح ميسوراً للمسلمين أن .. وهم قد تعلموا كلهم أن يمارسوا الشورى القيم العالية وثانياً: ميسوراً لهم حتى ولو انحصروا في السودان ألا يختصروا…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
كيف الشورى؟ أي شورى -دكتور ترابي- إذا تحدثنا عن شورى -مثلاً- في دول الخليج، أين هذه الشورى، هناك مجالس شورى لا تقدم ولا تؤخر ولا حول ولا قوة لها، وتأتي طقوس ليس إلا؟
د. حسن الترابي:
المسلمون انحرفوا حتى أصبحت الشورى عندهم شاور وخالف إن شئت، هذه استنارات فقط لا تلزم أحداً، الشورى في الإسلام في القرآن (وأمرهم شورى بينهم) حتى الرسول -صلى الله عليه وسلم- في القضايا العسكرية كان قائداً في (أُحُد) شاورهم فدفعوه خارج المدينة، وكلفوه من التكاليف الضحايا من الشهداء ولكن الله (وشاورهم في الأمر).
فبناء على الشورى وإذا عزمت بعد ذلك فتوكل على الله، فالشورى قرار ملزم ينتهي إلى إجماع، الإجماع ليس شيئاً وهمياً، ونتيجة الأخذ والرد والتشاور، وهكذا الآراء، هذا هو النمط الإسلامي نمط تام لكل حياة سياسية، نمط تام، لكن الأحكام السلطانية القديمة طبعاً هذه تخلفت جداً، وأصبحنا الآن لابد من اجتهاد جديد ونماذج جديدة كذلك، قد تتباين نماذج حسب مواقعها وقد نختلف في هذه القضية أو تلك، ولكن الاختلاف بالطبع هو نفسه إثراء للرأي.
د. فيصل القاسم:
طيب أنا سألتك دكتور عن موضوع ليس هناك رؤية…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
أنا عندي سؤال للأستاذ الترابي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
عفواً دكتور، سأعطيك المجال. دكتور سعيد، ذكرت أنه ليس هناك رؤية معينة إلى ما هنالك، إذا نظرنا مثلاً إلى بلد مثل السعودية، تقول إنها تحكم بالإسلام ونرى أن إذا نظرنا أن الود تقريباً شبه مفقود بين التجربة السعودية، وتجربة السودان -مثلاً- كيف تفسر ذلك؟
د. حسن الترابي:
يا أخي الكريم التجربة السعودية تجربة نشأت من تاريخ مختلف، هذه نهضة إسلامية كانت في أول هذا القرن والقرن الماضي هذا من أجل إصلاحات اجتماعية وفكرية ضد كثير من البدع الصوفية، وهذه النهضة قادتها ولوهم الأمر تماماً يعني، والشعب كله متوحد، الشعب السوداني شعب آخر بالطبع، شعب متنوع متركب.
ولذلك خاض تجارب لأن يقيم الشورى الإسلامية، وقبلها غير المسلمين من المسلمين منا، يعني مَنْ يرون مثل هذه الآراء التي نسمعها، ولكن الجنوبيون كلهم في المجلس الوطني، إجماعاً كانوا مع هذا الدستور الذي نصه إسلامي لغته إسلامية، الانتخابات نظامها إسلامي، الرئاسة نظامها إسلامي، القضاء وهكذا، الشريعة فوق كل شيء، يعني تراضينا بذلك حتى نتراضى…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن ما هو سبب الـ..، هناك نوع الاختلاف.
د. حسن الترابي:
هذا الاختلاف بالطبع سببه آخر…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
مش اختلاف حتى خلاف.
د. حسن الترابي:
هذا الخلاف يا أخي، والله لو قلت لك إنه بين نفوسنا وبين نفوسهم، لأخطأت، العالم الآن يتحكم فيه قوى تولد من أبنائها من أصداء آرائهم هنا ينثرونها فيها وأحياناً تشق ما بين الصفوف، البلاد العربية كذلك كلها، حتى البلاد المتقاربة جداً حددوها واحدة وزيهم واحد، أصلهم واحد عربي ولغتهم واحدة، ودينهم واحد، واقتصادهم واحد كذلك تجد ما بينها ما ترى من حولك يا أخي في الخليج، وإذا ذهبت إلى شمال إفريقيا تجدها يضرب بعضهم بعضاً هذه فتننا نحن، لأن الدين ضعف فينا ولذلك الوحدة…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
حتى في البلدان التي تقول أنها تحكم بالدين وإلى ما هنالك.
د. حسن الترابي:
يعني إذا استطعنا أن نوحد جنوباً غير مسلم بشمال غير مسلم يتفقون على دستور، هذه خطوة هذه خطوة للأمام يا أخي، كما وحد الرسول -صلى الله عليه وسلم- يهوداً ونصارى، كما وحد المسلمون كذلك لم يستأصلوا النصارى، حتى تكون دولة إسلامية تحكم المسلمين فقط، ونحن الآن نتعامل مع العالم والإسلام غداً سينتشر في العالم ولكن لا نريد .. لا إكراه في الدين نترك الناس يختاروا دينهم…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن لم تفصل في هذا الخلاف -مثلاً- بين التجربة السودانية والتجربة السعودية مثالين لنظام إسلامي…
د. حسن الترابي [مقاطعاً]:
التجربة السعودية النظام الذي قامت عليه الثورة، وتقدم قادتها، تحول الأمر إلى أن تتوارث تلك الأسرة التي لها فضل القيادة لثورة قديمة ليست قبل مئات السنين، وتركوا لهم الحكم هكذا، فأمرنا الله سبحانه وتعالى أن يكون الأمر بيننا شورى، والشورى ليست الخرطوم، شورى في كل ولاية، وفي كل محلية، وحتى أحزابنا اشترطنا عليها في الدستور فقط أن تكون هي كلها ديمقراطية وشورية حتى لا يفهمون شورية أنها فقط يتشاورون ويفعلون ويفعلون، حدثناهم بلسانهم بلغة الغرب الذي يدركون بعضهم يعني…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لنشرك السيد حسين العودات من دمشق، تفضل يا سيدي.
حسين العودات:
واضح الصوت؟
د. فيصل القاسم:
تفضل معك، نعم.
حسين العودات:
مساء الخير يا سيدي.
د. فيصل القاسم:
يا أهلاً.
حسين العودات:
يا سيدي يبدو لي أن التيارات أو الحركات الإسلامية تخلط بين .. خلط متعمد بين الإسلام، وبينها نفسها وتحاول أن تشعرنا أو تقنعنا أنها هي ممثلة الإسلام، يشيرون إلى نظام الحكم في الإسلام، لم يكن هناك أي نظام حكم إلهي في الإسلام، هناك نظام حكم بشري، وتاريخي، ولم يكن إلهياً أبداً، ودولة الرسول لم تكن هناك دولة للرسول مطلقاً، كان هناك بداية تنظيمات وهذا كل ما في الأمر، والخلافة ليست من الخطط الدينية بل هي خطط سياسية صرفة.
وهذا ليس قولي هذا قول الشيخ علي عبد الرازق وكما تعلم هو من هو، إذن الخلافة ليست من الخطط الدينية، ليس هناك نظام حكم في الإسلام، الناس، الشورى التي تحدث عنها الدكتور، الشورى لم تطبق أبداً حتى بانتخاب الشيخين يعني بانتخاب أبي بكر وبانتخاب وعمر، الخليفة أبو بكر والخليفة عمر لم تطبق الشورى، ولم تطبق بعدها فهذا النظام الحكم ما يسمى بالإسلامي هو ليس بإسلامي بل بشرياً اجتهد به البشر وأقره البشر وتعامل معه البشر.
الأمر الآخر أن هذه الحركات الإسلامية ترفض أي حاكمية للبشر كلنا نعرف سيد قطب، وتاريخ الإخوان المسلمين في مصر، أن الحاكمية لله والبشر ليس لهم أي حق في التشريع وليس لهم أي حق في.. التأويل ولا في الاجتهاد، سيد قطب قال: الثورة يجب أن تكون ثورة على حاكمية البشر، عبد القادر عودة كفّر من يفصل بين الفقه والشريعة، والعقيدة، الإمام حسن البنا -رحمهم الله جميعاً- كان معادياً للأحزاب ويقول إن حزب الله هم الغالبون وبقية الأحزاب هي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن سيد حسين العودات، هذا الكلام لا ينطبق على الإخوان تحالفوا مع حزب الوفد في مصر أكثر من مرة مع الوفد الجديد، إلى ما هنالك من هذا الكلام، حتى حسن البنا نفسه يعني آمن في نهاية المطاف بموضوع الانتخابات، هذا الكلام مغلوط…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
ده من قبيل الضرورات تبيح المحظورات.
حسين العودات:
يا أخ فيصل، هذا ليس مغلوط تحالفوا تحالفاً انتهازياً وتكتيكياً، ولكنهم لم يتحالفوا تحالفاً عن قناعة، هم يرفضون أي وجود للأحزاب، هم يقولون يرفضون الرأي الآخر على الإطلاق هذا تاريخ الحركات الإسلامية وتاريخ…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن سيد عودات هناك بعض الحركات هي قالت عبرت عن استعدادها بأنها تشارك حتى المجوس في اللعبة الديمقراطية، أو اللعبة السياسية، حركات إسلامية حتى المورودي قال ذلك.
حسين العودات:
ماشي يا أخ فيصل لنعد إلى المنطلق، المنطلق ليس هناك نظام حكم اسمه نظام حكم إسلامي، هناك بشر يجتهدون، هناك قيم إسلامية عليا، لا يجوز أن .. حتى هذه القيم العليا -يا سيدي- لا يوجد بها نصوص محكمة حتى الشورى التي يتحدث عنها فضيلة الدكتور لا يوجد بها نص محكم، ولا العدل الذي تحدث عنه سماحة الشيخ فضل الله لا يوجد نص محكم بها هي نصوص متشابهة نصوص عامة، المساواة، عزل الحاكم، تنصيب الحاكم، مدة الحكم، كل هذه اختراع بشر، البشر اجتهدوا وهم منعوا -كما تعلم- أوقفوا الاجتهاد من القرن الرابع الهجري.
إذن لم يأت في النصوص المحكمة هذه الأمور وهم أوقفوا الاجتهاد، ويمنعون، الموقف من المرأة كيف يكون هناك حكم بمنظار الحكم الإسلامي، والمرأة التي هي نصف المجتمع معزولة، ليس لها ولاية وديتها نصف الدية وشهادتها نصف شهادة إلى آخره، أهل الكتاب، أهل الكتاب أيضاً ديتهم نصف الدية وليس لهم لا يجوز.. ليس لهم ولاية، نعرف ينقلون أحاديث عن الرسول الكريم (ما أفلح قوم ولو أمرهم امرأة).
كل الحديث مشكوك فيه، لكنهم يصيرون أن هذا حديث صحيح عن موقفهم من الكتابين، موقفهم من الأحزاب، موقفهم من كل القضايا المعاصرة كلها، الآن تحدث أبو العلا ماضي الآن نصب نفسه قاضياً، وكفر الدكتور السعيد وغيره، من يحق له أن يكفر غيره؟!
أي إنسان يحاول أن يجتهد يتهمونه بالارتداد، حتى الارتداد لا يوجد نص قرآني على معاقبة المرتد، معاقبته في الآخرة يعاقبه الله تعالى ولا يعاقبه البشر فلاناً أو فلان كل هذه الأمور هم حاولوا أن يضعوا الإسلام خيمة فوقهم، وتحت هذه الخيمة حاولوا أن يجتهدوا على، الشيخ الترابي نفسه الآن يجد ألف واحد ينتقده، الآن الآن في هذا الحوار لأنهم يعتبرونه هذا خارج عن الإسلام لأنه .. وهذا طبيعي البشر عندما يجتهدون يختلفون.
هذا طبيعي ينكرون كل شيء، ينكرون حقنا في التفسير، حقنا في العيش، حقنا في مواجهة حياتنا وفي مواجهة أمورنا تحت شعار الإسلام، الإسلام قيم عليا، قيم إنسانية عليا لا ينكرها أحد، قيم عظيمة، الإسلام في الأساس علاقة بين الإنسان وربه وليس الإسلام دخول في تفاصيل الحياة، ولم يدخل الرسول الكريم في كل هذه التفاصيل، بدليل أنه حتى خليفته لم يختاره، نظام الحكم لم يختاره، النظام الاقتصادي لم يختاره، كيف يقولون بنظام حكم إسلامي.
يقولون الآن: الزكاة هي التي تحل، كيف تحل المشكلة الزكاة، هل هم متفقون على الزكاة، الفرق الإسلامية عشرات الفرق الإسلامية في.. وكل فرقة لها مفهوم عن الزكاة بين الخمس وبين الـ .. أنت أعرف مني بكل هذه التفصيلات…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، حسين العودات من دمشق، أشكرك جزيل الشكر. لنأخذ جميل أبو بكر من الأردن، تفضل يا سيدي.
جميل أبو بكر:
السلام عليكم ورحمة الله.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
جميل أبو بكر:
تحية للمنتدين، وخاصة الدكتور الترابي، وأنا أريد الحقيقة أن أورد بعض الملاحظات العامة على الندوة، وأقول إن الحركة الإسلامية انبثقت من رحم الأمة ديناً وثقافة وضميراً، ووجوداً، ومرجعيتها هي دين الأمة، وتراثها، وتقاليدها، ولديها أصول وقواعد ورؤى ودافعية لإقامة العدل، بما تحمل من قيم، ومن أخلاق، ومن تربية، لا تتوفر لأي جهة في المجتمع وهي تسعى جاهدة لتحقيق هوية الأمة الأساسية والحضارية، وحماية حقوقها ومصالحها العليا، وبسط سيادتها على أرضها وثرواتها والمحافظة على هداية الناس وكرامتهم، وعزتهم.
كل هذا يمنح الحركة الإسلامية شعبية واضحة تُرى في الشارع وفي مختلف الأقطار وفي مختلف المجتمعات، وهي شرعية حقيقة، وأكبر مما تنسبه أحياناً الانتخابات المزورة من شرعية سياسية وغيرها، تتبنى الحركة الإسلامية ما صح من فكر وتجربة وممارسة في تاريخ الأمة التي تقترب أو تبتعد من النموذج، وتحاول أن تجتهد في أن تكون الأقرب للنموذج حسب إمكانتها وواقعها يتضمن الدين والشريعة قواعد وأصول في الحكم.
ومارس الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذلك ممارسة عملية واقعية، ومارس الصحابة وهم الذين شهدوا نزول القرآن، وسلوك الرسول -صلى الله عليه وسلم- وما فهموه وما تعلموه عملياً بإجماعهم تقريباً وفي اختيار رئيس الدولة، وهذه ممارسة إسلامية سياسية وسلوك يحتذى، وهذه حقائق معروفة وغريب أن يتساءل الدكتور السعيد فيها كيف تمت؟ وكيف تكون؟
ما يطرحه الدكتور السعيد هو ما يقال في شأن الدين في أوروبا، مع الفرق الكبير جداً بين الدين الإسلامي وغيره من الأديان، وكذلك ما أورده الدكتور عودات هو فيه لا يتبع الحقيقة منهجية علمية، وأيضاً لا يقوم على أسس مستوعبة، أو متعمقة في دراسة الدين، وأيضاً متأثرة حقيقة بالمنهج الاستشراقي في طريقة الانتقاء والهجوم على بعض الأمور…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب سيد جميل أبو بكر أشكرك جزيل الشكر…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
تأذن لي يا دكتور فيصل.
د. فيصل القاسم:
تفضل دكتور سعيد، لكن دعني أطرح عليك هذا السؤال البسيط يعني دائماً يتهم الإسلاميون أو الحركات الإسلامية لا تؤمن بالديمقراطية، وتؤخذ عليها هذه النقطة بشكل خاص كما لو أن بقية النظم العربية يعني ديمقراطية 100%…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
أنا هناقش هذا الموضوع..
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
وليس لدينا أي مشكلة إلا هذه المشكلة، النظام الإسلامي استوعب في داخله المجوس، وعبدة الأصنام واليهود والنصارى، بينما تمنع بلد مثل أمريكا قيام حزب شيوعي تفضل.
د. رفعت السعيد:
أنا عايز أولاً أتحدث عن رأي الأستاذ الترابي في الخلاف، هو قال: إن من حق البشر أن يختلفوا وأنا طبعاً أحيي هذه الفكرة، شريطة أن يكون الاختلاف غير مؤدٍ للاضطهاد، يعني مش إن أنا يبقى عندي حق الاختلاف فإذا اختلفت أروح ورا الشمس، هو قال: إنه بعض المسلمين توحلوا، بمعنى أن خلافاتهم قادتهم كي ينغمسوا في الوحل، وقد انغمس أبو العلا ماضي، أمامكم الآن وتحت أبصاركم في الوحل عندما كفر مخالفاً له في الرأي، لكن أنا عندي ثلاث أسئلة للأستاذ الترابي…
[فاصل إخباري]
د. فيصل القاسم:
دكتور سعيد، كنت على وشك أن تطرح ثلاثة أسئلة على الدكتور الترابي تفضل.
د. رفعت السعيد:
أنا فقط عايز أطرح .. أنا أعرف أنه لم يبق وقت كثير في البرنامج لهذا أنا هيطرح.
د. فيصل القاسم:
لدينا نصف ساعة تقريباً. تفضل.
د. رفعت السعيد:
نصف ساعة، إذن عندنا وقت أنا فقط..
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
حوالي..
د. رفعت السعيد [مستأنفاً]:
حوالي .. أنا أريد أن أسأل الدكتور الترابي بضعة أسئلة مختصرة. هو تحدث عن الشورى، أعرف وجهة نظره، مَنْ يختار أهل الشورى؟ وممن يختارون؟ اثنين: هل الشورى ملزمة؟ وماذا لو لم يتفق أهل الشورى؟ يعني جمعنا أهل الشورى فاختلفوا وده وارد طبعاً، فماذا .. ماذا لو لم يتفقوا؟
السؤال الثاني: في آخر انتخابات ديمقراطية قبل اللي حكم بعدها الأخ الصادق المهدي حصلت أنت وحزبك على 700 ألف صوت، وحصل حزب الأمة على مليون ونصف صوت، والحزب الاتحادي على قرابة المليون صوت. إذن الأغلبية لم تكن معك، هل تتصور أن الأغلبية تغيرت الآن إذا أجريت انتخابات ديمقراطية؟
السؤال الأخير: استلمت السلطة أو استلمتم السلطة وسعر رغيف الخبز 15 قرشاً أصبح الآن 150 جنيه…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
دكتور سعيد، هذا السؤال -اسمح لي أقول لك- السؤال اللي قبله والسؤال الأخير لا يدخل .. ربما نعطي هذه الأسئلة حلقة خاصة، لكن كي نستغل الوقت لنبقى في صلب الموضوع أعطى المجال الدكتور الترابي كي يرد على هذا الكلام؟ دكتور ترابي.
د. رفعت السعيد:
تفضل .. تفضل.
د. حسن الترابي:
أولاً: تعليقات ماضي أن الإسلام من فعل البشر، بالطبع الإسلام ليس أن يسلم البشر لله -سبحانه وتعالى- ومحمد نفسه كان بشراً يعني. أمَّا أن نقول ليس هنالك من نظام إلهي للصلاة القرآن لم يفصل الصلاة فصلها محمد -عليه الصلاة والسلام- والزكاة فصلها محمد، والحكم فصله القرآن، وبينته السنة، والقضاء وأحكام الاقتصاد، كلها ليس فيها زكاة فقط، كما يحسب الواهمون يعني لو قرءوا الناس، وأن توقف الاجتهاد هذا هو الجمود بالطبع.
المرأة .. هذا ليس صحيحاً ما يقوله الأخ الكريم عن المرأة في الإسلام كانت نهضة المرأة القرآن كله كان لتحرير المرأة، نقص الدين، فانقلب المسلمون على المرأة مرة أخرى، كما انقلب الغرب على المرأة، والآن الإسلام يحرر المرأة مرة ثانية…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
المرأة في فرنسا لم تستطع أن تفتح حساباً بنكياً حتى عام 1965م، وفي بريطانيا لم تحصل على حق التصويت إلا…
د. حسن الترابي [مقاطعاً]:
هذه ظاهرة عالمية إذا نقص الدين عندنا نحن، إذا نقص الدين حرية المرأة، والآن نهضت المرأة في كل البلاد في السودان -مثلاً- هي الآن وزيرة، هي الآن تقاتل، وهي الآن في التعليم وهي الآن في الحياة العامة في كل مكان…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن نرى العكس تماماً -مثلاً- في بلد مثل أفغانستان، يعني كيف تفسر هذا؟ هنا المشكلة يعني لا يمكن أن نأخذ بلداً بعينه…
د. حسن الترابي [مقاطعاً]:
تقدم الإسلام في حالة انتقال بعض الناس سابقون، وبعض الناس مقتصدون في الوسط، وبعض الناس مازالت تثقلهم آثار الماضي -أخي الكريم- الانتقال كله هكذا كل الحضارات تبدأ هكذا، الديمقراطية لم تبدأ من أول يوم إلا انتخاباً للأغنياء فقط، لا يصوت إلا من يدفع ضريبة، أما المرشح فلابد أن يكون أكثر من ذلك، والنساء صوتن قبل قريب -كما تعرف- في كل البلاد الأوروبية، أما اليهود، وغيرهم صوتوا قريباً.
فالأمور كلها تذهب تدرجاً فنحن نعود إلى الإسلام -إن شاء الله- لكنها درجات متسارعة -إن شاء الله- أما ها الكتاب فاسألوا عنهم في السودان يعني على الأقل يعني الحمد لله يعني، ولكن الحل بيني وبين مثل هذه الأقوال -يا أخي- لكم الحرية كان المنافقون، وكان اليهود ينتقدون الرسول يقولون هو أُذن يسمع من يشاء، وينتقدونه على توزيعه للضرائب، وينتقدونه إذا تحرك، وينتقدونه إذا قام.
فالقرآن لم يوقف هذه الحرية، ولكن انتهت منافقون يعني فنتحاور -إن شاء الله- وننظر لمن تكون عقبى الدار، ولكن لا تكون مع الحكام الذين يكبتون الإسلام، حتى لو كبت هؤلاء الحكام الإسلام، ستقوم ثورة، ونحن نفضل .. نفضل أن يتطور الناس بالحرية طوعاً إلى الإسلام، لأن هذا هو المنهج القرآني، لأن الثورة معناها خراب، ومعناها وطاقات تتبدد يعني.
أما الأسئلة البسيطة جداً، التي يسألني عليها الأخ الآخر، من يختار أهل الشورى؟ الشورى ليس لها أهل يا أخي (والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون) كل المسلمون هم أهل شورى، ما فيه أهل حل وعقد كده يعرفهم أحد يعنى الشورى لكل الناس، و الإجماع إجماع لكل الناس "لا تجمع أمتي على ضلالة". والآية التي أسس عليها الإجماع تتحدث عن كل المسلمين يعني.
فالشورى ملزمة وحدثته أن أمرهم شورى، الحج عرفة، هذه معناها كلزمة يا أخي الكريم ، الشورى ملزمة، ولكن المشاورات الأفقية بين أحد وصديق يعنى هذه مشاورة بالطبع يستنير بها. قد لا يعمل بها، لكن الشورى إجماع المسلمين إذا سوادهم الأعظم سار على رأى، هذا الإجماع ملزم، يا أخي الكريم، قبل أن تقوم الديمقراطية نحن علمناهم الديمقراطية…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، لكن -دكتور- إذا تحدثنا عن الجانب الاقتصادي، وهو مهم جداً في التجربة، لابد أن يكون مهماً بالنسبة للتجربة الإسلامية يا ترى هل هناك مشروع اقتصادي إسلامي يمكن الحديث عن مشروع اقتصادي إسلامي خاصة يعنى هناك من يقول بأن الإسلاميين يسبحون ضد التيار ويريدون أن يعودوا إلى الوراء، إلى ما هنا لك.
كيف بإمكاننا أن نعيش أو نتعامل مع عالم غربي مثلاً عالم يسيطر على الإقتصاد العالم يقوم بالدرجة الأولى على مبدأ الفائدة، والإسلام مثلاً -ببساطة- يرفض كل هذا المبدأ، هناك الآن العولمة الاقتصادية، التى تجتاح كل البلدان إلى ما هنالك من هذا الكلام، الشركات العابرة للقارات، كيف بإمكان الإسلام بفلسفة اقتصادية بسيطة تقوم على كلام مثل الزكاة، وبيت المال، بيت مال المسلمين أن تتعامل مع هذا العالم الاقتصادي المتطور الهائل.
د. حسن الترابي:
أولاً: يا أخي الكريم، لا يمكن أن تختصر النظام الإسلامي الاقتصادي كله في الزكاة، حتى لو قرأت القرآن يا أخي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
وبيت مال المسلمين.
د. حسن الترابي:
كلا بيت المال معناه هي وزارة المالية يا أخي التي هي مع دولة، هذا شيء آخر، الزكاة هذا أبد الدهر فرض على الناس، أن يكون من رؤوس الأموال، لا من أرباح الشركات، لأن الشركات قد تربح وقد تخسر، من رؤوس الأموال حق، حتى نحفظ حداً أدنى للفقر ألا يأتينا أبدأ يعنى، لكن بعد ذلك يجوز للناس بإجماعهم أن يفرضوا أيما ما يفرضوا، على الناس، ويصوبوه لأيما مصارف، لكن تلك مصارف لأغراض معدودة أزلية أبدية.
البقية اجتهاد وللسلطان تحت قرارات الشورى طبعاً، وقرارات المجلس، المسلمون حتى -يا أخي- الفقهاء لم يفصلوا ما فعل الغرب لما غلب الغرب الكنيسة، الكنيسة تركت له الحكم وتركت له المال وتركت له العلم والفن، لكن الفقهاء المسلمين أخذوا أغلب التشريع هم الفقهاء، أصبحوا هم فقهاء، و القضاة ينظرون إليهم، لا ينظرون إلى الوالي ولا ضرائب أصلاً، أوقفوا الضرائب لأنه (No taxation without representation).
الثورات الدستورية كلها قامت من أجل الضرائب، من أجل التشريع، فالمسلمون كانوا خيراً من أولئك، حتى لما تحكم فيهم خلفاء مستبدون، الدَّين أطول آية في القرآن يا أخي هي سورة الدَّين، والآن كله يقوم على الاعتماد على الثقة، الاقتصاد الحديث، لكن يقوم على نظام الربا.
نحن يمكن أن نبدع نظاماً، لا نجمع فيه أموال الناس ونسلفها، ونربح خسر المسلف إليه أو ربح، يمكن أن تكون مشاركة بين الناس، فيشترك معه في الغنم والغرم، المصرف، وهذه مصارف إسلامية الآن في بلد كامل، بدأت تتفاعل هذا التفاعل يعني، ونجحت الأخيرة طبعاً، لا نستطيع أن نبسطها على العالم إلا أن تقوم هي الأخرى…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكنها بداية ناجحة.
د. حسن الترابي:
نعم، وتقوم تجربة في بلد آخر، وبلد ثالث، وبلد رابع، وتقوم لنا عملة على الأقل -يا أخي الكريم- ويقوم لنا بنك إسلامي فعلاً يعني ونقيمه، لماذا خلقنا الله؟ نقلد الغرب، لنقيم نظاماً اقتصادياً أعدل من ذلك النظام الظالم، الربا ظلم، ظلم للفقراء..أصله من الذي أسسه؟ أسسه اليهود، خرجوا عن المسيحية، وخرجوا على دينهم، وخرجوا على الإسلام في الربا، وهم الذين أسسوا النظم هذه وأصبحوا يحكمون العالم، لماذا لا يستبيحون دارنا فنرضى بما يستبيحون؟ العولمة هذه قيمة من قيم الدين العالمية، نحن نوحد الله…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
لكن مع ذلك الكثير من البلدان الإسلامية تعمل بهذا النظام الاقتصادي العالمي شئت أم أبيت .
د. حسن الترابي:
أسميهم يا أخي الكريم، مسلمين كأنهم أهل كتاب، الله وصف لنا أهل الكتاب تركوا شريعة الدين، وأصبح علماء الدين يستغلون الدين، يأكلون أموال الناس بالباطل، وعرضت لهم كل هذا العلل التي عرضت علينا نحن، فأنا أسمي المسلمين كأنهم أهل الكتاب الأخير يعني، ولكن أنسبهم إلى السنة، ولكن النهضة الإسلامية ستبدل نظام الاقتصاد، وستدفع الناس ليكسبوا اقتصادياً.
الفقهاء يظنون أنه الكسب الاقتصادي هذا أمر دينا، ولكن الدين يقول لنا اكسبوا واعملوا وجاهدوا وابتغوا من فضل الله، ولكن اعملوه بالعدل بغير ربا، والحكم كذلك نريد أن نقدم للناس نموذجاً نحن المسلمين، نحن أئمة للناس، الله كلفنا نبلغ، وأن نكون للناس قادة وشهداء للناس، لا أن نكون تبعاً للغرب هكذا، تعلمنا نحن في الغرب يعني، فأحياناً نتزي بزيه، ولكن لا .. وإلا لألغينا وجودنا، نحن نسخ للغرب، ونحن قردة للغرب، وفينا قردة كثيرون يعني.
العالم أصبح واحداً قد يكون في وسطنا علي عبد الرازق ومن يرى مثله يعني يكون في وسطنا وهو حر، ولكن نريد له أن يكون في وسطهم كذلك مسلم في أمريكا ومسلم في بريطانيا ومسلم في فرنسا، ونريد معهم أن نتعاهد على نظام واحد حريات دينية للجميع، هم لا يعطون للمسلم حرية أن يتزوج كما يشاء، ويورث كما يشاء، ونحن نعطيهم حريات، ولا يعطونه حرية في كل شيء يسجنونه ويلقون عليهم القبض.
نريد حرية للجميع، العالم أصبح واحداً، وهذا الذي نريده للعالم، ونحن مطمئنون أن الإسلام هو الذي سينتصر، لأن الديانات الأخرى انتهت، والاشتراكية انتهت، وكل الثقافات…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
إذن المستقبل للإسلام في كل المجالات، أوجه هذا الكلام للدكتور رفعت السعيد باختصار.
د. رفعت السعيد:
يا سيدي أنا عندي بعض الملاحظات. الملاحظة الأولى: الأستاذ الترابي قال: يختار أهل الشورى كل المسلمين، ما قلش كل المواطنين. دقيقة واحدة. هو في مجتمع متعدد الديانات ما قلش كل المواطنين. اثنين…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
تريد أن تقول كل المواطنين؟
د. حسن الترابي:
كل المواطنين كل المواطنين بيننا وبين سائر المواطنين في السودان عهود مواطنة، اتفقنا معهم أن الشورى للجميع فهي للجميع وهذه في ذمتنا.
د. رفعت السعيد:
اتفقنا .. هذه في ذمة، ما هو ده اللي أنا كنت هأقول له: لجنة الدستور التي شكلتوها هي شكل من أشكال الشورى .. دقيقة يا فيصل .. نعم…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
دكتور سعيد، أريد أن أركز على الموضوع الاقتصادي ما هو رأيك بما طرحه الدكتور الترابي؟
د. رفعت السعيد:
لا أنا عندي موضوع أهم من الموضوع الاقتصادي .. عندي موضوع أهم من الموضوع الاقتصادي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
اللي هو..
د. رفعت السعيد [مستأنفاً]:
الدكتور الترابي يقول: نحن في فترة انتقال ويقول نعود إلى الإسلام -إن شاء الله- هو إحنا مش مسلمين، ولم نكن مسلمين منذ عشر سنين؟ ومنذ مائة سنة ومنذ مائتي سنة ومنذ أربعة عشر قرناً، وفترة الانتقال دي بين إيه وإيه؟ بين الإسلام وبين ماذا؟ هل نحن دولة الكفر؟ هل نحن .. دولة الـ .. ديار الحرب؟ ديار الكفر؟ أو نحن ديار إسلام، وكلنا مسلمون فما هي فترة الانتقال؟
د. فيصل القاسم:
طيب .. طيب..
د. حسن الترابي:
أولاً: يعني يصف قضية لجنة الدستور…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
باختصار دكتور لو سمحت.
د. حسن الترابي:
الذين أداروا لي الدستور هم أصدقائي وهم إسلاميون، وهم دفعتي يا أخي الكريم، ولكن هذه اللجنة قدمت…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
وألقيت بهم إلى سلة المهملات..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
صبراً يا أخي الكريم، صبراً يا أخي الكريم، قدمت دستوراً للمجلس الوطني الذي انتخبه الشعب لا يمكن أن نفرض على المجلس الوطني شيئاً 100%…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب كي لا نركز كثيراً..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
وبعد ذلك عُرض للشعب كله، هذه قضية انتهى منها، أما الانتقال هذا، الانتقال المسيحية كانت تشمل العالم كله، كما أراد عيسى -عليه السلام- ولكن وقعت حروب ضدها وحوصرت وأُبعد الله -والعياذ بالله- من السياسة، ليس لمالك الملك يؤتي الملك من يشاء، وأبعد من الاقتصاد، وأبعد من العلم وحوصر في دار يسمى الكنيسة فقط، وفي حياة خاصة فقط شعائر الموت، والزواج وهكذا فقط يعني الدين الإسلامي أصابته نفس العلة عند المسلمين.
أنا لا أريد أن أخرجهم من الملة وأسميهم كفاراً جملة واحدة، ولكن يزداد الإيمان وينقص -كما يقول القرآن- القرآن ليس هو مسلم وكافر، والمسلمون نقص، خرجت السياسة، والحكم ونظام اختيار الحكم، ونظام الحريات، وخرج الاقتصاد، والربا أكله المسلمون، وتركوا الزكاة المسلمون، وطاعوا للغرب أصبحوا فيه منهم ما هو يعني (لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض) من يوالون الغرب تماماً برأيي الآن الذي أقوله الآن…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
باختصار.
د. حسن الترابي:
الآن .. بدءوا يتوبوا، بدأ الإسلام يرجع إلى كماله السياسة بدأت تتوب إلى الله، والاقتصاد يرجع إلى الله. والفنون…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
حتى بدأت تعود إلى الله..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
والعلوم الطبيعية ترجع كذلك إلى تأصيلها على أساس الدين، فهذا الذي أقوله يتوبون الآن إلى الدين كله شاملاً، غير منقوص -إن شاء الله- ليكونوا حضارة، إن شاء الله.
د. فيصل القاسم:
لنشرك الأخ منتصر الزيات…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
نأتي إلى الجانب الاقتصادي يا أخ فيصل، نأتي إلى الجانب الاقتصادي.
د. فيصل القاسم:
بس باختصار -لو سمحت- لم يبقَ لدي الكثير من الوقت، تفضل.
د. رفعت السعيد:
في دقيقة.
د. فيصل القاسم:
طيب يا الله .. تفضل أمامي مكالمتين.
د. رفعت السعيد:
في دقيقة، أنا عايز أقول: إن تجربة البنوك الإسلامية أو المسماه بالإسلامية في مصر، أنا ما أعرفش في السودان، عندما وقعت بعض الأحداث في إنجلترا فأفلس البنك التجاري الكريديت (credit) ده، البنك ده اكتشفوا أن أحد البنوك الإسلامية يتحايل فيعمل أيه بدل ما يعمل وديعة deposit يحط أمانة، وبدل ما يأخذ فائدة يأخذ هدية، نحن نتلاعب بالألفاظ ونضحك، إذا كنا نضحك على أنفسنا فهل هنضحك عليه سبحانه وتعالى؟! حرام، يعني حرام أن نضلل البشر إلى هذا الحد وحرام أن نتلاعب بالإسلام.
د. فيصل القاسم:
طيب .. دكتور سعيد .. طيب، لنشرك السيد منتصر الزيات من القاهرة، تفضل يا سيدي.
منتصر الزيات:
السلام عليكم.
د. فيصل القاسم:
وعليكم السلام.
منتصر الزيات:
أحيي هذه الندوة الكريمة الساخنة.
د. فيصل القاسم:
أشكرك يا سيدي.
منتصر الزيات:
التي تتناول موضوعاً شائكاً، وأنا في عجالة سأبدي بعض الملاحظات، بعضها يتعلق بالدكتور رفعت السعيد وبعضها الآخر يتعلق أو .. ملاحظات أريد أن أتفهمها من الدكتور حسن الترابي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
كي لا نشخص الموضوع ندخل في صلب الموضوع.
منتصر الزيات:
نعم .. نعم في عجالة فلم تتركوا لنا شيئاً حقيقة المهندس أبو العلا ماضي قال كثيراً مما كنت أود أن أقول، وأبو العلا على فكرة لم ينقلب كما قال الدكتور رفعت السعيد لكن أنا أقول…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
ما هو زيك، انقلب زيك.
منتصر الزيات [مستأنفاً]:
هو تطوَّر، أنا أختلف مع المهندس أبو العلا ماضي في بعض الأمور، وأتفق معه في البعض الآخر لكني أقول إنه لم ينقلب، لكنه تطور، وهذا هو الفرق بين الدكتور رفعت السعيد والمهندس أبو العلا ماضي، أنا لم أخرج عن الموضوع أبو العلا تطور من داخل البناء خطه إسلامي، أبو العلا 75 غير أبو العلا ماضي 99 لكنه في الحالين يريد الإسلام، وينشد أحكامه، كما كان للإمام الشافعي مذهبان.
أما الدكتور رفعت السعيد فهو يتحدث من خارج البناء، لا أريد للدكتور رفعت السعيد أن يتصور أنني أقول عبارات جارحة أبداً، هو كاره للدين سبق أن طالبنا الدكتور رفعت السعيد أن يقول: هل هو يعارض الإسلام كدين؟ وبالتالي…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب سيد منتصر الزيات كي..
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
هل هذا ممكن؟!
د. فيصل القاسم [مستأنفاً]:
لا يكون رفعت السعيد موضوعنا للوقت والوقت ثمين، يعني لم يبقَ لدي إلا القليل من الوقت…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
أنا أعتقد أن الإرهابيين الذين يدافع عنهم منتصر الزيات هم الذين يشوهون الدين، وهم الذين يشوهون الإسلام، وهو يدافع عنهم لأنه مثلهم.
منتصر الزيات:
سأعرض عن هذه النقطة، أنا سأقول شيئاً، أنا سأقول شيئاً، حدوته صحيح الدين أنا عاوز الدكتور رفعت السعيد يغيرها عايزه الأول يقول لي: هو بيقر الدين أو لأ؟ ما علينا…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
قبلك وأكثر منك..
منتصر الزيات [مستأنفاً]:
هو يبدو أن هناك أمراً يغم على الدكتور رفعت السعيد، أمراً يغم عليه، وعلى حسين العودات، ما هو الفرق بين المسلم، والإسلامي؟ هذا الذي نود أن يتضح لديهم إن كانوا موضوعين في النقاش وفي الحوار، كل من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله هو مسلم له كل حقوق وضمانات الإسلام، أما الإسلامي أو المتأسلم.
كيفما شاء أن يقول هو الذي يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهو الذي يبتغي الإسلام طريقاً، ومنهجاً لتسييس حياة الناس، الدكتور رفعت السعيد ماركسي معروف، ومع هذا قد يقول لنا: أنه يقول لا إله إلا الله، وغيره الماركسيون، الاشتراكيون، الليبراليون، يقولون: نحن مسلمون لكننا نتخذ نظريات بشرية وضعية، تسوس حياة الناس.
لماذا ينكرون علينا أن نقول: أننا نحن مثلهم مسلمون؟! ولكننا أيضاً نبتغي الإسلام نظرية، ومنهجاً في حياة الناس؟ هذا ما يتعلق بالدكتور رفعت السعيد أريد أن أقول للدكتور حسن الترابي وأحييه…
د. رفعت السعيد [مقاطعاً]:
طبعاً..
منتصر الزيات [مستأنفاً]:
وتحيتي إليه، وله لا تعني أننا نوافق على كل ما يقع على أرض السودان، لكني أحترم، كلنا من داخل الدائرة نحترم توجهاتهم، ونحترم اجتهاداتهم، لكننا نحتاج أيضاً أن نعرف من الدكتور الترابي ما هو السبب في تضييق المشاركة السياسية للآخرين، ما هي المبررات التي يسوقها في تسبيب رفضه مشاركة الأحزاب القديمة؟ ما هو تصوره لمشاركة الآخرين؟
أنا أعتقد أن مبدأ نفي الآخرين لن يوصل إلى نتائج طبيعية، الاجتهاد أعتقد أيضاً فيما قال الدكتور فيصل في ملحوظته عن شكل الحكم أنه غربي أكثر منه إسلامي في إيران، أنا أقول أيضاً باعتبارنا متهمون دائماً بالتحجر، أقول أن الإسلام لم يحدد شكلاً محدداً لطريقة ا لحكم، لأ .. الإسلام يتعامل مع كل عصر بمرونة شديدة لا يستطيع أن يرتقي إليه النظريات الوضعية العصر…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
طيب، منتصر الزيات أشكرك جزيل الشكر، رفعت السعيد تريد أن ترد بثواني؟
د. رفعت السعيد:
أيوه، أنا بس عايز أقول إن الأخ منتصر .. منتصر الزيات هو أكبر مستفيد من الحركة المتأسلمة، الإرهابيون يقتلون، وهو يدافع عنهم، ويكسب، الأخ منتصر الزيات إذا كان يتصور أن بإمكانه أن يخيفني، بأن يهددني بأنني كاره للدين، فيحرض عليَّ واحد من هؤلاء الذين يفني حياته دفاعاً عنهم، فأنا لا أخاف منه ولا من غيره.
د. فيصل القاسم:
أشكرك دكتور الترابي لدينا ثواني أريد أن.
د. حسن الترابي:
أولاً: أحمد الله أن بعض الناس لا يريدون أن يضحك مصرف إسلامي على الإسلام ويتحايل عليه بالحيل، هذه مصارف جديدة وتحاول أن تجدد أنماطاً من المعاملات، وعندنا في السودان.
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
باختصار دكتور .. باختصار شديد..
د. حسن الترابي [مستأنفاً]:
نعم، ولذلك يعني إن أخطأت فستجدد -إن شاء الله- الحمد لله الذي نأمله أنه اقتصاد إسلامي له معاني، ثانياً: تضييق المشاركة، الإسلام جاء للإسلام بالقوة، لأنه لا يمكن للإسلام أن يأتي الآن، والغربيون قائمون، والآن لا يُرفض حتى المتمركس، وحتى المجوسي في الجنوب، مثل المتمركس مثل المسيحي، كلهم إن شاء الله، كلهم إن شاء الله…
د. فيصل القاسم [مقاطعاً]:
أشكرك دكتور أشكرك، للأسف الشديد، أشكرك. مشاهدينا الكرام لم يبق لنا إلا أن نشكر ضيفينا الدكتور رفعت السعيد (أمين عام حزب التجمع في مصر) والمفكر الإسلامي الدكتور حسن الترابي.
نلتقي مساء الثلاثاء المقبل فحتى ذلك الحين، ها هو فيصل القاسم يحييكم من الدوحة، إلى اللقاء.
ما أسباب انحطاط المسلمين بعد الخلافة الراشدة سياسيا؟ كيف تخلصت الحضارة الأوروبية من قيود الكنيسة؟ أين الإختلاف في المنطلقات الإسلامية عن الكنسية تجاه العلم والدين؟ ما أوجه الخلاف بين التجربتين الإسلاميتين السعودية السودانية والخلاف بينهما؟