ملف الأسرى لدى الاحتلال الإسرائيلي
مقدم الحلقة: | غسان بن جدو |
ضيوف الحلقة: | دانيل بايبس مدير منتدى الشرق الأوسط – فيلادلفيا |
تاريخ الحلقة: | 15/11/2003 |
– عدالة قضية الأسرى والمعتقلين
– أسباب تمسك حزب الله بسمير القنطار
– موقع قضية الأسرى في الأجندة العربية
– السياسات العدوانية الإسرائيلية في المنطقة
غسان بن جدو: مشاهدينا المحترمين، سلام الله عليكم.
كي نكون.. نكون صريحين منذ البدء، أي حديث عن الأسرى والمعتقلين اللبنانيين والفلسطينيين والعرب لدى الاحتلال الإسرائيلي يعني أولاً وأولاً المعتقلين أنفسهم، وأولاً وثانياً: أهالي هؤلاء القابعين في سجون وزنزانات ومعسكرات الاحتلال، هؤلاء هم من يعانون بالفعل، هم من يتألمون ويبكون ويلات الحبس والبطش والحرمان وحتى التعذيب بألوانه المتعددة.
عائلات الأسرى والمعتقلين في جب اللهيب أيضاً، الأمهات والآباء والزوجات والأبناء فتيات.. فتياتٍ وفتياناً وغيرهم، هم أيضاً وقطعا يعانون ألم الفقدان والحرمان بكل معانيه وتجلياته المادية، وربما يعانون أيضاً حسرة التهميش ولا مبالاة الكثيرين، سوف نسمع منهم ما تيسر في حلقتنا هذه.
أهلاً بكم، وشكراً على حضوركم أيها الأهالي، في هذه الليلة الرمضانية المباركة مع عائلات الأسرى والمعتقلين: سمير القنطار، والشيخ عبد الكريم عبيد، ومصطفى الديراني، وأنور ياسين، وحسن العنقوني.
لكن لملف الأسرى والمعتقلين والرهائن والمختطفين أبعاد سياسية ورمزية، وربما استراتيجية أيضاً، ناهيك عن تلك الأمنية بامتياز، وفي هذا نقول أيضاً منذ البدء: الملف معقد وحرج، والمعلومات الدقيقة النهائية قليلة، حزب الله الذي يقود الملف، ويدير المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسيط الألماني، وبالتشاور مع الدولة اللبنانية سيَّما الرئيس (إميل لحود)، كما قال السيد حسن نصر الله، قلنا حزب الله حريص على الكتمان تفادياً للضجيج ورغبة في التسوية النهائية، لذا حديثنا ينطلق مما أُعلن من معلومات، وما لدى ضيوفنا من رأي وتحليل وتقدير موقف.
ما سُميِّت بالصفقة كادت أن تتم، لكن بدا أنها تعطلت ولو إلى حين، وربما يكون السبب ما قاله رئيس الحكومة الإسرائيلي (أرئيل شارون) في غرفة مغلقة عندما اطلع على قائمة المنوي الإفراج عنهم: لن يحدث هذا أبداً، القنطار لن يفرج عنه، بينما كان السيد نصر الله (أمين عام حزب الله) أكد في الهواء الطلق وأمام الإعلام: سمير القنطار يعني عبد الكريم عبيد، وأنور ياسين يعني مصطفى الديراني، وبحسب ما نقلته صحف إسرائيلية بالفعل، فإن إسرائيل تراجعت عن الاتفاق الأول، وكأن شارون أعاد القضية إلى نقطة الصفر، وتبدو الآن كحمار بُريدان الفلسفي مخيراً بين كومتين من تبن، أيأكل من هذه أم من تلك؟ أي في النهاية إما ألا يأكل، وإما أن يختنق، كأن شارون أراد أن يرمي بحمار بُريدان إلى نصر الله قائلاً عليك أن تقبل الصفقة منقوصة، وكأن السيد نصر الله يرد: هاك حمار بُريدان.. بُريدانك إما صفقة كاملة، وإما لا صفقة.
حمار بُريدان لدى الجانب الفلسطيني يعني الانتظار والصبر والأمل، وحمار بُريدان من لبلدان عربية من أسرى ومعتقلين هو رسمياً أي الأنظمة: اتركونا وشأننا، ولا نريد أن يقطف حزب الله ومن معه من الوطنيين الثمرة، أما العائلات فتقول: مرحى لحمار بُريدان، نأكل من هذه الكومة ومن تلك، المهم أن يفرج عن أبنائنا، أما حمار.. حمار بُريدان الأميركي فكأنه يقول: لا شأن لنا في هذه القضية بين إسرائيل الدولة الديمقراطية والجماعات الإرهابية.
الإطار السياسي لهذا الملف نناقشه هنا في بيروت مع السيد ناصر قنديل (النائب في البرلمان اللبناني)، والسيد مايكل بايبس (مدير منتدى الشرق الأوسط في فيلادلفيا)، وهو يحدثنا مباشرة على الهواء عبر الأقمار الصناعية من فلوريدا.
مرحباً بكم.. مرحباً أستاذ ناصر
ناصر قنديل: أهلاً وسهلاً.
غسان بن جدو: مرحباً بك سيدي في فلوريدا، مرحباً بكم أيها الضيوف.
[فاصل إعلاني]
غسان بن جدو: طبعاً القضية تحتاج ساعات وربما أيام، نحن هنا سنتحدث مع بعض العائلات، لن نتحدث مع كل أفراد العائلات، مع بعض ممثلي أفراد العائلات، ولكن من حقهم علينا جميعاً أن نتعرف عليهم بدون استثناء.
أولاً: أحاول التعرف عليكم بدون استثناء.
مريم حسن العنقوني: بسم الله الرحمن الرحيم، مريم حسن العنقوني، بنت الأسير حسن العنقوني.
غسان بن جدو: أهلاً.
زينب الديراني: زينب الديراني زوجة الأسير الحاج أبو علي الديراني.
غسان بن جدو: أهلاً يا حاجة.
سهام القنطار: أم سمير القنطار سهام القنطار.
غسان بن جدو: أهلين يا ستي.. أهلين.
بسام القنطار: أنا بسام القنطار شقيق سمير القنطار.
ساجد عبيد: ساجد عبيد، نجل شيخ الأسرى الشيخ عبد الكريم عبيد.
غسان بن جدو: أيوه يا حاجة.
أم علي ياسين: أم علي ياسين أمه لأنور ياسين.
غسان بن جدو: تشرفنا.
كمال محمد ياسين: كمال محمد ياسين، بيه لأنور ياسين.
غسان بن جدو: أهلين..
حيدر ياسين: حيدر ياسين، خيه للأسير أنور ياسين.
غسان بن جدو: تشرفنا نتعرف عليك.
علي ياسين: علي ياسين، خي للأسير أنور ياسين.
أسامة قاسم: أسامة قاسم، صديقه وأعيش ببيته لأنور ياسين.
نبيه عواضه: نبيه عواضه، أسير محرر من سجون الإسرائيليين.
غسان بن جدو: أهلين.. أهلين حمداً لله على السلامة، متى حررت؟
عبد الله القنطار: عبد الله القنطار، خيه لسمير القنطار.
غسان بن جدو: تشرفنا.
علي الديراني: علي الديراني، النجل الأكبر للأسير مصطفى الديراني.
حسن ديراني: حسن ديراني، أحد أقارب الحاج…
محمد الديراني: محمد الديراني ابن الأسير الحاج مصطفى الديراني.
يحيى العنقوني: يحيى العنقوني، ابن الأسير حسن العنقوني.
غسان بن جدو: تشرفنا بكم جميعاً. أنا سؤالي الأول يعني لكم، ولكن ربما أبداً مع الأخ ساجد أنت ساجد ابن الشيخ عبد الكريم عبيد، في رسالة لك إلى والدك قبل.. قبل سنوات في الذكرى العاشرة لاختطافه، أنت كتبت رسالة هي.. هي لدي الآن، أولاً: تحدثه بشكل عاطفي كثيراً، ربما سأقرأ بعد قليل هذا الجانب، ولكن كأنك تقول: إننا لا نزال صابرين، وحتى تتحدث بشكل كبير عن المقاومة وعن الدولة اللبنانية، بعد كل هذه السنوات فعلاً أنتم لا تزالون صابرين؟
ساجد عبد الكريم عبيد: منذ اللحظات الأولى لاختطاف والدي كنا صابرين، وتيقنا أن طريق التحرير لن تكون إلا على يد المقاومة، والشيء الأكبر الذي يصبرنا هو رسائله إلينا، فرسائله أكبر زاد لنا في صبرنا وجهادنا وعزيمتنا وإرادتنا، فهو داخل السجن.
غسان بن جدو: وتبادل الرسائل كل كم.. متى؟
ساجد عبد الكريم عبيد: تبادل الرسائل بدأ منذ سنة 2000 فقط، يعني بعد 11 سنة اعتقال لم نسمع منه شيء، ولم نرَ أي شيء منه، رسائله بدت إلينا كأنها بوصلة لطريقنا تدلنا على الطريق الذي يجب أن نسلكه، هذه الرسائل بشكل كبير صبرتنا على محنتنا، فقد المنطق يقول أن نصبره نحن على محنته، ولكن كان هنا العكس، فالسجان انتصر على.. فالسجين انتصر على السجان وكسر إرادته، وحوله إلى مدرسة تصنع الأبطال في السجن.
غسان بن جدو: طيب أخي ساجد.
ساجد عبد الكريم عبيد: وتخرج الأبطال في العائلات أيضاً.
غسان بن جدو: أنت بتعرف أخي ساجد إنه تقريباً على الأقل خلال السنوات الأخيرة قضية دائماً الشيخ عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني متصدرة بشكل كبير دائماً، الآن يعني أنت تشعر بأن والدك ربما على وشك أن يطلق.. يطلق سراحه، ولكن دعني أقول لك بشكل صريح الصفقة قد تُعطَّل بسبب تصلب أرئيل شارون بعدم إطلاق سمير القنطار (عميد الأسرى والمعتقلين) بطبيعة الحال، دعني أحدثك بصراحة، وأجبني بشكل صريح، هل أنت تشعر بألم أن والدك يُربط سراحه من أجل سمير القنطار أو لأ هناك تضامن حقيقي بينكم؟
ساجد عبد الكريم عبيد: أولاً: نحن لم نضمن بعد إطلاق سراح والدي، هذه بشكل أولي.
ثانياً: نحن كمقاومين وكعائلات مقاومين نتضامن مع مقاومين وعائلات مقاومين أيضاً، وكما قلت في حديث تليفزيوني أن تضامن المقاوم مع المقاوم ليس مجاملة، بل هو واقع الحال، وتضامن المقاوم مع أخيه المقاوم رفيق السلاح يكون واقعياً، فهذا ليس.. يعني ليس لديَّ إحراج أو لديَّ حزن على توقف الصفقة بشأن سمير القنطار أو غيره من الأسرى، فنحن لا نضمن أن يأتي رئيس الوزراء بعد فترة الإسرائيلي، ويقول باستثناء أحد الأسرى الآخرين من الصفقة، فهذا العدو غاشم ومنذ اللحظة الأولى لاعتقال والدي، ومنذ اللحظة الأولى لقيام الكيان الإسرائيلي لم يفِ أي.. بأي وعود أطلقها إن كان للفلسطينيين أو لغيرهم من العرب.
غسان بن جدو: طيب، خليني أسمع رأي السيدة أم أنور ياسين، مساء الخير يا حاجة.
أم أنور ياسين: مساء النور..
غسان بن جدو: يعطيك العافية، طب شو كلمتك الآن، وأنور ياسين طبعاً قصته معروفة، وهو بطل بكل ما للكمة من معنى، أنت كوالدة صار لك سنوات طويلة حول هذا الموضوع ما الذي تقولينه الآن بالتحديد؟
والدة أنور ياسين: نقول أنا بأحييكم كلكم، وبأحيي الأسرى، ونحنا عائلات الأسرى كلنا متضامنين مع بعضنا، كلمة واحدة ويد واحدة، وبيطلعوا الجميع كلهم مع بعضهم.
غسان بن جدو: شو.. ما.. شو اللي ممكن تقولينه الآن لابنك أنور ياسين الآن.
والدة أنور ياسين: ابني أنور ياسين مقاوم مثل رفاقاته، وكان عم بيقاوم ببلده، هذا يعني فرض واجب على كل شاب وعلى كل واحد بيدافع عن بلده يقف في وجه المحتل.
غسان بن جدو: شكراً.. شكراً، هلا بأرجع لك يا حاجة، خليني أروح عند السيدة أم علي الديراني، سيدتي، أنتِ يعني قصة الحاج علي الديراني طبعاً معروفة.. الحاج أبو علي الديراني عفواً معروفة، يعني في هذه اللحظة بالتحديد هل تعتقدين بأنه المسألة وصلت إلى نهايتها، قد تتم الصفقة، قد يفرج عنه، وبالتالي يلم الشمل أم لا، هناك أبعاد برأيك أنتِ سياسية وأمنية معقدة أكثر من هذا؟
أم علي الديراني: نحنا من البداية عم نتعامل مع عدو لا يحترم العهود ولا المواثيق، لذلك نحنا دايماً نترك مسافة للأحداث الغير متوقعة، فنحنا تفاؤلنا بيكون عادةً حذر، وتعاملنا بيكون حذر، وقصة الأخ سمير القنطار، يعني مش القصة الوحيدة هي اللي عارضت المفاوضات، فيه أمور أخرى ممكن يطرحها العدو في أي لحظة.
غسان بن جدو: نعم طيب، أنا أود أن أسألك في.. في جانب إنساني بحت، ولادك صغار، أنا يعني زرتكم قبل سنوات، كان حتى ولادك أصغر من هكذا بكثير، طب أنتِ كأم يعني دعيني أُحدِّث المشاهدين بهذه الطريقة، أنتِ كأم وفقدتي زوجك يعني اختطف زوجك منذ سنوات طويلة، كيف استطعتي أن تحفظي وتحتضني أبناءك رغم كل هذه الظروف؟ وما هي وصيتك بطبيعة الحال لأي أم عندها أسير أو معتقل أو ربما يكون لديها أسير ومعتقل في.. في وقت آخر؟
أم علي الديراني: نحن والحمد لله أصحاب قضية، ها القضية بنؤمن فيها قلباً وقالباً، ونحن من البداية كنا مستعدين نضحي ونقدم مش بس حرية الحاج أبو علي، كمان الحاج أبو علي عنده أخ شهيد، وعنده أخ جريح، فكلنا نحنا فداء الخط اللي نحنا اخترناه بمحض إرادتنا، هايدا منطلق للعزة والقوة اللي نحنا بنعكسها ونسقطها على أمانة الحاج أبو علي وهي الأولاد.
غسان بن جدو: نعم، طب تفضلي دعيني أسمع رأي الصغيرة أنتِ قلتي لي.
مريم حسن العنقوني: مريم حسن العنقوني.
غسان بن جدو: اتفضلي، طيب أنتِ، تحدثيني عن والدك إذا سمحتي.
مريم حسن العنقوني: أنا كان..
غسان بن جدو: كم عمرك عفواً؟
مريم حسن العنقوني: عمري هلا 16 سنة، كان عمري ست أشهر لما أنأسر الوالد، ما كنت وعيت له أبداً، وكان عمر خيي سنتين ونص.
غسان بن جدو: اللي هو اللي وراك.
مريم حسن العنقوني: أيوه.
غسان بن جدو: نعم.
مريم حسن العنقوني: وكانت يعني شويه تجربة صعبة، بس لكن الحمد لله لأنه بفضل الله -سبحانه وتعالى- صبرنا، وبفضل الوالد كمان كان يبعث لنا رسائل، كان هو يصبرنا ويعطينا القوة، وإنه..
غسان بن جدو: طيب في أي مدرسة الآن تدرسين؟ في أي صف؟
مريم حسن العنقوني: أول ثانوي.
غسان بن جدو: أول ثانوي، طيب خليني أروح إلى بالأخير إلى اتفضلي يا حاجة، أنت السيدة والدة سمير القنطار بطبيعة الحال، لعلك استمعتي إلى ما سمعناه الآن، لافت لدي أنا كمراقب أنا جاي من خارج لبنان بطبيعة الحال إنه كل الذين سمعناهم الآن يقولون بشكل صريح: نحن متضامنون مع سمير القنطار رغم أنه الصفقة كما يرى البعض تعطلت فقط لهذه.. كيف تشعرين أنتِ إنه فعلاً فيه عائلات أمهات وأباء، لأنه كلهم أمهات، وكلهم آباء، وكلهم أبناء بهذا الشكل متضامنون معكم بهذه.. بهذه الطريقة اللافتة؟
سهام القنطار: طبعاً متضامنين معنا، ونحنا متضامنين معهم من الأول، نحنا بنعتبر حالنا عائلة واحدة كأسرى، بنعتبرهم كلهم من كأنه من فرد بيت، كأنه من عائلة واحدة، ومثل ما هم متضامنين بقلب السجن كأنه شخص واحد نحنا كمان متضامنين كل عائلات الأسرى كأنه عائلة واحدة.
غسان بن جدو: طب آخر ما وصلكِ عن سمير القنطار؟ سمير القنطار حسب ما قرأنا إحنا في.. في كثير من الأرشيف، في كثير من الرسائل وحتى الآن صامد وصابر، هو طبعاً محكوم عليه تقريباً مؤبد 540 سنة بطبيعة الحال، معروفة عمليته عام 79، أنا لن أتحدث طويلاً في هذه المسألة، لأن كل السادة المشاهدين تقريباً يعرفونها، ولكن آخر ما وصلكِ عن سمير القنطار؟
سهام القنطار: سمير القنطار من حين ما دخل السجن لتاريخ آخر رسالة وصلت لنا منه أسلوبه هو إياه، معنوياته عالية، وصامد وصابر، وإسرائيل أنا بأعتبر إنه شددت عليه، ما بدها تفرج عنه لأنه خيفانة منه، ما قدرت تكسر إرادته، ما قدرت تحطم له معنوياته، لهذا السبب اللي عم بتصر على إبقائه بالسجن، لأنه ما قدرت تؤثر عليه ولا بطريقة من الطرق أبداً.
غسان بن جدو: اتفضل، خلينا نشوف ابنك اللي هو شقيق سمير القنطار، السيدة الوالدة تقول إنه فعلاً معنوياته لم تنكسر مطلقاً، وربما إحدى مشكلات إسرائيل أنها لم تستطع أن تكسر هذه المعنويات وهذا الصمود بالتحديد، طيب يعني أنت شقيقه ربما، هل عرفته أم لا؟
عبد الله القنطار: الواقع أنا عندما اعتُقل سمير كان عمري سنة وعدة أشهر، فبالتالي أنا يعني أذكر سمير بالخيال وبالصورة وبالرسالة، ولكن هذا الحبر الأثيري الممتد منذ ربع قرن إلى اليوم يحمل الكثير من الشوق، يحمل الكثير من اللهفة، وبالتالي يمكن أنا لم أتعرف على سمير، ولكني أعرفه جيداً.
غسان بن جدو: نعم أنا.. أنا بأعرف أنك نشيط، يعني أنت تنشط في.. في حملات المطالبة بالإفراج عن الأسرى والمعتقلين منذ سنوات بطبيعة الحال، هل ترى بالفعل -أخي العزيز- بأنه هناك تضامن حقيقي ليس بينكم كأسرى.. عائلات الأسرى والمعتقلين، واضح أنكم عائلة واحدة، وهذا شيء جيد، ولكن بشكل عام هل أن المجتمع اللبناني الوطن اللبناني، هل أن تشعرون بأن غير اللبنانيين أيضاً محتضنون لقضيتكم، أم لا؟
عبد الله القنطار: أخي العزيز، في هذه الحالة عليك أن تفرِّق ما بين الحكام وما بين الشعوب، فعلى مستوى الشعوب، ومثال حاضر أمامنا منذ فترة قريبة ومنذ اللحظة الأولى لإعلان الحكومة الإسرائيلية استثناء شقيقي سمير تلقينا عشرات الرسائل التضامنية، موقعه الإلكتروني على الإنترنت زاره المئات، الرسائل التضامنية، الاعتصامات الآن، نحن هنا نتحدث إليك ويقام لقاء تضامني معه في جنوب لبنان في صيدا، على المستوى اللبناني الكل يقف صفاً واحداً خلف المقاومة وقائدها لتحقيق -أظن- نصر تاريخي يوازي النصر الذي تحقق عام 2000 في التحرير، وهذا أمر يجب ألا يستهان به، أيضاً على المستوى العربي، يعني لمسنا وبعد أن بثت قناة (الجزيرة) حلقة عن سمير في برنامج (زيارة خاصة) كمان عشرات التليفونات، هناك ناس تتصل من الصومال، من لندن، اليوم في البريد الإلكتروني الذي فتحته هناك حوالي العشرين رسالة تضامنية من شباب عرب في قطر، في الكويت، في الإمارات، في السعودية، وبالتالي على مستوى الشعوب برأيي الناس متضامنة، لأن قضيتنا قضية حق.
غسان بن جدو: ولكن الحكومات..
عبد الله القنطار: ولكن على مستوى الحكومات وعلى مستوى الأنظمة من الواضح أن هناك عجز، وهذا العجز ممتد في كل شيء، حتى في هذه القضية التي ترفع الرأس الذي يجب عندما يتحدث فيها أي شخص أن يشمخ عالياً، أن يتحدث بكبرياء، بعزة، بفخر تجدهم يخجلون لا أدري ماذا أقول، تجدهم لا يعطون هذه القضية حقها المطلوب ربما لأن الفعل المقاوم قد يكون نقيض لما هم عليه، قد يكون النقيض تماماً لما هم عليه.
عدالة قضية الأسرى والمعتقلين
غسان بن جدو: نعم، أنا أتوجه إلى واشنطن حيث السيد مايكل بايبس هناك. سيد مايكل بايبس، وأنت تسمع مواقف وآراء العائلات هنا، يعني بشكل صريح هل تعتقد بأن قضية هؤلاء الأسرى والمعتقلين هي قضية عادلة أم لأ، يعني حتى ربما إنسانياً قد تتعاطف معها، ولكن سياسياً ربما لا تتعاطف معها، ماذا.. ماذا تجيبنا في هذه القضية؟
دانيل بايبس: أولاً: أود أن أشكركم على فرصة الحديث إليكم.
ثانياً: واسمي هو دانيل بايبس، أما بالنسبة للسؤال أعتقد أنها مأساة إنسانية عندما يجري تفريق العوائل أو أفراد من العوائل، ولكن علينا أن نعرف سبب هذا التفريق، وهل أن الأسرى محتجزين لأسبابٍ عادلة، أم لأسباب مجحفة؟ وإذا ما عرفنا هذه الأمور نستطيع الإجابة على سؤالك.
غسان بن جدو: طيب برأيك هل هي كانت لأسباب عادلة أم مجحفة؟
دانيل بايبس: عندي صدى.. صدى.. كما أفهم أن الأسرى لدى إسرائيل هم أسرى سبق أن هاجموا مدنيين إسرائيليين مثل سمير القنطار وغيره، وهم ثبت إدانتهم في.. بعدة قضايا، وهذا بشكل عام سبب جيد لاعتقال الناس وسجنهم وعدم السماح لهم بالحرية، إذن فهم مجرمين في معظم الحالات، ليس كلهم، ولكن الكثير منهم هم قتلة أو حاولوا ارتكاب جريمة قتل، أنا شخصياً أشعر بأمان أكثر عندما يكون المجرمون أو الذين يحاولون ارتكاب جريمة في سجن، هذا يجعلنا نشعر بالأمان وحتى أنتم كذلك، أليس كذلك؟
غسان بن جدو: والله لست أدري، ولكن دعني أسأل السيد ناصر قنديل لو أن هؤلاء مجرمون، وألا.. لا تشعر بالأمان إذا كانوا بالسجن؟
ناصر قنديل: من دواعي الأسف في الحقيقة أن يكون من يتبوأ منصب أكاديمي كالسيد بايبس قد جرى حشو دماغه بمجموعة من الأكاذيب المخادعة، أولاً: الذي فتح الباب لملف التبادل في مواضيع الأسرى هم الإسرائيليون أنفسهم، إن اثنين من كبار قادتنا هم في الأسر، لأنه جرى اختطافهم بطريق القرصنة فقط للتفاوض والمقايضة، ولم يكونوا حتى في ساحة القتال مع رفضنا المطلق لكل وصف للمقاومين الأبطال الشرفاء الذين يدافعون عن قضية حق سواء بالإجرام أو بأي كلمة من هذا القبيل السخيف الذي لا يقبل الرد، ولكن أتحدث عن الشيخ عبد الكريم عبيد وعن الحاج مصطفى الديراني، لقد جرى اختطافهما بشكل علني من قبل القوات الإسرائيلية من منزليهما، جرى اختطاف الشيخ عبد الكريم عبيد من بلدته في جنوب لبنان، وجرى اختطاف الحاج مصطفى الديراني من بلدته ومنزله، وهو نائم في بيته في البقاع في بلدة القصبة..
غسان بن جدو: طيب والبقية .. والبقية؟
ناصر قنديل: فقط للمفاوضة من أجل مَنْ؟ من أجل الطيار الإسرائيلي الذي كان يقصف المدنيين، والذي قصف بلدة العباسية أثناء الاجتياح الإسرائيلي، وسقط عشرات القتلى ومئات الجرحى من الأطفال، هذا الذي كان يجب أن يكون في السجن، وللأسف أننا لا نعرف له مصيراً، ولكنني أعتقد أنه من حسن الحظ أنه ليس طرفاً في أي صفقة، وبالتالي الآخرون كانوا يقاومون دفاعاً عن أرضهم وعرضهم وشرفهم الذي استُبيح، لم يذهب اللبنانيون ليقاتلوا اليهود في أرجاء الدنيا، لقد جُمِّع اليهود من أرجاء الدنيا ليغتصبوا أرض العرب، وأرض الفلسطينيين، وأرض المسلمين والمسيحيين، ويدنسوها، ويهجِّروا أهلها، عندما يقرر الفلسطيني بأنه لا يريد شيئاً إلا البيت الذي هُجِّر منه يكون هو المجرم؟ أم الذي هجَّره وقتل زوجته وأطفاله ودمَّر بيته وسلب رزقه هو المجرم؟ نحن في لبنان طوال نصف قرن ونحن نتعرض لعملية عدوان منظم ومستمر من الإسرائيليين، الاعتداء الأول كان بتهجير الفلسطينيين إلى بلادنا، والاعتداء المستمر تُرجم..
غسان بن جدو[مقاطعاً]: أنا.. حتى نتوقف عن ذكر التاريخ أو سرد التاريخ أستاذ ناصر قنديل سنتحدث أكثر عن (…) السياسية والأبعاد السياسية والاستراتيجية لصفقة الأسرى.
[موجز الأخبار]
أسباب تمسك حزب الله بسمير القنطار
غسان بن جدو: سيد ناصر قنديل، كنا نتحدث قبل الموجز عما تفضلت به، ولكن أود أن.. أن نفهم بشكل أساسي هل أن موقف حزب الله الذي يعتبره البعض راديكالياً متجذراً، تعتبره إسرائيل تكتيكياً، هل تعتقد بأنه جدي بالفعل، (مائير دوغان) رئيس الموساد هو الوحيد بالمناسبة في إسرائيل الذي يعتقد بأن موقف السيد نصر الله وموقف حزب الله من التمسك بهذه المواقف الثابتة هو موقف جدي، فقط هو، يعني حتى أرئيل شارون والطاقم الوزاري يعتقد بأنه هذا الموقف المتمسك بالقنطار هو موقف تكتيكي لا غير؟
ناصر قنديل: لأ، أنا أعتقد أن أولاً: موقف حزب الله من التمسك بموضوع الأسير سمير القنطار يلقى إجماعاً وطنياً لبنانياً ربما كان لا يحصل لو كانت المشكلة عائدة لبعض الأسرى العرب، لأن القضية المرتبطة بمصير الأسرى اللبنانيين هي موضوع تفويض إجماعي من اللبنانيين لحزب الله لإدارة كل أشكال العمل، التفاوض وغير التفاوض من أجل الإفراج عن الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية، وسمير القنطار لا يستطيع أن يتذرع الإسرائيليون بالأكاذيب التي يلفقونها الآن ويحشون بها أدمغة أمثال السيد بايبس، هم عام 86 أجروا صفقة تبادل جرى بموجبها الإفراج عن المناضل الفلسطيني أحمد الأبرص الذي لقي حكماً مشابهاً لأحكام الأسير سمير القنطار 547 سنة، وأجروا تبادلاً كان أرئيل شارون شريكاً في قرار التبادل حينذاك، وبالتالي هذه الأكاذيب تنطلي على أمثال السيد بايبس، ولكنها لا تنطلي علينا، نحن نعرف بأن هذا الافتعال الإسرائيلي ليس لأمر دخل الآن حيِّز التفاوض، بل لأمر كان جرى التفاوض عليه في الأصل، وتم الاتفاق حوله، وبالتالي العودة لنكء ما جرى التفاهم عليه والنكول به من قبل الإسرائيليين أعتقد أنه محاولة للعبة سياسية داخلية في الأروقة الإسرائيلية في منطق الربح والخسارة بعدما اهتزت صورة أرئيل شارون أمام استطلاعات الرأي التي تجري بداعي الإجرام المرتكب على الساحة الفلسطينية.
وفي كل حال المقاومة في تفاوضها من أجل الأسرى اللبنانيين لا يمكن أن تكون موضع مساءلة من أي من اللبنانيين، وهي لذلك لا يمكن أن تتنازل عن هذا الأمر، لا يمكن أن تفرِّط بهذا الأمر، كل ما يترتب على ذلك هو في الحقيقة أن الإسرائيليين افتتحوا مدرسة، هذه المدرسة تقول أننا نختطف رهائن من أجل المفاوضة على الأسرى، ما فعلناه نحن بعد التحرير هو أن المقاومة انتظرت أن يترتب على التحرير إفراج عن الأسرى اللبنانيين، وجرى إبلاغ كل المرجعيات الدولية بما فيها السيدة (أولبرايت) في حديثها مع رئيس الجمهورية اللبنانية فخامة العماد إميل لحود غداة التحرير، وأبلغها بأنه ببقاء الأسرى اللبنانيين في المعتقلات فإذن التوتر سيبقى قائماً على الحدود الجنوبية، لم يحدث شيء، لجأ حزب الله لجأت المقاومة إلى أسر جنود إسرائيليين، إلى اختطاف العقيد الإسرائيلي (تنيم باو) ولكن كل ذلك لأن قضية الأسرى لم يجرِ الالتفات إليها والتعامل معها على المستويات الدولية بما تستحق بالنسبة للبنانيين، وبالتالي في حصيلة هذا التفاوض الذي جرى من قبل المقاومة تبين أن ما بين أيدي المقاومة قادر أن يشمل ما هو أوسع من اللبنانيين وأثبتت الوقائع أن تقدير المقاومة كان في مكانه، إذا كان ما بين أيدي المقاومة لا يكفي للإفراج عن جميع الأسرى اللبنانيين وفي مقدمتهم سمير القنطار كما قال أمين عام حزب الله، فإن ذلك له معنى واحد، إن عليكم أن تختطفوا مزيداً من الأسرى الإسرائيليين من أجل أن تصبح الصفقة صالحة للسير مرة أخرى، هذا الذي يقوله الموقف الإسرائيلي وهذا الذي يمكن أن يترتب في حال الفشل النهائي للصفقة.
غسان بن جدو: بالمناسبة حسب "يديعوت أحرونوت" يوم الاثنين الماضي هي تؤكد بأن الجنرال (إيلان بيران) اللي هو مسؤول المفاوضات عن الجانب الإسرائيلي أكد في الجلسة المغلقة للحكومة الإسرائيلية قال بالحرف: نحن نعم وافقنا منذ البداية في المفاوضات الأولى على أن سمير القنطار يكون جزء من هذه الصفقة ولكن حتى أكون أكثر.. نكون أكثر سياسية وأكثر استراتيجية ولا نحصر القضية فقط في قضية سمير القنطار، كأنه هناك رغبة حقيقة في أن الصفقة كلها تفشل أو تنجح فقط بقضية سمير القنطار وربما نحمِّل الرجل أكثر من طاقته ونحمل العائلة أكثر من طاقتها، لأنه المسألة هي سياسية واستراتيجية بشكل كبير، الأخ شقيق سمير القنطار لديه ملاحظة للسيد بايبس في فلوريدا، سيد بايبس فيه ملاحظة من هنا من بيروت، تفضل إذا سمحت.
عبد الله القنطار: يعني أنا أود أن أسأل السيد بايبس إذا كان يعتبر أن أخي مجرم وقتل المدنيين، وبالتالي هو يبرر لإسرائيل إبقاءه في المعتقل، فما هو تبريره إذا أبقى حزب الله العقيد الإسرائيلي معتقل، وهو الذي كان ضابط في العسكرية الإسرائيلية وقصف جنوب لبنان وقتل المدنيين بمدفعيته، حتى أن بعض الصحف الإسرائيلية أعلنت أنه كان يبيع الأدوية الفاسدة إلى الجنوبيين، فما بالك ما قتل من المرضى حتى الذين كانوا ينتظرون الشفاء فإذ بهم يقتلون تحت أيدي هذا الشخص الغشاش والمجرم، هل برأيه يجب أن نبقيه أيضاً فبالتالي المعادلة تكون واحدة بواحدة، وأيضاً هذا الأمر عبر عنه.. أريد أن أسمع الجواب.
غسان بن جدو: شكراً.. شكراً، سيد بايبس سؤال الأخ واضح هنا، هل برأيك ينبغي أن نبقي العقيد الإسرائيلي هنا في بيروت أم لا؟ لست أدري إن كان في بيروت أم لا، ولكن لدى حزب الله يعني في مكان ما.
دانيل بايبس: شكراً لإعطائي فرصة الكلام، أولاً: أود أن أوضح بأنها ليست طريقة مفيدة بأن نناقش لأمور بأن.. بإطلاق الأكاذيب، ما أسميه أكاذيب، بإمكاننا أن نتفق أن.. أن لا نتفق في بعض النقاط الرئيسية، ولكنني أحترم.. أحترم وجهة نظر الشيخ نصر.. نصر الله وجهة نظره، وأعتقد أن على الحكومة والممثلين الحاضرين ألا يتهموني بالكذب، لدي وجهات نظري ولكن لا يجب أن تسمى أكاذيب.
ثانياً: فيما يتعلق بالسؤال سمير القنطار أعتقد أن الأمر واضح، بأنه قد ذهب إلى مدينة نهاريا الإسرائيلية وقتل ثلاثة أشخاص، وهذه بجميع المعايير والمقاييس أمر إجرامي غير قانوني ويجب أن يعاقب عليه، وإذن فهو هذا الشخص لا يجب أن يكون حراً طليقاً.
ثانياً: فيما يتعلق بالسؤال الذي طرح عليَّ قبل قليل حول تصرفات إسرائيل في لبنان أن هذا سؤال كبير ومعقد وربما تكون أفضل طريقة لصياغة هذا السؤال هو أن نقول أن الإسرائيليين يسعون للحصول على قبول جيرانهم لهم لكي يعيشوا إلى جانب لبنان وسوريا ومصر وإلى جانب نوع من الكيان الفلسطيني ومنذ (..) وبرأيي أن.. أن جيران إسرائيل وبما في ذلك بشكل خاص حزب الله يريدون تدمير إسرائيل، وأرى أن الإسرائيليين يحاولون إيجاد طريق.. طريقاً للتعايش بين.. مع الجيران، إلا أن هؤلاء الجيران يريدون تدميرها، وعندما يحاول الإسرائيليون في هذا السياق أن يحموا أنفسهم، فيبدو ذلك تصرفاً معقولاً، فنحن لدينا نفس المشكلة لدينا مشكلة أننا نتعرض للهجوم، وعلينا أن ندافع عن أنفسنا، والسؤال هو مَنْ هو المهاجم ومن هو المدافع عن نفسه؟ أنا أعطيك وجهة نظري للنزاع العربي الإسرائيلي، وخاصة النزاع مع لبنان بشكل خاص.
غسان بن جو: طيب، سيد بايبس، أنا لن أحيلك الآن إلى بيروت، حيث الموقف ربما واضح، ولكن سنعود إليه أكثر بأكثر تفصيل، ولكن هناك نقاش هنا في بيروت، ولكن ربما نسمع رأي شخص معتقل الآن، قيادي سياسي فلسطيني معتقل الآن في السجون الإسرائيلية، السيد مَلُّوح وهو أحد الأعضاء القياديين البارزين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، سيد ملوح أولاً مساء الخير، هل تسمعني بوضوح؟
عبد الرحيم ملوح: مساء الخير تحياتي إلكم جميعاً تحياتي لآل القنطار وتحياتي..
غسان بن جدو: مساء الخير.
عبد الرحيم ملوح: إلى جميع عائلات الأسرى والمعتقلين.
غسان بن جدو: مساء الخير سيد عبد الرحيم، طبعاً أنت من الكوادر السياسية المعروفة في الساحة الفلسطينية، معتقل لدى الإسرائيليين، فهمي بأنكم أيضاً تقبلون السلام مع إسرائيل سمعت إلى ما قاله السيد بايبس الآن، ربما حزب الله يريد تدمير إسرائيل، ولكن هناك أطراف أخرى لديها استراتيجية أخرى، كيف يمكن أن تحدث الجانب الأميركي والإسرائيلي فيما يتعلق بقضية الأسرى والمعتقلين، أكان.. وبالتحديد الجانب الفلسطيني؟
عبد الرحيم ملوح: بداية أخي أود أن أقول.. أرد على الأخ بايبس أو الدكتور بايبس بما قاله (جورج واشنطن) عندما يعني قاد الثورة الأميركية ضد الاحتلال البريطاني، لقد قال رفعنا سلاح المقاومة ضد أجدادنا الإنجليز دفاعاً عن حرية وطننا أميركا، ونحن الفلسطينيين واللبنانيين والعرب أرضنا محتلة ونقاوم دفاعاً عن حرية وطننا فلسطين، عن حرية وطننا في لبنان، وطننا في الجولان وما نطلبه هو إنهاء الاحتلال عن أرضنا وعن وطننا، وبالنسبة للمقاتلين بالنسبة للمناضلين، بالنسبة للمعتقلين فهؤلاء يجب أن يُعاملوا ويُنظر لهم كمناضلين من أجل الحرية، مقاتلين من أجل الحرية وليسوا مجرمين وليسوا قتلة في هذا الموضوع، كنت أتمنى أن أسمع من الدكتور بايبس حديث يشبه إلى حد ما حديث أربعة من قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية الذين أعلنوا قبل يومين بياناً سياسياً يقولوا فيه أن استمرار الاحتلال، استمرار العدوان على الشعب الفلسطيني سيدفع إسرائيل إلى التدمير، لأنه يبدو أنه من العقليات أو من أصحاب الآراء الذي تعتاش على استمرار الصراع وعلى استمرار القتال وعلى استمرار التدمير المتبادل، لا يمكن أن تعالج القضية إلا بإنهاء الاحتلال، والمشكلة أن تبدأ وتنتهي بإنهاء الاحتلال، إذا لم ينتهِ الاحتلال، فحق شعوب المنطقة بالنضال والمقاومة حق مشروع وحق الشعب الفلسطيني واللبناني والسوري بالدفاع عن أرضه حق مشروع والمناضلين المعتقلين في السجون هم مناضلين من أجل الحرية وسيتحرروا بتحرر وطنهم ونيله لاستقلاله.
غسان بن جدو: سيد ملوح، أنا أعلم أن الاتصال الهاتفي معك صعب، ولكن مع ذلك أعذرني في البقاء معي دقيقة أخرى إذا سمحت، وأحيل كلامك ونقاشك إلى السيد بايبس هناك في فلوريدا، ماذا تقول للسيد ملوح؟ هؤلاء يقاتلون من أجل الحرية يا سيدي العزيز، كيف يمكن أن توضح، وهناك نقطة ذكرها السيد ملوح أود أن أفهم رأيك فيها سيد دانيل من فضلك، هل تعتبر بأن إسرائيل دولة محتلة الآن أم لا؟ وإذا كانت دولة محتلة كيف ينبغي التعامل معها؟
دانيل بايبس: أن إسرائيل دولة موجودة، وأعتقد أنه من المهم جداً أن يكون جيران إسرائيل يقبلون وجودها هذا، ويتوصلون إلى اتفاقٍ معها حول الحدود والمقدسات والموارد الطبيعية ونوع الحكم، ولكن أن فكرة تدمير.. تدمير إسرائيل هي فكرة مضرة وسيئة ليس فقط لإسرائيل، بل حتى للعرب، فإن العرب خسروا في عام 1948..
غسان بن جدو [مقاطعاً]: لم تجبني عفواً من فضلك سيد دانيل.. نعم.. نعم، أجبني على السؤال سيد دانيل، هل أن إسرائيل دولة محتلة أم لا؟ وإذا كانت محتلة كيف ترى ضرورة التعامل معها؟
دانيل بايبس: إن إسرائيل هي دولة احتلال، نعم إنها دولة احتلال، لأنها مضطرة أن تكون هكذا، لقد حاولت حتى عام 2000 أن تتخلَّى عن الأراضي التي تسيطر عليها أن لكي تحصل شيء من القبول إزاء.. لقاء ذلك، ولم تحصل على ذلك، وبالتالي لا أرى ماذا تريدون منها أكثر من ذلك؟ إنها تحاول أن تعيد غزة والضفة الغربية للسلطة الفلسطينية على شرط توقف أعمال العنف، إلا أن السلطة الفلسطينية لا تبدي اهتمام بهذا العرض، فماذا تتوقعون؟ نعم إنها قوة احتلال، لأنها ليس لديها خيار آخر.
غسان بن جدو: ليس لديها خيار آخر، سيد ناصر قنديل.
ناصر قنديل: طبعاً يريد السيد بايبس منا أن ننظر للأمور نظرة مختلفة، بمعنى نحن نعرف كأبناء هذه المنطقة أن الفلسطينيين ارتضوا تهجيرهم من بلادهم واحتلال أرضهم وأن إسرائيل لم تكن دولة موجودة، إسرائيل دولة أنشئت على حساب اغتصاب الحق الفلسطيني عام 48، وانتظر الفلسطينيون أكثر من عشرين عاماً حتى يعيد لهم العالم بأممه المتحدة وبأميركيته وبدوله العظمى هذا الحق السليب، ويوم أطلقت الرصاصة الفلسطينية الأولى، ويوم ذهب سمير القنطار وأمثاله في عملياتهم بدأ العالم يفكر بأنه هناك قضية فلسطينية وهناك هوية فلسطينية ضائعة، وإن الصحوة أو شبه الصحوة التي نسمعها في بعض الأوساط الأميركية طبعاً غير تلك التي ينتمي إليها السيد بايبس والتي تتحدث عن حق الفلسطينيين بدولة لم تكن متاحة طوال ربع القرن الذي مضى على احتلال فلسطين، بل باتت متاحة بفعل هذا النضال الفلسطيني الذي يمثله رفاق السيد ملوح ورفاق الأسير قنطار.
بالمقابل لبنان بقي حتى عام 82 وهو يحمل نظرية على مستوى الدولة والقيادات السياسية فيه عنوانها قوة لبنان في ضعفه ولبنان ليس طرفاً في الصراع مع إسرائيل، ولبنان يتفادى أن يكون شريكاً في أي مواجهة عربية مع إسرائيل، ماذا قطف لبنان وماذا استفاد لبنان من سياسة النعامة هذه؟ استفاد أن إسرائيل هي التي دخلت إلى عاصمته بيروت وهي التي دمرت مدنه وقراه واغتصبت بناته وأبنائه ودمرت جسوره وطاقاته الحيوية ووضعت أكثر من أربعين ألف لبناني في السجون على مدار عشرون عام من الاحتلال، وخلال هذه الأعوام لولا المقاومة، التي يسميها بالإرهاب، لولا الذين قدموا دماءهم، ليست الصحوة وليس رغبة إسرائيل في التعايش مع جيرانها الذي أدى بها إلى الانسحاب، نهر الدماء الذي سُمِّي بوادي الدموع هذا الطريق الممتد من بيروت إلى الناقورة، كتب الإسرائيليون بأنه هو الذي أجبرهم على الانسحاب، يريد منا السيد بايبس أن نقول صورة مخالفة ونعتبرها وجهة نظر، نقول كانت إسرائيل تعيش بهناء وسلام وأمن في المنطقة ومن أين جاء الفلسطينيون من المريخ ليغتصبوا حقها في الحياة الآمنة، وجاء حزب الله من الزهرة ومن عطارد ليطالب بتدمير إسرائيل ويريدنا أن نصف هذا الكلام أنه حقائق، نحن بنظرنا لا نراه من مستوى العقل المجرد والأخلاق والهدوء إلا أكاذيب، فليعذرنا في هذا الوصف.
غسان بن جدو: طيب.. طيب، أنا أود أن أعود إلى السيد ملوح لأنه بقي معنا على الخط، وأنا أعلم أن وضعه ليس سلساً بالقدر المطلوب، سيد ملوح رسالتك أو كلمتك الأخيرة أولاً إلى الحكومات العربية وثانياً إلى أرئيل شارون فيما يتعلق بقضية الأسرى والمعتقلين؟
عبد الرحيم ملوح: يعني أولاً أنا أحب أن أوجه رسالة للشعب الفلسطيني والشعب اللبناني والشعوب العربية وأحيي هذا الشعب الفلسطيني البطل الباسل الصامد في ظل كل هذه الظروف وأحيي أهلنا في لبنان وفي كل المنطقة، وللدول العربية أقول كلمة واحدة فقط: يجب أن ترتفعوا وترتقوا إلى مستوى يعني تضحيات هذا الشعب، إلى مستوى المسؤوليات الوطنية الكبرى، إلى مستوى معطيات المرحلة، هناك آلاف الأسرى الآن الإخوة اللبنانيين والعرب جزء منهم، ولكن هناك ما يقرب من ستة آلاف فلسطيني موجودين في مختلف المعتقلات الفلسطينية.. الإسرائيلية، هناك ما.. الشعب الفلسطيني بذاته مدنه وقراه هي لا تختلف بشكل كبير جداً عن واقع المعتقلات الذي نعيشها هنا حيث تُغلق المدن والقرى والمخيمات في الصباح، هناك مدينة اسمها قلقيلية أربعين وألف إنسان فيها تغلق في بوابة حديد كما يغلق بوابة السجن، وبالتالي هناك وضع استثنائي، آمل من البروفيسور بايبس وآخرين أن ينظروا له نظرة يعني جدية في هذا الموضوع.
أما ما يتعلق بالمعتقلين والسجناء، فهذا.. هؤلاء قائدون.. حملوا راية الحرية، حملوا راية الاستقلال، ومستمرون وسوف يستمروا حتى ينتهي الاحتلال، وأنا أقول لأمثال السيد بايبس أن ما يجري على أرض فلسطين الآن هو أبشع من أنواع الفصل العنصري الذي قام في.. في جنوب إفريقيا، ما يجري هو فصل عنصري، ما يجري هو قمع للشعب الفلسطيني، هو قهر للشعب الفلسطيني، ما يجري هو مخالف لكل الأعراف والقوانين الدولية، وإذا كانت إسرائيل تريد السلام، فنحن مستعدون للسلام نريد من الأخ بايبس أن يقنع إسرائيل وأميركا بتطبيق قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة على الصراع الدائر لتنفيذ هذه القرارات وتطبيقها، ما يجري هو معارضة لهذه القرارات ودعم من الإدارة الأميركية لمعارضة هذه القرارات، في النهاية أقول وبهذا اليوم يوم إعلان الاستقلال الفلسطيني من الجزائر عام 88 أقول تحية للشعب الفلسطيني وتحية للأسرى، وتحية لهذا الصمود الرائع وتحية للبنان وشعب لبنان ولرفاق سمير القنطار ولعائلة سمير القنطار.
غسان بن جدو: شكراً لك سيد عبد الرحيم ملوح، وتحيتنا لك، لك ولجميع الأسرى هناك، طبعاً أنا بس فقط يعني ملاحظة سادتي المشاهدين، منذ أعلنا عن هذا البرنامج وتلقينا اتصالات عدة سواء بالهاتف أو بالبريد الإلكتروني أو حتى بالرسائل، اللافت أن وصلتنا أيضاً رسائل من داخل السجون الإسرائيلية، من بعض الإخوة الفلسطينيين، هناك عدة مقترحات، هناك عدة طلبات في المداخلات، هناك حتى من الخارج من خارج.. السجون من يريدون التدخل، الوقت ضيق جداً، ولكن أنا أعِد الإخوة الفلسطينيين بأننا سنخصص حلقة خاصة عن الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين، ولكن في هذا الإطار طالما أن عملية تبادل الأسرى والمعتقلين الذي يطالب بها حزب الله تشمل الفلسطينيين وعدد كبير من العرب، فنحن سنتحدث قليلاً الآن عن فلسطين من خلال هذا التقرير الذي أعده الزميل العزيز وليد العمري.
تقرير/ وليد العمري (كبير مراسلي الجزيرة في فلسطين): لا تمضي ليلة دون أن تقتحم فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي المزيد من المنازل والمؤسسات الفلسطينية وتعتقل مزيداً من المقاومين للاحتلال، سبعة آلاف وخمسمائة أسير فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، عبد الله جودة أبو شلبك واحدٌ من هؤلاء الأسرى مكانه يظل محفوظاً في قلب أمه وأشقائه عندما يلتفون حول مائدة الإفطار في شهر الصوم المبارك، يتذكره الجميع على مدار السنة، لكن الشعور بغيابه يصبح جياشاً في الشهر الكريم وقد اختلط الشوق للقائه بالتمني بأن تشمله صفقة تبادل الأسرى التي أوشك حزب الله اللبناني على إبرامها مع إسرائيل.
والدة الأسير عبد الله جودة: والله يعني بنتأمل في الله إحنا ليش يعني ما (…) ليش ابني.. نتوكل على حزب الله وعلى الغير، ليش ما تنظيماتهم (..) وإلا، وشدوا الهمة.. الهمة ووقفوا معاهم.
وليد العمري: ومثل والدة الأسير عبد الله آلاف الأمهات الفلسطينيات اللاتي ينتظرن فلذات الأكباد على أحر من الجمر، كل أم تعيش على أمل أن يكون عزيزها من بين الأسرى الأربعمائة الذين يقال أن التحرير سيكون من نصيبهم.
قريبة لأحد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية: وبنتمنى من الله ثم نصر الله.. حسن نصر الله إنه يساوم على جميع الأسرى الفلسطينيين اللي ما إلهم حدا يرعاهم غير رب العالمين، ثم هو.
وليد العمري: وليس الأهل وحدهم من يعيش على الأمل، بل القيادة الرسمية أيضاً، والتي تدرك حساسية قضية الأسرى ومكانتها السامية في قلوب الفلسطينيين.
مسؤول فلسطيني: الأوضاع التي يعيشها المعتقلون خلال المرحلة الماضية هم يعيشون أوضاع صعبة وقاسية ولا إنسانية بكل المستويات خاصة بأن هذه المعتقلات امتلأت بالمعتقلين ولم تكن هذه المعتقلات مؤهلة لاستيعاب هذه الآلاف.
وليد العمري: قضية الأسرى حاضرة في الوجدان الفلسطيني، فهي قضية الأهل والأبناء والعمال والطلبة، وكانت ولازالت محور الكثير من المظاهرات والاعتصامات في طول الأرض الفلسطينية وعرضها.
قضية الأسرى تتصدر الأولويات بالنسبة للمواطن الفلسطيني، وهي من وجهة نظره لا تقل أهمية عن مكافحة الاستيطان، ولذلك لا يقبل مساومة فيها ويرفض التلاعب بمشاعر الأسرى وذويهم.
وليد العمري- (الجزيرة)- خاص لبرنامج (حوار مفتوح).
موقع قضية الأسرى في الأجندة العربية
غسان بن جدو: شكراً لك وليد العمري على هذا التقرير الرائع كالعادة وليد، أنا معي على الهاتف الآن أبو أحمد أحد المعتقلين والأسرى في أحد السجون الإسرائيلية، لست أدري من أين بالتحديد، أخي أبو أحمد سمعت إلى وليد العمري يقول إنه قضية الأسرى هي قضية رئيسية ومركزية ولا تنفصل حتى عن قضية الاستيطان، وهل تعتبرون بأن هذه القضية هي قضية مركزية لا تقبل المساومة، ماذا تقول أنت وأنت قابع في أحد السجون الإسرائيلية الآن؟ مرحباً بك أخي أبو أحمد.
أبو أحمد (أحد المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية): مرحباً بك، وتحية لضيوفك الكرام ولكل أهل لبنان، حقيقة بأن قضيتنا هي قضية مركزية لأهالينا ولأسرنا، إلا أنها لم تكن كذلك بالنسبة لفصائلنا ولتنظيماتنا وللدول العربية ولحكامها، ونرجو أن يكون كذلك، ولكن يبدو أن قضبان السجون قد ذابت وأن أبواب الزنازين قد تغيرت الكثير من المرات ولازلنا في هذه السجون.
غسان بن جدو: شكراً لك أخي أبو أحمد، شكراً لك على هذه المداخلة القصيرة وأعذرني على هذا الوقت الضيق، أنا وعدتكم بأنني سأخصص حلقة أخرى خاصة بالأسرى والمعتقلين الفلسطينيين وربما بعض العرب الآخرين.
أعود إلى السيد دانيل، لأن السيد ناصر كان عنده ملاحظة، لكن أعود للسيد دانيل في فلوريدا، سيدي العزيز، إضافة إلى ما استمعته من السيد عبد الرحيم ملوح، هناك سؤال مركزي الآن يُطرح لدى كل المراقبين التحليلات تقول بأن الحكومة الإسرائيلية في حاجة إلى إتمام صفقة تبادل أسرى لاعتبارات خاصة بأرئيل شارون، هناك من يرى بأن هذا الأمر فيه سراب كبير وينبغي ألا نفاوض لا حزب الله.. حزب الله ولا أي طرف آخر على قاعدة أن هؤلاء هم إرهابيون كما وصفتهم أنت بالتحديد، عملياً الآن ما الذي يمكن أن نقوله؟ هل ترى بأن بضرورة إكمال المفاوضات من أجل إتمام هكذا صفقات، أم لا ينبغي إيقافها نهائياً؟
دانيل بايبس: شكراً، أولاً: أبدأ بالقول بأن آرائي سبق وأن أسيء تقديمها، أنا أعتقد أنه عندما.. عندما يستقر العرب ويعيشون بسلام فإن سيكون ذلك فائدة للإسرائيليين وإذ أنهم بإمكانهم تحقيق ما لا يحققونه الآن، ولذلك.. لكن لا أعتقد أن هذا سيكون على حساب الفلسطينيين، أعتقد أن قبول فلسطين هو المفتاح لحياة ومستقبل فلسطيني أفضل وأحسن.
أما فيما يتعلق بسؤالكم حول حكومة شارون لست واثقاً لماذا بدأت الحكومة بهذه المفاوضات، وهذا يمكن وصفه أنها تقريباً ناجحة لتبادل أربعمائة أسير عربي لقاء أسير إسرائيلي واحد وثلاث جثث، من وجهة نظر الأميركية الفكرة ليست جيدة، ونحن نعتقد أن بعض هؤلاء الأسرى سوف يعودون.. سوف يذهبون إلى العراق لقتل الأميركان، لذلك لدينا موقف متحفِّظ إزاء هذا الموضوع، إننا نرى أن هذا خطر وبشكل عام عندما نطلق أسرى مثلاً من جوانتانامو، فإن يكون.. فإن إطلاق سراح سيكون على أساس حالة بحالة وليس إطلاق مجموعة مرة واحدة.
غسان بن جدو: إذن أنت تقول بأن الجانب الأميركي يعتقد بأن هذه المسألة ليست جيدة وينبغي ألا نكمل المفاوضات أصلاً لا نكمل هذه الصفقة، السيد ناصر قنديل لديه تعليق حول هذه القضية وربما سندخل بالتحديد في السياسة الأميركية فيما يتعلق بهذا الملف وغيره في المنطقة.
[فاصل إعلاني]
السياسات العدوانية الإسرائيلية في المنطقة
غسان بن جدو: سيد ناصر قنديل، لعلك استمعت إلى السيد دانيل، لكن هذا يوحي طبعاً عندك تعليق على هذا الأمر، ولكن هو مدخل لقضية ربما تثير الانتباه الآن، الجنرال (موفاز) وزير الدفاع في واشنطن، استمعت إلى تصريحاته، لافت أنه من هناك تحدث عن أن التهديدات لسوريا، وقال إذا حصل ما حصل فسنضرب سوريا من جديد، في الوقت نفسه أُعلن اليوم أو أمس بالتحديد عن تدريبات إسرائيلية جديدة في شمال فلسطين المحتلة عن جنوب المناطق اللبنانية، وكأن إسرائيل تقول: نحن نتحسب لأي طارئ هل تربط كل هذه المسائل ببعضها في حلقة واحدة، أم تعتبرها لأ هي مجرد.. مجرد مصادفة؟
ناصر قنديل: أنا أعتقد أن المنطقة حبلى بانفجارات بمثابة الجمر تحت الرماد.
غسان بن جدو: بمعنى؟
ناصر قنديل: وأعتقد أن الإسرائيليين يريدون أن يوظفوا الاحتلال الأميركي للعراق من أجل استدراج المنطقة إلى انفجار كبير يكون الأميركيون فيه مجرد أداة لخدمة الأهداف الإسرائيلية، وإن الذي جرى طوال الفترة الماضية هو في الحقيقة أنه بدلاً من أن تؤدي العلاقة الأميركية مع إسرائيل إلى عدوى إسرائيل بالنموذج الأميركي، أي بدلاً من أن تؤدي إلى جعل إسرائيل دولة تقبل منطق التعدد الديني، للأسف بدأنا نشهد أن النموذج الإسرائيلي ينقل عدواه إلى داخل الولايات المتحدة الأميركية، ومما سمعناه ونسمعه نشهد أن أميركا تتحول بصورة أو بأخرى إلى ما يشبه نسخة موسعة عن النموذج الإسرائيلي لدولة تحكمها التوراة، وبالتالي في الحقيقة ما نحن أمامه هو أن هناك محاولة لتصعيد الوضع في المنطقة، الإسرائيليون ثمة من يرى بينهم بأنه إذا انفجرت الأوضاع في المنطقة لن تستطيع أميركا أن تقف موقف المتفرج، وسوف تكون شريكاً في حرب مقبلة لصالح ما لم تعد إسرائيل قادرة على القيام به بمفردها بعد تجربة جنوب لبنان وبعد تجربة التوازن الرادع الذي أنتجته المقاومة على الحدود، في الحقيقة جزء من خلفيات التفاوض، جزء من خلفيات حكمة هذه المعادلة في ذهن المقاومة هو تعرية هذا النموذج المخادع الذي تحاول أن تقدمه إسرائيل أمام الرأي العام الأميركي بصفتها رأس حربة حرب على الإرهاب، وباعتبارها دولة عقائد ومبادئ وحسابات لتظهرها أنها دولة تريد للأميركيين أن يتكلموا لغتها، وأن يقيموا حساباتها فيما تبيح لنفسها تحت الطاولة أن تفعل ما تحظره عليهم، وللأسف إن أمثال السيد بايبس لازالوا أسرى مثل هذه الأكذوبة الإسرائيلية، ويتبنون هذا المنطق الأيديولوجي الذي نجح الإسرائيليون في زراعته في العقول الأميركية.
بالنسبة لنا إذا فشلت الصفقة، الأمر معروف، والرأي العام العالمي ليس كله كما يفكر بعض المنظرون في الولايات المتحدة الأميركية، أوروبا بالأمس قال 60% في استفتاء للرأي على مساحة الاتحاد الأوروبي بأن إسرائيل هي الخطر الأول على الأمن والسلم الدوليين.
إن مثل هذه الصحوة التي يشهدها العالم ليس من حق المقاومة أن تفرط بها، يجب أن تستثمرها أعلى استثمار لكشف هذا النموذج الإسرائيلي الكاذب في زيف ديمقراطيته وإدعاء تمسكه بحقوق الإنسان، والتماسه للسلام.
إن المبادرة العربية للسلام ليست جزء من مفردات قاموس المقاومة، ولكنها بالتأكيد جزء من مفردات قاموس النظرة الدولية لمن يتحمل مسؤولية إضاعة كل الفرص أمام إنهاء حالة التوتر والقلق التي تعيشها المنطقة.
الإسرائيليون يعرفون.. كما قال المحلل العسكري لصحيفة "الهآرتس" قبل أيام: إن بمستطاع رئيس الحكومة الإسرائيلية أن يعتبر غارة عين صاحب على سوريا، هي الطلقة الأولى في حرب مقبلة على مساحة المنطقة، ولكن عليه أن يقول للإسرائيليين بأنه لن يستطيع أن يحسم الحرب بالطيران كما كان الوضع عام 67، وأن حرب صواريخ ستندلع، وأننا فشلنا في حرب صواريخ مع المقاومة اللبنانية وحدها عام 96، فكيف نكذب على الإسرائيليين بإدعاء ربحها الآن ونقول إن سوريا طرف آخر فيها؟ إننا يجب أن نعرف بأن توازن القوى الرادع الذي يحكم معادلات المنطقة نقيم له الحساب كما يقيم له الإسرائيليون الحساب.
غسان بن جدو: طيب سؤالي هنا السيد ناصر قنديل، رئيس (الشاباك) قبل أربعة أيام قال: ينبغي ألا نجعل السيد نصر الله -السيد من عندي، هو قال نصر الله- يصعد فوق الشجرة، أي ألا يستثمر مكاسب هكذا صفقة، باختصار شديد إذا تمت الصفقة هناك التقديرات جميعاً تقول بأن الطرف المقاوم سيكسب منها بشكل كبير، ولكن إذا فشلت الصفقة، هل يعني هذا أن حزب الله.. أن المقاومة في لبنان.. أنكم جميعاً كوطنيين بالفعل ستمنون بخسارة فادحة؟
ناصر قنديل: يعني أعتقد حتى الآن تم إنجاز ثلاث انتصارات لحساب المقاومة، والصفقة لم تتم، وهذه الإنجازات سوف تصبح أكبر بكثير إذا تمت الصفقة، وسوف تصبح أكبر بكثير إذا فشلت الصفقة في كلا الحالين لأن المقاومة في موقع الحق قادرة أن تربح تمت الصفقة أم فشلت، الآن أعتقد أن الرأي العام كله وفي المقدمة الألمانيون على مساحة الاتحاد الأوروبي، وهم الوسطاء في عملية التفاوض يعرفون أن الذي نكل بالتعهدات، والذي كذب بالالتزامات هو الإسرائيلي وليس اللبناني المتهم بالإرهاب، أي حزب الله والمقاومة.
الإسرائيلي المسمى النموذج الديمقراطي المتقدم في المنطقة، والذي علينا أن نتبعه كمثال يحتذى في صدقية الالتزام التي تنتجها الديمقراطية هو الكاذب الأول على مساحة التعهدات والالتزام والوفاء بها، بالمقابل عُرَّي هذا النموذج المدعي بأنه نموذج التفوق الذي لا يحتاج تفاوض والذي لا يحتاج إلى صفقات، وقُدَّم بصفته نموذج تمت أم لم تتم الصفقة، يقيم حسابات مختلفة عن ادعاءاته الكلامية. الرأي العام الأوروبي الذي يقيم حساباً لما يسميه العملية والواقعية ظهرت أمامه المقاومة ليس بصفتها طرفاً عبثياً عدمياً كما حاول السيد بايبس أن يدورها.. أن يظهرها مهمتها التدمير والقتل، لا ظهرت كقوة حكيمة تحسن إدارة الحسابات والتوازنات بما فيها التفاوض في المسائل ذات الصفة العملية.
لبنانياً أعيد إنتاج إجماع وطني جديد، ولم يكن مسبوقاً من قبل على مستوى القوى الشعبية والسياسية والطائفية اللبنانية، يقول: إن المقاومة ليست فقط مفوضة بإدارة عملية تحرير الأرض في مزارع شبعا، وتحرير الأسرى من الاعتقال، بل إن التفويض الوطني الممنوح للمقاومة يطال أمرين جديدين، الأول: وظيفتها الدفاعية لرد أي عدوان محتمل أمام مخاطر حرب تعزف طبولها في المنطقة، وهو تفويض منحه تفاهم (نيسان) الذي صدر عن الخارجية الأميركية عام 96، والذي قال بأن أحكام هذا التفاهم بما هي توازن الردع عبر الحدود قائم حتى عودة مفاوضات السلام بين إسرائيل وكل من لبنان وسوريا، والتفويض الثاني هو أن لبنان المُجمِّع على رفض التوطين للفلسطينيين على أرضه والإصرار على حقهم بالعودة، يعتبر بأن قوة المقاومة هي إحدى أوراق وعناصر القوة التي يملكها لبنان لفرض حضوره في أي حسم للقضايا النهائية في الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي المقاومة الآن تحصد أرباحاً لم تكن بيدها قبل بدء عملية التفاوض.
غسان بن جدو: وإذا فشلت الصفقة؟
ناصر قنديل: وستبقى هذه الأرباح حتى لو فشلت الصفقة، وتشكل مزيد من الاستثمار على موقع المقاومة الحاسم داخل لبنان وعلى مستوى معادلة المنطقة، إن بمستطاعك أن تسأل أهلنا في فلسطين حتى لو فشلت الصفقة، إنهم يقولون: إن أول من التفت إلى هذا الترابط العضوي في قضايانا، في معاناتنا، في مأساتنا كانت المقاومة التي جعلت هموم أسرانا الفلسطينيين بحجم ووزن الأسرى اللبنانيين.
غسان بن جدو: نعم، السيد بايبس.. سيد دانيل هناك في فلوريدا، السيد ناصر قنديل يعتقد بل يجزم بأن المنطقة.. المنطقة حبلى بالتعقيدات في المرحلة المقبلة، ولا يستبعد حتى التصعيد، أود أن أفهم منك أميركياً، هل أنه أميركياً الإدارة الأميركية تتحمل تصعيداً محتملاً في المنطقة من قِبَل إسرائيل أم لا؟
دانيل بايبس: أعتقد أن الحكومة الأميركية بشكل واضح لديها مصالحها التي تختلف عن مصالح إسرائيل، وهي في الغالب تتطابق هذه المصالح، ولكن كما تعلمون أن المصالح في الديمقراطيات تتطابق كما في اليابان، وكندا، وبريطانيا.. وبريطانيا، ولكنها متميزة عن بعضها الآخر، فأحياناً يكون للبلدين اختلافات كبيرة في وجهات النظر، إلا أن التركيز الأميركي حالياً ليس على إسرائيل، بل هو على العراق، وأنا بالمناسبة أحث لنقل السلطة للعراقيين بأسرع وقت ممكن، وأحظى بدعمٍ وتأييد قوى الائتلاف في ذلك، ولكن لابد أن نقول إنه في هذا البرنامج غالباً ما يطلق.. تطلق صفة العدو على الإسرائيليين، وأعتقد إن هذه غير.. هذا أمر غير صحيح، أعتقد أنه آن الأوان لقبولهم والتوصل إلى اتفاق معهم، أن تسميتهم العدو ليست بالطريقة الصحيحة لحل هذه المشكلة والتوصل إلى نهاية لها، فلندعوهم.. ادعوهم الإسرائيليين وليس الأعداء، وبذلك ستحققون خطوة أقرب، وهي على الصعيد النفسي ستكون خطوة متقدمة لصالح اللبنانيين والفلسطينيين والجميع، لقد آن الأوان لغلق ملف هذا النزاع، لم.. لم أرَ.. لم أسمع أي واحد من المشاركين في هذا البرنامج بأنهم يريدون التوصل إلى حل، سمعت أصوات غضب وهيجان، وصفات شديدة، ولكن لم أسمع أي دعوة إلى حلول.
غسان بن جدو: جميل ما تتفضل به السيد دانيل، لعلني أحيلك.
ناصر قنديل: عفواً جملة قصيرة فقط.
غسان بن جدو: اتفضل.. اتفضل سيدي.
ناصر قنديل: أنا أعتقد أن بين أيدينا مثال حي، ما أصاب الأميركيين في الحادي عشر من أيلول، ولقي تعاطفنا جميعاً مع مأساتهم، وتعاطف العالم بأسره ليس إلا جزء يسير مما شهده لبنان، ولا أقول فلسطين، كل بلد عربي لديه ملف من الجرائم التي ارتكبها الإسرائيليون وفي بعض الحالات أرئيل شارون شخصياً مجزرة صبرا وشاتيلا قتلاها وضحاياها أكبر بكثير من ما حدث في نيويورك، هل يستطيع أن يخاطب أسامة بن لادن والقاعدة بصفتهم أصدقاء، عندما يفعل ذلك أعتقد أن لكلامه صدىً في هذه القاعة.
غسان بن جدو: على كل حال أنا سأحيل كلامه إلى.. إلى الإخوان هنا، يعني أنت يعني السيد دانيل يقول: عليكم أن تقلعوا عن تسمية إسرائيل بأنها عدو، من المفيد لكم كلبنانيين حتى وإن كتم عائلات أسرى ومعتقلين أن تقروا بأمر واقع إسرائيل، وأن تتعاونوا معها بدل لغة التدمير وإلى آخره، ماذا تقولون في هذه القضية، هل هناك من يعلِّق على هذه المسألة، تفضل.
حيدر ياسين: استمعت إلى السيد بايبس باستغراب..
غسان بن جدو: أتعرف عليك من فضلك
حيدر ياسين: حيدر ياسين، خيه للأسير أنور ياسين.
غسان بن جدو: أهلين.
حيدر ياسين: استمعت إلى السيد بايبس باستغراب، ولا أدري بأي قميص.. قاموس يقرأ، فإنه يتكلم عن وكأن إسرائيل ذاك الحمل الوديع، ولا يرى ذاك تلك الأنياب التي تفترس كل مَنْ.. مَنْ.. مَنْ يقف في وجهها، أو بالأحرى كل من تهجم عليها، لأن لا أحد يتخطاها بل هي تتخطى الجميع، أود أن أقول شيء واحد: أسأل السيد بايبس يقول أن.. أن.. أن نتعاون، على أي قاعدة يجب أن نتعاون مع إسرائيل؟ على قاعدة أن تقتلنا وتهتك أعراضنا، وتغتصب أراضينا، وتعتقل إخواننا وأبناءنا؟ لا أفهم بأي طريقة يتكلم.
نحن نتكلم بعصبية، تكلمنا بعصبية نتيجة جرح عميق ما تفعله إسرائيل بنا لكل.. كل طفل يخلق يرى إسرائيل، ويرى الطيران الإسرائيلي، ويرى المجازر، ويرى الدم الأحمر الذي.. الذي تستبيحه إسرائيل، فأرجو الرد منه على هذه المسألة.
غسان بن جدو: إن شاء الله، ولكن بعد هذه المداخلة من فضلك، تفضل.
نبيه عوض: نبيه عوض، أسير مُحرَّر من السجون الإسرائيلية.
غسان بن جدو: متى حُرِّرت؟
نبيه عوض: عشر.. عشر سنين معتقل كنت بالسجون الإسرائيلية، وأُفرج عني ضمن صفقة التبادل بـ98، ونفذت كنت عمليات قبل ضد الإسرائيلية، وتم الإفراج عني، وأنا هلا موجود بلبنان مش بالعراق عم أحارب ضد الأميركان، لأنه مقتنع إنه فيه كثير من الشرفاء والوطنيين والمناضلين بداخل العراق كفيلين بهزم الجيش الأميركي داخل العراق، أنا مش متفاجئ من السياسة اللي عم بيطرحها الأستاذ لأنه بأعتبر دائماً السياسة الأميركية هي غطاء السياسة الإسرائيلية في.. في.. في ممارسة العدوانية وفي تسلُّطها وفي اضطهادها وقمعها للشعوب، بس نحنا أصحاب قضية، ونحنا مقتنعين إنه طالما هايدي العزيمة، وهاي الإرادة موجودة لدى شعبنا، وطالما موحَّدين حول الموقف الشريف بتاعنا، نحنا مستمرين في نضالنا، والأسرى بأعتقد الآن يعني بيتسابقوا على البقاء داخل السجون إذا كانت ثمن الصفقة هو ذلنا وإخضاعنا، حتى لو اضطر إنه يظلوا الكل بقلب السجون، ولا بيرضوا إنه تصير الصفقة بإذلال وخضوع لشروط الإسرائيليين.
غسان بن جدو: شكراً للأخ.. سيد دانيل، أولاً: السيد ناصر قنديل قبل قليل أشار إلى الاستطلاع الذي أُجري وأجرته المفوضية الأوروبية في أوروبا، طبعاً الرأي العام الأوروبي ليس هو الرأي العام العربي ولا الإسلامي، والرأي العام الأوروبي يتعاطى بواقعية -كما قال السيد ناصر قنديل- ومع ذلك 60%.. 60% من الأوروبيين يعتقدون بأن إسرائيل تشكِّل.. 59% إسرائيل تشكِّل تهديد حقيقي للسلام، أنت تعلم جيداً الواقع العربي، أنت تفهم العربية جيداً سيد دانيل وتعرف الواقع العربي، ولنترك الحكومات جانباً أنت تقر معي بأن الغالبية العظمى من الرأي العام العربي ينظر بسلبية بالغة -كي لا أقول أشياء أخرى- إلى إسرائيل، برأيك أين العلة سيما وأن لا الأوروبيين، لا الرأي العام الأوروبي، ولا الرأي العام العربي ينظر إلى إسرائيل بهذه الإيجابية، والكل يحمِّل أميركا مسؤولية الانحياز الكامل لإسرائيل كما قال الأخ هنا، إذن أنت تطالب الرأي العام هنا بأن يقلع عن لغة العداء إلى إسرائيل، هل يمكن أن يطالبك العرب يطالب الإدارة الأميركية العرب بأن أميركا تتخلى أيضاً عن سياستها المنحازة بشكل كبير لإسرائيل والتعاطي بأكثر واقعية وموضوعية مع الجانب العربي؟
دانيل بايبس: نعم، أن كلامك صحيحاً أن نسبة 59% من الأوروبيين الذين يعتقدون إن إسرائيل هي تهديد كبير للخطر في العالم.. للسلام في العالم هو أمر يلفت الانتباه، وأنك لن تجد مثل هذه النسبة أو هذا الرأي في الولايات المتحدة، ليست لديَّ أرقام محددة، ولكن بالتأكيد لن.. لن تحصل مثل هذه النتائج في أي استفتاء في أميركا، إذن إن هناك اختلاف كبير بين أميركا وأوروبا، وأن تفسير لذلك هو أن الأوروبيين أقرب في وجهات نظرهم إلى العرب مما.. مما هو عليه الأميركان، ولقد سبق أن وُجِّه إلي السؤال من قِبل أحد المشاركين أنه على أي أساس يمكن يحصل تعاون بين العرب وإسرائيل، فأقول: أنه من وجهة نظري أنا أفهم أنكم لا تحبون إسرائيل، أفهم سبب ذلك، وأفهم شعور الغضب والامتعاض الذي تشعرون به، قبل عام.. قبل وبعد عام 1948، لكن وجهة نظري: إن إسرائيل حقيقة واقعة، إنها دولة قوية جداً، وهي دولة ناجحة اقتصادياً وعلمياً، وبالتالي لن تستطيعوا تدميرها، لذلك سيكون من الأفضل إذا.. أن تتفقوا معها بطريقةٍ ما، وأن تتوصلوا إلى حل الاختلافات بينكم حول الحدود والموارد الطبيعية والقضايا الأخرى، وعند ذاك سيكون بالإمكان أن نناقش ليس عام 1948 وعام 79 وإلى ذلك من التاريخ المريع، بل يكون بإمكاننا أن نتحدث عن ونناقش التطور والنمو الاقتصادي والسياسي وأمور كثيرة تكون أفضل للجميع وجهة نظري هي أنه آن الأوان..
غسان بن جدو[مقاطعاً]: وما رأيك سيد ناصر قنديل.. مفهوم رأيك يا سيد دانيل.
ناصر قنديل: أنا أريد أن أشكر السيد.. أريد أن أشكر السيد دانيل في الحقيقة، لأنه لم يطلب منا أن نقبِّل أيادي الإسرائيليين، لأن في هذه الدعوة كانت التتمة الناقصة، هي الدعوة لتقبيل أيديهم وربما أقدامهم.
الآن نفهم لماذا قال (باتريك بوكانن) المرشح الجمهوري في وجه الرئيس الأميركي (جورج بوش) للرئاسة في كتابته للوثيقة الشهيرة في الرابع والعشرين من آذار/مارس الماضي أربعة أيام بعد الحرب على العراق: إن هذه الحرب هي بالتأكيد حرب دولة، وحرب حزب، وحزب زعيم، وإنها بالتأكيد حرب دولة غير أميركا، وحرب حزب غير الحزب الجمهوري، وحرب زعيم غير جورج بوش، إنها بالتأكيد حرب دولة هي إسرائيل، وحرب حزب هو (الليكود)، وحرب زعيم هو أرئيل شارون.
في الحقيقة نكتشف يوماً بعد يوم أن النفوذ الصهيوني داخل مراكز القرار الثقافية والسياسية في الولايات المتحدة الأميركية هو أكبر منه داخل إسرائيل نفسها، لو عُرض قانون مشابه لقانون محاسبة سوريا داخل الكنيست الإسرائيلي ربما لم يفز بنفس الأصوات التي حصدها داخل الكونجرس الأميركي، نحن نعتقد بالتأكيد أننا أصدقاء للشعب الأميركي، ونحن نرغب بأن نستعيد حيادية أميركية شهدناها أثناء.. أثناء العدوان الثلاثي سنة 56 وإنذار (أيزنهاور) الشهير، ولكن للأسف إن هذه العقول التي تأسرها إسرائيل بثقافتها وسياستها تقف حاجزاً بيننا وبين أميركا مبادئ (ويلسون)، ما بين أميركا التي علمت العالم معاني الديمقراطية، لكنها تخونها للأسف الشديد.
غسان بن جدو: شكراً أستاذ، الكلمة الأخيرة للإخوان هنا، تفضل.
عبد الله القنطار: يعني أنا أود أن أقول بالبداية نحن بالدرجة الأولى واثقون بأن المقاومة وقائدها سماحة السيد حسن نصر الله يملك من الحكمة والشجاعة والدراية لأن يعيد لنا أبناءنا مرفوعي الرأس شامخين بعزة وببطولة رغم أنف الأعداء -وأصر على كلمة الأعداء التي يظهر أن بايبس لا يريد أن يستعملها- أُصر بأن كل الأسرى سيعودون رغم أنف الأعداء، مجرمو الحرب قتلة الأبرياء والأطفال.
غسان بن جدو: شكراً جزيلاً، أستاذ ساجد.
ساجد عبد الكريم عبيد: نعم أنا بدي أجدِّد التضامن مع عائلة الشيخ عبد الكريم عبيد وعوائل الأسرى اللبنانيين جميعاً مع عائلة الأسير سمير القنطار، لأنه نحنا كلنا عائلة واحدة داخل السجون عوائل الأسرى وعوائل الأسرى كلهم عائلة واحدة، أجدِّد مرة.. أجدِّد مرة أخرى ثقتنا بقيادة الأمين العام لحزب الله وبأسلوبه التفاوضي، والذي لا يمكن أن يتنازل عن.. عن أي أسير لبناني كما لم يتنازل عن حبة ترابٍ من أرضنا، شكراً.
غسان بن جدو: شكراً لك.. عائلة أنور ياسين.
أم أنور ياسين: شكراً أنا أمه لأنور ياسين، بأحيي السيد حسن نصر الله، وبأقول له: الله ينصرك، والله يقف معك، نحنا صبرنا وبعدنا صابرين، وتحية إلك وللأبطال وإن شاء الله بدهم يطلعوا، والحق بده ينتصر، ربنا يهمل ولا.. يمهل ولا يهمل.. إن النصر، إن شاء الله بإذن الله منصورين، منصور يا سيد حسن بإذن الله.
غسان بن جدو: شكراً.. شكراً يا حاجة، كلمة تفضلي السيدة أم علي الديراني.
أم علي الديراني: نحنا نقول: ما ضاع حق وراءه مطالب، ونحنا عندنا ثقة كبيرة بأنه الله -سبحانه وتعالى- سيعيد إلنا أسرانا مرفوعين الرأس، مش بس أسرانا، إن شاء الله سنصلي في القدس نحنا وكل الشرفاء والأحرار بإذن الله تعالى.
غسان بن جدو: شكراً.. شكراً لكِ سيدتي، شكراً آخر كلمة بنتي.
مريم حسن العنقوني: نحنا نؤكد تضامننا مع عائلة البطل سمير القنطار، وإن شاء الله بيكون لقاء عما قريب، وطبعاً كل ثقتنا تكون بسماحة السيد حسن نصر الله، لأن دايماً بيوفي بكل وعد بيقوله.
غسان بن جدو: إن شاء الله. شكراً جزيلاً، شكراً لكم جميعاً بدون استثناء.
شكراً لك يا سيد ناصر قنديل (النائب والسياسي في البرلمان اللبناني)، وشكراً لك سيد دانيل بايبس من فلوريدا (مدير مركز.. مدير مركز منتدى الحوار للشرق الأوسط في.. في فيلادلفيا)، أود أن أتوجه بالشكر إلى فريق (الجزيرة) هنا في بيروت جميعاً بدون استثناء، ولكن المخرج أنطوان عون، غازي ماضي، إيلي نخول، فاطمة عيسى، لينا رضوان، وأيضاً فريق (الجزيرة) في الدوحة مع المخرج عماد بهجت، منتج البرنامج إسلام حجازي، وأيضاً رفاه صُبح، علي الكعبي، حسين شهاب، المترجم سامان عبد الحميد، مع تقديري لكم غسان بن جدو، في أمان الله.